الشرق الأوسطعاجل

دور المجتمع المدني في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية والديمقراطية

 

اعداد الباحث : قتيبة قاسم العرب – المركز الديمقراطي العربي

مقدمة:

المجتمع المدني يشير إلى إطار العمل الجماعي الذي لا يتسم بالإكراه، والذي يدور حول مصالح وأهداف وقيم مشتركة ومتبادلة.

يضم المجتمع المدني عادة التنوع من حيث مجال العمل ويضم المجتمع المدني في أغلب الأحيان منظمات ومؤسسات مثل الجمعيات الخيرية المسجلة، ومنظمات التنمية غير الحكومية، ومؤسسات المجتمع المحلي، والمنظمات والمؤسسات النسائية،

وتعتبر منظمات تطوعية وغير ربحية والتي تلعب دورا مهما بين الأسرة والمواطن من جهة والدولة من جهة أخرى لتحقيق مصالح المجتمع في السلام والاستقرار والتكافل الاجتماعي ونشر ثقافة (لا عنف لا تميز لا ترهيب لا قمع) بكل أنواعه ( الديني والقومي والمذهبي والسياسي والفكري وغيرها ) بتعزيز وترسيخ قيم ومبادئ ومعايير التسامح والمحبة والتعاون والتراضي والتعايش السلمي والإخوة والاحترام وقبول الأخر والشفافية والتعامل بين أفراده من كل الأطياف بلطف ومصداقية وتجنب سوء المعاملة والكراهية والحقد والضغينة وسوء الخلق وبانعكاس هذا المفهوم وبلورته سيؤدي للمساهمة في تحقيق التنمية من خلال مجتمع متعايش متكافل اقتصاديا وشريك بالقرار بقوة مقترحاته النابعة من واقع المجتمع ودعمه في ظل عدم تمكن الأحزاب السياسية بالقيام بدور يساهم بالتنمية الى جانب إعلام غير فعال يعمل حسب مصالحهم فالأحزاب والإعلام لا يمكن اعتبارهم من هيئات المجتمع المدني.

طبيعة المجتمع المدني ودوره:

المجتمع المدني هو مجتمع المبادئ والقيم والفضيلة والأخلاق التي تستدعي الطبيعية الخيرة والطيبة للإنسان بعيدا عن قيم الرذائل والحقد والكراهية وهي تنسجم وتتناغم مع مبادئ وقيم كل الأديان السماوية

إن منظمات المجتمع المدني تقدم خدماتها ونشاطاتها مجانا وبدون ثمن لأفراد المجتمع مثل رعاية النساء من الأرامل والثكلى والمطلقات والاهتمام بالأيتام والأطفال والمرضى إضافة لدعم الطلاب والشباب واغلب هذه المنظمات منظمات غير حكومية وقسم منها أهلية  في مجال الرعاية والإغاثة الإنسانية والتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والرياضية والتراثية والبيئية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والمعوقين والطلاب والشباب وأي مجتمع بدون منظمات مجتمع مدني وبدون مؤسساته المشار إليها أعلاه ونشاطها وفعالياتها يكون ناقص وفيه خلل

لازال موضوع اعتبار نشاط وعمل الأحزاب والتنظيمات السياسية المختلفة ( أممية أو وطنية أو قومية أو دينية ) وكذلك الإعلام بكل أنواعه (المرئي والمسموع والمقروء) مثار نقاش وجدل وحوار واسع بين المختصين والعاملين في مجال منظمات المجتمع المدني.

  • حيث السؤال المطروح هل تقعا وتدخل ضمن مفهوم منظمات المجتمع المدني من عدمه ؟

الجواب اعتقد  انه بسبب احتمال وصول الأحزاب السياسية إلى السلطة  أو على الأقل المشاركة والمساهمة فيها بأي شكل تسعى لتحقيق أهدافها السياسية بكل الطرق والوسائل المتاحة وان ذلك يتناقض ويتقاطع مع مبادئ وشروط وأهداف منظمات المجتمع المدني ولا يستقيم ويتناغم معها.

أما الإعلام لانها تتأثر بالمعايير والمقاييس والعوامل السياسية وبرامج القوى السياسية المختلفة في الحكم والسلطة وتعتبر مرآة تعكس نشاطها وفعالياتها وتلمع أعمالها ومواقفها وتضخم انجازاتها ومشاريعها خاصة في دول العالم الثالث .

أهم السمات الأساسية لمنظمات المجتمع المدني:

التطوع الإرادي وغير الجبري في عضوية مؤسساته ومنظماته كما ذكرنا  رغم إن الدراسات والإحصاءات والاستبيانات الميدانية للمختصين في هذا المجال إضافة لتقارير المنظمات الدولية أكدت أن نسبة الفعاليات والمساهمات التطوعية ضعيفة ومحدودة في مجال هذه المنظمات بسبب غياب الوعي بأهمية العمل التطوعي في المجتمعات بشكل عام

لذلك يجب تفعيل وتعزيز العمل التطوعي وتوسيع أفاقه بإعطاء فرصة للمتطوعين في القيادة الإدارية والتخطيط والتنفيذ في هذه المنظمات لتشجيعهم عن العطاء والتميز والإبداع والاستمرار في عملهم واستقطاب عناصر ودماء جديدة باستمرار لعمل في هذه المنظمات وأن تعمل بصورة مبرمجة لأهداف محدودة وفق معايير مقنعه وباستقلالية

المعايير الأخلاقية للمجتمع المدني :

  • الاستقلال- أن يكون هناك حدود واضحة لتتمكن السلطة من التدخل في المجتمع تحترمها الدولة وتلتزم بها الحرية.
  • أن يتمتع الأفراد بحرية الاختيار والتعبير عن الإرادة.
  • التراضي العام.
  • الالتزام بقواعد الدستور والقانون، و حماية حقوق الفرد في التعبير والتصويت والمشاركة في تبادل الآراء
  • احترام النظام والقانون القائم.

في حال قيام مجتمع مدني حقيقي يقابله وجود دولة قادرة على حماية الحقوق التي يقرها الدستور بالنسبة للجماعات والأفراد.

التغيير والتنافس بالوسائل السلمية:

يجب أن يظل المجتمع ملتزماً بالوسائل والقنوات السلمية في ممارسة نشاطه كالتعبير عن الرأي و المطالبة بالتغيير، والاشتراك الفعلي في عملية التغيير.

الشعور بالانتماء والمواطنة:

يعتبر هذا الشرط من أهم العناصر لتحقيق الترابط والتماسك، ليشعر الأفراد بأنهم قادرون على الدفاع عن هويتهم المشتركة وحمايتها مقابل التزامهم بأداء واجباتهم نحو الدولة.

التسامح:

المجتمع الذي يقبل فيه الأفراد والجماعات وجود من يخالفهم في الرأي والمصلحة، هو المجتمع الذي تسوده روح المدنية، إذ يحترمون حقوقهم في التعبير عن وجهات نظرهم.

التحديات الموضوعية التي تواجه المجتمع المدني:

التشبيك والتنسيق والتعاون، وبناء التحالفات وبالتالي، لكي تتمكن منظمات المجتمع المدني من القيام بدورها المطلوب، كشريك فاعل وقوي في عملية التنمية.
استمرارية بناء وتنمية القدرات ,الشبابية والنسوية خصوصا.

خلل في استثمار طاقات الشباب وعدم خلق جيل الشباب القيادي.

خلل في عدم اعتماد التخصص في منظمات المجتمع المدني ,مما يسبب ضياع الكثير من الطاقات والأموال بل وحتى عدم تحقيق النتائج المرجوة من المشاريع.

خلل في التفكير في بعض المناطق ,أي العمل المدني وفق النظام الاجتماعي القبلي وتحكم العلاقات  القبلية في العلاقات بين منظمات المجتمع المدني وبالنتيجة تكون كارثة على المجتمع والدولة المدنية.

كذلك  تبعيتها أحيانا للأحزاب السياسية وتأثرها بصراعاتهم مما ينعكس سلبا على دورها
توفير الأموال والرعاية والدعم من الموازنة العامة للدولة لبرامج منظمات المجتمع المدني,وتشجيع المانحين على ذلك ,وفق ضوابط مالية وعدالة في التوزيع.

قلة مراكز البحوث والدراسات والعمل الميداني والتدريب الممنهج:

وتعتبر منظمات المجتمع المدني شريكا أساسيا في تحقيق التنمية لاسيما بعدما أصبحت الدولة غير قادرة على الايفاء بكافة الاحتياجات للمواطنين كما ونوعا وفي الوصول الى كافة الفئات المحتاجة

لا ان النظرة للمجتمع المدني تعتريها العديد من الملابسات التي لا بد من توضيحها. فالسلطة  في غالبية الدول تنظر إليه بريبة وتخوف شديدين لاسيما لجهة مصادر التمويل التي قد تحصل عليها والأدوار التي تقوم بها. ان توفير الموارد البشرية والمالية أساسي لضمان الكفاءة والمهنية في التنفيذ وفي إيصال الخدمات إلى محتاجيها، وبالتالي على الجهات المعنية في أي  سلطة، فيما لو كانت تعتبر المجتمع المدني شريكا، أن تساهم في رسم آليات مشاركته الفاعلة.
ومساعدته على توفير بعضا من موارده من غير ان تؤثر في رؤيته وبقدر ما تتمكن منظمات المجتمع المدني من وضع آليات فاعلة لعملها وهيكلية تنظيمية واضحة وأنظمة أدارية شفافة ومرنة بقدر ما يصبح دورها اكبر وأكثر فاعلية وتأثيرا في عملية التنمية. ان تنوع منظمات المجتمع المدني من حيث الخبرة والاختصاص يشكل مصدر غنىً يؤدي الى التكامل، وهو لذلك يحتاج الى تفعيل آليات التنسيق والتشبيك والتعاون بين مختلف مكونات المجتمع المدني، وبينها وبين الجهات الرسمية والقطاع الخاص.

وفي الختام إن التنمية تحتاج إلى رؤية تنموية شاملة واستراتيجيات وطنية وقطاعية وآليات للتدخل على المستويين الوطني والمحلي، وتكون مرجعيتها الأساسية الدولة كناظم وحام لحقوق المواطنين، إلا أنها تحتاج أيضا إلى تعاون وتنسيق بين الجهات الأساسية الفاعلة، لاسيما بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
ومن غير هذا التعاون لا تكون العملية التنموية مكتملة وبالتالي يصعب أن يكتب لها النجاح.
أن الفترة الماضية من عمر منظمات المجتمع المدني تحققت الكثير من الانجازات المهمة والمفصلية في البناء الديمقراطي ,ولكن هي بداية الطريق لترسيخ الديمقراطية وعليها أي المنظمات تقييم نفسها ذاتيا , لترتيب أولوياتها بين فترة وأخرى وتطوير أدواتها وأساليبها لتطوير وتنمية قدراتها.
أن النظام الديمقراطي ,هو ضمانة حقيقية واقعية وعملية لتحقيق التنمية في ظل سيادة القانون ,وإنفاذ القانون ,والمساواة ,واحترام حقوق الإنسان.

3.6/5 - (15 صوت)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى