الجبهة الأردنية في حرب 1948م
اعداد : ياسمين حلمي العايدي – كاتبة صحفية و باحثة علوم سياسية
- المركز الديمقراطي العربي
تلاحمت الشعوب العربية و خاضت حرب 1948 م في فلسطين ، نتيجة لارتكاب العصابات الصهيونية مذبحة دير ياسين ، في إبريل / نيسان 1948 م ، و التي راح ضحيتها ثلاثمائة شخص أغلبهم من النساء و الأطفال ، و مثل اليهود بجثثهم و رموهم في بئر القرية ، في أبشع جريمة شهدها التاريخ ، لذا تنامي شعور المقاتلين العرب بضرورة الثأر من الصهاينة ، خاصة مع إعلان بن جوريون تأسيس دولة “إسرائيل ” ، في 15 مايو / أيار 1948 م ، ما أدى إلى دخول القوات العربية الحرب من الأردن ، و مصر ، و العراق ، و لبنان ، و سوريا ، و متطوعين من السعودية ، و الفدائيين العرب ، و ذلك لتحرير فلسين من الاحتلال الصهيوني حيث اجتمعت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية ، في دمشق ، لتقر بإرسال الجيوش العربية ، و على أن الملك عبد الله قائداً عاماً للقوات العربية .
لعل من أهم المعايير العسكرية لدراسة الحروب ، هي مضاهاة حجم القوة العسكرية للأطراف المتحاربة ، مع الأخذ في الاعتبار تقدير كل طرف من الطرفين حسابات المكسب و الخسارة في إدارة العمليات الحربية ، قبل البدء في المواجهة العسكرية .
أولاً : تعداد و خطط الجيش الأردني بالمقارنة بالجيش االصهيوني :
بالرجوع إلى ميزان القوة العسكرية ، إبان الحرب ، و ذلك من خلال قياس حجم القوات الأردنية ، و مقارنتها بحجم و قوات المنظمات الصهيونية ، و كذلك الخطط العسكرية التي وضعها الرفان ، قبل البدء في المعارك ، و ما تحقق منها . و عن نشأة الجيش الأردني ، فترجع إلى عام 1928 م ، بدعم من القوات البريطانية ، حيث تلقى الجيش الأردني تدريبات عسكرية ، لذلك كان الجيش الأردني عند اندلاع الحرب ، يعد من أفضل الجيوش العربية ، فأغلبها كان يفتقر إلى الكفاءة القتالية في الحرب ، و قاد الجيش الأردني الفريق جون باجوت جلوب ، الضابط البريطاني .
عن الجيش الصهيوني ، و الذي كان يضم المنظمات الصهيونية ( الهاغاناة ، الأرغون ، شتيرن) ، غير وحدات الشرطة اليهودية التي أنشأتها و دعمتها قوات الاحتلال البريطاني ، و كان عددها ، في عام 1937 م ، حوالي 3800 يهودي ، و وصل تعداهم إبان الحرب إلى ما يقرب من عشرين ألف ، مكلفون بأعمال الحراسة على المستعمرات . غير أن نشأة المنظمات العسكرية الصهيونية ، على رأسها ” الهاغاناة ” ، التي أنشئت عام 1936 م ، أي الفترة التي شهدت الثورة الفلسطينية ، حينئذ ، ثم انشقت منها منظمة ” الأرغون ” ، عام 1937 م ، و في عام 1940 م انشقت مجموعة عسكرية عن الأرغون ، سميت منظمة ” شتيرن ” ، و كل منظمة منهم كانت تمثل تشكيلاً عسكرياً قائماً بذاته . أما عن العنصر الثاني في الجيش الصهيوني ، و الذي كان يضم ” الفيلق اليهودي ” في الجيش البريطاني ، كذلك العسكريين اليهود ، و الذين كانوا في أوطانهم الأصلية ، مشاركين في الحرب العالمية الثانية ، حيث منهم من خدم في الجيش الأمريكي ، و منهم من الجيش السوفيتي و البولندي و غيرها . و يرجع تأسيس” الفيلق اليهودي ” في الجيش البريطاني إلى الحرب العالمية الأولى ، حيث شارك مع القوات البريطانية في العديد من المعارك ، إلى أن أعلن رئيس الوزراء البريطاني ، ونستون تشرشل ، في 20 سبتمبر / أيلول 1944 م ، أن ” الفيلق اليهودي أصبح تشكيلاً عسكرياً قائماً بذاته ” ، و كان لواء مشاة تعداده 5500 مقاتل ، و وصل ” الفيلق اليهودي ” إلى فلسطين في أواخر 1947 م ، ليحارب مع ” الهاغاناة ” (1)
حينما اندلعت الحرب ، كان الجيش الأردني يضم ثلاثة ألوية ، بقيادة جون باجوت جلوب ، حيث ضم اللواء الأول ، و كتائبه ما يقرب من 2250 جندي ، علاوة على اللواء الثالث ، الذي ضم 2300 جندي ، و كان اللواء الرابع عدد جنوده 2300 ، غير أن قيادة الفرقة ، بكتائبها المدفعية ، حوالي 750 ضابطا ، و قد شارك المناضلون الأردنيون بحوالي 1200 مقاتل (2) . و اختلفت الآراء عن الحجم الفعلي للقوات الأردنية ، فلم يذكر جلوب في كتابه ” جندي مع العرب ” سوى تعداد لوائين فقط ، و الذي قدرهم ب 4550 جندي فقط . فيما تناول عبد الله التل تعداد الجيش و المناضلين الأردنيين بحوالي 9050 جندي و مقاتل ، غير أن محللاً عسكرياً يهودياً أمد أن الجيش الأردني كان يضم ثلاثة ألوية ، فتوافق في ذلك مع مذكرات التل . و بالنسبة للجيش الصهيوني ، و الذي كان معداً بشكلٍ نظاميٍ ، من قبل دخوله الحرب مع العرب ، علاوة على أن حجم قواته العسكرية كانت ، تقريبا ، أكثر من ثلاثة أضعاف الجيوش العربية مجتمعة ، فضم من داخل فلسطين ( منظمة الهاغاناة ، الأرغون ، شتيرن ، غير قوات الشرطة اليهودية ) . و تناول بن غوريون ، في مذكراته ، تشكيل” الهاغاناة ” ، في 15 مايو / أيار 1948 م ، حيث كانت تضم عشر لواءات ، فيها ثلاثة للبالماخ ، ب 6000 مقاتل ، و لواء كرملي 2238 ، و لواء جعفاتي 3229 ، و لواء إسكندروني 3588 جندي ، و لواء غولاني 3588 ، و لواء كرياتي 2504 ، و لواء شيفع كان ثمانمائة مقاتل ، و لواء عتسسيوني 3166 ، و شكل لواء الكوماندوز بعد ذلك ، بقيادة موشى ديان ، هذا بالإضافة إلى 4161 مقاتلاً من أسلحة الخدمات ، ما بين مدفعية و هندسة و طيران (3) . في الواقع كانت قوات الهاغاناة الأصلية و الاحتياطية ( ما بين 40 إلى 50 ألف مقاتل ) ، على الرغم من أنها كانت عنصراً واحداً من ثلاثة عناصر للقوات المسلحة الصهيونية . كما أن عدد أفراد الشرطة الصهيونية ( حرس المستعمرات ) بلغ قرابة إثني عشر ألف مسلح ، أما القوات من خارج فلسطين ، فكان عدد الفريق اليهودي في الجيش البريطاني قرابة عشرة آلاف جندي ، و من ضمن أهم عناصر القوة في الجيش الصهيوني وقتها ، العسكريين اليهود ، الذين كانوا يخدمون في القوات المسلحة في أوانهم الأصلية ، و شاركوا في الحرب العالمية الثانية . فمن الجيش الأمريكي حوالي 600 ألف جندي صهيوني ، كما كانت هناك ادعاءات صهيونية بأن عدد من اليهود خدموا بالجيش السوفيتي و حسب تقديرهم 500 ألف جندي ! ، إلا أن هذا العدد غير منطقي و لغرض التضخيم الإعلامي للدور اليهودي في الإجهاز على هتلر و القوات النازية ، غير أن الجيش البريطاني كان يضم سبعين ألف جندي يهودي ، بالإضافة إلى القوات البولندية حيث شارك معها 15 ألف جندي يهودي ، أما عدد الضباط من الخارج فحوالي 529 ضابط منهم ستين ضابطا من ” الفرقة اليهودية ” (4) ، و امتلك هؤلاء الضباط كفاءة قتالية عالية ، خاصة في التخطيط المباشر ، و البعيد المدى للعمليات الحربية ، و في إدارة الحرب النفسية ، و الكيميائية ، و البيولوجية . هذا على عكس ما كانت عليه الجيوش العربية في حرب 1948 م ، حيث كانت تفتقر إلى التدريب على العمليات القتالية ، و اعتبر الجيش الأردني من أفضل القوات العربية على الإطلاق ، و ذلك لأنه تلقى تدريبات عسكرية على يد الضباط البريطانيين ، و لكن القوات الأردنية لم تكن بمثل أداء الجيش الصهيوني في إدارة العمليات القتالية .
فيما يتعلق بالأسلحة المستخدمة في الحرب ، فقد أمدت القوات البريطانية المنظمات الصهيونية بالأسلحة ، حينما قررت بريطانيا الجلاء عن فلسطين ، و كانت بنادق إنجليزية ، و مدافع عيار 6 رطل ، و مدافع بيات و صواريخ ، و دبابات تشرشل ، هذا غير الذخائر التي اشترتها المنظمات الصهيونية من الضباط الإنجليز ، المسئولين عن المستودعات الخاصة بالأسلحة ، إلى حد بيع مستودعات كاملة لهم ، هذا عدا كميات المواد الحربية التي سرقت من مستودعات الخدمة البريطانية في منطقة القناة ، في الفترة بين 15 مايو / أيار و 6 نوفمبر / تشرين الثاني 1948 م ، و تمثلت في ثمانية قنابل ، عيار 500 رطل ، و قنابل شظايا ، عيار 2 رطل ، و بلغ عددها ثمانية و ستين ، و قذائف عيار 5.25 رطل ، و قذائف عيار 4 بوصات ، قذائف ثقيلة مضادة للطائرات ، عيار3.7 بوصة ، و عددها 993 ، و كذلك قنابل دك شديدة الانفجار ، عيار 25 ، و قنابل هاون ، و قذائف مدافع ، و أيضاً مركبات من مختلف الأنواع ، و قنابل يدوية ، هذا إلى كميات مختلفة من المتفجرات ، و المواد الحربية (5) .
في الوقت الذي كان عملاء الصهيونية في فرنسا ، و الولايات المتحدة ، و ألمانيا ، يجمعون مختلف الأسلحة ، و يقومون بإرسالها ، و من بينها طائرات C48 ، مقابل آلاف الدولارات ، فقد أقيمت هيئة للطيران الحربي ، في عام 1947 م ، و ضمت سبعة و ثلاثين طيارا ، و كان لدى هذه الهيئة طائرتين ، تايجر موت ، و أربع طائرات بولندية ، و ثلاث طائرات ، أوستر ، من مخلفات الجيش البريطاني بفلسطين، و غيرهم (6) .
لقد حرص ديفيد بن غوريون ، منذ عام 1945 م ، على أن يتوفر لدى الصهاينة مصانع أسلحة محلية ، و في سبيل ذلك عقدت صفقات ضخمة مع الولايات المتحدة ، من أجل صناعة الذخيرة بفلسطين ، و تمكن الصهاينة من إنتاجها ، حينئذ ، و منها القنابل اليدوية ، و ذخيرة الأسلحة الصغيرة ، و قنابل الهاون ، من عيار 3 بوصة ، و المفرقعات (7) . و قام قادة منظمة الهاغاناة بالتفاوض مع الاتحاد السوفيتي ، لتأمين الحصول على أسلحة و معدات حربية حديثة . أما عن الجيش الأردني ، و الذي استخدم مدرعات ثقيلة ، و عليها مدافع عيار رطلين و رشاشين ، و عددها 72 مدرعة ، إثنان و خمسين مدرعة كشافة ، عليها رشاشات ، و مدافع عيار 25 رطل ، و بلغت أربعة و عشرين ، مدافع عيار ستة أرطال ، و عددها ثمانية و ثلاثين مدفع ، أربعين هاون ، 3 بوصة ، تسعة و عشرون مدفع ، إثنين بوصة ، و عدد 354 رشاش برن ، و بلغ عدد البنادق 7359 بندقية (8) .
في بداية الحرب من يوم 15 مايو / أيار 1948 م و حتى الهدنة الأولى ، ضم الجيش الأردني أربع كتائب مشاة أ أما القوات الصهيونية فكان لديها إثنان و ثلاثون كتيبة مشاة ، و بعد الهدنة و حتى نهاية الحرب أ ازداد عدد الكتائب ، فالقوات الأردنية احتوت خمس كتائب مشاة ، أما الجيش الصهيوني ، فإزداد عدد كتائب المشاة فيه إلى إثنين و أربعين كتيبة .
فيما يخص الخطط العسكرية ، و توزيع القوات ، فإن الخطة العربية للجيوش العربية عامة ، نصت على أن تقسم مناطق فلسطين إلى المنطقة الشمالية ، المحاذية للبنان و سوريا ، و وضعت تحت مسئولية الجيش السوري و جيش الإنقاذ ، المنطقة الوسطى ، فكانت من مسئولية الجيش العراقي و الأردني ، أما المنطقة الجنوبية ، فتمتد من الخليل ، و اتبعت للجيش المصري ، على أن تلتقي جيوش سوريا و لبنان و العراق في حيفا ، و فيما يلتقي الجيش المصري مع نظيره الأردني ، في تل أبيب . و صرح عبد الله التل أن الفريق جون باجوت جلوب أوكل له ، بصفته قائد الكتيبة السادسة في الحرب ، على أن يبقى في منطقة الغور ، و التي اعتبرها بمثابة الجناح الأيسر للجيش العربي ، و لكي تحول دون قطع خطوط الرجعة من قبل الصهاينة في منطقتي بيسان و القدس . و ذلك من خلال حفر الخنادق ، و الاستحكامات ، خاصة على التلال في الخان الأحمر ، و من ثم بناء أبراج ضد الدبابات ، و تحضير ألغام لنسف ريق القدس – أريحا ، خاصة الجسور المهمة ، و على أن تتوزع سرية من الكتيبة في الخان الأحمر ، مدعمة بسرية أخرى ، لكي تتمكنا من تعويق تقدم الصهاينة إلى أريحا ، فيما تعسكر إحدى السرايا ، في جسر داميا ، على نهر الأردن ، و أن تقوم بنسف الجسور الواقعة على طريق بيسان – الجفتلك ، مع بقاء فئة في المواقع الحربية الهامة ، و سرية أخرى احتياطية في أريحا ، و فئة منها تحرس جسر اللنبي (9) .
في 15 مايو / أيار 1948 م ، تحركت القوات الأردنية إلى مواقعها ، التي حددت لها ، فاللواء الأول و كتائبه تمركزوا في ( النبي صموئيل – الشمال الغربي من القدس – رام الله ) ، أما اللواء الثالث و كتائبه ( في باب الواد – اللطرون – تل أبيب ) ، فيما اللواء الرابع و كتائبه ( رام الله – أريحا – النبي صومائيل – الخان الأحمر ) ، و وزعت قيادة الكتيبة المدفعية ، بحيث أصبحت البطارية الأولى في النبي صومائيل ، لمساندة اللوائين الأول و الرابع ، و البطارية الثانية ببيت نوبا ، لمساندة اللواء الثالث ، و إن بقيت مستودعات الذخائر بالسل و أريحا ، و تمركزت السرية الخامسة عشر في اللد و الرملة ، و السرية الخامسة في نابلس ، السرية الثانية عشرة في الخليل ، أما السرية الثالثة عشر فبجسر المجامع (10) .
أما استراتيجية القوات الصهيونية أثناء الحرب فتمثلت في :
- المحافظة على أرواح أكبر عدد ممكن من الصهاينة .
- معاونة أعمال القتال في الجبهات الأخرى ، و ذلك للعمل على إرباك العدو .
كما أن قيادة الهاغاناة ، سبق و وحدت خططها العسكرية لخوض الحرب ، و مهامها :
- أثناء خوض المعارك مع قوات غير نظامية ، حيث ركزت على سمات و تنظيم الجيوش التي تحاربها ، و كيفية التعامل معها ، من خلال القيام باحتلال مناطق دفاعية ، و القيام بأعمال دفاعية تعطيلية ، و توسيع نطاق الهجمات المستمرة على العدو .
- أثناء الحرب ضد قوات العدو النظامية ، التعاون مع القوات النظامية الصديقة (11).
هذا ما وضع في سير العمليات القتالية في 1948 م ، و لجأت قوات الجيش الصهيوني إلى جذب تأييد القوى العظمى في أثناء حروبها مع الدول العربية ، و لتمرير ما تجده مناسباً مع مصالحها ، كفرضها للهدنة من خلال الأمم المتحدة ، و وضعت القوات الصهيونية خطتين أثناء الحرب ( خطة يوشع و خطة دالت ) ، و ذكرت خطة دالت “د” ، و التي بها أولاً ” الشق الدفاعي ” ، فحدد على أن تقوم كل مستوطنة بالدفاع الذاتي ، و أن تنشأ ثلاثة خطوط دفاعية ، الخط الأول ، و يمر بالهيئات في للظروف – قلقيلية – ولكرم – جنين – الناصرة – بحيرة طبريا – بحيرة الحولة – رأس النافورة ، أما الخط الدفاعي الثاني ( يبنا – رحوبوت – ريشيون لزيون – بيت دجان – ولهما – رأس العين – العفولة – حيفا ) ، و خط الدفاع الثالث ( يافا – رامات – غان –هرتزليا – الخضيرة – عتليت – حيفا ) ، على أن تقوم قوات الهاغاناة و المنظمات الصهيونية الأخرى على امتصاص الهجوم العربي ، و استنزاف قدراته في المعارك ، و الاحتفاظ بالطرق الرئيسية بين المدن ، ثانياً ” الشق الهجومي ” ، و التي أوصت بالسيطرة على خطوط المواصلات و الهيئات الإستراتيجية و الاستيلاء على مناطق واسعة ، بإسلوب الضرب و الحركة و محاولة الاستيلاء على القدس ، من خلال تأمين ممر باب الواد ، و الذي يربطها بتل أبيب ، ثالثاً ” الشق الإرهابي ” ، و ذلك من خلال بث الذعر بين العرب الفلسطينيين ، و هذا الشق من خلال استخدام الحرب النفسية تجاه القوات العربية . و أخيراً ” الشق الانتقالي “، حيث قامت الحكومة الصهيونية المؤقتة وقتها بالتنسيق مع الاستعمار البريطاني و ذلك قبل إنهاء حكومة الانتداب بفلسطين(12) .
علاوة على ذلك وضعت الهاغاناة ” خطة نحشون ” ، خاصة في منطقة الرملة ، و التي هي على درجة عالية من الأهمية حسب تلك الخطة ، و تقوم على فتح ثغرة ، بعرض حوالي ستة أميال في السهل الساحلي ، و بعرض حوالي ميلين في الجبال ، و تأمين ذلك ، باحتلال المرتفعات و القرى العربية المحيطة بالطريق ، حتى تتاح للمقاتلين حرية الحركة على الطرق الرئيسية ، و لتحقيق هذا الغرض فقد تم إعداد قوة لواء ، بلغ تعدادها حوالي ألف و خمسمائة رجل ، مقسمة على ثلاث كتائب ، كتيبة تتولى المنطقة من خلدة إلى اللطرون في السهل الساحلي ، و أخرى من اللطرون إلى كريات عنافيم ، أما الكتيبة الثالثة فكإحتياطي (13) .
ثانياً: المعارك :
قبل الإعلان عن الحرب ، رسمياً ، في 15 مايو / أيار 1948 م ، شاركت قوات الجيش الأردني في رفع معاناة الفلسطينيين من الانتهاكات التي ارتكبتها العصابات الصهيونية المسلحة بحقهم ، خاصة بعد صدور قرار التقسيم 181 عن الأمم المتحدة عام 1947 م ، برز ذلك فيما ارتكبته العصابات الصهيونية ، و التي تمثلت في الأرغون و شتيرن ، أبشع مذبحها عرفها التاريخ ، و هي مذبحة دير ياسين ، في 9 إبريل / نيسان 1948 م ، و التي أودت بحياة أكثر من ثلاثمائة شهيداً معظمهم من النساء و الأطفال ، و عقب تلك المذابح التي أظهرت مدى عنصرية تلك المنظمات الصهيونية ، تدخلت الجيوش العربية آنذاك و لم تكن معدة بشكل نظامي ، و كان من بينها قوات الجيش الأردني ، و دخلت في 11 إبريل / نيسان 1948 م ، في معركة كفار عتسيون ، بين الخليل و القدس ، نشبت معركة عند مستعمرة النبي يعقوب ، و التي كانت تبعد أربعة كيلو مترات شمالي القدس ، على ريق رام الله (14) . ثم كانت معركة قطمون ، و التي دارت بين لواء عتسيوني بالهاغاناة ، معززاً بثمانية سرايا إضافية و كذلك لواء هارئيل من ناحية و بين القوات الأردنية ، من ناحية أخرى ، و ذلك في أواخر إبريل / نيسان 1948 م ، و الواقعة في الحي العربي من القدس ، و نظراً لما يجعله هذا الحي من كونه بعداً حربياً ، نظراً لأنه يشرف على أغلب الأحياء العربية و اليهودية في القدس . لذا حرصت العصابات الصهيونية على أن تتمكن من السيرة عليه ، و من أجل أن تؤمن الإتصال المستمر بين المستعمرات اليهودية ، المنتشرة حول القدس ، و تمكن اللواءان هارئيل و عتسيوني من الاستيلاء على حي القطمون العربي .
في 8 مايو / أيار 1948 م ، بدأت عملية ( مكابي ) ، حيث استولى لواء جعفاتي بالهاغاناة على طريق التلال الملة على باب الواد . و في محاولة لصرف انتباه الفريق العربي عن العملية ، انسحبت قوات هارئيل من المرتفعات التي كانت قد احتلتها ، و لكن بمجرد انسحاب قوات هارئيل ، تحركت القوات الأردنية نحو المواقع التي أخليت ، و فشلت وحدات هارئيل في استعادة تلك المواقع (15)
أعيد تشكيل الجيش الأردني المشارك في الحرب ، بشكل أفضل مما كان عليه منذ بدأ الحرب ، و ذلك في 9 مايو / أيار 1948 م . ثم وقعت معركة كفار عتسيون الكبرى ، في 12 مايو / أيار ، و التي شاركت فيها السرية الثانية عشر من الكتيبة السادسة في الجيش الأردني ، و تمكنت من التغلب على القوات الصهيونية ، فأوقعت في صفوفها ما يقرب من خمسمائة إصابة ، و في المقابل فقد الجانب الأردني قرابة ستة و ثلاثين جندياً (16) . فمستعمرات كفار عتسيون ، و التي منها ريفاديم و عين تسوريم و ماسؤوت اسحق ، كانت تعد مناطق ذات موقع استراتيجي لأنها بمثابة شوكة داخل المناطق العربية حينئذ .
اجتمعت اللجنة التأسيسية للدول العربية ، حيث اتخذت قراراً بالدخول في الحرب بفلسطين ، فور انتهاء الانتداب البريطاني ، و سرعان ما اجتمع رؤساء أركان الجيوش العربية ، في دمشق ، و ذلك لإقرار الخطة العربية ، و التي حددت لكل فريق عربي المناطق المخولة إليه ، فكان على اللبنانيين أن ينطلقوا بطول الساحل الشمالي ، نحو نهاريا ، و على السوريين أن يعبروا إلى شمال و جنوب بحر الجليل ، و التقدم إلى سمخ ، بهدف احتلال الجليل ، أما العراقيين كان عليهم أن يتواجدوا جنوبي بحر الجليل ، و ذلك للتحرك خلال المثلث العربي ، بهدف الوصول إلى نتانيا ، على ساحل البحر المتوسط ، من أجل شق الدولة اليهودية . و كان مناطاً بالجيش الأردني نابلس ، و منطقة السامرا ، و هما من مسئولية اللواء الأول ، أما اللواء الثاني فموقعه مدينة الرملة ، عند مشارف تل أبيب ، و على أن يظل اللواء الثالث كاحتياطي ، غير أن الجيش المصري كان عليه أن يتحرك ضمن كتلتين هما القوة الرئيسية ، و على أن تنطلق من العريش ، إلى أن تستولى على غزة ، ثم تتوجه جنوباً ، نحو تل أبيب ، و القوة الثانية مدعمة بمتطوعي الإخوان المسلمين ، على أن تتحرك صوب الشمال الشرقي ، مروراً بالعوجة ، و بئر السبع ، و الخليل ، كما تؤمن المداخل الجنوبية من القدس ، و أوكل إلى جيش الإنقاذ من عرب فلسين مهمة الدفاع المحلي (17) . و تم الإقرار على ما توصل إليه مؤتمر رؤساء الأركان العرب ، في عمان ، في 3 إبريل / نيسان 1948 م ، برئاسة الملك عبد الله . في تلك الفترة كان بن غوريون يرأس مجلس الشعب الصهيوني ، و الذي أصبح ، بعد ذلك يشكل الحكومة الصهيونية ، فقد قرر استغلال فرصة انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين ، و انتصرت وجهه نظر بن غوريون على معارضيه في المجلس وقتها ، ففي 14 مايو / أيار ، جمع بن غوريون المجلس المؤقت – الذي أصبح البرلمان ( الكنيست ) – و أعلن قيام الدولة اليهودية في فلسطين و سميت ” دولة إسرائيل ” (18). ثم دخلت الجيوش العربية فلسين ، في تمام الساعة الثانية عشرة من ليلة 14 مايو / أيار 1948 م ، و دخل الجيش الأردني إلى فلسطين عن طريق جسر اللنبي – أريحا – الجفتلك – نابلس ، علاوة على القوات الأردنية التي كانت مرابطة في الخليل ، و حيفا ، و رام الله .
المواجهة العسكرية في القدس :
أتمت قوات الاحتلال الصهيوني سيطرتها على القدس القديمة ، باستثناء القدس العربية ، في 16 مايو / أيار ، مما جعل جلوب باشا ، قائد الجيش الأردني ، يصدر أوامره بإرسال سرية واحدة للقدس ، و في اليوم الذي تلاه وصلت الكتيبة السادسة ، و تمركزت في الخان الأحمر ، و جسر اللنبي ، و أريحا ، و انتقلت إلى القدس . غير أن ” جيش الإنقاذ ” الذي كان في اللطرون فقد أكمل مهمته ، بغلق الطريق المؤدي إلى القدس ، و انسحب من مواقعه ، بغرض إعادة تنظيم قواته ، لكن بسبب عدم تنسيق الموقف الحربى بين جيش الإنقاذ و القوات الأردنية ، في باديء الأمر ، أدى إلى أن المناطق المحورية في القدس خاصة ، لم تكن تحت سيطرة القوات العربية (19) . ثم اتفق الجيشان ، بعد ذلك ، على توحيد القيادة العسكرية ، في القدس ، و أوكل إلى عبد الله التل أن يكون مركز قيادته بالروضة ، داخل أسوار القدس ، كما وحدت السريتين الأمن الأولى و السادسة ، و وصلت فرقتان ، برئاسة نواف الجبر ، إلى باب النبي داوود ، و الذي كان يعد من أخر الأبواب ، فهو الطريق الرئيسي بين القدس و الحي اليهودي في القدس القديمة ، و بقية السريتين في الطور . غير أن السرية الثامنة تمركزت عند باب الحديد ، و باب الخليل ، حيث كان قائدها ، عبد الرازق عبد الله ، و في رأس العامود و الطور ، حينها ، كانت السرية المساندة ، بقيادة غالب رضيمان ، تراب في تلك المنطق الحيوية ، و السرية الثانية بقيت في منطقة الغور (20) . قد خطط الجيش الأردني ، و كثف جهوده من أجل إحكام السيطرة ، عسكرياً ، على المنطقة ، و بالفعل تمكن الجيش الأردني من عزل الحي اليهودي في القدس ، وقتها ، و ذلك من خلال الهجوم الأردني على بوابة دمشق ، عند سور المدينة القديمة ، و باتجاه دير نوتردام ، و استخدمت القوات الأردنية ، مدافع الهاون ، عيار 6 أرطال ، و بعض المدرعات ، ثم تقدم الفوج الثالث مع عربات مصفحة ، عند حي المصرارة و الذي يمتد من بوابة دمشق إلى دير نوتردام ، مروراً بسور البلدة القديمة (21).
حاولت المنظمات العسكرية الصهيونية اقتحام القدس القديمة ، في 18 مايو / أيار ، إلا أن نيران القوات الأردنية انهالت عليها ، و في يوم 23 مايو /أيار ، فقد الجيش الأردني نصف رجاله من أصل مائتين ، ما بين جريح و قتيل ، نتيجة المواجهة العنيفة مع القوات الصهيونية ، و التي استخدمت في هذه المعركة أسلحة مولوتوف ، و قذائف بيات ، المضادة للدبابات ، و المدعمة بالعربات المصفحة ، و ذلك عند البوابة الجديدة بسور البلدة القديمة ، مما تسبب في انفجار دير نوتردام ، و غطى الحطام الطريق الذي يصل بين الدير و سور البلدة القديمة بالقدس(22).
مما أدى إلى إعاقة تقدم الجيش الأردني ، و قد وصف أحد القادة العسكريين في منظمة الهاغاناة ، آنذاك ، أن هذه المعركة كانت معاركة طاحنة و حارب الجانبان فيها باستماتة (23). و في يوم 24 مايو / أيار ، أمر جلوب باشا قواته بوقف الهجوم ، نظراً للخسائر الفادحة التي تكبدها الفوج الثالث من الجيش الأردني ، في هذه المعركة (باب الواد) .
نشبت معركة باب النبي داوود في 24 مايو / أيار مع جنود ( البالماخ ) ، التابعة للهاغاناة ، و استخدمت فيها القنابل اليدوية من جانب القوات الأردنية ، غير أن عدداً من المقاتلين الصهاينة كانوا يحملون لغماً ، فاقتربوا من موقع الجيش الأردني ، لكي ينسفوا عدد من قواته ، على حد تعبير عبد الله التل ، و لكن سرعة الهجوم على جنود البالماخ بثت الذعر في نفوسهم و فقدوا ستين قتيلاً صهيونياً . و في 26 مايو / أيار ، تمكنت قوات عبد الله التل من تطويق الحي اليهودي المقابل لباب الخليل بالقدس ، حيث استسلم موشي روزنك ، قائد الهاغاناة في القدس ، و معه 1500 يهودياً، من أصل ما يقرب من 1800 يهودياً ، و تم أسر أربعمائة جندي ، و سقط في هذه المعركة 300 جندي صهيوني ، منهم مائة و ستة و ثلاثين من الأرغون ، و ثمانين جريحاً (24) ، و ذلك في 28 مايو /أيار ، حيث عانت قوات الاحتلال الصهيوني من نفاذ الذخائر و المؤن ، فلم يكن ، حينها ، سوى 300 شريط ذخيرة و عشرون رجلاً ، و استجاب المقاتلون الصهاينة لمناشدة الحاخامات ، للجلوس على مائدة المفاوضات مع القوات العربية . و أحكم الجيش الأردني السيطرة على الطرق المؤدية للقدس ، و ذلك من خلال نشر قواته حول القدس ، فمن جهة الشرق تمركزت الكتيبة السادسة في النبي داوود ، و حي الثورة ، أما في الشمال فتواجدت الكتيبة الثالثة عند باب العامود ، و الشيخ جراح ، و في الشمال الغربي ، الكتيبة الأولى في النبي صومائيل ، وبدو ، و الرادار ، و من ناحية الغربية الكتيبة الخامسة ، في مركز شرطة الشيخ جراح ، و تل شعافاط ، و كذا الكتيبة الثانية في باب الواد ،و الكتيبة الرابعة في اللطرون (25) ، بسبب قوة المدفعية الأردنية و التي تسببت في تحطيم معنويات الصهاينة ، فأرسلوا في 8 يونيو / حزيران للقيادة الصهيونية ، على أن لا مفر لديهم سوى التسليم ، و ردت القيادة الصهيونية ، في اليوم التالي ، طالبة منهم المزيد من الصبر و الثبات (26) ، و ما لبثت أن وصلت النجدة لهم ، متمثلة في الهدنة ، التي فرضها مجلس الأمن على كافة الأطراف المتحاربة بعد ثلاثة أيام من استغاثة القوات الصهيونية في هذه المعركة ، الذي حقق فيها الجيش الأردني تقدماً كبيراً على حساب الجانب الصهيوني .
المعارك التي دارت في اللطرون :
أيقن بن غوريون ضرورة نجدة قواته في القدس ، و دفع قوات من الهاغاناة لفتح ريق عن عنق الزجاجة ، الذي قبض عليه العرب عليه في اللطرون ، حيث أمر بن غوريون بتشكيل اللواء شيفع ، و المزود بكتيبة مدرعة ، و كلف شلومو شامير ، بقيادة هذا اللواء ، و في 22 مايو / أيار ، تمركزت حول مستعمرة عنان ، و ذلك استعداداً للهجوم على اللطرون ، و دخل شامير المدينة في يوم 24 مايو / أيار ، حتى يتمكن من الاستيلاء على اللطرون ، و التقدم نحو الجبال ، على ول الريق إلى رام الله ، فلقد استخدم لواء شيفع ، الذي سبق له الاستيلاء عليها ، أثناء القتال مع القوات الأردنية ، مزوداً بعربات نصف مجنزة ، و تشكلت كتيبة لتعاون اللواء شيفع ، حيث ضمت مهاجرين يهود من معسكرات بقبرص ، غير أن تدريب هذه القوات العسكرية كان محدوداً ، نسبياً ، و أدركت قيادة الهاغاناة مدى ضعف هذا الفريق ، و أمرت إحدى كتائب اللواء الإسكندروني الالتحاق به ، و التي كانت متمركزة في منطقة ناعان ، و خلدة(27) . غير أن الكتيبة الرابعة في الجيش الأردني ، تدخلت في اللطرون ، بقيادة حابس المجالي ، يساعده محمود الروسان ، و ترجع أهمية هذه المنطقة إلى احتواء قلعة بوليس اللطرون ، و كذلك تل اللطرون ، عند دير الفرنسسكان ، و من يتمكن من التمركز و إحكام السيطرة على هذه المناطق ، يتحكم في طريق القدس – تل أبيب ، و كان مخولاً للكتيبة الرابعة أن تقوم بمهام دفاعية ، و اقتصر أداؤها على صد هجمات المنظمات الصهيونية المتكررة ، لاحتلال قلعة البوليس ، و التلال المحيطة بدير اللطرون . كما ظلت هجمات قوات الاحتلال الصهيوني مستمرة ، و اشتدت نيرانها الموجهة للقوات الأردنية (28) ، كي تخفف من حدة المعارك في القدس ، و لرفع الحصار الذي فرض على صهاينة القدس ، آنذاك . رغم وقوع العديد من القتلى في صفوف الهاغاناة ، فإنها ظلت في مواقعها ، و في الوقت ذاته ، لم يسمح للكتيبة الرابعة من الجيش الأردني القيام بأي هجمات معاكسة ، و بقيت في مواقعها الأولى .
تتالت علميات الهجوم المباغت على القوات الأردنية ، إلى يوم 30 مايو / أيار ، فقد شن الصهاينة هجوماً ليلياً على قلعة اللطرون ، بالمدفعية ، و لبت الكتيبة الأردنية الرابعة النجدة ، حيث كان الملازم عبد المجيد عبد النبي مسئولاً عن القلعة ، و طلب الاستغاثة ، نظراً لأن عدد قواته كان قرابة الخمسة عشر جندياً ، و لكن دبابات العدو (شيرمان) اقتحمت القلعة ، و صعد الجنود الأردنيين على سطح القلعة ، و قذفوا قوات الهاغاناة بالقنابل اليدوية ، و رغم محدودية عددهم ، و افتقارهم للأسلحة المدرعة ، إلا أن هذه الكتيبة نجت من بطش الصهاينة ، فكانت المدرعات في اللواء الثالث المرابط في باب الواد و اللطرون ، تابعة للكتيبة الثانية ، ذات القيادة البريطانية (29) . في اليوم التالي ألقت قوات الهاغاناة قنابل على ساحة القلعة ، مما أسفر على وقوع قتلى في صفوف الجيش الأردني ، و من بينهم الضابط عبد النبي ، أما في صفوف العدو فبلغ عدد القتلى نحو الخمسين ، و تمكنت القوات الأردنية من الاستيلاء على أربع دبابات تابعة للهاغاناة ، حينها ، غير أن أحد العسكريين الصهاينة ، ذكر أن هذه المعركة استخدمت قوات الهاغاناة أربعة مدافع عيار 25 مم ، و عدداً من قذائف الهاونات ، من عيار 120 مم ، و أكد أنه استخدمت في هذه العملية قاذفات اللهب . و كانت معلومات الأركان العامة الصهيونية ، تشير إلى أن حجم القوات الأردنية في اللطرون كان قليلاً ، و على الرغم من ذلك فشلت منظمة الهاغاناة من فرض سيرتها على المنطقة في الهجوم الأول (30) .
أما في معركة اللطرون الثانية ، فقد تفقد بن غوريون سير العمليات القتالية في 27 مايو / أيار ، و وجد القوات الصهيونية المرابطة في اللطرون تحتاج إلى تعزيز من ذوي الخبرة في فنون القتال ، من لواء جعفاتي بالهاغاناة ، و عين العقيد ميكي ماركوس ، الذي خدم في الجيش الأمريكي من قبل ، فأصبح قائداً لجبهة الهجوم المستجد في المنطقة ، و وضعت خطة للقتال على أن يقوم حاييم لاسكوف باقتحام قلعة الشرطة ، و ذلك للتمويه ، حتى تقع الكتيبة الرابعة بالجيش الأردني في الخديعة ، و تتمكن الهاغاناة من هزيمتها . و نفذت الخطة ، و شاركت فيها الكتيبة 52 من لواء جعفاتي ، ثم وقع هجوم آخر ، بقيادة برولوف ، لمحاولة السيرة على منطقة دير أيوب ، بالهجوم على مواقع الكتيبة الأردنية ، إلا أن هذه المحاولة فشلت ، و أوقعت في صفوف الهاغاناة نحو 137 قتيلاً (31) .
اندلعت معركة اللطرون الثالثة ، في 9 يونيو / حزيران 1948 ، و شارك فيها لواء هارئيل ، بقيادة يشخار شادمي ، فهاجمت تل يالو ، و حدثت اشتباكات ضارية مع الجيش الأردني ، و لكن قوات هارئيل لم تتمكن من الاستيلاء إلا على مناطق صغيرة من التل . و في تلك الأثناء كانت الكتيبة الثالثة يفتاح ، و على رأسها موشي كيلمان ، مرابطة في باب الواد ، في الجهة الغربية من تل يالو ، و قد بلغت الخسائر في صفوف الهاغاناة ما يقرب من نصف الكتيبتين(32).
أما منطقة باب الواد ، فكانت تابعة للكتيبة الثانية المدرعة الأردنية ، و التي تولى قيادتها المقدم هنري سليد ، و الذي نشر جنوده قرب القدس ، عند قرية دير أيوب ، و تمكنت القوات الأردنية من إحكام السيطرة على تلك المنطقة ، خاصة مع تركيز منظمة الهاغاناة قواتها في اللطرون (33). و ذكر إرئيل شارون ، في مذكراته ، أن فصيله أبيد على يد الجيش الأردني في معركة اللطرون ، و قد كان تابعاً للواء إسكندروني ، فنصف فريقه كان من القتلى ، و ما تبقى كان من الجرحى ، و من شراسة المعركة ترك الصهاينة جثث قتلاهم ، و هو ما لم يعهده اليهود من قبل (34) .
إعلان الهدنة في 11 يونيو / حزيران 1948 :
فرض مجلس الأمن الهدنة على كافة الأطراف المتحاربة ، و تم الإعلان عن بدئها يوم 11 يونيو / حزيران ، استجابة للمطلب الصهيوني ، فيما كانت الفترة الأولى من الحرب ، قد شهدت تقدماً عربياً في العديد من المناطق الفلسطينية ، على الرغم من محدودية القوات العربية التي شاركت فيها ، إن أن القوات الأردنية تمكنت من القدس ، و التي كانت ستحكم سيرتها عليها بشكل تام ، لولا البدء في الهدنة العسكرية ، و التي كانت تقتضي عدم إمداد القوات العسكرية لأي طرف ، سواء عربياً أم يهودياً ، و وقف التسليح ، غير أن المنظمات الصهيونية ، و من بينها الأرغون ، لم تلتزم بشروط الهدنة ، و استطاعت القوات الصهيونية حشد قواتها ، و التزود بالمؤن و الأسلحة ، و ذلك بالتعاون المشترك مع حلفائها البريطانيين . و مع بدء الهدنة ، تحرك اللواء السابع (شيفع) بالهاغاناة نحو القدس ، بعد قيامه بدوريات متواصلة ، و ذلك للاستطلاع باتجاه القدس ، و لأن الجيش الأردني – بتواجده في القدس – أغلق الطرق المؤدية إلى تل أبيب ، و أصدر بن غوريون تعليمات من أجل شق طريق يربط بين القدس و تل أبيب ، و لتخفيف الحصار الذي مثلته قوات الجيش الأردني عن الحي اليهودي في القدس (35) . غير أن قوات الاحتلال استغلت فترة الهدنة ، من أجل الحصول على الذخيرة ، فاستطاعت سرقة بعض المستودعات البريطانية ، علاوة على الدعم العسكري من الخارج ، و أيضاً الدعم المادي الأكبر من الولايات المتحدة للمنظمات الصهيونية ، و انتهت الهدنة في 18 يونيو / حزيران 1948 م .
معارك اللد و الرملة :
عقب انتهاء الهدنة الأولى ، كان الجيش الأردني ، في اللد و الرملة ، ما مثل تهديداً لتل أبيب ، أكبر تجمع سكاني يهودي ، علاوة على ذلك ففي اللد المطار الدولي ، و اللد الملتقى الرئيسي لخطوط السكك الحديدية . و كانت اللد و الرملة محصنتين ، حيث أحكم الجيش الأردني سيطرته عليهما قبل الهدنة .
في مذكرات موشى ديان ، و التي تناول فيها المعارك التي حدثت في اللد ، و باعتباره قائد لواء الكوماندوز ، الذي أعده ، و شارك في الحرب في هذه المنطقة مع القوات الأردنية ، يذكر ديان أن مدينة الطيرة ، و التي تبعد ثلاثة أميال شمال مار اللد الدولي ، كانت تحت احتلال قواته . كما ذكر ديان بأن لخطة الهجوم على المدينة استخدم القصف المدفعي ، فقد قررت قوات الهاغاناة شن هجمات مباشرة و سريعة ، لمفاجئة الفريق الأردني ، غير أن الصهاينة تعرضوا لنيران شديدة في اللد (36) .
تناول عبد الله التل في مذكراته المعارك في مدينتي اللد و الرملة ، و لكن التل أكد أن المدينتين سلمتا للقوات الصهيونية دون قتال (37) . هذا ما يتعارض مع ما صرح به ديان ، و وصفه سير الحرب في تلك المناطق ، و يتفق في ذلك معه حاييم هارزوج ، على أن الجيش الصهيوني واجه مقاومة من القوات الأردنية ، و ذكر ديان أنه تمكن من الدخول إلى مدينتي كلا و الطيرة ، ثم تقدم بفرقته و احتل دير طريف ، على بعد ميلين من اللد ، و أنه بالتنسيق مع لواء القيادة من الهاغاناة ، انسحبت الفرقة 82 مدرعة بالهاغاناة من عملية دير طريف ، وحلت محلها وحدة سيارات جيب ، و لواء القيادة ، بقيادة أكيفا سار ، و احتلوا الجزء الغربي و الشمالي من المنطقة ، و كان الجيش الأردني مسيطراً على الجزء الشرقي . ذكر ديان أن العملية تظهر مدى تفوق المدفعية الأردنية (38) . حيث أن السيارات المدرعة التابعة للهاغاناة ، عجزت عن التحرك أمام نظيرتها الأردنية ، و لكن فريق ديان يساعده لواء القيادات تمكن من الاستيلاء على إحدى المدرعات التابعة للجيش الأردني ، و بعد ساعات تمكن ديان من تدريب رجاله على كيفية استعمال المدافع التي كانت في المدرعة . عن طريق هذه المدرعة استطاع لواء الكوماندوز السيطرة على دير طريف ، و في اتجاه مدينة اللد ، قرر ديان أن يسلك طريقاً لا يتوقعه الجيش الأردني ، و هو الريق القادم من الشرق ، لأنه الريق نفسه الذي سبق و سلكته القوات الأردنية .
في الوقت الذي كان يتمركز لواء القطاع الأوسط التابع للهاغاناة و بقيادة ملاح كوهين ، و قد أوكل إليه العمل على الجانب المقابل للواء الكوماندوز ، فقد كان اللواءان يشكلان فكي كماشة حول مدينة اللد ، و عندما اقتربت قوات كوهين من المدينة ، تعرضت لمواجهة عسكرية عنيفة مع القوات الأردنية ، ثم استنجد اللواء الأوسط بفريق ديان ، للمساعدة ، خاصة و أن المنطقة كانت محصنة و غاصة بالأهالي ، و توجهت فرق من لواء الكوماندوز إلى ضرب بيت ناب الله ، و في ذات الوقت أرسل ديان مجموعة شتيرن ، التابعة للواء الكوماندوز ، للهجوم على ريق كلا – اللد ، باستخدام السيارة الأردنية المدرعة ، ذات المدفعين ، و التي مكننتهم من اختراق مواقع كان من الصعب اختراقها من قبل . و أجبرت وحدات الجيش الأردني على الابتعاد عن بيت ناب الله ، و واصل لواء الكوماندوز تقدمه ، إلى مستعمرة بيت شامين . و اتفق ديان ، قائد لواء الكوماندوز ، مع كوهين ، قائد لواء القطاع الأوسط ، على خطة للهجوم على مدينة اللد ، و باستخدام ممر يربط بين بيت ناب الله و اللد ، و قد اعتبر ديان هذا الممر هو النقطة الوحيدة التي لا يتوقع الجيش الأردني أي هجوم منها (39) .
لم يكن لدى الجيش الأردني في ذلك القطاع سوى كتيبتين من اللواء الثالث ، و لم تكن قواتهما تتعدى 1200 مقاتل ، يفتقرون إلى الذخائر ، خاصة بعد الهدنة ، ثم نشبت معركة البرج ، يوم 16 يوليو / تموز ، حيث أمر قائد اللواء الأردني الثالث جورج إستون ، قائد الكتيبة الرابعة بأن يجهز سرية مشاة أخرى مدرعة ، للهجوم على قرية البرج ، و نتج عنها ثلاثين شهيداً ، و ما يقرب من أربعين جريحاً ، و فقدان عدد من المدرعات و الأسلحة (40) .
المعارك في القدس بعد الهدنة :
تصاعدت حدة المعارك في القدس ، و قامت القوات الصهيونية بالهجوم على القدس ، في 10 يوليو / تموز ، و على أحيائها العربية و استخدمت القوات الصهيونية مدافع الهاون و الرشاشات ، غير أن الكتيبة السادسة الأردنية قصفت منطقة ” الوكالة اليهودية ” ، و كذلك مقر الأركان العامة الصهيونية . في 12 يوليو / تموز ، قامت وحدات من لواء عتسيوني ، المدعمة بحرس المستعمرات ، بشن هجوم مفاجئ على الكتيبة الثالثة الأردنية ، في منطقة باب العامود ، و استطاع لواء عتسيوني تأمين الاتصال بجبل المكبّر، و مستشفى هداسا و الجامعة العبرية (41) .و في يوم 16 يوليو / تموز ، قام لواء عتسيوني بالزحف تجاه حائط البراق ، بالمسجد الأقصى ، و زاد عدد القتلى في صفوف الجانبين ، ما بين قتيل و جريح . و سقت كل من مدينة اللد و الرملة في يد الاحتلال الصهيوني .
ثالثاً: أثر الدبلوماسية الأردنية على سير المعارك العسكرية :
تلعب الدبلوماسية دوراً محورياً في العلاقات بين الأطراف المتحاربة ، بما يمليه عليها الوضع العسكري ، حيث تضغط الدولة ، طرف الصراع على الأطراف الأخرى ، بالرجوع إلى ميزان قوتها العسكرية ، فهو المحدد الأساسي في عملية التفاوض ، خاصة و إن كان موقفها العسكري أفضل من غيرها .
كانت هناك علاقات بين الأردن و الوكالة اليهودية ، و ذلك من قبل البدء في الحرب رسمياً في 15 مايو / أيار 1948 م ، حيث عرضت قوات الاحتلال الصهيوني مشروع لتوليد الطاقة الكهربائية ” مشروع روتنبرغ ” ، و على أن يقام على الحدود الفلسطينية الأردنية (42) ، و قبل انتهاء الانتداب البريطاني في فلسطين ، حاولت القيادة الصهيونية الضغط ، دبلوماسياً ، على الأردن ، للحيلولة دون دخوله الحرب . غير أن مشروع روتنبرغ ، و الذي كانت ترجع فكرته إلى عام 1928 م ، لكي يمول أغلب المناطق الفلسطينية و كذلك المدن الأردنية على الحدود بالكهرباء اللازمة لها ، و تعهدت الأردن ، وقتها ، بالمحافظة على المشروع ، في زمن السلم ، و بعد 15 مايو / أيار ، طلب الجانب الأردني وضع خطة للمحافظة على المشروع ، و كانت المنشأة التابعة له ( مستعمرة نهرايم ) داخل الحدود الأردنية ، و لكن بموجب هذا الاتفاق على مشروع روتنبرغ ، فإن مياة نهر الأردن ، لا يحق للمملكة الهاشمية الاستفادة منها إلا بموافقة الصهاينة ، غير أن ( أبو يوسف ) ، مدير المشروع ، و الذي كان يدعى دسكر ، ظهر بعد هذا الاتفاق أنه أحد القادة في منظمة الهاغاناة .
عندما تقدم المندوب البريطاني لمجلس الأمن ، باقتراح يوصي بوقف إطلاق النار في فلسطين ، و الذي أقره المجلس ، في 29 مايو / أيار 1948 م ، على أن يتوقف القتال لمدة أربعة أسابيع ، و عين الكونت فولك برنادوت وسيطاً منتدباً من قبل الأمم المتحدة ، ليقوم بالتوفيق بين العرب و اليهود .
بعد صدور القرار اجتمعت الدول العربية في عمان لدراسته ، و وافقت الدول العربية على قرار الهدنة ، تحت ضغط نقص الذخائر و المعدات لدى بعض الجيوش العربية المشاركة و من بينها القوات الأردنية ، علاوة على الحرب النفسية التي اتبعتها الوكالة اليهودية ، بإرسال طائرة يهودية ، أغارت على عمان ، و بالأخص على قصور الملك عبد الله ، و ألقت بعض القنابل ، بعد إيهام الأردن بأنها طائرة مصرية ، حيث أن القنابل التي استخدمتها الطائرة اليهودية ترجع للجيش المصري ، استولت عليها القوات الصهيونية ، التي اختارت وقت اجتماع اللجنة العربية ، لكي تؤكد على قراراتها ، و تضطر بقبول الهدنة ، و في أواخر أيام الهدنة الأولى طلب برنادوت تمديد الهدنة ، فوافق الصهاينة على طلبه ، فيما رفضه العرب ، لتعود مرحلة الحرب ، في 8 يوليو / تموز 1948 م .
تمت محادثات مشتركة بين القادة الأردنيين و الصهاينة ، في ردوس ، في 4 مارس / آذار 1948 م ، و لكن بن غوريون واصل غزو صحراء النقب المخصصة لليهود وفقاً لقرار التقسيم ، و ذلك على الرغم من أن تلك المنطقة كانت لا تزال ، رسمياً ، تحت سيطرة الأردن ، و قدمت الأردن شكوى رسمية إلى لجنة الهدنة ، في 8 مارس / آذار ، و بعد أربعة أيام وقّع الصهاينة اتفاق وقف إطلاق النار مع الأردن .
في أواخر سبتمبر / أيلول 1948 م ، اجتمع الملك عبد الله و حكومته بقنصل بلجيكا في القدس ، و عقد هذا الاتفاق بباريس و حضره المندوب الرسمي لمفاوضة الصهاينة في باريس ، و استمرت المفاوضات قرابة الشهر و النصف . و قد سبقه اجتماع مجلس الأمن الدولي ، و الذي أصدر قراراً ، في 15 يوليو / تموز ، قضى بفرض الهدنة ، دون قيد أو شرط ، لمدة ثلاثة أيام ، و قبله العرب ، و كذلك الصهاينة . و في 18 يوليو / تموز ، لبت الولايات المتحدة من الحكومة الأردنية تنفيذ أمر وقف إطلاق النار ، و في أغسطس/ آب ، وافقت الأردن على تجريد القدس من السلاح ، حيث وضعت لجنة الهدنة القنصلية في القدس ، مقترحاً لتجريد المنطقة من السلاح ، ثم اجتمعت جامعة الدول العربية ، في سبتمبر / أيلول 1948 م ، و أقرت بتشكيل حكومة عربية ، تمثل عرب فلسطين ، و في 31 يناير / كانون الثاني ، عقد مؤتمر عروبة فلسطين ، في عمان ، و ذلك للتأكيد على عروبة القدس ، و حضر المؤتمر شخصيات يهودية(43). و طلب الجانب الأردني إعادة منطقة اللد و الرملة ، مع السماح للاجئين العرب بالعودة ، و إعادة الأحياء العربية في القدس ، و في 28 فبراير/ شباط 1949 م ، تمت قمة ردوس بين الأردن و الصهاينة ، و طلب اليهود أن يتم إيصال السهل الساحلي اليهودي ، بسهل برج عامر ، بواسطة طريق وادي عرعرة ، و أن تشمل حدود ” دولة إسرائيل ” من ناحية المثلث العربي ، على مواقع إستراتيجية ، تساعد على حماية السهل الساحلي اليهودي .
وقعت اتفاقية في 3 نوفمبر / تشرين الثاني بين الأردن و الاحتلال الصهيوني ، و ألحقت بالاتفاقية خريطة تبين مواقع وقف إطلاق النار ، و المنطقة المحرمة بين الجانبين ، و سمحت الاتفاقية بعبور قافلة إلى جبل المكبّر ، مرة كل إسبوعين ، حاملة المؤن و الأفراد ، و اتفقا على أن يتم تبادل أسرهما من الحرب (44) .
و بعد ،،،
كان يعد الجيش الأردني الجيش العربي الوحيد الذي إمتلك مهارة قتالية و خبرة مسبقة في الحرب ، على عكس بقية القوات العربية التي افتقرت للتدريب على خوض المعارك الحربية ، و بشهادة القادة العسكريين الصهاينة بأن المعارك مع الجيش الأردني كانت من أشرس المعارك في حرب 1948 ، و السبب الرئيسي لهزيمة العرب في الحرب ، أن عدد قوات الاحتلال الصهيوني فاقت قوات الجيوش العربية مجتمعة بثلاثة أضعافها ، خاصة ، و أن عدد كبير من اليهود كانت لديهم خبرات قتالية عالية في إدارة المعارك الحربية ، نظراً لمشاركتهم في الحرب العالمية الأولى و الثانية ، علاوة على إمتلاك الصهاينة أسلحة حديثة عن ما كان يمتلكها العرب ، ناهيك عن أن الدول العربية لم يضعوا خطة دقيقة لإدارة المعارك العسكرية على النحو المأمول ، بالتزامن مع عدم التنسيق الحربي فيما بين الجيوش العربية على مختلف الجبهات ، على العكس بالقوات الصهيونية التي وضعت خطة مدروسة و محكمة لإدارة الحرب ، و اتخذت إسلوب المباغتة ليلاً لحسم المعارك العسكرية ، و العنصر الأكثر أهمية في حسم نتيجة الحرب، هو فرض الهدنة و استغلالها من قبل الصهاينة في تهريب الأسلحة و الذخائر لجنودهم ، مما غير ميزان القوة العسكرية لصالحهم ، بعد أن كانت القوات العربية تحكم قبضتها على سير العمليات الحربية منذ بداية الحرب .
الهوامش :
- محمد حسنين هيكل ، العسكرية الصهيونية ، القاهرة ، مؤسسة الأهرام ، مركز الدراسات السياسية ، 1972 ، ص 98
- عبد الله التل ، كارثة فلسطين ( مذكرات عبد الله التل ) ، ط 2 ، القاهرة ، 1999 ، ص 8
- وليد الخالدي ، خمسوت عاماً بعد حرب 1948 ، بيروت ، دار النهار للنشر ، ص 32 – 33
- محمد حسنين هيكل ، أزمة العروش صدمة الجيوش ، ط 5 ، القاهرة ، دار الشروق ، 2007 ، ص 80 – 82
- محمد حسنين هيكل ، العروش و الجيوش ، ط 7 ، القاهرة ، دار الشروق ، 2002 ، ص 97 – 98
- اللواء حسن البدري ، الحرب في أرض السلام ، القاهرة ، دار الشعب ، 1976 ، ص155
- المصدر نفسه ، ص 79
- عبد الله التل ، مصدر سبق ذكره ، ص 86 – 87
- المصدر نفسه ، ص 78 – 79
- المصدر نفسه ، ص 85
- هيكل ، العسكرية … ، مصدر سبق ذكره ، ص 143 -144
- البدري ، مصدر سبق ذكره ، ص 163 – 165
- حاييم هارزوج ، الحروب العربية الإسرائيلية 1948 – 1982 ، ترجمة بدر الرفاعي ، القاهرة ، سينا للنشر ، 1993 ، ص 29
- التل ، مصدر سبق ذكره ، ص 28
- البدري ، مصدر سبق ذكره ، ص 218
- التل ، مصدر سبق ذكره ، ص 32
- محمد فايز القصري ، مأساة العالم العربي ، ط 1 ، دمشق ، مطبعة التعاونية ، 1959 ، ص 203- 204
- هارزوج ، مصدر سبق ذكره ، ص 51
- المصدر نفسه ، ص 68
- التل ، مصدر سبق ذكره ، ص 109- 111
- هارزوج ، مصدر سبق ذكره ، ص 70-72
- المصدر نفسه، ص 68
- المصدر نفسه ، ص 46
- التل ، مصدر سبق ذكره ، ص 131 – 135
- المصدر نفسه ، ص 139
- البدري ، مصدر سبق ذكره ، ص 263
- هارزوج ، مصدر سبق ذكره ، ص 70
- البدري ، مصدر سبق ذكره ، ص 267 – 268
- التل ، مصدر سبق ذكره ، ص 148
- هارزوج ، مصدر سبق ذكره ، ص 76
- البدري ، مصدر سبق ذكره ، ص 269
- المصدر نفسه ، ص 270
- المصدر نفسه ، ص 272
- محمد علي شاهين ، قراءة في مذكرات أرييل شارون ، 3/ 4 / 2008
- هارزوج ، مصدر سبق ذكره ، ص 77
- شوقي إبراهيم ، ديان يعترف ، القاهرة ، مؤسسة دار التعاون للباعة و النشر ، مركز الدراسات الصحفية ، ص 75- 77
- التل ، مصدر سبق ذكره ، ص 247
- إبراهيم ، مصدر سبق ذكره ، ص 77
- المصدر نفسه ، ص 79
- التل ، مصدر سبق ذكره ، ص 246
- البدري ، مصدر سبق ذكره ، ص 325
- التل ، مصدر سبق ذكره ، ص 68
- المصدر نفسه ، ص 446
- إبراهيم ، مصدر سبق ذكره ، ص 90