عوائق البحث العربي في تاريخ الآخر
اعداد : طالب الدّغيم – باحث متخصص في تاريخ المشرق العربي المعاصر)
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمة:
تُمثل دراسةُ تاريخ الآخر إحدى المواضيع البحثية المهمة التي تَطرَّق لها العَملُ التاريخي، وشغلتْ أقلامَ مؤرخي العالم العربي في الآونة الأخيرة؛ رغبةً منهم في لَعبِ الدور التقريبي بين الشعوب، ومُقاومةِ لغة العداء التي ينشرها المُتعصبون من رجال الفكر والسياسة “رواد الأدلجة”، وفي إطار سعيهم لتجاوز العراقيل المعرفية التي تواجه الكتابة التاريخية العربية بشكل عام، فكان لا بدَّ من اقتحام هذا الحقل المعرفي الراهن.
ويُعدُّ البحث في تاريخ الآخر طرحاً علميّاً مُعمّقاً، وعمليةً حفريةً تنحتُ في ثقافات الشعوب وأذهانهم وتخيلاتهم، وتبني شروط العلاقة فيما بينهما، وهو من أكثر الحقولِ المعرفية تعقيداً؛ لأنه مجالٌ مليءٌ بالإشكاليات؛ سببه الصراع الحضاري، والعلاقات المتبادلة بين الذات والآخر عبر المراحل التاريخية، ودور المؤثرات السياسية والاجتماعية والثقافية فيها، وبالأخص في دراسة تاريخية العلاقة بين المجتمعين العربي والغربي، والعربي والإيراني، في ضوء ما أنتجه رواد البحث الكولونيالي أو المحلي المضادة.
من هنا لاقت هذه الورقة صعوبات في تحديد مفهوم الآخر، وفي رصد التصنيفات المعرفية التي تتبعه، ومقدار العلاقة بين الذات والآخر” الشرق والغرب”، ولا بدَّ من أن نلاحظ في تلك العلاقة بأن إثبات قيمة الذات، وتأكيد وجودها عبر بناء صورة الآخر الثابتة في الأذهان، ليست ظاهرة خاصة في ثقافة دون أخرى، بل تشمل الأمم والثقافات المختلفة، إضافة إلى ذلك تبدت صعوبة منهجية في تحديد الإطار العام لمحاور البحث، وفي طريقة بناء نظرة استشرافية تُقرب المسافات بين الشعوب المختلفة في المرحلة الراهنة .
وتُحاول هذه الورقة التعريف بالمعوقات البحثية التي تواجه المؤرخ العربي عند دراسته الآخر، وتسعى للإجابة عن أسئلة مُرتبطة بالصعوبات التي تُمارسُ عليه غصباً، والتي من الممكن أن تجعل كتابته إقصائية وغير منصفة للآخر، فأثارت مجموعة من التساؤلات فيما إذا كان بالإمكان كتابة التاريخ العربي بمعزل عن الآخر، وما هي أهم الأبعاد والمُحددات التي تعيق دراسة تاريخ الآخر ؟ وكيف يمكن تَجاوز المعوقات البحثية في هذا الحقل المعرفي اليوم ؟
1 ـــ معوقات البحث في تاريخ الآخر:
- صعوبة تعريف الآخر:
من المُعوقات التي تعترض المؤرخ صعوبةُ تعريفِ المفهوم (مفهوم الآخر)، ونحن نرى أنه هناك ما يُشير بشكل بديهي إلى نوع من التغايرِ، ولكن هل هو تغايرٌ إثني أم عقدي أم مناطقي؟
وعند العودة إلى موسوعة لالاند للمفاهيم الفلسفية، نجدُ مفهوم الآخر أو الغير هو أحد مفاهيم الفكر الأساسية التي يصعب تعريفها، وهو يُختصر بالقول بأنه “نقيض الذات”، ويمكن أن نُعبّر عنه بألفاظٍ عديدة مثل (divers)،(مختلف different )، أو (مُميز distinct )[1]، وقد حددت نظرية الهوية الاجتماعية التي طرحها تاجفيل وتورنر سنة 1979 ماهية الذات والبُعد الاجتماعي لها من خلال عضوي الهوية الذاتية والهوية الاجتماعية، والهوية هي عقد بين الشخص وذاته، وبينه وبين المجموعة التي ينتمي إليها، والتي غالباً ما تُحدد طبيعة علاقته بالآخرين[2].
وبالتالي فإن أولُ مُشكلةٍ تُواجه المؤرخ هي مشكلةُ تحليل المصطلحات وتحديد المفاهيم، خاصة في مثل هذه الحالات التي يكون الآخر هو الموضوع المطروح للبحث، وقديماً استخدم أرسطو اللغةَ للتعبير عن الهوية، فأطلق لقبَ بربريّ على كل من لا يتلكم اليونانية، وكان ذلك نوع من احتقار الآخر والحطِّ من شأنه[3]، وعليه بقي تعريف الآخر يُشكل جزءاً من التفكير الجمعي، والحد الفاصل بين الهُويات، وبالتالي لا بدَّ من وعي كافً لإدراك المفهوم، وإن عملية الوعي بالآخر تكون مركبة فردية، وجماعية، اجتماعية وثقافية، وهنا يأتي دورُ المؤرخ الجاد؛ ليقوم بتفكيك نظرية المفهوم، والعمل على ربطه في السياق التاريخي الذي تم تناوله فيه .
- الثقافة المتنازعة ” تمجيد الذات واحتقار الآخر”:
تضافرت الروايات من أجل تمثيل الذات والآخر استناداً إلى آلية مزدوجة أخذت شكلين، ففيما يخص الذات أنتج التمثيل ذاتاً نقية متعالية، ومتضمنة الخصال الرفيعة والحقُّ المطلق، وفيما يتعلق بالآخر أنتج آخر يشوبه الالتباس والغرابة، وبذلك خلقت ثنائية متنازعة “الذات والآخر”[4].
وتخاطب ثقافة الكراهية الجانب الغرائزي والانتماءات الأولية للإنسان من القبلية والذهنية والإثنية والمناطقية، وهي ما تعبر عن الانتماء الزائد إلى الجماعةِ أو الفكرةِ إلى حد استبعاد الآخرين أو التعالي عليهم (الأدلجة)[5]، فالثنائيات الموجودة في الطبيعة “البرد والحر مثلاً ” تُشبه ثنائية العلاقة بين الذات والآخر، ولذلك أصبح من الصعب الاستدلال على الذات دون معرفة شاملة بالآخر[6]، ونحن نلاحظ الثنائية في كتابات المؤرخين العرب في العصور الوسطى، فقد قَسَّم المسعودي الأرض إلى أقاليم، واعتبر الإقليم الرابع الذي تقع فيه الديار العربية الإسلامية “خيرُ الأقاليمِ وأكثرُها مدنيةً واعتدالاً، ووصف أقاليم الفرنجة والصقالبة بأنها أكثرُ برودةً وفيها يتبلد الفهم”[7]، فنجد في نظرته تصنيفاً للشعوب، وفيه تعزيز مكانة الروح العربية الإسلامية، والحطِّ من مكانة الشعوب الأخرى.
وقد عَرَفَ العربُ المُسلمون الآخر الشرقي واليوناني دون أفكارٍ مسبقة أو مواقف عدائية، واستوعب الإسلام جميع ثقافات الشعوب وأَسّلمها، فلم تكن صورةُ الهندي والصيني والتركي عارضة بل قديمةَ التأثُر والتأثير، ولكن العرب لم يكونوا يعرفون شيئاً عن أوروبا شمال بلدان الإغريق وإيبيريا، حيث كانت معرفةً سطحية مرتبطة بالعلاقات الحربية، فالعرب منذ البداية ( بداية الحروب الصليبية تقريباً) أوجدوا تسميةً للغرب طغى عليها الوصف الإثني ( المسيحي واللاتيني)، ولم تكن هناك إحاطةٌ كافية بذلك الآخر[8]، فقد رُسمت الثنائية في الفكر العربي من خلال الواقع الذي بُنيت فيه، فعندما كان العالم العربي في عزه وقوته، وكانت ثقافتهُ في مَدّهالم يكن الآخرُ مُشكلة بالنسبة له، وعندما خسر قوتهُ واهتزت صورته، أصبح الآخر عدواً لا ترى نداً غيره، وتسعى لإزاحته[9].
ويُحدد الأستاذ عبد الله العروي قواعد الاشتباك في العلاقة بين الذات والآخر، خاصة علاقة العربي والأوروبي، بقوله:”إنَّ ما يجبُ التعمق فيه عندما نَتمثلُ العلاقة المتشابكة بين المجتمعين العربي والغربي وهي ازدواجية حُكم كل فئة على ذاتها وعلى غيرها، والفكر العربي يجعل منها سلاحاً سجالياً، ونلاحظ هذا الحُكم المزدوج في كل مرحلة من مراحل التداخل بين المجتمعين، فينشأ عن ذلك على مستوى السُلوك والعملِ السياسي عدمُ الصراحةِ والثبات حتى في حالةِ تحالفٍ بين فئة عربية وأخرى غربية”[10].
ويتحدث المستشرق البريطاني برنارد لويس عن الحمولات الفكرية لمؤرخي العالم العربي والإسلامي في القرنين السابع عشر والثامن عشر، فيراهم يعتمدون نظرة للآخر مُستمدة من العصور الوسطى، ولكنه في الوقت نفسه لا يُبرئ الأوروبيين، فنراه في سؤاله عن عوامل الاختلاف بين المجتمعين، وعن الثنائية المتنازعة يرى أن الموقف الأوربي أقل تسامحاً وأكثر عنصرية من موقف العالم الإسلامي، وأنه يرجع الاختلاف إلى عوامل مرتبطة بالتراكم التاريخي والديني في كلا المجتمعين[11]، وبالتالي تبدو الثنائية المتنازعة قائمة على التصورات التاريخية التي صاغها كل طرف عن الآخر خلال العصور الوسطى.
ولئن ذَوَّبت نزعاتُ الحداثة والعولمة بعضَ التخوم الفاصلة بين القوميات والعقائد، وفكت الانحباس التقليدي المتوارث بين الذات العربية والآخر، فإنها بذرت خلافاً جديداً تُمثله مفاهيم الرقيّ الحضاريّ والمركزية التي ينادي بها الغرب، مما خلق سجالاً جديداً فرض الخوض في إشكاليات الهوية والخصوصية والتيار النهضوي[12]، ولذلك نجد التمايُز الثقافي خلق جدلية مقيتة باتت سمةً عامة في البحث التاريخي العربي، ليس لأمر؛ إنما لأنها بشرت بفكر جديد يُزعزع قواعد الفكر السائد، فتحول الأمر إلى مشكلة تاريخية تعمقت في بنية المجتمعات العربية والغربية .
- تنميط الآخر”الأفكار الثّابتة بين الواقعية والمتخيل”:
قامت معرفة الآخرين على الاحتكاك بأفراد ينتمون إلى ثقافات داخل المجتمع العربي ــ الإسلامي، وعلى احتكاك خارجي تمّ عن طريق الأبحاث العلمية المنقولة، وتجارة الرقيق، فقد تركت المؤلفات المترجمة عن اليونانية والفارسية انطباعات أولية حول شعوبٍ أسطورية، أما بالنسبة لعملية الاسترقاق فقد صنفت الشعوب حسب نوع الخدمات التي تُقدمها، فنجد صفات الحرب للترك والصقالبة، والعمل اليدوي للزنوج، ومن جهة الاحتكاك الخارجي استندت النمطية على آراء رحالة وتُجار وسياح وحجاج، فقد شَدَّدَ العربُ زوار القسطنطينية على السُلطة والأُسطورة، وألحَّ ملاحو المحيط الهندي على الغرائبية، وأفاض خُبراء أفريقيا بوصف التوحش والهمجية[13].
واستطاعت الثقافة العربية بناء معرفةً ممزوجة بين الواقع والتوقع، حتى ابن خلدون نراه يحفظ التقسيم الجغرافي الذي جاء به المسعودي، ويرى الاعتدال صفة غالبة على بلاد الشام في حين نجده يصف الأقوام الأخرى وصفاً نمطياً وفقاً لعاداتها، وما أنتجته من علوم ومعارف، وما تملكه من حيوانات وأشجار وغيرها، فيصف أهل المناطق جنوب السوادن بقوله “رُبّما يأكلُ بعضهم بعضاً، وليسوا من عداد البشر”[14].
وتكونت صورة سلبية ثابتة عن المجتمعات الغربية منذ الحروب الصليبية، وزادت شدة في مرحلة التوغل الاستعماري داخل المنطقة العربية، ولذلك كان العرب – حتى القرن الثامن عشر الميلادي – يرون الأوروبيين برابرةً ووحوش، وليس لديهم غيَرةٌ على نسائهم، ولا يتحلَّون بأية قيمةٍ أخلاقية[15]، وظلت صورة الآخر جزءاً من سوء التفاهم الاجتماعي والثقافي، وخاضعة للإكراه الفكري، وبقيت تُدرَّس حسب انتقائية الروايات والأحداث، ومُستمدة من الفكرة السائدة مما أدى إلى انتشار الميثولوجيا “الأسطورة”، وغابت الصورة الواقعية للكتابة التاريخية العربية عن الآخر[16].
ويتحدث إدغار موران عن الكراهية التي طبعت الشعوب وتأثيرها على مجرى الحياة الإنسانية، فيقول: “اليوم تَسيرُ القوى الحاملة للموت بسرعة أكثر من القوى الحاملة للحياة، وفكرةُ الثورةِ الضرورية في العلاقات الإنسانية والاجتماعية والعالمية أخذت تنتشر لكنها ما زالت حبيسة الثورةِ المضادةِ التي تعملُ تحت قناعِ الثورة على نشر إمبراطوريتها وتقويتها”[17].
وبقيت العلاقة بين الذات مع الآخر تقوم على قاعدةِ الغالب والمغلوب مما حدَّد علاقةً محاطة بغلافٍ إيديولجي ــــ ثقافي[18]، وبالتالي فإن التنميط والأحكام التي خزنتها الذاكرة الجمّعية تركت آثارها واضحةً على الإنتاج التاريخي العربي، وظلَّ الكاتبُ صدىً لحياة الأمة وروحها، ويتماهى مع الشعور حول فكرةِ أن الغرب غازٍ في طبيعته، وكافر في معتقده، فهنا وقع كثير من المؤرخين في الفخ، واتصفت المناهج الدراسية العربية بالعداء والأسطورة التي تُصور الآخر هو الذي يستعمر الأمة، ويستعبد شعوبها وينهب خيراتها، ويحقق مصالحه من خلالها.
بالإضافة إلى ذلك، سادت عملية تنميط الآخر انطلاقاً من الخلاف العقيدي “المذهبي” داخل المجتمع العربي والإسلامي، كالخلاف السُني ــ الشيعي، وهو الذي بلغ أوجه في المرحلة الراهنة مع زيادة تدخل إيران في المجتمعات العربية، وتوسيع الشقاق داخل منظومة البنية المذهبية الإسلامية، واستخدام المذهب لتحقيق مصالح توسعية “سياسية – اقتصادية” لا تقل مشكلة عن الغرب.
ومنذ عقود فرق برنارد لويس بين عقيدة السُنة والشيعة، بأن السنة على مدار التاريخ ظلوا يعتبرون الحاكم حجر أساس طالما هو يطبق الشرعية مهما بلغت الأزمات في عهده، وفي نفس الوقت نفسه عدَّ الشيعة جميع الحكومات بعد علي بن أبي طالب غير شرعية ولا يعترفون بها [19]، ومن هنا سادت علاقة نمطية راهنة أخذت فعلها في طبيعة العلاقة المتنازعة مع الآخر الجار، والمتموضع في قلب العالم الإسلامي، وتحولت العلاقة إلى ظاهرة خطيرة نتيجة امتزاج الصراع الديني والسياسي، وهو ما يعيد إلى الواجهة النزاع التاريخي والحضاري، ولم يتمكن المؤرخ العربي من إيجاد الحلول المناسبة لها حتى الآن، وهي من المواضيع البحثية الراهنة المهمة التي من الضروري الوقوف عندها طويلاً.
- المحليةُ المنغلقة “عدم الاهتمام في تاريخ الآخر”:
على الرغم من ظهور فئة من المفكرين والمصلحين العرب الذين خففوا من وطأة الثنائية، والصورة النمطية منذ بدايات النهضة العربية في القرن التاسع عشر الميلادي؛ فحينما أدرك رواد النهضة العربية ضرورة الانخراط في العلم الأوربي من أجل إعادة إنتاج الغرب في الشرق إلى حدٍّ ما، فأكدوا أن إشكالية العلاقة بين الذات العربية والآخر هي معرفية وتنظيمية، وليست مشكلة طبيعية ودينية نمطية، فكانت الرحلة العربية إلى الغرب خلال القرن التاسع عشر من بين أهم الوسائل التي عَرَّفت المثقف العربي بالحضارة الأوروبية، ومع رحلة رفاعة الطهطاوي سنة 1826م إلى باريس، حيث لخص انبهاره في عطاء الغرب بكتابه “تخليص الإبريز في تلخيص باريز”، وكذلك رحلة خير الدين التونسي سنة 1853م الذي كتب مذكراته حول رحلته واطلاعه على معالم المدنية الأوروبية[20]، بالإضافة إلى رحلة محمد طاهر الفاسي “الرحلة الإبريزية إلى الديار الإنكليزية” سنة 1860م الذي رأى أن المجتمعات الأوروبية قائمة على أساس الاعتناء والترتيب والإتقان[21]، إلا أنه وجد تيار إسلامي رافض للغرب، والأخذ بحضارته مَثَّلهُ الإمام حسن البنا، وعددٌ ليس بقليل من المفكرين الإسلاميين ممن رأوا أنَّ الغرب عقبة ينبغي رفضه رفضاً شاملاً خلال القرن العشرين، وكذلك نشط التيار العُروبي الذي كان له الموقف نفسهُ في معاداة الغرب ومساعيه في توطين إسرائيل داخل المنطقة العربية[22]، وهنا لا بدَّ من القول إنه حتى المفكرين العرب الذين زاروا الغرب وأُعجبوا بحضارته كان هدفهم في الحقيقة ليس دراسة الغرب كتاريخ معرفة وتقييم، ومساءلة، ونقد، ومدِّ جسور الحوار الحضاري، وإنما لتكون دراستهم إجابة عن سؤال النهضة الذي كان يحيرهم، وهو: لماذا تخلف العرب وتقدم غيرهم وخاصة الغرب؟ والأمر الأخطر من ذلك أن المؤرخين العرب ركزوا جهودهم على بيان دور المسلم الأساسي في إنجاز نهضة الأوروبي، ولم يخطر ببالهم السؤال: لماذا ساهموا في بناء نهضة غيرهم، ولم يتموا بناء نهضتهم ؟
عندما نبحث في إنتاج المعرفة التاريخية بالمغرب الأقصى يلحظ الباحث ضيق أفق البحث وانحساره، فالباحث يمكن أن ينتبه إلى مدى التركيز على الدراسات المحلية والمونوغرافيات التي تملأ المكتبة المغربية، واكتسحت جميع مراكزها البحثية والأكاديمية دون الاهتمام بالعالم الآخر، وعلى الرغم من التوجه إلى دراسة تاريخ الآخر في بداية الألفية الثالثة مع محمد حُبيدة في كتابه (تاريخ أوروبا من الفيودالية إلى الأنوار)، وكتاب محمد أعفيف (أصول التحديث في اليابان) وآخرون اهتموا بالدولة العثمانية وحضارتها، إلا أن المؤرخين المغاربة الذين كتبوا عن تاريخ الآخر كتبوا رغبةً في الإجابة عن أسئلة تساعدهم في حل إشكالاتٍ مرتبطةً بتاريخ المغرب الأقصى، واستمرت بحوث المؤرخين المغاربة تُعالج مشاكلَ محليةٍ صرفة، فمثلاً لماذا نجح الإصلاحُ في اليابان وفشل في المغرب؟[23]، وهذه الإشكال المعرفي ليس قاصراً على المغرب دون غيره، بل نجد كثيراً من البلدان العربية إبان الاستقلال، وفي خمسينات القرن العشرين توجهت إلى الاهتمام بالتاريخ المحلي، ودراسة الهوية الوطنية وتأكيدها، وطغى التاريخ السياسي الرسمي على كثير من الكتابات، وظل الإنتاج العربي التاريخي يُعاني من السطحية، وسماته ؛ تمجيد الذات، ونقد الغرب والشرق، ولم تقدم الصروح الأكاديمية العربية أيُّ جديد .
2 ــــ تجاوز معوقات البحث في تاريخ الآخر”المعالجة المعرفية”:
تفتقد الذات العربية استقلالها؛ لأنها تستمد فعاليتها وردود أفعالها من مرجعين متنافسين؛ إحداهما ينتمي إلى الماضي الإسلامي، والثاني إلى الإنتاج الأوروبي الراهن، ولذلك فَقَدَ الباحثون العرب الاستقلال التاريخي، وهو ما عَبَّر عنه محمد عابد الجابري بالقول: “نفتقد إلى الاستقلال التاريخي على صعيد الوعي والفكر كما على صعيد السلوك والفعل، وسبيل تحقيق الاستقلال التاريخي للذات العربية هو التحرر من النموذجين معاً يتوظيف سلطات معرفية بديلة ترجع كلها إلى سلطة العقل وحده، ولا سبيل إلى التجديد إلا من داخل التراث العربي بوسائل منهجية بها نستعين”[24]، فالمثقف الفعال – حسب توصيف غرامشي – تتوهج أفكاره من تحت رماد التخلف، ويَدرس التاريخ وتعقيداته بعيون الفاحص، ويُشارك في إثراء الواقع بلاد حدود، دون أن يستسلم لماضٍ لم يعد في أكثر جوانبه يخدم المجتمع في مسيرته[25].
ويَتعينُ على الباحث العربي – حتى يتجاوز معوقات البحث في تاريخ الآخر – أن يعمل وفق ما يأتي:
- إن أهم مشكلةٍ تواجه الباحث العربي مشكلةُ تحديد المفاهيم ورصد التصنيفات، وهي بحدِّ ذاتها مسألة معرفية معقدة، فيحتاج الأمر ضبط التعريف، وتحديد من هو الآخر، فلم يعد الآخر في وقتنا الراهن هو الغرب الأوروبي وحده؛ خاصة بعد ثورات الربيع العربي، من خلال التدخل الإيراني في البلاد العربية، والعمل على تأجيج الأزمات الداخلية في المجتمعات مما جعل الكثير من الأقلام العربية تقف حائرة في طريقة التعامل مع الآخر القريب مجالياً وثقافياً، وهنا على الباحث التمييز والفصل في كتاباته بين ما هو إيديولوجي وبين التوجهات البحثية الموضوعية بتدقيق المفاهيم، وتفكيكها.
- الخروج من القيود المعرفية، وهنا على الباحث العربي ألا يبقى أسير النظرة الماضية، فيجب أن يبذل قصارى جهده لاستشراف آفاق الحياة، وليس من السهل الانفكاك عن العزلة الفكرية التي قيد نفسه داخل أسوارها، فيجب أن تكون علاقتنا مع التراث علاقة احترام له، وقطيعة معرفية لبعض قواعده القديمة في آن واحد[26]، ويجب فهم الآخر والتخلص من سطوته من خلال توليد الأفكار الحية التي تساعد على النهوض من جديد.
- لا بدَّ من الحوار الحضاري بين الباحثين العرب وغيرهم من الباحثين في المجتمعات الأخرى، وهو ما يخلق حالة تعبوية للمثقف، فكلا الطرفين بإمكانه أن يغنيا التجربة الإنسانية، ولذا لا بدَّ للشرق والغرب من التلاقي بدل من التنازع الثقافي، وقد ظهرت كتابات امتازت بنزعة جريئة تطرح رؤيةً لدى بعض مؤرخي القرن العشرين، ولايزال البعض يواصل عطاءه الفكري حتى اليوم، ومن المفكرين المنصفين؛ محمد كرد علي الذي لم يُخرّج كتابه “خطط الشام” إلا بعد زيارته إيطاليا، وإطلاعه على مخطوطات المستشرق الأمير ليوني كيتاني (ت:1935)، فأشاد بجهود بعض المستشرقين الغربيين، ورأى أعمالهم خدمةً لنهضة المشرق العربي مثل لامنس البلجيكي، ومرجولويث الإنكليزي[27].
ويرسم لنا عبد الله العروي محددات الحوار بين المؤرخين في العالم بقوله:” إنَّ الانطباع الذي نخرج به أن المجتمعين العربي والغربي إذ يجتازان فترة تداخل وتشابك، فهم لايستطيعان التحاور في مرحلة أولى إلا على مستوى الوعي الديني (تحريكِ البُنية الذهنية) ثم في مرحلة لاحقة على مستوى الوعي السياسي (البُنية الإجتماعية)، وأخيراً على مستوى الوعي التقنوي (القاعدةُ المادية)” [28].
ويركز جاسم سلطان يُركز على مسألة إصلاح الأفكار والعلاقات الحضارية، فيتساءل: من أين يبدأ الإصلاح والنهضة ؟ هل البدء يكون بإصلاح عالم الأفكار؟ أم أنه لا بدَّ من إصلاح العلاقات بين الشعوب قبل كل شيء؟ ويجيب بنفسه أن “عالم الأفكار بإمكانه إصلاح الأشياء، وإن عالم الأشياء المتطور إذا لم يقابله عالم أفكار متطورة يمكن أن يُدمَر تحت مطارق التخلف الفكري”[29]، فعلى المؤرخ بناءُ تصوراتٍ إيجابية، ومن ثم نقلها إلى المجتمع لإصلاح العلاقات بين الشعوب كافة.
- تُحيل علاقة البحث العربي في تاريخ الآخر إلى طرحِ المفكر بريتشارد بوليت، والذي يرى إمكانية انتقال العالم العربي ــ الإسلامي من حيز السلطة السياسية إلى اللاسلطة من خلال ثلاثة أمور ثلاثة؛ الاعتماد على شباب باحثين نشؤوا في بيئات معرفية خارج بلدانهم العربية وحملوا أفكار حداثية، أو ربّما من خلال تَسلُّم أحزاب للسلطة في البلاد العربية تملك الفكرة الديموقراطية، وإما بالسعي لتطوير التعليم العالي، ويرى أن التجربة الإصلاحية التركية والإندونيسية خير مثال على ذلك[30]، وبالتالي لا بدَّ من العمل على إصلاح النظام السياسي والتعليمي، والاستعانة بالخبرات التي تدربت على تقنيات منهجية حديثة، فيمكن من خلالها التعاون والتنسيق المستم؛ لنتخلص وبشكل تدريجي من المعوقات التي تقف أمام دراسة تاريخ الآخر.
- لا بدَّ للخروج من سجن المحلية والمجالية المُنغلقة إلى الكونية والعالمية من بيئة حريةً وإبداعية، وإن الطرح المستمر لمسألة الحرية في العالم العربي هو الضامن الوحيد لتحقيقها التدريجي”الوعي بقضية الحرية هو منبع الحرية”[31]، فالحرية تُتيح امتلاك أدواتٍ معرفية، وتسمح بالانفتاح على مناهج وتخصصات مختلفة (علم السلالات والأنثروبولوجية والنفس والاقتصاد واللسانيات…)، وقد أسهم عدد من المؤرخين العرب في تجارب بحثية عميقة، منهم على سبيل المثال لا الحصر، المؤرخ هشام جعيط في تونس، وعبد الله العروي في المغرب، وعبد العزيز الدوري – رحمه الله- في العراق، وآخرين اعتمدوا أدوات ومناهج مستمدة من التاريخ والفكر التجديدي الحداثي، وقد أسهمت حركة النُقول والترجمة في تخصيب الإنتاج المعرفي العربي، فالترجمة التي قدمها المؤرخان التونسيان محمد طاهر المنصوري وعبد الحميد هنية لكتاب (التاريخ الجديد) للمؤرخ الفرنسي جاك لوغوف حول مناهج البحث التاريخية الحديثة سنة 2007م، قدمت إضافة معرفية جديدة للمكتبة العربية، ونذكر من الترجمات كذلك ترجمةُ كتاب (إسكان الغريب في العالم المتوسطي) للطاهر المنصوري، وما يميزها الترجمة العميقة، والتعليقات المنهجية، والتبحر الأرشيفي، فكانت ترجمته مساءلة فكرية لقضية المتوسط الحضارية والعلاقة بين ضفتيه.
وأخيراً، يمكننا القول إن َّالحرية الفكرية والإصلاح الداخلي والانفتاح الحضاري هي عمليات تلزمُ المؤرخ العربي عند دراسته تاريخ الآخر، والآن بدأ عدد من الباحثين في معهد الدوحة للدراسات العليا في قطر بإعداد مخبر بحثي يعمل على إعادة إنتاج معرفة محلية تحفر في الأعماق، وتعالج ما أمكن من الإشكاليات المعرفية في المجتمعات العربية، وتدرسَ المصادر التاريخية بمراحلها المبكرة والوسيطة والراهنة للوصول إلى بناء فكري نصطلح على تسميته اليوم “أهلنةُ المعرفةِ التاريخية”.
خاتمة:
وختامُ القول، يمكن أن نلحظ كيف تكونت صورةٌ جزئية ثابتة، ومتغيرة مع الآخر لدى المؤرخين في العالم العربي منذ العصور الوسطى وحتى الآن، وكيف أسهمت عوامل الأدلجة “سياسية وفكرية” في توسيع الفجوة، وزيادة جدلية العلاقة المتنازعة، وظلَّ مجال الآخر مجالاً شائكاً مليئاً بالعراقيل والعثرات المعرفية سواءَ فيما يتعلق بصعوبة التعريف، وتحديد ماهية العلاقة، وطريقة التعامل معه، وكذلك في إمكانية التخلص من الصورة النمطية والأسطورة التي طغت على كثير من الكتابات التاريخية العربية، واستقت أفكارها من الذاكرة الجمعية للأمة الإسلامية، وهو الأمر الذي يتطلب منا إستراتيجيةً علمية تعتمدُ مناهج حديثة، وتُبنى على أساسٍ تتداخل فيه تخصصاتٌ متعددة، ويكون هناك إحاطةٌ في اللغات المختلفة، وكما تفرض تعاوناً بين المؤرخين والاختصاصيين الآخرين من الإعلاميين، والسياسيين، والاقتصاديين، وعلماء الأنثروبولوجيا؛ ليّسهُلَ الطريق على المؤرخ في تناوله دراسة تاريخ الآخر، والعلاقات بين مختلف الشعوب في العالم، ويتمكن من تَحمُّلُ الصعوبات المعرفية، ويتجاوز تأثيراتها.
فمن الضروري أن يهتم المؤرخون في العالم العربي في هذا المجال باعتباره تخصص فرضته الظرفية التاريخية والحضارية؛ نظراً للاحتكاك بين العربي والآخر غير العربي، ومن ثم مع الآخر الداخلي المختلف إثنياً أو مذهبياً أو سياسياً، فلا بدَّ من إعداد دراسات عربية مستفيضة حول طُرق التعاطي مع الآخر للتعرُّف عليه أكثر، وبالتالي فإنَّ العمل الدائم سيؤدي في نهاية المطاف إلى أجواء إيجابية من الحوار، والانفتاح المعرفي بين المؤرخين، وهو ما سيسهم في تجاوز معوقات البحث العربي في تاريخ الآخر.
مراجع البحث:
المراجع العربية والمترجمة:
- إدغار موران: إلى أين يسير العالم ؟ تر: أحمد العلمي، الدار العربية للعلوم، بيروت، ط1، 2009م.
- أندريه لالاند: موسوعة لالاند الفلسفية، تعريب: خليل أحمد خليل وآخرون، منشورات عويدات، بيروت، لبنان، ط1، 1996م، مجلد (1).
- إياد عماوي: الأنا والآخر ودورها في رسم وتحديد العلاقة بين الوطن العربي والغرب، منطقة طولكرم التعليمية، رام الله، 2007م.
- جاسم سُلطان: الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ، مكتبة أم القرى، المنصـــورة، ط1، 2005م.
- حسين العُودات: الآخر في الثقافة العربية، دار الساقي، بيروت، 2010م.
- ابن خلدون: المقدمة، عبد الله محمد الدرويش، دار يعرب، دمشق، 2004م، ج1.
- الطاهر لبيب: صورة الآخر ناظراً ومنظوراً إليه، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط2، 2008م.
- عبد الحميد الأنصاري: ثقافة الكراهية، دار مدارك، بيروت ، ط1 2012م.
- عبد الرحيم بن حادة: من سيمنار ” إنتاج المعرفة التاريخية في المغرب الأقصى”، معهد الدوحة للدراسات العليا، الدوحة، 13 أبريل 2016م .
- عبد الله إبراهيم: المركزية الإسلامية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1، 2001م.
- عبد الله العروي: الإيديولوجيا العربية المعاصرة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1، 1995م.
- عبد الله العروي: مفهوم الحرية، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط5، 1993م.
- عبد الله بوقرن: الآخر في جدلية التاريخ عند هيجل، جامعة منتوري، قسنطينية، 2006م.
- عزيز العَظمة: العرب والبرابر” المسلمون والحضارات الأخرى”، دار رياض الريس، لندن، ط1، 1991م.
- ماجدة حمود: صورة الآخر في التراث العربي، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، ط1، 2010م.
- محسن حسين: الاستشراق برؤية شرقية، بيت الوراق، بغداد، ط1، 2011م.
- محمد عابد الجابري: بنية العقل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط6، 2000م.
- المسعودي: التنبيه والإشراف، تحقيق: عبد الله الصاوي، دار الصاوي، بيروت، د.ت، ج1.
- نازك سابايارد: الرحالون العرب وحضارة الغرب، مؤسسة نوفل، بيروت، ط2، 1992م.
المراجع الأجنبية:
- Bernard Lewis, Islam and the West: Oxford University press, (New York: 1993).
- Bernard Lewis: Reissued in Norton paper, The Muslim Discovery of Europe: bake) New York: 2001).
- Henri Tajfel and John Turners”, ” Social Identity Theory “, 1979 : http://www.age-of-the-sage.org/psychology/social/social_identity_theory.html
- Richard W.Bulliet, The case for Islamo-Christian Civilization: Columbia University Press (New York: 2004).
[1] أندريه لالاند: موسوعة لالاند الفلسفية، تعريب: خليل أحمد خليل وآخرون، منشورات عويدات، بيروت، لبنان، ط1، 1996م، مجلد (1)، ص.ص 124 ـــ 125 .
[2] “Henri Tajfel and John Turners”, ” Social Identity Theory “, 1979 : http://www.age-of-the-sage.org/psychology/social/social_identity_theory.html
[3] عبد الله بوقرن: الآخر في جدلية التاريخ عند هيجل، جامعة منتوري، قسنطينية، 2006م، ص 18.
[4] عبد الله إبراهيم: المركزية الإسلامية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1، 2001م، ص6.
[5] عبد الحميد الأنصاري: ثقافة الكراهية، دار مدارك، بيروت ، ط1 2012م، ص17.
[6]حسين العُودات: الآخر في الثقافة العربية، دار الساقي، بيروت، 2010م، ص19.
[7]المسعودي: التنبيه والإشراف، تحقيق: عبد الله الصاوي، دار الصاوي، بيروت، د.ت، ج1، ص 32.
[8]حسين العودات: المرجع السابق، ص 247.
[9] إياد عماوي: الأنا والآخر ودورها في رسم وتحديد العلاقة بين الوطن العربي والغرب، منطقة طولكرم التعليمية، رام الله، 2007م، ص 16.
[10] عبد الله العروي: الإيديولوجيا العربية المعاصرة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1، 1995م، ص60.
[11] Bernard Lewis: Reissued in Norton paper, The Muslim Discovery of Europe: bake) New York: 2001), 297.
[12] عبد الله إبراهيم: المرجع السابق، ص15.
[13] عزيز العَظمة: العرب والبرابر” المسلمون والحضارات الأخرى”، دار رياض الريس، لندن، ط1، 1991م، ص 218 .
[14] ابن خلدون: المقدمة، عبد الله محمد الدرويش، دار يعرب، دمشق، 2004م، ج1، ص 154 .
[15] حسين العودات: المرجع السابق، ص 252 .
[16] ماجدة حمود: صورة الآخر في التراث العربي، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، ط1، 2010م، ص13 .
[17] إدغار موران: إلى أين يسير العالم ؟ تر: أحمد العلمي، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، ط1، 2009م، ص59.
[18] الطاهر لبيب: صورة الآخر ناظراً ومنظوراً إليه، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط2، 2008م، ص 22.
[19]. Bernard Lewis, Islam and the West: Oxford University press, (New York: 1993), 164-165
[20] نازك سابايارد: الرحالون العرب وحضارة الغرب، مؤسسة نوفل، بيروت، ط2، 1992م، ص. ص 19 ـ 20 .
[21] حسين العودات: المرجع السابق، ص265.
[22] حسين العودات: المرجع نفسه، ص285.
[23] عبد الرحيم بن حادة: من سيمنار ” إنتاج المعرفة التاريخية في المغرب الأقصى”، معهد الدوحة للدراسات العليا، الدوحة، 13 أبريل 2016م .
[24] محمد عابد الجابري: بنية العقل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط6، 2000م، ص565 .
[25] محسن حسين: الاستشراق برؤية شرقية، بيت الوراق، بغداد، ط1، 2011م، ص 18.
[26] محسن حسين: المرجع السابق، ص20.
[27] محسن حسين: المرجع نفسه، ص237.
[28] عبد الله العروي: المرجع السابق، ص 58.
[29]جاسم سُلطان: الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ، مكتبة أم القرى، المنصـــورة، ط1، 2005م، ص127.
[30] Richard W.Bulliet, The case for Islamo-Christian Civilization: Columbia University Press (New York: 2004), 152.
[31] عبد الله العروي: مفهوم الحرية، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط5، 1993م، ص 108.