الدراسات البحثيةالعلاقات الدولية

الدبلوماسية الجزائرية و المعضلة الأمنية في مالي

اعداد الباحث : بن عائشة محمد الأمين – جامعة الجزائر -كلية العلوم السياسية و العلاقات الدولية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

 

خلاصة:

تشهد القارة الإفريقية تجاذبات وصراعات بين مصالح الولايات المتحدة الأمريكية و باقي القوى الكبرى في العالم في ظل التوجهات الإستراتيجية الجديدة لما بعد ﻧﻬاية الحرب الباردة، وكذا محاولة كل طرف تطبيق المشاريع الإستراتجية للهيمنة على مناطق النفوذ و الثروة في القارة الإفريقية انطلاقا من  سياسة جيوبوليتكية براغماتية، ، وهذا ما يفسره الصراع الدولي على المناطق الجيوبوليتيكة في العالم،لهذا يمكن القول أن العلاقات الدولية هي صراع من أجل القوة مثلما طرحه هانس مورغنثوHans Morgenthau  بقوله أن السياسة الدولية ككل سياسة هي صراع مستمر من أجل القوة ومهما تكن الأهداف النهائية للسياسة الدولية، فالقوة هي الهدف العاجل دومًا.

بحيث تظهر منطقة الساحل الإفريقي من بين أكثر المناطق في العالم التي تشهد حالة من الانهيار والانفلات الأمني  أو حالة الاأمن وما يخلفه من أثار سلبية على سكان المنطقة حيث أصبحت المنطقة المصدر الأساسي لكثير من المشاكل التي ترتبط في الغالب بعدم توفر أدنى مستويات الحياة للأفراد بالإضافة إلى غياب مفهوم الدولة وحالة الهشاشة و الانكشاف الأمني و الاقتصادي وخصوصا الاجتماعي الذي غالبا ما ينتج عنه أزمة هوية التي ينتج عنها تفكك المجتمع وبالتالي الدولة مما يؤدي إلى ظهور الدولة الفاشلة أمنيا و مجتمعيا، و تعتبر الجزائر الامتداد الإفريقي لحدودها محورا استراتيجيا نظرا لثقل انعكاساته السلبية في حال عدم الاستقرار أو التهديد على الجناح الجنوبي لأمنها القومي الذي أصبح مهددا بقوة على خلفية حالة الانفلات الأمني في منطقة الساحل التي تهدد بطريقة مباشرة استقرار الأمن القومي الجزائري بمستوياته السبعة(الأمن المجتمعي ، الاقتصادي ، الثقافي ، السياسي ، العسكري ، البيئي والصحي(.

مقدمة:

شهدت  الجزائر مع بداية التسعينيات العديد من التهديدات نتجت عن نشاط حركات التمرد في شمال مالي والنيجر مما أجبر الجزائر على التحرك الدبلوماسي والعسكري من أجل تفادي أي تدخل أجنبي و دولي على حدودها الجنوبية وخلق بؤر توتر جديدة، ومن الضروري الإشارة إلى التهديدات التي تخلفها وجود جماعات متمردة متطرفة في منطقة الساحل حيث أن الزحف المتواصل من الهجرات البشرية الفردية والجماعية داخل التراب الجزائري والنشاط المتنامي لعصابات التهريب و الجماعات الإجرامية ثم دخول الحركات الإرهابية والقاعدة في المغرب الإسلامي في السنوات الأخيرة.

فكل هذا التزاحم الدولي في المنطقة و التقارير التي تشير إلى أن منطقة الساحل هي “أفغانستان ثانية” تبين بوضوح تزايد أهمية منطقة الساحل  وتأثيرها المباشر على الأمن القومي الجزائري خصوصا مع تنامي المخاطر القادمة من هذه المنطقة وتأثيراتها على الأمن القومي للجزائر خصوصا بعد تفاقم مشكلة الطوارق الذي خلف وراءه هجرة مكثفة للاجئين من مالي و النيجر رغم محاولات الوساطة الجزائرية.

و هذه المعطيات دفعت الجزائر للعمل في محاولة لتغطية الانكشاف  و الهشاشة الأمنية في الجنوب خصوصا مع تنامي تهريب الأسلحة و النسيج الملغم القادم  من مالي والقابل للانفجار في أي وقت  و ما سينتج عنه من نتائج وخيمة  على الأمن القومي الجزائري خصوصا مشكلة الطوارق  الذي يمثلون أحد مكونات المجتمع الجزائري والمنتشرين بصفة كثيرة في كل من الهقار، جانت، تمنراست و أدرار وبالتالي فان أي إثارة أو خطأ ضد الطوارق المنتشرين عبر الصحراء الكبرى ومناطق الساحل الإفريقي من شأنه أن يثير ويحرض طوارق الجزائر خصوصا وأن أقليات الطوارق تجمعهم علاقات وطيدة تتنوع بين التجارة و التناسب وهو ما يعود بتداعيات سلبية على الأمن في المنطقة عموما و على الجزائر خصوصا.

من مقتضيات الإنتماء الإفريقي للجزائر تبني قضايا القارة على مختلف الأصعدة ،وبالنظر إلى المكانة الجيوإستر اتيجية والإمكانات التي تتوفر عليها الجزائر، فإن ذلك كله يفرض على الدبلوماسية الجزائرية بذل جهودا مضاعفة في سبيل تأكيد الحضور الفعال والأداء الدبلوماسي المتميز، من اجل تحقيق مكاسب تعكس القدرات التي تمتلكها الجزائر وتخدم مصالحها وقضاياها،وتأكيد الدورالإيجابي لهاعلى المستوى القاري.

تشهد الدبلوماسية الجزائرية منذ سنة 2003 (تاريخ بدأ أول عملية إرهابية في منطقة الساحل)، حراكا موسعا في ظل التطورات الأمنية التي تعيشها منطقة شمال مالي، بعد سيطرة حركة «التوحيد والجهاد» وما يعرف بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» على عدة مناطق كانت تحت سلطة حركة الأزواد.

  • طبيعة الأزمة في مالي و أبعاد التدخل العسكري الخارجي.  

كشف الصراع على السلطة في الجنوب والشمال الضعف المتأصّل للمجتمع في مالي، والقوى المستحكمة المختلفة التي تؤثّر فيه، فبمجرّد تلاشي عدوّهما المشترك، أعادت القوى المتباينة في مالي رسم خطوط المعركة، وقد عجّل المجلس العسكري (الذي أطاح الحكومة 22 مارس 2012 في محاولة لإنقاذ سلامة الدولة ظاهرياً حسب منفذي الانقلاب العسكري)، في تفكّك الدولة، وأدخل الجيش و الدولة ككل في حالة من الفوضى.

إن تعريف نعوم تشومسكي Noam Chomsky للدولة الفاشلة ينطبق  الى حد على مالي – -هذا ليس حكم و انما وصف فقط لما يحدث من فوضى في دولة مالي-“هي الدولة التي لا تقدر أو لا ترغب في حماية مواطنيها من العنف أو الدمار، وتعتبر نفسها فوق القانون، وبالتالي تطلق يدها في ممارسة العنف والعدوان ضد مواطنيها والآخرين، وارتكاب الشنائع «الديمقراطية» بشكل يجرّد مؤسساتها من أي جوهر ديمقراطي حقيقي“،”failed states are those that” do not protect their citizens from violence and perhaps even destruction, that regard themselves as beyond the reach of domestic or international law, and that suffer from a ‘democratic deficit,’ having democratic forms but with limited substance([1]) وهذا راجع لعدم قدرتها على تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية من جهة وعدم القدرة في التحكم في الاوضاع الأمنية من جهة أخرى.

–           طبيعة الأزمة في مالي.

يمكن تصنيف النزاع في مالي على أنه نزاع داخلي كبير و عنيف بحكم تواجد أطراف داخلية وأخرى خارجية  و استخدام الاسلحة، و هو نزاع سياسي و اقتصادي داخليا بمعنى نزاع على السلطة ونزاع على الثروة، وهو نزاع أجندات خارجية في المنطقة عموما و في مالي خصوصا.

تعدّ الجماعات المرتبطة بالتنظيمات الإجرامية والإرهابية أطرافاً مسيطرة في الصراع في مالي، وقد عطّلت تصرّفات هذه الجماعات، وتنظيم القاعدة في “بلاد المغرب الإسلامي” على وجه الخصوص الوضع الراهن وخلقت مصالح خاصة جديدة، تدعمها الجماعات الإجرامية والتحالفات التكتيكية، الأمر الذي أسهم في اندلاع الصراع في المقام الأول، كما أدّت هذه التطوّرات إلى تعقيد البحث عن حلّ سلمي للأزمة، لأن مجموعات مختلفة ومتنافسة تتزاحم كي تؤمّن لنفسها دوراً بارزاً في أي اتفاق لتقاسم السلطة مع باماكو،  هذه الديناميكيات الداخلية تجعل التدخّل الخارجي أمراً بالغ الخطورة، فمثل هذا الإجراء يمكن أن يؤجّج التوتّرات المحلية، ويطلق شرارة تحالفات جديدة وأكثر خطورة، نظراً إلى ارتباطات هذه الجماعات بالبلدان الأخرى، وتكون له بالفعل مضاعفات غير مباشرة على المنطقة ككل([2]).

ويعزى تحوّل الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى النكسات الكبرى التي منيت بها في الجزائر، فبحلول العام 2003، كانت الجماعة تعاني من الانقسامات الداخلية ومن نقص المال والمقاتلين، وقد تخلّى العديد من المسلحين عن أسلحتهم كجزء من مبادرتي العفو اللتين أطلقهما الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في حين نجحت قوات الأمن الجزائرية في القضاء على البقية أو أجبرتهم على الفرار من الأراضي الجزائرية إلى شمال مالي. كما لاحظت الجماعة السلفية توجّه بعض مقاتليها إلى العراق للانضمام إلى التمرّد ضد القوات الأميركية. وعلى حدّ تعبير تقرير صادر عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية فإن “النقطة التي يجب إبرازها هي المدى الذي فرضت الأحداث داخل الجزائر ضرورة إعادة النظر في عمليات الجماعة إقليمياً، ما أدّى إلى توريط مالي في ديناميكيات لاتملك الكثير لكي تفعله إزاءها، و لا تملك أي سيطرة عليها، هذه” الديناميكيات الخارجية” تستلزم استجابة إقليمية للأزمة في مالي([3]).

استخدم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بين حين وآخر، جذوره العربية كي يكسب نفوذ لدى المجتمعات المحليّة العربية، “تمبكتو” على سبيل المثال، هي معقل التنظيم والمكان الذي بنى فيه الشبكة الأولى من تحالفاته الاجتماعية والسياسية،  يعدّ عدم الاستقرار وحركات التمرد في الشمال سمةً دائمة من سمات الوضع الماليّ، في حين تميّزت الأوضاع السياسية بالصراع على السلطة على وقع الانقلابات والأنظمة الديكتاتورية مع اضطرابات اجتماعية ووضعٍ اقتصادي هشّ، وزادت فترات الجفاف والقحط الممتدّة من حدّته، إذ تعدّ مالي من بين أفقر عشرين دولة في العالم([4]).

وظلّت الخريطة الاقتصادية والاجتماعية لمالي على مرّ عقود الاستقلال ترسم خطّ فصل افتراضي بين جزأين متمايزين؛ شمال هو الأكثر تضررًا من الجفاف والأقلّ تنمية تمثّل تمبوكتو وغاو وكيدال أهمّ مدنه، وجنوب تقع فيه العاصمة باماكو وتتركّز فيه الأنشطة الاقتصادية الأساسية في البلاد

علاوةً على التمايز الاقتصادي و الاجتماعي في مالي، فإنّ هنالك أبعادًا أخرى يجب تناولها هنا كعوامل للأزمات المتتالية في مالي، إذ إنّ دولة مالي – البالغ عدد سكّانها 14.5 مليون([5]) – شديدة التنوّع من الناحية الإثنية* وغنيّ عن القول إنّ هذا التنوّع الهجين ما هو إلا نتيجة للحدود التي وضعتها فرنسا لمستعمرة “السودان الفرنسي” (تشكّلت في أغلبها من أراضي دولة مالي الحاليّة) ضمن تقسيم مستعمراتها الثمانية في غرب أفريقيا في1895 .

قام الطوارق بحركات تمرّد متكرّرة على امتداد العقود الخمسة لاستقلال مالي، وشهدت الفترة ما بين عام 1990 وعام 2009 أكبر عددٍ من محاولات التمرّد، وهناك عاملان رئيسان عدم الاستقرار في دولة مالي؛ أوّلهما التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين إقليمَي مالي الرئيسين (الشمال والجنوب) وشعور سكّان الشمال وفي مقدّمتهم الطوارق بمحاباة إقليم الجنوب ببرامج التنمية على حساب إقليمهم، أو على الأقلّ فشل سياسات التنمية في الشمال على نحوٍ أشدّ وضوحًا من الجنوب. أمّا العامل الثاني، فهو التنوّع الإثني وهيمنة إثنية واحدة على مقاليد الحكم منذ الاستقلال، ما عزّز الشعور بعدم الانتماء لدى الطوارق والأقلّيات الإثنية الأخرى في الشمال التي أصبحت تنظر إلى الدولة كممثّلة لمجموعةٍ إثنية أو قبلية تهيمن على باقي الإثنيات والقبائل، فالدولة بالنسبة إليهم ليست سوى إثنية “البومبارا” المسيطرة على مؤسّسات الحكم منذ استقلال البلاد في عام 1960 ([6])، ولم تفشل دولة مالي الحديثة في تحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة بين أقاليمها فحسب، بل فشلت فشلًا ذريعًا في دمج مواطنيها في إطار هويّة واحدة أساسها المواطنة، تتجاوز حدود الانتماءات الإثنية والقبلية.

وانتهت محاولات التمرّد الطوارقية باتفاقيات سلام بين المتمرّدين الطوارق والحكومة الماليّة. وشهدت الفترة التي تلت آخر اتفاقية من هذا النوع في عام 2009 استقرارًا نسبيًّا، حتّى اندلاع تمرّدٍ جديد في جانفي 2012، ويختلف هذا التمرّد عمّا سبقه في عدّة وجوهٍ أهمّها:

أوّلًا: إنّ هذا التمرّد هو محصّلة تحالف بين حركات طوارقية وطنية ومجموعات إسلاميّة متطرّفة من جنسيات مختلفة (ماليّة، ونيجيرية، وموريتانية، وجزائرية) نشطت في مناطق الطوارق واستطاعت استمالة بعض المجموعات الطوارقية إلى برنامجها، واستفادت من مخزون السلاح الذي وصل من كتائب طوارقية كانت من ضمن كتائب نظام القذافي قبل سقوطه. ولم يكن هذا التحالف وليد لحظة التمرّد في 2012، فلقد نسجت المجموعات الإسلاميّة المسلّحة والحركات الطوارقية الانفصالية علاقات اعتماد متبادل اقتصادية وأمنيّة ومنفعيّة خلال السنوات القليلة الماضية، وقد ساهم تحوّل طرأ على بعض قيادات التمرّد الطوارقي وعناصره في تسهيل التحالف، إذ أصبحت جماعة “أنصار الدين” الطوارقية السلفيّة الجهاديّة” إحدى أبرز الحركات المؤثّرة في مناطق الطوارق*.

ثانيًا: إنّ جميع اتفاقات السلام التي عُقدت بين الحكومة المركزية والحركات الطوارقية إلى ما قبل هذا التمرّد، وكانت برعاية دولٍ مجاورة وعلى رأسها الجزائر، قد استنفدت إمكانيات استمرارها لأنّها لم تكن ضمن إطار عملية سياسيّة كاملة في مالي([7]).

ولم تنعكس إيجابيًّا على سكّان شمال مالي، وخلال السنوات الأربع الماضية، لم تطرح أيّ مبادرات لاتّفاقات بين طرفَي الأزمة. بل لم يكن هنالك تنبّه أو اهتمام من وسطاء اتفاقية سلام 2009 لمتابعة تطبيقها، ولذا، فإنّ محاولات الوساطة السلمية التي تجدّدت خلال عام 2012، سواء تلك التي قامت بها الجزائر أو تلك التي رعتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، جاءت متأخّرة لأنّ الوضع على الأرض قد تغيّر لفائدة حركة التمرّد، إضافةً إلى أنّ العناصر الفاعلة في حركة التمرّد الجديدة كانت مختلفة عن الفاعلين في حركات التمرّد السابقة، فالحركات الإسلاميّة المتطرّفة وكذلك الجناح السلفي للمتمرّدين الطوارق (جماعة أنصار الدين) أصبحت أطرافًا فاعلة في التمرّد، وقيادة هذا التمرد غير معنيّة أو مهتمّة بما يمكن أن تقدّمه هذه التسوية لها أو لسكّان شمال مالي. كما أنّ جهد دول الجوار للوصول إلى اتّفاق تسوية لم يكن مجديًا على الإطلاق، إذ كان المستهدفون منها والمدعوّون للحوار هم الحركات الوطنية الطوارقية التي لا تملك أن تغيّر شيئًا على أرض الواقع بعد أن طُردت من شمال مالي حين أصبح الإقليم تحت سيطرة الحركات الإسلاميّة المتطرّفة([8]).

ثالثًا: جرت حركة التمرّد هذه في وقتٍ كانت فيه الحكومات الماليّة في أضعف حالتها، ففي 20 مارس 2012 خرجت تظاهرات مندّدة بالحكومة شارك فيها عناصر من الجيش، وفي 22  مارس أطاح انقلابٌ عسكري بالرئيس أمادو توماني توري، وأصبحت السمة الرئيسة للوضع في العاصمة الماليّة باماكو هي صراع على السلطة في ظلّ توازن قوى هشّ بين النخب السياسية المدنيّةو الانقلابيّين العسكريّين الذين أمسكوا بزمام السلطة، ويذكر في هذا السياق أن لا خلاف جوهري بين هذين التيّارين بشأن آليّة التعامل مع الأزمة والموقف المؤيّد للتدخّل الفرنسي والاعتماد عليه([9]).

مالي الأن  هو الحلقة الأضعف في منطقة الساحل والأكثر عرضة إلى زعزعة الاستقرار على يد المتردين([10]) ، خصوصا مع تواصل النزاع العرقي في مالي – مع ظهور حركات التمرّد الانفصالية بين حين وآخر منذ العام 1962 – حتى قبل اندلاع النزاع في ليبيا في فيفري 2011، غير أن التسلسل الدراماتيكي للأحداث الذي شهد سيطرة متمرّدي الطوارق على الشمال وانهيار الحكومة في الجنوب، فالطوارق ضغطوا منذ وقت طويل للحصول على الحكم الذاتي من الحكومة المركزية التي يتّهمونها بسوء الإدارة والتهميش، غير أنهم لم ينجحوا من قبل في زعزعة استقرار الدولة تماماً، ويعزى تفكّك مالي إلى هشاشة التركيبة السياسية فيها، والحوكمة الضعيفة وإهمال المناطق النائية، والتمرّد المستعر في الشمال، والذي تحوّل بسبب الحرب الليبية إلى تمرّد مسلح مكتمل([11]).

بداية الأزمة  كانت في منتصف جانفي 2012 حيث هاجمت الحركة الوطنية لتحرير الأزواد عدد من المدن المالية يوم 17 جانفي 2012 وهي “مناكا” الواقعة قرب الحدود مع النيجر و “وتساليت” على الحدود مع الجزائر([12]).

حاول العديد من منظمات الطوارق التمرد ضد السلطة المركزية في باماكو، وكان أبرزها الحركة الوطنية الأزوادية MNA،وأزواد هو الاسم الذي يستخدمه الطوارق للإشارة إلى الإقليم الشمالي في مالي، وقد سعت الحركة التي أنشئت في العام 2010 إلى بناء شبكة معارضة محلية، وحشد الدعم الدولي لمشروع استقلال الشمال عن مالي. تمحورت دعوى الحركة الوطنية الأزوادية للانفصال حول المظالم القائمة منذ وقت طويل. وغالباً ما اتُّهِمت العاصمة بالإهمال الاقتصادي المتعمّد للشمال. وقالت الحركة الوطنية الأزوادية، إن المسؤولين اختلسوا أموال المساعدات الدولية لأغراضهم الخاصة، ولم ينفّذوا اتفاقات السلام السابقة الموقّعة بين الشمال والجنوب تماماً([13]).

في نهاية المطاف، كانت هناك حاجة لوجود قوة خارجية للحثّ على القيام بإجراء حاسم، وأصبحت الحرب الليبية التي أطاحت معمر القذافي في العام 2011 الحافز الذي “عجّل بتحوّل شبكة الحركة الوطنية الأزوادية إلى تمرّد،  فقد عاد مئات الطوارق الذين خدموا في قوة القذافي الأفريقية، التي أنشئت في العام 1972، والذين قاتلوا ضد الثوار الليبيين، إلى منازلهم في شمال مالي. بعض هؤلاء المقاتلين هم من نسل الطوارق الذين انتقلوا إلى ليبيا خلال موجة الجفاف التي حدثت في العام 1984، أو ممّن فرّوا من قمع الحكومة المالية خلال تمرّد العام 1963 ([14])ْ.

بدأ التمرّد المسلح ضد قوات مالي في 17 جانفي 2012، بعد ستة أشهر بالضبط من عودة الطوارق إلى ديارهم من ليبيا، و كان التمرّد بقيادة الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وهي فرع من الحركة الوطنية الأزوادية MNLA، والتي تأسّست في أكتوبر2011.

منذ إنشائها، قامت الحركة الوطنية لتحرير أزواد على أسس هشّة، وكانت عرضة إلى التوتّرات السياسية والإيديولوجية والقبليّة الصغيرة. ومع ذلك، وحّدت المعركة المجموعات المتباينة وهدّأت الخلافات في ما بينها. وفوجئ الجنوب بالسرعة والحسم اللذين جرت بهما الحملة العسكرية، الأمر الذي تسبّب في استياء وغضب شعبيين من تعاطي توري مع الحرب، فضلاً عن حدوث تمرّد داخل التسلسل الهرمي للجيش. إذ أطاح مجلس عسكري بقيادة الكابتن “هيا أمادو سانوجو”  بالرئيس يوم 22 مارس، قبيل ستة أسابيع فقط من انتهاء فترة ولاية “توري” ودافع سانوجو عن انقلابه على أساس أن توري أخفق في “توفير تجهيزات كافية لقوات الدفاع الأمن لإنجاز مهمتها في الدفاع عن سلامة أراضي البلاد”([15]).

أظهر الانقلاب التفسّخ الزاحف للديمقراطية الانتخابية وتدهور المؤسّسات العسكرية، وعلى حدّ تعبير أميناتا درامان تراوري، وزير الثقافة والسياحة السابق فإن “سانوجو ليس هو المشكلة، بل أحد أعراضها” ([16]) وقعت مالي، التي كانت في السابق نموذجاً واعداً للديمقراطية في غرب أفريقيا، في شرك شبكة للإرهاب الإقليمي وتهريب المخدرات والجريمة المنظّمة. وللأسف فإن قيادتها خضعت إلى هذه الضغوط، ما أدّى إلى عواقب وخيمة على الدولة والمجتمع،  بعد إطاحة أمادو توماني توريAmadou Toumani Toure، ضغطت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” ECOWAS، التي كان ينظر إليها في البداية بوصفها الاتحاد المناسب للتوسّط في النزاع على “سانوجو” للتنازل عن السلطة لحكومة مؤقتة بقيادة “ديونكوندا تراوري”، ومازالت الإدارة الجديدة عاجزة عن إثبات وجودها سياسيا([17])ً..

في شمال مالي، مازال الارتباك سائداً بشأن مدى تقارب أو تداخل الجماعات المسلحة. فقد اضطرّت الحركة الوطنية لتحرير أزواد، التي أعلنت استقلال أزواد في 5 أفريل 2012، بعد أن طاردت القوات الحكومية من كيدال وغاو وتمبكتو، للتنازل عن الأرض لقوات إسلامية مسلحة -بقيادة جماعة أنصار الدين – أكثر منها ثراءً وأفضل تسليحاً. ومع تقدّم القوات الثورية جنوباً، توصّلت الجماعات المسلحة في” تمبكتو وغاو” إلى ترتيب مؤقّت، وبدأت بإعادة تكوين ديناميكيات السلطة في شمال مالي، وهي العملية التي تستمر في التوسّع والتطور ([18]).

أزمة التوارق هي نتاج صريح للارث الاستعماري، يرجع محددها التاريخي الى استقلال كل من ليبيا 1951، والنيجر 1960، وبوركينافاسو 1960 و الجزائر 1962 عندما وجدت القبائل الترقية المتمركزة في الصحراء الكبرى نفسها منقسمة بين عدة دول اتفقت على مبدأ عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار([19]).

الطوارق أو أمازيغ الصحراء ويلقبون أحيانا بـالرجال الزرق شعب من الرحّل والمستقرين من شعوب الأمازيغ، يعيش في الصحراء الكبرى خاصة في صحراء الجزائر، ومالي، والنيجر وليبيا وبوركينا فاسو. والطوارق مسلمون سنيون مالكيون مع خلط من العقائد الأفريقية، ولهم نفس هوية سكان شمال أفريقيا، ويتحدثون اللغة الأمازيغية بلهجاتها التماجقية والتماشقية والتماهقية، وبعضهم يتحدث العربية بلهجاتها الجزائرية الصحراوية([20]).

يرجح بعض المؤرخين أن شعب الطوارق هم أحفاد القارامانت الذين عاشوا في سهول فزان بليبيا وهناك من يقول بالعكس بدليل أن القارامانت حسب المؤرخين القدماء كهيرودوت هم من ذوي البشرة السوداء أما الطوارق فهم بيض ثم أن الشعوب التي شاركت مباشرة في تكوين الطوارق لم يسكنوا فزان وهم قبائل هوارة، اللمطة، إزناكن، إماسوفن العلاقة الوحيدة بين الطوارق والقارامنت هو تسمية الثانية لفزان وهي تارقة والتي صارت فيما بعد تسمية فرقة صنهاجة الملثمون، الطوارق ينفردون باسمهم المعروف لدى الأوربيين والعرب، والتفسير الأكثر منطقية هو أن اسمهم مشتق من الكلمة الأمازيغية Targa وتعني “الساقية” أو “منبع الماء”.([21]).

لكن الطوارق الأمازيغ يطلقون على أنفسهم “ئموهاغ” Imuhagh أو ئموشاغ Imuchagh وهما تنويعان للكلمة الأمازيغية Imuzagh. ولغتهم معروفة بـ”تاماهيق” Tamaciq وهي فرع من الأمازيغيةTamazight. ، الطوارق يفضلون تسميتهم ب”إيماجيغن” أي الأمازيغ بالعربية، ويفضلون تسميتهم أيضا ب”إيموهاغ” أي “الرجال الشرفاء الأحرار”. و معظم الطوارق يرفضون تسميتهم بالبربر، لانهم يعتبرونها تسمية مختلفة عنهم([22])

 

استطاع تنظيم الازواد السيطرة على العديد من المناطق في شمال مالي ، واستطاع خلق بؤر توتر في عدد كبير من الأقاليم في مالي وهو ما تبينه الخريطة التالية.

 

–         تداعيات الأزمة في مالي على الاستقرار السياسي والأمني .

تظهر أزمة الاندماج الوطني حين يعجز النظام السياسي عن بناء الدولة الوطنية و حين تغيب الرغبة في العيش المشترك بين الجماعات المشكلة للمجتمع، بشكل يجعل من الصعوبة بمكان اطلاق مصطلح “شعب” على تلك الجماعات بل ويجعل من الصعوبة اطلاق مصطلح “دولة” على ذلك الكيان، ويرجع عجز النظم السياسية عن ادارة هذه الأزمة لعدد من الاسباب فقد يظهر هذا العجز لفساد هذه النظم و تحيزها لجماعة اثنية على حساب الجماعات الاخرى بما يؤدي الى اضعاف قدرتها التوزيعية الاقتصادية و الاجتماعية،

كذلك يؤدي اتساع مساحة الاقليم للعديد من الدول و سيادة الطابع الصحراوي و الغابي عليها الى منع النظم الحاكمة من تحقيق السيطرة على كامل الاقليم، وقد تعجز النظم الحاكمة عن ادارة أزمة الاندماج الوطني نتيجة لتداخل الجماعات الاثنية عبر الحدود مع الدول المجاورة بشكل يحول دون امكانية تحقيق السيطرة على كامل الشعب أو نتيجة لتدخلات قوى اقليمية ودولية رأت من مصلحتها تقويض الاستقرار في تلك الدولة مستغلة الاختلافات الاثنية بين الجماعات المكونة لشعب الدولة([23]).

و فيما يتعلق بالوضع الاجتماعي في مالي ففي الفترة ما قبل 1991 عانت مالي من تدهور في حالة النظام والقانون و خاصة مع تعاظم المشكلات الأمنية و تنوعها، سواء كانت تمس كيان و سيادة الدولة مثل الانقلابات العسكرية و مشكلة المتمردين في الشمال الذين وقفوا ضد النظام  نتيجة لتهميش بعض المناطق في الشمال الأمر الذي أدى لظهور حركات سياسية في المناطق الشمالية تطالب بحقوق شعوب المنطقة ومن هذه الجبهات وحركة الطوارق للمقاومة  mouvement de la résistance touareg و الحركة الشعبية للأزواد mouvement populaire d’Azaouad و الجبهة الاسلامية العربية لأزواد front islamique arabe de l’Azaouad ، فمنذ منتصف التسعينيات قامت مجموعة  من المتمردين بحمل السلاح في شمال مالي ضد الحكومة الأمر الذي فرض تحديا على الجيش المالي لمواجهة هذه الجماعات و قد انتهت هذه المشكلة بعد اتفاقات بين الحكومة والمتمردين كان من أهمها اتفاق تنمراست في الجزائر في 06 جانفي 1991 ([24]).

ينتمي الطوارق الى أصول بربرية و يقدر عددهم بحوالي 1.5 مليون و تنتشر قبائل الطوارق في خمس دول هي الجزائرو ليبيا و مالي و النيجر و بوركينافاسو، تعتبر منطقة أزوادفي مالي المهد الطبيعي للطوارق و هو المبرر الذي تسوقه الحركات الانفصالية في شمال مالي و يضم شمال مالي ثلاثة محافظات هي ،تمبكتو، غاوو، كيدال Tombouctou, Gao, Kidal  ([25]).

 

تسببت الأزمات المتعاقبة التي مرت بها مالي في نشأة تيار لهجرة الطوارق من مالي بحثا عن لقمة العيش، فهاجرت أعداد كبيرة منهم شمالا و تأثر أبناء الطوارق المهاجرون الى ليبيا بالفكر الثوري الذي تبناه معمر القذافي و هو ما صرح به “حسن فاغاغا” أحد قيادات حركة التمرد في شمال مالي بقوله” لقد تدربنا عند القذافي و قال لنا ان نقوم بالثورة في مالي و النيجر ضد الحكومات، الطوارق في مالي و النيجر مجموعة واحدة”([26]).

ترجع حركات التمرد في شمال مالي الى عام 1964 حين تأسست عدد من الحركات الثورية المعادية للحكومة احتجاجا على معاناة شعوب المنطقة من تردي الأوضاع المعيشية، ولم ترتبط هذه الحركات بجماعة اثنية محددة بل ضمت كل من الطوارق و العرب و ضمت الحركات التي ذكرناها سابقا([27]).

إن معظم مجتمعات الطوارق في إفريقيا عانت لفترة طويلة من الكثير من التهميش والتخلف وضعف القدرة عل الاندماج والانسجام مع نظم الدولة المعاصرة، وتتحمل الدول الإفريقية التي يوجد فيها هذه المجموعات الطوارقية على شكل أقليات جزءاً كبيراً من مأساة الطوارق، إذ يحرمون من البني التحتية التعليمية والصحية ويفتقدون إلى أدنى متطلبات الحياة الكريمة، إضافة إلى أن تمسك الطوارق بعادتهم وتقالديهم ساهم أيضا في زيادة حالة العزلة التي يعانون منها([28])..

ويأتي هذا الفصل الجديد من الصراع بين الطوارق والحكومة المالية ليكون الرابع في سلسلة حروب بعضها طاحن نشبت بين الطرفين كانت أولاها سنة 1963 ضد نظام موديبو كيتا الشيوعي، وهو أول رئيس لدولة مالي المستقلة، بينما كانت الثانية ما بين (1990-1996) وانتهت باتفاقية بين المتمردين الطوارق وحكومة موسى تراوري في تمنراست بالجزائر في جانفي 1991، والتي استكملت بملحقات سميت بالميثاق الوطني بعد أن تجدد الصراع بين الطرفين بعد الاتفاقية الأولى([29]).

حيث في 23 ماي 2006 اندلع الفصل الثالث من الصراع بعد أن أعلن كل من الزعيمين المتمردين “إبراهيم أغ باهانغا” و”الحسن فاغاغا “الحرب من جديد ضد الحكومة المالية بعد فشل وساطة غير معلنة قام بها زعيم طارقي آخر هو إياد أغ غالي، وفشل فيها بإقناع الرئيس الحالي آمادو توماني تورى بالمطالب التي قدمها زعيما التمرد في لقاء جمع الاثنين في 22 ماي 2006 في قصر كولوبا الرئاسي([30]).

انتهى هذا الفصل من الصراع بعد توقيع اتفاقية للسلام في الجزائر في جويلية 2006 التي أنهت رسميا تمرد الطوارق ولكن وكما في المرات السابقة اضطر الطرفان أيضا لقبول وساطة ليبية أسفرت عن ما سمي بـ”بروتوكول تفاهم” وقع عليه الطرفان في 20 مارس 2008 في طرابلس بليبيا، وهو ما وضع حدا للأعمال العدائية التي سببها هجوم قام به المتمردون الطوارق على مركز  عسكري للجيش المالي وقع على بعد 150 كلم شمال كيدال، كبرى مدن الشمال المالي وهو ما شكل خرقا لاتفاقية الجزائر ([31]).

عرفت دولة مالي أزمة متعددة الجوانب تمثلت في أزمة الهوية وأزمة بناء الدولة، هذه الأزمة ازدادت حدتها بعد سقوط نظام معمر القذافي ورجوع المئات من الطوارق مسلحين و مدربين كل هذا كان من بين أسباب حدوث تمرد جديد في مالي قائم على مطالب العدالة الاجتماعية والاقتصادية في ظل الوضع الأمني المتدهور للبلاد.([32])

الأزمة في مالي معقدة ومتعددة الأبعاد، والبعد الأساسي فيها يتمثل في أزمة بناء الدولة، سواء في مالي أو موريتانيا أو النيجر أو حتى التشاد، إذ أن هناك هشاشة في المؤسسات الأمنية والسياسية وهي الصفة المشتركة بين جميع هذه الأنظمة السياسية،  ثم هناك البعد التاريخي السياسي حيث إن تشكيل الدولة الوطنية في هذه المنطقة أبعد الكثير من الهويات أو الأقليات والتي لم تدمج في نظام الدولة كما لم تستفد من التنمية التي تمركزت في العواصم فقط على قلتها، أي أن المناطق الأخرى كانت بعيدة عن صناعة القرار.

في أزمة مالي ، الرئيس” تومانو توري” لم يدمج التوارق في العملية السياسية وأبعدهم عن المشاركة في القرار السياسي وهذا ما أدى إلى الصراع الدائم بين المنطقة الشمالية والمنطقة الجنوبية،  كما أن مشكلة الأزواد تصنف حسب الخبراء السياسيين بأنها من النزاعات المجمدة أي أنها موجودة وخامدة ولكن عندما تجد البيئة المواتية تطفو على السطح، لذا يمكن تلخيص ما يجري في مالي أنه ضعف بناء دولة مركزية في الساحل، وضعف إدماج الهويات المنفصلة عن مشاركتها في السلطة([33]).

الوضع المتفجر حاليا في منطقة الصحراء الكبرى بغرب إفريقيا، بعد قيام قوات الجيش في باماكو بانقلاب عسكري على الرئيس المالي أحمد توماني توري22 مارس 2012، ينذر بأن يكون مصدرا للتوتر في إفريقيا،  وقد سيطرت مجموعة من العسكريين الماليين على السلطة، بعد استيلائها على القصر الرئاسي في العاصمة باماكو، وجاء هذا الانقلاب بعد عدم استجابة الحكومة لمطالب الجيش، الذي يطالب بتسليح رفاقهم الذين يعانون هزائم متكررة في شمال البلاد في حربهم ضد الطوارق، وضد رجال مدججين بالسلاح قاتلوا لحساب نظام معمر القذافي([34]).

إن السبب الرئيس وراء قيام الجيش المالي بانقلاب على الرئيس المالي، هو احتدام مشاعر الغضب في صفوف الجيش المالي من أسلوب معالجة الحكومة للتمرد، الذي يقوده الطوارق والذي أودى بحياة عشرات من الناس وأجبر نحو 200 ألف من المدنيين على ترك ديارهم وكشف عن ضعف سيطرة باماكو على النصف الشمالي للبلاد، ومماطلتها في إحباط التمرد الذي تقوده قبائل الطوارق في شمال البلاد، أشار المراقبون إلى أن الجنود طالبوا قبل أسابيع من الانقلاب تسليحهم لقتال المتمردين الذين يدعمهم مقاتلون كانوا قد شاركوا في المعارك التي دارت في الحرب الليبية بين ثوار ليبيا وموالين للعقيد الليبي معمر القذافي2011 ([35]).

أطراف النزاع في مالي:

*- أطراف داخل السلطة:

– الحكومة المركزية في باماكو جناح “تومانو توري  Tomano Touré” و “ديانكوندا تراوري Dioncounda Traoré”.

– الجيش المالي المتمرد بقيادة “أمادو هايا سانوجوAmadou Haya Saonogo “.

– المعارضة المسلحة:

1- محلية:

– الحركة الوطنية لتحرير أزواد Mouvement national de libération de l’Azawad.

– حركة أنصار الدين.

– ميليشيات مختلطة .

2-اقليمية:

        تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي( Aqmi (al-Qaïda au Maghreb Islamique

– حركة التوحيد و الجهاد في غرب افريقيا Le Mouvement pour l’unicité et le jihad en Afrique de l’Ouest (Mujao)                                                                 – كتيبة الموّقعون بالدماء La katiba el-Mouwakaoune Bidima

*أطراف خارجية:

– هيئة الأمم المتحدة.

-الاتحاد الافريقي.

– المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقياECOWAS. من خلال جيش مختلط بالإضافة الى وسيط المجموعة في نزاع مالي “بليز كومبواري”.

– الحكومة الفرنسية من خلال ارسال قوات عسكرية([36])*.

ترتكز المطالب التي يقدمها مسلحو الطوارق في كل هذه الفصول المتقطعة من الحرب والاتفاقيات على رفع الغبن والتهميش الذي يقولون إن الحكومة المركزية في باماكو تمارسه عليهم. كما ترتكز الحركة الوطنية لتحرير أزواد على أربعة مكونات رئيسية تشكل القوة الضاربة عسكريا لها، وهي:

أولا: المجندون الماليون والنيجريون من أصول طارقية ممن كانوا يخدمون تحت إمرة معمر القذافي، وكانوا يعملون في وحدة خاصة تسمى الوحدة 32 ، وكانت آخر مجموعة من هؤلاء المجندين الماليّين قد عادت في الثالث من أكتوبر 2011 واضطرت السلطات الإقليمية في ‘كيدال’ إلى استقبالهم لدمجهم في الجيش النظامي المالي([37]).

ثانيا: المجندون السابقون في تحالف 23 ماي 2006 الذي كان يرأسه” إبراهيم أغ باهانغا” قبل موته سواء الذين انضموا للجيش النظامي المالي تطبيقا لاتفاقات السلام وملحقاتها والذين هربوا منه عند اندلاع الأزمة الأخيرة أو من لم يدخلوا الجيش النظامي أصلا وتمسكوا بسلاحهم بعد اتفاقية الجزائر 2006. وينحدر غالبية زعماء ومجندي هذه الحركات من قبيلة “أيفوغاس” وهي قبيلة ترقية قليلة العدد ولكن نفوذها السياسي في الشمال المالي واسع جدا([38]).

ثالثا: حركة أنصار الدين الأزوادية التي يعتبر زعيمها الآن: “إياد أغ غالي” أقدم وأبرز زعيم للمتمردين الطوارق بعد رحيل “أغ باهانغا” ومقتل القائد “بركة شيخ”، العضو في التحالف الديمقراطي لـ23 ماي من أجل التغيير الذي يمثل تمرد الطوارق السابق، ، وقد عينته الحكومة المالية قنصلا عاما لمالي في جدة في خطوة قيل إنها سعي من الرئيس المالي توماني تورى لإبعاد أغ غالي عن مركز قوته في كيدال قبل أن تطرده المملكة العربية السعودية لاتهامه بالقيام بمهام صنفتها المملكة “بالتخريبية”.([39]).

وتسعى حركة أنصار الدين إلى “ضرورة إظهار الحالة الدينية الإسلامية للشعب الأزوادي” ، وقد توحدت مع الحركات الطوارقية الأخرى التي ليس لها توجه ديني نتيجة لالتقاء مصالح الطرفين إضافة لكون عدوهما واحد وهو الحكومة المالية.

رابعا:“تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” ودوره في توفير الدعم اللوجستي لبعض القيادات التي تنشط الآن في هذا الصراع، رغم حرص كل القيادات والمتحدثين باسم المتمردين الطوارق سواء في الداخل أو في دول الشتات في أوروبا على نفي أي صلة لهم بتنظيم القاعدة. ويحرص كل طرف على اتهام الطرف الأخر بالتعاون السري مع التنظيم الإرهابي لتسجيل نقاط عند الأطراف الإقليمية أو الدولية التي يشكل التحرك الحر للتنظيم في دول الساحل والصحراء تهديدا لمصالحها ([40]).

طرف آخر خامس: وهو طرف أخير، ليس بالمسلح ولم يشارك ميدانيا في النزاع القائم، ويتمثل في بعض الأعيان والموظفين السامين في الإدارة الإقليمية للشمال المالي كالحكام وعمد البلديات أوالدبلوماسيين السابقين، وينحدرون في مجملهم من قبائل العرب والطوارق الذين يشكلون الغالبية العظمى لسكان الشمال المالي ، من أبرز هؤلاء الرموز الوزير السابق في حكومة موسى اتراوري حمّه آغ محمد، وكذلك أحمد ولد سيد محمد وهو دبلوماسي موريتاني سابق، إضافة لشخصيات عسكرية ومدنية أخرى هربت من مناطق الصراع خوفا من التصفية من طرف القوات المالية أوالمواطنين الماليين الزنوج الذين شاهدوا ما فعل متمردو الطوارق بأبناء جلدتهم من الزنوج([41]).

–         انعكاسات التدخل العسكري الفرنسي في مالي.

لم يكن تدخّل فرنسا العسكري في مالي مفاجئًا، إذ إنّها كانت أكثر اللاعبين الدوليين والإقليميين انغماسًا في الأزمة المالية منذ اندلاعها في عام 2012، وكانت صاحبة الدور الرئيس في نقل أزمة مالي لتناقَش دوليًّا، وفي استصدار ثلاثة قرارات من مجلس الأمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتّحدة*، وكان الجهد السياسي الفرنسي العامل المحرّك لقيام المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إكواس” بإرسال قوّات إلى مالي في مهمّة الحفاظ على وحدة التراب المالي.

اعتمدت إستراتيجية فرنسا في التعاطي مع الأزمة في مالي أساسًا على تدويل الأزمة، وحشد الدعم الإقليمي والدولي لمساندة الحكومة المركزية في مالي، إضافةً إلى اعتمادها على الجهد العسكري لبلدان غرب أفريقيا مع دعمها لوجستيًّا، وماليًّا، واستشاريًّا، وعلى الرغم من تعدّد الأهداف وتداخل المصالح الإقليمية بين بلدان غرب أفريقيا ومالي، فإنّ أحد العوامل المحفّزة لتدخّل قوّات مجموعة دول غرب أفريقيا كان لتحقيق الرؤية والأهداف الفرنسيّة إزاء الأزمة. بل يمكن القول إنّ فرنسا كانت لتكتفي بالتدخّل الأفريقي العسكري لو أنّه كان قادرًا على حسم المعركة، أي أنّها كانت ستكون راضية بأن تخوض قوّاتٌ أخرى معركة بالوكالة عنها فتحقّق أهدافها ورؤيتها من الأزمة الماليّة من دون أن تتورّط قوّاتها في القتال بصورةٍ مباشرة([42]).

مع احتمال تحقيق التدخّل العسكري الأفريقي بالوكالة عن فرنسا أهدافه، خاصّةً مع إحكام المجموعات الإسلاميّة سيطرتها على شمال مالي وتحضيرها للتوجّه إلى الجنوب واستهداف العاصمة، تحوّل الموقف الفرنسيّ من اللاعب الرئيس باستثمار أداوت غير مباشرة متاحة له إلى اللاعب المباشر وباستخدام أداته العسكرية.

جاء التدخّل العسكري المباشر لفرنسا، حيث نفّذت الطائرات الفرنسية أولى عمليات قصف ضدّ المجموعات الإسلامية المتطرّفة التي كانت بصدد الزحف نحو جنوب مالي في 11 جانفي 2013، وأرسلت بعد ذلك قوّات برّية تعدادها 2500 جنديّ شاركت معها وحدات الجيش المالي وقوّات من دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا وصل عددها إلى 3000 جنديّ، في أعقاب إعلان حالة الطوارئ في مالي وبناءً على طلبٍ رسمي من الحكومة الماليّة؛ الأمر الذي ساهم في أن تبرّر فرنسا تدخّلها بأنه يقع ضمن إطار مساندة دولة صديقة وليس انتقاصًا من سيادتها، وبهدف طرد المجموعات الإسلامية المتطرّفة، أي أنّ حرب فرنسا أصبحت تقع ضمن “الحرب على الإرهاب” التي أصبحت تعبيرًا هلاميًّا وغير محدّد لكنّه مبرّر ومقبول على الصعيد الدولي في ظلّ استهداف حركات في بلدان عدّة، وبغضّ النظر عمّا تعنيه من اختراق لسيادة تلك البلدان، بل من دون أن تثير أسئلة أو أزمات في منظومة العلاقات الدولية([43]).

بعيدًا عمّا تروّجه فرنسا من أسبابٍ لتدخّلها العسكري، هنالك مجموعة من العوامل تفسّر مجتمعةً هذا الانغماس الفرنسي في الشأن المالي بصفةٍ عامّة، على رأس هذه العوامل أنّ فرنسا لم تكن على الإطلاق بلدًا غائبًا عن المشهد السياسي في منطقة غرب أفريقيا بصفةٍ عامّة وعن المشهد السياسي في مالي بصفةٍ خاصّة، فعلى صعيد مالي، كانت فرنسا لاعبًا أساسيًّا وطوال العقود الماضية في دعم أنظمة سياسية هنالك أحيانًا، وفي دعم معارضيها في أحيانٍ أخرى([44]).

وغنيّ عن القول إنّ فرنسا تنظر إلى منطقة غرب أفريقيا كمنطقة نفوذٍ جيوسياسي تمارس التأثير فيها من خلال العلاقات مع أنظمة تلك البلدان أو مع حركاتٍ سياسية محدّدة فيها، وذلك في إطار ما اصطلح البعض على تسميته سياسة “فرنسا- أفريقيا” Françe afrique   فتدخّل فرنسا العسكري في مالي ليس أوّل تدخّل لها في أفريقيا، فمنذ عام 1960 تدخّلت أكثر من أربعين مرّة في نزاعاتٍ أفريقية وأزماتٍ داخلية في بلدانٍ أفريقية كانت مستعمرات لها. وتشير مراجعة سريعة لمسوّغات تدخّلات فرنسا العسكرية إلى أنّه لا يمكن إجمال هذه المسوغات في إطارٍ واحد، فأحيانًا كانت تتدخّل لفائدة أنظمةٍ سلطويّة أو ديكتاتورية، وأحيانًا أخرى لفائدة تحوّلات ديمقراطية، ومرّات لمساندة جانبٍ سياسي على حساب آخر، وكانت مصالح فرنسا دائمًا الدافع الثابت لتدخّلاتها العسكرية في أفريقيا بتبريرات متغيّرة([45]).

  • ردود فعل القوى الاقليمية والدولية من الانقلاب في مالي:

طالب مجلس الأمن  في هيئة الأمم المتحدة Conseil de sécurité de l’ONU، بعودة الحكم الديمقراطي وعودة الحكومة المنتخبة بصورة فورية، واوضح بيان صدر عن مجلس الامن، بعضويته الكاملة، أن “المجلس يعبر عن قلقه الشديد لانعدام الامن والتدهور السريع للوضع الانساني في منطقة الساحل” ، واضاف البيان أن مجلس الامن الدولي “يدين باقوى العبارات استيلاء عناصر من القوات المسلحة المالية على السلطة التي تتولاها حكومة منتخبة ديموقراطيا، ويدين الافعال التي ارتكبها الجنود المتمردون([46])”.، أما الاتحاد  الافريقي Union africaine، فقد وصف مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الوضع بأنه ” نكسه كبيرة لمالي”، وقرر تعليق عضويتها في جميع مؤسسات، من مبادئ الإتحاد الأفريقي عدم الاعتراف بأي حكومة انقلابية وهو الموقف الذي استمر عليه ومارسه مع انقلاب موريتانيا والنيجر([47])، أما الايكواس Economic Community of West African States،  قررت تعليق عضوية مالي كما قررت ارسال رؤساء خمس دول ( ساحل العاج، بوركينا فاسو، بنيين، النيجرو ليبريا) .

أما الاتحاد الأوربي Union européenne ،اتخذ للاتحاد الافريقي وقرر وقف كل معوناته التنموية الي حين اتضاح الوضع الامني” وطالب بالعودة الي الحكم الدستوري ، أما  بريطانياالمستعمر السابق لمالي – فقد قررت وقف معوناتها كما أدان وزير الدولة بالخارجية البريطانية الانقلاب وقال أن بريطانيا تدعم الشروط التي قدمتها مجموعة الاكواس والاتحاد الافريقي يضاف لكل ذلك ان البنك الدولي وبنك التنمية الافريقي قررا وقف معوناتهم لدولة مالي الي حين انتهاء الازمة([48]).

أما الجزائر فهي تواجه تحديّا جديدا على الحدود الجنوبية نتيجة لإعلان الانقلابيين عن تبنيهم لخيار الحسم العسكري ضد الطوارق ، وإن هذا قد يؤدي إلى ترحيل المزيد من السكان المحليين “وهي لاشك ستكون فرصة للجماعات الإرهابية لتعزيز وجودها ومناسبة لعصابات الجريمة المنظمة والمهربين لتكثيف نشاطاتهم، وهذا كله يجعل من هذه المنطقة الرمادية بركانا متحركا يصعب الوقوف في وجهه”.، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية عمار بلاني “الجزائر تتابع الوضع في مالي ببالغ القلق انطلاقا من موقفنا السياسي وانسجاما مع القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، ندين استخدام القوة ونرفض رفضا قطعيا التغيير غير الدستوري”.([49]).

تعتبر مالي دولة ذات أهمّيةٌ بالغة بالنسبة إلى فرنسا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مناجم اليورانيوم النيْجرية التي توفّر احتياجات المحطّات الفرنسية النووية التي تقع مباشرةً على حدود النيجر مع مالي([50]).

كما يجب أن يُفهم التدخّل في مالي في سياق سياسة هجومية في أفريقيا تتبعها فرنسا في السنوات الأخيرة في إطار تنافسها مع الدول الكبرى على النفوذ هناك؛ فالنفوذ الفرنسي كان عرضةً لخطر الانحسار خلال سنوات إدارة “بوش” 2000 – 2008 التي انتهجت سياسة تدخّلية أميركية واسعة المدى ومتعدّدة الأهداف في أفريقيا، منها السعي لتنويع مصادر الطاقة للاقتصاد الأميركي، وحماية خطوط نقل الطاقة التي تمرّ عبر الممرّات البحرية المجاورة لقارّة أفريقيا (قناة السويس، خليج عدن، ورأس الرجاء الصالح)، ولتعزيز نفوذها السياسي والعسكري. وتعدّدت الوسائل الأميركية لتنفيذ هذه السياسة، فبعضها كان من خلال مساعدات اقتصادية أو تنسيق أمني، وبعضها كان من خلال مشاريع إقامة قواعد عسكرية([51]).

وقد تعاملت فرنسا مع هذه السياسة الأميركية بمزيجٍ من مواقفَ دفاعية وتسليم بالأمر الواقع وسياسة الانتظار، ثمّ عادت لتستغلّ التغيير الذي جاءت به سياسة إدارة أوباما الأقلّ توسعيّة في أفريقيا والأقرب للانكماشية، وتبنّت سياسة هجوميّة ذات طبيعة عسكريّة من أجل تثبيت نفوذها ومراكز قوّتها في القارّة. ويتّخذ هذا التنافس الأمني أهمّية قصوى في ضوء حقيقة أنّ التنافس بين القوى الكبرى على النفوذ اقتصاديًّا راح يُحسَم وبصورةٍ جليّة لفائدة الصين التي أصبحت منذ عام 2009 الشريك التجاري الأكبر لأفريقيا. وإذا كان التدخّل في مالي نموذجًا، فإنّ هذه السياسة الفرنسيّة لا يعترضها أيّ نقدٍ أو معارضة من الشارع أو النخب الفرنسية* فالمتتبّع لتصريحات السياسيّين الفرنسيين وتعليقات الصحافة الفرنسيّة يستنتج أنّ هذه السياسة التدخلية في أفريقيا تكاد تحظى بالإجماع([52])*.

تعكس التدخّلات العسكرية الفرنسيّة المباشرة في أفريقيا وتدخّلها الأخير في مالي – بغضّ النظر عن تبريرات فرنسا وحججها – اعتماد فرنسا على ثلاث إستراتيجيات متداخلة ومركّبة في إطار حفاظها على نفوذها في أفريقيا وتنافسها مع دولٍ كبرى أخرى، أولها العلاقات التاريخية البنيوية بين فرنسا وبعض الأنظمة والحركات السياسية وبعض النخب الاقتصادية والثقافية في تلك البلدان، وثانيتها استثمار العلاقات الاقتصادية القائمة أصلًا وتوسيعها وتعميقها، وثالثتها الإستراتيجية العسكرية والأمنية التي قد تتطوّر في حال الأزمات إلى تدخّلٍ عسكري مباشر([53]).

إذا كانت فرنسا قد لجأت إلى التدخّل العسكري في مالي لتحقيق رؤيتها لحلّ الأزمة في إطار المحافظة على نفوذها ومصالحها، فالملفت للانتباه هو عدم وجود ممانعة دولية أو إقليمية لهذا التدخّل. فبالنظر إلى غياب الحدّ الأدنى من التفاهم بين الدول الكبرى بشأن التدخّل في أزمات مختلفة في العالم، كان من المتوقّع أن يثير تدخّل فرنسا في مالي نوعًا من المعارضة أو على الأقلّ التردّد لدى أقطاب المجتمع الدولي أو الإقليمي. وتشير مراجعة مواقف الدول الكبرى إلى أنّ العكس هو الصحيح، فقد حظي هذا التدخّل بدعم المجتمع الدولي بل إنّ روسيا عرضت تقديم دعمٍ عسكري للتدخّل الفرنسيّ([54]) إنّ نجاح فرنسا في كسب موافقة المجتمع الدولي في إمكانية تحويل قوّات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لتصبح قوّة حفظ سلام أممية([55]).

منذ بروز أزمة مالي مرة أخرى للواجهة بعد تمرد المعارضة فإن الأزمة الداخلية تغيرت وقد ساهمت عملية التغيير العسكري للحكم في 22 مارس 2012 في تسريع عملية منظومة الحكم وما عقد الوضع أكثر هو وجود ثلاثة مجموعات من الفواعل غير الدولاتية، حركتين للمطالبة الهوياتية وهي أنصار الدين وحركة تحرير الأزواد من جهة والجماعات الإرهابية المتمثلة في القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا ومجموعات من الجريمة المنظمة والمتاجرة بالسلاح و المخدرات و البشرهذا الوضع جعل 940 ألف كلم مربع خارج السلطة المالية بعد خسارة تاريخية للجيش المالي في غضون 15 يوما للسيطرة على ثلثي الأراضي في الشمال أمام حركة التحرير الوطني للأزواد([56]).

لكن هذا التصور الجيو سياسي جعل من عملية تحديد طبيعة الأزمة أكثر تعقيد ليس أزمة هوية وليس أزمة أمنية فقط بمعنى وجود فواعل غير دولاتية عنيفة او إجرامية وإنما هذا المزج موجود ما جعل البعض يخلط بين حركة أنصار الدين والجماعات الإرهابية وهذا ما جعل العديد من الدول تطالب بضرورة التفرقة فيما بينها ولذلك رأينا أن الجزائر استطاعت في 21 ديسمبر 2012 عقد اتفاق بين أنصار الدين وحركة تحرير الأزواد التي تلغي أي لبس في هويتها بعدم ارتباطها بالإرهاب أما الموقف الفرنسي مغاير تماما، إذ منذ جويلية 2012 أي مع صدور القرار الأممي 2056 فهي تلجأ دائما إلى جعل هذا الغموض يبقى سار وهو ان أنصار الدين جماعة إرهابية بحكم أنها كانت تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية([57]).

ما رأيناه منذ جويلية 2012 هو النزعة الفرنسية نحو العمل العسكري، حيث رأينا أن الاتحاد الإفريقي قدم تصورا على خلفية القرار 2071 الصادر يوم 12اكتوبر 2012 عن مجلس الأمن خلال التبني الاستراتيجي لحل الأزمة المالية([58])، من خلال بناء تصور يقوم على الحل السياسي بالحوار وتنظيم انتخابات ديمقراطية دون استثناء،  وأيضا عملية بناء المقدرة الذاتية للجيش المالي مع مذهب ثاني ليوم 21 نوفمبر 2012 الذي يقر بضرورة إرسال 3600 جندي من الاكواس 3600 التي ليست لها تجربة في مكافحة الإرهاب ولا على مستوى العمل المشترك، ورأينا أن قوات الإكواس بقيادة نيجيريا في ليبيريا وسيراليون قد نجحت ولكنها فشلت في الأزمة الداخلية في الكوت ديفوار مما استدعى تدخل فرنسا في أفريل 2011 ، أن القرار 2085 الصادر يوم 20 ديسمبر 2012 ليس إذن بالتدخل العسكري بل هو إذن بالانتشار العسكري لفرنسا ، التي تحتوي على أربعة عناصر وهي الحوار مع كل الفواعل المالية في الشمال وفي الجنوب من أجل تنظيم انتخابات تشريعية ذات مصداقية قبل نهاية 2013، بمعنى إنهاء معضلة لاشرعية من يحكم في باماكو والعمل أيضا على توحيد السلطة المالية والثاني هو بناء المقدرة العسكرية للجيش المالي.

وما قامت به فرنسا منذ 24 ديسمبر 2012 عن طريق وزيرها للدفاع القيام بعمل عسكري قبل عكس نص القرار الأممي  2085 ([59]) ، الذي يعطي مدة سنة لتنفيذه مع وجود عملية لتأهيل الجيش المالي وعملية بناء القيادة المشتركة لهذه البعثة الإفريقية لدعم مالي، لذلك فإن قرار فرنسا بالتدخل العسكري هو قرار فرنسي وليس بطلب من مالي بقدر ما أن الطلب المالي هو غطاء عن هذا القرار الفرنسي.

إن التدخل العسكري في الأزمة المالية هو بمثابة صب الزيت على النار وهي بهدف دفع الأزمة إلى مستويات أعلى، ليس فقط من خلال توسيع محتمل لمجالات التشابك بين الجماعات المختلفة والجيوش المالية أو الإفريقية أو الأخرى ولكن أيضا سوف يجعل الضبابية واسعة بين الإرهاب والمقاومة التي سوف تستخدم كغطاء آخر من أجل التجنيد.

كما أن الخط الفاصل بين من هو إرهابي ومن هو غير إرهابي أصبح تقريبا منعدما كما أن الفصل بين أنصار الدين والجماعات الأخرى هو صعب كذلك، حيث أنه في الخطاب الفرنسي المبرر للعمل العسكري هو القول بأن أنصار الدين هي جماعة إرهابية هي محاولة لتقديم شرعية لما يتم القيام به.

لكن المشكلة الأخرى أننا سنبقى أمام الجيوش الإفريقية غير المؤهلة وأكثر من ذلك أننا سنجد أنفسنا أمام مجموعة من جيوب المجابهة العسكرية التي ستدخل المنطقة في دوامة من العنف قد تجعل الإرهاب الموجود في مالي إرهابا منتشرا وفق أربع سيناريوهات انتشار داخل مالي من خلال انتشار من كيدال وتمبكتو إلى وغاو إلى مناطق أخرى مما يجعل من الصعب التحكم فيه داخل مالي والاحتمال الثاني هو الانتشار نحو موريتانيا بحكم وجود تجربة للجماعات الإرهابية في موريتانيا واحتمال انتشاره في النيجر.

والاحتمال الثالث هو لجوء بعض الجماعات الإرهابية نحو الجنوب الجزائري ، الرابع وهو الأخطر وهو انتقال كل هذه الجماعات نحو كل المنطقة بما فيها ليبيا و ليبيا فيها كل عناصر التأزم كغياب سلطة الدولة، غياب إدارة أمنية وغياب جيش ووجود عدد كبير من الأسلحة فضلا عن وجود تفكك مجتمعي ووجود ألوية لجماعات إرهابية كالجماعة الليبية المقاتلة واحتمال وجود خلايا إرهابية نائمة ، بما يجعل تمدد خارطة الإرهاب يشمل كل المنطقة وهو الأمر الذي من شأنه أن يوسع هذه الأزمة ويجعلها صعبة التحكم لكل دول الجوار وسيجعلها تتحول إلى جبهة دولية لمحاربة الإرهاب([60]).

خلال العشر سنوات الأخيرة كل التدخلات الاجنبية في القارة الإفريقية كانت فرنسية، مثل تدخلها في تشاد في جانفي 2009 لإنقاذ حكم الرئيس إدريس ديبي الذي كان على وشك السقوط والتدخل في 2011 لإسقاط قباقبو ضد حسن واتارا في الكوت ديفوار، وأيضا هذا التدخل في مالي يِؤكد أنا فرنسا في طور الانتشار العسكري لها وفرنسا متواجدة في 5 دول إفريقية عسكريا من خلال اتفاقيات وهي أيضا مرتبطة بالعديد من الدول الإفريقية باتفاقيات للتعاون العسكري ([61]).

  • الهندسة الدبلوماسية الجزائرية للأزمة في مالي

نتطرق للحديث في هذه النقطة عن دور الدبلوماسية الجزائرية في التعامل مع أزمة مالي وذلك من خلال المقاربة والرؤية الجزائرية للأزمة في مالي باعتبار أن الجزائر طرف تقليدي في النزاع  وذلك من خلال الوساطة الجزائرية المتعددة في هذه الأزمة.

تتعامل الجزائر وفق استراتيجية محكمة لإيجاد حل لأزمة شمال مالي بعيدا عن الحسابات الخارجية وصراع الايرادات مع أطراف النزاع في مالي و خصوصا فرنسا ، حيث أن الدبلوماسية الجزائرية تسعى إلى إيجاد حل للأزمة المالية من خلال ثلاثة محاور أساسية يتقدمها الحل السلمي الداخلي دون أي تدخل أجنبي.

حيث ترى الجزائر أن أي تدخل أجنبي تهديد لأمن واستقرار الجزائر، كما تركز الدبلوماسية الجزائرية على الحوار المباشر مع جميع الأطراف الفاعلة في الأزمة، وهو ما جسدته الزيارة الرسمية لرئيس الحكومة المالية الى الجزائر، والاستقبال غير المعلن لوفد من حركة أنصار الدين ، إضافة إلى مجموعة من وفود رسمية إفريقية لدول الجوار، وهو ما يؤكد على ضرورة الحل السلمي من المنظور الجزائري

– المقاربة الدبلوماسية الجزائرية لإدارة أزمة مالي.

تلعب الجزائر دوراً هاماً في هيكل مكافحة الإرهاب الذي أنشأته الولايات المتحدة في منطقة الساحل، ومنذ مبادرة عموم الساحل في العام 2002، التي توسّعت لتتحوّل إلى الشراكة عبر الصحراء لمكافحة الإرهاب في العام 2005، إلى قيادة أفريقيا 2007 (“أفريكوم” AFRICOM) ومقرّها في شتوتغارت في ألمانيا، ركّزت الولايات المتحدة على إقناع الجزائر باستخدام خبرتها في مكافحة الإرهاب ومكافحة التجسس في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظّمة، وكتب جون شندلر، وهو ضابط سابق في التجسّس المضاد في وكالة الأمن القومي، عن جهاز الاستخبارات العسكرية الجزائري، قائلاً إنه “يمكن القول إنه جهاز الاستخبارات الأكثر فعّالية في العالم عندما يتعلّق الأمر بمكافحة تنظيم القاعدة، كما أنه على الأرجح الأكثر قسوة”.([62]) .

سلوك قوات الأمن الجزائرية في ذروة العنف المروّع (1993-1997) وضع البلاد في مركز الاهتمام، فأصبحت معزولة دولياً، وبعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة، أعادت الجزائر إلى الحظيرة، واستغلّت الجزائر هذه الحوادث المأساوية لإعادة ترتيب احتياجات الأمن والسياسة الخارجية في الجزائر مع الاحتياجات الأميركية، وروّج الجزائر كشريك مهم في الحرب على الإرهاب، وقد أعطيت الجزائر أخيراً “نوعاً من شرعية المحارب” التي طالما طمعت فيها “شبيهة بالشرعية الثورية التي كانت تتمتّع بها بين دول عدم الانحياز خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي نتيجة لحرب الاستقلال التي خاضتها ضد فرنسا”.([63])

يبقى أن الشيء الثابت عند الجزائريين أنهم خاضوا حرب وجود ضدّ المتطرّفين الإسلاميين من دون أي مساعدة من العالم الخارجي. فقد أثبتت الهجمات الإرهابية في أميركا للمسؤولين الجزائريين أن النظام الجزائري كان فطناً ومتبصّراً في تحذيراته من مخاطر الإسلام المتطرّف طيلة عقد التسعينيات، ومنذ 11 سبتمبر، “تم إدراجها في دوائر مكافحة الإرهاب في الغرب”،  الأمر الذي سمح للنظام الجزائري بتجاوز التحقيق الدولي في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في التسعينيات، كما أنها فتحت الطريق أمام إقامة علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة([64]).

تعزّزت الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة والجزائر في العام 2010 بالتوقيع على اتفاق المساعدة الجمركية المتبادلة ومعاهدة المساعدة القانونية المتبادلة، وفي فيفري 2011، شكّل البلدان فريق اتصال ثنائي بشأن مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني، وتتعزّز أهمية الجزائر في مجال الأمن عبر مجموعة من الشراكات الدفاعية مع دول أوروبية عدّة من بينها بريطانيا وألمانيا، (ومع ذلك، لاتزال علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً فرنسا، متوتّرة لأسباب تاريخية وجيوسياسية، وترى الجزائر أن فرنسا وحلفاءها في المنطقة، أو بمعنىً آخر المغرب، تشكّل أكبر عقبة في سعيها إلى الهيمنة الإقليمية، وهي ركن أساسي أيضاً في مجموعة من المؤسّسات متعدّدة الأطراف، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي.

مع كل سمات القوة هذه، تعتبر الجزائر، بطبيعة الحال، طرفاً فاعلاً لاغنى عنه في منطقة الساحل. ربما تكون قيادتها كناية عن “مجموعة من الأشخاص حادّي الطباع والمصابين بجنون الارتياب”، كما كتب السفير الأميركي السابق في الجزائر روبرت فورد في برقية دبلوماسية في العام 2008، لكن أهميتها ضرورية في مكافحة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.([65])  

حتى المسؤولين الأمنيون الأميركيين، الذين يبدو واضحاً أنهم الأكثر ميلا للجزائر ويؤيّدون تولّي الجزائر زمام الزعامة الإقليمية، غير واثقين من أن البلاد مستعدّة لإدارة شؤون فنائها الخلفي،حيث صوّر ضابط كبير في قيادة “أفريكوم” الجزائر كقوة إقليمية متردّدة يصعب فهم تطلّعاتها وتصرّفاتها لأنها تختلف وفقاً لحجم القضية. إذ يمكن أن تكون البلاد في بعض الأحيان مفيدة جداً في دعم عمليات تبادل المعلومات والمراقبة الأميركية في منطقة الساحل، ولكنها غير متعاونة في أحيان أخرى، حيث تحجب بعض المعلومات الحيوية حول أنشطة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، و لا تفعل شيئاً يذكر لرصد ومراقبة خطوط الإمداد اللوجستي للجماعات المتطرّفة المسلحة في منطقة الساحل([66]).

استهجن المسؤولون الجزائريون القراءة  الخاطئة السائدة لدور بلادهم ومهماتها في منطقة الساحل، وهم يقولون إن الجزائر قدّمت أكثر من أي بلد آخر لدعم هدف تحقيق الأمن والسلام في المنطقة، والمساهمة بنشاط في حلّ النزاعات في مالي، وجرى توقيع كل الاتفاقات السابقة في الجزائر العاصمة، وفي الصراع الحالي، تستضيف الجزائر أكثر من 30 ألف لاجئ، وتبرّعت بأطنان من الأغذية والأدوية لمخيمات أخرى في موريتانيا والنيجر، كما ضغطت على حركة تحرير أزواد لإطلاق سراح عشرات الجنود الماليين، ومع ذلك، النظام الجزائري قلق للغاية من الانزلاق إلى مستنقع صحراوي يمكن أن تكون له آثار كارثيّة على استقراره الداخلي([67]).

منطقة الساحل تمثل الحزام الأمني الجنوبي للجزائر التي تسعى جاهدة لمواجهة التحديات والتهديدات الكبرى للمنطقة على الصعيدين الدبلوماسي والأمني، ،كما أن تزايد التدخل الأجنبي، وتحديدا الفرنسي والأمريكي، سيحول دون ضمان الاستقرار لمنطقة الساحل الصحراوي بفعل الرهانات الجيوسياسية أو ما يسمى ب” رهانات الموارد”

تعتبر منطقة الساحل بمثابة الحزام الأمني الجنوبي للجزائر، وذلك لما تشكله من عمق جيواستراتيجي وتهديدات أمنية لاستقرار الأمن الوطني، حيث يعد الشريط الساحلي الصحراوي قضية حيوية بالنسبة للأمن القومي الجزائري، نظرا للمميزات الخاصة التي تطبع المنطقة وتحديدا فيما يرتبط بفشل الدول وهشاشة نظامها من جهة، يضاف إليها شساعة الرقعة الجغرافية للمنطقة الصحراوية مما يصعب على دول الساحل ضبط الاستقرار الأمني وتحقيق الإشباع والتماسك الاجتماعيين لتجسيد المشاريع التنموية· وتعتبر جملة هذه المميزات بمثابة التحديات والتهديدات الأمنية الكبرى للأمن الوطني وهو الأمر الذي يطرح مجموعة من المشاريع الوطنية والإقليمية([68]).

حيث عملت الولايات المتحدة الأميركية على تعزيز تواجدها في القارة الافريقية ككل و ليس فقط منطقة الساحل،  تجسيدا لمشروع القرن الأميركي الجديد PROJECT FOR A NEW AMERICAN CENTURY الذي ظهر سنة 1997 و هو المشروع الذي مولته شركة برادلي  والذي أنتجته “براميل الفكر” think tanks الأميركية والذي من بين أعضاءه نجد دونالد رامسفيلد، ديك تشيني، و نخبة المركب الصناعي العسكري الأميركي والشركات النفطية العملاقة…وغيرهم ،انطلق مع الأول من أكتوبر 2008  النشاط الفعلي لـ”القيادة الأفريقية” التي أحدثتها الولايات المتحدة لكي تكون القارة الأفريقية في محور الأجندة الأميركية للهيمنة العالمية.

وأتت الخطوة تنفيذا لآخر قرار اتخذه وزير الدفاع السابق دونالد رمسفيلد قبل مغادرة البنتاغون، وتشمل دائرة تدخل “أفريكوم” أو “أفريك كوماندمينت”، المؤلفة من ألف عنصر موزعين على ثلاث قيادات فرعية في كامل القارة الأفريقية (عدا مصر التي تتبع للقيادة المركزية في ميامي)، إلى جانب جزر في المحيط الهندي مثل سيشيل ومدغشقر وجزر القُمر، من بين برامج أفريكوم” نجد: أولا تدريب القوات على حفظ السلام في إطار برنامج “أكوتا” للتدريب والمساعدة، وثانيا “أيمت” أي برنامج التدريب والتعليم العسكري الدولي، وكان الرئيس الأميركي السابق جورج .و. بوش قد استجاب لضغوط استمرت سنوات في صلب المؤسسة العسكرية الأميركية، بالإعلان يوم 6 فيفري 2007 عن قرار سبق أن اتُخذ قبل سنة في الحقيقة، ويخص تكوين مركز مستقل للقيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا بعدما كانت مرتبطة بقيادة القوات الأميركية في أوروبا([69]).

الجزائر تتعامل وفق إستراتيجية محكمة لإيجاد حل لأزمة شمال مالي بعيدا عن طبول الحرب التي تدقها دول «الإكواس» بإيعاز من أطراف دولية معينة وعلى رأسها فرنسا، حيث يرى الكثير من المتتبعين أن الدبلوماسية الجزائرية تسعى إلى إيجاد حل للأزمة المالية من خلال ثلاثة محاور أساسية يتقدمها الحل السلمي الداخلي دون أي تدخل أجنبي، حيث ترى الجزائر أن أي تدخل أجنبي تهديد لأمن واستقرار الجزائر، وهو ما جاء على لسان الوزير الأول السابق أحمد أويحيى في حوار مع جريدة el moujahid المجاهد  عندما قال «أي تدخل أجنبي في مالي، سيمثل تهديدا أمنيا مباشرا للجزائر»([70])، وهو الكلام نفسه، الذي ذهب إليه عبد القادر مساهل الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية الذي قال بشكل واضح «الوحدة الترابية لمالي غير قابلة للتفاوض»([71]).

أن أهم محور تركز عليه الدبلوماسية الجزائرية هو استبعاد أي تدخل أجنبي في شمال مالي خاصة أن منطقة الساحل تعرف أنها ساحة للتنافس الاستراتيجي العالمي خصوصا الأمريكي والفرنسي، فالجزائر رفضت من قبل إيواء القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا «أفريكوم» بل وسعت لإقناع دول إفريقية بعدم إيوائها، ومن هنا تأتي أهمية التنسيق الأمني المحلي، بين الدول المعنية فقط دون غيرها وهو ما تحاول الجزائر القيام به لتجنب أي وجود أجنبي مهما كانت طبيعته في منطقة جد حساسة للجزائر، التي ترى أن التدخل الأجنبي سيوسع رقعة التهديدات الأمنية وسيضاعف من الأزمة، حيث تتخذه الجماعات الجهادية المتشددة غطاء لإضفاء الشرعية على أعمالها وجلب الجهاديين للمنطقة من كل أنحاء العالم، وبالتالي فإن خصوصية الجزائر تكمن في اضطلاعها بمهام مكافحة الإرهاب في الداخل، ويقينها أن التدخل الأجنبي إنما يغذي الأزمات ولا يجد لها حلا، لذلك فإن التحرك الجزائري يبدو محكوما باحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، وقد حرصت الجزائر منذ سنوات على أن تكون وساطتها الدبلوماسية محكومة بمبدأ احترام الوحدة الترابية للجوار والحل عن طريق الحوار المباشر مع جميع الأطراف، وهو الحل الذي تركز عليه دبلوماسيتها لوقف الخطر القادم من شمال مالي.

–          التكيف الدبلوماسي الجزائري مع المشاريع الإقليمية والدولية لإدارة الأزمة في مالي.

تشهد منطقة الساحل الافريقي تجاذبات وصراعات بين مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وباقي القوى الكبرى في العالم خصوصا فرنسا في ظل التوجهات الإستراتيجية الجديدة لما بعد ﻧﻬاية الحرب الباردة، وكذا محاولة كل طرف تطبيق المشاريع الإستراتجية للهيمنة على مناطق النفوذ والثروة في القارة الإفريقية انطلاقا من  سياسة جيوبوليتكية براغماتية، وهنا تصطدم الرؤية الجزائرية بحاجز الصراع بين الولايات المتحدة الأميركية و فرنسا و الى حد ما الصين الوافد الجديد الى حلبة الصراع.

بما أن الساحل الافريقي هو العمق الاستراتيجي للجزائر و تتاثر بكل التهديدات و الأزمات التي تعاني منها المنطقة، ومن أجل مواجهة هذه التهديدات عملت الجزائر على إنشاء جماعة أمنية تتكون من أربع دول سميت “بدول الميدان”les pays du champs  وتضم كل من الجزائر وموريتانيا ومالي و النيجر، مقره في تمنراست مركز العمليات المنسقة بين جيوش الدول الأربعة (cémoc)comité d’état-major opérationnel conjoint  ، كما يمكن لهذه الجماعة أن تتوسع  لتشمل دول أخرى مثل: التشاد و نيجيريا و بوركينافاسو([72]).، ترى فرنسا في هذا المركب الأمني الاقليمي تهديدا لنفوذها و مصالحها  في منطقة الساحل الافريقي .

بينما تهدّد الأزمة في مالي بأن تتفاقم وتتحوّل إلى كابوس أمني وإنساني إقليمي ، تتطلّع دول الجوار التي ينتابها القلق إلى الجزائر لقيادة جهد لإدارة الصراع، فقد كانت الجزائر ترغب باستمرار، في نواح كثيرة، الاعتراف بها كدولة إقليمية قائدة في المنطقة، ومع ذلك، يساور القلق الجزائر من الانزلاق إلى المستنقع الصحراوي، وتبدو متردّدة أو غير قادرة على الحفاظ على الاستقرار في فنائها الخلفي، وبدورها تتساءل البلدان المجاورة والدول الغربية عن الأسباب الكامنة وراء قرار الجزائر بشأن عدم القيام بدور أكثر نشاطاً في مالي، و التعامل مع الأزمة من منطق المبادئ المؤسسة للسياسة الخارجية الجزائرية خصوصا مبدا عدم التدخل و احترام السيادة الوطنية للدول .

تلعب الجزائر أيضاً دوراً هاماً في هيكل مكافحة الإرهاب الذي أنشأته الولايات المتحدة في منطقة الساحل. ومنذ مبادرة عموم الساحل في العام 2002، التي توسّعت لتتحوّل إلى الشراكة عبر الصحراء لمكافحة الإرهاب في العام 2005، إلى قيادة أفريقيا 2007 (“أفريكوم” AFRICOM) ومقرّها في شتوتغارت في ألمانيا، ركّزت الولايات المتحدة على إقناع الجزائر باستخدام خبرتها في مكافحة الإرهاب ومكافحة التجسس في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظّمة. وكتب جون شندلر، وهو ضابط سابق في التجسّس المضاد في وكالة الأمن القومي، عن جهاز الاستخبارات العسكرية الجزائري، قائلاً إنه “يمكن القول إنه جهاز الاستخبارات الأكثر فعّالية في العالم عندما يتعلّق الأمر بمكافحة تنظيم القاعدة، كما أنه على الأرجح الأكثر قسوة”.([73])  .

في رأينا يعود رفض النظام الجزائري في التدخل العسكري في مالي إلى عدد من العوامل، بدءاً من قاعدة عدم التدخّل، إلى القلق إزاء التدخّل الخارجي، وامتداد التهديد المتطرّف إلى أراضيها، والجزائر بهذا التدخّل الجزائري في مالي سيورّط البلاد في مأزق و دوامة امنية بمفهوم المدرسة الواقعية، وهو بالضبط هدف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي تروّج، ومعها مؤيّدوها الأجانب أي فرنسا والمغرب، من أجل توريط الجزائر في المستنقع المالي.

فحرب مالي هي حرب خارج حدود الجزائر ومن غير الممكن أن يتورط الجيش الجزائري في حرب خارج الحدود و في حرب يغذّيها صراع الارادات ، وفي حرب ضد جماعات متمردة لها أصول في الجزائر- التوارق- فتدخل الجزائر لمحاربة توارق مالي قد يؤدي الى مساعدة توراق الجزائر لتوارق مالي بحكم الانتماء العرقي والقبلي مما سيدخل الجزائر في دوامة حرب أهلية ومأزق أمني هوياتي وطني.

فتدخل الجزائر عسكريا في مالي سيؤدي الى إضعاف  دور جيشها الذي مهكته الأساسية هي حماية حدود الدولة ، كما أن الحرب ستتوسع وستدوم لسنوات طويلة لأن مثل هذه الحروب من شأنها أن تستقطب أطراف أخرى جديدة، وكذلك محاولة  الهاء الجزائر بحرب الساحل لإتاحة الفرصة للمغرب للسيطرة على الصحراء الغربية بإيعاز من أطراف أجنبية، وكذلك استنزاف احتياطات الصرف الجزائرية لأن للحرب تكلف الكثير.

انتهجت الجزائر ثلاثة مسارات لمحاولة وقف تداعيات أزمة شمال مالي:

أول هذه المسارات، سياسي، من خلال عقد لقاءات لدراسة طرق التكفل بمطالب سكان المناطق الحدودية بجنوب الجزائر والتي يغلب عليها عنصر التوارق وهو نفس العنصر العرقي للمتمردين شمال مالي،   والثاني، أمني، ويهدف لمنع تسلل الجماعات الجهادية نحو ترابها بفعل العملية العسكرية شمال مالي، والثالث، دعوي، لتفادي تبعات الفكر المتطرف الذي انتشر في الساحل الإفريقي.

أنعدماحترامالطرفينالماليوالطوارقيللاتفاقياتالمبرمةبينهماكانيؤديفيكلمرةإلىالاضطرابمجددا ولتتدخلالجزائرعلىخطالوساطةبسرعة؛لوعيهابخطورةالنزاعالطوارقيعلىأمنهاالقومي. وعلىإثراشتداد الصراعسنة 2003 قادتالجزائروساطةأشرفعليهاالرئيسعبد العزيزبوتفليقةشخصياكدليلعلىاهتمامالجزائر الكبيربالدائرةالإفريقيةلأمنهاالقوميوبتهديدالذييشكلهإقليمأزوادبصفةخاصة. وقدأفضتهذهالوساطةإلىالتوقيع علىاتفاقسلامبالجزائرفيجويلية2003تحتاسم “تحالف 26 مايمنأجلالتغيير” الذيكانأثرالمقاربة الجزائريةلإحلالالأمنفيالمنطقةواضحاًفيه.

ولتجسيدالاتفاقأنشئمجلسجهويمؤقتللتنسيقوالمتابعةيتماختيار أعضائهبطريقةمتفقعليها،يتولىشؤونالتنميةويشرفعلىالميزانيةالمحليةوجميعمظاهرالأمنفيالمنطقة. وعلى الصعيدينالاقتصاديوالاجتماعي،نصالاتفاقعلىتنظيممنتدىكيدالحولالتنميةخلالثلاثةأشهربعدتوقيعالاتفاق يفضيإلىإنشاءصندوقخاصللاستثمار،معتسريعمسارتحويلصلاحياتالتسييرإلىالجماعاتالمحلية،ومنح  قروضلإقامةمشاريعتنموية،وتحديدالتبادلالتجاريوتنسيقهبينمناطقدولالجوار،ووضعنظامصحييلائمطبيعة الأهاليالرحلوالقضاءعلىعزلةالمنطقةعبرتطويرشبكةالطرقاتالرئيسيةبينكيدالوداخلالبلادوداخلالبلاد وبينهاوبينالمناطقالجزائريةالمتاخمة([74]).

لم تهدأ جهود الدبلوماسية الجزائرية منذ سنة 2012، مع تفجر الأحداث في شمال مالي، من أجل حل المسألة في هذا البلد باعتماد مقاربة ثابتة تعتمد على تفضيل الحل السياسي السلمي في النزاع القائم بين سلطات باماكو وبين الفصائل الترقية المسلحة وكذا تفادي التدخل العسكري الأجنبي في هذا البلد تجنبا لإعطاء “الشرعية الجهادية” للجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة وتحويل هذه الأخيرة إلى ساحة “حرب عالمية” تتداخل فيها ظواهر الإرهاب والجريمة المنظمة، فضلا عن التبعات المرتبطة بالجوانب الإنسانية وتدفق اللاجئين على الحدود.

وفي الواقع فإن المقاربة الجزائرية في هذا الإطار تعتمد على مبادئ سياسية من ناحية احترام الوحدة الترابية لدولة مالي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، غير أن الدبلوماسية الجزائرية تستند في مقاربتها بخصوص الوضع في مالي على رهانات أمنية كبيرة في منطقة الساحل حيث ملف الطوارق الحساس وحيث يصل طول الحدود الجنوبية للجزائر مع عدد من دول الساحل وهي موريتانيا، مالي والنيجر إلى أكثر من 6 آلاف كيلومتر([75]).

ويشكل هذا الشريط الحدودي الممتد عبر الحدود مع الدول، مصدر قلق محتمل للسلطات الجزائرية فيما لو تفجر الوضع في المنطقة بفعل التدخل العسكري الأجنبي في شمال مالي واستفحال تواجد الجماعات الإرهابية بها، وهو قلق يجد أسبابه لدى الجزائر في كون هذه الجماعات ستلجأ أكثر إلى تجار الأسلحة ومهربي المخدرات لتمويل وتأمين عملياتها ضمن مناطق صحراوية واسعة من الصعب مراقبتها في الساحل ولا سيما بعد انهيار نظام معمر القذافي منذ أكثر من عام وشيوع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في المنطقة أكثر من أي وقت مضى([76]).

هذه الاعتبارات هي التي كانت وراء تحرك الدبلوماسية وفق مقاربة ثابتة منذ بداية الأزمة في شمالي مالي، وهي مقاربة تعتمد من حيث الوسائل على ضمان حل سياسي سلمي يكون بين الماليين أنفسهم، وقد سعت الجزائر أيضا في هذا الإطار إلى تقريب وجهات النظر بين فصيلين ترقيين في الشمال هما “حركة أنصار الدين” و”حركة تحرير الأزواد “، الأمر الذي توج باتفاق بين الطرفين، وقع في الجزائر يوم 21 ديسمبر من سنة 2012، وهو الاتفاق الذي اعتبرته الخارجية الجزائرية «لبنة» في اتجاه الوصول إلى حل سياسي شامل مع سلطات باماكو فضلا عن كون هذا الاتفاق، الذي تم برعاية جزائرية، قد حقق أحد الأهداف المرجوة منه وهو عزل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا التي لا تزال تحتفظ برهائن دبلوماسيين جزائريين تم اختطافهم في القنصلية الجزائرية في «غاو» شمال مالي، في الـ 5 أفريل 2012، وذلك بعد سيطرة المتمردين عليها بعد فترة قصيرة من حصول الانقلاب العسكري في هذا البلد وتراخي القبضة المركزية على منطقته الشمالية لفائدة الفصائل المتمردة([77]).

ورغم أن فرنسا، ومن خلال ثقلها الدبلوماسي ، استطاعت تمرير قرار على مستوى مجلس الأمن الدولي من أجل تدخل عسكري في شمال مالي، تكون جيوش دول غرب إفريقيا “الإيكواس” بمثابة ذراعه العسكري على الأرض، إلا أن الدبلوماسية الجزائرية التي لا تحبذ هذا الأمر كخيار وحيد لحل الأزمة في هذا البلد، سعت منذ البداية إلى شرح مقاربتها والعمل على تحقيق إجماع من حولها، إن على الصعيد الدولي من خلال الشركاء وفي منابر الأمم المتحدة، أو من خلال مشاوراتها المكثفة مع دول الساحل، وظهر ذلك جليا من خلال تحركات الوزير المنتدب للشؤون الإفريقية والمغاربية عبد القادر مساهل، مثلا الذي أكد خلال اجتماع تم تنظيمه حول مالي والساحل على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، على ضرورة الحل السلمي للأزمة في مالي أو حتى من خلال زيارته إلى دول في الساحل معنية مباشرة بتعقيدات الوضع في المنطقة كما حدث من خلال زيارته مؤخرا إلى موريتانيا، وتجدر الإشارة أيضا إلى أن الجزائر قاومت أيضا عدة ضغوط دولية، ولا سيما الفرنسية منها، من أجل التخلي عن موقفها ومقاربتها للأزمة المالية.

وعموما، فقد نالت الدبلوماسية الجزائرية أيضا حظها من الفشل خلال سنة 2012، على اعتبار أنها فشلت في منع استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يجيز التدخل العسكري الأجنبي في مالي وهي الدبلوماسية التي لا يزال المسؤولون وبعض المحللين يقولون أنها «دبلوماسية صامتة» بعيدة عن التصريحات وأن ذلك لا يجعلها غير فعالة.

يمكن القول و بناءا على ما سبق أن المقاربة الجزائرية لحل أزمة مالي اعتمدت على مبدا عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول بالإضافة الى تشجيع الحل السياسي بدلا من الحل العسكري ورفض التدخل الأجنبي في المنطقة.

ويظهر هذا الاستنفار الدبلوماسي الذي تجسد في الجولات المتعددة التي يقوم بها الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، عبد القادر مساهل، إلى دول الجوار والدول الكبرى، حيث تخشى الجزائر من خروج الأزمة المالية عن نطاق السيطرة، و تحول مالي إلى «ساحة جهاد» عالمي ما يؤثر على أمن دول الجوار وعلى رأسها الجزائر، خاصة إذا لم تفرق الضربات العسكرية الفرنسية بين “الجماعات الإرهابية” و المدنيين. ([78])

تعد المقاربة الجزائرية للخروج من الازمة في مالي الأكثر نجاعة من خلال التأكيد على أن يكون الماليون المبادرين الاوائل في البحث عن حلول لمشاكلهم. و عليه فان تصور الديبلوماسية الجزائرية يجمع حوله أغلبية القوى الكبرى لوجود مخرج للأزمة في مالي التي تحتل شمالها مجموعات مسلحة ([79]).

اذ توصي هذه المقاربة بالإحاطة بالجوانب التي يجب أخذها بعين الاعتبار في تحديد استراتيجية على مستوى الأمم المتحدة، و ترى الجزائر في هذا الخصوص انه من أجل الحصول على أفضل فرص النجاح فان البحث عن مخرج للازمة في مالي ينبغي أن يتم في ظل احترام بعض الشروط.

و يتعلق الأمر أولا بأن الماليين هم الحلقة المحورية في البحث عن حلول لمشاكلهم و أن الأمر يتعلق بالمساعدة و الدعم مع تعزيز إمكاناتهم الوطنية، أما الجانب الثاني فيتلخص في أن تتفق الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي على اجندة واحدة و مسار أوحد لجهودهم تأخذ بعين الاعتبار إرادة الماليين وصلاحيات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا و كذا مصالح الأمن الوطني لدول الميدان المجاورة لمالي (الجزائر و النيجر و موريتانيا)(([80].

و أكد كذلك على ضرورة الأخذ بالحسبان بمسؤوليات الإشراف و التنسيق المنوطة بالاتحاد الإفريقي في مجال الحفاظ على السلم والأمن و الدعم المنتظر من الأمم المتحدة. أما بخصوص النقطة الثالثة التي رافعت من أجلها الجزائر فتتلخص في ضرورة التوصل إلى حل سياسي تفاوضي في اقرب الآجال الممكنة و ذلك لتفادي أي انزلاق يجر معه الأطراف التي تنبذ بشكل صريح الإرهاب و الجريمة الدولية المنظمة و يرفضون أي مساس بالسلامة الترابية لمالي.

في هذا الصدد أكد الجنرال الأمريكي” كارتر ف. هامCarter.F. Ham” القائد الأعلى لقيادة القوات المسلحة الأمريكية بإفريقيا (أفريكوم) أن الولايات المتحدة “ليس لها نفس فهم “الجزائر فيما يخص ما يجري في مالي ولذلك -كما قال- “نحن نحاول فهم الدور الذي تضطلع به جماعة أنصار الدين أو ذلك الخاص بحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا أو الحركة الوطنية لتحرير الأزواد”.. ([81]).

المتتبع للوضع في المنطقة يدرك حقيقة أنه لا تزال مستويات التفاعل مع تطورات الوضع الميداني محدودة، ذلك أن الجزائر التي تعتبر القوة العسكرية الإقليمية الأهم ترفض وبشكل شبه مقدس، أي عمل عسكري خارج حدودها، كما تعترض على كل صيغة للتعاون مع أطراف أخرى من خارج دول الميدان قد يكون من انعكاساتها المباشرة نشر قوات أجنبية على حدودها.

على صعيد آخر حاولت الجزائر، مبكرًا، ربط اتصالات مباشرة ومتكررة مع جماعتي أنصار الدين والتوحيد والجهاد في مسعى إلى مهادنتها من أجل الحصول على تحرير دبلوماسييها الثلاثة المختطفين من قنصليتها في غاوو12 يوم 5 أفريل 2012 ، ولم تفلح الضغوط الفرنسية المتواصلة والتي كان آخرها في 5 جوان 2012 بمناسبة زيارة وزير الخارجية الفرنسي ، لوران فابيس، في حمل الجزائر على مراجعة موقفها من العمل العسكري المحتمل لتحرير الشمال المالي و”تطهيره” من العناصر الجهادية، ولا تزال الجزائر تصر على تغليب الحلول السياسية والدبلوماسية لتجاوز الأزمة السياسية في باماكو ومشكلة الشمال المالي مع إمكانية النظر في السبل الأخرى الكفيلة بتقزيم القاعدة في المنطقة([82]).

في انعطاف غير متوقع، قررت الجزائر تغيير موقفها من الصراع الدائر في شمال مالي من تحاشي الحسم العسكري إلى تشكيل قوة تدخل قوامها أربعون ألف جندي والتنسيق مع دول المنطقة والقوى الدولية لمطاردة الجماعات المرتبطة بتنظيم “القاعدة” في المناطق المالية المحاذية لأراضيها، وقالت وسائل الإعلام الجزائرية اليوم إن هيئة الأركان في دول الميدان، وهو يضم كل من النيجر وموريتانيا ومالي وبوركينا فاسو، إلى جانب الجزائر، على السماح بـ”المطاردة الساخنة للجماعات الإرهابية العابرة للحدود” في إشارة إلى الجماعات المسلحة التي سيطرت على شمال مالي.

وأوضحت الجزائر أن المطاردات ستتم في المناطق الصحراوية المفتوحة، لكن بعد “إبلاغ الدولة التي تقع المطاردة على أرضها وبشرط عدم وجود قوات نظامية جاهزة لاعتراضها في البلد الذي تفر إليه”. وبهذه الخطوة خالفت الجزائر سياستها التقليدية في مجال مكافحة الإرهاب، القائمة على تكفل كل بلد بشؤونه الأمنية بنفسه. وكان إقليم أزواد شمال مالي سقط في أواخر مارس 2012 بأيدي مجموعات مسلحة قبل أن يصبح بأيدي حركات إسلامية مسلحة في مقدمتها جماعة أنصار الدين، وحركة التوحيد والجهاد وتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”([83]).

كما أوضح وزير الاتصال وسفير الجزائر الأسبق في اسبانيا، عبد العزيز رحابي، أن الجزائر أدركت أن موقفها سوف لن يصمد أمام انحياز الأربعة الكبار، الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والصين، نحو الحل العسكري، وهو ما حتم عليها مراجعة موقفها، لأنها “لا تملك من النفوذ والأدوات ما يمكنها من الدفاع عن موقفها الذي لا يعدو أن يكون ثابتا من ثوابتها الدبلوماسية”.([84])

حقّق التدخّل العسكري الفرنسيّ في مالي على الأقلّ اثنين من أهدافه المعلنة، وهما: وقف تقدّم المجموعات الإسلامية المتطرّفة نحو جنوب البلاد وتهديد العاصمة بماكو، وتحرير معظم المدن الرئيسة في الشمال ممّا دفع هذه المجموعات إلى اللجوء إلى مناطقَ جبلية وعرة في الشمال الشرقيّ لمالي على الحدود الجزائرية. وقد تسعى هذه المجموعات إلى تنفيذ هجمات في إطار حرب عصابات ضدّ القوّات الفرنسية والقوّات المساندة لها، علاوةً على إمكانية تنفيذ عمليات ضدّ مراكزَ حسّاسة (في صناعة النفط والغاز والتعدين) في دول الجوار الجغرافي للساحل الأفريقي، على نموذج عملية عين أمناس الأخيرة في الجزائر([85]).

وعلى الرغم من تصريحات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بأنّ فرنسا لن تغرق في “مستنقعٍ” جديد في مالي، بعد أن سحبت قوّاتها من المستنقع الأفغاني، نظرًا لأنّها تحظى بدعم الشعب المالي والاتّحاد الأوروبي والمجتمع الدولي، فنجاح القواّت الفرنسيّة والأفريقيّة في إعادة الاستقرار في مالي يتوقّف على عاملين: أوّلهما مصير التحالف بين هذه المجموعات والحركات الطوارقية المتمرّدة؛ أمّا ثانيهما فهو إيجاد حلٍّ شامل وعادل لمطالب الطوارق، من خلال عملية سياسية شاملة في مالي، تسمح ببناء نظامٍ ديمقراطي يستوعب جميع أطياف المجتمع الماليّ وخاصّةً الطوارق الذين يعانون من التهميش والإقصاء([86]).

يمكن القول أن “الغرب فرض منطقه باعتباره يملك القوة”، في ظل عدم اهتمام كل من الصين وروسيا، اللتان لا تنظران إلى منطقة الساحل باعتبارها منطقة نفوذ حيوي بالنسبة إليهما، وتجاهل الجزائر منطقة الساحل تماما، حيث أن “الرئيس عبد العزيز بوتفليقة زار فرنسا سبع مرات، لكنه لم يزر مالي ولو مرة واحدة، على عكس نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند.

كما أن ممانعة الجزائر ووقوفها ضد الحل العسكري لحل الأزمة المالية، أصبح بدون جدوى، بعد أن طالبت الحكومة المالية، الأمم المتحدة باستصدار قرار يجيز استعمال القوة ضد الجماعات الإسلامية المسلحة التي تسيطر على المناطق الشمالية في مالي، وانخراط “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” في هذا المسعى، وإعلان فرنسا استعدادها لتوفير الدعم اللوجيستي لأي عمل عسكري وهو ما قامت به بالفعل من خلال التدخل عسكريا في مالي.

– تقييم الدبلوماسية الجزائرية تجاه أزمة مالي.

من خلال هذا المطلب سنقدم تقييمنا الخاص للدبلوماسية الجزائرية نجاه أزمة مالي و ذلك بناءا على المعطيات و المعلومات التي تم عرضها في الفصول السابقة، وكذلك بناءا على تطور الأحداث ومجريات الأزمة في مالي في ظل غياب الوثائق اللازمة التي تمكننا من التقييم الدقيق والكامل لأداء الدبلوماسية الجزائرية تجاه أزمة مالي وفي ظل غياب التصريحات  الرسمية للمسؤوليين عن ملف أزمة مالي في السلطات الجزائرية.

عرف النشاط الدبلوماسي في الجزائر خلال 2012-2015، حركية ملحوظة بسبب التحولات الإقليمية والجهوية التي تعرفها مناطق الجوار، مما دفع إلى مسايرتها والتفكير في الأساليب الملائمة للتعاطي معها،وكثيرا ما حظيت مقاربات الجزائر في هذا المجال بالتقدير والاحترام، رغم الانتقادات التي يوجهها لها البعض بسبب اِلتزامها الصمت إزاء بعض القضايا، في الوقت الذي أكدت فيه الجزائر على تمسكها بدبلوماسية الأفعال وليس دبلوماسية التصريحات.

وقد نجحت هذه الدبلوماسية في الكثير من المناسبات، في تمرير الرؤى الخاصة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وكافة الآفات المتعلقة بالشق الأمني مباشرة.

ولعل أكثر ما ميز حركية الدبلوماسية الجزائرية هو التطورات الخطيرة التي تشهدها مشارف الحدود الجنوبية للبلاد، بسبب الأزمة في شمال مالي، وذلك في أعقد قضية عرفتها المنطقة بسبب التداعيات الخطيرة التي قد تنعكس لا محالة على كافة مناطق الساحل، وقد ركزت الجزائر كثيرا على إيجاد حل سلمي لهذه الأزمة وتفادي التدخل العسكري الذي ستكون نتائجه وخيمة على المديين القريب والبعيد.

حرصت الجزائر على إبعاد الخيار العسكري في التعاطي مع هذه الأزمة، في الوقت الذي يحظى فيه بإجماع من قبل بعض الدول الإفريقية والقوى الكبرى، فإن الدبلوماسية الجزائرية لم تفقد الأمل من أجل التوصل إلى إيجاد تسوية سلمية، رغم مصادقة مجلس الأمن على لائحة تجيز التدخل العسكري بشروط، انتهى بتدخل عسكري فرنسي.

ويأتي ذلك في الوقت الذي عاشت فيه الدبلوماسية الجزائرية أصعب الظروف بعد الترويج لأخبار عن مقتل الدبلوماسي الجزائري طاهر تواتي،  ، من قبل حركة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا، وهي الأخبار التي لم تثبتها أو تنفها وزارة الخارجية بسبب عدم وجود الأدلة الكافية([87]).

ورغم هذه التطورات، إلا أن الدبلوماسية الجزائرية لم تتوانى في الدعوة إلى تكثيف الجهود ودعوة دول الساحل و الشريكة لها من أجل التصدي لظاهرة الإرهاب، من خلال التذكير والتحسيس بأهمية تجريم دفع الفدية، بعد خوضها لمعركة دبلوماسية تكللت بموافقة أممية، على اعتبار أن الأموال المتأتية من الفدية تشكل أحد أبرز مصادر تمويل الجماعات الإرهابية، سواء في الساحل الإفريقي أو في الصومال أو أي منطقة تشهد نشاطا للجماعات الإرهابية.

كما استطاعت الجزائر من خلال الاتحاد الإفريقي تقديم مشروع قانون نموذجي إفريقي لمكافحة الإرهاب، مما يعني أن هناك إمكانية لطرح المبادرة على المستوى العربي والبحث عن صيغة للتوصل إلى توحيد التشريعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والعابرة للحدود، بما يمكن الأجهزة الأمنية العربية من تكثيف الجهود لمحاصرة الإرهاب.

وبالإضافة إلى ذلك، تلعب الجزائر دور المنسق والفاعل الإقليمي المحوري لمنطقة الساحل والصحراء في مواجهة تحدي مكافحة القاعدة في منطقة الساحل والصحراء، بعد أن أثبت داخليا نجاعته في ذلك، بفضل تبني خيار المصالحة الوطنية من جهة، وقدرات الجيش الوطني الشعبي، والأسلاك المشتركة الذين أظهروا قدرة كبيرة على مواجهة الجماعات الإرهابية، في ظل توفير الدولة لأحدث التقنيات المستعملة الدولية، حيث لعبت الجزائر فيها دورا محوريا في تبني سياسة رفض أي تدخل أجنبي، خاصة ما تعلق بالقواعد العسكرية.

في اعتقادنا فان سياسة الجزائر في مجال الأمن في منطقة الساحل يشوبها العديد من النقائص، حيث أن العلاقات الجزائرية- الساحلية تتميز بالتقطع و عدم الاستمرارية، وهذا راجع الى غياب الجزائر المتكرر عن أحداث المنطقة الا في حالة الخطر الحقيقي مثل أزمة مالي، وهو ما يفسح المجال لدول أخرى ( المغرب، فرنسا و الولايات المتحدة الاميركية) بنسج علاقات مع فواعل في المنطقة تكون اغلبها ذات مشاريع معاكسة و لا تخدم المصالح الجزائرية.

حيث أن الجزائر لم تستخدم كافة امكاناتها الاقتصادية في علاقاتها مع دول المنطقة، وهذا الضعف في التعاون الاقتصادي يرجع الى عدم اهتمام الجزائر بالمنطقة الساحلية على غرار اهتمام الجزائر الموّجه دائما نحو الشمال.

و في المجال الثقافي و الديني لم تستغل الجزائر كما يجب الروابط و العوامل التي تربط شعوب المنطقة على غرار عامل الدين و اللغة و كذا استخدام الزوايا( التيجانية خصوصا بحكم انتشارها في المنطقة)، حيث بإمكان الجزائر لعب ورقة العامل الديني من خلال استقبال الطلبة و الائمة لتكوينيهم في هذا المجال، حيث أن زوايا أدرار كانت في القديم وجهة طلاب العلم من سكان منطقة الساحل الصحراوية([88]).

إن تجنب الجزائر للتهديدات و المخاطر الأمنية القادمة من منطقة الساحل باعتباره ساحل أزماتي، يحتم عيليها استغلال عدة أبعاد تتميز بها المنطقة بإمكانها أن تشكل وسيلة لتقوية الروابط معها وفي كافة المجالات، هذه الأبعاد تتمثل في الابعاد الجيوسياسية و الاقتصادية و الأمنية، فالموقع الجيوسياسي لمنطقة الساحل يجعل من الجزائر بوابة المنطقة الى افريقيا و أوروبا في نفس الوقت كما أن شساعة حدود الجزائر مع منطقة الساحل يجعلها في عرضة دائمة و في حالة انكشاف أمني دائم.

نظراً إلى قوتها العسكرية وتفوقها الاقتصادي ومعرفتها الوثيقة بالصراع في مالي فإن لدى الجزائر القدرة على المساهمة في حلّ النزاعات في البلاد. وتحذيراتها من تدخّل عسكري متسرّع سليمة، كما هو تأكيدها على دعم عملية الانتقال السياسي في باماكو وتوفير المساعدات الغذائية المباشرة إلى البلاد. ومع ذلك، يجب على الجزائر أن تستكمل هذا بجهد صادق لتنسيق أعمالها مع جيرانها، ويجب أن تستخدم نفوذها لدى جماعة أنصار الدين وزعيمها إياد أغ غالي لقطع علاقاته مع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي والتفاوض على صفقة سياسية مع باماكو. كما ينبغي على الجزائر توظيف قدراتها العسكرية وفي مجال مكافحة الإرهاب لمراقبة حدودها الجنوبية على نحو أفضل ومنع التداعيات القادمة من شمال مالي.

ينبغي على الجزائر أن تسعى أيضاً إلى السيطرة على الموارد (الوقود والفحم) التي تساعد هذه الجماعات المسلحة المختلفة على الازدهار، من دون هذا الإجراء، سيكون من الصعب إضعاف قدرات تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وتعطيل العمليات اللوجستية في مالي، عليها كذلك مسؤولية في تعزيز لجنة عمليات الأركان المشتركة وجعلها منبراً لتبادل المعلومات الاستخباراتية الحقيقية وتنسيق مكافحة الإرهاب. في هذا الوقت المضطرب، سيستفيد الجزائريون من إعادة المغرب (القوة الإقليمية الأخرى) إلى الحظيرة([89]).

إنالدورالجزائريفيالساحلالإفريقييرتبطأساسابطبيعةالتهديداتالأمنيةفيهذا الأخيرومدىتأثيرهاعلىالحدودالجنوبيةللجزائر، فإذاأخذنابالفكرةالتيمفادهاأنالتهديدات الأمنيةفيالساحلالإفريقيليستبالخطورةالتيتصورهاالولاياتالمتحدةوأنهذهالأخيرة تضخممنحجمهذهالتهديداتلتجدمبرراللتدخلفيالمنطقةمناجلأهدافومصالحقومية أمريكيةبالدرجةالأول،فإنالتهديداتالقائمةفعلافيالمنطقةوالتيتحاولالجزائرجاهدةمع دولالإقليمعلىمكافحتهاتشكلتحدياللأهدافالأمريكيةوذلكانطلاقامننقطتينرئيسيتين:

  • لأنالجهودالجزائريةوالإقليميةللحدمنولمكافحةالتهديداتالأمنيةفيالساحل الإفريقي،فيحالةنجاحهافيالتخلصأوحتىالتقليلمنحدةوانتشارهذهالتهديدات بماسيخلقنوعامنالاستقرارالأمنيفيالمنطقة،سوفتفقدالأطراف الخارجيةمبررها الذيتسعىمنخلالهلتحقيقأهدافهاالإستراتيجيةفيالساحلالإفريقي .
  • لأندولالساحلالإفريقيإنوجدتفيتعاونهامعالجزائرسيأتيبنتائجايجابية ويحسنمنالوضعالأمنيفيدولهمويحققلهمالاستقرار،فإنهالنتكونبحاجةإلى التعاونمعالولاياتالمتحدةالأمريكية و  فرنسا،خاصةوانهذهالدولمتخوفةمنالاهتمام الأمريكيالمتزايدبمنطقتهموالذيمنالممكنأنيتحولإلىتدخلعسكريكماحدث معأفغانستانوقدزادتهذهالمخاوفبصفةاخصبعدإنشاءالقيادةالعسكرية الخاصةبإفريقيا Africom  التيرفضتهذهالدولأنيكونمقرهاعلىأراضيها.

ولأنالجزائررفضتدائماأنيكونهناكأيتدخلأجنبيفيشؤونهاالداخلية،فهي كذلككانتمنابرزالدولالرافضةلإقامةالقيادةالأمريكيةفيالجزائر،وأصبحتتفعلمن نشاطاتهافيالساحلالإفريقيوتعززتعاونهامعدولهتفاديالأيتدخلأجنبيفيهذهالدول قدينعكسعليها،فيظلعدوىالتهديداتالأمنيةفيالساحلعلىالحدودالجنوبيةالجزائرية.

وإنكانتالجهودالجزائريةالأمنيةفيالساحلالإفريقيترجع إلىسنواتالتسعيناتمنخلالالأطروالاتفاقياتالتيكانتوسيطافعالافيهامنأجلتسوية النزاعات في المنطقة ،فإنتلكالجهودقدتوالتكذلكفيمايخصمعالجة * مشاكلالتوارقفيماليوالنيجر التهديداتالجديدةفيالساحلالإفريقيالمتعلقةبالعملياتالإرهابيةخاصةفيمجالخطف الأجانبومختلفأشكالالجريمةالمنظمةكذلك،فالجزائراستطاعتأنتكونوراءاللائحة الأمميةالتيتحرّم و تجرّمدفعالفديةللإرهابيينلقاءالإفراجعنالرهائنوذلكمنأجلتجفيف منابع الأموالالتيتتغذىعليهانشاطاتالتنظيماتالإرهابيةفيالمنطقة،وقدتولدهذاالاقتراح الجزائريحولتحريمالفديةعنمؤتمراتعقدهامجموعةمنالخبراءفيمحاربةمصادر تمويلالإرهابفيإطار ” المركزالإفريقيللدراساتوالبحوثحولالإرهابالذييوجدمقره بالجزائر. ثمطورتاللائحةداخلالاتحادالإفريقيفيجويلية 2009 فيمؤتمر “سرت”، ليخرجالقراربتحريمدفعالفديةمقابلتحريرالرهائنعلىمستوىمجلسالأمنفي 17 . ديسمبر2009.

و حسب رأينا فان كل هذه العوامل تساهم بدرجة كبيرة في تقييم و تحديد مستقبل المقاربة الجزائرية تجاه أزمة مالي ومنطقة الساحل ككل و الذي يحتمل سيناريوهين رئيسيين:

ü     السناريو الأول: و هو استمرار الوضع القائم للمقاربة الدبلوماسية الجزائرية تجاه الساحل الافريقي.

ü  السيناريو الثاني: وهو تزايد اهتمام الجزائر بالساحل الافريقي على خلفية المنحى التصاعدي للأزمات و التهديدات القادمة من المنطقة.

أما سيناريو التهميش فهو وارد أيضا نظرا لعدم اهتمام الجزائر بالمنطقة في الوقت الراهن وعدم قدرة الجزائر على فرض أجندتها الدبلوماسية، بالإضافة الى وجود أطراف أخرى خارجية الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا و الصين خصوصا من الناحية الاقتصادية بالإضافة الى تهديد الجماعات الارهابية المختلفة التي هي في تزايد مستمر.

كدلك لوجود عدد من الأسباب الأخرى يمكن تلخيصها فيما يلي:

–         الوضعالأمنيفيالساحلالإفريقي.

–         سياساتدولالجوارفيالساحلالإفريقي.

–         المنافسةالدوليةفيالساحلالإفريقي.

–    مدىالتغيروالاستمراريةفيالسياسةالأمريكية و الفرنسية و الصينيةتجاهالساحلالإفريقيمعاحتمال تدخل أطراف أخرى جديدة.

الموقع الجيوستراتيجي للجزائر بين البحر المتوسط شمالا ومنطقة الساحل جنوبا، تمثل بوابة إفريقيا، كما تحوي الجزائر على موارد طاقوية حيوية واحتياطي نقدي هائل مقارنة بوضع دول أوروبية أو مغاربية محيطة بها، قوة عسكرية وأمنية منضبطة واكتسبت خبرة في إدارة مكافحة الإرهاب وتحاول أن تبني منظومة إقليمية أمنية في الساحل، لكن كل هذه العناصر المشكلة للقوة الجزائرية هي بحاجة إلى القدرة لترجمتها في محيطها الجيوسياسي.

فالدبلوماسية الجزائرية تواجه مجموعة من المشاريع الدولية والإقليمية، مشروع الاتحاد من أجل المتوسط، البحث عن قاعدة عسكرية لأفريكوم، والإشكالية المطروحة: هل يمكن أن نترجم عناصر القوة الجزائرية إلى التأثير في هذه المشاريع الدولية؟ بالمقابل، الدبلوماسية الجزائرية لا تملك عنصر قوة إضافي يسندها وهي القوة الإعلامية الناعمة في عصر الفضائيات وجيل الفايسبوك، وبالتالي مكانة الجزائر دبلوماسيا تحسب بمتغيرات ثابتة لكن سرعة التغيير سريعة جدا، ونموذج الانتفاضة في تونس والتحالف الدولي والإقليمي ضد نظام القذافي أثبت إلى أي مدى تفتقد  الدبلوماسية الجزائرية إلى سرعة التكيف في محيط يحسب بالمصالح ويعيد ترتيب الخريطة الجيوسياسية وفق منطق سايكس بيكو([90]).

عرفت الدبلوماسية الجزائرية نشاطا كبيرا على جميع الاصعدة حيث زادت من وثيرتها على المستويين الاقليمي و الدولي سعيا لإيجاد حلول لمختلف النزاعات سيما في منطقة الساحل والازمة التي يعرفها شمال مالي و أثارها على مجموع دول الجوار.

و وفاء منها لمبادئها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول بلورت الجزائر مقاربة “براغماتية” للخروج من الازمة في مالي مع الاحاطة بالجوانب التي ينبغي اخذها بعين الاعتبار في تحديد استراتيجية خاصة بالساحل.

و تقضي هذه المقاربة التي حظيت “بدعم كامل” من مجلس الامن الاممي بإيجاد حل سياسي تفاوضي يشرك جميع الفاعلين الذين ينبذون صراحة الارهاب و الجريمة الدولية المنظمة ويرفضون اي مساس بالسلامة الترابية لمالي.

ومن أجل الحصول على أفضل فرص النجاح فانه يجب تجسيد هذا المسعى في ظل احترام بعض الشروط من بينها ان الماليين هم اول المعنيين بإيجاد حلول لمشاكلهم و ان الامر يتعلق بالمساعدة والدعم من خلال تعزيز امكاناتهم الوطنية.

و لتجسيد هذا المسعى ينبغي ان يحظى الفاعلون في المجتمع الدولي بأجندة مشتركة وأن تتم جهودهم حسب خطة واحدة تأخذ بعين الاعتبار ارادة الماليين وصلاحيات المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا و كذا مصالح الامن والوطني للبلدان المجاورة لمالي وهي الجزائر و النيجر وموريتانيا([91]).

كما ينبغي الاخذ بالحسبان مسؤوليات الاشراف والتنسيق المنوطة بالاتحاد الافريقي في مجال الحفاظ على السلم و الامن و الدعم المنتظر من الامم المتحدة في هذا المجال.

و قد اكدت الجزائر في هذا الخصوص على انها ستظل ملتزمة الى جانب مالي الى غاية عودة السلم و الامن و الاستقرار الى هذا البلد كما سبق وان فعلته خلال الازمات السابقة.

إلا ان الجزائر ترى بأن الاحداث الجارية في الساحل يجب ان لا تحول الانظار عن تحديد التهديد الحقيقي الذي يمثل خطرا على استقرار وأمن تلك المنطقة.

خلاصة:

الدبلوماسية الجزائرية تجاه أزمة مالي تميزت بنوع من الاستقرار و الاستمرار من حيث التمسك بمبادئ العمل الدبلوماسي و التأكيد على الحل السلمي والحوار السياسي و رفض التدخل العسكري الأجنبي، لكن في مقابل هذا تميزت الدبلوماسية الجزائرية بالتغير و ذلك من خلال القبول بالتدخل العسكري الفرنسي في مالي و فتح المجال الجوي لهذه العملية، و هنا يظهر التغير في تعامل الجزائر مع أزمة بحيث تبرر الجزائر هذا الموقف بأن الرئيس المالي طلب المساعدة الأجنبية، بالإضافة، الى أن الجزائر لا تستطيع مخالفة القرار الأممي الذي يقضي بالتدخل العسكري في مالي .

حيث فشلت الجزائر في فرض أجندتها و منع استصدار قرار أممي بعدم التدخل العسكري في مالي، وهو ما يؤكد فرضية البحث “كلما زاد التدخل الأجنبي (الأمريكي و الفرنسي) في ازمة مالي كلما قلّ دور الدبلوماسية الجزائرية وزاد تهميشها من القضية”، كما تشكل السياسة الخارجية الجزائرية أحد المجالات السيادية التي عرّفت دستوريا على أنها المجال الحصري لمؤسسة الرئاسة، و بالشكل الذي يجعل من دور البرلمان دورا ضعيفا بل وحتى شكليا  من حيث النقاش والمساهمة في صنع السياسة الخارجية باعتباره يمثل الشعب.

تقوم السياسة الخارجية الجزائرية على 05 خمسة معايير و هي القيم ، المبادئ، المصالح، التوجهات والأولويات  و هذه المعايير هي التي تحدد الاطار، التصور والمنظور للسياسة الخارجية فهذه الخماسية يمكن أن  تختزل عمليا في مفهوم المصلحة الوطنية ..

من خلال ما سبق يمكن الخروج بالنتائج التالية:

– النزاع في مالي مرشح للتأزم في بحر من التناقضات الداخلية مع تزايد للحسابات الخارجية، فيجب بالنتيجة التعامل مع الحركيات السببية وليس فقط مع الأشكال التعبيرية والعنيفة للأزمات.

– إن اهتمام الجزائر بما يجري في منطقة الساحل راجع لكون هذه الأخيرة أصبحت تشكل مجالا لاستقطاب قوى خارجية ومجالا لعمل قوى إقليمية وذلك نظرا لما تتميز به هذه المنطقة من ثروات فوق و تحت الأرض، لذا كان لزاما على الجزائر أن تعمل من أجل إيجاد حلول في هذه المنطقة تفاديا لأي تهديد للأمن القومي الجزائري، فالجزائر سعت وتسعى جاهدة لقطع الطريق ضد أي تدخل أجنبي تحت مبرر مكافحة الإرهاب.

– أن القارة الإفريقية تشهد تجاذبات وصراعات بين مصالح الولايات المتحدة الأمريكية و باقي القوى الكبرى في العالم في ظل التوجهات الإستراتيجية الجديدة لما بعد ﻧﻬاية الحرب الباردة، وكذا محاولة كل طرف تطبيق المشاريع الإستراتجية للهيمنة على مناطق النفوذ و الثروة في القارة الإفريقية انطلاقا من  سياسة جيوبوليتكية براغماتية، خصوصا منطقة الساحل الإفريقي.

– بالنظر للمصالح المتنامية (النفط على وجه الخصوص) للغرب والصين في المنطقة وكذلك تفاقم الأزمات الداخلية وتفشي الظواهر المرضية مثل الهجرة السرية والجريمة المنظمة والإرهاب فإن الساحل مرشح لأن يكون في السنوات القادمة بحرا متلاطما من الأزمات الداخلية مع تزايد احتمالات لبروز ارهاب أفرو-مغاربي قد يهدد المنطقة برمتها

– الساحل الإفريقي من بين أكثر المناطق في العالم التي تشهد حالة من الانهيار والانفلات الأمني  أو حالة الاأمن وما يخلفه من أثار سلبية على سكان المنطقة حيث أصبحت المنطقة المصدر الأساسي لكثير من المشاكل التي ترتبط في الغالب بعدم توفر أدنى مستويات الحياة للأفراد بالإضافة إلى غياب مفهوم الدولة وحالة الهشاشة و الانكشاف الأمني و الاقتصادي وخصوصا الاجتماعي الذي غالبا ما ينتج عنه أزمة هوية التي ينتج عنها تفكك المجتمع وبالتالي الدولة، مما يؤدي إلى ظهور الدولة الفاشلة أمنيا و مجتمعيا.

– رهان الجزائر في الوقت الحالي هو أمننة حدودها، فالجزائر الأن هي في مأزق أمني حدودي خطير فكل المجال الجغرافي مهدد من تونس إلى المغرب خصوصا بعد سقوط نظام معمر القذافي الذي كان بمثابة مركز متقدم لحماية الجزائر برفضه لتواجد قواعد عسكرية أجنبية في ليبيا و لكن بعد سقوط القذافي انتهى هذا الغطاء وأصبحت المنطقة وكرا للقاعدة و مصدرا تجارة الأسلحة وممر لمهربي المخدرات اللينة و الصلبة.

– الجزائر و مع بداية الأزمة في مالي عرفت العديد من التهديدات نتجت عن نشاط حركات التمرد في شمال مالي والنيجر مما أجبر الجزائر على التحرك الدبلوماسي و العسكري من أجل تفادي أي تدخل أجنبي و دولي على حدودها الجنوبية وخلق بؤر توتر جديدة.

– سياسة الجزائر في مجال الأمن في منطقة الساحل يشوبها العديد من النقائص، حيث أن العلاقات الجزائرية- الساحلية تتميز بالتقطع و عدم الاستمرارية، وهذا راجع الى غياب الجزائر المتكرر عن أحداث المنطقة الا في حالة الخطر الحقيقي مثل أزمة مالي، وهو ما يفسح المجال لدول أخرى ( المغرب، فرنسا و الولايات المتحدة الاميركية) بنسج علاقات مع فواعل في المنطقة تكون اغلبها ذات مشاريع معاكسة و لا تخدم المصالح الجزائرية.

– الجزائر لم تستخدم كافة امكاناتها الاقتصادية في علاقاتها مع دول المنطقة، وهذا الضعف في التعاون الاقتصادي يرجع الى عدم اهتمام الجزائر بالمنطقة الساحلية على غرار اهتمام الجزائر الموّجه دائما نحو الشمال.

-في المجال الثقافي و الديني لم تستغل الجزائر كما يجب الروابط و العوامل التي تربط شعوب المنطقة على غرار عامل الدين و اللغة و كذا استخدام الزوايا( التيجانية خصوصا بحكم انتشارها في المنطقة)، حيث بإمكان الجزائر لعب ورقة العامل الديني من خلال استقبال الطلبة و الائمة لتكوينيهم في هذا المجال، حيث أن زوايا أدرار كانت في القديم وجهة طلاب العلم من سكان منطقة الساحل الصحراوية.

– تجنب الجزائر للتهديدات و المخاطر الأمنية القادمة من منطقة الساحل باعتباره ساحل أزماتي، يحتم عيليها استغلال عدة أبعاد تتميز بها المنطقة بإمكانها أن تشكل وسيلة لتقوية الروابط معها وفي كافة المجالات، هذه الأبعاد تتمثل في الابعاد الجيوسياسية و الاقتصادية و الأمنية، فالموقع الجيوسياسي لمنطقة الساحل يجعل من الجزائر بوابة المنطقة الى افريقيا و أوروبا في نفس الوقت كما أن شساعة حدود الجزائر مع منطقة الساحل يجعلها في عرضة دائمة و في حالة انكشاف أمني دائم.

– الدور الجزائري في الساحل الإفريقي يرتبط أساسا بطبيعة التهديدات الأمنية في هذا الأخير ومدى تأثيرها على الحدود الجنوبية للجزائر.

-لأن دول الساحل الإفريقي إن وجدت في تعاونها مع الجزائر سيأتي بنتائج ايجابية  ويحسن من الوضع الأمني في دولهم ويحقق لهم الاستقرار، فإنها لن تكون بحاجة إلى التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية و  فرنسا.

– تمسك الجزائر بمبادئها الدبلوماسية لم يساهم كثيرا في دور الجزائر لحل الأزمة في مالي.

– العمل الجماعي هو الكفيل بحل الأزمة في مالي لكن مع سيطرة الأجندة الأجنبية و صراع الارادات في المنطقة أصبح من المستحيل التفاهم على حل سياسي و سلمي يرضي جميع الأطراف.

– عدم اهتمام الجزائر بالمنطقة بفسح المجال أمام المشاريع المحلية و الأجنبية في المنطقة مما يؤدي الى مزيد من التهميش للأجندة الجزائرية في المنطقة، خصوصا وأن المنطقة مرشحة لظهور المزيد من الأزمات واستقطاب نشاط الجماعات الإرهابية المختلفة.

– على الجزائر تعزيز دور وسائل الإعلام المحلية لمساندة المقاربة الجزائرية وذلك من خلال استعمال القوة الناعمة للإعلام ومحاولة التعريف بالدور السلمي للجزائر في ادارة الأزمات .

– الإرهاب في منطقة الساحل ما هو إلا تهديد واحد من بين التهديدات الكثيرة و المتنوعة في هذه المنطقة ، فهناك الجريمة المنظمة المرتبطة بالمتاجرة بالأسلحة على خلفية الانتشار المخيف للأسلحة القادمة من ليبيا وأيضا المتاجرة بالمخدرات الصلبة (الكوكايين) القادمة من أمريكا اللاتينية عبر خليج غينيا مرورا بغرب إفريقيا وصولا إلى الساحل ثم المغرب العربي نحو أوروبا ، وطريق أخر للمخدرات اللينة القادمة من المغرب عبر البوليساريو -الصحراء الغربية-  وموريتانيا وصولا إلى الساحل.

– أن اهتمام الجزائر بمنطقة الساحل يعود بالدرجة الاولى الى الأزمات المتعددة التي تعرفها المنطقة و تأثيراتها المحتملة على الجزائر خصوصا أزمة مالي، وبالتالي فان اهتمام الجزائر بالمنطقة يقوم على العامل الأمني الذي له الأولوية القصوى في السياسة الجزائرية ، فمن خلال دراستنا للواقع الأمني للساحل الإفريقي اتضح بأن هذه المنطقة تعاني من العديد من المشاكل التي تجعل من الوضع الأمني فيها غير مستقر، حيث تنتشر الجريمة المنظمة بكل أشكالها و الأزمات الداخلية ومشاكل الأقليات، إضافة إلى التنظيمات الإرهابية التي لجأت في الآونة الأخيرة إلى منطقة الساحل الإفريقي.

وبالتالي فان أي مقاربة جزائرية أو أجنبية لايجاد حل للأزمة في مالي و منطقة الساحل عموما لابد أن تقوم على العناصر التالية:

1-      الاعتراف بأن التهديدات وان اختلفت حدتها من دولة لأخرى هي تهديدات مشتركة وهذا ما يقتضي تحرك وعمل مشترك.

2-      كل هذه التهديدات تقتضي وجود إستراتجية متعددة الأطراف و متعددة الأبعاد.

3-      بالنظر إلى ضعف المقدرات الذاتية لدول المنطقة دون الجزائر فمن الضروري وجود تعاون دولي للدعم اللوجيستي لكل من النيجر ومالي و موريتانيا –دول الميدان-.

4-      الإقرار بأن الإقليم يحتاج ريادة جزائرية بحكم المقدرة و الخبرة و الارتباطات الدولية في مجال مكافحة التهديدات خصوصا الإرهاب.

4-     من واجب دول المنطقة، ودول الجوار الاستراتيجي وكذلك المجموعة الدولية عموما؛ وخاصة الأمم المتحدة ووكالاتها؛ العمل حسب منطق يجمع بين الاستباقية -الوقاية- والحماية ضد الكوارث المحتملة من فشل الدول، الحروب الداخلية وحتى الارهاب وذلك عن طريق تمكين هذه الدول من تحقيق شروط التنمية .

قائمة المراجع:

1-      باللغة العربية

2-   بوخرص أنور ، الجزائر والصراع في مالي، مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أوراق كارنيجي ،أكتوبر  2012يوم الاطلاع06/05/2013   http://www.CarnegieEndowment.org

3-   المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات، أزمة مالي والتدخل الخارجي،10 فيفري 2013 http://www.dohainstitute.org/release/afe68c3a-2d7c-48cf-acab-40491fd0f9ad

4-   ميلاد مفتاح الحراثي، تقرير تحليلى: دولة مالى بين الديمقراطية وخيارات الانفصال والتدويل، http://www.akhbaar.org/home/2012/04/129310.htm

5-   مادي ابراهيم كانتي ، الأزمة السياسية في مالي، دراسات/ افاق افريقية.المجلد العاشر،العدد السادس و الثلاثون،2012.ص ص.109-110

6-   سيد يباب، طوارق الفضاء الصحراوي بين الهوية والتهميش  http://www.alarabiya.net/articles/2012/03/02/198074.html20/04/2013

7-   الحاج ولد إبراهيم، أزمة شمال مالي.. انفجار الداخل وتداعيات الإقليم،  http://studies.aljazeera.net/reports/2012/02/20122129582152916.htm.23/03/2013

8-   الدكتور مصطفى صايج،اللوبي الفرنسي عاقب الرئيس المالي لأنه تعاون مع الجزائر، حاوره: محمد   سلطاني،http://www.elbilad.net/archives/48072يوم الاطلاع 06/04/2013

8- الاتحاد الأفريقي ينهي تجميد عضوية مالي بعد سبعة أشهر من انقلاب عسكري،http://www.france24.com/ar/20121024

9-  – فريدة البندري، مستقبل مالى فى ظل ازمة الطوارق والانقلاب العسكرى،http://www.elsyasi.com/article_detail.aspx?id=15510 تاريخ الاطلاع6/05/2013.      

10-  -جمل عمر،انقلاب مالي يعرض أمن الساحل لتهديد جديد،  http://magharebia.com/ar/articles/awi/featuresيوم الاطلاع 06/04/2013/2012/03/25/feature-0103/05/2013.

11- جريدة النصر حوار مع محند برقوق، التدخل الفرنسي في مالي سيحول المنطقة إلى مستنقع و سيخلق أزمة إنسانية غير مسبوقة،نشر في النصر يوم 13 – 01 – 2013http://www.djazairess.com/annasr/45087

12- مصطفى سايج ل البلاد:استقرار منطقة الساحل يعزز الحزام الأمني الجنوبي للجزائر،نشر في البلاد أون لاين يوم 10 – 07 – 2010 حاورته فريال م.http://www.djazairess.com/elbilad/2107221/04/2013

13- عزيز .ل.،بين الحل السياسي والتدخل العسكري هكذا تعاملت الدبلوماسية الجزائرية مع “الأزمة في مالي،http://www.djazairnews.info/index.php?view=article&tmpl=component&id=4944503/04/2013

14- أنس. ج ،الأزمة المالية تضع الدبلوماسية الجزائرية في حالة «طوارئ» : فرنسا تجهّز قرار التدخل العسكري لعرضه على مجلس الأمن ،في: موقع جريدة البلاد،:
http://www.elbilad.net/archives/7328702/02/2013
(13 /10 /2012).

[1]15-  –وكالة الانباء الجزائرية، الأزمة المالية: الولايات المتحدة تدعم المقاربة الجزائرية ،في: موقع وكالة الانباء الجزائرية، (الأحد 30سبتمبر 2012)،: http://www.aps.dz/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9.html05/04/2013
(13 /10 /2012).

16-  – عربي بومدين، أزمة شمال مالي والمقاربة الجزائرية،الحوار المتمدن-العدد: 3893 – 2012 / 10 / 27 – 23:06http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=329943

17- الجزائر تتبنى الحل العسكري لمواجهة الأزمة شمال مالي05/04/2013.06أوت 2012http://www.aqlame.com/article9624.html.يوم الاطلاع07/04/2013.

محمد مسلم،خبراء يشرحّون خلفيات انقلاب الموقف الجزائري بشأن أزمة مالي:18- الجزائر غيّرت موقفها بعد أن انحاز الكبار للتدخل العسكري،“http://www.echoroukonline.com/ara/articles/144648.html.05/04/2013

19- محمد خلاف، نشاط الدبلوماسية الجزائرية  حركية نوعية تواكب التحولات في العالم،20/12/2012. http://www.el-massa.com/ar/content/view/67207يوم الاطلاع/05/04/2013

20- نبيل بوبية، الأمن في منطقة الصحراء الكبرى بين المقاربة الجزائرية والمشاريع الأجنبية ، مذكرة ماجيستر ،القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2009

21- الدبلوماسية الجزائرية في ظل التحولات الإقليمية والدولية-حوار د.مصطفى صايجhttp://dzairinfos.com/article/a-la-diplomatie-alga-rienne-ne-sait-pas-sa-adapter-aux-changementsa09/06/2013.EL WATANL

22-  – الساحل: 2012 سنة نشاط الدبلوماسية الجزائرية على جميع الاصعدة، 02-01-2013http://www.eldjoumhouria.dz/ar/article.php?id=1282905/05/2013.

2- باللغة الأجنبية:

–         باللغة الفرنسية:

1-      André Bourgeot, “Identité Touarègue: De l’Aristocratie à la Révolution“, Études rurales, no. 120 (Oct. – Dec., 1990)

2-       Tarik Ramadan, “Le Mali, la France et les Extrémistes”, Tarik Ramdan’s blog, 17/1/2013, viewed 6/2/2013 http://www.tariqramadan.com/spip.php?article12693&lang=fr

3-       Salim Chena,La crise au Mali : groupes armés, impasse politique et crise humanitaire,www.cepes.uqam.ca.Centre d’Études des politiques étrangères et de sécurité .pdf.p.01.

4-       Alain antile,les rebellions touarégues et la crise de létat,ramses 2009.afrique.ifri.pdf.p.04.

5-       [1]-Mériadec RAFFRAY,LES RÉBELLIONS TOUARÈGUES AU SAHEL,Les cahiers du RETEX(Paris:  CDEF/DREX/B.RCH,janvier 2013)

6-      antoine de saint , Les Touaregs Histoire d’un peuple, http://www.lespuitsdudesert-tidene.org/touaregs.html20/03/2013

7-      Edmond Bernús,être touareg au mali.,www.politique-africaine.com/numeros/pdf/047023.pdf‎22/02/2013

8-      Dossier spécial, Mali : chronologie d’une crise, http://www.dw.de/mali-chronologie-dune-crise/a-16109719.06/06/2013

9-      Ferdaous Bouhlel-Hardy, Yvan Guichaoua, Abdoulaye Tamboura,Crises touarègues au Niger et au Mali,Séminaire du 27 novembre 2007,Programme Afrique subsaharienne.ifri.pdf

10-   Mhand Berkouk. «La question de l’Azawad pourrait contaminer le Niger et la Libye»Publié dans El Watan le 09 – 04 – 2012ة Hassan Moalihttp://www.djazairess.com/fr/elwatan/366087

11-   http://www.rfi.fr/afrique/20121212-mali-reperes-principaux-acteurs-crise-Mali: les principaux acteurs de la crise Christophe Carmarans,consulter le 06/04/2013

12-   Adib Bencherif,Le nord du Mali, entre risques de balkanisation et talibanisation,paix et sécurité internaionale,pdf

13-   IREA Maison de l’Afrique,Mali – Les acteurs de la crise, http://prezi.com/rfeimv1r-724/mali-les-acteurs-de-la-crise/consulter le 04/06/2013

14-   -international crisi group, MALI : EVITER L’ESCALADE SYNTHESE ET RECOMMANDATIONS, Rapport Afrique N°189, 18 juillet 2012

15-   Stefanie Schüler,L’intervention militaire au Mali: les mauvais souvenirs des Américains, http://www.rfi.fr/afrique/20130115-intervention-militaire-mali-mauvais-souvenirs-americains.consulter le 06/04/2013

16-   -Dossier d’information,LES ZONES D’OMBRE DE L’INTERVENTION FRANÇAISE AU MALI Eléments de contexte et d’explication,Dossier réalisé par l’Association Survie.servie .org.L’ i n t e r v e n t i o n f ra n ç a i s e a u Ma l i – 23 J a nv i e r 2013.pdf.p.02.

17-   -INTERVENTION MILITAIRE • Hollande prend des risques au Mali,http://www.courrierinternational.com/article/2013/01/16/hollande-prend-des-risques-au-mali16/01/2013

http://www.un.org/apps/newsFr/storyF.asp?NewsID=30338#.UbTcAdiWqSo05/04/2013.

18-   Bernard Adam,Mali de l’intervention militaire française à la reconstruction de l’Etat, Groupe de recherche et d’information sur la paix et la sécurité (GRIP), Rapport du GRIP 2013.pdf

19-   Pierre Avril, “Mali : Moscou Promet une Aide Militaire à la France”, Le Figaro (France), 18/1/2013, viewed 25/1/2013 http://www.lefigaro.fr/international/mali-moscou-promet-une-aide-militaire-a-la-france.php.

20-   -“Support grows for U.N. force in Mali”, Reuters, 5/2/2013, viewed 7/2/2013  http://www.reuters.com/article/2013/02/05/us-mali-talks-idUSBRE91414U20130205

21-   Pascal De Gendt,Les enjeux du conflit au Nord-Mali,Analyses & Études Monde et Droits de l’Homme,Service International de Recherche  d’Éducation et d’Action Sociale asbl.pdf.

22-   http://www.diplomatie.gouv.fr/ar/, .France diplomatie.com.Mali – Adoption de la résolution 2071 par le Conseil de sécurité (15 octobre 2012) http://www.diplomatie.gouv.fr/fr/dossiers-pays/mali/la-france-et-le-mali/evenements-19439/article/mali-adoption-de-la-resolution.

23-   Conseil de sécuritéCS/10870ةConseil de sécurité  6898e séanceةLA SITUATION AU MALI  Lettre datée du 13 décembre 2012, adressée au Président du Conseil de sécurité par le Secrétaire général (S/2012/926)http://www.un.org/News/fr-press/docs/2012/CS10870.doc.htm05/04/2013

24-   M. Ahmed Ouyahia au quotidien LE MONDE : “L’Algérie n’acceptera jamais une remise en cause de l’intégrité territoriale du Mali”,PUBLIE LE : 07-04-2012 |  0:00http://www.elmoudjahid.com/fr/actualites/26310.04/05/2013

25-   APS.algerie press sevice.depeche d’agence, sécurité au sahel: les pays du champs ont réussi a créé le cadre qu’il faudra rendre opérationnel,(ministre nigerien.)07/082012.aps.07.20.

26-   Khaled Satour,MALI, SAHEL, ALGERIE, LA NOUVELLE DONNE DU PROJET IMPERIAL,20 février 2013

27-   http://contredit.blogspot.fr/2013/02/mali-sahel-algerie-la-nouvelle-donne-du_20.html.pdf.

–         باللغة الإنجليزية:

01-   International Crisis Group, Islamist Terrorism in the Sahel: Fact or Fiction? Crisis Group Africa Report no. 92, March 31, 2005.pdf.

02-   John Schindler, , “The Ugly Truth about Algeria,” The National Interest, 10 July 2012;

http://nationalinterest.org/commentary/the-ugly-truth-about-algeria-7146. Viewed in19/04/2013.

03-   Susi Dennison,THE EU, ALGERIA AND THE NORTHERN MALI QUESTION,The European Council on ForeignRelations2012.pdf.

04-   Hamza Hamoucheneة, Algeria, Mali: another front in the “Global War on Terror”? 27 janvier 2013, http://www.opendemocracy.net/hamza-hamouchene/algeria-mali-another-front-in-%E2%80%9Cglobal-war-on-terror%E2%80%9D05/04/2013

05-   The Poorest Countries in the World”, Global Finance, viewed 20/1/2013 http://www.gfmag.com/tools/global- atabase/economic-data/12147-the-poorest-countries-in-the-world.html#axzz2J0R95G6Q

06-   Jacques Delcroze, “The Malian Model Falls Apart,” Le Monde Diplomatique, September 3, 2012, http://mondediplo.com/2012/09/03mali.11Cour pénale internationale-Rapport établi au titre de l’article 53-1 16 janvier,Situation au Mali.pdf

07-   Luis Ramirez, “US Military Expands Presence in Africa”, Voice Of America, 25/6/2012 viewed 20/1/2013 http://www.voanews.com/content/us-military-africa/1249035.html

08-   -John Schindler, “The Ugly Truth about Algeria,” The National Interest, 10 July 2012.http://nationalinterest.org/commentary/the-ugly-truth-about-algeria-7146consulter le.19/04/2013.

09-   Thomas Serres, “The Malian crisis seen from Algeria,” Jadaliyya, 19 April 2012.

10-   http://www.jadaliyya.com/pages/index/5330/another-take-on-the-malian-crisis-as-seen-from-alg

11-   http://www.guardian.co.uk/world/2010/dec/06/wikileaks-cables-algeria-security-maghreb./03/04/2013

12-   Lauren Ploch,Africa Command: U.S. Strategic Interests and the Role of the U.S. Military in Africa,July 22, 2011,Congressional Research Service,Prepared for Members and Committees of Congress,CRS Report for Congress.pdf

[1] -Noam chomsky, Failed States: The Abuse of Power and the Assault on Democracy, Reviewed by Dr. Jonathan Dolhenty, Chhttp://radicalacademy.uni.me/bookreview_chomsky2.ht

[2]-بوخرص أنور ، الجزائر والصراع في مالي، مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أوراق كارنيجي ،أكتوبر  2012يوم الاطلاع06/05/2013   http://www.CarnegieEndowment.org..

[3]-أنور بوخرص .مرجع سابق.

[4]- The Poorest Countries in the World”, Global Finance, viewed 20/1/2013 http://www.gfmag.com/tools/global- atabase/economic-data/12147-the-poorest-countries-in-the-world.html#axzz2J0R95G6Q.

* مع اختلاف التقديرات من مرجع إلى آخر، إلا أنّ الثابت أنّ أكبر المجموعات الإثنية في مالي عددًا هي “الماندينغ” (نحو النصف. وتضمّ قبائل وإثنيات فرعية مثل “البامبارا” و”المالنكي” و”السنونكيين”) والتي تحتكر السلطة السياسية منذ الاستقلال، وبعدها “الفولان”، وهناك عدد كبير آخر من الأعراق مثل “السونغاي” و”الونينكيين” و”البوبو” و”المينيوناكا”، في حين تُجمع التقديرات على أنّ الطوارق الأمازيغ مضافًا إليهم العرب ليسوا سوى أقلّية (10% على أكثر تقدير) مثل الكثير من الأقلّيات في مالي

[5]http://www.statistiques-mondiales.com/mali.htm.

[6]-André Bourgeot, “Identité Touarègue: De l’Aristocratie à la Révolution“, Études rurales, no. 120 (Oct. – Dec., 1990), p. 146.

*”أنصار الدين” حركة انفصالية طوارقية ذات نهج ديني سلفي، أسّسها إياد آغ غالي وهو من أبناء أسر القيادات القبلية التاريخية لقبائل الإيفوغاس الطوارقية، وكان قائد التمرّد الطوارقي في مالي في عام 1990، ولم يُعرف عنه حينها أيّ توجّهٍ إسلامي بل كان أقرب إلى الفكر اليساري القومي، وشارك في حركات التمرّد سنوات 1995 و1996 و2006. وبعد اتفاقية مع الحكومة المالية أنهت التمرد، عُيّن آغ غالي قنصلًا لمالي في جدّة في السعودية، وعاد إلى بلاده بعد ذلك وجمع حوله الكثير من الأنصار من قبيلته ومن أبناء الطوارق ممّن تشبّعوا بالفكر الجهادي بعد أن أعلن تبنّيه النهج السلفي

.[7]-المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات، أزمة مالي والتدخل الخارجي،10 فيفري 2013 http://www.dohainstitute.org/release/afe68c3a-2d7c-48cf-acab-40491fd0f9ad

[8]- المرجع نسه

1- – Tarik Ramadan, “Le Mali, la France et les Extrémistes”, Tarik Ramdan’s blog, 17/1/2013, viewed 6/2/2013 http://www.tariqramadan.com/spip.php?article12693&lang=fr.

[10]-International Crisis Group, Islamist Terrorism in the Sahel: Fact or Fiction? Crisis Group Africa Report no. 92, March 31, 2005.pdf.

[11]-المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أزمة مالي والتدخل الخارجي،10 فيفري 2013 يوم الاطلاعhttp://www.dohainstitute.org/release/afe68c3a-2d7c-48cf-acab-40491fd0f9ad.

[12]- ميلاد مفتاح الحراثي، تقرير تحليلى: دولة مالى بين الديمقراطية وخيارات الانفصال والتدويل، http://www.akhbaar.org/home/2012/04/129310.html

[13]-أنور بوخرص، مرجع سابق.

[14]-Salim Chena,La crise au Mali : groupes armés, impasse politique et crise humanitaire,www.cepes.uqam.ca.Centre d’Études des politiques étrangères et de sécurité .pdf.p.01.

[15] Ibid.

[16]-Jacques Delcroze, “The Malian Model Falls Apart,” Le Monde Diplomatique, September 3, 2012, http://mondediplo.com/2012/09/03mali.11

[17] Cour pénale internationale-Rapport établi au titre de l’article 53-1 16 janvier,Situation au Mali.pdf.p p.08-09.

[18]-أنور بوخرص، مرجع سابق.ص.07.

[19]-Alain antile,les rebellions touarégues et la crise de létat,ramses 2009.afrique.ifri.pdf.p.04.

[20]-Mériadec RAFFRAY,LES RÉBELLIONS TOUARÈGUES AU SAHEL,Les cahiers du RETEX(Paris:  CDEF/DREX/B.RCH,janvier 2013)p.15.

[21] -antoine de saint , Les Touaregs Histoire d’un peuple, http://www.lespuitsdudesert-tidene.org/touaregs.html20/03/2013.

[22]-عمر الأنصاري، الرجال الزرق :الطوارق: الأسطورة والواقع، ،2005)،http://www.aljazeera.net/books/pages/9f5f0543-688e-44ec-bae0-954c668e62ddhttp://www.goodreads.com/book/show/8043745

[23]-مادي ابراهيم كانتي ، الأزمة السياسية في مالي، دراسات/ افاق افريقية.المجلد العاشر،العدد السادس و الثلاثون،2012.ص ص.109-110.pdf

[24]-المرجع نفسه،.ص ص.109-110.

[25]-Edmond Bernús,être touareg au mali.,www.politique-africaine.com/numeros/pdf/047023.pdf‎22/02/2013

[26]- مادي ابراهيم كانتي ، ، الأزمة السياسية في مالي، دراسات/ أفاق افريقية، المجلد العاشر، العدد السادس والثلاثون، 2012،ص.110.

[27] –  Dossier spécial, Mali : chronologie d’une crise, http://www.dw.de/mali-chronologie-dune-crise/a-16109719.06/06/2013

[28]-سيد يباب، طوارق الفضاء الصحراوي بين الهوية والتهميش  http://www.alarabiya.net/articles/2012/03/02/198074.html20/04/2013

[29]-مادي ابراهيم كانتي،مرجع سابق،ص.110.

[30]-Ferdaous Bouhlel-Hardy, Yvan Guichaoua, Abdoulaye Tamboura,Crises touarègues au Niger et au Mali,Séminaire du 27 novembre 2007,Programme Afrique subsaharienne.ifri.pdf.p.04.

[31]-الحاج ولد إبراهيم، أزمة شمال مالي.. انفجار الداخل وتداعيات الإقليم،  http://studies.aljazeera.net/reports/2012/02/20122129582152916.htm.23/03/2013

[32]-Mhand Berkouk. «La question de l’Azawad pourrait contaminer le Niger et la Libye»Publié dans El Watan le 09 – 04 – 2012ة Hassan Moalihttp://www.djazairess.com/fr/elwatan/366087

[33]-الدكتور مصطفى صايج،اللوبي الفرنسي عاقب الرئيس المالي لأنه تعاون مع الجزائر، حاوره: محمد   سلطاني،http://www.elbilad.net/archives/48072يوم الاطلاع 06/04/2013

[34]- مادي ابراهيم كانتي ، مرجع سابق،ص.116.

[35]-ابراهيم مادي كانتي، مرحع سابق، ص.110.

[36]-http://www.rfi.fr/afrique/20121212-mali-reperes-principaux-acteurs-crise-Mali: les principaux acteurs de la crise Christophe Carmarans,consulter le 06/04/2013

[37]- ولد إبراهيم الحاج ، أزمة شمال مالي.. انفجار الداخل وتداعيات الإقليم، http://studies.aljazeera.net/reports/2012/02/20122129582152916.htm.23يوم الاطلاع23/03/2013.

[38]-Adib Bencherif,Le nord du Mali, entre risques de balkanisation et talibanisation,paix et securite internaionale,pdf.p.04.

[39]-IREA Maison de l’Afrique,Mali – Les acteurs de la crise, http://prezi.com/rfeimv1r-724/mali-les-acteurs-de-la-crise/consulter le 04/06/2013

[40] -international crisi group, MALI : EVITER L’ESCALADE SYNTHESE ET RECOMMANDATIONS, Rapport Afrique N°189, 18 juillet 2012,p.05.

[41]-الحاج ولد إبراهيم، مرجع سابق.

*القرار رقم 2056 بشأن تعزيز الأمن في غرب أفريقيا، وشمل عدّة فقرات عن الوضع في مالي (5 جوان 2012)، والقرار رقم 2071 بشأن مالي (12 أكتوبر 2012)، والقرار رقم 2085 بشأن مالي (20 ديسمبر 2012)..http://french.peopledaily.com.cn/International/8095732.html

1-المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات،أزمة مالي والتدخل الخارجي، مرجع سابق.

[43]-Stefanie Schüler,L’intervention militaire au Mali: les mauvais souvenirs des Américains, http://www.rfi.fr/afrique/20130115-intervention-militaire-mali-mauvais-souvenirs-americains.consulter le 06/04/2013

[44]-Dossier d’information,LES ZONES D’OMBRE DE L’INTERVENTION FRANÇAISE AU MALI Eléments de contexte et d’explication,Dossier réalisé par l’Association Survie.servie .org.L’ i n t e r v e n t i o n f ra n ç a i s e a u Ma l i – 23 J a nv i e r 2013.pdf.p.02.

[45]-INTERVENTION MILITAIRE • Hollande prend des risques au Mali,http://www.courrierinternational.com/article/2013/01/16/hollande-prend-des-risques-au-mali16/01/2013

[46]-http://www.un.org/apps/newsFr/storyF.asp?NewsID=30338#.UbTcAdiWqSo05/04/2013.

[47]-الاتحاد الأفريقي ينهي تجميد عضوية مالي بعد سبعة أشهر من انقلاب عسكري،http://www.france24.com/ar/20121024

[48]-فريدة البندري، مستقبل مالى فى ظل ازمة الطوارق والانقلاب العسكرى،http://www.elsyasi.com/article_detail.aspx?id=15510 تاريخ الاطلاع6/05/2013.      

[49]-جمل عمر،انقلاب مالي يعرض أمن الساحل لتهديد جديد،  http://magharebia.com/ar/articles/awi/featuresيوم الاطلاع 06/04/2013/2012/03/25/feature-0103/05/2013.

[50] – bernard Adam,Mali de l’intervention militaire française à la reconstruction de l’Etat, Groupe de recherche et d’information sur la paix et la sécurité (GRIP), Rapport du GRIP 2013.pdf.p.16.

[51] – Luis Ramirez, “US Military Expands Presence in Africa”, Voice Of America, 25/6/2012 viewed 20/1/2013 http://www.voanews.com/content/us-military-africa/1249035.html

[52]-المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، أزمة مالي والتدخل الخارجي، مرجع سابق.

* أجمعت القوى والنخب السياسية الفرنسية بيمينها ويسارها على الوقوف جبهة واحدة وراء الرئيس فرنسوا هولاند في القرار الذي اتّخذه بإرسال القوّات الفرنسية إلى مالي، ولم يسمع صوت معارض لهذا التدخّل باستثناء صوت النائب في الجمعية الوطنية الفرنسيّة وأحد أقطاب تيّار الأيكولوجيين، نوال مامير، الذي رأى أنّ التدخّل هو استمرار لسياسة فرنسا- أفريقيا ذات الخلفية الاستعمارية.

يمكن العودة إلى تصريحات نوال مامير لإذاعة “فرانس بلو” على الرابط:

http://www.francebleu.fr/politique/noel-mamere-contre-l-intervention-au-mali-255347

[53]- bernard Adam, op.cit .p p.22.23.

[54]-Pierre Avril, “Mali : Moscou Promet une Aide Militaire à la France”, Le Figaro (France), 18/1/2013, viewed 25/1/2013 http://www.lefigaro.fr/international/mali-moscou-promet-une-aide-militaire-a-la-france.php.

[55] -“Support grows for U.N. force in Mali”, Reuters, 5/2/2013, viewed 7/2/2013  http://www.reuters.com/article/2013/02/05/us-mali-talks-idUSBRE91414U20130205

[56]-Pascal De Gendt,Les enjeux du conflit au Nord-Mali,Analyses & Études Monde et Droits de l’Homme,Service International de Recherche  d’Éducation et d’Action Sociale asbl.pdf.page.03

[57]-جريدة النصر حوار مع محند برقوق، التدخل الفرنسي في مالي سيحول المنطقة إلى مستنقع و سيخلق أزمة إنسانية غير مسبوقة،نشر في النصر يوم 13 – 01 – 2013http://www.djazairess.com/annasr/45087

[58] – http://www.diplomatie.gouv.fr/ar/, .France diplomatie.com.Mali – Adoption de la résolution 2071 par le Conseil de sécurité (15 octobre 2012) http://www.diplomatie.gouv.fr/fr/dossiers-pays/mali/la-france-et-le-mali/evenements-19439/article/mali-adoption-de-la-resolution.

[59]-Conseil de sécuritéCS/10870ةConseil de sécurité  6898e séanceةLA SITUATION AU MALI  Lettre datée du 13 décembre 2012, adressée au Président du Conseil de sécurité par le Secrétaire général (S/2012/926)ةhttp://www.un.org/News/fr-press/docs/2012/CS10870.doc.htm05/04/2013.

[60]جريدة النصر حوار مع محند برقوق، مرجع سابق.

[61]-bernard Adam, op.cit .p.22.

[62]-John Schindler, “The Ugly Truth about Algeria,” The National Interest, 10 July 2012.http://nationalinterest.org/commentary/the-ugly-truth-about-algeria-7146consulter le.19/04/2013.

[63]-Thomas Serres, “The Malian crisis seen from Algeria,” Jadaliyya, 19 April 2012.

http://www.jadaliyya.com/pages/index/5330/another-take-on-the-malian-crisis-as-seen-from-alg

[64]-John Schindler, “The Ugly Truth about Algeria,” The National Interest, 10 July 2012. http://nationalinterest.org/commentary/the-ugly-truth-about-algeria-7146.19/04/2013.

[65]-http://www.guardian.co.uk/world/2010/dec/06/wikileaks-cables-algeria-security-maghreb./03/04/2013.

3Ibid..

[67]-انور بوخرص.، مرجع سابق.

[68]-، مصطفى سايج ل البلاد:استقرار منطقة الساحل يعزز الحزام الأمني الجنوبي للجزائر،نشر في البلاد أون لاين يوم 10 – 07 – 2010 حاورته فريال م.http://www.djazairess.com/elbilad/2107221/04/2013

[69]-Lauren Ploch,Africa Command: U.S. Strategic Interests and the Role of the U.S. Military in Africa,July 22, 2011,Congressional Research Service,Prepared for Members and Committees of Congress,CRS Report for Congress.pdf.pp.09-10.

[70]-M. Ahmed Ouyahia au quotidien LE MONDE : “L’Algérie n’acceptera jamais une remise en cause de l’intégrité territoriale du Mali”,PUBLIE LE : 07-04-2012 |  0:00http://www.elmoudjahid.com/fr/actualites/26310.04/05/2013

[71]-في خضم التجاذبات الإقليمية والدولية حول مستقبل المنطقة الحوار ورفض الحل العسكري.. مقاربة الجزائر لحل أزمة مالي.عبد القادر مساهل في تصريح لجريدة البلادhttp://www.elbilad.net/archives/5974424 دسيمبر 2012.05/05/2013.

[72]-APS.algerie press sevice.depeche d’agence, sécurité au sahel: les pays du champs ont réussi a crée le cadre qu’il faudra rendre opérationnel,(ministre nigerien.)07/082012.aps.07.20.

[73]-John Schindler, , “The Ugly Truth about Algeria,” The National Interest, 10 July 2012;

http://nationalinterest.org/commentary/the-ugly-truth-about-algeria-7146. Viewed in19/04/2013.

[74]-بوحنية قوي، إستراتيجية الجزائر تجاه التطورات الأمنية في الساحل الأفريقي، مرجع سابق.

[75]-Khaled Satour,MALI, SAHEL, ALGERIE, LA NOUVELLE DONNE DU PROJET IMPERIAL,20 février 2013

http://contredit.blogspot.fr/2013/02/mali-sahel-algerie-la-nouvelle-donne-du_20.html.pdf.

[76]-Susi Dennison,THE EU, ALGERIA AND THE NORTHERN MALI QUESTION,The European Council on Foreign

Relations2012.pdf.page.03.

[77]-عزيز .ل.،بين الحل السياسي والتدخل العسكري هكذا تعاملت الدبلوماسية الجزائرية مع “الأزمة في مالي،http://www.djazairnews.info/index.php?view=article&tmpl=component&id=4944503/04/2013

[78]-أنس. ج ،الأزمة المالية تضع الدبلوماسية الجزائرية في حالة «طوارئ» : فرنسا تجهّز قرار التدخل العسكري لعرضه على مجلس الأمن ،في: موقع جريدة البلاد،:
http://www.elbilad.net/archives/7328702/02/2013
(13 /10 /2012).

[79]-وكالة الانباء الجزائرية، الأزمة المالية: الولايات المتحدة تدعم المقاربة الجزائرية ،في: موقع وكالة الانباء الجزائرية، (الأحد 30سبتمبر 2012)،: http://www.aps.dz/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9.html05/04/2013
(13 /10 /2012).

[80]- عربي بومدين، أزمة شمال مالي والمقاربة الجزائرية،الحوار المتمدن-العدد: 3893 – 2012 / 10 / 27 – 23:06http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=329943

[81]-المرجع نفسه.

[82] Hamza Hamoucheneة, Algeria, Mali: another front in the “Global War on Terror”? 27 janvier 2013, http://www.opendemocracy.net/hamza-hamouchene/algeria-mali-another-front-in-%E2%80%9Cglobal-war-on-terror%E2%80%9D05/04/2013.

[83]-الجزائر تتبنى الحل العسكري لمواجهة الأزمة شمال مالي05/04/2013.06أوت 2012http://www.aqlame.com/article9624.html.يوم الاطلاع07/04/2013.

[84]-محمد مسلم،خبراء يشرحّون خلفيات انقلاب الموقف الجزائري بشأن أزمة مالي:الجزائر غيّرت موقفها بعد أن انحاز الكبار للتدخل العسكري،“http://www.echoroukonline.com/ara/articles/144648.html.05/04/2013.

[85]-المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات، أزمة مالي و التدخل الخارجي. مرجع سابق.

[86]-المرجع نفسه.

[87]-محمد خلاف، نشاط الدبلوماسية الجزائرية  حركية نوعية تواكب التحولات في العالم،20/12/2012. http://www.el-massa.com/ar/content/view/67207يوم الاطلاع/05/04/2013

[88]-نبيل بوبية، الأمن في منطقة الصحراء الكبرى بين المقاربة الجزائرية والمشاريع الأجنبية ، مذكرة ماجيستر ،القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2009.ص.163.

[89]-انور بوخرص، مرجع سابق.

[90]- الدبلوماسية الجزائرية في ظل التحولات الإقليمية والدولية-حوار د.مصطفى صايجhttp://dzairinfos.com/article/a-la-diplomatie-alga-rienne-ne-sait-pas-sa-adapter-aux-changementsa09/06/2013.EL WATANL

[91]- الساحل: 2012 سنة نشاط الدبلوماسية الجزائرية على جميع الاصعدة، 02-01-2013http://www.eldjoumhouria.dz/ar/article.php?id=1282905/05/2013.

بن عائشة محمد الأمين

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى