البرازيل بين نيران الغابات و لعبة الامم
اعداد : نعيمة كراولي – طالبة دكتوراه في القانون العام ، تسجيل ثالث، كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس .
- المركز الديمقراطي العربي
ملحض:
ما فتئ العالم الغربي يفاجئنا بسياسته العدوانية تجاه الآخر المختلف، إلا ان الجديد هنا هو أن تطال هذه العدوانية الطبيعة ،فالعالم المتحضر المدافع عن البيئة اثبت عدم مبالاته للحرائق الهائلة التي لم تعرف البشرية لها مثيل منذ عقود ، وكان موقفه من الحرائق التي اندلعت بغابة الأمزون صدمة للشعوب العالم كلها ،فرغم تأكيد الأمم المتحدة على أنه “تحتل حقوق الشعوب موقعاً راسخاً في القانون الدولي.ورغم كثرة الشعارات المنادية بضرورة التعاون والتضامن بين الشعوب إلا أن موقف الدول المتقدمة السلبي واللامبالي من الكارثة البيئية التي باتت تهدد ليس فقط المكسيك بل العالم بأسره . وتتعرض البرازيل لجملة من الضغوطات الدولية بغية تركيعها وإخضاعها لقيود البنك الدولي، فهي محل تجاذب بين الإتحاد الأوروبي الذي يسعى لتوسيع الشراكة معها و الولايات المتحدة التي سحب من تحت أقدامها البساط ،فاللولايات المتحدة تحلم بالتوسع في أمريكا الجنوبية، و الدول الأوروبية تسعى إلى أبرام صفقة تجارية كبيرة مع الكتلة الرئيسية في أمريكا الجنوبية (ميركوسور) . والجديد هنا أن المنافسة الدولية طالت “رئة الأرض” الأمزون، الذي يعيش أسوء حريق. فمن يقف وراء الحرائق التي اندلعت في غابات الأمزون؟ وما الغاية منها ؟ وهل هو أشارة انطلاق التنافس الغربي على امريكا الجنوبية؟
The Western world has surprised us with its aggressive policy towards the other, but what is new here is that this aggression affects nature. The civilized world defending the environment has proved indifferent to the massive fires that mankind has known for decades. Despite the United Nations’ assertion that “the rights of peoples are firmly placed in international law. Despite the many slogans calling for cooperation and solidarity among peoples, the negative and indifferent attitude of developed countries to the environmental catastrophe threatens not only Mexico.” But the whole world
Brazil is under international pressure to bring it under World Bank restrictions. It is attracted by the European Union, which is seeking to expand its partnership with the United States, which has pulled the rug from its feet. The United States dreams of expanding in South America, and European countries are seeking a trade deal. Great with the main mass in South America (Mercosur). What is new is that international competition has affected the “lung of the earth” Amazon, which is living the worst fire. Who is behind the fires in the Amazon? What is its purpose? Is it a sign of Western competition for South America?
مقدمة:
البَرَازِيل واسمها الرسمِيّ جُمْهُورِيَّة البَرَازِيل الاتِّحادِيَّة و هي أكبر دولة في كل من أمريكا الجنوبية و أمريكا اللاتينية. وثالث أكبر بلد في الأمريكتين وخامس أكبر دولة في العالم، سواء من حيث المساحة الجغرافية أو عدد السكان، وهي أكبر البلدان الناطقة بالبرتغالية في العالم، والوحيدة في الأمريكتين.
ويحدها المحيط الأطلسي من الشرق، للبرازيل خط ساحلي يبلغ طوله 7،491 كم (4،655 ميل يحدها من الشمال فنزويلا وغيانا وسورينام وإحدىمقاطعات وأقاليم ما وراء البحار الفرنسية جويانا الفرنسية؛ وتحيط بها من جهة الشمال الغربي كولومبيا،وبوليفيا وبيرو غربًا، الأرجنتين وباراغواي من الجهة الجنوبية الغربية، والأوروغواي جنوبًا. وتحدها كل البلدان الأخرى في أمريكا الجنوبية باستثناء الإكوادور وتشيلي وتحتل 47٪ منقارةأمريكا الجنوبية. كما تحتوي البرازيل على عديد من الجزر ، مثل فرناندو دي نورونا، روكاس أتول، وأرخبيل القديس بطرس والقديس بولس، وترينداد ومارتيم فاز. [1]
ما فتئ العالم الغربي المتحضر يفاجئنا بالكيل بمكيالين في عديد القضايا الدولية، إلا ان موقفه الاخير من الحرائق التي اندلعت بغابة الأمزون كان صدمة للشعوب العالم كله رغم تأكيد الأمم المتحدة على أنه “تحتل حقوق الشعوب موقعاً راسخاً في القانون الدولي . وتعرف هـذه الحقـوق أيضاً بحقوق التضامن أو حقوق الجيل الثالث، والتي أصبحت قاعدة قانونية في قـانون حقـوق الإنسان. وتتجسد هذه الحقوق في صكوك قانونية ملزمة وغير ملزمة .
وفيما يتعلق بالـصنف الثاني من الصكوك، يتمثل التحدي في التنفيذ الفعلي للقواعد وإنفاذها . وتحتاج القواعد غـير الملزمة إلى أن تتطور تدريجياً لتصبح قوانين ملزمة وذلك ضمن العمليات التي ينطوي عليهـا سن القانون الدولي. ويُنظر إلى حقوق التضامن بوصفها نتاجاً للتاريخ الاجتماعي، علـى أن يكون مفهوماً أنه مع مرور الوقت ستظهر في إطار المجتمع الدولي مطالبات جديدة ومـبررة ينبغي معالجتها والفصل فيها لتوفير مستوى أعلى من الحماية للبـشر. ولا تعمـل الحقـوق الجماعية من خلال تمكين الفرد، وإنما على مستوى المجتمع لضمان منافع عامة لا يمكن التمتع بها إلا بالاشتراك مع أفراد لهم وضعية مماثلة ولا يمكن الوفاء بها بواسطة آليات الحقوق الفردية فحسب.
وقد برهنت الحقوق الجماعية على فعاليتها في تحويل ميزان القـوة في العلاقـات الدولية، واستحداث استحقاقات في القانون الدولي تحظى باعتراف واسـع، وإن لم تُحقَّـق دائما والاستجابة للآثار الاجتماعية الناجمة عن العولمة. وفي عالمنا اليوم الذي تعددت فيه الأزمات، تكتسي حقوق التضامن أهمية بالغة. وتحتاج حقوق الإنسان، التي تتـسم بطبيعـة حيوية وتتطور باستمرار، إلى استيعاب حقوق جديدة حيث يتعين على كل جيل أن يساهم في تطويرها تمشياً مع تطلعات العصر وقيمه”. [2]
ورغم كثرة الشعارات المنادية بضرورة التعاون والتضامن بين الشعوب ، و إلا أن موقف الدول المتفدمة السلبي واللامبالي من الكارثة البيئية التي باتت تهدد ليس فقط المكسيك بل العالم بأسره كان دليل واضح على ان ما يعلن في منابر الأمم المتحدة وفي المحافل الدولية هو حق حكر فقط على العالم المتقدم ،فالتعاون الدولي في حالة الكوارث الطبيعة يطلق وفقا لحدود “الانتماء إلى مجموعة الدول الصناعية السبع ” G7.
تستعر غابات الأمازون المطيرة في البرازيل بآلاف الحرائق على نحو مكثف لم تشهد له مثيلا ، وتشهد غابات الأمازون التي تبلغ مساحتها نحو 5.5 مليون كيلو متر مربع، وتعتبر أحد الأماكن المهمة لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري، أكبر عدد من حرائق الغابات منذ عام 2013، حيث بلغ عددها حتى الآن 72 ألفا و843 حريقا، ما يمثل زيادة بنسبة 83% خلال 12 شهرا. تدفق وقد أدخل الدخان الأسود مدينة ساو باولو ومدناً أخرى في ظلام دامس [3] و وصل إلى المناطق الحدودية كبوليفيا وتشيلي وبيرو.
وطالت حرائق الغابات التي توصف بأنها “رئة الأرض”، ساو بولو، أكبر مدن البرازيل و هي نيويورك أميركا الجنوبية، وبعض الإحصائيات تضعها في المرتبة الرابعة عالميا من حيث عدد السكان وأخرى تضعها في المرتبة الثالثة بل وتؤكد أخرى أنها ثاني أكبر مدينة في العالم بعد طوكيو ومكسيكو سيتي لكن المؤكد هو أنها أكبر مدن أميركا الجنوبية بدون منازع والعاصمة الاقتصادية والصناعية للبرازيل، ويعيش بها قرابة 21 مليون نسمة يأمنون ثلث إجمالي الناتج القومي للبرازيل. و وسط الانطلاقة القوية التي تشهدها البرازيل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ مجيء الرئيس لويز ايناسيو لولا دا سيلفا إلى الحكم يأمل قرابة مائة وثمانين مليون برازيلي من قياداتهم وضع الاستراتيجية المناسبة لتسخير الطاقات الهائلة للبلاد وتحويل البرازيل إلى قوة كبرى على الساحة الدولية ويكاد يكون هناك إجماع في الرأي بين البرازيليين على أن بلادهم قادرة على الانطلاق نحو مصاف الدول المتقدمة وأن تحقيق هذا الحلم القديم يعد مسالة وقت لا اكثر. [4]
إلا أن هذا الحلم اصبح محل محاربة من قبل القوى الكبرى التي باتت تتحرك بالمكشوف في إطار لعبة الأمم ، والسؤال الذي يطرح هنا من يقف وراء الحرائق التي اندلعت في غابات الأمزون؟ وما الغاية منها ؟
الفقرة الأولى: الأسباب الطبيعية
ليحدث حريق في الغابة بشكل طبيعي فهو يحتاج إلى ثلاث عناصر طبيعية تسمى «مثلث النار» وهي: الحرارة، الوقود، والأوكسجين.هذا وتحدث معظم الحرائق الطبيعية في فصل الصيف، حيث تشجع درجات الحرارة المرتفعة على انتشار الحرائق، وتشكل الأعشاب اليابسة والأوراق الجافة وقوداً ممتازاً لاندلاع الحرائق، أما الرياح فتؤمن الأوكسجين اللازم لإضرام الحريق.ومع وجود تلك العناصر الطبيعية الثلاث بوفرة في الغابة، كل ما تبقى لدينا لحدوث الحريق هو «الشرارة» وغالبا ما تكون الصواعق هي مصدر هذه الشرارة التي تسبب التهام مساحات واسعة من الغابات الخضراءن. علما بان ظاهرة الاحتباس الحراري تنتج عما يسمى «الغازات الدفيئة»، وهي عبارة عن غازات لها القدرة على امتصاص الأشعة الفوق بنفسجية القادمة من الشمس وحبسها ومنعها من الانطلاق إلى الفضاء الخارجي، وبالتالي فإن تركيز هذه الأشعة الزائد في الغلاف الجوي يؤدي إلى زيادة درجة الحرارة على سطح الأرض.
و تنطلق هذه الغازات من دخان المصانع وعوادم السيارات وغيرها من مظاهر الحياة المتقدمة.كما يلعب التغير في درجات الحرارة الناتج عن الاحتباس الحراري، دوراً كبيرا في زيادة حرائق الغابات، فالحرارة هي أحد العوامل الثلاث الرئيسية لحصول هذه الحرائق. وايضا تلعب الغازات الدفيئة دور الوقود الذي يزيد من حدة اشتعال حرائق الغابات.يرجع البعض الحريق إلى تغير اتجاه الرياح بسبب تعرض الأمازون لموجة برد وصقيع عملت على تصادم الرياح مع دخان حريق صغير في إحدى الغابات البرية ما أدى إلى تشكيل نيران أشعلت معظم أجزاء غابات الأمازون، لكن الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو اتهم المنظمات الغير حكومية بافتعال هذا الحريق عمداً، وذلك للإضرار بصورة حكومته بعدما قرر تخفيض تمويلها في محاولة للانتقام من سياسته البيئية.
و على عكس المتوقع، الاحتباس الحراري ليس المتهم الأول بقضية حرائق الغابات، إذ إن الأنشطة البشرية تعتبر المسبب الأول للحرائق حول العالم .[5] ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، تعتبر الأنشطة البشرية مسؤولة عن 80% من الحرائق التي تندلع في الغاباته. والاهمال هو المتسبب الأكبر بهذه الحرائق، فقد ينسى أحدهم إخماد النار جيداً بعد ليلة من التخييم، أو يرمي بأعقاب السجائر المشتعلة دون التأكد من إطفائها، كما أن الأعطال التي قد تحدث في خطوط الكهرباء القريبة من الغابة قد تؤدي إلى نشوب حرائق هناك هذا إلى جانب الحرائق المتعمدة التي قد يلجأ إليها البعض لأغراض شخصية أو حتى سياسية غير آبهين بخسارة مساحات خضراء واسعة.[6]
حلّ الظلام على أكبر مدينة في البرازيل بعد ظهر يوم الاثنين 19 أوت، عندما واجه الدخان الناجم عن حرائق الأمازون الهائلة موجة باردة في الجو، ما أدى إلى تشكل طبقة من ضباب الدخان وعلى الرغم من أن مدينة ساو باولو المترامية الأطراف تبعد نحو 3218.69 كم عن الحرائق المندلعة في قلب منطقة الأمازون، إلا أن زهاء 9500 من حرائق الغابات اشتعلت منذ يوم الخميس الماضي وحده. ونتج عن الحرائق أعمدة ضخمة من الدخان يمكن رؤيتها من الفضاء، حيث غطت المدينة لمدة ساعة تقريبا عند الساعة 3 مساء بالتوقيت المحلي وكشف المعهد الوطني للأرصاد الجوية في البرازيل (INMET)، أن المشهد المروع ناجم عن مجموعة من العوامل، موجة باردة غيرت الاتجاه الطبيعي للرياح، ثم اندمجت بالدخان الناتج عن الحرائق البرية التي تبعد آلاف الأميال، فنجمت عن ذلك طبقة كثيفة من السحب الضبابية المنخفضة.
هذا وتعد حرائق الغابات شائعة في موسم الجفاف ولم يكن الطقس شاذا،[7] لذا فإن ممارسة إزالة الغابات هي السبب الرئيس المشتبه به للزيادة الكبيرة في انتشار حرائق الغابات. [8]
اثبت التعامل الدولي مع الحرائق التي عصفت بغابات الأمزون أن هناك خلل كبير في القانون الدولي يستدعي المراجعة فلم يبدي المجتمع الدولي أي مسؤولية تجاه الأرض التي تجمعنا ، فكانت تصريحات المسؤولين في الأمم المتحدة مخالفة لما يعلن من ذلك تصريح لـ ” مارغريتا والستروم”، الممثلة الخاصة للأمين العام للحد من مخاطر الكوارث لدى الأمم المتحدة ” يمثل إطار ِسنداي الإطار البديل لإطار عمل هيوغو للفترة 2015-2020 :بناء قدرة الأمم والمجتمعات على مواجهة الكوارث. من المعروف أن إطار عمل هيوغو “HFA”قد أعطى مزيدا من الزخم للعمل العالمي الذي يتم في نطاق إطار العمل الدولي للعقد الدولي للحد من الكوارث الطبيعية لعام 1989 ،واستراتيجية يوكوهاما من أجل عالم أكثر أمن التوجيهية لاتقاء الكوارث الطبيعية والتأهب لها وتخفيف حدتها وخطة العمل الخاصة بها، التي اعتمدت في عام 1994 والاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث لعام 1999. يقوم إطار ِسنداي على عناصر تضمن استمرارية العمل الذي عكفت على تنفيذه الدول وأصحاب المصلحة الآخرون في نطاق إطار عمل هيوغو، كما يقدم الإطار ًعددا من التغييرات على النحو الذي تمت الدعوة له أثناء إجراء المشاورات والمفاوضات. َّوأكد الكثير من المعلقين أن أهم التحولات تتمثل في وجود تأكيد قوي على إدارة مخاطر الكوارث على عكس التركيز على إدارة الكوارث، وتعريف الغايات العالمية السبع، والحد من مخاطر الكوارث باعتبار ذلك نتيجة متوقعة ووضع هدف ُيركز على اتقاء حدوث مخاطر جديدة، والحد من المخاطر الحالية وتعزيز القدرة على المواجهة، فضلا وضع مجموعة من المبادئ التوجيهية، التي من بينها المسؤولية الأساسية الواقعة على الدول في اتقاء مخاطر الكوارث والحد منها، ومشاركة جميع المؤسسات المجتمعية وجميع المؤسسات الكائنة بالدولة. إضافة إلى ذلك، تم توسيع نطاق الحد من مخاطر الكوارث بشكل كبير ليشمل التركيز على الأخطار الطبيعية والأخطار التي هي من صنع الانسان وما يتعلق بها من مخاطر وأخطار بيئية، وتكنولوجية، وبيولوجية. كما تلقى القدرة الصحية ً دعما ً وتعزيزا ً قويا خلال هذا الإطار.”[9]
وقد دقت دراسة ناقوس الخطر من أن انبعاثات الكربون من حرائق غابات الأمازون قد تصل إلى أربعة أضعاف عما كان منتظرا. وكشفت الأبحاث الحديثة التى أجريت فى جامعة “نيويورك” على 6.5 مليون هكتار من الغابات فى الأمازون البرازيلية، أن آثار حرائق الغابات فى عام 2015 فى الأمازون أدت إلى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون التى تزيد إلى ما بين 3 إلى 4 أضعاف عن التقديرات المماثلة من قواعد بيانات الانبعاثات العالمية الحالية. إن حرائق الغابات التى لا يمكن السيطرة عليها للغابات المدارية الرطبة أثناء فترات الجفاف الشديدة، تمثل مصدرًا كبيرًا ومحدّدًا كمياً لانبعاثات ثانى أكسيد الكاربون.
ويؤكد “كيران ويثى”، من جامعة لانكستر: “إن حرائق الغابات غير المنضبطة فى الغابات الاستوائية الرطبة أثناء فترات الجفاف الشديدة تمثل مصدرًا كبيرًا ومحدودًا بشكلٍ كمى لانبعاثات ثانى أكسيد الكربون،و تستهلك هذه الحرائق فضلات الأوراق والنفايات الخشبية الرقيقة، بينما تحرق جزئيًا الحطام الخشبى الخشن؛ مما أدى إلى ارتفاع انبعاث غاز ثانى أكسيد الكربون المباشر. ويغطي هذا التحليل مساحة لا تتجاوز 0.7% من البرازيل، لكن كمية الكربون المفقود تقابل نسبة 6% من الانبعاثات السنوية لكل البرازيل فى عام2014 . الدكتورة إريكا بيرينجير، من جامعة أوكسفورد، تسلط الضوء على أهمية النظر فى الحرائق الهائلة فى سياسات حفظ الغابات وتغير المناخ فى البرازيل. ومع وجود نماذج مناخية تسهم فى مستقبل أكثر حرارة وجفافًا لحوض الأمازون، فمن المرجح أن تصبح حرائق الغابات وسيؤدى استمرار الفشل فى اعتبار حرائق الغابات فى السياسات العامة إلى فترات أقصر لإطلاق النار، مع عدم قدرة الغابات على استعادة مخزونها من الكربون.[10]
وقد نقلت الرياح القوية الدخان الناجم عن حرائق الغابات على مسافة بلغت حوالي 1700 ميل، وفق ما أفادت به هيئة الإذاعة البريطانية. ورصد مركز أبحاث الفضاء البرازيلي INPE حوالي 73 ألف حريق، وفقا لوكالة رويتز. وقد اعلنت ولاية أمازوناز، أكبر ولايات البلاد الـ27، حالة الطوارئ بسبب تزايد عدد حرائق الغابات، ويأتي هذا فيما بدأ للتو موسم الحرائق في الأمازون الذي يمتد من أغسطس حتى أكتوبر ويبلغ ذروته منتصف سبتمبر. لكن المستوى الدخان الآن سيء لدرجة يمكن رؤيته من الفضاء.[11]
كما رصدت الأقمار الصناعية البرزيلية نحو تسعة آلاف حريق في الغابات التي تبلغ مساحتها نحو خمسة ملايين كيلومتر مربع.وعرقلت الأحوال الجوية الجافة جهود الإطفاء، فضلا عن قلة الطرق الممتدة بين تلك الغابات.وكان مركز أبحاث الفضاء البرازيلي قد حذر من ارتفاع معدل حرائق الأمازون، حيث سجلت رقما قياسيا منذ بداية العام متجاوزة 72 ألف حريق. [12]
وعلى إثر تواصل التهام الحرائق مساحات واسعة من غابات الأمازون لمدة تزيد على أسبوع، جدد الرئيس البرازيلي خايير بولسونارو الخميس الموافق لـ 22 اوت 2019 شكوكه بوقوف منظمات غير حكومية وراءها، مقرا بأنه لا يملك دليلا على ذلك.
وقال بولسونارو إنه رغم أن المزارعين قد يكونون بدؤوا إشعال بعض الحرائق لفتح المراعي، فإن المنظمات غير الحكومية ما زالت هي المشتبه به الرئيسي. [13]وأضاف “لقد خسرت المنظمات غير الحكومية الأموال.. إنهم عاطلون.. ماذا يجب أن يفعلوا إذن؟ يحاولون إسقاطي”.
وأقر بولسونارو بأنه لا توجد طريقة لإثبات مثل هذه الشكوك إلا إذا جرى الإمساك بأحدهم متلبسا، متهما وسائل الإعلام بتشويه بياناته السابقة، وقال إنه لم يوجه أي اتهامات ولكنه أعرب عن شكوك.
جاء ذلك بعد يوم من تعليقات مشابهة للرئيس. وعارض المدافعون عن البيئة تصريحات بولسونارو، حيث وصفها كارلوس بوكوي من المعهد البرازيلي لحماية البيئة بأنها “غير مسؤولة إطلاقا وغير منطقية”.
وقالت منظمة “السلام الأخضر” إن الحرائق ارتفعت منذ مطلع العام الجاري بنسبة 145% في منطقة الأمازون، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.منذ أن تولى بولسونارو منصبه مطلع العام الجاري، أصدرت وكالة البيئة عقوبات أقل على أنشطة قطع الأشجار، بينما أكد وزراء بوضوح أن تعاطفهم مع قاطعي الأشجار لا مع الجماعات الأصلية التي تعيش في الغابة.وتتهم منظمات بيئية حكومة بولسونارو بالتقاعس عن حماية الغابات من الزحف البشري، معتبرة أن سياساته التنموية شجعت المزارعين على إزالة الغابات من أجل زراعة المحاصيل وتربية الماشية بهدف الاستثمار.وتوصف غابات الأمازون بكونها “رئة الأرض”، والتي توفر 20 بالمائة من الاكسيجين[14] إذ تبلغ مساحتها نحو 5.5 ملايين كيلومتر مربع، وتعتبر من أهم المناطق لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري.[15]
كما اجتاحت مئات الحرائق الجديدة غابات الأمازون شمال البرازيل، وفق بيانات رسمية نشرت السبت، برغم تعبئة السلطات المحلية آلاف الجنود للمساعدة في مكافحة أسوأ نيران منذ سنوات.
وشاهد مراسلون خلال تحليق جوي الجمعة عدة حرائق مستعرة في منطقة واسعة بولاية روندونيا . كما قال العديد من سكان بورتو فاليو عاصمة الولاية، إن ما بدا كغيوم خفيفة تخيم على المدينة، ما هو في الواقع سوى دخان الحرائق.”
الفقرة الثانية البرازيل والضغوطات الدولية
تتعرض البرازيل لجملة من الضغوطات الدولية بغية تركيعها وإخضاعها لقيود البنك الدولي، وبالتالي للولايات المتحدة.
وهي لن تتناء عن ارتكاب ابشع الجرائم في حق الإنسانية ، والجديد هنا انها طالت رئة الأرض. فاللولايات المتحدة تحلم بالتوسع في أمريكا الجنوبية، و الدول الأوروبية تسعى إلى أبرام صفقة تجارية كبيرة مع الكتلة الرئيسية في أمريكا الجنوبية (ميركوسور) .
و”ميركوسور “هو “تكتل اقتصادي في أميركا اللاتينية، يهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء،والذي نجح منذ تأسيسه عام 1991 في أن يصبح ضمن أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم. وتهدف مجموعة “ميركوسور” إلى تحقيق نوع من التكامل الاقتصادي بين أعضائها من خلال تعزيز التجارة الحرة وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع، وحققت منذ تأسيسها إنجازات ملحوظة، حيث زاد حجم التجارة البينية، وأصبحت ضمن أكبر القوى الاقتصادية في العالم.
وقد تأسست المجموعة الاقتصادية بأميركا الجنوبية “ميركوسور” يوم 26 مارس 1991 بموجب معاهدة أسونسيون التي دخلت حيز النفاذ بعد توقيع الدول الأعضاء على بروتوكول “أورو بريتو” الذي وضع الهيكل المؤسسي المالي للمنظمة.
والدول المؤسسة للمجموعة “ميركوسور” هي البرازيل، والأرجنتين، وأورغواي، وباراغواي.
وتضم المجموعة في عضويتها الدول الأربع المؤسسة لها والتي يبلغ مجموع سكانها أكثر من مئتي مليون نسمة، واللغة المستعملة داخل المجموعة هي البرتغالية والإسبانية.وانضمت كل من تشيلي وبوليفيا بصفة شريكة إلى المجموعة عام 1996، ثم انضمت بيرو بصفة شريكة في 2003، ثم الإكوادور، فكولومبيا.
وتحالفت فنزويلا رسميا في جويلية 2006 مع البرازيل والأرجنتين وباراغواي وأورغواي كجزء من كتلة ميركوسور، غير أن الدول المؤسسة للسوق المشتركة لأميركا الجنوبية ألغت عضوية كراكاس في شهر ديسمبر من سنة 2016 بتهمة انتهاك المبادئ الديمقراطية للمجموعة. ولا يقتصر التعاون بين دول المجموعة فقط بل طال ايضا دول أوروبية حيث أبرمت ميركوسور اتفاقيات اقتصادية مع عدد من الدول بما فيها الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى دول عربية على غرار مصر والمغرب ودول الخليج ويتكون الهيكل التنظيمي لـ”ميركوسور” من عدة أجهزة، هي:
– مجلس السوق المشتركة: وهو أعلى مستوى رئاسي للتكتل، ويتشكل من وزراء خارجية واقتصاد الدول الأعضاء، وتتناوب الدول الأعضاء على رئاسة المجلس كل ستة أشهر بالترتيب الأبجدي.
– مجموعة السوق المشتركة، وهي الجهاز التنفيذي لـ”ميركوسور”، وتتولى متابعة تنفيذ بنود معاهدة “أسونسيون”، واتخاذ إجراءات تنفيذية لتحرير التجارة وتنسيق السياسات الاقتصادية، وتتشكل من عضوية وزيري الخارجية والاقتصاد ومحافظ البنك المركزي.
–السكرتارية العامة، وتتولى إصدار البيانات الرسمية عن المجموعة، وكذلك الاتصال بمجموعة السوق المشتركة في اتخاذ القرارات وتطبيقها.
وهناك أيضا هياكل أخرى، منها المنتدى الاقتصادي والاجتماعي، ومجموعات عمل فردية، والمحكمة الدائمة لمراجعة سياسات “ميركوسور” ومقرها في أسونسيون، والمحكمة الإدارية لشؤون العمالة الخاصة بدول “ميركوسور”.
وعلى المستوى السياسي التزمت “ميركوسور” بالعمل على تثبيت دعائم الحكم الديمقراطي في أميركا اللاتينية، فقد لعبت على سبيل المثال دورا مهما عام 1999 في حماية النظام الديمقراطي البرلماني في باراغواي من المحاولات التي قام بها بعض السياسيين والعسكريين للاستيلاء على السلطة.[16]
و قامت امريكا اللاتينية عدة محاولات لخلق تكتلات اقتصادية تسمح لها بتنمية حقيقية وقامت بعدة تجمعات اقتصادية على عجل, مثل (دول الانديز)، ونجحت البرازيل والأرجنتين والاوروجواى والباراجواي عام 1995 في تكوين أول تجمع اقتصادي حقيقي يهدف الى نوع من التكامل الاقتصادي, مع ترك المجال مفتوحاً امام تلك الدول لتمارس سياسات خارجية تمليها عليها توجهاتها الايدولوجية، على الا تتنافي هذه السياسات بقدر الامكان مع تطور التجمع الاقتصادي، الذي اطلقوا عليه اسم (ميركوسور) اي (سوق الجنوب) .و هذه السوق لها حجمها الذي يمكنها من القيام كتجمع اقتصادي اقليمي رغم العدد القليل لاعضائها, فالدول الأربع يصل حجم انتاجها الى ما يزيد عن 800 مليار دولار، ويبلغ مجموع سكانها معا اكثر من 200 مليون نسمة. ونجاح هذا التجمع خلال فترة قصيرة دفع العديد من الدول المجاورة مثل التشيلي وبوليفيا الى التفكير في الانضمام إليه ويعود ذلك الى نجاح الدول الأربع في الوصول تدريجيا الى نوع من التبادل الاقتصادي ادى الى زيادة حجم التجارة البينية من 500 مليون دولار الى 17 مليار دولار, رغم ان هذا الرقم يعتبر اقل بكثير من تطلعات الدول الاعضاء, خاصة ان هذا التجمع يضم البرازيل التي تعتبر ثامن اكبر اقتصاد في العالم, الا ان المشاكل الداخلية التي تعانيها اضافة الى حجم التضخم السنوى يجعلها تقف في مقدمة الدول التي تعاني من اكبر حجم من الديون، وبالتالي تعثر خطط التنمية فيها. هذا النجاح وضع (ميركوسور) تحت مجهر القوى الكبرى التي تحاول ان تمد خيوطها الاخطبوطية التي تهدف الى السيطرة على اي تجمعات تنافسها في اسواقها التقليدية, مما ادى الى خلق منافسة حادة بين الولايات المتحدة الأمريكية التي وجدت في نجاح (سوق الجنوب) تهديداً لخططها في خلق تجمع اخر يربط كل دول امريكا اللاتينية مجتمعة بها، وذلك من خلال (اتحاد الدول الأمريكية) , لكن تعامل الولايات المتحدة مع هذه المنطقة من منطلق المصلحة الخاصة أو ما تطلق عليه المصالح الحيوية جعلها ترتكب العديد من الاخطاء التي نبهت قيادات المنطقة السياسية وريثة الانظمة العسكرية التي حكمت بدعم امريكي عقوداً عديدة، وجعلت تلك القيادات تقرر الابتعاد عن اي تشكيلات تقودها الولايات المتحدة، والبحث عن علاقات متوازنة مع قوى اقتصادية أخرى لها حجمها الدولي، كما هو الحال بالنسبة للاتحاد الأوروبي ومجموعة دول جنوب شرق آسيا.
و كان رحلة الرئيس الأمريكي (بيل كلينتون) الأولى التي تمت اقرب الى الفشل منها الى النجاح لأن الرئيس الأمريكي حاول في كل محطة من محطاته و خاصة البرازيل والأرجنتين،ان يقلل من شأن تكتل (ميركوسور) الاقتصادي، ويحث زعماء تلك الدول للعمل على تطوير التكتل باتجاه تكتل اخر اكبر لخلق تكتل اقليمي تقوده الولايات المتحدة.و هذا الأمر تسبب في ان يجد رداً سلبياً مباشراً من جانب الرئيس البرازيلي، الذي يرى ان سياسات امريكا في تلك المنطقة طوال العقود الأخيرة هي السبب الرئيسي في المعاناة الاقتصادية التي تعيشها بلاده الآن وحاول الرئيس الأرجنتين كارلوس منعم ان يكون رده أكثر ودية، نظراً لعدم تناسب الخلاف مع اكبر قوة في العالم في وقت تبحث فيه بلاده عن دعم يقوى من سياسة حزبه الداخلية, ويقلل من الاخطار الخارجية على اقتصاد بلاده. واعلنت وقتها مجموعة دول (ميركوسور) انها تفضل مناقشة فكرة اقامة منطقة تبادل تجاري حر تضم كل دول امريكا اللاتينية مع الولايات المتحدة بنوع من الهدوء وعدم التسرع في انتظار لما قد تسفر عنه تجربة التجمعات الاقليمية المحدودة التي انتشرت في تلك المنطقة، والتي تبشر بمستقبل طيب. هذا السبب نفسه دفع بعض مناطق امريكا اللاتينية الأخرى الى البحث عن صيغ جديدة لتكوين تكتلات اقتصادية اقليمية تسمح لاعضائها باستقلالية اتخاذ القرار السياسي النابع من الاستقلالية الاقتصادية، فقام تجمع (الانديز) بقيادة البيرو, ومجموعة (المثلث الشمالي) الذي يضم هندوراس والسلفادور وجواتيمالا. اضافة الى وجود المكسيك في التجمع الذي يطلقون عليه اسم (نافتا) الذي تقوده الولايات المتحدة ويضم كندا ايضا.علما بأن كانت تجربة المكسيك في هذا التجمع سلبية الى حد كبير مما يفرض على غيرها من دول امركيا اللاتينية التفكير بجدية اكثر قبل الانضمام الى اي تجمع تهيمن عليه الشركات الأمريكية القادرة على تدمير اي مشروعات انمائية ذات اهداف اجتماعية اذا تعارضت مع مصالحها الخاصة، وهي مصالح متعارضة بالضرورة مع الأوضاع الاجتماعية لدول المنطقة التى تحاول الخروج من نفق الحرب الباردة المظلم و تتخبط في ماض قريب من الحكم العسكرى والحروب الأهلية التي لا تزال اثارها بادية ومؤثرة في العلاقات بين الحكومات الديمقراطية الحديثة والمجتمع، لأن تلك الحكومات تحاول التوفيق بين ماض دموي, والتطلع الى مستقبل منبت الصلة عن ذلك الماضي, وهو منطق مرفوض من المجتمع الذي يرى في هذه الحلول بوابة لعودة العسكر الى السلطة والممارسات الأرهابية التي راح ضحيتها مئات الآلاف. و اذا كان الجانب السياسي في الداخل لا يزال معلقا بارادة الاحزاب الحاكمة فإن ما حققه تجمع (ميركوسور) من الناحية الاقتصادية خلال تلك الفترة القصيرة من عمره قد تكون له آثاره الايجابية على استقلالية القرار السياسي الخارجي، لأن النجاح الاقتصادي وضع دول التجمع في موقف قوى تجاه دول الاتحاد الأوروبي التي بدأت في اتخاذ خطوات جادة نحو اقامة علاقات متوازنة مع الارجنتين والبرازيل والباراجواي والاورجواي، وتخلت عن رفع شعارات حقوق الانسان التي كانت تستخدمها كسلاح سياسي واقتصادي ضد العديد من دول العالم النامي.
وهذا التغير في استراتيجية الاتحاد الأوروبي فرضتة مصالحها الاقتصادية التي تتعارض مع المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية في تلك القارة البكر الممتدة والتي تعتبر سوقا مهمة لأي استثمارات مستقبلية وهي سوق مفتوحة على استعداد لاستهلاك كل ما يلقى إليها. وموافقة الاتحاد الأوروبي قبل ايام من اجتماع رؤساء دول (ميركوسور) على اقامة علاقات متميزة مع دول هذا التجمع دفع بها الى الابطاء في محادثاتها لاقامة منطقة التبادل الحر، في انتظار ان تقدم الولايات المتحدة تسهيلات افضل لأن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي سيدفع الإدارة الأمريكية الى الاسراع في التخفيف من ضغوطها على دول المنطقة من اجل التوصل الى اتفاق يضمن لها امتيازات في مواجهة الوجود الأوروبي والصادرات الأسيوية الى منطقة امريكا اللاتينية التي اصبحت في وضع افضل بعد الانخفاض الحاد في عملتها الناتج عن الازمة المالية الأخيرة. وانتظاراً لما تقدمة الولايات المتحدة من تنازلات تم الاتفاق بالفعل بين الدول الاعضاء في (ميركوسور) في اجتماعهم الذي جرى 14 ديسمبر من سنة 1998 في (مونتيفيديو) على التقدم بعرض موحد في مباحثات منطقة التبادل التجارى الحر في محاولة لتحسين موقفها التفاوضي والحصول على اتفاق ايجابي يسمح لها بالنمو الاقتصادي والسياسى بعيداً عن هيمنة الولايات المتحدة.
اجتماع (مونتفيديو) الذي قرر نقل قيادة “ميركوسور” الى الأرجنتين، قد فتح الطريق ايضا الى مواجهة تحديات عديدة اهمها الانفتاح على دول مجاورة تتطلع الى الانضمام الى هذا التجمع مثل التشيلي وبوليفيا ومحاولة خلق توازن في التعامل التجارى بين دول السوق من ناحية وبين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والدول الآسيوية من ناحية أخرى. لكن المرحلة المقبلة تفرض تحديات جديدة على اعضاء تجمع (ميركوسور) و مطلوب ان يحدد هذا التكتل رؤية واضحة لسياسات اعضائه تجاه دول امريكا اللاتينية الأخرى، وذلك من خلال سياسة خارجية مستقلة نابعة من الاستقلال الاقتصادي الذي تتمتع به، اضافة الى المشروعات المستقبلية التي اعلن الرئيس الأرجنتيني كارلوس منعم عند تسلمه المسؤولية في نهاية “قمة مونتيفيديو” واهمها اصدار جوزا سفر موحد يضمن حرية تنقل الافراد والبدء في الاعداد لعملة موحدة للدول الأعضاء على غرار العملة الأوروبية الموحدة، وان كان المراقبون يرون انه من المشروعات التي لا تجد ترحيبا من البرازيل التي تمثل اكثر من 70 في المائة من حجم “ميركوسور “.[17]
وهنا يتضح بان المصالح الأمريكية والأوروبية بدات تتصادم، وهذا ما يفسر الضغوطات الخارجية والداخلية التي تعيشها المكسيك ، اكبر واهم بلد في امريكا الجنوبية .فتنافس القوى الكبرى على التحكم في امريكا الجنوبية قد إنطلق بنشوب الحرائق المروعة بغابات الأمزون.ويبدو هنا ان الولايات المتحدة “الدولة المارقة” قد بدأت تتململ، إلا ان تململها كان أبشع من حروبها الأستباقية المعلنة بعد احداث الحادي عشر من سبتمر، وحرق غابات الأمزون خير دليل على انسحاب الولايات المتحدة من أتفاقية حماية البيئة .
وعلى إثر الضغوطات الدولية أعلن الرئيس البرازيلي، جائير بولسونارو، مساء الجمعة الموافق لـ 23 أوت أنه سينشر عددا من أفراد القوات المسلحة لمواجهة الكم الهائل من الحرائق التي اجتاحت غابات الأمازون.ومن المقرر أن يتم إرسال الجنود إلى المحميات الطبيعية والأراضي التي يسكنها السكان الأصليون بالإضافة إلى المناطق الحدودية.وجاء إعلان بولسنارو بعد ضغوط شديدة من زعماء أوروبيين[18] الذين هددوا بإلغاء صفقة تجارية كبيرة مع الكتلة الرئيسية في أمريكا الجنوبية (ميركوسور). [19] ما لم تقم البرازيل بمزيد الجهود لمكافحة نيران غابات الأمازون.
علما بانه تم التوصل إلى الاتفاقية التجارية بين الاتحاد الأوروبي والكتلة الأمريكية الجنوبية المكونة من الأرجنتين والبرازيل وأوروغواي وباراغواي بعد عشرين عاما من المفاوضات، ووصفت بأنها أكبر اتفاقية يوقعها الاتحاد الأوروبي حتى الآن وسوف تخفض أو تلغى بموجبها الرسوم التجارية بين الطرفين.وستمكن الاتفاقية الشركات الصناعية الأوروبية من الوصول إلى أسواق الدول المذكورة بمنتجاتها الصناعية ومنها السيارات، كما ستساعد الدول على الجانب الآخر على تصدير منتجاتها الزراعية ومنها لحم البقر والسكر والدواجن إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه تحدث هاتفياً إلى الرئيس بولسونارو، وأخبره أن الولايات المتحدة مستعدة للمساعدة.و وصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الحرائق بأنها “حالة طوارئ خطيرة” وأن تأثيرها سيكون أبعد من البرازيل ليشمل العمل بأسره. هذا وقد وافقت مجموعة السبعة الأوروبية على إدراج كارثة الامازون في اجتماعها في نهاية هذا الأسبوع في فرنسا.وأعرب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على قلقه بسبب التأثير الكارثي المحتمل لفقدان عدد كبير من الأشجار على البيئة.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن “الرئيس جائير بولسونارو كذب عليه بخصوص موقفه من التغير المناخي”.وكان بولسناروا اتهم الرئيس ماكرون بالتدخل لأهداف سياسية، ووصف الدعوة لمناقشة الموضوع في قمة الدول السبع الكبرى التي ستعقد في فرنسا ولن تحضرها البرازيل بأنها تنم عن “عقلية استعمارية”. و صرح في خطابه الذي بث على المحطات الهوائية إن “حرائق الغابات يمكن أن تحدث في أي بلد ولا ينبغي استخدامها كذريعة للعقوبات الدولية. [20]
و”في تغريدتين متتاليتين، اتهم بولسونارو ماكرون “بتحويل قضية داخلية في البرازيل وأربع دول أخرى في الأمازون إلى أداة لتحقيق مكاسب سياسية شخصية بأسلوب مشوق لا يساهم في حل المشكلة”.وبعدما أكد أن “الحكومة البرازيلية منفتحة على الحوار استنادا إلى وقائع موضوعية والاحترام المتبادل”، قال الرئيس البرازيلي إن “اقتراح الرئيس الفرنسي بأن تتم مناقشة قضية الأمازون خلال قمة مجموعة السبع بدون مشاركة دول المنطقة ينم عن عقلية استعمارية لا مكان لها في القرن الحادي والعشرين”.[21]
بدات الضغوطات و المزايدات الدولية حول تقصير الرئيس البرازيلي في إخماد الحرائق حيث صرح ماكرون انه كذب عليه فيما يخص تعهداته التي ابداها حول حماية البيئة.[22]علما بان الرئيس البرازيلي قد اتهم ماكرون بأنه داعم للاستعمار.[23] وبدل تقديم العون الفوري لإطفاء الحرائق في غابات الأمزون تعهد ماكرون بطرح الموضوع في الملتقي الخاص بالدول الصناعية السبع G7. [24]
ينتظر أن يبحث مستشارون لقادة دول مجموعة السبع الصناعية الكبرى اتخاذ إجراءات ملموسة حيال حرائق غابات الأمازون التي توصف بـ«رئة الأرض»قال مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة «رويترز» أمس «نعمل على مستوى المستشارين لاتخاذ مبادرات ملموسة بشأن الأمازون في إطار مجموعة السبع… المحادثات جارية. »وكان بولسناروا اتهم الرئيس ماكرون بالتدخل لأهداف سياسية، ووصف الدعوة لمناقشة الموضوع في قمة الدول السبع الكبرى التي ستعقد في فرنسا ولن تحضرها البرازيل بأنها تنم عن “عقلية استعمارية”.[25]
يبدو أن الإتتفاق الأخير الذي أبرمه الاتحاد الاوروبي مع كل من البرازيل والأرجنتين والأوراجواي وبراجواي،[26] هي النقطة التي أفاضت الكأس والتي اخرجت الولايات المتحدة من صمتها ، فبعد عشرون سنة من المفاوضات سحب البساط من تحت اقدام الدولة المارقة، فكان إحراق غابات الأمزمون هو الانذار الذي أطلقه ترامب ، لكن السؤال الذي يطرح هنا هل هو إنذار للبرازيل فقط؟ أم أنه رسالة موجهة أيضا للاتحاد الأوروبي؟
[1] https://ar.wikipedia.org/wiki البرازيل/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%B2%D
[2] حقوق الإنسان والتضامن الدولي مذكرة مقدمة من مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ص 6-7:
http://hrlibrary.umn.edu/arabic/AR-HRC/AHRC12-66.pdf
[3] « Lundi dernier à Sao Paulo, le ciel s’est brusquement obscurci vers 15 heures locales. L’Etat le plus peuplé du Brésil n’a pas connu une éclipse imprévue, mais a subi les conséquences des incendies qui ravagent depuis des semaines la forêt amazonienne.
Il a plu gris dans certains endroits, les échantillons d’eau de pluie récupérés présentant un aspect trouble et une odeur de bois brûlé. En 48 heures, 2500 nouveaux départs de feu ont été constatés dans tout le Brésil, pendant qu’un élan d’inquiétude tout aussi louable que soudain gagne le reste de la planète. », Soja, bétail, barrages: pourquoi la forêt amazonienne brûle, 23/08/2019 :
[4] البرازيل عملاق الجنوب:
https://www.aljazeera.net/programs/infocus/2005/5/8/البرازيل-عملاق-الجنوب
[5] « Mercredi 21 août, le ministre de l’Environnement a affirmé dans un tweet que “la sécheresse, un temps sec et la chaleur ont provoqué une augmentation des incendies dans tout le pays”. Le lendemain, il a ajouté que les friches urbaines où les ordures sont incendiées, comme à Cuiabá, capitale de l’Etat amazonien du Mato Grosso, “perturbent grandement les villes”. » Quatre questions sur les incendies qui ravagent l’Amazonie ,franceinfo, 22/08/2019 :
[6] من سيبيريا إلى الأمازون.. حرائق تم رصدها من الفضاء الخارجي، فما هي أسبابها؟عربي بوست،22-8-2019:
https://arabicpost.net/%d8%b9%d9%84%d9%88%d9%85/2019/08/22/%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8
[7] « Mais la sécheresse n’est pas la cause principale de la hausse dramatique des feux de forêt, explique à l’AFP Paulo Moutinho, chercheur à l’Institut de recherche environnementale sur l’Amazonie. “La déforestation explique la majorité des incendies, assure-t-il. En 2019, la sécheresse n’est pas aussi sévère que lors des années précédentes, or il y a une hausse substantielle des incendies. Tout indique donc que la saison sèche n’est pas du tout le facteur prédominant.” » Quatre questions sur les incendies qui ravagent l’Amazonie ,franceinfo, 22/08/2019 :
[8] حرائق الأمازون الكارثية تغرق ساو باولو في الظلام ،21-8 2019:
https://arabic.rt.com/funny/1040033-%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%A7
[9] إطار ِسنداي للحد من مخاطر الكوارث للفترة 2015-2020 :
https://www.unisdr.org/files/43291_arabicsendaiframeworkfordisasterris.pdf
[10] حرائق الأمازون تغرق ساو باولو في الظلام، الخميس 22 / 08 / 2019:
https://www.al-madina.com/article/646447/ آخر-الأخبار/حرائق-الأمازون-تغرق-ساو-باولو-في-الظلام
[11] الدخان رصد من الفضاء..حرائق هائلة في الأمازون:
https://www.alhurra.com/a/حرائق-هائلة-في-الأمازون-ودخانها-يمكن-مشاهدته-من-الفضاء/50931
[12] «Selon l’Institut national de recherche spatiale brésilien (INPE), les feux de forêt ont augmenté de 84% depuis le début de cette année au Brésil par rapport à la même période de 2018. L’institut ne précise toutefois pas quelle superficie cela représente. Il souligne que la hausse a été particulièrement significative dans les Etats occupés en totalité ou partiellement par la forêt amazonienne, comme celui du Mato Grosso, avec 13 682 départs de feu, soit une hausse de 87% par rapport à toute l’année 2018. » Quatre questions sur les incendies qui ravagent l’Amazonie ,franceinfo, 22/08/2019 :
[13] « “Peut-être, je ne l’affirme pas, que les gens des ONG font des choses criminelles pour me décrédibiliser, pour diriger l’attention contre le gouvernement du Brésil”, a récemment lancé Jair Bolsonaro à des journalistes, dénonçant une “guerre de l’information” » Soja, bétail, barrages: pourquoi la forêt amazonienne brûle, 23/08/2019 :
[14] « Les incendies ravagent la forêt amazonienne, la plus vaste forêt tropicale de la planète qui produit 20 % de notre oxygène. Les feux de forêt ont augmenté de 83% en raison des effets conjugués de la déforestation et de la sécheresse. Le point sur la situation et les causes de ce désastre. » : La déforestation à l’origine des dramatiques incendies en Amazonie, France Inter 22 août 2019 :
[15] حرائق قياسية في غابات الأمازون ورئيس البرازيل يتهم المنظمات غير الحكومية22-8-2019::
https://www.aljazeera.net/news/politics/2019/8/22/الحرائق-غابات-الأمازون-البرازيل
[16] ماذا تعرف عن”الميركوسور”؟:
https://www.aljazeera.net/encyclopedia/economy/2017/3/13/ماذا-تعرف-عن-الميركوسور
[17] د. طلعت شاهينن ميركوسور- ورقة الإقتصاد الرابحة في استقلال أمريكا اللاتينية السياسي ، 2 فيفري 1998:
https://www.albayan.ae/opinions/1998-02-02-1.1021796
[18] هبة الله بيطار ، انتقادات دولية لتعامل الحكومة البرازيلية مع الحرائق في غابات الامزون :
[19] « L’accord conclu vendredi 28 juin entre l’Union européenne et le Mercosur fait depuis deux jours l’objet d’âpres critiques, notamment de la part des agriculteurs européens. Le texte, un traité de libre échange entre l’UE et ce groupe de quatre pays sud-américains, composés du Brésil, de l’Argentine l’Uruguay et le Paraguay, doit permettre d’accroître considérablement les échanges entre les deux régions. Il contient aussi des dispositions censées contrer ses potentiels effets négatifs. » ;
[20] حرائق غابات الأمازون: الرئيس البرازيلي يعلن إرسال قوات لمواجهة حرائق الأمازون بعد ضغوط أوروبية، 24 اوت 2019:
http://www.bbc.com/arabic/world-49449217
[21] ضغوطات دولية على الرئيس البرازيلي لإنقاذ “رئة الأرض” من حرائق الأمازون، دار الحياة ، 23 أوت 2019:
https://darhaya.com/news/2019/08/23/6327/ضغوطات-دولية-على-الرئيس-البرازيلي-لإنقاذ-رئة-الأرض
[22] « Emmanuel Macron a estimé, vendredi 23 août, que le président brésilien lui avait “menti” sur ses engagements en faveur de l’environnement. Dans ces conditions, le chef de l’État a annoncé que la France s’opposerait au traité de libre-échange controversé UE-Mercosu », Incendies en Amazonie : la pression internationale sur Jair Bolsonaro s’intensifie , FRANCE 24,23/08/2019 :
[23] « La déclaration avait valu au président français les foudres de Jair Bolsonaro. Jeudi, ce dernier avait accusé Emmanuel Macron d’avoir “une mentalité colonialiste”. » Incendies en Amazonie : la pression internationale sur Jair Bolsonaro s’intensifie , FRANCE 24 ,23/08/2019 :
[24] « Emmanuel Macron avait d’ailleurs donné rendez-vous aux membres du G7 pour “parler de l’urgence” des feux en Amazonie à Biarritz ce week-end. Une demande soutenue par la chancellerie allemande, qui a qualifié les incendies de “situation d’urgence aiguë” qui doit être discutée lors du sommet du G7. » », Incendies en Amazonie : la pression internationale sur Jair Bolsonaro s’intensifie ,FRANCE 2423/08/2019 :
[25] ظغوطات دولية لإنقاد “رئة الارض”حرائق غابات الأمزون امام “قمة السبع” اليوم:
http://www.amwaj.ca/?page=article&id=10674
[26] « L’Union européenne et les pays du Mercosur (Brésil, Argentine, Uruguay et Paraguay) ont annoncé vendredi s’être entendu sur un texte commercial qu’ils négociaient depuis 20 ans. » : L’UE et le Mercosur se mettent d’accord sur un vaste traité de libre-échange Par LIBERATION, avec AFP – 28 juin 2019 :