الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

الوصف الوظيفي والتأطير القانوني للمستشار الوزاري المكلف بالشؤون البرلمانية

اعداد : أنس المستقل –  باحث في سلك الماستر العمل البرلماني والصياغة التشريعية-بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية المحمدية-جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء  

  • المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة:

تعمل الحكومات في سوق معقدة من الأفكار والسياسات، تتطلب آلاف القرارات التي يجب إتخادها وفقا لكل القضايا التي تواجهها، صحيح أن التكنولوجيا الحديثة تساهم كثيرا في تسهيل الولوج إلى المعلومات والتواصل، لكنها في الوقت نفسه رفعت من توقعات المواطنين بشأن أوقات استجابة الحكومة، وهنا فمفتاح نجاح أي حكومة هو قدرتها على إتخاد قرارات جيدة وابلاغها في الوقت المناسب.

فإتخاذ القرارات يتطلب مشورة عالية الجودة لمساعدة وزراء الحكومة والتنسيق والتناغم مع مختلف أصحاب المصلحة داخل وخارج الحكومة، وهنا يلعب المستشارون دورا مميزا في مساعدة الحكومة من أجل زيادة استجابتها ومعالجة التحديات الاستراتيجية التي تواجهها.

وبالرغم من عدم وجود تعريف واحد للمستشار الوزاري بين دول العالم، إلا أن هناك مجموعة من الخصائص المشتركة فيما يخص إجراءات التعيين ونطاق المهام التي يؤدونها، حسب دراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية the organisation for economic co-operation and development، على العموم فإن المستشار دائما ما يرتبط تعريفه بالوظيفة التي يقوم بها فالمستشار هو شخص مسئول عن جميع الاستشارات التقنية توكل له مهمة اكمال المهام في الوقت المحدد وكذا البحث عن حلول لكل المشاكل التقنية[1].

وبالرغم من أن المستشارين داخل الديوان الوزاري يشتركون من حيث شروط تعيينهم وخصال ممارستهم للوظيفة إلى أن هناك اختلاف بارز من حيت المهام المسندة إليهم كل حسب مجاله، فالمستشار المكلف بالشؤون البرلمانية موضوع عرضنا هذا وان كان يشبه ظاهريا باقي المستشارين في ديوان الوزير فإن له مجموعة من المهام والتقنيات الخاصة تستوجب منا الخوض والتعمق أكثر في معرفة خبايا هذه الوظيفة.

والجدير بالبيان أن دراستنا هذه هي محاولة من أجل إزالة الغموض حول هذه الوظيفة فما هو الوصف الوظيفي للمستشار الوزاري، وما هو الإطار القانوني الذي يحدد ضوابط وشروط عمله؟ وما محدودية وظيفته؟

للإجابة عن هاته التساؤلات ناسب تقسيم ذلك إلى مطلبين المطلب الأول “الإطار القانوني لمهنة المستشار الوزاري المكلف بالشؤون البرلمانية وشروط تعيينه” والمطلب الثاني ” مهام المستشار الوزاري المكلف بالشؤون البرلمانية ومحدودية وظيفته”.

المطلب الأول: الإطار القانوني لمهنة المستشار الوزاري المكلف بالشؤون البرلمانية وشروط تعيينه.

وظيفة المستشار المكلف بالشؤون البرلمانية ومستشار الوزير على العموم وظيفة مهمة لذلك خصها المشرع بتنظيم قانوني يحدد كيفية تنظيمها داخل الدواوين الوزارية، وأيضا الشروط التي ينبغي توفرها في المستشار الوزاري.

الفقرة الاولى: الإطار القانوني المنظم لمهنة المستشار في الشؤون البرلمانية

المرحلة الأولى: ظهير 4 يناير 1956

يعتبر ظهير 4 يناير 1956 بشأن كيفية تنظيم الدواوين الوزارية وتركيبتها أول نص قانوني بعد الاستقلال عني بتنظيم وضعية خدام الوزراء، حيث نص على التركيبة التالية:

مدير الديوان: يعتبر مدير الديوان الناطق الرسمي بالوزارة والممثل الشخصي للوزير في كل المحافل الرسمية ويعمل على اطلاعه على أسرار الوزارة وسيرها اليومي وخباياها، كما يمكنه تلقي التفويض من الوزير المعني

رئيس الديوان: يعتبر رئيس الديوان الرجل الثاني من خدام الوزير، يأتي مباشرة بعد مدير الديوان، ومن أهم اختصاصاته السهر على السير الإداري للوزارة سواء فيما يخص تتبع المراسلات أو تقديم بعض الوثائق والمراسلات للوزير قصد التأشير عليها أو توقيعها.

كاتب السر: وهو الشخص المؤهل للقيام بشؤون الوزير الشخصية التي لا يمكن للوزير القيام بها بحكم جدول أعماله اليومية أو بساطتها.

الملحقون: وهم مجموعة من الأشخاص الذين يقومون بدراسة جميع الملفات المعروضة على الوزير من أجل إبداء الرأي أو اتخاذ القرار.

وإلحاقا بهذا الظهير صدر الظهير الشريف رقم 1.56.085 بتاريخ 14 نونبر 1956 في السماح للوزراء وكتاب الدولة والكاتب العام ( الأمين العام ) للحكومة ووكلاء الوزارة في تفويض للإمضاء، بحيث خول هذا الظهير لأعضاء الحكومة ووكلاء الوزارة إمكانية تفويض الإمضاء أو التأشير لمديري ديوانهم ورئيسه على جميع القرارات المتعلقة بالتأدية والتحويل والإحالة وكذلك جميع العقود المتعلقة بالمصالح الراجعة لنفوذهم ما عدا المراسيم والقرارات التنظيمية ، وذلك لمدة نفوذ السلطة .

ونظرا للانعكاسات السلبية، ومخافة تسير الجهاز الإداري الذي أسس له بعض الوزراء المحسوبين على الصف المعارض، كان لا بد من أن يتدخل عاهل البلاد، وألح من خلال توجيهاته المتعلقة بتنمية المغرب في 20أبريل 1965 على ألا يعين في دواوين الوزراء إلا من يتوفر على شرطي الكفاءة والمروءة، وألا يتدخل في السير العادي للإدارة والتي يجب أن تناط أساسا بالموظفين العموميين وعلى رأسهم الكاتب العام للوزارة ظهير 1957  تكفل الظهير الشريف رقم 068.57.1 الصادر في 10أبريل 1957 بشأن إمضاء الوزراء وكتاب الدولة ووكلاء الوزارات بتحديد التفويض في السلطة أو التوقيع الممنوحة من أعضاء الحكومة، والذي أدخل عليه تعديل جوهري بمقتضى الظهير الشريف رقم 269.58.1 بتاريخ 25 غشت 1958 بحيث تضمن الفصل الثاني المكرر ما يلي:” إذا ما أدخل تعديل على تأسيس الحكومة فإن التفويضات التي تكون إحدى السلطات المشار إليها في الفصل الأول أعاله قد منحتها من قبل لأعضاء ديوانها أو لموظفين من إدارتها تبقى نافذة المفعول إذا كانت هذه السلطة وكذا المفوض لهم يشغلون نفس الوظائف التي كانوا فيها فيما سبق“ وبهذا يكون هذا النص القانوني سمح بتمديد التفويضات السابقة على التعديل الحكومي، مادام أن المفوض لهم لم يغيروا مواقعهم، وفي ذلك حفاظ على استقرار السير العادي للمرفق العمومي.

ظهير 1966:

يعتبر المنشور الملكي المؤرخ في 23 فبراير1966يتعلق بتعيين واختصاصات أعضاء الدواوين الوزارية، بحيث تدخل جلالة الملك لتنظيم هذا الاختصاص بما يلزم من الدقة والصرامة اتقاء لتسير الإدارة بما يخدم الصالح العام، وقد قسم هذا المنشور إلى قسمين: القسم الأول خصص لتعيين أعضاء الدواوين الوزارية والقسم الثاني لاختصاصهم.

المرحلة الثانية: ظهير 23 أبريل 1975 – بتاريخ 23 أبريل 1975 صدر الظهير الشريف رقم 331.74.1 المتعلق بوضعية الحكومة وتأليف دواوينهم. وقد نظم هذا الظهير من بين ما نظم في فصله الثالث كيفية

تكوين وتسيير الدواوين الوزارية، وهكذا يحدد تأليف ديوان الوزير الأول كما يلي:

  • رئيس للديوان
  • ستة مستشارين تقنيين
  • ملحق للصحافة.

بينما يضم ديوان كل وزير من الوزراء:

  • رئيسا للديوان
  • خمسة مستشارين تقنيين منهم مستشار قانوني، مستشار في الشؤون البرلمانية،

مستشار في الاتصال ورئيسا للكتابة الخاصة.

في حين يتألف ديوان كاتب الدولة ونائب كاتب الدولة من رئيسا للديوان ومستشارين تقنيين اثنين. ويعين هؤلاء جميعا السلطات الحكومية التي ينتمون إليها.

‏الفقرة الثانية: شروط التعيين في الديوان الوزاري

إن السلطة التقديرية التي يتمتع بها الوزير في اختيار أعضاء ديوانه، محكومة بضرورة احترامه جملة من الشروط القانونية التي يحددها المشرع لسلامة عملية التشكيل والتي اعتبرها أساسية لتكوين ديوان كفء ومشرف وتهم في جانبها الكبير في الخصال والمؤهلات الواجبة في المرشحين.

يمكن تقسيم شروط التعيين في الديوان الوزاري إلى شروط قانونية، ومعايير للممارسة.

أولا: الشروط القانونية للتعيين في الديوان الوزاري

تعتبر الكفاءة والخبرة والمروءة شروطا أساسية لتولي منصب في الديوان الوزاري في اغلب الأنظمة التي تعرف هذه المؤسسة ففي فرنسا وبلجيكا وغيرها من البلدان الديمقراطية تتكون الدواوين من مجموعة من المتعاونين المتوفرين على الخبرة والدراية. وتستند عملية التأليف الا على الاحترافية والكفاءة ‏إضافة إلى سمعة الشخص، التي يثبتها مساره الوظيفي أو السياسي. وعادة ما تنص القوانين المتعلقة بالدواوين الوزارية، تلزم الوزراء بمراعاتها عند اختيار هم مساعديهم، وركز أساسا على شرطين هما الكفاية والمروءة يضمنان شروطا أخرى[2].

1) شرط الكفاية

حدد الملك، في توجيهاته العامة الموجهة للحكومة في 20 أبريل 1965 , شرطين أساسيين لاختيار أعضاء الديوان هما: الكفاية والمروءة لتصان للدواوين حرمتها بالنسبة للإدارة والناس، وأكد عليهما في المنشور الملكي المؤرخ ب 23 فبراير 1966 , وبين قواعد تحققها، تم في ظهير 29 أبريل 1975 المعدل بظهير 10 أكتوبر 1996 , حيث نص الفصل الثامن منه على ما يلي: يجب أن تتوافر في أعضاء الدواوين الوزارية الكفاية والمروءة لتصان للدواوين حرمتها بالنسبة للإدارة والناس …

فبالنسبة لشرط الكفاية، ميز المنشور الملكي بين إثبات الكفاية وتقديرها، فإثبات الكفاية يتم بثلاثة مقومات:

  • التكوين المدرسي والجامعي العالي المكلل بإجازات وشهادات.
  • الدراية بالشؤون العامة.
  • الخصال الشخصية المتعلقة بطبع المرشح وخلقه وسلوكه الاجتماعي

اما تقدير الكفاية فيتم بالمقارنة بين أعضاء الدواوين والموظفين، على اختلاف مراتبهم العاملين بالوزارة من خلال:

  • توفر أعضاء الدواوين على تكوين ومعرفة مهنية تساوي على الاقل ما يتطلب في الموظفين الإداريين‏.
  • مساواة أعضاء الدواوين الوزارية مع الموظفين فيما يرجع إلى الأجور، إذا كان مستواهم واحد وعملهم متشابها.

2) شرط المروءة

‏يعد شرط المروءة شرطا لا غنى عنه، حسب المنشور الملكي لسنة 1966 , الذي يلزم الوزراء باختيار مرشحين تتوفر فيهم صفة المروءة، بشكل تابت تبوتا لا مراء فيه، والتي يمكن تأكيد ثبوتها بالاستناد بكيفية صحيحة إلى المستندات والوثائق المطلوبة عادة لنيل المناصب العمومية (نسخة من سجل السوابق العدلية بطاقة / مراقبة السجل المركزي للعقوبات التأديبية / البحث السابق لدى المصالح المختصة كالشرطة والدرك الملكي) هذا ويمكن أن تساعد الاستفاضة نوعا الماء على تيسير السبيل إلى معرفة شخصية المرشح.

ثانيا: خصال ممارساتية ‏

لا يستحضر الوزير في تكوينه للديوان الشروط القانونية فحسب، بل يراعي كذلك توافر قيم وخصال والمؤهلات، تمكن أعضاء ديوانه من العمل بكفاءة وتفان، ومواجهة مختلف إكراهات المناصب التي تتداخل فيها الضغوط الإدارية والسياسية والاكراهات الزمنية والشخصية، ذلك أن للكفاية كشرط قانوني تجسيدات متعددة، ولا تنحصر في وجه واحد.  وعليه يركز الوزراء على مجموعة من الخصل الوظيفية والشخصية التي يفضلون توافرها في محيطهم السياسي والتي ترجح الاختيار بين المرشحين المتعددين.

1) الكفاءة التقنية

‏يعتمد الوزراء بشكل كبير على الكفاءة التقنية لأعضاء دواوينهم، باعتبارها مفيدة في دراسة الملفات، وتقديم الاستشارات، لاسيما ذات الطبيعة التقنية، إذ يحتمل ألا يكون الوزير ملما بمختلف الجوانب التقنية للقطاع الذي سيشرف عليه، فيتخذ الكفاءة التقنية لأعضاء ديوانه شرطا لازما لإعانته على الإحاطة بكل ما هو تقني داخل الوزارة.

‏3) مهارات العمل

في اختياره أعضاء الديوان، يستحضر الوزير قدرة المرشحين، ومهارتهم في العمل، ومدى استعدادهم وجاهزيتهم للاشتغال إلى جانبه، ومدى استطاعتهم العمل خارج التوقيت الإداري المعتاد، وبدل مجهودات استثنائية فالعمل إلى جانب الوزير قد يستغرق من الثامنة صباحا إلى منتصف الليل أو أكثر، لذلك يراعي الوزير مدى استعداد أعضاء فريقه ومرونتهم للعمل إلى جانبه مهما اختلفت الظروف.

‏3) التحفظ وكتمان الأسرار

يستحضر الوزير كذلك في اختياره أعضاء الديوان، تميزهم بالتحفظ والكتمان ذلك أن العمل الوزاري ليس ملفا مفتوحا للصحافة والخصوم السياسيين، لذلك يفترض في عضو الديوان التحفظ، وعدم تسريب المعلومات المتعلقة بالملفات والسياسات وطرق التدبير الحكومي[3].

4) الطاعة والامتثال

الوزير عند تشكيلة للديوان يضع في الحسبان مدى توفر خلصة الطاعة والامتثال للأوامر لدى المرشحين ومدى استعدادهم للانخراط في العمل إلى جانبه في إطار علاقة تبعية. وتمكن من عدم تجاوز صلاحياتهم ودورهم المتمثل أساسا في مساعدة الوزير سياسيا.

5) ‏الأمانة والوفاء

يمكن للوزير أن يتساهل في جميع الشروط والخصال، باستثناء خصلة الوفاء والثقة، إذ يستحيل عليه العمل بحرية، إلى جانب أعضاء غير أوفياء، أو ليسوا محل ثقة الكاملة، لذلك يختار اشخاصا أوفياء، سيشاركونه في اغلب ملفات الوزارة ومنها ملفات حساسة، وسيشتغلون إلى جانبه بشكل يومي، ولا يمكن لهم الاصطفاف ضده، او معارضته. وهو الأمر الذي يفرض اتصاف المرشحين بالكثير من الأمانة والاستقامة، فالوزير يختار من يكون بمثابة أذنيه وعينيه بشأن المساعدة في تدبير المرفق الوزاري الذي يشرف عليه.

6) النفوذ والتأثير

من الصفات التي يفضلها الوزير في معاونيه القدرة على التأثير والنفوذ، ومدى توفرهم على شبكة من العلاقات والروابط التواصلية، التي بإمكانها تسهيل صيرورة صناعة واتخاذ القرارات وتنفيذها. فالعضو المثالي بالنسبة للوزير هو الذي يتكئ على شبكة علاقات، ويقدر على استثمارها في الوقت المناسب، وعلى تحريكها لصالح توجهات وسياسات الوزير[4].

والجدير بالمعرفة أن القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 9 مارس 2015 نص في المادة 29 منه على أنه ” يتوفر كل عضو من أعضاء الحكومة على ديوان خاص، يختار أعضاءه من الأشخاص الذين تتوافر فيهم الكفاءة والخبرة والنزاهة.

وتناط بهم مهمة القيام، لحساب عضو الحكومة التابعين له، بالدراسات وتسوية المسائل التي تكتسي طابعا سياسيا أو خاصا.

ويحدد بنص تنظيمي تأليف دواوين أعضاء الحكومة والمهام المنوطة بهم، والالتزامات الملقاة على عاتقهم والمعايير المعتمدة لاختيارهم، والأجرة الشهرية والمنافع الممنوحة لهم خلال مزاولة مهامهم.

تنتهي مهمة كل عضو من أعضاء الدواوين باستقالته أو إعفائه أو انتهاء مهام عضو الحكومة المعني.”

وهنا نذكر بأن النص التنظيمي المتعلق بتأليف دواوين أعضاء الحكومة والمهام المنوطة بهم…، لم يخرج بعد حيز التنفيذ، وكما نلاحظ أيضا من خلال هذه المادة أن المشرع حصر الشروط الواجب توفرها في أعضاء الديوان في ثلاثة : الكفاءة والخبرة والنزاهة.

المطلب الثاني: مهام المستشار الوزاري المكلف بالشؤون البرلمانية ومحدودية وظيفته

إذا كان النص القانوني يؤكد كما سبق وأشرنا في المبحث الأول على ضرورة توفر الوزير في ديوانه على مستشار مكلف بالشؤون البرلمانية نظرا لأهمية علاقة الحكومة بالمؤسسة التشريعية، فإن الملاحظ غياب تأطير قانوني للأدوار التي يؤديها، سواء تعلق الأمر بالمهام أو بالخصال الواجب توافرها؛ حيث تبقى الأعراف هي السائدة في هذا الإطار.

الفقرة الأولى: مهام المستشار الوزاري المكلف بالشؤون البرلمانية

يعتبر المستشار المكلف بالشؤون البرلمانية المخاطب الأساسي للنواب البرلمانيين في الوزارة، ومضيفهم المميز، حيث يضمن العلاقات الرسمية بين النواب والمستشارين والوزير، فيتلقى طلباتهم، وتوصياتهم وملتمساتهم، بشأن مصالح جهوية أو محلية أو شخصية أحيانا؛ مثل إعادة بناء مستشفى أو السؤال عن مشروع متعثر، ويقوم بمركزتها، وتعبئة المصالح الإدارية للإجابة عنها في وقت سريع، وإلزامها بتأدية أشغالها بموضوعية. كما يراقب الأجوبة عن مطالب البرلمانيين، والبحث عن حلول في بعض الحلات، لاسيما عندما يثار صراع بين نائبين برلمانيين في إقليم واحد أو إقليمين متجاورين حول مشروع معين.

ويتولى متابعة الإجابات عن الأسئلة الشفوية والكتابية حيت بعد تجميعها في مكتب الديوان، يرسلها إلى المديريات المعنية قصد تقديم مشاريع أجوبة تم إحالتها إلى المستشارين المختصين لمراجعتها وفق التوجه السياسي للوزير، كما يتولى استقبال البرلمانيين خارج الدورات البرلمانية والعمل على نسج علاقات ودية بين الوزير ورؤساء فرق الأغلبية البرلمانية ورؤساء اللجان[5].

عموما فإن المستشار الوزاري المكلف بالشؤون البرلمانية يتولى مهمتين أساسيتين:

  • متابعة آراء البرلمانين:

يقوم المستشار بمتابعة آراء البرلمانيين وتدخلاتهم وانتقاداتهم ومطالبهم المتعلقة بالقطاع الذي يشرف عليه الوزير، سواء تعلق الأمر بالمناقشات داخل اللجان، أو في الجلسات العامة، أو في جلسات الأسئلة الشفوية، في الأروقة والممرات، من أجل تمكين الوزير من مختلف المعلومات حول “الأحوال البرلمانية”.

ومادامت اللجان البرلمانية تستمع للوزير عند تقديم مشروع قانون، أو ميزانية القطاع الذي يشرف عليه، أو عند استفساره حول مشكل محدد، كما يمكن أن تستمع إليه لجان التحقيق البرلمانية، فإن المستشار هنا يلعب دورا مهما سواء تعلق الأمر بالتنسيق أو بالزمن البرلماني المخصص لمناقشة الوزير، أو بتحضير المعلومات والأجوبة الضرورية للوزير في هذا الصدد.

  • المشاركة في تحضير القوانين:

يحضر المستشار المكلف بالشؤون البرلمانية لوضع مشروع القانون لدى البرلمان، ومتابعة إدراجه في أجندة أشغال المجلس، من أجل تهييئ مسار إجابي له، ومتابعة المناقشات حوله، ووضع تقرير حول مختلف التعديلات المقترحة من قبل النواب وجمع المعلومات حول المؤيدين والمعارضين والتدخلات التي يمكن أن تعرفها الأروقة، ومساعي جماعات الضغط.

وفي هذا الإطار يمكن له الاتصال بالبرلمانيين، خصوصا الذين لهم دراية بالموضوع، وبنواب الأغلبية من أجل التنسيق لتجاوز العراقيل التي يمكن أن تواجه مشروع القانون.

ذلك أن تمرير مشروع القانون والتصويت عليه يتطلب عملا معقدا، ومتابعة مستمرة، ولقاءات خارج اللجان بين المستشار والبرلمانيين المعنيين، أو بين هؤلاء والوزير، أو مع جماعات الضغط، إضافة إلى أن المستشار يقوم بتحضير الإجابات التي يقدمها الوزير أثناء مناقشة مشروع القانون في اللجان، وكيفية التعامل مع التعديلات المقدمة من قبل البرلمانيين[6].

ويتطلب كل ما قمنا بذكره من المستشار المكلف بالشؤون البرلمانية:

  • أن يكون على اطلاع واسع بالحياة السياسية وعلى المساطر البرلمانية والقانون البرلماني عموما؛
  • معرفة المسؤولين الإداريين بالبرلمان، وأعضاء الأغلبية، وأعضاء اللجان المختصة في نفس القطاع الوزاري؛
  • القدرة على العمل طويل الأمد؛
  • حسن استثمار علاقاته وصداقاته في الوسط البرلماني؛
  • الأمانة تجاه وزيره وسياسته والدفاع عنهما؛
  • التحفظ والرزانة لأن السرية تعتبر تكتيك النجاح؛
  • القدرة على إقناع الخصوم؛
  • معرفة كل ما يتعلق بالسياسات العمومية، والرقابة البرلمانية وما يؤطر العمل الحكومي والبرلماني[7].

الفقرة الثانية: محدودية عمل المستشار الوزاري المكلف بالشؤون البرلمانية

إذا كانت الخصال التي سبق ذكرها مهمة لإرساء علاقة إيجابية بين الوزير والبرلمان فإن الممارسة السياسة في المغرب كثيرا ما تفرز مستشارين مكلفين بالشؤون البرلمانية بعيدين عن هذا النموذج السابق ذكره، حيث تغطي المصلحة العائلية، والعلاقات الشخصية على حساب الخصال والشروط الأساسية الواجبة لتولي هذه المهام، بل حتى عند توفر هذه الخصال والمميزات السابقة فإن الممارسة كثيرا ما تؤدي إلى بروز صراعات بين المستشار وباقي الفاعلين في الديوان أو مع باقي الفاعلين في الإدارات التي تعمل تحت قيادة الوزارة المعنية.

إن الصراع الإداري والسياسي داخل الوزارات يعد ظاهرة ملموسة، مع اختلاف درجاته تبعا لمكونات الديوان وطبيعة المرافق الوزارية، حيث يكتسي هذا الصراع طابعا تنافسيا في تدبير الملفات: الطريقة الإدارية، والمنهجية السياسية؛ حيث يمكن أن ينصب حول المذهب السياسي أو الموقف من الهيئات المهنية والنقابية والجماعات الضاغطة وحول تقدير المصلحة العامة فإنه في الكثير من الأحيان يتخذ هذا التنافس طابع الصراع الشخصي خصوصا في الدول التي تعرف ضعفا في مأسسة العمل الوزاري، وصناعة القرار.

وبحكم منصبه ومهامه في تديم النصح للوزير فإن المستشار في موقع التهديد الدائم للمديرين والحارس الأمين للوزير لاسيما وأن المديرين لا يشتغلون مباشرة مع الوزير بل علاقتهم تكون في غالب الأحيان مع مستشاري الوزير كل حسب اختصاصه، وتبعا لذلك فإنهم يملكون سلطة ومهمة اخبار الوزير بأخطاء المديرين في تطبيق تعليماته وتوجهاته خصوصا السياسي فيما يتعلق بالمستشار المكلف بالعلاقات مع البرلمان[8].

أما الصراع مع الأعضاء الآخرين غي الديوان فهو ناتج عن أسباب متعددة، كاختلاف الانتماء المهني، واختلاف التوجهات السياسية وأيضا يمكن أن يكون لأسباب شخصية، فداخل كل ديوان لا تسود علاقات ودية دائما؛ إذ أن التنافس قد يصل إلى الهدم أكثر من البناء نتيجة لتآمر بعض العقليات المتوجسة والانتهازية، التي تسعى إلى اثارة انتباه الوزير كطريقة للارتقاء أو السياسي داخل الديوان.

خــــــــــــــــــــــــــاتمة: 

أصبح المستشار الوزاري المكلف بالشؤون البرلمانية يلعب دورا كبيرا ليس في علاقة الوزير بالبرلمان فحسب، بل أيضا داخل حياة الديوان ككل، نظرا لكثرة تدخلاته وتنوعها فحرصه على الدفاع عن المصالح السياسية للوزير يجعله يمارس دورا فعليا في توجيه الديوان، والتدخل مباشرة لدى باقي المستشارين بهدف استحضار التوجه السياسي للوزير في آرائهم واقتراحاتهم، ومن أجل اقناعهم بأهمية التعاون المفيد مع البرلمانيين، وحسن الانصات اليهم والتمييز الإيجابي في طلباتهم بين الملفات ذات الطابع الوطني، والقضايا المرتبطة بالمصالح المحلية والجهوية، والبحث عن حلول دون خسائر سياسية كبرى، كما يقوم بدور أساسي تجاه المديرين من أجل الوقوف ضد بعض المشاريع الخطيرة المكلفة سياسيا المقترحة من طرفهم.

لائحة المراجع:

  • ظهير شريف رقم 331-74-1 صادر في ربيع الثاني 1395 (23 ابريل 1975) المتعلق بوضعية الحكومة وتأليف دواوينهم. الفصل الثامن.
  • الدواوين الوزارية في المغرب 1956-2015 البنية والوظيفة، محمد الرضواني، 2015: مطبعة المعارف الجديدة، الرباط.
  • الدليل المرجعي لعمل المستشارة والمستشار في الشؤون البرلمانية – الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان2017 -2016.
  • لقانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.15.33 صادر في 28 من جمادى الأولى 1436 (19 مارس 2015).
  • Ministerial Advisors: ROLE, INFLUENCE AND MANAGEMENTE, xecutive summary of Organisation for EconomicCo-operation and Development, 2011

[1]  Ministerial Advisors: ROLE, INFLUENCE AND MANAGEMENTE, xecutive summary of Organisation for EconomicCo-operation and Development, 2011, p 10

[2]  محمد الرضواني، الدواوين الوزارية في المغرب 1956 2015: البنية والوظيفة، سلسلة بدائل قانونية وسياسية 5، الرباط مطبعة المعارف الجديدة 2015، ص 100

[3]  الرضواني محمد …. مرجع سابق ص 101

[4] الرضواني محمد …. مرجع سابق ص 101

[5]  الرضواني محمد …. مرجع سابق ص 104

[6] الرضواني محمد …. مرجع سابق ص 105

[7]  الدليل المرجعي لعمل المستشارة والمستشار في الشؤون البرلمانية – الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان- .21ص. 2017-2016

[8] الرضواني محمد …. مرجع سابق ص 107

4.5/5 - (10 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى