معالم النظام الأبوي
اعداد : شادي ياسين – باحث أكاديمي مغربي، مختص في القانون العام والعلوم السياسية
- المركز الديمقراطي العربي
إن حقبة إنشاء النظام الأبوي لم تكن حدثا واحدا، بل صيرورة تطورت على مدى 2500 سنة تقريبا، من حوالي 3100 إلى 600 قبل الميلاد[1]. وقد نشأ النظام الأبوي مع ظهور تربية الماشية، حيث بدأ دور المرأة في التراجع، وأصبح الرجل القوة المنتجة الرئيسية في المجتمع. ومالك وسائل الإنتاج والماشية وبعد ذلك مالك العبيد ومن ثم أصبح رأس الجماعة. ففي ظل النظام الأبوي حل الزواج الثنائي محل الزواج الجماعي، وصار الزوج يعترف به كأب للأطفال، والزوجة والأطفال ينتمون إليه، وكانت السمة النوعية المميزة له، سيطرة الرجل في الاقتصاد وفي كل طريقة الحياة في مجتمع العشيرة.
وإن مفهوم النظام الأبوي أو البنية الأبوية، ينبثق عن نموذج الأبوية كما عهدته المجتمعات القديمة أو التقليدية السابقة لعصر الحداثة، في بناه السياسية والاجتماعية والنفسية. ما يميز هذا المفهوم هو ازدواجية بنائه النظري؛ إنه يشير إلى نظامين مترابطين، النظام الأبوي التقليدي، والنظام الأبوي المستحدث. والنظام القائم في المجتمع العربي اليوم ليس نظاما تقليديا بالمعنى التراثي، كما أنه ليس معاصرا بالمعنى الحداثي، بل هو خليط هجين غير متمازج من القديم والحديث، من التراثي والمعاصر[2].
فخلال المئة سنة الأخيرة حدث تغيير كبير في المجتمع العربي من جراء اصطدامه بالحضارة الغربية الحديثة، إلا أن هذا التغيير لم يؤد إلى استبدال النظام القديم بنظام جديد، بل أدى فقط إلى تحديث القديم دون تغييره جذريا، فانبثق عنه النظام الأبوي المستحدث. يجمع هذا النظام الفريد من نوعه التراث والحداثة معا، في حين أنه يبعد عن الحداثة الصحيحة بُعده عن التراث الحقيقي. ففي هذا النظام تكمن حالة معقدة من الخلل الاجتماعي والحضاري لا يمكن التخلص منها بقرار يتخذ للعودة إلى التراث أو اللجوء إلى الحداثة المعاصرة، ولا يمكن تجاوز هذا الوضع إلا بعملية ذاتية تحدث في داخل المجتمع وفي داخل الفرد معا. بهذا فإن مفهوم التراث ومفهوم الحداثة يشكلان المقولتين التحليليتين الرئيسيتين لواقع التخلف العربي ونظامه الأبوي المستحدث.[3]
وإن حجر الزاوية في النظام الأبوي المستحدث يقوم على اقصاء المرأة، من هنا كان العداء العميق والمستمر في لا وعي المجتمع العربي للمرأة ونفي وجودها الاجتماعي كإنسان وحتى تحريرها، فهذا المجتمع لا يدري كيف يعرِّف ذاته إلا بصيغة الذكورية وصفتها، وليس للأنثوية من وظيفة فيه إلا تأكيد تفوق الذكر وتثبيت هيمنته. وبالتالي ففي غياب المساواة بين الرجل والمرأة ينتفي مبدأ المساواة إطلاقا[4].
وتتمثل الذهنية الأبوية في نزعتها السلطوية الشاملة التي ترفض النقد ولا تقبل بالحوار إلا أسلوبا لفرض رأيها فرضا، لهذا فإن الذهنية الأبوية المستحدثة، علمانية كانت أو محافظة، لا تستطيع تغيير موقفها لأنها لا تعرف ولا تريد أن تعرف إلا حقيقتها، لا تريد إلا فرضها على الآخرين، بالعنف والجبر إن لزم الأمر[5].
وعليه فالإشكالية المطروحة تتجلى في اعتبار أن الأسرة وما ينتج عنها من قرابة ونسب من أهم المواضيع التي شغلت أذهان الباحثين في ميادين السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا، نظرا لشمولية هذا النظام وحساسيته، إذ لا يخلو مجتمع إنساني من نظام يحدد علاقات القرابة بين أفراده؛ والأسرة كنسق اجتماعي فرعي تتكون بنائيا من أفراد (ذكور-إناث) يشكلون وحدات بنائية في حدود أدوار وعلاقات معينة: (زوج/زوجة، أب/أم، ابن/بنت، أخ/أخت، جد/جدة…) وكل هذه العناصر تؤدي وظائفها وأدوارها في إطار عملية نسقية متكاملة من أجل استمرار الأسرة. في هذا السياق تأتي هذه الدراسة لتكشف عن طريق الوصف والتحليل، عن مستوى التغيير الذي عرفه النظام الأبوي الممارس الواقع بين المرأة والرجل داخل المجتمع العربي ومظاهره والنقد التي تعرض له وملامح تفككه.
أولا: من النظام الأبوي التقليدي إلى النظام الأبوي المستحدث.
يعتبر النظام الأبوي بنية سيكولوجية واجتماعية وثقافية، ناتجة عن شروط تاريخية وحضارية نوعية، تكونت من مجموعة من القيم وأنماط من السلوك ترتبط بنظام اقتصادي تقليدي له خصوصية، ويشكل واقعا اجتماعيا حيا وليس مجرد خاصية من خصائص نمط إنتاج معين بالعالم العربي، وليس بالضرورة أن يكون مرتبطا بنمط ما[6].
فمفهوم المجتمع الأبوي يشير بشكل عام إلى المجتمع التقليدي الذي يتخذ طابعا مميزا بالنسبة إلى البُنى الاجتماعية الكلية (المجتمع، الدولة والثقافة)، وكذلك إلى البنيتين الجزئيتين “العائلة والفرد” التي تتخذ بمجموعها[7] طابعا يتسم بأشكال نوعية من التخلف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، تعيق تطوره وتقدم هذا المفهوم الأبوي بسِمة التحجر والجمود.
فالمجتمع الأبوي التقليدي باعتباره شكلا من أشكال المجتمعات الراكدة عن مواكبة التقدم والتحديث، فهو تابع للبنى التقليدية ويعاني العجز والنكوص، ويفتقر إلى الوعي الذاتي للنهوض من التخلف.
فالنظام الأبوي بوصفه تكوينا اجتماعيا اتخذ شكلا نوعيا متميزا من الوجهة البنيوية باعتباره سلسلة من الأنواع المترابطة ببعضها البعض، ومن وجهة انتماء كل نوع إلى مرحلة متقابلة داخل الصيرورة التاريخية فإن كافة أنواع المجتمع الأبوي عرفت انتقالا[8] إلى المجتمع الأبوي المستحدث الذي انبثق عن النموذج الأبوي القديم الذي عهدته المجتمعات القديمة أو التقليدية السابقة لعصر الحداثة. فهذا المجتمع الأبوي المستحدث هو نتيجة التحديث الذي نتج عن الاحتكاك بالحداثة الأوروبية مما جعله هجينا لا ينتمي إلى النظام الأبوي التقليدي ولم يدخل بعد عصر الحداثة[9]؛ فمن سمات هذا النوع من المجتمعات هو النزعة القائمة على سيطرة الأب في العائلة باعتباره المحور الذي تنتظم حوله العائلة.
إن أصل المجتمع الأبوي المستحدث ونموذجه يكمن في البنى الداخلية التي تتخذها العائلة الأبوية حجر زاويتها ومحتواها الأساسي من الأبوية المستحدثة، وتكمن أهمية العائلة الأبوية في فهم بنى الأبوية المستحدثة من جهة، وفي علاقاتها بالهيمنة بالتبعية من جهة أخرى، فكلها تعكس بنية العلاقات الاجتماعية وتنعكس فيها[10].
في هذا الصدد حاول عالم النفس الاجتماعي علي زيعور[11] تحليل العائلة الأبوية في المجتمع العربي كنموذج، فتوصل إلى تمثل مفاده ضياع الفرد في العائلة التي يهيمن عليها الأب والمجتمع القائم على الأبوية المستحدثة، وتكاتف هذين الطرفين في وجه إمكانية تحقيق الذات، وأن الأب يشكل النموذج الأصلي للأبوية المستحدثة باعتباره أداة القمع الأساسية، الذي يتمتع بقوة ونفوذ يقومان على العقاب، فسيطرة الأب في العائلة شأنها شأن المجتمع، إذ أن العلاقة بين الأب وأبنائه والحاكم والمحكوم علاقة هرمية، فإرادته مطلقة ويتم التعبير عليها بالإجماع القسري القائم على التسلط من جهة، والطاعة من جهة أخرى.
ومرد القمع في العائلة الأبوية إلى شيوع مواقف غير عقلانية وخرافية في صفوف غالبية الناس، الأمر الذي يؤدي إلى إحكام سيطرة الوضع القائم، وجعلهم يرفضون أي تغيير اجتماعي، وفي حالة ما انقطع المرء عن عائلته في المجتمع الأبوي المستحدث يجد نفسه ضائعا، إذ أن الدولة لا تستطيع أن تحل مكان هذه البنية الأولية التي توفر الحماية له، فالعائلة الأبوية المستحدثة في إنتاجها أفرادا تبعيين تلبّي حاجة أساسية من حاجات المجتمع الأبوي المستحدث، فهي تعزز نظام الولاء وتضمن استمرار النموذج الأولي لسلطة الأبوية، فولاء الفرد الأساسي في المجتمع الأبوي “المُحدّث” يتجه إلى العائلة. وبالنسبة إلى الفرد العادي في هذا النموذج، فإن فكرة المجتمع أو الوطن مجردة ولا تتخذ معنى، إلا في ارتباطها بالنماذج الأولية للقرابة والدين[12]، فمفهوم الولاء في النظام الأبوي يشكل بنية أساسية للأب خارج حدود المفهوم العقلي للحرية والدولة.
من هنا نستخلص أن النظام الأبوي المستحدث ليس عصريا ولا تقليديا، لا من الوجهة الحداثية ولا من الوجهة التبعية، إنه تشكل اجتماعي يفتقر إلى الخصائص المشتركة التي تتحلى بها الجماعة وتعوزه مظاهر الحداثة التي ينعم بها المجتمع. فالأبوية المستحدثة إذن تشكّل اجتماعي غير مستقر مهدورة طاقته لطبيعته الانتقالية، سمته التخلف والتبعية، تفسِّخه التناقضات والنزاعات الداخلية[13].
ثانيا: تخلف المجتمع الأبوي المستحدث.
إن تخلف المجتمع الأبوي ليس بتخلف اقتصادي أو إداري أو إنمائي، بقدر ما هو تخلف كامِنٌ في أعماق الحضارة الأبوية المستحدثة[14]، بل إن الفرد يتقبله ويتعايش معه كما يتقبل الموت مصيرا. حيث أن السيطرة الاجتماعية التي يمارسها الجيل القديم، هي سيطرة تامة يرتبط بها الأفراد بسلطة أبوية الشكل، ويبقون في ظل الكبار على الصعيد السياسي والعاطفي والعقلي، وهو ما يجعل التخلف يتخذ صفتين مترابطتين: اللاعقلانية والعجز؛ الأولى تتجلى في عدم القدرة على التدبير أو الممارسة والتنظيم، والثانية العجز عن الوصول إلى الأهداف المنشودة والعجز عن الوقوف في ظل التحديات والتغلب عليها. وهو ما يجعل شلل المجتمع العربي ككل المتمثل في تخلفه في تراجعاته المستمرة وانهياره الداخلي وفي انكساراته المتكررة[15].
فتخلف المجتمع الأبوي يحدد بخاصيتين وهما القبلية والعصبية، إذ تتولد خاصية أساسية تتحدد في الخضوع الذي يقودنا إلى المظاهر القيمية، التي تتحكم في كل من النظام الأبوي والنظام الحديث، مقدما بذلك قيم استعلاء وأفضلية الغني على الفقير، والجماعة على الفرد، والكاتب على القارئ، والذكر على الأنثى، واقصاء المرأة ناتج عن غياب المساواة بين الرجل والمرأة الذي يؤدي إلى نفي وجودها الاجتماعي كإنسان واحتلالها مكانة أدنى في العائلة، وهو ما يشكل عقبة مركزية في وجه التغيير الديمقراطي[16]، وما ينتج عنه من استبداد وتسلط وظلم، بدءا من أبسط بنية في المجتمع (الأسرة) إلى أعلى بنية فيه (الدولة)، وهو يكشف عن جذور التخلف العربي وعقباته، التي تمتد إلى جميع المجالات، والتي يختبئ ورائها التخلف الأبوي، فيشمل بذلك نطاقات الإيديولوجية السياسية، النخبوية، الثقافة السائدة، الفئات المهمشة، الأسرة،….الخ[17].
ولمواجهة التخلف وإحداث التغيير، فإن عملية التحرر لا تحدث دفعة واحدة، وإنما هي محصلة سياق طويل من التبدل والتغير الذين يتوالدان في ثلاث مجالات أساسية:
- البنية التحتية المادية؛
- المؤسسات الاجتماعية؛
- الممارسة السياسية.
وبما أن السمة الرئيسة في النظام الأبوي (الأبوي المستحدث) هو اقصاء المرأة فإن تغيير وعي المرأة شرط أساسي في تغيير وضعيتها الاجتماعية والثقافية، وكذلك تغيير قابليتها على الرفض، إذ أن وعيها بمكانتها لا يكفي من دون تغيير وعي الرجل وتحرره من قيود وأبويته واستلابه. فالتغيير الجذري للهيمنة الأبوية والقضاء على التخلف لا يتم بتغيير العلاقة السلطوية بين الرجل والمرأة، ليس على مستوى الأفكار النظرية، بل على مستوى الممارسة العملية القائمة على تربية جديدة، تنبني على المساواة التامة بين الذكر والأنثى منذ الولادة مرورا بالتنشئة الاجتماعية وتقسيم العمل الاجتماعي بين الجنسين داخل البيت وخارجه في المدرسة والعمل، وعلى جميع المستويات، بما ينسجم مع هذا السياق ويساعد على تغيير بنية العائلة وقيمها وأعرافها، وبالتالي تغيير بنية المجتمع الأبوي التي هيمنت على العالم العربي بصفة خاصة والعالم بصفة عامة[18].
ثالثا: البعد النقدي للنظام الأبوي.
تزامنت مرحلة السبعينيات والثمانينيات التي شهدت أعلى مراحل الازدهار المادي للمجتمع الأبوي المستحدث، مع ظهور عدد وافر من الأعمال النقدية التي شكلت بداية النقد الجدري للأبوية المستحدثة[19]. ذلك أن هذا الفكر لم يعد قادرا على مواجهة الصراع الاجتماعي الداخلي أو الضغوط الدولية (السياسية) أو التوفيق بين التناقض الحاصل نتيجة التصادم بين الحداثة والأصالة، ولذا ارتد الفكر الأبوي المستحدث إلى الدين للدفاع عن نفسه. إذ لم تتمكن العقائد العلمانية (إصلاحية وليبرالية واشتراكية) من مدّ جذورها عميقا في تربة الأبوية المستحدثة، ليس لأن هذه العقائد لا تنطبق أساسا على البنى الاجتماعية العربية، بل بسبب سوء الفهم الذي تعرضت له خلال ترجمتها إلى صياغات الأبوية المستحدثة وعباراتها، وبدى واضحا أن الفكر الأبوي المستحدث قد بلغ نهاية مساره[20].
وقبل الوقوف عند أبرز ممثلي الحركة النقدية التي نهضت لمواجهة الفكر، تجدر الإشارة على أن خطاب هذه الحركة كان مُعادٍ تماما لنص الأبوية المستحدثة، بحيث يهدد بنسف تصورات الخطاب السلطوي وحيثياته وقيمه وفرضياته على عدة أصعدة، فعلى الصعيد اللغوي يتجه هذا النقد مباشرة إلى تغيير ما بدأه الخطاب الأبوي المستحدث وخلق لغة وتعابير جديدة؛ وعلى الصعيد التفسيري فإن هذا الخطاب يعمد إلى فكّ أواصر مقولات التفسير السائدة، وتأسيس ثوابت جديدة تنسج الأفق الضيق للفهم الأبوي المستحدث، أما على المستوى العقائدي فإن الخطاب النقدي يهدف إلى زعزعة الفكر العقائدي بكافة أنماطه، وإشاعة أجواء حوار خلاَّق؛ وأخيرا فعلى مستوى الممارسة الاجتماعية يلجأ الخطاب النقدي، وإن تجريبيا، إلى رفع غطاء الشرعية عن المقومات النظرية للسلطة اللاهوتية والنفوذ السياسي، ولذا فإن اللغة وإعادة تركيب بنيتها عاملان مركزيان في بلورة هذا الخطاب[21].
لقد وفرت إعادة القراءة التي اضطلع بها النقاد الجدد تحديا عنيدا، هو الأول من نوعه لوحدة الخطاب الأبوي المستحدث وأسس منطلقاته. فقد ظهرت عدة تفسيرات من وجهات نظر مختلفة، تميزت بالبحث الدائب والتحليل الجدي والأصيل، مكنت من شرعنت المزيد من التحليل والنقاش الفكري. لعل أهم أعلام هذه الحركة النقدية: محمد عابد الجابري ومحمد أركون وعبد الله العروي، فقد كان هؤلاء من الأوائل في حقبة السبعينيات والثمانينيات، الذين قاموا بابتكار مقولات تحليلية جديدة مكنت من القيام بقراءات جديدة للتاريخ والمجتمع.
فقد انصب اهتمام الجابري على دراسة العقل العربي، والذي اعتبره تراثا معرفيا ومنهج تفكير، وحاول معالجة هذا التراث على ضوء الخاصية العربية، وفهم المنهج على أنه نتيجة مجموعة من طرائق الفكر وأساليبه[22]، فهو يسعى من خلال مشروعه إلى القيام بدراسة الحضارة الإسلامية العربية من جهة أولى، وعلى استخدام منهج تحليل جديد يكشف عن البنية الحقيقية للعقل العربي وآلياته من جهة ثانية، ولذا فهو يقسم مشروعه إلى بابين، أولهما يعالج تكوين العقل العربي، وثانيهما يعمد إلى تحليل بنية ذلك العقل، باعتماد منهجا تراكميا (تاريخي) في الأول ومتزامن في الثاني.
أما محمد أركون فقد كان اهتمامه مشابها لاهتمام الجابري، إلا أنه أضيق، إذ أن تركيزه يهدف إلى كسر طوق الاحتكار الذي يلف التفسير التقليدي والأبوي المستحدث للنصوص الأدبية للثقافة الإسلامية[23]، ويعمد في مهمته إلى البدء بالإشادة بمحاولة إعادة قراءة المصحف الكريم، ويكمن شرط هذه القراءة حسب منظوره في المسار الصعب الذي يؤدي إلى قيام مصداقية منهج سيستفيد من تداخل العلوم الإنسانية بغرض تفسير القرآن، فهو يعي تماما أن المشكلة ليست في “اللامنهجية” فحسب، بل هي متجدرة في السلطة السياسية المهيمنة والعقيدة الدينية السائدة. ويرى أن إمكانية التغيير مناطة بعملية أوسع من التحول الفكري واللغوي، وأن حدوث ذلك مرهون أساسا بتبدل نمط التفكير أولا، ثم كيفية إفصاح اللغة عن نمط التفكير ذلك ثانيا[24].
وقد كان عبد الله العروي من أوائل المفكرين المغاربة الذين تصدوا للخطاب السائد، بحيث هاجم بعنف الخطاب الأبوي المستحدث الذي لجأ أركون إلى تفكيكه بتسويغ قراءة “علمانية” للنص القرآني، بحيث أدان هذا الخطاب من وجهة مغايرة، فاعترض على توجهاته الانتقائية، ووجد أن لهذا النمط من التفكير التاريخي نتيجة واحدة ألا وهي الفشل في رؤية الواقع[25].
ولهذا فإن المثقفين الأبويين المستحدثين عاجزون عن التعامل مع الواقع الاجتماعي والسياسي، تماما كما هم عاجزون عن التصدي للفكر الغربي، والمخرج الوحيد من هذا المأزق -حسبه- يكمن في تجاوز كلا النمطين من التفكير وتبني الفكر التاريخي النقدي.
إلا أنه من دون شك تبقى محاولة هشام شرابي تمتاز عن المحاولات الأخرى، لأنها تقوم على تحليل وتفكيك الواقع العربي ونقده في خطابه، وفي مضمونه المعرفي[26]. إن مرد أزمة المجتمع العربي -حسب شرابي- هو بنيته الأبوية التي تكرس منطق السلطوية في أشكالها المختلفة، بدءا بالسياسة ونظام الحكم، ومرورا بالنظام الأسري والنظام التربوي والتعليمي، وانتهاء بسيادة منطق القبيلة والعشيرة على مستوى البنية الاجتماعية[27]، وفي تناوله لإشكالية النزعة الأبوية المستحدثة التي تعني أن النظام الأبوي جدّد نفسه في المجتمعات العربية، وعوض أن تلج هذه المجتمعات عتبة الحداثة، أدت إلى إعادة إنتاج النظام الأبوي ذاته بأشكال مختلفة. لم تحقق هذه المجتمعات قطيعة مع التقليد، بقدر ما أعادت إدماجه في أشكال تبدو في الظاهر حديثة، ولكنها موغلة في التقليدانية، وهو ما أعطى مجتمعات لا هي حديثة ولا هي قديمة وإنما هي هجينة، ذلك هو معنى الأبوية المستحدثة[28].
وقد حدد شرابي شكل النظام الأبوي في:
- السلطة والخضوع لا الاعتراف والاستحقاق: والمقصود هنا أن دينامية العائلة الأبوية تتميز بهيمنة الأب ليس بالمعنى البيولوجي، وإنما بالمعنى الثقافي/السياسي، وهكذا يتسع الحقل الدلالي لضم رئيس الحزب والحاكم والقائد والزعيم السياسي، أي كل من ينسج علاقة ولاء وخضوع بين الطرفين.
يمثل الأب لهذا المعنى أداة القمع الأساسية في المجتمعات العربية، وبازدياد القمع يزداد الإيمان بالخرافة والأسطورة. ففي النظام الأبوي المستحدث تتعايش فيما يشبه التجاوز الخارجي عقليتان: عقلية منهجية وأخرى أسطورية، بنى ذهنية تقليدية وأخرى عصرية، وهو ما يكرّس نوعا من فصام شخصية الإنسان العربي[29].
- التبعية: هي السمة الثانية للنظام الأبوي، وتتجسد في أن هذا النظام لا ينتج ذوات مستقلة، بقدر ما ينتج أفرادا سلبيين همُّهم الوحيد الامتثال للأعراف بدل احترام القوانين، وتكريس الولاء للتقاليد بدل تغليب منطق العقل.
تتم التضحية بالاستقلال الذاتي على مذبح شعائر الولاء، لا يهمهم في هذا النظام الولاء لمن، قد يكون الولاء للقبيلة أو للعشيرة، للطائفة أو للزاوية، للزعيم أو للقائد؛ بينما ثَم غياب للانتماء إلى المؤسسات الحديثة كالحزب والنقابة والجمعية، وحتى إذا وجد مثل هذا الانتماء، فإنما هو في الشكل لا في الجوهر، بمعنى آخر استمرار الولاء، بوصفه أحد أشكال السلطة التقليدية، في هذه المؤسسات السياسية الحديثة. حيث يعامل زعيم الحزب على أنه شخص ملهم وفوق النقد، وينظر إلى القائد السياسي على أنه نصف إله، وعوض نظام العدالة يقوم نظام الحماية في النظام الأبوي، بمعنى أن نظام العدالة ينصف الناس كأفراد ومواطنين، ويعاملهم على قدم المساواة، فيما يكرس النظام الأبوي التفاوت بين البشر، ويعمل من ثم على حماية المقربين من مركز السلطة[30].
رابعا: ملامح تفكيك النظام الأبوي.
لقد حاول العديد من المفكرين على مدى ما يقرب من خمسة عقود، العمل على تغيير واقع المجتمع العربي، وعلى رأسهم هشام شرابي، الذي استثمر جهده للانتقال بالمجتمع العربي إلى الحداثة، فما هي الملامح الأساسية لهذه المحاولة؟
لقد كان من أولى اهتماماته تعرية هذا النظام الأبوي، وذلك لأنه أضاع فرصا تاريخية مهمة: فرصة تحقيق الوحدة، فرصة التنمية الاقتصادية على نطاق قومي، وفرصة بناء مجتمع ديمقراطي حر وعادل. وضياع هذه الفرص أدى إلى الواقع الذي يعيشه المجتمع اليوم[31]، واقع الهزيمة والانكسار، واقع التمزق والضياع، واقع العجز والانتكاسة. ولا خروج من براثن هذا الواقع إلا بإعادة النظر في كل ما فرض على أبناء هذا المجتمع من أفكار وعلاقات وقيم، وهنا يأتي دور الفكر النقدي الذي يعمل على تغيير الوعي الاجتماعي، في محاولة للخروج بأبناء هذا المجتمع من دائرة الشعارات اللفظية، والبلاغة الفارغة والتفسيرات الأسطورية، إلى اعتماد العقل والتحليل والنقد الحضاري، وبهذا تبدأ الطريق نحو الحداثة الحقيقية[32].
وحسب منظور هشام شرابي، فالمؤهل للقيام بهذه المهمة هو المثقف، مشددا على دوره في عملية التحديث، ومن يحدد المثقف الحقيقي ليس علمه أو مركزه الاجتماعي، بل موقفه الفكري وتوجهه الاجتماعي، فهو لا يعالج قضاياه من موقع التجريد، وبالتالي لا يدعي امتلاك الحقيقة كاملة، إنه يعمل على معالجة قضاياه من موقع المسؤولية التاريخية والالتزام الاجتماعي. يرفض أن تفرض عليه الحقيقة وبالتالي يرفض أن يفرضها على غيره[33].
فالحقيقة عنده نتيجة سياق تاريخي متغير وهي ملك للجميع، ولأنه يلتزم قضايا مجتمعه يصبح المثقف مصدرا رئيسيا من مصادر الضغط التي تعمل على إحداث التغيير. ولأنه قادر على التحليل النقدي يستخدمه كوسيلة تساعده على تغيير ما يجب تغييره في مجتمعه، ولهذا يكون المثقف قادرا أيضا على اختراع لغة جديدة بدل اللغة التي استهلكها المجتمع الأبوي، وتساعده هذه اللغة الجديدة في القيام بمهمته النقدية، كما تساعده على تغيير الوعي عند الأفراد وهذا هو شرط في تغيير الواقع[34].
كما حدد الأخطار التي قد يتعرض لها المثقف الذي ينوي الالتزام بالنقد الحضاري لمجتمعه، ومن أهمها أن يميل إلى معالجة موضوعاته معالجة أكاديمية معزولة عن الواقع المعاش للحياة اليومية، وبالتالي يظهر لنا أنه مثال المفكر الذي يرسم صورته، يلتزم بقضايا مجتمعه، ينتقد العلاقات التي يجب تغييرها، يرسم الطريق ويؤشر باتجاه الحلول.
ثم ينتقل ليلوح بأن السبب وراء حالة التفسخ التي يعاني منها المجتمع، يكمن في غياب الوعي عند الإنسان العربي عامة، ويعود السبب في غياب الوعي غياب الحرية الفكرية التي تتيح للمثقف أن يتناول موضوعاته ويوجه نقده دون خوف.
دون هذه الحرية لا يمكن أن يتجاوز المجتمع حالة التخلف الذي يتخبط فيه، ودون هذه الحرية يظل الفرد خاضعا، لنسق القيم التي فرضها عليه المجتمع الأبوي، وعليه يستحيل الانتقال إلى مجتمع حديث جديد.
وهذه كلها قضايا تناولها شرابي بحثا وتمحيصا، إلا أنه اعتبر أن قضية استغلال المرأة، إنما هي حجر الزاوية في بناء النظام الأبوي المتخلف، ومحاربة هذا النظام، إذا كان لها أن تنجح في تغيير واقع الحال، عليها أن تبدأ بتغيير وعي الرجل والمرأة، لأن ذلك نموذج واضح لحالة الكبت والقمع والاقصاء والحرمان التي يعاني منها الإنسان في المجتمعات العربية عامة.
بحيث كما تقمع السلطة الرجل كذلك يقمع الرجل المرأة. وإذا أراد المجتمع العربي أن يتحرر فعليه أن يضع قضية الوعي في أولى اهتماماته. وهذا يعني عدم تهميش المرأة والامتناع عن تأكيد تفوق الرجل عليها في كل مناسبة[35].
بالإضافة إلى كل ذلك، أكد شرابي على أن المرأة يلزم أن تتشارك مع الرجل في صناعة القرار، لا أن تكتفي بالمشاركة فقط، وعليها أن تعمل معه جنبا إلى جنب في الأحزاب السياسية والجمعيات والمؤسسات وتشاركه على قدم المساواة، ولأجل ذلك ينبغي العمل على تغيير الوعي لدى المجتمع العربي، بما يؤدي إلى قبول هذا التغيير.
وبالإضافة إلى تأكيد شرابي على أهمية دور المثقف ونشر الوعي، فقد طرح قضية الحرية في المجتمع، إذ أن المجتمع الأبوي يعمل على خنق الحرية الفكرية، والتي دونها ليس هناك مجال لفكر نقذي أصيل يقود المجتمع إلى الصحوة/النهضة الاجتماعية الضرورية. وقد اقترح لذلك إجراءات عملية من شأنها، إذا تم تطبيقها، إرساء القواعد الضرورية للحرية الفكرية في المجتمع العربي[36]، وهذه الإجراءات تتمثل في تثبيت القوانين لضمان حرية القول، رفع الرقابة عن وسائل الإعلام، رفع الحظر عن دخول الكتب والمجالات، إعطاء الجامعات الاستقلال الداخلي، تثبيت استقلال القضاء ووضع أجهزة المخابرات تحت سلطة القانون[37].
وفي الختام لابد من التأكيد على أن تخطي أشكال السيطرة والاستبداد الأبويين، يبدأ بتحرير الفكر ونشر الوعي وبثّ العلم والمعارف من أجل خلق مجتمع عادل متساوٍ، وهذا يتطلب العمل على تغيير شامل للبنى الفكرية والسياسية التقليدية، التي حاصرت المجتمع بقيود الخرافات الأسطورية بأمل أن تكون مسألة الإخضاع وضمان التبعية أمرا يسيرا. إن تحرر المرأة لا يتم إلا بتحرر الرجل، وتحررهما معا رهين بتفشي الوعي الاجتماعي الكامل والاعتراف بالرأي والرأي الآخر، ليس على الفروق البيولوجية، بل على هوية كل منهما ووظيفته ودوره في الحياة الاجتماعية، وبدون ذلك لن يتم تكريس العدالة ولا ضمان التكامل الاجتماعي ولن نحقق النهضة المنشودة.
لائحة المراجع:
إبراهيم الحيدري: النظام الأبوي وإشكالية الجنس عند العرب، دار الساقي، بيروت، الطبعة الأولى.
أحمد عبد الحليم عطية، قراءة في أعمال شرابي هشام، نقد المجتمع الأبوي، قسم الفلسفة-جامعة القاهرة، الطبعة الأولى، 2006.
الجابري محمد عابد: تكزين العقل العربي، بيروت دار الطليعة 1984.
عبد السلام بن عبد العالي، “تكوين العقل العربي،” ملحق الاتحاد الاشتراكي (الرباط)، (3 آذار/مارس 1985).
سعد الجابري، المشاركة السياسية للمرأة وموقف الشريعة الإسلامية، مجلة النبأ، العدد 60 غشت 2011.
عزيزة الهبري: مشروع بحث نقدي لقوانين الأحوال الشخصية في بلدان عربية مختارة، مجلة الاجتهاد العدد 39-40 بيروت 1998.
عصام الدين هلال: تربية السلب وتجاوز المجتمع الأبوي قراءة ديالكتيكية في فكر هشام شرابي، كلية التربية، كفر الشيخ، طبعة 2003.
علي زيعور: التحليل النفسي للذات العربية، أنماطها السلوكية والأسطورية، دار الطليعة، بيروت 1977.
غيردا ليرنز: نشأة النظام الأبوي، ترجمة أسامة أسبر، المنظمة العربية للترجمة، مكتبة بغداد.
فريدة النقاش، العولمة والمرأة والإعلام، مجلة النساء، عدد غشت 2001.
المانع سميرة: خريطة وضع المرأة منذ مئة عام، بحث ألقي في جامعة لندن، مركز دراسات الشرق الأدنى، النساء عدد 2 غشت 2000.
هشام شرابي: النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية.
هشام شرابي، أزمة المثقفين العرب، دار نلسن السويد، بيروت 2002.
هشام شرابي، النقد الحضاري لواقع المجتمع العربي المعاصر، دار نلسن السويد _ بيروت 2000.
هشام شرابي، ونقد النظام الأبوي في المجتمع العربي. مركز دراسات الوحدة العربية. أوراق عربية32.
Abdallah Laroui, The crisis of the Arab Intellectuals: Tradionalism or Historicism? (10) translated from French by Diarmid Cammell (Berkeley, Calif.; University of California Press 1976).
Mohammed Arkoun, “Rethinking Islam,” (lecture given at Georgetown University Washington, 30 October 1985).
[1]– غيردا ليرنز: نشأة النظام الأبوي، ترجمة أسامة أسبر، المنظمة العربية للترجمة، مكتبة بغداد، ص 34.
[2]– هشام شرابي: النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية، 1993، ص 15.
[3]– هشام شرابي، نفس المرجع، ص 15.
[4]– هشام شرابي، نفس المرجع، ص 16.
[5]– هشام الشرابي، نفس المرجع، ص 16.
[6] – ميّـز ماركس بين اأشكال ثلاثة من المجتمعات الطبقية لما قبل الرأسمالية وبديلة المجتمع البدائي، ويمثل كل منها شكلا في تقسيم العمل الاجتماعي الخاص وهي: المجتمع الشرقي، المجتمع القديم والمجتمع الروماني.
[7] – إبراهيم الحيدري: النظام الأبوي وإشكالية الجنس عند العرب، دار الساقي، بيروت، الطبعة الأولى، 2003، ص143.
[8] – http://elaph.com/Web/opinion/2010/10/607072.html
[9] – هشام شرابي: المرجع السابق ص60.
[10] – علي زيعور: التحليل النفسي للذات العربية، أنماطها السلوكية والأسطورية، دار الطليعة، بيروت 1977 ص100.
[11] – هشام شرابي، المرجع السابق ص 64.
[12] علي زيعور، المرجع السابق، ص150.
[13] – http://www.diwanalarab.com/spip.php?page=article&id_article=1763
[14] – هشام شرابي، المرجع السابق، ص14.
[15]– http://www.sahatbly.com/vb/showthread.php?t
[16]– http://www.mominoun.com
[17]– عصام الدين هلال: تربية السلب وتجاوز المجتمع الأبوي قراءة ديالكتيكية في فكر هشام شرابي، كلية التربية، كفر الشيخ، طبعة 2003، ص319.
[18] – إبراهيم الحيدري، المرجع السابق، ص150.
[19] – هشام شرابي، المجتمع الأبوي وإشكالية التخلف عند العرب، مرجع سابق، ص: 125.
[20] – هشام شرابي، المرجع نفسه. ص: 126
[21] – هشام شرابي، المرجع السابق ص 127.
[22]– الجابري محمد عابد: تكزين العقل العربي، بيروت دار الطليعة 1984 ص: 11_12. وانظر أيضا: عبد السلام بن عبد العالي، “تكوين العقل العربي،” ملحق الاتحاد الاشتراكي (الرباط)، (3 مارس 1985)، ص: 4.
[23] -Mohammed Arkoun, “Rethinking Islam,” (lecture given at Georgetown University Washington, 30 October 1985)
[24] – محمد أركون، في مقابلة مع مجلة: الوحدة (باريس)، (ديسمبر 1984)، ص:130
[25]– Abdallah Laroui, The crisis of the Arab Intellectuals: Traditionalism or Historicism? (10) translated from French by Diarmid Cammell (Berkeley, Calif; University of California Press 1976), p.154.
[26] – محمد أركون المرجع السابق ص 130.
[27] – هشام شرابي، ونقد النظام الأبوي في المجتمع العربي. مركز دراسات الوحدة العربية. أوراق عربية32، ص: 15_16.
[28] – شرابي، النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي، انظر أيضا:
Hicham Sharabi, neopatriarchy; A Theory of Distorted change in Arab Society, Oxford University, 1988.
[29] – هشام شرابي، ونقد النظام الأبوي في المجتمع العربي، المرجع السابق، ص: 18.
[30] – هشام شرابي، المرجع السابق، ص: 19.
[31] – هشام شرابي، أزمة المثقفين العرب، دار نلسن السويد، بيروت 2002. ص: 66.
[32] – هشام شرابي، ونقد النظام الأبوي في المجتمع العربي، ص:207.
[33] – هشام شرابي، النقد الحضاري لواقع المجتمع العربي المعاصر، دار نلسن السويد _ بيروت 2000، ص: 192.
[34] – قراءة في أعمال شرابي هشام، نقد المجتمع الأبوي، إعداد أحمد عبد الحليم عطيه، ص: 208.
[35] – هشام شرابي، ونقد النظام الأبوي في المجتمع العربي، ص: 27.
[36] – هشام شرابي، النقد الحضاري لواقع المجتمع العربي المعاصر، ص: 252.
[37] – هشام شرابي، ونقد النظام الأبوي في المجتمع العربي، ص: 211.