تعاقب الأنظمة في ليبيا خلال مائة عام
اعداد : د. آدينيوف عبد الحليم سياه مراداويتش – معهد الدراسات لمسائل دول آسيا وأوروبا – أكاديمية العلوم لجمهورية تاجيكستان
- المركز الديمقراطي العربي
أولا: ليبيا وموقعها الإقليمي:
ليبيا بلد عربي مسلم، والمجتمع الليبي مجتمع محافظ، ويلعب التكوين القبلي دورا مهما في المجتمع، ودورا أمنيا في حالة انتشار الفوضى[1]. ويبلغ عدد سكانها حوالي ستة ملايين نسمة، تقع في شمال إفريقيا في أرض مساحتها الإجمالية 1,757,000 كم2، وفي جنوب ساحل البحر الأبيض المتوسط مطلة على أوروبا بأطول شاطئ على البحر 1800 كيلومتر[2]. وبذلك تعد ليبيا رابع أكبر البلدان مساحة في قارة أفريقيا، والسادسة عشرة على مستوى العالم[3]. يحدّها شرقًا كل من مصر والسودان، وجنوبًا كل من تشاد والنيجر، أما من الغرب فإنها تجاور كلاً من الجزائر وتونس، وتُعَدُّ طرابلس عاصمة ليبيا، وهي إحدى مدنها الكبرى الجميلة[4]. وقد يطلق عليها طرابلس الغرب تمييزًا لها عن طرابلس الشرق التي تقع في لبنان.
وإذا كانت الصحراء الكبرى قد غطّت الشطر الأعظم من أراضيها على حساب نصيبها من الموارد الطبيعية، فإنّ اكتشاف النفط في أراضيها بحلول عام 1959م قد غيّر وجه ليبيا إلى أغنى بلاد العالم، فقد حقّق الاقتصاد الليبي ثروة هائلة من العائدات النفطية، كان لها أثرها في دعم هذا الاقتصاد حيث حوّلها إلى أحد أقطار العالم الغنية، كما سخّرت حكومة ليبيا آنذاك تلك الثروات في تحسين الأراضي الزراعية، وفتح مجالات أخرى للمعيشة، كي تحقق التنمية وتوفر الخدمات العامة للشعب الليبي[5].
ثانيا: ليبيا من الاحتلال الإيطالي إلى النظام الجماهيري:
اتجهت الدول الأوروبية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وجهة جديدة نحو التنافس الاستعماري، وكان رائد كل منها التيقظ للمصلحة الذاتية، فاندفعت جميعها بقوة لتملك أصقاع العالم التي لم يتملكها أحد من الأمم الأوروبية أو الأمم القوية القادرة على الدفاع عن نفسها، فتوجهت نحو أفريقيا والشرق الأقصى، فوضعت إيطاليا عينها على طرابلس، وهي آخر ما بقي في شمال إفريقيا من أملاك الدولة العلية[6]، قُرب ليبيا من إيطاليا جعلها في مرمى الهدف الرئيس للاحتلال الأوروبي، فاستطالت عليها يد الاحتلال الإيطالي، ففي بداية القرن العشرين وتحديدًا عام 1911م شهدت ليبيا غزو إيطاليا لأقاليمها الساحلية، وفي عام 1912م تمكنت من حكم المقاطعات الثلاث (طرابلس، وبرقة، وفزان)، فاندفع الشعب الليبي لمقاومة الاحتلال الإيطالي[7]، واستبسل في تلك المقاومة بما يفوق التصور، وكان قائد المقاومة رجل ناسك ومتصوف على الطريقة السنوسية يدعى عمر المختار[8]، وأثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) تحالف أعضاء جماعة السنوسيين[9] مع البريطانيين ضد الإيطاليين، على اعتبار الإيطاليين عدوًّا مشتركًا لكليهما[10]، مما أدّى إلى انتهاء الغزو الإيطالي في شهر فبراير عام 1943م بعد حملة شنّتها كل من بريطانيا وفرنسا، فحصلت بريطانيا على إقليم برقة وطرابلس، وفرنسا على إقليم فَزَّان إلى عام 1951م[11].
وفي أوائل القرن العشرين ظهرت في ليبيا ثلاث وحدات جغرافية وتاريخية منفصلة، هي: طرابلس وبرقة وفزان. وبحلول 24 ديسمبر عام 1951م أعلنت الأمم المتحدة استقلال ليبيا رسميا، وتوحّدت ليبيا وأصبحت بلدًا مستقلاً، وتم تأسيس المملكة الليبية المتحدة بنظام فيدرالي يضم ثلاث ولايات، كان ملكها محمد إدريس بن المهدى بن محمد بن علي السنوسى (12.03.1890 -25.05.1983)[12]، وهو أول حاكم لليبيا بعد الاستقلال عن إيطاليا وعن قوات الحلفاء، حيث تولى الحكم في ليبيا إلى سنة 1969م[13]، وكان الملك في السابق قائدًا للجماعة السنوسية المناهضة للحكم الإيطالي. وقد شملت هذه المملكة المقاطعات الليبية الثلاثة برقة وطرابلس وفزان، وإن عامل الفصل الجغرافي والحضاري فيما بينها، وبروز الروح الوطنية أسهم في إلغاء نظام المقاطعات، ففي عام 1963م قاموا بتعديل دستورهم وأسسوا دولة ليبيا الموحدة وأزالوا جميع العقبات التي كانت تحول دون وحدة ليبيا تحت اسم المملكة الليبية، وعاصمتها طرابلس حتى عام 1969م[14].
وفي الأول من شهر سبتمر من عام 1969م قامت مجموعة من الضباط الوحدويين الأحرار بإعلان قيام ثورة الفاتح من سبتمبر ليعلنوا قيام الجمهورية العربية الليبية، وعُرفوا باسم قادة مجلس الثورة، وقد نجحوا في إقصاء الملك إدريس السنوسي عن حكم ليبيا أثناء سفره خارج البلاد لتلقي العلاج. وكان قائد هذه الثورة الملازم ثم العقيد معمر محمد عبد السلام القذافي (1942-20.10.2011) الشاب الذي أصبح قائدا ثوريًّا[15] (رئيسًا) لليبيا. وفي عهده حتى عام 2011م قد غيّر الاسم الرسمي لليبيا إلى الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى[16].
نادى القذافي بالوحدة العربية، وقام بمحاولات وحدوية مع العديد من الدول العربية، وأعلن عن تمسكه بالدين الإسلامي وانتقد الشيوعية والرأسمالية على حد سواء[17].
عمل العقيد القذافي خلال حكمه على تنمية قطاعات الزراعة والإصلاح الزراعي واستغل عائدات النفط في تأسيس عدة مشاريع اجتماعية واقتصادية طموحة ومؤسسات سياسية مهمة لاستكمال بناء الدولة، منها إنشاء كثير من المدارس والمستشفيات وتقديم الخدمات المجانية، للمواطنين، وتنفيذ مشروع النهر العظيم (لمسافة 1900 كم) لنقل الماء العذب من قلب الصحراء إلى مدن الساحل[18] كانت تكلفته مليارات من الدولار، وذلك محاكاة لمشروع السد العالي المصري.
وعلى الرغم من صرف تلك المبالغ الباهضة في مجالات أخرى للدولة، فإنه لا يوجد أثر تلك الثروة النفطية في بناء ليبيا مقابل حجم الصادرات النفطية الليبية آنذاك، وهناك مستشار عربي بارز لشؤون البترول منذ أكثر من 45 سنة وهو الدكتور عبد الحي زلوم يشير في أحد مقالاته حول ازدياد ثروة النفط الليبي بالمراحل قائلا:” في السنوات القليلة التي سبقت تأسيس منظمة الأوبك تم العثور على اكتشافات نفطية هائلة في ليبيا. وكانت أول شحنة من النفط الليبي يتم تصديرها من حقل زيلتين في أبريل 1959م، وقد سجل الإنتاج الليبي من النفط زيادة سريعة في النمو الاقتصادي لتصبح ليبيا عام 1965 سادس أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، وليتجاوز الإنتاج الليبي بعد ذلك بأربعة أعوام حجم الإنتاج السعودي، ويصل إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً “[19].
كما واجه القذافي انتقادات واسعة لعدم رؤية أثر تلك النعمة في ليبيا؛ لذلك يقول سلمان أبو دقه:” فإن هذا لم يكن متناسبا من حيث مكانة ليبيا التي تضم إحدى أكبر ثروات النفط في العالم، ولا يشاهد في الواقع من ثمار تلك الثروة، لا في معيشة شعبها ولا في عمارتها وبنيتها الأساسية “[20].
أما من الجهة الجيوسياسية فإن ليبيا خاضت خلال حكم العقيد القذافي حروباً في تشاد وأوغندا والكونغو، ودعمت حركات التمرد في وسط وغرب أفريقيا وشرقها في إريتريا، ودعمت جون قرنق العقيد السوداني المسيحي الجنوبي انتهت بانفصال السودان. كما دعمت الجيش الإيرلندي الذي قاتل بريطانيا.
ثالثا: العقبات الخارجية والتوجه نحو أفريقيا:
شهدت ثمانينيات القرن العشرين بداية المواجهات العسكرية بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية، عندما أعلنت ليبيا عن توسيع حدود مياهها الإقليمية، فرفضت الولايات المتحدة الأمريكية هذا القرار وتحدته بإنزال بحري أمريكي في خليج سرت، فتصدت له القوات الجوية الليبية بإطلاق قذائفها صوب تمركز هذه القوات[21]. وفي أغسطس 1981 أسقطت الولايات المتحدة طائرتين ليبيتين فوق خليج سرت بعد أن خيم التوتر على سواحل ليبيا نتيجة قيام القوات الأميركية بمناورات عسكرية في منطقة بحرية تعدها ليبيا جزءا من مياهها الإقليمية[22].
ولقد تجدد النزاع مرة أخرى مع بداية عام 1989م، عندما اصطدمت وسقطت طائرتان أمريكيتان نفاثتان فوق البحر المتوسط، وزعم قائداهما أنهما واجها طائرتين ليبيّتيْن مسلحتين وجهتا أسلحتهما نحوهما[23]، وفي نفس السنة أسقط سلاح الجو الأمريكي طائرتين ليبيتين أخرييين[24].
وفي أوائل 1992م، فرضت الأمم المتحدة عقوبات اقتصادية وسياسية على ليبيا بعد أن اتهمتها بالضلوع في حادث تفجير الطائرة الأمريكية ” پان أمريكان ” فوق قرية لوكربي بأسكتلندا عام 1988م. فظل الشعب الليبي يعاني آثار العقوبات الاقتصادية التي ألقت بظلالها على كل مناحي الحياة[25].
عادت المياه إلى مجاريها والعلاقات إلى طريقها حيث زار رئيس وزراء إيطاليا سيلفيو برلسكوني ليبيا في عام 2008، وأعلن في بنغازي اعتذار بلاده لاحتلال ليبيا وأبرم معاهدة تنص على دفع روما تعويضات لليبيا عن الفترة الاستعمارية[26]. وفي نفس السنة بعد شهر من زيارة برلسكوني زارت طرابلس وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، وهي الزيارة الأولى من نوعها لمسؤول أميركي، حيث صرحت آنذاك بأن العلاقات بين البلدين دخلت “مرحلة جديدة”[27].
كما توجهت ليبيا نحو الجنوب لتوسيع علاقاتها مع الدول الإفريقية لاسيما بعد توطيد موقف الأفارقة الجماعي الرافض للعقوبات الدولية على ليبيا، ونادى القائد الليبي معمر القذافي عام 2000م بضرورة قيام الولايات المتحدة الإفريقية. وفي القمة الإفريقية الاستثنائية التي عقدت في سرت بليبيا بدعوة من القائد معمر القذافي أعلن عن قيام الاتحاد الإفريقي في الأول من مارس 2001م[28]. وفي فبراير 2009 أصبح القذافي رئيسا للاتحاد الأفريقي، وأعلن عزمه إنشاء الولايات المتحدة الإفريقية[29].
رابعا: النظرية العالمية الثالثة في ليبيا:
في عام 1976 بدأ معمر القذافي بتطبيق النظرية العالمية الثالثة باعتبارها طريقة الحكم الثالثة بعد الماركسية والرأسمالية، التي تجسدت في مؤلفه” الكتاب الأخضر ” الذي يشرح أسسها ومفاهيمها، ونظريته حول كيفية بناء نظام سياسي في ليبيا، واعتماده منهجا سياسيا لحكم ليبيا[30]، عندما أعلن أن الهدف من الكتاب الأخضر هو تقديم الحلول للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المجتمع الليبي[31].
قام النظام السياسي في ليبيا أو ما يسمى بالنظام الجماهيري الذي وضعه معمر القذافي بالاعتماد على أن الشعب في الجماهيرية يحكم نفسه دون وصاية، وأطلق عليه اسم سلطة الشعب وحكم الشعب لنفسه بنفسه وفق آليات جديدة عن طريق المؤتمرات الشعبية. واستنادا لهذا المنهج فقد تمّ التخلي عن فكرة التمثيل النيابي واستبدلت بها آلية المؤتمرات الشعبية[32].
تميز نظام الحكم في ليبيا بكونه لم يماثل أي نظام حكم آخر في العالم وهو ما جعل رمز الحكم في البلاد العقيد معمر القذافي أن يقدم نفسه بكونه ليس حاكما ولا يملك منصبا بل زعيما وقائد الثورة الليبية وملهم الجماهير الذي يحكم الشعب نفسه بنفسه[33].
ورفض القذافي فكرة التمثيل النيابي باعتبارها تمثّل في نظره حاجزا شرعيا بين الشعب وممارسة السلطة التي تصبح حكرا في يد النواب، معتبرا أن مجرّد وجود المجلس النيابي يعني غياب الشعب[34].
وتحقيق هذا النظام السياسي يتطلب تغييب المركزية في الحكم بكافة أشكالها ومظاهرها لتصبح عملية اتخاذ القرار في يد المواطنين أنفسهم من خلال ديمقراطية مباشرة[35]. إلا أنّ تطبيق النظرية الثالثة لم يعمّر طويلا حيث بدأت تتلاشى عندما هبت رياح التغير وبروز مشروع الشرق الأوسط الجديد في الأفق في الدول العربية.
خامسا: ليبيا نحو الانقسام السياسي بعد الربيع العربي:
مصطلح ” الربيع العربي” هو عبارة عن حركات احتجاجية سلمية ضخمة انطلقت في بعض البلدان العربية خلال عام 2010 -2011م، أما مصطلح “الربيع” فسبق أن أطلقوه على الثورات الأوروبية وكانت تسمى بربيع الشعوب[36]؛ لكن صياغة الربيع في الشرق انطلقت من خلال مصطلح ” الفوضى الخلّاقة ” التي أطلقتها مستشارة الأمن القومي الأميركي السيدة كوندوليزا رايس، ويضيف باسم عبد عون فاضل قائلا: إن تلك النظرية قد أسهمت في خلق فتن وصراعات داخلية طائفية وقومية وإثنية وعشائرية في الشرق الأوسط؛ لأن أي تغيير طفيف للنظام السياسي القائم قد يؤدي إلى دوّامة الاضطرابات والفوضى[37].
انطلقت رياح الربيع العربي من الأقطار العربية وبدأت تمتدّ من منطقة لأخرى، فأدركت القوى المتقلدة لزمام الحكم في العالم العربي أنّ عليها التحرّك السريع للتعامل مع تلك الانتفاضات الشعبية، قبل أن يستيقظ الشعب تمامًا، ويستكمل قواه بعد أن أحدث شرخاً فى جدار الخوف، وقد نجحت تلك الدول في استيعاب تحركات الجماهير المنتفضة بالوسائل المختلفة، وقامت بترميم ذلك الجدار، وإعادته أشدّ إحكامًا ومنعة؛ لأن الوضع الداخلي للشعوب في الدول العربية قد لا يختلف عن بعضها كثيرا إلا في الحكم والسياسية والنظم التي تحددها طبيعة كل دولة وفق ظروفها وأعرافها، ولا شك أن هذا من دواعي اختلاف الأنظمة بعضها عن بعض.
ويمكن ملاحظة تلك الحالة في الوضع الداخلي الليبي، كما كان للتطور التكنولوجي والانفجار المعلوماتي دور كبير في رفع وعي الشعب، الذي أحسّ أن ثمة عدم مراعاة لوضعهم الداخلي في ليبيا والاهتمام المبالغ فيه بالسياسة الخارجية، هذا الإحساس بدأ يتفاقم يوما بعد يوم، مما زاد من حدة الاضطرابات الداخلية التي كانت تقوم بين الحين والآخر، ولم يولّ النظام اهتماما كبيرا لكل تلك الأحدث، ولا قدم محاولة لحلها في مهدها كما يشير بعض الباحثين، تلك الأحداث التي امتد جذورها من أكتوبر 1996 قرب مصراتة، حيث أحبطت قوات القذافي آنذاك تمردًا مسلحًا، ومن أبرزها الأحداث الشعبية الشهيرة التي عرفت بمجزرة سجن ” أبو سليم ” عام 1996م ويقدر عدد قتلاها نحو 1200 بالإضافة إلى سجناء الرأي الذين قبعوا في السجون من غير مراعاة لأدنى حقوقهم الإنسانية [38]، ومجزرة كرة القدم في نفس العام التي راح ضحيتها 20 مدنيا، وضحايا مظاهرات بنغازي أمام السفارة الإيطالية بسبب الرسوم المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، واحتجاجات عام 2006 م في مدينتي البيضاء ويفرن، وقبل ذلك كله الاحتجاجات الطلابية في مدينة بنغازي عام 1976، وغيرها من الأحداث التي كوّنت جذور الاضطرابات الداخلية نحو الانفجار.
في نهايات العام 2010م ومطلع العام 2011م اندلعت في أرجاء العالم العربى موجةٌ عارمةٌ من الثورات، والانتفاضات، والاحتجاجات الشعبية، كانت بداية انطلاق الاضطرابات وجذورها في ثورات الربيع العربي في ليبيا مردها إلى البلاد المجاورة لها، حيث كان أول شعلة في غرب ليبيا، فمن تونس انطلقت الشرارة الأولى في 18 ديسمبر 2010م، عقب إشعال الشاب محمد بوعزيزي النار في نفسه[39]، احتجاجاً على إهانته من قبل الشرطة التونسية حيث صرخ بالفرنسية “‘Dégagé” التي تعني “ارحل”، هذه الكلمة التي صارت شعارًا ترفعه كل الجماهير الثائرة في الساحات العربية، وفي 14 يناير 2011 هرب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى السعودية بعد أن أطاحت به الثورة الشعبية التي استمرت ثلاثة أسابيع[40].
ثم في 25 يناير 2011 انتقلت عدواه بسرعة إلى مصر، وفي 11 فبراير أعلن الرئيس المصري حسني مبارك تنحّيه عن الرئاسة بعد ثورة شعبية طالبت برحيله واستمرت 18 يوما، أما في اليمن فاستمرت إلى 11 فبراير 2012 حيث أعلن علي عبد الله صالح تنحّيه عن السلطة، ووصلت تلك العدوى إلى ليبيا فى 17 فبراير 2011، ثم اتجهت إلى سورية في 15 مارس 2011[41].
في خضم هذا الجو المحموم من الاضطرابات، انتقد القذافي الشعبين التونسي والمصري بعد انكسار الجناحين الأيمن والأيسر لبلده فعاب عليهما الإطاحة بابن علي ومبارك[42]، ومع أن كل تلك الثورات إن كانت قد انطلقت تلقائية، إثر حوادث معيّنة، إلا أنها لعبت دور القشة التي قصمت ظهر البعير، كما أن تلك التحركات بدأت شعبية، تناشد التغيير الشامل للنظام، وإقامة مؤسسات مدنية ديمقراطية حديثة تعلو فيها إرادة الشعب على كل الإرادات، ثم وجدت من يدعمها من قوى خارجية إقليمية مختلفة ذات مصالح متباينة لكلا الطرفين من بعض القوى الدولية التي تسعى إلى تأمين مصالحها فأخرجتها عن مسيرها، وأبعدتها عن تحقيق غايتها والوصول إلى أهدافها[43].
لم يأخذ نظام القذافي آنذاك الاحتياطات اللازمة ولم يقدم الشفافية المطلوبة لاستباقة الحوادث، واحتواء التحركات الجماهيرية مبكّرًا، ولوقف هذا المد الربيعي على ليبيا ومنع التدخلات الأجنبية لأسباب عديدة؛ مع كون الشعب الليبي شعبا مسلما طيبا ولين الجانب، ومتفاهما إلى درجة أنه يتنازل عن كل حقوقه أمام قول الحق كما حدث خلال 42 سنة ماضية بالتفاوض والمصالحة بين القبائل مع نظام القذافي، كما لم يُسْتَدْرَكْ أن أمن واستقرار جارتي ليبيا لهما علاقة تاريخية وتأثير مباشر في أمن واستقرار ليبيا، حيث كانت ثمة قوى خارجية متربصة تبحث عن فجوة في الدخول إلى ليبيا لأي سبب كان، كما يقول عمار جحيدر عن تمثيل نفس السيناريو في نهاية القرن التاسع عشر عندما ” ازداد الشعور بالخطر المحدق بليبيا بعد سقوط جارتيها تونس ومصر في يد الاستعمار الأوربي، إذ أصبحت ليبيا آخر الممالك العثمانية في شمال أفريقيا.. أدركت إيطاليا الناشئة والطامحة إلى الاستعمار وجوب تحويل أنظارها نحو طرابلس.. ولقد كانت تلك الفترة مقدمة للغزو الإيطالي “[44].
سادسا: مجزرة سجناء ” أبو سليم ” شرارة الثورة الليبية:
إزاء الاحتجاجات السابقة تعتبر مجزرة سجناء” أبو سليم ” في 17 فبراير 1996، إحدى أكبر المجازر الجماعية التي ارتكبها نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا، حيث راح ضحيتها نحو 1600 معتقل ليبي معظمهم من سجناء الرأي[45]. وتأتي هذه المجزرة ضمن إحدى العوامل التي ألهبت مشاعر الثورة الليبية الشعبية ضد نظام القذافي، مندفعة نحو الإطاحة بنظام القذافي في نحو سبعة أشهر[46]، كانت بوادر انطلاقتها مظاهرات سلمية في 15 فبراير عام 2011م.
كان الحديث عن مجزرة ” أبو سليم ” ممنوعا، وبقيت طيّ الكمتان طيلة 15 سنة، حيث صعد أهالي الضحايا والمفقودين من تحركاتهم ووقفاتهم الاحتجاجية للمطالبة بمعرفة مصير جميع المعتقلين، والكشف عن أسباب الوفاة عبر تشريح الجثث وفتح تحقيق يحدد المسؤوليات، فعرض نظام القذافي على أهاليهم منح تعويضات مقابل عدم مقاضاة أجهزة الدولة في الداخل والخارج، لكن الأهالي رفضوا تلك التعويضات وتمسكوا بحقهم في معرفة ما جرى في السجن وأماكن دفن القتلى ومعاقبة المسؤولين[47].
وتعد مجزرة ” أبو سليم ” إحدى أبرز القضايا التي انطلقت بسببها الشرارة الأولى من غير رجعة، ولاسيما بعد اعتقال المحام الليبي فتحي تربل الذي تولّى قضية الدفاع عن أهالي تلك المجزرة يوم 15 فبراير 2011 عشية موعد انطلاق الاحتجاجات الليبية والذي ألهب مشاعر الثورة الليبية بالانفجار، وخلال خمسة أيام أنهارت قوات النظام في بنغازي وأصبحت إدارتها في قبضة الثوار، ثم انتقلت إلى بقية المدن الليبية[48].
كما يضيف بالقاسـم إبراهيم رأيا آخر كان سببا في شرارة ثورة 17 فبراير، التي كانت نتيجة تراكمات ماض طويل من الفقر والظلم والتعنيف والتهميش والحرمان والقهر واحتقار الشعب وتململ الشارع والاستهزاء به، وهذا هو الإرث الثقيل الذى تزامن على الشعب العربي ردحا من الزمان، وألهب مشاعر وأحاسيس دعوى يوم الغضب في كل من تونس ومصر ومؤخرا ليبيا .
وبعد أن أصبحت بنغازى شرارة الثورة، بدأت نواة هذه الانتفاضة سلمية عفوية لا قيادة لها ولا تنظيم ولا اتصالات فيما بين أفرادها فتعرضت للتفريق، وحدث اشتباك بالسلاح الحيّ، مما جعل المعتصمين يعاودون تنظيم أنفسهم من جديد، وبعد كسر حاجز الخوف والصمت خرج هذا الاعتصام السلمي عن مساره، فتحولت الشعارات إلى المطالبة بقضية الرأي العام وهي: الحرية، والكرامة، والعدالة الاجتماعية، ثم إسقاط النظام .
ونتيجة لذلك وعند سقوط الضحايا، وتلقي التهديد والوعيد، ولا سيما بعد خطاب القذفي من داخل باب العزيزية في طرابلس يوم الاثنين 21.03.2011 جعلت بنغازى ثم مدن ليبية أخرى تخرج فى انتفاضات تصنع الثورة ببطولات عظيمة دخلت التاريخ من أوسع أبوابه[49].
سابعا: تأسيس المجلس الوطني الانتقالي:
حفاظًا على وحدة الشعب والوطن وسلامة المواطنين وتسييرا للسياسة الخارجية وتنظيم العلاقات مع الدول الأخرى وتمثيلا للشعب الليبي، تمّ تشكيل المجلس الوطني الانتقالي المؤقت في يوم الأحد 27 فبراير 2011م، وتم حله في 8 أغسطس 2011م، حيث انطلقت مطالبة برحيل العقيد معمر القذافي عن السلطة والذي كان يحكم البلاد منذ نحو 42 عامًا. وفي 5 مارس2011م تم اختيار وزير العدل المنشق عن نظام القذافي مصطفى عبد الجليل رئيسا للمجلس الوطني الانتقالي المؤقت بهدف تأكيد السيادة على كامل أراضي ليبيا، ومقرّه المؤقت مدينة بنغازي حتى تحرير العاصمة طرابلس مقره الدائم.
وجدد المجلس دعوته إلى ضربات جوية أممية ضد قوات القذافي حماية للشعب الليبي، فجاء التدخل الدولي من خلال قرار مجلس الأمن رقم 1973[50]، في حين شدّد على رفضه نشر قوات أجنبية على الأراضي الليبية، وكان من أهم مهامه تشكيل حكومة انتقالية تمهد لإجراء انتخابات حرة.
كانت فرنسا أول دولة أوروبية اعترفت بالمجلس الوطني الانتقال كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي فضلا عن نظام القذافي، ثم الولايات المتحدة. أما من الدول العربية فكانت قطر أوّل دولة عربية اعترفت بالمجلس، ثم الكويت، والأردن، والإمارات، ومصر، والجزائر، وموريتانيا، ثم الاتحاد الأفريقي وهكذا.
ثامنا: المؤتمر الوطني الليبي العام والانقسامات السياسية:
على الرغم من الصعوبات والعقبات في طريق المرحلة الانتقالية إضافة إلى التجربة السياسية الجديدة والوليدة فإن المجلس الانتقالي مضى بالبلاد إلى انتخابات المؤتمر الوطني العام؛ ليرفع الحظر الذي كان يفرضه القذافي على الأحزاب السياسية، وبعد انتخابات المجلس التأسيسي أو المؤتمر الوطني الليبي ( البرلمان ) أصبحت المهمات التشريعية منوطة بهذه المؤسسة بما لديها من صلاحيات تمكنها من فرض كلمتها بعد أن حلّ المؤتمر الوطني العام محل المجلس الوطني الانتقالي، وكان من أهم أوليات البرلمان هي الإشراف على كتابة الدستور وتسليم ليبيا موحدة كما تسلّمها من المجلس الوطني الانتقالي، إضافة إلى حفظ الدولة وأمنها واستقرارها وسيادتها وعدم انخراطها في التجاذبات السياسية، ثم اختيار حكومة قوية تتناسب مع هذه الأولويات، ووضع دستور على مستوى الثورة وينتمي إلى هوية المجتمع وتاريخه[51].
بعد انتخاب المؤتمر الوطني العام في 7 يوليو 2012تكونت حكومة مؤقتة برئاسة علي زيدان اعتمد في البداية على الثوار للمساعدة في توفير الأمن للحكومة التي كانت قدرتها ضئيلة للقيام بذلك بنفسها، وأصبحت محاولة فرض النظام تدريجيا من ضمن العقبات التي تعترض الحكومة[52].
على الرغم من ذلك فإن ليبيا كانت تعدّ آنذاك من بين الدول الأكثر نجاحا سياسيا في العالم العربي المضطرب بإجراء أول انتخابات وطنية بعد أكثر من أربعة عقود في 7 يوليو 2012 ، وانتخب محمد يوسف المقريف رئيسا للمؤتمر الوطني العام الليبي منذ أغسطس 2012 إلى أن قدم استقالته في مايو 2013 امتثالًا لقانون “العزل السياسي”[53]، وخلفه نائبه الأول جمعة عتيقة بشكل مؤقت إلى أن انتخب السيد نوري أبو سهمين رئيسا للمؤتمر الوطني الليبي العام[54].
وتمثل هذا التناول المتسلسل في نقل الحكم خطوة كبيرة إلى الأمام في انتقال البلاد نحو الحكم الديمقراطي القائم على مشاركة الجميع، مع تجاوز التحديات الساحقة من حيث كونها بداية عملية سياسية جديدة أكثر شمولا لهذا البلد[55]. كما انتخُب علي زيدان لمنصب رئيس وزراء ليبيا من قبل المؤتمر الوطني العام يوم 14 أكتوبر 2012، وهو أول ليبي قام بتشكيل حكومة وفاق وطني بتقديم 27 وزارة في الحكومة الجديدة، وفي 11 مارس 2014 قام المؤتمر الوطني بحجب الثقة عن حكومته، وكلّف وزير الدفاع عبد الله الثني بمهام رئيس الحكومة المؤقت لحين انتخاب رئيس جديد[56]، وأقيل عبد الله الثني أيضا وعُيِّن أحمد امعيتيق خلفًا له، أما الدائرة الدستورية للمحكمة العليا فقد أقرت في يونيو 2014 بعدم شرعية الإقالة وأبقت الثني على الحكم[57].
نجحت ثورة الشعب الليبي بتثبيت الحكم في ليبيا تحت حكم المؤتمر الوطني العام حتى عام 2014، لكن المناوشات المسلحة والصراع الدائر بين المسلحين خارج سيطرة الحكومة لم تتوقف، حيث سماها البعض بالحرب الأهلية الليبية، وكان يسعى كل واحد للسيطرة على السلطة أو تثبيت مكانته في حكم ليبيا. وغالبا ما تحدث مثل هذه الحالة التي تسود البلاد عقب الثورات، أما المشكلة في وضع ليبيا فإن هذه النزاعات المسلحة أثرت سلبا في تقسيم الحكم والسلطة وانحياز الشعب من طرف إلى آخر ليس في داخل ليبيا فقط بل حتى في المعاملات الخارجية للدولة.
وبعد أن حكم المؤتمر الوطني الليبي ومقره طرابلس -غرب ليبيا- في مدة ولايتها عام ونصف العام لم يتمكن من أداء مهامه الملقاة على عاتقه في فترة صلاحيته المحددة، حيث قام بالتصويت بنفسه في 23 كانون الأول عام 2013 لتمديد صلاحيته لمدة سنة إضافية؛ ليتمكن من إكمال الصلاحيات المنوطة عليه من وضع قوانين لتشكيل مجلس النواب الليبي، وانتخاب رئيس الدولة.
قسم هذا التمديد ليبيا إلى شرق وغرب، لكل وجهته السياسة والأيديولوجية، وقد وسع من دائرة الانشقاق السياسي، وبدأت الخلافات تلوح في الأفق من شرق ليبيا، مما أدى إلى تشكيل حكومة مجلس النواب في مدينة بنغازي ثم انتقاله إلى مدينة طبرق لهدوئها النسبي لعقد جلساته عوضا عن بنغازي أو طرابلس، وتحالف المجلس مع قوات العقيد ثم اللواء خليفة حفتر الذي تم ترشيحه كقائد للجيش الليبي من قبل مجلس نواب طبرق. ويعد مجلس النواب الليبي من المرحلة الانتقالية الثالثة بعد المجلس الوطني الانتقالي عام 2011، وهي انتخاب مجلس نواب وانتخاب رئيس الدولة بطريقة الاقتراع المباشر من الشعب.
علمًا بأنّ الدائرة الدستورية للمحكمة العليا قضت في مقرّ انعقادها في طرابلس يوم 6 نوفمبر 2014 حكما يقضي بحلّ مجلس النواب في شرق ليبيا، في حين رحبت قوات فجر ليبيا التي تسيطر على مدينة طرابلس بالحكم معتبرة مجلس النواب بحكم المنحل، أما مجلس النواب الليبي في طبرق فقد رفض ذلك الحكم، واستمر في حكمه.
وهكذا تصارعت على السلطة في ليبيا حكومتان، هما: حكومة عمر الحاسي المنبثقة من المؤتمر الوطني العام، وتتخذ من طرابلس مقراً لها غرب ليبيا.[58] وحكومة عبد الله الثني التابعة لمجلس النواب بطبرق شرق ليبيا الذي قضت بحله المحكمة العليا في طرابلس، مما أدى إلى إعلان اللواء خليفة حفتر في 14 فبراير 2014 حل المؤتمر الوطني العام وتجميد الإعلان الدستوري، ودعا إلى تشكيل حكومة تصريف أعمال ولجنة الإشراف على انتخابات جديدة ثم إعلان اللواء خليفة حفتر ببدء ” عملية الكرامة ” لأول مرة في وقت مبكر من صباح يوم الجمعة في 16 مايو من نفس العام والهجوم على معسكرات معينة في مدينة بنغازي، بقصد بسط نفوذه في شرق ليبيا ضد المؤتمر الوطني في مدينة طرابلس.
وانبثقت عن المؤتمر الوطني العام الليبي ومقره طرابلس في 23 أغسطس 2014 حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة خليفة محمد أحمد الغويل، وسيطرت على أجزاء واسعة من غرب وجنوب ليبيا وحظيت بدعم قوات ” فجر ليبيا ” حتى نهاية 2014 وبداية 2016، وكانت حكومة طرابلس في حربها ضد قائد عملية الكرامة اللواء خليفة حفتر.
كما انبثقت عن برلمان طبرق المنحل الحكومة الليبية المؤقتة في طبرق برئاسة عبد الله الثني، ومقرها مدينة البيضاء في شهر سبتمبر 2014م، حيث تم تشكيلها حكومة موازية لحكومة طرابلس (الإنقاذ)، وحظيت حكومة طبرق بدعم اللواء خليفة حفتر، وفي نفس العام رحب اللواء خليفة حفتر بتدخل عسكري مصري على ليبيا[59].
وبذلك دخل الوضع السياسي الليبي في نفق مظلم، حيث استمرّ الصراع في ليبيا بين الحكومتين المنفصلتين المتمثلتين في قوات “فجر ليبيا” و”عملية الكرامة” إلى أن وافقتا في 16 يناير عام 2015 على ” وقف لإطلاق النار”، وتشكيل حكومة وحدة وطنية توسطت فيها الأمم المتحدة[60]، التي ولدت عنهما “حكومة الوفاق الوطني الليبية ” في اجتماع الصخيرات بالمغرب.
تاسعا: حكومة الوفاق الوطني الليبية:
هي حكومة منبثقة عن اتفاق سلام وقع بين أعضاء في برلمان طرابلس وبرلمان طبرق في مدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر 2015، أشرفت عليه بعثة الأمم المتحدة ، بقيادة الآلماني مارتن كوبلر بعد تكليفه بديلاً عن خلفه الإسباني برناردينو ليون. وتم الإعلان عن تكليف فايز السراج برئاسة حكومة الوفاق الوطني في 9 أكتوبر 2015 وأعلن عن أسماء وزراء حكومة الوفاق الوطني بتاريخ 19 يناير 2016[61]، واختار تشكيلها المجلس الرئاسي الليبي، وهو مجلس منبثق عن الاتفاق ذاته، ويضم تسعة أعضاء يمثلون مختلف المناطق الليبية، حيث رحب المجتمع الدولي بهذه التطورات الجديدة في المشهد الليبي على أمل تقليص الانقسام المكرّس منذ عام 2014 في البلاد بوجود حكومتين[62].
عاشرا: صراع ثلاث حكومات على الحكم في ليبيا:
بعد دخول أعضاء حكومة الوفاق الوطني يوم 30 مارس 2016 إلى العاصمة الليبية طرابلس برئاسة فايز السراج لمباشرة أعمالهم، تطور المشهد الليبي في الدخول نحو أزمة جديدة بعد الانقسام القائم في ليبيا.
في الوقت الذي رفضت حكومة شرق ليبيا (طبرق) الاعتراف بالحكومة الجديدة ومباشرة أعمالها في طرابلس وقالت:” إن فرض حكومة مدعومة من الأمم المتحدة دون موافقة برلمانية يزيد الأزمة تعقيدًا “[63]. كما رفضته حكومة غرب ليبيا (طرابلس) بوصفها حكومة ” مفروضة من أطراف دولية، ولا تحظى بإجماع من الليبيين”[64].
وبرفض الحكومة الجديدة (حكومة الوفاق الوطني) من برلمان طبرق وحكومته، وبرلمان طرابلس وحكومته جعل ليبيا تحكم من قبل ثلاث حكومات متصارعة. مع أن حكومة الوفاق الوطني تواجه مصيرًا مجهولًا في ظل التجاذبات القوية والتوترات المتصاعدة، كما لا تمتلك وحدات عسكرية قوية لفرض قراراتها وتوسيع دائرة نفوذها.
بعد رفض وفشل حكومة الوفاق الوطني الليبي في السيطرة على الحكم في ليبيا، توصلت الحكومتان إلى تشكيل وحدة وطنية في إطار حوار ليبي ليبي دون وساطة أجنبية[65]، فاتفقتا في أكتوبر 2016 على تشكيل حكومة وحدة وطنية[66]، هذا ما دفع بعض الكتاب يتأسفون على الاستمرار في ظل هذه الحالة، فكتب محمد علي المبروك في مقال له بعنوان:” دعوة للتدخل الأجنبي في ليبيا ” يدعو الجميع للتأمل حول مستقبل ليبيا، فقال:” فها هي ليبيا أمامك ووضعها لا يخفى عليك، وها هو الشعب الليبي أمامك ووضعه لا يخفى عليك، أنقذهما أو اترك غيرك ينقذهما ولو كان أجنبيا، أما الاستمرار في وضع يلتهم ليبيا وشعبها رويدا رويدا فلا مبرر له”[67].
كما طرح المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا غسان سلامة خارطة طريق جديدة لحل الأزمة الليبية، بهدف تهيئة الظروف الملائمة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، تنظر الخارطة طبقا لمراحلها الثلاث على وجوب تعديل اتفاق الصخيرات، وعقد مؤتمر وطني لفتح الباب أمام الجميع، والاستفتاء لاعتماد الدستور، حيث يكون في إطاره انتخاب الرئيس والبرلمان والوصول إلى نهاية المرحلة الانتقالية. الأمر الذي سيعدّ إيذاناً بدخول ليبيا في الحياة المؤسسية والسياسية الطبيعية بحسب أهداف خطة المبعوث الأممي الجديد المبعوث إلى ليبيا[68].
هذا هو المشهد الليبي خلال قرن من الزمن، وأهمية موقعها الاستراتيجي المتموقع بين قارتي أفريقيا وأوروبا، لا يمكن التكهن بشأنها ومستقبلها من الخارج، عندما نجحت القوات الغربية والعربية لصد قوات القذافي وحماية المدنيين، ثم إسقاط النظام السابق، فلم تنجح بعد سبع سنوات من سقوط القذافي أن تحل الأزمة وتبسط الاستقرار الأمني والوحدة والديمقراطية المنشودة محله.
وربما نحتاج إلى التوقف قليلا والتفكر مليا عما آل إليه الوضع في ليبيا، وما ينتظره الجميع بعين العبرة والحسرة، وكل الأماني أن ترجع إلى قيادتها وتتقدم في ريادتها بإقامة علاقاتها الطيبة وإحياء رابطتها التاريخية، وهل يصدق هذا على ما قاله (Kevin Connolly) كيفن كونوللي: وهناك درس قديم، يتعلمه العالم مرة أخرى، وهو أن الثورات لا يمكن التنبؤ بها، بل من المحتمل استمرارها لسنواتٍ قبل أن تتضح تداعياتها[69]، أو هناك وعي وإدراك نحتاج إليهما للتوقف من الاستمرار على هذه الحالة المأسوية حتى تتحقق صياغة شرق أوسط جديد حسب سيناريوهات مكتوبة من الخارج[70].
أما ليبيا فهي بلد المفاجآت، وهي تخلف تلك المعاناة فتشق طريقها نحو الوحدة وبناء الدولة، وشعبها الطيب له تاريخ طويل في أخلاقه الوطنية وانتمائه الوطني وحماسته تجاه الوطن، هذه كافية في شق هذا الوضع المعقد نحو الدولة الآمنة والمستقرة.
المصادر والمراجع:
- آفاق ووثائق في تاريخ ليبيا الحديث، عمار جحيدر، الدار العربية للكتاب، 1991، مجلد واحد في 370 صحيفة.
- انتخابات المؤتمر الوطني العام في ليبيا، التقرير النهائي، 7 يوليو 2012، مركز كارتر، مجلد واحد في 99 صحيفة.
- الأزمة الليبية إلى أين ؟ فريق الأزمات العربي، مركز دراسات الشرق الأوسط-الأردن، العدد 13، مارس 2017.
- استقالة رئيس المؤتمر العام الليبي محمد المقريف بعد إقرار قانون “العزل السياسي”، 28 مايو 2013. (bbc.com/arabic)
- أطلس تاريخ القرن التاسع عشر، تأليف وجمع: أحمد نجيب هاشم، ومحمد مأمون نجا، ط/1، الناشر مكتبة النهضة المصرية، مطبعة لجنة التأليف والترحمة والنشر، 1938، مجلد واحد في 200 صحيفة، ص 146-148.
- الأمم المتحدة تضع خارطة طريق من ثلاثة مراحل لإنقاذ ليبيا، طرابلس/ جهاد نصر/ الأناضول، 21.09.2017. raialyoum.com.
- أوراق الربيع (12).. الثورات تنحني ولا تنكسر، محمد مختار الشنقيطي، 14/3/2017، مدونات الجزيرة. (http://blogs.aljazeera.net)
- تاريخ ليبيا من القذافي إلى الثورة، نشر الجمعة 1433/8/17 هـ – الموافق 6/7/2012 م في موقع الجزيرة.
- ثلاث حكومات تتصارع على الشرعية في ليبيا، محمود علي ، 31 مارس 2016، البديل، elbadil.com
- حكومة الوفاق الوطني، https://ar.wikipedia.org
- حكومة شرق ليبيا تحذر من فرض حكومة الوحدة بدون موافقة برلمانية، بي بي سي عربي، 18 مارس 2016. (bbc.com/arabic)
- دعوة للتدخل الأجنبي في ليبيا بتصرف، محمد علي المبروك، 27 يوليو 2017، عين ليبيا. (eanlibya.com). وصحيفة بوابة افريقيا الاخبارية، المنشور في 29.07.2017.
- الربيع العربي عشر نتائج غير متوقعة، كيفن كونوللي، 14 ديسمبر2013. bbc.com/arabic/middleeast
- الربيع العربي من ثورات شعبية إلى معارضة سياسية، عادل سليمان يكتب، كلمتي نت، 15.09.2016.
- الطريق إلى أوبك.. وهل كانت أوبك (صناعة) أمريكية؟ د. عبد الحي زلوم، 20.09.2017 (raialyoum.com)
- علي زيدان. https://ar.wikipedia.org/wiki
- الفوضى الخلاقة تهدم الشرق الأوسط، باسم عبد عون فاضل،( مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية)، 04. تشرين الثاني 2014. alhayat.com
- ليبيا إلى أين سياسيا أمنيا واقتصاديا..؟ ثلاث حكومات تتنافس على حكم ليبيا والمجتمع الدولي على الخط، يوم 03 – 04 – 2016، محرك بحث إخباري مَغْرِس، العلم. (maghress.com/alalam)
- ليبيا.. ثلاث حكومات تتصارع على الشرعية، 26.10.2016 م، موقع الجزيرة. (aljazeera.net).
- ليبيا: وجه جديد للصراع، عبد الباسط غبارة، بوابة إفريقيا الإخبارية، 31.03.2016. (afrigatenews.net)
- المجاهد محمد إدريس المهدى السنوسى، إحياء الذكرى الثلاثين، 26/5/2013، ليبيا الجديدة، (http://newlibyablog.blogspot.com/2013/08/blog-post_645.html)
- مجزرة سجن ” أبو سليم”، الجزيرة نت. 10/3/2011 م.
- محمد يوسف المقريف. https://ar.wikipedia.org/wiki
- معمر القذافي 42 عاما في حكم ليبيا، سلمان أبو دقة، روسيا اليوم. (https://arabic.rt.com/news).
- من ذاكرة ثورة 17 فبراير ليبيا حديث عن بدايات الثورة الليبية، بقلم بالقاسـم إبراهيم بالقاسـم، صحيفة الحرية، صحيفة مستقلة بجهود شباب ليبيين، بتاريخ 23 أبريل، 2012، (lawoflibya.com).
- الموسوعة العربية العالمية، مادة ” ليبيا “.
- نقل السلطة الليبية، صحفية الأخبار، عربيات، العدد 1778، في 8، أغسطس 2012، ريم البركي.
- وفاة الملك الليبى محمد إدريس السنوسى فى مصر، ماهر حسن، المصري اليوم، 25.05.2009، العدد 1809. (http://today.almasryalyoum.com).
- وفد المؤتمر الوطني الليبي يوافق على دعم تشكيل حكومة وحدة، محمد رجحي، وكالة ليبيا، 05.03.2015. (libyens.net).
- ويكيبيديا العربية ” الحرب الأهلية الليبية”.
[1] – انظر: الأزمة الليبية إلى أين ؟ فريق الأزمات العربي، مركز دراسات الشرق الأوسط-الأردن، العدد 13، مارس 2017، ص 6.
[2] – انظر: الموسوعة العربية العالمية، مادة ” ليبيا “.
[3] – انظر: الأزمة الليبية إلى أين ؟ ص 8.
[4] – انظر: الموسوعة العربية العالمية، مادة ” ليبيا “.
[5] – انظر: المصدر السابق.
[6] – انظر: أطلس تاريخ القرن التاسع عشر، تأليف وجمع: أحمد نجيب هاشم، ومحمد مأمون نجا، ط/1، الناشر مكتبة النهضة المصرية، مطبعة لجنة التأليف والترحمة والنشر، 1938، مجلد واحد في 200 صحيفة، ص 146-148. بتصرف..
[7] – انظر: الموسوعة العربية العالمية، مادة ” ليبيا “.
[8] – انظر: المجاهد محمد إدريس المهدى السنوسى، إحياء الذكرى الثلاثين، 26/5/2013، ليبيا الجديدة، (http://newlibyablog.blogspot.com/2013/08/blog-post_645.html)
[9] – الحركة السنوسية ترجع جذورها إلى الداعية محمد بن علي السنوسي سليل الفاتحين ملوك المغرب الأقصى، والمعروف بالسنوسي الكبير، ولد بمستغانم بالجزائر في عام 1787م حيث كان أجداده حكام تلك البلاد، استقر بالجبل الأخضر في ليبيا حيث أسس الزاوية البيضاء التي هي منطلق للدعوة لدين الله، وقـامت عائلة السنوسي خلال 150 عاما تولت فيها الدعوة الإسلامية بتوحيد القبائل البدوية تحت زعامتها. انظر: المصدر السابق.
[10] – انظر: الموسوعة العربية العالمية، مادة ” ليبيا “.
[11] – انظر: ويكيبيديا العربية ” الحرب الأهلية الليبية”.
[12] انظر: وفاة الملك الليبى محمد إدريس السنوسى فى مصر، ماهر حسن، المصري اليوم، 25.05.2009، العدد 1809. (http://today.almasryalyoum.com).
[13] – انظر: المجاهد محمد إدريس المهدى السنوسى.
[14] – انظر: الموسوعة العربية العالمية، مادة ” ليبيا “.
[15] – كان عمره 27 سنة.
[16] – انظر: الموسوعة العربية العالمية، مادة ” ليبيا “.
[17] – انظر: المصدر السابق.
[18] – انظر: المصدر السابق.
[19] – الطريق إلى أوبك.. وهل كانت أوبك (صناعة) أمريكية؟ د. عبد الحي زلوم، 20.09.2017 (www.raialyoum.com)
[20] – معمر القذافي 42 عاما في حكم ليبيا، سلمان أبو دقة، روسيا اليوم.
[21] – انظر: الموسوعة العربية العالمية، مادة ” ليبيا “.
[22] – انظر: تاريخ ليبيا من القذافي إلى الثورة، نشر الجمعة 1433/8/17 هـ – الموافق 6/7/2012 م في موقع الجزيرة.
[23] – انظر: الموسوعة العربية العالمية، مادة ” ليبيا “.
[24] – انظر: تاريخ ليبيا من القذافي إلى الثورة.
[25] – انظر: الموسوعة العربية العالمية، مادة ” ليبيا “.
[26] – انظر: تاريخ ليبيا من القذافي إلى الثورة.
[27] – انظر: المصدر السابق.
[28] – انظر: الموسوعة العربية العالمية، مادة ” ليبيا “.
[29] – انظر: تاريخ ليبيا من القذافي إلى الثورة.
[30] – انظر: المصدر السابق.
[31] – انظر: الموسوعة العربية العالمية، مادة ” القذافي”.
[32] – انظر: المصدر السابق، مادة ” ليبيا “.
[33] – انظر: المصدر السابق.
[34] – انظر: المصدر السابق.
[35] – انظر: المصدر السابق.
[36] – انظر: أوراق الربيع (12).. الثورات تنحني ولا تنكسر، محمد مختار الشنقيطي، 14/3/2017، مدونات الجزيرة. (http://blogs.aljazeera.net)
[37] – انظر: الفوضى الخلاقة تهدم الشرق الأوسط، باسم عبد عون فاضل،( مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية)، 04. تشرين الثاني 2014. www.alhayat.com
[38] – انظر: مجزرة سجن أبو سليم .. الجزيرة نت. 10/3/2011 م
[39] – انظر: الربيع العربي من ثورات شعبية إلى معارضة سياسية، عادل سليمان يكتب، كلمتي نت، 15.09.2016.
[40] – انظر: تاريخ ليبيا من القذافي إلى الثورة.
[41] – انظر: الربيع العربي من ثورات شعبية إلى معارضة سياسية.
[42] – انظر: تاريخ ليبيا من القذافي إلى الثورة.
[43] – انظر:الربيع العربي من ثورات شعبية إلى معارضة سياسية.
[44] – آفاق ووثائق في تاريخ ليبيا الحديث، عمار جحيدر، الدار العربية للكتاب، 1991، مجلد واحد في 370 صحيفة، ص 42.
[45]– انظر: الأزمة الليبية إلى أين ؟ ص 8.
[46] – انظر: تاريخ ليبيا من القذافي إلى الثورة.
[47] – انظر: مجزرة سجن ” أبو سليم”، الجزيرة نت. 10/3/2011 م.
[48]– انظر: الأزمة الليبية إلى أين ؟ ص 8.
[49] – انظر: من ذاكرة ثورة 17 فبراير ليبيا حديث عن بدايات الثورة الليبية، بقلم بالقاسـم إبراهيم بالقاسـم، صحيفة الحرية، صحيفة مستقلة بجهود شباب ليبيين، بتاريخ 23 أبريل، 2012، (www.lawoflibya.com).
[50]– انظر: الأزمة الليبية إلى أين ؟ ص 8.
[51] – انظر: نقل السلطة الليبية، صحفية الأخبار، عربيات، العدد 1778، في 8، أغسطس 2012، ريم البركي.
[52] – انظر: انتخابات المؤتمر الوطني العام في ليبيا، التقرير النهائي، 7 يوليو 2012، مركز كارتر، مجلد واحد في 99 صحيفة، ص 14.
[53] – وهو قانون يحظر على كل المسؤولين البارزين في حقبة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي تولي المناصب العامة. انظر: استقالة رئيس المؤتمر العام الليبي محمد المقريف بعد إقرار قانون “العزل السياسي”، 28 مايو 2013. (www.bbc.com/arabic)
[54] – انظر: محمد يوسف المقريف. https://ar.wikipedia.org/wiki
[55] – انظر: انتخابات المؤتمر الوطني العام في ليبيا، ص 2-15.
[56] – انظر: علي زيدان. https://ar.wikipedia.org/wiki
[57]– انظر: الأزمة الليبية إلى أين ؟ ص 9-10.
[58] – انظر: وفد المؤتمر الوطني الليبي يوافق على دعم تشكيل حكومة وحدة، محمد رجحي، وكالة ليبيا، 05.03.2015. (www.libyens.net).
[59] – انظر: ليبيا.. ثلاث حكومات تتصارع على الشرعية، 26.10.2016 م، موقع الجزيرة. (www.aljazeera.net).
[60] – انظر: المصدر السابق.
[61] – انظر: حكومة الوفاق الوطني، https://ar.wikipedia.org
[62] – انظر: ليبيا.. ثلاث حكومات تتصارع على الشرعية في ليبيا.
[63] – حكومة شرق ليبيا تحذر من فرض حكومة الوحدة بدون موافقة برلمانية، بي بي سي عربي، 18 مارس 2016. (www.bbc.com/arabic)
[64] – ليبيا إلى أين سياسيا أمنيا واقتصاديا..؟ ثلاث حكومات تتنافس على حكم ليبيا والمجتمع الدولي على الخط ، يوم 03 – 04 – 2016، محرك بحث إخباري مَغْرِس، العلم. (www.maghress.com/alalam). وليبيا: وجه جديد للصراع، عبدالباسط غبارة، بوابة إفريقيا الإخبارية، 31.03.2016. (www.afrigatenews.net)
[65] – انظر: ليبيا.. ثلاث حكومات تتصارع على الشرعية.
[66] – انظر: المصدر السابق.
[67] – انظر: دعوة للتدخل الأجنبي في ليبيا بتصرف، محمد علي المبروك، 27 يوليو 2017، عين ليبيا. (www.eanlibya.com). وصحيفة بوابة افريقيا الاخبارية، المنشور في 29.07.2017.
[68] – انظر: الأمم المتحدة تضع خارطة طريق من ثلاثة مراحل لإنقاذ ليبيا، طرابلس/ جهاد نصر/ الأناضول، 21.09.2017. www.raialyoum.com.
[69] – انظر: الربيع العربي عشر نتائج غير متوقعة، كيفن كونوللي، 14 ديسمبر2013. www.bbc.com/arabic/middleeast
[70] – انظر: الفوضى الخلاّقة تهدم الشرق الأوسط، باسم عبد عون فاضل (مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية)، 04 تشرين الثاني 2014، الحياة. www.alhayat.com