مسار ومآلات الصراع في شرق المتوسط
إعداد: –
- أحمد جمال الصياد
- جاد مصطفى البستاني
- عاطف محمود دبل
-المركز الديمقراطي العربي
مقدمة :
يشهد العالم اليوم العديد من المناطق التي تعاني من الصراعات باختلاف أسباب الصراع من منطقة إلى أخرى ، و من ضمن تلك المناطق التي تعاني من الصراع، منطقة شرق البحر المتوسط ، فتلك المنطقة تشهد حاليا صراعا محموما بسبب اكتشاف أن تلك المنطقة بها كميات كبيرة من الغاز الطبيعي و النفط ، فحسب الدراسات من الهيئات المتخصصة أن منطقة حوض شرق المتوسط منطقة غنية بالنفط و الغاز الطبيعي و تقدر كمية الغاز الطبيعي ب 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي تقريبا، و على ذلك اكتسبت منطقة شرق المتوسط أهمية كبيرة لدى الدول المطلة عليه و لدى العديد من الفاعلين الدوليين مثل روسيا و الاتحاد الأوروبي، و على ذلك أخذت دول تلك المنطقة تسارع بتحديد حدودها البحرية و ذلك لتحديد المناطق البحرية التي تستطيع الدول استغلال ما فيها من تلك الثروات المكتشفة مما أدى لنشوب الصراع بين دول تلك المنطقة بسبب الاختلاف حول تحديد الحدود البحرية من وجهة نظر كل دولة ، هذا بالإضافة أن هناك دول في تلك المنطقة لم توقع على قانون البحار مثل تركيا ، و هو ما يؤدي لتعقيد الصراع في تلك المنقطة و يزيد من حدته ، هذا بالإضافة لافتقار أغلب دول تلك المنطقة لمصادر الطاقة من الغاز الطبيعي و النفط مما يجعل تعتمد على استيراد تلك المصادر مما يشكل عبء على تلك الدول التي باتت تنظر إلى الموارد المكتشفة مؤخرا في منطقة شرق المتوسط على أنها بارقة الأمل و طوق النجاة الذي سيمكنها من المساعدة تحقيق أهداف عديدة مثل المضي قدما نحو تحقيق التنمية الاقتصادية عن طريق تقليل الواردات من مصادر الطاقة و استغلال المصادر المكتشفة حديثا التي تقع ضمن الحدود البحرية لكل دولة، فكل هذا أدى لأن يتصاعد الصراع في تلك المنطقة نظرا للأسباب السابقة وسنستعرض من خلال هذه الدراسة المحاور التالية :
ـ الأهمية الاستراتيجية لمنطقة شرق المتوسط
ـ محاور الصراع والأطراف المباشرة له
ـ أطراف دولية أخرى فاعلة في معادلة شرق المتوسط
ـ رؤية مستقبلية للصراع في شرق المتوسط
ـ الأهمية الاستراتيجية لمنطقة شرق المتوسط :
باتت منطقة شرق المتوسط تتمتع بأهمية كبيرة لدى الدول تلك المنقطة و لدى أطراف أخرى مثل روسيا و الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال ، فأهمية تلك المنطقة ازدادت بشكل كبير بعد نشر هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية دراسة في عام 2010م تفيد بأن منطقة شرق المتوسط بها ثروة هائلة من النفط و الغاز الطبيعي تقدر ب122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي و 1.7 مليار برميل احتياطي من النفط ، و تشير تقديرات التنقيب عن الغاز أن تلك المنطقة بها كميات أكبر من ذلك بكثير مما يجعل لتلك المنطقة أهمية كبيرة ، و على ذلك أسرعت الدول المطلة على تلك المنطقة بترسيم حدودها البحرية حتى تؤمن حصتها من تلك الثروات التي تقع في نطاق حدودها و تعمل على استغلالها و الاستفادة منها مما أدى لنشوب الصراع في تلك المنطقة (1) و بالرغم من أن ثروات تلك المنطقة من الغاز الطبيعي تقدرب122 تريليون قدم مكعب تقريبا إلا أن الحقول المكتشفة و التي يتم العمل بها تقدر ب68تريليون قد مكعب و من أهم تلك حقول المكتشفة في منطقة شرق المتوسط و التي تتوزع بين دول المنطقة على النحو التالي:
ـ قطاع غزة :
لغزة نصيب من الثروة المكتشفة في شرق المتوسط و من أهم الحقول التابعة لها هو :
أ/ حقل غزة مارين : و هو حقل تم اكتشافه من قبل الشركة البريطانية (بريتش غاز) عام 2000م و يقدر حجم احتياطي الغاز الطبيعي به بمقدار 1.2 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي و هو يقع في المياه الإقليمية لقطاع غزة و يبعد عن الساحل 35 كم (2).
ـ إسرائيل :
تمتلك إسرائيل نصيب من الثروات المكتشفة في تلك المنطقة و يتمثل أهم حقولها في :
أ/ حقل تمار : يقع حقل تمار على مسافة 90 كم متر من الساحل قبالة حيفا و يقدر المخزون بذلك الحقل ب10 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي ، و تم اكتشافه عام 2009م (3).
ب/ حقل تانين : يقع هذا الحقل غرب حيفا و يبعد عن الساحل بمقدار 120 كم تقريبا و تشير التقديرات أنه يحتوى على احتياطي من الغاز الطبيعي يقدر ب1.2 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي (4)
ج/ حقل ليفياثان : يبعد حقل ليفياثان عن الساحل بمقدار 130 كم و الذي تم اكتشافه عام 2010م و تشير التقديرات أنه يحتوي على احتياطي من الغاز الطبيعي يقدر 535 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي أي 18 تريليون قدم مكعب تقريبا (5)
ـ قبرص :
لقبرص نصيب من ثروات شرق المتوسط و من أهم الحقول القبرصية المكتشفة :
أ/ حقل أفروديت : و هو حقل يقع جنوب شرق جزيرة قبرص في المنطقة 12 و مكتشف هذا الحقل شركة ( نوبل إينرجي ) الأمريكية عام 2011م و يقدر حجم الاحتياطي من الغاز في هذا الحقل ب127.4 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي .
ب/ حقل كاليبسو : اكتشف هذا الحقل شركتي ( إني ) الإيطالية و ( توتال ) الفرنسية و يقدر حجم الاحتياطي في هذا الحقل من 6 إلى 8 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي (6)
ـ مصر
تمتلك مصر العديد من الحقول في تلك المنطقة مما يجعل لها نصيب كبير في ثروات منطقة شرق المتوسط و من أهم الحقول المصرية :
أ/ حقل ظهر : يبعد حقل ظهر 150كم عن السواحل المصرية و يبلغ حجم الاحتياطي به 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي كما أنه أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في مصر و البحر المتوسط (7)
حقل أتول : يقع هذا الحقل في منطقة امتياز شمال دمياط البحرية و يقدر حجم الاحتياطي بهذا الحقل ب1.5 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي (8)
فبسبب اكتشاف الثروات في منطقة شرق المتوسط بكميات هائلة ، و بسبب تداخل الحدود البحرية لدول المنطقة و تنازعهم حول تحديد تلك الحدود لتحديد نصيب كل دولة من تلك الثروة إضافة لوجود صراعات أقدم من الصراع على تلك الثروة في منطقة شرق مثل الصراع التركي اليوناني ، و الصراع العربي الإسرائيلي ، و الصراع التركي القبرصي ، إضافة لوجود بعض الدول لم توقع على قانون البحار مثل تركيا ، كل ذلك أدى لتزايد حدة الصراع في منطقة شرق المتوسط و أدى لزيادة نطاق الصراع في تلك المنطقة الذي ينذر بعواقب وخيمة إن لم يتم الاتفاق بالطرق السلمية حول تحديد الحدود البحرية بين دول تلك المنطقة و ذلك لتحديد ثرواتها بشكل يقبله جميع الأطراف المعنيين بما لا يؤثر على الاستفادة من موارد منطقة شرق المتوسط ، و الاكتشافات السابق ذكرها في منطقة المتوسط لم تكسب المنطقة أهمية لدى الدول المطلة عليها فقط بل أكسبتها أهمية لأطراف دولية أخرى مثل الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد بشكل كبير على روسيا لتزويده بالغاز الطبيعي ، فالاتحاد الأوروبي وجد من غاز شرق المتوسط المكتشف حديثا فرصة لتنويع مصادر الغاز الطبيعي التي تأتي إليه من الخارج و هو أمر خطير بالنسبة لروسيا التي تعتبر من أكبر مصدرين الغاز الطبيعي لأوروبا بما يجعلها تستخدم الغاز الطبيعي كورقة ضغط في مواجهة الاتحاد الأوروبي في بعض الملفات و على ذلك زادت أهمية منطقة شرق المتوسط بالنسبة لكلا من روسيا و التي تسعى للاستثمار في منطقة شرق المتوسط للاستفادة هي الأخرى من غاز شرق المتوسط ، و الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لتنويع صادراته من الغاز الطبيعي ليتلافى الضغط الروسي.
خريطة توضح أماكن الحقول السابق ذكرها في شرق البحر المتوسط
https://www.energy-reporters.com/policy/eastern-mediterranean-gas-testing-the-field
أطراف الصراع في شرق المتوسط :
يتميز الصراع في شرق المتوسط بتداخل وتعدد أبعاد وأطراف الصراع ما بين أطراف مباشرة وأطراف أخرى دولية وقد بدأت وتيرة الصراع في التسارع بعد تقرير لهيئة المسح الجيولوجية الأمريكية عام 2010 بوجود 3455 مليار متر مكعب من الغاز و1.7 مليار برميل من النفط وتُعد منطقة شرق المتوسط من أكثر المناطق الجيوستراتيجية حيث تشكل تهديدًا لمستقبل الأمن والسلم الدوليين، كما أن هذة الأهمية الجيوسياسية قد تتسبب في زيادة معدلات الصراع الإقليمي وزيادة مستوى الخلافات بين دول هذه المنطقة كما أن هذة الأهمية دفعت دول المنطقة الى تقنين أوضاعها بصورة قانونية فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية وفق اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحارعام 1982، ومن ناحية أخرى سعت تركيا إلى التنقيب عن الغاز في المناطق الاقتصادية الخاصة بكل من قبرص واليونان دونما الاعتبار للقوانين الدولية المنظمة لهذه العمليات، ولجأت إلى شرعنة ذلك من خلال توقيع اتفاقيتين لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، ومن ثم تصاعدت التوترات بالدول المعنية وما يتعلق بها من خلافات حول الحدود البحرية لكل دولة.(9)
ـ محاور الصراع والأطراف المباشرة له :
الصراع بين تركيا و اليونان
شهدت العلاقات التركية اليونانية فترات كثيرة من المد و الجذر و ذلك منذ أن استقلت اليونان عن الإمبراطورية العثمانية عام 1832م ، فالمشاكل بين الدولتين قديمة و ممتدة منذ فترة كبيرة و شهدت العلاقات بين تركيا و اليونان العديد من الحروب مثل :
أ/ الحرب التركية اليونانية عام م1897.
ب/ حرب البلقان الأولى عام 1912.
ج/ الحرب العالمية الأولى (1914/1918).
د/ الحرب اليونانية التركية (1919/1922).
فالعلاقات بين البلدين لا تتسم بالثبات و لا بالسير على وتيرة واحدة ، فكما شهدت العلاقات بين تركيا و اليونان فترات حرب فشهدت العلاقات بينهما فترات من السلم، و العلاقات الحالية بين تركيا و اليونان تشهد العديد من الملفات مثل و ملف جزيرة قبرص و ملف ترسيم الحدود البحرية بين اليونان و تركيا أيضا و الصراع بين تركيا و اليونان في شرق المتوسط لا يمكن عرضه و فهمه بمعزل عن الملفين السابقين ، و عليه سنقوم بعرض موجز للملفين السابقين :
أ/ ملف جزيرة قبرص :
تعد جزيرة قبرص ثالث أكبر جزيرة في البحر المتوسط بعد جزيرتي سردينيا و صقلية و تتمتع تلك الجزيرة بموقع استراتيجي هام بالنسبة لطرفي الصراع سواء تركيا أو اليونان و يعد هذا الصراع عقبة في سبيل تحسن العلاقات بين الطرفين حاليا ، و المشكلة في جزيرة قبرص ترجع بسبب حالة الصراع بين القبارصة الأتراك و القبارصة اليونانيين بسبب الاختلاف في وجهة نظر الطرفين ، و زادت حدة الصراع بسبب مناداة القبارصة اليونانيين بالانضمام لليونان و هو ما تراه تركيا حصار للحدود البحرية التركية و تراه مهددا لمصالحها و أمنها القومي مما دفع تركيا للتدخل في قبرص و احتلال الثلث الشمالي منها عام 1974م و الصدام مع اليونان و الإعلان عن ذلك الجزء دولة مستقلة و هي شمال قبرص ( قبرص التركية ) و هي دولة لا تحظى بالاعتراف الدولي سوى من دولة تركيا فقط و الجزء الأخر من الجزيرة و الذي يمثل ثلثي الجزيرة هو دولة قبرص و هي دولة تحظى بالاعتراف الدولي ، فالصراع على تلك الجزيرة بين اليونان و تركيا هو أحد أهم نقاط الخلاف بين تركيا و اليونان و هو ما يثير أيضا صراع حول حقوق التنقيب عن الثروات المكتشفة في شرق البحر المتوسط و هو ما سنشير إليه في موضع لاحق(10).
ب/ ملف ترسيم الحدود البحرية بين تركيا و اليونان :
يمثل ذلك الملف أحد النقاط الهامة في فهم الصراع بين تركيا و اليونان في شرق المتوسط فذلك الملف يثير صراع حول حقوق التنقيب عن الثروات في المناطق البحرية المختلفة مثل المنطقة الاقتصادية الخالصة للدولة ، ففي ذلك الملف تتنافس الدولتان على ترسيم الحدود البحرية سواء تحديد المياه الإقليمية أو الجرف القاري ، فأما عن الجرف القاري تقول اليونان أن الجزر الواقعة بالقرب من تركيا هي جزء من السيادة اليونانية مما يعني الجرف القاري لليونان عند أقصى الجزر اليونانية الواقعة في بحر إيجة ، وهو ما ترفضه تركيا حيث يستند الموقف التركي إلى ميثاق قانون البحار الخاص بمنظمة الأمم المتحدة 1982م و الذي لا يسمح لليونان بأن تجمع الجزر التي يمكنها من الاستفادة من نظام الأرخبيل مع جرفها القطري بمعني تحديد الجرف القاري من يابس الدولة و ليس من جزرها ، فترى تركيا أنه من غير المعقول أن تحصل بعض الجزر اليونانية على مساحة جرف قاري ومنطقة اقتصادية تعادل أضعاف مساحتها، وتعتمد في مطالبها على توجهات القانون الدولي التي تحدد المناطق الاقتصادية بناء على المسافة من البر لا من الجزر ، و ذلك الملف يثير صراع حول حقوق التنقيب عن الثروات المكتشفة في شرق البحر المتوسط مما يؤدي لتفاقم الصراع بين تركيا و اليونان بشكل خاص و الصراع في شرق البحر المتوسط بشكل عام(11) .
فكما أن أشرنا سابقا أن الصراع التركي اليوناني لا يمكن فهمه بمعزل عن الملفين السابقين لأنهم ينقلون الصراع بين تركيا و اليونان إلى الصراع على الثروات المكتشفة في شرق المتوسط تبعا لما يثيره الملفان من صراع حول حقوق التنقيب عن تلك الثروات المكتشفة ، فالصراع التركي اليوناني يحركه دافع أخر و هو نقص مصادر الطاقة في تركيا و اليونان و رغبة كل منهما في السيطرة على الثروات المكتشفة في شرق البحر المتوسط و التنقيب عنها للاستفادة منها و تأمين مصادر من الطاقة في المستقبل ، فتلك المنطقة تحتوي على كميات هائلة من الغاز الطبيعي حيث يقدر تقرير الهيئة المسح الجيولوجية الأمريكية، عام 2010، وجود ما يقارب 122 تريليون قدم مكعب من الغاز مما يدفع الدول المطلة على هذه المنطقة للتسابق من أجل الحصول على نصيب من تلك الثروة و يأتي من ضمن تلك الدول تركيا و اليونان و ذلك بسبب نقص مصادر الطاقة لديهما كما سبق أن أشرنا ، فالصراع بين اليونان و تركيا يرتبط ارتباطا وثيقا بملف جزيرة قبرص و ذلك عندما قامت تركيا بأعمال التنقيب بالقرب من ساحل قبرص الشمالية ( التركية ) و هو ما أثار قبرص و اليونان هذا بالإضافة إلى مطالب تركيا بحقوق استغلال ضمن منطقة، تدعي أنها جرفٌ قاري. في المقابل، تدعي اليونان بأن كل جزرها المأهولة بالسكان محاطةٌ بمنطقة اقتصادية حصرية على مسافة 200 ميل وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التي لم توقع عليها تركيا ، ويؤدي التطبيق الصارم لهذه القواعد إلى “حصر” حقوق تركيا في استغلال هذه الموارد في ركن صغير حول خليج أنطاليا (12)
فتركيا حسب الموقف اليوناني ترى نفسها مظلومة و ترى أن منطقتها الاقتصادية و حدودها البحرية صغيرة و ذلك بسبب جزيرة كاستيلوريزو التي تقع تحت السيادة اليونانية رغم أنها تبعد بمسافة قريبة من السواحل التركية تقدر بميل واحد تقريبا ، فوضعية جزيرة كاستيلوريزو تثير النزاع حول ترسيم الحدود البحرية بين تركيا و اليونان وعليه تثير صراع حول حقوق التنقيب عن الثروات المكتشفة في شرق البحر المتوسط مثل الغاز الطبيعي ، حيث إنه طبقا لاتفاقية قانون البحار 1982 فجزيرة كاستيلوريزو التي تقع أمام السواحل التركية مباشرة تدخل ضمن حسابات المنطقة الاقتصادية الخالصة لليونان و مما يهدر حق السواحل التركية في منطقة اقتصادية خالصة ، في نفس الوقت تركيا كانت ضمن دول قليلة لم تنضم إلى اتفاقية قانون البحار (أمريكا أيضاً من ضمن الدول التي لم تنضم للاتفاقية) والسبب في ذلك أن تركيا ترى أنه من غير المنطقي أن تحتسب المناطق الخالصة لليونان وضمنها جزيرة كاستيلوريزو والتي تهدر بهذه الطريقة مساحات واسعة من حق تركيا مما يثير الصراع (13)
وهذا موضح بالخريطة رقم 1 ، و عليه قامت تركيا بعقد اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الليبية عام 2019م و قامت اليونان بتوقيع اتفاقية مماثلة مع مصر في نفس العام لتقنين أوضاعها و تقنين حدودها البحرية وفقا لقواعد القانون الدولي و حسن الجوار مع مصر حيث قامت مصر و اليونان بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية لتحدد كلا من مصر واليونان منطقتها الاقتصادية الخالصة بشكل قانوني حتى تتمكن من التنقيب عن الثروات المكتشفة في شرق البحر المتوسط و الاستفادة منها ، أما عن الاتفاق التركي مع حكومة الوفاق مفاده بأن حتى أكبر الجزر اليونانية جزيرة كريت، ليس لديها جرف قاري و مثلها أيضا جزيرة كاستيلوريزو الأصغر منها بكثير والواقعة قبالة ساحل ليسيان التركي، وهذا موقف شائك قانونيا حيث أنه يهدد مشروع هام بالنسبة لليونان و هو خط أنابيب ( ميد إيست ) فالتقسيم الذي قامت به تركيا في ذلك الاتفاق يضع العديد من الجزر التي تحت السيادة اليونانية و ينقلها للسيادة التركية و هو ما يؤثر على ذلك المشروع الهام بالنسبة لليونان و هو ما ترفضه اليونان بشكل قاطع (14)
و هو ما يعزز الصراع و يجعل الخلاف يأخذ منحنى تصاعدي بين الطرفين التركي و اليوناني و ذلك بسبب سعي الطرف التركي بتغيير و تعديل الاتفاقيات و سعي الطرف اليوناني بالإبقاء على الوضع القائم فكل طرف يتحرك في سبيل تحقيق مصلحته المتمثلة في الحصول على حدود بحرية تجعل له نصيب كبير من الثروات الهائلة المكتشفة في شرق البحر المتوسط و الحصول على الحدود البحرية التي تساعده عن التنقيب بشكل أكبر عن تلك الثروات لاستفادة منها ، و هو ما يؤدي بدوره لتزايد حدة الصراع بين تركيا و اليونان بشكل خاص و الصراع في شرق المتوسط بشكل عام. .
خريطة رقم 1 و هي توضح موقع جزيرة كاستيلوريزو اليونانية و توضح مدى قربها من السواحل التركية كما توضح المنطقة الاقتصادية الخالصة لتركيا و لليونان أيضا
موقع المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الاستخبارات على الرابط التالي :
https://www.europarabct.com/%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%AA%D9%82%D9%8A%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A7/
الصراع التركي القبرصي :
يمتد الصراع بين تركيا و قبرص لعقود طويلة و من أبرز نقاط الصراع بين الدولتين كان احتلال تركيا للجزء الشمالي لجزيرة قبرص و الذي يمثل ثلثها عام 1974م و تقسيم الجزيرة لجزئين حيث أن الجزء الشمالي و هو يمثل ثلث مساحة الجزيرة القبرصية تقريبا و يمثل دولة قبرص الشمالية ( التركية) و هي دولة لا تحظى باعتراف دولي إلا من تركيا و الجزء الأخر من الجزيرة يمثل دولة قبرص و عاصمتها نيقوسيا و هي دولة ذات سيادة تحظى بالاعتراف الدولي و عضو الاتحاد الأوروبي ، فتلك القضية إلى جانب أنها تمثل نقطة خلاف كبير في العلاقات التركية القبرصية ، فإنها أيضا تعمق الصراع و تشعله في منطقة شرق المتوسط لما تثيره من نزاعات حول ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين و الصراع حول حقوق التنقيب عن ثروات تلك المنطقة و تجدر الإشارة هنا أنه بالرغم من أن الصراع بين تركيا و قبرص صراع قديم و امتد لعقود طويلة إلا أن الصراع على موارد و ثروات شرق البحر المتوسط هو صراع حديث نسبيا بين الدولتين . ففي عام 2009 م تم اكتشاف حقل أفروديت على بعد 180 كم من الشاطئ الجنوبي الغربي لقبرص بإجمالي مخزون 9 تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعي ، كما أعلنت شركة إيني الإيطالية في فبراير 2018 م اكتشاف حقل كاليبسو في المنطقة المتنازع عليها بين قبرص و تركيا و هذا موضح بالخريطة رقم 2.(15) و عليه قامت قبرص بالتحرك للتنقيب عن تلك الموارد التي تعتبر في منطقتها الاقتصادية الخالصة و محاولة استغلال و الاستفادة من تلك الموارد مستندة إلى موقف قانوني يرتكز بالأساس على الاعتراف الدولي بالجمهورية القبرصية و عاصمتها نيقوسيا و الذي يمنحها حق ممارسة حقوق السيادة بما فيها التنقيب عن حقول الغاز الطبيعي بها و تطويرها وقد عبر عن ذلك بوضوح ” دیمیتریس كریستوفیاس” رئیس جمهوریة قبرص اليونانية أو الجنوبية في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 سبتمبر 2011م، حين قال عمليات التنقيب والكشف عن الموارد الهيدروكربونية التي شرعت فيها الجمهورية القبرصية منذ سنوات في المنطقة الاقتصادية الخالصة، تتم وفق اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية التي تم إبرامها مع دول الجوار، وتتسق مع القواعد القانونية لا سيما القانون الدولي للبحار، الذي صدقت عليه الجمهورية القبرصية المعترف بها دوليا ” (16).
وعليه قامت قبرص بالتحرك لترسيم حدودها البحرية مع البلدان المجاورة لها حتى تضمن عدم الدخول في صراعات من شأنها تهديد عمليات التنقيب عن ثروات شرق المتوسط و تهديد الاستفادة منها ، وعليه قامت قبرص بعقد اتفاقية لترسيم الحدود مع مصر عام 2003م و دخلت حيز النفاذ بعد تصديق برلمانات الدولتين عليها و تم تعديلها 2013م، و تبعها اتفاق مماثل لترسيم الحدود بين قبرص و لبنان لكنه لم يدخل حيز النفاذ لعدم تصديق مجلس النواب اللبناني على هذه الاتفاقية ، و في عام 2010م قامت قبرص بتوقيع اتفاقية لترسيم الحدود بينها و بين إسرائيل ، فتلك الاتفاقيات جنبت قبرص العديد من النزاعات في منقطة شرق المتوسط مع دول عديدة من دول تلك المنطقة باستثناء تركيا بسبب الصراع القديم بين الدولتين إلى جانب ملف أزمة قبرص و الذي يزيد من الصراع بين الدولتين و يقف حجر عثرة أمام علاقات غير صراعية بين قبرص و تركيا (17).
وعلى ذلك قامت تركيا برفض تلك الاتفاقيات بحجة أن الحكومة القبرصية لا يحق لها توقيع مثل تلك الاتفاقيات أو البدء في عمليات التنقيب عن موارد تلك المنطقة نتيجة لأزمة قبرص القائمة و ذلك باعتبار أن تلك الموارد يقع حق استغلالها في نطاق الطرفين تركيا و قبرص التركية من ناحية و قبرص اليونانية من الناحية الأخرى ، هذا و مع قيام قبرص بعمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي و موارد تلك المنطقة و الإصرار على ذلك بداء منحنى الصراع يأخذ في التصاعد حيث بدأت تركيا بالتهديد بتصعيد الصراع حول موارد الطاقة في تلك المنطقة (18).
والتصعيد التركي يأتي بسبب الادعاءات التركية بأن اتفاقيات ترسيم الحدود التي أبرمتها قبرص مع دول المنطقة مثل اتفاقياتها مع مصر و لبنان و إسرائيل تنتهك الجرف القاري التركي و عليه فإن هذه الاتفاقيات من وجهة نظر تركيا تعتدي على السيادة التركية و أنه لا يحق لأي دولة أو لأي شركة تنقيب أن تقوم بعمليات التنقيب و محاولة استغلال موارد تلك المنطقة وعلى ذلك صرح وزير الخارجية التركي “جاويش أوغلو” إن بلاده تخطط للبدء في أعمال تنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط في المستقبل القريب ، وإن التنقيب عن هذه المصادر وإجراء دراسات عليها يعد حقا سياديا لتركيا
، كما هدد الرئيس التركي أردوغان قبرص و شركات التنقيب عن الغاز في تلك المنطقة و عليه قام الجيش التركي يوم 9 فبراير 2018م باعتراض سفينة الحفر ( سايبم 12000) والتي كانت في طريقها من موقع بين الجنوب والجنوب الغربي من قبرص إلي منطقة في جنوب شرق قبرص يعرف ببلوك 3 ، كما أعلن أردوغان على أن على قبرص ألا تتجاوز الحد في شرق المتوسط ، كما حذر أردوغان من المساس بحقوق تركيا في منطقة شمال جزيرة قبرص حيث قال في فبراير 2018م ” نحذر من يتجاوزون حدودهم في بحر إيجة وقبرص، ويقومون بحسابات خاطئة مستغلين تركيزنا على التطورات عند حدودنا الجنوبية حقوقنا في الدفاع عن الأمن القومي في منطقة عفرين شمال غربي سوريا هي نفسها في بحر إيجة وقبرص” و على ذلك ترى تركيا أن لها حقوقا في الغاز الطبيعي و موارد المنطقة 3 و 6 الواقعة بينها و بين قبرص (19) فهذا التصعيد التركي يزيد من حدة الصراع بينها وبين قبرص بشكل خاص و في منطقة شرق المتوسط بشكل عام . نجد أيضا أن قبرص التركية اتخذت خطوات من شانها أن تزيد من حدة هذا الصراع حيث قامت قبرص التركية كرد فعل على التحرك التي قامت به قبرص اليونانية من أعمال التنقيب و إبرام اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية ، فقامت قبرص التركية ردا على ذلك بتحديد منطقتها الاقتصادية الخالصة حيث قامت بتقسيمها إلى 8 بلوكات تتداخل بنسبة 40% مع المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص اليونانية في بلوكات 1 و 2 و 3 و 8 و 12 ، و لم تتوقف قبرص التركية عند هذا الحد بل قامت بإعطاء حقوق التنقيب في تلك المناطق لشركة البترول التركية و هذا يزيد من تعقيد الأمور و يزيد من حدة الصراع (20)
و هذا موضح بالخريطة رقم3، و على ذلك قامت قبرص اليونانية بالتصعيد و هذا التصعيد له دعم أوروبي حيث قامت قبرص بتوجيه الاتهامات لتركيا بأنها تستخدم القوة لمنع شركة ( إيني ) الإيطالية من القيام بأعمال تنقيب في شرق المتوسط ، وعلى خلفية هذا التصعيد الذي قامت به قبرص الجنوبية ( اليونانية ) صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عبر الصحيفة اليونانية ( كاثرميني) في 24 فبراير 2018م بأن ألمانيا تدعم حقوق قبرص اليونانية و اليونان في مواجهة الاستفزازات التركية ، توج التصعيد الأوروبي عندما أشار قادة الاتحاد الأوروبي بإلغاء اجتماع مزمع مع الرئيس التركي أردوغان كان سيقام في 26 مارس 2018م في بلغاريا معلنين بذلك تضامنهم مع قبرص و اليونان ، و بعد ذلك صرح رئيس المجلس الأوروبي ( دونالد تاسك) بأن اليونان وقبرص لهما الحق السيادي في التنقيب على الموارد في شرق المتوسط، ودعا الإتحاد الأوروبي تركيا إلي البعد عن التهديدات والامتناع عن أي تصرفات قد تضر حسن الجوار (21). فبهذا نرى أن اليونان و قبرص يحظيان بدعم أوروبي في مواجهة تركيا و هو ما يجعل الصراع يتصاعد في تلك المنطقة إن استمرت تركيا بنهج نفس السياسة في شرق البحر المتوسط في ظل التصريحات المشتعلة بين الأطراف السابقة التي يمكن أن تزيد من تفاقم الأزمة و الصراع في شرق المتوسط ، فالحوار و الحلول الدبلوماسية و الاتفاق بين جميع الأطراف على ترسيم الحدود بشكل سلمي هو أفضل طريق لتجنب تزايد الصراع في منطقة شرق المتوسط .
خريطة رقم 2 توضح حقول الغاز في شرق المتوسط و منها حقول الغاز التي تقع في المنقطة الاقتصادية الخالصة لقبرص مثل حقلي أفروديت و كاليبسو
موقع قناة دي دابليو عبر تقرير إخباري بعنوان غاز المتوسط ثروة قدة تشبع المنطقة أو تحرقها
https://www.dw.com/ar/%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%AF%D9%8A%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%AB%D8%B1%D9%88%D8%A9-%D9%82%D8%AF-%D8%AA%D8%B4%D8%A8%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%A3%D9%88-
%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%82%D9%87%D8%A7/av-47698597
خريطة رقم (3) و هي توضح التنازع بين قبرص التركية و قبرص اليونانية على الحدود البحرية و تداخل البلوكات فيما بينهما .
موقع سبريس ميل على الرابط التالي :
https://cyprus-mail.com/2017/07/23/cyprus-seek-maritime-arbitration-nullify-turkish-
eez-claims/
ـ الصراع بين مصر وتركيا :
في عام 2015 اكتشفت مصر أكبر احتياطات غاز في شرق المتوسط في حقل “ظهر”، مكن مصر من تلبية الاستهلاك المحلي الذي يتزايد سنويا بنحو 5%،إذ يستعمل الغاز في توليد 85 % من الكهرباء في البلاد. ويوفر لها فائضا للتصدير. ويستند ترسيم الحدود البحرية بين الدول إلى المعاهدة الدولية لقانون البحار الموقعة عام 1982 لكن سوريا وإسرائيل وتركيا لم توقع على هذه المعاهدة، وقد تم ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص عام 2003 ثم في 2013، كما وقعت إسرائيل على اتفاقية لتصدير الغاز مع مصر في ٢٠١٨ وتحتج تركيا على حدود المنطقة الاقتصادية المصرية المطلة على المياه القبرصية، وهو ما رفضته القاهرة باعتباره تدخلا في شؤونها السيادية. ولقطع الطريق على الآمال التركية في غاز المتوسط ونفطه وقعت مصر واليونان اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بينهما، وقد وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هذه الاتفاقية بـ “عديمة القيمة”، وذكرت الخارجية التركية أن الاتفاقية تنتهك الجرف القاري التركي وأرسلت تركيا سفنها للتنقيب قرب الجزر اليونانية (22)
وقد دخلت مصر إلى سوق الغاز في نهاية ٢٠١٤ وبداية ٢٠١٥ عندما أُعلن عن اكتشاف حقل ظُهر، وذلك على يد شركة تنقيب إيطالية هذا الاكتشاف عزز من دور مصر في سوق الغاز الطبيعي في المنطقة، خصوصاً أن مصر تمتلك محطتي إسالة للغاز الطبيعي وقد سبق هذا الاكتشاف ومنذ عام ٢٠١٤ تحسن ملحوظ في العلاقات المصرية – اليونانية – القبرصية اليونانية، مع عقد لقاءات ثلاثية عدة، وذلك فضلا عن إعادة ترميم العلاقات المصرية الإسرائيلية.
وعلى الجانب الآخر، وجدت تركيا نفسها معزولة وسط هذه التحركات الاقليمية، في ظل تدهور علاقاتها الرسمية مع مصر وعلاقاتها المتوترة مع إسرائيل، وعدائها لقبرص اليونانية، والإرث السلبي لعلاقاتها مع اليونان. وعلى الرغم من اللقاء الذي عُقد في ٢٠١٦ بين وزير الطاقة الإسرائيلي ووزير الطاقة التركي آنذاك براءت البيرق، فإن التقارب كان مرحليًّا. وعلى عكس مصر فقد دخلت تركيا سباق التنقيب عن الغاز متأخرة، إذ أطلقت أولى سفنها (سفينة الفاتح) للتنقيب عن الغاز في نهاية عام ٢٠١٨ وهي تعمل على توسيع عمليات تنقيبها عن الغاز جنوبًا، إذ ترتكز تركيا المتعطشة إلى إيجاد مصادر للطاقة في توسيع سياساتها التنقيبية في شرق المتوسط على حقها في الدفاع عن حقوق جمهورية قبرص التركية أيضًا.(23)
في14 يناير 2019 وفي القاهرة المدينة التي استضافت العديد من الأحداث في الماضي لكن كان لهذا الحدث لمسة خاصة حيث اجتمع وزراء الطاقة القبارصة والمصريون واليونانيون والإسرائيليون والإيطاليون والأردنيون والفلسطينيون لمناقشة إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط وهو منصة للتعاون والشراكة في مجال الطاقة يمكن أن تتخذ في النهاية شكل منظمة عالمية.
حيث تستخدم البلدان دبلوماسية الطاقة لمواءمة المصالح وتقوية العلاقات طويلة الأمد بينهم، وهي عناصر أساسية لتحقيق الاستقرار الإقليمي هدفهم: إنشاء سوق غاز إقليمي ، وضمان العرض والطلب ، وتحسين تنمية الموارد، وخفض تكاليف البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية.(24)
وقد أرسى المنتدى خريطة طريق لصادرات غاز شرق المتوسط تستبعد منها تركيا كما أرسى دور مصر المركزي لصناعة غاز شرق المتوسط ومما وفر لمصر هذا الدور الريادي هو تربع الاحتياطات المصرية على عرش قائمة احتياطات استراتيجية ضخمة من الطاقة التي تبلغ في مجملها نحو 122 تريليون قدم مكعب، الأمر الذي جعلها تتخذ خطوة تحسم هذا الصراع لصالحها.
وتقول مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لوري هايتيان، إن المنتدى يهدف للتعاون بين هذه البلدان لإيجاد أسواق لتصدير الغاز، ووضع سياساته في المنطقة، والتشارك في البنى التحتية الموجودة. ويأتي إنشاء المنتدى في إطار سعي مصر للتحول لمركز إقليمي للطاقة في المنطقة في مواجهة تركيا، الأمر الذي تفسره هايتيان بقولها: “كان يوجد صراعا بين مصر وتركيا على من سيصبح مركز الطاقة، ويبدو أن مصر تفوقت على تركيا في هذا المجال، إذ استطاعت أن تستقطب إليها دول غاز شرق المتوسط، كدولة عبور لأنابيب الغاز (ترانزيت)، وهذا ما كانت تسعى إليه أنقرة”.(25)
وتمتلك مصر عدد من المقومات تؤهلها بأن تلعب دور المركز الاقليمي منها مقومات في البُنى التحتية المتعلقة بالغاز تؤهلها مقارنة بدول الجوار في شرق المتوسط للعب دور مؤثر فيما يتعلق بتفاعلات الغاز سواء عبر أنابيب نقله أو تسييله ومن خطوط الغاز خط الغاز العربي لنقل الغاز الى المشرق العربي، فضلاً عن امتلاكها محطات الاسالة في كلاً من دمياط وادكو كما أن المقومات العسكرية المصرية تمثل قوة ردع ودفاع في معادلة الصراع في شرق المتوسط كما أن صعوبة خيارات الدول الأخرى بنقل الغاز تقوي من فرص مصر كمركز اقليمي؛ فسياسيًّا تقف العوائق أمام خط غازي يمر من إسرارئيل لقبرص لتركيا ومن ثم تصديره لأوروبا، بفعل ما تشهده العلاقات القبرصية والإسرائيلية من توترات مع الجانب التركي، كما أن برود العلاقات الإسرائيلية التركية يُمثل هو الآخر عائق لإتمام مثل ذلك الاتفاق، أضف إلى ذلك التكلفة التقنية المتوقعة لخط يمر من إسرائيل إلى اليونان وقبرص ثم إلى أوروبا، كما أن محطة الإسالة التي لدى اليونان لا تملك نفس القدرات التي تحظى بها مصر (26)
فبناء خط أنابيب تحت البحر يمتــد لليونان ثم الى الأسواق الأوروبية ليس بالأمر السهل حيث ان تكلفـة توصيـل الغـاز المكلـف أساسا إلنتاجه من حقول المياه العميقة لن تُمكنه من منافسة امدادات الغــاز الروسي أومــن جهــات منتجــة أخرى، حيــث قــدرت تكلفـة خـط الأنابيب منـذ عـدة سـنوات بنحو 6.7 مليـارات دولار، بجانـب طـول فتـرة بنائـه كما أن بناء محطات للتسييل في قبرص وإســرائيل هـو بديـل مكلـف للغايـة حيث تبلغ تكلفة بناء المحطة حاليـا نحو خمسة أمثال التكلفــة التــي بنــت بهــا مصــر بين عامي 2004 و2005 وبالتالي يبقى بديل مصري حيث يتم تصدير الغاز لمصر ليسيل ويتم تصديره لأوروبا او لاي سوق آخر.
وأعلنت الشركات العاملة في حقول اسرائيل عن ابرامها اتفــاق مع شركة مصرية علــى بيــع 64 مليار متر مكعب من الغاز على مدى عشر سنوات نصفها مــن حقــل تمــار ونصفهــا مــن حقــل ليفيثــان، وتبلــغ قيمــة الصفقــة 15 مليــار دولار، وفي أكتوبر 2019 تم زيادة كميــة الغاز المتفـق على بيعها من إسـرائيل لمصر بنسـبة 35% وفي سبتمبر2019 تم توقيع اتفاق بين مصر وقبرص بنقـل الغـاز مـن حقـل أفروديت لتسييله في مصر وذلك عبر خط أنابيب تبلــغ تكلفتـه مـا يتـراوح بيـن 800 مليـون دولار الى مليار دولار تتحملها الشركات العاملة في الحقل.(27)
وفي نوفمبر 2019، سعت تركيا الى خلط الأوراق فأعلنت عما وصفته بـ”الاتفاق” مع حكومة فايز السراج في طرابلس، من أجل رسم الحدود البحرية بين البلدين في البحر الأبيض المتوسط. وأدانت مصر المجاورة الاتفاق وقالت القاهرة إنه يشكل خرقا لاتفاق الصخيرات الذي كان يفترض فيه أن يمهد لخروج الفرقاء من الأزمة وأن اتفاق الصخيرات لا يخول حكومة السراج أن توقع اتفاقيات مماثلة، كما تمثيلها مختل لأنه لا يعبر عن كافة مناطق ليبيا.
وأثار هذا الاتفاق حفيظة دول أخرى انتقدت أطماع تركيا التي حاولت ووجدت ذريعة في الورقة الليبية، ثم عززت وجودها في البلاد من خلال إرسال المرتزقة المتشددين وتقديم الدعم العسكري. وترى قبرص واليونان ان اتفاقية السراج وأنقرة ستلحق بهما ضرراً كبيراً، نظرا لوجود مشروع مع إسرائيل “مشروع خط ميد ايست” يقضي بإنجاز خط غاز إسرائيلي، يسلك مسارا يبدأ من إسرائيل ثم يعبر قبرص قبل أن يصل إلى جزيرة كريت اليونانية، أي أنه يعبر النطاق الذي تزعم تركيا أنه ضمن الحدود البحرية المشتركة مع ليبيا.(28)
ـ النزاع على الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل
تتركز الأزمة في النزاع بین لبنان وإسرائیل على جزء من البلوك رقم “9” الواقع عند خط الحدود بین البلدین وقد رفض لبنان الإتفاقیة الإسرائیلیة القبرصیة بسبب عدم موافقتها على النقطة الثلاثیة بین الدول الثلاث، والتي أدت الى الإعتداء على ما یقارب 850 كم مربع من المنطقة الإقتصادیة الخالصة الخاصة بها. واستمر مسلسل الصراع بين البلدين في 9 فبرایر 2018، عندما أعلن لبنان عن توقیع اتفاقیتین مع شركات “توتال” الفرنسیة و”إیني” الإیطالیة و”نوفاتك” الروسیة للتنقیب وإنتاج النفط والغاز في البحر في البلوك 4 والبلوك 9 الذي یقع جزء منه في المیاه المتنازع علیھا مع تل أبیب.(29)
خريطة رقم (1) توضح النزاع على الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل
Understanding the Israel-Lebanon Maritime Border Dispute
https://honestreporting.com/
والتحدي الدبلوماسي الراهن هو أن قبرص ولبنان اتفقتا على حدود بحرية تمتد جنوبا الى بقعة مصممة عليها نقطة”1″ ثم تفاوضت قبرص على خط مع اسرائيل يبدأ عند النقطة”1″ ويمتد بعيدأ الى الجنوب بيد ان اتفاقية الامم المتحدة للبحار تشير الى انه في مثل هذا الوضع فان الحدود البحرية لقبرص مع اسرائيل ولبنان سوف تتقاطع في نقطة متساوية البعد من البلدان الثلاثة والتي ستقع على نحو أحد عشرميلا جنوب النقطة”1″ حيث أن محصلة ذلك أن هناك مثلثاً بحرياً يمتد على مساحة 300 ميل وهو محل نزاع.
وأشار الصحفي الأمريكي كريستوفر في مقال على موقع “الديلي بيست” ان اسرائيل أنشأت الأسطول البحري الأكثر تقدماً تقنياً في شرق المتوسط وأن حزب الله يملك صواريخ بحرية استخدمها في الماضي عندما ضرب ناقلة بحرية اسرائيلية في حقل كاريش الذي يبعد عن المياه الاقليمية للبنان بنحو 4 كيلو مترات فقط، وقال السفير حسين هريدي المدير السابق لادارة اسرائيل في الخارجية المصرية أن نزاعات ستنشأ في منطقة الشرق الأوسط حول استغلال الثروات خاصة بين اسرائيل ولبنان لاسيما بعد ان دفع اكتشاف اسرائيل لحقل تمار الى موجة من عمليات التنقيب في شرق المتوسط والاعلان عن اكتشاف حقل داليت وليفياثان وبعثت كلاً من لبنان واسرائيل بخطابات الى الأمم المتحدة لاعلامها بالحدود البحرية لكل منهما لكن الدولتين لم تتفقا فيما بينهما على ترسيم الحدود البحرية برغم طلب الطرف اللبناني من اسرائيل ذلك.(30)
ومن الجدير بالذكر أن الصراع العربي – الإسرائيلي حاضر ويغذي من الصراع بين اسرائيل ولبنان فضلاً عن قطاع غزة. وببالرغم من توصل لبنان وقبرص في 2007 إلى رسم الخط الوسطي بين البلدين لكن لم يتم تحديد النقطة الجنوبية أو الشمالية لهذا الخط إذ كان يتطلب تحديد النقطة الجنوبية عقد اجتماع ثلاثي بين قبرص ولبنان وإسرائيل لكن بما أن لبنان في حال حرب مع إسرائيل، فلا يمكن عقد اجتماع كهذا، أما بالنسبة للنقطة الشمالية، فترفض سوريا التفاوض لرسم الحدود البحرية مع لبنان. ومن هنا اضطر لبنان إلى رسم هاتين النقطتين على بعد قليل من النقاط المفروضة للمضي قدماً في رسم الخط الوسطي مع قبرص وأودع مذكرة دبلوماسية وخرائط لحدوده البحرية مع الأمين العام للأمم المتحدة بغض النظر عن النقطتين الشمالية والجنوبية.
وأكدت الاتفاقية البحرية بين قبرص ولبنان عدم قيام أي من الطرفين بالاتفاق مع طرف ثالث دون العودة إلى الطرف الثاني للحصول على موافقته المسبقة لكن بادرت نيقوسيا لاحقاً إلى الاتفاق مع تل أبيب ورسم حدود منطقتها الاقتصادية الخالصة معها دون إعلام لبنان، الأمر الذي أدى إلى وضع يد إسرائيل على مناطق مهمة بترولياً في أقصى المياه الجنوبية اللبنانية. وحاولت الولايات المتحدة لعب دور الوسيط لكن دون فائدة، إذ طالب المفاوض الأميركي شروطاً سياسية على لبنان تقديمها، الأمر الذي أدى إلى تعثر المفاوضات لرفض لبنان المطالب الأميركية.(31)
وبحسب تصريحات هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان، فإن التوقيع رسميا على عقود المناقصة في المربع “9” يعني امتلاك الحق في بدء أعمال التنقيب داخل المربعات الخمس السابق ذكرها.(32)
ويُلاحظ أن هذا الخلاف ين لبنان واسرائيل لم يتوقف عند حد التصريحات العدائية، بل وصل إلي أروقة الأمم المتحدة، في ظل العديد من الوساطات الدولية من الولايات المتحدة، وأعلن “حزب الله” على لسان “حسن نصر الله ” في 31 يناير 2018، أنهم سيتصدون لأي اعتداء على حقوق لبنان النفطية في إشارة منه لبلوك “9” والذي وصف إسرائيل بالطامع في ثروات لبنان وأرضه ومياهه متوعداً إسرائيل في حال إذا شرعت في عمليات التنقيب بالمناطق المتنازع عليها، كما يأتي هذا التوتر في ظل احتماليه كبيرة لتزويد إيران بالصواريخ لحزب الله.
وعلى الجانب الآخر وصف وزير الدفاع الاسرائيلي “أفيجدور ليبرمان” خطوة الحكومة اللبنانية بمنح تحالف شركات عالمي امتياز التنقيب عن النفط والغاز في مياهها الاقتصادية بالاستفزازية للغاية” وقد يكون من المرجح تطور الأمر للنزاع المسلح كما حدث في حرب لبنان 2006، خاصة في ظل غياب اتفاقيات لترسيم الحدود وعدم وجود تراخيص بالبحث والتنقيب في هذه المنطقة.(33)
محور القطاع اسرائيل
بنظرة تاريخية نعود للعام 1999 حقل (غزة مارين) حيث وفي ظروف غامضة، ودون طرح مناقصة، ولا تصديق من المجلس التشريعي، منحت السلطة الفلسطينية شركة “بريتش غاز” البريطانية الحق المنفرد والحصري في الاستكشاف والتنقيب والتسويق لأيّ مصادر طبيعية في بحر غزة، مع منحها النسبة الأكبر من العائدات، بينما يوزع الباقي على شركة اتحاد المقاولين المملوكة لفلسطينيين بنسبة30% وصندوق الاستثمار الفلسطيني.
وتفيد المعلومات أن (غزّة مارين) يبتعد عن شواطئ غزّة فقط 36 كيلومتر، وبعمق 650 مترًا، ويقع ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية، ويحتوي كمّيات تجارية وفيرة، تتجاوز الـ 30 مليار متر مكعب، هذا فضلاً عن حقل (ماري- بي)، والواقع على الحدود البحرية مع دولة الإسرائيلي، والذي استولت عليه واستنفذت مخزونه، وقد كان يحتوي كمّية من الغاز تكفي الفلسطينيين وحدهم لمدّة 15 عامًا.
في حين سبق الفلسطينيون غيرهم في اكتشاف حقول الغاز في شرق المتوسط، ممّا نبّه “إسرائيل” للثروات الكامنة فيه، والتي اكتشفت بدورها حقول غاز أخرى بكميات تجارية جاء بعد اكتشافات عديدة للحقول التي بدأت في يناير 2009، والمتعلقة بحقل “تمار” الذي يعد ثاني أكبر حقل غاز في منطقة شرق المتوسط والذي يبلغ المخزون الاحتياطي له ما يقارب 7.9 تريليونات قدم مكعب من الغاز ويبعد 90كم عن شواطئ شمال إسرائيل. (34)
كما شهدت إسرائيل العديد من الاكتشافات الأخرى مثل حقل “داليت” يبعد 60كم غربًا عن مدينة حيفا، والذي يبلغ احتياطيه ما بين 35.0 و5.0 تريليون قدم مكعب الا أن العام 2012 كان أهم اكتشافين بالنسبة لإسرائيل، حقلي “تانين” أو خزان التمساح وحقل “ليفياثان” ويبلغ احتياطي الحقلين 2.18 تريليون قدم مكعب من الغاز. (35)
والوضع الآن غزة تعاني من نقص مستمر في إمدادات الطاقة منذ عام 2006، بالإضافة إلى ان إمدادات الطاقة من مصر حالياً منقطعة؛ تحتاج غزة إلى حوالي 560 ميغاواط، وحالياً لا تتوفر سوى حوالي 200 ميغاواط ومن هنا يكون أول سبيل لتأمين إمدادات الطاقة إلى غزة هو زيادة إمدادات الكهرباء من إسرائيل، وهذا يعني بناء خط الجهد العالي، ليحل محل خطوط الجهد المتوسط القائمة، والذي من شأنه أن يخفض التعريفات الجمركية، مشيراً إلى أنه تم مناقشة هذا المشروع مع الإسرائيليين لفترة طويلة لكنهم يستمرون في تأجيله. وكذلك تحويل محطة توليد الكهرباء من الوقود الثقيل إلى الغاز الطبيعي، وترميم خطوط الكهرباء مع مصر، والاستثمارات في زيادة الطاقة المتجددة، هي من الأولويات الأخرى التي تتم مناقشتها الآن.
يذكر أن السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية جزءاً من منتدى غاز شرق المتوسط الذي يتخذ من مصر مقرا له، وهي منظمة تركز على الطاقة وبالتالي فإن هناك مجال كبير للتعاون بين الإسرائيليين والفلسطينيين في المنتدى، حيث سيجلس الاثنان الى نفس الطاولة، بالإضافة للتعاون مع مصر الداعم الأول للقضية خاصة بعد ضعف الدور التركي نتيجة رغبة القوى الإقليمية والدولية في استبعاد تركيا من المشهد. (36)
يتضح ممّا سبق الدور الاستراتيجي بالغ الأهميّة لمنتدى غاز شرق المتوسط في معادلة الطاقة في العالم، وخطورته في الوقت نفسه بترسيخ واقع قبليّ يُفرض على كل من يريد الانضمام إليه، بما في ذلك دول تعادي “إسرائيل” كسوريا ولبنان، وفي وظيفته الرامية إلى قطع الطريق على تركيا لتكون فاعلاً مهمّا في سوق الطاقة.
النصيب السوري من ثروة شرق المتوسط
ولا يمكن فهم النصيب السوري بمعزل عن الدور الروسي في المنطقة وكذلك التواجد على الأرض، فروسيا تسيطر على الساحل السوري وبالتالي سوريا خارج المعادلة حتى الآن، وزمام المبادرة بيد روسيا من هذه الناحية
وقدرت الهيئة الجيولوجية الأميركية احتياطيات سوريا من الغاز الطبيعي في البحر المتوسط بـ 700 مليار متر مكعب، في حين أن إجمالي الاحتياطيات السورية من الغاز بعد إضافة العديد من الاكتشافات الجديدة بلغ 28 تريليون متر مكعب، وتوقع مركز فيريل للدراسات في برلين، أن تحتل سوريا المركز الثالث عالمياً في إنتاج الغاز فيما لو تمكنت من رفع قدرتها الإنتاجية إلى حدها الأقصى. (37)
وكذلك سوريا لم توقع على القانون الدولي للبحار، وعام 2011 عندما اندلعت الثورة كان الأمر شرق المتوسط يتبلور وبالتالي هي خارج الصراع وخارج ترسيم الحدود، لتبقى المبادرة بيد روسيا، فإذا أرادت سوريا الترسيم عليها أن تتعامل مع تركيا، وقبرص ولبنان وهناك مشكلات سياسية لبنانية – سورية وتركية – سورية مع نظام الأسد.
أطراف دولية أخرى فاعلة في معادلة شرق المتوسط :
تدير عمليات التنقيب في شرق المتوسط شركات إيطالية وفرنسية وأمريكية وروسية، وهذا ما يضع دول هذه الشركات داخل دائرة التنافس الاقتصادي على الآبار المكتشفة، كما يسعى الاتحاد الأوروبي كذلك إلى تعزيز أمن الطاقة عبر تنويع مصادر الواردات وطرق التوريد، إذ يُسهم غاز شرق المتوسط في تخفيف الاعتماد شبه الكلي لدول شرق وجنوب أوروبا على روسيا، ولهذا يحرص الاتحاد على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المنطقة كما يهتم بمصالح الدول الأعضاء كقبرص واليونان. موسكو أيضا حاضرة في هذا الملف من خلال شركات التنقيب في حالة لبنان، وتقديم التمويل المالي لقبرص واليونان، والوجود العسكري والاتفاقات الثنائية مع سوريا.(38)
خريطة رقم (2) توضح حقول الغاز المكتشفة وأهم شركات الاستخراج
وحاولت تركيا مواجهة الدعم الأوروبي والأمريكي لمشاريع تعاون الغاز بالمنطقة من خلال التقارب مع المحور الإيراني الروسي، وإرسال سفن للحفر والتنقيب بالمنطقة الاقتصادية الخالصة لتركيا فضلاً عن ذلك عقدت أنقرة اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الليبية، والذي من شأنه أن يقطع الطريق أمام تنفيذ خط أنابيب “ميد إيست”، حيث ضم الترسيم الجديد بعض الجزر اليونانية إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة لتركيا والتي سيمر بها الخط، وعليه ضمناً لا يمكن تنفيذ الخط من دون الحصول على موافقة تركيا.(39)
وعلى مدى سنوات من الخلافات بين تركيا وفرنسا، فقد دفعت تلك الخلافات فرنسا بأن تقف موقف المساند لليونان عارضة المساعدة العسكرية، فضلاً عن المشاركة في مناورات اليونان بجزيرة كريت، وطالبت بتطبيق عقوبات على تركيا عبر اجتماع برلين لوزراء الخارجية الاوربيين، لكن المانيا افشلت ذلك ويشار إلى أنه كادت ان تصل العلاقات بين البلدين الى احتكاك عسكري بين القوات البحرية في شرق المتوسط قبالة الشواطئ الليبية، وتحديدا في العاشر من يونيو 2020 وقد سلط هذا الحادث الضوء على الانقسامات داخل حلف الناتو الذي وقف أمام نزاع بين اثنين من أكبر أعضائه.(40)
والتصعيد الحالي بين تركيا من جهة وقبرص واليونان من جهة أخرى قد يتحول الى صراع متعدد الجنسيات، فقد أرسلت فرنسا سفنا حربية إلى المياه المتنازع عليها ووعدت بالمزيد وذلك في استعراض الدعم القوي لليونان ضد تركيا، كما أعربت مصر وإسرائيل، اللتان تجريان تدريبات عسكرية مشتركة مع اليونان، عن تضامنهما مع أثينا.
فقد حولت موارد الغاز الطبيعي البحرية منطقة شرق المتوسط إلى ساحة استراتيجية وقد لعبت إيطاليا وفرنسا دورًا أساسيًا في ذلك من خلال شركاتها الأمر الذي جعل العلاقة المعقدة بالفعل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا أكثر عدائية. وفي عام 2018 وجهت شركة الطاقة الفرنسية العملاقة توتال، ثالث أكبر شركة في الاتحاد الأوروبي من حيث الإيرادات، ضربة أخرى لتركيا من خلال الشراكة مع إيني في جميع عمليات تطوير الغاز للشركة الإيطالية في قبرص.
ومع كل إجراء تركي، اكتسبت الجبهة المصرية-الإسرائيلية-القبرصية-اليونانية دعمًا عسكريًا من فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، ولكل منها استثمارات اقتصادية كبيرة في غاز شرق البحر المتوسط، وبالنسبة لتركيا، فإن دعم حلفائها في الناتو لهذه المجموعة هو خيانة، وتعتره بمثابة سياسة احتواء لا يمكن أن تتسامح معها. كما أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنه أجرى محادثة مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو حول الحاجة الملحة للحد من التوتر في شرق المتوسط،.ومع وجود فرنسا ومصر في صراع مفتوح بالفعل مع تركيا على الساحة الليبية، يخشى المراقبون من أن أي تصعيد إضافي في شرق المتوسط يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب أوروبية شرق أوسطي. (41)
كما أن الولايات المتحدة رفعت حظر الأسلحة إلى قبرص نهاية العام الماضي، وقبل بضعة أشهر تم تسيير سفن حربية أمريكية في المنطقة، لتنسحب بعدها سفينة التنقيب “ريس عروج” من هناك كما أن شركة إكسون-موبيل الأمريكية تنشط في المنطقة.(42)
وتطالب أنقرة بأن يكون موقف واشنطن محايداً، وتجدر الاشارة الى ان تصريحات المسؤولين بالخارجية الأمريكية تقول إن التوتر الذي شهدته المنطقة كان «مقلقاً» وإنهم استقبلوا نبأ استئناف المباحثات في 22 سبتمبر بترحيب، لأن إنهاء الصراع بين حليفَي الناتو تركيا واليونان له «أهمية كبيرة»، ولكن اذا نظرنا بداية من كثافة زيارات المسؤولين السياسيين والعسكريين الأمريكيين إلى اليونان وقبرص، ومروراً بإجراء مناورات عسكرية مع اليونان بالدبابات الأمريكية على الحدود اليونانية ـ التركية، فضلاً عن إجراء مناورات مع قبرص الجنوبية، وقبلها رفع حظر تزويدها بالأسلحة الأمريكية، ووصولاً بانتقاد أمريكا للسياسة التركية في شرق المتوسط، كل ذلك مدعاة لمخاوف تركيا من الموقف الأمريكي بشأن الصراع مع قبرص واليونان. فاستجابة تركيا بالبدء بالمباحثات السلمية قد أرضى الوساطة الأوروبية الألمانية والإيطالية والإسبانية، لكنه ربما أغضب أمريكا بدليل وعدها لليونان بتقديم دعم عسكري، وكأن التصريحات الأمريكية تعاكس التصرفات العملية على الأرض.(43)
وما يفسر هذه المواقف الأمريكية هي مصالح أمريكا في هذة المنطقة وفي مقدمتها وجود إسرائيل من بين الدول الفاعلة في شرق المتوسط كذلك أمنها، حيث تضغط اللوبيات العاملة في الولايات المتحدة لصالح إسرائيل، ثم الشركات الأمريكية العاملة في مجالات الغاز فضلاً عن ارتباط أمريكا بحليفها استراتيجي الاتحاد الأوروبي والتي تسعى معه لتخفيف اعتماده على الغاز الروسي وارتبط ذلك بمتابعة الولايات المتحدة لتطور الوجود الروسي في الشرق الأوسط وعليه فالولايات المتحدة تعمل من خلال سياستها في شرق المتوسط إلى خلق بيئة أكثر استقراراً لها ولحلفائها فليس من مصلحتها اثارة صراع جديد في ظل صراعات قديمة فالعلاقات الإسرائيلية – اللبنانية والفلسطينية تجعلها بحاجة للتدخل لضبط احتمالات تطور الصراع على الغاز حتى لا يصل إلى مستوى المواجهة العسكرية، كذلك الأمر بالنسبة للتفاعلات القبرصية – التركية.(44)
أما ألمانيا فهى تحاول الوصول إلى اتفاق متوازن بين تركيا واليونان فهي تبدو متفهمة لمطالب تركيا بالحصول على حصة في الموارد النفطية البحرية وبحسب تقارير فقد تعهد أردوغان لميركل بأن تخفف أنقرة من حدة موقفها في الأزمة خلال الأيام المقبلة. ولم يتفق قادة الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات جديدة على أنقرة، لتضاف إلى العقوبات التي تم فرضها سابقاً عليها رداً على الحفر قبالة سواحل قبرص على الأقل في الوقت الراهن.(45)
الدور الروسي في شرق المتوسط :
تسعى روسيا للقيام بدور كبير في منطقة شرق المتوسط لتستطيع من خلال ذلك الدور الاستفادة من الثروات المكتشفة في منطقة شرق المتوسط ، و الدور الروسي في شرق المتوسط مرتبط بالدور الذي تقوم به روسيا في الشرق الأوسط ، فدور روسيا في الشرق الأوسط خاصة في سوريا أكسبها المزيد من النفوذ في ملفات عديدة و منها ملف شرق المتوسط تلك المنطقة التي باتت تحظى باهتمام كبير بسبب اكتشاف كميات كبيرة من الغاز الطبيعي بها ، فذلك من أحد الأسباب الهامة التي جعلت روسيا تتدخل في الأزمة السورية ، فالتواجد الروسي في ميناء طرطوس البحري الذي يطل على البحر المتوسط ما هو إلا تكريس للصراع على موارد الطاقة المكتشفة في شرق المتوسط ، كما وقعت روسيا وسوريا اتفاقية في ديسمبر 2014 ، بالتنقيب والحفر بالقرب من الساحل السوري، وهو ما يعكس رغبتها في السيطرة على حوض الغاز المكتشف في شرق المتوسط و بما أن منطقة شرق المتوسط أصبح من أغنى مناطق العالم بالغاز الطبيعي فذلك يفسر أن ملف الطاقة هو أحد أسباب تمسك روسيا بالتواجد في سوريا. (46)
خريطة (4) و هي توضح موقع ميناء طرطوس البحري
المصدر : بي بي سي على الرابط التالي :
فموسكو تولي أهمية كبيرة لملف الطاقة ذلك أن صادرات روسيا من الغاز الطبيعي كبيرة جدا و يعتمد عليها الجانب الأوروبي بشكل كبير للحصول على إمداداته من الغاز الطبيعي ، وفي ظل الترجيحات بتزايد ثروات شرق المتوسط من الغاز الطبيعي بشكل قد يغير من خريطة إمدادات الطاقة على المستويين الإقليمي و العالمي ، فقامت روسيا باستهداف زيادة حجم استثماراتها في حقول الغاز المصرية حيث أعلنت شركة ( روسنفت) الروسية في يناير 2018 م اكتمال صفقة استحواذها على 30% من امتياز حقل شروق المصري ، و ذلك نتيجة لأن الطاقة تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا حيث أنها تصدر الغاز الطبيعي بكميات كبير لدول الاتحاد الأوروبي مما يعزز من مكانة روسيا و يعطيها ورقة ضغط في علاقتها أمام الاتحاد الأوروبي و ذلك لأن الاتحاد الأوروبي يعتمد على روسيا في الحصول على الغاز الطبيعي (47).
قامت روسيا بالعديد من التحركات في منطقة شرق المتوسط لمحاولة الاستفادة من الموارد المكتشفه فيه مما دفع روسيا للانخراط في مشروعات التنقيب عن الغاز الطبيعي و على ذلك قامت بالعديد من المشاريع و منها :
محاولة روسيا بإقامة مشاريع للتنقيب عن الغاز و التعاون في مجال الطاقة مع دولة لبنان حيث أعلنت أربع شركات روسية عن اهتمامهم بالاستثمار في 10 بلوكات يقعون في المنطقة الاقتصادية الخالصة لدولة لبنان ، كما أعلن جبران باسيل خلال زيارته لموسكو عام 2013 م أن لبنان وقعت مذكرة تعاون في مجال الطاقة مع روسيا و بموجب تلك الاتفاقية تقوم روسيا بأعمال التنقيب قبالة السواحل اللبنانية ، كما أن روسيا قامت بخطوات مشابهه مع سوريا و ذلك في سبيل تعزيز تحركاتها في شرق المتوسط حيث قامت روسيا عام 2013م من خلال مجموعة ( سيوز نفتاغاز) بتوقيع اتفاقية مع سوريا تقوم روسيا بموجب تلك الاتفاقية بالقيام بأعمال التنقيب في بلوك 2 و ذلك لمدة 25 عام باستثمارات تقدر بمبلغ 90 مليون دولار ، هذا إلى جانب محاولات من جانب روسيا للاستثمار في حقول الغاز المصرية حيث أعلنت شركة ( روسنفت) الروسية في يناير 2018 م اكتمال صفقة استحواذها على 30% من امتياز حقل شروق المصري (48).
فالتواجد الروسي في شرق المتوسط يمكن أن نذكر له عدة أسباب فمنها على سبيل المثال :
أ / استمرار روسيا في أن تكون أكبر مصدرين الغاز لأوروبا حيث :
ظهر غاز شرق المتوسط أمام أوروبا كبديل للغاز الروسي و ذلك لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي و هو ما عبر عنه الجانب الأوروبي ، فالجانب الأوروبي عبر عن رغبته في تنويع مصادر الطاقة لتقليل الاعتماد على روسيا و هو ما يثير روسيا و جعلها تتحرك في منطقة شرق المتوسط في مجال الاستثمار في مشاريع الغاز الطبيعي مما يجعلها تضمن استمرارها كأكبر مصدرين الغاز لدول الاتحاد الأوروبي و مما يجعلها تضمن التحكم في أسعار الغاز الطبيعي .
ب/ أن التحركات الروسية في منطقة شرق المتوسط في مجال الاستثمار في مشاريع الغاز الطبيعي تساعدها على توطيد نفوذها في شرق المتوسط بل و في منطقة الشرق الأوسط أيضا ذلك لأن روسيا تدرك أن المصالح الاقتصادية المشتركة أصبحت تمثل عامل مهم في التحالفات حيث أن تلك المصالح الاقتصادية تخلق تحالفات مصلحية أقوى من غيرها مما يساعدها على زيادة نفوذها في شرق المتوسط بل و منطقة الشرق الأوسط (49)
ـ رؤية مستقبلية للصراع في شرق المتوسط :
تتفق أغلب التقديرات على صعوبة التنبؤ بشكل حاسم بما ستئول إليه حالة الأمن في منطقة شرق المتوسط، في ظل حالة السيولة الأمنية الراهنة في شرق المتوسط وبالنظر إلى أن أغلب الحالات لا تزال غير مستقرة، ولا يمكن الرهان على احتمالات الاستقرار التي تبدو أقل من احتمالات تفجر مزيد من الصراعات على الأقل في المدى القريب زمنيًّا وهناك ثلاثة سيناريوهات قد تؤول اليها الصراع في منطقة شرق المتوسط :
– سيناريو تشكيل وبناء علاقات متعددة الأطراف :
سيناريو يشمل صيغة الاستقرار والتعاون بين بعض القوى في مقابل قوى مضادة نتيجة تعارض مصالح الطرفين ولا يفضل أصحاب هذا الاتجاه أن يُطلق على هذا النمط من العلاقات البينية تحالفات بشكل مطلق، وإنما علاقات متعددة الأطراف، لا سيما وأن هناك تحديات تتعلق بالمتطلبات الاستراتيجية لبناء تحالفات، ومنها عدم وجود تطابق كامل في الرؤى تجاه العديد من القضايا (50(
ومن هنا تسعى أنقرة لاستدراج الشركاء الغازيين في شرق المتوسط الى طاولة الحوار عبر ضغط ارسال سفن الحفر بمرافقة بواخر حربية قبالة قبرص وبعض الجزر اليونانية، في مهمات استطلاعية (51) وبالتالي من الممكن أن تكون تركيا لا تنوي الدخول في معركة عسكرية خاسرة مع جيرانها بل تلوح بهذة المناوشات من أجل تحسين شروط التفاوض مع دول المنطقة لتكون جزء وشريك في هذا المشروع.
ومن ثم يفترض هذا السيناريو استمرار تركيا في انتهاج سياساتها التصعيدية وخلق تحالفاتها الخاصة، وبالتالي فأنه وفي ظل وجود منتدى شرق المتوسط والذي تسانده الولايات المتحدة الأمريكية والذي يضم كلاً من (مصر، وفلسطين، والأردن، وإسرائيل، وقبرص، واليونان، وإيطاليا) ويُلاحَظ عدم دعوة تركيا وروسيا للمشاركة فيه فنستطيع أن نقول أن هذا المنتدى يمثل محور يمكن أن يقابله محور آخر تسعى تركيا لتشكيله وذلك بجذب لبنان الى هذا المحورخصوصاً أن لبنان لم ينضم للمنتدى كما أنه قد لا يستطيع التوصل الى تسوية ضامنة لحقه في بلوك 9 المتنازع عليه مع اسرائيل كما أن هناك احتمال بأن تنضم فلسطين الى هذا المحور فالبرغم من وجود فلسطين في منتدى المتوسط الا أنها لا تسطيع حتى الآن استغلال ثرواتها فضلاً عن صعوبة ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل على الأقل في الأجل القصير وأخيراً
دولة ايران من الممكن أن تنضم للمحور التركي باعتبارها دولة منتجة للطاقة وبالتالي من مصلحتها الحفاظ على حصتها في الأسواق العالمية كما ان ايران دولة داعمة لحزب الله اللبناني مما يجعلها قد تكون جزء من هذا المحور.
– سيناريو التوافق :
ويفترض هذا السيناريو إمكانية التوافق بين دول المنطقة حول ترسيم الحدود البحرية وفق قواعد القانون الدولي وفي ضوء اتفاقية الأمم المتحدة للبحار وذلك من خلال أدوار ايجابية لأي من الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة أو وساطة أمريكية أوتحكيم دولي. كما أن اعلان أردوغان عن اكتشاف حقل ضخم للغاز في البحر الأسود، ويحتوي على 320 مليار متر مكعب من الغاز.
وبافتراض صحة هذا الاكتشاف ستتغير بشكل طفيف قواعد المعادلة فى شرق المتوسط، إذ يطمئن هذا أنقرة أن لديها موارد طبيعية بعيدة عن منطقة شرق المتوسط وبالتالي قد يخفف ذلك من سياساتها العدائية، لكنه من الصعب التحقق من صحة هذا الكشف لأنه تم من قبل شركة النفط الوطنية التركية TPAO (52)
فقد يكون هناك دور دولي قادر على إقناع تركيا بضرورة الكف عن مساعيها للتملص من الاتفاقيات الدولية التي وقعتها في الماضي، وبالتوقف عن مساعيها لتوسيع نفوذها في المنطقة، من أجل إنهاء حالة التوتر والتوجه إلى التهدئة، بما يساعد على الاستفادة من ثروات المنطقة، خاصة أن جميع الأطراف الدولية في حاجة إلى ذلك؛ فاليونان تحرص على الاستفادة من هذه الثروات للتغلب على مصاعبها الاقتصادية المتواصلة، وتسعى دول مثل مصر إلى تعظيم دورها كمركز إقليمي للغاز، في حين تريد واشنطن حصول شركات أمريكية على حقوق التنقيب في المنطقة. أما أوروبا فتسعى إلى تخفيف الضغط الروسي عليها بورقة الغاز، ومحاولاتها تنويع إمدادات الطاقة، وترى أن وجود مركز جديد لتصدير الغاز في شرق المتوسط أمراً جاذباً لها، وقد تجد تركيا صيغة تستطيع من خلالها الاستفادة من حالة الهدوء والاستقرار التي ستعم المنطقة.(53(
كما أن تركيا قد واجهت ضغوط اقليمية ودولية كثيرة في الفترة الأخيرة، إلا أن هذا الافتراض يواجه الكثير من التحديات في ظل السياسة التركية الهادفة إلى تجاوز أي قوانين.
– سيناريو التصعيد والمواجهة العسكرية :
تحول شرق المتوسط إلى ساحة مواجهة جديدة لعدد من الأطراف الدولية والإقليمية بسبب حقول الغاز وبالتالي يفترض هذا السيناريو احتمال حدوث تصعيد ما بين العقوبات الاقتصادية والسياسية والمناوشات العسكرية إلى أن يصل حد المواجهة العسكرية المباشرة بين بعض الدول المطلة على البحر المتوسط، وأحد أهم المواجهات المحتملة ستكون بين تركيا واليونان من جهة، وبين لبنان وإسرائيل من جهة أخرى خصوصاً أن سابقاً كان التنافس الاستعماري على النفط ينحصر بين الدول الكبرى أما الآن وفي ظل اقتصاد السوق ترى الشركات العالمية صاحبة الثروات التي تضاهي ثروات الدول، هي الأخرى لها دورفي ميدان التنافس وإن كانت تقف خلف دول باحثة عن النفوذ والسيطرة، وهو موضوع يزيد من تعقيد الصراع (54(
وما قد يزيد من حدة الصراع في شرق المتوسط أنه ليس وحده المؤثر في طبيعة العلاقات المتوترة بين دول المنطقة بل يغذيه جذور للصراع تاريخية كالصراع العربي الاسرائيلي في حالة لبنان واسرائيل ومشكلة جزيرة قبرص أيضاً حاضرة في حالة تركيا واليونان ونجد أن الخلاف المصري التركي حول دعم تركيا لجماعات الاسلام السياسي التي تهدد الأمن القومي المصري له دور ومن ثم فإن الخلافات السياسية القديمة بالأساس تلعب دورًا في زيادة حدة الصراعات.
فضلاً عن ارتفاع مؤشرات العسكره التواجد العسكري الأمريكي والروسي”طرطوس وحميميم” والتسلح المصري والمناورات العسكرية المتكررة بين دول المنطقة واستمرار التحرشات التركية في المياة القبرصية وما يقابله من تصعيد فرنسي.
كما أن ما قد يدفع الى استمرار التصعيد التركي للحد الذي قد يصل للصدام المسلح مع جيرانها، هي حاجة أنقرة الماسة للطاقة فقد بلغت قيمة وارداتها من الهيدروكربونات ما يقرب من 45 مليار دولار عام 2018، الأمر الذي امتدت تأثيراته على الاقتصاد التركي لكونه يمثل ضغطًا على الميزانية بالتزامن مع تراجع قيمة الليرة التركية كما قد يتسمر ذلك التصعيد التركي مع الرغبة المستمرة في أن تكون مركزًا إقليميًا للطاقة.(55( ومن الجدير بالذكر أن هذا السيناريو يواجه تحديات أهمها التكلفة العالية لاستخدام القوة المسلحة في البيئة الدولية وهو ما يمثل قيد على دول المنطقة.
خاتمــــــــة
ان منطقة الشرق الأوسط وما بها من صراعات متشابكة ومصالح كما الصراعات ، تفتح ذراعيها من جديد لاستضافة المزيد، وذلك بعد اكتشاف الثروات الجديدة في شرق المتوسط، كنا قد عرضنا في دراستنا للأهمية الاقتصادية لهذه الاكتشافات وكذلك الأهمية الاستراتيجية للمنطقة، ثم الانتقال لعرض موقف أربعة من أطراف المعادلة بشكل مباشر وهم مصر وقبرص وقطاع غزة وإسرائيل، ثم الانتقال لعرض باقي الأطراف تباعا من خلل استعراض محاور الصراع في المنطقة، فتم عرض الطرف التركي في محاور الصراع مع قبرص ومصر واليونان، وكذلك الإشارة الى جذور الصراعات التي تعود لصفحات تاريخ من التوتر في العلاقات خاصة بين تركيا وقبرص واليونان ثم دخول الطرف المصري مؤخرا الى هذا الصراع، وكيف ان الصراعات في هذه المحاور تزيد من حدتها اختلاف الأيدولوجيات بين الأطراف من قبل الاكتشافات الجديدة.
وكذلك الطرف الإسرائيلي من خلال محاور الصراع مع لبنان وقطاع غزة، وهو كذلك صراع ذو تاريخ طويل في المنطقة وتعتبر القضية الأم في صراعات الشرق الأوسط التي مازالت محل حديث وجدال،
وأيضا النصيب السوري من الثروات الجديدة وهو ما فتح باب لاستعراض دور الأطراف الدولية التي كان لها حضور قوي في هذا الملف وخاصة الدور الروسي وحضوره القوي في سوريا، ومحور روسيا مع إيران، ودخول الولايات المتحدة وفرنسا الى ساحة الصراع وكذلك المانيا وإيطاليا، وميلاد فاعلين جدد وهنا نشير الى منتدى غاز شرق المتوسط والذي يمثل محور قوي في أطراف المعادلة وسعي القائمين عليه لتحويله لمنظمة.
ثم توجه البحث بتقديم سيناريوهات لمستقبل صراع شرق المتوسط وذلك على الرغم من صعوبة التنبؤ في هكذا ملف يغذيه كل يوم المزيد من الاحداث والقرارات من الأطراف الفاعلين او حتي تأثير الأطراف الدولية، فتم وضع سيناريو في حالة تشكيل وبناء علاقات متعددة الأطراف، وسيناريو آخر في التوقع بالتوافق بين الأطراف، أخير خاص بحالة المزيد من الخلافات والتصعيد وصولا لاستخدام القوة المسلحة.
ان ظهور هذه الاكتشافات في هكذا منطقة مؤججة بالصراعات وتوتر العلاقات والمحاور المتداخلة من شأنه أن يجعل من المنطقة “بلقان” جديدة، فهذه المنطقة اليوم وبعد وصل القوى القارية كفاعلين فيها قادرة أن تشعل توتر الجماعة الدولية من جديد، وقادرة على إعطاء مفاهيم جديدة في عالم السياسة.
فلا تتحمل صراعات المنطقة المزيد من الوقت ولا تقبل فحوى السيناريوهات المتوقعة الكثير من الخيارات، فإما الجلوس على طاولة المفاوضات وتقديم التنازلات من جميع الأطراف من أجل تصفية القضايا القديمة والتوجه نحو استغلال الثروات الجديدة وفتح باب التنمية، وإما المزيد من التوتر والوصول الى حافة هاوية قد تكون في صورة سلسلة حروب مباشرة وبالوكالة لن يروح ضحيتها ولن يتحمل تكلفتها إلا الشعوب التي تدمر مواردها وبلدانها وتهجر أوطانها، الى شعوب أخرى تقتسمها مواردها وتعارضها أفكارها وتفسد المجتمعات ويظهر المزيد من الإرهاب.
ـ المراجع :
1ـ ” التنافس المحموم حول غاز شرق المتوسط ينذر بتفجر صراعات مسلحة ” مركز الإمارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية
https://www.ecssr.ae/reports_analysis/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D9%85-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%
2ـ ورقة موقف مقدمة من معهد الأبحاث التطبيقية القدس ( أريج ) بعنوان الغاز الطبيعي الفلسطيني
http://www.arij.org/files/admin/2008/palestinian%20natural%20gas.pdf
3ـ خالد حماده، ” تطوير غاز شرق المتوسط التحديات والإمكانيات المتاحة”, المركز الإقليمي للدراسات و الاستشارات
4ـ كنز المتوسط صراعات على الاحتياطيات
https://www.skynewsarabia.com/business/1018534-%D9%83%D9%86%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%94%D8%AC%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A7%D8%
5ـ البدء بضخ الغاز من حقل لفيتان قبالة سواحل حيفا
https://www.france24.com/ar/20191231-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A1-%D8%A8%D8%B6%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D9%82%D9%84-%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D9%82%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%B3%D9%88%D8%A7%D8%AD%D9%84-%D8%AD%D9%8A%D9%81%D8%A7
(6) سايمون هندرسون، “اكتشاف حقل غاز في قبرص يمكن أن يغير قواعد اللعبة في شرق المتوسط “، معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط
7/ ماذا تعرف عن حقل ظهر في مصر ؟
https://www.bbc.com/arabic/in-depth-42911698
8/ معلومات هامة حول حقل أتول للغاز الطبيعي في مصر
https://arabic.rt.com/business/913857-%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%AD%D9
(9) مصطفى صلاح، ” تصاعد التهديد .. مستقبل الصراع على غاز شرق المتوسط”، المركز العربي للبحوث والدراسات.
(10) احمد جاسم إبراهيم حميد، “القضية القبرصية و الصراع التركي اليوناني في ظل الموقف الدولي (1960\1994)، مجلة جامعة بابل للدراسات الحضارية و الإنسانية مجلد 6 العدد 1 مركز بابل للدراسات الحضارية و التاريخية جامعة بابل
http://www.uobabylon.edu.iq/publications/bchc_edition12/civil12_5.doc
(11) أية عبدالعزيز، “التنافس التركي اليوناني و الصراع الجيوسياسي على منابع الطاقة في شرق المتوسط و بحر إيجة”، الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية و الاستراتيجية
https://www.politics-dz.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A/
(12) “الصراع التركي اليوناني في شرق البحر المتوسط هو فراغ خلفه ترامب أكثر منه نزاع على الغاز”، مركز فنك الإعلامي
https://fanack.com/ar/turkey-greece-conflict-in-eastern-mediterranean/
(13) خالد فؤاد، ” ترسيم الحدود البحرية و المصالح الاستراتيجية المصرية”، المركز المصري للدراسات
https://eipss-eg.org/%D8%AA%D8%B1%D8%B3%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9/
(14) مرجع سبق ذكره، الصراع التركي اليوناني في شرق البحر المتوسط هو فراغ خلفه ترامب أكثر منه نزاع على الغاز، مركز فنك الإعلامي
(15) مصطفى صلاح، “شرق المتوسط و مستقبل الصراع الإقليمي”، مركز الحوكمة و بناء السلام صنعاء اليمن
https://www.mena-acdp.com/wp-content/uploads/2018/08/%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D9%88%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A.pdf
(16) أحمد زكريا الباسوسي، “تأثير تهديد أمن الطاقة على الصراع الدولي على الغاز الطبيعي” دراسة حالة منطقة شرق المتوسط، رسالة دكتوراة كلية الاقتصاد و العلوم السياسية جامعة القاهرة
(17) مرجع سبق ذكره، مصطفى صلاح، ” شرق المتوسط و مستقبل الصراع الإقليمي”، مركز الحوكمة و بناء السلام صنعاء اليمن
(18) صابرين طلعت القيسي، “أثر مخزون غاز شرق المتوسط على القضية الفلسطينية”، مركزبال ثينك للدراسات الاستراتيجية .
http://palthink.org/2017/05/1556/
(19) مرجع سبق ذكره، مصطفى صلاح، “شرق المتوسط و مستقبل الصراع الإقليمي”، مركز الحوكمة و بناء السلام صنعاء اليمن
(20) اليونان و أزمة شرق المتوسط https://www.alquds.co.uk/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7/
(21) مرجع سبق ذكره، مصطفى صلاح، ” شرق المتوسط و مستقبل الصراع الإقليمي”، مركز الحوكمة و بناء السلام صنعاء اليمن.
(22) شرق المتوسط: هل هناك احتمال لنشوب حرب في المنطقة من أجل الغاز والنفط ؟
https://www.bbc.com/arabic/middleeast-53897922
(23) بلال سلايمة، “الصراع على الطاقة في شرق المتوسِّط بين الاقتصادي والسياسي”، منتدى السياسات العربية.
(24) Gas finds in Eastern Mediterranean spark partnership between Israel, Palestinian territories and rival nations
(25) غاز شرق المتوسط.. “بخطوة واحدة” مصر تحسم صراع الـ 1%
(26) أحمد خليفه، موقع مصر في التفاعلات الإقليمية الغازية بعد اكتشافات شرق المتوسط، مركز أركان للدرسات والأبحاث والنشر.
(27) مجدي صبحي، آمال وتحديات أمام منتدى غاز شرق المتوسط، المركز المصري
(28) شرق المتوسط.. صراع ثروات البحر وتحركات تركيا “المارقة”
(29) خالد حماده، تطویر غاز شرق المتوسط التحدیات والإمكانیات المتاحة
(30) محمد سليمان الزواوي، كتاب بعنوان ” بحر النار تصاعد محفزات الصراع شرق المتوسط “، صفحة (79 80 81 177)، مركز البيان للبحوث والدراسات الرياض
(31) وليد خدوري، الأبعاد الجيوسياسية للصراع على الغاز والنفط في شرق المتوسط
(32) المربع 9.. تفاصيل معركة الغاز بين لبنان وإسرائيل
https://al-ain.com/article/square-9-israel-lebnanon
(33) مرجع سبق ذكره، مصطفى صلاح، “غاز شرق المتوسط ومستقبل الصراع الاقليمي”، مركز الحوكمة وبناء السالم، صنعاء، اليمن.
)34) مركز رؤية للتنمية السياسية ، منتدى غاز المتوسط.. المشاركة الفلسطينية بين الحقوق و الشكوك ، مجموعة التفكير الاستراتيجي .
(35) مصطفى صلاح ، غاز شرق المتوسط و مستقبل الصراع الإقليمي ، مركز الحوكمة وبناء السلام .
https://www.mena-acdp.com/wp-content/uploads/2018/08/%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D9%88%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A.pdf
(36) ” غاز من أجل غزة ” .. مشروع حيوي في انتظار اتفاق سياسي .
(37) شرقي المتوسط ثروة تثير صراعا ما حصة سوريا ؟
(38) مرجع سبق ذكره، شرق المتوسط هل هناك احتمال لنشوب حرب في المنطقة من أجل الغاز والنفط ؟
(39) أبعاد متشابكة صراع الغاز في حوض شرق المتوسط، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة
(40) دراسة: “التصعيد التركي . اليونااني . الفرنسي في شرق المتوسط … الأسباب والأبعاد وسيناريوهات المستقبل” https://politicalstreet.org/2020/09/02/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%A7%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1/
(41) لماذا يهدد الصراع في شرق المتوسط باندلاع حرب أوروبية شرق أوسطية؟
(42) صراع الغاز في المتوسط.. أزمة تتفاقم والاتحاد الأوروبي في ورطة.
(43) تركيا اليونان .. وأمريكا في المتوسط.
(44) مرجع سبق ذكره، أحمد خليفه، موقع مصر في التفاعلات الإقليمية الغازية بعد اكتشافات شرق المتوسط، مركز أركان للدرسات والأبحاث والنشر.
(45) مرجع سبق ذكره، الصراع التركي-اليوناني في شرق البحر المتوسط هو فراغٌ خلفه ترامب أكثر منه نزاعٌ على الغاز، مركز فنك الإعلامي
(46) مرجع سبق ذكره، أبعاد متشابكة : صراع الغاز في حوض شرق المتوسط، مركزالمستقبل للدراسات و الأبحاث
(47) مرجع سبق ذكره، خالد حمادة، تطوير غاز شرق المتوسط التحديات و الإمكانيات المتاحة، المنتدى الإقليمي للدراسات والاستشارات
(48) مرجع سبق ذكره، أحمد زكريا الباسوسي، “تأثير تهديد أمن الطاقة على الصراع الدولي على الغاز الطبيعي” دراسة حالة منطقة شرق المتوسط، رسالة دكتوراة، كلية الاقتصاد و العلوم السياسية جامعة القاهرة
(49) مقال بعنوان”أبعاد الخلاف التركي اليوناني و مآلاته”، مركز الفكر الاستراتيجي
https://fikercenter.com/position-papers/%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%88%D9%85%D8%A2%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%87
(50) أحمد عليبه، ديناميكيات الأمن الجديدة في شرق المتوسط، المركز المصري
(51) غاز شرق المتوسط.. صدام أم تسوية؟
(52) https://www.bbc.com/arabic/middleeast-53897922
(53) علاء جمعة، التوترات في شرق البحر المتوسط وانعكاساتها على تركيا والمنطقة، مركز ترندز.
(54) ضياء حسون، الغاز وآفاق الصراع المستقبلي في حوض البحر المتوسط
(55) الرؤية الأمريكية لتسوية الصراع في شرق المتوسط بين الضبابية والبراجماتية، المرصد المصري.