الدراسات البحثيةالمتخصصة

التحريض الصهيو ـ أمريكي على القدس

بقلم: أحمد طـه الغندور – فلسطين

  • المركز الديمقراطي العربي

تمهيــد:

لا خلاف على أن للقدس رمزية دينية ومكانة سامية في قلوب المؤمنين من أصحاب الشرائع السماوية الثلاث؛ اليهودية والنصرانية والإسلام، ولكن القدس كمدينة فلسطينية محتلة هي أرض خالصة للشعب الفلسطيني لا يمكن لأي فريق أخر أن يشاركه في ملكيتها والسيادة عليها وفقاً لما قررته مبادئ القانون الدولي العام والعديد من العهود والمواثيق الدولية.

ولكن تأبى قوى الظلم والاستكبار المتمثلة في الاحتلال وداعميه من الدول المارقة إلا أن تشيح بوجهها عن هذه الحقيقة الساطعة، وتمعن في الإساءة إلى الشعب العربي الفلسطيني بكافة طوائفه الدينية، إضافةً الى الأمتين الإسلامية والعربية بإلحاق العاصمة الفلسطينية ودرة تاج العواصم العربية إلى الاحتلال العنصري الإسرائيلي؛ متجاوزين بذلك القانون الدولي والتاريخ والوقائع التي تنطق بها الأرض قبل الإنسان.

هذا الظلم والطغيان الذي أخذ يتجاوز مرحلة الاحتلال الاستيطاني الإحلالي، إلى مرحلة التحريض الدولي والذي يأخذ شكلاً ارهابياً يتمثل في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تمارسها هذه القوى الظالمة ضد المدنيين الفلسطينيين العزل وخاصة من أبناء القدس المرابطين على ثراها الطاهر المخضب بدماء الأنبياء والصالحين والشهداء.

ولا شك أن القدس ـ العاصمة الأبدية ـ للشعب تمر هذه الأيام بأدق مراحلها التاريخية نتيجة للمؤامرة الصهيو ـ أمريكية والتي جمعت بين إدارة “ترامب” والحكم الفاشيستي في “تل أبيب” الذي يقوده ” بنيامين ناتنياهو” وحكومته المُشكلة في جلها من غلالة المستوطنين.

 وإذا ما دققنا في التوصيف الأيدلوجي لهاتين الإدارتين فإن الباعث المستخدم وراء تحريضهما على الوجود الإسلامي ـ المسيحي العربي في القدس فهو الاعتناق المهوس بمبادئ ما يُسمى بـ “الصهيونية ـ المسيحية” التي تسعى إلى إعادة “صهيون” أو “مملكة اليهود” من خلال هدم المسجد الأقصى وبناء “الهيكل الثالث” أملاً في نزول “المُخلص” إلى الأرض.

فهل هذا التوظيف للنزعة الأيدلوجية يُشكل الدافع الحقيقي لهذا العدوان والتحريض، أم أن النوازع الاستعمارية للاحتلال واستنزاف الموارد الطبيعية الغنية في المنطقة هي المحرك أو الدافع الأساسي له؟!

الأمر الذي يدفعنا إلى مناقشة هذه الفرضية وتحليلها بأمانة علمية موثقة، لمعرفة مدى تأثر الإدارات السياسية في كل من “واشنطن” و “تل أبيب” بهذه العقيدة، ومن ثم التطرق إلى كيفية استخدامها من أجل تنفيذ السياسات الاحتلالية الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد القدس، وتدمير الأقصى المبارك، وطرد الفلسطينيين من وطنهم كخطوة أولى في طريق تحقيق الوهم في بعث مملكة صهيون من النيل إلى الفرات كأداة استعمارية دائمة في العالم العربي حاضنة الحضارة الإسلامية.

وفي سبيل ذلك فإن الورقة ستناقش العناوين الفرعية من خلال المباحث التالية:

  • المبحث الأول: تعريف “الصهيونية ـ المسيحية”.
  • المبحث الثاني: تغلغل “الصهيونية ـ المسيحية” في الإدارة الأمريكية.
  • المبحث الثالث: القدس في مخططات “الصهيونية ـ المسيحية”.
  • المبحث الرابع: المراحل التنفيذية للمؤامرة على القدس.

مقــدمة:

على الرغم من احتلال الشطر الغربي من مدينة القدس سنة 1948، من قِبل العصابات الصهيونية المدعومة بريطانياً بالسلاح وفتح أبواب الهجرة الغير شرعية للصهاينة ضمن المخطط “منح اليهود وطن قومي” في فلسطين.

وذلك من خلال المؤامرة في تمرير قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) سنة 1947 والمعروف بقرار التقسيم[1]، حيث وضع هذا القرار مدينة القدس ـ بعد أن بيّن حدودها ـ تحت الوصاية الدولية حيث نص: “يجعل لمدينة القدس كيان منفصل (Corpus Sepratum) خاضع لنظام دولي خاص، وتتولى الأمم المتحدة إدارتها، ويعين مجلس وصاية ليقوم بأعمال السلطة الإدارية نيابة عن الأمم المتحدة”[2].

من ثم بعد إنهاء الانتداب البريطاني وفقاً للقرار السابق سارع الصهاينة إلى الأمم المتحدة للاعتراف بكيانهم على الأرض التي اغتصبوها بموجب قرار التقسيم، وكان ذلك في 15/5/1948 أو ما يُعرف بـ “يوم النكبة”.

  • فهل كانت تلك المؤامرة بعيدة عن تخطيط “الصهيونية ـ المسيحية”؟

إذا ما بدأنا بالحديث عن بريطانيا هنا، فأنني أعرض ما أفادت به هيئة الإذاعة البريطانية حول الدوافع خلف “إعلان بلفور” حيث أشارت: “من الأسباب التي دفعت بريطانيا لإصدار “وعد بلفور” سعيها للحصول على دعم اليهود الأمريكيين للضغط على واشنطن حتى تدخل الحرب العالمية الأولى معها، إضافة إلى تفسير آخر يقول إن هناك اعتقاد في العهد القديم يشير إلى حق “إسرائيل” في فلسطين، وفقًا لـ “بي بي سي”[3].

أما بالحديث عن الدور الأمريكي في هذا الشأن؛ فقد أرسل الرئيس الأمريكي “ترومان” برقية إلى السلطات البريطانية للسماح بدخول (100000) يهودي إلى فلسطين، كما أصدر الحزبين الديمقراطي والجمهوري قرارين في شهر 7/1944 يقضيان بتأييد إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، بالإضافة إلى الدور الأمريكي في تمرير قرارات الأمم المتحدة لصالح الصهيونية وضد الحقوق الفلسطينية المشروعة.[4]

 إلا أن الاحتلال لم يستطع الوصول إلى الجانب الشرقي من المدينة حيث المسجد الأقصى المبارك، جوهرة التاج للقدس وفلسطين عامة.

لذلك سعت الأمم المتحدة على إبقاء الوضع على ما هو عليه من خلال فرض الهدنة طيلة سنوات تشتت فيها الوطن الفلسطيني؛ وأصبحت القدس ضمن الضفة الغربية تتبع المملكة الأردنية الهاشمية حتى 7/6/1967 حتى بدأ العدوان الإسرائيلي الجديد على الدول العربية، وأصبحت القدس بالكامل كما هي فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي، حين دخل “الجنرال موردخاي جور” المسجد الأقصى المبارك في اليوم الثالث من بداية الحرب، ثم دخل جنوده، ورفعوا “العلم الإسرائيلي” على قبة الصخرة، وحرقوا المصاحف، ومنعوا المصلين من الصلاة فيه، وصادروا مفاتيح أبوابه، وأغلقوه على مدى أسبوع كامل منعوا خلاله الصلاة والأذان؛ ثم أعادوا مفاتيح الأبواب، باستثناء مفتاح باب المغاربة، إلى إدارة الأوقاف الإسلامية (المسؤولة عن إدارة شؤون المسجد الداخلية). وما زال الاحتلال حتى اليوم يرفض إعادته؛ لاستخدامه بوابة لإدخال اليهود والمتطرفين إلى المسجد، بدون إذن الأوقاف. كما تم الاستيلاء على حائط البراق، وتحويله إلى مزار لليهود؛ بينما منع المسلمون من دخوله[5].

أما بشأن الوضع تحت الاحتلال الصهيوني المستمر حتى يومنا هذا ـ رغم التضحيات الكبيرة والغالية التي قدمها ولا زال يقدمها الشعب الفلسطيني ـ فلا يخفى على أحد، الأشكال المتنوعة من العدوان ضد المدنيين العزل، والمقدسات، والأرض، والوجود والتراث الفلسطيني في المدينة، حتى وصل الأمر إلى ارتكاب الاحتلال صنوف شتى من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي وثقتها المؤسسات الدولية، وأدانتها الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية عبر المئات من القرارات الدولية والتوصيات.

ولعل أفظع اعتداء وقع على القدس في السنة الأخيرة هو إعلان “القدس عاصمة للاحتلال” هذا الإعلان الذي يُعتبر بمثابة “إعلان بلفور” الثاني “ممن لا يملك لمن لا يستحق”، فقد صدر هذا الإعلان في الذكرى المئوية لـ “إعلان بلفور” وتحديداً في 6/12/2017 بناءً على قرار من الرئيس الأمريكي “ترامب” مخالفاً كافة القرارات والأعراف الدولية، إضافة إلى مخالفته لسياسة سابقيه من الرؤساء الأمريكان، بالرغم من الرفض والإدانة العالمية لمثل هذه الخطوة الغير قانونية والأحادية الجانب، والغير مبالية بعاقبة الأمور.

  • وهنا من الواجب أن نسأل، ترى ما هي دوافع ترامب للقيام بهذا الإعلان؟

سبق أن قمت بالإجابة على هذا السؤال من خلال ورقة بحثية مُحكمة قدمتها لقسم التاريخ في جامعة الأقصى بتاريخ 1/3/2018 من خلال اليوم الدراسي الذي عُقد تحت عنوان: الولايات المتحدة والقضية الفلسطينية.

والتي أشارت فيها إلى ثلاث مجموعات من الدوافع وقفت وراء إعلان “ترامب المشؤوم” تتمثل في الدوافع السياسية، والقانونية، وأخيراً الدينية؛ وتعتبر الدوافع الدينية هي الباعث الأنسب الذي نرغب التركيز عليه في هذه الدراسة لصلتها المباشرة بموضوع البحث.

بدايةً، قد يكون من المناسب أن نُبين طبيعة العقيدة الدينية التي يدين بها “ترامب” حتى يتضح لنا حقيقة الدوافع الدينية التي وقفت خلف قراره باعتبار القدس “عاصمة للاحتلال، وهو ما نُشير اليه في السطور التالية.

 العقيدة الدينية للرئيس “ترامب”:

كشفت شبكة “سي إن إن” الأمريكية عن بعض التصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تظهر الديانة التي يعتنقها بعد توليه لمنصب رئيس الجمهورية، وقال ترامب إن الكثير من الناس لا يعلمون أنه “بروتستانتي”، مشيرا إلى أنه يعتقد أن الدين شيء رائع، ودينه رائع”. وأضاف موضحًا ” أن الوظائف ذات المسؤولية الكبيرة توجب الحاجة للرب أكثر من أي وقت مضى“.

وختمت “سي إن إن” التصريحات المختارة لترامب بحديث سابق له إبان حملته الانتخابية، يقول فيها إنه سيكون خير من يمثل المسيحيين في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.

وبما أن ترامب قد أوضح أنه “بروتستانتي”، إذن علينا أن نتعرف على طبيعة “الكنيسة البروتستانتية “وشكل الإيمان الذي يحمله ترامب ومدى تأثيره في شخصيته وقراراته

الكنيسة البروتستانتية: ـ

البروتستانتية هي أحد مذاهب وأشكال الإيمان في الشريعة المسيحية. تعود أصول المذهب إلى الحركة الإصلاحية التي قامت في القرن السادس عشر هدفها إصلاح الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا الغربية. وهي اليوم واحدة من الانقسامات الرئيسية في العالم المسيحي جنبًا إلى جنب الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية. وتعتبر الكنيسة الأنجليكانية في بعض الأحيان كنيسة مستقلة من البروتستانتية.

أبرز مقومات فكر البروتستانت اللاهوتي هي أنّ الحصول على الخلاص أو غفران الخطايا هو هديّة مجانيّة ونعمة الله من خلال الإيمان بيسوع المسيح مخلصًا، وتعارض سلطة الكهنوت الخاص باعتبار أن جميع المسيحيين يتمتعون بدرجة الكهنوت المقدسة.

وكما سبق الإشارة، لعل من أهم كنائس البروتستانت؛ الكنيسة الإنجليكية أو الأنجليكانية؛ وهي تعتبر نفسها جزء من الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية، كما وان البعض منهم يعتبرون كنيستهم كاثوليكية وتم إصلاحها.[6]

وهنا ايضاً يحق لنا السؤال عن علاقة “ترامب” وإدارته بالكنيسة الأنجليكانية، وعلاقة هذه الأخيرة بما يُسمى “الصهيونية المسيحية”، فما هي الكنيسة الأنجليكانية؟ وما هي علاقتها بـ “الصهيونية ـ المسيحية”؟

الكنيسة الأنجليكانية: ـ

الإنجليكية أو الأنجليكانية هي تقليد داخل المسيحية، يضم كنيسة إنجلترا والكنائس التي ترتبط بها تاريخيًا، أو تحمل معتقدات ذات صلة وثيقة بها، مثل كنيسة كندا الأنجليكانية والكنيسة الأسقفية البروتستانتية في أميركا وكنيسة اسكتلندا الأسقفية.

 يعود تاريخها إلى القرون الوسطى، وتكتب باللاتينية ecclesia Anglicana وتعني: الكنيسة الإنجليزية. تستخدم لوصف الناس والمؤسسات والكنائس فضلًا عن التقاليد الدينية والطقوسية والمفاهيم المتقدمة التي انشئت في كنيسة إنجلترا الأنجليكانية والكنائس الأنجليكانية المستقلة التي انفصلت عن الاتحاد الأنجليكاني نتيجة للاختلافات المذهبية والطقسية مع مختلف الدول، وفي بعض أجزاء العالم، تعرف الأنجليكانية بالأسقفية.

 الايمان الأنجليكاني هو واحد من أكبر العقائد البروتستانتية ـ بدون أي شخص مهيمن مثل لوثر، وكالفين، ونوكس، أو يسلي، في حين أن البعض منهم يعتبرون كنيستهم كاثوليكية وتم إصلاحها، أي هي كنيسة “غير بابوية”.

ولكن كثير من الانجليكانيين يهتمون بالهوية الذاتية ويعتبرونها تمثل مزيج من الاثنين، وهم يتواصلون مع رئيس اساقفة كانتربري.

والإنجليكانية هي من أكبر الطوائف المسيحية في العالم، وفيها حوالي 73 مليون عضو.[7]

ومن الجدير بالذكر أنه تأكيداً على هذه النزعة الدينية وعملاً بالعادة المتبعة من قِبل الرؤساء الأمريكيين منذ عهد جيمس ماديسون، الرئيس الرابع للولايات المتحدة، قام “ترامب” بالصلاة وحضور حديث القداس في كنيسة سانت جون الأسقفية، التي يفصلها متنزه “لافاييت” عن البيت الأبيض، كأحد أبرز التقاليد التي يقوم بها الرؤساء الأميركيون الذي بدأه “فرانكلين روزفلت” في العام 1933 بحضور قداس في صباح يوم التنصيب، مما يؤكد على أهمية هذه الكنيسة لدى “ترامب” وإدارته كما كنت مهمة لدى الرؤساء السابقين[8].

أما عن العلاقة بين هذه الكنيسة وما يسمى بـ “الصهيونية ـ المسيحية” فمن الثابت أن هذه التسمية تطلق في العادة على معتقد جماعة من المسيحيين المنحدرين غالباً من الكنائس البروتستانتية الأصولية والتي تؤمن بأن قيام “دولة إسرائيل” عام 1948 كان ضرورة حتمية لأنها تتمم نبوءات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وتشكل المقدمة لمجيء المسيح الثاني إلى الأرض كملكٍ منتصر[9].

ولكي نكون على فهم أكبر حول ما الذي يتغلل في فهم هذه الكنيسة من أبعاد تتعلق بالقدس تحديداً؛ علينا أن نعرف أكثر عن مصطلح ” الصهيونية ـ المسيحية ” والذي ينتشر بين الكثير من أفراد الإدارة الأمريكية الجديدة، إضافة إلى الكونغرس وعالم السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية؛ فما الذي يعنيه هذا المصطلح؟

للإجابة على هذا السؤال؛ لابد لنا أن ننتقل للمبحث الأول كي نسعى إلى تفسير مصطلح “الصهيونية ـ المسيحية” تفسيراً دقيقاً قادر على الإجابة على كافة جوانب المصطلح المذكور.

المبحــث الأول ـ تعريف “الصهيونية ـ المسيحية”.

لا شك أن من الجدير بالذكر أن نقدم تعريفياً للصهيونية قبل الحديث عن مصطلح “الصهيونية ـ المسيحية” لعل ذلك يُقدم بعداً آخر للمصطلح، ومن هنا لابد لنا من البحث عن معنى الصهيونية!

الصهيونية ودلالتها:

تجد كلمة الصهيونية أصلها في كلمة “صهيون”، وهذه الكلمة يُفسرها اليهود على ثلاث معانٍ هي:

  • أولها: بمعنى مدينة الملك الأعظم، أي مدينة الإله ملك “إسرائيل”.
  • الثاني: اسم حصن بناه نبي الله داوود ـ عليه السلام ـ حسب ما جاء في التوراة في مدينة القدس.
  • الثالث: هو اسم جبل يقع إلى الشرق من القدس.

أما مفهوم الصهيونية في معناها السياسي المعاصر؛ “فهي الفلسفة القومية لليهود، والتي أخذ اليهود تعاليمها من التوراة كتابهم المقدس، وتلمودهم حيث يعبر عن سيرتهم التي كتبها حاخاماتهم خلال مسيرة التغرب والشتات، وأخيراً أخذت الصهيونية بروتوكولات حكمائها كخطة يسيرون عليها في تحقيق أهدافهم في أرجاء العالم”.[10]

بينما يرى د. عبد الوهاب المسيري في كتابه المعنون؛ الصهيونية والحضارة الغربية الحديثة، أنه “شاع في الخطاب التحليلي العربي أن الصهيونية تضرب بجذورها في التوراة والتلمود والتقاليد الدينية والإثنية اليهودية.

وبدلاً من دراسة الظاهرة الصهيونية وأبعادها التاريخية والاجتماعية والثقافية، باعتبارها ظاهرة غربية استعمارية استيطانية إحلاليه، انطلق الباحثون إلى بطون الكتب الدينية اليهودية يحاولون تفسير سلوك الصهاينة.

ويضيف د. المسيري : ” أعتقد أن ثمة خللاً تصنيفياً أساسياً هنا، فالصهيونية .. ذات جذور غربية إُضيفت لها ديباجات يهودية. فالبعد اليهودي في معظم الأحيان زخرفي تبريري، أضيف من أجل مقدرته التعبيوية

وأن الصهيونية ليست مجرد انجراف عن الحضارة الغربية الحديثة كما يحلو للبعض القول، إنما هي إفراز عضوي لهذه الحضارة ولما نسميه بالحداثة الدراواينية، أي الحداثة التي ترمي إلى تحويل العالم إلى مادة استعمالية توظف لمصلحة الأقوى”.[11]

لذلك نرى أنه من الأرجح تعريف الصهيونية بأنها: “مجموعة من المعتقدات التي تهدف إلى تحقيق برنامج بازل الذي وضع عام ١٨٩٧ بشكل عملي. وعلى ذلك فالصهيونيون؛ “هم أولئك الذين يعتبرون الطائفة المعروفة باسم اليهود شعباً قومياً مستقلاً ينبغي إعادة توطينه ككيان سياسي مستقل في فلسطين لكي يقيم هناك دولة قومية خاصة باليهود وحدهم” [12]“.

وهذا الرأي يعتبر أن “ثيودور هيرتزل” هو الأب الروحي للصهيونية حينما نشر كتابه “الدولة اليهودية” سنة 1896 ونشر أفكاره في “مؤتمر بازل” في العام التالي، واعتبرت الصهيونية أداة أيدولوجية لكسب التأييد الدولي لإقامة “دولة يهودية” في فلسطين.

لكن من المهم التذكير بأن أثارة قضية الطبيعة الحقيقية للصهيونية قد أثارت الاهتمام العالمي من جديد عندما صدر في العاشر من نوفمبر عام ١٩٧٥ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ٣٣٧٩ (الدورة ٣٠) الذي ينص على أن ” الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”، ويعتبر تبني هذا القرار المرة الأولى التي ترفض فيها غالبية أعضاء الأسرة الدولية بشكل صريح العرض التقليدي للحركة الصهيونية على أنها “حركة التحرير الوطني للشعب اليهودي “.[13]

وقد أثبت التاريخ والواقع صدق هذا القرار مع صدور “قانون القومية” أو ما يُعرف بقانون “يهودية الدولة” عن “الكنيست الإسرائيلي” أواخر السنة الماضية 2018.

أما إذا أردنا الحديث عن “الصهيونية ـ المسيحية” أو يحلو للبعض تعريفها باسم “الصهيونية غير اليهودية”

فكما سبقت الإشارة، هو “الاسم الذي يطلق عادة على معتقد جماعة من المسيحيين المنحدرين غالباً من الكنائس البروتستانتية الأصولية والتي تؤمن بأن قيام “دولة إسرائيل” عام 1948 كان ضرورة حتمية لأنها تتمم نبوءات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وتشكل المقدمة لمجيء المسيح الثاني إلى الأرض كملكٍ منتصر”.

 يعتقد الصهاينة المسيحيون أنه من واجبهم الدفاع عن “الشعب اليهودي” بشكل عام وعن “الدولة العبرية” بشكل خاص، ويعارضون أي نقد أو معارضة “لإسرائيل” خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يشكلون جزءاً من اللوبي المؤيد “لإسرائيل“.

وتقول هذه النظرة بعودة «المخلّص» إلى عالمنا، لتخليصه من الشرور، حين تكتمل جملة شروط هي: قيام دولة “إسرائيل” أوّلاً؛ ونجاحها في احتلال كامل “أرض التوراة”، أي معظم المشرق؛ وإعادة بناء الهيكل الثالث في موقع، وعلى أنقاض، قبّة الصخرة والمسجد الأقصى؛ وأخيراً، اصطفاف الكفرة أجمعين ضدّ “إسرائيل” في موقعة ختامية سوف يشهدها وادي “أرماغيدون” ـ مرج ابن عامر ـ حيث سيكون أمام اليهود واحد من خيارين: إمّا الاحتراق والفناء، أو الاهتداء إلى المسيحية، الأمر الذي سيمهّد لعودة المسيح المخلّص.

ويشهد بهذا الكلام أيضا كتاب صدر في الولايات المتحدة الأمريكية تحت عنوان “قدوم مملكة (تنامي النزعة القومية المسيحية في الولايات المتحدة) ” للكاتب “ميشيل غولدبرج” وقد صدر في 2006، وفيه يرصد الكاتب مدى تغلل هذه الظاهرة في أوساط الحزب الجمهوري تحديداً منذ الرئيس ريغان.[14]

ويرى البعض أن الجذور الاجتماعية السياسية للصهيونية غير اليهودية أو “الصهيونية ـ المسيحية” قد برزت أولاً في المحيط الديني الذي كان سائداً في الدول الانجلوساكسونية البروتستانتية.

ومع مر الأيام تطورت هذه الأفكار وأصبحت جزءاً راسخاً من الثقافة الغربية مع أن الصهيونية لم تهجر ميدان الدين والرمزية إلى العمل في السياسة إلا في القرن التاسع عشر. وكان هناك توافق بين الصهيونية كعقيدة قومية والسياسة الاستعمارية السائدة.

ووصفنا للعنصر الصهيوني غير اليهودي في عصر الاستعمار والتوسع فيما وراء البحار في القرن العشرين ستكشف بالضرورة صورة تواطؤ الصهيونية مع القوى الرجعية كالاستعمار واللاسامية.”[15]

فقد أدت الصورة التوراتية كقوة متماسكة في الثقافة الغربية إلى الصورة الثانية بشكل غير مباشر، وهي صورة التماثل الذاتي مع الصهيونيين.

فالإسرائيليون في نظر الأميركيين قوم مجدون ورواد، ودعاة للمساواة بين البشر ومغامرون-وهي الصفات التي ميزت الرعيل الأول من الرواد والمستوطنين الأمريكيين، وتبعا لهذه الصورة المألوفة فإن الاستيطان اليهودي في فلسطين مشابه للمستوطنات المسيحية الأولى التي أصبحت تشكل الولايات المتحدة أو جنوب إفريقيا وقد عبر القس البروتستانتي “جون هاينز” عن هذه الصورة خلال زيارة قام بها إلى فلسطين عام ١٩٢٩”.[16]

وهذا يؤكد الطبيعة الاستعمارية “للمسيحية الصهيونية” أو غير اليهودي، كما يؤكد على مدى دقة وصدق الوصف التاريخي لحقيقة الصهيونية التي أوردها قرار الأمم المتحدة الذي أوردناه في بداية هذا الفصل والذي يصف الصهيونية بأنها أحد أشكال التمييز العنصري حتى أصبح من المقبول التعميم بأن “الصهيونية ـ العنصرية” واعتبارها “شكلاً من أشكال التمييز العنصري”.

لذلك يتضح لنا أن ما تدعيه “الصهيونية المسيحية” بإحياء صهيون على أنقاض المجلس الأقصى والاستيلاء على القدس وفلسطين من أجل عودة ” المسيح المخلص ” وأن على اليهود التحول إلى المسيحية؛ وإلا فإن مصيرهم الحرق أو الفناء، كما سبق ذكره.

 فإن ذلك كله يتناقض مع فهم من أبناء الكنائس الكبيرة من الطوائف الكاثوليكية والأرثوذكسية؛ بل حتى اليهود من أبناء ناطوري كارتا، أو يمكن القول؛ بأنه يخالف ما ورد النص عليه في العهدين القديم والجديد وما هي إلا ستار لتغليف أطماعهم الاستعمارية المحرك الأساسي لهذه المؤامرة.

المبحث الثاني: تغلغل “الصهيونية ـ المسيحية” في الإدارة الأمريكية.

مما لا شك فيه أن تغلغل “الصهيونية ـ المسيحية” يعود في أصوله إلى الكنيسة التي هي مركب أساسي من مركبات المجتمع الأمريكي، وخاصة “الكنيسة البروتستانتية” السابق الإشارة إليها في المبحث الأول.

لكن يرى مراقبون أن اللوبي الصهيوني متجذر في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يسيطر على مختلف القطاعات الحيوية بها، من اقتصاد وسياسة وفن وإعلام وسينما، حتى أن البعض ذهب إلى أن اللوبي الصهيوني هو من يحدد رئيس البيت الأبيض ويؤثر على صناعة القرار داخله، لكونه يمتلك المال والنفوذ، رغم تشكيل معتنقيه أقلية فقط، إذ لا تتعدى نسبة اليهود من سكان أمريكا سوى 2 في المائة، ورغم ذلك فهم يشكلون أغلبية حين يتعلق الأمر بـ “إسرائيل” والشرق الأوسط.

ويرى محللون أن قوة يهود أمريكا وصهاينتها تنبع من أنهم تمكنوا من تحقيق درجات عالية من التأثير، توازي أضعاف حجمهم السكاني، فهم يعدون الممولين الكبار لحملات الرئاسة الأمريكية، إذ يمولون 60 في المائة من تكاليفها.

 ولأن حملات الرئاسة الأمريكية باهظة التكاليف، فإن المرشحين الأمريكيين لرئاسة البيت الأبيض، يحتاجون دعم المنظمات الصهيونية للوصول إلى سدته، وبذلك يعملون لاسترضاء هذه الأقلية الثرية بشتى الوسائل، خاصة تلك التي تتعلق بخدمة مصالحها وكل ما يتعلق بسياستهم تجاه الشرق الأوسط، طمعاً واستدراراً لعطفهم المادي ودعمهم المعنوي، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق أيضا على مرشحي مجلسي الشيوخ والنواب.

فلا يمكن لأي من المرشحين أن يصل إلى مراكز القرار الأمريكية، دون إشارة أو تدخل من لوبي الصهيونية، لكونه هو من يحدد تفاصيل حكم البيت الأبيض، بدءاً بسياساته، وانتهاء بمن ينفذ القرارات داخله.

بحيث لا يتقدم إلى الأمام إلا من أعطى تعهدات أفضل وأكثر ليهود أمريكا والمصالح الصهيونية الإسرائيلية.[17]

وهذا الأمر ينطبق على الإدارة الأمريكية الحالية، فالجميع يدرك طبيعة العلاقة بين الرئيس “ترامب” والملياردير الصهيوني “شيلدون إديلسون” الذي ساهم بشكل مؤثر في حملة “ترامب” الانتخابية التي فاز فيها على المُنافسة “كلينتون”، ففي تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، أشارت إلى التأثير الكبير لـ “شيلدون” على سياسات “ترامب” بشأن “إسرائيل”، خاصة فيما يتعلق بقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

وعلى الرغم من أن ذلك يعتبر ذلك تغييراً جذرياً في السياسة الأميركية، إذ اعتادت تمويل مؤسساتها الدبلوماسية بنفسها دون الحصول على تبرعات من أشخاص، لذلك، يدرس محامو الخارجية هذا التبرع من الناحية القانونية.

وتتلمس الإدارة مساهمات فردية ليس من “إديلسون” فقط، بل من المانحين الأفراد في المجتمعات اليهودية والإنجيلية الأميركية، وقال أحد المسؤولين إن “إديلسون” عرض دفع الفرق بين التكاليف، التي يتوقع أن تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، وما تستطيع الإدارة جمعه.

وتحت أي ظرف من الظروف، فإن السماح للمواطنين بتغطية تكاليف أي مبنى حكومي رسمي من شأنه أن يكون ابتعاداً كبيراً عن تقليد سياسي أمريكي أو عرف جرى اتباعه طيلة السنوات الماضية.

 كما إنه بالنسبة لقضية القدس، فسوف يضيف ذلك أيضاً مستوى آخر إلى الجدل الدائر حول قرار “ترامب” نقل السفارة، الذي رافقه غضباً شعبياً وسياسياً، بالإضافة إلى العديد من الإدانات الدولية، خاصةً بالنظر إلى اصطفاف “إديلسون” طويل الأمد مع سياسيات اليمين الإسرائيلي.[18]

وإذا ما أضفنا بأن تغلغل “الصهيونية ـ المسيحية” لا يقف عند حدود الرئاسة الأمريكية، إذ يوصف “الكونغرس” بأنه نسخة أكبر من “الكنيست الصهيوني”، وذلك باعتبار أن معظم أعضائه يؤيدون “الكيان الصهيوني” تأييداً عميقاً وثابتاً، ولقد كان “الكونغرس” دوماً صاحب العديد من المبادرات المنحازة بصورة سافرة “للكيان الصهيوني” التي لم تأتي في هذه الفترة المتأخرة في عمر العلاقة بين الولايات المتحدة والاحتلال.

 ففي عام 1922، اتخذ “الكونغرس” قراراً، وقّع عليه الرئيس “هاردنج” جاء فيه: ـ “بأنه نتيجة للحرب، أعطى “بني إسرائيل” الفرصة التي حرموا منها منذ أمد بعيد لإقامة حياة وثقافة يهوديتين مثمرتين في الأراضي اليهودية القديمة، وإن “كونغرس الولايات المتحدة” يوافق على إقامة “وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي”.

كما وبرز في عدة سنوات حركة انتقال مراكز الصهيونية العالمية وأجهزتها القيادية من أوروبا إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وحصلت عمليات تقارب واسعة بينها وبين الأجهزة السياسية والدعائية والاقتصادية للولايات المتحدة بعد اختيارها كمركز للصهيونية العالمية.

أما بخصوص الحركة المسيحية الصهيونية فقد نشطت في تكوين المنظمات والهيئات الشعبية والدينية لتوفير الدعم المعنوي والمادي من أجل تحقيق النبوءات التوراتية، ومنها؛ “الاتحاد الأميركي من اجل فلسطين للدفاع عن تأسيس الوطن القومي اليهودي”، كذلك “اللجنة الأميركية من أجل إعادة اليهود إلى فلسطين”، وقد ضمت اللجنة 68 عضواً من مجلس الشيوخ، و200 عضو من مجلس النواب، وعدداً من رجال الدين الإنجيليين، ورجال الأعمال وأساتذة جامعات وصحافيين وأدباء مشهورين ،فالانتقال بالإيمان من الروحي إلى الممارسة السياسية، يحتاج إلى جهود تقوم بها منظمات ومؤسسات متخصصة ومتفرغة، وهذا ما قامت وتقوم به الحركة الصهيونية المسيحية منفردة.

 وهنا يجدر الذكر، أن نُقدم مثالاً خطيراً على الدور الذي يقوم به ممثلي تيار المسيحية الأصولية أو الصهيونية اليوم، وهم ما يُسمى بجماعة “السفارة المسيحية العالمية في القدس”.

فقد تأسست هذه السفارة سنة 1980 رداً على سحب ثلاثة عشرة دولة سفاراتها من القدس استنكاراً لإعلانها عاصمة للاحتلال، ولهذه السفارة فروع في خمسين دولة في العالم، ولها في الولايات المتحدة الأميركية عشرون مكتباً قنصـلياً، تقوم بعمل دعائي من مختلف الأنواع، وتجمع المساعدات المالية والعينية وتسوق البضائع الإسرائيلية.

 وهنا يمكن القول بشكل صريح لا لبس فيه، إن “السفارة المسيحية” في القدس هي مثال واضح ومفضوح لانحياز التيار المسيحي الأميركي الصهيوني “للكيان الإسرائيلي”، ولتوظيف الدين توظيفاً مغرضاً في السياسة.

أخيراً، يتضح لنا أن أصالة الالتزام الأميركي بـ “إسرائيل” ليست مستمدة من العامل اليهودي أو اللوبي الصهيوني فقط بل من طبيعة المجتمع الأميركي وإيمانه الراسخ بالأفكار الدينية التي تتبنها “الصهيونية ـ المسيحية” الأصولية، فكثير من المواقف والنشاطات الصهيونية غير اليهودية ذاتية وليست مجرد استجابات للضغوط الصهيونية أو الإسرائيلية.

 زد على ما سبق أنما بات يعرف بـ “المحافظين الجدد” يتواجدون الآن وبقوة في مواقع صنع القرار في الإدارة الأمريكية والبنتاغون، وهؤلاء المحافظون الجدد يمثلون جميعا خطاً مؤيداً “للكيان الصهيوني” بالكلية لأن هذا الكيان من وجهة نظرهم يجلب لهم الخلاص المسيحي.[19]

أو إذا ما شئت القول تماثل الصورة بشكل مطلق بين “الكيان الاحتلالي الإسرائيلي” والولايات المتحدة الأمريكية في النشأة، والممارسة السياسية اللاقانونية والغير أخلاقية، إضافة إلى وحدة الأطماع الاستعمارية.

المبحث الثالث: القدس في مخططات “الصهيونية ـ المسيحية“.

بدايةً، لعله من المهم قبل الحديث عن تفاصيل المخططات “الصهيو ـ مسيحية” في القدس أن نُشير هنا إلى نقطة غاية في الأهمية حول مقاصد “الساسة الصهيونية وقادتها” من مفهوم “الحدود الآمنة” كما وردت في كتاب “أورشليم القدس في الفكر الديني اليهودي”، وهي التي تعكس الحقيقة الاستعمارية لأصحاب هذه النزعة، حيث جاء النص: ـ

“إن ساسة الصهيونية وقادتها، عندما يتحدثون عن حدود آمنة، لا يقصدون حدوداً جغرافية على نحو ما تطلب سائر الشعوب، بقدر ما يهدفون إلى حدود حضارية وديموغرافية بمعنى أنه ينبغي ـ في اعتقادهم ـ أن يخلو الوطن المنشود من العرب، والعكس كذلك، إن مجرد التعايش العربي ـ اليهودي يُشكل خطراً على الوجود اليهودي في حد ذاته.

 وهذا الزعم هو الذي جعل أحد كبار مفكريهم “آحاد هعام” ـ الشعب الواحد، وهو اللقب الذي اشتهر به الكاتب اليهودي الروسي الأصل آشير تسڤي هيرش كينتسبرك ـ في بحث له بعنوان: “ليس هذا هو الطريق” يقول إن الوطن القومي اليهودي الذي تنشده الصهيونية الحديثة في فلسطين، قد يكون أشد خطراً على اليهود أنفسهم، ويؤكد “آحاد هعام” في بحثه على أن الوطن القومي الآمن لليهود هو وطن فكري وديني بحت، وطن يتكون من التوراة والتلمود”.[20]

أما المسألة الثانية الهامة في هذه المسألة، فهي مسألة “قداسة أورشليم”، حيث يرى فريق من الباحثين أن “قداسة “أورشليم”، عند بني إسرائيل؛ هي قضية مضطربة للغاية، إذ أن موقف القوم منها غامض إلى أن وقع التدمير البابلي لها. لم يذكرها ” موسى ” ـ عليه السلام ـ، ولم تنعم بنزول التوراة فيها، ولم يكن هيكلها مقدساً عند بانيه وورثته.

وما زالت قداسة “أورشليم” ـ حتى اليوم ـ محل خلاف بين الإسرائيليين أنفسهم، إذ يقول أمنون كوهين:

“إن مصدر الانطباعات القوية التي تعكسها القدس في أذهان العامة والخاصة عبر التاريخ وحتى أيامنا هذه ناجم بالطبع عن أهميتها الدينية والثقافية، صحيح أن بوادر التوحيد لم تنشأ في جبالها إلا أن المدينة كانت ولأول مرة عاصمة كيان سياسي، ألا وهو مملكة داود وسليمان، التي تبلور كيانها بفكرة الإيمان بإله واحد، وأصبحت اليهودية فيها شعاراً وواقعاً في الوقت نفسه”.[21]

ومما يخلص لنا أن مخططات “الصهيونية ـ المسيحية” مهما كانت فهي ترتكز على مفاهيم عنصرية تنفي الآخر ـ صاحب الحق القانوني والتاريخي ـ، وتتخذ من الدين شعاراً وستاراً لأن الدين الحق يرفض المفاهيم العنصرية.

وهكذا أصبح الوقت متاحاً لنا لمناقشة هذه المخططات العنصرية.

وحفاظاً على طبيعة الورقة البحثية، نعرض هذه المخططات في صورة نقاط موجزة تكفي للربط بما يجري على أرض الواقع، ويرى الباحث أن هذه المخططات تعتمد على اعتقادات دينية ذات صبغة سياسية ضمن معتقدات المسيحيين الصهاينة مجملة بما يلي: ـ

  • أـ المسيح قادم ليحكم اليهود في فلسطين مدة ألف عام.
  • ب ـ تجميع كل يهود العالم في فلسطين.
  • ج ـ بناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى المبارك.
  • د ـ القدس هي العاصمة الأبدية لـ “إسرائيل”.
  • ه ـ على الحكومات أن تعترف بـ “إسرائيل” دبلوماسياً لتدعمها دوليا ً، وتعارض أي مقاطعة اقتصادية لها.
  • و ـ السماح لهجرة اليهود من جميع أنحاء العالم وخاصة من الاتحاد السوفيتي.
  • ز ـ على جميع الدول نقل سفاراتها إلى القدس.
  • ح ـ على جميع الشعوب الصديقة أن تكف على تسليح أعداء “إسرائيل”.
  • ط ـ على جميع الحكومات أن تتوقف عن استضافة الإرهابيين.
  • ي ـ تشجيع توطين اللاجئين واستيعابهم في البلاد العربية، لأن نداءات القادة العرب عام 1948 م هي التي أجبرتهم لإخلاء ميادين القتال.
  • ك ـ الاستيطان في الأجزاء من الأرض غير الآهلة بالسكان.
  • ل ـ وختاماً، إن أسوأ هذه الترهات هو ما يمس الذات الإلهية، إذ يعتقدون أن المسيحيين يدانون فقط من خلال الأعمال التي يُقدمون بها مصلحة “إسرائيل”، وسيتعرضون إلى حساب آخرة مخّفف إذا ما شاركوا في أعمال تهدف إلى تقديم المساعد ة والدعم لدولة “إسرائيل.”[22]

إذن، هذه النقاط الموجزة تعكس المخططات “الصهيو ـ مسيحية” في فلسطين عموماً، وفي القدس على وجه الخصوص، معتمدة في ذلك على مظاهر واضحة من النوازع الأيدلوجية الدينية، أو الأطماع الاستعمارية في المنطقة، مما يُتيح لنا الفرصة للنظر في المراحل التنفيذية التي قطعتها هذه المؤامرة.

المبحث الرابع: المراحل التنفيذية للمؤامرة على القدس.

كما يقال، ” حينما أُنشئت عصبة الأمم المتحدة بموجب معاهدة فرساي لإزالة الحروب، فقد كانت العامل على إثارة أكبر حرب أخرى”[23]

فهى من أقرت الاحتلال البريطاني في فلسطين، التي إعتبرتها ضمن أملاك “الرجل المريض” تركيا، ومن ثم هي من حولت الاحتلال البريطاني وخططه الاستعمارية ضد فلسطين إلى إنتداب، ليتراجع الحق الفلسطيني في الاستقلال، ويُفتح باب الهجرة الغير شرعية والاستيطان الاستعماري الإحلالي لليهود في فلسطين، وبذلك تكون قد مهدت الطريق للمؤسسة الدولية الثانية “الأمم المتحدة” لاستكمال المخططات الاستعمارية للإزالة فلسطين؛ وخلق “مملكة صهيون”.

وهكذا تكون المرحلة التنفيذية الأولى قد جرت بمبادرة “عصبة الأمم”، بإقرار الاحتلال البريطاني، ثم الانتداب، وفتح باب الهجرة الغير شرعية، والشروع بالاستيطان الاستعماري الإحلالي في فلسطين.

أما المرحلة الثانية، فقد بدأ الشروع بها مع نشأة “الأمم المتحدة” ـ حارسة السلم والأمن الدوليين ـ التي أقرت الانتداب البريطاني ومخططاته الإستعمارية في فلسطين، منح العدوان اليهودي في فلسطين المساحة والدعم اللازم لنشوء كيان غاصب وامتهان الحقوق الشرعية للفلسطينيين، فرض التقسيم لوطن لم ولن يكون لليهود أي حق فيه، ثم الاعتراف بهذا “الكيان” بالمكر والخديعة، وأخيراً الهدنة.

أما المرحلة الثالثة والممتدة رغم الحروب العدوانية المتكررة فهي تتركز على الاستمرار في “الهدنة” لتحافظ على استمرار التوسع والاستيطان الصهيوني. فحين وقعت حرب حزيران 1967، حيث وسعت “إسرائيل” رقعة وجودها رغم معاضة جميع الدول، فتحركت هيئة الأمم وقررت وجوب انسحابهافوراً.

لكنها لم تفعل ولا تزال ترفض التقيد بالقرار علناً، فلما أوشكت على مواجهة المصير المحتم بعد حرب تشرين الأول طلعت (الدولتان) باقتراح عقد هدنة وبدء مؤتمر (سلام) في جنيف يترتب عليه تحقيق العدالة والسلام لصالح الجانبين! وانخدع بعض الرؤساء العرب”.[24]

أما المرحلة الرابعة ـ مرحلة السلام ـ فهي المرحلة التي شهدت ما يُسمى بـ “اتفاقيات السلام” مع الاحتلال؛ “كامب ديفيد” (1978)، “أوسلو”(1993) و “وادي عربة” (1994) هذه الاتفاقيات الرسمية أدت إلى الاعتراف الرسمي بـ “الكيان الصهيوني” كدولة على أرض فلسطين التي احتلها سنة 1948 دون أي مقابل سياسي حقيقي، ودون أن تُعطي الفلسطينيين الاعتراف بحقهم بدولة على حدود (1967)، بالرغم من الاستيطان والتهويد المستشري في القدس والأراضي الفلسطينية.

أما المرحلة الخامسة، فهي للإسف المرحلة الحالية ـ التي نحياها ـ والتي بدأت فصولها السنة الماضية بإعلان “ترامب” الاعتراف بالقدس العاصمة الموحدة لاحتلال، ونقل سفارة بلاده اليها.

ولعلها تعتبر المرحلة الأخطر من ضمن هذا المخطط فهي ترتكز على “خدعة تجاوز القانون الدولي” أي تجاوز المبادئ القانونية التي استقرت عليها الدول المتحضرة لسنوات طويلة في علاقاتها مع بعضها البعض، حتى ما يُعرف منها بـ “العرف الدولي”، أو ما أصبح منها ضمن مبادئ وأهداف وقرارات ” المنظمات الدولية ” وهي من أهم أشخاص القانون الدولي، بل أكثر من ذلك فقد تجرأ “ترامب” في هذه المرحلة أن يتحدى المحاكم الدولية بالعقاب إذا ما عملت على تأدية الواجب المناط بها في تحقيق العدل الدولي.

هذه المرحلة خطيرة جداً لأنها تعمل على تهويد القدس بشكل كامل، وتسعى على نزع الطبيعة العربية الإسلامية للمدينة، وأن ملكيتها تعود للشعب الفلسطيني بكافة طوائفه الدينية، وإنما هي ملك خاص باليهود الصهاينة الإستعماريين؛ ونواة “مملكة صهيون”.

أما المرحلة الأخيرة، فهي ترتكز على طرد الفلسطينيين من وطنهم؛ لأن بقاء أي فلسطيني في هذه الأرض يعتبر فشلاً ذريعاً للخطة، ونذيراً بالمقاومة المستمرة لإمكانية تنفيذها لتمتد على مجمل مساحة “إسرائيل التوارتية” من النيل إلى الفرات ـ كما يزعمون .

هذه المرحلة لا يمكنها الاعتماد على “اليهود” للإنتشار على مساحة “الشرق الأوسط” لأن أعدادهم لا تكفي للحكم في فلسطين، فكيف تكفي للحكم ما بين “النيل إلى الفرات” بل هي تعتمد على “الجيوس الغربية” أي على جيوش “الصهيونية ـ المسيحية” التي تسعى على السيطرة النهائية على الموارد والثروات الطبيعية في المنطقة بصورة مطلقة ونهائية.

وكما يرى أحدهم أن صراع الموارد المستقبلي يحمل أيضاً خطراً كبيراً على القوى الكبرى، فإن هذا الاقتتال سبرهن أنه أكثر شدة وعنفاً، وأن الجنود المرسلون من قبل القوى الخارجية لحماية مواقع الإمداد في الأراضي النائية معرضين للخطر في ساحة المعركة وبعيداً عنها، كأهداف للإرهاب، بل إن من المحتمل أن يصبح الإرهاب سمة مشتركة لحروب الموارد المستقبلية.

إن وجود الجنود الأجانب في المناطق المنتجة للموارد سوف يثير الاستياء بين أولئك الذين يعيشون في المنطقة، وخصوصاً إذا كانوا يعتبرون هذه الموارد بمثابة جزء من حقهم الطبيعي المكتسب منذ الولادة.[25]

خاتمة وتوصيات.

تخلص هذه الدراسة على أن القدس لما لها من مكانة دينية خاصة في قلوب المؤمنين حول العالم، فقد كانت في فكر القوى الاستعمارية، فكانت بمثابة الغاية التي تبرر استعمار هذه المنطقة الغنية بالثروات والموارد الطبيعية المتعددة، والتي لا يمكن للعالم الاستغناء عنها.

ومن ثم كانت الوسيلة لهذه القوى في العمل على تشكيل “تحالف غير مقدس” يجمع ما بين “محتكري الثروات من الصهاينة” و “غلاة رموز الاستعمار الصليبي” لخلق ما يُسمى بـ “الصهيونية ـ المسيحية”، وسعوا إلى ذلك بالخروج عن مبادئ ” الشريعة المسيحية ” التي تدين بها الطوائف المسيحية المتعددة، ولا يقبل بها غير “الصهاينة” من اليهود، فكانت لهم كنيستهم الخاصة هي “الكنيسة الأنجليكانية”، وكان لهم “اللوبي الصهيوني” القوي والمحصن في الولايات المتحدة الأمريكية.

فما كان لهذه “العصابة الاستعمارية” إلا أن أمعنت في تزيف روايات من “العهدين القديم والجديد” لتبرر مخططها في السيطرة على ” القدس ” بهذه الذرائع الإيدلوجية كي تتمكن من الولوج إلى المنطقة للسيطرة النهائية على كافة ثرواتها ومواردها الطبيعية ـ حتى المياه منها ـ فهم لا يرون بأن ” أصحاب الأرض ” من شعوب المنطقة أهلاً لهذه الثروات، بل هي حق لهم دون غيرهم لذلك يجب الحيازة عليها بكافة الصور من الخديعة أو الحروب أو التعاون الدولي والتطبيع، حتى لا يبقى أياً منها بأيدي أصحابها الشرعيين.

وكان لهم استخدام المال ووسائل الإعلام والضغوط التي يملكونها لوضع من يؤمن بأفكارهم أو يناسبها في سدة الحكم، فقط لخدمة معتقداتهم ومصالحهم، وتغلغلوا داخل إدارات الحكم المختلفة في عدد من البلدان أهمها الولايات المتحدة وبريطانيا، وأوجدوا “ربيبتهم” في فلسطين، وزوروا وجودها على الأرض بقرارات غير عادلة من المنظمات الدولية.

لتبدأ مراحل تنفيذ المؤامرة بالعدوان، والحرب، والاستيطان وكافة الجرائم الدولية التي يمكن معاينتها بشكل سافر في فلسطين، وصولاً إلى المرحلة قبل الأخيرة بإعلان “أورشليم عاصمة أبدية للاحتلال”.

أما في الحديث عن التوصيات من هذه الورقة، فيمكن تلخيصها بالآتي:

  • أولاً ـ على الرغم من خطورة المؤامرة، وإجرام المتآمرين إلا أنه من الممكن إفشالها بالإيمان بالله، والوعي بعدالة القضية الفلسطينية، والوحدة بين كافة أبناء الوطن الواحد.
  • ثانياً ـ العمل على فضح أبعاد المؤامرة، والتصدي بخطوات جادة ضد جميع مراحلها.
  • ثالثاً ـ رص الصفوف واستعادة الوحدة الوطنية الصادقة، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالحة الحزبية الضيقة.
  • رابعاً ـ رفض أشكال الدعم المشروط كونه “مشبوه” ويهدف إلى تفريق الشعب الفلسطيني، ويدعو إلى استمرار الانقسام.
  • خامساً ـ استنهاض المخلصين من أبناء الأمتين الإسلامية والعربية من أجل المشاركة في التصدي للمؤامرة كونهم مستهدفين.
  • سادساً ـ عدم موافقة أو مجاملة بعض القيادات العربية أو الإسلامية التي باعت ضمائرها، وارتضت أن تكون أدوات للمتآمرين.
  • سابعاً ـ تسعى “الصهيونية ـ المسيحية” ورموزها في دوائر الحكم المختلفة إلى جر المنطقة إلى “حرب دينية” لتبرير جرائمهم، من اتهام ديننا الحنيف بالإرهاب، ونشر عصاباتهم الإرهابية داخل ربوع الوطن العربي، وافتعال الفتن والنزاعات الداخلية بهدف تفتيت الوحدة الدينية والوطنية.
  • في حين أننا أصبحنا نخجل من القيام باتباع تعاليم ديننا الحنيف والدعوة إلى الله، حتى لا نتهم بالإرهاب، لذلك علينا أن نُعلي على كل المنابر أن ” الدين الإسلامي ليس إرهاباً “.
  • ثامنا: الدين الإسلامي والمواثيق الدولية المعتمدة إذنت للشعوب المضطهدة بالدفاع عن النفس بكافة الوسائل المشروعة، وأن تسعى إلى تحقيق استقلالها وحقها في تقرير المصير على إقليمها ومواردها الطبيعية، فليس لنا أن نُسقط أي شكل من أشكال الكفاح بما فيها ” الكفاح المسلح ” بغية تحقيق هذا الهدف النبيل.

أخيراً، نحن على ثقة بوعد الله؛ ” أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ” الحج ـ (39).  

المـراجـــع.

  1. القرآن الكريم.
  2. أحمد طه الغندور ــ الدوافع الأمريكية وراء إعلان ترامب بشأن القدس ـ دراسة منشورة على أكثر من موقع إلكتروني ـ دنيا الوطن ـ آمد للإعلام وغيرها.
  3. د. حسن صبري الخولي ـ فلسطين بين مؤامرات الصهيونية والاستعمار ــ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ـ الجمهورية العربية المتحدة ـ 1968.
  4. د. رياض بشارة بارودي ـ مصير العالم يحدده مصير القدس ـ الطبعة الثانية ـ دار المعارف ـ بيروت ـ 1986.
  5. ريجينا الشريف ـ ترجمة: أحمد عبد الله عبد العزيز ـ الصهيونية غير اليهودية وجذورها في التاريخ الغربي ـ سلسلة المعرفة 23 ـ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت ـ 1985.
  6. صلاح عبد العاطي ـ بتصرف ـ الصهيونية المسيحية الأصولية الأمريكية المعاصرة ـ لحوار المتمدن-العدد: 1743.
  7. د. عبد الوهاب محمد المسيري ـ الصهيونية والحضارة الغربية الحديثة ـ دار الهلال ـ القاهرة ـ 2003.
  8. فاخر أحمد شريتح ـ المسيحية الصهيونية ـ رسالة ماجستير ــ كلية أصول الدين ـ الجامعة الإسلامية ـ 2005.
  9. مايكل كلير ـ الحروب على الموارد، الجغرافيا الجديدة للنزاعات العالمية ـ ترجمة: عدنان حسن ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ 2002.
  10. محمد باخريبه ـ الصهيونية بإيجاز ـ الطبعة الأولى ـ 2001.
  11. د. محمد جلاء إدريس ـ “أورشليم” القدس في الفكر الديني اليهودي ـ سلسلة كتاب القدس (4) ـ مركز الإعلام العربي ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى ـ 2001.

مواقع إلكترونية:

  • الجزيرة نت.
  • الموسوعة الحرة.
  • سبوتنيك عربي.
  • وفا ـ وكالة الأنباء الفلسطينية.
  • وكالة وطن الفلسطينية.
  • يورو نيوز.

السـيرة الذاتيـة للكاتب:                                                

  • يحمل درجة الماجستير في الدبلوماسية والقانون.
  • مستشار قانوني ـ ديوان الفتوى والتشريع.
  • محاضر غير متفرغ للقانون باللغة الإنجليزية ـ كلية القانون والممارسة القضائية ـ جامعة فلسطين.
  • مدير عام ـ وزارة العدل.
  • مدير عام ـ وزارة الخارجية.
  • المدير التنفيذي ومؤسس مركز محامون فلسطينيون من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان.
  • محامي نظامي وشرعي لدى كافة المحاكم الفلسطينية.
  • كاتب ومدرب.
  • مثل فلسطين في عدد من المحافل والمؤتمرات الدولية.
  • له العديد من الأبحاث العلمية والمقالات السياسية المنشورة.

[1] ـ ويكيبيديا الموسوعة الحرة ـ قرار تقسيم فلسطين (181) ـ https://ar.wikipedia.org/wiki.

[2]  ـ الجزيرة ـ نت ـ نص قرار التقسيم رقم 181 ـ https://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/.

 3ـ سبوتنيك عربي ـ لماذا أصدرت بريطانيا وعد بلفور ـ https://arabic.sputniknews.com/world/20171102

[4]  ـ د. حسن صبري الخولي ـ فلسطين بين مؤامرات الصهيونية والاستعمار ـ ص. 18 ـ 19 ـ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ـ الجمهورية العربية المتحدة ـ 1968.

5 ـ وفا ـ وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ـ أبرز الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى ـ http://info.wafa.ps/ar_page.

[6]  ـ أحمد طه الغندور ــ الدوافع الأمريكية وراء إعلان ترامب بشأن القدس ـ دراسة منشورة على أكثر من موقع إلكتروني ـ دنيا الوطن ـ آمد للإعلام وغيرها.

[7]  ـ ويكبيديا ـ الموسوعة الحرة ـ مرجع سابق ـ الكنيسة الأنجليكانية.

[8] ـ وكالة وطن الفلسطينية ـ طقوس تنصيب ترامب ـ 20/1/2017 ـ https://www.watan.

[9]  ـ ويكيبيديا ـ مرجع سابق.

[10] ـ محمد باخريبه ـ الصهيونية بإيجاز ـ ص. 14 ـ 15 ـ الطبعة الأولى ـ 2001.

[11]  ـ د. عبد الوهاب محمد المسيري ـ الصهيونية والحضارة الغربية الحديثة ـ ص 3 ـ 4 ـ دار الهلال ـ القاهرة ـ 2003.

[12]  ـ   ريجينا الشريف ـ ترجمة: أحمد عبد الله عبد العزيز ـ الصهيونية غير اليهودية وجذورها في التاريخ الغربي ـ سلسلة المعرفة 23 ـ ص. 8 ـ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت ـ 1985.

 ـ ريجينا الشريف ـ مرجع سابق.[13]

[14]  ـ أحمد طه الغندور ـ مرجع سابق.

[15]  ـ ريجينا الشريف ـ مرجع سابق.

[16]  ـ ريجينا الشريف ـ ص. 181 ـ مرجع سابق.

[17]  ـ مغرس، محرك بحث إخباري ـ هكذا تغلغلت «لوبيات» الصهيونية في أمريكا خدمة لإسرائيل، جماعات الضغط غزت الحياة الأمريكية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا وفنيا ـ 27 -09 – 2015ـ https://www.maghress.com/almassae/324560.

[18]  ـ موقع يورو نيوز ـ من هو شيلدون أديلسون الملياردير المؤثر في السياسات الأمريكية إزاء “إسرائيل”؟ ـ 23/02/2018 ـ https://arabic.euronews.com.

[19]  ـ صلاح عبد العاطي ـ بتصرف ـ الصهيونية المسيحية الأصولية الأمريكية المعاصرة ـ لحوار المتمدن-العدد: 1743 -2006 / 11 / 23 ـ http://www.ahewar.org/debat

[20]  ـ د. محمد جلاء إدريس ـ “أورشليم” القدس في الفكر الديني اليهودي ـ ص. 5 ـ سلسلة كتاب القدس (4) ـ مركز الإعلام العربي ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى ـ 2001.

[21]  ـ د. محمد جلاء إدريس ـ ص. 10 ـ مرجع سابق.

[22]  ـ فاخر أحمد شريتح ـ المسيحية الصهيونية ـ رسالة ماجستير ـ ص. 131 ـ 132 ـ كلية أصول الدين ـ الجامعة الإسلامية ـ 2005.

[23]  ـ د. رياض بشارة بارودي ـ مصير العالم يحدده مصير القدس ـ ص. 72 ـ الطبعة الثانية ـ دار المعارف ـ بيروت ـ 1986.

[24]  ـ د. رياض بشارة بارودي ـ ص. 79 ـ مرجع سابق.

[25]  ـ مايكل كلير ـ الحروب على الموارد، الجغرافيا الجديدة للنزاعات العالمية ـ ترجمة: عدنان حسن ـ ص. 249ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ 2002.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى