أثر التدخل الدولي الإنساني علي السيادة الوطنية للدولة ٢٠٠٢ – ٢٠١٢ : دراسة حالة السودان
اعداد:
- آية عبدالرحمن عبدالرحمن موسى -جامعة بنى سويف – كلية السياسة والاقتصاد – قسم العلوم السياسية –
- سعاد احمد حسن صغير – جامعة بنى سويف – كلية السياسة والاقتصاد – قسم العلوم السياسية
- مي مصطفي محمود – جامعة بنى سويف – كلية السياسة والاقتصاد – قسم العلوم السياسية
- هناء محمد سليمان – جامعة بنى سويف – كلية السياسة والاقتصاد – قسم العلوم السياسية
- وردة عبدالرازق محمد احمد- جامعة بنى سويف – كلية السياسة والاقتصاد -قسم العلوم السياسية
اشراف: أ.م.د/ محمد نور البصراتى – استاذ العلوم السياسية المساعد ورئيس قسم العلوم السياسية
- المركز الديمقراطي العربي
الفهرس:
م | الموضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوع | الصفحة |
المقدمة | 1 | |
الفصل الاول | التدخل الانساني بين المفهوم والنشأة | ١٦ |
المبحث الاول | مفهوم التدخل لأغراض انسانية | ١٩ |
المبحث الثاني | نشأة التدخل الانساني ومدي مشروعيته | ٣٢ |
الفصل الثاني | التدخل الدولي الانساني وبعض النماذج لهذا التدخل | ٤٤ |
المبحث الاول | التدخل الدولي الانساني من قبل بعض المنظمات الانسانية | ٤٧ |
المبحث الثاني | نماذج للتدخل الدولي الانساني( غزة، البوسنة والهرسك، الصومال، كوسوفو) | ٥٦ |
المبحث الثالث | تحديات التدخل الدولي الانساني. | ٦٧ |
الفصل الثالث | السودان والتدخل الدولي الانساني | ٧٥ |
المبحث الاول | مقدمات التدخل الدولي الانساني في السودان | ٧٧ |
المبحث الثاني | التدخل الانساني والسيادة الوطنية في السودان | ٨٦ |
المبحث الثالث | تداعيات التدخل لأغراض انسانية | ٩٤ |
الخاتمة | ١٠٤ | |
المراجع | ١١٠ |
مقدمة:
إن بناء السلام يعتبر من أهم الوسائل المساعدة للبلاد والتي تمزقها الحروب والصراعات وتضعها في ظروف معيشية سيئة وتعمل على خلق ظروف افضل لتحقيق السلام الشامل والعمل على بناء مراحل السلام المستدام ومن هنا فإن جميع المنظمات الدولية الحكومية منها والغير حكومية من بلدان عديدة، يرصدون ويراقبون عمليات السلام التي تنشأ عن حالات ما بعد الصراع ، ويستعد المحاربين السابقين على تنفيذ اتفاقيات السلام التي وقعوا عليها، وتتمثل هذه المساعدة في أشكال عديدة، لاسيما تدابير ترتيب تقاسم السلطة ودعم الانتخابات وتعزيز سيادة القانون، وذلك لبناء الديمقراطية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية باستدامة.[1]
نلاحظ أنه بعد نهاية الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتي أخذ موضوع التدخل في شئون الدول منحنى جديد تختلف فيه المبررات والأسباب وحتى الوسائل عن تلك التي كانت تمارس في السابق والتي كانت في الغالب تدخلات عسكرية بقصد الاحتلال أو إلحاق أجزاء من أقاليم الدول لصالح دول اخرى مستندة في ذلك على ما تملكه الدول من قوى في غياب القانون لكن التوجه الدولي في الوقت الحاضر اتخذ منحنى التعاون بين الدول للقضاء على المشاكل التي تهدد البشرية او الإنسانية بما يكفل الاستقرار الأمني للجميع، فبعد أحداث ١١سبتمبر ٢٠٠١ عرف العالم تحولات جديده في مسار العلاقات بين الدول مما سمح باستخدام بعض الأساليب التدخلية الحديثة التي لم تكن معروفة من قبل بالإضافة إلى عودة التدخلات العسكرية المباشرة مما جعل السيادة اليوم ومبدأ عدم التدخل من المفاهيم النسبية التي لا تعنى التحكم المطلق من قبل الدولة على كامل أراضيها ومصيرها.
ان تطور الاهتمام الدولي لحماية حقوق الإنسان لاسيما مع تزايد نشوب النزاعات الداخلية في العديد من الدول أفضى إلى بروز آلية التدخل الإنساني الذي يعتبر من أكثر المواضيع إثارة للجدل لاسيما أمام الغموض الذي يعتريه من حيث المفاهيم المختلفة التي طرحت جدلا قانونيا وأخلاقيا واسعا متعدد الأبعاد حول أسسه ومشروعية هذه التدخلات في حالة قيام الدولة بانتهاك حقوق الإنسان ضد مواطنيها الأمر الذي فتح الباب أمام كثرة التأويلات والتفسيرات والذى خلف جملة من الانقسامات الحادة في أوساط الفقهاء إزاء ما أسفرت عنه ممارسات الدول من اقتراحات وتجاوزات وما زاد من تعقيد فكرة التدخل الدولي الإنساني غياب نظام قانونى منظم لهذه الظاهرة مما أدى إلى صعوبة ضبط هذه الفكرة.[2]
ولعل هذه الدراسة تقدم نموذجا للتدخل في السودان(أزمة جنوب السودان ودارفور) هذا النموذج يعبر عن التدويل المستمر لأزمات السودان الداخلية، من قبل العديد من الأطراف الداخلية والخارجية وهو ما دفع بمجلس الأمن الدولي إلى التدخل في السودان بمناسبة أزمة دارفور في غرب السودان، وكذلك أزمة الجنوب التي أدت إلى انفصال هذا الأخير وسعي مبدأ التدخل الإنساني في مواجهة السلطة المركزية في الخرطوم.[3]
وعليه فإن هذه الدراسة ستركز على الأسس التي استندت عليها المنظمات الدولية في تدخلاتها الإنسانية، والاليات التي اعتمدت عليها في تنفيذ هذه التدخلات التقليدية وكذلك المستحدثة ومدى نجاحاتها في ردع انتهاكات حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني.
اولا:- المشكلة البحثية و تساؤلات الدراسة
تتمثل المشكلة البحثية في معرفة مقدار التأثير الذي أحدثته منظمات التدخل الدولي الإنساني علي السيادة الوطنية للدول وخاصة دولة السودان وذلك وفقا للتساؤل الرئيسي الاتي :-
- كيف أثر التدخل الدولي الإنساني على السيادة الوطنية لدولة السودان فى الفترة من ٢٠٠٢-٢٠١٢؟
وينبثق عن هذا التساؤل الرئيسي مجموعة من التساؤلات الفرعية:-
- ما هو مفهوم التدخل الدولي الإنساني لدي العلماء والمنظمات الدولية؟
- كيف كانت النشأة التاريخية للتدخل الدولي الإنساني؟ وما مدي مشروعيته؟
- ما هي أبرز نماذج التدخلات الإنسانية في العالم؟
- ما هي التحديات التي واجهت التدخل الدولي الإنساني؟
- ما هي مقدمات التدخل الدولي الإنساني في السودان؟
- ما هي نتائج تدخل منظمات التدخل الدولي الإنساني علي السيادة الوطنية للسودان؟
ثانياً:- اهداف الدراسة
تهدف هذه الدراسة إلى الآتي:
- معرفة ما اذا كانت هذه المنظمات قد طبقت ميثاق الامم المتحدة ام لا.
- معرفة مدي اساءة هذه المنظمات للغرض الاساسي منها.
- معرفة مدي اتباع المنظمات الانسانية للقواعد الدولية المعمول بها في هذا الشأن.
- معرفة الي اي مدي قد تمثل هذه المنظمات اجندات خارجية.
ثالثا:- أهمية الدراسة
تنبع أهمية الدراسة من أهمية السيادة بالنسبة للدولة حيث أنها تعتبر أهم خاصية من الخصائص المميزة لها والتي إذا فقدتها تكون قد فقدت كيانها ومن المعروف أن ظاهرة التدخل الدولي تعتبر من العوامل التي قد تعيق أو تقلل من تمتع دولة بسيادتها حيث أنه يقلل من قدرة الدولة بحق تقرير المصير الى حد ما، عند حدوث نزاع فيها يؤدى إلى التطهير العرقي أو حروب أهلية تسفر عن سقوط ضحايا أو تشريد بعض الجماعات أو التمييز بين الإثنيات الموجودة في الدولة وبالتالي كان علينا معرفة الآثار الذى يرتكبها هذا التدخل الإنساني أيا كانت أهدافه وأساليبه على السيادة الوطنية للدولة حتى يتم تلافى أو رفض أو على الأقل الاعتراض على أي تدخل قد يمس مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وبالتالي التقليص من شأن سيادتها ولمعرفة هذا فكان لابد من اختيار نموذج يوضح لنا الآثار التي قد يحدثها هذا التدخل وقد وقع الاختيار على دولة السودان باعتبارها من أوضح النماذج التي أسفر التدخل الإنساني فيها عن حدوث انقسام وهو أسوأ ما قد يصل إليه الوضع في دولة ما كنتيجة للتدخل.
رابعا:- حدود الدراسة
الإطار الزمني:
تم اختيار عام 2002 ليكون بداية لهذه الدراسة وذلك حيث ان هذا العام مثل بادرة التدخل الدولي الانساني في السودان حيث كان لاندلاع مشكلة دارفور عام 2001وما ادت اليه من حروب اهلية وسقوط للضحايا وتشريد للأعراق وغيرها الاثر الكبير في اغراء المنظمات الانسانية لتحقيق اهدافها في السودان، وعلي الفور بدا مجلس الامن في عقد اكثر من جلسة تناولت مشكلة دارفور واصدرت العديد من القرارات بشأنها، وكان اهم هذه القرارات هو قرار رقم 1593لعام 2004والذي قرر تحويل الوضع في دارفور ابتداءا من عام 2002 الي المحكمة الجنائية الدولية متجاوزا في ذلك الاختصاص القضائي الوطني وكان لهذا التصعيد اثر كبير في تغلغل المنظمات الانسانية بشكل كبير في السودان منذ ذلك الحين.
اما عن اختيار عام 2011كخاتمة لهذه الدراسة فتعود اسبابه الي ان هذا العام شهد نجاح منقطع النظير للأهداف غير المعلنة لهذه المنظمات الانسانية حيث شجعت الشعب تحت مسمي حق تقرير المصير والتخلص من ويلات الحروب الي عمل استفتاء شعبي لمناقشة تقسيم السودان من عدمه، وبالفعل جاءت النتيجة بالموافقة علي قرار التقسيم وتم تقسيم السودان بالفعل في التاسع من يوليو لعام 2011.
الإطار المكاني:
تم اختيار دولة السودان بالتحديد كمكان للدراسة ليس فقط كونها دولة ذات اهمية سياسية واستراتيجية في القارة الافريقية وليس فقط كونها اكثر الدول العربية التي تعرضت للحروب الاهلية والصراعات الداخلية التي استنفذت قوتها واثرت علي مكانتها الدولية ونفوذها الخارجي كما اعاقت تنميتها الداخلية، ولكن ايضا كونها الدولة العربية الوحيدة التي تعرضت لخطر الانقسام وتم تقسيمها بالفعل، وبالتالي كانت خير نموذج من الممكن دراسته ومعرفة الي اي مدي قد يؤثر التدخل الدولي في الشئون الداخلية للدولة علي تحديد مصيرها المستقبلي سواء علي المستوي الداخلي او الخارجي حتي ولو كان هذا التدخل لأغراض انسانية.
خامسا:- الإطار المفاهيمي
التدخل الإنساني:
ورد في الأدبيات السياسية بأن التدخل هو ممارسة سلطة عامة من جانب دولة على أراضي دولة أخرى من دون موافقة هذه الأخيرة وهو تعريف لا يغطى الإشكالات التي تثار حول المفهوم كما أنه يحصر عملية القيام بمهمة التدخل في دولة واحدة في الوقت الذي يمكن أن تتم فيه العملية عن طريق مجموعة دولية تحت غطاء الامم المتحدة أو مجموعة إقليمية كحلف الناتو مثلا في محاولة منه لإضفاء نوع من الإحاطة بالمفهوم، وقام فينست بتعريف التدخل على أنه ” الأعمال التي تقوم بها دولة ما أو مجموعة في إطار دولة ما أو مجموعة من الدول أو منظمة دولية تقوم بالتدخل بشكل قسري في الشؤون الداخلية لدولة أخرى”.
حقوق الإنسان:
هي مجموعة الاحتياجات أو المطالب التي يلزم توافرها بالنسبة إلى عموم الأشخاص، وفى أي مجتمع ودون أي تمييز بينهم في هذا الخصوص سواء لاعتبارات النوع أو اللون أو الجنس أو العقيدة السياسية أو لأى اعتبار آخر ومن الصعوبة وضع تعريف شامل لمصطلح حقوق الإنسان إذ أن مفهوم الحق يختلف باختلاف الزمان والمكان.[4]
النظام الدولي:
اجتهد الكثير من علماء السياسة في مختلف التخصصات في سبيل التعريف بفكرة النظام على المستوى الدولي، فقد عرفه والتز ” أنه عبارة عن مجموعة من الوحدات التي تتفاعل فيما بينهم فمن ناحية يتكون النظام من هيكل أو بنيان ويتكون من ناحية أخرى من وحدات تتفاعل معها ولعل ستانلي هومان أكثر تحديداً في رؤيته للنظام الدولي فهو يرى أنه عبارة عن نمط للعلاقات بين الوحدات الأساسية الدولية ويتحدد هذا النمط بطريق بنيان أو هيكل العالم.
السيادة:
هي صفة للسلطة والسلطة ذات السيادة تشكل إلى جانب الإقليم والسكان اركان الدولة ولا يمكن أن تكتمل الشخصية القانونية للدولة الا بتوافر هذه الأركان الثلاثة وإذا كانت السيادة إحدى أهم خصائص وسمات الدولة الحديثة، إن من يملك السيادة هم الأفراد وفقا لنظرية سيادة الشعب.
القومية:
هي ايدلوجية معينة تؤكد أن مجموعات معينة من الناس لها حق أساسي في أن تشغل إقليما معينا بفضل نسبها وتاريخها وثقافتها المشتركة، يرى بعض العلماء أن القومية ظاهرة عابرة أي أنها ان جاز التعبير ظاهرة لعبت دورا قياديا على مسرح التاريخ الحديث اما على المستوى الكوني فيمكننا القول إنها لم تغادر المسرح كليا بل قد تنحت بنفسها جانبا معطية الفرصة لقوى أخرى مثل العولمة للتحول أو التحرك نحو المركز.[5]
سادساً:- المنهج
يشترط في المنهج ارتباطه ارتباط وثيقا بالموضوع وأهداف الدراسة لكى يجيب على الأسئلة المحورية التي يطرحها الباحث ولذلك تستخدم الدراسة منهج ” تحليل النظم ” لديفيد أستون كمنهج رئيسي في التحليل، لأنه يتفق مع طبيعة موضوع الدراسة من الناحية العملية والنظرية، فقد قدم أستون إطارا للنظام السياسي باعتباره دائرة متكاملة ذات طابع ديناميكي تبدأ بالمدخلات وتنتهي بالمخرجات مع قيام عملية تغذية استرجاعية بين المدخلات والمخرجات.[6]
وتحاول الدراسة توظيف افتراضات منهج تحليل النظم في تفسير وتحليل أثر تدخل المنظمات الدولية الإنسانية على السيادة الوطنية في السودان، فالمدخلات هي التدخلات الإنسانية من قبل هذه المنظمات والمخرجات تتمثل في زيادة حدة الصراع في السودان وإطالة أمده، ثم بعد ذلك تقوم علمية التغذية الاسترجاعية بالربط بينهم.
سابعا :- الدراسات السابقة
أولا: الدراسات التي تناولت القومية ومشروعية التدخل
- أنس أكرم العزاوي “التدخل الدولي الإنساني بين ميثاق الأمم المتحدة والتطبيق العملي”
تطرقت هذه الدراسة إلى نشأة مفهوم التدخل الإنساني، وتاريخه، وأساليبه، والغاية منه.
بالتالي؛ فإن هذه الدراسة قامت برصد نشأة فكرة حقوق الإنسان وتطورها على المستوى الدولي، وبعد ظهور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كذلك رصدت تدخلات الأمم المتحدة والقوى الكبرى والمنظمات الإنسانية في مناطق الصراعات الدولية تحت غطاء التدخل الإنساني، سواء كانت التدخلات بموافقة مجلس الأمن وذلك في حالة الصومال وروندا، أو بدون موافقته وذلك في حالة كوسوفو.
- محمد يعقوب عبدالرحمن “التدخل الإنساني في العلاقات الدولية”
تتناول هذه الدراسة العلاقة بين حق الدولة في حماية سيادتها -بما في ذلك صون وحدتها الإقليمية- ومنع أي تدخل دولي في شؤونها الداخلية، وحق النظام الدولي من خلال الأمم المتحدة في ممارسة صلاحيات واسعة يأتي على رأسها حق التدخل الدولي الإنساني.
كما انتهت هذه الدراسة بالتطرق إلى الحالات التي تكون فيها المنظمات أداة لخدمة مصالح الدول الكبرى، وأيضا موقف النظريات السياسية في العلاقات الدولية من التدخل الدولي الإنساني.
- داودي عبد اليزيد “التدخل الدولي الإنساني في ضوء ميثاق منظمة الأمم المتحدة”
تناولت هذه الدراسة أيضا مفهوم التدخل الدولي الإنساني، ومراحل نشأته وتطوره، وذلك مع التطبيق على حالة كوسوفو.
بالتالي رصدت هذه الدراسة مراحل تطور مفهوم التدخل الدولي الإنساني من خلال الممارسات الدولية والقواعد الاتفاقية كأساس للتدخل، كما وضحت نطاق وأطراف التدخل، وكذلك صور ممارسة هذا التدخل، سواء بتدابير عسكرية أو غير عسكرية.
- صلاح الرقاد “تطور مسئولية الحماية الإنسانية”
تطرقت هذه الدراسة إلى نظرية التدخل الإنساني، ومبرراته، ومدى مشروعيته في المواثيق الدولية، إلى الحد الذي ظهرت معه مسئولية الحماية الإنسانية كآلية لحماية حقوق الإنسان.
بالتالي؛ انتهت هذه الدراسة إلى توضيح أثر أفكار ونظريات الحماية الدولية لحقوف الإنسان على مبادئ القانون الدولي الراسخة، كمبدأ السيادة ومبدأ عدم التدخل، وكيف أدى الاهتمام الدولي بقيمة حقوق الإنسان منذ الحرب العالمية الثانية، إلى زعزعة ثبات بعض المبادئ التقليدية الأساسية في النظام الدولي، كما أكدت على مجموعة من الأسس لإثبات مشروعية التدخل الإنساني.
- قصي مصطفي عبدالكريم تيم “مدى فاعلية القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية “
ألقت هذه الدراسة الضوء على المسئوليات الجنائية التي توقع على الدول والمنظمات والأفراد في حال ارتكاب أيا منهم انتهاكات لحقوق الانسان، ومدى فاعلية الوسائل المتبعة لإنفاذ القانون الدولي الإنساني. ومن ثم؛ توصلت إلى توضيح مدى فاعلية القانون الدولي الإنساني في حماية حقوق الإنسان في الصراعات الدولية على أرض الواقع، كما هو الحال في السودان.
- نادية عتماني “المنظمات الدولية غير الحكومية ودورها في تنفيذ القانون الدولي الإنساني: حالة تطبيقية على اللجنة الدولية للصليب الأحمر”
انطلقت هذه الدراسة من محاولة التعرف على ماهية المنظمات الدولية الغير حكومية، ونشأتها وتطورها، ومدى تمتعها بالشخصية القانونية الدولية، ومركزها القانوني وصفتها الدولية، ومدى التنسيق بينها وبين الأمم المتحدة ومدى القبول الدولي لها، ومن ثم؛ توصلت إلى حقيقة جهود هذه المنظمات في العالم في أوقات السلم وأوقات النزاعات المسلحة، وذلك بالتطبيق على اللجنة الدولية للصليب الأحمر ودورها في تقديم المساعدات الإنسانية.
- عبدالرحمن عبدالعال خليفة “مبدأ التدخل الإنساني في ضوء التغيير في هيكل النظام الدولي”
هذه الدراسة تنطلق من النقاط الهامة المرتبطة بمفهومي التدخل الإنساني وهيكل النظام الدولي، وترصد الدراسة الاتجاهات الرافضة والمتحفظة على مبدأ التدخل الإنساني، وترى أن هناك تحول جذري في معايير مشروعية التدخل الإنساني سواء لدى البلدان المتدخلة أو البلدان المؤيدة لها في فترة ما بعد الحرب الباردة مقارنة بما قبلها، وأن هناك إزعان قصرى للتدخلات الإنسانية من جانب البلدان المستهدفة في فترة ما بعد الحرب الباردة خلافا للرفض المطلق لها قبل ذلك، وأنه بدأت تثور قضية تنازع الموافقة في بعض حالات التدخل الإنساني كنتيجة لتفجير أزمة الدولة في بلدان الجنوب في صورة انهيارات للدول وحروب أهلية وغيرها.
ثانيا: دراسات تناولت التدخلات الإنسانية في العالم
- رجدال أحمد “حماية حقوق الإنسان من التدخل الدولي الإنساني إلى مسئولية الحماية”
تناولت هذه الدراسة موضوع التدخل الإنساني كآلية لحماية حقوق الإنسان، وتوضيح الأسس القانونية للتدخل ومشروعيته وفق أحكام القانون الدولي.
ومن ثم؛ خلصت هذه الدراسة إلى دراسة نتائج الممارسات الدولية للتدخلات الإنسانية في الصومال والشيشان، وتوضيح آثارها السلبية على حياة المواطنين عموما، وعلى مفهوم سيادة الدولة، والانتقاص من مسئوليات الحكومات، ودور هذه النتائج السلبية في ظهور مفهوم الحماية أو المسئولية الدولية.
- أمال موساوي “التدخل الدولي لأسباب إنسانية في القانون الدولي المعاصر”
سلطت هذه الدراسة الضوء على أشهر الصراعات الدولية في العالم، والتي حوت تدخلات إنسانية على الصعيد الدولي، ومنها حالتي الصومال والبوسنة والهرسك.
ومن ثم؛ وضحت دور الأمم المتحدة في معالجة الأوضاع الإنسانية بها، من خلال عدة وسائل منها؛ التدخل باستخدام إجراءات تحفظية وقائية للحيلولة دون انتشار النزاع، أو التدخل من خلال البحث عن التسوية السلمية، أو من خلال الإجراءات القسرية باستخدام قوة الأمم المتحدة للحماية.
- وهيبة العربي “مبدأ التدخل الإنساني في إطار المسئولية الدولية “
ناقشت هذه الدراسة مفهوم التدخل الدولي الإنساني ومراحل تطوره وشروطه، كذلك توضيح الطبيعة القانونية للتدخل والجهات المسئولة عنه.
ومن ثم؛ فقد خلصت هذه الدراسة إلى شرح وقائع النزاع في مناطق الصراع في العالم، مثل البوسنة والهرسك وغيرها من المناطق التي ساءت فيها الأوضاع الإنسانية، وتوضيح الآثار الإيجابية والسلبية للتدخلات الإنسانية في هذه المناطق سواء من قبل الدول الكبرى أو المنظمات الدولية الإنسانية، وكذلك بيان الطبيعة القانونية لهذه التدخلات ، ومدى مشروعيتها طبقا للفقه والقضاء والقانون الدولي.
- صابرين عبدالرحمن القريناوي “دور الأمم المتحدة في النظام الدولي: دراسة مقارنة من انتهاء الحرب الباردة وحتي أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١م، ومن أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١م وحتي ٢٠٠٧م “
ناقشت هذه الدراسة دور المنظمات الدولية الحكومية والغير حكومية في مناطق الصراعات، وكذلك حاولت بيان حقيقة دور منظمة الأمم المتحدة في تطبيق قواعد القانون الدولي وعمليات حفظ السلام.
بناءا على ذلك؛ أكدت هذه الدراسة على تراجع دور هيئة الأمم المتحدة على الساحة الدولية، فيما يتعلق باحترام قرارات الشرعية الدولية وحفظ السلام وقواعد القانون الدولي، وذلك بعد أحداث ١١ سبتمبر، مقارنة بدورها الفاعل خلال الفترة التي أعقبت انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي، وقد جاء هذا التراجع لصالح بعض القوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما كان واضحا في أزمة البوسنة والهرسك والصومال.
- محمد عاطف أبوعودة ” دور وغالة الغوث الدولية في الحفاظ على قضية اللاجئين الفلسطينيين: مخيمات اللاجئين في قطاعات غزة نموذجا “
تطرقت هذه الدراسة إلى الأوضاع في قطاع غزة، ودور المنظمات الإنسانية في تقديم العون الإنساني للضحايا، وذلك من خلال التركيز على دور منظمة الأونروا، باعتبارها من أشهر المنظمات في هذا الصدد.
إذا، توصلت هذه الدراسة إلى معرفة دور وكالة الغوث في الحفاظ على قضية اللاجئين الفلسطينيين على الساحة الدولية، وذلك من خلال تشخيص دور الأونروا ومهامها، وكذلك التحديات التي تواجهها والضغوط التي تفرض عليها، وذلك للحد من تأثير قضية اللاجئين على المجتمع الدولي وعلى إسرائيل، ومعرفة نتيجة استطلاع رأي اللاجئين حول دور الأونروا في الحفاظ على قضيتهم.
ثالثا: دراسات تناولت تدخلات المنظمات الإنسانية في السودان ومدى تأثيرها على سيادة الدولة
- حنان بوعزيز ” أزمة دار فور في القانون الدولي الإنساني “
تطرقت هذه الدراسة إلى مضمون التدخل الإنساني، والنطاق المادي لتطبيقه، وآليات تنفيذه، وما يترتب على تطبيق نصوص القانون الدولي الإنساني من تدخلات.
توصلت هذه الدراسة بناءا على تناولها للعديد من القضايا الخاصة بالتدخلات الإنسانية إلى أن التدخلات باسم الانسانية المستندة للقانون الدولي الانساني في دارفور كانت لها أجندة أخري -غير تلك الأجندة المعلنة- ترتب عليها العديد من عمليات القتل والتشريد للمدنيين، كذلك أعمال العنف وتدمير القرى بدار فور، وبناءا على ذلك فإن تلك المنظمات لا تنفذ أجندات دولية من تلقاء نفسها، وإنما تسير على خطى تحددها القوى الكبرى لها.
- محمد عبدالحميد أحمد ” دور المنظمات الغير حكومية في عمليات بناء السلام في أفريقيا بعد انتهاء الحرب الباردة “
تناولت هذه الدراسة مفهوم المنظمات الدولية الغير حكومية ودورها في النزاع في السودان، وطريقة عمل هذه المنظمات، ووفق أي أجندة تمارس أنشطتها، مع رصد لأهم المنظمات العاملة في ذلك المجال في القارة الأفريقية عامة والسودان بوجه خاص.
خلصت هذه الدراسة إلى معرفة طبيعة العمل المزدوجة للمنظمات الغير حكومية العاملة في مجال بناء السلام في النزاعات الأفريقية وخاصة السودان، وذلك من خلال تقييم إيجابي لدور هذه المنظمات في الصراعات من خلال تقديم العون الإنساني بالفعل، ويشمل الغذاء والدواء فضلا عن حملات التوعية بحقوق الإنسان الأفريقي، ومساعدة ضحايا الحروب وغيرها من المساعدات الإنسانية وآخر سلبي؛ من خلال دعم الجماعات المتمردة لإطالة أمد الصراع، فضلا عن تورطها في عمليات الاتجار بالأطفال، وذلك انطلاقا من أجندة دولية تعمل وفقا لها.
- محمد عبدالفتاح مجذوب ابراهيم ” تقاطع السياسة في العون الإنساني “
تدور هذه الدراسة حول مفهوم وسياسة العون والمساعدة الإنسانية من خلال التدخل الإنساني، كذلك تدور حول تفاعل المبادئ الإنسانية وما تقتضيه من عون ورعاية مع الإرادات السياسية.
كما توصلت هذه الدراسة إلى توضيح عمليات انسانية محددة أثرت بالفعل على السيادة الوطنية للدولة القومية، وأثرت أيضا على الدور السيادي للحكومة في السودان، وأهمها اتفاقية شريان الحياة، باعتبارها نقلت السودان لحقبة جديدة تضافرت فيها الجهود ذات الطابع الدبلوماسي مع العون الإنساني في اتجاه إعادة صياغة الواقع السياسي المعيش منذ نشأة الدولة.
- عفاف بشير “التدخل الدولي الإنساني بين حرية حقوق الإنسان وانتهاك سيادة الدولة “
تناولت هذه الدراسة تعريف القانون الدولي الإنساني والسيادة الوطنية في المجتمعات الحديثة، كذلك تطور حقوق الإنسان عبر الأزمنة، مع دراسة لأزمة المنظمات الإنسانية في دارفور.
حيث رصدت هذه الدراسة أسباب أزمة دار فور انطلاقا من مدخل الصراعات القبلية والتدخلات الأجنبية عن طريق المنظمات الدولية، التي اتسم دورها بالتناقض من حيث الأقوال والتصرفات الفعلية على الأرض، كما ربطت هذه الدراسة بين مفهوم حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية، ومفهومه في القانون الوضعي، ومراحل تطوره في الحالتين.
- زيدان زياني ” التدخل الدولي لحل النزاعات داخل الدولة الفاشلة “
تناولت هذه الدراسة ظاهرة التدخلات الإنسانية، وأسباب تغلغلها داخل الدولة، ومدى وجود ضوابط قانونية دولية نافذة تحد من هذه التدخلات، وذلك بالتطبيق على نزاع دارفور.
حيث انتهت هذه الدراسة إلى دراسة موضوع التدخل الإنساني في دارفور، في محاولة لتفسير أحد ألغاز السلطة على المستوى التنظيمي بالنسبة لحقل العلاقات الدولية، واختبار مدى قدرة الفاعل الدولي على إنجاز المهام الموكلة إليه للتصدي لها، في ظل التجاذب السياسي والأكاديمي حسب ما تم التطرق له في ثنايا هذه الدراسة حول الدوافع والنتائج المتوخاة من التدخل.
- عتيقة بن يحيى ” إشكالية التدخل الإنساني وتطور الاتجاهات السياسية لمجلس الأمن الدولي منذ عام ١٩٩٠: السودان وفلسطين نموذجا “
ركزت هذه الدراسة على دور المنظمات الإنسانية في مناطق الصراعات، والأسس التي استندت إليها في تدخلاتها الإنسانية، والآليات التي اعتمدت عليها في التنفيذ.
ومن ثم؛ خلصت هذه الدراسة إلى توضيح دور مجلس الامن الدولي في إرساء مبدأ التدخل الإنساني بعد عام ١٩٩٠، ومحاولة التعرف على مدى شرعية القرارات مجلس الامن المتعلقة بالتدخلات الإنسانية لاسيما في السودان، ومن خلال التعرف على الأسس التي استندت عليها لتبرير التدخل، وآلياتها التي تستخدمها لتنفيذ مهامها، أمكن الوقوف على مدى مصداقية هذه المنظمات في التعامل في مناطق الصراعات على قدم المساواة.
- الباقر العفيف ” ما وراء دارفور-الهوية والحرب الأهلية في السودان ”
يقدم هذا الكتاب رؤية جديدة ومختلفة عن حقيقة الصراع السياسي في السودان، سواء في الصراع بين الشمال والجنوب أو مشكلة دارفور، بالإضافة إلى رصد وتحليل ردود الأفعال اتجاه الأزمة، كذلك التركيز على اشكاليات الهوية في مجتمع متعدد الاعراق والثقافات كأحد مداخل تفسير الصراع الممتد في السودان منذ الخمسينات، وذلك كمحاولة للتنقيب عن الجذور الاكثر عنقا للحرب في السودان التي تكمن بحسب الكاتب في الهوية إلى جانب الاسباب السياسية والاقتصادية والتنموية.
- حسام نبيل الدين مشرف ” الصراعات في القارة الأفريقية دراسة حالة السودان “
تناولت هذه الدراسة إلى مجموعة العوامل المحركة للصراع في السودان، والبيئة الداخلية وما يرتبط بها من عوامل داخلية أدت إلى زيادة حدة الصراع، التي تمثلت في المشكلات المتعلقة بالهوية مثل الدين. ومن ثم توصلت إلى كيفية استغلال هذه العوامل الداخلية من قبل البيئة الخارجية المتمثلة في التدخلات في الشأن الداخلي السوداني من قبل المنظمات الدولية الإنسانية وغيرها من القوى الخارجية وعلى رأسها الولايات المتحدة، ودول الجوار الجغرافي، وايضا تركز على قضية الفقر والتهميش والحرمان باعتبارها من ضمن العوامل التي أدت إلى تأجيج الصراع وإطالة أمده.
ملخص الدراسات السابقة:-
تطرقت هذه الدراسات إلي توضيح مفهوم التدخل الدولي الإنساني وتاريخه وأساليبه والغاية منه وكذلك توضيح الطبيعة القانونية للتدخل والجهات المسئولة عنه، كما قامت بتوضيح حقوق الدول في حماية سيادتها وصون وحدتها الإقليمية وتوضيح المسئوليات الجنائية التي تقع علي عاتق الدول والمنظمات والأفراد في حال ارتكاب أياً منهم انتهاكات لحقوق الإنسان، وأخيراً قامت بتوضيح دور المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية في تطبيق قواعد القانون الدولي وعمليات حفظ السلام.
وتتمثل أوجه القصور في هذه الدراسات في انها لم توضح أن موضوع التدخل الدولي الإنساني موضوع شائك نظراً لارتباطه بمبدأ أصيل في قواعد القانون الدولي من جهة وهو مبدأ السيادة الذي لا مجال من ضرورة احترامه باعتباره قانوناً عاماً دولياً، وبين التدخل من أجل حماية البشرية من أنواع الانتهاكات المختلفة وحماية حقوق الإنسان باعتبارها مفهوماً حديثاً وقديما من جهة اخرى ، وذلك في الوقت الذي لم تستكمل فيه بعد هذه الحقوق أبعادها في المجتمع الدولي المعاصر إذ لايزال الكثير من هذه الحقوق ينتظر الانجاز.
وبالتالي سوف تحاول دراستنا معالجة هذا القصور قدر الامكان من خلال التعرف علي الي اي مدي كان التدخل الانساني في السودان منفذا لغرضه المعلن وهو حماية الانسانية من الانتهاك وهل تضارب هذا الهدف مع السيادة الوطنية للدولة ام لا.
ثامنا:- تقسيم الدراسة
الفصل الاول:- التدخل الانساني بين المفهوم والنشأة.
- المبحث الأول:- مفهوم التدخل لأغراض انسانية.
- المبحث الثاني:- نشأة التدخل الانساني ومدي مشروعيته.
الفصل الثاني:- التدخل الدولي الانساني وبعض النماذج لهذا التدخل.
- المبحث الاول: التدخل الدولي الانساني من قبل بعض المنظمات الانسانية.
- المبحث الثاني: نماذج للتدخل الدولي الانساني( غزة، البوسنة والهرسك، الصومال، كوسوفو).
- المبحث الثالث: تحديات التدخل الدولي الانساني.
الفصل الثالث:- السودان والتدخل الدولي الانساني.
- المبحث الأول:- مقدمات التدخل الدولي الانساني في السودان.
- المبحث الثاني:- التدخل الانساني والسيادة الوطنية في السودان.
- المبحث الثالث:- تداعيات التدخل لأغراض انسانية.
الفصل الاول
التدخل الدولي الانساني بين المفهوم والنشأة
مقدمة الفصل:
يعتبر موضوع التدخل الدولي الإنساني من الموضوعات الهامة التي لاقت اهتمام كبير بين الأوساط الدولية وقد تمثل دراسته مجالا رحبا للمهتمين بالشئون الدولية وذلك لارتباطه بمواضيع هامة في القانون الدولي كمبدأ عدم التدخل ، السيادة وحقوق الانسان ، و لقد انتشرت عباره التدخل الدولي الانساني في العقد الماضي من خلال المؤتمرات الدولية ، وسائل الاعلام والبحوث لمحاولة خلق الظروف المناسبة لإنشاء قواعد عرفية دولية جديدة تستخدم مصالح الدول التي نادت بإنشاء نظام دولي جديد، وتبين الأصول التاريخية أن التدخل الدولي الانساني قد ظهر على صعيد العلاقات الدولية قبل ظهور مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول حتى إذا كان ذلك قد ارتبط بالحق السيادي للدول باللجوء الى الحرب وهو ما يفسر عدم اقتران اللجوء إلى التدخل بأي قواعد قانونية.
يعد موضوع التدخل الدولي لأسباب إنسانية[7] ظاهره قديمة في ميدان العلاقات الدولية فقد بدأ قبل نشأة القانون الدولي وقد تطورت أشكاله واستخداماته عبر القرون الماضية حيث برزت عمليات التدخل الانساني مع نهاية القرن السابع عشر بحيث تدخلت كلا من روسيا والدنمارك وبريطانيا لحماية الرعايا الارثوذكسيين في بولونيا وطالبت ملكها ستانيلو اوغست الثاني الكاثوليكي الذي كان يضطهد رعاياه من الأرثوذكس والبروتستانت بالتوقف عن الاضطهاد وذلك عن طريق رسالة وجهتها قيصر روسيا كاتيرنا الثاني إلى ملك بولونيا عام 1766 وكان مضمونها: ‘أن حريه العبادة هي من ضمن الحقوق المستمدة من الحق الالهي وواجب الحكومة المستنيرة مساعدة رعاياها على التعبد بالعبادة التي تروقهم، وانه لا يسعها النظر الى الاضطهاد الذي يعانيه فريق كبير من أهل بولونيا ولذلك طلبت منهم أن يرد الى رعاياه حقوقهم مادامت بولونيا دولة حرة وعضو في المجتمع الدولي، ولكن كان لملك بولونيا موقف متعصب وقد استمر في اضطهاده وتعذيبه لرعاياه مما كان سببا في الإطاحة بدولته وتقسيمها بعد ست سنوات من تاريخ المذكرة.
ولقد تزايد الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان مع نشوب النزاعات الداخلية[8] في الدول مما أدى إلى نشوء آلية التدخل الدولي الإنساني ، كما أن التدخل الدولي الإنساني يعتبر الصورة الحديثة لمفهوم الحرب العادلة التي سادت في القرون الوسطى والذي شاع استخدامه أكثر في بداية القرن التاسع عشر تحت تبريرات حماية الأقليات الدينية و رعايا الدول المتداخلة، وقد ازداد هذا الاهتمام مع نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي و تفكك المنظومة الاشتراكية، لاسيما مع زياد نشوب النزاعات الداخلية في العديد من الدول مما أدى الى نشوب ظاهرة التدخل الدولي الإنساني، حيث أنه مع بداية التسعينيات صدرت دعوات كثيره تطالب بالتدخل العسكري الخارجي من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان والأقليات ومعاقبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تعاني من أزمات إنسانية طارئة.
على الرغم من ان المساعدات الإنسانية التي تقدم من قبل الحكومات[9] والمنظمات غير الحكومية وغيرها من الفاعلين الدوليين إلى مناطق الصراعات والكوارث تعتبر انتصارا لقيم التسامح البشري وميدان تثأر فيه الإنسانية من المعاناة والفقر ولكنها في الجوهر تعتبر وجه من أوجه المصالح السياسية للمانحين، فقد قام الرئيس نيكولا ساركوزي بالإفراج عن موظفي جمعية آرش دوزوييه الفرنسية الذين تورطوا في خطف أطفال من تشاد ودارفور تحت ستار تقديم مساعدات إنسانية ،وقد كانت هذه المساعدات الإنسانية المقدمة للدولة ما هي إلا لتحديد مناطق نفوذ سياسي للقوي الكبرى والإقليمية ، و قارة أفريقيا تعتبر من القارات الممتلئة بالمجاعات والنزاعات المسلحة التي خلقت لاجئين وفقراء وبالتالي لديها قابلية للمساعدات الإنسانية بكل ما تحمله من مصالح وتأثيرات سياسية ودولها تعتبر من أكثر مناطق نفوذ هذه القوى الكبرى، كما ساهمت المساعدات الإنسانية في إنشاء صناعات ضخمة بمليارات الدولارات و التي تقودها القوي الغربية الكبري من خلال منظمات دولية غير حكومية تسيطر على العالم بغرض تقديم مساعدات إنسانية.
و رغم اعتراض الكثيرون من أشخاص المجتمع الدولي على مبدأ التدخل الدولي الإنساني إلا أنهم اجازوا مشروعيته في النهاية ولكن بوضع عدد من شروط ، وذلك لأنه لا يمكن ترك منتهكي حقوق الإنسان بدون عقاب بحيث لا يجوز ترك الدول وسلطاتها بانتهاك حقوق مواطنيها واضطهادهم التي من المفترض أن تقوم بحمايتهم وتلبية مطالبهم بحجة ان ذلك يعد من واقع اختصاص سلطتها الداخلية، وقد قام ميثاق الأمم المتحدة بحماية حقوق هذه الدول ، وقد ظلت الدول و منظمه الأمم المتحدة مهتمة بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ولكن مع تزايد الاهتمام بالنزاعات المسلحة في كثير من دول العالم أدي إلى عدم الاعتراف بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الذي استخدم للإخلال بمبدأ السلم والأمن الدوليين وهو ما دفع إلى التوسع في هذا المفهوم من خلال اعتراف العديد من المنظمات الإقليمية والعالمية صراحة بمبدأ التدخل الدولي لاعتبارات إنسانية.
المبحث الاول – مفهوم التدخل الدولي الانساني
قبل ان نتطرق الي مفهوم التدخل الدولي الانساني ينبغي اولا معرفة ما هو مفهوم التدخل الدولي وما هي اهم أركانه وما هي صوره التي يعتبر التدخل الدولي الانساني اهمها.
اولا: مفهوم التدخل الدولي
يعتبر التدخل الدولي ظاهرة سياسية معبرة عن الطبيعة التنافسية والفوضوية للنظام الدولي كما انه يعتبر احد الخيارات المستعملة لتحقيق المصالح الخارجية للدول ولكن بالرغم من قدم هذه الظاهرة فان مفهومها مازال غامضا وادي هذا الغموض بدارسي العلاقات الدولية والقانون الدولي الي اعطائها تعريفات غير متطابقة وتطوير مفاهيم غير متناسقة مثل التأثير والغزو، ومما يزيد من غموض هذا المفهوم وصعوبة تعريفه تعدد اشكاله وادواته وابعاده.[10]
وقبل التطرق الي مختلف المفاهيم لابد من الوقوف علي المصطلحات المتعلقة بشان التدخل الدولي وهي كالتالي:-
- التعريف اللغوي للتدخل الدولي:
في اللغة العربية يعرف التدخل بانه “دخل قليلا قليلا” اي انه يفيد التدرج بكل وعي وارادة و “تدخل في الخصومة” اي دخل في دعواها من تلقاء نفسه للدفاع عن مصلحة له فيها دون ان يكون طرفا من اطرافها[11] لذلك قال الله تعالي ” ولا تتخذوا ايمانكم دخلا بينكم”[12]
اما في اللغة الانجليزية فقد ورد intervention بمعني يتدخل لتسوية نزاع او التدخل بالقوة او التهديد بالقوة في الشئون الداخلية للدول الأخرى.[13]
- التعريف الاصطلاحي للتدخل الدولي:
يمكن التميز هنا بين اتجاهين رئيسيين:
الاتجاه الاول: المفهوم العام للتدخل الدولي
وهو الذي يميل انصاره الي حد اعتباره مرادفا لكل اشكال سلوك الدولة في علاقاتها الخارجية حتي لو كان هذا السلوك سلبي كحالة عدم التدخل في حالات معينة، ويعرفه البعض بانه استخدام الوسائل القسرية من قبل دولة او مجموعة من الدول او من قبل منظمات دولية او عالمية او اقليمية او الوكالات الانسانية علي ان يكون هدفها او علي الاقل احد اهدافها الرئيسية وقف انتهاكات حقوق الانسان التي ترتكبها السلطات الحاكمة او منع او تخفيف وطأة المعاناة الانسانية في حالات النزاعات الداخلية.[14]
الاتجاه الثاني: المفهوم الخاص للتدخل الدولي
وهو الذي يميل انصاره الي قصر التدخل الدولي علي صور التدخل العسكري او التهديد باستخدام القوة المسلحة فقط، ويعرف مارتن وايت التدخل الدولي في هذا الاطار الضيق بانه عمل مباشر وعنيف علي مستوي العلاقات الدولية لكنه لا يصل لدرجة الحرب المعلنة بين دولتين او اكثر، لان الحرب هي المرحلة القصوى في مثل هذا التفاعل وبهذا يكون التدخل سلوك يعتمد علي التهديد باستخدام القوة العسكرية ان لم يتم استعمالها لتحقيق المصالح الوطنية للدولة المتدخلة.[15]
- التعريف السياسي للتدخل الدولي:
توجد العديد من التعريفات السياسية ولكن ابرزها هو تعريف kouchner bernard والذي يعرفه علي انه ذلك التدخل الذي لا يمكن ان يقوم باسم دولة واحدة ولكن يجب ان يكون جماعيا دون اللجوء الي استخدام القوة الا عند الضرورة وان العمليات القائمة بصفة منفردة وبدون رضا مجلس الامن هي عمليات غير مشروعة.[16]
- تعريف التدخل الدولي في الفقه:
قام احد فقهاء القانون الدولي وهو الالماني “شتروب” بتعريف التدخل الدولي كالاتي: انه يمثل تعرض دولة للشئون الخارجية او الداخلية لدولة اخري علي ان يكون لهذا التعرض سند قانوني بغرض الزام الدولة المتدخل في امرها علي اتباع ما تمليها عليها الدولة المتدخلة في شان من شئونها الخاصة.[17]
ومن خلال ما تقدم يمكن تعريف التدخل بانه: استخدام القوة المسلحة من قبل الامم المتحدة او من ينوب عنها بقرار صريح لوقف انتهاكات حقوق الانسان في دولة ما.
ثانيا: اركان التدخل الدولي
للتدخل الدولي ثلاثة اركان اساسية وهي كالتالي:
- توافر الشخصية الدولية لأطراف النزاع:
بمعني انه لكي يطلق علي حدث ما انه تدخل لابد ان يكون الفاعل يتمتع بالصفة الدولية سواء اكان دولة او منظمة، ومن الملحوظ ان اكثر انواع التدخل هو تدخل دولة في شئون دولة اخري مثل التدخل العراقي في الكويت وتدخل الولايات المتحدة في الشئون الداخلية للعراق ولكن في الآونة الاخيرة ظهر النوع الاخر وهو تدخل المنظمات الدولية في شئون الدول وذلك مثل تدخل الامم المتحدة في الكونغو والصومال وفي منطقة البلقان، والجدير بالذكر ان ميثاق الامم المتحدة في المادة الثانية فيه ينص صراحة علي مبدا عدم التدخل من قبل المنظمات الدولية وضمنا علي عدم التدخل من قبل الدول ورغم هذا فان كل من الدول والمنظمات قد ضربت بهذه المواثيق عرض الحائط في سبيل تحقيق مصالحها، ولكن الذي ينبغي التأكيد عليه انه لابد ان تكون الدولة المتدخلة في شئون دولة اخري والدولة المتدخل في شئونها متساويتين في السيادة اي يمتلكان السيادة الكاملة حتي يطلق علي هذا التدخل تدخل دولي بالمعني الفعلي.[18]
- الركن المادي:
وقد اختلف تحديد هذا الركن بين مؤيدي الاتجاه الخاص لتعريف التدخل الدولي والاتجاه العام للتعريف نفسه، حيث يري انصار الاتجاه الخاص ان الركن المادي هو ان تتدخل الدولة بطريقة القهر لتفرض ارادتها او ممارسة ضغط لتحقيق هدفها وبالتالي فقد اقتصر هذا الاتجاه علي استخدام القوة الظاهرة العسكرية فقط، اما بالنسبة للاتجاه العام فيري انصاره ان الركن المادي يتمثل في كافة انواع التدخلات سواء كانت سياسية او قانونية او دبلوماسية وبما في ذلك انشطة المنظمات الدولية.[19]
- الركن المعنوي:
يذهب بعض فقهاء القانون الي ان العنصر المعنوي ليس ضروريا ان يكون متوفرا، ولكن الحكم بالمحصلة او النتيجة وهي ان يكون عملا او حادثا تدخليا سواء كان ذلك بقصد او بغير قصد، برضا الدولة محل التدخل ام رغما عنها، سواء اكان تدخلا عارضا ام طويل الاجل ، بهدف احتلال الدولة او بهدف استغلال اراضيها لأهداف عسكرية وسياسية، المهم ان تكون النتيجة واقعيا هو مس سيادة هذه الدولة وسلطاتها.[20]
ثالثا:- صور التدخل الدولي
وبعد ان استعرضنا تعريف التدخل الدولي واهم اركانه سوف نتطرق الي العنصر الاهم وهو صوره المختلفة من حيث اسباب ودوافع هذا التدخل والتي تنقسم بدورها الي خمس انواع اساسية وهي كالتالي:[21]
- الدوافع والاساليب الايديولوجية للتدخل.
- الدوافع والاسباب الامنية للتدخل.
- الدوافع والاساليب العسكرية للتدخل.
- الدوافع والاسباب الانسانية للتدخل.
ولعل ما يهمنا في هذه الصور المختلفة هي الدوافع والاسباب الانسانية للتدخل والتي تسفر عن ما يسمي التدخل الدولي الانساني وهو موضوع الدراسة وسوف يتم التحدث عنه بشكل من التفصيل في السطور التالية موضحين اهم مفاهيمه، والاشكاليات المرتبطة به ، وكذلك المفاهيم المرتبطة به.
اولا: مفهوم التدخل الدولي الانساني
لقد ارتبط مفهوم التدخل الدولي منذ بداية تكوينه بمفهوم تدخل الدولة لحماية رعاياها استنادا الي حق الدفاع عن النفس والي ان الرعايا يمثلون جزءا من الدولة سواء كانوا في اقليمها او في اقليم دولة اجنبية، وقد ضم هذا المصطلح تدخلا جديدا وهو التدخل لحماية الاقليات المضطهدة مما جعل بعض الفقهاء والباحثين يرون ان التدخل الانساني هو تدخل ذو دوافع مشروعة وقانونية وهو واجب علي الدول لحماية حقوق الانسان من الدول التي تنتهكها[22]، ومن هذا المنطلق ونظرا لأهمية هذا البعد من التدخل سوف نقوم بعرض اهم تعريفات التدخل الدولي الانساني وفقا للاتي:[23]
- تعريف معهد دانش للشئون الدولية لمفهوم التدخل الانساني: هو العمل القسري بواسطة الدول متضمنا استخدام القوة المسلحة في دولة اخري بدون موافقة حكومتها سواء كان ذلك بتفويض او بدون تفويض من مجلس الامن التابع للامم المتحدة وذلك بغرض منع او وضع حد للانتهاكات الجسيمة والشاملة لحقوق الانسان او للقانون الدولي الانساني.
- تعريف “سان ميرفي” للتدخل الدولي الانساني: هو التهديد باستخدام القوة او الاستخدام الفعلي لها بواسطة دولة او مجموعة من الدول او منظمة دولية بصفة اساسية بغرض حماية مواطني الدولة المستهدفة من الحرمان الواسع لحقوق الانسان المعروفة دوليا.
- تعريف “آدم روبرتس” للتدخل الدولي الانساني: هو التدخل العسكري في دولة ما دون موافقة سلطاتها وذلك بغرض منع وقوع معاناه او ضحايا علي نطاق واسع بين السكان.
- تعريف ” انتوني كلارك” و “اريندو روبرت بيك” للتدخل الدولي الانساني: هو استخدام القوة المسلحة بواسطة دولة او مجموعة من الدول لحماية مواطني الدولة المستهدفة من وجود انتهاكات علي نطاق واسع لحقوق الانسان بها.
- تعريف ستوبل للتدخل الدولي الانساني: هو اللجوء الي القوة من اجل تحقيق غرض عادل يتعلق بحماية سكان دولة اخري من معاملة تتسم بالاستبداد والانتهاكات المتعددة، والتي تتجاوز حدود السيادة لسلطات هذه الدولة والتي من المفترض ان تتسق مع اعتبارات المنطق والعدالة.
من خلال هذه التعريفات الموضحه اعلاه يمكن استنتاج ان مفهوم التدخل الدولي الانساني يشتمل علي ثلاثة عناصر اساسية، يتعلق اولها بوجود تهديد باستخدام القوة او الاستخدام القسري لها، في حين يتعلق ثانيها بوجود انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الانسان، اما ثالثها فيتعلق بإرادة الدولة المستهدفة بالتدخل حيث يتم هذا التدخل رغما عنها.
- مفهوم حق التدخل الإنساني من وجهة نظر الفقه الدولي:
يعتبر مفهوم حق التدخل الإنساني من أهم المفاهيم في القانون الدولي نظرا لما يثيره من اختلافات فقهية بين أنصاره ومعارضيه، كونه لا يقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية فقط، مما أضفي على محتوى نظرية التدخل الإنساني نوعا من الغموض.[24]
يحمل مفهوم التدخل كما ورد في المعجم القانونيLe Grand Larousse Universal معنى التدخل في الشئون الداخلية للغير، أو تدخل دولة في تسيير المؤسسات، وهو ما يقترب من مفهوم جون سالمون دير الذي يقدم مفهوما للتدخل بأنه “عبارة عن تصرف عير مناسب وغير ضروري، أو عدم تملك الحق في التدخل في شئون الغير”.[25]
يتضح من هذا التعريف أن التدخل يرتب خرقا وهو ما يعتبر بدوره نتيجة حتمية لغياب الإذن أو الحق، وهو ما استدعى وجود جدل فقهي كبير حول موضوع التدخل الإنساني فيما يخص مدى مشروعيته ومن له الحق في مباشرة مظاهر التدخل، وما هي الضوابط التي يستند عليها الأخير، فيرى بعض الفقهاء ضرورة وجود تدخل على أساس الاعتبارات الإنسانية يحمل في طياته وقف المعاملة اللاإنسانية، في حين نجد مجموعة أخرى من الفقهاء ترفض مبدأ التدخل الإنساني، وترى ضرورة وضع ضوابط لتنفيذه، كونه يمس أحد الحقوق الأساسية المتعارف عليها بين الدول الخاصة بالاستقلال السياسي والسلامة الإقليمية للدولة، ومن هنا ظهر اتجاهين:[26]
الاتجاه الاول: الاتجاه المؤيد للتدخل الانساني
من أنصاره رواد النزعة الإنسانية الذين ينادون بإجازة حق التدخل الإنساني طالما أن الغرض منه حماية حقوق الأفراد والأقليات داخل الدولة، من خلال وقف أعمال العنف والاضطهاد التي تمارس ضدهم، مع وضع بعض الضوابط والشروط لمنع التمادي والخروقات الفادحة في التدخلات.
وما يلفت الانتباه أن الاتجاه المؤيد لنظرية التدخل الإنساني يضع الحق في الحياة والسلامة الجسدية في مقدمات الحقوق التي يجاز من اجلها التدخل الإنساني في الشئون الداخلية ضد الدولة التي تقوم بهذه الخروقات، انطلاقا من إقرار الصكوك الدولية بهذين الحقين، وتكفل لهما الحماية في السلم والحرب.
الاتجاه الثاني: الاتجاه الرافض للتدخل الانساني
يرى هذا الاتجاه ضرورة الموازنة بين حق التدخل الإنساني وبين عدد من المبادئ الأساسية المقررة في القانون الدولي، كحظر اللجوء للقوة في العلاقات الدولية، وبين عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، بالإضافة إلى مبدأ التسوية السلمية للمنازعات، واحترام وحدة أراضي الدولة واستقلالها السياسي.
وعليه فإن التدخل الإنساني بناءا على وجهة نظر هذا الاتجاه يشكل انتهاكا لمبدأ السيادة الوطنية للدولة، وذلك باعتباره أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي.
- العمل الإنساني في منظور الجمعية العامة للأمم المتحدة:
تم إدماج الاعتبارات الإنسانية في المنظومة القانونية للأمم المتحدة بداية من عام 1988، وذلك إثر تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة اللائحة رقم ٣٤/١٣١، ثم بعد عامين من هذا التاريخ تم تبني لائحة ٤٥/١٠٠، اللتين يمكن اعتبارهما بمثابة خطوة إيجابية لتكريس نظام قانوني دولي إنساني جديد يستجيب لضرورة العمل الإنساني، ويغطي مجالا أوسع من نظام اتفاقيات جنيف 1949، من أجل منع احتكار الدولة المعنية بالكارثة او الانتهاكات لمصير ضحاياها عند تقديم المساعدات الإنسانية لهؤلاء، وسوف نقوم بعرض اهم ما احتوته هذه اللوائح في سبيل معالجة موضوع التدخل الدولي الانساني:[27]
- اللائحة ٤٣/١٣١ لعام 1988 المتعلقة باستخدام المساعدات الإنسانية لضحايا الكوارث الطبيعية وحالات الاستعجال من النظام نفسه:
نظرا لغياب النصوص القانونية التي تنظم المساعدات الإنسانية في وق السلم، صدرت هذه اللائحة بتاريخ 8 ديسمبر 1988 عقب الزلزال الذي ضرب أرمينيا، وقد كان لفرنسا دور فعال في هذه اللائحة بمساندة جميع الدول التي هي بحاجة مساعدات إنسانية. أخذت هذه اللائحة في الاعتبار مبدأ السيادة الوطنية من جهة، والاستجابة للضرورة القصوى من جهة أخرى التي تقتضي “مبدأ المرور الحر للضحايا”، ومن خلاله سمح للمنظمات الإنسانية بالمشاركة في العمل الإنساني، فإذا كان حق السيادة للدولة حق مقدس إلا أنه لا يمنع خضوع الدولة لشروط مبدأ التضامن بين البشر.
بناءا على ذلك؛ فإن التوجهات الجديدة للقانون الدولي الإنساني توخى بوجود طابع أخلاقي هدفه تكريس كل عمل إنساني تقوم به المنظمات الإنسانية الحكومية والغير حكومية، شرط أن تقتصر على تقديم الإغاثة للضحايا.
- اللائحة ٤٥/١٠٠ لعام 1990 المتعلقة بالمساعدة الإنسانية المتعلقة بالكوارث الطبيعية وحالات الاستعجال من النظام نفسه:
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه اللائحة بتاريخ 14 ديسمبر 1990 وتعد بمثابة دعم للائحة الأولى، إذ أنها أكدت علي مبدأ السيادة الوطنية، ومشاركة المنظمات عير الحكومية في عمليات الإغاثة، عن كرق إنشاء قنوات الطوارئ الإنسانية، بناءا على اتفاق بين الحكومة المتضررة والمنظمات الإنسانية، وأن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بدور الوسيط والمنسق في عمليات الإغاثة، وقامت الجمعية بتوجيه نداء للدول التي هي بحاجة المساعدات، كما تقوم بتمكين المنظمات الإنسانية من أداء عملها. تم تبني هذه اللائحة لمواجهة المجاعة بإثيوبيا الناتجة عن شدة الحرب الأهلية، وكذلك استفادت المنظمات غير الحكومية من هذه اللائحة عن طريق الاعتراف لها بالحقوق في المجال الإنساني.
ثانيا: الاشكاليات ذات الصلة بمفهوم التدخل الدولي الانساني
يوجد ثلاث اشكاليات حول مفهوم التدخل الإنساني تثير جدل بين المهتمين بهذا المفهوم وهي كالتالي:
- طبيعة ونطاق انتهاكات حقوق الانسان الدافعة للتدخل:
لا يوجد اتفاق عام بين دارسي مبدا التدخل الانساني حول الجرائم التي تشملها هذه الانتهاكات والتي تستدعي التدخل للحد منها ولعل من ابرز هذه الجرائم التي يدور حولها الخلاف هي جرائم الحرب والجرائم ذات الصلة بانتهاك الديمقراطية مثل تزوير الانتخابات والاستبداد السياسي حيث يذهب الاتجاه الغالب الي عدم ادراجها ضمن انتهاكات حقوق الانسان التي تبرر التدخل، ومن الجدير بالذكر ان يتم التنويه الي تعريف ” بيتر بايهر” لهذه الانتهاكات حيث يري انها هي تلك التي ترتكب لإنجاز سياسات حكومية من اجل خلق وضع او موقف تكون فيه هذه الحقوق للسكان ككل او لقطاع منهم او اكثر مهددة ومخترقة باستمرار.[28]
- طبيعة التهديد باستخدام القوة او الاستخدام القسري لها:
والذي يعني الي اي مدي يكون استخدام القوة او التهديد باستخدامها مشروعا للدولة المتدخلة او لا، وهناك مجموعة من المعايير والقيود التي ينبغي علي الدولة المتدخلة مراعاتها في حالة شروعها بالتفكير في قرار التدخل الانساني وهي :[29]
- وصول اوضاع حقوق الانسان في الدولة المستهدفة بالتدخل الي درجة من الخطورة لا تجدي معها الوسائل السلمية وذلك الي الحد الذي يجعل من قرار التدخل العسكري بشأنها هو السبيل الوحيد لوقف هذه الانتهاكات.
- ان يكون لهذا التدخل العسكري فرصة كبيرة لإنهاء او الحد من هذه الانتهاكات اي ان يكون هناك تناسب بين الوسائل العسكرية المستخدمة والمواقف التي تواجهها.
- ان لا يؤدي هذا التدخل العسكري الي وقوع اضرار اكبر من تلك التي كان من المتوقع حدوثها لو لم يتم هذا التدخل لوقف هذه الانتهاكات، حيث ينبغي ان لا يكون الدواء اسوء من المرض.[30]
- قضية جهة الاختصاص بالموافقة في حالات التدخل الانساني:
لا تثار هذه القضية الا في حالات انهيار الدول والحروب الاهلية و الحكومات الجديدة التي تتولي السلطة عن طريق القوة سواء اكان ذلك بواسطة انقلاب او ثورة حيث يكون من الصعب تحديد الجهة التي يحق لها الموافقة علي التدخل الانساني فيها من عدمه، وقد وضع فقهاء القانون الدولي مجموعة من الشروط لكي تصبح هذه الدول والحكومات الجديدة مؤهلة لإعطاء هذا القرار او التصريح وهذه الشروط هي:
- مدي فاعلية هذه الحكومات في ممارسة سلطاتها الحكومية بالمعني الواسع، التشريعي والتنفيذي والقضائي.
- مدي قدرة الحكومة الجديدة علي الاستمرار في مواجهة الحكومات السابقة عليها مهما كانت الضغوط الداخلية او الخارجية وتحقيق الاستقرار لدولتها.
- مدي تحمل الحكومة الجديدة لكافة الالتزامات الدولية التي تعهدت بها الحكومات السابقة عليها ومن ذلك معاهدات السلام وكذلك الديون الخارجية.
ثالثا: التمييز بين مفهوم التدخل الانساني وغيره من المفاهيم المرتبطة به
- بعثات حفظ السلام:
هي آلية دولية تتم بموافقة اطراف النزاع وتشكل من افراد دوليين عسكريين او مدنيين تحت قيادة الامم المتحدة بهدف مساعدة هذه الاطراف المتنازعة علي العيش في سلام.
ومن هنا يتضح ان التدخل الانساني يختلف عن بعثات حفظ السلام من حيث كونه يتم ضد ارادة الدولة المستهدفة بالتدخل، كما انه لكي يكون مشروعا فلابد ان يكون قرار التفويض به صادرا من مجلس الامن فقط وفقا للفصل السابع من الميثاق.[31]
- عملية الاغاثة الانسانية:
يعرفها الاستاذ “موريس توريللي” بانها الخدمات الصحية او الموارد الغذائية او المساعدات المقدمة من الخارج لضحايا اي نزاع دولي او داخلي، ويتعين علي هذه المنظمات الحصول علي الموافقة من الدولة التي تتدخل فيها ولكن ايضا الدولة ليست مطلقة الحرية في الرفض او الموافقة علي هذا الطلب حيث ان الدول الداخلة في اتفاقيات جنيف لعام 1949يتعين عليها الموافقة، لان هذه الاتفاقيات تنص علي حق تقديم الاغاثة الانسانية، ولذلك يكون من حق هذه المنظمات التدخل في الحالات الانسانية التي تستدعي ذلك حتي ولو لم تكن الدولة تعترف بوجود مثل هذه الحالات فيها، وبما ان هذه الاغاثة تتطلب موافقة الدولة اذن فهي بالطبع تختلف عن مفهوم التدخل الدولي الانساني الذي يتم بغض النظر عن ارادة الدولة المستهدفة.[32]
- بعثات الانقاذ لحماية رعايا الدولة بالخارج:
ويقصد بها الاستخدام العسكري للقوة بواسطة دولة معينة لإنقاذ رعاياها في دولة اخري من خطر فعلي او وشيك يتهدد حياتهم وعلي الرغم من التشابه الشديد بين بعثات الانقاذ والتدخل الدولي الانساني والذي يكمن في ان كليهما يتم لأغراض انسانية، وانهما يتمان دون موافقة الدولة المتدخل في شئونها ورغما عن ارادتها ، وتشابه الظروف السياسية التي تستدعي حدوث كلا التدخلين، الا انه يوجد اختلاف جوهري بينهما والذي يتمثل في ان التدخل الانساني يتم بهدف حماية رعايا دولة اخري من خطر يتهدد حياتهم داخل بلادهم وليس لحماية رعايا الدولة نفسها او الدولة المتدخلة في تلك الدولة المستهدفة بالتدخل.[33]
- التدخل لتسهيل حق تقرير المصير:
يمكن تعريفه بانه التدخل المسلح من قبل دولة ما نيابة عن حركة تقرير المصير داخل الدولة المستهدفة بالتدخل ويكمن الاختلاف فيما بين هذا النوع من التدخل وبين التدخل الدولي الانساني في الاتي:[34]
- بهدف هذا التدخل الي تمكين جماعة معينة من الانفصال او تحقيق الاستقلال عن الدولة المستهدفة بالتدخل في حين ان التدخل الانساني لا يسعي الي خلق كيانات سياسية جديدة وانما فقط يسعي الي حماية حقوق الانسان داخل هذه الدولة المستهدفة.
- ان التدخل الإنساني يتطلب وجود انتهاكات جسيمة ومنظمة لحقوق الانسان في الدولة المستهدفة بالتدخل كشرط مسبق لاستخدام القوة ضدها في حين ان التدخل لتسهيل حق تقرير المصير لا يتطلب مثل هذا الشرط المسبق.
من خلال عرضنا المسبق للاتجاهات المختلفة لتعريف مفهوم التدخل الانساني وكذلك الاشكاليات ذات الصلة به والتمييز بينه وبين غيره من المفاهيم المرتبطة به فانه من الممكن تعريف التدخل الدولي الانساني بشكل شامل كالتالي:
“هو التهديد باستخدام القوة او الاستخدام الفعلي لها بواسطة دولة او مجموعة من الدول ضد ارادة حكومة الدول المستهدفة من اجل وضع حد للانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الانسان بها شريطة ان يتم ذلك بتفويض من مجلس الامن وان يكون له استراتيجية خروج واضحة والا يقود الي تهديد وحدة وسلامة اراضي الدولة المستهدفة.[35]“
المبحث الثاني – نشأة التدخل الإنساني ومدى مشروعيته
ان التعمق في تاريخ العلاقات الدولية قد يكشف عن وجود سوابق كثيره يصح ان ينطبق عليها وصف التدخل الانساني، لكن يمكن القول ان هذا المفهوم قد اكتسب سمات خاصه و خصائص معينه قبل الحرب العالمية الاولى الا انه عقب انتهاء هذه الحرب ومع انشاء عصبة الأمم اعترى هذه الخصائص الكثير من التغيير والتبديل ، ثم ما لبثت أن تعرضت لتغيير جذري مع انتهاء الحرب العالمية الثانية بقيام منظمه الامم المتحدة لذلك من الاجدر أن نقسم هذا المبحث الى ثلاثة فروع حسب كل مرحله تاريخيه لتتبع المسار التاريخي للتدخل الإنساني مستهلين بفتره ما قبل الحرب العالمية الاولى ثم فتره ما بين الحربين العالميتين واخيرا فتره ما بعد الحرب العالمية الثانية.
الفرع الاول:- التدخل في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى
ظهر حق التدخل لأسباب انسانيه منذ القرن 16 الميلادي، ذلك انه كان على كل امير او حاكم مسيحي واجبات انسانيه اذا لم يحترمها وجب على بابا الفاتيكان تذكيره بواجباته، ولو اخذنا امثله عن هذا التدخل في الفترة ما بين 1815 الى 1830 لوجدنا ان الحلف المقدس الذي جمع بين الممالك الأوروبية كان يسمح لنفسه بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول للقضاء على الافكار الثورية التي تظهر فيها و اعاده تثبيت النظام الملكي فيها، ومن ذلك ايضا ما قامت به روسيا في عهد القياصرة من ارسال بعثات التأديبية ضد تركيا دفاعا عن المسيحيين وكانت البعثات تدعي التدخل الانساني واتباعا لمنطق التدخل الانساني برر التدخل الفرنسي البريطاني لصالح الثوار اليونان سنه 1827 ، رغم ان التبرير الإنساني أتى لاحقاً.[36]
كما شهد القرن 16 بعض ممارسات التدخل الانساني خلال سلسله الصراع الدامية بين الطوائف المسيحية التي مزقت اوروبا وخلفت الملايين من الضحايا نتيجة حروب الإبادة بين الطرفين المتنازعين والبروتستانت والكاثوليك، ومن ناحيه اخرى فان ظهور الدولة القومية التي حلت محل الملكية المطلقة وانتشار مبدأ القوميات وازدهاره في اوروبا خلال القرن 19 قد سبب للقليل من الاقليات الوطنية الكثير من مظاهر القمع والاضطهاد في الدول التي آل اليها مصير هذه الاقليات، واتخذ تدخل هذه الدول لحمايه حقوق الاقليات احد مظهرين تدخل انساني غير مسلح وتدخل انساني مسلح.
اولا :- تدخل انساني غير مسلح
لقد كان الهدف من التدخل الانساني هو حمايه مواطني دوله ما في الخارج و هذه النظرية نجد مضمونها لدي جانب من فقهاء القانون الكنسي على راسهم الفقيه فيتوريا، فقد كان القانون الدولي التقليدي يسمح بالتدخل من جانب احدى الدول او عدد من الدول في الشؤون الداخلية لدوله اخرى في حالات معينه وان كانت غير محدودة[37].
ثانيا:- التدخل المسلح لحماية الأقليات الدينية
من الصعب حصر جميع حالات التدخل المسلح التي تمت خلال هذه الفترة لصالح تلك الاقليات فحسبنا نشير إلى البعض منها، ففي عام 1860 تدخلت فرنسا عسكريا في سوريا نيابة عن القوي الكبرى لإنقاذ المارونيين من المجازر التي تعرضوا لها على ايد الدروز، كما تدخلت روسيا ضد تركيا خلال عامي 18٧٧ و 1878 بهدف حمايه سكان البوسنه والهرسك وبلغاريا من الطائفة المسيحية وكذلك قادت المانيا و الإمبراطورية النمساوية المجرية والولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا و بريطانيا وايطاليا واليابان حملة عسكرية ضد الصين عام 1901 بغرض حماية المسيحيين والاجانب المهددين بالقتل واللاجئين الى مقر البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدي هذا البلد، ويذكر ايضا ان الولايات المتحدة الأمريكية قد تدخلت عسكريا في مولدافيا لوقف مذابح اليهود في إقليم بيساري، وتدخلت النمسا وروسيا و بريطانيا وايطاليا وفرنسا في تركيا لصالح سكان مقدونيا خلال الفترة من عام 1903 وحتى عام 1908.[38]
الفرع الثاني:- التدخل الدولي في مرحلة ما بين الحربين العالميتين
ان مبدأ حق التدخل الانساني في الفترة ما بين الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية لم يكن ان يرى الكثير من التطور القانوني وحتى الانساني حتى لم يكن الفكر العام في المجتمع الدولي ان يقبل بقضيه حقوق الانسان والدفاع عنها بصفه عامه ما عدا حماية حقوق بعض الاقليات التي كانت مسيطرة آنذاك في العالم باسره غيران حمايه حقوق هذه الطوائف والاقليات لم يعد حكرا على الدول الأوروبية فقط بل اصبح من مهام عصبه الامم التي تم انشائها بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وذلك للعمل على الحد من التسلح والمحافظة على السلم الدولي وتشجيع حل المنازعات الدولية بالطرق السليمة.
وقد ظل التدخل الانساني بعد الحرب العالمية الاولى محصورا في نطاق التدخل لحمايه حقوق الاقليات الوطنية، فلم يكن الفكر القانوني او الراي العام الدولي قد صار متهيئا لتقبل فكره حمايه الانسان بصفه عامه، ولكن ذلك لم يحل دون رصد بعض التطور في مجال حمايه الاقليات في خلال هذه الفترة الزمنية، فعلى خلاف الفترة الزمنية السابقة التي القى فيها بعبء حمايه الاقليات على عاتق بعض القوى الأوربية الرئيسية، فإن حمايه حقوق الاقليات قد عهد به بعد الحرب العالمية الاولى الى عصبه الامم اول منظمه عالميه ذات طبيعة سياسية وهكذا لم تعد مساله حمايه الاقليات شيئا يخص بعض القوى الأوروبية الرئيسية وانما صار موضوعا يهم سائر اعضاء الجماعة الدولية ممثله في عصبه الامم.
وقد تميزت هذه الفترة بأبرام جمله من المعاهدات بغرض حمايه الاقليات والتي كان تطبيقها مقتصراً على بعض الدول ولقد وفر هذا النظام منظومة معيارية بمعنى توافر قواعد قانونيه ومجموعة مبادئ عالمية لحماية الطوائف السكانية المستضعفة غير ان هذه التطورات لم تكن في شكل قانوني شامل من شانه ان يكون قانون متكامل لحقوق الانسان.[39]
ويعود هذا التطور الى العديد من الاسباب من اهمها:
- ادراك المجتمع الدولي ان مشكله الاقليات كانت من اهم الاسباب التي ادت الى اندلاع الحرب العالمية الاولى ومن ثم فان انشاء نظام دولي لحمايه حقوق الاقليات كان يمثل آنذاك واحد من اهم اسباب ارساء دعائم السلام العالمي والحيلولة بين الجماعة الدولية وبين نشوب حرب عالميه جديده.
- نجاح التسويات الإقليمية التي اقرها مؤتمر السلام في باريس عام 1919 الي احداث تغيرات هامة على حدود الكثير من الدول وخاصه في وسط وشرق اوروبا وترتب على ذلك ان صارت هذه الدول بحدودها الجديدة تضم أقليات تختلف عرقيا او لغوياً او دينيا عن باقي افراد الشعب ومن هنا راي اعضاء الجماعة الدولية ضرورة وضع قواعد دولية لحمايه حقوق الاقليات خشيه ان يؤدي ظلم واضطهاد البعض منها الى تعريض السلام العالمي للخطر.
- لقد أدى انتشار الافكار القومية بين الجماعات الإنسانية المختلفة الى نشوء الحاجه الي ايجاد نظام دولي لحمايه حقوق الاقليات بغية التخفيف من حدة هذه الافكار لاسيما بعد ما بات من المستحيل انشاء دولة خاصة بكل جماعة قومية.
لقد تميز نظام حماية الاقليات خلال هذه الفترة بعقد اتفاقيات دوليه تضمنت الاعتراف بحقوق الاقليات بحيث فرضت جملة من الالتزامات على عاتق الدول التي امتدت سيادتها لتشمل طوائف مكانية تختلف عرقيا أو لغويا أو دينيا عن باقي أفراد الشعب، بالإضافة إلى فرض بعض منها على الدول التي تأسست بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى و لقد ساهمت العوامل السابقة في انشاء نظام دولي خاص بحمايه الاقليات.
الفرع الثالث: التدخل الدولي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية
ان فتره الحرب العالمية الثانية مليئة بالمستجدات القانونية والإنسانية والفكرية، حيث في هذه الفترة عمل الفقهاء والقانونيين على ايجاد تنظيم دولي جديد لحمايه الاقليات ويحافظ على السلم والامن الدوليين وعرف هذا الاهتمام نجاحا كبيرا، فقد نتج عنه حادث قانوني مهم وهو ميلاد منظمه الامم المتحدة[40] التي اقرت في ميثاقها سنه 1945 بضرورة حمايه حقوق الانسان بدون الاقتصار على نوع معين من الحقوق أو فئة سكانية محددة، بل تم التأكيد على حمايه حقوق الانسان في هذا الميثاق بتعهد الدول بالحفاظ على كرامة الانسان وحقوقه جميعها بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين، وهذا ما اكدته المادة 55 من الميثاق والتي نصت على وجوب عمل هيئه الامم المتحدة علي اشاعه احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز كما نص الميثاق في مادته 62 على ما يلي” للمجلس الاقتصادي الاجتماعي أن يقوم بدراسات ووضع تقرير عن المسائل الدولية في أمور الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتعليم والصحة وما يتصل بها، كما انه يوجه الى مثل تلك الدراسات والى وضع مثل تلك التقارير، وله أن يقدم توصياته في أي مسألة من تلك المسائل إلى الجمعية العامة والى أعضاء الأمم المتحدة والى الوكالات المتخصصة ذات الشأن”.
مما سبق يتضح لنا أن هيئة الامم المتحدة ملزمه بإشاعة احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز، وان يعمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي بدراسات فيما يخص إشاعة احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية ومراعاتها عن طريق إعداد المشروعات وعقد المؤتمرات الدولية في هذا المجال.
وبهذا أحرزت منظمة الأمم المتحدة تأييد عالمي في مجال التدخل الانساني الذي أصبح يتميز بالعالمية ويقرر حماية عامة لكافة حقوق الإنسان والأجيال دون التركيز على البعض منها أو تمييز حق على آخر، وذلك إدراكا منها بأن في التمييز عرقلة لمسيرة السلام في العالم[41].خاصة إذا تعلق الأمر بحقوق الاقليات التي غالباً ما تبعث على نشوب نزاعات مسلحة وكذلك عنف وتوتر يهدد السلم والأمن الدوليين.
وبنشأة هذا الميثاق تحسنت العلاقات بين الدول وتعزز مركز حقوق الإنسان بالعمل على إنقاذ الشعوب والأجيال من ويلات الحروب والتدخل لدى الدول التي ينسب إليها انتهاك حقوق الإنسان.
وبالتالي ادت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية دور مهم في إظهار مبدأ التدخل الإنساني خاصة بعد ظهور منظمة الأمم المتحدة، التي بفضلها ظهرت عدة انشغالات للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وكانت من بين آلياته هو بداية نوع من التدخلات الإنسانية للحفاظ على حماية حقوق الإنسان في مختلف ربوع العالم ذلك في ظل إنشاء الأمم المتحدة.[42]
الآراء الفقهية حول التدخل الانساني في هذه الفترة:
لقد ايد بعض الفقهاء هذا الاساس في التدخل الانساني وجعل منه قاعدة شرعية تجيزه كل ما تعلق الأمر بقضية الدفاع الشرعي، ومن هؤلاء الفقهاء الفقيه “جيرار” ، والفقيه “غلاسير” هذا الأخير الذى أعطى لمفهوم الدفاع الشرعي العرفي مفهوم واسع على المصلحة الإنسانية، فحسب هذا الفقيه تلك التدخلات اوحت وجود قواعد دولية تجيز التدخل العسكري عندما تكون هناك مصلحة إنسانية، ثم جاء بعد ذلك كلا من الفقيه “ويتون” والفقيه “روجي” حيث فسر الأساس القانوني لتلك التدخلات بوجود قانون أسمى من القانون الداخلي هو : قانون الإنسانية الذي يجب مراعاته في كل الظروف فأي مساس به يعطي الحق للمجموعة الدولية بالتدخل لصالحه، فالشعب الذى تنتهك حقوقه الإنسانية من طرف حكومته يعطى الحق لأى دولة أو لمجموعة من الدول بالتدخل بإسم المجتمع الدولي من أجل إبطال اعمال السيادة الغير مشروعة أو لمنع تكرارها في المستقبل.
وبنفس المعنى بنى الفقيه “أنتز” حق التدخل واعتبره شرعي عندما يكون هناك خرق لحق الشعوب والإنسانية وبالتالي فكلما تعرض الأمر بالدفاع عن حق من حقوق الشعوب يكون التدخل الانساني مشروعا ولو كان باستعمال القوة، واستناداً لهذا المبدأ أقام الفقيه “روجي” كذلك تفسيره بوجود قانون الإنسانية عندما تعرض لمفهوم الدولة، حيث يري هذا الفقيه أن الدولة تعتبر ميكانزمات يهدف إلى توفير ظروف المعيشة اللائقة لأفرادها وان الدولة ليس لها حقوق إلا بالقدر الذي يحقق هذا الهدف، اما قانون الإنسانية فهو ذلك القانون الذي يهدف إلى وجود قواعد تلزم الحاكم والمحكوم، فهو قانون يسمو على القانون الداخلي والدولي، وان هذا القانون موجود لأن هدف كل مجتمع وطني او دولي هو تمكين الإنسان من حقوقه قبل إرضاء مصلحة المجتمع ككل، كما يري هذا الفقيه أيضا أن أي دولة تقوم بانتهاك قانون الإنسانية يترتب عليها مسؤولية أمام الإنسانية ويؤدي بها في الأخير إلى التضامن ضدها من أجل حماية حقوق الشعوب والإنسانية في كل أنحاء العالم وبالتالي فإن اتساع هذا المبدأ المتمثل في حماية قانون الإنسانية يخول الحق في التدخل الدولي الإنساني.[43]
مدي شرعية التدخل الانساني المسلح وغير المسلح:
ان البحث في موضوع شرعية التدخل الدولي الإنساني يدعونا إلي ضرورة الحديث اولا عن طبيعة هذا المفهوم من حيث كونه حق أو واجب في اطار الحفاظ وحماية قواعد القانون الدولي الإنساني التي تدعوا في جلها إلي ضرورة احترام حقوق الإنسان وعدم انتهاكها وعليه لابد من معرفة طبيعة التدخل اولا هل هو دفاعا عن حقوق الدول او أنه ايقاف الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان ،كما انه يجب البحث في ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي في التدخل، وكذلك مدي علاقة التدخل بالمجال المحجوز للدول.
اولا: إسناد التدخل الانساني بمسئولية الدول:
يري الكثير من الفقهاء أن التدخل الانساني قد يأخذ صفة الحق أو الواجب، نظرا للأهمية القصوى التي يتميز بها هذا النوع من التدخل خاصة في وقت تزايدت فيه المشاكل الإنسانية والخروقات لحقوق الإنسان في شتي دول العالم ، كما أن ازدياد الحروب والكوارث الطبيعية التي أصبحت تعصف بأرواح الأبرياء العزل والفقراء في أنحاء العالم، ولما كانت الضرورة تدعوا إلي وجود التدخل لصالح الإنسانية المهددة بالخطر، فان القول بأعمال التدخل أصبح يطرح الكثير من التساؤلات حول طبيعته القانونية، فهل هو يدخل في إطار حقوق الدول او أنه واجب عليهم ، وعليه يري الكثير من القانونيين والسياسيين أن التدخل الانساني هو في الحقيقة حق ثابت للدول، كون أن الدول قد اكتسبت هذا الحق من خلال مبدأ عدم التعدي علي حقوقها وعدم السماح بخرق حقوق الانسان وبالتالي فلها أن تراقب كل ما يجري من خروقات في الدول المجاورة كحق لها للحفاظ على مبادئ القانون الدولي الإنساني وهذا بالرغم من أن الدول الأخرى تعلن رفضا صريحاً لهذه المراقبة وبالتالي فهذا يعد حقا من حقوق الدول وهذا علي اعتبار ان الدول آليات في هذا المجال لاسيما في إطار لجنة حقوق الإنسان التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وعليه فإن التدخل الانساني يمكن أن يتخذ طبيعة الحق في الكثير من الاحيان خاصة عندما يوجه لحماية حقوق الانسان او لحماية رعايا دولة في الخارج او في سبيل تقديم مساعدات للدول الفقيرة[44]، وبالتالي لا يمكن اختصار فكرة التدخل الانساني في مبدأ الحق وحده او مبدأ الواجب بل هي طريقة من اجل فرض المبادئ الانسانية بشتي انواعها، فالتدخل الانساني يشكل قاعدة ذات طبيعة مزدوجة تحمل في الشطر الأول مبدأ الواجب وفي الشطر الثاني مبدأ الحق، فإيمان الدول بضرورة تلقيها المساعدة الانسانية من الدول الأخرى وحتي من المنظمات الانسانية في حالة الكوارث الطبيعية وفي حالة النكسات بشتي انواعها، فهذا المبدأ الذي تعتبره الدول حقا لها هو في نفس الوقت واجب عليها ازاء الدول الأخرى في حالات مماثلة دون طلب ذلك، وعليه فحق الدول في ان تعيش في السلم والطمأنينة والرفاهية يفرض عليها واجب الدفاع عن تقرير هذا الاستقرار والامن بالنسبة للدول الأخرى وكذلك من واجبها الدفاع عليه[45]، وعليه فإن ضآلة مبدأ التدخل الانساني كاصطلاح الحق والواجب بالنسبة للدول ليس محدود تماما مثل غيره من المصطلحات، ففي الواقع نجد أن عبارة الحق في المساعدة تغلب عبارة الحق في التدخل او واجب التدخل ذلك لأنها تأتي في اول مرحلة ولا يوجد بشأنها اختلاف عدا في التسمية والتي يمكن أن يضطلع عليها وبالتالي فإن المساعدة الانسانية حق معترف به باسم الانسانية.
ثانيا: التدخل في اطار مبادئ الامم المتحدة لحفظ السلم والامن الدوليين
لقد جاءت مبادئ الامم المتحدة في حفظ السلم والامن الدوليين متعددة و دقيقه منها اسس عامه واخرى خاصة.
الفرع الاول الاسس العامة للتدخل:
لقد جاءت المادة الاولى من ميثاق الامم المتحددة والتي تنص على ضرورة حفظ السلم والامن الدوليين في المقاصد التالية:
حفظ الامن والسلم الدوليين وتحقيقا لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنح الاسباب التي تهدد السلم وازالتها وتقمع اعمال العدوان وغيرها من وجود الاخلال بالسلم وتسويتها وبالتالي تطبيقا لهذه المادة التي تنص علي حفظ السلم والامن الدوليين فانه من الاهداف الرئيسية لمنظمه الامم المتحدة ومن اجل ذلك حثت المادة على مجموعه من التدابير تمثلت في ازاله كل الاسباب التي تهدد السلم والامن الدوليين وقمع العدوان والتذرع بالوسائل السلمية لفض النزاعات الدولية وقد عمل الفقه الدولي على تصنيف هذه التدابير الى صنفين التدابير المتخذة على المدى القصير والتدابير علي المدى البعيد حيث تمثلت اجراءات الامم المتحدة لحفظ السلم والامن الدوليين على المدى القصير في بند استعمال القوه أو التهديد بها في العلاقات الدولية طبقاً للمادة الثانية والرابعة من ميثاق الامم المتحدة وقمع العدوان من خلال قرار تعريف العدوان الذي اصدرته الجمعية العامة عام 1974 والتذرع بالوسائل السلمية لفض المنازعات الدولية تقبل الفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة في اطار تحريم استعمال القوه والعدوان، غيرانه قامت الامم المتحده ينبذ الحرب بشكل مطلق ولم تكتفي بمحاربه الاسباب المؤدية اليها بتحريم استعمال القوة او التهديد بها وقمع العدوان وانما وضعت تحت تصرف الدول الاعضاء آليات وقائية نصت عليها المادة 33 من الفصل السادس الذي جاء نصها كالتالي” يجب على اطراف النزاع من شأن استمراره ان يعرض حفظ السلم والامن الدوليين للحظر وان يلتمسوا حاله المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكم والتسوية القضائية وان يلجؤوا الى الوكالات والتنظيمات الإقليمية او غيرها من الوسائل السلمية الذي يقع اختيارها غير ان هذه الاجراءات التي تضمنتها المادة 33 تدعي في القانون الدولي بالتسوية السلمية لحل المنازعات الدولية و هي اقدم منهج نحو السلام العالمي عرفته مدينه الاغريق وان هناك اتفاقيه تقضي بانهم في حاله مشروب اي نزاع حول الحدود او اي شيء اخر فيفصل في النزاع قضائيا ولكن اذا ثبت الخصام بين مدينه واخرى من المدن المتحالفة فيتعهدان برفع الامر الى احدى المدن التي يرى كلا الطرفين انهما غير متحيزة.
كما نجد ايضا انه في القانون الدولي الكلاسيكي في مؤتمر باريس عام ١٨٥٦ هو اول عمل دولي تطرق لمسائلة الحل السلمي للنزاعات الدولية حيث جاء في وثيقة هذا المؤتمر “الدول التي ينجم فيها اي سوء تفاهم خطير، يجب عليها قبل الاحتكام الي السلاح ان تلجأ بالقدر الذي تسمح به الظروف الي المساعي الحميدة لدولة صديقة”، ثم جاء بعد هذا العمل اتفاقيات لاهاي ١٩٠٧ الخاصة بحل النزاعات الدولية[46].
الفرع الثاني تبريرات نزع السلاح في التدخل:
كما أن الفقه الدولي يبرر علي ان هناك انعكاس نفسي على الدول في مسألة نزع السلاح فالدول التي تمتلك اسلحه فتاكه يفرض فيها توتر فوق طاقه احتمال الكائنات البشرية والامه التي تنتمي لديها قوه عسكريه مفرطه ونادراً ما تستطيع ان تتجنب فقدان ضبط النفس في نهاية الامر او تتلاقي الجنود الي تحقيق غاياتها بالعنف، كما يبرر الفقه أيضا هذا المبدأ في التأثير على العنصر النفسي حيث ان التسلح بقدر ما يحقق القوة فهو يرتب الخوف والتأثير على الاحترام المتبادل عن طريق توليد الكراهية والعصبية، كما أن مسألة التسلح تهدد الاستقرار الاقتصادي للدول الذي هو شرط ضروري لعملية السلام الدولي، لكون التسلح يكلف أموال طائلة ويبدد ثروات العالم البشرية و الاقتصادية .
وعليه فقد تم الاقرار بضرورة مساله نزع السلاح والتي لم تطرح بجديه الا في عصر التنظيم الدولي وكانت البداية بصك الأمم الذي تناول هذا الموضوع من خلال مجموعه من المواد ثم جاء بعد ذلك ميثاق الامم المتحدة في مجال نزع السلاح حيث قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنه 1946 ميلاديا بإنشاء لجنه الطاقة النووية وكان هدفها هو العمل علي ضمان استعمال هذا الاكتشاف الجديد لأغراض سلميه فقط ثم في عام 1947 قام مجلس الامن بإنشاء لجنه الأسلحة التقليدية وكان هدفها مطالبه تقديم اقتراحات للتخفيض العام للأسلحة والقوات المسلحة، وفي عام 1952 ميلاديا تم ضم لجنتين في لجنه واحده تسمي لجنه نزع السلاح وقد انطلق عمل لجنه نزع السلاح بانعقاد اول مؤتمر لنزع السلاح لعام 1959 ميلاديا الذي ظهر بلحيه جديده وهي لجنه عشريه انضمت اليها ثمان دول من مجموعه دول عدم الانحياز وكان ذلك عام 1962 ميلاديا ثم توسع هذا العدد ليصل في عام 1975 ميلاديا الى 31 عضو حيث كان دور مجموعه عدم الانحياز في عمل لجنه السلاح دورا فعالا، حيث قامت في عام 1970 ميلاديا بالضغط على الجمعية العامة للأمم المتحدة من اجل اتخاذ اجراءات فعاله في هذا المجال وقد تم أخذ هذه الضغوطات بعين الاعتبار وقد خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة لمسألة نزع السلاح ثلاث دورات متتاليه ساهمت بشكل كبير في عمليه السلام[47]، وقد عمل هذا التدخل علي:
- التخفيض التدريجي العام للأسلحة على مختلف انواعها:
وكان اول عمل في هذا الاطار وهو الاتفاقية الدولية المبرمة في 10 اكتوبر 1980 ميلاديا والتي نصت على الحد من استعمال الأسلحة الكلاسيكية وكذلك المفاوضات الطويلة التي دارت بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي بداية من سنه 1972 ميلاديا والتي اسفرت على ابرام عدة اتفاقيات تخص الأسلحة الاستراتيجية والصواريخ العابرة للقارات وكذلك الأسلحة النووية.
- خلق مناطق منزوعة السلاح:
وفي هذا الاطار تم ابرام عده اتفاقيات دوليه جعلت من بعض المناطق خاليه من السلاح سواء نووي او اسلحه ذات التدمير الشامل وكان اول عمل في هذا المجال هو اتفاقيه واشنطن لعام 1959 والتي قررت جعل المتجمد الجنوبي منطقه خاليه من الأسلحة ثم جاءت بعد ذلك معاهده تحريم الأسلحة النووية في امريكا اللاتينية المبرمة في العاصمة المكسيكية والتي نصت في المادة الاولى منها على ما يلي” تلتزم الدول الاطراف بموجب هذه المادة بتخصيص التسهيلات والوسائل الفورية التي تقع تحت اختصاصها الوطني
للأغراض السلمية فقط، وكذلك تفادي اي تواجد للأسلحة النووية في اقليمها لأي غرض كان او تحت اي ظرف”، وبناء على هذه الاتفاقية تعتبر منطقه امريكا اللاتينية منطقه خاليه من السلاح النووي وهذا ما أوضحه البروتوكول الاضافي لعام 1979 الذي حث على أنأ تضمن الدول النووية الكبرى احترام امريكا اللاتينية كمنطقة خاليه من السلاح النووي وتلتزم بعدم تهديدها او استعمالها للسلاح النووي ضدها الى جانب هذه الاتفاقيات قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بداية من عام 1970 ميلاديا بإبرام عدة اتفاقيات تخص تحريم الأسلحة النووية واسلحه اخرى ذات التمييز الشامل.
- التحريم التام للأسلحة ذات التدمير الشامل:
ويقصد بها الاسلحة التي تقضي على بقاء الحياة فوق الأرض، ويدخل في هذا الإطار: الاسلحة النووية الكيماوية والأسلحة البيكترولوجية في مجال الأسلحة الكيماوية نجد ان البروتوكول الخاص بجنيف لعام ١٩٢٥م حول تحريم الغازات السامه وكذلك اتفاقيه باريس عام 1993 والتي تتضمن تحريم وانتاج و تطوير الأسلحة الكيماوية وكذلك تحطيمها وبالتالي ينبغي على الامم المتحدة ان تعطي في السنوات المقبلة كل اهتماماتها لهذه الانواع من الأسلحة وكذلك ايضا تقوم منظمه الامم المتحدة باتخاذ التدابير اللازمة من اجل الحفاظ على الامن والسلم الدوليين من خلال منظماتها واجهزتها وكذلك نجد ان اغلب الفقهاء يذهبون الى وصف الاعمال التي تصدرها الجمعية العامة “بالتوصيات” الامر الذي يعني بانها تفتقر الى القوه القانونية الملزمة فهي لا تعدو ان تكون مجرد واجبات[48].
ثالثا: التدخل في إطار تحديد مجلس الامن لمفهوم السلم والأمن
يعتبر مجلس الامن هو الجهاز الأساسي المسؤول عن عملية حفظ السلم والامن الدوليين” رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة سريعاً وفعالا وبالتالي يعهد أعضاء تلك الهيئة إلي مجلس الامن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم والامن الدوليين ويوافقون علي أن هذا المجلس يعمل نائباً عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات” إلا أن ما تقرره هذه المادة لا يمنع مجلس الامن من إصدار قرارات في مسائل حقوق الإنسان كلما تعلق الأمر بالمحافظة على السلم والأمن في العالم، مثلما قرره في سنة ١٩٧٧م بشأن انتهاك جنوب السودان لحقوق الإنسان وممارستها سياسة الفصل العنصري وفرض مقاطعة دولية علي توريد الأسلحة لهذا البلد مستندا في ذلك لنص المادة ٤١ من الميثاق[49]، وبناء على هذه المواد ومعطياتها يحق للأمم المتحدة التدخل لصالح الأمن الجماعي، غير أن هذا التدخل يبقي متوقف على الاتفاقيات التي يبرمها مجلس الامن مع الأعضاء في الأمم المتحدة طبقا للمادة ٤٣من الميثاق، وقد يحصل أن يؤدي فشل ابرام هذه الاتفاقيات إلي عدم اشتراك بعض الدول في إجراءات القمع ضد المعتدي في هذه الحالة، فإن الدول الكبرى تقوم بالعمل المشترك باسم المنظمة وذلك بالقدر الضروري لتحقيق المحافظة على السلم والامن الدولي، ويمكن للدول الكبرى أن تشترك مع مجلس الامن في هذه المهمة .
الفصل الثاني – التدخل الدولي الإنساني وبعض النماذج لهذا التدخل
مقدمة الفصل:
لقد بينت المنظمات الإنسانية الدور الاساسي المهم الذي حققته في إغاثة البشرية في جميع انحاء العالم و هذه المنظمات غالباً ما تكون وكالات متخصصة او مؤسسات أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة كاليونيسيف المفوضية العليا للاجئين او برنامج الامم المتحدة الإنمائي او برنامج الغذاء العالمي او لجنه الإغاثة للأطفال او منظمة قانونيين بلا حدود او منظمه العفو الدولية[50]، كما اعترفت الامم المتحدة ان ترك ضحايا الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ المماثلة بلا مساعدة يشكل تهديد للحياة الإنسانية ويشكل اهانه لكرامة الانسان، وقد يعمم هذا البعد من خلال القرار ٦٨٨ والقرار ٧٣٣ الصادرين من مجلس الأمن.
يعتبر احترام حقوق الانسان وحمايتها أحد الاهتمامات الرئيسية لمنظمة الامم المتحدة منذ انشائها، وقد نصت ديباجة الأمم المتحدة على ذلك وقد تعهدت الدول الاعضاء في منظمة الأمم المتحدة على التعاون مع المنظمة لتعزيز احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك على الاطلاق بلا تمييز بين الجنس او اللغة او الدين ومنذ انشاء المنظمة عام 1945 وهي تنشط في تنظيم موضوعات حقوق الانسان في اعلانات دولية ومواثيق توقع عليها الدول و تلتزم بها فضلا عن مراقبة هذه الدول في تطبيق واحترام هذه الاعلانات والمواثيق وادانتها اذا ما ثبت اخلالها بها، وقد حدد ميثاق الامم المتحدة دور كل هيئة رئيسية للمنظمة في النشاط المتعلق بحقوق الإنسان تنظيميا ومتابعته ومراقبته، وكانت الجمعية العامة لمجلس الامن الاقتصادي والاجتماعي ومحكمه العدل الدولية و هي اهم الأجهزة التي ساهمت في ارساء قواعد القانون الدولي الانساني وتطوير قواعده، حيث اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها سنه 1956 مؤيدة لما اتخذه المؤتمر الثاني عشر للصليب الاحمر والهلال الاحمر في فيينا سنه 1965 والذي أرسى ثلاثة مبادئ وهي حق اطراف النزاع في استخدام وسائل الحاق الضرر بالعدو ليس حقا مطلقا، ان شن هجوماً يستهدف السكان المدنيين بصفتهم أمر محظور، أنه يجب التمييز في جميع الأوقات بين فئة الأشخاص الذين يشتركون في الأعمال العدائية، فئة أفراد السكان المدنيين بهدف حماية الفئة الأخيرة.
إن ظهور المنظمات غير الحكومية خاصة في دول العالم الثالث، كان نتيجة لتيارات فكرية تسربت اليها بشكل او بآخر من منظمات غير حكومية تنتمي الى الامم الصناعية خلال جهود التعاون في مجري علاقات العمل، كما انه يعتبر الكثيرون ان المنظمات غير الحكومية اصغر عمرا من الناحية التاريخية، فإنها اكثر تنوعا من الناحية السوسيولوجية وبالتالي نظرا للظروف غير الإنسانية التي تمس أغلبية دول العالم وبالخصوص العالم الثالث، اصبح من الضروري الدخول في حوار مع اطراف خارجية كمنظمة غير حكومية في اطار تقديم معونة او مشروع تنميه على سبيل المثال حتى يتغير الحال، وهنا تميل الجماعات الى اتخاذ شكل المنظمات غير الحكومية شكلا ومضموناً[51].
وتجدر الإشارة هنا إلى الحديث عن دور:-
- منظمة العفو الدولية
وهي منظمة غير حكومية أنشئت سنه 1961 بلندن، وهي عبارة عن حركات تطوعية عالمية تسعي لمنع انتهاكات حقوق الانسان الأساسية التي ترتكبها الحكومات، ويستند عملها على احترام حقوق الانسان وحرياته الأساسية وهي منظمة مستقلة عن كافه الحكومات لا تؤيد او تعارض اي نظام سياسي، كما لا تؤيد او تعارض اراء الضحايا الذين تسعي لحماية حقوقهم فهي لا تعني إلا بحقوق الانسان في كل قضية تتولاها[52]، وهي تعتمد في ذلك على ثلاثة مبادئ وهي الافراج عن سجناء الرأي اولئك هم الاشخاص الذين يسجنون او يعتقلون او تقيد حرياتهم بسبب معتقداتهم السياسية او الدينية وهم في نفس الوقت لم يلجؤوا الى العنف ولم يقوموا بالدعوة الى استخدامه، مقاومة إعتقال سجناء الرأي وبقائهم بلا محاكمة أو توجيه تهمة لهم لفترة طويلة ويدخل في هذا الإطار مقاومة المنظمة لمحاكمتهم وفقا لقواعد غير معترف بها دولياً، العمل علي مقاومة فرض وتنفيذ عقوبة الاعدام والمعاملة اللاإنسانية لمسجوني الرأي أو غيرهم، ومن تلك الحالات أيضاً تلك التي قامت بها منظمة العفو الدولية عام ١٩٨٨ ضد الحكومة البريطانية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في أيرلندا الشمالية.
- اللجنة الدولية للصليب الأحمر[53]
هي مؤسسه إنسانية، وقانونا هي منظمه عالمية غير حكومية تأسست عام 1863 وقد بدأت فكره تأسيس اللجنة عام ١٨٥٩، ولهذه اللجنة مبادئ أساسية تعمل وفقاً لها وهي تلك التي أعلن عنها المؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر وهي:-
الانسانية: بمعنى ان الحركة قد نبعت من الرغبة في تقديم العون بدون تمييز بين الجرحى في ميادين القتال و تبذل جهودا لمنع وتخفيف المعاناة البشرية أينما وجدت.
عدم التمييز: بمعنى أن الحركة لا تفرق بين الاشخاص على اساس جنسيتهم أو لغتهم أو ديانتهم او انتمائهم الطبيعي او السياسي.
التطوع: فالحركة منظمة إسعافية تطوعية لا تعمل لأجل المصلحة الخاصة.
وباختصار فإنه يسجل للمنظمات غير الحكومية أنها حاولت التأثير في حكومات الدول وبأنها قد مارست دورا نشيطاً على كل المستويات فقد تبنت ما لا يقل عن 60 اعلان و اتفاقية دولية او معاهدة تعني بحقوق الانسان.
المبحث الأول – التدخل الدولي الانساني من قبل بعض المنظمات الانسانية
هيئه الإغاثة الإنسانية وحقوق الانسان والحريات او هيئة الإغاثة الإنسانية هي مؤسسة غير حكومية دولية تنشط في مجال العلاقات الإنسانية وحقوق الانسان والدبلوماسية الإنسانية في اكثر من ١٠٠ دولة و تأسست في اسطنبول عام ١٩٩٢ بهدف جمع التبرعات و المساعدات الإنسانية وتقديمها لضحايا حرب البوسنة المسلمين ومارست نشاطاتها في اطار العمل التطوعي حتى عام ١٩٩٥ حين تم الاعلان عن تأسيسها كهيئة اغاثة انسانية ومقرها اسطنبول واستمرت الهيئة في ممارسه نشاطاتها وايصال المساعدات الإنسانية الى مناطق الازمات والصراعات مثل الشيشان وفلسطين وسوريا حتى شملت العديد من البلدان في القارات الخمس وتشمل اعمالها الإغاثية تقديم المساعدات الغذائية والتعليم والصحة وانشاء المشاريع والتنمية المستدامة مثل بناء دور الأيتام و المدارس والجوامع و المراكز الثقافية وحفر الابار المائية.
و هيئه الإغاثة الإنسانية كمؤسسة اغاثة دولية تتعاون مع العديد من المنظمات وتقوم بنشاطات مشتركة معها فهي عضو في اتحاد المنظمات الأهلية في العالم الاسلامي والمنتدى الانساني العالمي كما ان هيئة الإغاثة الإنسانية هي واحدة من بين ٣٠٠٠ منظمة تتمتع بمركز عضو مستشار في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة وتتمتع ايضا بعضويه المجلس الاستشاري لمنظمة التعاون الاسلامي و هيئه الإغاثة الإنسانية معافاة من الضرائب في تركيا بقرار مجلس الوزراء التركي الصادر بتاريخ ٤ابريل ٢٠١١م.
مجالات عمل منظمات الإغاثة الإنسانية:
تعمل هيئة الإغاثة الإنسانية في ثلاث مجالات أساسية وهي المساعدات الانسانية وحقوق الانسان والدبلوماسية الإنسانية ومن ضمن هذه المجالات الأساسية الثلاثة تنشط الإغاثة الإنسانية في ايصال المساعدات الإنسانية واعمال البحث والانقاذ ورعاية الايتام و انشاء مشاريع التنمية المستدامة و مكافحه مرض الساد، كما تنشط في مجال التعليم والصحة، وتساهم في ايجاد الحلول للأزمات كإطلاق سراح الرهائن والاسري و تلعب دور الوسيط بين الاطراف المتنازعة في الصراعات، وترفع قضايا قانونية للدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته، كما تقوم الهيئة من خلال مشاركتها في الاجتماعات الدولية[54]، او استضافتها لهذه الإجتماعات بنقل تجاربها في مجال نشاطاتها إلى البلدان والمنظمات الأخرى.
والى جانب تقديم المساعدات الإنسانية تمارس هيئه الإغاثة الإنسانية العمل الدبلوماسي الانساني بهدف حل الازمات التي قد تنتج عنها النزاعات والحروب و تقوم بإعداد و نشر التقارير حول ممارسات انتهاكات حقوق الانسان امام الراي العام الدولي وتبادر الى تحريك المرجعيات القانونية الدولية مثال على ذلك ما تقوم به من نشاطات الدبلوماسية الإنسانية في مناطق الصراعات مثل تركستان الشرقية وطاجيكستان و جمهوريه افريقيا الوسطى ومالي وسوريا و الفلبين وغيرها من الدول والمناطق ومثال على ذلك :-
- جمهوريه افريقيا الوسطى حيث قامت ميليشيات ائتلاف سيليكا بإشعال اشتباكات عنيفة في العاصمة والسيطرة على مقر الرئاسة والاستيلاء على السلطة في البلاد مما دفع رئيس البلاد للفرار الى جمهورية الكونغو الديمقراطية ومنها الى الكاميرون و استلم ميشيل جوتوديا الحكم ثم عين رسمياً رئيسا للدولة في شهر اغسطس من العام ذاته على الرغم من اعلان ميشيل حل ائتلاف سيليكا في شهر ديسمبر إلا أن معظم الميليشيات المسلحة رفضت قرار حلها لتبدا اعمال العنف بالتصاعد من جديد في شهر نوفمبر إذ تحول الصراع الى مواجهات مسلحة بين مليشيات سيليكا وميليشيات بالاكا المسيحية وانتشرت الفوضى في البلاد وتعرض المدنيون خاصه المسلمون منهم لأعمال عنف مفزعة إذ قامت ميليشيات بالاكا بقتل المئات من المسلمين مما أجبر الاقلية المسلمة في البلاد على ترك ديارهم واللجوء الى دول الجوار، وبدأت هيئه الإغاثة الإنسانية نشاطاتها الدبلوماسية في افريقيا الوسطى قبل اندلاع الصراع وتفاقم الازمه الإنسانية في البلاد واوصلت المساعدات الى الضحايا المدنيين كما اعدت تقارير لازمه من اجل تحريك الراي العام الدولي للحد من انتشار الازمه.
- ومن الأمثلة أيضا مشاركة منظمات الإغاثة الإنسانية في عمليه السلام بين الفلبين ومورو حيث حافظ سكان اقليم مورو على وجودهم السياسي المستقل الذي يمتد الى القرن الرابع عشر وذلك بالرغم من حملات الغزو والاستعمار المتكررة التي تعرض لها الاقليم على مر عقود من الزمن ولم يكن اقليم مورو تابعا للفلبين حتى اواسط القرن العشرين حين الحقته الولايات المتحدة الأمريكية بالفلبين وسلمت اداره المنطقة الي السلطات الفلبينية عام 1946 ميلاديا وشكل المسلمون عهود الأغلبية الساحقة في مورو اذ كانت اداره المنطقة التابعة لهم ورفض الموريون هذا الالحاق وسلكوا منذ عام ١٩٤٦ ميلاديا سبيل المفاوضات السياسية بغية العودة الى عهد الاستقلال لكن المفاوضات السياسية فشلت وتحولت الهجمات التي كان سكان الشمال الفلبين من المسيحيين يشنونها على المسلمين ثم الى حركة تطهير عرقي مما دفع مسلمي مورو للانتقال إلى مسار العمل المسلح وتشكيل جبهة تحرير مورو الإسلامية في سنوات السبعينيات من القرن الماضي[55]
وفي عام ٢٠١٣ تم تشكيل وفد من المراقبين المستقلين بهدف مراقبة ومراجعة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين وكان حسين أوروج نائب رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية من ضمن اعضاء ذلك الوفد حيث يقوم الوفد بلقاء المسؤولين في السلطات العليا في الدولة ويقوم بنشاطات ميدانيه لمتابعه المرحلة التي وصلت اليها عمليه السلام ومدي تنفيذ الاطراف لبنود الاتفاقيات كما يقوم الوفد باستلام تقارير دوريه من الطرفين حول العملية ثم يقوم بإعداد تقرير حول نتيجة المراقبة واللقاءات ويضم الوفد ايضا أليستير ماغ دونالد( سفير الاتحاد الأوربي السابق في الفلبين)، وستيفن رود الممثل القطري .
- والى جانب القيام بدور الوسيط بين الاطراف في مناطق الصراعات والحروب تمارس الهيئة نشاطات دبلوماسية لتحرير الابرياء من الرهائن والمعتقلين تعسفيا وفي شهر اغسطس من عام ٢٠١٣ قام اللواء البراء وهو احد الألوية التابعة للجيش السوري الحر باعتقال ٤٨ شخص ايرانيا في منطقه السيدة زينب في ريف دمشق واتخاذهم كرهائن بحجه انهم كانوا من مجموعه الكشافة الايرانيين وبينهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني بينما زعم الطرف الاخر انه كان في زياره دينيه للمنطقة ، قام فهمي بولنت رئيس منظمه الإغاثة الإنسانية بدور الوسيط في المفاوضات بين الاطراف المتصارعة والتي ادت الى الافراج عن الرهائن الايرانيين مقابل اطلاق سراح ٢١٣٠ معتقل سوريا في سجون النظام السوري كما نجحت الهيئة في فك اسر ١٠ اشخاص في كل من سوريا وباكستان وليبيا وكان من بين المفرج عنهم مواطن تركيا و مواطنا الماني كما عملت الهيئة على اطلاق سراح ٤٦٤ شخص من الرهائن في سوريا عام ٢٠١٥ ونجحت في ذلك بعد مفاوضات استمرت شهرا ونصف الشهر.
أعمال الإغاثة الإنسانية
إغاثة الطوارئ وعمليات البحث والانقاذ:
تهدف الهيئة عبر نشاطها في إغاثة الطوارئ وعمليات البحث والانقاذ، إلى مساعدة ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة والزلازل والسيول والحرائق وانجرافات التربة والجفاف والأوبئة والمجاعات والفقر[56].
تعتبر إغاثة الطوارئ وعمليات البحث والانقاذ واحدة من أهم النشاطات الإغاثية التي تمارسها الهيئة في أماكن تواجدها، وذلك منذ تأسيسها لمساعدة ضحايا الحرب المسلمين في البوسنة، و تعد كل من البوسنة و كوسوفا والشيشان وأفغانستان وباكستان وكشمير ونيبال والفلبين وتشاد واثيوبيا واليابان واندونيسيا وفلسطين والصومال والعراق جمهورية افريقيا الوسطى وسوريا من بين الدول التي كانت مسرحاً لنشاطات إغاثة الطوارئ وعمليات البحث والانقاذ التي نفذتها الهيئة، كما ان منظمات الإغاثة الإنسانية توفر الحاجات الإنسانية الضرورية من غذاء ودواء لسكان المناطق التي تشهد أزمات إنسانية وحالات طارئة.
تقوم منظمات الإغاثة الإنسانية في حالات الطوارئ ب:-
- عمليات البحث والانقاذ وتقديم الدعم الفني واللوجستي.
- إيصال الغذاء واللباس و الاحتياجات الإنسانية الأساسية الاخرى.
- توفير الأوساط الآمنة للنساء والأطفال والمسنين والمشردين.
- انشاء الوحدات اللازمة كالمخيمات والبيوت مسبقة الصنع والمطابخ السيارة.
- تامين الوحدات الصحية المتنقلة واللوازم الطبية والعلاجية والمساعدات الصحية من عمليات وما شابهها.
عمليات البحث والانقاذ:
تضم هيئة الإغاثة الإنسانية طواقم متخصصة بالتدخل في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية، و تمتلك هذه الطواقم القدرة على القيام بعمليات البحث والانقاذ والمساعدة الدولية في حالات الزلازل والفيضانات وانجراف التربة و تحت المياه والحرائق، وهي مدربة على عمليات إجلاء الضحايا و انشاء محطات اللاسلكي والتواصل عبرها في مواقع الازمات والكوارث، ويبلغ عدد العناصر العاملة في هذه الطواقم ٨٥٠ شخصا بالإضافة الى ذلك تمتلك الهيئة مركز مرمرة لإدارة الكوارث في محافظه بورصة التركية وهو مجهز بأحدث التقنيات في مجال إدارة الكوارث وعمليات البحث والانقاذ.
نشاطات إغاثة الطوارئ في سوريا:
تقدم منظمه الإغاثة الإنسانية المساعدات العاجلة لضحايا الحرب في سوريا عبر سبع مراكز مختلفة توزع في كل في كل من الريحانية، كلس، وشانلي أورفة، و باب الهوى، وباب السلام، و جبل التركمان في سوريا وتقوم الهيئة عبر هذه المراكز بتنسيق المساعدات الإنسانية من غذاء وصحة وملابس، وتسييرها الى الداخل السوري كما تشمل المراكز مستودعات وهي مؤهلة لاستضافة اجتماعات دولية ودبلوماسية.
و هناك مجموعة من الارشادات المتعلقة بتسهيل وتنظيم المساعدات الدولية للإغاثة والانتعاش الأولي على الصعيد المحلي في حالات الكوارث، حيث دعا المؤتمر الدولي الثامن والعشرون للصليب الاحمر والهلال الأحمر المنعقد سنة ٢٠٠٣ الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (الاتحاد الدولي) إلي دراسة القوانين القائمة في مجال الاستجابة الدولية للكوارث في الدراسات والمشاورات التي أجراها لاحقاً عن ثغرات في نطاق القانون الدولي القائم وتغطيته الجغرافية والإحاطة بالقوانين الدولية القائمة وتطبيقها وعلى الاخص مدى قدرة القانون المحلي على مواجهة مجموعة من المشكلات القانونية التي تبرز بشكل منتظم في عمليات الإغاثة الدولية الكبرى ومنها العقوبات الإدارية للدخول الى البلد المعنى والعمل فيه والثغرات في تأمين جودة الإغاثة الدولية و تنظيم أنشطة الانتعاش وتنسيقها ويرد وصف هذه الاكتشافات بالتفصيل في دراسة مكتبيه بعنوان “القانون والقضاء القانوني في ميدان الاستجابة الدولية للكوارث”[57]
ويقدم هذا الشرح نبذة عن تاريخ نصوص مسودة الارشادات ويلخص السوابق القانونية التي تستند اليها وقد أعد هذا الشرح لأغراض التوضيح فقط وليس مطروحاً لاعتماده رسميا ويرد نص الارشادات بالخط المائل في هذه الوثيقة بينما يرد الشرح بالخط الاعتيادي، و هذه الارشادات ليست معاهدة ولا يراد ان تكون ملزمة قانوناً وهي تسترشد بالقواعد والخبرات العملية الدولية القائمة وتهدف بالأحرى الي التعبير عن اجماع دولي على الخطوات التي يمكن ان تتخذها الدول لتحسين أطرها التنظيمية لضمان وصول المساعدات المناسبة بسرعه في حالة وجود حاجة الى المعونة الدولية دون ان تحل محل جهود الاغاثة والانتعاش المحلي ويرجع الى الدول نفسها خيار استعمال هذه الارشادات وكيفيه استعمالها.
وتستند هذه الارشادات الى عدد من الصكوك الدولية القائمة كما انها ايضا تستند الى جمهرة من المعاهدات والقرارات والمبادرات التوجيهية و مدونات السلوك القائمة التي اتفق عليها المجتمع الدولي و تم تجميع هذه الصكوك ووصفها في الدراسة المكتبية عن القانون الدولي لمواجهه الكوارث المشار اليها وتورد الفقرة التالية عدد من الأمثلة الرئيسية على هذه الصكوك، وتجدر الإشارة الى ان المؤتمر الدولي للصليب الاحمر والهلال الاحمر سبق ان اعتمد صكوك مماثلة في الماضي وتضم تلك الصكوك اجراءات ارسال اعدادات الإغاثة على وجه السرعة و التي اعتمدها المؤتمر الدولي و الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك اعلان مبادئ لتنظيم الإغاثة الإنسانية الدولية للسكان المدنيين في حالات الكوارث و مبادئ وقواعد الصليب الاحمر والهلال الاحمر للإغاثة في حالات الكوارث كما استلهمت هذه الارشادات من مبادرة اقليميه حديثة وضعتها الجمعيات الوطنية لدول البلقان وادت الى وضع مجموعه من القواعد والممارسات الموصي بها لتنظيم الإغاثة في حالات الكوارث سنه 2004.
والغرض من هذه الارشادات هو الاسهام في الاستعداد القانوني الوطني عن طريق توفير المشورة للدول التي يفهمها أن تحسن أطرها القانونية والتخطيطية والمؤسسية المحلية المتعلقة بالمساعدات الدولية للإغاثة والانتعاش الاولى في حالات الكوارث و بينما تؤكد هذه الارشادات على الدور الاساسي للسلطات و الجهات المحلية فإنها توصي في الوقت نفسه بمنح حد ادني من التسهيلات القانونية للدول و المنظمات الإنسانية التي تقدم مساعدتها والمستعدة للالتزام بحد ادني من معايير التنسيق والجودة والمسئولية والقادرة على القيام بذلك ، ويؤمل ان يؤدي استعمال هذه الارشادات الى تحسين جودة المساعدات الدولية للإغاثة والانتعاش الاولى في حالات الكوارث وفاعليتها لخدمة المجتمعات المحلية المتضررة من الكوارث بشكل افضل، ويعود السبب الجوهري لصياغة هذه الإرشادات الي ادراك حقيقه النمو الهائل لأوساط الإغاثة الدولية في حالات الكوارث من حيث عدد الجهات التي تعمل في هذا الميدان وتنوعها ولم يكن هناك قبل القرن الماضي سوي عدد محدود من الدول والمنظمات الإنسانية التي كانت تشارك بنظام في مواجهه الكوارث في حين يمكن ان يستجيب لكوارث اليوم مئات الجهات الدولية من دول ومنظمات انسانيه و شركات خاصه وافراد وينطوي هذا التغيير على جوانب ايجابيه عديده حيث انه يجلب طاقة وتمويلا واساليب عمل جديده لخدمه الاشخاص المتضررين ولكنه يخلق من الناحية التنظيمية تعقيدات اضافيه من حيث الطابع المهني والجودة واذا كان من الاسهل في الماضي حل المشكلات التنظيمية بصوره غير رسميه فان هذا الاسلوب في حل المشكلات اخذ يزداد يوماً بعد يوم لذا نجد اليوم في كل عمليه من عمليات الإغاثة عواقب بيروقراطية في بعض الحالات ونقص في المراقبة الفعالة في حالات أخري لذا تضع هذه الارشادات حد ادني من التسهيلات القانونية التي ينبغي من منحها للدول المساعدة و المنظمات الإنسانية المساعدة و لكنها في الوقت نفسه يجب ان تكون مرتبطة بضمان الالتزام بالمعايير المقبولة دوليا.
ولا يراد تطبيق هذه الارشادات في حالات النزاعات المسلحة او في حالات الكوارث التي تحدث اثناء النزاعات المسلحة و ليس الغرض منها اجراء تغييرات في اي من القواعد التي تحكم الإغاثة في مثل هذه الظروف كما ليس الغرض منها التوصية بإدخال اي تغيير او التأثير في معنى او في تطبيق القانون الدولي او الاتفاقيات الدولية القائمة ومنها على سبيل المثال وليس الحصر[58]:
- القانون الدولي الانساني وقانون حقوق الانسان وقانون اللاجئين
- الشخصية القانونية و المركز القانوني للدول والمنظمات الدولية الحكومية والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر و اللجنة الدولية للصليب الاحمر
- القانون الدولي الخاص بالامتيازات والحصانات
- النظام الداخلي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر ولوائحها والاتفاقيات القانونية القائمة بين مكونات الحركة.
- الاتفاقيات القائمة بين الدول أو بين الدول والجهات المساعدة.
ولقد وضعت هذه الارشادات من أجل حالات الكوارث وليس النزاعات المسلحة وهي تميز بين الإثنين لعدة أسباب وهي:
السبب الأول: هو ان القانون الدولي الانساني نص على عدد اكبر وأوضح من الحقوق والواجبات المتعلقة بالمساعدة الإنسانية الدولية بالمقارنة مع تلك الواردة في الصكوك القائمة في مجال تقديم مساعدات الإغاثة في حالات الكوارث كما انها تربط بشكل مباشر وواضح وغير مشروط تقريبا خلافا للقوانين الدولية الاخرى بين الاشخاص المحتاجين والجهات الإنسانية الدولية وبقدر ما ينبغي ان يشمل القانون الدولي الانساني الإغاثة في حالات الكوارث التي تقع في سياق نزاع مسلح فلا لزوم لأن تتناول هذه الارشادات مثل هذه الظروف
السبب الثاني: هو أن ظروف الكوارث تختلف سياسياً وتشغيليا عن ظروف النزاعات المسلحة فظروف النزاعات تعد بحكم طبيعتها أكثر حساسية من الناحية السياسية بالمقارنة مع حالات الكوارث الطبيعية البحتة، وإن رفض السماح بدخول الإغاثة الإنسانية هو من الأمور الشائعة للأسف وعلى العكس من ذلك يعد اضطلاع الجهات المحلية بالدور الرئيسي في مواجهة الكوارث و تنسيق وتنظيم الإغاثة الدولية من الامور المقبولة وعادة ما تطلب الدولة المتضررة نفسها المعونة الدولية عندما تحتاج اليها، فعلى الرغم من ضرورة حصول الاشخاص المتضررين على مساعدات الإغاثة والانتعاش أيا كان نوع الأزمة التي خلقت الحاجه هناك اساس عملي للتمييز في طريقة تنظيم الإغاثة الخارجية بين النزاعات والكوارث[59]
ولا تتعارض هذه الارشادات مع القانون الدولي الانساني، كما لا تسعي إلي منافسة أي قانون دولي أو اتفاقيات دولية قائمة، ويشمل ذلك كلا من القانون العالمي والإقليمي (مثل قواعد ولوائح الاتحاد الأوروبي). فلا تتناول هذه الارشادات بالتحديد حقوق الأشخاص المتضررين مباشرة حيث أن طبيعة هذه الحقوق تقنية في المقام الأول، بل أنها وضعت لمعالجة مجموعة متميزة من المشكلات التنظيمية الشائعة في العمليات الدولية وبالتالي فإن قانون حقوق الانسان والقانون الإنساني وقانون اللاجئين تمثل جميعها مصادر إضافية مهمة للدول التي تقوم بصياغة قوانين وسياسات للتأهب للإغاثة والانتعاش في حالات الكوارث.
يضاف إلى ذلك أن العديد من التسهيلات القانونية المنصوص عليها هي تسهيلات ينبغي أن تكون مضمونة أصلاً للموظفين الدبلوماسيين والقنصليين، ولمسؤولي المنظمات الدولية الحكومية والعناصر الدولية لحركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر بحكم القانون الدولي، فيضمن كلا من القانون الوضعي والقانون العرفي، علي سبيل المثال، تمتع المنظمات الدولية بشخصية قانونية محلية تتيح لها الاضطلاع ببعض الإجراءات القانونية كإبرام عقود ورفع دعاوي قانونية وبالمثل، يمنح قانون الامتيازات والحصانات للمستفيدين منه حقوقاً فيما يتعلق بالتأشيرات والجمارك والضرائب والأمن، ولا تنطبق الامتيازات والحصانات عادة على أفراد الإغاثة والانتعاش الأولي التابعين لحكومات أجنبية، غير أن العديد من المعاهدات الثنائية وغيرها من الاتفاقيات تمنحهم تلك الحصانات بالتحديد للاضطلاع بأنشطة الإغاثة في حالات الكوارث.
وكما ذكرنا أعلاه، تملك الحركة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر عدداً من الاتفاقيات والممارسات واللوائح التي وافقت الدول على بعضها باعتمادها في المؤتمر الدولي ، ولا تقيد هذه الارشادات او تعدل أيا من هذه القواعد واللوائح او الحقوق والالتزامات الناشئة عنها وأخيراً، عقدت دول عديدة اتفاقات مع جهات دولية حكومية وجهات غير حكومية محددة بعض الحقوق والمسؤوليات المطبقة في الإغاثة والانتعاش الأولي في حالات الكوارث ولا ينبغي اعتبار هذه الاتفاقيات ملغاة أو معدلة لمجرد اعتماد هذه الارشادات.
المبحث الثاني – نماذج للتدخل الدولي الإنساني )غزة، البوسنة والهرسك، الصومال، كوسوفو)
اولا: التدخل الإنساني في غزة
بالنظر إلى الأزمة الإنسانية في فلسطين نجد أنها الأسوأ من بين كل الأزمات الإنسانية، والتي تم إعمال مبدأ التدخل الإنساني بها، ومع ذلك فإن إسرائيل ضربت بكل قرارات الشرعية الدولية عرض الحائط.
وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى كنموذج للتدخل الإنساني في غزة[60]
هي منظمة دولية، يطلق عليها الأونروا، أنشأت عام 1949، وبدأت عملها 1950، لتعمل كوكالة متخصصة، على أن تجدد ولايتها كل خمس سنوات لحين إيجاد حل للقضية الفلسطينية.
ومهمتها؛ المساهمة في التنمية البشرية للاجئين الفلسطينيين وقطاع غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان والأردن، من خلال تقديمها لمجموعة من الخدمات الأساسية مثل التعليم والإسكان وتمويل المشروعات الصغيرة.
ميزانيتها ومصادر تمويلها:
تعتمد في ميزانيتها على التبرعات السنوية من الدول المساهمة، أبرزها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان والأمم المتحدة، وبلغت ميزانية الأمم المتحدة حتى عام 2012م (750 مليون دولار أمريكي تقريبا)، يتم انفاق حوالي 50% منها على برنامج التعليم وحده.
- العدوان على غزة (ديسمبر 2008)
شنت إسرائيل هجوما بحريا وجويا على قطاع غزة سمي بعملية ” الرصاص المصبوب “، أعقبه هجوما بريا في 3 يناير 2009، واستمرت العملية لمدة 12 يوما، حتى وقف إطلاق النار في إطار تهدئة دامت ستة أشهر برعاية مصرية.[61]
واستهدفت العملية المبانى السكنية ودور العلم والمساجد ومؤسسات الدولة، كما استهدفت مركز وكالة الأونروا نفسها، فضلا عن حملة اعتقالات بلغت حوالي 1617 من قيادات الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى هدم المباني والإخلاء القسري للمنازل وإقامة جدار عازل خروجا عن خط التهدئة 1949، كما أعلنت إسرائيل وقف الإمدادات الغذائية والطبية للمدنيين، الأمر الذي بات معه القطاع في كارثة إنسانية. وهو ما يؤكده تقرير القاضي ريتشارد جولدستون، الذي احتوى ما يجب أن يقوم به مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة مرتكبي جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني.[62]
- دور الأونروا [63]
عملت الوكالة جاهدة لمساعدة مستشفيات القطاع على التعامل مع الضغط الكبير الناجم عن تدفق المصابين والجرحى نتيجة العمليات الإسرائيلية والقصف المتواصل، وقد أوقفت المنظمة العملية التعليمية في القطاع بعد مقتل ثمانية طلاب استهدفهم صاروخ إسرائيلي لدى مغادرتهم للمدرسة، بناءا على تصريحات الناطق باسم وكالة الأونروا في غزة عدنان أبو حسنة.
أعادت المنظمة فتح مراكز توزيع المساعدات التى تم إغلاقها سابقا في مناطق مثل حي الزيتون وبيت حانون، كما قررت جميع المراكز الصحية استئناف عملها داخل قطاع غزة، كما تتولى تقييم الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة، مثل إعادة التلاميذ لمدارسهم، فضلا عن التجاء حوالي 18035 من سكان القطاع في مراكز تابعة للأونروا، وهو ما أكده جون كينج مدير عمليات وكالة الأونروا في غزة.
كما أصدرت الوكالة نداءا عاجلا للحصول على مساعدات بقيمة 35 مليون دولار أمريكي، لتمويل الاحتياجات الطارئة في القطاع، وتوفير الحاجات الأساسية لنحو 94 ألف فلسطيني من سكان القطاع الأكثر فقرا، بالإضافة إلى توفير المعدات الطبية الضرورية، والمساعدات الغذائية التي علقت الوكالة توزيعها في وقت سابق، بعد نفاذ الاحتياطي من الدقيق والمواد الأساسية الأخرى.
وأكدت الناطقة باسم وكالة الأونروا في جنيف، أن الأونروا لن تغادر قطاع غزة حتى بعد تعليق عملياتها بسبب الأوضاع الأمنية، كما أن عددا من مراكز التوزيع مازالت مفتوحة لتقديم المساعدات، إلا أنها علقت العمليات المتعلقة بحركة السيارات والشاحنات من نقاط العبور إلى غزة وأنحاء القطاع.
كما صدر تقريرا من مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وأكد التقرير على أن الأونروا فتحت أربعة مراكز جديدة لإيواء النازحين في مدينة غزة وجباليا ودير البلح، وبذلك يرتفع عدد المراكز إلى 31 مركز، وتؤمن هذه المراكز لأكثر من 25 ألف شخص.
كما أظهر التقرير أن القصف الإسرائيلي استهدف المقر الرئيس للأونروا في غزة وثلاث مستشفيات، وكان يتواجد نحو 700 مواطن في مبنى الأونروا أثناء القصف، وتم إخلاؤهم لاحقا، كما طال القصف مستشفى الوفاء شرق غزة ومستشفى الفتاة والقدس، وتم إجلاء المواطنين إلى أحد ملاجئ الأونروا بعد تعرض المستشفى للقصف.
- العدوان على غزة ( نوفمبر 2012)[64]
بدأ العدوان باغتيال القيادي أحمد الجعبري، متبوعة بقصف عنيف بري وبحري وجوي في عملية تسمى “عامود السحاب”، بينما أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية “حجارة السجيل”.
حاولت إسرائيل تبرير العدوان بأنه إعمال لحق الدفاع الشرعي عن النفس ضد من يريد محو إسرائيل، وهو ما عبر عنه نتنياهو في خطابه الأول عقب العملية العسكرية، لكن الهدف الأساسي كان إضعاف المقاومة الفلسطينية.
استهدفت إسرائيل في هذه الحرب منازل المواطنين العزل والبنوك والمحلات التجارية والأراضي الزراعية… إلخ، حتى تم التوصل لوقف إطلاق النار في 21 نوفمبر 2012، لكن دون اتخاذ أية تدابير من قبل الطرفين للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان.
- دور الاونروا
قامت بجمع تبرعات للضحايا كالآتي:[65]
- قدمت المملكة العربية السعودية تبرعا قيمته 5.5 مليون دولار لتمويل إسكان للاجئين في رفح في قطاع غزة، وقد سبق وأن تعهد الصندوق بتقديم 91،5 مليون دولار لهذا المشروع.
- كما قدم الصندوق السعودي للتنمية دعما لبرامج الأونروا الصحية والتعليمية في غزة والضفة العربية قيمتها 10 ملايين دولار، وتبرع آخر بقيمة 2 مليون دولار، كذلك التبرع للمشاريع الإنشائية التابعة للأونروا.
- كما تبرعت حملة خادم الحرمين الشريفين لإغاثة قطاع غزة بخمسة ملايين دولار لتأمين الاحتياجات الغذائية الأساسية لأشد اللاجئين فقرا.
- كذلك وقع البنك الإسلامي للتنمية اتفاقية بقيمة 1.3 مليون دولار لدعم فرص تشغيل الخريجين الشباب من قطاع غزة من خلال الأونروا.
- كما زادت تركيا من برنامج مساهماتها في برامج الأونروا الأساسية أي 1.25 مليون دولار في مجالي التعليم والصحة، كما قدمت منحا جامعية للطلبة الفلسطينيين استجابة لدعوة الأونروا من قبل.
- انتشرت أنفاق التهريب على الحدود بين مصر وقطاع غزة لتخفيف أثر الحصار على القطاع خاصة بعد حرب 2008 و 2012، حيث كانت تأتي مواد البناء من هذه الأنفاق، لإعادة بناء ما تم تدميره في العمليات العسكرية، وهي مهمة الأونروا.[66]
ثانيا: التدخل الإنساني في البوسنة والهرسك[67]
بعد إعلان نتيجة استفتاء لصالح استقلال البوسنة والهرسك عن يوغسلافيا عام 1992، اندلعت حرب أهلية بين مسلمي البوسنة والهرسك والصرب والكروات، حيث انتهز الصرب فرصة امتلاكه للسلاح وحظر السلاح على مسلمي البوسنة والهرسك لشن حرب والقيام بحملة تطهير عرقي ضد المسلمين، وذلك لإخلاء المدن البوسنية من سكانها من غير الصرب، سواء من خلال القتل الجماعي أو الترحيل القسري، وهو ما وصفته التقارير الدولية بأنه أفظع انتهاكات لحقوق الإنسان منذ الممارسات النازية في الحرب العالمية النازية.
بعد ذلك أصدر مجلس الأمن قراره رقم 749 في 7 أبريل 1992 بوقف إطلاق النار، وإدانة استخدام القوة في البوسنة والهرسك، وإرسال قوات لحفظ السلام في يوغسلافيا.
إن النزاع المأسوي الذي حدث في المنطقة بين عامي 1992 و 1995 والذي يعرفه دستور البوسنة والهرسك بأنه حرب مدمرة، أثر بصورة كبيرة على الصورة الديمقراطية للبوسنة والهرسك، فقد قتل قرابة 250000 شخص، بينما تم الإبلاغ رسميا عن فقدان قرابة 17000 شخص، ومنذ بداية الحرب وحتى التوقيع على اتفاقية دايتون للسلام، رحل قرابة 2.2 مليون شخص -أكثر من 50% من سكان ما قبل الحرب- من منازلهم، ومن هذا العدد التمس قرابة 1.2 مليون شخص الحماية من أكثر من 100 دولة في جميع أنحاء العالم، بينما تشرد في تلك الفترة قرابة مليون شخص داخل البوسنة والهرسك، وقد قدمت صربيا وألمانيا وكرواتيا اللجوء لقرابة 80% من اللاجئين من البوسنة والهرسك.
عمليات الإغاثة الإنسانية في البوسنة والهرسك[68]
قدمت المفوضية المساعدات الإنسانية لضحايا النزاع في يوغسلافيا، من خلال الاستجابة الشاملة للأزمات الإنسانية، هذه الاستجابة شكلت الأساس للعمل الدولي المتصل باللاجئين والمشردين من المنطقة، وحدت بالبلدان في المنطقة إلى إنشاء نظم حماية مؤقتة.
في البوسنة والهرسك؛ قامت المفوضية لأول مرة في تاريخها بتنظيم حركة إغاثة وسط حرب دائرة لمساعدة اللاجئين المشردين داخليا وغيرهم من السكان المتضررين من جراء الحرب، وأثناء الحرب قامت المفوضية بتسليم ما يزيد عن 80% من إمدادات الإغاثة الطارئة التي وزعت على المدنيين، وتطلب هذا الأمر تعاونا وثيقا مع سائر وكالات الأمم المتحدة، مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، فضلا عن عدد كبير من المنظمات الغير حكومية الدولية والمحلية التي كانت تعمل تحت مظلة المفوضية.
وقد شدد اتفاق دايتون المبرم نهاية عام 1995 عل حق اللاجئين والمشردين في العودة إلى ديارهم، ودعا المفوضية إلى وضع خطة لإعادتهم إلى أوطانهم، ومع ذلك لم يوفر ما يلزم لتنفيذ مثل هذه الخطة، وبرغم الجهود المضنية لتيسير العودة بقى مئات الآلاف مشردين، ولم يتم حتى الآن التصدي للنتائج التي أسفر عنها التطهير العرقي وما يلازمه من الدوافع السياسية.
اقترح الأمين العام للأمم المتحدة بطرس غالي إلقاء قضية البوسنة والهرسك على عاتق المجموعة الأوروبية، وإبعادها عن الأمم المتحدة بهدف:[69]
- إبعاد قضية البوسنة والهرسك عن المجال الذي تستطيع فيه الدول العربية التأثير وهو مجلس الأمن والأمم المتحدة.
- إعطاء الوقت الكافي للصرب والكروات لتحقيق أهداف المجموعة الأوروبية على حساب المسلمين
- القدرة على التحكم في الأطراف المتصارعة
- تستطيع المجموعة الأوروبية إعلان دعمها وتعاطفها مع المسلمين في البوسنة والهرسك، بينما ترك للصرب والكروات تنفيذ ما يتطلب منهم تنفيذه، أي توظيف للمساعدات الإنسانية.
ثالثا: التدخل الانساني في الصومال
عرف الصومال بداية من الثمانينات اوضاع اقتصادية سيئة حيث فرضت عليه سياسة تقشفية لإرغامه علي تسيير القروض وزيادة علي ذلك كان للظروف الطبيعية الصعبة التي اصابت الصومال وسببت المجاعة القوية سببا مباشرا في تدهور الاوضاع التي خلقت ٣٠٠الف قتيل الامر الذي ادي الي افراز حالة اجتماعية متردية ادت عام ١٩٦١الي انفجار حرب اهلية عنيفة كان لها صدي كبير في المجتمع الدولي حيث هرب الرئيس الصومالي محمد زياد بري من العاصمة مقديشيو واصبح هناك فراغ في السلطة وانقسمت البلدان الي اثني عشر منطقة نفوذ ادت الي نشأة هذه الحرب الاهلية وبالرغم من انعقاد مؤتمر المصالحة في جيبوتي عام ١٩٩١بين الاطراف المتصارعة في الصومال واختيار السيد عمر غالب رئيسا للوزراء بالوكالة الا ان الصراع استمر في التصاعد الي ان وصل الي حرب اهلية فعلية.[70]
ومنذ ذلك الوقت والصومال تعيش في حالة ازمة مستمرة اذ قدر التقرير الصادر عن المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية ان عدد القتلى الصوماليين بلغ منذ اندلاع الحرب الاهلية عام ١٩٩١وحتي ١٩٩٤نحو ٧٥الف قتيل وكشف عن هذا التناحر ما يزيد عن اكثر من ١٤فصلا صومالي وقد ترتب علي ذلك انتشار اعمال التخريب والتعدي والقتل والترحيل القسري لأعداد هائلة من الصوماليين هروبا من هذا الصراع الدامي كما تعرض ما يقارب من ٥ملايين نسمة للمجاعة والامراض الوبائية وقد ادي هذا الوضع الي حركة كبيرة من اللاجئين الي خارج الحدود قدرت بنحو ٤٥٠الف صومالي والي نزوح ٢٥٠الف داخل البلاد مما عد كارثة انسانية بكل المقاييس.[71]
موقف منظمة الامم المتحدة من الازمة الصومالية:-
نتيجة لتدهور الاحوال كما سبقت الاشارة ارسل السيد عمر غالب رسالة الي مجلس الامن طلب منه عقد اجتماع عاجل لدراسة الحالة في الصومال وبموجبه قامت الامم المتحدة باتخاذ التدابير علي الفور حيث اصدر قرار رقم ٧٣٣لعام ١٩٩٢يطلب فيه الامين العام للأمم المتحدة بزيادة المساعدات الانسانية التي تقدمها الامم المتحدة ووكالاتها المتخصصة الي السكان المتضررين في جميع انحاء الصومال ونظرا لعرقلة وصول هذه المساعدات لآلاف من المتضررين في كافة انحاء الصومال من قبل الاطراف المتصارعة والذي ادي بدوره الي تدهور الاوضاع الانسانية اكثر بالمنطقة علي نحو اصبح يهدد السلم والامن العام لم يجد مجلس الامن بدا من اصدار سلسلة م القرارات اعمالا للفصل السابع من الميثاق اهمها:[72]
- قرار رقم ٧٥١لعام ١٩٩٢ الذي اقر بإنشاء قوات تابعة للأمم المتحدة اسندت لها مهمة ضمان امن المنظمات الانسانية وذلك لمراقبة وقف اطلاق النار في مقديشيو وحراسة مواد الاغاثة الانسانية وذلك لضمان وصولها الي المناطق الصومالية المتضررة.
- ثم عاد مجلس الامن واصدر القرار رقم ٧٧٥ الصادر لعام ١٩٩٢ الذي يقضي بزيادة عدد المراقبين العسكريين وتكوين اربع مناطق للتدخل الدولي وهي المناطق التي اعتبرت الاكثر تضررا من الحرب والمجاعة كما يأذن بزيادة افراد قوة الامم المتحدة لضمان اتمام مهمتها في ميناء مقديشيو وبدأت قوات الامم المتحدة بالفعل والمتكونة من ٥٠٠جندي من القبعات الزرق في القيام بمهامها.
- اصدر مجلس الامن اهم قراراته رقم ٧٩٤ لعام ١٩٩٢بحيث مهد لأول عملية تدخل تشكل القوات الامريكية عمودها الفقري وذلك بناءا علي اقتراح الولايات المتحدة لإرسال ٣الاف جندي الي الصومال وقيادة تحالف من قوات عدة دول في عملية عسكرية ضخمة وقد سمح مجلس الامن في هذا القرار باستخدام كافة الوسائل الكفيلة بتهيئة بيئة امنية لعمليات الاغاثة الانسانية في الصومال وفي اسرع وقت ممكن ولم يكتف بذلك فحسب بل دعا جميع الدول الاعضاء التي يسمح وضعها بتقديم قوات عسكرية والمساهمة بتبرعات اضافية نقدا او عينا علي وجه السرعة كما طلب المجلس من الامين العام انشاء صندوق يمكن من خلاله حيثما يكون ذلك ملائما توجيه التبرعات الي الدول او العمليات المعنية.
وقد شكل هذا القرار منعطفا تاريخيا في تطور القانون الدولي لكونه المرة الاولي التي يلجا فيها مجلس الامن الي استخدام القوة لضمان توزيع المساعدات الانسانية كما انه بدا في الافاق ان نموذج التدخل الانساني في الصومال يمثل نموذجا فريدا من نوعه حيث كان المرة الاولي التي يتم فيها تدخل لحماية شعب من نفسه.[73]
نتائج التدخل الدولي الانساني في الصومال:-
ادي التدخل الدولي الانساني في الصومال الي تفاقم اكبر للازمة بدلا من حلها ويعود ذلك الي ان المجلس قد تدخل في وقت متأخر من اندلاع الحرب الاهلية كما ان حجم القوة الدولية لم يكن مناسبا للوضع المتردي هناك، الامر الذي جعل من حالة الصومال تزداد سوءا وبدلا من ان تتجه القوات الامريكية لتحقيق الاهداف المنصوص عليها في القرار رقم ٧٩٤لعام ١٩٩٢ الخاص بعمليات توزيع مواد الاغاثة والتوصل الي مصالحة وطنية وتسوية سياسية في الصومال قامت بإرسال فرقة من القوات الخاصة لمطاردة احد قادة الصراع في الصومال وهو الجنرال محمد فرح عيديد المتهم بقتل الجند الباكستانيين التابعين للقوات الدولية في الصومال تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية.[74]
كما ان الولايات المتحدة لم تكن حيادية في تنفيذ خطة نزع السلاح من الفصائل الصومالية حيث تركت بعض الاسلحة الثقيلة لدي فصائل معينة من ابرزها تلك التابعة للرئيس المؤقت علي مهدي بغية تقويته ليكون رئيسا للصومال كونه يتمتع بشرعية نسبيه فضلا عن تفهمه لطبيعة المصالح الامريكية في الصومال ومنطقة القرن الافريقي.[75]
وبالتالي نلاحظ ان سبب فشل التدخل الدولي الانساني في الصومال في تحقيق اهدافه المعلنة وهي اعادة السلام والتخلص من المجاعات هو عدم وضع الاساس القانوني للتدخل الانساني وتحيز وانتقائية الامم المتحدة في تنفيذها للقرارات وتغلب العوامل السياسية علي الانسانية في اتخاذ القرار فكان الدافع السياسي هو المحرك وليس الانساني علي الاطلاق.
رابعا: التدخل الانساني في كوسوفو
عرف الاتحاد اليوغسلافي سابقا نوعين من التدخل الانساني بعد الاوضاع المأسوية التي شهدتها المناطق في كلا من البوسنة وكوسوفو خلال السنتين ١٩٩١و ١٩٩٨وسوف يتم التطرق في هذا المبحث لتوضيح احداث كوسوفو حيث تم توضيح ما حدث في البوسنة في المبحث السابق.
احداث كوسوفو:
منذ تكوين الاتحاد اليوغسلافي عام ١٩٤٧بدا سكان منطقة كوسوفو يطالبون بالحكم الذاتي لهم حتي عام ١٩٧٤وفي عام ١٩٨٩قام الرئيس ميلوسوفيتش بإلغاء الحكم الذاتي لمنطقة كوسوفو وفي مارس لعام ١٩٩٠اعلنت حالة الطوارئ في المنطقة نتيجة لهذه الاجراءات التي اتخذها الرئيس ميلوسوفيتش حيث بدا الالبان في كوسوفو يعملون في سرية من اجل تكوين جمهورية مستقلة حيث قاموا في ١٦ اكتوبر لعام ١٩٩١ بتشكيل حكومة وطالبوا في مارس من نفس العام بالاستقلال وبعدها تأزمت الامور اكثر واصبحت الاوضاع لا تحتمل بعد المشدات العنيفة التي وقعت بين الالبان والصرب والتي ادت الي تدخل قوات الامن الصربية لصالح الاقلية الصربية.[76]
وفي ٢٣سبتمبر تحرك المجتمع الدولي تجاه ما يجري في كوسوفو بعدما وقع من خرق للمبادئ الانسانية وكذلك حصائل القتلى والجرحى وكذلك الاسري التي كانت لا تعد ولا تحصي وامام هول ما وقع في عمليات السطو والهجومات المتكررة بين الطوائف والاقليات الصربية والالبان قامت اللجان الدولية الانسانية بإعداد التقارير عن استعجال الوضع ومدي خطورته تحسبا لتفاقم الاوضاع اكثر مما وصلت ايه الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كوسوفو وعليه تم ايصال التقارير لهيئة الامم المتحدة ومجلس الامن وتم دراسة الوضع واعداد قرار اخر من مجلس الامن وهو القرار رقم ١١٦٠والذي من خلاله فرض بموجبه الحصار علي بيع الاسلحة للاتحاد اليوغسلافي وطولب بوقف اطلاق النار الفوري في المنطقة وايجاد تسوية سلمية للنزاع غير ان الوضع ازداد حدة نظرا لعدم احترام القرارات من طرف القوات العربية فازدادت المواجهات حدة وتدهورت الوضعية الانسانية في المنطقة ونتج عن هذا الوضع نزوح الكثير من اللاجئين الالبان الي الدول المجاورة مما اثر علي الحالة في كوسوفو وعليه اعلن مجلس الامن في سبتمبر لعام ١٩٩٨قرار رقم ١١٩٩صرح فيه عن حالة الخطر الكبير الذي يهدد الامن والسلم الدوليين.[77]
وعلي اثر ذلك قام حلف شمال الاطلسي بمحاولة اخيرة لوقف هذا الوضع في كوسوفو عن طريق ابرام اتفاق مع بلغراد عام ١٩٩٩لايجاد حل سياسي لازمة كوسوفو ومع رفض بلغراد التوقيع علي الاتفاق سنت القوات المسلحة لحلف شمال الاطلسي عام ١٩٩٩عمليات عسكرية ضد مواقع الصرب في كوسوفو ووسعت عملياتها ضد كامل الاراضي اليوغسلافية بدون موافقة مجلس الامن وبررت ذلك بانها تعمل علي حماية حقوق الانسان في المنطقة وايقاف الانتهاكات المتواصلة ضد الانسانية والتي لم تنجح فيها السبل السلمية وايضا لوضع حد لما اسماه حلف الناتو التلاعب والعبث بالقرارات الاممية ومجلس الامن وكذا عدم احترام قواعد ومبادئ القانون الدولي الانساني.[78]
وعليه قام الاتحاد اليوغسلافي برفع شكوي ضد حلف الناتو امام محكمة العدل الدولية لعدم وجود حق لحلف الناتو لاستخدام القوة العسكرية او التهديد باستخدامها ضد اي دولة ذات سيادة الا في حالة الهجوم علي احدي الدول الاعضاء فيه، وردت المحكمة الدعوي باعتبار ان عرض النزاع امامها يجب ان يحظى بتوافق الطرفين المتخاصمين ولكنها بنفس الوقت عبرت عن عميق قلقها بشان المأساة الانسانية والخسارة في الارواح والمعاناة الكبيرة في كوسوفو والتي تعتبر الخلفية الاساسية للنزاع.[79]
وباختصار فان العمليات العسكرية التي قام بها حلف الناتو ضد يوغسلافيا تجسد الخلل الذي يتميز به التنظيم القانوني الدولي بالوقت الراهن وذلك من خلال فرض سياسات انفرادية علي المجتمع الدولي من خلال ادارات وتنظيمات خارج التنظيم الدولي واعتبار تلك التنظيمات بديلة للأمم المتحدة في الحالات التي تتوقع فيها قوي الهيمنة وعلي راسها الولايات المتحدة معارضة شديدة من الامم المتحدة لتلك السياسات الانفرادية كما حدث في عدوان حلف شمال الاطلسي علي جمهورية يوغسلافيا الاتحادية كما سبق الذكر.[80]
وقد عبرت غالبية الدول الاعضاء في الامم المتحدة عن رفضها لهذه الاعمال الانفرادية بشكل مستمر وثابت واكدت محكمة العدل الدولية علي معارضتها لاستعمال القوة خارج اطار ميثاق الامم المتحدة وتأكيدها علي وجوب التزام الدول بالقانون الدولي.
المبحث الثالث – تحديات التدخل الدولي الانساني
اولا: التدخل الدولي الإنساني بين المبررات الإنسانية والأهداف السياسية :
- ازدواجية المعايير في معالجة قضايا حقوق الإنسان :
اتضح من خلال الدور المهم الذي قام به مجلس الأمن في مجال التدخل لحماية حقوق الإنسان في مرحلة الأحادية القطبية في إطار الشرعية الدولية ان بعض هذه التصرفات صاحبها توجيه العديد من الانتقادات والتي تتمثل في : الانتقائية بدلا من العمومية ، المصالح الذاتية للدول بدلا من الموضوعية والازدواجية في تحديد أولويات التدخل الدولي الإنساني بغرض الحماية، حيث نجد أن معظم قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالتدخل الدولي الإنساني كانت عرضة للنقد لكونها قرارات انتقائية ، كما أن تطبيق أحكام الفصل السابع من الميثاق لمواجهة حالات معينة علي حساب حالات اخري تتمثل في درجة الخطورة والتأثير علي السلم والأمن الدوليين نظرا لاختلاف تعامله معها ففي الوقت الذي يعبر فيه عن قلقه تجاه الخروقات التي تنتاب حقوق الإنسان في الصومال بشكل مبالغ فيه إلي حد اعتباره مخل للسلم والأمن الدوليين نجده علي العكس من ذلك في انتهاكات حقوق الإنسان في الشيشان من طرف روسيا في عام ١٩٩٦ التي يلتزم فيها الصمت وتجاهله حق الشعب في الشيشاني في تقرير مصيره وسكوته عن حملة الإبادة التي قام بها الجيش الروسي عام ١٩٩٩ والتي هلك فيها عشرات الآلاف من المدنيين.[81]
وقد[82] أدي التغير الذي حدث لموازيين القوي الدولية نتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي إلي تغيير جوهري في أسلوب تعامل مجلس الأمن مع الازمات الدولية مما نتج عنه تطبيق مزدوج للفصل السابع ، ففي عدة مناسبات كان تعامل مجلس الأمن مزدوج في حل القضية الفلسطينية وظل مجلس الأمن صامتا عن التجاوزات الإسرائيلية والانتهاكات المستمرة للشعب الفلسطيني وفي حق بعض الدول العربية المجاورة كجنوب لبنان ، ونتيجة لهذه المعايير المزدوجة كان موقف بعض الوفود في الجمعية الوطنية من دول الجنوب ملئ بالتخوف وذلك لأن التدخل الدولي علي اساس إنساني سوف ينطوي على المساس بالسيادة الوطنية للدول ، وعلي الرغم من هذا التطور الحادث في ميدان حقوق الإنسان في الفترة الأخيرة فقد طغي الجانب السياسي في التدخل علي الجانب الإنساني في جانبه التطبيقي.
- الانحراف عن البعد الإنساني للتدخل:
فليس هناك شك أن الواقع العملي علي الساحة الدولية يؤكد أن عمليات التدخل الدولي الإنساني من جانب الامم المتحدة لم تحقق النجاح المنشود طوال الوقت ،فالتدخل الدولي الذي رفع من راية حماية حقوق الإنسان قد اضر بها من الناحية العملية أشد الضرر ، وتعتبر الأضرار الناتجة عن التدخل الإنساني باستخدام القوة من جانب الامم المتحدة أكبر بكثير من حجم الفوائد ان يمكنها أن يحققها هذا التدخل بالإضافة إلى أنه قد يتم إساءة استخدام هذا التدخل تحت شعار الدفاع عن حقوق الإنسان وحماية الإنسانية لتحقيق أهداف اخري بعيدة كل البعد عن الأهداف الإنسانية المنشودة ، ولا شك أن عمليات التدخل الدولي الإنساني والدفاع عن الشرعية الدولية مثلت للأمم المتحدة فرصة نادرة لترسيخ النظام الدولي الجديد التأكيد قدرتها علي حماية حقوق الإنسان والدفاع عن الإنسانية[83] .
- سيطرة الدول الكبرى علي عمليات التدخل:
تعتبر سيطرة الدول الكبرى علي عمليات التدخل الدولي الإنساني لها اثر بالغ الخطورة ، حيث أن تجربة التدخل الإنساني في العراق لا يمكن فصلها عن تبعات حرب الخليج الثانية حيث تفضيل الاعتبارات السياسية علي الاعتبارات الإنسانية في هذا التدخل العسكري الذي اعتبر وسيلة للضغط علي النظام السياسي في العراق ،وذلك لأن التدخل لم يتم من جانب الأمم المتحدة فقط بل تم أيضا من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، وكان لكل دولة من هذه الدول مصالح قومية تسعي لتحقيقها والدليل علي ذلك منطقة الحظر الجوي في ال منطقة الجنوبية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا منفردتين دون تفويض من الأمم المتحدة والذي اعتبر أنه مساسا بسيادة العراق وخرقت بمبدأ عدم التدخل من الناحية الأخري، ولقد كان للتدخل الدولي الإنساني في الصومال تدخل عسكري أمريكي تحت مظلة الامم المتحدة لاكتساب الشرعية الدولية وأصبح من الضروري علي الأمم المتحدة بعد الانسحاب الأمريكي ان ترث الموقف المعقد في الصومال بفعل الأخطاء الأمريكية في التعامل مع الفصائل الصومالية ، وانعكس هذا الصراع علي توجهات وأهداف العملية نفسها والتي اتسمت في كثير من مراحلها بالإضراب وعدم وضوح أهدافها التي تراوحت بين الإغاثة وبين تأمين وصول المساعدات الإنسانية في بعض الأحيان، وبين استخدام الحل العسكري لمواجهة الفصائل الصومالية ونزع سلاحها أحيانا اخري .
ومن الملاحظ أن ممارسات القوات الدولية لم تخل من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وفقا للمعايير الدولية عندما تورطت في أعمال القتل واعتقال الصوماليين، وبررت الامم المتحدة هذه الأعمال بأنها لم تكن مقصودة لأن هدفها كان ” عيديد ” وجماعته ، وقد كان استخدام القوة من جانب القوات الدولية غير منضبط ويفتقر إلي التقدير الدقيق للمسئولية ويعكس تحيزات واضحة بين بعض الأطراف المعنيين علي حساب البعض الآخر وهو ما قاد إلي التشكيك في قدرات مجلس الأمن الذي تجاوز نصوص الميثاق وخصوصا ما تضمنه الفصل السابع عند تفويضه الولايات المتحدة الأمريكية مهمة القيام بأعمال الامم المتحدة وعدم تدخله فيما بعد لتصحيح المخالفات الجسمية لحقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات الأمريكية والدولية التي تدخلت اصلا لحمايتها[84] .
وبناءا على ذلك أصبح القانون الدولي المعاصر لا يفضل فكرة التدخل الدولي الإنساني لأنها تعد في الواقع محاولة لخلق الاتجاه الاستعماري القديم الذي يبيح التدخل الدولي لعوامل إنسانية في الظاهر ولكن الهدف الحقيقي منها هو فرض السيطرة الاستعمارية علي دول افريقيا التي لم يكن يسمح لها بالاستفادة من مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول ، وأيضا أن حق التدخل لا يأخذ شكل التحولات الجذرية التي عرفها القانون الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وخاصة تصفية الاستعمار وانتهاء العمل بتقسيم الدول الغربية[85] .
ولتجنب[86]مخاطر التدخل الدولي الإنساني في التعسف والانتقائية والتسبب بأضرار خطيرة لحقوق الإنسان في ظل طبيعة مجلس الأمن لابد من تطوير قانون واضح ومحدد يطبق في حالات الانتهاكات الواسعة والجريمة لحقوق الإنسان ومن الممكن أن يستند هذا القانون إلي مجموعة معايير تؤدي إلى تعظيم الجانب الإنساني وتحد من الجانب السياسي .
ثانيا: شروط التدخل الدولي الإنساني
حدد الفقه مجموعة من الشروط لإضفاء الشرعية الدولية للتدخل الدولي وهذه الشروط يمكن اجمالها فيما يلي[87] :
الشرط الاول:
يتوجب على الهيئات أو المنظمات أو حتي الدول التي تسعي للتدخل الدولي الإنساني من أجل وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان أن تحصل علي موافقة الدول التي يتم فيها عمليات التدخل الدولي الإنساني ولكن من الممكن تجاوز هذه العمليات في حالة تعنت هذه الدول واصرارها علي الاستمرار في انتهاك حقوق مواطنيها وفي استيفائها الشرط الأساسي للتدخل في هذه الحالة يمكن لها التدخل دون أن يحسب عليها كتعدي صالح لسيادة الدولة داخل اقليمها أو خارجها.
الشرط الثاني:
يجب ألا تتعدي التدخلات العسكرية الجانب الإنساني والا سوف تتحول الي عدوان غير مبرر من الناحية القانونية وهو ما يعني أنه من واجب الدول أو المنظمات المتدخلة باسم الإنسانية ان لا تتجاوز هذا الهدف المتمثل في حماية حقوق الإنسان وإيقاف الانتهاكات المتكررة لها ،أما إذا كان التدخل هدفه الأساسي هو تحقيق مصالح شخصية بالتالي يصبح التدخل ملغي وبعد بمثابة عدوان علي الدولة وتجاوز واضح لمبدا احترام السيادة الوطنية للدول، وأيضا يعتبر بمثابة تدخل استعماري وبالتالي تفقد هذه الجهة المتدخلة سواء دولة أو منظمة قيمتها الدولية والإنسانية أمام جميع الدول وامام المجتمع الدولي، وبالتالي لابد من التأكد ان هناك تعدي للمبادئ الإنسانية التي أقرها القانون الدولي الإنساني، وتتنوع هذه المبادئ في السلامة الشخصية للأفراد ومبدأ عدم التمييز ومبدا الأمن وغيرها من الشروط ، وذلك لأن أحكام القانون الدولي أكدت بصفة عامة علي قدسية الحق في الحياة وضرورة تأمينه وحمايته لكل إنسان، وهذا الحق الأصيل جاء في مقدمة الحقوق ذات الحصانة التي نصت الاتفاقية الدولية علي عدم جواز المساس بها من جانب الدول في ظل الظروف الاستثنائية ومهما كانت هذه الحقوق ومدي خطورتها ولتامين حياة أي أمة لابد من الاستشهاد بحالة تعدي واضحة من الحالات المحددة في القانون الدولي الإنساني والمقررة كمبادي عامة أو خاصة .
الشرط الثالث:
يجب أن تكون هناك ضرورة ملحة تستدعي حقا للتدخل لإنقاذ حياة الأفراد أو لحماية المصالح الإنسانية المهددة بالخطر : وهو ما يعني أن ظروف الاستعجال ضروري لإقرار حالة التعدي وأيضا لتحديد الخطر المهدد للإنسانية ولذلك لابد أن يكون هناك ضرورة إنسانية تهدد البشرية والتي يتم التدخل علي أساسها لإيقاف هذا الخطر والحد من العنف الممارس علي البشر ، ولذلك اتفق العديد من الفقهاء والعلماء على ضرورة تحديد نوعية الخطر ومدي استعجالها من أجل دراسة طريقة التدخل من حيث الزمان وأيضا من حيث الآليات الواجب استخدامها في ذلك وأيضا نوعية التدخل الأكثر نجاحا سواء كانت بطريقة مسلحة أو بطريقة سلمية عن طريق التهديد وعقد اتفاقيات تلزم الدولة التي يمارس فيها التعدي الإنساني لحقوق الانسان الحد من ذلك قبل اللجوء إلى التدخل العسكري[88] .
كما ذكر إعلان بانكوك إلي ضرورة الاتفاق على معالجة وتحديد القضايا الأساسية الخاصة بخرق القوانين الإنسانية والتعدي على حقوق الإنسان مع التأكيد علي ضرورة توفير الحماية الفعالة لحقوق الشعوب الأصيلة من أطفال ونساء وعمال وجميع الفئات الأخرى المهمشة ، وكما ذكر هذا الإعلان عدة توصيات منها : أنه لابد من التحري والتدقيق قبل أي تدخل بهدف تعدي حقوق الإنسان وحمايتها وذلك للإبقاء علي احترام حق الدول بالتمسك بالسيادة الوطنية ولعدم تصعيد الأمر أكثر من السابق ، كما أن منظمة الأمم المتحدة قامت بوضع عدة توصيات من أجل التحقق من أماكن الأزمة وتعدي حقوق الإنسان من خلال إرسال الوفود الدولية والمراقبين الدوليين وتكليفهم بصنع تقرير واضح يحدد حالات التعدي ومستوي تطورها للحد الذي يقتضي بالتدخل الدولي الإنساني، ومن بين هذه الآليات التي وضعتها منظمة الأمم المتحدة هو إنشاء منصب مفوض خاص بشئون حقوق الإنسان داخل الأمم المتحدة باعتباره سلطة جديدة رفيعة المستوي تحقق استجابة وترابط وتنسيق أكثر كفئا وأسرع للأمم المتحدة من أجل حماية حقوق الإنسان.
الشرط الرابع:
من الضروري أن يكون الاعتداء على حقوق الإنسان من قبل احدي الدول اعتداء جسمي متكرر وبشرط أن يكون مخالفا للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع الدولي كمبدأ السيادة الإقليمية للدول ، وقد لاقي هذا الشرط تأييد واسع من قبل الفقهاء المهتمين بموضوع التدخل الدولي الإنساني، ومن هذا المنطلق لابد من التحري من مدي جسامة الاعتداء من جهة ومدي تكراره من جهة أخري وبالتالي تعتبر مشاركة المنظمات غير الحكومية في مؤتمرات الأمم المتحدة من الآليات المهمة التي يمكن من خلالها تقديم التقارير وتحصيل الحقائق عن طريق الوثائق الرسمية ، وكل هذا تقوم به غالبية المنظمات غير الحكومية ويكون ذلك عن طريق خطوات دقيقة وهي كالتالي :
- هو إعلام المجتمع الدولي أن الانتهاكات التي تحدث علي امل للضغط علي الحكومة التي تتعدي حقوق الإنسان.
- والتي تتمثل في وضع الحكومة المنتهكة لحقوق الإنسان في موقف محرج أمام المجتمع الدولي مما يدفعها لوقف الانتهاك.
ثالثا: التحديات التي تواجه العمل الانساني الفعال
تتمثل هذه التحديات[89] فيما يلي[90]:-
- إمكانية الوصول
فليست كل المنظمات الإنسانية لديها نفس المستوي للوصول والقبول في جميع مناطق الدولة ويرجع السبب في ذلك وبشكل جزئي ان التصورات الخاطئة من قبل المجتمعات والجماعات المسلحة الغير تابعة للدولة ،ويعد تجنب المخاطر من قبل العاملين في المجال الإنساني عامل اخر يمكن أن يحد من إمكانية الوصول ،وقد أشار عدد من المستجيبين انهم يتابعون وبدقة التوصيات التي وضعتها الأمم المتحدة لشئون السلامة والأمن وانهم لم يقوموا بعملهم دون تصريح رسمي .، ويعتبر من ضمن العوائق المادية أمام العاملين في المجال الإنساني هو الوصول الي المناطق الجبلية البعيدة أو إلي وسط الغابات وكذلك الألغام الأرضية والمناطق التي بها كوارث طبيعية كالزلازل والفيضانات.
- القرب الشديد من المجتمعات
حيث من الواضح أن النهج القائم في المجتمع هو الأسلوب السائد في العمل وهو مدعوم بشكل خاص من خلال زيادة الجهات المانحة الأموال التي تخصصها لهذا النوع من البرامج ، ويعد القرب من المجتمعات أمر ضروري لوضع آليات مساءلة ونهج قائم على الاحتياجات، وبالتالي الشديد والتعايش بين العاملين في المجال الإنساني والمجتمعات قد يعرض الأعمال غير المتحيزة أو المحايدة للخطر .
- التنسيق الإنساني
حيث أن التدخل الدولي الإنساني يرتبط بالتنسيق والتحلي بالشفافية مع سلطات الدول التي يقدم لها المساعدة ولكن من الآثار السلبية لهذا التنسيق السياسي أنه يعوق مناقشة القضايا الحساسة ويجعل الجهات الإنسانية الفاعلة تبدو وكأنها تتعاون بشكل حازم وصريح مع جانب واحد في النزاع .
- إضفاء الطابع الإنساني علي المساعدات
حيث تعتبر المصالح السياسية عامل أساسي في تقديم المساعدات الإنسانية واي أي جهة تقوم بالتدخل الدولي الإنساني سوف تؤكد علي قضايا التنمية والقضايا طويلة الأمد علي حساب المسائل الإنسانية وتعيد الجهات المانحة توجيه المساعدات ببط وثبات نحو برامج التنمية والسلام على الرغم من إدراكها ان الاحتياجات الإنسانية ستبقي موجودة حتي بعد اتفاق السلام ، وفي حين أن النزاع لايزال مستمر ولا تزال الاحتياطات موجودة وبشدة في مناطق معينة من البلاد إلا أن العاملون في المجال الإنساني يرون خطرا واضحا نظرا للافتقار إلي الوعي والاستجابة من الدول مما يخلق ازمة منسية .
- ضغوط الجهات المانحة
حيث أن الجهات المانحة غالبا ما تدعم احترام المبادئ الإنسانية من خلال اختيارها لشركائها وتقييم بعض الجهات المانحة للقدرات العامة لوكالات الاستغاثة من حيث قدرتها علي الاستجابة الإنسانية وأهمية العمل الانساني القائم على المبادئ لديها ، في حين أن العديد من المانحون و العديد من منظمات التدخل الدولي الإنساني تنفذ برامجها من خلال شركاء محليين وبالتالي قد تؤثر هذه الممارسة علي العمل الانساني القائم على المبادئ حيث أنه في بعض الأحيان قد لا يتوفر لدي الشركاء المنفذين في كثير من الأحيان الخبرة الكافية أو قد لا يكون لديهم بعد كافي عن القضايا المحلية من أجل أن يكونوا محايدين وغير متحيزين، ويمكن للجهات المانحة إنهاء الاستجابة أو صرف الأموال ان اقتضي الأمر، ومتي يأتي التمويل فإنه يأتي مصحوبا بقيود أو شروط تشمل الأولويات الجغرافية أو الموضوعية ، ومن المعروف أن بعض الجهات المانحة تتحلي بالمبادئ أكثر من غيرها وأنها تعتبر أكثر اتساقا في تطبيق المبادئ السلمية في تقديم المنح الإنسانية، إلا أن عدد قليل من الجهات المانحة تتسم بالإنسانية بشكل صريح ومباشر أو أنها مصنعة بطريقة تحافظ علي التمويل المخصص للمساعدات الإنسانية ومبتعدة عن العلاقات الخارجية أو المصالح التجارية.
الفصل الثالث – السودان والتدخل الدولي الإنساني
مقدمة الفصل:
يعيش اليوم كثيرا من أقطار العالم الثالث -ومن ضمنه العالم العربي والإسلامي- حالة يسودها وضع من العنف وعدم الاستقرار، بحيث أصبح الحديث عن الواقع لهذا العالم يتطلب الوقوف طويلا على خبايا الواقع الدولي وتعقيداته، وعلى الاعتبارات الإقليمية وتقلباتها، وعلى حقائق الجغرافيا السياسية لكل قطر من أقطار هذا العالم. فالسودان موبوء بالنزاعات وقد دخلت الحرب الأهلية في إقليم جنوب السودان موسوعات الأرقام القياسية لكونها من أطول الحروب في أفريقيا، وبينما كان العالم يهفو لرؤية نهاية هذه الحرب باتفاقية السلام الشامل التاريخية التي وقعت في مطلع عام 2005، اشتعلت حربا واسعة أخرى مازالت تتصاعد نيرانها في دارفور، بينما حرب ثالثة أقل ضراوة وضجيجا تدور رحاها في الشرق.[91]
في القرون السابقة كانت الحرب هي الوسيلة لكسب الحقوق، لكن بعد تطور الحياة الفكرية في أوروبا تطورت قواعد القانون الدولي، وأهمها المساواة وعدم التدخل واحترام السيادة الوطنية للدولة، لكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وأحداث الحادي عشر من سبتمبر وبداية الحرب على الإرهاب، بدأت تتناقص السيادة الوطنية، وتم فرض قيود على هذه السيادة، وأصبح لا يوجد سيادة مطلقة، وبناءا عليه فإن مبدأ التدخل الإنساني قد أثر بشكل كبير على السيادة في السودان، لأن تقديم ودخول المساعدات الإنسانية دون قيد يعني إلغاء القيود الجمركية أو التفتيش أو الفحص الطبي أو التأكد من مطابقتها للمواصفات، كذلك نشر المراقبين دون قيد أو شرط وهو ما يمثل انتهاكا واضحا لمبدأ السيادة لا يمكن رفضه أو الاعتراض عليه باعتباره صادر عن منظمة الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي.
إن أصل أزمة السودان هو العوامل الداخلية؛ سواء السياسية مثل شكل الحكم ومستوى الحريات العامة، فمن وجهة نظر المجتمع الدولي فإن النظام في السودان هو نظام غير ديمقراطي باعتباره ناتج عن انقلاب عسكري وليس عن انتخابات نزيهة، بالتالي فإن هذا النظام لا يتيح مستوي كاف من الحريات العامة أو مراعاة قواعد العدالة والمساواة، سواء،،فضلا عن عدم احترام حقوق الإنسان. أو الاقتصادية مثل سوء توزيع الثروة بين المواطنين والأقاليم.
وترجع أعمال العنف في دارفور والتمردات لأسباب سياسية واقتصادية، فقد كان لدارفور موقف طويل مع الحكومة السودانية المتعاقبة منذ الاستقلال، وكانت تعاني من سوء الأوضاع بها عامة، وكان تمثيلها ضعيف، وهو ما يفسر ظهور حركة تعرف باسم نهضة دارفور في منتصف الستينيات من القرن الماضي، وتوالت الانتفاضات في الإقليم إلى أن وصلت إلى مرحلة التمرد المسلح في أواخر عام 2002، وبعد انعقاد مؤتمر نيرتتي في جبل مرة، ظهرت أصوات تنادي بأن الإقليم لم ينل حظه من السلطة والثروة، بالتالي فإن دوافع إقليم دارفور لا تختلف كثيرا عن غيره من الأقاليم في القارة الأفريقية في حروبها الأهلية، سواء كانت لأسباب إثنية أو عرقية أو غير ذلك.[92]
أما عن إقليم جنوب السودان فضلا عن العوامل السابقة؛ فقد شهد اختلافات عرقية ودينية أدت في الأخير لانفصال الإقليم عن دولة السودان بعد سنوات من الحرب الأهلية، وتعتبر مشكلة جنوب السودان من أخطر المشاكل الإقليمية وأكثرها تعقيدا، فهي موجودة حتى قبل الاستقلال في 1956 وتسببت في العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية التي مازال يعانى منها السودان حتى يومنا هذا. فالحرب الأهلية أدت إلى عدم استقرار نظام الحكم، وازدادت حدة التوتر الاجتماعي، وانقسمت القوى السياسية مما أثر على سيادة الدولة الداخلية والخارجية، فقد أدت إلى الإطاحة بالنظام العسكري الأول (1958 – 1964)، والثاني (1969 – 1985)، كما أطاحت بالديمقراطية الأولى (1954- 1958)، والثانية (1985 – 1989).[93]
المبحث الاول – مقدمات التدخل الدولي الإنساني في السودان
بدأت أزمة دارفور تظهر على الساحة من خلال الاهتمام العالمي الواسع، الذي يظهر من خلال توجه الإعلام الأوروبي والأمريكي، وتوافد الوفود والشخصيات الدولية على الإقليم وردا على الضغط والتهويل الأوروبي، بدت الحكومة السودانية أقصى ما يمكن لإيجاد حلول داخلية او إقليمية للأزمة بقطع الطريق امام الاصوات المنادية بالتدويل، وتمت الموافقة على تدخل الاتحاد الإفريقي لحل الأزمة، حيث يري السودان أن الاتحاد الإفريقي هو صاحب الإختصاص الأصيل لمعالجة المشاكل العالقة في القارة، حيث كانت قضية دارفور نتاجاً طبيعياً لتراكم مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تداخلت فيما بينها واستغلت من قبل قوى خارجية لها استراتيجيات تهدف إلى تطبيقها من خلال فرض وجودها في معالجة الأزمة .[94]
وبالرغم من تداخل أسباب المشكلة وتطورها، ومن بعض الاتجاهات العدوانية السلبية من دول الجوار السوداني مدعومة من دول اخرى، برز دور الدولة السودانية قوياً وثابتا عبر المجهودات الجبارة التي بذلتها حكومة السودان لأجل وضع حد لهذا الصراع الذي يؤيده الآخرين باستغلال ابناء المنطقة من مثقفيها ومواطنها وعلى هذا نتساءل عن الاسباب الداخلية والخارجية التي كانت خلف أزمة دارفور واطراف وطبيعة النزاع في اقليم دارفور.
أسباب النزاع في إقليم دارفور:
يمكن إرجاع اسباب الازمة في إقليم دارفور الى أسباب داخلية تتمثل في الصراع القبلي والحروب الأهلية، واسباب اقتصادية وثقافية هذا من جهة واسباب خارجية من جهة أخرى، تتمثل في تدخل الدول الأوروبية والولايات المتحدة ودول الجوار التي تربطها جذور تواصل مع أطراف النزاع الناشطة بالإقليم.
أولا:- أسباب الأزمة في اقليم دارفور
من المعروف ان الظروف الاقتصادية والاجتماعية وكذلك العوامل الجغرافية السائدة للمنطقة يكون لها تأثير مباشر او غير مباشر في السياسة الداخلية او الخارجية للدولة، ومن ثم تكون هذه الظروف سببا لأى أزمة محتملة.
الأسباب الداخلية لأزمة دارفور:-
أ-الصراع القبلي في إقليم دارفور
إن اقليم دارفور له تركيبة متنوعة عرقيا واجتماعياً وقبليا، وهو عبارة عن نموذج مصغر لدولة السودان، يحد الإقليم ليبيا وتشاد وافريقيا الوسطى بشكل مبسط ومفتوح ولا توجد عوائق تقيد حركة القبائل وهذا ما يفسر وجود قبائل مشتركة ومتنوعة مع الدول المجاورة، مما أدي الى سلسلة من الصراعات القبلية نتج عنها نشوب معارك كبيرة دامية بين القبائل المختلفة في الاقليم، واهم هذه المعارك القتال الدائر بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا في سنه 1968 و معركه بين السلامات والتعايشة في عام 1890 وكل هذه الصراعات كان خلفها العصبية القبلية التي كانت سببا في تحالف القبائل العربية ضد قبائل الزرقة الإفريقية، وكذلك غياب السلطة الفاعلة للحكومة السودانية في إقليم دارفور.
ب-الحروب الأهلية في الأقاليم المجاورة لإقليم دارفور.
ان الحروب الأهلية من الأسباب التي نفخت النار في الصراع الدائر في إقليم دارفور وجعلته يختلف عن العديد من الصراعات التي حدثت به سابقاً، والتي اهما الصراع الليبي التشادي حول الإقليم التشادي الشهير أوزو والصراع التشادي الذي انطلق من دارفور بالحدود الممتدة بين ليبيا وتشاد وافريقيا الوسطى حيث ان هذه النزاعات جعلت الاقليم يتأثر بالنزاع، ونتج عن ذلك توفر السلاح بحوزة سكان الإقليم من كل جانب واصبح أهل دارفور يتميزون عن كل المجتمعات السودانية بحتمية حمل السلاح للدفاع عن قبائلهم وفضلاً عن ذلك فإن الإقليم تعيش فيه قبائل متلاصقة بين الدول المجاورة كان لها دور في انتشار السلاح والنهب والانتقام بسبب الولاء القبلي الذي أدخل المنطقة في مأزق كبير من الحروب .[95]
ت-أسباب اجتماعية
ان إقليم دارفور منطقة بعيدة تقع في الاطراف من العاصمة، وتعرضت الى التهميش من قبل الحكومات المتوالية على النظام السوداني، حيث كان إقليم دارفور أقل مديريات السودان نصيباً من المدارس الابتدائية، إضافة الى عدم وجود ثانويات وجامعات الا في وقت متأخر، الأمر الذى جعل طلاب دارفور يسافرون للدراسة في الشمال وكذلك نقص الخدمات الصحية، وعدم توافر وسائل المواصلات و انتشار البطالة وهو ما ساعد على انتشار الهجرة الى دول الجوار، ودخول اقليم دارفور في عزلة اجتماعية وجعله أكثر ارتباطاً بالمجتمعات المجاورة، الأمر الذى جعل سكان المنطقة يعانون من قله الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية فهي غير كافية ويحملون الحكومة السودانية سبب هذا التخلف، وهذا يؤكد ان الصراع في السودان ناتج عن الفوارق الاجتماعية والاقتصادية وليس كما يصوره الاعلام الغربي على انه صراع عربي افريقي.
ث-أسباب اقتصادية
إن إقليم دارفور قد عانى من موجات تصحر وجفاف خلقت اختلافات عميقة أثرت على البيئة المحلية الاقليم حيث اضطر الرعاة إلى الترحال بعيدا عن مناطقهم الى مناطق جديدة بحثاً عن الماء والمراعي، ونتج عن ذلك دخولهم الى قبائل أخرى مما أدي إلى احتكاكات عدة تحولت إلى نزاعات مسلحة.
الأسباب الخارجية لأزمة دارفور:
ان الاهتمام العالمي بالأزمة في اقليم دارفور ليس هدفه احتواء الوضع الإنساني فقط بل هناك أطماع من قبل القوى الكبرى التي تتصدرها الضغوط الدولية من أجل بسط الهيمنة من خلال مساندتها لأطراف النزاع في دارفور التي تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد كان لدول الجوار تشاد وليبيا واريتريا دور في الأزمة، ومن الأسباب الخارجية التي كان لها دور في تأجيج الأزمة:-
أ-تدخل الدول الغربية
ان تدخل الدول الغربية يعود الى ما يزخر به الإقليم من ثروات طبيعية ومتنوعة أهمها الثروة المعدنية الهائلة المتمثلة في جبال الحديد وكذلك التخوف العربي بشكل عام من امتداد التأثير الإسلامي في جنوب القارة حيث توجد مصالحها [96] ، فالولايات المتحدة الأمريكية ترى ان لها حقا في بترول السودان على أساس أن اول شركة اكتشفت البترول هي شركة أمريكية، والذي قابلته الحكومة السودانية بإعطاء حق التنقيب لشركات ماليزية وصينية مما سبب انزعاجا لواشنطن التي ترغب في الحصول على مصالح اقتصادية لشركاتها الخاصة، وخاصة أن السودان يعد من الدول البكر في مجال الإنتاج النفطي وعلى هذا اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية النظام السوداني خصماً معاديا لسياستها الاقتصادية والدولية وخاصه بعد احداث 11 سبتمبر 2001 وما تلاه من حروب أمريكية على الإرهاب، فقد تغيرت النظرة السياسية والاستراتيجية للسودان، وأصبحت ساحة للتنافس السياسي والاستراتيجي بين القوي الكبرى في العالم، لهذا ازداد الضغط الأمريكي تجاه النظام السوداني وتحركت الإدارة الأمريكية حيث أصدر الكونجرس الامريكي بيانا يصف فيه الوضع في اقليم دارفور بالإبادة الجماعية.
اما تدخل الدول الأوربية فنجد فيه نوع من الغموض، نتيجة لارتباط مصالحها في مواجهة النظام السوداني ذات التوجه الاسلامي من جهة، وتصادمها من جهة أخرى عندما يتعلق الأمر بتحقيق المصالح الاقتصادية، ولعل هذا ما نلتمسه من تدخل بريطانيا وفرنسا في إقليم دارفور والذي يعتبر منطقة نفوذ في عهد الهجمات الاستعمارية خلال القرن 19 ، ولكون الأراضي السودانية كانت خاضعة إلى الاستعمار البريطاني الذي حكما حوالي 60 سنة وحكم اقليم دارفور بعدها حوالي 20 سنة من دخولهم السودان، كانت لهم الدراية بالسودان وأقاليمها من الناحية البشرية والاقتصادية.
ومن هنا كانت بريطانيا عينها على ثروات السودان خاصة، بعد ما أثبتت الدراسات البحثية توافر البترول بكميات هائلة بالإقليم ومن ثم قامت بإثارة القضية إعلامياً ووفرت منابر لقيادات الحركات المتمردة والمعارضين المتواجدين في لندن، أما التدخل الفرنسي في إقليم دارفور يعود إلى كون تشاد وافريقيا الوسطى المجاورتين لدارفور من المستعمرات الفرنسية حيث توجد لها مصالح اقتصادية واستثمارات في تشاد والتي يتزايد فيها عدد النازحين هذا من جهة ومن جهة أخرى التهديدات الأمريكية بالتدخل العسكري الذي ترى فيه فرنسا تغيرا في الوضع الاقليمي في دارفور وما جاورها.
ب-مواقف دول الجوار
قد أسهمت العديد من الدول على المستوى الإقليمي في تصعيد الأزمة في دارفور، فالسودان بلد كبير و متاخم لعدد من الدول وحدوده مفتوحة و يضم مجموعة من القبائل الإفريقية التي لها أصول وجذور في دول الجوار مما أتاح لهذه القبائل فرصة التداخل والتصاهر فيما بينها، وإيجاد جسور سهلت الحركة مع دول الجوار، ومن ثم كان لها ارتباط ثقافي واقتصادي نتج عنه تأثير دول الجوار في الإقليم والمتمثلة في ليبيا وتشاد وإريتريا وسنعرض اهم مواقف هذه الدول من أزمة دارفور.
- موقف تشاد
لقد كان لدولة تشاد دور كبير في أزمة دارفور، وبشكل مباشر في المحادثات التي جرت بين الحركة السودانية والمتمردين وهذا بحكم العلاقات الاجتماعية بين الدولتين المتمثلة في وجود حوالي 13 قبيلة عربية وأفريقية مشتركة بين غرب السودان و شرق تشاد كما ان للحكومتين اتفاقيات مشتركة لضبط مشكلات الحدود و تنظيم عمليات التنقل ومنع تهريب السلاح منها، وهذا ما جعل الحكومة التشادية تقوم بدور اساسي في محادثات السلام بين الحكومة والمتمردين بتفويض من الإتحاد الإفريقي حيث استضافت العاصمة التشادية انجامينا المفاوضات التي أدت إلى عقد اتفاق بوقف إطلاق النار في إقليم دارفور في ابريل لسنه 2004 وقبل هذا طلبت الحكومة السودانية من حكومة تشاد عدم تقديم أي دعم لوجستي الى المتمردين في دارفور.
ولهذا فان الوضع السياسي والاجتماعي المتشابك على الحدود فتح الباب للفعل ورد الفعل الذي يهدد النظامين بتصعيد النزاع، ومن هذا يتضح لنا أن الموقف التشادي كان متناقضا ومضطربا في معاملته مع الأزمة رغم أن حلها بشكل سليمي يكون اول المستفيدين منه بعد الخرطوم تشاد، وعلى الرغم أن تشاد كانت هي الوسيط بين المتمردين والحكومة السودانية إلا أنها لم تلتزم بالوساطة وظلت تلعب أدواراً أخرى من خلف الستار.
- موقف ليبيا
ركز الدور الإقليمي الليبي علي دفع مسيرة الإتحاد الإفريقي والمساهمة في تسوية الصراعات الإفريقية ذات الصلة بالنزاع في دارفور ومواصلة تلك الجهود إلى أن يتم التوصل الى حل دائم لهذه المشكلة إلى جانب التنسيق المستمر والتشاور الدائم مع قادة الدول المشاركة في هذه القمة، من جهة أخرى حاولت ليبيا كبح جماح الدور الاريتري في دعم متمردي دارفور و محاولة اصلاح العلاقات بين الحكومة الاريترية والسودانية غير انها لم تنجح في هذا الدور خاصة بعد انفراج العلاقات الليبية الغربية إثر إعلان ليبيا تخليها عن برنامجها لإنتاج أسلحة دمار شامل.
- موقف إريتريا
طول الفترة من مطلع التسعينات من القرن الماضي مروراً ببداية الأزمة سنه 2003 وحتى الان ظلت وتيرة العداء الاريتري لوحدة السودان مستمرة، وأن يطوي السودان ملفا حتى يبادر النظام الاريتري إلى فتح ملف جديد، وعلى الرغم من المحاولات التي قامت بها الخرطوم لإصلاح العلاقات مع نظام اسمراء إلا أن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل، ويعود ذلك إلى التنسيق الإسرائيلي الاريتري الذي يسعي إلي جر السودان لاستمرار هذه الأزمة، وتتهم الحكومة السودانية إريتريا بشكل اساسي بأنها تدعم مقاتلي دارفور في الوقت الذي تنفي فيه حكومة اسمراء ذلك وإن كان من الواضح لأي مراقب هل نظام اسياس افوركي الذي أصبح معزولاً بشكل كبير يلعب دوراً واضحاً في غرب السودان من خلال توفير الدعم لهذه الفصائل وعمله أيضاً كحلقة وصل بين هذه الحركات وإسرائيل.
وهناك واقعة محددة في هذا المجال يجب أن تحظى بالاهتمام وأيضا ان تدق جرس الخطر المبكر حيث أعلن سبعة من أعضاء المكتب السياسي للتحالف الفيدرالي السوداني انشقاقهم عن الحزب إحتجاجا على مشاركة شريف حرير نائب رئيس الحزب في لقاءات بترتيب اريتري، وجمعت بين مجموعة من مسلحي دارفور ومسؤولين إسرائيليين وهو اللقاء الذي استضافته أحد السفارات الإسرائيلية في إحدى دول غرب إفريقيا، حيث خاض اللقاء الى حصول جيش تحرير دارفور على بعض التمويل الذى تلتزم به إسرائيل عبر الحكومة الاريترية.
إلا ان أن هذا العداء لم يدم طويلاً حيث بدأ تطبيع العلاقات بين البلدين فزار وفد أريتري السودان، وتلاه زيارة وفد سوداني الى اريتريا وفي ديسمبر سنة 2005 تم الإتفاق علي عودة التمثيل الدبلوماسي، وتم التنسيق للقاء بين الرئيس السوداني و الرئيس الاريتري وخلال اللقاء عرض فيه البشير على الرئيس الاريتري بأن تلعب السودان دوراً في الوساطة لتطبيع العلاقات بين أثيوبيا وإريتريا، مقابل أن تقوم إريتريا بدور فعال في ارتفاع قادة فصائل التمرد في دارفور التي تناهض إتفاق ابوجا، ولهذا يمكن القول أن موقف إريتريا من النزاع كان داعماً المعارضة في بدايته ثم تحول إلى ساعي لإيجاد توافق بين المتمردين.
احتواء الأزمة في إقليم دارفور:
إن الاهتمام الدولي بما يحدث في إقليم دارفور، والذي كانت خلفه الولايات المتحدة الأمريكية والأوروبية بقيادة فرنسا وبريطانيا من جهة، وتمسك الدول الإفريقية بأولويتها في التمسك بالشرعية في حل الأزمة من جهة أخرى، جعل من الحلول السياسية أو غير القضائية لها الأولوية في معالجة الأزمة في بداية الأمر، حيث تمثلت هذه الحلول في جهود الإتحاد الإفريقي في حل أزمة دارفور التي تمت بتفويض وترحيب من مجلس الامن وكذلك مجهودات مجلس الأمن لاحتواء الازمة.
تدخل الإتحاد الإفريقي لاحتواء الازمة:-
لقد عمل الإتحاد الإفريقي منذ البداية على أفرقة الأزمة وحصرها في نطاقها الإقليمي وعدم تدويلها، فمن الجانب السياسي والدبلوماسي أعطي الأولوية للحل السلمي والسعي الى ايجاد حل نهائي للأزمة من دون التفريط بوحدة السودان حيث كان لها دور كبير في رعاية المفاوضات إلى جانب بعض الدول المجاورة للسودان، حيث قام الإتحاد بمجهودات كبيرة للسيطرة على الأزمة وكبحها باعتباره الأكثر دراية بقضايا القارة، وذلك من خلال رعاية المفاوضات ومتابعة جهود الوساطة بين الأطراف المتنازعة و ارسال قوات مشكله من دول الإتحاد الإفريقي الى إقليم دارفور.
أما من الجانب الإنساني فوصف الإتحاد الإفريقي ما يحدث في إقليم دارفور بأنه أزمة إنسانية، و بذل جهداً كبيراً للحد من تفاقمها رغم حداثة نشأته وقله إمكانياته وتجاربه في معالجة الازمة، حيث يعتبر تدخله في أزمة إقليم دارفور أول تجربة له على الواقع الميداني إلا أنه رغم ذلك كان له الدور الكبير في السيطرة على الوضع ولو بشكل نسبي و لمدة معينة من خلال ما قام به من ترتيبات واجراءات مخولة له قانوناً .[97]
أسباب تدخل الإتحاد الإفريقي :
- التعجيل بتكامل القارة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.
- تحقيق وحدة وتضامن أكبر فيما بين البلدان والشعوب الإفريقية.
- تعزيز المواقف الإفريقية حول المسائل ذات الأهمية للقارة وشعوبها والدفاع عنها.
- تشجيع التعاون الدولي مع الأخذ في الإعتبار ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
- تعزيز السلام والأمن والاستقرار في القارة.
أوجه تدخل الإتحاد الإفريقي في إقليم دارفور:
منذ البداية كان الإتحاد الإفريقي مهتماً بما يجري في دارفور، وذلك من خلال متابعة المفاوضات التي تجري حول أزمة دارفور برعاية بعض الدول الإفريقية والتي في مقدمتها تشاد إلا أنه لم يرغب في التدخل في بادئ الأمر حتى تأزم الوضع، وبدأ الإتحاد الإفريقي يستعد لخوض أولى تجاربه في فض النزاعات الإفريقية ودار الجدل حول التدخل الدولي او التدخل الإفريقي لمراقبة وقف إطلاق النار و حماية المدنيين في دارفور، والذي وجه بالرفض من قبل الحكومة السودانية إلا أن الضغوط المتوالية على الحكومة جعلها توافق على تدخل الإتحاد الإفريقي وصادق البرلمان السوداني على اتفاقية دخول القوات الإفريقية، حسب ما جاء في البروتوكول الصادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي.
ولإدراك أهمية دور الإتحاد الإفريقي في تعاملاته مع الأزمة بكل خصوصيتها يجب التطرق إلى الإجراءات التي أقدم عليها، والتي تتمثل في رعاية المفاوضات وإرسال البعثات إلي الإقليم والمشاركة مع القوات الأمنية.
- رعاية المفاوضات بين أطراف النزاع في السودان
لقد كان للإتحاد الإفريقي دوراً كبيراً في خلق مناخ للتفاوض ما بين الحركات المسلحة والحكومة السودانية وقد أجريت المحادثات والمفاوضات لأول مر مرة مع حاملي السلاح في 3 سبتمبر 2003 وقد أفضت إلى إتفاق وقف اطلاق النار بواسطة الرعاية التشادية حيث كانت هذه المرة الاولى التي تتعامل فيها الحكومة السودانية سياسياً مع الحركات المسلحة في دارفور إلا أن هذا الإتفاق لم ينفذ وبعده مباشرة أقيمت محادثات عامة طالب فيها حاملي السلاح بالحكم الذاتي لدارفور والاحتفاظ بجيش تحرير السودان التابع لها وهذا ما أدى إلى فشل المفاوضات وكان الإتحاد الاف الإفريقي حاضراً في كل المفاوضات وحل محل تشاد باعتباره منظمة إقليمية إفريقية وتولي ملف دارفور رسمياً .[98]
- إرسال بعثة الإتحاد الإفريقي إلى إقليم دارفور
كانت بداية جولات التفاوض بتشاد وقد أفضت بتاريخ 8 ابريل لسنه 2004 الى اتفاقية انجامينا بين الحكومة السودانية و حركة تحرير السودان وحركه العدل والمساواة برعاية الوساطة التشادية حيث نص في الإتفاق على مبادئ أساسية أهمها
- وقف العمليات العدائية لمدة 45 يوماً قابلة للتجديد مع اطلاق سراح الأسري وتسهيل الإمدادات.
- إلزام الحكومة بالسيطرة على الميلشيات المسلحة، وتجميع المعارضة في مواقع موحدة للمراقبة.
- تشكيل لجنة مشتركة تضم الأطراف، ووفد الوساطة التشادية، والإتحاد الافريقي، وتوفير التمويل اللازم لتنفيذ الاتفاقية.
المبحث الثاني
التدخل الانساني والسيادة الوطنية في السودان
نظرا للصراعات الداخلية في اقليم دارفور وما اسفر عنها من مخالفات واختراقات لحقوق الانسان، سرعان ما تدخلت منظمات حقوق الانسان لحل الوضع في دارفور ووقف اختراقات حقوق الانسان التي وصلت اقصاها، ولكن من المعروف ان سيادة الدولة تعني في ابسط معانيها عدم تدخل اي دولة في الشئون الداخلية لدولة اخري الا اذا سمحت لها هذه الدولة بالتدخل، وما فعلته هذه المنظمات اختراقا واضحا للسيادة الوطنية لدولة السودان وتدخل واضح في شئونها الداخلية ليس لمصلحة حل الازمة وايقاف اختراقات حقوق الانسان ولكن كان بدرجة اكبر تجسيدا لمصالح الدول الكبرى في المنطقة وسوف نقوم بعرض اهم الادوار التي جسدت هذا الاختراق لسيادة الدولة تحت ستار حماية حقوق الانسان.
اولا: دور المنظمات الدولية والاقليمية في حل ازمة دارفور
لقد اتسم الفعل الدولي في المنظمات الدولية والاقليمية بالوقوع تحت تأثير القوي الغربية الضاغطة وعلي راسها الولايات المتحدة الامريكية وهو ما جعل التدخل الانساني هدفا بحد ذاته وليس التوصل الي تسوية سلمية وسوف نقوم بعرض بعض ادوار هذه المنظمات التي جسدت هذا القول، اولها الامم المتحدة وثانيها مجلس الامن وثالثها المحكمة الجنائية الدولية والتي تختص بمعاقبة مجرمي الحرب علي حد قولها، واخيرا فهو دور الاتحاد الاوروبي.[99]
- دور الامم المتحدة في ازمة دارفور
من المعروف ان الولايات المتحدة الامريكية لا تتدخل لحل مشكلة الا من منطلق مصالحها المباشرة لذلك فقد سارعت الادارة الامريكية الي ادانة ما يحدث في دارفور باعتبارها كارثة انسانية ومن ثم سارعت الي السودان باسم التدخل الانساني وفي هذه الحالة لمصلحة المسلمين حيث ان طرفي الصراع هناك من المسلمين ويعني ذلك محاولة تجميل السياسة الخارجية الامريكية ودرء التهم عنها بانها في حالة حرب ضد الارهاب تستهدف المسلمين في المقام الاول[100].
وقد مارست الامم المتحدة مجموعة من الضغوطات لتسوية الازمة وفقا لمصالحها حيث زار الامين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان السودان وزار دارفور وانتقد طريقة ادارة الخرطوم للازمة وانها كانت بطيئة في ضمان وصول المساعدات الانسانية وقد حصل علي تعهدات من الرئيس السوداني عمر البشير بإزالة جميع العقبات التي تعرقل وصول المساعدات الانسانية الي المهجرين وتوفير امن المدنيين في المنطقة ومحاكمة المسئولين عن اعمال العنف المسلح، ووقع بيان مشترك بين الحكومة السودانية والامم المتحدة تعهدت فيه حكومة السودان بنزع اسلحة الجنجويد والجماعات المسلحة الأخرى الخارجة علي القانون والسماح بنشر مراقبين لحقوق الانسان والغاء القيود علي العمل الانساني من معوقات وتأشيرات دخول للعاملين وحرية الحركة في دارفور ومحاكمة الافراد والجماعات المتهمة بانتهاك حقوق الانسان.[101]
وقد تعهدت الامم المتحدة بأقصى ما يمكن لتوفير الحاجات الانسانية لمواطني دارفور واللاجئين السودانيين في تشاد خلال خطة للعمل الانساني تنفذ في 90يوما، كما قامت بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة مثل منظمة الهجرة الدولية بعقد اتفاق مع السودان بقصد برامج العودة الطوعية ومساعدة النازحين وبسط الامن والحماية للمراقبين وتوفير الامن والاستقرار.
- دور مجلس الامن في ازمة دارفور
لقد انطوت الكثير من قرارات الامم المتحدة علي العديد من المطالب التي تقلص من سيطرة وسيادة حكومة الخرطوم علي اراضي دولتها، كما نلاحظ هنا مدي المبالغة في اصدار القرارات، حيث اقدم مجلس الامن علي اصدار ثلاثة قرارات تتعلق بدارفور في اسبوع واحد وهي قرارات رقم 1590بتاريخ 24مارس 2005، لإنشاء بعثة الامم المتحدة في السودان لضمان اتفاقية سلام الجنوب، والقرار رقم 1591بتاريخ 29مارس سنة 2005لمعاقبة الاطراف في دارفور، والقرار رقم 1593بتاريخ 31مارس لسنة 2005بشان احالة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية في دارفور للمحكمة الجنائية الدولية.[102]
ونلاحظ ان معظم هذه القرارات جاءت في صالح تدويل الازمة حيث اصطحبت بالتأكيد الدائم في مضمونها علي ان الواقع في الاقليم يشكل تهديدا للسلم والامن الدوليين ولعل ذلك يتضح اكثر من خلال عرض بعض القرارات وما نصت عليه:-
- قرار مجلس الامن رقم 1564:
صدر هذا القرار في 18سبتمبر سنة 2004، وقدمته كالعادة الولايات المتحدة الامريكية الي جانب حليفتها، وقد طالب هذا القرار بتشكيل لجنة تحقيق دولية فيما يتعلق بانتهاك حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني وزيادة مراقبي الامم المتحدة، وكما هو معروف ان هذه اللجان تشكل احراج بالغ لحكومات الدول نظرا لتنافيها مع مقومات السيادة للدولة وقد تم التأكيد في مضمون هذا القرار علي ان مجلس الامن سوف يتخذ اجراءات حاسمة بشأن الحكومة السودانية اذا لم تنفذ ما املي عليها في هذا القرار.[103]
- قرار مجلس الامن رقم 1593:
صدر هذا القرار في 31مارس عام 2005، وقد اصدر هذا القرار بناءا علي تقرير لجنة التحقيق الدولية ويتضمن هذا القرار تحويل الوضع في دارفور الي المدعي العام للمحكمة الجنائية مع الزام جميع الاطراف بالتعاون الكامل مع المحكمة وقد جاء هذا القرار طبقا للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وقد صدر بأغلبية 11صوتا وامتناع اربعة دول وكانت المفاجأة الكبرى ان الولايات المتحدة كانت من ضمن الدول الممتنعة عن التصويت.[104]
- قرار مجلس الامن رقم 1556:
وقد صدر هذا القرار في 30يوليو لعام 2004، ويعتبر هذا القرار من اكثر القرارات تاثيرا علي السيادة الوطنية لدولة السودان حيث ترتب علي حيثياته ان ظلت السودان تحت التهديد المستمر بالتدخل تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة منذ ذلك التاريخ وكان اهم ما جاء فيه الآتي:-[105]
- الغاء جميع القيود التي يمكن ان تعيق تقديم المساعدات الانسانية.
- توفير السبل للوصول الي جميع السكان المتضررين.
- التحقيق المستمر في انتهاكات حقوق الانسان والقانون الدولي.
- تهيئة اجواء امنية موثوق بها من اجل حماية السكان المدنيين والجهات الانسانية الفاعلة.
- استئناف المحادثات السياسية بشان دارفور مع الجهات المنشقة في منطقة دارفور
للوهلة الاولي يبدو ان هذا القرار مهتم بالجانب الانساني الا ان مقتضاه يعني دخول جميع الجهات الانسانية الفاعلة اي المنظمات وغيرها دون قيد او شرط او مراقبة او رصد ويعني الغاء القيود الجمركية والتفتيش او الفحص الطبي او المواصفات، بالإضافة الي ذلك ينص القرار علي ايفاد مبعوثين دوليين واقليميين ونشر مراقبين لحقوق الانسان في المنطقة.
وبالتالي نستطيع القول ان هذا القرار يمثل انتهاكا صارخا لسيادة الدولة السودانية والاسوأ من ذلك ان السودان لا يستطيع المنازعة فيه لأنه صادر من مجلس الامن تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة اي انه قرار ملزم للكافة.
ومن خلال ما تم عرضه من بعض قرارات مجلس الامن بشان الازمة في دارفور نستطيع ان نلاحظ الآتي:-[106]
- ظل السودان منذ عام 2004تحت التهديد المستمر بالتدخل تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة
- طلب محاكمة افراد سودانيين متهمين امام المحكمة الجنائية الدولية فيه انتهاك للولاية القضائية للدولة السودانية لان الاصل ان يتم محاكمتهم داخل السودان وبواسطة قانون القضاء السوداني ومجرد تحويلهم للمحكمة الجنائية الدولية يعني اتهام القضاء السوداني بالعجز او الحكومة بعدم الرغبة في محاكمتهم كل ذلك يؤدي الي انحطاط قدر السودان في المحافل الدولية.
- عدم التوصل الي اتفاق سياسي ينهي الصراع في دارفور سوف يزيد من التدخلات الدولية لاستمرار المعاناة الانسانية.
- دور المحكمة الجنائية الدولية في ازمة دارفور
احيل ملف التحقيق في جرائم دارفور الي المحكمة الجنائية الدولية في 31مايو لعام 2005بقرار من مجلس الامن رقم 1593كما ذكرنا سابقا، وقد قابلت الخرطوم هذا التصعيد والتدويل للقضية الحكومة لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية وامنية اجنبية.[107]
ونلاحظ ان توقيت القرار لم يكن مناسبا الي حد كبير، بل انه لم يكن باي حال لمحصلة السلم والامن في الدولة السودانية اذ انه تزامن مع نوع من التوافق السياسي في السودان قد نشا بعد تجاوز عقبة قانون الانتخابات واستطاعة شريكي الحكم من تجاوز عقبة مسألة “آبيي” عن طريق اللجوء للتحكيم الدولي، وبالتالي جاء هذا القرار بعكس المرجو منه حيث عمل علي زيادة تفكيك الوحدة السودانية.[108]
ومما لا نستطيع غض الطرف عنه ايضا، ان معيار العدالة الدولية انتقائي حيث لا ينطبق الا علي الافارقة حيث من الممكن القول ان القارة الافريقية اصبحت بمثابة حقل تجارب للنظام الدولي الامريكي الجديد والدليل علي ذلك ان الحالات الاربع التي تنظرها المحكمة الجنائية الدولية ترتبط بالحدود الواسطة لقرن افريقيا الكبرى وهي اوغندا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، دارفور، جمهورية افريقيا الوسطي، في حين انه قد قدم للمحكمة اكثر من 139قضية خاصة بالجرائم ورفضتها بحجة انها تخرج عن ولاية المحكمة ولعل من ابرز القضايا التي رفضتها ، قضية انتهاكات حقوق الانسان وجرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الامريكية والاسرائيلية في كلا من العراق وغزة علي الترتيب.[109]
- دور الاتحاد الاوروبي في ازمة دارفور
اتبع الاتحاد الاوروبي سياسة ترمي الي استقرار الوضع في دارفور وحل المشكلات بالسبل السلمية مع تدخل دولي لحماية المدنيين وتحقيق الاستقرار هناك اضافة الي تقديم من ارتكبوا جرائم الحرب في دارفور للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك لان استقرار الوضع في السودان يعني استقراره في الاتحاد الاوروبي ايضا[110]، حيث ان افريقيا تعتبر البوابة الخلفية لأوروبا وبالتالي اي توتر في الاستقرار هناك سوف يصاحبه تأثير كبير علي المصالح الاوروبية خاصة ان هذا التوتر في صالح القوي الكبرى المتنافسة علي القارة الافريقية والتي هي بالأخص الولايات المتحدة الامريكية والصين، وهو مالا يحبذه الاتحاد الاوروبي حيث ان صعود هذه القوي منافي لمصالحه ومضعف لمكانته.
ولكي يحقق الاتحاد الاوروبي مصالحه التي توافقت مع تدعيم الموقف السوداني، تحالف مع الاتحاد الافريقي من اجل حماية استقرار المنطقة وتحقيق السلم والامن لساكنيها، حيث صرحت المفوضية الاوروبية سنة 2006عن استراتيجية للسلم والامن والتنمية وذلك من خلال التعاون مع منظمة (الايجاد) IGAD لتحقيق السلم والامن الغذائي والتطوير المؤسسي.[111]
وبعد ان استعرضنا اهم المنظمات الدولية والاقليمية التي كان لها تأثير ملحوظ في ازمة دارفور، وعلي الرغم من ان دورها كان الاكبر والاهم الا ان هذا الدور كان يدار بواسطة ايادي خفية دفعت بتلك المنظمات كذريعة لشرعنة تدخلها في القضية وهذه الايدي الخفية تتمثل في القوي الدولية الكبري وسوف نعرض في السطور القادمة اهم الادوار التي لعبتها تلك القوي لتسوية الازمة كما تدعي ولتحقيق مصالحها كما تبين بعد ذلك.
ثانيا: التفاعل الدولي في حل ازمة دارفور
كان من اهم القوي الدولية التي كان لها تأثير كبير في الازمة واثر واضح فيما اصاب السودان من انتهاكا لسيادتها وتدخلا في شئونها الداخلية واستغلالا لثرواتها؛ فرنسا، اسرائيل واخيرا الصين، وسوف نقوم بعرض اهم الادوار لهذه القوي الدولية كلا علي حدي.
- الدور الفرنسي في ازمة دارفور
ينطلق الدور الفرنسي من زاوية ان فرنسا كانت تحتل دولة اتشاد وافريقيا الوسطي المجاورتين لإقليم دارفور محل النزاع لان لها مصالح اقتصادية فيه، وبالتالي فان الحكومة الفرنسية تسعي جاهدة الي التوصل الي تسوية سلمية للازمة السودانية ، بما يسمح لها من استغلال حصتها في الثروة النفطية السودانية ومع ذلك فإنها علي وعي بان اساس المفاوضات الراهنة وموقف الولايات المتحدة الامريكية الداعم والراعي لها سوف يحرم فرنسا من استغلال ثروات الجنوب السوداني وعليه فان فرنسا اتخذت موقفا مغايرا للولايات المتحدة في دارفور وعرضت فرض عقوبات اقتصادية علي السودان.[112]
ويري محللين سياسيين ان الرؤية الفرنسية في افريقيا تسعي الي دعم المكانة والنفوذ الفرنسي في افريقيا، تامين مصادر الطاقة والموارد الطبيعية في افريقيا، مجابهة الهيمنة الامريكية الجديدة، تبني منظور متعدد الاطراف من خلال الاعتماد علي المؤسسات الدولية والاقليمية التي تمكن فرنسا من التأثير في مجريات الاحداث بشكل لا تستطيع ان تمارسه بمفردها.
- دور اسرائيل في ازمة دارفور
عملت اسرائيل علي اتباع استراتيجيتها المعروفة في هذه الازمة مثل غيرها من الازمات وهي استراتيجية شد الاطراف ثم بترها، والتي يتلخص مضمونها في اقامة علاقات تحالفية مع الجماعات الاثنية المحيطة بالدول العربية بهدف تفتيت هذه الدول وتقويضها ومن ثم اهتم واضعوا هذه الاستراتيجية بدعم حركات التمرد والانفصال في السودان وهو ما تعتبره اسرائيل مهما لأمنها، ولذلك بادرت اسرائيل الي دعم حركة التمرد بجنوب السودان ومدها بالسلاح، فخلال عام 2004نجحت اسرائيل بالتنسيق مع امريكا من احداث تنسيق بين الحركات الشعبية وحركات التمرد في دارفور من جهة وبين اسرائيل وزعماء حركات التمرد في دارفور من جهة اخري من خلال انعقاد اللقاء الذي جمع ببن جون قرنق وزعماء حركة تمرد دارفور في واشنطن،[113] وقد استغلت إسرائيل وجودها النشط في اريتريا واتخذت منها مركزا لدعم حركات التمرد في دارفور من خلال القيام بتدويلهم وتسليحهم ولقد وجدت اسرائيل في الصراع الدائر في السودان فرصة لتسويق السلاح الاسرائيلي فيه وقد كشفت دراسة استراتيجية امريكية يدور مضمونها حول وجود سيناريو لتقسيم السودان الي ثلاث دول احداهما دولة موالية لإسرائيل في دارفور، وبالتالي لم يكن دور اسرائيل مساعد لحل الازمة في الحقيقة بينما كان محاولة منها لكسب الراي العام في القارة الي جانبها خاصة في قضية الصراع العربي الاسرائيلي.
- دور الصين في ازمة دارفور
سعت الصين جاهدة لحل مشكلات اقليم دارفور عن طريق الاتحاد الافريقي حتي لا تجد الولايات المتحدة الامريكية لها منفذا للتغلغل بشكل اكبر في دارفور والسودان ولذلك لم توافق الصين علي مشرور قرار الولايات المتحدة الامريكية المقدم الي مجلس الامن بفرض عقوبات علي السودان، كما اتخذت مواقف متعددة في مجلس الامن تجاه القضية السودانية ورات ان ما تقوم به السودان من رفض عملية التدويل هو حق سوداني اصيل وانها صاحبة الحق في اتخاذ ما يلزم من تدابير لا تنتقص من سيادتها الوطنية.[114]
ونلاحظ ان الدور الايجابي للصين في الازمة لم تكن دوافعه الحقيقية هي المدافعة عن السيادة الوطنية للدولة او ضرورة حماية امن وسلامة سكان منطقة معينة او حتي من دافع احترام حقوق الانسان ووقف انتهاكاته في اقليم دارفور وانما كان ذلك الدور مجرد ترجمة لمصالحها التي كانت تقتدي التصرف بهذا الشكل الذي كان في صالح السودان، حيث ان استمرار الصراع يعني استمرار تدخل الولايات المتحدة وبالطبع هذا التدخل سوف يكون تحقيقا لمصالحها هي الأخرى، وهو الامر المزعج بالنسبة لمستقبل الصين كقوة صاعدة ترغب في مكانة دولية لا تقل اهمية عن الولايات المتحدة الامريكية الذي سوف يعتبر اكتسابها لقدر اضافي من المكانة الدولية علي اثر هذا التدخل عرقلة للمسار الذي تسلكه الصين للوصول للمكانة الدولية التي ترجوها.
المبحث الثالث – تداعيات التدخل لأغراض انسانية
أولا : نتائج التدخل في دارفور
إن أزمة دارفور تعتبر من أهم الأزمات التي ظهرت على سطح الأحداث السياسية العالمية في السنوات الأخيرة والتي انتشرت أخبارها في الصحافة والاعلام و في جميع أنحاء العالم وانشغل بها أهالي دارفور والسودانيين والعرب والمصريين والاتحاد الافريقي ، أيضا جذبت اهتمامات الدول الأجنبية والقوى الخارجية وتعتبر هذه الأزمة هي أسوء كارثة إنسانية يشهدها العالم خلال الفترة الأخيرة وذلك لأن تصاعد الاشتباكات العسكرية في دارفور خلقت بؤرة صراع جديد في السودان بعد أن ظهرت بشاير السلام في الجنوب هذا مما أعاد السودان مره اخرى إلى مشكلات القتال والصراع المسلح والذي ساهم في اتساعها ، ولم تكن هذه الأزمة وليدة الأحداث الطارئة في السنوات الأخيرة وإنما هي حصيلة النزاعات والتراكمات والرواسب القديمة والتي ساهمت فيها الأوضاع السياسية والنخبة الحاكمة في السودان منذ الاستقلال[115] .
وقد بدأ الاهتمام بدارفور في بداية عام ٢٠٠٤ بعد أن قامت بعض الدول بمطالبة الحكومة السودانية بحماية العاملين في المجالات الإنسانية وبدأت الانتقادات للحكومة في الاتساع بعد ان أعلن رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في مارس 2004 عن فظائع ترتكب في اقليم دارفور وطالبت الحكومة ان تبدا الحوار مع الصور في دارفور وايقاف المليشيات العسكرية المسلحة التابعة للحكومة والتي ارهبت الاهالي[116]، ومن أهم المنظمات التي ساهمت في زيادة حدة الأزمة بعض المنظمات الدولية والتي بدلا من أن تساهم في إيجاد حل سلمي للحرب قامت التشجيع على الحرب وتأجيج هذه الصراعات ومن أهم هذه المنظمات منظمة هيومن رايتس واتش (HRW) والتي يقع مقرها في الولايات المتحدة الأمريكية ،ومنظمة أطباء بلا حدود والتي حذرت من ان سكان دارفور وعددهم ستة ملايين معرضين لخطر مجاعة كبري[117] ، وهذه المنظمات تعمل علي إبقاء نفسها علي الصورة دائما و ذلك من خلال حملات لجمع الأموال والتبرعات وهذه المنظمات مصلحتها الحقيقية في حق التواجد هو استمرار أي نزاع حتي يضمن لها البقاء حتي تتمكن من تنفيذ الاستراتيجيات الأمريكية والصهيونية في تلك المناطق من العالم.
ومن أكثر المجالات التي تهتم بها هذه المنظمات في دارفور هو مجال المياه بعدد ٤٢ منظمة يليها إصلاح البيئة بعدد ٣٧ منظمة و منظمة الخدمات العامة والتنسيق بعدد ٣٥ منظمة اما بالنسبة للتغذية وحقوق الإنسان فتأتيان في المرتبة الرابعة بعدد ٢٢ منظمة ، والعون الغذائي يأتي في المرتبة الخامسة بعدد ١٢ منظمة اما الأمن الغذائي فيأتي في المرتبة السادسة بعدد ٣ ،منظمات والخدمات البيطرية والتعليم والتدريب المهني والتي احتلت المرتبة السابعة في سلم أولويات هذه المنظمات .
ويعتبر التدخل الإنساني في مسألة دارفور هو مجرد واجهة وذريعة من الذرائع الكثيرة التي تلجأ إليها الولايات المتحدة الأمريكية في كل مرة تحاول فيها التدخل في صميم الشئون الداخلية للدولة ما، وأن تدويل قضية دارفور لم يأت بطلب من حكومة السودان وبعض الدول العربية والإفريقية كما حدث في قضية الجنوب.
وفي بداية أبريل ٢٠٠٣ انفجرت أزمة دارفور و ذلك عند مهاجمة مطار مدينة الفاشر التي تلاها عمل إعلامي مكثف وتلاه وصول عدد كبير من المنظمات الطوعية الأمريكية والأوروبية وقد بلغ عدد المنظمات الأمريكية العاملة في دارفور ٢٠ منظمة تطوعية ، ومنذ بداية الأزمة تغيرت مواقف كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية من الترحيب بالمبادرات السودانية لحل النزاع إلي الهجوم وذلك بسبب الأزمات التي نشبت نتيجة احتلال كل من أفغانستان والعراق
ومن نتائج تدخل المنظمات الأجنبية في السودان :
علي الرغم من الأنشطة الإيجابية التي قدمتها المنظمات الإنسانية إلا أن هناك الكثير من التجاوزات والمخالفات التي ارتكبتها ومنها[118] :
- عدم اتباع الأسلوب الشفاف في الوضع الانساني واصطفاء فريق على اخر من المحتاجين
- اكتشاف إدارة الصحة بجنوب دارفور لأغذية فاسدة وأدعي المسؤول عنها في منظمة اطباء بلا حدود انها افسدت لسوء التخزين
- ضبط بعض المنظمات تتعامل بالتجارة بمواد الأغذية التي تم اعفائها من الجمارك كمنظمة العون الملكي الهولندية
- ضبط منظمه التضامن الفرنسي وهي تمول حركات التمرد بالوقود والمعونات العسكرية الاستخبارية
- ضبط منظمه كوبر الإيطالية وهي تقوم بتهريب مواد الإغاثة عبر الحدود والتعاون مع المتمردين
ومن مخاطر المنظمات الأجنبية العاملة في السودان[119] :’
- مخاطر على الأمن القومي و سيادة الدولة وذلك من خلال المنظمات التي لها وجهات سياسيه او عقائدية معادية او اجنده خفيه ضد مصلحه البلاد وامنها
- ان هناك اخطار غير مباشره تتمثل في تبني بعض المنظمات استراتيجية الضغط على الحكومات كوسيلة لتغيير بعض السياسات الحكومية ذات الأبعاد الاجتماعية وتلجأ في ذلك لتأديب الدول والمؤسسات الكبرى لتحقيق اهدافها مثل أحداث دارفور
- قامت بعض المنظمات بإعاقة معالجات النظام لبعض القضايا في مناطق النزاعات القبلية والاحتكاكات المسلحة وقامت بالتركيز على قضايا جانبية تعزلها عن الاطار القومي العام للمجتمع السوداني وتم في هذا الاطار تسخير وسائل الإعلام للتشويه والتضخيم لتهدئه الأوضاع للتدخل والضغوط الدولية
- محاوله بعض المنظمات القيام بالتأثير على البنيه الثقافية للسكان المتواجدين داخل معسكرات النزوح من خلال الترويج لقيم تتناقض مع القيم الوطنية ونشر سلوكيات دخيلة على المجتمع الوطني.
وعلي الرغم أن هذه المنظمات تعمل جميعها في دارفور ولكن يبدو أن بعضها كان عبارة عن جهات للعمل الإعلامي المضاد و أعمال أخرى غير معروفة وغير واضحة وتشير التقارير أن تلك المنظمات تقوم بصرف أموالها على العمل الإداري والترحال بين دارفور ودولها ومقرها فقط وذكرت بعض التقارير أن العمل الاداري للمنظمات بلغ أكثر من 80 % بينما وظفت 20 % فقط على مهامها الاخرى صحيه ام خدمية وبالتالي فقد تعددت كثيرا في تداول وتهويل قضيه دارفور وساعدت في تطورها لأسباب غير واضحة[120]
وحصل القول أن السودان قبل بمبدأ الوجود الافريقي فكان دور الاتحاد الافريقي بمثابه الحاضر الذي حال بين السودان والتدخل الأجنبي المفروض، أما بالنسبة للدول العربية فقد ناقشت الأزمة في بدايتها وأعلنت رفض أي تدخل اجنبي في دارفور علي أن يقوم السودان باتخاذ الاجراءات العاجلة لحماية المهاجرين من هجمات الجنجويد وبالتالي فقد ايدت قرار مجلس الامن رقم ١٥٥٦ والذي يدين السودان ولم يكن لديها ما تقدمه ما عدا تحرك بعض الدول العربية في مجال الدعم الانساني وهذا شيء ايجابي في بدايات مراحل تحرك الأزمة ولكنها لاذت بالصمت في أغلب الأحيان وتركت الساحة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي وتحركت بعد عقد قمه الخرطوم ولكن بعد ان رفض مجلس الامن قرارات ضد السودان واصبحت لازم تجاه المنظمة بحكم عقبتها.
وقامت[121] محكمة الجنايات الدولية في 4 مارس 2009 بإصدار قرار يقضي باتهام الرئيس السوداني عمر احمد البشير بارتكاب جرائم في اقليم دارفور وأسقطت المحكمة تهمه الإبادة الجماعية وقد كانت للمنظمات الأجنبية العاملة في دارفور دور هام في صدور هذا القرار وكان لها تأثير على المحكمة الجنائية برفع التقارير الخاطئة عن الوضع الانساني والأمن بالإضافة الى تأثيرها فى زيادة حدة الصراع والدعم للحركات المسلحة بالعديد من وسائل الاتصال والامداد بالمؤن والغذاء ، وقد أحدث هذا القرار وردود أفعال واسعة كانت لها انعكاسات على الصعيد العالمي و الاقليمي والمحلي فعلي الصعيد العالمي لم يستطع مجلس الامن إصدار قرار بشان ارجاع المنظمات المبعدة للعمل في دارفور واكتفي بالتهديد
وفي هذا الاطار أشار مندوب السودان في الأمم المتحدة الى وجود ادله على تورط تلك المنظمات في انشطه تنافي الممنوح لها وانها تشكل تهديد لسيادة وكرامه السودان و لم تلتزم بعملها في المجال وقد وصل الأمر مرحله تطلب التدخل لتصحيحه وقد بلغ عدد المنظمات المبعدة حوالي 13 منظمة من إجمالي المنظمات البالغة 188 منظمه مسجلة في السودان ويتمثل بنسبه ٩’٦ % من العدد الكلي و يوجد الان بدارفور 71 منظمة أجنبيه منتشرة في جميع انحاء الاقليم وأوضحت الحكومة أن غالبية هذه المنظمات التي شملها قرار الطرد هي منظمات تقوم بتوزيع بالإغاثة ودورها ينحصر في التوزيع فقط ما عدا اطباء بلا حدود وأوضحت الحكومة انها قادره على تغطيه الوضع الانساني وانه لن يحدث تأثير كبير يذكر. [122]
ثانياً : أثر المنظمات الأجنبية علي الأمن القومي السوداني:
أولاً: الأثر الأمني:
تعرض الأمن القومي السوداني بمختلف مفاهيمه عسكرياً وسياسياً واجتماعيا واقتصادياً وثقافياً لأكبر الاختراقات جراء التواجد الضخم للمنظمات الأجنبية بكافة أنواعها وتخصصاتها، التي ظلت تمارس هذا الاختراق طوال فترة تواجدها أثناء حرب الجنوب، مستفيدة من الإمكانات المادية والبشرية الضخمة التي قدمتها لها الدول المانحة، وعندما اقتضت مصالح هذه الدول إيقاف حرب الجنوب ، تحولت هذه المنظمات بسرعة فائقة لمنطقة دارفور وقامت بإجراء ما يلزم من تصعيد للأزمة محدثة نفس التهديد والاختراق للأمن القومي السوداني ، وذلك بحسب ما تمليه استراتيجية الدول الكبرى للمنظمات الأجنبية علي الأمن القومي السوداني [123].
تمثل المنظمات الطوعية العالمية الذراع الفاعل لأجهزة استخبارات دولهم المانحة، ويمثل أفراد الأمن والاستخبارات مجموعة كبيرة من الكوادر العاملة بها وقامت بممارسة نشاط استخباري واسع في منطقة دارفور والمناطق العسكرية المجاورة لها ، وتُقدم المنظمات الطوعية العالمية من خلال عملها الإنساني داخل معسكرات النزوح بالداخل واللجوء بالخارج وتقوم باستغلال واستقطاب أصحاب الحاجة من المواطنين للحصول علي المعلومات في إعداد تقاريرها التي ترسمها للجهات الممنوحة والدول المانحة، مما يعتبر أكبر مهدد للأمن الوطني، كما تقوم المنظمات الطوعية العالمية باستغلال عملها مع المنظمات الدولية العالمية للبلاد ومع بعض الوزارات المتخصصة بالدولة للحصول علي معلومات هامة تقوم بالاستفادة منها في خططها المعادية بالتنسيق مع الحركات المتمردة وتكوين مادة ترسلها لدولها المانحة عبر التقارير الدولية ليصبح من اكبر مهددات الامن القومي السوداني[124].
ثانيا: الآثار السياسية:
حاولت الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الدول الغربية مبكراً ارجاع حكومة الانقاذ عن توجهها السياسي الذي التزمت فيه بمبادئ كحرية القرار السياسي ورفض الوصاية السياسية والاعتماد علي الذات ، وذلك بهدف النهوض بالسودان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، وكانت الوسائل التي استخدمتها الدول الغربية في ذلك الوقت هي اعتماد المنظمات الدولية الطوعية العالمية ، وقد استغلت هذه المنظمات طبيعة عملها ذو البعد الانساني والطوعي لإنفاذ الأجندة المطلوبة بواسطة هذه الدول حيث ان تنفيذها هو السبيل للحصول علي التمويل المطلوب.
مارست المنظمات الطوعية العالمية ضغوطاً شديدة علي البلاد عبر المنظمات الدولية وعبر سفارات بلادها بالسودان، وذلك تجاوزاً للوائح والقوانين التي تلزمها بها وزارة الشئون الإنسانية ، وكانت في معظم الأحيان تمارس عملاً ليس له علاقة باختصاصاتها تجاه النازحين أو اللاجئين، حيث كانت تمارس أنشطة سياسة تسعي من خلالها لإحراج الحكومة وإضعافها وتسلبها حقها في ممارسة سيادتها علي شعبها وأراضيها ونجد ذلك واضحا إبان إصدار رئيس الجمهورية قراراً بطرد مجموعة المنظمات بتحريض المجتمع الدولي وحثه علي التدخل السريع لإنقاذ خمسة من السفراء الغربيين من بينهم سفراء الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وبريطانيا وآخرون.
واستطاعت المنظمات الطوعية العالمية الدولية عبر إعلامها المكثف أن تجعل من الأزمة في دارفور القضية الأولي في العالم وذلك رغم وجود قضايا هامة ومؤثرة في السلام والأمن الدولي كقضية فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها، وقد كان لهذه المنظمات الدور الكبير في تصعيد هذه المشكلة الداخلية وانعكس ذلك بالزيارات المتكررة من أكبر المسؤولين في العالم لإقليم دارفور، مثل الأمين العام للأمم المتحدة السابق(كوفي عنان) ووزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية السابق( كولين باول) ووزير خارجية بريطانيا السابق (جاك استرو) ووزراء خارجية معظم الدول الأوربية وغيرهم وكل هؤلاء كانوا يمارسون ضغوطاً شديدة علي الحكومة السودانية ، ويتدخلون في شئونها الداخلية كما أنهم يوجهون بإطلاق يد المنظمات الطوعية العالمية لتفعيل ما تريد تحت ستار الإغاثة.
ثالثاً الآثار الاقتصادية:
عمل المنظمات الأجنبية في السودان قد أورد كثير من المسئولين انها لا تصدق منها علي العمل الانساني اكثر من 15% بينما تستغل باقي المبلغ في المنصرفات الإدارية المختلفة وعلي العاملين والأشياء الهامشية الأخرى بالمعسكرات كما أنها تتجنب الصرف علي بنود التنمية والإعمار ، وهي بهذا الأسلوب تدفع أموالاً ضخمة في ايجار المنازل في مدن دارفور التي كانت الإيجارات فيها زهيدة كما يدفعون مبالغ ضخمة لشراء وإيجارات السيارات ، ولشراء المعدات الخاصة بالترفيه كالتلفزيونات والسينما للنازحين بالمعسكرات، كما ارتفعت أسعار المهن الهامشية ، وخلقت هذه الأنشطة مجموعات من السماسرة والمنتفعين الذين أصبحوا لا يرغبون في العمل الجاد والتنمية ، بل لا يرغبون في رحيل هذه المنظمات حرصاً علي مصالحهم[125] .
عمل المنظمات الأجنبية في السودان:
دخلت معظم المنظمات الطوعية العالمية السودان مؤخراً بدعوي مساعدة النازحين للمشاركة في وضع السلام بالبلاد وخاصة في دارفور ولكن بمجرد دخول هذه المنظمات لدارفور ، أصبحت تكتب التقارير المزيفة وترسل البيانات الكاذبة وذلك بدعاوي الرق وانتهاك حقوق الانسان وتقارير عن اغتصاب للنساء ما فعلته منظمة أطباء بلا حدود الهولندية حيث ان هذه التقارير كانت تعكس أقبح الصور عن أحوال المواطن السوداني بدارفور ، ويتم الترويج لهذه التقارير عبر الآلة الاعلامية بالداخل والخارج[126].
واستطاعت أجهزة الإعلام الغربية ومن خلال التقارير التي تصلها من المنظمات الطوعية والأجنبية ان تملأ العالم بالمعلومات المضللة عما يدور في دارفور، حتي أصبح كل العالم يعرف دارفور ويتحدث عنها ، كما استطاع هذا الإعلام ان يروج كثيراً من الأفعال الغير موجودة والتي عبر هذه التقارير ، وقد كان التركيز كبيراً جدا علي مصطلح (الجنجويد) وتمثل كأكبر الأخطار المائلة من القبائل العربية علي القبائل الأفريقية بدارفور ، كما ان الاعلام الغربي المضلل استهدف بهذا التركيز علي الجنجويد أن يزرع الفتنة بين القبائل السودانية( عربية – إفريقية) وان يضعف تماسك المجتمع وان يشوه صورة الأمة السودانية المسلمة ، وتعتبر هذه الأنشطة الإعلامية التي تمارسها المنظمات من أشد المؤثرات علي الرأي العام العالمي والأمريكي، والتي أصبح بسببها يستهدف بصورة واضحة وحدة الأمة وأمنها القومي.
رابعاً الآثار الاجتماعية والثقافية:
استطاعت المنظمات الأجنبية العاملة في قطاع دارفور إحداث تغيرات اجتماعية كبيرة سواء في العادات والتقاليد او القيم المُجملة، كما استطاعت إحداث بعض التحولات الثقافية علي مجتمع دارفور مثل التحدث باللغة الإنجليزية علي حساب العربية ، ارتداء الملابس الغربية بدلاً عن المحلية ، كما أثمر هذا الوجود عن إضعاف روح العمل والمثابرة التي عُرف بها أهل الإقليم كما سادت روح السلبية والاتكالية والاعتماد علي الإغاثة وسط المواطنين ، وذلك إضافة الي وجود نشاط لتنصير المسلمين بدارفور واتضح ان الوسائل المستخدمة في التنصير تتمثل في الأموال وتقديم المساعدات والخدمات بالإضافة الي توزيع الكتب التنصيرية.
وهناك مجموعة من العوامل التي تهدد الأمن الاجتماعي ومنها:
- الانحراف: وهو الابتعاد عن المسار المحدد وانتهاك القواعد والمعايير ومجانبة الفطرة السليمة، واتباع الطريق الخطأ المنهي عنه، حكماً وشرعاً
- الغلو: يعني التجاوز المجانب لحد الاعتدال، ولعل أخطر اشكال الغلو هو الاعتقاد الذي يعتمد المنهج التكفيري لمستواه، مما يبيح له ارتكاب الجرائم بحقه ومعاداته.
- المخدرات: وهي من أخطر الآفات التي تهدد المجتمع وتعبث بكيانه واستقراره لما تتركه من آثار سلبية علي صحة الابدان والعقول.
- الفقر: يعتبر الفقر من أبرز المشكلات الاجتماعية والاقتصادية حيث يؤدي الحرمان والعوز الي بروز حالات الجنوح التي تدفع أصحابها الي السرقة والانتقام .
العولمة الثقافية وأساليبها:
يواجه السودان الكثير من التحديات من جراء سعي الغرب محاولة فرض النموذج الاجتماعي الغربي علي العالم الاسلامي عن طريق العولمة الثقافية والاجتماعية والتي انعكست علي المجتمع السوداني.
واستخدمت العولمة الثقافية اساليب ناجحة في التأثير علي الدول النامية منهل ما يلي:[127]
- اسلوب الاغراق: وهذا يتم عبر كثافة المواد المنتجة والموجهة للعالم.
- اسلوب زعزعة القناعات: ويعتبر من الأساليب المستخدمة مع الدول الاسلامية مثل التشكيك والتضليل الاعلامي والصاق التهم بهم كالإرهاب والأصولية.
- اسلوب التحدي والاحتقار: كثيرا ما يثبت في الغرب تصديه لبعض القضايا ويؤكد انه صاحب الحل الأوحد.
- اسلوب الابهار والانقياد: وذلك باستهداف الشباب والنساء باسم التحرير والمساواة.
ومن خلال ما سبق عرضه نستنتج ان؛ لقضية دارفور وجها آخر غير انساني، حيث يعكس حقيقة الاطماع الاستعمارية والتنافس الدولي في المنطقة بعد انتهاء سنوات الحرب الباردة، بل انه يشير الي العداء الموروث بين الاسلام والغرب وعملية اعادة تشكيل الوعي الغربي تجاه قضايانا بعد احداث 11سبتمبر لعام 2001، وان محاولة تجاوز حقائق التاريخ واستبعاد مكونات الصراع الحقيقية في ازمة دارفور تعكس حقيقة التدخل الدولي الانساني وتكشف عن الوجه الآخر للمنظمات الدولية التي اوهمتنا بانها تسعي لإنقاذ دارفور.
وبالتالي يبدو لنا واضحا وبدون اي تشويه ان تدخل هذه القوي الكبرى والمنظمات الاجنبية التي تمول من قبل هذه القوي لم يكن لصالح تسوية الازمة كما ادعت او لتخليص السودان من الحروب الاهلية والنزاعات العرقية او لوقف انتهاكات حقوق الانسان في اقليم دارفور وانما كان لخدمة مصالحها اولا واخيرا، وتامين الثروات الطبيعية في السودان لصالحها والحصول علي البترول عالي الجودة في تلك المنطقة المكتظة بالبترول الذي وصفت بانها بكر وهو ما كشفت عنه بعض البحوث والدراسات، وبالتالي قد احدث هذا التدخل ليس فقط انتهاكا للسلم والامن السوداني، واستغلالا لموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية، بل سلب حقها في السيادة وعدم التدخل في شئونها الداخلية واضعف مركزها الدولي وسلب هويتها وثقافتها وجعلها تنجرف في دوامة من الحروب كانت بداية نهايتها قرار تقسيم السودان.
الخاتمة:
إن دراسة موضوع التدخل الدولي الإنساني يستوجب علينا استخلاص المبادئ والأطر القانونية الأولى وهي الأحكام التي دعت إليها منظمة الأمم المتحدة في احترام مبادئ السياسة الداخلية للدول من جهة وكذلك احترام حقوق الإنسان وحمايتها من جميع أنواع الانتهاكات المستمرة، حيث أنه حماية هذه الحقوق يحقق جوهر النظام القانوني الممثل في ضمان التطبيق الفعلي للالتزامات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان التي يتماثل الإلتزام بها مع أي إلتزام قانوني دولي من خلال وسائل محددة في الاتفاقيات الدولية ذاتها.
وعليه تبين لنا من خلال ما عرضناه من أفكار ومعطيات أن احترام الدول لبعضها البعض في إطار أحكام منظمة ال الأمم المتحدة يعد السبيل الأفضل لحفظ السلم والأمن الدوليين حيث أنه تعد المعاهدات أفضل اسلوب تعتمده المنظمات الدولية لإقرار حقوق الإنسان وتعزيز حمايتها داخل الدول وهذا هو الإطار القانوني للحماية الدولية لحقوق الإنسان، أما بالنسبة للإطار السياسي فيمكن القول إلى أن هذه الحماية تتخذ خطواها ليس استناداً الى أطر وتنظيمات وأجهزة متخصصة فقط في مجال حقوق الإنسان، ولكنها تستند الى الأجهزة الدولية الرئيسية التي تختص بالشؤون الدولية العامة، كما أن الاهتمام المتواصل بحقوق الإنسان وحمايتها والتأكيد عليها في جميع المنتديات والملتقيات لن يكون ذا جدوى ما لم يجد ترجمة عملية مؤسسة مستقرة تجعل معطيات حقوق الإنسان ومفرداتها جزء من الحياة اليومية للفرد والمجتمع، إذ أن وجود آليات دولية هو مسألة ضرورية وفعالة في سبيل تعزيز حقوق الإنسان غير ان هذه الآليات لا يمكن أن تتعدى حدود احترام سياده الدول واختراقها بدون ضابط قانوني ودولي، لأن ذلك يعود على المجتمع الدولي بها حبس خطير وهو إباحة التدخل الدولي في الشؤون الداخلية للدول و كسر قيود الشرعية الدولية دون مبرر قانوني، مما قد يؤدي إلى استفحال ظاهرة الإستبداد الدولي التي تمارسها الدول القوية على الدول الضعيفة من أجل الوصول الى أطماع اقتصادية قد تم التخطيط لها من قبل برسم خطة الدفاع عن حقوق الانسان والتدرع بأسس ومبادئ المسؤولية الدولية التي قد تقتضي على الدول والمنظمات الدولية المختلفة مساعدة الجنس البشري أينما كان كلما مورست عليه أنواع الإستبداد والانتهاكات.
ولذا فإن التدخل الإنساني يجب أن يكون موجهاً لوضع حد لانتهاكات مجموعة من الحقوق التي تصنف كأساسية والتي تحوز القبول من غالبية أعضاء المجتمع الدولي غير أننا نعتقد أن جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المتضمنة في الوثائق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان تستحق من حيث الأصل أن تحمي بواسطة التدخل الإنساني، إلا أن أهمية التفرقة بين حق وآخر تتجلي في اختيار الوسيلة المناسبة التي يتم بها التدخل الإنساني من خلالها فلا يتصور استخدام القوة المسلحة لتنفيذ تدخل إنساني دولي في حالة الاعتداء الجسيم.
لكن تجدر الاشارة إلى أنه بالرغم من العثور على نصوص قانونية تمثل الأساس القانوني للتدخل الإنساني ومع إمكانية الاقتناع بالاعتبارات الإنسانية التي تمنح مبررات شرعية للتدخل فإن هذا لا يعني إضافة صفة الشرعية على كل تدخل يدعي بتنفيذه لدوافع إنسانية، فثمة قيود معينة يجب الالتزام بها لينطبق وصف الشرعية على هذا التدخل وإن تجاوز مثل هذه القيود من شأنه نعت هذا التدخل بعدم الشرعية.
وهذه القيود نجدها في الضوابط التقليدية التي ارساها ميثاق الأمم المتحدة متمثلة في مبدأ السيادة وعدم التدخل في شؤون الدول وبتطبيق الاستنتاجات التي توصلنا إليها في الموضوع يمكن الجزم بأن ترجيح حق أخر ليس له طابع الثبات بل هو عرضة للتغير، فالتسليم بوجود حقوق دولية للإنسان يعني بداهة أن مجالاً من المجالات الأساسية للاختصاص المطلق للدول، أصبح محلا لتخلي القانون الدولي العام بالتنظيم والحماية ومن هنا تثور مشكلة حول مدي وجود حق للدول والمنظمات الدولية في مراقبة تقرير وفرض احترام حقوق الإنسان تجاه سيادة الدول، وكذلك الأمر لنطاق عدم التدخل ومراعاة المجال المحجوز للدول أي أن هناك حالة من حالات تنازع الحقوق.
ومع ذلك يجب عدم إطلاق أحكام عامة بإباحة التدخلات الانسانية واكثر من هذا فإنه يتوجب عند الاعتراف بفرضية واجب التدخل الانساني ان يتم تقييد هذا الحق بضوابط وتزويده بضمانات حتي لا يحيد عن الهدف سواء كانت ضمانات ذات بعد وقائي تحول دون تأزم الوضع او ذات بعد علاجي عندما تكون أمام وضعية لا مفر فيها من تدخل انساني مسلح بتكريس الالتزام بأحكام القانون الدولي الانساني ، وبتحليل السوابق الدولية في التدخل لصالح الانسانية يتبين ان تذرع الدول بهذا المبرر ليس إلا وسيلة للتدخل في نزاع داخلي ، وهو سمة من سمات العلاقات غير المتكافئة التي سادت في نهاية القرن الماضي، وبداية هذا القرن بين الولايات المتحدة الامريكية والدول الأوربية من جهة، وبين الشعوب الأخرى لدول العالم من جهة أخري ، وإذا ما تفحصنا الممارسة الدولية للتدخل الانساني قد تصل الي مفاده ان التدخلات المسلحة المحركة رسمياً تحت غطاء “الاعتبارات الانسانية” كانت في أغلب الاحيان غطاء لسياسات القوة التي سببت في احيان كثيرة أشد الاضرار علي حقوق الانسان، وبالتالي فإنه لا مفر من دراسة التدخلات الإنسانية حالة بحالة لمعرفة ما اذا كان التصرف المتخذ شرعياً ام لا، وبناءاً عليه لا يمكن شرعياً الا علي هذا الأساس.
ان الاهتمام المتعاظم باحترام حقوق الانسان والتأكيد علي عالميتها وعدم تجزئتها هو من أهم المبادئ الأساسية لهذا العنصر، حيث أصبحت شرعية الحكم في اي دولة تقاس بمدي احترام حقوق الانسان ، حيث اتسعت مجالات حقوق الانسان بظهور حقوق أخري مثل الحق في السلام، الحق في التضامن ، الحق في بيئة نظيفة الي ما اخره من هذه الحقوق.
وبالتالي فمن هذا المنطلق يكون القانون الدولي الانساني الحامي لحقوق الانسان أسمي من القوانين الدولية والوطنية ، فالقواعد الخاصة بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها وعدم إبادة الجنس البشري أينما كان تعد قواعد آمرة في القانون الدولي المعاصر وعليه لا يجوز مخالفتها، وبالتالي فالإنجاز الذي حققه العهدان الخاص بحقوق الانسان كان حاسما في خلق نوع من الشرعية الدولية، وعليه فهناك علاقة وطيدة بين القانون الدولي الانساني والقانون الداخلي من حيث بلورة حقوق الانسان وصياغتها بصفة القواعد الآمرة.
وعليه تساهم الاعتبارات السياسية بدور مهم في مدي فاعلية أجهزة الحماية الدولية لحقوق الانسان وعليه يبقي موضوع التدخل الانساني موضوع شائك وفعال في نفس الوقت لارتباطه بحقوق الانسان من جهة وبسيادة الدول وإلزامية احترامها من جهة أخري ، وكذلك ملاهما مرتبط بما يسمي بنظام المسؤولية الدولية وقواعد الشرعية الدولية عامة.
ان حماية حقوق الانسان في المجتمع الدولي بفعالية التدخل الدولي الانساني يفترض بداية تمكين كل فرد في المجتمع الدولي أولاً، ولكل دولة أو منظمة دولية الحق في التبليغ عن اي انتهاك داخلي او خارجي ويكون ذلك في تلاقي ثلاث علاقات لابد من احترامها مع بعضها البعض، وهي السيادة من جهة وحماية الجنس البشري من جهة أخري وتمكين التدخل الدولي للضرورة من جهة ثالثة، وهذه الحلقة الأخيرة التي تعكس مدي فعالية المواثيق الدولية والقوانين العامة التي تكفل حماية الدولة من جهة بسيادتها وحماية رعاياها كشعب سياسي واجتماعي من جهة أخري.
وأمام هذا التلازم بين الحماية وفرض احترام الشرعية الدولية كأساس دولي يفرض أساساً حماية سيادة الدول كمبدأ أصلي في القانون الدولي القديم والمعاصر ، ويمكننا القول ان القانون الدولي الانساني بكل مفاهيمه ومعطياته يفرض علينا ضرورة التكفل بجميع حالات الانتهاكات التي قد تحدث في العالم بأسره، وأمام ما يعرف الآن بالعولمة وتصغير العالم وجعله كدولة واحدة، ويمكن تحديد هذه الحالات بمختلف مجريات الأحداث التي قد تضر بالإنسان والإنسانية جمعاء.
النتائج:
وقد خلصت الدراسة الي مجموعة من النتائج اهمها:
- علي الرغم من ان معظم دول العالم تنشد الانسانية وحقوق الانسان وخاصة الكبري منها، الا انه مازال هناك انتهاكات كبيرة لحقوق الانسان في معظم دول العالم، والمفارقة هنا ان هذه الدول الكبري تستغل انتهاكات حقوق الانسان في هذه الدول كذريعة للتدخل واحداث انتهاكات اكبر ولكن هذه المرة تخت غطاء الشرعية.
- ان قواعد القانون الدولي مازالت قاصرة عن مد يد العون لسائر الدول بنفس القدر من الانصاف اذ نلاحظ انها لا يتم العمل بها او تفعيلها الا اذا كانت تخدم مصالح الدول الكبري فقط وكأنها وضعت لترعي مصالح الدول الكبري وتلحق العقوبات بتلك الدول التي لا تقوي علي الاعتراض.
- لا تمتلك قواعد القانون الدولي حتي الان القوة الالزامية التي تستطيع من خلالها فرض العقوبات علي الدول المخالفة ولكن الدول الكبري تمتلك هذه القوة وهذا ما جعلها لديها الصلاحية لخرق قواعد القانون الدولي دون مجال لاعتراض الدول الأخري والادعي من ذلك انها تستطيع فرض العقوبات علي الدول المخالفة وكأنها احتكرت القانون الدولي لمصلحتها.
- اصبحت قضايا حقوق الانسان بمثابة الأداة السياسية التي تستخدمها الدول الكبري لتحقيق مصالحها وليس لتخليص الانسانية من ويلات الحروب والصراعات كما تدعي.
- اصبح للمنظمات الطوعية دور كبير في تحقيق اهداف المنظومة الدولية واغراض التنظيم الدولي وفي تحديد سياسات الدول تجاه رعاياها.
- يتضح ان التدخلات التي حدثت في اقليم دارفور كان بعضها في مصلحة الازمة وكان مكتسبا للشرعية ولكن معظمها كان غير مشروع ويمثل تحايلا علي القانون واستغلالا للازمة لتحقيق مصالح معينة بعيدة تماما عن الغرض الاساسي للتدخل.
- يتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك ان هناك علاقة قوية بين مصالح الدول الكبري والتدخل الدولي الانساني في السودان تحت مظلة مجلس الامن، حيث ان السودان كان دائما محل اطماع القوي العظمي لاسيما الولايات المتحدة وفرنسا والصين وبالتالي يمكن تفسير هذا التدخل الموصوف بانه انساني من خلال متغير النفط وطبيعة العلاقة مع النظام السوداني.
- واخيرا يمكن القول ان هذا التدخل الانساني في دارفور لم يأخذ من الانسانية سوي الاسم فقط وان كل ما حدث في السودان كان عكس المزعم تنفيذه بل كان خرقا صارخا لسيادتها، وان المحرك الاساسي لهذه القوي الكبرى في اي دولة هي مصالحها فقط وانها تنظر للاعتبارات الانسانية علي انها تلك العصا السحرية التي تحقق لها السيادة والنفوذ الدولي وتبيح لها التدخل في شئون الدول وانتهاك سيادتها.
التوصيات:
وفي الختام يتقدم فريق البحث بمجموعة من التوصيات لكل الأطراف المعنية في الأزمة، وأيضا لتجنب تكرار الأزمة السودانية في أي دولة أو في السودان ذاتها مرة أخرى:
- اذا كان لابد من التدخل الانساني فيجب أن يكون هناك اجماع دولي حول حتمية هذا التدخل وتقديم ضمانات بأن يكون له قواعد يتم في سياقها ولا يتخطاها.
- يجب عدم استخدام القوة العسكرية في التدخل واللجوء إلى أساليب سلمية أكثر فاعلية.
- يجب على الدول الكبرى والمنظمات الدولية والاقليمية عدم تسييس حق التدخل الإنساني من خلال استغلاله كذريعة للتدخل في الدولة وتفتيت النسيج الاجتماعي، وهو ما اتضح من الدور الإسرائيلي مثلا خلال أزمة السودان.
- يجب على المنظمات الدولية والإقليمية التنسيق مع الأمم المتحدة والمحكة الجنائية الدولية، بحيث تقوم المنظمات الدولية الإنسانية بإخطار الأمم المتحدة بأي انتهاكات لحقوق الإنسان حول العالم، ومن ثم يتم اتخاذ ما هو مناسب من قرارات، وبالتالي تضيع على الدول الكبرى فرصة التدخل في الدولة المعنية باسم الإنسانية لتحقيق أغراض سياسية.
قائمة المراجع:
- مراجع باللغة العربية
اولا: الكتب
د. محمد عبدالحميد احمد، دور المنظمات الدولية غير الحكومية في عمليات بناء السلام في أفريقيا بعد انتهاء الحرب الباردة، (القاهرة :المكتب العربي للمعارف، ٢٠١٧، الطبعة الأولى).
سام برايك، القومية في عالم العولمة، بدوي عبدالفتاح (مترجم)، (القاهرة، مركز المحروسة، ٢٠١٥، الطبعة الأولي)
انس اكرم العزاوي ، التدخل الدولي الإنساني بين ميثاق الأمم المتحدة والتطبيق العملي، دار الجنان للنشر والتوزيع.
محمد يعقوب عبد الرحمن، التدخل الانساني في العلاقات الدولية ،مركز الإمارات للدراسات والبحوث ، ط١.
المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، الادارة العامة للمعاجم والاثار، مطبعة الشروق الدولية، مصر ، الطبعة الرابعة، 2004.
احمد الرشيد، حقوق الانسان دراسة مقارنة في النظرية والتطبيق، مكتبة الشروق الدولية ، بدون طبعة، القاهرة، 2003.
منير البعلبكي(المورد)، دار العلم للملايين، بيروت ، الطبعة الثانية، 1994.
عدي محمد رضا يونس، التدخل الهدام القانون الدولي دراسة مقارنة، المؤسسة الحديثة للكتب، 2010، بدون طبعة.
مارل مارشال، سيسيولوجيا العلاقات الدولية، ترجمة حسن نفعة، دار المستقبل العربي، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1986.
احمد الفريدي،حقوق الانسان: دراسة مقارنة في النظرية والتطبيق، مكتبة الشروق، القاهرة.
موريس توريللي، هل تتحول المساعدة الانسانية الي تدخل انساني، في د. مفيد شهاب (وآخرون)، دراسات في القانون الدولي الانساني، دار المستقبل العربي، القاهرة، 2000.
قادري عبدالعزيز، حقوق الانسان في القانون الدولي والعلاقات الدولية، دار هومة، الجزائر، ٢٠٠٣.
د إبراهيم العناني، التنظيم الدولي (النظرية العامة للأمم المتحدة)، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر، ١٩٨٢.
محمد سعيد الدقاق، المنظمات الدولية المعاصرة، منشأة المعارف، الاسكندرية.
محمد خليل مرسي، استخدام القوة في القانون الدولي المعاصر، دار وائل للنشر، عمان ، 2009، الطبعة الاولي.
محمد بو سلطان، مبادئ القانون الدولي العام، ديوان المطبوعات الجامعية، 2005، الطبعة الاولي.
سعيد أحمد باناجة، الوجيز في المنظمات الدولية والإقليمية، مؤسسة الرسالة، ١٩٨٧.
بدر الدين احمد ابراهيم، ثورة المعلومات الواقع وآثار المستقبل، ط1، بيروت، دار الفكر، 2009.
احمد ابو الوفا، الحماية الدولية لحقوق الإنسان في إطار منظمة الأمم المتحدة والوكالات الدولية المتخصصة،ط١،دار النهضة العربية، القاهرة ،٢٠٠٠.
فوزي صديق، مبدأ السيادة والتدخل، دار الكتاب الحديث، ،القاهرة،١٩٩٩.
غسان الجندي، اركو لوجيا المعرفة في عمليات حفظ السلام الدوليين، دار وائل للنشر، عمان، 2000.
فيصل الشنطاوي، حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، دار الجامعة، عمان، الأردن، ١٩٩٩.
عمر محمد الزناتي، حماية حقوق الإنسان في إطار الأمم المتحدة، دار النهضة العربية، القاهرة.
معمر فيصل خولي، الأمم المتحدة والتدخل الدولي الانساني، دار المنال للنشر، الاردن، 2011.
محمد بوسلطان،مبادئ القانون الدولي العام ،دار النشر والتوزيع ،١٩٩٩.
صلاح الدين عامر، قانون التنظيم الدولي، دار النهضة العربية،القاهرة، ١٩٨٤.
هنداوي حسام احمد محمد، التدخل الانساني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997، الطبعة الاولي.
بوراس عبد القادر، التدخل الدولي الإنساني وتراجع مبدأ السيادة الوطنية، دار الجامعة الجديدة.
محمود شاكر،المسلمون في الفلبين ودولة مورو،المكتب الإسلامي ،السودان،، ط٢، ١٩٥٨.
عقيد شرطة عماد الدين مضوي، المنظمات الأجنبية الأبعاد الإنسانية والمهددات الأمنية، 2007م.
شمس الهدي ابراهيم ، دارفور المؤامرة الكبري ،ط١، السودان، شركة مطابع السودان للعملة المحدودة ، ٢٠٠٦
الرشيد خضر ، لجنة تقصي الحقائق حول الانتهاكات لحقوق الإنسان في دارفور ،الخرطوم ، القناة للطباعة والتجارة المحدودة ، إدارة النشر والإنتاج الإعلامي، ٢٠٠٥.
عمر محمود المخزومي، القانون الدولي الانساني(في ضوء المحكمة الجنائية الدولية)، دار الثقافة، بدون طبعة، عمان، 2008.
الصادق المهدي، نحو ارساء قواعد العدل والسلام والانصاف في دارفور، مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، 2007.
صلاح الدين عبدالرحمن دومة، اثر مشكلة دارفور علي سياسة السودان الخارجية، بدون طبعة، الخرطوم، 2006.
زكي البحيري، دارفور اصول الازمة وتداعيات المحكمة الجنائية الدولية، مكتبة النهضة المعرفية، بدون طبعة، القاهرة، 2008.
عبده مختار موسي، دارفور من ازمة دولة الي صراع الدول العظمي، مركز الجزيرة للدراسات، بيروت ،2009.
انس كرم العزاوي، التدخل الدولي الانساني بين ميثاق الامم المتحدة والتطبيق العملي دراسة مقارنة، الجنان للنشر والتوزيع، 2008، الطبعة الاولي.
زكي البحيري، مشكلة دارفور، أصول الأزمة وتداعيات المحكمة الجنائية الدولية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، بدون طبعة، القاهرة ،٢٠١٠.
حسام احمد محمد هنداوي، التدخل الدولي الإنساني، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٩٩٧.
عبدالعزيز محمد سرحان، الامم المتحدة بمناسبة مرور ٤٠ عام على إنشاءها، دار النهضة العربية، القاهرة.
عمران عبدالسلام الصوفاني، مجلس الامن وحق التدخل لفرض احترام حقوق الانسان، منشورات جامعة قاريونس، ليبيا، الطبعة الاولي، 2008.
بوجلال صلاح الدين، الحق في المساعدة الانسانية دراسة في احكام القانون الدولي وحقوق الانسان، دار الفكر الجامعي للنشر، الاسكندرية، الطبعة الاولي، 2008.
محمد خالد الحاج وآخرون، دارفور الحقيقة الغائبة، المركز السوداني للخدمات الصحفية، الطبعة الاولي، 2004.
عصام عبد الفتاح مطر ، القانون الدولي الإنساني، دار الجامعة الجديدة ، ٢٠٠٨.
حاتم محمد يوسف، حرب إسرائيل السرية: الطائرات من دون طيار، لندن، دار إي – كتب، 2018، ط 1.
علي ابراهيم ، حقوق الإنسان والتدخل لحماية الإنسانية، ط١، دار النهضة العربية، القاهرة ، ٢٠٠٠.
مسعد عبد الرحمن زيدان قاسم ، تدخل الأمم المتحدة في النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي ،ط١ ، دار الجامعة للنشر ،الإسكندرية، ٢٠٠٣ .
حمدي عبدالرحمن، افريقيا وتحديات عصر الهيمنة، القاهرة، مكتبة مدبولي، 2007.
اسماعيل سليمان ، المشكلة القومية واتفاقية السلام في السودان، الخرطوم ، الشركة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، ٢٠٠٧.
عمر حسين حنفي ، التدخل في شؤون الدول بذريعة حماية حقوق الإنسان، دار النهضة العربية، القاهرة ، ط١، ٢٠٠٤/٢٠٠٥.
ثانيا: الدوريات
مارتز كوسلر، مفهوم التدخل الانساني في اطار السياسات الحديثة، مجلة السياسات الدولية، العدد٨، ٢٠٠٢.
عسان الجندي، نظرية التدخل الانساني في القانون الدولي العام، مجلة المصرية للقانون الدولي، العدد٤٣، ١٩٨٧.
وحيد رأفت، القانون الدولي وحقوق الإنسان، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد٢٣، ١٩٧٧.
كريستينا بيلانديلي، اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتنفيذ قواعد الإخلال بقواعد القانون الدولي الانساني، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد ٣٧.
د. نجوي امين الغوال، الصومال ما بعد التدخل الدولي، مجلة السياسة الدولية، العدد 21/1995.
بدر حسين شافعي، الرؤية الأمريكية لأزمة السودان، مجلة السياسة الدولية، مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، العدد ١٥٣، القاهرة، ٢٠٠٣.
كاظم هاشم نعمة، أزمة دارفور السودانية، العروبة والتدويل والافرقة، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، عدد٣١٤، عام٢٠٠٤.
أحمد إبراهيم محمود، المسألة الأمنية في مفاوضات دارفور، مجلة السياسة الدولية، مركز الأهرام، العدد١٦٥، يوليو ٢٠٠٦.
محمد ابو الفضل، المحكمة الجنائية والخيارات السودانية، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، العدد 176، ابريل، 2009.
حمدي عبدالرحمن حسن، التنافس الدولي في القرن الافريقي، مجلة السياسة الدولية، العدد 177، 2009.
عبد الفتاح عباس صالحين، دور المنظمات الأجنبية في السودان، مجلة آفاق الهجرة، العدد الأول، سبتمبر ٢٠٠٩ .
د. معتصم ابو القاسم ، الخطة الاستراتيجية الصهيونية لدارفور عبر المنظمات، مجلة المنتدي ، العدد التاسع ، ديسمبر ٢٠٠٨.
الطاهر ابراهيم، انعكاسات قرار تجميد عمل المنظمات الأجنبية علي الأوضاع الإنسانية في السودان ، مجلة الإمداد، العدد الأول، يوليو ٢٠٠٩.
رهوان مرد كاسل، أدريان شو، المساعدة الإنسانية في سبيل الاعتراف بحق الوصول إلى ضحايا الكوارث الطبيعية، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد ٦٢، ١٩٩٨.
دافيد فورسايت، المجلة الدولية للصليب الأحمر، اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمساعدة الإنسانية، العدد ٤٧، ١٩٩٦.
محمد بن العربي منار ، التدخل الإنساني ومسئولية الحماية ، المحور: السياسة والعلاقات الدولية ، مجلة الحوار المتمدن، العدد ٤٠٨٠.
ثالثا: الرسائل العلمية
عيسى عثمان السعداوي، التدخل الدولي الإنساني وأثره على السيادة الوطنية دراسة حالة ليبيا، بحث مقدم لاستكمال الحصول على درجة الليسانس في الحقوق، (جامعة سبها كلية القانون،٢٠١٧-٢٠١٨).
عتيقة بن يحي، إشكالية مبدأ التدخل الإنساني وتطور الاتجاهات السياسية لمجلس الأمن الدولي منذ ١٩٩٠ : السنغال، فلسطين نموذجا، رسالة دكتوراه، (جامعة الجزائر كلية العلوم السياسية والعلاجات ٢٠١٧,٢٠١٨).
تيسير ابراهيم قديح، التدخل الدولي الانساني، رسالة ماجيستير، (جامعة الأزهر بغزة، كلية الاقتصاد والعلوم الادارية، ٢٠١١).
الشيماء عبدالسلام، العوامل الداخلية السياسية والاقتصادية في يناير ٢٠١١في مصر، رسالة دكتوراه، (القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، ٢٠١٥).
موساوي امال ،التدخل الدولي الإنساني لأسباب إنسانية في القانون الدولي المعاصر، أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه ،جامعة الخضر ،كلية الحقوق والعلوم السياسية.
خالد محمد خليفة السود، التدخل الدولي في دولة السودان وليبيا دراسة مقارنة، رسالة ماجيستير، كلية القانون، جامعة النيلين، 2016.
سالم برقوق، تطور اشكالية مفهوم التدخل وعدم التدخل في العلاقات الدولية ، رسالة ماجيستير، معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بدون طبعة، جامعة الجزائر، 1994.
موسي موسي، مشروعية التدخل السوري في لبنان وتداعياته، رسالة ماجيستير، كلية القانون والسياسة، فرع القانون الدولي، الاكاديمية العربية المفتوحة في الدانمارك، 2007.
النذير صالح خليفة، التدخل الدولي لأسباب انسانية، رسالة دكتوراه، جامعة النيلين، الخرطوم، 2015.
محمد مصطفي يونس، النظرية العامة لعدم التدخل في شئون الدول، رسالة دكتوراه، مجازة من جامعة القاهرة، 1985.
وهيبة العربي، مبدا التدخل الدولي الانساني في اطار المسئولية الدولية، رسالة دكتوراه، جامعة وهران، كلية الحقوق والعلوم السياسية،2013.
عز الدين الجوزي، حرية حقوق الإنسان عن طريق التدخل الإنساني: استرجاع للقانون الدولي، رسالة دكتوراه، جامعة تيزي وزو، كلية الحقوق والعلوم الإنسانية، الجزائر، 2015.
داوودي عبد اليزيد، التدخل الإنساني في ضوء ميثاق منظمة الأمم المتحدة، رسالة ماجستير، جامعة 8 ماي 1945، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة 8 ماي 1945، الجزائر، 2011.
محمد صدوق، التطورات المعاصرة للاعتراف بالدول والحكومات، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1989.
محمد بن حديدي، قرارات المنظمات الدولية ومدى فعاليتها، بحث مقدم لنيل شهادة الماجستير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، معهد العلوم القانونية، جامعة الجزائر، ١٩٩٣.
محمد عاطف عودة، دور وكالة الغوث الدولية في الحفاظ على قضية اللاجئين الفلسطينيين، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، غزة، 2016.
أمال موساوي، التدخل الدولي لأسباب إنسانية في القانون الدولي المعاصر، رسالة ماجستير، جامعة الحاج لخضر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2011.
رجدال احمد، حماية حقوق الانسان من التدخل الدولي الانساني الي مسئولية الحماية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة محمد بوقرة بومرداس، 2015.
حنان بوعزيز، أزمة دارفور والقانون الدولي الإنساني، رسالة ماجستير، جامعة الإخوة متنوري قسنطينة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، 2012.
مراد جوابي، ازمة دارفور وابعاد التدخل الدولي، رسالة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، 2009-2010.
رابعا: الاوراق البحثية
خالد حنفي علي، الأبعاد السياسية للمساعدات الإنسانية في أفريقيا، المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، ٢٠٠٤.
حيدر ابراهيم على، كتابات سودانية، دارفور الى أين؟ مركز الدراسات السودانية، العدد ٤٢، ديسمبر ٢٠٠٧.
عمار بن سلطان ، الامم المتحدة وتحديات النظام الدولي الجديد، عشرية من العلاقات الدولية، مركز التوثيق والبحوث الإدارية، الجزائر، ٢٠٠١.
عبدالله على إبراهيم، الأزمة السودانية واخفاقات حقبة ما بعد الاستعمار، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، 22 سبتمبر 2012.
د. رياض القيسي، الجوانب القانونية للتدخل العسكري لحلف شمال الاطلسي في كوسوفو، دراسات قانونية بغداد، العدد الاول، 1996.
خامسا: مواقع عبر الانترنت
وردة بلقاسم العياشي، التدخل الدولي الإنساني بين اللعبة السياسية والشرعية الدولية: دراسة حالة السودان، متاح على http://thedocrmohammed.blogspot.com/2009/06/
مؤسسة الدراسات الفلسطينية، متاح على https://www.palestine-studies.org/ar/resources/special-focus/
متاح على، https://www.anrwa.org/ar/where-we-work/
سادسا: مصادر اخري
تقرير وزارة الشئون الإنسانية، جدول يوضح ميزانية المنظمات الأجنبية حسب الجدول رقم ٣ لعام ٢٠١٠.
مركز دراسات الشرق الأوسط، أفريقيا، التقرير السنوي لعام 2006، الخرطوم.
اللجنة التنفيذية لبرنامج المفوض السامي، الدورة الحادية والخمسون، الموضوع السنوي: مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين في سنتها الخمسين: من الاستجابة إلى الحلول، 5 سبتمبر 2000، A/AC,96/938
نشرة صادرة عن قسم العلاقات الخارجية والإعلام في الأونروا، الشركاء: مستجدات اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة، عملن، 2012.
سورة النحل، الآية 94
وزارة الإعلام والاتصالات ، ازمة دارفور ، من الحقيقة والافتراء ، الخرطوم ، دار مصحف افريقيا للطباعة ، مجلس الإعلام الخارجي ، يوليو ٢٠٠٤
- مراجع باللغة الاجنبية
Bernard Kouchener, le malheur des auras, paris, editions oldie jacab.
Thomas. Av.and Tomas.Aj. non intervention the law and its import in, America, aleas 1956, p73
[1] د. محمد عبدالحميد احمد، دور المنظمات الدولية غير الحكومية في عمليات بناء السلام في أفريقيا بعد انتهاء الحرب الباردة، (القاهرة :المكتب العربي للمعارف، ٢٠١٧، الطبعة الأولى)، ص١١
[2] عيسى عثمان السعداوي، التدخل الدولي الإنساني وأثره على السيادة الوطنية دراسة حالة ليبيا، بحث مقدم لاستكمال الحصول على درجة الليسانس في الحقوق، (جامعة سبها كلية القانون،٢٠١٧-٢٠١٨، ص١).
[3] عتيقة بن يحي، إشكالية مبدأ التدخل الإنساني وتطور الاتجاهات السياسية لمجلس الأمن الدولي منذ ١٩٩٠ : السنغال، فلسطين نموذجا، رسالة دكتوراه، (جامعة الجزائر كلية العلوم السياسية والعلاجات ٢٠١٧,٢٠١٨)، ص٢
[4] تيسير ابراهيم قديح، التدخل الدولي الانساني، رسالة ماجيستير، (جامعة الأزهر بغزة، كلية الاقتصاد والعلوم الادارية، ٢٠١١)، ص٩
[5] سام برايك، القومية في عالم العولمة، بدوي عبدالفتاح (مترجم)، (القاهرة، مركز المحروسة، ٢٠١٥، الطبعة الأولي)، ص ٢٢
[6] الشيماء عبدالسلام، العوامل الداخلية السياسية والاقتصادية في يناير ٢٠١١في مصر، رسالة دكتوراه، (القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، ٢٠١٥) ص١٢
[7] محمد يعقوب عبد الرحمن، التدخل الانساني في العلاقات الدولية ،مركز الإمارات للدراسات والبحوث ، ط١، ص٤٣
[8] رجدال احمد ، حماية حقوق الإنسان من التدخل الدولي الإنساني الي مسئولية الحماية ، مذكرة ماجستير ، جامعة محمد بوقرة بومرداس، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص١٢
[9] خالد حنفي علي، الأبعاد السياسية للمساعدات الإنسانية في أفريقيا، المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية٢٠٠٤
[10] خالد محمد خليفة السود، التدخل الدولي في دولة السودان وليبيا دراسة مقارنة، رسالة ماجيستير، كلية القانون، جامعة النيلين، 2016، ص 16.
[11] المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، الادارة العامة للمعاجم والاثار، مطبعة الشروق الدولية، مصر ، الطبعة الرابعة، 2004،ص٤٥
[12] سورة النحل، الآية 94
[13] منير البعلبكي(المورد)، دار العلم للملايين، بيروت ، الطبعة الثانية، 1994، ص 477
[14] احمد الرشيد، حقوق الانسان دراسة مقارنة في النظرية والتطبيق، مكتبة الشروق الدولية ، بدون طبعة، القاهرة، 2003، ص248
[15] سالم برقوق، تطور اشكالية مفهوم التدخل وعدم التدخل في العلاقات الدولية ، رسالة ماجيستير، معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بدون طبعة، جامعة الجزائر، 1994، ص16
[16] Bernard Kouchener, le malheur des auras, paris, editions oldie jacab.
[17] موسي موسي، مشروعية التدخل السوري في لبنان وتداعياته، رسالة ماجيستير، كلية القانون والسياسة، فرع القانون الدولي، الاكاديمية العربية المفتوحة في الدانمارك، 2007، ص39
[18] النذير صالح خليفة، التدخل الدولي لأسباب انسانية، رسالة دكتوراه، جامعة النيلين، الخرطوم، 2015، ص 6
[19] محمد مصطفي يونس، النظرية العامة لعدم التدخل في شئون الدول، رسالة دكتوراه، مجازة من جامعة القاهرة، 1985، ص36
[20] Thomas. Av.and Tomas.Aj. non intervention the law and its import in, America, aleas 1956, p73
[21] خالد محمد خليفة السود، التدخل الدولي في دولة السودان وليبيا دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص53
[22] عدي محمد رضا يونس، التدخل الهدام القانون الدولي دراسة مقارنة، المؤسسة الحديثة للكتب، 2010، بدون طبعة، ص23
[23] وهيبة العربي، مبدا التدخل الدولي الانساني في اطار المسئولية الدولية، رسالة دكتوراه، جامعة وهران، كلية الحقوق والعلوم السياسية،2013، ص16
[24] عز الدين الجوزي، حرية حقوق الإنسان عن طريق التدخل الإنساني: استرجاع للقانون الدولي، رسالة دكتوراه، جامعة تيزي وزو، كلية الحقوق والعلوم الإنسانية، الجزائر، 2015، ص 94.
[25] داوودي عبد اليزيد، التدخل الإنساني في ضوء ميثاق منظمة الأمم المتحدة، رسالة ماجستير، جامعة 8 ماي 1945، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة 8 ماي 1945، الجزائر، 2011، ص 94.
[26] داوودي عبد اليزيد، التدخل الإنساني في ضوء ميثاق منظمة الأمم المتحدة، مرجع سابق، ص 96 : 100.
[27] عز الدين الجوزي، حرية حقوق الإنسان عن طريق التدخل الإنساني: استرجاع للقانون الدولي، مرجع سابق، ص 165 : 170.
[28] مارل مارشال، سيسيولوجيا العلاقات الدولية، ترجمة حسن نفعة، دار المستقبل العربي، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1986، ص38
[29] احمد الفريدي،حقوق الانسان: دراسة مقارنة في النظرية والتطبيق، مكتبة الشروق، القاهرة، ص270,271
[30] محمد صدوق، التطورات المعاصرة للاعتراف بالدول والحكومات، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1989، ص282
[31] وهيبة العربي، مبدا التدخل الدولي الانساني في اطار المسئولية الدولية، مرجع سابق، ص21
[32] موريس توريللي، هل تتحول المساعدة الانسانية الي تدخل انساني، في د. مفيد شهاب (وآخرون)، دراسات في القانون الدولي الانساني، دار المستقبل العربي، القاهرة، 2000، ص473
[33] محمد خليل مرسي، استخدام القوة في القانون الدولي المعاصر، دار وائل للنشر، عمان ، 2009، الطبعة الاولي، ص33
[34] محمد بو سلطان، مبادئ القانون الدولي العام، ديوان المطبوعات الجامعية، 2005، الطبعة الاولي، ص83,84
[35] وهيبة العربي، مبدا التدخل الدولي الانساني في اطار المسئولية الدولية، مرجع سابق، ص24
[36] قادري عبدالعزيز، حقوق الانسان في القانون الدولي والعلاقات الدولية، دار هومة، الجزائر، ٢٠٠٣، ص١٠١.
[37] وحيد رأفت، القانون الدولي وحقوق الإنسان، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد٢٣، ١٩٧٧،ص٥٥
[38] مارتز كوسلر، مفهوم التدخل الانساني في اطار السياسات الحديثة، مجلة السياسات الدولية، العدد٨، ٢٠٠٢، ص٢١٠.
[39] حسام احمد محمد هنداوي، التدخل الدولي الإنساني، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٩٩٧، ص٢٧.
[40] محمد سعيد الدقاق، المنظمات الدولية المعاصرة، منشأة المعارف، الاسكندرية، ص١٦٤.
[41] سعيد أحمد باناجة، الوجيز في المنظمات الدولية والإقليمية، مؤسسة الرسالة، ١٩٨٧، ص٥٢.
[42] عبدالعزيز محمد سرحان، الامم المتحدة بمناسبة مرور ٤٠ عام على إنشاءها، دار النهضة العربية، القاهرة، ص٧٣.
[43] غسان الجندي، نظرية التدخل الانساني في القانون الدولي العام، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد٤٣، ١٩٨٧، ص٦١.
[44] احمد ابو الوفا، الحماية الدولية لحقوق الإنسان في إطار منظمة الأمم المتحدة والوكالات الدولية المتخصصة،ط١،دار النهضة العربية، القاهرة ،٢٠٠٠، ص ص:٩٢،٨٠
[45] عسان الجندي، نظرية التدخل لصالح الإنسانية في القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص١٦٧.
[46] محمد بوسلطان،مبادئ القانون الدولي العام ، مرجع سابق، ص٢٠٧
[47] محمد بو سلطان، مبادئ القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص١٨٦
[48] محمد بن حديدي، قرارات المنظمات الدولية ومدي فعاليتها، بحث مقدم لنيل شهادة الماجستير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، معهد العلوم القانونية، جامعة الجزائر، جافني ١٩٩٣، ص ٩٩
[49] بوراس عبد القادر، التدخل الدولي الإنساني وتراجع مبدأ السيادة الوطنية، دار الجامعة الجديدة، ص٢٣٠،٢٢٠
[50] فوزي صديق، مبدأ السيادة والتدخل، دار الكتاب الحديث، ،القاهرة،١٩٩٩، ص١٠٤.
[52] فيصل الشنطاوي، حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، دار الجامعة، عمان، الأردن، ١٩٩٩، ص١٧٠.
[53] كريستينا بيلانديلي، اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتنفيذ قواعد الإخلال بقواعد القانون الدولي الانساني، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد ٣٧، ص٢٣
[54] صلاح الدين عامر، قانون التنظيم الدولي، دار النهضة العربية،القاهرة، ١٩٨٤، ص٢٣٠.
[55] محمود شاكر،المسلمون في الفلبين ودولة مورو،المكتب الإسلامي ،السودان،، ط٢، ١٩٥٨،ص٦٣
[56] غسان الجندي، نظرية التدخل لصالح الإنسانية في القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص١٦٧.
[57] محمد بن حديدي، قرارات المنظمات الدولية ومدى فعاليتها، مرجع سابق، ص٩٩.
[58] معمر فيصل خولي، الأمم المتحدة والتدخل الدولي الانساني، دار المنال للنشر، الاردن، 2011، ص281.
[59] د إبراهيم العناني، التنظيم الدولي (النظرية العامة للأمم المتحدة)، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر، ١٩٨٢، ص٢٥.
[60] محمد عاطف عودة، دور وكالة الغوث الدولية في الحفاظ على قضية اللاجئين الفلسطينيين، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، غزة، 2016، ص ٥٧: ٦١.
[61] حاتم محمد يوسف، حرب إسرائيل السرية: الطائرات من دون طيار، لندن، دار إي – كتب، 2018، ط 1، ص 101.
[62] عتيقة بن يحيى، إشكالية مبدأ التدخل الإنساني وتطور الاتجاهات السياسية لمجلس الأمن الدولي منذ 1990: السودان وفلسطين مرجع سابق، ص354:351.
[63] مؤسسة الدراسات الفلسطينية، متاح على https://www.palestine-studies.org/ar/resources/special-focus/
[64] عتيقة بن يحيى، إشكالية مبدأ التدخل الإنساني وتطور الاتجاهات السياسية لمجلس الأمن الدولي منذ 1990: السودان وفلسطين مرجع سابق، ص 364: 367.
[65] نشرة صادرة عن قسم العلاقات الخارجية والإعلام في الأونروا، الشركاء: مستجدات اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة، عملن، 2012.
[66] متاح على، https://www.anrwa.org/ar/where-we-work/
[67] أمال موساوي، التدخل الدولي لأسباب إنسانية في القانون الدولي المعاصر، مرجع سابق، ص 241:238.
[68] اللجنة التنفيذية لبرنامج المفوض السامي، الدورة الحادية والخمسون، الموضوع السنوي: مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين في سنتها الخمسين: من الاستجابة إلى الحلول، 5 سبتمبر 2000، A/AC,96/938
[69] أمال موساوي، التدخل الدولي لأسباب انسانية في القانون الولي المعاصر،مرجع سابق، ص 261.
[70] رجدال احمد، حماية حقوق الانسان من التدخل الدولي الانساني الي مسئولية الحماية، مرجع سابق، ص63
[71] انس كرم العزاوي، التدخل الدولي الانساني بين ميثاق الامم المتحدة والتطبيق العملي دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص٣١٧
[72] وهيبة العربي، مبدا التدخل الدولي الانساني في اطار المسئولية الدولية، مرجع سابق، ص٦١
[73] عمران عبدالسلام الصوفاني، مجلس الامن وحق التدخل لفرض احترام حقوق الانسان، منشورات جامعة قاريونس، ليبيا، الطبعة الاولي، 2008، ص257
[74] بوجلال صلاح الدين، الحق في المساعدة الانسانية دراسة في احكام القانون الدولي وحقوق الانسان، دار الفكر الجامعي للنشر، الاسكندرية، الطبعة الاولي، 2008، ص296
[75] د. نجوي امين الغوال، الصومال ما بعد التدخل الدولي، مجلة السياسة الدولية، العدد 21/1995، ص ص144,145
[76] هنداوي حسام احمد محمد، التدخل الانساني، مرجع سابق، ص ص217,220
[77] غسان الجندي، اركو لوجيا المعرفة في عمليات حفظ السلام الدوليين، دار وائل للنشر، عمان، 2000، ص79
[78] د. رياض القيسي، الجوانب القانونية للتدخل العسكري لحلف شمال الاطلسي في كوسوفو، دراسات قانونية بغداد، العدد الاول، 1996، ص75
[79] وهيبة العربي، مبدا التدخل الدولي الانساني في اطار المسئولية الدولية، مرجع سابق، ص73
[80] انس اكرم العزاوي، التدخل الدولي الانساني بين ميثاق الامم المتحدة والتطبيق العملي دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص335
[81] علي ابراهيم ، حقوق الإنسان والتدخل لحماية الإنسانية، ط١، دار النهضة العربية، القاهرة ، ٢٠٠٠،ص٨٤
[82] مسعد عبد الرحمن زيدان قاسم ، تدخل الأمم المتحدة في النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي ،ط١ ، دار الجامعة للنشر ،الإسكندرية، ٢٠٠٣،ص٣٥
[83] عمار بن سلطان ، الامم المتحدة وتحديات النظام الدولي الجديد، عشرية من العلاقات الدولية، مركز التوثيق والبحوث الإدارية، الجزائر، ٢٠٠١،ص٢٠
[84] عمر حسين حنفي ، التدخل في شؤون الدول بذريعة حماية حقوق الإنسان، دار النهضة العربية، القاهرة ، ط١، ٢٠٠٤/٢٠٠٥،ص٥٦
[85] محمد بن العربي منار ، التدخل الإنساني ومسئولية الحماية ، المحور: السياسة والعلاقات الدولية ، مجلة الحوار المتمدن، العدد ٤٠٨٠،ص٢٥
[86] سرمد عامر عباس ، معالجة الفجوات في نظام الحماية الدولية للاجئين والنازحين في إطار نظرية مسئولية الحماية
[87] عصام عبد الفتاح مطر ، القانون الدولي الإنساني، دار الجامعة الجديدة ، ٢٠٠٨،ص٣٢
[88] رهوان مرد كاسل، أدريان شو، المساعدة الإنسانية في سبيل الاعتراف بحق الوصول إلى ضحايا الكوارث الطبيعية، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد ٦٢، ١٩٩٨،ص٣٣
[89] دافيد فورسايت، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد ٤٧، ١٩٩٦،ص٤٢
[90] مجلة إنساني، أصول ومبادي وتحديات حول القانون الدولي الإنساني، المركز الإقليمي للإعلام، ٢٩ أكتوبر ٢٠١٨، العدد ٦٥،ص٦٧
[91] حنان بوعزيز، أزمة دارفور والقانون الدولي الإنساني، رسالة ماجستير، جامعة الإخوة متنوري قسنطينة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، 2012، ص 2.
[92] وردة بلقاسم العياشي، التدخل الدولي الإنساني بين اللعبة السياسية والشرعية الدولية: دراسة حالة السودان، متاح على http://thedocrmohammed.blogspot.com/2009/06/
[93] عتيقة بن يحيى، إشكالية مبدأ التدخل الإنساني وتطور الاتجاهات السياسية لمجلس الأمن الدولي منذ 1990: السودان وفلسطين مرجع سابق، ، ص 286.
[94] حيدر ابراهيم على، كتابات سودانية، دارفور الى أين؟ مركز الدراسات السودانية، العدد ٤٢، ديسمبر ٢٠٠٧، ص٨.
[95] زكي البحيري، مشكلة دارفور، أصول الأزمة وتداعيات المحكمة الجنائية الدولية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، بدون طبعة، القاهرة ،٢٠١٠، ص٩٩.
[96] بدر حسين شافعي، الرؤية الأمريكية لأزمة السودان، مجلة السياسة الدولية، مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، العدد ١٥٣، القاهرة، ٢٠٠٣، ص٢٧٦.
[97] كاظم هاشم نعمة، أزمة دارفور السودانية، العروبة والتدويل والافرقة، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، عدد٣١٤، عام٢٠٠٤، ص١٠٣.
[98] أحمد إبراهيم محمود، المسألة الأمنية في مفاوضات دارفور، مجلة السياسة الدولية، مركز الأهرام، العدد١٦٥، يوليو ٢٠٠٦، ص١٥٨.
[99] مراد جوابي، ازمة دارفور وابعاد التدخل الدولي، رسالة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، 2009-2010ص152
[100] حمدي عبدالرحمن، افريقيا وتحديات عصر الهيمنة، القاهرة، مكتبة مدبولي، 2007، ص33
[101] حنان بو عزيز، ازمة دارفور والقانون الدولي الانساني، مرجع سابق، ص159
[102] زكي البحيري، دارفور اصول الازمة وتداعيات المحكمة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص76
[103] عبده مختار موسي، دارفور من ازمة دولة الي صراع الدول العظمي، مركز الجزيرة للدراسات، بيروت ،2009، ص199،200
[104] خالد محمد خليفة السود، التدخل الدولي في دولة السودان وليبيا دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة النيلين، 2016، ص117
[105] محمد خالد الحاج وآخرون، دارفور الحقيقة الغائبة، المركز السوداني للخدمات الصحفية، الطبعة الاولي، 2004، ص19،20
[106] خالد محمد خليفة السود، التدخل الدولي في دولة السودان وليبيا دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص119
[107] محمد ابو الفضل، المحكمة الجنائية والخيارات السودانية، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، العدد 176، ابريل، 2009، ص232
[108] عمر محمود المخزومي، القانون الدولي الانساني(في ضوء المحكمة الجنائية الدولية)، دار الثقافة، بدون طبعة، عمان، 2008، ص377
[109] الصادق المهدي، نحو ارساء قواعد العدل والسلام والانصاف في دارفور، مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، 2007، ص17
[110] صلاح الدين عبدالرحمن دومة، اثر مشكلة دارفور علي سياسة السودان الخارجية، بدون طبعة، الخرطوم، 2006، ص132
[111] حمدي عبدالرحمن حسن، التنافس الدولي في القرن الافريقي، مجلة السياسة الدولية، العدد 177، 2009، ص174
[112] خالد محمد خليفة السود، التدخل الدولي في دولة السودان(دارفور) وليبيا(دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير، 2016، ص91
[113] حنان بوعزيز، ازمة دارفور والقانون الدولي الانساني، مرجع سابق، ص163
[114] حنان بوعزيز، ازمة دارفور والقانون الدولي الانساني، مرجع سابق، ص163
[115] اسماعيل سليمان ، المشكلة القومية واتفاقية السلام في السودان، الخرطوم ، الشركة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، ٢٠٠٧،ص٤٥
[116] الرشيد خضر ، لجنة تقصي الحقائق حول الانتهاكات لحقوق الإنسان في دارفور ،الخرطوم ، القناة للطباعة والتجارة المحدودة ، إدارة النشر والإنتاج الإعلامي، ٢٠٠٥ص٧٣
[117] وزارة الإعلام والاتصالات ، ازمة دارفور ، من الحقيقة والافتراء ، الخرطوم ، دار مصحف افريقيا للطباعة ، مجلس الإعلام الخارجي ، يوليو ٢٠٠٤
[118] عبد الفتاح عباس صالحين دور المنظمات الأجنبية في السودان، مجلة آفاق الهجرة ،العدد الأول، سبتمبر ٢٠٠٩ ،ص٦٧
[119] د. معتصم ابو القاسم ، الخطة الاستراتيجية الصهيونية لدارفور عبر المنظمات، مجلة المنتدي ، العدد التاسع ، ديسمبر ٢٠٠٨،ص٥٤
[120] شمس الهدي ابراهيم ، دارفور المؤامرة الكبري ،ط١، السودان، شركة مطابع السودان للعملة المحدودة ، ٢٠٠٦ ،ص٦٣
[121] الطاهر ابراهيم، انعكاسات قرار تجميد عمل المنظمات الأجنبية علي الأوضاع الإنسانية فى السودان ، مجلة الإمداد، العدد الأول، يوليو ٢٠٠٩،ص٤٨
[122] تقرير وزارة الشئون الإنسانية، جدول يوضح ميزانية المنظمات الأجنبية حسب الجدول رقم ٣ لعام ٢٠١٠
[123] عقيد شرطة عماد الدين مضوي، المنظمات الأجنبية الأبعاد الإنسانية والمهددات الأمنية، 2007م، ص84
[124] عقيد شرطة عماد الدين مضوي، المنظمات الأجنبية الأبعاد الإنسانية والمهددات الأمنية، مرجع سابق ، ص84
[125] شمس الهدي إبراهيم، دارفور المؤامرة الكبرى، مرجع سابق، ص114
[126]شمس الهدي إبراهيم، دارفور المؤامرة الكبرى، مرجع سابق،ص١٥٧
[127] بدر الدين احمد ابراهيم، ثورة المعلومات الواقع وآثار المستقبل، ط1، بيروت، دار الفكر، 2009، ص64