الدراسات البحثيةالمتخصصة

السياسات العمومية الترابية الجهوية بين المعيقات وسبل التفعيل في ضوء النموذج التنموي الجديد

اعداد : بلال الركراكي – باحث في تدبير الشأن العام المحلي والمجال التنموي

  • المركز الديمقراطي العربي 

تقديم:

بدأ الحديث عن السياسات العمومية مع الانتقال في التحليل من موضوع الدولة إلى النظام السياسي، فمجال السياسات العمومية وتحليلها نشأ في الدول الانكلوساكسونية في الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية بين الخمسينات والستينيات، الذي كانت فيه المسألة السياسية ذات بعد مركزي حيث لم يبقى التفكير منصبا على ما هي أفضل الأنظمة برلماني- رئاسي- شبه رئاسي، لأن صدمة 1929 والحرب العالمية الثانية، توصل العالم إلى فكرة تقاسمها الجميع، وهي أن الديمقراطية والنظام التمثيلي غير كاف، ومن هذا المنطلق تغير البراديغم المؤسساتي، ولم يعد من الاهتمامات المركزية لدى الباحثين، وأصبح السؤال حول كيف يمكن أن تقرر في الديمقراطيات الليبرالية، وبعبارة أخرى كيف يمكن لنا صياغة سياسات عمومية فعالة ومعقلنة[1]؟

ويعتبر دستور 2011 دستور السياسات العمومية بامتياز، ففي إطاره تم فسح المجال أمام مشاركة العديد من الفاعلين في بلورة السياسات العمومية، كما تم اعتماد عدة مفاهيم في ذات السياق كالسياسات العامة والسياسات العمومية والسياسات القطاعية والسياسات العمومية الترابية، وتم ربطها بالتنسيق والمراقبة والتقييم، وهو ما خلق مجموعة من المصطلحات التي أصبح الحديث عنها بكثرة في الآونة الأخيرة، ونذكر منها السياسات العمومية الترابية الجهوية، وهو الأمر الذي يستدعي الوقوف عند هذه المفاهيم وتبيان ماهيتها.[2]

فحسب ببير مولر فإن السياسة العامة تتحدد عندما تحاول سلطة محلية أو وطنية، بواسطة برنامج عملي منسق تعديل البيئة الثقافية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية للفاعلين الاجتماعيين في الإطار العام للتقسيم القطاعي للمجتمع، أما السياسات العمومية فتتمثل في مجموعة من الأنشطة أو عدمها، التي يقوم بها الفاعلون السياسيون بغرض تقديم حلول للمشاكل المطروحة والتي يعاني منها المجتمع، إن السياسات العمومية تعني ذلك المسار العملي المقصود من لدن الحكومة أو أحد مؤسساتها لتقديم حلول عامة تسترعي انتباها عاما.[3]

بينما يمكن أن ننظر للسياسات العمومية المحلية أو الترابية باعتبارها مجموع الأعمال والنشاطات، التي تقوم بها السلطات الترابية، بغاية تقديم حلول لمشاكل مرتبطة بالنطاق الترابي التابع لها،[4] في حين يمكن تعريف السياسات العمومية الترابية الجهوية بكونها مجموع الأعمال والنشاطات التي تقوم بها الجهة بغاية تقديم حلول لمشاكل مرتبطة بالنطاق الترابي للجهة.

ومصطلح السياسات العمومية الترابية هو يعتبر حديثا في المغرب، رغم أنه بدأ تدعيم الاختيار الجهوي بالمغرب كأساس للتنظيم الترابي يبرز بشكل لافت من خلال عدة محطات كان أبرزها نظام الجهات الاقتصادية لسنة 1971، والرغبة في إحداث جهوية ذات هياكل تشريعية وتنفيذية سنة 1984 بالتعديل الدستوري لسنة 1992، مرورا بتدعيم مكانة الجهة في دستور 1996، وصدور القانون المنظم للجهات سنة 1997، انتهاء  بدستور 2011 الذي كرس للجهوية المتقدمة كمقاربة استراتيجية في سياسة إعداد التراب الوطني، وصدور القانون التنظيمي للجهات رقم 111.14 وصدور الميثاق الوطني للاتمركز الإداري سنة 2018 وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار سنة 2019، كل هذه المحطات والإصلاحات هي التي ساهمت في هذا النقاش العمومي حول موضوع السياسات العمومية الترابية، والتي هي من أهم محاور صياغة نموذجنا التنموي الجديد.

إن اقتران السياسات العامة بمفهوم الترابي، يحيل أن السياسات العامة المحلية في مسلسل بلورة القرار المحلي وتنفيذه من قبل النخبة المحلية، من أجل تلبية المطالب المحلية أو القضايا المحلية، وهنا يظهر التمييز بين مسلسل اتخاذ القرارات الحكومية على مستوى الدولة ومسلسل اتخاذ القرار على المستوى الترابي، أي الجزء من الكل، بحيث أنه حتى سياسة اللامركزية فهي قرار حكومي يدخل في إطار السياسات العامة للدولة، بهدف النهوض بالتنمية المحلية كصورة مصغرة والتنمية الإقليمية في صور أكبر منها إلى تنمية جهوية في صورة أكبر من ذلك، لتحقيق التنمية الوطنية الشاملة على مستوى الدولة وبالتالي تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي.[5]

فمن هنا يبرز لنا أهمية موضوع السياسات العمومية الترابية الجهوية بالمغرب، على اعتبار أنه موضوع آني ويشمل السياسات العمومية في مختلف مراحلها وتجلياتها، كما أنه يحظى باهتمام الباحثين في حقل السياسات العمومية والعلوم السياسية لكونه مدخلا لتقييم سياسة عمومية وطنية أو ترابية وجهوية.

ومن هذا المنطلق نطرح بدورنا الإشكالية التالية:

هل يمكن الإقرار بوجود سياسات عمومية ترابية جهوية على أرض الواقع؟وهو ما يطرح مجموعة من التساؤلات منها: وما هو الإطار القانوني للسياسات العمومية الترابية الجهوية؟ وماهي محددات وآليات السياسات العمومية الترابية الجهوية؟ وهل يمكن الحديث عن التقائية للسياسات العمومية الترابية مع السياسات الجهوية؟ وماهي معيقات وآفاق السياسات العمومية الترابية الجهوية؟وماهو رهان السياسات العمومية الترابية الجهوية  في النموذج التنموي الجديد؟

ولمقاربة هذه الإشكاليات والتساؤلات ومحاولة الإجابة عنها سيتم تقسيم الموضوع للمقاربة الثنائية التالية:

  • المبحث الأول: الإطار العام للسياسات العمومية الترابية الجهوية.
  • المبحث الثاني: واقع وآفاق السياسات العمومية الترابية الجهوية.

المبحث الأول: الإطار العام للسياسات العمومية الترابية الجهوية

يعتبر حقل السياسات العمومية مجالا حديثا وهاما في علم السياسة، فهو أداة هامة لتقويم أداء النظام السياسي وفعاليته، إذ أنه لا يكتفي بدراسة مضمون السياسات العمومية، وإنما يتطرق إلى كيفية صنعها وكلفتها وبدائلها وكيفية تنفيذها، والمطابقة بين أهدافها المعلنة والنتائج العملية للتطبيق،[6] فالسياسات العمومية من أهم الأدوات التي تتخذها (الجهة) لتحقيق مختلف برامجها التنموية بما يتماشى واحتياجات ومتطلبات أفراد المجتمع، وبغرض الوقوف على نتائج وأثار هذه السياسات نقوم بالتقييم، حيث تمكننا هذه العملية من التعرف على انعكاسات السياسات والتحقق من مدى تحقيق السياسات العمومية، نتيجة زيادة المطالب والاحتياجات العمومية ومحدودية الموارد لمواجهة هذه الاحتياجات.[7]

إن المستجدات الدستورية والتنظيمية للجهة تعد مكسبا هاما في تكريس البعد الديمقراطي الترابي، التي من شأنها تقوية الجهوية المتقدمة، وتعزيز قدرة الفاعل الجهوي في تدبير الشأن العام الترابي بما يحقق التنمية الترابية، إلا أن الواقع العملي أبان على أن دور الجهة في تدبير السياسات العمومية الترابية يواجه مجموعة من الإكراهات الواقعية والتحديات الكبرى التي تعيق ممارستها في تحقيق النجاعة والفعالية في تنمية التراب الجهوي.

إن تحقيق الهدف من مشروع الجهوية المتقدمة علاقة بتحقيق التنمية بمختلف أبعادها، إضافة إلى منح الهيئات المنتخبة الصلاحيات اللازمة لتحقيق ذلك، فإن الأمر يتطلب أيضا مراجعة الهندسة المؤسساتية على المستوى الجهوي، بما يمكن من تحقيق الانسجام التناسق بين السياسات القطاعية الحكومية، والمخططات برامج التنمية الاقتصادية المتعددة من قبيل الهيئات المنتخبة، وفي مقدمتها المجالس الجهوية والتي يستوجب إعدادها وتنفيذها نهج مقاربة تشاركية بين مختلف الفاعليين والمتدخلين، سواء المحليين والمنتخبين ومجتمع مدني وممثلي الإدارات المركزية على المستوى الجهوي.[8]

ومن خلال هذا المبحث سنحاول التطرق إلى الهندسة القانونية للسياسات العمومية الترابية الجهوية وكذلك محدداتها (المطلب الأول)، كما سنتطرق إلى آليات الجهة لبلورة وتنفيذ السياسات العمومية الترابية الجهوية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الهندسة القانونية للسياسات العمومية الترابية الجهوية ومحدداتها

إن تاريخ السياسات العمومية الترابية، هو تاريخ نشأة اللامركزية في ارتباط بتوسيع اختصاصات رؤساء الجماعات الترابية، والهيئات التداولية، وأيضا امتداد للرغبة في تطوير اللامركزية الترابية، ورسم سياسة واضحة المعالم بشأن لامركزية العمل العمومي، فالقفزة النوعية التي عرفتها اللامركزية بالمغرب، تعد في الحقيقة تتويجا لتراكم كمي في النصوص القانونية الصادرة تبعا لدستوري 2011، وبذلك توجت المقتضيات الدستورية العميقة، بمجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية المحددة لخارطة طريق سياسة اللامركز (الفرع الأول)، كما أن للسياسات العمومية الترابية، مجموعة من المحددات تجعل منها  سياسة عمومية ترابية مفعلة (الفرع الثاني).

الفرع الأول: الإطار القانوني للسياسات العمومية الترابية الجهوية

لقد فتح دستور 2011 والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية، آفاقا واسعة أمام بلوغ الأهداف المتوخاة من إقرار الجهوية المتقدمة، بإعطاء الجهة مكانة الصدارة، من خلال تكريس شرعيتها الديمقراطية، وتخويلها مجموعة من المهام والاختصاصات التي تمنحها الأولوية في مجال التنمية الاقتصادية، وبالرفع من الموارد المرصودة لها كي تضطلع بأدوارها على أحسن وجه وتواجه التحديات الجديدة، هكذا أصبحت الجهات مستوى ترابي يحظى بأهمية خاصة، وإطارا مناسبا لتحقيق الاندماج بين السياسات القطاعية وتحقيق الانسجام بين جهود وأشكال تدخل مجموع الفاعلين الاقتصاديين المعنيين بالمجال الترابي.[9]

من خلال هذا الفرع سنحاول تطرق إلى الأسس الدستورية (الفقرة الأولى) والأسس القانونية (الفقرة الثانية) التي تحدد لنا السياسات العمومية الترابية.

الفقرة الأولى: الأسس الدستورية للسياسات العمومية الترابية الجهوية

بالعودة للوثيقة الدستورية التي يمكن اعتبارها وثيقة أو دستور للسياسات العمومية، فإننا نجدها تشير في مناسبات عديدة إلى مفهوم السياسات العمومية وماله من علاقة مباشرة بها، إلا أن الإشارة إلى السياسات العمومية الترابية لم ترد بهذا المعنى إلا في الفصل 137 من الوثيقة الدستورية التي تنص على أنه “تساهم الجهات والجماعات الترابيةً الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية، من خلال ممثيلها في مجلس المستشارين.

إن ما يفهم من خلال هذا النص هو أن الجماعات الترابية ليست سوى مساهم في عملية إعداد السياسات الترابية، وليست صانعة لها وتتمتع بقدرة على إعدادها وتنفيذها انطلاقا من تصور يتمحور على المستوى الترابي، خاصة وأن السياسات الترابية تحيل أساسا على مسألتين؛ الأولى ترتبط بترابية السياسات العمومية، أي كيف تصبح السياسات العمومية قابلة للتطبيق على المستوى الترابي، وبالتالي فالجماعات الترابية يكمن دورها هنا أساسا في تدبير علاقة ما هو وطني بما هو ترابي محلي وجعلهما يصبان في تحقيق نفس الغاية أي المنفعة العامة وذلك في انسجام مع المصالح الوطنية ونظيرتها الترابية، والمسألة الثانية؛ تتعلق بما يمكن أن نسميه بتنفيذ السياسات التي تستهدف بشكل خاص مجال التدخل والسلطات الترابية.[10]

تبدو مقتضيات هذا الفصل واضحة في إسنادها صياغة السياسات العمومية للجماعات الترابية وبالخصوص للجهة وبلورتها على مستواها، ولو لم يتم التنصيص على ذلك صراحة، سيصعب تصور التأسيس لتنظيم لامركزي لتراب المملكة، تتبوأ الجهة، ويقوم على الجهوية المتقدمة، وهنا يمكن أن نتساءل حول إن كانت الدولة من خلال القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية من إحداث قطيعة مع المقاربة المتحكمة في العمل اللامركزي، وبالتالي الاقتناع باعتماد سياسة لامركزية واضحة المعالم، تكون مدخلا لانخراط الوحدات اللامركزية في صياغة سياسات عمومية ترابية يشعر بها المواطن، وبالتالي تتميم لامركزية العمل العمومي التي تم إقرارها في المغرب.[11]

الفقرة الثانية: الأسس القانونية للسياسات العمومية الترابية

بالعودة للقانون التنظيمي للجهات، سوف نجد بأنها لا تتضمن ضمن مقتضياتها ما يشير إلى السياسات العمومية الترابية بصفة عامة أو الجهوية بصفة خاصة شأنها شأن باقي القوانين التنظيمية المنظمة للجماعات الترابية، فعي لا تحتوي على تعبير السياسات العمومية الترابية، وإنما فقط على برنامج التنمية الجهوية، المادة 83 من القانون التنظيمي للجهات 111.14، والذي ينبغي أن يواكب التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة.[12]

هذه الوثيقة يجب أن تعد تحت إشراف رئيس الجهة واعتمادا على مقاربة تشاركية، مع ضمان التقائيتها مع التوجهات الاستراتيجية والسياسية للدولة ومع التصميم الجهوي لإعداد التراب، وذلك بالتنسيق مع والي الجهة بصفته ممثل السلطة المركزية ومنسق المصالح اللامتمركزة للإدارة المركزية.[13]

وتطبيقا لأحكام المادة 86 من القانون التنظيمي للجهات صدر مرسوم يحدد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده[14]

وهو مرسوم جاء مفصل للمقتضيات القانونية التي أتت بها المواد من 81 إلى 87 من القانون التنظيمي للجهات 111.14

الفرع الثاني: محددات السياسات العمومية الترابية الجهوية

ما ميز السياسات العمومية الجهوية هو شمولية نتائجها لشرائح واسعة من المجتمع على صعيد ترابها، مما يحتم الاهتمام بصياغتها أو رسمها بشكل يؤدي إلى زيادة فرص نجاحها وتحقيق المنافع المتوقعة عند تنفيذها، وتقليل احتمالات فشلها إلى أقل نسبة ممكنة، والسياسات العمومية الترابية الجهوية تتحدد بمجموعة الآليات التي تجعل منها سياسات عمومية ناجحة، وهي مرتبطة بعناصر أساسية من أجل تفعيل السياسات العمومية (الفقرة الأولى)، ولا يمكن أن نتحدث عن السياسات العمومية الترابية الجهوية دون تطبيق مراحلها لكي نكون أمام سياسات عمومية ناجحة وفعالة وذلك حتى تتمكن الجهة من وضع سياسة ترابية جهوية عقلانية ومنسجمة يسهل تسويقها لمختلف المتدخلين والمعنيين ثم المصادقة عليه(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: عناصر السياسات العمومية الترابية الجهوية

تشتمل السياسات العمومية الجهوية على أربع عناصر أساسية:

أولا: النشاطات

أي تلك العملية التي تستدعي القيام بأنشطة وترتيبات للعمل من قبل الفاعلين على مستوى تراب الجهة، موجهة للعموم بغرض إحداث تغيير في أوضاعهم[15]، فالجهة كباقي الجماعات الترابية تعاني من تزايد وتعقد المشاكل، مما يجعل هذه المرحلة من أهم المراحل التي يجب الاهتمام بها في عملية هندسة السياسات العمومية الجهوية.

ثانيا: الفاعلون

وهم الذين يشاركون في عملية اتخاذ القرار والأثر الذي أحدثه هذا القرار، ويتجلى هؤلاء الفاعلون على المستوى الجهوي في رئيس الجهة  الذي يقرم بإعداد مشروع  برنامج التنمية الجهوية، حيث يقوم باتخاذ قرار إعداد المشروع خلال السنة الأولى من انتدابه، وذلك بعد اجتماع إخباري وتشاوري يدعو له أعضاء المكتب ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم وكاتب المجلس وبحضور والي الجهة كذلك، كما يمكن لرئيس الجهة دعوة عن طريق الوالي، مسؤولي المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية،[16]ويتم اعداد مشروع البرنامج بتنسيق مع والي الجهة بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، فالمرسوم الجديد للاتمركز الإداري جاء ليحمل معه مقاربة جديدة ذات أبعاد متكاملة، تروم مراجعة الأدوار والوظائف والعلاقات القائمة بين الفاعلين الرئيسيين، وهم المصالح اللاممركزة للدولة في علاقتها بالمصالح اللامركزية، والعلاقة بينهما وبين الولاة والعمال، والعلاقة بين تلك المصالح والجماعات الترابية وباقي المؤسسات الأخرى، ويسعى المشرع من خلال التصور الجديد إلى التطبيق الأمثل للتوجهات العامة لسياسة الدولة، في مجال إعادة تنظيم المصالح على الصعيدين الجهوي والإقليمي، وتحديد المهام الموكولة لكل طرف، مع توطين السياسات العمومية، في إطار مراعاة الخصوصيات الجهوية، في إعداد السياسات وبرامج التنمية وتنفيذها،[17] وقد أشار المشرع إلى أهمية الهيئات اللاممركزة في إعداد برنامج التنمية الجهوي، وهذا ما نصت عليه المادة 8 من مرسوم تحديد مسطرة إعداد هذا البرنامج والذي يتم بتنسيق مع والي الجهة. كما نصت المادة 9 من نفس المرسوم: “يقوم رئيس مجلس الجهة، أثناء إعداد مشروع برنامج التنمية الجهوي، بطلب المساعدة التقنية..”[18] وينص الميثاق الوطني للاتمركز على أنه: “لأجل مواكبة التنظيم الترابي اللامركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة، تتولى المصالح اللاممركزة للدولة تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة لفائدة الجماعات الترابية وهيئاتها والمؤسسات والمقاولات العمومية ذات الاختصاص الترابي..”[19]

كذلك نجد المجتمع المدني الذي يمثل فضاء للتعبير عن التطلع المشروع للساكنة للمشاركة في الدينامية المجتمعية وفي جهود تنمية وتحديث المجتمع، ويمكن ويمكن لهذا الأخير أن يلعب أدوارا متعددة مثل تأطير الساكنة وتوعيتهم، وتطوير مشاريع مختلفة ذات طابع اجتماعي، تطوير مشاريع لفائدة البيئة والاقتصاد التضامني، والتنشيط في المجالين الثقافي والرياضي، ولا شك أن المغرب سيحقق العديد من المكاسب بفضل هذه التطورات، مما يجعل المجتمع المدني والمنتخبين أمام مسؤولية كبرى، من أجل جعل هذا الفضاء الذي يتمرس فيه المواطنون بالمشاركة الفاعلة في الحياة العمومية، فضاء للحوار المثمر والمسؤول، وفي نفس الوقت مصدرا لمقترحات ملموسة وعملية وبناءة.[20]

ثالثا: المشاكل

وهي تلك المشاكل التي تعاني منها الجهة والتي تقتضي تدخل الجهات المعنية لإيجاد حلول لها، فالتراب أصبح هو العنصر أو المجال المحدد للمشاكل وليس جهاز الدولة،[21] والمشكلة هي ظاهرة محددة لها أغراضها وآثارها المباشرة وغير المباشرة، وفي غالب تقوم الجهات بإدراج هذه القضايا أو المطالب في جدول أعمالها “دورات المجلس” والتي تتطلب عملية مناقشة وتصويت يترتب عنها اتخاذ قرارات رسمية ذات طبيعة تنفيذية لتلك المطالب.[22] وتجب الاشارة أن المشاكل على كثرتها لا تثير جميعها اهتمام صانعي السياسات العمومية أي النخب المحلية إلا عندما تكون واضحة وتسبب قلق أفراد المجتمع، ويدفعهم للقيام بأفعال أو احتجاجات تدفع المنتخب للتحرك.[23]

رابعا: الحلول

فالسياسات العمومية الجهوية لا تحيل فقط على مجموع القرارات المترابطة المتخذة من قبل الفاعلين الجهويين، وإنما كذلك من تحديد الأهداف والوسائل من أجل تحقيقها.[24]

البرنامج في السياسات العمومية الترابية هو عبارة عن نشاطات متجانسة تهدف في مجموعها إلى تحقيق أهداف محددة وردت في السياسات العمومية المادة 83 وبهذا المعنى فإن البرنامج يمكن اعتباره خطة السياسة العمومية ومعبرا عن جزء من أهدافها، فحينما نعود إلى القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات نجد أن مجلس الجهة، وتحت اشراف رئيس مجاسها مطالب خلال السنة الأولى من الانتداب ان يضع برنامح التنمية الجهوية وأن يسهر على تتبعه وتحيينه وتقييمه.

إن برنامج الجهة يفرض على الجهة قبل أن تضع هذا البرنامج أن تقوم بتشخيص حقيقي لحاجيات الجهة وتحدد بدقة الإشكالات الأساسية التي تعاني منها الجهة.

الفقرة الثانية: مراحل إعداد السياسات العمومية الترابية الجهوية

إن الإنتقال إلى الجانب العملي أو الإجرائي في إعداد السياسات العمومية الترابية يكون على أساس مجموعة من المراحل، وهي:

أولا: مرحلة الإعداد

ويتم فيها تحديد المشكل أو المطالب المطروحة، ثم حصر الموارد التي يمكن تسخيرها لمعالجته وتشخيص المطلب الاجتماعي المطروح، ومن ثم تحديد اختيارات السلطات العمومية في معالجة هذا المطلب الاجتماعي المطروح، ويمكن للمجتمع المدني أن تساهم في وضع مطلب اجتماعي معين ضمن اهتمامات وأجندة الجهة، وذلك بتحديد نوع المشكل والتعريف به وأسبابه ودرجة خطورته[25].

ثانيا: مرحلة صياغة

وهي تعبر عن استجابة السلطات العمومية للمطلب الاجتماعي نتيجة مرافعة المجتمع المدني ونضاله من أجل وضع هذا المطلب أو ذاك ضمن أجندة الجهة[26]، إن إشراك فعاليات المجتمع المدني والمواطنين في برامج التنمية بالجهات يؤدي إلى تحقيق مشاركة فعالة، بصفتهم المباشرة في القرارات العامة الجهوية التي تهم شؤون حياتهم وبالتالي إرساء جو من التشارك والتعاون والمساهمة في صنع القرار المحلي بما يخدم مصلحة الجميع، وعليه جاءت المادة 116 من القانون التنظيمي للجهات بمثابة تنزيل وتوضيح لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 139 من الدستور حيث نصت: ” تضع مجالس الجهات، والجماعات الترابية الأخرى، آليات تشاركية للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها.[27]  وتعمل الجهة على تخصيص الموارد وتحديد الأهداف والأولويات مع إعداد مجموعة من البدائل والتوقعات بخصوص جدوى هذه البدائل وتحديد تكلفتها للتمكن من اختيار البديل الأفضل.

ثالثا: مرحلة تفعيل السياسات العمومية الترابية الجهوية

تعتبر هذه المرحلة حساسة حيث تبنى على طريقة ونمط اتخاذ القرار السياسي اللذان يطبعهما التعاون والتشاور والتوافق…ذلك أن هذا الاختيار ينبع أولا من سلطة تقديرية تحاول أن تحقق التوازن بين المشكل المطروح من جهة والإمكانات المتاحة من جهة أخرى، وثانيا يرتبط بمعرفة دقيقة وإلمام دقيق بالمشكل وحيثيات كل الظروف المحيطة به والمؤثرة فيه، وهو ما يجعل السلطات العمومية محتاجة إلى مقاربة تشاركية تدمج فاعلين آخرين وتساهم في استيعاب المشاكل والمطالب المطروحة واختيار البديل المناسب من بين البدائل المطروحة، ويلعب المجتمع المدني دورا محوريا في هذا الاختيار باعتباره أكثر قربا للساكنة وأكثر استيعابا لمشاكلها الاجتماعية.

رابعا: مرحلة التنفيذ

وهي مجموع الإجراءات والعمليات الفردية والتنظيمية التي تسعى إلى تحويل ممارسات السلطة المخول لها تدبير السياسات العمومية، حيث يتم تنزيل الحل الذي تم اختياره من عدة حلول على أرض الواقع، ويساهم المجتمع المدني في إرساء هذه المرحلة من خلال خلق تواصل فعال مع الساكنة والمواطنين للتخفيف من حدة عرقلة هذه المشاريع والوعي بأهميتها وضرورتها.

وتعتبر عملية تنفيذ السياسة العمومية استمرار لمختلف العمليات السابقة والتي ينتقل العمل فيها إلى الرئيس لتنفيذها بمختلف مستوياتها، غير أن التطبيق الجيد هو الذي يجسد السياسة العمومية في أرض الواقع، فعملية تطبيق السياسة العمومية يتطلب توفير جملة عوامل متحكمة في التنفيذ وهي رصد الأموال والموارد اللازمة للتنفيذ، ودراسة إمكانية التنفيذ ورصد الكفاءات الضرورية لذلك، وتحديد الأهداف بدقة وإيضاحها للمسؤولين عن التنفيذ، وإعطاء الشرعية المناسبة للسياسة يجلب أكبر عدد من المؤيدين داخل المجلس، فالمجالس الجهوية تحاول أن تكون سياستها مبنية على عقلانية وتسعى الضمان الجيد لسياستها، غير أن الواقع يؤكد أن تنفيذ السياسة العمومية يتم في ظروف مختلفة يغلب عليها طابع الجمود وقلة الإمكانات اللازمة لتنزيل السياسات العمومية التي تمت هندستها.[28]

خامسا: مرحلة التقييم

مرحلة جوهرية في حياة السياسة العمومية الجهوية والأداة الكفيلة بإعطائها حسا وقيمة مضافة من خلال قياس مدى قدرتها على الاستجابة لمطلب اجتماعي، كما يعتبر التقييم مدخلا أساسيا نحو بناء ترسانة المحاسبة والمساءلة عبر طرح مجموعة من التساؤلات في اتجاه بناء وجهة نظر مجتمعية حول مدى إجابة واستجابة سياسة عمومية لحاجيات المجتمع.

وعلى مستوى الجهة يتولى رئيس الجهة تنفيذ برنامج التنمية الجهوي وإعداد تقرير سنوي لتقييم تنفيذه والذي يتضمن، نسبة إنجاز المشاريع المبرمجة في برنامج التنمية الجهوي مع قياس مؤشرات الفعالية المتعلقة بها والمضمنة في منظومة تتبع المشاريع والبرامج، كما يتضمن التقرير السنوي الإمكانات المرصودة للمشاريع والبرامج والإكراهات المحتملة التي قد تعترض إنجازها مع اقتراح الحلول الكفيلة بتجاوزها.[29]

من خلال هذه المراحل يظهر جليا الأهمية البالغة لآليات الديمقراطية التشاركية في بلورة السياسات العمومية الجهوية، وهو ما ركز عليه الدستور في الفصل 139 [30]، حيث ألح على ضرورة وإلزامية وضع مجالس الجهات لآليات التشاور والحوار في إعداد برامج التنمية الجهوية، وبذلك يكون المشرع قد تجاوز فكرة التنظير للآليات إلى التطبيق الفعلي.

وهذا وبالرجوع إلى بعض مقتضيات المرسوم المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده[31]، فإنه ينص في المادة 4 على أنه يتخذ مجلس الجهة، خلال السنة الأولى من مدة انتداب المجلس، قرار إعداد مشروع برنامج التنمية الجهوية، بعد اجتماع إخباري وتشاوري يدعو له أعضاء المكتب ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم وكاتب المجلس… ونص في مادة أخرى على أن يتم إعداد مشروع برنامج التنمية الجهوية وفق منهج تشاركي ولهذه الغاية، يقوم رئيس مجلس الجهة بإجراء مشاورات مع: المواطنات والمواطنين والجمعيات وفق الآليات التشاركية للحوار والتشاور المحدثة لدى مجلس الجهة طبقا لأحكام المادة 116  من القانون التنظيمي 111.14 فحسب هذه المادة يجب على رئيس المجلس الجهوي إجراء مشاورات ولقاءات مع المواطنات والمواطنين والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وجمعيات المجتمع المدني لدراسة مواضيع عامة تدخل في اختصاصات الجهة والاطلاع على آرائهم وإخبارهم بمختلف برامج التنمية المنجزة أو في طور الإنجاز.[32]

فالبرامج التنموية الجهوية هي بمثابة فرصة أراد من خلالها المشرع المغربي إشراك الجميع في كل مراحل المشاريع التنموية قصد المساهمة الفعلية في إعدادها وفقا لحاجيات الساكنة على مختلف المستويات الاقتصادية، الاجتماعية والرياضية…وهذه البرامج هي بمثابة وثيقة مرجعية بالنسبة للمشاريع التنموية والأنشطة المزمع إنجازها انطلاقا من مركز الجهة ووصولا إلى أطرافها.[33]

 

المطالب الثاني: آليات الجهة لبلورة وتنفيذ السياسات العمومية الترابية الجهوية

أصبح اليوم الضرورات التنموية تلح على إيجاد مؤسسة جهوية فاعلة تتحرك في مجال ترابي متجانس ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، كما أن وجود أجهزة ومؤسسات جهوية فاعلة وديمقراطية تخدم الشأن الجهوي بحيوية وحماسة تنموية، مرهون إلى حد كبير بطبيعة الآليات التي تشكل روافد المؤسسات الجهوية،[34]

إن رسم آفاق الجهوية لا ينحصر في الجانب القانوني فحسب، بل يتطلب تحديد استراتيجية عامة واضحة المعالم لكسب الرهانات المستقبلية، إذ يعتبر التعاون والتضامن أبرز الآليات لتحقيق ذلك، وبالطبع لن يتأتى ذلك إذا لم تنفتح الجهة على محيطها وتدعيم أشكال التعاون بالجهة للوصول إلى التنمية المنشودة وذلك من خلال خلق علاقات تعاونية بين الجهة ومختلف الفاعلين.

وتعتبر الجهة تلك الحلقة الجديدة في بناء التنمية وهذا لم يتأتى عبثا، إذ وجدت لتساهم إلى جانب جماعات ترابية أخرى وباقي الفاعليين في تحقيق التنمية التي تقتصر على البعد الاقتصادي بل تتجاوزه إلى كل الأبعاد الاجتماعية والإنسانية والبيئية، وبذلك تعدوا وسيلة ناجحة لتدعيم اللامركزية وتقريب الإدارة من المواطنين وتحقيق التنمية الشاملة،[35] والهدف هو وجود جهات قائمة الذات قابلة للاستمرارية من خلال بلورة معايير عقلانية وواقعية لمنظومة جهوية جديدة ومتطورة وانبثاق مجالس ديمقراطية تتوفر على صلاحيات وموارد تمكنها من النهوض بالتنمية الجهوية المندمجة.[36]

ومن أجل تنفيذ السياسات العمومية الترابية الجهوية، تعتمد الجهة على مجموعة من الآليات التي سنحددها في فرعين، (الفرع الأول) سيتمحور حول برنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي لإعداد التراب، بينما سنخصص (الفرع الثاني) لمجموعة من الآليات الأخرى التي تساهم في إنجاح السياسات العمومية.

 الفرع الأول: برنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي لإعداد التراب

إن الجهات تبقى الفاعل المرجعي في شروط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية، ومن بين الآليات التي خولها القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات والتي تبوء الجهة مكانة الصدارة، هي برنامج التنمية الجهوية (أولا)، والتصميم الجهوي لإعداد التراب (ثانيا).

الفقرة الأولى: برنامج التنمية الجهوية

لقد فتح دستور 2011 والقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، أفاق واسعة أمام بلوغ الأهداف المتوخاة من إقرار الجهوية المتقدمة، وإعطاء الجهة مكانة الصدارة، من خلال تكريس شرعيتها الديمقراطية، وتخويلها مجموعة من المهام والاختصاصات التي تمنحها الأولوية في مجال التنمية الاقتصادية، أو الرفع من الموارد المرصودة لها كي تضطلع بأدوارها على أحسن وجه وتواجه التحديات الجديدة.[37]

وتعتبر الجهة بصفة عامة الإطار الأمثل لبلورة سياسات عمومية ترابية، لهذا كان من الضروري تحديد استراتيجية للتنمية الجهوية تكون قادرة علة مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الآنية والمستقبلية عبر إجراءات ذات طابع محلي وجهوي، تتم في إطار مقاربة مجالية جديدة وذات أبعاد متعددة تستمد أساسها من الاندماج المنسق لمختلف الاختيارات والأهداف الوطنية ومن تعبئة الطاقات والإمكانات المحلية التي تزخر بها الجهات المغربية في اتجاه يسعى إلى الرقي بالتنمية الجهوية وجعلها سياسة اقتصادية واجتماعية متطورة.[38]

وبالنظر لكون التخطيط الترابي يعد أحد تجليات الحكامة الترابية الجهوية، وأهم آليات ممارسة الاختصاصات التنموية، فإن الإشكال يثار بالخصوص بمدى قدرة الجماعات الترابية على تشخيص وضعيتها وتحديد متطلباتها التنموية، وعلى تحديد أهدافها الاستراتيجية وتنفيذ الخطط التفصيلية المالية والتدبيرية.[39]

وفي إطار القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، يضع مجلس الجهة، تحت إشراف رئيس مجلسها خلال السنة الأولى من مدة انتداب المجلس، برنامج التنمية الجهوية وتعمل على تتبعه وتحيينه وتقييمه، ويحدد هذا البرنامج لمدة ست سنوات الأعمال التنموية المقرر برمجتها أو إنجازها بتراب الجهة، اعتبارا لنوعيتها وتوطينها وكلفتها، لتحقيق تنمية مستدامة ووفق منهج تشاركي وبتنسيق مع والي الجهة بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية.

ويجب أن يتضمن برنامج التنمية الجهوية:

  • تشخيص حاجيات وإمكانيات الجهة.
  • تحديد أولويات الجهة.
  • تقييم الموارد والنفقات التقديرية الخاصة بالجهة للسنوات الثلاث الأولى.
  • الأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع.[40]

ولهذه الاعتبارات، تستشير الحكومة المجلس الجهوي، بشأن كل مشروع كبير تعتزم الدولة إنجازه في الجهة، وكلما كان الأمر يعنيه، عند إعداد المهام التالية:

  • الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
  • المخططات القطاعية الوطنية والجهوية.
  • التصميم الوطني لإعداد التراب والتصميم الجهوي للتنمية الحضرية
  • الاستراتيجية الوطنية والجهوية في مجالات النهوض بالاستثمارات والتشغيل والماء والطاقة والبيئة والتربية والتكوين المهني والثقافي والصحة.

ويتم تفعيل برنامج التنمية الجهوية، عند الاقتضاء في إطار تعاقدي بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين،[41] كما يتعين على الجهة مراعاة مضامين برنامج التنمية الجهوية عند وضع الميزانية في الجزء المتعلق بالتجهيز، في حدود مواردها،[42] ويمكن تحيين البرنامج ابتداء من السنة الثالثة من دخوله حيز التنفيذ.[43]

وقد أحال القانون التنظيمي الجهوي تحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده[44] على نص تنظيمي، وقد صدر في هذا الصدد المرسوم رقم 2.16.299 الصادر في 29 يونيو 2016 المحدد لمسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده.[45]

الفقرة الثانية: التصميم الجهوي لإعداد التراب

إن تنمية التراب هي العملية التي بواسطتها يمكن تحقيق التعاون الفعال للارتقاء بالجهوية والوحدات المحلية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحضريا، وهو ما يجعل التراب الجهوي ليس كجزء من المجال الطبيعي ولكن كنظام وعلاقات مفتوحة بين كافة مكوناته والفاعلين.[46]

وتعتبر سياسة إعداد التراب الوطني أهم ركيزة في الحكامة الترابية وآلية استراتيجية لتحقيق شروط التنمية المتوازنة بين الجهات، خاصة في إطار اتخاد المغرب قرار اعتماد الجهوية المتقدمة في تدبير الفعل العمومي الترابي، الأمر الذي سينعكس إيجابيا على صعيد بنيات وهياكل الدولة، وسيمكنه من إصلاح وتحديث العلاقة بينها وبين باقي المستويات الترابية المكونة لها، وجعل التدبير الترابي مكون أساسي في إحداث التوازن بين الدولة والجهة يهدف إلى توزيع فعال وعادل للثروة وجعل السلط والاختصاصات قائمة على المراقبة وتلبية الحاجيات الميدانية للساكنة المحلية.[47]

ولما يلعبه التراب من أهمية نص دستور 2011 في الفقرة الثانية من الفصل 143 بأن: تتبوأ الجهة تحت إشراف رئيس مجلسها، مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرة، في عمليات إعداد وتتبع برنامج التنمية الجهوية والتصاميم الجهوية لإعداد التراب، في نطاق احترام الاختصاصات الذاتية لهذه الجماعات الترابية.[48]

وقد أكد القانون التنظيمي للجهات على هذا التوجه، إذ اعتبر التصميم الجهوي لإعداد التراب وثيقة مرجعية للتهيئة المجالية لمجموعة التراب الجهوي، وعمل على تصنيفه ضمن الاختصاصات الذاتية للجهة، ويقوم مجلس الجهة حسب القانون التنظيمي للجهات بوضع التصميم الجهوي لإعداد التراب، في إطار التوجهات السياسة العامة لإعداد التراب المعتمدة على المستوى الوطني وبتشاور مع الجماعات الترابية الأخرى والإدارات والمؤسسات العمومية، وممثلي القطاع الخاص المعنيين بتراب الجهة، ويساعد والي الجهة رئيس مجلس الجهة في تنفيذ التصميم لإعداد التراب.[49]

ويهدف التصميم الجهوي لإعداد التراب علة وجه الخصوص إلى تحقيق التوافق بين الدولة والجهة حول تدابير تهيئة المجال وتأهيله وفق رؤية استراتيجية واستشرافية، بما يسمح بتحديد توجهات واختيارات التنمية الجهوية، ولتلك الغاية:

  • يضع إطار عاما للتنمية الجهوية المستدامة والمنسجمة بالمجالات الحضرية والقروية.
  • يحدد الاختيارات المتعلقة بالتجهيزات والمرافق العمومية الكبرى المهيكلة على مستوى الجهة.
  • يحدد مجالات المشاريع الجهوية وبرمجة إجراءات تثمينها وكذا مشاريعها المهيكلة.[50]

وتحدد بنص تنظيمي مسطرة إعداد التصميم الجهوي لإعداد التراب وتحيينه وتقييمه، وتم تنزيل مرسوم رقم 2.17.583 المحدد لمسطرة إعداد التصميم الجهوي لإعداد التراب وتحيينه وتقييمه بتاريخ 28 شتنبر 2017.[51]

ولقد ألزم القانون التنظيمي الإدارة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية الأخذ بعين الاعتبار مضامين التصميم الجهوي لإعداد التراب في إطار برامجها القطاعية أو تلك التي تم التعاقد في شأنها.[52]

الفرع الثاني: آليات أخرى لتنفيذ السياسات العمومية الترابية الجهوية

إن الجهة تنهج عدة أساليب ووسائل، لتنفيذ السياسات العمومية الترابية جهوية فعالة وعقلانية ومنسجمة مع تطلعات مختلف الفاعليين والمتدخلين، حيث تقوم باعتماد مجموعة من الآليات من أجل تدبيرها لشؤونها، وتنفيذها لسياستها العمومية، باعتماد آليات ذاتية (الفقرة الأولى) كما تلجأ إلى تفويض تنفيذ السياسات العمومية الترابية في إطار الشراكة مع فاعلين أخرين (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الوسائل الذاتية لتفعيل السياسات العمومية الترابية الجهوية

أناط المشرع بالجماعات الترابية وخاصة في ظل الجهوية المتقدمة في تدبيرها لشؤونها، وتنفيذها لسياستها العمومية بنفسها في إطار من الاستقلالية وفي إطار الضوابط القانونية المعمول بها، وسيلتين مهمتين يتعلق الأمر بالوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع (أولا)، وأداة الثانية تتمثل في شركات التنمية الجهوية (ثانيا).

أولا: الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع

وعيا من المشرع بأهمية المشاريع التنموية في مختلف جوانبها على المستوى الترابي وعلى شتى الوجهات،[53] ومن أجل تمكين الجماعات الترابية من تدبير شؤونها، يحدث لدى كل جهة تحت اسم الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، وهي شخص اعتباري خاضع للقانون العام يتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، يشار إليه باسم “الوكالة”.[54]

وتخضع الوكالة لوصاية مجلس الجهة، ويكون الغرض من هذه الوصاية العمل على احترام أجهزتها المختلفة لأحكام هذا القانون التنظيمي وخاصة ما يتعلق منها بالمهام المنوطة بها، كما تخضع الوكالة أيضا للمراقبة المالية للدولة المطبقة على المنشآت العامة وهيئات أخرى طبقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل.[55]

وتتولى الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع القيام بما يلي:

  • مد المجلس الجماعي كلما طلب رئيسه ذلك، بكل أشكال المساعدة القانونية والهندسة التقنية- المالية عند دراسة وإعداد المشاريع وبرامج التنمية.
  • تنفيذ مشاريع وبرامج التنمية التي يقرها مجلس الجهة، يمكن لمجلس الجهة أن يعهد إلى الوكالة باستغلال أو تدبير بعض المشاريع لحساب الجهة، طبقا للشروط والكيفيات التي يحددها، ويمكن للوكالة أن تقترح على مجلس الجهة إحداث شركة من شركات التنمية الجهوية تشتغل تحت إشراف هذه الوكالة.[56]

ونظرا لكونها شخص اعتباري خاضع للقانون العام يتمتع بالاستقلال الإداري والمالي فهي تتوفر على ميزانية تتضمن:

  • المداخيل:

_ مخصصات التسيير والاستثمار المرصودة لها من قبل مجلس الجهة.

_ الموارد المتأتية من استغلال وتدبير المشاريع.

  • النفقات:

_ نفقات التسيير والاستثمار.

_ المبالغ المدفوعة للجهة المتأتية من استغلال أو تدبير المشاريع.[57]

ولتدعيم عملها للقيام بمهامها على أكمل وجه تتوفر الوكالة على مستخدمين يتكونون من:

  • الأعوان والمستخدمين الذين يتم توظيفهم أو التعاقد معهم من قبل الوكالة طبقا للنظام الأساسي لمستخدمي الوكالة.
  • الموظفين الملحقين لدى الوكالة من طرف الجهة أو من لدن إدارات عمومية أخرى.
  • الموظفين والأعوان الذين تضعهم الدولة أو الجماعات الترابية الأخرى رهن إشارتها.

ومن أجل ترسيخ مبادئ وآليات الحكامة الجيدة المنصوص عليها في الفصل 146 من دستور 2011، يتم تعيين مدير للوكالة بقرار من رئيس المجلس بعد فتح باب الترشيح لشغل هذا المنصب، ويخضع هذا القرار لتأشيرة السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، وتتنافى مهام مدير الوكالة مع العضوية في أي جماعة ترابية أو مهام انتدابية داخل هيئة منتخبة بتراب الجهة، ومع مهام أو مسؤوليات في القطاع العام أو الخاص.[58]

وسعيا لتفعيل مبدأ الاستقلال المالي والإداري الذي تتمتع به الوكالة كمؤسسة قائمة بذاتها، يمارس المدير جميع الصلاحيات والسلط اللازمة لتسيير الوكالة، وفي هذا الإطار يقوم ب:

  • تنفيذ قرارات لجنة الإشراف والمراقبة.
  • تسيير شؤون الوكالة والتصرف باسمها، تحت سلطة ومراقبة رئيس لجنة الإشراف والمراقبة.
  • تمثيل الوكالة أمام المحاكم، ويقيم كل الدعاوى القضائية للدفاع عن مصالحها.
  • إعداد مشروع ميزانية الوكالة.
  • إعداد تقريرا سنويا حول أنشطة الوكالة وسيرها ووضعيتها المالية والمنازعات التي قد تكون الوكالة طرفا فيها.[59]
  • المدير هو آمرا بقبض مداخيل الوكالة وصرف نفقاتها، وله أن يفوض إمضاءه تحت مسؤوليته ومراقبته، إلى مستخدمي الوكالة.[60]

ثانيا: شركات التنمية الجهوية

أدت إكراهات تمويل المشاريع الجهوية في القانون السابق إلى البحث عن مصدر مالي جديد تدعم به الجهة مواردها، واللجوء إلى آليات جديدة للتدخل في اقتصادها بموجب مقتضيات قانونية عزز بها المشرع التعاون والشراكة بين الجهة وباقي الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين وحتى الدوليين، وذلك بغية توسيع سياسة الجهة التنموية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وتطوير ميزانيتها خاصة الإيرادات، وذلك بتخويل إمكانية تأسيس شركات أو المساهمة في رأسمالها وتسمى شركات التنمية الجهوية.

وقد استلهم المشرع المغربي فكرة شركات التنمية الجهوية من أوروبا، التي تعرف ارتفاعا كبيرا في عدد هذه الشركات حيث تتعدد مجالات تدخلاتها، هناك، النظافة، النقل، تنظيم أسواق الجملة، صيانة الساحات العمومية، ترميم وصيانة المنشأت التاريخية.[61]

وبذلك أناط القانون التنظيمي للجهات 111.14 أنه يمكن للجهة ومجموعاتها ومجموعات الجماعات الترابية إحداث شركات المساهمة تسمى “شركات التنمية الجهوية” أو المساهمة في رأسمالها باشتراك مع شخص أو عدة أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام والخاص.

وتحدث هده الشركات لممارسة الأنشطة ذات الطبيعة الاقتصادية التي تدخل في اختصاصات الجهة أو تدبير مرفق عمومي تابع للجهة.

كما أنه لا تخضع شركات التنمية الجهوية لأحكام المادتين 8 و9 من القانون رقم 39.89 المؤذن بموجبه في تحويل منشآت عامة إلى القطاع الخاص،[62] وينحصر غرض الشركة في حدود الأنشطة الاقتصادية ذات الطبيعة الصناعية والتجارية التي تدخل في اختصاصات الجهة ومجموعاتها ومجموعات الجماعات الترابية باستثناء تدبير الملك الخاص للجهة.

كما أنه لا يجوز تحت طائلة البطلان، إحداث أو حل شركة التنمية الجهوية أو المساهمة في رأسمالها أو تغيير غرضها أو الزيادة في رأسمالها أو تخفيضه أو تفويته إلا بناء على مقرر المجلس المعني، تؤشر عليه السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.

كذلك لا يمكن أن تقل مساهمة الجهة أو مجموعاتها أو مجموعات الجماعات الترابية في رأسمال شركة التنمية الجهوية عن نسبة 34%، وفي جميع الأحوال يجب أن تكون أغلبية رأسمال الشركة في ملك أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام، بحيث لا يجوز لشركة التنمية الجهوية أن تساهم في رأسمال شركات أخرى.

ويجب أن تبلغ محاضر اجتماعات الأجهزة المسيرة لشركة التنمية الجهوية إلى الجهة ومجموعاتها والجماعات الترابية المساهمة في رأسمالها وإلى والي الجهة داخل أجل خمسة عشر يوم (15) الموالية لتاريخ الاجتماعات.

وتكون مهمة ممثل الجهة بالأجهزة المسيرة لشركة التنمية الجهوية مجانية، غير أنه يمكن منح تعويضات يحدد مبلغها وكيفيات صرفها بنص تنظيمي.[63]

أما في حالة توقيف مجلس الجهة أو حله، يستمر ممثل الجهة في تمثيلها داخل مجلس إدارة شركات التنمية إلى حين استئناف مجلس الجهة لمهامه أو انتخاب من يخلفه.[64]

الفقرة الثانية: التنفيذ التشاركي للسياسات العمومية الترابية الجهوية

إن التعاون أصبح أداة حقيقية لا بد منها لتحقيق التنمية الشاملة لذا فإن التعاون قد يساعد على تجاوز النقص المادي والبشري والتقني وذلك بتوحيد الجهود والاستثمار فيما هو موجود في أفق تحسين المؤشرات التنموية للجماعات الترابية[65]، ومن بين آليات التنفيذ التشاركي نجد آليتين وهم التعاون اللامركزي (أولا)، والمقاربة التشاركية (ثانيا).

أولا: التعاون الترابي اللامركزي

يعتبر التعاون اللامركزي من الدعامات الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بين مختلف الجماعات الترابية سواء في شقه الداخلي أو الخارجي، حيث يسعى إلى تعزيز روابط الشراكة والتبادل والتعاون بين الجماعات الترابية ونظيرتها خارج أرض الوطن أو داخله.

فالتعاون اللامركزي نمطا جديدا من الشراكة بين الوحدات الترابية والفاعلين المحليين، ويعد من بين أهم ملامح التحولات التي عرفتها اللامركزية بالمغرب وقنطرة عبور نحو تخفيف العبء عن الدولة التي أصبحت تتراجع عن أداء وظائفها الاقتصادية والاجتماعية، وذلك نظرا للعجز المالي الذي أصبح يواجه الدولة وبعض جماعاتها الترابية، وضعف خبراتها في مجال التدبير، لذا تم اللجوء إلى التعاون كآلية لتنمية قدرات الجماعات الترابية عن طريق الاستفادة من الخبرات الأجنبية والمحلية.[66]

ويقصد بالتعاون اللامركزي جميع أشكال التعاون والشراكة والتبادل التي تقوم بها الجماعات الترابية فيما بينها أو مع شركاء الاقتصاديين أو الاجتماعيين الخاضعين للقانون العام أو الخاص أو مع الجماعات الترابية الأجنبية أو المنظمات الغير حكومية المهتمة بالشؤون المحلية.[67]

ومن خلال هذا التعريف يتبين أن التعاون اللامركزي يتضمن شقين داخلي ودولي:

التعاون الداخلي: الذي يتجسد في علاقات التعاون والتبادل والشراكة التي تبرمها الجماعات الترابية فيما بينها أو مع أشخاص معنوية خاضعة للقانون العام، أو كذلك مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين الخواص، وذلك من أجل إنجاز مشروع ذي فائدة مشتركة، ويأخذ هذا النوع أشكالا متنوعة، كمجموعة الجماعات الترابية، شركات التنمية الجهوية، واتفاقيات التعاون.[68]

والتعاون اللامركزي الداخلي ليس وسيلة للتعبير عن التضامن بين الجماعات الترابية فقط، وإنما يشكل قيمة إضافية في ترسيخ النهج اللامركزي الذي اختاره المغرب منذ السنوات الأولى للاستقلال كأسلوب لتدبير الشؤون المحلية، لاعتبار أن هذا النوع من التعاون أضحى ضرورة لا محيد لجماعاتنا الترابية لتعضيد جهودها من أجل تحقيق التنمية الملقاة على عاتقها، خصوصا وأن من نتائج اللامركزية هو تخلي الدولة عن جزء كبير من مهامها التنموية لصالح الجماعات الترابية، وهو الشيء الذي لن تستطيع الجماعات الترابية القيام بها منفردة إلا إذا قامت بتجميع جهودها وإمكانياتها المالية والبشرية باستثمار الآليات والصيغ القانونية التي يوفرها التعاون اللامركزي الداخلي.[69]

التعاون الدولي: يلعب التعاون اللامركزي في شقه الدولي دورا حيويا في تحقيق التعاون وتوسيع آفاقه، حيث لا ينحصر في المساعدات المالية والاقتصادية، بل تظهر أهميته بشكل بارز في نقل الخبرات والمعارف والمهارات والجوانب الإدارية والتكنولوجية، مما يفتح الباب أمام الجماعات الترابية للاستفادة من تجارب البلدان المتقدمة.

فالجماعات الترابية لم تعد تكتفي بالتعاون الداخلي، بل أضحت في السنوات الأخيرة تتطلع إلى التعاون اللامركزي الدولي، إذ سيمكنها من الاضطلاع على منجزات الجماعات المحلية الأجنبية لاسيما في المجال الاقتصادي، ولكي تستفيد منها أثناء وضع مخططاتها وبرامجها الاقتصادية.[70]

وأشار القانون المنظم للجهات 111.14 صراحة على التعاون الدولي لهذه الوحدات الترابية بمقتضى المادة 82 ” يمكن للجهة إبرام اتفاقية مع فاعلين من خارج المملكة في إطار التعاون الدولي وكذا الحصول على تمويلات في نفس الإطار بعد موافقة السلطات العمومية طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، ولا يمكن إبرام أي اتفاقية بين جهة أو مجموعة جهات أو مجموعة الجماعات الترابية ودولة أجنبية.[71]

واعتبارا أن الجهة كجماعة ترابية ذات شخصية معنوية واستقلال مالي فلا شيء يمنع مجالس الجهات من تطوير وتنمية علاقات الصداقة والتعاون مع نظيرتها الأجنبية مستندة في ذلك على الآليات القانونية في هذا المجال لصالح الجماعات الترابية الأخرى.

وكذلك يميز المشرع المغربي بين التعاون اللامركزي والتوأمة والانخراط والمشاركة في أنشطة المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية، باعتبار كل واحدة منها شكل من أشكال التبادل التي يمكن أن تربط الجماعات الترابية المغربية مع إحدى أو مجموعة من الجماعات الترابية الأجنبية.[72]

ثانيا: المقاربة التشاركية

تعتبر المقاربة التشاركية من أهم الخصائص التي جاء بها دستور 2011 وذلك إذ يؤكد على ضرورة إشراك المواطنين والمواطنات في عملية اتخاذ القرار، فالديمقراطية التشاركية تعد من الأساسيات التي ركز عليها المشرع المغربي حيث أنه أعطى للمواطن العديد من الصلاحيات من أجل إشراكه في تسيير الشأن العام المحلي، سواء من خلال جمعيات أو غيرها، كما أن المقاربة التشاركية تساعد المواطن على تحمل بعض المسؤوليات، من أجل المضي قدما في عملية التنمية وتسيير الشأن العام الترابي.[73]

وتضطلع المقاربة التشاركية في تحقيق التناسق والتكامل بين احتياجات الساكنة المحلية والنتائج النهائية للتخطيط التنموي، فبرامج التنمية التشاركية تعتبر الأنسب والأقرب للتعبير عن هذه الاحتياجات.

فالمقاربة كآلية منهجية تسمح بالمشاركة الواسعة لمجموع السكان في إعداد وتنفيذ وتقييم البرامج الاقتصادية والاجتماعية الترابية، كما تساعد على توعية مختلف الفاعلين والمتدخلين في العمليات التنموية التشاركية واكتساب الساكنة المحلية المهارات السلوكية التشاركية، فتطبيق المقاربة التشاركية في الأنشطة التنموية من شأنه جعل الساكنة المشاركة قادرة على تحديد مصير عمليات التخطيط التنموي.[74]

واستنادا إلى القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات نجد أن المشرع المغربي وضع تحت إمرة مجلس الجهة ورئيسه آليتين لاعتماد المقاربات التشاركية كنسق عصري في تدبير شؤون الجهة من حيث المجال الترابي والموارد المتوفرة، وما يؤكد هذا التوجه، ما جاءت به هندسة القانون 111.14، إذ بين طيات القسم الثالث: صلاحيات مجلس الجهة ورئيسه، ومن أبواب هذا القسم، نجد الباب الرابع تحت عنوان: الآليات التشاركية للحوار والتشاور، ثم الباب الخامس والمعنون شروط تقديم العرائض من قبل المواطنات والمواطنين والجمعيات. [75]

وتنص المادة 116 من القانون التنظيمي للجهات 111.14 أنه: تحدث مجالس الجهات آليات تشاركية للحوار والتشاور لتسيير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برنامج التنمية وتتبعها طبق للكيفيات المحددة في النظام الداخلي للجهة.[76]

أما المادة 117 من نفس الباب الرابع، تحدد ما يلي: تحدث لدى مجلس الجهة ثلاثة هيئات استشارية:

  • هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تختص بدراسة القضايا الجهوية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساوات وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع.
  • هيئة استشارية تختص بدراسة القضايا المتعلقة باهتمامات الشباب.
  • هيئة استشارية بشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين بالجهة تهتم بدراسة القضايا الجهوية ذات الطابع الاقتصادي.[77]

ويتبين مما سبق ذكره، أن المبتغى هو جعل الحكامة التشاركية في التدبير التنموي للجماعات الترابية أحد الركائز التأهيل المؤسساتي للشأن الجهوي والترابي المغربي، إذ تنشد وضع حد للسمة الانغلاقية، التي ظلت تطبع عمل تصريف الشأن المحلي، والدعوة لمقومات التدبير التشاركي القائم على ميكانزمات الانفتاح والتواصل والاسهام الفعلي لمجموعة من القوى الحية تتصدرهم الساكنة كشريك أساسي.[78]

المبحث الثاني: واقع وآفاق السياسات العمومية الترابية الجهوية في أفق النموذج التنموي الجديد

إن تفعيل آليات الحكامة الجيدة ومواكبة مختلف المستجدات التي يعرفها المجتمع المغربي، فإنه لا بد من انخراط الجماعات الترابية بكل مسؤولية في المجال الاقتصادي والاجتماعي عبر مخططات تنموية دقيقة ومحددة الأهداف والوسائل، باعتبار هذه الوحدات هي القاعدة الأساسية للديمقراطية والمجال الخصب لتفاعلها الإيجابي مع التنمية.

وتعتبر الجهة هي الإطار الأمثل لبلورة السياسات العمومية الترابية، لذلك كان من الضروري تحديد استراتيجية للتنمية الجهوية تكون قادرة على مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الآنية والمستقبلية عبر إجراءات ذات طابع المحلي وجهوي، تتم في إطار مقاربة مجالية جديدة وذات أبعاد متعددة تستمد أساسها من الاندماج المنسق لمختلف الاختيارات والأهداف الوطنية ومن تعبئة الطاقات والإمكانيات المحلية التي تزخر بها الجهات المغربية في اجاه يسعى إلى الرقي بالتنمية الجهوية وجعلها سياسة اقتصادية واجتماعية متطورة.[79]

فتنزيل لورش الجهوية المتقدمة يقوم بتعزيز الدور الاستراتيجي التنموي ذات أبعاد شاملة، تطال مختلف العناصر والجوانب التي تؤدي إلى رفع من مستوى عيش السكان من جهة، وتخدم مختلف التوجهات التنموية للجهات التي تحاول الحد من الاختلالات.[80] ومن خلال هذا المبحث سنحاول التطرق إلى واقع السياسات العمومية الترابية الجهوية (المطلب الأول)، وآفاق

المطلب الأول: واقع السياسات العمومية الترابية الجهوية في رسم معالم  التنمية

أصبحت السياسة الجهوية في مختلف بلدان العالم من الاستراتيجيات الرئيسية للنهوض بالتنمية الاقتصادية، وللإقلاع السوسيو اقتصادي بصفة عامة، ذلك أن عقلية النخب الحاكمة آمنت واقتنعت أن التنمية الشاملة لا يمكن تحقيقها إلا بالمرور عبر التنمية الجهوية، إذ أن التنمية بصفة عامة لا بد لإنجاحها من مجال ترابي واسع ومتكامل، كفيل بإدماج كل العوامل التنموية في مسلسل الإقلاع الاقتصادي الجهوي.[81]

والمقاربة المندمجة هي الحل لتجويد السياسات العمومية الترابية لأنها عبارة عن سياسات عمومية تندرج ضمن عملية متماسكة، ومشروع شامل، وتعبئة قوية متعددة الجهات تتكامل فيها الأبعاد السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، التربوية، والثقافية ثم البيئية، وبالتالي فهي مقاربة ضد المقاربات القطاعية الانفرادية، التي تعمل بمعزل عن القطاعات الأخرى.[82]ولهذا يجب أن يتم ضمان التقائية السياسات العمومية الترابية (الفرع الأول) والتي تخلق مجموعة المعيقات التي تحد من فعالية السياسات العمومية الترابية الجهوية(الفرع الثاني).

الفرع الأول: إشكالية ضمان التقائية السياسات العمومية الترابية الجهوية

إن أي عملية صياغة وتنفيذ سياسات عمومية ترابية جهوية من طرف فاعلين جهويين لا بد من ان تلازمها مجموعة من الموارد المالية والبشرية الترابية، وتفعيل مجموعة من الآليات وذلك من أجل خلق سياسات عمومية ترابية ناجعة وأكثر استجابة للطلبات الاجتماعية على المستوى الترابي والجهوي، وهو ما يعني ضرورة إشراك كل الفاعلين ولكن مع توحيد الرؤى والعمل على دمج التوجهات في سياسات عمومية فعالة وبلورتها وتنفيذها، بما يعني من الضروري اعتماد الالتقائية في تدبير السياسات العمومية الترابية ( الفقرة الأولى) وأيضا عدم إغفال التقائية السياسات القطاعية على المستوى الترابي (الفقرة الثانية) لأن النجاعة والفعالية لن تتأتى دون تحقيق هذه الالتقائية.

الفقرة الأولى: الالتقائية في تدبير السياسات العمومية الترابية.

ظهر مفهوم الالتقائية كضرورة ملحة استجابة لمتطلبات العصر لأجل تدبير فعال للشأن العام المحلي، من خلال إعطاء الأولوية للمبادرات المحلية عن طريق تمكين المصالح والإدارات المحلية من سلطة اتخاذ القرارات الملائمة والمنسجمة مع برامج قطاعاتهم وبرامج باقي القطاعات الأخرى، وكذا وضع مخططات استراتيجية وبرامج ذات أمد طويل ومتوسط وقصير المدى، بما يمكن من تطبيق مبدأ الالتقائية في تنفيذ السياسات العمومية الترابية ، وهكذا يمكننا تعريف الالتقائية عمليات تتوخى ربط علاقة تنسيق وتكامل بين عدة مراكز اتخاذ القرار مصالح خارجية الولايات والعمالات، جماعات ترابية ومؤسسات عمومية؛ لتطوير جودة العمل التنموي.[83]

ولا يمكن الحديث عن اندماج السياسات العمومية كعنصر أساسي لا مناص منه في مختلف مشاريع الدولة وعملياتها التنموية دون استحضار مجموعة من التحديات الواجب رفعها من أجل وضع رؤية مندمجة لهذه السياسات، ومن بين هذه التحديات ضمان الالتقائية على المستوى الجهوي، فالجهة اليوم تتحلى بمركز الصدارة على مستوى الجماعات الترابية الأخرى والتنظيم الترابي للمملكة تنظيمات مركزي يقوم على الجهوية المتقدمة،[84]  وهي البوابة لضمان التقائية السياسات العمومية الترابية مع باقي الجماعات الترابية الأخرى خاصة مع الاختصاصات المهمة التي تحظى بها الجهات لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وهكذا تعتبر مسألة التقائية السياسات العمومية من أهم التحديات التي تواجه تدبير الشأن العمومي بالمغرب بشكل عام، إذ تسجل بهذا الخصوص مجموعة من الاختلالات المتمثلة أساسا في ضعف مردودية الاستثمارات العمومية ووقعها الاقتصادي والاجتماعي رغم حجمها الكبير مقارنة مع العديد من الدول، وعدم الاستجابة لطلبات المواطنين بشكل ناجع بسبب عدم التقائية بعض تدخلات الدولة في المجالات الحيوية مثل التعليم، الصحة، وفك العزلة، وضياع الفرص التنموية والتي تقدرها بعض الدراسات بعدة نقط نمو سنويا، وكثرة الاستراتيجيات والمخططات القطاعية واللجان بين الوزارية، معا مما يؤثر سلبا على الأداء العمومي.

ولا شك أن هذه الاختلالات تزداد حدتها عندما يتعلق الأمر بالتدبير الترابي حيث تطغى الحلول الجزئية للإشكالات المطروحة على المستوى الترابي، في ظل تعدد المتدخلين والذي تتعدد معه الرؤى وأنماط الحكامة، مما ينعكس سلبا على مؤشرات التنمية التي تظل ضعيفة مقارنة مع ارتفاع التكلفة بسبب تكرار الأعمال المنجزة لتدارك النقص الناتج عن تجزيء السياسات العمومية والفصل بينها. كما أن غياب استراتيجية مندمجة ذا أولويات محددة ومرتبة يؤدي إلى غياب التكامل ويحد من الآثار الايجابية للسياسات العمومية على السكان وعلى المجالات الترابية.[85]

الفقرة الثانية: التقائية السياسات القطاعية على المستوى الترابي

إن من أبرز الحلول لاختلالات تدبير السياسات العمومية الترابية هو جعل السلطة المركزية تتبنى التقائية السياسات العمومية القطاعية على المستوى الترابي قصد تلبية احتياجات مواطنيها المتعددة، وذلك في منأى عن أي نظرة ارتجالية في تدبير الشأن العام الجهوي، التي قد تقف مانعا في تكريس التنمية الترابية الناجعة، وبذلك فإن ورش الجهوية المتقدمة على المستوى العملي يجب أن يستجيب لتحديين اثنين الأول يتعلق بتمكين الجهة من المقومات التي تجعل منها الفاعل الأساسي على مستوى التنمية الترابية، والثاني يهم جعل الجهة كشريك للدولة في السياسات الوطنية من خلال الاختصاصات المشتركة، وللوصول إلى النتائج الإيجابية قصد أجرأة سياسات عمومية ترابية تعمل على تحقيق التنمية الترابية الفعالة.[86]

ومما لا شك فيه أن الجانب المالي، يعتبر لبنة أساسية من أجل تقوية الترابط بين السياسات العمومية القطاعية قصد توحيد الرؤى والعمل على الإسقاط السليم للسياسات العمومية القطاعية على صعيد الجهة، وبالتالي يتعين على السياسات العمومية القطاعية أثناء برمجة المشاريع وتحديد تكلفتها، أن تخضع تلك المشاريع لمنطق منفتح ومندمج والأساسي هو أن تتوافق مع الواقع الترابي للجهات مع إدماج مشاركة المؤسسات الجهوية.

ويعتبر ضعف تعزيز مشاركة الفاعلين المؤسساتيين على صعيد التراب الجهوي أكبر تحدي يواجه تفعيل الالتقائية خاصة أن نجاح السياسات التنموية على المستوى الجهوي وتفعيلها يستدعي التنسيق بين الفاعلين المؤسساتيين في الجهة للوصول إلى المردودية الناجعة المرتقبة من الأجهزة المتدخلة في تدبير السياسات العمومية الترابية، لأن سياسة الجهة وفق ما تم تنزيله من مقتضيات دستورية وتنظيمية، تتطلب التقائية جهود جميع الفاعلين الترابيين، وذلك من أجل ضمان التنسيق السياسي والإداري والتقني في رسم السياسات العمومية الترابية، وتفادي التدخلات القطاعية الاستعجالية وهو ما يغيب على مستوى التدبير الترابي. [87]

ولأجل تجاوز هذه الاختلالات حدد ميثاق اللاتمركز الإداري مجموعة من المبادئ الأساسية من جملتها:[88]

  • التفريع في توزيع المهام وتحديد الاختصاصات بين الادارات المركزية والمصالح اللاممركزة التابعة لها؛
  • جعل الجهة تشكل المستوى البيني في تنظيم العلاقة بين المستوى المركزي وباقي المستويات الترابية؛
  • تكريس الدور المحوري لوالي الجهة في تنسيق عمل المصالح اللاممركزة للدولة والسهر على حسن سيرها ومراقبتها وتوخي الفعالية والنجاعة في أداء مهامها؛
  • وحدة المصالح اللاممركزة للدولة، ضمانا للنجاعة والفعالية وتحقيق الالتقائية والتكامل في الاختصاصات الموكولة إليها.

كما نصت المادة 30 من المرسوم رقم  2.17.618 بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري على إحداث لجنة جهوية للتنسيق تحت رئاسة والي الجهة من بين مهامها السهر على انسجام والتقائية ووحدة عمل المصالح اللاممركزة على المستوى الجهوي، والعمل على تحقيق الانسجام والالتقائية ما بين السياسات والبرامج والمشاريع العمومية والتصاميم الجهوية لإعداد التراب وبرامج التنمية الجهوية.[89]

والتحدي الذي يواجه تحقيق هذه الغاية هو تفعيل هذا الميثاق على أرض الواقع، وعليه يمكن القول أنه بحكم الدور التنموي الذي أصبحت تضطلع به الجهة في إطار توجهها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، فالمنطق يقضي بضرورة تكثيف جهود جميع كافة المتدخلين في الشأن الجهوي تحت لواء التقائية للسياسات العمومية الترابية رافعة أساسية للتنمية المحلية، وذلك عن طريق تكريس الجهة كإطار لقيادة استراتيجية اعتبار لدورها الجديد في إطار الجهوية المتقدمة، وبالتالي فإن الالتقائية بين السياسات العمومية اللامركزية واللاممركزة والسياسات العمومية القطاعية الأخرى من شأنها أن توضح الدور المناط بكل من الجماعات الترابية ومصالح الدولة الترابية من خلال العمل التشاركي التنسيقي والالتقائي للفعل الترابي.[90] وهكذا يتضح لنا أن عملية التقائية للسياسات العمومية الترابية الجهوية لا زالت في طور البناء وتواجهها مجموعة من التحديات مما يجب إيجاد حلول ناجعة لهذه المعوقات التي تحد من النجاعة والفعالية.

الفرع الثاني: معيقات السياسات العمومية الترابية الجهوية

أضحت الجهة اليوم، محط أنظار جميع الفاعلين، يتم الرهان عليها كشريك للدولة إلى جانب باقي الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني للعب أدوار إيجابية على جميع مستويات الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مما يجعل منها أداة فعالة في مجهود التنمية على الصعيد المحلي والوطني.

إلا أن هذه التدخلات تعترضها مجموعة من العوائق والاكراهات والعراقيل والحدود التي تؤثر على عمل الجهة ودفع بورش الجهوية المتقدمة، والمتمثلة في الرقابة وتداخل الاختصاصات فيما بين الجماعات الترابية من جهة وبين الدولة من جهة أخرى وعدم وضوح القوانين ومحدودية الموارد المالية واكراهات تكوين وتأهيل الموارد البشرية.

الفقرة الأولى: المعيقات القانونية واشكالية الموارد المالية للجهة

أولا: المعيقات القانونية

إن المشرع المغربي اعتمد في كافة التشريعات المنظمة للجماعات الترابية المقتضى العام للاختصاص وصيغ مبهمة وفضفاضة، بحيث أورد عبارات وتعابير عامة تسمح لكل صنف من الجماعات الترابية بالتدخل في كل المجالات وفي كل القطاعات والقضايا المرتبطة بها وذلك حسب إمكاناتها المالية وإرادتها وظروفها الاقتصادية والاجتماعية، لذلك يصعب رسم حدود فاصلة وواضحة لتدخلاتها باستثناء عندما تتدخل سلطة الرقابة لمنعها أو أحجمت هي عن الاضطلاع بها لضغوطات سياسية أو تقيدت بحدودها الترابية.[91]

وتتجلى هذه المعيقات القانونية أساسا في اعتبار الجهة مجرد وعاء لتنفيذ سياسة الدولة، فبعد دخول الفصل 143 من دستور 2011 مكانة الصدارة للجهة بين باقي الجماعات الترابية الأخرى، في إعداد وتتبع البرامج التنموية الجهوية، والتصاميم الجهوية لإعداد التراب، وهي مقتضيات كرست إحدى المهام الكبرى الطبيعية التي تقع عادة على كاهلها، وهي التخطيط المجالي والزماني على المستوى الجهوي، فالفقرة الثانية من الفصل 143 تتحدث عن برامج التنمية الجهوية والتصاميم الجهوية لإعداد التراب، وهي نفس المصطلحات التي استعملها الفصل 145 من الدستور نفسه، تنفيذ المخططات والبرامج التنموية”، بحيث تفسر هذه الوظيفة باستحضار الطبيعة المزدوجة التي تتسم بها الاختصاصات الممنوحة للجهة، فهي اختصاصات جهوية وشبه وطنية إلى حد ما، وهذا التداخل في الاختصاصات يتجسد في كون مخططات التنمية وتصاميم إعداد التراب التي تعدها الجهات تكون مدعوة من طرف المشرع لتحديدها طبقا للوثائق المعدة على الصعيد الوطني، وهو الأمر الذي تم العمل به في مقتضيات القانون التنظيمي للجهات، الذي تص على وضع التصميم الجهوي لإعداد التراب يتم في إطار توجهات السياسة العامة لإعداد التراب المعتمدة على الصعيد الوطني، فضلا عن هدفه المعني على وجه الخصوص بتحقيق التوازن بين الدولة والجهة حول تدابير تهيئة مجال الجهة.[92]

كذلك من أهم المعيقات القانونية نجدها  في المرسوم  2.15.40 المتعلق بالتقطيع الترابي، فالملاحظ أن أهم ما احتفظت به جل التقسيمات الجهوية المتعاقبة هو الحفاظ على الحدود الترابية للإقليم،[93] فاتخاذ الإقليم كأساس وركيزة وحيدة لإحداث الجهات يجعل هذه الأخيرة عبارة عن تجمع للأقاليم ويمكن أن نقول عن الجهة بأنها إقليم كبير فقط على غرار الأقاليم الأخرى أو أنها تجسيد لرابطة كونفيدرالية بين العمالات والأقاليم لم توفر مجال ترابي متجانس يطابق حدودها ومكوناتها[94].

ويزداد الأمر وضوحا كما أشرنا إلى ذلك سابقا  أن الإقليم أحدث على أسس إدارية وسياسية محضة عوض أن يكون مؤسسا على معطيات ومؤشرات اقتصادية كما أن العديد من العمالات وضعت حدودها لاعتبارات أمنية صرفة لا تمت بصلة لمتطلبات التنمية الجهوية وللدلالة على إقحام الحدود الإدارية للأقاليم في الخريطة الجهوية يمكن الاستشهاد بفصل إقليم الناظور عن جهة الحسيمة وإلحاقه بجهة الشرق دون مراعاة التكامل الوظيفي والانسجام التاريخي والاجتماعي القوي القائم بين الإقليمين خاصة أن تراب الناظور يعد امتدادا طبيعيا لسلسلة جبال الريف وبما يتضمنه من قيم وعادات وتقاليد مشتركة[95].

إن غلبة الهاجس الأمني الطاغي في جميع التقطيعات السابقة على حساب أولوية الأهداف التنموية حافظ على نفس مكامن الضعف المجالي (بل بعض الجهات المحدثة تضررت أكثر) مما كانت عليه ويزداد الأمر وضوحا بإعمال آلية المقارنة بين الجهات من حيث الثروات والتجهيزات. إذ يلاحظ وجود جهات تعتبر غنية وقوية بمقوماتها ومكوناتها والتكامل بين الأقاليم المكونة لها وفي المقابل هناك جهات يمكن اعتبارها فقيرة منذ البداية باعتبارها تجمع براغماتي لأقاليم معينة لا تتوفر على مقومات النهوض الاقتصادي ولا يوجد تناسق وتكامل اقتصادي ولا ثقافي ولا حتى تاريخي بينها.

فالتقسيم الجهوي الوارد في المرسوم 2.15.40 المتعلق بالتقطيع الترابي المعتمد حاليا، حمل في طياته فوارق كبيرة موجودة بين الجهات، دون أن يستند إلى رقعة تشاركية واسعة، رغم أن الدستور حاول تدارك هذا الخلل بالتنصيص على صندوق التضامن الجهوي، كما أن معضلة التقسيم استمرت في ظل غياب أي تقطيع نموذجي ومتكامل مبني على رؤية تشاركية واضحة، الشيء الذي يمنع من ظهور جهات تحقق الاكتفاء الذاتي، الأمر الذي يؤذي بالنتيجة إلى أن تكون الجهة وباقي الجماعات الترابية الأخرى مجرد وعاء لتنفيذ سياسة الدولة، ومجالا لتكريس هيمنتها، خلافا لما نص عليه الخطاب الملكي لسنة 2010 المضطلع لجهوية متقدمة، ذات جوهر ديمقراطي تنموي، وفضاء لانبثاق المبادرات المحلية.[96]

ثانيا: اشكالية الموارد المالية الجهوية

إن نجاح الجهة في تدبيرها المالي رهين بحجم مواردها المالية المتاحة، خصوصا الموارد المالية الذاتية والتي تعتبر بحق الدعامة الأساسية للاستقلال المالي المحلي، وفي هذا الإطار فقد عرف حجم الصلاحيات المخولة للجماعات التربية تزايدا في ظل الإصلاحات التي شهدتها هذه الأخيرة وخاصة القوانين التنظيمية الثلاث الصادرة في سنة 2015، وهو ما أصبح معه مطلب الاستقلال المالي المحلي ملحا لاستكمال البناء اللامركزي بالمغرب. غير أن هذا المطمح اصطدم دائما بلازمة واكبت التجربة اللامركزية منذ الاستقلال وهي محدودية الموارد الجبائية، والتي ارتبطت بدورها بمجموعة من الأسباب و من أبرزها ضيق الوعاء الجبائي واستمرار الدولة في جعل مجموعة من القطاعات خارج عملية التضريب وثانيا استفحال ظاهرة الباقي استخلاصه وبقائها خارج حسابات الإصلاحات الجبائية[97] كما يلزم اعتماد مقاربة التدبير الحديثة داخل الجماعات الترابية بواسطة العمل بمنهجية حديثة في التدبير تعتمد تسطير الأهداف وتحديد الوسائل وتقييم النتائج[98].

الفقرة الثانية: اشكالية الموارد البشرية وتعدد المتدخلين

تتعدد وتختلف الإشكالات التي تقف دون تحقيق السياسات العمومية الترابية، ومن بين هذه الإشكالات نجد الإشكال المتعلق بالموارد البشرية (أولا) حيث هذه الأخيرة تلعب أدوار مهمة في نجاعة السياسات العمومية، كما أن تعدد المتدخلين (ثانيا) كذلك يعد من الإشكالات التي يصعب تحديد الجهة المسؤولة

أولا: الموارد البشرية الجهوية

إن المنتخب في معظم الجماعات وفي إطار الصلاحيات القانونية الواسعة الممنوحة له لا يتوفر على الكفاءة والمؤهلات العلمية والثقافية التي تمكنه من استيعاب هذه المهام على المستوى الإداري (بالمقارنة مع رجل السلطة المتفوق عليه، والذي تربطه به علاقات إدارية متعددة الجوانب) تسمح له بالاضطلاع بمسؤولياته، على الوجه المطلوب، إذا كان ضعف المستوى العلمي والثقافي السمة الغالبية لمعظم المنتخبين الجماعيين[99].

لقد نصت المادة 28 من الميثاق الجماعي السابق على مستوى تعليمي يعادل على الأقل مستوى نهاية الدروس الابتدائية لتقلد منصب رئيس الجماعة.

إلا أن هذا الشرط تم إلغاؤه بصدور القوانين التنظيمية الجديدة لسنة 2015 المتعلقة بالجماعات الترابية فنجد فيه أن عدم اشتراط مستوى تعليمي لتولي مهام الرئاسة يطرح السؤال عن أي نوع من الحكامة (أو التدبير الحر) تلك التي لا تفترض حد أدنى من التكوين[100].

أما فيما يخص الموظف العمومي على المستوى الترابي، فيتم  إتباع سياسة الكم على حساب النوع التي أدت إلى تقهقر وتراجع الإدارة وجمودها بسبب غياب الكفاءات مما يصعب معه معالجة جميع المسائل المتخصصة التي تواجه المجالس الجهوية سواء في مجال وضع السياسات العمومية الجهوية وصناعة القرار أو مجال تنفيذها بكفاءة واحترافية، فتكوين الموظفين ينعكس على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين من طرف الجهة، إن ضعف كفاءة الموظفين ينعكس سلبا على استقلالية الإدارة المحلية، فتلجأ إلى طلب المساعدات التقنية من الدولة[101].

ثانيا: تعدد المتدخلين

مسألة أخرى معيقة للتنمية الترابية وتخلق أزمة تدبيرية للشأن المحلي مرتبطة بتعدد المتدخلين في شتى المجالات التي تقدم خدمات للمواطنين والمستوى المحلي الذي يضم عددا مهما من المرفق يصعب حصرها، إلا أن كل مرفق من هذه المرفق يشهد عدة مستويات من التداخل: السلطة المركزية، سلطات اللاتركيز، الجماعات الترابية مدراء المؤسسات العمومية وغياب تنسيق بين مختلف هؤلاء المتدخلين وبالرغم من أن الفاعل الأساسي على المستوى المحلي هي المجالس الجماعية المنتخبة التي تعتبر المؤهل الرئيسي بتدبير الشأن المحلي إلا أن دورها يتقزم مما يؤدي إلى عدة مظاهر سلبية وفي مقدمتها تنازع الاختصاص من سلطات مختلفة أو إسناد تعيين الاختصاص لأكثر من متدخل دون وضع حدود لمجال تدخله.

إن التأثيرات السلبية لتعدد المتدخلين لا تقف عند هذا الحد بل تتعداه إلى مجالات أكثر حساسية تتعلق بالتنمية الاقتصادية وخاصة في مجال جذب الاستثمارات سواء الداخلية أو الخارجية فالمستثمر يميل إلى البساطة وأمام الوضعية الحالية التي تتم بعدد كبير من المتدخلين فإن المشهد يبدو أكثر تعقيدا في دارسة للوكالة الأمريكية للتنمية تحت عنوان “حصار المستثمر” تفيد أن على المستثمر في المغرب أن يمر على 18 مصلحة ويقوم ب 43 عملية  كمما أنه عليه أن يقضي على الأقل 3 سنوات حتى يشرع في جني الأرباح هذه الوضعية تبين إلى حد كبير التأثر السلبي الذي قد يمس الاستثمار المحلي.[102]

إن نهج سياسة تربية تعكس إستراتيجية فعالة للتراب الوطني تقتضي الانطلاق من تقطيع ترابي مستحضر لأبعاد الظاهرة المجالية كون أي مشروع تنموي يتطلب حضور إطار ترابي ملائم لتدخل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين في إطار شراكة تمنح التراب بعده الديناميكي ضمن مسلسل التنمية الشاملة والمندمجة والتشاركية فسياسة التقطيع الترابي عامة والجهوي على وجه الخصوص تندرج ضمن عملية تروم إحداث التوازنات ‎‏المجالية ومعالجة المشاكل المطروحة في شتى أبعادها كما تعد عملية التقطيع الترابي أيضا شرطا أساسيا لتحقيق الاندماج الاجتماعي عن طريق رسم البيانات الترابية.[103]

المطلب الثاني: آفاق تطوير السياسات العمومية الترابية الجهوية في التجربة التنموية الحديثة

إن قرار اعتماد جهوية متقدمة في تدبير الفعل العمومي الترابي، يشكل تطورا نوعيا بنيات وهياكل الدولة، الأمر الذي سيمكنه في من إصلاح وتحديث العلاقة بين هذه الأخيرة وبين باقي المستويات الترابية المكونة لها، وجعل الديمقراطية التشاركية عنصرا معبئا للطاقات ومنتجا للنخب الجهوية، واعتماد التدبير الترابي كمكون أساسي في خلق توازن مؤسسي بين الدولة والجهة يهدف إلى توزيع فعال وعادل للثروة وجعل السلط والاختصاصات قائمة على المراقبة وتلبية الحاجيات الميدانية للساكنة المحلية، لذلك يندرج اعتماد الجهوية المتقدمة ضمن إعادة الترتيب الترابي داخل الدولة.[104]

والمغرب اليوم في صدد إعداد نموذج تنموي جديد لبلادنا وهو ما يستدعي وضع تصورات جديدة  لورش الجهوية المتقدمة في إطار هذا النموذج التنموي الجديد (الفرع الأول) وضرورة مراعاة تفعيل وتطوير وتجويد السياسات العمومية الترابية عامة والسياسات القطاعية والجهوية خاصة نظرا لدورها في الرفع من مستوى الأداء الترابي (الفرع الثاني).

الفرع الأول: مقاربات حديثة في تدبير السياسات العمومية الترابية الجهوية تنمويا

إن العمل بالآليات الحديثة لها أهمية بالغة للنهوض بمستوى أدوار الجهة في تدبير السياسات العمومية الترابية، نظرا لانعكاسها المباشر على تبسيط المساطر ومساهمتها في مواكبة التحولات التي عرفها العالم، هاته التحولات التي تجعل تدبير السياسات العمومية الترابية تعرف نوعا من التغيير في كيفية بلورة القرار العمومي الترابي وجعه تدبيرا معقلنا يستجيب لمتطلبات التنمية الترابية، وذلك من خلال تقوية الإدارة الجهوية واعتمادها على آليات حديثة في تدبير السياسات العمومية.[105]

إن رهانات تحديث الإدارة الجهوية مرتبط بالتحولات التي يشهدها المجال الترابي، وبضرورة الاستجابة الإدارة الجهوية لمتطلبات التغيير التي يعرفها المجتمع المغربي، من خلال مجموعة من الآليات، سنذكر منها تأهيل العنصر البشري على الصعيد الجهوي (الفقرة الأولى)، وتقوية البنية المالية الجهوية لتدبير الاستثمار الجهوي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تأهيل العنصر البشري على الصعيد الجهوي

إن العنصر البشري يلعب دور الهام والأساسي في مسلسل قيادة وتطوير وإعداد الشروط الضرورية لتحقيق التنمية، وإعداد وتفعيل وتتبع وتقييم السياسات والاستراتيجيات الجهوية وتصور آليات وأدوات الحكامة الجهوية، ويتمثل العنصر البشري في الإدارة الجهوية من منتخبين (أولا)، وموظفين جهويين (ثانيا).

أولا: تأهيل المنتخب الجهوي

إن الحديث عن ضرورة توفير الإمكانيات البشرية والأطر الإدارية والتقنية للجماعات الترابية كي تقوم هذه الأخيرة بمهام واختصاصات التي أوكلها القانون إليها، فقد أصبح المنتخب الجهوي ورشة محورية في العديد من القرارات المحلية وفي تنفيد السياسات والمخططات التنموية على الصعيد المحلي، فكلما كانت هذه الوسيلة البشرية واعية وعارفة بمشاكلها معرفة علمية ودقيقة، وقادرة على البحث عن أنجع الوسائل لحل الإشكالات، وتوظيف كل الطاقات والإمكانيات المتوفرة توظيفا رشيدا كلما أتت الثمار مرضية ومشجعة للمضي قدما نحو البناء وتحقيق التنمية، وعكس ذلك كلما كانت هذه الوسيلة جاهلة بإمكانياتها وطاقاتها وعاجزة عن حل مشاكلها، كلما كانت النتائج مخيبة للآمال.[106]

إن التطور النوعي يفرض على المنتخب المحلي الانتقال من التسيير الإداري التقليدي إلى التدخل الحكاماتي المنتج، بحث يكون أكثر مبادرة، والذي يستطيع أن يتحكم في ترجمة احتياجات الساكنة، وأن يقوم بالتوظيف المعقلن والفعال للإمكانيات والموارد المتاحة مع الأهداف المرسومة سلفا، ومن بين الخصائص الأخرى التي يجب أن يتحلى بها المنتخب المحلي هي القيام بجميع الجهود والمبادرات المحلية والانفتاح على الأخر خصوصا المجتمع المدني والقطاع الخاص والتنسيق فيما بينهم من أجل تحقيق أهداف مشتركة تعود بالنفع على المواطنين، كما أنه أصبح مطلب بالدخول إلى شراكات مختلفة مع الفاعليين إما في شكل أفقي أي مع الدولة والمؤسسات العمومية الوطنية، أو عمودي أي مع الجماعات الترابية الموازية والمجتمع المدني باعتباره مجال لمبادرات إنسانية واجتماعية رفيعة المستوى.

إذا كان تدعيم وتطوير اللامركزية يمر عبر إصلاح النصوص الأساسية المنظمة لها من خلال عقلنة وضبط الاختصاصات وتوسيعها وتحسين العلاقة بين الهيئات المنتخبة وممثلي الدولة على المستوى المحلي، وما يصاحب ذلك من إصدار نصوص تشريعية وتنظيمية تغطي كافة المجالات المرتبطة بتدخل الجماعات الترابية، فإن كل هذه المساعي لن تعطي أكلها إلا إذا وقع الاهتمام بالعنصر البشري وتقوية مؤهلاته وتوسيع خياراته للعمل والتفكير، لأنه بمثابة المحرك الحقيقي لكل عملية تنموية، بل إنه المحور الدي تقوم عليه التنمية ككل.[107]

ثانيا: الموظفين الجهويين

إن نجاح الإدارة الغدارة الجهوية المغربية ينطلق من شروط تأهيل الموارد البشرية، حيث يجب اعتبار تكوين الموظفين الجهويين أحد الأولويات الاستراتيجية، وذلك لتجاوب مع الوظائف الموكولة للجهة، مادام الموظفين الجهويين يساهمون في الجانب التقني للمشروع التنموي للجهة، لذلك يجب التعامل مع الموظفين الجهويين كأساس لنجاح الإدارة الجهوية لأن الأهم هو كيفية تدبير هذا المورد البشري من خلال مؤهلاته وقدراته المعرفية.

ويعتبر التكوين آلية مهمة، لتقوية الهياكل الإدارية الجهوية، إذا بالرغم من نقل اختصاصات مهمة للجهات، فإن تنمية هذه الأخيرة لا تقوم إلا بتقوية كفاءات الموارد البشرية المكلفة بتدبير المشاريع التنموية على أرض الواقع، وبالموازة مع التطورات التي عرفتها اللامركزية يتعين على الجهات تبني سياسات حقيقية تتعلق بتأهيل الموارد البشرية من تكوين مستم، لذلك عملت الجهة على تسخير مجموعة من الإمكانيات المادية التي اعتمدتها في سياسة التكوين المخصصة للموظفين الجهويين وهنا نستحضر دور المدرسة الوطنية للإدارة التي تنظم أياما تكوينية لاستكمال الخبرة لفائدة أطر الجهات، بالإضافة إلى دور المؤسسات الجامعية التابعة للنفوذ الترابي للجهة التي تقوم بمجموعة من الأبحاث والدراسات العلمية التي تتناول أساليب وتقنيات تدبير السياسات العمومية الترابية.[108]

الفقرة الثانية: تعزيز القدرة التدبيرية والإستثمارية للجهة

تعتبر التدبيرية والاستثمارية الجديدة التي تنهجها الجهة من آليات التي تعزز دور السياسات العمومية الترابية الجهوية، وطلق عنانها من أجل تحقيق تنمية جهوية متناسقة وفعالة، ومن بين هذه الآليات، نجد البنية المالية للجهة، التسويق الترابي، الذكاء الترابي، تفعيل تقنيات التدبير المقاولاتي…. وغيرها من الأليات التي تساهم في خلق سياسات عمومية ناجحة.

 

أولا: تقوية البنية المالية الجهوية

تعتبر الوسائل المالية من الأمور الأساسية التي تساعد الجهة على القيام باختصاصاتها وبلورة سياسات عمومية ترابية جهوية، ومن تم توفر الجهة على مصادر التمويل تكون ذاتية مما يمكنها من ضمان نوع من الاستقلال الذاتي، فتحقيق استقلالية الجهة والذي هو حق معترف به للجهة بموجب المقتضيات الدستورية على الرغم من أهمية الاختصاصات الممنوحة لها، يرتبط أساسا بتوفير موارد مالية كافية لتدبير شؤونها الترابية، وخاصة الموارد المالية الذاتية التي تمكنها من حرية أكبر لتنفيذ البرامج التنموية.

وبعيدا عن مختلف المصادر التمويلية التي خولها القانون التنظيمي للجهات، يمكن القول أن الإمكانيات المالية التي تحظى بها الجهات لا زالت ضعيفة، فالبنسبة إلى الموارد المالية الذاتي التي نصت عليها المقتضيات التنظيمية في المادة 189 فهي تقريبا نفسها الموارد المالية الذاتية للجهة التي كان منصوص عليها بموجب المادة 30 من القانون رقم 45.08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها،[109] وبالتالي إشكالية الموارد المالية التي كانت تعاني منها الجهات لبلورة وتنفيذ برامجها التنموية وسياستها العمومية الترابية بموجب المقتضيات القانونية 47.96، سوف تبقى هي نفسها الإشكالات المطروحة بموجب المقتضيات التنظيمية الجديدة، بالإضافة إلى هذا فالقانون الجبائي المحلي رقم 47.06 [110]خص الجهات برسم على رخص الصيد والرسم على استغلال المناجم والرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ، مع حصتها من رسم الخدمات الاجتماعية 5% فضلا عن النص الذي خصها بحصة من الرسم على عقود التأمين 13%،[111] ويطرح مضمون هذه الرسوم أكثر من تساؤل حول مردوديتها فهي لا تقدم عائدات مالية هامة، ولا تساهم بالشكل المطلوب في تدعيم الإمكانيات التمويلية للجهة، وهذا يرجع إلى عدم ملاءمتها مع طبيعة ومؤهلات الجهات الاثني عشر، فهناك جهات لا تتوفر على مقالع وهناك جهات لا تتوفر على موانئ، حتى تستفيد من الرسم على هذه الخدمات.

يعد نقص الموارد المالية والموارد الذاتية الجهوية بصفة خاصة من الأسباب الرئيسة في ضعف قدرة هذه الأخيرة على اتخاد المبادرة وبلورة السياسات العمومية الترابية، وهو ما يجعل الجهة في تعبئة دائمة إلى إمدادات الدولة من جهة، وأيضا لجوئها إلى الديون الخارجية من خلال القروض من جهة أخرى.

ومتطلبات الجهوية تستوجب تدعيم الموارد المالية للجهة بالقدر الذي يمكنها من القيام بالمنجزات والاستثمارات الهادفة والمنتجة.[112]

ثالثا: تفعيل التسويق الترابي

وذلك بتسهيل أنشطة المقاولات وتسويق صورة جيدة عن الجهة المعنية وتشكيل شخصية اقتصادية للجهة وأيضا ضرورة تحول الجهات من وحدات ترابية إلى جهة تعمل بالفكر المقاولاتي وفق المبادرات والتوجهات التنموية الكبرى، لتكون شريكا حقيقيا للدولة وباقي الفاعلين الاقتصاديين لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية، ولتجسيد هذا التوجه يجب تعميم أسلوب التدبير الاستراتيجي، واعتماد أسلوب التواصل.[113]

ثانيا: تفعيل تقنيات التدبير المقاولاتي

ضرورة تحول الجهات من وحدات ترابية إلى جهة تعمل بالفكر المقاولاتي وفق المبادرات والتوجهات التنموية الكبرى، لتكون شريكا حقيقيا للدولة وباقي الفاعلين الاقتصاديين لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية، ولتجسيد هذا التوجه يجب تعميم أسلوب التدبير الاستراتيجي، واعتماد أسلوب التواصل.[114]

ثالثا: الذكاء الترابي

بحيث يعد المستوى الجهوي أنسب مستوى للذكاء الترابي لتحديد وتفعيل السياسات التنموية الترابية في إطار التوجهات المسطرة على الصعيد الوطني إذ سيساهم بشكل كبير وحاسم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وفي الاستثمار الأمثل المؤهلات والموارد الذاتية لكل جهة وفي استنهاض همم مختلف الفاعلين المحليين ومشاركتهم في إقامة وإنجاز المشاريع المهيكلة الكبرى وتقوية الجاذبية الترابية.[115]

رابعا: اعتماد مناهج التدقيق لتقييم تدبير الشأن العام الجهوي

ضرورة إنشاء مكاتب التدقيق والاستشارة الداخلية في إطار تحسين القدرات التدبيرية الموارد البشرية وتكوينها، وذلك لأجل دراسة جدوى المشاريع المقترحة، ووضعها رهن إشارة القرار الجهوي.

الفرع الثاني: السياسات العمومية الترابية الجهوية وفق النموذج التنموي الجديد

رغم اعتماد المغرب للامركزية منذ أمد بعيد كخيار استراتيجي لدمقرطة الشؤون المحلية ولتفعيل كافة الطاقات والمؤهلات من أجل إرساء تنمية متوازنة بكل أبعادها ومستوياتها، فإن النتائج ظلت متواضعة، فرغم المجهودات التي بذلت على مختلف الأصعدة والقطاعات ورغم الوعي المبكر بضرورة إعداد المجال من أجل محاربة الفوارق الجهوية، فإن ذلك ظل خاضعا إلى منطق تقنوقراطي مركزي راهن على تحقيق تنمية قطاعية مجالية بوتيرة مرتفعة واعتمد إسقاط القرارات الفوقية.[116] وهو ما ينتظر من النموذج التنموي الجديد أن يراعي إلى تطوير ورش الجهوية المتقدمة (الفقرة الأولى) وأيضا إلى اعتماد السياسات العمومية الترابية في التجربة التنموية ببلادنا (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الجهوية المتقدمة في النموذج التنموي الجديد

بعدما ارتقت الجهة إلى مستوى جماعة ترابية بمقتضى دستور 2011، مما يسمح لها بتركيز أفضل للمصالح غير اللاممركزة، وبالتالي فهي مؤهلة لقيادة عملية التنسيق فقد أصبحت المجال الأكثر ملاءمة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية. نظرا لما تتيحه من إمكانية لتجميع الثروات المتواجدة على صعيد الأقاليم والمناطق والتنسيق بين مختلف الخطط والبرامج الاقتصادية والاجتماعية المحلية والمخططات الوطنية، وذلك من شأنه أن يحقق نموا اقتصاديا واجتماعيا لكافة المناطق والجهات، وبالتالي محاربة الاختلالات والتباينات الاقتصادية والاجتماعية.[117]

وانخرطت المملكة منذ دستور 2011 في سبيل ترسيخ حكامة مؤسساتية في بعديها الوطني والمحلي في إصلاحات بنيوية حديثة يطلع بموجبها كل مستوى بسلطاته واختصاصاته ومسؤولياته، واعتمدت ترسانة قانونية متكاملة تتماشى والتوجهات المعمول بها اليوم على المستوى الدولي في مجال إعداد وتنفيذ المشاريع التنموية، إلا أن تداخل الاختصاصات والنقص في التأطير السياسي والاقتصادي وضع التجربة في طريق التحديات والمعوقات التي كادت أن تعصف بالتجربة لولا توالي الإصلاحات. وإن النقص الملحوظ في التأطير السياسي لمنظومة الجهوية المتقدمة يعكس إلى حد بعيد، خطورة المقاربة التقنية كتوجه لتدبير قضايا التنمية، ويمكن هنا الإشارة إلى برامج التأهيل الجهوي والحضري التي صيغت ونفذت وفق مقاربة تقنية صرفة أعدت في شكل مساطر تقنية وبطائق تعريفية بالمشروع بناء على معطيات غير دقيقة وأحيانا غير مضبوطة، وبغرض الحصول على التمويل الذي يقرر بدون معايير معروفة ولا التزامات مسبقة، وبالنتيجة ظهور منجزات بتمويلات ضخمة ولكنها بدون أثر ملموس على سوق الشغل وبدون تأثير كبير على التنمية بالمدن والحواضر بل وأظهرت هذه المقاربة أن تخطيط وتمويل التنمية الترابية يحتاج في المستقبل القريب إلى تأطير سياسي يسمح بتحديد المتدخلين وتوزيع الأدوار والمهام بشكل يسمح لاحقا بالقيام بالرقابة اللازمة واعمال المبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.[118]

لهذا من رهانات المغرب لتطوير السياسات العمومية الجهوية في أفق النموذج التنموي الجديد أن يعمل على إرساء دعائم تجربة تنموية جديدة في ظل الجهوية المتقدمة التي كرسها دستور 2011 والقانون التنظيمي للجهات رقم 111.14 باعتبارها خيارا استراتيجيا لا محيد عنه يضفي دينامية جديدة على الوضع التنموي برؤية مختلفة عن سابقاتها وذلك من خلال إعادة التفكير في بلورة نموذج تنموي جديد وفق مقاربة شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، وهذا ما أكده تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إذ اعتبر الجهوية المتقدمة منعطفا هاما في المسار السياسي والديمقراطي والتنموي بالمغرب، حيث رأى هذا الإصلاح المؤسساتي النور بفضل الإرادة الراسخة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والانخراط السياسي الشعبي الواسع التي تكرسها الوثيقة الدستورية ليوليوز 2011،  ويستمد هذا المشروع خصوصيته من كونه يروم في الآن نفسه تحقيق هدف توسيع حقل الديمقراطية التمثيلية الجهوية ، وجعلها رافعة للتنمية الاقتصادية والبشرية المندمجة والمستدامة ، بغاية الحد من الفوارق وصيانة كرامة المواطنين، والنهوض بدينامية النمو وبتوزيع منصف لثماره.[119]

الفقرة الثانية: رهان السياسات العمومية الترابية في ضوء النموذج التنموي الجديد

غني عن البيان أن نجاح النموذج التنموي الجديد يتوقف عند عدة عناصر تهدف بشكل أساسي توطيد الثقة وانخرطت المواطنين في المشاريع المقترحة ضمنه، من خلال تفعيل احترام السلطة، ودعم احترام القوانين والمؤسسات وضمان الولوج إلى العادلة، يتطلب إحقاق وفعلية القانون، وتطبيق النصوص القائمة، واتباع منهجية الافتحاص الخاص بالمخاطر القانونية، وتسليم المعلومة لإعادة الثقة، وترسيخ التشاور مع الأطراف المعنية وإشراك المواطنين في اتخاذ القرار، وهذا ما تم تكريسه من خلال الرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس إلى المنتدى البرلماني الدولي الثالث حول (رهانات العدالة الاجتماعية ومقومات النموذج التنموي الجديد )، حيث دعا فيها الملك إلى إعادة النظر في هذا النموذج الذي أضحى من أي وقت مضى غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين وغير قادر على الحد من الفوارق الاجتماعية والتفاوتات المجالية ولا على تحقيق العدالة الاجتماعية لذلك وجب العمل على تحديث النموذج التنموي وفق ورش إصلاحي الرؤى يتماشى مع المتغيرات والظروف التي تمر بها البلاد، حيث يراهن العاهل المغربي على المواطنين باعتبارهم الحلقة المحورية في الاقتصاد الوطني إلى جانب تجديد الروح مع القطاع العام ودعم القطاع الخاص وتعزيز العلاقة والشراكة بينهما لتنمية الثروة، لذلك أصبح من اللازم إعادة النظر والدراسة والتحليل للنموذج الحالي لاستخراج مكامن تجليات المحدودية واستشراف سبل ومرتكزات الأجرأة والتجديد.[120]

ولا بد من ضرورة الأخذ بعين الاعتبار البعد المستدام في تدبير السياسات العمومية الترابية وهذا ما خرج به المجلس الاقتصادي والاجتماعي في رأي سنة 2019 حول النموذج التنموي الجديد حيث أكد أنه  لضمان حكامة مندمجة ومستدامة على المدى الطويل للموارد الطبيعية المنظومات البيئية الهشة والتخطيط الفعال في السياسات العمومية، يجب الأخذ بعين الاعتبار المؤهلات البيئية للجهات وعوامل هشاشتها، ومنح دور محوري للحفاظ على الغطاء الغابوي والتنوع البيولوجي، وجعل  الدراسات الخاصة بالتأثيرات المترتبة على الطاقة والماء منهجية، وتثمين وحماية المنظومات البيئية الهشة (كالسواحل والواحات والجبال والغابات والمناطق الرطبة)، من خلال اعتماد مقاربة تُشرك الجماعات الترابية في تدبير هذا المجال إلى جانب تدخلات السلطات العمومية، لوضع آلية للتقييم الاستراتيجي البيئي والاجتماعي، لتقييم مدى استدامة السياسات العمومية والمخططات والبرامج الوطنية والجهوية وقدرتها على التكيف مع التقلبات المناخية وإرساء نظام عادل للضرائب البيئية والطاقية يحفز على الحفاظ على البيئة وعلى ترشيد استهلاك الموارد المائية والطاقية.[121]

وإضافة إلى هذه الحلول لأجل  تجاوز المعيقات  التي تحد من فعالية تدبير السياسات العمومية ذات البعد الترابي والجهوي يجب أن يستحضر النموذج التنموي الجديد حلولا ناجعة لإشكالية تدخل الدولة في عمل الجماعات الترابية بشكل عام والجهات بشكل خاص من خلال سلطة الوصاية مما يحد من استقلاليتها ويعيق سلطتها التقريرية والمعيقات السياسية التي تتجلى في مشكل الارتباط بين الدولة والجماعات الترابية الناتج عن بنية الدولة القائمة على المركزية، وهو ما يستدعي تفعيل ميثاق اللاتمركز الإداري من أجل تغيير الاتجاه التدبيري على المستوى الترابي والجهوي من أجل تحقيق الحكامة الترابية، إضافة إلى مواصلة الاصلاحات الترابية على غرار الإصلاح الاخير للمراكز الجهوية للاستثمار، وهو ما يجب أن يتبعه القيام بإصلاحات على مستوى العمالات والأقاليم والجماعات التي تعاني من ضعف التمويل وغياب الكفاءات في التدبير مما يثقل كاهل ميزانية الجماعات الترابية في صرف النفقات على التسيير عوض التجهيز وضرورة حماية المال المحلي من التبذير وجميع الممارسات التي تهدد تجربة اللامركزية في بلادنا.

خاتمة

لقد أصبحت الجهات مدعوة أكثر لإعادة هيكلة بنياتها و أساليب عملها تماشيا مع التطورات المتلاحقة التي يشهدها التنظيم الترابي المغربي بوجه خاص و تبعا للمسؤوليات التي أصبحت تضطلع بها في مجال السياسات العمومية وهو الأمر الذي جعلها لم تعد تقتصر على الوظائف التقليدية، بل تعدت ذلك الى مساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، فإن ذلك يفترض بالضرورة تجميعا للجهود و توحيدا للأنشطة من أجل تحقيق الأهداف والغايات المسطرة ومن أجل بلورة هذه التدابير و تجسيد التنمية الترابية والتنمية الجهوية المندمجة والمستدامة، وهو ما يتطلب اعتماد سياسة هادفة و فعالة في ميدان إعداد وتنفيذ سياساتها العمومية القطاعية بالاعتماد على المقاربات الحديثة في التدبير الجهوي والترابي لكي تتمتع الجماعات الترابية في يوم ما بتنزيل سياسات عمومية ترابية.

وإن الإقرار بوجود سياسات عمومية ترابية أو جهوية طرح من الصعب اعتماده بحيث أن الجماعات الترابية ليست لها القدرة الكافية والمكانة القانونية والمالية وحتى البشرية التي تؤهلها لوضع سياسات عمومية ترابية تتحكم في صياغة أجندتها وتحديد مشكلاتها من منطلق ترابي خاص بالجماعة الترابية، أي أن كل ما للجماعة الترابية هو التفاوض ترابيا حول كيفية إنزال السياسات العمومية في نطاقها الترابي وعن عملية أجرأة السياسات العمومية الوطنية في النطاق الترابي التابع للجماعة الترابية،[122]ولهذا فالسلطة المركزية عليها أن تغير نظرتها للسلطات الترابية من أجل تحقيق التعاون في تدبير ملف التنمية ولإنجاح نظام اللامركزية في بلادنا.

وهو ما يقتضي القيام بإصلاحات أكثر في جميع المجالات الترابية من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمستدامة، وتعزيز سبل نجاح النموذج التنموي الجديد، ولكي لا نقع في نفس أخطاء الماضي ونفشل التجربة التنموية قبل بدايتها، وهذا لن يتأتى إلا بتفعيل المقاربة التشاركية المنصوص عليها في الدستور وتعزيز مشاركة جميع المتدخلين والفاعلين في المجال الترابي.

لائحة المراجع

  • الكتب:
  • هشام مليح، الدولة والجبايات المحلية، مطبعة الأمنية، الرباط،
  • عبد الله شنفار، الفاعلون المحليون والسياسات العمومية المحلية دراسة في القرار المحلي، طبعة 2015.
  • عبد الحق عقلة، القانون الإداري، الجزء الأول، مطبعة دار القلم الرباط، طبعة 2002.
  • عبد المالك إحزرير، محاضرات في السياسات العمومية دراسة الظاهرة القرارية: المفاهيم والنظريات، جامعة مولاي اسماعيل مكناس كلية الحقوق مكناس، مطبعة سجلماسة، 2016-2017.
  • كريم لحرش: الدستور الجديد للمملكة شرح وتحليل، سلسلة العمل التشريعي والاجتهاد القضائي، العدد 3 مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 2012.
  • الأعمال الجامعية:

الأطاريح:

  • فؤاد أحلوش، الجهوية المتقدمة ورهان تحديث ودمقرطة هياكل الدولة والجماعات الترابية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوره في القانون العام، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2017_2018.
  • عبد الواحد الخمال، الحكامة الترابية على ضوء مسار وتحولات اللامركزية الترابية نموذجا، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق بطنجة، السنة الجامعية 2016_ 2017.
  • خالد الجبري، الجهوية وتأهيل الإدارة المحلية للتنمية بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتورة في القانون العام، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة، السنة الجامعية 2014_2015.
  • رشيد ملوكي، التقطيع الجهوي ورهان التنمية الترابية بالمغرب – محاولة تقييم عام، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام كلية الحقوق، جامعة الحسن الأول، سطات، السنة الجامعية 2014-2013.

الرسائل:

  • جمال أسعيد، دور المنتخب المحلي في هندسة وتقييم السياسات العمومية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، جامعة القاضي عياض، السنة الدراسية 2018-2019.
  • لبنى الوزاني الشاهدي، الذكاء الترابي رافعة للتنمية الجهوية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام تخصص القانون العام الداخلي والتحولات المؤسساتية، جامعة سيدي محمد بن عبدالله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، السنة الجامعية 2018_ 2019.
  • سهام أقنوش، التقائية السياسات العمومية الترابية، بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام، تخصص السياسات العمومية،  جامعة مولاي اسماعيل مكناس، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية مكناس، السنة الجامعية 2017/2018.
  • رضوان عمارتي، صناعة القرار العمومي الترابي ومستلزمات الفعالية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر القانون وتدبير الجماعات الترابية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، السنة الجامعية 2017_2016.
  • صلاح الدين زكاري، الديمقراطية التشاركية على ضوء الدستور والقوانين التنظيمية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر تدبير الشأن العام المحلي، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2017_2016.
  • عادل المرنيسي، التنظيم الترابي وإشكالية الحكامة، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر الدستور والحكامة المالية، جامعة سدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال -فاس، السنة الجامعية 2016.
  • عصام العطار، السياسات العمومية الترابية في مجال التدبير الترابي، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر تدبير الشأن العام المحلي، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2015_2016.
  • سعاد الكحيلي، التعاون والتضامن كآلية لتحقيق التنمية الجهوية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر تدبير الشأن العام المحلي، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية _ طنجة _، السنة الجامعية 2012_2013.
  • فدوى الركلاوي، المقاربة التشاركية بين الطموح وتجليات الواقع، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر تدبير الشأن العام المحلي، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2011_2012.
  • حسن اعزيزي:” تمويل الاستثمار العمومي، صندوق التجهيز الجماعي نموذجا”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة محمد الخامس السويسي، الرباط، السنة الجامعية 2008-2009.
  • المقالات:
  • المصطفى قريشي، الجهوية المتقدمة ورش مفتوح للحكامة الترابية، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد العدد 29/30، الدار البيضاء، 2011، ص 45.
  • جمال أحلوش، طرق صياغة السياسات العمومية الترابية والإكراهات المرتبطة بها، مجلة القانون والأعمال، عدد 6، يونيو 2016، ص 173.
  • دلال بوعتروس، مأسسة تقييم السياسات العمومية: دراسة مقارنة بين المغرب والجزائر، مجلة العلوم الإنسانية، عدد 52، ص118.
  • صفية لعزيز، الجهوية المتقدمة كأحد دعائم النموذج التنموي الجديد، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 143 نونبر دجنبر 2018 ص 207.
  • عادل تميم، سياسة إعداد التراب ودوره في تحقيق الحكامة الترابية، مجلة دفاتر إدارية، عدد 3، 2018، ص 90.
  • عبد الحافظ أدمينو، قراءة في تجربة التعاون اللامركزي للتنمية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 86، يونيو 2009، ص 56.
  • عبد العالي الفيلالي: _ الحكامة التشاركية في إعداد برنامج التنمية الجهوية في ضوء القانون التنظيمي رقم14، مجلة دفاتر قانونية- سلسلة دفاتر إدارية، العدد 4، 2018، ص 87.

_ التعاون اللامركزي: دعامة أساسية للتنمية الترابية، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، عدد 23، 2018، ص 57.

  • عبد الكبير يحيا، تقسيم التراب بالمغرب والسياسة الجهوية، نحو اعتماد الجهوية السياسية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة عبد الملك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2008/2009، ص200.
  • عبد القادر الإدريسي، التقسيم الجهوي الجديد، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 16، 1998، ص33
  • عبد الله شاهي، التدبير الجهوي الحديث: آليات التفعيل ومناهج التطبيق، مجلة منازعات الأعمال، عدد 45، أكتوبر 2019، ص 75.
  • علي الحنودي، الدولة وتدبير السياسات العمومية الترابية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 134- 135، ماي 2017، ص 186.
  • فدوى تزيت، الفاعلون الرسميون في صنع السياسات العمومية بالمغرب، مجلة القانون والأعمال، العدد 43، أبريل 2019، ص 101.
  • محمد اليعكوبي، التأطير الإداري للجماعات المحلية، مجلة الدراسات الإدارية، كلية الحقوق وجدة، العدد الأول، 1989.
  • محمد بوكطيب، السياسة العمومية اللامركزية واللاتمركز، الميدان والوسيلة، مجلة المنارة القانونية والإدارية عدد خاص 2017 ، ص 75.
  • محمد ملاح، أثر اللاتمركز الإداري على الجهوية المتقدمة وتجويد السياسات العمومية بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية العدد الخاص رقم 15 2019 ص 112.
  • محمد حميمز: تنزيل الجهوية المتقدمة بين إخفاقات المقاربة التقنية والزامية التأطير السياسي، حوارات مجلة الدراسات السياسية والاجتماعية عدد مزدوج 2-3 السنة 2017 ص 217.
  • منية بنلمليح: _ المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السياسات العمومية الجهوية: برنامج التنمية الجهوي نموذجا، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، العدد 17، أكتوبر 2019، ص28

_التعاون اللامركزي وفق مستجدات القوانين التنظيمية للجماعات الترابية بالنغرب، المجلة النغربية للأنظمة القانونية والسياسية، عدد 12، أكتوبر 2017، ص 66.

  • نصير مكاوي:” قراءة في مشروع القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والإقليم”، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، عدد 39 و40 2016، ص:124
  • نصيرة الحيوني، تسويق الرأسمال الترابي من منطلق آليات التعاون اللامركزي، مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، عدد 5_4، 2018، ص 360.
  • ياسر عاجل، تحديات تحديث الادارة الجهوية في تدبير السياسات العمومية الترابية بالمغرب، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 146 ماي يونيو 2019 ص 302.
  • يونس أبلاغ، السياسات العمومية في ضوء القرانين التنظيمية للجماعات الترابية، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، عدد 14، 2016 ص247.
  • النصوص القانونية:
  • دستور 2011 صادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432/ 29 يوليو 2011، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011، ص 3600.
  • القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.15.83 صادر في 20 رمضان 1436/ 7 يوليو2015، الجريدة الرسمية عدد 6380، بتاريخ 6 شوال 1436/ 23 يوليو 2015.
  • ظهير شريف رقم 1.09.02، بتنفيذ القانون رقم 45.08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها، الصادر في 22 من صفر 1430/ 18 فبراير 2009، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5711، الصادرة في 27 صفر 1430/ 23 فبراير 2009.
  • الظهير الشريف رقم 1.02.271، بتاريخ 25 رجب 1423/ 3 أكتوبر 2002، بتنفيذ القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5058 بتاريخ 21 نونبر 2002، ص 3468، المعدل بظهير شريف رقم 1.08.153، بتاريخ 22 صفر 1430/ 18 فبراير 2009، بتنفيذ القانون رقم 17.08 المتعلق بالميثاق الجماعي، منشور في الجريدة الرسمية عدد 5711، بتاريخ 23 فبراير 2009، ص 536.
  • مرسوم رقم 2.17.618، صادر في ربيع الثاني 1440/ 26 ديسنبر 2018، بمثابة مثاق وطني للاتمركز الإداري، جريدة الرسمية عدد 6738، صادر في 19 ربيع الثاني 1440/ 27 ديسمبر 2018، ص 9787.
  • المرسوم رقم 2.17.583 صادر في 28 شتنبر 2017، المتعلق بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي لإعداد التراب وتحيينه وتقييمه، الجريدة الرسمية عدد 6618، الصادر في 13 صفر 1439/ 28 شتنبر 2017، ص 6385.
  • مرسوم رقم 2.16.299 صادر في 23 من رمضان 1437/ 29 يونيو 2016 بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده، الجريدة الرسمية عدد 6482 الصادر في 9 شوال 1437/ 14 يونيو 2016، ص 5341

[1] عبد المالك إحزرير، محاضرات في السياسات العمومية دراسة الظاهرة القرارية: المفاهيم والنظريات، جامعة مولاي اسماعيل مكناس كلية الحقوق مكناس، مطبعة سجلماسة، 2016-2017 ص 21.

[2] الفصل 92 من دستور 2011 صادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432/ 29 يوليو 2011، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011، ص 3600.

[3] علي الحنودي، الدولة وتدبير السياسات العمومية الترابية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 134- 135، ماي 2017، ص 186.

[4] نفس المرجع السابق، ص 186.

[5] شنفار عبدالله، الفاعلون المحليون والسياسات العمومية المحلية دراسة في القرار المحلي، طبعة 2015، ص 14.

[6] جمال أحلوش، طرق صياغة السياسات العمومية الترابية والإكراهات المرتبطة بها، مجلة القانون والأعمال، عدد 6، يونيو 2016، ص 173.

[7]  دلال بوعتروس، مأسسة تقييم السياسات العمومية: دراسة مقارنة بين المغرب والجزائر، مجلة العلوم الإنسانية، عدد 52، ص118.

[8] ياسير عاجل، تحديات تحديث الإدارة الجهوية في تدبير السياسات العمومية الترابية بالمغرب، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، عدد 15، 2019، ص، 115.

[9] منية بنلمليح، المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السياسات العمومية الجهوية: برنامج التنمية الجهوي نموذجا، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، العدد 17، أكتوبر 2019، ص28.

[10] علي الحنودي، مرجع سابق، ص 183.

[11] يونس أبلاغ، السياسات العمومية في ضوء القرانين التنظيمية للجماعات الترابية، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، عدد 14، 2016 ص247.

[12]  علي حنودي، مرجع سابق، ص182.

[13] منية بنلميح، المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السياسات العمومية الجهوية، مرجع سابق، ص27.

[14] مرسوم 2.16.299 المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه  وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده، صادر في 23 رمضان1437 الموافق ل 29 يونيو2016 ، الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6482، 9 شوال 1437 الموافق ل 14 يرليو 2016، ص5341.

[15]  فدوى تزيت، الفاعلون الرسميون في صنع السياسات العمومية بالمغرب، مجلة القانون والأعمال، العدد 43، أبريل 2019، ص 101.

[16] المادة 4 من مرسوم تحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية، مرجع سابق.

[17] منية بنمليح، المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السياسات العمومية الجهوي، مرجع سابق، ص44.

[18]  المادة 8 و 9 من مرسوم تحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية، مرجع سابق.

[19] المادة 36 من الميثاق الوطني للاتمركز، مرسوم رقم 2.17.618، صادر في ربيع الثاني 1440/ 26 ديسنبر 2018، بمثابة مثاق وطني للاتمركزالإداري، جريدة الرسمية عدد 6738، صادر في 19 ربيع الثاني 1440/ 27 ديسمبر 2018، ص 9787.

[20] منية بنمليح، المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السياسات العمومية الجهوي، مرجع سابق، ص32.

[21] علي الحنودي، مرجع سابق، ص 185.

[22] جمال أسعيد، دور المنتخب المحلي في هندسة وتقييم السياسات العمومية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، جامعة القاضي عياض، السنة الدراسية 2018-2019، ص 20.

[23]  جمال أسعيد، نفس المرجع السابق، ص 21.

[24] علي الحنودي، مرجع سابق، ص 185.

[25]  منية بنلمليح، المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السياسات العمومية الجهوي، مرجع سابق، ص 33.

[26] نفس المرجع السابق، ص 33.

[27] عبد العالي الفيلالي، الحكامة التشاركية في إعداد برنامج التنمية الجهوية في ضوء القانون التنظيمي رقم111.14، مجلة دفاتر قانونية- سلسلة دفاتر إدارية، العدد 4، 2018، ص 87.

[28] جمال أسعيد، مرجع سابق، ص 27.

[29] منية بنلمليح، مرجع سابق، ص 33.

[30]  الفصل 139 من دستور 2011.

[32] المرسوم المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده، مرجع سابق.

[34] صلاح الدين زكاري، الديمقراطية التشاركية على ضوء الدستور والقوانين التنظيمية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر تدبير الشأن العام المحلي، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2017_2016، ص 198.

[35] سعاد الكحيلي، التعاون والتضامن كآلية لتحقيق التنمية الجهوية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر تدبير الشأن العام المحلي، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية _ طنجة _، السنة الجامعية 2012_2013، ص 78.

[36] فؤاد أحلوش، الجهوية المتقدمة ورهان تحديث ودمقرطة هياكل الدولة والجماعات الترابية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوره في القانون العام، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2018_2017، ص 183.

[37]منية بنلمليح، المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السياسات العمومية الجهوية، مرجع سابق، ص 28.

[38] منية بلمليح، مرجع سابق، ص 26.

[39] فؤاد أحلوش، الجهوية المتقدمة ورهان تحديث ودمقرطة هياكل الدولة والجماعات الترابية، مرجع سابق، ص 185.

[40] المادة 83 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.15.83 صادر في 20 رمضان 1436/ 7 يوليو2015، الجريدة الرسمية عدد 6380، بتاريخ 6 شوال 1436/ 23 يوليو 2015.

[41] المادة 83 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[42] المادة 84 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات

[43] المادة 85 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات

[44] المادة 86 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات

[45] مرسوم رقم 2.16.299 صادر في 23 من رمضان 1437/ 29 يونيو 2016 بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده، الجريدة الرسمية عدد 6482 الصادر في 9 شوال 1437/ 14 يونيو 2016، ص 5341.

[46] فؤاد أحلوش، الجهوية المتقدمة ورهان تحديث ودمقرطة هياكل الدولة والجماعات الترابية، مرجع سابق، ص 189.

[47] عادل تميم، سياسة إعداد التراب ودوره في تحقيق الحكامة الترابية، مجلة دفاتر إدارية، عدد 3، 2018، ص 90.

[48] الفصل 143 من دستور 2011، ظهير الشريف رقم 1.11.91 صادر في 27 شعبان 1432/ 29 يوليو 2011، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011، ص 3600.

[49] المادة 88 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[50] المادة 89 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[51] المرسوم رقم 2.17.583 صادر في 28 شتنبر 2017، المتعلق بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي لإعداد التراب وتحيينه وتقييمه، الجريدة الرسمية عدد 6618، الصادر في 13 صفر 1439/ 28 شتنبر 2017، ص 6385.

[52] المادة 90 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[53] رضوان عمارتي، صناعة القرار العمومي الترابي ومستلزمات الفعالية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر القانون وتدبير الجماعات الترابية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، السنة الجامعية 2017_2016، ص 87.

[54] المادة 128 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[55] المادة 129 نفس المرجع.

[56] المادة 130 من القانون 111.14 المتعلق بالجهات.

[57] المادة 141 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات

[58] المادة 138، من نفس القانون التنظيمي السابق.

[59] المادة 139 نفس المرجع السابق.

[60] المادة 142 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[61] فؤاد أحلوش، الجهوية المتقدمة ورهان تحديث ودمقرطة هياكل الدولة والجماعات الترابية، مرجع سابق، ص 250.

[62] المادة 145، من القانون التنظيمي للجهات 111.14.

[63] المادة 146 من القانون التنظيمي السابق.

[64] المادة 147 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[65] نصيرة الحيوني، تسويق الرأسمال الترابي من منطلق آليات التعاون اللامركزي، مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، عدد 5_4، 2018، ص 360.

[66]  عبد العالي الفلالي، التعاون اللامركزي: دعامة أساسية للتنمية الترابية، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، عدد 23، 2018، ص 51.

[67] عبد الحافظ أدمينو، قراءة في تجربة التعاون اللامركزي للتنمية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 86، يونيو 2009، ص 56.

[68] عادل المرنيسي، التنظيم الترابي وإشكالية الحكامة، جامعة سدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال -فاس، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر الدستور والحكامة المالية، السنة الجامعية 2016، ص 117.

[69] نصيرة الحيوني، تسويق الرأسمال الترابي من منطلق آليات التعاون اللامركزي، مرجع سابق، ص 355.

[70] عبد العالي الفيلالي، التعاون اللامركزي: دعامة أساسية للتنمية الترابية، مرجع سابق، ص 57.

[71] المادة 82 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[72] عبد العالي الفيلالي، التعاون اللامركزي: دعامة أساسية للتنمية الترابية، مرجع سابق، ص 58.

[73] عصام العطار، السياسات العمومية الترابية في مجال التدبير الترابي، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر تدبير الشأن العام المحلي، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2015_2016، ص 153.

[74] فدوى الركلاوي، المقاربة التشاركية بين الطموح وتجليات الواقع، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، ماستر تدبير الشأن العام المحلي، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2011_2012، ص 12.

[75] ظهير الشريف رقم 1.15.83 صادر في 20 رمضان 1436/ 7 يوليو 2015، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، الجريدة الرسمية عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436/ 23 يونيو 2015، ص 6585.

[76] المادة 116 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[77] المادة 117 من نفس القانون التنظيمي 111.14.

[78] صلاح الدين زكاري، الديمقراطية التشاركية على ضوء الدستور والقوانين التنظيمية، مرجع سابق، ص 200.

[79] منية بنلمليح، المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السياسات العمومية الجهوية: برنامج التنمية الجهوية نموذجا، مرجع سابق، ص 26.

[80] خالد الجبري، الجهوية وتأهيل الإدارة المحلية للتنمية بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتورة في القانون العام، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة، السنة الجامعية 2014_2015، ص 13.

[81] عبد الحق عقلة: القانون الإداري، الجزء الأول، مطبعة دار القلم الرباط، طبعة 2002 ، ص 227.

[82] محمد بوكطيب، السياسة العمومية اللامركزية واللاتمركز، الميدان والوسيلة، مجلة المنارة القانونية والإدارية عدد خاص 2017 ، ص 75.

[83] سهام أقنوش، التقائية السياسات العمومية الترابية، بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام،  تخصص السياسات العمومية،  جامعة مولاي اسماعيل مكناس، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية مكناس، السنة الجامعية 2017/2018 ، ص 7.

[84] الفصل 1 من الدستور المغربي 2011.

[85] محمد ملاح، أثر اللاتمركز الإداري على الجهوية المتقدمة وتجويد السياسات العمومية بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية العدد الخاص رقم 15 2019 ص 112.

[86] ياسر عاجل، تحديات تحديث الادارة الجهوية في تدبير السياسات العمومية الترابية بالمغرب، مرجع سابق، ص 302.

[87] ياسر عاجل، نفس المرجع ص 305.

[88] المادة 8 من المرسوم 2.17.618 بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري.

[89] محمد ملاح، أثر اللاتمركز الإداري على الجهوية المتقدمة وتجويد السياسات العمومية بالمغرب ، مرجع سابق ص 113.

[90] ياسر عاجل مرجع سابق، ص 306.

[91]منية بنلمليح، التعاون اللامركزي وفق مستجدات القوانين التنظيمية للجماعات الترابية بالنغرب، المجلة النغربية للأنظمة القانونية والسياسية، عدد 12، أكتوبر 2017، ص 66

[92]  يونس أبلاغ، مرجع سابق، ص 262

[93]  عبد الكبير يحيا، تقسيم التراب بالمغرب والسياسة الجهوية، نحو اعتماد الجهوية السياسية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة عبد الملك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2008/2009، ص200.

[94] – عبد القادر الإدريسي، التقسيم الجهوي الجديد، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 16، 1998، ص33

[95] – نفس المرجع، ص 45.

[96] يونس أبلاغ، مرجع سابق، ص 250-251

[97] – هشام مليح:” الدولة والجبايات المحلية”، مطبعة الأمنية، الرباط 2004، ص:99.

[98] – حسن اعزيزي:” تمويل الاستثمار العمومي، صندوق التجهيز الجماعي نموذجا”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة محمد الخامس السويسي، الرباط، السنة الجامعية 2008-2009، ص:79.

[99] -انظر المادة 28 من الميثاق الجماعي رقم 78.00 لسنة 2002 المعدل بقانون 17.08 الصادر في 2009.

[100] – نصير مكاوي، قراءة في مشروع القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والإقليم، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، عدد 39 و40 2016، ص:124

[101] – محمد اليعكوبي، التاطير الإداري للجماعات المحلية، مجلة الدراسات الإدارية، كلية الحقوق وجدة، العدد الأول، 1989.

[102]  عبد الواحد الخمال، الحكامة الترابية على ضوء مسار وتحولات اللامركزية الترابية نموذجا، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق بطنجة، السنة الجامعية 2016/2017، ص311.

[103] رشيد ملوكي، التقطيع الجهوي ورهان التنمية الترابية بالمغرب – محاولة تقييم عام، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام كلية الحقوق، جامعة الحسن الأول، سطات، السنة الجامعية 2014-2013، ص4.

[104] كريم لحرش: الدستور الجديد للمملكة شرح وتحليل، سلسلة العمل التشريعي والاجتهاد القضائي، العدد 3 مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 2012 ص 16.

[105] ياسير عاجل، تحديات الإدارة الجهوية في تدبير السياسات العمومية الترابية بالمغرب، مرجع سابق، ص 124.

[106] خالد الجبري، الجهوية وتأهيل الإدارة المحلية للتنمية بالمغرب، مرجع سابق، ص 299.

[107] خالد الجبري، المرجع السابق، ص 305.

[108] ياسر عاجل، تحديات الإدارة الجهوية في تدبير السياسات العمومية الترابية بالمغرب، مرجع سابق، ص 130.

[109] المادة 30 من القانون رقم 45.08 الصادر في 18 فبراير 2009، المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها.

[110] المادة 253 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[111] المادة 188 من القانون التنظيمي 111.14المنظم للجهات.

[112] عبد الله شاهي، التدبير الجهوي الحديث: آليات التفعيل ومناهج التطبيق، مجلة منازعات الأعمال، عدد 45، أكتوبر 2019، ص 75.

[113] ياسير عاجل مرجع سابق، ص 313.

[114] ياسير عاجل، مرجع سابق، ص 313.

[115] لبنى الوزاني الشاهدي، الذكاء الترابي رافعة للتنمية الجهوية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام تخصص القانون العام الداخلي والتحولات المؤسساتية، جامعة سيدي محمد بن عبدالله، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية  فاس، السنة الجامعية 2018/2019  ص 16.

[116] عبد الكبير يحيا، تقسيم التراب والسياسة الجهوية بالمغرب: نحو اعتماد الجهوية السياسية، مرجع سابق، ص 221.

[117] المصطفى قريشي، الجهوية المتقدمة ورش مفتوح للحكامة الترابية، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد العدد 29/30 مطبعة النجاح الجديدة،  الدار البيضاء،  2011 ص 45.

[118] محمد حميمز، تنزيل الجهوية المتقدمة بين إخفاقات المقاربة التقنية والزامية التأطير السياسي، حوارات مجلة الدراسات السياسية والاجتماعية عدد مزدوج 2-3 السنة 2017 ص 217.

[119] صفية لعزيز، الجهوية المتقدمة كأحد دعائم النموذج التنموي الجديد، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 143 نونبر دجنبر 2018 ص 207.

[120] نفس المرجع السابق ص 209.

[121] مساهمة  المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول النموذج التنموي الجديد بالمغرب صدر سنة 2019  ص 101.

[122] علي الحنودي، الدولة وتدبير السياسات العمومية الترابية، مرجع سابق، ص 194.

4.5/5 - (13 صوت)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى