عُمان: نهاية حيادها المُراوغ وبداية دمجها في جبهة مواجهة إيران
اعداد : السفير بلال المصري – ســفيـر مصر السابق لدي أنجولا وساوتومي والنيجر – مدير المركز الديمقرطي العربي
- المركز الديمقراطي العربي
مُـــــقــــدمــــة :
قال شيمون بيريز وزير خارجية الكيان الصهيوني ضمن كلمته التي ألقاها أمام مؤتمر الدار البيضاء لتنمية الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي عُقد في الأول من أكتوبر 1994 بالمغرب (تلاه مؤتمر القاهرة يليه الدوحة) وهو المؤتمر الذي كان أحد نتائج مؤتمر مدريد للسلام , قال ” لقد قادت مصر المنطقة علي مدي الخمسين عاماً الماضية فأوصلتها إلي الحروب والتخلف , فدعونا نشاهد كيف ستقودها “إسرائيل” في الخمسين عاماً القادمة” , …. هذه العبارة توضح الهدف النهائي من تنفيذ الكيان الصهيوني إستراتيجية إستكمال الإعتراف الدولي به من خلال التحركات التي قم بها رئيس وزراء الكيان الصهيوني في دول أمريكا الوسطي وأفريقيا والآن في العالم العربي والتي يحصد نتائجها الكيان الصهيوني بتبادل العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي لم تتأسس بينها وبين تل أبيب علاقات من هذا النوع وبإستئناف هذه العلاقات مع الدول التي كانت لها علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني لكنها قُطعت بسبب طبيعة ومتانة العلاقات الثنائية بين الدول الأفريقية والعالم العربي ككل أو ثنائياً خاصة مع مصر الي دانت لها كثير من الدول الأفريقية بالفضل لدعمها حركات التحرير الأفريقية , كما عملت الإغراءات والضغوط المالية والإستثمارية من دول الخليج العربي علي سد الفجوات التي طرأت علي هذه العلاقات بعد إنحسار الدور المصري في أفريقيا , لكن هذا الدور الخليجي البديل إنحسر في الأعوام الأخيرة ليسود الفراغ أو يكاد العلاقات العربية الأفريقية , كذلك وفيما يتعلق بالعلاقات العربية / العربية نفسها أصبح من غير المشكوك فيه أن شعار العمل العربي المُشترك يكاد وأن لا ينطق به أحد , فالخلافات العربية / العربية أصبحت بدون حد أدني أو أقصي فهي خلافات مفتوحة وصلت إلي درجة فرض حصار رباعي علي دولة قطر لإجبارها علي إنتهاج سياسة مُوصي عليها من جانب المملكة السعودية بشراكة إماراتية وهي سابقة أجهزت علي مصداقية هذا الشعار وأتت علي مبني العلاقات الخليجية مُمثلة في مجلس التعاون الخليجي الذي تصدع وآل إلي إنهيار ولم تتبق غير أطلال جامعة الدول العربية التي لا يمكن أن تكون حائطاً مانعاً لمواجهة تطبيق الكيان الصهيوني لإستراتيجيته الرامية إلي إستكمال الإعتراف الدولي به من دولة القارتين الأفريقية وأمريكا الجنوبية والوسطي مما يمكن هذا الكيان للوضعية الكاملة من تحقيق مفهوم الدولة Statehood , وذلك بسبب أن ميثاق هذه المنظمة العربية لا يوفر أرادة مُستقلة وفعالة للجامعة ولا لأمينها العام فأصيبت بالشلل المُبكر ولم تستطع تحقيق شعار العمل العربي المُشترك علي كافة الأصعدة , وقد أعطي رئيس الوزراء الإسرائيلي Benjamin Netanyahu الأولوية لأفريقيا كي تكون المرحلة الأهم لهذه الإستراتيجية بموازاة حركة أخري بأمريكا اللاتينية والأخطر علي نطاق الدول العربية وتلك الأخيرة كانت تغشاها صعوبة نسبية للأسباب المُتداولة , وقد مضي رئيس وزراء الكيان الصهيوني ووزير الخارجية ووكيل الخارجية قدما في تنفيذ إستراتيجية النفاذ لأفريقيا فقاموا بزيارات رسمية لدول بشرق أفريقيا ثم غربها أسفرت عن إستئناف العلاقات مع غينيا كوناكري بموجب الإعلان في 20 يوليو 2016 عن توقيع Dore Gold سكرتير عام الخارجية الإسرائيلية و Ibrahim Khalil Kaba مسئول مكتب الرئيس الغيني Alpha Condé علي إتفاق مُشترك في باريس بإستعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين , كذلك أُعلن عن إستئناف علاقة الكيان الصهيوني بتشاد خلال زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني لها في 20 يناير 2019 , كما كاد الكيان الصهيوني ينجح في عقد ما سُمي بقمة “إسرائيل – أفريقيا ” في العاصمة التوجولية Lome في أكتوبر 2017 لولا عدم إستقرار الوضع الداخلي في توجو لولا تصاعد التوتر السياسي الداخلي الناجم عن إستبداد الرئيس التوجولي بالسلطة (بمساندة إسرائيل) ولولا تدخل بعذ الدول العربية كالجزائر وتونس ونيجيريا .
إجتمع المندوبون الدائمون للدول العربية الأعضاء بجامعة الدول العربية برئاسة المندوب الدائم السعودي لدي الجامعة وبحضور السفير سعيد أبو علي نائب الأمين العام للجامعة لشئون فلسطين يوم 28 يناير 2019 ” لمُناقشة وسائل مواجهة التمدد الإسرائيلي الأخير في أفريقيا ” , وذلك علي ضوء قرار تشاد إستئناف العلاقات مع تل أبيب بعد إنقطاع دام لنحو 46 عام وهو ما تم الإتفاق عليه بين الديكتاتور التشادي إدريس ديبي ورئيس وزراء الكيان الصهيوني أثناء زيارة الأخير للعاصمة N’Djamena في 20 يناير 2019, وفي تصريح للسفير أبو علي أدلي به بشأن هذا الإجتماع أشار سيادته إلي ” أن اللجنة المعنية بمواجهة مُخططات الكيان الصهيوني في أفريقيا إجتمعت لمناقشة وسائل الحد من زيادة تمدد النفوذ الإسرائيلي في القارة الأفريقية عقب الإستئناف الحالي لعلاقات الكيان الصهيوني بتشاد ” , وشدد السفير أبو علي القول بأن هذا الإجتماع يأتي في إطار الدعم المُستمر للجامعة العربية للقضية الفلسطينية , (وكالة أنباء الأناضول . بتاريخ 28 يناير 2019) , وكان هناك إجتماع مُماثل لكنه غير عادي لمجلس جامعة الدول العربية عُقد في 12 يونيو 2017 بموافقة “عدد” من الدول العربية الأعضاء لمناقشة كيفية مواجهة ” تسلل ” الكيان الصهيوني المُتنامي إلي أفريقيا وتداعيات ذلك علي ” الأمن القومي العربي ” , وبهذه ” المناسبة ” أوضحت صحيفة الشرق الأوسط (السعودية) بعددها في 11 يونيو 2017 أن المُشاركين سوف يركزون علي الترويج للتعاون مع الإتحاد الأفريقي لتجديد دعم القضية الفلسطينية بأفريقيا , وسوف يحثون أيضاً البلاد الأفريقية علي عدم المُشاركة في المؤتمر المُزمع عقده بين الكيان الصهيوني والدول الأفريقية في Lomeعاصمة توجو في أكتوبر 2017 , وأحالت هذه الصحيفة علي مصادر دبلوماسية – لم تُحددها – قولها أن أمين عام الجامعة العربية أجري سلسلة من المحادثات مع عدد من الدول العربية والأفريقية مُحذراً إياها من ” التسلل الإسرائيلي بأفريقيا “, وفي هذا الإجتماع أوضح السفير جمال الشوبكى مندوب فلسطين الدائم لدي الجامعة وكأنه يلقي كلمته علي مندوبي الدول الأفريقية التي يتحرك الكيان الصهيوني بإتجاهها وليس علي المندوبين الدائمين العرب بالجامعة ما نصه ” أننا نشهد فى هذه الفترة محاولات إسرائيلية محمومة للقفز على هذه القيم العربية والروابط التاريخية ، حيث يحاول الكيان الصهيوني تسويق نفسه كدولة طبيعية مقبولة فى محيطها الجغرافى دولة تقدم الحلول لمشاكل الجيران ، بل تدّعى أنها المُنقذ والمُخلّص للدول فى محيطها القريب والبعيد ، وكأن الكيان الصهيوني يريد من العالم أن ينسى أنه تسبب في نكبة الشعب الفلسطينى ، وأنه قوة احتلال وكأنه يريد من العالم أن يتعايش مع احتلاله للأراضى الفلسطينية والعربية ويقبله “, مُتسائلاً ” كيف للكيان الصهيوني أن يقدم حلولاً لأفريقيا والشرق الأوسط ، واحتلاله لفلسطين هو أكبر وأعقد المشاكل فى العالم ؟ كيف لدولة تُصر على الاستيطان والاستعمار ، أن تكون صديقة وحليفة لدول عانت من الاستعمار طويلاً ؟ كيف لدولة تطبق نظام فصل عنصرى فى فلسطين أن تكون مُنقذة لشعوب عانت من الاضطهاد والتمييز العنصري ؟ كيف لدولة تمارس الإرهاب بشكل يومى على الشعب الفلسطينى بل وتصنع الإرهاب فى محيطها أن تكون حليفاً فى الحرب على الإرهاب ؟ ” , و طالب السفير الشوبكي الدول العربية بأن تتحرك للدفاع عن أمنها القومي العربي في مقابل ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي ” , لكن تجدر الإشارة إلي أن تحركات وتصريحات الأمين العام للجامعة العربية وكلمة المندوب الفلسطيني الدائم بجامعة الدول العربية كلاهما جاءت خلواً من طرح حلول وبدائل عملية وملموسة تجعل التحرك في مواجهة تحركات الكيان الصهيوني في أفريقيا فعالاً .
الواقع والتاريخ يُشير بل يؤكد أن جامعة الدول العربية ليس لديها إرادة مُستقلة لتملي علي الدول الأعضاء بها تنفيذ أي قرار يصدر عنها أو عن مؤتمرات قمة القادة العرب بسبب نصوص ميثاقها المانعة للفاعلية المؤسسية , ولكي يحدث ذلك فلابد من إصلاح الجامعة بداية من تعديل ميثاقها تعديلاً يجعل لها إرادة مُنشأة وآمرة , وهو مالم تسمح به الدول الأعضاء بها والتي طغت نزعتها القطرية علي النزعة الوحدوية في إطار الجامعة العربية , مع أن هذا الميثاق عُدل عدة مرات طبقاً لنص المادة 19 منه , إلا أن ما تم من تعديلات علي الميثاق تناول مسائل ثانوية أو جزئية حتي بدت نصوصه في غالبيتها قابلة للتعديل Jus dispositivum , تلك النصوص التي لم تكن أبداً قواعد آمرة Jus cogens .
– لم يجتمع نفس هؤلاء المندوبون الدائمون للدول العربية الأعضاء بجامعة الدول العربية لكي يناقشوا تلك الزيارة لعُمان التي قام بها رئيس وزراء الكيان الصهيوني Benjamin Netanyahu برفقة زوجته ووفد ضم رئيس الموساد ورئيس هيئة الأمن القومي مدير عام الخارجية ورئيس ديوان رئيس الوزراء والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء بدعوة من سلطان عُمان قابوس بن سعيد في 25 /26 أكتوبر 2018 , (لم يُعلن عن هذه الزيارة إلا مساء 26 أكتوبر أي بعد إتمامها وعودة Netanyahu لتل أبيب) والسؤال المنطقي هو : لماذا هذا التناقض مجلس الجامعة يجتمع لمناقشة زيارة Netanyahu لتشاد ولا يجتمع لمناقشة زيارته لعُمان ؟ هل تركت الجامعة زيارة Netanyahu لعُمان ليناقشها الإتحاد الأفريقي الذي ليس في إجندته لا اليوم ولا في الماضي متابعة التحركات أو الخطر الصهيوني في أفريقيا أصلاً ؟ , عموماً فقد أشار بيان صادر عن مكتب رئيس وزراء الكيان بشأنها “أن الزعيمين ( السلطان قابوس و Netanyahu) بحثا سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط وناقشا عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك والتي تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط “ , وأشار البيان كذلك إلي “أن زيارة Netanyahu إلى سلطنة عمان تشكل خطوة ملموسة في إطار تنفيذ سياسة رئيس الوزراء التي تسعى إلى تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع دول المنطقة من خلال إبراز الخبرات الإسرائيلية في مجالات الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد ” ولم يغفل البيان الإشارة إلي أن هذه الزيارة ” سبقتها إتصالات طويلة بين البلدين ” , وقد إستقبل السلطان قابوس في قصره زائره الصهيوني في 26 أكتوبر 2018.
الفاصل الزمني بين زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني لسلطنة عُمان وجمهورية تشاد حوالي 3 أشهر لكن الفاصل الرمزي المعنوي والقيمي يستحيل علي عربي حر أن يحدده كونه شاسع جداً وسحيق وعميق , فعُمان دولة عربية وهي جزء من شبه الجزيرة العربية وعضو بجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي , وبالتالي فالزيارة إبتداء تعني أن عُمان المُتخففة دائماً من أي مواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع دولة الكيان الصهيوني أولت ظهرها لماضي الصراع العربي / الصهيوني وحاضره بل ومستقبله , بالرغم من أن هذه السلطنة من المُفترض أنها مُلتزمة كغيرها من الدول العربية – رسمياً علي الأقل – بمقررارات القمم العربية وآخرها المبادرة العربية للسلام التي أعلنتها المملكة السعودية في قمة بيروت العربية في 27 مارس 2002 والتي من بين ما تضمنته من نقاط : الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو 1967 ، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان , والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194, وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو في الضفة الغربية وقطاع غزة تكون عاصمتها القدس , لكن وخلافاً لكل ذلك فقد تمت زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني لعُمان دون أدني إرتباط بمضمون ولا شكل مبادرة السلام العربية تلك أو غيرها , أما تشاد فلا إلتزام لديها إلا ما يمكن أن تجنيه من هبات ومنح بترودولارية من مشيخيات وإمارات وممالك شبه جزيرة العرب وهو ما زاد محصول تشاد منه منذ فرض الحصار الرباعي علي قطر في 5 يونيو 2017 فتشاد تحت إغراء المزيد من الهبات والمنح السعودية والإماراتية قطعت علاقاتها مع قطر وطردت أعضاء السفارة القطرية في N’DJAMENA في أغسطس 2017 بدعوي أن الحكومة القطرية تزعزع الإستقرار في تشاد عبر جارتها الشمالية ليبيا , ولكن تشاد مالبثت أن إستعادت علاقاتها الدبلوماسية بعد توقيعها مع قطر في 20 فبراير 2018 علي مذكرة تفاهم بشأن إستعادة هذه العلاقات ثانية , فتشاد إستفادت في الحالتين أي في القطع وفي الإستئناف , وقبل الإسترسال في تحليل زيارة رئيس الوزراء الصهيوني لعُمان أود الإشارة إلي أن هناك وجهين للتشابه بين الحالتين العُمانية و التشادية هما :
* أن كلا البلدين إقتربتا وأقترب منهما الكيان الصهيوني قبل أن يزورهما Benjamin Netanyahu رئيس الوزراء الصهيوني إذ أن هناك زيارات وإتصالات سابقة علي هاتين الزيارتين بوقت طويل بين الكيان الصهيوني وهاتين الدولتين , فليست هناك ثمة مُفاجئة في تتويج الكيان الصهيوني إتصالاته غير المُعلنة والمُعلنة وتلك المباشرة وغير المباشرة بزيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني لعاصمتي هاتين الدولتين , لكن لُوحظ أن هناك ثمة إختلاف في أسلوب وتوقيت الإعلان الصهيوني عن الهدف من زيارة Benjamin Netanyahu لمسقط و N’djamena , فقبل أسبوع علي الأقل من وصول Netanyahu إلي العاصمة التشادية N’djamena أشارت كل وسائل الإعلام التي غطت زيارته لها إلي أن الزيارة هدفها إستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين , علي حين فضل الكيان الصهيوني بالإتفاق مع عُمان الإعلان عن الزيارة نفسها بعد إتمامها وعودة رئيس الوزراء الصهيوني لتل أبيب وهو ما حدث بالفعل مساء 26 أكتوبر 2018 , ومما هو جدير بالذكر أن عُمان سبق وزارها رئيسي وزراء صهاينة هما Yitzhak Rabin عام 1994وشيمون بيريز عام 1996 , وفي تقديري أن إخفاء موعد زيارة Netanyahu لمسقط لا يخرج عن كونه إجراء إحترازي أمني ليس أكثر ولا أقل ولا علاقة لذلك برد فعل الرأي العام فواحات الإستبداد ليس بها رأي عام بأي شكل كان حتي يُخشي منه .
* أن زيارة رئيس الوزراء الصهيوني Netanyahu ولقاءه بالسلطان (المُعظم) قابوس في قصره بمسقط في 26 أكتوبر 2018 , وكذلك زيارته ولقاءه بالرئيس التشادي في N,djamina في 20 يناير 2019 والذي قام بزيارة غير مُعلنة للكيان الصهيوني في 26 نوفمبر 2018 (أي بعد زيارة Netanyahu لعُمان بشهر واحد بالضبط) سبقها زيارات مُتبادلة غير مُعلنة علي مستوي كبار المسئوليين الصهاينة والعُمانيين والتشاديين تضمنت التباحث في أوجه العلاقات الثنائية علي إختلافها والأهم تمهيد الطريق لتطبيع العلاقات الدبلوماسية للصهاينة مع هاتين الدولتين بما يتناسب مع وضعيتهما في الإقليمين اللذين ينتميان إليهما .
عموماً فقد كانت زيارة Netanyahu لعُمان المُقدمة المُباشرة التي تُفسر توقيت وليس مضمون قرار تشاد إستئناف علاقاتها بالكيان الصهيوني الذي يُخضع تحركاته تلك وغيرها للبحث المُعمق ولحسابات الربح والخسارة والأهم أنه يُخضعها لمقتضيات الأمن القومي , فالقرارات الصهيونية ليست عفوية وعبثية أو دعائية كالقرارات الصادرة عن القيادات العربية , وسأحاول عرض وتحليل حالة التحرك الصهيوني بإتجاه عُمان وذلك علي النحو الآتي :
أولاً – خلفية تاريخية للحــالة الــعُـمانـيـة :
– قبل الإسترسال في تحليل تلك الزيارة وهي الأكثر خطورة كون عُمان دولة عربية أو المفروض أنها كذلك , لابد من التنويه إلي أن تلك الزيارة تعد تتويجاً لمراحل مختلفة من الإقتراب المُتبادل بين عُمان والكيان الصهيوني , ولأهميتها تلك سأقتطف ثلاثة مشاهد فقط من تاريخ عُمان الثري الطويل لأن لهذه المُقتطفات الثلاثة علاقة غير مباشرة بتكوين الذهنية السياسية الحالية للسلطان قابوس وجعلته مع تكوينه ذاك مُجهزاً لإستيعاب وهضم فكرة الإقتراب بل والإلتصاق بالكيان الصهيوني قافزاً وعلي مراحل فوق حقائق الصراع العربي الصهيوني الذي لا تعد عُمان من الدول العربية القليلة التي كان لها مساهمة ملموسة فيه , فكان موقفها في الماضي من هذا الصراع أن تكون مع الجماعة العربية فحسب دون تفاعل حقيقي أو عملي – إن كان من الممكن إطلاق صفة الجماعة علي الدول العربية – وهذه المُقتطفات الثلاثة مُجتزأة من نص تقرير اللجنة الخاصة المعنية بعُمان المُؤرخ في 8 يناير 1965 والمُقدم للجمعية العامة للأمم المُتحدة وهذه اللجنة كانت خماسية برآسة عبد الرحمن بازهواك (أفغاني) وعضوية السنغال وكوستاريكا ونيبال ونيجيريا وأُنشأت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المُتحدة رقم 1948 المُتخذ في 11 ديسمبر 1963 * (الجمعية العامة – الوثائق الرسمية : الدورة التاسعة عشر – المُرفق رقم 16 – نيويورك 1966) وذلك علي النحو التالي :-
(1) في عام 1798 عقد السلطان بن أحمد إتفاقاً أو معاهدة مع ممثل لشركة الهند الشرقية البريطانية وكانت هذه المعاهدة الأولي في مجموعة من المعاهدات أبرمها سلاطين عُمان مع بريطانيا والدول الأجنبية , وعلي إثر وفاة السلطان بن أحمد عام 1804 نشأ صراع علي الحكم بين أخوة الإمام وأبناء أخوته من جهة وبين الإمام نفسه من جهة أخري , وفي هذه الأثناء عاود الوهابيون غزو عُمان ولعبوا خلال ذلك دوراً نشيطاً في الصراع الدائر من أجل الإستئثار بالحكم , وفي عام 1807 تغلب سعيد بن سلطان الأبن الأصغر للسلطان بن أحمد علي خصومه بالقتال وبالدسائس ودانت الإمامة له , وفي عام 1809 هاجمت القوات البريطانية والسعيدية (الإمام أو السلطان) معاً بلدة (إمارة فيما بعد) رأس الخيمة الواقعة علي الساحل الجنوبي للخليج العربي والتي قيل آنئذ أنها مُتحالفة بشكل ما مع الوهابيين وأنها قامت خلال بضع سنوات بأعمال القرصنة في خليج عُمان والمحيط الهندي , وفي عام 1810 قدم البريطانيين إلي السلطان سعيد بناء علي طلبه مساعدة بحرية لمحاربة حليف للوهابيين كان يُسيطر علي بلدة شناص الساحلية (بشمال عُمان) , لكن عندما ظهر الوهابيون علي مسرح الأحداث سحب البريطانيون قواتهم وإستعاد الوهابيون البلدة من جديد , ثم كان التدخل البريطاني الثاني خلال النصف الثاني من عام 1810 وبمساعدة من السلطان سعيد عندما تم تدمير سفن قبيلة الجواسمي ومعاقلها الرئيسية علي إمتداد الساحل والإستيلاء عليها ونتيجة لذلك ولعوامل أخري وقع البريطانيون عام 1820 معاهدات صلح مع جميع الشيوخ تقريباً علي إمتداد هذا الساحل وبدا بعد ذلك أن السلطان سعيد لم يعد ينظر إلي هذا الجزء من الساحل الذي كان يُعتبر سابقاً جزءاً من عُمان كجزء من ممتلكاته , وقد تعرض سعيد طوال عهده للتهديد بالغزو بين الحين والآخر أو للغزوات الفعلية من جانب الوهابيين , وعمد في أربع مناسبات إلي عقد إتفاقات في الأعوام 1810و1833 و1845 و1853مع الوهابيين بموجبها كان عليه دفع جزية سنوية لهم مقابل وعد منهم بعدم شن هجمات ضده , وقد تضمن إتفاق 1833 إشارات تتعلق بالحدود منها عبارة نصها ” يحتفظ كل من الطرفين بحيازة ساحله الذاتي وفقاً للحدود القائمة آنذاك علي أن يمتد ساحل الإمام حتي مدينة جعلان وساحل الوهابيين حتي مدينة قطيف” , وعندما غزا الوهابيون عُمان عام 1845 رفض البريطانيون طلباً تقدم به السلطان سعيد للحصول منهم علي مساعدة عسكرية , لكن أمكن في النهاية عقد إتفاق عام 1853 إثره قام البريطانيون بإرسال مذكرة إلي الأمير الوهابي بالتزامن مع إستعراض قواتهم البحرية , وعلي إثر وفاة سعيد عام 1856 نشأ نزاع حول خلافته بين ثلاثة من أولاده ماجد في زنزبار وثويني في مسقط وتركي في صحار وبعد أن إتفق الثلاثة علي تحكيم اللورد كنينج حاكم الهند العام إقترح هذا الأخير فصل زنزبار عن الأقاليم العربية علي أن يحكمها ماجد وعلي أن يحكم ثويني الأقاليم العربية وقبل ماجد هذا التحكيم وتولي ثويني الحكم من 1856 حتي 1866 , وقد واجه خلال هذا الفترة معارضة من أخيه تركي وأبن عمه عزان بن قيس الذي كان سيصبح إماماً في عام 1868 العام الذي غزا فيه الوهابيين مُجدداً عُمان , والذي قُتل فيه أيضاً ثويني علي يد أبنه سالم الذي ثبت نفسه حاكماً بتأييد من الوهابيين لكنه واجه معارضة أيضاً من تركي بن سعيد وعزان بن قيس , لكن البريطانيين أقنعوا تركي بإنهاء معارضته والإقامة في الهند لقاء معاش تقاعدي , وقام عزان بن قيس بطرد سالم ونفيه , بيد أن عزان الذي أصبح إماماً واجه نوعين من التحديات أولهما من الوهابيين الذين حاولوا التأثير علي مشايخ ساحل الصلح للإنضمام إليهم لقلب الإمام عزان بيد أن الأخير هاجم الوهابيين بمساعدة من قبيلة نعيم في البريمي وطردهم إلي خارجها ,ثانيهما داخلي في النصف الأخير من عام 1870وإلتحم في معركة مع عزان في معركة البريمي وانهزم الإمام ولحق به تركي في مسقط حيث قتله من تركي بن سعيد الذي عاد من الهند عن طريق عون من مشيخيات ساحل الصلح (الإمارات العربية الآن) أيضاً , وقد توفي تركي بن سعيد عام 1888 وخلفه أبنه فيصل بن تركي في منصب السلطان حتي عام 1913 والذي واجه معارضة من قبائل المناطق الداخلية لعتقه الأرقاء بناء علي إلحاح بريطاني , ولذلك وبالإضافة لعاملين آخرين هما (1) فرض السلطان رسوم جمركية أعلي علي البضائع المارة عبر مسقط والمتجهة للداخل أو القادمة منه و(2) تزايد الدعوة لبعث الإمامة من جديد , ثم وفي عام 1895هاجمت قبائل هذه المناطق بقيادة صالح بن علي الحارثي مسقط وإحتلتها , بالإضافة إلي الصراع الداخلي علي الإمامة والإختلاف حول المفاضلة بين بين السلطنة والإمامة التي نفي سلطان عُمان وجودها ككيان سياسي , وبالطبع هناك فرق بينهما فالإمامة التي كانت مُتبعة في عُمان لمئات السنين طُبقت عندما بايع شعب مسقط وعُمان عزان بن قيس عام 1868 وهذه البيعة يبدأ نصها بعبارة ” قد بايعناك علي طاعة الله تعالي ورسوله وعلي الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر, ونصبناك إماماً علينا وعلي الناس علي سبيل الدفاع وعلي شرط أن لا تعقد راية ولا تنفذ حكماً ولا تقضي أمراً إلا برأي المسلمين ومشورتهم …. “ وتتم هذه المبايعة حسب المُعتقدات والتقاليد الأباضية والإسلامية العامة ومن الممكن إعفاء الإمام المنتخب من منصبه إذا أخل بخصلة من خصال تأهله للإمامة , ولكن البريطانيين ومعهم السلاطين العُمانيين المُتعاقبين حتي قابوس بن سعيد آثروا إستخدام لفظ “السلطان” 1932لأنه يربطهم أكثر بالقوانين الوضعية وبالإستبداد أيضاً , وذلك رغم أن معاهدة “السيب” أستخدم في نصها لفظ ومنصب “الإمام” عام1932 وظل إستخدام المُصطلحين مثاراً لنزاع وصراع داخلي في عُمان بين الإمام غالب بن علي الذي أنشأ مكتباً للإمامة في القاهرة التي كانت تعترف به و بل وتقدم بطلب تضمنته رسالة من الإمام محمد (توفي في يونيو 1954 وخلفه غالب بن علي) للجامعة الدول العربية مُؤرخة في 25 يناير 1954(وهي خطوة رآها البريطانيون تهديداً لمطامعهم في إحتلال عُمان) سلمها صالح الحارثي بمقر الجامعة وأكد فيها إستقلال عُمان مُبدياً مخاوفه من العدوان البريطاني وطلب مساعدته في إنماء البلاد وأصدر جوازات سفر خاصة بالإمامة وأقام حاميات بالمناطق الرئيسية في الداخل العماني ومنها نزوي وبالجبل الأخضر وأستمر هذا الموقف , وأستطاع سلطان مسقط وعُمان بدعم عسكري بريطاني وسرية كاميرونية إحتلال نزوي في منتصف يوليو 1957وتواصل القتال بمناطق أخري ضد من نازعوا السلطان في السلطة علي الداخل العُماني إلي أن إنتهت الحملة العسكرية في يناير 1959, وكان سلطان مسقط طيلة هذه الفترة مُتمتعاً بدعم عسكري بريطاني يسر له إحتلال نزوي لكن النزاع بين سلطان عُمان وزعماء الداخل ظل مُستعراً حتي عام 1959 إلي أن بدأت مفاوضات طيلة عامي 1960 و1961 في لبنان بين ممثلي الإمام وممثل المملكة المُتحدة نيابة عن سلطان مسقط وعُمان لكنها باءت بالفشل , فبريطانيا كانت تصف من تفاوضهم بالمتمردين , فيما كان هؤلاء في الواقع كانوا معارضين وليسوا مُتمردين كزعم بريطانيا التي يحكم السلطان عُمان صورياً تحت مظلة حمايتها وسيطرتها , وكان هؤلاء بدورهم يصفون السلطان بأنه عميل خائن لا يخدم شعبه بقدر ما يخدم سيدته : بريطانيا , بل أن الدول العربية وخاصة مصر كانت تري الوضع بعُمان – وهو ما أوضحه مندوبها باللجنة الرابعة للأمم المُتحدة – علي أنه يتحدد وفقاً لمطامع بريطانيا في النفط ومصالح إستراتيجية أخري بعموم شبه الجزيرة العربية خاصة في الأجزاء الجنوبية والشرقية منها .
كان من الواضح – وفقاً لما تقدم – أن السيطرة البريطانية علي عُمان مُحكمة بحيث أن معظم المعاهدات والرسائل المُتبادلة بين إمام / سلطان عُمان في الفترة من 1798 حتي 1958 كانت مع بريطانيا التي مُنح بموجبها الرعايا البريطانيون إمتيازات ضخمة ميزتهم عن غيرهم من الجنسيات في كل شيئ تقريباً بل غلت يد السلطنة في مسقط عن التصرف في أملاكها وأراضيها إلا بموافقة بريطانيا التي جمعت كل هذه الإمتيازات بعد ذلك في معاهدة واحدة وقعتها سلطنة مسقط عام 1939, وهو ما رأي فيه الشيخ صالح بن عيسي الحارثي عضو المجلس الأعلي للإمام في بيان له بتاريخ 13 سبتمبر 1964 ‘حتلالاً وهيمنة بريطانية علي عُمان وسلطانها , ولذلك عندما سُأل الشيخ صالح الحارثي عن المعاهدات التي عقدتها السلطنة مع الدول الأجنبية غير المملكة المُتحدة وما إذا كان السطان هو الذي عقد هذه المعاهدات مع هذه الدول أم بريطانيا ؟ قال أن سلطان مسقط وعُمان لم يكن ليتمتع بأية سلطة ذاتية تسمح له بالتصرف بالأصالة عن نفسه وإنما كان مجرد ناطق باسم بريطانيا وهو ما نفاه ممثل بريطانيا في اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة في جلستها عام 1949 بمناسبة التحكيم الذي أصدرته محكمة لاهاي فيما يتعلق بالإعتراف بالسطنة كدولة مُستقلة , فأكد ممثل بريطانيا ما ذهبت إليه المحكمة من أن عُمان دولة مُستقلة , لكن المنطق البريطاني لم يكن مُستساغاً أو مقبولاً بالمرة فتكفي الإتفاقيات والمعاهدات التي عقدتها أو ربطت بها سلطان عُمان فهي كانت إتفاقات إذعان وتحكم وسيطرة .
(2) وفقاً لما ورد بتقريراللجنة الخاصة المعنية بعُمان المُؤرخ في 8 يناير 1965 والمُقدم للجمعية العامة للأمم المُتحدة والذي وُضع من واقع مقابلات مباشرة بين أعضاء هذه اللجنة والجانبين المُتنازعين وهما السلطان وأنصاره والإمام وأنصاره والمُلتمسين وهم معارضي السلطان يمكن رؤية الصورة أوضح فيما يتعلق بموضوع الإمامة , وفيما يلي جزء من نص ما ورد بالمبحث الثاني من تقرير هذه اللجنة الأممية تحت عنوان : “الإمامة” :
” إن الإمام نفسه وأعضاء مجالسه والمُلتمسين يعتبرون أن الإمامة ما تزال قائمة وإن كانت في المنفي . وقد أنكروا أن يكون الإمام قد إنقطع عن تولي منصبه لأنه طُرد من بلاده وقالوا أن الإمام بمقتضي التقاليد سيبقي مُحتفظاً بمنصبه إلي أن يتوفي أو يُخلع بالطرق الدستورية , بيد أن أشخاصاً آخرين قالوا أنهم لا يُؤيدون الإمام وذكر فريق أفراده من الداخل العُماني أنه ليس الإمام الشرعي لأنه إستقال في نزوي في عام 1955 وهو بالإضافة إلي ذلك قد تخلي عن شعبه بتركه عُمان عوضاً عن أن يُقاتل حتي الموت كما تتطلب شرائع الإمامة …. وثمة أشخاص آخرون معظمهم من أبناء الساحل لم يُؤيدوا لا الإمام غالب ولا الإمامة لإعتقادهم بأن الإمامة نظام حكم لا يتلاءم مع الأوضاع العصرية ” , وختم التقرير هذا المبحث بعبارة نصها : ” بيد أن جميع الذين لم يُؤيدوا الإمام أو الإمامة كانوا مُعارضين لحكم البريطانيين والسلطان ” .
كذلك وفي المبحث الثالث من تقرير اللجنة المعنية بعُمان وفي الفقرة 568 وردت – إتصالاً بموضوع الإمامة أو من يري العُمانيون أنه جدير بتولي حكم البلاد – العبارات التالي نصها :” وأعرب معظم الأشخاص عن رغبتهم في أن يكون حاكم البلاد المُقبل حاكماً مُنتخباً إماماً كان أو رئيساً . وعندما سُئلوا عما إذا كانوا يقبلون بالسلطان حاكماً , أجاب معظم الأشخاص بالنفي لأن السلاطين غير مُنتخبين , وقال آخرون أنهم يقبلون بما يقبل به الشعب سلطاناً كان أم إماماً , وقال آخرون أنه ينبغي أن يكون ثمة إمام عادل ينتخبه الشعب وأن واجب رئيس الدولة العادل هو منع كل ما يتنافي مع الخير والحق وحكم البلاد بما يتفق وقواعد الدين وأن السلاطين يخضعون دائماً لنفوذ بلدان أخري , أما وجهة نظر الإمام التي أبداها (للجنة) وقال أنها مبنية علي أساس معلومات واردة من السلطنة فمفادها أنه لا مكان لدي السكان للسلطان بعد طرد الإنجليز , وقال أحد أعضاء مجلس الثورة (العُمانية) أن البريطانيين قد إستخدموا السلطان ضد سكان عُمان , ولكن علي الرغم من ذلك فليس لدي العُمانيين أية كراهية للسلطان وإذا ما خرج البريطانيون فهم يرحبون به يتعايش معهم ويعيش في سلم , وإذا ما حكم البلاد وفق الطرق الديموقراطية فالعُمانيون مُستعدون للقبول به ….. ” .
ورد في البيان الذي أدلي به ممثل المغرب أمام اللجنة المعنية بعُمان في 14 أغسطس 1964 باسم الأردن وتونس والجزائر والجمهورية العربية المُتحدة (مصر ) والسودان وسوريا والعراق والكويت ولبنان وليبيا والمغرب والسعودية واليمن ما يلي نصه بشأن “الإمامة : ” فإمامة عُمان كيان قومي موجود منذ قرون عديدة ويرجع وجوده علي وجه التحديد إلي أكثر من إثني عشر قرناً وهو وجود قومي تتجسد فيه جميع خصائص السيادة , والإمام هو سيد روحي وزعيم زمني في آن واحد حسب مفهوم الإسلام ذاته …. , ولكن إمامة عُمان في حد ذاتها كانت علي الدوام موجودة في جزء من شبه جزيرة العرب يقع بين الصحراء العربية وسلطنة عُمان , وظلت الحالة علي هذا المنوال حتي عام 1957عندما رفض إمام عُمان لأسباب تتعلق بالمصلحة القومية عقد إتفاقيات (مع بريطانيا) تؤدي إلي تنازله عن بعض أجزاء إقليمه لمصلحة بعض شركات النفط , وفي تلك الآونة يذكر العالم إجتماع مجلس الأمن الدولي في عام 1957 لقيام الجيش البريطاني مُستخدماً كل ما لديه من وسائل في تلك المنطقة بعملية عسكرية كانت الغاية منها بكل بساطة إحتلال هذه المنطقة , وكان لابد (لبريطانيا) من إيجاد ذريعة لهذا العمل وكانت الذريعة أن إمامة عُمان قانوناً تابعة لسلطنة مسقط , علي أننا نود أن نوضح أن إمامة عُمان وسلطنة مسقط هما كيانان قوميان مُتميزان وكان كل واحد منهما علي الدوام مُستقلاً بالنسبة للآخر , كما أن معاهدة “السيب” التي عُقدت في 25سبتمبر 1920 برعاية ممثلي المملكة المُتحدة في المنطقة لم تكتف بتكريس هذا التمييز وإنما أعادت تأكيده أيضاً .
ورد في مذكرة أخري مقُدمة من الوفود العربية إلي اللجنة الخاصة المعنية بعُمان هذه العبارة : ” إن وجود عُمان كدولة مُستقلة وذات سيادة في ظل نظام الإمامة الذي هو شكل ديموقراطي من أشكال السلطة يختاره السكان , هو واقع تاريخي قائم منذ أكثر من إثني عشر قرناً ولم يقتصر الإعتراف بهذا الإستقلال وهذه السيادة علي رجال القانون والمُؤرخين والكتاب فحسب , بل صدر كذلك عن الرسميين البريطانيين الذين أكدوهما قولاً وفعلاً ذلك سواء في علاقاتهم مع الرسميين الذين يمثلون الإمامة أو مع الكيانات السياسية الأخري ” .
(3) واجه السلطان قابوس حرباً أو ثورة في إقليم ظفار الجنوبي في بداية حكمه بعد إنقلابه علي والده السلطان سعيد بن تيمور عام 1970وهي الثورة التي إندلعت إبان حكم والده السلطان سعيد بن تيمور , وتتعدد أسباب هذه الثورة التي بدأت في أبريل 1963 ضد الوجود العسكري والسياسي والبترولي البريطانيفي عُمان وتتعدد الاسباب التي إنطلقت بسببها الحرب أو الثورة في ظفار والتي أهمها التخلف والعزلة عن العالم اللتان سادتا عُمان وفي ظفار بصفة أكثر حدة , وكذلك السيطرة البريطانية علي السلطان وعلي عُمان كنتيجة , ولما لم تكن عُمان والظفاريون بمنأي عن المد القومي الذي إنبثق من مصر إبان عهد الرئيس جمال عبد الناصر , فقد كان من الطبيعي أن يزداد زخم مشاعر الثورة لدي الظفاريون الذين شكلوا الجبهة الشعبية لتحرير ظفار ثم إتسع مفهومها ليصبح مُسماها ” الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المُحتل ” , وكان إقليم ظفار قبل قدوم البريطانيين والسلطان بُعيد الحرب العالمية الأولي بقليل إقليماً مُستقلاً عن الإمامة والسلطنة معاً وكان يُحكم نفسه بنفسه وفقاً للشريعة الإسلامية وبالتالي فقد واجه سلطة السلطان سعيد بن تيمور , ومع أن التخلف كان سبباً دفع الظفاريين للثورة إلا أنه كان السبب التالي في الأهمية والخطورة علي عمان ككل وليس ظفار فحسب , ذلك أن السلطان أكد ولاؤه لبريطانيا عندما إعتقد أن الثورة كانت ضده كسلطان فيما هي كانت في الحقيقة ضده لكن بسبب تبعيته وسيطرة البريطانيين عليه وعلي مُقدرات وموارد عُمان , مما ولد لدي ثوار ظفار المزيد من مشاعر الكراهية له وللبريطاننين سواء بسواء , وكان من الطبيعي أن يدعم البريطانيون عسكرياً سلطان عُمان سعيد بن تيمور ومن بعده قابوس لإخماد هذه الثورة التي إعتبرها السلطان والبريطانيين علي السواء تمرداً, فقد كان الوجود العسكري البريطاني في عُمان لأسباب مختلفة تتعلق بعُمان وبإستراتيجيات البترول بالخليج العربي ككل وجوداً كثيفاً أشار إليه المبحث الرابع من تقرير اللجنة المعنية بعُمان تحت عنوان : ” القوات البريطانية والقواعد العسكرية ” ,إذ أشار أحد المُلتمسين من الذين إلتقت بهم اللجنة المعنية بعُمان إشارة وردت بالفقرة 522 من المبحث الرابع نصها : ” أنه يوجد بظفار ثلاث قواعد عسكرية إحدها مُخصصة للقوات البريطانية وحدها , وثانيها لجنود السلطان الذين يقوم البريطانيون بتدريبهم ” , أما الإمام فقال في الفقرة 523 ما نصه : ” إن المملكة المتحدة تسيطر علي جميع عُمان سيطرة عسكرية تامة وأن لبريطانيا قواعد ومراكز عسكرية داخل وحول عُمان” وذلك في أماكن حدد عددها بنحو 26 وكان قائد القوات المُسلحة العُمانية والمستشار الرئيسي للسلطان بريطانييين .
أعلنت حكومة سلطنة عُمان في سبتمبر 1975 إنتهاء الحرب في ظفار بعدأن إنخفضت وتيرة القتال هناك لمستوي غير ذي شأن وأعلن السلطان العفو ثم أعلنت عُمان في مارس 1976 عن إقامة علاقات دبلوماسية مع السعودية وجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية التي كانت تدعم ثوار ظفار الذين وُصفوا بأنهم كلهم شيوعيون وهو أمر مُجاف للحقيقة فقد كان الشيوعيون فصيل منهم لكنهم جميعاً بثورتهم التي إستمرت لعشر سنوات كلفوا عُمان غالياً .
نخلص مما تقدم – في تقديري – من هذه المُقتطفات الثلاث من تاريخ عُمان الحديث إلي بيان ثلاث حقائق رئيسية تكمن في الخلفية الذهنية لسلطان عمان قابوس بن سعيد بن تيمور وهي (1) أن الغرب والبريطانيين تحديداً هم من دعموا بقاء السلطنة كنظام حكم لعُمان في مواجهة النظام البديل وهو ” نظام الإمامة ” والذي كان يؤثره – علي الأقل – سكان المناطق الداخلية بعُمان وفي مواجهة ثورة إقليم ظفار الجنوبي , و هذا الدعم إستمر في الفترة السابقة علي عرض المسألة العمانية علي الأمم المتحدة عام 1957 وبعدها , (2) أن نظام الإمامة بما يحويه من تراث الشريعة الإسلامية من أحكام شرعية منها نظام الحكم في الإسلام الذي يُوجب إختيار الشعب للحاكم عبر نخبته المُعتبرة شرعياً وبما يتسق مع نص البيعة الذي يرد في مقدمته ما يدل بالقطع علي أعلي وأرقي صنوف الديموقراطية إذ أن هذا النص – كما سبقت الإشارة – يثبت نصاً وبما لا يدع مجالاً للشك المشاركة الشعبية عبر الأعيان والشخصيات ذات الإعتبار , ويثبت كذلك جواز سحب الشعب للبيعة إذا ثبت خروج الحاكم عنها , ففي مقدمة هذا النص نقرأ : “قد بايعناك علي طاعة الله تعالي ورسوله وعلي الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر, ونصبناك إماماً علينا وعلي الناس علي سبيل الدفاع وعلي شرط أن لا تعقد راية ولا تنفذ حكماً ولا تقضي أمراً إلا برأي المسلمين ومشورتهم …. “ , (3) أن ثورة ظفار حتي مع الإعتراف بما قام به سلطان عُمان قابوس بن سعيد من تطوير وتنمية لكافة مناحي الحياة ببلاده , أثبتت أنه في وجود تمثيل شعبي داخل مؤسسة برلمانية كان من الممكن حل مسألة ظفار قبل أن تندلع الثورة في هذا الإقليم لولا أن قابوس وأمثاله ممن إستقروا علي دست الحكم في كل دول الخليج العربي وخارجه بالعالم العربي المنكوب لا يعترفون إلا بأنفسهم والتوسل بالوسائل الأمنية الشرسة لحل المشاكل والقضايا الحرجة التي واجهتهم وستواجهم وعندما ضُغط عليهم من الغرب لإقامة مؤسسات برلمانية شكلية حتي يبرر الحكام الغربيون دعمهم لهذه الأنظمة فعلوا ذلك طالما كانت هذه المؤسسات رسوماً كرتونية تزيد من بهاء صورهم أمام الإعلام الغربي الذي يسوقهم تارة بالحداثة وتارة ببطولتهم في وقف زحف ما أشاعوا القول بأنه ” إرهاب ” مع إنه لا يخرج عن معني المعارضة المكبوتة بسبب عنف هؤلاء الحكام وآلاتهم الأمنية , ويُضاف إلي هذه النقاط الثلاث أن خلفية العلاقات العُمانية أو علاقات سلطان عُمان وأسلافه مع السعوديين أو الوهابيين لم تكن إيجابية ويشوبها العداء وبدرجة أقل مع جيران سلطنة عُمان الشماليين أي بمشيخيات الساحل المُتصالح Trucial Coast (الإمارات العربية المُتحدة حالياً) , وبالرغم من أن كل إمارات وممالك شبه الجزيرة العربية إجتمعت تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس في 25 مايو 1981 إلا أن هذه المظلة لم تمح تراث العداءات التاريخية المُتبادلة ولا محت الرغبة السعودية الدائمة في الهيمنة علي باقي أعضاء هذا المجلس إلي أن ورثت الولايات المتحدة المُستعمرات البريطانية ومنها هذه المنطقة فهيمنت منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي علي السعودية نفسها وأتاحت للكيان لأفراد من الصهيوني حيزاً للمتابعة المباشرة لأوضاع هذه المنطقة من خلال إستيعاب بعض اليهود الصهاينة للعمل من داخل سفارات وقنصليات الولايات المتحدة الأمريكية ومن داخل الشركات متعددة الجنسيات العاملة بمنطقة الخليج العربي ودوله العربية ولهذه الشركات كما هو معروف إرتباطات إستثمارية مع كل دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها بالطبع شركات البترول .
بناء علي ما تقدم يمكن إدراك إستساغة وقبول سلطان عُمان للإتصالات السابقة علي زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني لمسقط وللزيارة نفسها في أسوأ توقيت يمر به الصراع العربي / الصهيوني حيث يرأس Donald Trump الولايات المتحدة الذي يُروج بمساعدة وكلاؤه من الحكام العرب لما يُسمي ” بصفقة القرن ” كأسوأ تسوية وأكثرها مهانة لهذا الصراع بالتوازي مع ترويجه لبناء ما يُسمي بالتحالف الإستراتيجي للشرق الأوسط أو MESA والذي يضم دولاً عربية خليجية ومصر والأردن في مواجهة ما يُشاع عن أنه “خطر إيراني” , وكذلك يستقبله بالرغم من إعلان الولايات المتحدة نقل السفارة الأمريكية إلي القدس الشرقية في 14 مايو 2018 بإعتبارها “عاصمة للكيان الصهيوني ” , وهو إعلان تعلم الإدارة الأمريكية قبل غيرها أنه إنقلاب علي السياسة الأمريكية التي كررت مراراً ما قاله Edmund Muskie وزير الخارجية الأمريكي في 9 يونيو1980 في نادي الصحافة الوطنية في واشنطن ودار حول السلام في الشرق الأوسط حين أشار في أحد مواضع كلمته ” ….. ثانياً – إذا كان للمفاوضات أن تنجح فيجب ألا يتخذ أي طرف خطوات مُنفردة من شأنها أن تضر بالنتيجة , وهكذا فإن إنشاء إسرائيل من طرف واحد لمستوطنات في الضفة الغربية وغزة بينما المفاوضات جارية يسير في إتجاه مُعاكس لهدف المفاوضات ذاته وهو تحقيق إتفاق يمكن للأطراف جميعها أن تؤيده ,,,,,, ثالثاً – نحن نُؤيد مستقبلاً مفاوضات حول وضع القدس النهائي ونحن نُؤيد وجهة النظر القائلة أن المدينة يجب أن تبقي غير مُجزأة , مع إمكانية وصول حر إلي الأماكن المُقدسة من قبل الناس من جميع الأديان” * (مجلة المجال الصادرة عن وكالة الإتصال الدولي للولايات المتحدة الأمريكية . العدد 112يوليو 1980) , هذا هو موقف الولايات المتحدة الرسمي المُعلن من قبل الإدارات المُتعاقبة وسلطان عُمان يعلمه ويعلم أن هذا ما يجيش في صدورالمسلمين ويعلم أن قرار الرئيس Donald Trump مخالف للموقف الرسمي المُعلن من الإدارات الأمريكية قبل توليه الرئاسة الأمريكية وأنه قرار مُؤسس علي أقوال توراتية المفروض إسلامياً أنها لا تعني المسلمين ولا تلزمهم بشيئ , كما أن القدس من المفروض أيضاً أنها وبموجب نص المبادرة العربية للسلام بقمة بيروت العربية عام 2002 أنها جزء من التسوية السلمية مع الكيان الصهيوني , كل ذلك لم يكترث به سلطان عُمان مُديراً له ظهره , فما الثمن ؟ , ولذلك فالحالة العُمانية من الوجهة المبدئية وبلا جدال تعتبر في التحليل النهائي مساهمة عُمانية لها وزنها في تحقيق الكيان الصهيوني الكمال لوضعية الدولة Statehood بإكتمال الإعتراف الدولي بها , وذلك قفزاً علي حقائق الصراع العربي / الصهيوني التي يتعامي عنها فريق مُتصهين من قادة الدول العربية ومعهم معظم النخبة العربية المُتصهينة أيضاً والمُتحلقة حول حكام هذه الأيام السوداء .
ثانياً – تحليل لزيارة Benjamin Netanyahu لعُمان :
ولا شك أن الكيان الصهيوني يري في الحالة العُمانية ما برر له البدء بها تحقيقاً لفوائد مستقبلية , إضافة لتلك التي حقق بعضها بمجرد إستقبال السلطان العُماني لرئيس الوزراء الصهيوني في قصره بمسقط , لكن ونظراً للخطورة النسبية للقرار العُماني بإستكمال تطبيعه لعلاقاته مع الكيان الصهيوني , فمن الضروري إخضاعه للتحليل علي الأقل للوقوف علي ما تحتاجه النظم العربية – وتحديداً عُمان في حالتنا هذه – من الكيان الصهيوني وما يجنيه هذا الكيان من فوائد أو مكاسب الآن ومُستقبلاً جراء تطبيع العلاقات مع حكام دول الزمن العربي الأسود , وهو ما يمكن عرضه كما سيلي :
1- من ناحية التوقيت :
جاءت زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني لعُمان في توقيت يعتبر مثالياً لهذا الكيان فمجلس التعاون الخليجي إنفرط عقده بفعل ضربات مكتومة ومتتالية داخله معظمها وجهتها السعودية والإمارات تحديداً لباقي أعضاءه منها : (1) التباين الحاد والمُتموج في حدته ودرجة تصاعده فيما يتعلق بالسياسات البترولية وآخرها إستجابة السعودية لنداء رئيس الولايات المُتحدة Donald Trump للسعودية لزيادة المعروض في السوق العالمي من البترول لخفض سعره خروجاً علي مُحددات وضعتها منظمة OPEC وهو ما فعلته أيضاً الكويت مُؤخراً , و(2) تباين علاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع إيران بعداً وإقتراباً فعُمان وقطر مثلاً زاوية علاقتها مع إيران مُنفرجة فيما هي زاوية حادة مع السعودية وقائمة مع الكويت أما الإمارات العربية والتي من المُفترض ألا تكون بينها وبين إيران علاقات إلا في الحد الأدني من الحد الأدني بسبب إستيلاء إيران علي جزر طنب الصغري وطنب الكبري وأبو موسي الإمارتية الواقعة قرب مضيق هرمز بعد يوم واحد من إعلان بريطانيا نيتها في الإنسحاب من إمارات الساحل المُتصالح (الإمارات حالياً) عام 1971 مما سهل علي إيران الإستيلاء علي هذه الجزر معاً , ثم وفي أبريل 1992 طردت إيران مواطني دولة الإمارات وأعلنت سيادتها عليها رافضة التفاوض بشأنها ثنائياً أو دولياً مع إصرارها علي مناقشة موقف جزيرة أبو موسي فقط مع الإمارات دون الجزيرتين الآخريين , ومع ذلك أي بالرغم من هذا الخلاف والأزمة الثنائية الناشئة عنه إلا أن الإمارت جاءت في المركز الثاني عالمياً والأول عربياً في حجم تجارتها مع إيران خلال 11 شهر من السنة الإيرانية التي إنتهت في مارس 2018 إذ بلغت قيمة صادراتها لإيران خلال هذه الفترة 8,7 مليار دولار مثلت 18% من إجمالي واردات إيران , و(3) تباين علاقات دول المجلس مع تركيا وهو التباين الذي منشأه أسباب متعددة أهمها في الحالة السعودية قوة العلاقات التركية بقطر وبالكويت , حيث تري السعودية في النظام ذي الإتجاه الإسلامي الذي يتبناه حزب العدالة والتنمية التركي منذ تسيده سدة السلطة في تركيا عام 2002 حتي الآن وإحتضانه لتيارات إسلامية أهمها الإخوان المسلمين , تراه خطراً علي التوجهات السعودية التي لا تتبني أي شيئ سوي بعض الشعارات التي لا علاقة لها بالهوية أي هوية , شعارات شديدة المرونة كالحداثة التي بالنسبة لمبتدعيها السعوديين لا تخرج عن كونها تبني مشروعات إقتصادية ذات صلة برواج الشركات الغربية والإسرائيلية مُتعددة الجنسية وأهمها مشروع نيوم الذي خبا ضوءه بعد عملية القتل المروعة للصحفي الحرالمرحوم جمال خاشجقي في داخل القنصلية السعودية في أسطنبول في 2 أكتوبر 2018 , أما الإمارات فهي حتي وقبل تولي حزب العدالة والتنمية التركية السلطة في تركيا كانت تتخذ موقفاً سلبياً ومتخوفاً من تنامي الدور التركي في منطقة الخليج العربي ككل بل وتري أن تركيا إستفادت بنفس درجة إستفادة إيران والكيان الصهيوني من نتائج حرب الخليج الثانية , وتري المجموعة الحاكمة لدولة الإمارات أن إيران وتركيا وإسرائيل يمثلون تحدياً وحصاراً لما تصفه “بالأمة العربية” , أي أن السعودية و الإمارات تضع تركيا وإيران معاً كعدو حالي أو محتمل حسب البورصة السياسية اليوم أو غداً , أما الكيان الصهيوني فهم يرونه ويتعاملون معه كصديق حالي وكحليف مُحتمل يشد آل سعود وآل زايد الرحال إليه سراً وجهراً حسب الحالة , كما أتت زيارة Benjamin Netanyahu والنظام العربي في إطار جامعة الدول العربية التي لا حول لها ولا قوة مُنهار أو في سبيله إلي ذلك حتماً وتصدع التنظيمات العربية الفرعية مثل مجلس التعاون الخليجي والتنظيمات المُشابهة الأخري كمجلس العمل العربي والإتحاد المغاربي في عداد الأموات , أي أن النظام العربي إجمالاً وبلا مواربة أصبح مُفتتاً أيلاً إلي إنهيار مُحقق , فالإتصالات السعودية والإماراتية والبحرينية والقطرية وقبلهم المصرية منذ توقيع معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني في 26 مارس 1979 مُتواصلة ومُتواترة وتزداد قوة وتنوعاً بل ووصلت إلي درجة عالية من التوافق مع الكيان الصهيوني , فمعظم عرب المشرق أقبل علي الدخول في شراكات إقتصادية وعسكرية مع هذا الكيان بدعم ولا أقول بضغط من الولايات المتحدة , وآخر الشراكات العسكرية المُحتملة مع الكيان الصهيوني ما دعت إليه الولايات المتحدة بتكوين ما يُسمي بالتحالف الإستراتيجي للشرق الأوسط أو MESA والذي يضم دولاً عربية خليجية ومصر والأردن سيُضاف إليه الكيان الصهيوني في توقيت مُختار وبإخراج تنظيمي ما , والهدف منه هو مواجهة ما يُشاع عن أنه “خطر إيراني” , إذن فلم تكن زيارة Netanyahu رئيس الوزراء الصهيوني لعُمان إلا وضعاً للملصق أوLable علي المُنتج قبل تسويقه في سوق العرب بأرخص الأسعار, كما أن زيارة Netanyahuجاءت بعد أن قررت وزارة الخارجية الأمريكية نقل السفارة الأمريكية في الكيان الصهيوني من تل أبيب إلي القدس في مايو 2018 بالتزامن مع الذكرى السبعين لقيام الدولة العبرية , وهو قرار اعتبره الفلسطينيون “استفزازا لمشاعر العرب والمسلمين والمسيحيين” , لكن السلطان “المُعظم” قابوس غير قابل للإستفزاز , بل إن الزيارة تأتي والولايات المتحدة بدفع قوي من رئيسها ووكلاءه من حكام العرب يذودون عن الكيان الصهيوني بمحاولة فرض تسوية مُزيفة علي طريقة مُزيفي أوراق النقد , هذه التسوية التي أخذت مُسمي ترويجياً كأفلام السينما الهابطة وهو ” صفقة القرن” التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي مراراً وآخرها في سبتمبر 2018 عندما قال أنه سيعلن تفاصيلها بنهاية 2018 أو مستهل 2019 وهو ما لم يحدث حتي يومنا هذا , وبطبيعة الحال فإن وصول Benjamin Netanyahu لمسقط والحالة هذه يعني ببساطة أن سلطان عُمان إما أنه غير معني بما يحدث حوله أو أنه موافق ومُقتنع بما يحدث .
2- من ناحية الموضوع :
تمت زيارة رئيس الوزراء الصهيوني لعُمان بناء علي دعوة رسمية وجهها سلطان عُمان , وتوجيه الدعوة من رأس الدولة في حالة زيارة كهذه مُثقلة بتبعات الصراع العربي / الصهيوني والخلفيات الدينية والتاريخية لا تعتبر إجراءاً شكلياً بأي حال بل موضوعياً تماماً لأن إسباغ الصفة الرسمية علي زيارة كهذه يحيل علاقة ليست قائمة بالمرة بين طرفين إلي علاقة واقعية , إذن فالمعني أن الزيارة كانت رسمية كما أكد ذلك البيان المُشترك الصادر عقب هذه الزيارة عندما أشار إلي أنها “زيارة رسمية دبلوماسية ” وكانت علي أعلي مستوي , وبالتالي كانت الزيارة بهذه الصفة كفيلة بإرسال رسالة عُمانية علنية للعالم العربي ولإيران وللعالم مفادها أن عُمان قد إعترفت من الوجهة العملية بالكيان الصهيوني كدولة , وهو بالضبط ما أكده وزير الخارجية العُماني في مؤتمر أمني عُقد بالبحرين في الأول من نوفمبر 2018 ضم مُمثلين عن السعودية والبحرين والولايات المتحدة وإيطاليا ( لم تُشارك قطر فيه لأن المؤتمر يُعقد في أحد عواصم رباعي حصارها ولأن قطر أيضاً كانت مُنهمكة في الإعداد لإرسال طائرات عسكرية وصلت مالي في 29 ديسمبر 2018 شُحنت بها 30عربة مُدرعة توطئة لتسليمها لقوة الساحل الخماسية G5 Sahel للمساعدة في حماية مصالح فرنسا التي تتواجد عسكرياً بمالي وشكلت القوة الخماسية بدعوي محاربة الإرهاب كالعادة) , ففي هذا المؤتمر الأمني رفع وزير الخارجية العُماني عقيرته كالأسد الهصور ليُعلن ما نصه أمام الحاضرين بقاعة المؤتمر وللعالم : ” إن إسرائيل دولة موجودة بالمنطقة , ونحن جميعاً نفهم ذلك ….. ربما كان قد جاء الوقت الذي تُعامل فيه إسرائيل بنفس مُعاملة (الآخرين) وتتحمل أيضاً نفس الإلتزامات , نحن لا نقول أن الطريق الآن سهل ومُمهد بالورود , لكن أولويتنا هي أن نضع نهاية للصراع والتحرك نحو عالم جديد ” , والمشكلة في كلام هذا الوزير أنه إفترض أن لعُمان إسهام يُعتد به في الصراع العربي / الصهيوني فلا عُمان سال دماء أبناءها في ساحة الوغي في حرب ضد الصهاينة ولا هي ضُربت مدنها فهُدمت كمدن السويس والإسماعيلية وبورسعيد ومدن جنوب لبنان والضفة الغربية للأردن والجولان السوري …. عُمان التي يزعم هذا الوزير أنها تريد وضع نهاية للصراع العربي / الصهيوني تريد وضع نهاية لحيادها المُهين إزاء هذا الصراع … هذه هي المسألة … ولذلك أسمتها صحافة الصهاينة في تغطيتها “سويسرا الخليج “, ولم يقف التطور السريع في تطبيع العلاقات العُمانية / الصهيونية عند هذا الحد بل وجه وزير النقل العُماني أحمد محمد الفُطاسي الدعوة لوزير النقل الصهيوني لحضور مؤتمر دولي بمسقط , فقد أعلن أن بلاده بوصفها الدولة المضيفة لإجتماع الإتحاد الدولي لطرق النقل IRU والذي يحضر أعضاءه المؤتمر العالمي لطرق النقل الذي يُعقد بمسقط في الفترة من 6 إلي 8 نوفمبر 2018 , قد وجهت الدعوة إلي Yisrael Katz وزير النقل والمخابرات الصهيوني للمشاركة في أعماله , مُوضحاً أن هذه المُشاركة ليست ذات علاقة بالعلاقات الثنائية , ويُذكر أن هذا المؤتمر جاء عقده بمسقط بعد حوالي أسبوعين من حلول البركة علي عُمان بزيارة القائد الأغر Benjamin Netanyahu لها , ولاشك أن تصريح وزير خارجية عُمان بالبحرين الذي بموجبة أعترفت عُمان بوضعية الدولة للكيان الصهيوني , ودعوة وزير النقل العُماني لنظيره الصهيوني للمشاركة في مؤتمر الإتحاد الدولي لطرق النقل بمسقط كانت من الأمور التي نُوقشت وأُتفق عليها مُسبقاً بين السلطان قابوس و Netanyahu في زيارته لمسقط في 26 أكتوبر 2018 لتُضفي علي زيارة Benjamin Netanyahu مزيداً من الواقعية ولتؤكد أمراً واقعاً , وقد يكون إعلان وزير الخارجية العُماني بأن الكيان الصهيوني “دولة” ودعوة وزير النقل الصهيوني للمشاركة في مؤتمر الإتحاد الدولي للنقل بمسقط قد أتفق عليهما في الإتصالات الثنائية التحتية بين عُمان والكيان الصهيوني والتي مهدت لهذه الزيارة التي لا يمكن إعتبارها مُفاجئة كما روج الإعلام الصهيوني فقد صرح Yossi Cohen رئيس الموساد بأن إسرائيل تاريخياً كانت تُنشئ علاقات مُخفاة مع دول عدة , كما أن رئيس الوزراء الصهيوني نفسه بسبب فرحته العارمة بما تحقق بواسطة الإتصالات التي قام بها الموساد من خلال الإتصالات التحتية مع عُمان وغيرها من ممالك وإمارات الخليج (الذي قد لا يُصبح عربياً لو تحققت مشروعات الربط اللوجيستي بين حيفا وموانئ هذه الدول) كان موقناً أن عُمان ستكون وجهته الأولي في طريق تطبيع العلاقات العلنية مع كل هذه الدول , فقد أعلن Netanyahu في سبتمبر 2018 أن الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية حدث تقارب شديد بينهما عقب الإتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران عام 2015 والذي نتج عنه تخفيف العقوبات الدولية التي كانت ضاغطة علي الإقتصاد الإيراني بصفة خاصة , وهو ما أكده رئيس الوزراء الصهيوني Netanyahu في كلمة ألقاها بالخارجية الصهيونية عندما قال ” إن الإتفاق مع إيران إتفاق سيئ من كل الأوجه ما عدا وجه واحد وهو أنه جعلنا أقرب جداً من العالم العربي بصفة غير مسبوقة وأن أحد أهدافنا أن يستمر ذلك الوضع” . * (موقع JEWISH TELEGRAPHIC AGENCY بتاريخ 26 أكتوبر 2018) .
عمد الصهاينة لإسباغ الموضوعية علي زيارة رئيس الوزراء الصهيوني لعمان بالإشارة غير المباشرة في البيان المُشترك الصادر في ختامها إلي أن المباحثات الثنائية كانت مُثمرة فيما يتعلق بطرق إحراز تقدم في عملية السلام بالشرق الأوسط وموضوعات أخري ذات إهتمام مثشترك , * ( موقع JEWISH TELEGRAPHIC AGENCY بتاريخ 26 أكتوبر 2018) , وهي إشارة بقدر ما هي مُضللة ودعائية بقدر ما يحاول بها الجانب الصهيوني إسباغ قدر مُزيف من الإحترام علي زيارة قبلها الجانب العُماني ومحا بها النذر اليسير من إحترام عُمان لتضحيات جنودنا الشهداء والأحياءعلي جبهات المواجهة العسكرية مع الكيان الصهيوني في حروب 1948 و 1956و 1967والإستنزاف 1968 حتي 1970 وآخيراً وليس آخراً حرب 1973 , إذ ما هي قدرات عُمان ذات السياسات التي تقع بين حياد غير شفاف وإبتعاد يؤثر السلامة للإنخراط في قضايا لا يقدر علي تناولها إلا دول عربية ذات مرجعيات بالصراع العربي / الصهيوني وهي معروفة تحديداً للكافة وهي حصراً دول المواجهة العربية الأربع والكويت والسعودية وليبيا والجزائر والعراق والمغرب , فلم تكن عُمان يوماً بمؤهلة بسبب توخيها سياسة الحياد الأعمي للعب دور أي دور في هذا الصراع , ولم يكن لها إسهام ما فيه إلا إسهامها السلبي الأخير بقبول زيارة رئيس الوزراء الصهيوني التي قام بها لعُمان خفية وخيفة في 26 أكتوبر 2018 والتي جاءت علي خلفية إعلان الولايات المتحدة نقل سفارتها للقدس الشرقية وقبل التسوية النهائية للصراع العربي / الصهيوني وعلي ضوء الإعلان عن تسوية هلامية وخاسرة للشعب الفلسطيني وفقاً لما كُشف عنه من بعض تفاصيلها بصفة غير رسمية أخذت مُسمي دعائي هو : “صفقة القرن ” رفضتها السلطة الفلسطينية وحماس , ومن المُحتمل أن يكون هذا الموقف العُماني هو ما يعنيه الصهاينة بالإشارة إليه في البيان المُشترك علي أنه ” تقدم مُثمر” , إذ أن تطبيع الكيان الصهيوني علاقاته الدبلوماسية مع دول الخليج يجعل مجال المناورة للفلسطينيين أقل كثيراً من ذي قبل بل ويلغي تماماً ما تقول به جامعة الدول العربية من ضرورة تماسك الموقف العربي المُشترك تجاه “قضية فلسطين” , فالسطان قابوس ليس له ماض يُعتد به فيما يتعلق بأي زاوية من زوايا القضية الفلسطينية فهو بالإضافة إلي عدم إستطاعته فهو فاقد للرغبة أصلاً في فعل ذلك وإسرائيل تعلم أن أقصي دور كان لعمان هو دور ساعي البريد أي نقل رسائل بين طرفين أو أطراف بالمنطقة أو بين أي من هذه الأطراف والكيان الصهيوني والولايات المتحدة بإيران (بتولي الإمام الخوميني السلطة في إيران في فبراير 1979 كان تعداد الطائفة اليهودية الإيرانية 80,000 يهودي ثم أصبح ما بين 50,000 إلي 55,000 عام 1980وكان يمكنهم نقل رسائل ذات طبيعة خاصة) , ومن بين الأمثلة عن دور عُمان في نقل الرسائل كان نقل رسائل بين الولايات المتحدة وإيران , منها ما تعلق بالفترة التي جري فيها التفاوض بين إدارة الرئيس الأمريكي Obama وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني وأنتهت بتوقيع الإتفاق المعروف ونتج عنه تخفيف العقوبات علي إيران , وربما كان هناك دور ما لعُمان إبان أزمة الرهائن الأمريكيين في عهد الرئيس كارتر نتيجة إقتحام السفارة الأمريكية في طهران وإحتلال الطلبة الإيرانيين لها وإتخاذ أعضاءها رهائن لمدة 444 يوم وكان آخرهذه الأمثلة الأزمة اليمنية الحالية بين الحوثيين أنفسهم مع داعميهم الإيرانيين والجانبين الأمريكي والأممي بصفة خاصة , إضافة للإدوار الثانوية الأخري التي يؤديها غيرهم وبين التحالف العربي والأطراف اليمنية الداخلية , ويجب التنويه هنا بأن زيارة Netanyahu لعُمان أضرت بالدور المُتاح لعُمان أن تلعبه مع الحوثيين الذين من غير شك سيُساورهم المزيد من القلق تجاه عُمان فيما بعد وبالتالي فقد أوشك دور عُمان في الأزمة اليمنية أن ينتهي أو يذوي فهذا هو الدور الوحيد لعُمان , وفي تقديري أن عُمان والولايات المتحدة قد إستغنيا عن دور ساعي البريد كخدمة كانت تؤديها عُمان في التحليل النهائي للكيان الصهيوني عندما كانت علاقتهما مُستترة , وهذا الإستغناء معناه أن هناك دور جديد لعُمان يُرتب له ويتسق مع مرحلة المواجهة التي أعلنتها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إزاء إيران في مؤتمرWarsaw للسلام والأمن بالشرق الأوسط في 13 فبراير 2019, لكن بمجرد أن أُميط اللثام من علي العلاقات العُمانية / الصهيونية المُستترة عمداً من كلاهما , فلم تعد هناك ثمة حاجة للكيان الصهيوني لساعي بريد العُماني والحالة هذه , وكما أشرت فربما يعني إنهاء دور عُمان كساعي بريد أن المرحلة القادمة في المواجهة الأمريكية / الصهيونية مرحلة مواجهة عسكرية حاسمة وستكون الأراضي العُمانية براً وبحراً قاعدة عسكرية في هذه المواجهة المُحتملة وأي مهمة عسكرية مُفترضة تنطلق من عُمان ضد إيران ستكون مُؤثرة نظراً لأن مضيق هرمز الذي يمكن للعسكرية الأمريكية إغلاقة مع بدؤء أي نشاط عسكري لها مُضاد لإيران يقع في المياه الإقليمية العُمانية , ومن المعروف أن للولايات المتحدة قاعدة جوية في ولاية ثمريت العُمانية بمحافظة ظفار وقاعدة أخري في المصنعة بشمالي عُمان ومينائي دقم وصلالة , كما أن عُمان والولايات المتحدة بينهما إتفاقية بشأن تسهيلات الوصول إلى سلطنة عمان وُقعت عام 1980 جُددت عام 2010 وهذه الإتفاقية جعلت عُمان البلد الأول من بين الدول الخليجية الأخري الذي يعتبر بموجبها من الوجهة العسكرية شريكاً صريحاً للولايات المتحدة أو Explicitly Partner(جرت تدريبات عسكرية عُمانية / أمريكية مُشتركة في مُستهل فبراير 2019أخذت مُسمي وادي النار Valley of Fire في أقصي جنوب محافظة ظفار بحقول رابكوت علي بعد 1000 كم جنوب مسقط) , ولا يمكن القول بأن عُمان تُعد إستثناء في إستقبالها للصهاينة فالكيان الصهيوني تُفتح له وبترحاب وكرم عربي حاتمي أبواب عروش البترول بممالك الخليج حتي بدون أن يكون في حاجة لأن يقرع الباب , من جهة أخري فلم يعد بوسع الإيرانيين الإبقاء علي ثقتهم بالسطان قابوس بعد الآن (لم يكن الإيرانيين بغافلين عن الإتصالات الصهيونية بعُمان سواء تلك التي تتعلق بدور عُماني لإختراق ما تبقي من جدار السرية للعمل العربي المُشترك أو تلك السابقة علي إتمام زيارة Netanyahu لعُمان في 26 أكتوبر 2018 أو زيارات العُمانيين أنفسهم للكيان الصهيوني , وإلا ما أستطاعت إيران الصمود في صراعاتها المختلفة) .
3- النتائج المُحتملة لزيارة Netanyahu لعُمان :
- في تقديري أن هناك عدة نتائج مختلفة لهذه الزيارة , لكن أشدها وضوحاً وربما أخطرها في آن واحد ما يلي :
(ألف) التحول الحاد في العلاقات العُمانية / الإيرانية :
بإتمام Netanyahu زيارته لمسقط والتي كانت بدعوة من سلطان عُمان , من المرجح إلي حد بعيد أن تنتقل العلاقات الإيرانية / العُمانية تلقائياً لمرحلة أدني من المرحلة السابقة , وبناء علي ذلك سيؤثر هذا الإنتقال الحرج علي مجمل العلاقات الثنائية , لكن التحول الأكبر في العلاقات الثنائية سيكون في المجال السياسي ففي هذا المجال تراوح الموقف العُماني إزاء كثير من قضايا المنطقة التي كانت مثاراً لإهتمام إيراني / عُماني مُشترك ما بين الحياد الإيجابي من وجهة نظر إيرانية والتعاون والتنسيق السياسي الثنائي في قضايا غير رئيسية من وجهة نظر عُمانية , وبهذه الزيارة مُعقدة الحسابات تكون عُمان أخيراً قد تجاوزت النهج الحيادي التقليدي فحسمت لأول مرة منذ تولي قابوس السلطنة عام 1970موضعها في أزمتين أو قضيتين إستراتيجيتين أولهما الصراع العربي / الصهيوني في مرحلته التي يعتقد الصهاينة أنها الأخيرة فيه وهي التي مع الفلسطينيين , وكانت عُمان علي هامشها وبالتالي كان تأثيرها محدود جداً , أما وقد إعترفت بوضعية الدولة للكيان الصهيوني بناء علي زيارة Netanyahu لها فقد أثرت عُمان بذلك تأثيراً بالغ الضرر في القضية الفلسطينية بإسقاطها (أي عُمان) تماما كل شروط التسوية السلمية مع الكيان الصهيوني الواردة في المبادرة العربية للسلام التي طرحتها السعودية ووافق عليها قادة الدول العربية المشاركين في قمة بيروت العربية عام 2002 بما فيهم عُمان نفسها , وبالتالي فقد تحركت عُمان بعيداً عن الهامش لتقترب من قلب القضية الفلسطينية لكن في موضع سلبي وضار , وثانيهما الصراع الإيراني الغربي , ولعُمان في هذا الصراع أهمية إستشنائية بل إنها تعتبر قريبة جداً من بؤرة الصراع الغربي مع إيران بسبب الطبيعة الخاصة للعلاقات الإيرانية / العُمانية وهي السمة التي إكتسبتها هذه العلاقات كنتيجة للعداء بين باقي دول الخليج العربي العربية وبأقصي درجاته في حالتي العراق / صدام حسين والسعودية وهو عداء ضارب بجذوره في التاريخ والعقيدة بين كل النظم السياسية في الضفة الشرقية من الخليج العربي فيما عدا عُمان التي يُري في خلفيتها التاريخية البعيدة نسبياً غزواً إيرانيا لأراضيها صحيح أنه إستمر لفترة قصيرة بين عامي 1741 حتي 1743 إلا أن هذا الغزو حدث وبدأ بعده عهد ” الأبو سعيد” أو الأسرة الحالية التي آخر فرع منها السلطان قابوس بن سعيد , لكن ظل الأثر المتوالي كأمواج البحر للبريطانيين الذين بدأوا دورهم في عُمان كوسطاء بين أبني سلطان عُمان آنئذ اللذين تنازعا علي الأراضي العُمانية بعد وفاة والدهما سعيد عام 1856 فأقتسماها بموجب إتفاق وقعه الأخوين عام 1861 بفعل هذه الوساطة , وبالتالي فإن النفوذ الغربي هو وليس إيران من أبقي عُمان أمام الأنواء والعواصف السياسية والعسكرية التي تملأ محيط الخليج العربي وكنتيجة لذلك فالرابطة التي بين عُمان والغرب أقوي وأمتن من تلك التي بين عُمان وإيران , وقد عمل الغرب علي تعزيزها نظراً للموقع الحاكم لعُمان بفضل مضيق هرمز بوابة هذا الخليج الذي يمر عبره جزء مهم من البترول المُغذي للعالم الصناعي أي القوي الدولية الكبري ودول أخري , والخليج العربي كما هو معروف يُعتبر إقليما مفعماً بالنزاعات بين دول ساحله الشرقي والغربي (إيران) كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية أو حرب الخليج الأولي التي بدأت في سبتمبر 1980 وأنتهت في أغسطس 1988 وحرب الخليج الثانية والتي تُسمي بحرب تحرير الكويت من الغزو العراقي لها والتي بدأها تحالف دولي من 34 دولة بقيادة أمريكية تحت مُسمي عملية درع الصحراء التي بدأت من 2 أغسطس 1990 حتي يناير 1991ثم كانت المرحلة الأخطر وهي الغزو الأمريكي للعراق في مارس – أبريل 2003 وإزالة أقوي نظام عربي بقيادة الرئيس صدام حسين فيما النظم العربية الأخري بين عاجز عن دفع الضرر عن العراق وبين مُشجع للغزو وداعم له وبين محايد حياداً سلبياً كعُمان .
يلي التأثير السياسي الضار جراء هذه الزيارة تأثير ضار آخر وهو المُتعلق بالمجال الإقتصادي والتجاري , فالكيان الصهيوني يدرك تماماً حرج الموقف الإقتصادي العُماني , ولا يمكننا أن ننسي أن عُمان شأنها دول الربيع العربي مصر وتونس واليمن وسوريا كانت – ومازالت – تعاني إقتصادياً وإن بدرجة أقل جداً من هذه الدول , كما لا ننسي أن السلطان قابوس بادر بتهدئة المعارضة الشعبية ببلاده خلال إندلاع ثورات الربيع العربي في عامي 2010 و2011 فقرر رفع الإنفاق العام لنسبة تصل إلي 70% علي مدي السنوات الثلاث التالية , ولكن وبسبب الأثر السلبي لأسعار البترول الذي بدأ عام 2014 لم يعد الإقتصاد العُماني قادراً علي تحمل ذلك , ومما زاد الطين بلة أن جيران عُمان حجبوا مساعداتهم عنها لغيظهم المُتزايد من الصداقة التي تربط عُمان بإيران والحياد الذي ألزمت عُمان به نفسها به في حرب اليمن مما يقع في الجانب الإيجابي بالنسبة لإيران , زد علي ذلك أن عُمان أصبحت أكثر قرباً من قطر بعد فرض الحصار الرباعي عليها في 5 يونيو 2017 , بالإضافة إلي أن العجز في الموازنة العامة العُمانية بلغت نسبته 15% من مُجمل الناتج المحلي ووصلت النسبة إلي 21% عام 2016 , لكن الإنفاق العام صار إلي الضعف بدون النظر للحالة الإقتصادية السيئة , ففي عام 2016 ضاعف السلطان من الجزء غير الخاضع للمحاسبة بالموازنة العامة والذي يشمل بدلاته وأجور مُوظفي الدولة الذين وُعدوا بزيادات أجرية , ووضعت الحكومة العُمانية ما أسمته رؤية عام 2020 ثم إستبدلتها برؤية عُمان 2040 وفي كلاهما أشارت إلي ضرورة عدم الإعتماد علي الإنتاج البترولي وحده في تسيير الإقتصاد من خلال إقامة قاعدة صناعية بالبلاد وقد توقع خبراء البترول – بناء علي ما تستهدفه هذه الرؤية – أن تنخفض مساهمة عوائد البترول في الموازنة العامة للدولة إلي 44% عام 2017 بعد أن كانت 66% عام 1995 , لكن ما حدث في الواقع أن النسبة زادت إلي 80% , إضافة إلي ذلك فقد خفضت مؤسسة Fitch تصنيف الإقتصاد العُماني بسبب الإنخفاض الحاد في أسعار البترول الذي مازال يُعتبر عماد الإقتصاد العُماني , كما ارتفعت ديون الحكومة العمانية على خلفية تخفيض التصنيف الائتماني لعُمان وتزايدت تكلفة التأمين ضد التخلف عن سداد الديون بنسبة تزيد على 25 % , وإتصالاً بذلك صرح عبد الرحمن الحميدي رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي لوكالة Reuters في الأسبوع الثاني من فبراير 2019 وقال ” ليست هناك محادثات مع عُمان بشأن مساعدات مالية مُحتملة ” , وهو ما لم يشأ وزير المالية العُماني التعليق عليه * (Reuters . بتاريخ 12 فبراير 2019) , ولئلا نغفل عن تبرير هذا الوضع , فعلينا التنويه بأن السلطان قابوس هو في نفس الوقت رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير المالية بل ورئيس البنك المركزي العُماني ولديه مجلس شوري لتجميل الصورة فقط أي أن الدولة يديرها رسمياً فرد واحد فلا مؤسسية ولا يحزنون , ورغم أن الخزانة العامة العُمانية غالباً ما تكون خاوية لذلك أعلنت الحكومة عام 2017 عن تأجيل مشروع إقامة المطار الجديد وربما شرعت في ذلك لاحقاً , لكل ذلك فمن المُتوقع أن يُضاف إلي هذه الصعوبات إنخفاض متوقع في التبادل التجاري الإيراني / العُماني , * ( The Economist 8 يوليو 2017) ومن ثم فإن السلطان قابوس لا يمكنه تجاهل العمل بمبدأ “كل شيئ وله ثمنه” , بمعني أنه كي يتسلح بالشجاعة اللازمة لإتخاذ قرار شديد المرارة بإستقبال مخلوق علي شاكلة Benjamin Netanyahu رئيس الوزراء الصهيوني في قصره السلطاني بمسقط في 25 أكتوبر 2018 , فكان ضرورياً بالتوازي مع ممارسة الولايات المتحدة الضغوط عليه أن تُمارس أيضاً إغراءه بمساعدات مالية و / أو تدفق بعض الإستثمارات من المؤسسات المالية الدولية فالرئيس Trump يأخذ ولا يُعطي أو يمنح , فتدفق مساعدات من صندوق النقد الدولي الذي لديه ملاحظات علي برنامج الإصلاح الإقتصادي والمالي العُماني قد يضخ – بتوصية أمريكية – بعض الدماء في عروق وأوردة الإقتصاد العُماني المُنهك لتعوضه بعض التعويض .
(باء) تحول عُمان من دور الحليف الصامت لإيران إلي أحد أخطر مُهددات أمن إيران القومي :
بزيارة Benjamin Netanyahu تكون عُمان قد أسفرت عن المساحة الكلية لتحالفها مع الغرب , كذلك فإن مشاركتها في “المؤتمر الوزاري للسلام والأمن في الشرق الأوسط ” بالعاصمة البولندية في 13 فبراير 2019 تؤكد ذلك فالمؤتمر الذي شاركت فيه 60 دولة علي مستوي وزاري (لم تحضره تركيا) بالرغم من عنوانه الذي هو “السلام والأمن في الشرق الأوسط ” إلا أنه وقبل إنعقاده تردد بقوة أنه لمواجهة إيران والخطر الإيراني , ولمبلغ أهميته حضره نائب الرئيس الأمريكي Mike Pence , ففيما سبق كانت عُمان تقتطع جزءاً من مساحة هذا التحالف لتتعامل في هذه المساحة المحدودة نسبياً مع إيران سواء في عهد شاه إيران رضا بهلوي الذي دعم سلطة قابوس في مواجهة ثوار ظفار المدعومين من السوفييت واليمن الجنوبي بإرساله 15,000 من العسكريين الإيرانيين أو مع الثورة الإيرانية الإسلامية بقيادة الإمام الخوميني والتي أطاحت بالشاه في فبراير 1979 وحافظت عُمان تحت عنوان “العلاقات المُتوازنة ” علي علاقات دافئة مع إيران الإسلامية أيضاً , وهو ما يعني أن عُمان منذ عقود كانت تري في علاقاتها مع إيران ضرورة في ضوء الخشية العُمانية التاريخية من الدور السعودي في عموم شبه جزيرة العرب بأن تنأي عن التبعية للسعودية وحلفاءها الخليجيين بتطوير علاقاتها بإيران بغض النظر عن نظامها السياسي , ولذلك وفي سبيل المحافظة علي علاقاتها بإيران فقد درجت عُمان علي إتخاذ مواقف سياسية غير إيجابية من بعض المواقف العربية حتي ولو كانت إجماعية سواء في القضية الفلسطينية أو أمن الخليج أو غيرهما واسدت خدمة بريدية لكل من إيران والولايات المتحدة عندما قامت عام 2013 بدور ناقل الرسائل بشأن أزمة البرنامج النووي الإيراني كما أشرت , وهو ما مهد لاحقاً السبيل لمحادثات مُوسعة ضمت إلي جانب الولايات المتحدة كل من الصين وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا .
أما وقد تمت زيارة Benjamin Netanyahu علناً لعُمان فهذا يعني أن عُمان مع إدراكها أن للكيان الصهيوني موقف غاية في التطرف من إيران كونها جمهورية إسلامية ومن قدراتها النووية التي قد تؤهلها لتهديد أمن الكيان الصهيوني برمته إضافة للوصول الإيراني المزدوج لشواطئ البحر الأبيض المتوسط عبر حزب الله اللبناني ومن خلال التواجد العسكري في سوريا دعماً للديكتاتور الذي أصبح بالأدوار العسكرية الروسية والأمريكية والتركية والإيرانية لا يملك من أمر دولته شيئاً , مع إدراك عُمان لكل ذلك فإنها تدرك أيضاً وكنتيجة منطقية أنها ستكون مرة أخري في مهمة خدمية تسديها لأمن إسرائيل القومي التي عليهاإعداد الأراضي العُمانية في أجزاء مُنتقاة منها خاصة مضيق هرمز لتكون جزءاً حيوياً في أي عمل عسكري يجري أو سيجري إتخاذه ضد أهداف إيرانية مُختارة بعناية بناء علي تنسيق وتضافر قوي بين العسكريتين الصهيونية والأمريكية (القيادة العسكرية المركزية الأمريكية ومقرها البحرين) , ومن الطبيعي أن تعي القيادتين السياسية والعسكرية الإيرانية كل ذلك , فعُمان بالنسبة لها الآن وبعد زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني أصبحت بلا مراء تعد أخطر المواقع من وجهة النظر العسكرية / الأمنية الإيرانية , ومن ثم فإن عليها بعد إنكشاف العلاقات العُمانية / الصهيونية وإنتقالها للطور العلني وضع خطة عسكرية – إن لم تكن قد وُضعت بالفعل منذ فترة – تستوعب تطور العلاقة العُمانية / الصهيونية التي من المُحتم أن تنتقل من أداء مهمة خدمية للولايات المتحدة والكيان الصهيوني أعني مهمة ساعي البريد إلي أداء مهمة أخري أكثر خطورة وأبهظ تكلفة وثمناً وهي تسليم أراضيها وسواحلها بموانئها علي الخليج العربي وبحر عُمان للعسكريتين الأمريكية والصهيونية , وهو ما لا يتفق مع مواقف عُمان السابقة ففي فترة الإعداد لإنشاء مجلس التعاون الخليجي وفي إجتماع عُقد بالرياض في 4 فبراير1981 ضم الأعضاء الستة طرح السعوديين مُقترح يُوجب علي أعضاء هذا المجلس بوضع مواردهم العسكرية معاً , لكن الجانب العُماني تقدم بإقتراح آخر تضمن خطة تقوم علي إسهام الدول الخليجية في نفقات التسليح التي تستخدمها السلطنة في حماية المضيق والتي قُدرت بنحو 150 مليون دولار تقدمها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا مع إمكانية تشكيل قوة بحرية مُشتركة من دول الخليج لكن المُقترح العُماني أثار إعتراضات خاصة من الكويت والعراق بسبب علاقة التعاون مع الغرب لحماية أمن , وفي 9 مارس 1981 عقد وزراء خارجية الدول الخليجية الست وبهذه المناسبة صرح وكيل الخارجية العُمانية ” بأن العمل الأمني لا يدخل ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي وإنما سيبقي في إطاره ضمن التعاون الثنائي بين الدول الأعضاء وليس من مهام المجلس تنسيق العمل الأمني أو العسكري” , وفي مؤتمر القمة الخليجي في مايو 1981فكرت الكويت في دعوة العراق للإنضمام للمجلس , إلا أن وكيل الخارجية العُمانية يوسف العلوي كان قد صرح من قبل بأن ” مجلس التعاون الخليجي قبل كل شيئ ليس منظمة إقليمية بحيث يمكن لأي دولة في المنطقة أن تنضم إليه , إنما هو مجلس يضم دولاً مُتشابهة في الأنظمة السياسية والإقتصادية والإجتماعية وتسعي لأن يكون هذا المجلس بمثابة هيئة تنسيق بينها في المجالات المُتشابهة ” , وإزاء هذا الموقف العُماني الذي يتفق مع الرغبات الإيرانية صرح الشيخ زايد بن سلطان رئيس الإمارات عقب إنتهاء المؤتمر كرد علي الموقف العُماني بأن ” أي طلب للإنضمام من أي طرف سيُنظر إليه في حينه ” * (عبد الحميد الموافي . مجلة السياسة الدولية يوليو 1981 . صفحة 130) , وبناء علي الموقف العُماني بالإنفتاح علي الكيان الصهيوني تكون عُمان قد أعدت نفسها للمرحلة الأخيرة أو قبل الأخيرة للمواجهة العسكرية الأمريكية / الصهيونية ضد إيران , وهذا مما يُفسر لماذا ركز الكيان الصهيوني إتصالاته وعرض الثمن المناسب علي سلطان عُمان مقابل تطبيع العلاقات مع الصهاينة والتي ستتضمن التطبيع الدبلوماسي يليه أو يتوازي معه التطبيع العسكري والدفاعي حيث من المُتوقع إما تواجد خبراء عسكريين صهاينة بمواضع إستراتيجية عسكرياً في عُمان علي الأقل أو توقيع الكيان الصهيوني وعُمان علي إتفاقية عسكرية أو دفاعية سمها ما شئت هدفها النهائي الإعداد لتلك المواجهة العسكرية المُحتملة ضد إيران والتي ربما تجبر إيران – إن تحققت هذه الفرضية – علي إجلاء ثقلها العسكري الإضافي الذي إستغنت عنه ليتمركز في سوريا للعودة للجبهة الإيرانية (تجنباً للخطأ الذي وقعت فيه العسكرية المصرية حينما كان ثقلها العسكري يخوض حرب اليمن مما سهل إنتصار الكيان الصهيوني علي مصر في حرب الأيام الستة أو 5 يونيو1967) , ولا شك في أن العسكرية الإيرانية ستضع لهذه الفرضية إعتباراً من الآن – إن لم تكن قد وُضعت فعلاً طبقاً لمعلومات إستخباراتية إيرانية ومن حزب الله بشأن قرب زيارة Netanyahu لمسقط – وكنتيجة لذلك فسيصبح الخليج العربي الذي مساحته الكلية233,100 كم مربع وأقصي طول له 989 كم وأقصي عرض 370 كم و طول ساحله العربي أو الشرقي 3,490 كم , وهو الجبهة العسكرية المُحتملة والجاهزة ضد إيران والمكونة من 5 دول خليجية تحالفها النهائي والأول مع الولايات المتحدة (من المُستبعد – لاسباب معروفة – مشاركة العراق في هذا التحالف الجاري تكوينه تحت مُسمي التحالف الإستراتيجي للشرق الأوسط أو MESA أو حتي في الإجتماع الذي يُعد لعقده في بولندا برعاية أمريكية لجمع كلمة هؤلاء للعمل تحت جناحي الولايات المُتحدة والكيان الصهيوني ضد إيران تحت دعاوي طال وقت زيفها) , وبإنضمام عُمان للمعسكر الأمريكي/ الصهيوني بعد زيارة Netanyahu لمسقط ومصافحته لسلطانها تكون الجبهة العسكرية المواجهة لإيران علي الساحل الشرقي أو قل العربي من الخليج العربي قد أصبحت شبه مُكتملة وأنسب ما تكون من أي وقت مضي لشن ضربات عسكرية إنتقائية أو شاملة ضد إيران سواء علي مدنها الساحلية المُستهدفةعلي الخليج العربي أو الواقعة فيما وراء ساحلها علي الخليج العربي الذي يبلغ طوله 2,440 كم , ومن المُرجح أن تكون الضربة العسكرية الأمريكية / الصهيونية فيما وراء هذا الساحل مُصوبة تحديداً نحو منطقة منشآت إيران النووية , ولقد كان من المنطقي وينسجم مع الطبيعة أن يكون الخليج العربي رابطة مؤسسية علي غرار بحر قزوين أو البحيرات العظمي في أفريقيا أو غيرهما , لكن هذا ما لم تستطع الدول الثماني وهي العراق والكويت والسعودية وقطر والإمارات وعُمان وإيران المُطله علي الخليج العربي أو الفارسي الإتفاق عليه أبداً , بل إستطاعت فقط أن تحول هذا الخليج إلي ساحة تفريغ عقد نفسية ناشئة عن مزيج سام من الأخطاء التاريخية والمنافسات السياسية غير الشريفة ومزاعم التفوق العرقي بالإضافة لجذور الخلاف السني / الشيعي ذو المُنطلقات السياسية مع أن كل هذه الدول لو وُضع من يحكمونها علي مقياس الإسلام لتم إعدامهم أو تحويلهم لمستشفيات المجانين في بلادهم بدلاً من مواطنيهم الإبرياء .
(جـــيـم) – أصبحت عُمان حلقة تتكامل مع مجمل الإستراتيجية العسكرية الأمريكية / الصهيونية:
إتصالاً بالبند (بــاء) ففي مقابلة مع صحيفة ” Hamshahri” الإيرانية نشرتها وكالة الأنباء الإيرانية Fars News تناول فيها الدور الإيراني بالمنطقة والكيان الصهيوني قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ” أن حكومة عُمان أخطرتنا مُسبقاً بزيارة Netanyahu لأننا كنا ضد هذه الزيارة , وأكدنا لهم (للعُمانيين) وجهة نظرنا بأنها زيارة ضد مصالحنا , وأن الولايات المتحدة غالباً ما تُقدم مصالح الكيان الصهيوني علي مصالحها هي ” * (Jerusalem Post . 2 يناير 2019) , أما المُتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي فقال ” إن جولة Netanyahuخطة لدق إسفين بين الدول الإسلامية , وقال ” منذ بداية رئاسة Trump يبدو أن اللوبي الصهيوني قد تم تفعيله في البيت الأبيض والحكومة الأمريكية أكثر مما كان في الماضي وبما يتماشى مع المصالح غير الشرعية للنظام الصهيوني وبما يُمكن من ممارسة المزيد من الضغط على الدول الإسلامية لتطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني” , وعلي ضوء ذلك أعيد تأكيد تقديري بأن زيارة Benjamin Netanyahu لعُمان لم تكن لمجرد كسر حائط التردد العربي في الإعلان عن تطبيع العلاقات بين أي من الدول العربية والكيان الصهيوني خاصة وأن هؤلاء الحكام جالسون علي مقاعدهم وهم مُطمئنون فلا ديموقراطية ولا برلمانات حقيقية ولا أجهزة مُحاسبة ومُراجعة , وبالتالي فلا وازع لديهم يجعلهم يخشون من التطبيع الكامل أو شبه الكامل وبصفة علنية مع كيان إن وضعناه علي سلم مخلوقات الله تعالي فسيكون هذا الكيان مُنتمي للحشرات الضارة الدنيا , لكن علي الأحوال فهذه الزيارة غير المُفاجئة بالمرة لعُمان التي تأتي في إطار تنفيذ الكيان الصهيوني لإستراتيجية إستكمال الإعتراف الدولي به خاصة مع دولة المفروض أنها عضو بجامعة الدول العربية , تستهدف ما هو أكثر من ذلك وأخطر , فهذه الزيارة تستهدف ضم عُمان لمصفوفة دول تتكون منها جبهة مواجهة و/ أو قتال ضد إيران فالولايات المتحدة بعد أن ألغت الإتفاق النووي مع إيران تعد ومعها الكيان الصهيوني مجمل مسرح عمليات الشرق الأوسط الكبير Greater Middle East من أجل حذف إيران أو لنقل حذف النظام الإسلامي بإيران – بغض النظر عن الجدل المفاهيمي – من معادلة الشرق الأوسط الكبير الذي يجري تنميط نظمه السياسية لتكون كتلة صماء طائعة بقيادات تصفها الآية الكريمة بالقرآن الكريم بما نصه “ إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ” (سورة المُنافقون) , ولذلك أؤكد أن الجبهة مساحتها بوضع عُمان تحت جناحي الصهاينة والولايات المُتحدة أصبحت أمام إيران أعرض مما نتصور وستكون المعركة القادمة ضد إيران والحالة هذه بحجم المعركة وبوزن الخصوم , ولذلك ففي تقديري أن هناك ثمة رابطة ما بين تطبيع الكيان الصهيوني لعلاقاته مع عُمان من واقع زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني Benjamin Netanyahu لها وقراري الولايات المتحدة سحب قواتها من أفغانستان بناء علي نتيجة التفاوض الحالي مع طالبان وكذلك من سوريا ( رغم أن القرار بشأن سوريا يبدو مُتأرجحاً وقد يكون كذلك عمداً وفقاً لسيناريو مُعد ليكون كذلك أي عرضة لتجاذبات بين المؤسسات الأمريكية ذات الصلة) , وإتصالاً بذلك وربما ما يدعم هذا التقدير أن الرئيس الأمريكي Trump في كلمة له بمناسبة عيد الميلاد الماضي أكد أنه لا خطط لدي الولايات المتحدة لسحب قواتها من العراق فالعراق الذي ولت الولايات المتحدة حكامه من شيعة العراق بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين يجب إبقاء القوات الأمريكية فيه – وفقاً لهذه الفرضية – حتي تأمن الولايات المتحدة مغبة تداعي العراقيين لنصرة إيران في حالة تحقق فرضية ضرب إيران ضربة نوعية إستباقية ضد برنامجها النووي علي وجه التعيين , ومن هذه الزاوية أيضاً يمكن رؤية زيارة Benjamin Netanyahu لعُمان التي بلغت أهميتها وفقاً لما تقدم بيانه حدها الأٌقصي , وستابع الكيان الصهيوني التطورات لإتخاذ خطوات أخري في سبيل تجهيز وإعداد الجبهة الشرقية من الخليج العربي لضرب إيران , ولو نجحت هذه الضربة ضد إيران ربما تتقرر ضربة مماثلة للبرنامج النووي الباكستاني , فرئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق آريل شارون قال يوماً أن أمن إسرائيل يصل حتي باكستان شرقاً , وفي تقديري كذلك أن أهمية عُمان عسكرياً في حال الإعداد لتنفيذ فرضية ضرب المنشآت النووية الإيرانية تفوق أهمية ما يُسمي بالتحالف الإستراتيجي للشرق الأوسط أو MESA فعُمان رابضة علي بوابة الخليج العربي بمضيق هرمز ومنه في حالة إغلاقة يمكن خنق إيران وحبس بترولها عن التدفق إلي أسواقه المختلفة , ومما يُشير إلي إتجاه الكيان الصهيوني للإنطلاق من عُمان كنقطة وثوب لمجمل منطقة جنوب آسيا التي تشكل الهند وباكستان الجزء الأعظم تلك المقالة التحليلية التي كتبها Sabtain Ahmed Darبموقع Global Village Space بتاريخ 6 نوفمبر 2018 أي بعد زيارة Netanyahu لعُمان التي تمت في 25 أكتوبر 2018 , فمن ضمن ما أشار إليه تحت عنوان ” وصل النقاط ببعضها قال : ” إن أحد الأسرارالتي تتعلق “بالسياسة الصهيونية” هو أنها تُقسم مهمتها إلى فترة زمنية طويلة من خلال التطورات أو الطبقات الجيوسياسية الخادعة , ولكن لعبة النهاية ستبقى هي نفسها دائما , وبالتالي من الضروري ربط النقاط برؤية الصورة الأكبر من أجل فهم السياسة الجغرافية الإسرائيلية لأن تحليل كل جزء من الاستراتيجية الإسرائيلية بمعزل عن الآخر سيؤدي في النهاية إلى المزيد من الارتباك , والسياسة الصهيونية يتم وضعها في ضوء الإدراك الصهيوني بأن الموقع الجغرافي السياسي للكيان الصهيوني يُعتبر كابوساً أمنياً لمخططي الدفاع الصهاينة بسبب إحاطة الدول العربية به من كل جانب , لذا تحدد الولايات المتحدة سياستها في الشرق الأوسط بمعونة اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة والذي لا يُسيطر على السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط فحسب بل ويستخدم أيضا الجيش الأمريكي كذراع عسكري ” , وتحت عنوان آخر هو ” لماذا كشف الكيان الصهيوني علاقته مع عمان ” قال الكاتب ” أولاً يمكن أن تكون عمان بمثابة قناة للعديد من البلدان بما في ذلك باكستان وإيران وقطر وحتى سوريا , فالكثير من الدول تثق في عمان ، لكن السؤال هو : هل سيرون عُمان كوسيط نزيه ؟ فمن خلال عُمان ، يستطيع الكيان الصهيوني بناء علاقات سرية مع أي لاعب في المنطقة , فمثلا استخدمت الهند المساعي الحميدة مع عُمان لتطوير العلاقات مع إيران , وإذا حصل الكيان الصهيوني على موطئ قدم قوي في عُمان من خلال سفارة يُقيمها يمكنه المحاولة مع باكستان وإيران , …… إن الكيان الصهيوني بعلاقته بعُمان يحاول منع انتشار إيران عبر المنطقة ، فضلاً عن تقويض سلطة طهران الإقليمية , ويوفر الموقع الجغرافي لعُمان والنظام الملكي بها جميع الأدوات التي يحتاجها الكيان الصهيوني لتحقيق هذه الاستراتيجية ” , وأخيراً وتحت عنوان : “ باكستان في خضم الحرب الهجينة ” قال الكاتب ” إن باكستان في وسط هذه الحرب تُخاض ضدها ومن قرائن ذلك : (1) أن الحملات الدعائية الدولية تجرى في الآونة الأخيرة ضد باكستان فصحيفة Haaretzالصهيونية تنشر الأكاذيب ضد باكستان لإحداث فجوة بين القيادة المدنية والعسكرية , (2) يتم استهداف البنوك ومراكز البيانات الباكستانية من خلال Cyberwarfare , (3) إنهماك الهند في انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2003 وقتل الباكستانيين الأبرياء , (4) تضغط الولايات المتحدةعلى القيادة الباكستانية من خلال إلقاء اللوم علىها لخسارتها أي الولايات المتحدة الحرب في أفغانستان , (5) في خضم الاضطرابات المدنية وبعد أن ألغت المحكمة العليا الباكستانية حكم الإعدام الصادرعن Aasia Bibi طلبت اللجنة الدولية للحرية الدينية من حكومة باكستان إطلاق سراح 40 شخصًا آخرين بالسجن بتهمة التجديف وكذلك إلغاء قوانين التجديف , ولا يُعد ذلك مجرد تدخل في الشؤون الداخلية لباكستان بل إنه يضيف الوقود إلى النار ” , وبالتالي يجب على باكستان أن تضع نفسها بجرأة في قلب لعبة الشطرنج هذه وتهميش كل خطوة مؤيدة للصهاينة في الولايات المتحدة التي فوضت الكيان الصهيوني لتقسيم العالم الإسلامي .
(دال) تآكل الحصار الثنائي السعودي / الإماراتي علي عُمان والرباعي المضروب علي قطر :
جاءت زيارة رئيس الوزراء الصهيوني Benjamin Netanyahu في ظل نوعين من الحصار ضُربا علي قطر وعُمان , أما الأول فهو الحصار الرباعي الذي أعلنته السعودية والإمارات والبحرين ومصر في 5 يونيو 2017 بسبب عدم إتفاقهم مع السياسة القطرية فيما يتعلق بالإرهاب وشبكة الجزيرة الإعلامية وموقفها وتغطياتها السياسية لمجريات الأمور بالمنطقة , وهو حصار لم تكن عُمان بطبيعة الحال مُلتزمة به بل إنها حاولت مواجهته بتعويض قطر بفك الحصار إلي حد ما عنها خاصة فيما يتعلق بإتاحة المنافذ الجوية والمينائية العُمانية لقطر أو تنشيط التبادل التجاري , وهو ما أعان قطر خاصة علي الأمد القصير علي أن تواجه الحصار الرباعي بأقل الخسائر والمصاعب , وكما سبقت الإشارة فإن العلاقات العُمانية مع كل من المملكة السعودية والإمارات المتحدة بها بعض جذور العداء وإفتقاد الثقة المُتبادل , وكلما كان هناك ميل من دول الخليج العربي لعمل جماعي تتخذ السياسة العُمانية في بعض الحالات جانب التحفظ أو المعارضة الصريحة أو خلط الأوراق وبدا ذلك واضحاً في المباحثات الأولية لإقامة مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس في 25 مايو1981 خاصة فيما يتعلق بمجالي الأمن والشئون العسكرية حيث فضلت عُمان أن يكون تعاون دول مجلس التعاون في هذين المجالين علي الصعيد الثنائي لا الجماعي , وهو أمر يتسق مع الموقف العُماني الذي إلتزم الحياد في الصراع السعودي / الإماراتي مع إيران خاصة بعد نجاح الثورة الإسلامية في فبراير 1979 , مع أن عُمان التي رفضت التعاون الأمني / العسكري في إطار مجلس التعاون الخليجي هي نفسها التي وقعت إتفاقية في بداية عام 1975في عهد الرئيس الأمريكي Gerald Fordوُضعت بمقتضاها جزيرة مصيرة العُمانية جنوب شرقي عُمان ببحر العرب تحت النفوذ الأمريكي (مساحتها 649كم مربع وكانت قاعدة بريطانية في ستينات وسبعينات القرن الماضي بها مطار ومرفأ وقيل أنها كانت آنئذ قاعدة ذرية بريطانية ) , وبالتالي فهناك قاسم مُشترك بين عُمان وقطر وهو عدم تبادل الثقة مع السعودية والإمارات خاصة فيما تعلق بمنسوب العلاقات العُمانية والقطرية مع إيران وهو منسوب يعتبر بالمقاييس السعودية / الإماراتية مُتميز وبالتالي كانت هذه العلاقات سبباً مباشراً في بطئ نمو العلاقات بين الدول الأربع , كما أن عُمان أضافت بعداً آخر للعداء السعودي / الإماراتي لها عندما لم تستجب للتعامل مع قطر علي قاعدة إرضاء دول الحصار الرباعي وتقليص مساحة العلاقات الثنائية , بل بالعكس فقد أفاد المركز الوطني للإحصاء والإعلام أن صادرات عُمان غير البترولية لقطر شهدت زيادة بلغت نسبتها 118,3% أو ما يوازي 283,6 مليون ريال عُماني وذلك بنهاية سبتمبر 2018 , وكانت هذه الصادرات بنهاية سبتمبر 2017 مبلغها 129,9 مليون ريال عُماني أما واردات عُمان من قطر فنمت بنسبة 440% حيث بلغت قيمتها 264,8 مليون ريال عُماني عن نفس الفترة المُشار إليها , (Times of Oman .2 فبراير 2019) .
أما الحصار الآخر فهو الحصار السعودي / الإماراتي غير المُعلن وغير المباشر علي عُمان , وهنا تأتي زيارة Benjamin Netanyahu لعُمان لتنهي القدر الضئيل من الفاعلية لهذا الحصار الثنائي علي عُمان , حيث من المتوقع أن تشهد العلاقات التجارية العُمانية مع الكيان الصهيوني نمواً يصاحبها نمو التدفقات الإستثمارية التي للكيان الصهيوني إرتباطات قوية مع شركاتها مُتعددة الجنسيات تدعم الإقتصاد العماني خاصة في المنطقة الإقتصادية بميناء دقم العُماني , وإسرائيل من جانبها لم تُضيع الوقت فقبل قيام Netanyahu بزيارته لعُمان التي أُعلنت بعد وصوله للكيان الصهيوني في 26 أكتوبر 2018 وزياراته الأخري السرية لعواصم عربية أخري قالت القناة العبرية الصهيونية أنها لأربع دول عربية ليس بينها وبين الكيان الصهيوني علاقات رسمية , قبل ذلك كانت هناك تجارة بين الكيان ودول خليجية عربية بلغت عام 2016 نحو مليار دولار وفقاً لتقرير صادر عن ” معهد Tony Blair للتغيير العالمي ” نُشر في 14 أغسطس 2018 , ويُقدر واضعي هذا التقرير أن هذا الرقم بسيط جداً إذا قيس بأنه يخص دول عالية الثراء لكن ما يحول دون وصول هذا الرقم لمستواه المُتوقع عدم وجود علاقات بين الكيان الصهيوني ودول مجلس التعاون الخليجي , لذا يقوم الكيان الصهيوني بتصدير السلع وشحنها لطرف ثالث ومنه تصل الصادرات الصهيونية لدول مجلس التعاون الخليجي , ويٌدر واضعي التقرير أن يصل رقم صادرات الكيان في حالة تطبيع العلاقات مع الخليجيين إلي رقم يترواح ما بين 15 إلي 25 مليار دولار *(موقع .i24news.tv .بتاريخ 16 أغسطس 2018) , وبالفعل بدأت نذر أخري تشير إلي نمو تدريجي للعلاقات الإقتصادية فقد أعلن رئيس الوزراء الصهيوني أن عُمان ستفتح مجالها الجوي لشركة العال الصهيونية , وبالطبع سيكون لهذا الإنفتاح علي الصهاينة جواً صلاحية كاملة عندما تفتح السعودية هي الأخري مجالها الجوي للصهاينة وهو أمر أصبح في متناول هؤلاء الصهاينة فبعد صهينة رؤوس القادة العرب من السهل جداً صهينة برهم وبحرهم وسماءهم , هي في النهاية مسألة وقت فالسعودية بدأت في هذا السبيل عندما رفعت في ربيع 2018حظراً ظل لعقود يمنع إستخدام مجالها الجوي للرحلات الجوية المُتوجهة للكيان الصهيوني عندما أذنت لشركة خطوط Air India بعبور رحلاتها المجال الجوي السعودي بإتجاه الكيان الصهيوني لتوفر ساعتين من الطيران كانت تقطعهما هذه الشركة قبل ذلك , لكن هذا الإذن لم يُعط أو يُرفع الحظر بعد لتستفيد منه شركة العال الصهيونية فهي مازالت مُجبرة علي الطيران في مسار دائري يتجاوز المجال الجوي لشبه الجزيرة العربية .
بصفة عامة فسيؤدي تطبيع العلاقات الخليجية مع الكيان الصهيوني إلي مزيد من التآكل في أي من هذين النوعين من الحصار علي عُمان وقطر , فالكيان الصهيوني سيتعامل مع نظراءه الذين يحكمون هذه الدول بإعتبارهم أصدقاءه وأعداء بعضهم البعض وهي قاعدة مثالية للتعامل الصهيوني مع دول يحكمها عميان لا يرون إلا أنفسهم وليس شعوبهم ناهيك عن لعدم رؤيتهم أو قل تبصرهم لحقيقة الكيان الصهيوني في ماضيه وحاضره ومستقبله طالما بقي هؤلاء العميان المصابين بالسل السياسي علي مقاعدهم , وتجب الإشارة إلي أنه طالما تحدثنا عن تحركات الكيان الصهيوني المُتعلقة بتطبيع العلاقات مع دول الخليج العربي إذن علينا أن نذكر أنه مازالت هناك من الوجهة الواقعية ثمة فروق بين حالتي عُمان وقطر بالرغم من أن علاقاتهما قويت وتوطدت أكثر بسبب تعزير الحصار الرباعي الذي فُرض فرضاً علي قطر , ونذكر كذلكأن قطر لديها خيوط علاقات مع الكيان الصهيوني فقد سبق أن رحبت قطر بمشاركة رياضيين صهاينة في بطولة العالم للجمباز التي نظمتها قطر في أكتوبر 2018 وبالطبع لم يحظ هذا الحدث المُفعم بالمعاني بتغطية مناسبة من قناة “الجزيرة ” , وفي هذا ذكرت القناة الثانية بالتلفزيون الصهيوني أن جمعية الجمباز الصهيونية تلقت رسالة من الدوحة ورد فيها : ” نحن نحب الرياضة ، ونكرم الرياضيين الذين يمثلون بلادهم كسفراء للسلام والوئام” ، وأضافت : ” نتعهد ونعد بأن يكون الموقف تجاه الكيان الصهيوني مثل أي بلد آخر خلال المسابقات” , بل إن قطر ذهبت لمسافة أبعد في غرامها العذري بالرياضة عندما تخدم السياسة , فقد أشارت تقارير إعلامية صهيونية إلي إن تل أبيب تلقت إشارات قطرية إيجابية مفادها استعداد الدوحة لإستقبال عشاق كرة القدم الصهاينة خلال نهائيات كأس العالم في عام 2022 , فقد أعلن حسن الذوادي مسؤول البنى التحتية وبناء ملاعب كأس العالم في قطر إن الصهاينة مُرحب بهم في الدوحة لمشاهدة الفرق التي ستشارك في المونديال * ( موقع البيان بتاريخ 23سبتمبر 2018) , ولم تأبه قطر في هذا بمكاتب المقاطعة العربية التي تعمل وفقاً لقرارات صادرة عن جامعة الدول العربية وتحظر مشاركة الفرق الرياضة المُمثلة للكيان الصهيونية في أي مسابقات تُنظم بدول عربية , ومن ثم فزيارة Netanyahu لعُمان ليست بالفريدة , فالصهاينة قد مهدوا طريقهم لدول الخليج العربي ولم يتبق إلا أن تسير سياراتهم علي أسفلت هذه الطرق المُمهدة جيداً , ومالم يكن ما يحدث من زيارات مُعلنة وأخري غير مُعلنة من قبيل التطبيع ؟ فماهو التطبيع إذن ؟ , إن قطر وعُمان كغيرهما من النظم العربية فعلتا ما فعلتاه وأولتا ظهريهما لكل الثوابت العربية , ومع ذلك فما زال وزير الخارجية القطري يحاول تبرير عدم تبادل بلاده التمثيل الدبلوماسي مع الكيان الصهيوني بقوله ” أن الصراع الفلسطيني / الصهيوني ما زال يمنع المضي في هذا السبيل وأن القضية الأساسية في العلاقة بين قطر والكيان الصهيوني هي القضية الفلسطينية , وطالما لم تُحل هذه القضية فستكون هناك دائماً مشكلة بيننا وأن هذا الأمر ينطبق علي كل البلاد العربية ” .* (THE JERUSALEM POST . بتاريخ 17 فبراير 2019) , مع إنه يعلم أن هناك قدراً من التطبيع بين بلاده والكيان الإسرائيلي لكنه قدر مختلف في طبيعته عن القدر الذي بين عُمان والكيان الإسرائيلي , ذلك أن هناك قنوات إتصال مفتوحة تمر منها أمور مختلفة منها التنسيق القطري مع الكيان الصهيوني لتحويل العون المالي القطري لغزة الذي يُمول به كل فترة عمليات إعادة إعمار البنية التحتية والرعاية الصحية للسكان الفلسطينيين بغزة إضافة إلي دفع الرواتب الشهرية وهي أمور حتي مع ما ذكرته فلابد أن أعترف بأنها جهود مشكورة .
4- زيارة Benjamin Netanyahu لعُمان مُقدمة منطقية لموجة تطبيع صهيونية مع دول عربية وأفريقية :
القرار الذي إتخذته عُمان بتوجيه سلطانها قابوس الدعوة لرئيس وزراء الكيان الصهيوني لزيارة عُمان زيارة رسمية مع إضطراد حالة التفكك السرطانية التي طالت كل الدول العربية وهو تفكك داخلي في الأساس فالنظم القائمة في حالة خوف وذعر من أن تكرار إندلاع ثورات شعبية ربما أعنف من ثورات الربيع العربي خاصة وأن قادة هذه النظم يعلمون لكنهم لا يمكن لهم أن يعترفوا بأن إمكانياتهم لإدارة الإقتصاد محدودة للغاية لسببين هما عدم أهلية هؤلاء للحكم ولا للإدارة لأنهم من إختيار الصدف ولإنهم يعملون في بيئة فاسدة بالمعايير الدينية والإدارية والقانونية , ومن ثم فيومهم كأمسهم كغدهم مُعتم لا آمال ولا توقعات مُحققة فيه , والكيان الصهيوني وهو يتحرك لتحقيق إستراتيجية الإعتراف العربي به كدولة يدرك ذلك وأكثر , ووفقاً لمصادر صحفية صهيونية فقد عمل جهاز الموساد الصهيوني علي تحقيق زيارة رئيس الوزراء Netanyahu لعُمان طيلة 18 شهراً أي من أكثر من عام ونصف العام وهي مدة مُبالغ فيها لكن دعنا نفترض ذلك , وهو ما يعني أن السلطان قابوس وهو “كل شيئ” في عُمان كان مُتردداً وكان مُدركاً خطورة ما هو مُقدم عليه , فما الذي دعاه لقبول مبدأ زيارة هذا المخلوق الصهيوني ؟ , الإجابة بوضوح : ضعف موقف عُمان الإقتصادي المُزمن بسبب هذا السلطان وبطانته كالعادة وبسبب علمه أن الصهاينة متواجدين بالفعل يتحدثون ويعرضون خرائط ومسودات مشروعات علي فرق الحكم بمكاتبهم بأبو ظبي والرياض والمنامة والدوحة والرباط , وهؤلاء جاهزون في أي وقت يُتفق عليه علي إعلان التطبيع الدبلوماسي مع الصهاينة وبدون ضغوط كالتي مُورست مع سلطان عُمان الذي لم يكن مُتردداً في تقديري بسبب أن قلبه مع القضية الفلسطينية بل بسبب خشيته من رد فعل إيران التي بحسب وزير الخارجية الإيرانية تلقت إخطاراً مُسبقاً من عُمان بأنها مُقبلة علي حيازة شرف إستقبال مخلوق صهيوني يُدعي Benjamin Netanyahu , لكن مما لا شك فيه أن زيارة هذا الأخير لمسقط وضعت الرتوش الأخيرة علي الصورة الكئيبة لتطبيع الصهاينة لعلاقاتهم مع حكام العرب وهي الرتوش التي تؤكد أنهم بلغوا من الضعف والهوان مبلغاً مذهلاً , ثم تعالي أيها القارئ الكريم لتري السيرك الذي أقامه الحكام الصهاينة العرب وهم يدعون مخلوقة تدعي Miri Regev تعمل وزيرة للثقافة وللرياضة بالكيان الصهيوني وهي تدخل لتزورالمسجد الكبير أو مسجد الشيخ زايد بأبو ظبي في 29 أكتوبر الماضي فيما اليهود بأرضنا المُحتلة في فلسطين يحاول أهلنا هناك وحدهم منع الصهاينة من تدنيس اليهود للمسجد الأقصي بعد أن حولوا بعض مساجد عكا وحيفا ويافا إلي مخازن وأسطبلات وحانات نجسة , فكيف يتأتي للصهاينة العرب إتاحة فرصة زيارة لهذه المخلوقة والحال هكذا ؟ هل هي حالة إغماء ديني وسياسي أم لامبالاة أو ما يُطلق عليه Apathy ؟ , ومع كل هذا فهناك ثمة إشارات دالة علي تخبط السياسة والإعلام العُماني في تناول العلاقات مع الصهاينة من بينها أن الصحف العُمانية تجاهلت تغطية لقاء رئيس الوزراء الصهيوني Benjamin Netanyahu بوزير الخارجية العُماني في 13 فبراير 2019علي هامش مؤتمر السلام والأمن في الشرق الأوسط الذي عُقد بالعاصمة البولندية Warsaw , مع أن نفس هذه الصحف غطت وبكثافة زيارة Netanyahu لعُمان ولقاءه بالسطان قابوس بقصره بمسقط في 26 أكتوبر 2018 * ( THE TIMES OF ISRAEL . بتاريخ 15 فبراير 2019) , وهي الزيارة التي أصرت وضغطت الولايات المتحدة علي السلطان لإتمامها لتعجيل زيارة رئيس الوزراء الصهيوني لمسقط قبل إنعقاد مؤتمر السلام والأمن في الشرق الأوسط بحيث يتم إقصاء عُمان تماماً عن إيران التي يُعتبر هذا المؤتمر بمثابة حشد وتعبئة سياسية إن لم يكن بناء تحالف دولي ضدها , وبالفعل فقد أثمرت الضغوط الأمريكية فوجه السلطان قابوس الدعوة الرسمية لرئيس وزراء الصهاينة وتحققت الزيارة لتكون قبل إنعقاد ما يُسمي المؤتمر الوزاري للسلام والأمن في الشرق الاوسط في Warsaw الذي هدفه الرئيسي تكوين تحالف أو قل جبهة ضد إيران وهو المؤتمر الذي عُقد برعاية أمريكية / بولندية في 14 فبراير 2019 بحضور ممثلين عن 60 دولة كي يساعد رئيس الوزراء الصهيوني من بين أمور أهم مبادلة او تلقي التحيات والإبتسامات من 10 وزراء خارجية عرب من السعودية والإمارات والكويت وقطر واليمن وتونس ومصر والأردن والمغرب والبحرين حضروا المؤتمر .
بالتوازي مع حدث في مسقط نشطت الدبلوماسية والموساد الصهيوني في القنوات التحتية مع دول الخليج الأخري , ففي المنامة نفت وزارة الخارجية البحرينية مساء 20 يونيو 2018 أن يكون أي مسئول بحريني قد أدلي بأي تصريح كالذي نشره الإعلام الصهيوني زاعماً وبصفة حصرية لقناة 24 Newsالصهيونية “أن البحرين ستكون أول بلد في الخليج العربي تؤسس علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني وأن البحرين لا تري هذا الكيان عدواً وأن مصلحة البحرين أمر مهم جداً للبحرين في ضوء التغيرات الجارية بالمنطقة وأنه يعتقد أن البحرين ستكون أول بلد خليجي في تأسيس علاقة دبلوماسية مع الكيان الصهيوني وأن ذلك سوف لا يتضارب مع مبادي البحرين” , لكن الخارجية البحرينية أكدت من جانبها أنها تؤكد علي أن البحرين مُلتزمة تمام الإلتزام بالموقف العربي المُوحد وبالمبادرة العربية للسلام التي أرست قواعد السلام الشامل و العادل بالمنطقة ” , بينما أشار Tzachi Hanegbi وزير التعاون الإقليمي الصهيوني لصحيفة Jerusalem Post حين سأُل عن ذلك أنه لا علم له بأي تحرك ملموس في هذا الإتجاه * ( موقع GULF 21 يونيو 2018) , ورغم ذلك أن عادت وسائل الإعلام الصهيونية مرة أخري لتردد أن هناك إتصالات قائمة بين الصهاينة والبحرين لإستكمال طريق التطبيع العربي مع الصهاينة , وفي هذا السبيل أشار الإعلام الصهيوني إلي أنه بعد الزيارة التي قام بها الرئيس التشادي للكيان الصهيوني في 30 ديسمبر 2018 أشارت تقارير إعلامية إلي أن الحكومة الصهيونية تواصل جهودها لإقامة علاقات دبلوماسية مع البحرين والسودان , وبالفعل ثبت أن البحرين ماضية في طريق التطبيع مع الصهاينة وأن إنكارها لا علاقة له بالواقع إذ أن وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة أدلي بتصريح لصحيفة Times of Israel الصهيونية في 14 فبراير علي هامش مشاركة البحرين في المؤتمر الوزاري للسلام والأمن في الشرق الأوسط الذي عُقد بالعاصمة البولندية WARSAW قال فيه أن بلاده ستُقيم علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني في النهاية , وأنه مما يؤكد ذلك أن رئيس الوزراء الصهيوني ألمح أمام مؤتمر صحفي بمناسبة زيارة الرئيس التشادي Idriss Deby إلي أن مزيداً من التطورات ستحدث بشأن تأسيس علاقات مع بلاد عربية مُشيراً إلي زيارته لعُمان وهو يعلن أن زيارات مُماثلة ستكون لبلاد عربية في القريب , كما أشارت المصادر الصحفية الصهيونية إلي ان هناك محادثات ثنائية جارية لهذا الغرض مع البحرين وهي الوحيدة من بين دول الخليج التي بها كنيس يهودي , وإلي أن الكيان الصهيوني يحاول إقامة علاقات مع السودان كي تسمح السلطات السودانية للطيران الصهيوني بالتحليق والعبور من المجال الجوي السوداني لخفض طول الطريق الجوي للرحلات الجوية من الكيان الصهيوني للبرازيل وهو ما يحتاج تعاوناً من السلطات السودانية والتشادية معاً , *( Jerusalem Post . 26 نوفمبر 2018) ثم عادت وتكررت أنباء مُشابهة لما سبق تتردد من جديد مفادها وفقاً محطة تليفزيون صهيونية في 10 فبراير 2019 أن البحرين سبق وأخطرت إسرائيل منذ ما يزيد عن عامين بأنها مُهتمة بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني , وأنه وبالإحالة علي تقرير بثته قناة Channel 13 news قالت أن وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة عقد لقاءاً سرياً عام 2017مع وزيرة خارجية الكيان الصهيوني السابقة Tzipi Livni علي هامش مؤتمر الأمن بمدينة Munich الألمانية , وخلال اللقاء أخبر وزير خارجية البحرين الوزيرة Tzipi Livni بأن ملك البحرين حمد بن عيسي آل خليفة قد قرر التحرك بإتجاه تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وطلب منه إبلاغ هذه الرسالة لرئيس الوزراء Benjamin Netanyahu وهو ما فعلته , وهو ما لم تُعلق عليه Tzipi Livni لدي سؤالها , وأشار التقرير إلي أن وزير الإقتصاد الصهيوني Eli Cohen قد صرح بتلقيه دعوة لحضور مؤتمر عن التكنولوجيا في البحرين في وقت لاحق من العام الجاري , ويُذكر أن Yossi Sarid وزير البيئة الصهيوني زار أيضاً منذ عقدين من الزمن البحرين وقابل هناك وزير خارجية البحرين محمد بن مبارك آل خليفة وشارك هناك في مباحثات إقليمية عن قضايا بيئية *(موقع Trend news Agency بتاريخ 11 فبراير 2019) , وفي التقدير أن ما تروجه المصادر الإعلامية الصهيونية نقلاً عن مسئوليين صهاينة كبار ليس من فراغ فكما يُقال ” ليس هناك دخان بغير نار” , فليست البحرين ببعيدة عن عملية الإتصال المُنتظمة التي يتولاها الموساد مع كل دول الخليج التي تولاها الذعر إثناء وبعد ثورات الربيع العربي وأخذت تبحث عن حائط تستند عليه فلم تجد أنسب من الحائط الصهيوني لقربه ولأشواقه التاريخية لإبتلاع العالم العربي أو علي الأقل وضع حكامه في أصغر جيب صهيوني وهذا كاف مع غياب الديموقراطية في بلاد العرب بالرغم من أن الحائط الصهيوني نجس لكن هؤلاء لا يعبأون بذلك , أما السعودية فعلاقاتها غير المُعلنة مع الكيان الصهيوني مُتعددة ومُختلفة الأوجه ففي برقية منشورة بموقع WikiLeaks أشار موقع Middle East Monitor بتاريخ 8 أغسطس 2017 إلي مضمونها وكانت عن أن مستوي ما من التقارب بين الرياض وتل أبيب بدأ عندما بادرت السعودية بفتح نقاش مع الكيان الصهيوني حول تطبيع العلاقات وكذا تناول الجانبان المبادرة العربية للسلام التي طُرحتها السعودية ووُفق عليها في القمة العربية ببيروت عام 2002 , بالإضافة لذلك أشار موقع WikiLeaks إلي برقية مُؤرخة في 27 أبريل 2005 مُرسلة من وكيل الخارجية الأمريكية للشئون الإقتصادية والثقافية إلي وزير الخارجية السعودي بشأن إيصال receipt لبرقية من رئيس ديوان رئيس مجلس الوزراء السعودي لإستيضاح التعاملات السعودية مع شركات بالكيان الصهيوني , وفي هذه البرقية أشار وكيل الخارجية السعودية إلي قرار لمجلس الوزراء السعودي برقم 5 بتاريخ 13 يونيو 1995 والذي يتعلق بتعليق مقاطعة إسرائيل علي المستوي الثاني والثالث من مستويات المُقاطعة والتحفظ بالنسبة للمستوي الأول منها وبحسب نص هذا القرار فإن المملكة تقاطع وبصفة نهائية الشركات الصهيونية ولكنها لا تُقاطع تلك التي للكيان الصهيوني أو لأشخاص يحملون جنسية هذا الكيان نصيب بهذه الشركات , أو الشركات الأجنبية التي تتعامل مع شركات تابعة للكيان الصهيوني طبقاً للمستوي الأول من المُقاطعة , وهذا يعني – وفقاً لموقع Middle East Monitor – أن السلطات السعودية سمحت للشركات التي لها علاقات مع الكيان الصهيوني للعمل بالمملكة في مختلف المجالات منذ مُنتصف تسعينات القرن الماضي , وواصل موقع Middle East Monitor فأشار إلي أن صحيفة Haaretz ذكرت أن إستثمارات مباشرة مصرفية أو تجارية تابعة للكيان الصهيوني تشهد نمواً مُنتظماً بدأ بطيئاً عند بداية الألفية الجديدة , كما أشار الموقع إلي أنه وفي منتصف عام 2012 نشر اللواء نايف بن أحمد بن عبد العزيز – وهو من القادة العسكريين السعوديين الهامين – مقالاً في مجلة تصدر عن القوات الأمريكية المُشتركة تحدث فيها بإيجابية عن الكيان الصهيوني مُشيراً إلي الحاجة إلي تقوية العلاقات بين بلاده وتل أبيب , وفي برقية بعث بها وكيل الخارجية الأمريكية للمعلومات والشئون الفنية إلي وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أظهرت أن الجانب السعودي كان مُهتماً للوقوف علي رد فعل الكيان الصهيوني علي مقال اللواء نايف والتي كانت بمثابة بالون إختبار , وأخيراً وليس آخراً أشار موقع Middle East Monitor إلي أن أحد الوثائق في هذا الشأن ألقت الضوء علي البروتوكول غير الرسمي للولايات المتحدة كوسيط في عملية تقوية العلاقات السعودية والإماراتية بالكيان الصهيوني تحت الغطاء الأكاديمي أو كما يصف الخبراء ” إقامة علاقات عادية جذورها تحتية” , ففي برقية أرسلتها الخارجية السعودية في أغسطس 2008 نجدها تطلب فيها إستكمال معلومات عن وفد من عشرة طلاب سعوديين إستضافتهم سفارة الكيان الصهيوني بواشنجتن كجزء من برنامج تدريبي لإعداد القادة (؟؟؟؟؟؟؟) برعاية الحكومة الأمريكية , وبالطبع كانت هناك تفصيلات أخري تتعلق بالطلبة والبرنامج التدريبي يُفهم منها مباشرة أن السعودية تسلم أبناءها كي يصوغ الصهاينة عقليتهم , إذ لم تعترض الخارجية السعودية علي شيئ يتعلق بالبرنامج وما يرتبط به البتة , وأشار موقع Middle East Monitorإلي أن السعودية بدأت مشاركتها في هذا البرنامج التدريبي عندما تولي الأمير تركي الفيصل منصب سفير السعودية لدي الولايات المُتحدة وهو الذي يُوصف بأنه الأب الروحي للتقارب بين السعودية والكيان الصهيوني , أما السودان ففي خروج تام عن نص مُتكرر بأن لا تطبيع مع الصهاينة وأن ذلك لو حدث فسيكون يوم القيامة , نجد أن هذه العبارات طويت أو كادت أن تُطوي فقد أبدي السودان إستعدادا للتقارب مع الكيان الصهيوني وبدا ذلك من تصريحات أثارت جدلاً واسعاً أدلي بها مبارك الفاضل نائب رئيس الوزراء السوداني في نهاية أغسطس 2017 إقترح فيها إقامة علاقات بين السودان والكيان الصهيوني * ( موقع AFRICA INTELLIGENCE نشرة رقم 1458 بتاريخ 22 سبتمبر 2017) , ولما كان تطبيع العلاقات الصهيونية هدف إستراتيجي لأنه لو أن ذلك الهدف تحقق تكون إستراتيجية الكيان الصهيوني في شرق أفريقيا قد أُستكملت وتمت وحصل في النهاية علي التصويت التلقائي لصالح السياسات الصهيونية في المحافل والمنظمات الدولية , ولذلك أعتقد أن المحاولات الصهيونية مع السودان سوف تستمر وتتعزز خاصة في ضوء بدء إنهيار النظام السوداني مع تردي الوضع الإقتصادي والفساد السياسي والإقتصادي مما أدي حالياً لإندلاع الإحتجاجات الشعبية التي تقع في خلفيتها صور ثورات الربيع العربي , وقد بدأ إتجاه سوداني علي غرار زيارة Miri Regev وزيرة ثقافة الكيان الصهيوني لأبو ظبي بذريعة تفقد مسجد الشيخ زايد في 29 أكتوبر 2018, ففي 5 أكتوبر 2014 أوردت صحيفة Haaretz الصهيونية أن رئيس الرابطة السودانية للشطرنج إستقال من منصبه وقدم إعتذاره للشعب والبرلمان السوداني نتيجة لعب أحد اللاعبين السودانيين ويدعي عمر التيجاني مباراة في الشطرنج في 25 سبتمبر 2016 مع لاعب صهيوني في إطار بطولة العالم للشباب في الشطرنج بمدينة Durban بجنوب أفريقيا في الوقت الذي رفض فيه فريق ألعاب القوي السوداني اللعب مع الفريق الصهيوني المُناظر ما لم ينسحب الكيان الصهيوني من الأراضي المُحتلة , كذلك إتصالاً بذلك أوردت صحيفة Jerusalem Post في 20 يناير 2016 أن مؤتمر الحوار الوطني السوداني الذي شارك في جلساته عدد من رؤساء وممثلي الأحزاب السودانية للتوافق علي سبل لإنهاء أزمة الحكم في السودان , ناقش – وفقاً لما أوردته وكالة أنباء السودان – في إطار لجنة الشئون الخارجية المُنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني الذي إنتهت أعماله بالتوقيع علي وثيقة نهائية في 10 أكتوبر 2016 إمكانية تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني , ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن إبراهيم سليمان – أحد أعضاء لجنة العلاقات الخارجية – قوله أن أغلبية اللجنة دعت إلي تأسيس علاقات طبيعية ومشروطة مع كيان الصهاينة , وأن موقف حزب المؤتمر الوطني في هذا الشأن غير واضح , وأضاف أن من يؤيدون فكرة تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني يعتقدون أن ذلك من شأنه المساعدة علي تحقيق أكثر لمصالح السودان وقال ما نصه ” إن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وجهان لعملة واحدة وإذا ما أولت الحكومة السودانية أهمية لتأسيس العلاقات مع أمريكا , فلم لا تؤسس علاقات مع الكيان الصهيوني ؟ ” , من جهة أخري أشارت صحيفة Jerusalem Post إلي أن وزير خارجية السودان نُقل عنه قوله في مؤتمر صحفي بالخرطوم في 14 يناير 2016 ” أن السودان مُنفتح لمناقشة تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني بالرغم من عقود من العداء ” , وإتصالاً بذلك أجاب عن سؤال بشأن مشروطية الولايات المتحدة لرفع العقوبات من علي السودان مقابل تطبيع العلاقات مع الصهاينة فقال ” لا يهمنا إن كانوا يدرسوا إقتراحاً كهذا “ , كذلك نشرت صحيفة THE TIMES OF ISRAEL في 26 يناير 2016 تصريحاً أدلي به Eli Ben Dahan نائب وزير الدفاع الصهيوني أشار فيه إلي” أن إسرائيل معنية بتأسيس روابط مع بلدان عديدة كلما أمكن بما في ذلك مع السودان ” , وأوضح قوله ” إننا لن نكون مختلفين عن كل العالم الغربي فأوروبا والولايات المتحدة لديهما علاقات مع السودان ومع المملكة العربية السعودية والبلدان الأخري , ولا أعتقد أننا بحاجة لنكون مختلفين كلية ” , وجاء هذا الرد الصهيوني – علي لسان نائب وزير الدفاع المُنتمي لحزب “إسرائيل بيتنا” اليميني وليس من الخارجية الصهيونية – عقب التصريح سالف الإشارة إليه والذي أدلي به إبراهيم الغندور وزير خارجية السودان في خضم إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي يهدف إلي حل أزمة الحكم في السودان , وكل هذه الإشارات مماثلة لتلك التي تتكرر في دول عربية خليجية فالعرب الصهاينة “يتمنعن وهن الراغبات” , فخطاباتهم لجماهيرهم تخديرية لا أكثر ولا أقل , وبالنسبة للسودان هناك 3 سيناريوهات مُحتملة في شأن تطبيع علاقات الكيان الصهيوني بالسودان في تقديري أنه يجري العمل علي أحداها منذ فترة طويلة نسبياً وهي :
(1) السيناريو الدبلوماسي الصرف بإستخدام مزيج مُقدر من التحركات الدبلوماسية مع بث رسائل إعلامية تتضمن ما يوحي أو يشير إلي إتصالات ما بين السودان والكيان الصهيوني وهو ما جري – كما سبقت الإشارة إليه – بإستخدام معطيات متوفرة منها الأزمة السياسية المزمنة بين الحكومة والمعارضة والتي وصلت لنقطة حرجة خاصة في أجواء ثورات الربيع العربي بغض النظر عما جري من ثورات مضادة إلا ان الظروف الداخلية بالسودان والوضع الإقتصادي المُتأزم وتصاعد ضغوط المعارضة بشكل تبادلي مع العامل الإقتصادي الضاغط قد تغري حكومة الخرطوم بتكرار هذا الأسلوب حتي تقترب من الكيان الصهيوني مما يُمثل إستجابة ما ومُتبادلة مع الإتجاه الصهيوني .
(2) هذا السيناريو لابد أن يكون تالياً للأول وبعد إستنفاذه حتي يمكن تطبيقه ويتلخص في إستخدام ملف دارفور وكردفان وشرق السودان علي مدي واسع ومتنوع بالتنسيق ما بين الولايات المتحدة والدول المحبة للكيان الصهيوني والمؤيدة لنظرتها للسلام لممارسة مزيد من الضغط علي حكومة السودان لجذبها إلي نطاق تطبيع العلاقات من الكيان الصهيوني كمقابل لتخفيف أو محو هذا النوع الخطر من الضغوط وهذا السيناريو قائم علي منهج الإنهاك مجدداً للسودان تماماً كما كان الأمر في حالة الصراع في جنوب السودان لحمله في النهاية أو قبلها علي الإستجابة لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني , ويمكن تصور تطبيق الكيان الصهيوني للسيناريو (1) و (2) علي التوازي .
(3) وهو سيناريو تدرجي بموجبه يعمل الكيان الصهيوني من خلال الولايات المتحدة علي تحقيق إقتراب ثم تطبيع العلاقات مع السودان , فبناء علي علاقة التحالف الأمريكية الصهيونية التي وثقتها إتفاقات وبروتوكولات التفاهم الإستراتيجي المختلفة يمكن للكيان الصهيوني إستخدام علاقات بالولايات المُتحدة الأمريكية بالسودان من خلال توظيف الوضعين السياسي والإقتصادي الحرج الذان يعدان من الأسباب المهمة للإحتجاجات الشعبية الحالية في معظم ولايات السودان بإغراء النظام السوداني بدعمه إقتصادياً عبر المؤسسات المالية الدولية والدول الخليجية النفطية (أهمها قطر) وذلك مقابل إستجابة السودان لتطبيع العلاقات مع الصهاينة أو تحريكها إلي نقطة متقدمة ومختلفة تؤدي إلي تحقيق نفاذ تدريجي للكيان الصهيوني في السودان , وربما يبدأ ذلك بشكل مموه إلي أن تتطور العلاقات تدريجيا (كحالات عُمان وأبو ظبي والسعودية) , يلي ذلك الوصول إلي مرحلة تطبيع العلاقات الكاملة .
هناك أيضاً مستوي من التطبيع التجاري غير المُعلن بين المغرب والكيان الصهيوني , فقد أشار موقع صهيوني يُدعي “ Israel Valley” إلي أن هناك مُعلبات من السردين المغربي تُباع في أسواق الكيان الصهيوني وأن الكيان الصهيوني والمغرب يحرصان على إبقاء علاقاتهما الاقتصادية سرية وخارج دائرة الضوء بسبب موقف الرأي العام المغربي الذي يرفض أي شكل من أشكال التطبيع مع تل أبيب ، مما يجعل من المستحيل معرفة تفاصيل الأسئلة المتعلقة بالعلاقات التجارية بين البلدين * (موقع African Manger . بتاريخ 17 يوليو 2017) , وبالطبع فهذه المُعلبات تُباع لطرف ثالث يُعيد تصديرها للكيان الصهيوني للقفز علي أحكام المقاطعة العربية ضد الكيان الصهيوني وفقاً لمقررات جامعة الدول العربية .
5- عُمان والمشروع الصهيوني لسكك حديد حيفا – الخليج العربي والنتائج المُحتملة :
أعلن Yisrael Katz وزير النقل والمُخابرات الصهيوني أمام مؤتمر الإتحاد الدولي لطرق النقل IRU الذي عُقد في مسقط في الفترة من 6 إلي 8 نوفمبر 2018 وحضره وشارك فيه بناء علي دعوة من الحكومة العُمانية , أعلن عن مشروع ربط ميناء حيفا الواقع بشرق البحر المُتوسط بالدول العربية الواقعة علي الخليج العربي والذي يُروج له الكيان الصهيوني بالتوازي مع تحركاته العلنية والسرية لتطبيع العلاقات بشكل كامل مع دول الخليج العربية , ولوحظ في إعلانه أنه قال للحضور من الوزراء وكبار المسئولين “أنه رغم الغياب الكامل للعلاقات الدبلوماسية بين الكيان الصهيوني والدول العربية إلا أن ربطاً بالسكك الحديدية يجب أن يكون لربط المنطقة ” , وكأنه بعبارته تلك يُظهر للحضور بأن مسألة العلاقات الدبلوماسية المُفتقدة مع دول الخليج رسمياً حتي الآن ليست مسألة ذات أهمية , وكأنه كذلك يريد أن يُظهر أن “الكيان الصهيوني” دولة مُفعمة بمشاعر الخير والرغبة في النفع العام , وبالتالي فهي ليست دولة إحتلال أوأنها تنتهك حقوق الفلسطينيين أصحاب هذه الأرض التي سيربط جزء منها بموانئ دول الخليج العربي التي سمحت إحداها (عُمان) أن يُعلن مخلوق كهذا منها عن مشروع كهذا لتتجاوز به عُمان عن جريمة إحتلال وما يرتبط بها من جرائم ليس بينها وبين الإرهاب من فروق إلا الحروف اللغوية فقط , وكأن دماء الشهداء والمصابين التي أُريقت علي الأرض العربية لم تكن ولا يعتد بها “المُعظم ” في مسقط وهوالذي سمح بأن يكون السيرك الصهيوني علي أرضه , وكان من المتوقع مثلاً أن تصدر الحكومة العُمانية بياناً رسمياً علي الأقل ترد به علي Yisrael Katz يتضمن رفضها لأي مشاريع كتلك التي إقترحها وزير النقل والمخابرات الصهيوني Yisrael Katzوإلتزام حكومة عُمان بما صدر عن القمم العربية من قرارات ذات الصلة بذلك والتي أُعيد التأكيد عليها في البند رقم 17 بالبيان الختامي الصادر في نهاية قمة بيروت العربية عام 2002 والذي نصه” يُؤكد القادة في ضوء إنتكاسة عملية السلام إلتزامهم بالتوقف عن إقامة أية علاقات مع إسرائيل وتفعيل نشاط مكاتب المقاطعة العربية لإسرائيل حتي تستجيب لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد للسلام والإنسحاب من كافة الأراضي العربية المُحتلة حتي خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967″ , وهذا ما لم يحدث للأسف فزيارة Benjamin Netanyahu رئيس الوزراء الصهيوني الرسمية لمسقط في 25 أكتوبر 2018 كانت في حد ذاتها الرد العُماني / الصهيوني علي ما ورد بالبند 17 المُشار إليه , المهم أن المشروع ذاته والذي أعلنه Yisrael Katz والمعلومات الفنية ورسمه البياني Diagram والتفاصيل اللوجيستيكية الرئيسية المنشورة عنه شحيحة , فكل ما أُتيح من معلومات التي نُشرت عن مصدرها الصهيوني هي :-
– أن المشروع يأتي في إطار مبادرة “مسارات للسلام الإقليمي Tracks for Regional Peace” التي أعلنها الكيان الصهيوني .
– أن من بين أهداف المشروع وفقاً للإعلام الصهيوني : (1) تقوية الروابط مع العالم العربي و(2) مواجهة التوسع الواضح للنفوذ الإيراني عبر المنطقة و(3) ربط منطقتي المتوسط بدول منطقة الخليج العربي بمسار سكك حديدية تبدأ من امتداد خط السكك الحديدية Haifa-Beit She’an شرقي حيفا ليصل الخط للحدود مع الأردن ويتوقف أيضاً بمدينة جنين بالضفة الغربية ( قدم Yisrael Katz في الأشهر الأخيرة اقتراحا إلى مجلس الوزراء الأمني الصهيوني لإقامة جزيرة اصطناعية قبالة ساحل غزة من شأنه أن يوفر منفذاً للقطاع على العالم لكنه سيتيح للكيان الصهيوني في الوقت نفسه مزيداً من الإحكام والسيطرة الامنية على البضائع والمواد الداخلة والخارجة من وإلي غزة بواسطة هذه الجزيرة ) .
– أوضح وزير النقل والمخابرات الصهيوني Yisrael Katz في أبريل 2018 ( وهو من المُعارضين لقيام دولة فلسطينية) أن هناك عنصران أساسيان في هذه المبادرة ، هما أن الكيان الصهيوني سيصبح جسراً برياً بين أوروبا والبحر الأبيض المتوسط والأردن , وأن الأردن سيصير مركز نقل إقليمي ، سيتم ربطه بنظام سكك حديد الكيان الصهيوني والمتوسط في الغرب وبالمملكة السعودية وبدول الخليج وبالعراق في الشرق والجنوب الشرقي وبالبحر الأحمر عبر العقبة وإيلات في الجنوب , وأن البنية التحتية القائمة للنقل بالكيان الصهيوني وبالمملكة السعودية وبدول الخليج وحتي بالعراق (الجزء الذي يربط الخط السعودي بعُمان في الخريطة الصهيونية المُبسطة والتي نُشرت عن المشروع أُشير إليه علي أنه جزء مُحتمل) ستسمح بتطبيق المبادرة في وقت قصير نسبياً . *(THE TIMES OF ISRAEL . بتاريخ 19 فبراير 2019) .
– في اجتماع عقد في الأسبوع الثاني من فبراير 2019 توصل رئيس الوزراء الصهيوني Benjamin Netanyahuووزير النقل Yisrael Katz إلى اتفاق بشأن تفاصيل هذه المبادرة ، حيث وجه Netanyahu مكتبه بالبدء في تطوير خطة المشروع بالتشاور مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من البلدان في الشرق الأوسط وآسيا , وبالفعل فقد عُرض مُخططه علي المستشارة الألمانية Angela Merkel , وتتوقع المصادر الإعلامية الصهيونية أن تلعب الولايات المتحدة دوراً مهماً في تقديم الدعم السياسي للمشروع , ورداً على سؤال من صحيفة THE TIMES OF ISRAEL في 7 أبريل2019 قال مسؤول في البيت الأبيض إن الاقتراح “مثير للاهتمام” ، لكنه قال إن الولايات المتحدة لم تكون مُوقفاً من المشروع بعد . * (المصدر السابق)
– أشار وزير النقل والمخابرات الصهيوني Yisrael Katz أن فكرة هذا المشروع ستجعل من الكيان الصهيوني جسر بري وتستفيد من موقعها بين قارات ثلاث , وأن هناك ثمة جوانب تاريخية وأمنية وإقتصادية ونقلية في خطة هذا المشروع , أما بالنسبة للجانب الأمني فالمشروع يتضمن إجابة علي التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز (ومن هنا يُفهم الدور الحيوي لعُمان في هذا المشروع) فمن بين مهام المشروع تحويل نقل السلع عبر البحر الأحمر لشحنها إلي الجهات النهائية بالخليج من الكيان الصهيوني . وأشار كذلك إلي أن تركيا تستخدم بالفعل الكيان الصهيوني كجسر لنقل بضائع تركية محمولة علي 5,000 شاحنة سنوياً يتم تفريغ حمولاتها بميناء حيفا لتُنقل من حيفا إلي الأردن والسعودية ودول الخليج العربي .* (Jerusalem Post . بتاريخ 5 أبريل 2017)
– أن وزير النقل والمخابرات الصهيوني شرع في التشاور مع مسئولي مصر والدول المعنية التي سيتم ربط شبكاتها الحديدية القائمة بمسار المشروع الذي يوفر منفذاً لهذه الدول علي أوروبا من خلال ميناء حيفاً (؟) لكنه لم يتلق بعد موافقة من أي منهم حتي الآن * (المصدر السابق)
من الوجهة التاريخية كان لألمانيا ولتركيا قبل نهاية العهد العثماني والإنقلاب الذي قاده كمال أتاتورك , كان لهما إهتمام بربط شبه الجزيرة العربية والعراق بتركيا حين وُقعت إتفاقية مد خط سكك حديد بغداد بين الحكومة الثمانية وشركة الخطوط الحديدية الأناضولية العثمانية في 5 مارس 1903 وأصبح واضحاً أن مد مثل هذا الخط برؤوس أموال ألمانية معناه وضع إمكانيات آسيا الصغري والعراق تحت أمر الألمان سواء من النواحي الإستراتيجية أو من النواحي السياسية , وقد عارض البريطانيين (شركة ليتش البريطانية) هذا المشروع , وحصلت شركة ألمانية علي إمتياز مد الخط الذي كان مثاراً لصراع بريطاني / ألماني * ( دكتور عبد العزيز سليمان نوار . المصالح البريطانية في أنهار العراق . مكتبة الأنجلو المصرية . 1986 . صفحة 206) , وكان هناك خط آخر رابط بين الدولة العثمانية وولاياتها في شبه الجزيرة العربية والشام وهو خط خط سكك حديد الحجاز والذي كان يمتد من دمشق إلى المدينة المنورة عبر منطقة الحجاز في السعودية , وخط فرعي آخر منه إلى حيفا على ساحل البحر المتوسط , وكانت سكك حديد الحجاز جزءاً من شبكة السكك الحديدية العثمانية وكان من بين أهم أهداف العثمانيين من إنشاء هذا الخط الذي إمتد من محطة حيدر پاشا في قاضي كوي ما وراء دمشق إلى مكة المُكرمة حماية الحجاز والولايات العربية الأخرى من الغزو البريطاني , وربط القسطنطينية عاصمة الدولة العثمانية ومقر الخلافة الإسلامية بالحجاز في شبه الجزيرة العربية حيث تقع مكة المكرمة طريق الحج الذي يسلكه الحجاج سنوياً , كذلك تحسين التكامل الاقتصادي والسياسي للولايات العربية البعيدة داخل الدولة العثمانية وتسهيل نقل القوات العسكرية عند اكتمال الخط , إلا أن الإنشاء تأخر بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولي ولم يصل لأبعد من المدينة المنورة على مسافة 400 كم من مكة وكان القطاع الممتد من دمشق إلى المدينة المنورة بطول 1300 كم , فيما أفتتح العثمانيين في 30 أكتوبر1915خط سكك حديديه للأغراض العسكرية مُتفرع من خط الحجاز يصل إلي بئر سبع , وقد تضرر هذا الخط بسبب ما سُمي بالثورة العربية ضد العثمانيين التي حرض عليها لورنس العرب ضابط المخابرات البريطاني واستجاب له العرب في إحدي نوبات غفلتهم بقيادة الشريف حسين .
كذلك فمشروع ربط ميناء حيفا بدول الخليج العربي بالسكك الحديدية يأتي في إطار إستراتيجية الكيان الصهيوني للتوسع الإقتصادي والإستفادة القصوي من موقعه بشرق المتوسط قريبا من ثروات الغاز الطبيعي التي لدي الكيان مع قبرص واليونان وليكون همزة الوصل بين دول الإتحاد الأوروبي الصناعية وأسواق الإستهلاك في شبه الجزيرة العربية والعراق وما وراءهما بجنوب آسيا , ولهذا كان مشروع ربط ميناء أشدود بميناء إيلات بخليج العقبة بالبحر الأحمر وكان مشروع قناة البحر الميت مع الأردن والسلطة الفلسطينية والتي يرجع تاريخ طرح فكرتها للجنرال Gordon الذي فتح الخرطوم بإعتبارها ستكون خط دفاع عسكري , وكلها مشروعات أو محاولات صهيونية للقفز من فوق النطاق البري الضيق للكيان الصهيوني للفضاء العربي الواسع الذي عليه دول لم تستطع أبداً تنفيذ أي مشروعات ربط جماعية في إطار ما يُعرف بالعمل العربي المُشترك الذي نوه إليه البند رقم 36 بالبيان الختامي لقمة بيروت العربية عام 2002 والذي نصه : “يؤكد القادة حرصهم علي تعزيز وتفعيل التكامل الإقتصادي العربي وفقاً لخطة شاملة ومراحل مُتدرجة تراعي الربط بين المصالح المُشتركة والمنافع المُتبادلة وتعزيز القدرات الإقتصادية لكل دولة من الدول العربية , وتمكن من تحقيق تنمية عربية شاملة ومُستدامة , ويؤكدون حرصهم علي تعزيز التعاون الإقتصادي العربي لبلوغ هذه الأهداف ويُكلفون كافة مؤسسات العمل العربي المُشترك بالعمل علي تحقيق ذلك كل في مجال تخصصه” , وبناء علي ذلك يأتي السؤال المهم وهو : ألا يمكن لهؤلاء العرب أن ينفذوا مشروع الربط بالسكك الحديدية ليكون بين ميناء بيروت أو ميناء اللاذقية بشرق المتوسط أيضاً وقبالة أوروبا وبين دول الخليج العربي العربية إضافة للعراق أم أن الكيان الصهيوني أجدر بالإستفادة وتشغيل أبناؤه بدلاً من أشقاؤنا اللبنانيين أو السوريين ؟ هل نحن في غفلة ونسينا الثمن الفادح الذي تحمله شهداؤنا وجرحانا وإقتصادياتنا جراء الصراع مع من إغتصب فلسطين ؟ , إذا كان من أحد يريد تحري الموضوعية فالإجابة علي أسئلة كهذه تقود إلي الموضوعية بلا شك .
تـــقـــديـــر للنــتـــائـــج المُــــحـــتــمــلـة من الـمـشـروع :
بفرض تنفيذ هذا المشروع الصهيوني وبفرض أن الموانع الرئيسية أمامه قد تم تذليلها أو بمعني أكثر وضوحاً بفرض تمام التسوية السلمية للصراع العربي / الصهيوني في شقه الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وفقاً للبيان الختامي الصادر عن قمة بيروت العربية والذي تضمن البند 13 منه نص أشار إلي : ” يُحمل القادة إسرائيل المسئولية القانونية الكاملة عن وجود مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتهجيرهم ويؤكدون رفضهم التام لمشاريع الحلول والمُخططات والمحاولات الرامية إلي توطينهم خارج ديارهم ويُؤكدون تمسكهم بقرارات مجلس الأمن المُتعلقة بمدينة القدس خاصة القرارات 252(1968) و456(1980) و478(1980) التي تُؤكد بطلان كل الإجراءات التي إتخذتها إسرائيل وتتخذها لتغيير معالم المدينة , وفي هذا الإطار يُجدد القادة التأكيد علي ما جاء في قرارات القمة العربية في عمان عام 1980 وبغداد عام 1990 والقاهرة عام 2000 بشأن قطع جميع العلاقات مع الدول التي تنقل سفاراتها إلي القدس أو تعترف بها عاصمة لإسرائيل” , لكن وبالرغم من علم وزير النقل والمخابرات الصهيوني بالموقف العربي المٌبين بقرارات القمم العربية المتوالية إلا أنه مع ذلك عرض مشروع الربط بين حيفا ودول الخليج العربية إضافة للأردن في عُمان , وهو بالتأكيد لا يفترض أنه قابل للتنفيذ الآن , لكنه إنتهز تواجده في مسقط ليُعلن للعالم أن الكيان الصهيوني بعد أن فتحت معظم دول الخليج ودول عربية أخري له نوافذها فهي الآن ستكون علي غرار عُمان تفتح أبوابها علناً , وبالتالي فهي فرصة للصهاينة ليرددوا دعاياتهم بأنهم دعاة سلام وتنمية وربط , لكن في النهاية وبفرض أن هذا المشروع سيتحقق يوماً , فإن علينا النظر فيما سينجم عنه من نتائج , وأعتقد أن من بين هذه النتائج التي أوردها بإختصار ما يلي :
1- التأثير علي بقدر ما علي القدرة الإيرادية لقناة السويس بل وعلي تدفق الإستثمارات لهذه القناة تحديداً .
2- التأثير علي قيادة مصر للعالم العربي ومستقبل العمل العربي المُشترك , فالكيان الصهيوني إن أصبح هذه الخط الحديدي الرابط بينها وبين دول الخليج العربي واقعاً فسيكون الكيان الصهيوني قاطرة العمل الشرق أوسطي المُشترك فلا عمل عربي مُشترك والحالة هذه , ويحقق للكيان الصهيوني السيادة الإقتصادية والسياسية علي العالم العربي بمعونة من الولايات المتحدة وحلفاءها بحلف شمال الأطلنطي وقوي دولية بل وإقليمية أخري خارجه .
3- سيتدعم مركز الكيان الصهيوني في الإتحاد من أجل المتوسط وربما يعطي هذه المنظمة التي تحتضر قبلة الحياة علي أساس أن الكيان الصهيوني سيكون همزة وصل بين الإتحاد من أجل المتوسط ودول خليجية غير متوسطية .
4- من المرجح في الفترة التالية لتنفيذ هذا المشروع أن يتقدم الكيان الصهيوني للأمانة العامة للجامعة العربية ليحصل علي صفة عضو مُراقب بها .
5- سيكون هناك تأثير سلبي مُتوقع علي موانئ لبنان وعلي الدرجة العالية من التنافسية التي للمنتجات الإيرانية بأسواق دول الخليج العربي , فحيفا لو نُفذ هذا المشروع ستكون صرة لأنشطة النقل logistic hub علي إختلافها وما يرتبط بها من أنتشطة خدمية أخري غير لوجيستيكية , وسيتيح مشروع الخط الحديداً منفذا لتسويق المنتجات والسع المُنتجة بالكيان الصهيوني علي حساب إيران ومصر وربما لبنان وسوريا وغيرهم ..
6- قد يُقام بالتوازي مع مشروع الربط باسكك الحديدية بدول شبه الجزيرة العربية والعراق مشروع آخر لخط أنابيب البترول والغاز يصل من منابعه بهذه الدول للكيان الصهيوني ليُستهلك جزء منه وليصدر الكميات الضخمة الأخري للأسواق الأوروبية , ومن بين ميزات هذا الخط توفير مزيد من التأمين للصادرات البترولية الخليجية بعيداً عن إحتمال إغلاق مضيق هرمز أمامها بما يؤثر سلباً وبشدة علي تدفق الصادرات البترولية لهذه الدول .
– القضاء علي دور الجامعة العربية في التحكم ورصد ومتابعة المقاطعة العربية للكيان الصهيوني , والسؤال : لماذا لم تطلب أي من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عقد إجتماع إستثنائي للمندوبين الدائمين بهذه الجامعة لمناقشة ما أعلنه Yisrael Katz وزير النقل والمخابرات الصهيوني بشأن هذا المشروع أمام مؤتمر الإتحاد الدولي لطرق النقل IRU الذي عُقد بمسقط في الفترة من 6 إلي 8 نوفمبر 2018 ؟ أليس هذا إختراقاً صهيونياً ؟ أليس هو مشروع يتعارض كلية مع قرارات المقاطعة العربية بل ومع مقررات القمم العربية بالجملة ومنها قمة بيروت العربية , وإبتداء كيف يُسمح لوزير صهيوني أن يُعلن علي الملأ في عاصمة عربية عن مشروع كهذا لا يتجاوز فقط عملية المقاطعة المُقررة بإرادة رؤساء دول عربية بل ويتجاوز كذلك صلاحيات المجلس الإقتصادي العربي .
نــــتــــيــــجـــة :
زيارة Benjamin Netanyahuرئيس وزراء الكيان الصهيوني لمسقط في 25 / 26 أكتوبر 2018 إعلن من عُمان عن نهاية حيادها المراوغ في قضايا المنطقة العربية وخاصة القضية الفلسطينية وقضايا أمن الخليج بل وحتي دورها الذي كانت تلعبه كساعي بريد مع إيران لحساب الولايات المتحدة بصفة رئيسية , كما أنه إذان ببدء إعداد عُمان لتكون الجزء الأهم في المواجهة العسكرية المُحتملة ضد إيران بسبب أنشطتها النووية المُؤرقة للكيان الصهيوني الذي يري في إيران تهديداً لأمنه القومي , وأخيراً فهذه الزيارة التي قام بهاBenjamin Netanyahu لمسقط ليست إلا بداية لإنتقال الدول الخليجية الأخري من مرحلة العلاقات السرية أو سياسة التطبيع بالتلويح من بعيد إلي مرحلة الزيارات المُتبادلة والمُعلنة مع الكيان الصهيوني , وبعدها فلن يكون هناك كلام جاد عن تسوية سياسية أي تسوية للقضية الفلسطينية التي أصبحت قضية يحمل همها الفلسطينيين وحدهم .
الــــســـفـــيـــر / بـــلال الـــمــصــري – سفير مصر السابق لدي أنجولا وساوتومي وبرنسيب والنيجر
خاص – المركز الديمقراطي العربي – الــقــاهـــرة : تحريراً في 20 فبراير 2019