الجولان لن تستعيده سوريا إلا بالقوة
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر
انتهت حرب الخامس من يونيو 1967بسيطرة إسرائيل على أراض سورية هي مرتفعات الجولان الواقعة جنوب غرب سوريا والتي تعد عسكرياً بوجه خاص ذات أهمية استراتيجية , وبإحتلال هذه المُرتفعات أصبح لدي الكيان الصهيوني وفي مواجهة سوريا وللمرة الأولى “حدود يمكن الدفاع عنها” , وفي نفس الوقت كان هو الحال مع مصر فأحتل الكيان الصهيوني سيناء وكانت قناة السويس مانع مائي يمنع مصر من إستعادة سيناء بسهولة بالإضافة إلي خط بارليف الدفاعي وأصبحت سيناء منطقة عازلة واسعة بين الكيان الصهيوني ومصر ، كما أضافت الضفة الغربية أكثر من ثلاثين ميلاً إلى “الخصر الضيق” للكيان الصهيوني والذي يبلغ عرضه 8.7 ميلاً ، ولقد إستعادت مصر بواسطة تسوية سياسية خلافية تمثلت في معاهدة سلام في 26 مارس 1979سيناء , وهكذا فعل الأردن في إتفاقية وادي عربة في 26أكتوبر1994 , وقد مكّنت الحدود الجديدة الكيان الصهيوني في مُرتفعات الجولان من استيعاب الهجوم السوري المفاجئ في عام 1973 لكنها مع ذلك لم تمنعه ، ولم تكرر الأعمال العدائية أو الهجومية علي الكيان الصهيوني منذ ذلك الحين علاوة على ذلك مماعززمن فقدان الأراضي في عام 1967 لتناقص أو عدم توفرالدافع العربي السوري لدي القيادة الأسدية للذهاب إلى الحرب طيلة عهد حافظ الأسد وبعده أبنه بشار وهو أمر غريب ومُثير للدهشة أن تجد قيادة تتولي السلطة في بلد كسوريا غير معنية بتسوية سياسية ولو كانت خلافية كحالة مصر , أو تخوض حرياً ضروساً ضد الكيان الصهيوني لإستعادة بعض أو كل مُرتفعات الجولان ولو كانت هذه الحرب في وضع مُختل علي مستوي التسليح , ولكن سوريا خرجت عن قاعدة لا حرب ولا تفاوض في حالة وحيدة وفريدة هي مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط وهو مؤتمر سلام عقد في مدريد في إسبانيا في نوفمبر 1991وتضمن مفاوضات سلام ثنائية بين الكيان الصهيوني وكل من سوريا و لبنان والأردن والفلسطينيين , وكانت محادثات ثنائية تجري بين أطراف النزاع العربية (لبنان، سوريا، الأردن، فلسطين) والكيان الصهيوني وأخرى متعددة الأطراف تبحث المواضيع التي يتطلب حلها تعاون كل الأطراف , وقدعُقد المؤتمر بمبادرة من الرئيس الأميركي جورج بوش الأب في أعقاب حرب الخليج وذلك برعاية كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وكان مبدأ “الأرض مقابل السلام” وقرارات مجلس الأمن 242 و 338 و425 محددات عقد هذا المُؤتمر , وقد سار كل من الأردن والفلسطينيون في المفاوضات على حدة وإلتزمت سوريا ولبنان بوحدة مسارهما التفاوضي , وقيل أن سوريا والكيان الصهيوني بدءاً من مُؤتمر مدريد للسلام خطت نحو السلام وحتي عام 2000 لكن ليس هناك أدلة مادية أو وثيقة تُؤكد ذلك , ومع ذلك فالأمر يمكن تصوره سواء تم ذلك بصفة غير مباشرة أو بصفة سرية أو بوتيرة مُتقطعة , لكن المُؤكد أن سوريا لم تتخذ السبيل العسكري البتة لإسترداد ما سلبه كيان الصهاينة منها .
الجــولان السكان والأرض :
الجولان مرتفعات عبارة عن هضبة صخرية بجنوب غربي سوريا تقع في سوريا بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال وتقع الهضبة بكاملها ضمن حدود سورية ، ولكن في حرب 1967 احتل الجيش الإسرائيلي ثلثين من مساحتها أي1250 كم2 , وفي حرب 1973 حررت القوات المسلحة السورية 100كم2 , وقد سيطرالكيان الصهيوني على هذا الجزء من الهضبة في ظل مطالبة سورية بإعادته إليها , ويسمى الجولان أحيانًا باسم الهضبة السورية وتطل هضبة الجولان , من الغرب على بحيرة طبرية ومرج الحولة في الجليل ، أما من الشرق فيشكل وادي الرقاد القادم من الشمال بالقرب من طرنجة باتجاه الجنوب حتى مصبه في نهر اليرموك حداً عرف بأنه يفصل بين الجولان وبين سهول حوران وريف دمشق , أما من الشمال فيشكل مجرى وادي سعار ــ عند سفوح جبل الشيخ ــ الحدود الشمالية للجولان حيث تمتد بين بانياس ــ منابع نهر الأردن ــ حتى أعالي وادي الرقاد جهة الشرق ومن جهة الجنوب يشكل المجرى المتعرج لنهر اليرموك فاصلاً بين هضبة الجولان وهضبة عجلون في الأردن , وتبعد هضبة الجولان 50 كم إلى الغرب من مدينة دمشق وتقدر المساحة الإجمالية لها بـ 1860 كم2، وتمتد على مسافة 74 كم من الشمال إلى الجنوب دون أن يتجاوز أقصى عرض لها 27 كم , تطل مرتفعات الجولان الغنية بالمياه على الجليل وبحيرة طبريا على الجانب الخاضع للسيطرة الإسرائيلية والطريق المؤدي إلى دمشق على الجانب السوري. إنها وجهة شهيرة لقضاء العطلات للإسرائيليين ، مع العديد من عوامل الجذب التي ستدعمها السلطات التي ترغب في تعزيز هذه المنطقة , وسطح الجولان يتسم بالتفاوت في ارتفاعاته حيث يصل أقصي إرتفاع له إلى 2500 م في شمال الجولان والى 15 م في جنوبه ، فقمة جبل الشيخ المطلة على الجولان تصل ارتفاعاتها إلى 2814م في قصر شبيب ثم تنخفض إلى 1200م في مجدل شمس ثم إلى ما دون سطح البحر في منطقة البطيحة حيث تصل إلى 200 م تحت سطح البحر، والى 125 م في الحمة جنوبي الجولان , ويبلغ عدد قرى الجولان164قرية و146 مزرعة ، ومدينتان هما القنيطرة وفيق ومن أهم بلداتها مَجْدَل شمس و الحِمّة و فِيق و حَرَمُون و بقعايا, ويبلغ عدد سكان الجولان وفق إحصاء 1966 نحو 153 ألف نسمة , والقرى الدرزية الأربعة في الجولان السوري المحتل هي : مجدل شمس ، بقعاثا ، مسعدة ، عين قنيا , سكان مجدل شمس يعتمدون في معيشتهم بالدرجة الأولى على زراعة الخضار والفواكه وخاصة التفاح والكرز , وتطل مرتفعات الجولان الغنية بالمياه على الجليل وبحيرة طبريا على الجانب الخاضع للسيطرة الصهيونية وعلي الطريق المؤدي إلى دمشق على الجانب السوري والجولان وجهة شهيرة لقضاء العطلات للصهاينة .
بعد حرب 1967 احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان بما فيها مجدل شمس وما زالت خاضعة للاحتلال حاولت سلطة الاحتلال عام 1982 فرض الجنسية الإسرائيلية بالقوة على سكانها وسكان القرى الأخرى في الجولان ولكنها فشلت بسبب التفاف السكان حول القيادة الروحية التي أصدرت فتوى بتكفير ومقاطعة كل من يقبل الجنسية الإسرائيلية، وقامت القوات الإسرائيلية بمحاصرة قرى الجولان وبخاصة مجدل شمس لمدة تزيد على ستة أشهر ومنع دخول الغذاء والدواء للمواطنين، ولكن ذلك لم يزد المواطنين إلا صلابة ورفض لمطالب الاحتلال ورفع العلم السوري وإصدار وثيقة رسمية باسم جميع السكان يعلنون فيها تمسكهم بجنسيتهم العربية السورية ورفضهم للاحتلال. وفي شهر يوليو 2010 اضطرت الشرطة الإسرائيلية إلى الانسحاب من مجدل شمس إثر مواجهات مع الأهالي في محيط أحد المنازل الذي اقتحمته لتفتيشه، مما أغضب السكان ودفعهم إلى محاصرة أفراد الشرطة واحتجازهم مما دفع الجيش الإسرائيلي للتدخل، وتم ألإفراج عن أفراد الشرطة المحتجزين بعد أن حصل وجهاء القرية على ضمانات بعدم تكرار مثل هذه المداهمات من قبل الشرطة واحترام حرمة البيوت والسكان المدنيين , وهي أكبر قرى الجولان الخمسة التي تحتلها إسرائيل، العدد الكلي لسكان القرى الخمسة حوالي 30.000 نسمة يسكن منهم حوالي 15.000 في مجدل شمس والباقي موزعون على القرى الأربع الأخرى (بقعاثا ، عين قنية ، الغجر، مسعده) , ومازالت الأمم المتحدة تشير إلى هضبة الجولان باعتبارها “أرضا سورية محتلة” , ويُشار في هذا الصدد أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 14يونيو للاستماع إلى تقارير فصلية عن أنشطة لجانه المنشأة بموجب القرار 1591 (2005) , وفي اليوم نفسه عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة بشأن الحالة في مرتفعات الجولان , وقدم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام Jean-Pierre Lacroix تقريراً عن الوضع الأمني وأنشطة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF) في الهضبة , وفي حديثه في الاجتماع أعرب السفير Pham Hai Anh نائب رئيس البعثة الدائمة لفيتنام لدى الأمم المتحدة عن قلقه إزاء الانتهاكات المستمرة لاتفاقية انسحاب القوات المسلحة مؤخرًا ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس والالتزام بالاتفاقيات ذات الصلة والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن بهدف الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة .
في الوقت الحالي يسكن سفوح التلال الخصبة في الجولان الذي تسيطر عليه إسرائيل حوالي 25 ألف درزي وهم أقلية عربية تمارس فرعًا من الإسلام لا يزال لدى الكثير منهم أقارب على الجانب السوري من الحدود المحصنة. وفي جلسة لمجلس الوزراء الصهيوني في 8 سبتمبر 1994 لمح رابين إلى أن الانسحاب من الجولان سيتم في إطار اتفاقية سلمية تشابه معاهدة السلام بين الكيان الصهيوني ومصر، أي انسحاب تدريجي مرافق بتطبيع العلاقات بين سوريا والكيان الصهيوني وترتيبات أمنية خاصة , وقال رئيس الوزراء الصهيوني إسحاق رابين أن “عمق الانسحاب من الجولان سيعادل عمق السلام .
فرّ الكثير من سكان هضبة الجولان السورية بعد أن احتلتها الصهاينة وأغلب من بقي هناك ينتمون إلى الطائفة الدرزية , وأغلب الدروز في الجولان نأووا بأنفسهم عن موقف إخوانهم في المذهب داخل الكيان الصهيوني , فخلال العقود الماضية كان هناك جفاء في العلاقة بين الدروز في داخل الكيان الصهيوني وإخوانهم في المذهب بالجولان … أغلب الدروز في الكيان الصهيوني يخدمون في الجيش واتخذوا لأنفسهم هوية درزية صهيونية , بينما بقي الدروز في الجولان موالين لموطنهم” , في عام 1981 حاول الكيان الصهيوني إجبار دروز الجولان على الحصول على الجنسية الصهيونية وكان رد فعل القرى الدرزية الأربع آنذاك إحراق بطاقات هويتهم الصهيونية الزرقاء في الشوارع والإضراب لمدة 6 أشهر ، الأمر الذي دفع الحكومة إلى الرضوخ لهذا السبب لا يمتلك أغلب السكان جنسية أو جواز سفر و يكتفون بحمل وثيقة سفر تحدد جنسيتهم على أنها “غير معرفة”.
هناك مشروع تقوده شركة Energix الصهيونية لإنشاء عشرات من توربينات الرياح على أرض في مرتفعات الجولان المحتلة ، وسيؤدي هذا المشروع إلي خسارة السكان المحليين في ثلاث قرى – موطن ما يقرب من 25000 شخص , بالإستيلاء علي 6 الآف دونم من الأراضي الزراعية لصالح المشروع , وقد احتج عشرات السوريين في مرتفعات الجولان المحتلة أمام المحكمة التي نظرت القضية المرفوعة من الاهالي ضد الحكومة الصهيونية في الناصرة ضد خطة إسرائيلية التي قد تؤدي إلى مصادرة آلاف الأفدنة من أراضيهم الزراعية لإفساح المجال لمزرعة رياح , كما إعتصم مئات المحتجين في منطقة المنفوخة شرقي قرية البركة لرفض المخطط المقترح بشكل قاطع وهناك إعتقاد لدي البعض بإن مشروع توربينات الرياح يُعد من بين أخطر الخطط الاستعمارية والتهويدية لنظام تل أبيب التي تستهدف مرتفعات الجولان المحتلة وتشير مصادر سورية إلي أن الكيان الصهيوني يعتزم تركيب 46 توربينا رياحا في منطقة قريبة من قرى مجدل شمس وعين قنية وبقعاتا ومسعد في الجولان .
في 16 ديسمبر 2021 قال أحد سكان الجولان لإحدي وكالات الأنباء :”إن الجولان جزء لا يتجزأ من الجمهورية العربية السورية ،وقانون الضم ولد ميتا وقيمته لا تساوي الحبر الذي كتب عليه , نحن عرب سوريون نحن من الشعب العربي السوري” وقد ذكر Aba Eban وزيرخارجية الكيان الصهيوني السابق في كتابه المُعنون : “الدبلوماسية الجديدة أن القانون الذي صدر وتضمن ضم الجولان تبناه مناحم بيجن رئيس وزراء الكيان الصهيوني الراحل عام 1981 كان رداً علي خطاب ألقاه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وإعلن فيه : ” أن سوريا لن تقيم سلاماً مع الكيان الصهيوني أبد الدهر ” وقال Aba Eban أن الرئيس السوري حافظ الأسد أضعف بذلك الحجة تسطلط داخل وخارج الكيان الصهيوني اصالح ترك وضع الجولان مُعلقاً في المستقبل , ويعمل الصهاينة بطرق شتي في تغيير ديموجرافيا الجولان ومنها الخطة التي وضعها الصهاينة في ديسمبر 2021 لمضاعفة عدد مستوطناتها غير الشرعية في مرتفعات الجولان , ففي يونيو 2022 كلفت الخطة التي أقرها مجلس وزراء الصهاينة وزير داخلية الكيان Ayelet Shaked بتشكيل لجنة خاصة للتخطيط والبناء من أجل إنشاء أحياء سكنية جديدة في المجتمعات القائمة وتخطيط قرى جديدة ’ وتهدف الخطة في حال إتمامها مضاعفة عدد سكان المنطقة إلى 100,000 نسمة بحلول عام 2025 , وهذه الخطة ليست في حد ذاتها مجرد خطة عمران فحسب بقدر ما تكون ذات مدلول سياسي يستفيد من الإعلان الأمريكي بالإعتراف بسيادة الكيان الصهيوني علي الجولان فمنذ 1981 عندما ضم الكيان الصهيوني الجولان تم بناء 33 قرية هناك ومدينة واحدة بل إن رئيس وزراء الصهاينة Benjamin Netanyahu قام ببناء مستطنة جديدة هي رامات ترامب , وذلك خلافاً لقرار سابق اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب الكيان الصهيوني بالانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة , وقد اعلن هذا رئيس الوزراء الاسرائيلى فى اجتماع خاص لمجلس الوزراء عقد فى مرتفعات الجولان في26 ديسمبر2021 وكان محلاً لإدانة من إيران ففي 30 ديسمبر 2021 وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية : الإجتماع في الجولان بإنه عمل عدواني وأن مرتفعات الجولان جزء لا يتجزأ من أراضي الجمهورية العربية السورية وتؤكه قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومنها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 وقال أن زيادة عدد المستطونات والمهاجرين الصهاينة في الجولان المُحتل لن يغير هذه الحقيقة وأن المستوطنين يجب أن يفهموا أنهم لن بستطيعوا البقاء في أراض مُحتلة للأبد (المشروع الاستيطاني الصهيوني غير قانوني سواء في الجولان السوري أو في فلسطين ، وهو مستوحى من معتقدات دينية أيديولوجية عميقة الجذور زاد من غلوائها توفرالفرص الاقتصادية والمصالح السياسية ويزيد من المضي فيها عدم وجود أي رد دولي ذي مغزى) , وقد أكد الوزراء المجتمعون أن السلطات الصهيونية ستستثمر مليار شيكل (حوالي 320 مليون دولار) لجعل الجولان “مكانًا جيدًا للعيش فيه”بما في ذلك بناء 7300 وحدة سكنية في السنوات الخمس المقبلة في المستعمرات الحالية ، بالإضافة إلى مستوطنتين جديدتين ومطار وتستوعب 6000 منزل وإنشاء مستوطنتين جديدتين بالتالي فسيُضاف عدد 23000 نسمة إلي عدد السكان الحالي في الجولان التي يعيش فيها حوالي 25000 مستوطن إسرائيلي إلى جانب حوالي 23000 درزي ، يقول معظمهم أنهم سوريون مع إن لديهم إقامة في إسرائيل , وتصل تكلفة هذه الخطة إلى نحو 280 مليون يورو 2021 ، وهذا ما تخُطط له الحكومات الصهيوني علي إختلافها خطة لمضاعفة عدد المستوطنين في الجولان السوري المحتل تصل تكلفتها إلى نحو 280 مليون يورو .
الإقتراب السوري من النهج السلمي التفاضي مع الكيان الصهيوني :
1- كانت أول مقاربة سورية للنهج السلمي أو لنقل شبه السلمي والتفاوضي مع الكيان الصهيوني هي تلك المفاوضات الرامية إلي فك الإشتباك بين الوات السورية المًسلحة وقوات جيش الدفاع الصهيوني والتي أفضت إلي توقيع الجانبين السوري والصهيوني إتفاقية اتفاقية فك الاشتباك بينهما في جينيف في 31 مايو 1974بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية , ومن أهم ما تضمنه أنه :
سيجرى الفصل بين القوات الصهيونية والسورية وفقا للمبادئ التالية :
- ستكون القوات العسكرية الصهيونية كلها غربي الخط المشار إليه بالخط (أ) على الخريطة المرفقة بهذه الوثيقة ، إلا في منطقة القنيطرة حيث ستكون غربي الخط (أ-1) .
- ستكون الأراضي الواقعة شرقي الخط (أ) كلها تحت الإدارة السورية ، وسيعود المدنيون السوريون إلى هذه الأراضي .
- المنطقة الواقعة بين الخط (أ) والخط المشار إليه بالخط (ب) على الخريطة المرفقة ستكون منطقة فصل وسوف ترابط في هذه المنطقة قوة مراقبة الفصل التابعة للأمم المتحدة والمكونة وفقا للبروتوكول المرفق .
- ستكون القوات السورية كلها شرقي الخط المشار إليه بالخط (ب) .
- ستكون هناك منطقتان متساويتان لتحديد الأسلحة والقوات واحدة على غربي الخط (أ) والأخرى شرقي الخط (ب) وفقا للاتفاق .
- يسمح للقوات الجوية للجانبين بالتحرك حتى خطوطهما دون تدخل .
- لن تكون هناك قوات في المنطقة الواقعة بين الخط (أ) والخط (أ-1) .
كانت تلك الاتفاقية تتألف من وثيقة علنية وخريطة وبروتوكول حول وضع قوات الأمم المتحدة بالإضافة إلى عدد من الرسائل السرية بين الولايات المتحدة والطرفين تتضمن تفاصيل المشاورات حول وضع القوات والمسائل الأخرى، وقد وافق الكيان الصهيوني بموجبها على التخلي عن الشريط الذي احتله في حرب أكتوبر1973 وكذلك عن شريط ضيق من الأرض حول القنيطرة ، ووافقت سوريا والكيان الصهيوني على تحديد قواتهما على عمق 20 كيلومترا من خطوطهما الأمامية ، وألا توضع قذائف سام المضادة للطائرات من الجانب السوري ضمن منطقة عمقها 25 كيلو , وهذه الاتفاقية ليست اتفاقية سلام بل إنها خطوة نحو سلام عادل ودائم على أساس قرار مجلس الأمن رقم 338 بتاريخ 22 أكتوبر 1973.
2-مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط عام 1991وعقد في الفترة من 30 أكتوبر إلى 1 نوفمبر 1991 واستضافته إسبانيا وشاركت في رعايته الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وهو محاولة من المجتمع الدولي لإحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية من خلال مفاوضات التي تشمل الكيان الصهيوني والفلسطينيين وكذلك البلدان العربية بما فيها الأردن ولبنان وسوريا .
كان شكل مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط منطلقة من مبداُ صوري هو الأرض مقابل السلام وهو مبدأ مُطلق غير مُحددة فيه الأراضي سواء موقعها أومساحتها وبالتالي فطبيعة السلام غير مُحددة , أي أنه مؤتمر لا ينطلق من مبدأ عملي قابل للتطبيق وكنيجة لهذا الغموض المُفتعل فشل المؤتمر فشلاً ذريعاً , وكانت مقدمات عقد هذا المؤتمر خادعة ولا يُستدل حتي الآن السبب ولا الدافع الذي دعي سوريا لحضور مثل هذا المؤتمر الذي كانت مقدماته كنتائجة المُتواضعة خادعة وكقبض الريح .
3- المحاولة التركية للوساطة بين سوريا والكيان الصهيوني , وقد جرت هذه المحاولة عندماأعلنت سوريا والكيان الصهيوني بشكل مفاجئ في 21 مايو2008عن إجراء مباحثات سلام غير مباشرة بوساطة تركية وذلك للمرة الأولى منذ عام 2000 ، عندما أجرى البلدان محادثات في الولايات المتحدة لم تتوصل إلى اتفاق على مصير هضبة الجولان السورية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 , وتعليقاً علي هذه المحاولة قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم : إن سوريا حصلت في مفاوضات غير مباشرة مع الكيان الصهيوني – تتم عبر وساطة تركية – على التزامات بانسحاب من الجولان حتى خط الرابع من يونيو 1967. وأنه وبالفعل بدأت في تركيا محادثات غير مباشرة بوساطة تركية لإيجاد الأرضية الصالحة لاستئناف المفاوضات المباشرة لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة وفق مرجعية مدريد (الأرض مُقابل السلام) , وقد تلقينا التزامات بالانسحاب من الجولان إلى خط 4 يونيو 1967 , إلا أن وزير الخارجية السوري أشارإلي أن هذه الالتزامات ليست جديدة بل بدأت منذ تعهد (رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق) رابين عام 1993 والتزم به كل رؤساء الحكومات الإسرائيلية اللاحقين ,وخلص إلى القول : بهذه المناسبة أود أن أنوه بجهود رئيس الحكومة التركية (رجب طيب أردوغان) منذ أكثر من عام بين سوريا والكيان الصهيوني , وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت قد ذكر في وقت سابق في بيان له : أن “إسرائيل وسوريا ستبدآن محادثات سلام غير مباشرة برعاية تركيا ” , وقال البيان إن «الجانبين أعلنا نيتهما إجراء هذه المحادثات بصراحة وبنية خالصة ” , وأشار البيان إلى : “أن الجانبين قررا عقد حوار جدي ومتواصل بجدية واستمرار بنية التوصل إلى معاهدة سلام شاملة وفقا لإطار مؤتمر مدريد للسلام (لعام 1991)”, كذلك قالت مصادر في وزارتي الدفاع والخارجية الإسرائيليتين إن : “أولمرت أطلع الوزيرين إيهود باراك وتسيبي ليفني على تقدم محادثات سلام مع سوريا والتي أعلنت الدولتان عنها رسميا أمس” وقالت الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أميرة أورون :”أن وزيرة الخارجية كانت على اطلاع متواصل على تقدم وتطور المحادثات مع السوريين رغم أن مكتب رئيس الوزراء هو الذي أجرى الاتصالات مع السوريين ” , وأكدت أورون على أن :”رئيس طاقم مستشاري أولمرت يورام توربوفيتش ومستشار أولمرت السياسي شالوم ترجمان يتواجدان منذ الاثنين الماضي في العاصمة التركية أنقرة ويجريان المحادثات مع وفد سوري في أنقرة ” ,وأضافت أورون أن : “المحادثات بين الوفدين غير مباشرة وتجري بوساطة تركية، لكن هذا التطور يشير إلى وجود اهتمام وإرادة حقيقيين للتوصل إلى سلام ” وبشأن الموقف الأميركي من هذه المحادثات قالت أورون :” إن موضوع المحادثات بين إسرائيل وسوريا كان مطروحا خلال زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش(للكيان الصهيوني)الأسبوع الماضي” , ومن بين المبررات التي سيقت وقتذاك لتبرير إقتراب سوريا من موضوع السلام مع الصهاينة أن «سوريا تسعى للاقتراب من الغرب وإزالة الضغط عنها بخصوص قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري و ضلوعها في الملف اللبناني , وقد فشلت المحاولة التركية لأنها لم تكن معمقة بشكل كاف وكذلك لتناقضات العلاقة التركية مع كل من سوريا والصهاينة كل علي حدة .
4- محاولة أمريكية تضمنت إتصالات ومفاوضات سرية غير مباشرة مع سوريا والكيان الصهيوني أجراها دبلوماسي أمريكي رفيع المستوي يُدعي Frederic C. Hof مع فريق عمل من وزارة الخارجية الأمريكية في الفترة بين أبريل 2009 ومنتصف مارس 2011 أي في الرئيس الأمريكي السابق Obama ، (يشار إلى أنه بعد انطلاق عملية السلام في مؤتمر مدريد 1991جرت جولات عديدة من المفاوضات السورية – الصهيونية العلنية والسرية السياسية والأمنية والعسكرية في أميركا وأوروبا) وكان المنهج الذي قامت عليه هذه المحاولة مختلف عن ذي قبل , فلم تقم هذه المحاولة علي أساس من محاولات سابقة كمؤتمر مدريد أو على المقايضات السابقة «الأرض مقابل السلام» ، أي أن يقوم الكيان الصهيوني بإعادة هضبة الجولان السورية المحتلة مقابل توقيع دمشق اتفاق سلام وإقامة علاقات طبيعية ، ولا على معادلة «السلام مقابل السلام» ، كما اقترحت أفكار أخرى،بل قامت على مقايضة من نوع آخر هي : إعادة الأرض مقابل التموضع الاستراتيجي أي بأن تعيد تل أبيب الجولان مقابل تخلي دمشق عن تحالفها وعلاقاتها العسكرية مع إير ان وحزب الله وحماس .
وتفصيلاً لهذه المحاولة الكاشفة لطبيعة العلاقات الأمريكية الروسية في سوريا , فرغم الدور الروسي القوي والفاعل في سوريا إلا أن الولايات المتحدة إحتفظت لنفسها بحق الدفاع عن مصالح الكيان الصهيوني ولم يعترض الروس علي هذا إلا ان روسيا إتخذت علي خلاف الأمريكيين موقفاً رافضاً لفرض السادة الصهيونية علي الجولان ففي 26 يونيو 2022 قال النائب الأول للمندوب الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي أمام اجتماع لمجلس الأمن الدولي إن تل أبيب أعلنت عن خطط لتوسيع النشاط الاستيطاني في مرتفعات الجولان المحتلة ومضاعفة عدد المستوطنين هناك بحلول عام 2026 , وأكد أن روسيا لا تعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان وأشار بوليانسكي إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية وآخرها على مطار دمشق الدولي إضافة إلى جرائم النظام وانتهاكاته بحق الفلسطينيين تمت بموافقة الولايات المتحدة , كما ندد بصمت المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات المنهجية لحقوق الفلسطينيين كمثال واضح على ازدواجية المعايير التي تمارسها الدول الغربية في قضايا حقوق الإنسان , , وقد سبق في أبريل 2022 أن ندد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في الشرق الأوسط في 25 أبريل2022 باحتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان مشيرًا إلى أن خطط النظام لتوسيع مستوطناته غير القانونية في المنطقة الاستراتيجية تقوض الاستقرار الإقليمي ويري مسئولوا الكيان الصهيوني أن الحرب الأهلية السورية (الثورة السورية) أعادت التأكيد على الحاجة إلى الحفاظ على الهضبة – المطلوبة لمواردها المائية وتربتها الخصبة – كمنطقة عازلة بين المدن الإسرائيلية وعدم استقرار جارتها , وهذا في تقديري كاشف بكل تأكيد عن طبيعة هذه المحاولة الأمريكية التي تتجاوز حدود كونها تسوية سياسية لنزاع سوري / صهيوني لتصل إلي حدود ضمان أمن وتفوق الكيان الصهيوني ونهب الكيان الصهيوني لمصادر المياه العربية , ومن المؤكد أن الخطوة الأحادية التي إتخذتها إدارة الرئيس Trump بتوقيعه في مارس 2022 علي مرسوم يعترف بـ “السيادة” الإسرائيلية على الجولان , كانت تغييراً دراماتيكي في المنهج الأمريكي حيال الصراع الغربي / الصهيوني وأفقدت الولايات المتحدة دورها كوسيط في أي مفاوضات مستقبلية بشأن الجولان فالإنحياز الأمريكي بهذا القرار قد فاق قدرة سوريا علي الإحتمال والمراوغة لأنه وببساطة فإن الولايات المتحدة بإعترافها بسيادة الصهاينة علي الجولان قد صادرت علي نتيجة أي مفاوضات مستقبلية بل وصادرت علي الهامش المحدود لعلاقاتها مع سوريا / الأسد التي أدانته وتزامن مع زيارة قام بها وزير الخارجية الأمريكي لبيروت في Mike Pompeo في 22 مارس 2019 لممارسة الضغط علي حكومتها بشأن حزب الله في لبنان ، وهنا أثارمع الحكوة اللبنانية مخاوف الولايات المتحدة بشأن الدور المتنامي لحزب الله الشيعي في الحكومة فلدى حزب الله ثلاثة وزراء وهو يسيطر مع حلفاءه على أكثر من 70 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 128 مقعدًا , ويُذكر أن الولايات المتحدة مانح رئيسي للجيش اللبناني و حلفاءها بمن فيهم رئيس الوزراء السني سعد الحريري ، تناقصت قواهم مع تعمق دور إيران في لبنان والعراق وسوريا وتراجع النفوذ السعودي , وعلي كل حال فقد أدانت الحكومة السورية القرار وقالت أن الجولان سيظل عربياً وسورياً وأن قرار الرئيسTrump يتناقض مع القانون الدولي وأن الأمة السورية مُصممة اكثر من ذي قبل علي تحرير الجولان هذا الجزء الغالي من سوريا بكافة الوسائل المُتاحة , قالأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي مازالا يحافظان علي موقف ثابت حيال الفدس التي اتخذ الأمريكيين قراراً في ديسمبر بالإعتراف بها عاصمة للكيان الصهيوني , وكان رد الفعل الرئيسي الأول للجمهورية الإسلامية الإيرانية في 26 مارس 2019عندما قارن الرئيس حسن روحاني التحرك الأمريكي بإعتراف بسيادة الصهاينة علي الجولان بسلوك “القوى الاستعمارية” في الماضي ودعا إلى “تعاون إقليمي أوثق” لمواجهة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني , كما لم تعترف تركيا والمنخرطة بقواتها في سوريا حيث تتقدم قواتها بإتجاه مناطق شاسعة في شمال سوريا بينما تهدد بالتقدم أكثر نحو الشرق لمواجهة الجماعات المسلحة الكردية السورية وخطط أنقرة في شمال سوريا تُعد مصدر قلق كبير لشريكي تركيا في إطار أستانا – إيران وروسيا (دعت تركيا إلى عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي (OIC) ولا الإتحاد الأوروبي بذلك ولا بضم الجولان فهناك قرارات أمميو بحقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرف فيها وهي موضوعات متروكة للتفاوض عليها , ولم تتراجع إدارة Biden عن هذا القرار الذي تم استنكاره على نطاق واسع , وربما كان مرجع موقف الرئيس الأمريكي Trump لأمرين أولهما الوجود الروسي الكثيف لروسيا في سوريا وثانيهما تنامي الوجود الإيراني خاصة العسكري في سوريا وهو ما أكدته لونا الشبل المستشارة الخاصة للرئاسة السورية في حديث لقناة RT نُشر في 18.01.2022 وقالت وبوضوح : ” أن “وجود قوات (إيرانية) من عدمه ومهما كان نوعها أو شكلها أو جنسيتها هو قرار سيادي لا يتدخل فيه أحد ولا يحق لأحد أن يملي رأيه فيه وأن سوريا هي التي تقرر من الموجود على أراضيها وما تريد أن يكون موجودا على أراضيها ومن لا تريد وأنه ليست هناك قوات جيش بمعنى تشكيلات أو وحدات عسكرية إيرانية على الأراضي السورية والموجود هو ضباط إيرانيون مع الجيش السوري ، فنحن في حالة حرب وبحاجة لأي مساعدة عسكرية” ثم أوصحت أن علاقة بلادها مع إيران “تاريخية ووفية” وقالت إن “إيران وقفت مع سوريا والجيش السوري في الحرب وسوريا لا تقابل الوفاء بالغدر” .
لذلك وبكل اليقين يمكن أن نحدد طبيعة هذه المحاولة الأمريكية بأنها إستهدفت ضمان أمن الكيان الصهيوني ولم تكن إلا في نطاق محدود بطبيعة الهدف منها وهو ضمان أمن الكيان الصهيوني مُحققة لأمن وسيادة سوريا وهو في هذه تشترك مع معاهدة السلام المصرية / الصهيونية الموقعة في 26 مارس 1979 في أنهما معاً يمثلان ضماناً لأمن الكيان الصهيوني وتناقصاًفي سيادة كل من مصر وسوريا كل علي حدة , وكانت هذه المحاولة تحركاً أمريكياً نشطاً برغم وجود الروس العسكري الحاسم في سوريا في قاعدة حميميم الجوية وهي قاعدة جوية عسكرية روسية تقع جنوب شرق مدينة اللاذقية وفي قاعدة طرطوس البحرية والتي تعد الوحيدة لروسيا في البحر الأبيض المتوسط وقد أعيد استخدامها من قبل موسكو ضمن اتفاق وقع عام 2017 الذي يقضي بتعزيز الوجود العسكري الروسي جويا وبحريا في سوريا والقاعدة مجهزة بثكنات ومستودعات تخزين عائمة كما تضم عشرات البحارة الروس .
فيما يتعلق بالمحاولة الأمريكية لعقد إتفاقية سلام بين سوريا والكيان الصهيوني ففي 2009 يُذكر أن من وقائعها قيام الدبلوماسسين الأمريكيين Mitchellو Frederic Hof بزيارة دمشق مرتين وتل أبيب أيضاً لاختبار احتمال استئناف مفاوضات علي المسار السوري , وفي 2010تواصلت رحلات “هوف” الدورية إلى سوريا والكيان الصهيوني , وقد تحول الموقف الأمريكي تدريجياً إلى إقناع قادة الكيان الصهيوني بالفوائد الأمنية المحتملة من السلام مع سوريا بدلاً من صيغتهم «الأرض مقابل السلام», وفي خضم ذلك , وفي مايو 2010، اجتمع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جون كيري بالأسد في دمشق حيث ظهر من خلال وثيقة خطية انفتاح الأسد على اتفاق سلام يلبي جميع المتطلبات الإسرائيلية في مقابل الانسحاب الإسرائيلي الكامل إلى خط 4 يونيو 1967، وفي موازاة ذلك نجح المبعوث الأميركي السابق دينيس روس في ترتيب عقد لقاءات له وهوف مع نتنياهو حيث عرض الأمريكيان مسودة وثيقة قبل تقديمها إلى الأسد ,ووفقاً لقراءة هوف فإنه رغم الشكوك القوية حول وثيقة كيري والنوايا السورية يتفق في نهاية المطاف على أن (ورقة المناقشة) التي صاغتها الولايات المتحدة لمسودة معاهدة سلام إسرائيلية – سورية من الممكن أن تشكل الأساس لوساطة السلام الأميركية , وسافر ميتشل وهوف إلى دمشق في سبتمبرفي محاولة للحصول على موافقة الأسد على إجراء من شأنه تجنب طريق «الوديعة» المسدود ووافق الأسد فوراً على منهجية الوساطة الجديدة , وكان هوف وروس كتبا «ورقة المناقشة وناقشا المسودة الأولى مع فريق صغير من الصهاينة يعينهم نتنياهو, وكان موقف الكيان الصهيوني هو وجوب تناول جميع عناصر ورقة المناقشة في آن واحد بما في ذلك تراجع سوريا وضبط العلاقات الإقليمية التي تشكل تهديدا لأمن إسرائيل , وكان علي سوريا أن توافق على أن يكون بحر الجليل (بحيرة طبريا) بأكمله يمكن أن يكون تحت السيادة الصهيونية , وأبلغ الأسد المبعوثين الأمريكيين بأنهم سيفاجأون بالتزام نصر الله باتفاق سلام سوري- صهيوني تكون فيه مزارع شبعا سورية .
إستمرت هذه الجهود حتي بداية 2011 لبلورة ورقة المناقشة , وتنقل Frederic Hof بين دمشق وتل أبيب مع مشاركة دينيس روس في المباحثات مع الفريق الصهيوني وأبلغ نتنياهو ضيفيه الأميركيين بـ “شكوكه المتزايدة في التزام الأسد الشخصي بوساطة السلام وبالسلام نفسه ” ، وحسب وثائق الاجتماعات فإنه رحب بالفكرة الأميركية الخاصة بربط رفع العقوبات الأميركية عن سوريا بتنفيذ دمشق لإلتزامات معاهدة السلام , وفي 22 مايو 2010زار رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري دمشق والتقى الأسد في القصر الرئاسي , وقد شجع البيت الأبيض الذي انزعج بشدة من التقارير التي تفيد بأن نظام الأسد ينقل صواريخ سكود إلى (حزب الله) كيري على القيام بزيارة سوريا ومواجهة الأسد بشأن هذه المسألة ، موضحاً للأسد أن «الفوائد التي ستعود على سوريا من الحوار الثنائي ستنتهي ما لم تكن سوريا راغبة في التخلص من مهمة تزويد حلفاء إيران اللبنانيين وعملائها بالأسلحة الفتاكة وحسب المحضر الأميركي للاجتماع الذي عقد في التاسعة صباحاً من يوم 22 مايو قال كيري للأسد : طلب الرئيس أوباما مني شخصياً أن آتي لمقابلتكم فلقد استدعاني إلى البيت الأبيض وتحدثنا عن المنطقة وأعرب عن قلقه بشأن الأوضاع الراهنة , وقد وصل كيري حاملاً مسودة رسالة مُعدة لتوقيع الأسد تُنقل إلى الرئيس أوباما من خلال السيناتور كيري, وتتضمن مسودة الرسالة تأكيد الأسد على أن معاهدة السلام بين سوريا والصهاينة بما في ذلك الحدود التي تعكس استعادة سوريا الكاملة للأراضي التي فقدتها في يونيو 1967من شأنها أن تنهي كل دعم سوري للأعمال والسياسات والتعاون الذي يهدد أمن الكيان الصهيوني من جانب الدول وغير الدول على حد سواء , وقد قال كيري للأسد : “تعكس هذه الرسالة التفاهمات التي توصلنا إليها في المرة الأخيرة ” ، وجاء رد فعل الأسد إيجابياً على الفور, إلا أن وزير الخارجية المعلم اعترض قائلاً : إنه يجب أن يسبق ذلك رسالة من إسرائيل إلى الولايات المتحدة تؤكد فيها أن الاتفاق الشامل يستلزم انسحاب إلصهاينة الكامل إلى خط 4 يونيو 1967. وقد تدخل كيري على الفور قائلاً : “هذا ليس ضرورياً لقد أكدت مع نائب الرئيس (جوزيف بايدن) بالأمس أن موقف الولايات المتحدة يستلزم عودة الجولان بالكامل إلى خط 1967» , وقد تطرق لقاء الأسد وكيري إلى علاقة سوريا بـ«حزب الله»، بالتزامن مع قيام مساعديهما بتنقيح مسودة الاتفاق السوري- الصهيوني بحيث تضمن خمس نقاط أكدت على أن معاهدة السلام بين سوريا والكيان الصهيوني بما في ذلك الحدود التي تعكس الاستعادة السورية الكاملة لمرتفعات الجولان حتى خط 4 يونيو 1967ستسفر عن علاقة ثنائية بين سوريا والصهاينة , وقد شجع التطور الإيجابي لهذه الإتصالات هوف في اجتماع مع نتنياهو وفريقه على «السعي لعقد اجتماع مباشر مع الأسد لتقييم التزام الرئيس الشخصي بإعادة توجيه الاستراتيجية السورية التي من شأنها تعزيز الأمن الصهيوني , وفي محادثات هاتفية مع نتنياهو ووزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم والأسد، أكدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون على النوايا الإسرائيلية وتمهد الطريق للقاء هوف مع الأسد , وقبل وصول هوف إلى دمشق في فبراير 2011 أبلغ الأسد أعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين الزائرين أن السلام مع الصهاينة لا بد أن يستند إلى “مراجع محددة” تغطي الأرض والأمن , عندها قام دينيس روس وهوف بصياغة هذه «المراجع المحددة»، وفي 28 فبراير، وافق الأسد في اجتماع مع هوف في دمشق على ” المراجع المحددة بشأن الأمن (التي تقضي بإنهاء الأنشطة والعلاقات السورية التي تشكل تهديدا للأمن الصهيوني)”، وحسب المبعوث الأميركي فقد أكد الرئيس السوري أن لبنان وإيران و(حزب الله) سوف يلتزمون بمعاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل وأعرب عن ارتياحه لمفهوم رفع العقوبات الأميركية مع تنفيذ سوريا لالتزاماتها التعاهدية , وخلال كل ذلك ظل الانسحاب الصهيوني الكامل حتى خط 4 يونيو 1967 مطلباً أساسياً للأسد , وفي 27 فبراير 2011وصل هوف إلى دمشق للقاء الأسد حيث تحدث المبعوث الأميركي عن اهتمامه بتحقيق سلام سوري – إسرائيلي وبناء علاقة رسمية ودية بين دمشق وواشنطن يتجلى من خلالها دفء علاقات الصداقة التي تربط بين الشعبين وقد ردّ الأسد بشكل إيجابي , وبعد تناول تصريحات صحافية وزيارات أميركيين لسوريا وعقوبات واشنطن ضد دمشق تحدث هوف عن مسودة الاتفاق التي كان صاغها وتوصل إليه , هذا وقد طلب الأسد توضيح ومعرفة ما إذا كانت تلك الحواشي مهمة للطرف الآخر فأجاب هوف «نعم ، لكني أكدت على أن تلك النقاط لها القدر نفسه من الأهمية بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وأن موافقته عليها سوف تمكّن أميركا من المُضي قدماً الآن باتجاه القضايا المتبقية المتعلقة بالأرض ، وبدء عملية التخطيط المتعلقة برفع العقوبات , وسوف يتيح تنفيذ سوريا تلك الأموربمجرد إقرار معاهدة السلام للولايات المتحدة الأميركية رفع العقوبات وقد أشار الأسد إلى تفهمه وموافقته , وقد سلم هوف الورقة إلى الأسد الذي قرأها ببطء وحرص على ما يبدو وأعرب قبل تطرقه إلى الحواشي عن اهتمامه بفهم أفضل لجوانب النقاط الخمس وأشار إلى أن النقاط الأربع الأولى تتضمن مرجعيات خاصة بلبنان ، لكن النقطة الرابعة فقط ذاتها هي التي تذكر اسم البلد صراحة , وتساءل عما إذا كان من الملائم ذكر لبنان في نص معاهدة سلام سورية – صهيونية وقال إن : هذا هو تحفظه الوحيد ، وأعرب الأسد عن موافقة حماسية على النقطة الخامسة بما تتضمنه من دعوة إلى سلام عربي- صهيوني وكادت جهود الوساطة الأمريكية أن تثمر إتفاق سلام فكانت سوريا وإسرائيل على وشك توقيع اتفاق سلام في فبراير 2011 .
هذه المحاولة الأمريكية توقفت عند هذا الحد شبه النهائي لإعداد معاهدة سلام بين سوريا والكيان الصهيوني والتي تم فيها كسر والتخلص من محرمات سياسية سورية عندما اندلعت الاحتجاجات السورية في منتصف مارس ففي 18 مارس ردت قوات الأمن السورية بالعنف الشديد على المتظاهرين في درعا , كما ردت قوات الأمن بعنف على الاحتجاجات في دمشق , وقتها علقت هذه الوساطة الأمريكية بسبب ما وصفه الأمريكيون بالفوضى الرسمية في سوريا , وسعى هوف إلى زيارة دمشق لكنه مُنع الحصول على إذن من البيت الأبيض كي يناقش مع الأسد الآثار المترتبة على الوساطة إثر العنف الحكومي السوري ، وفي 13 مارس استقال ميتشل من منصبه كمبعوث خاص للسلام في الشرق الأوسط ، وفي 19 من الشهر نفسه قال الرئيس Obama في خطاب لوزارة الخارجية : إن “الأسد يجب أن يقود انتقال سوريا إلى الديمقراطية أو يتنحى عن الحكم ” , وفي في 18 أغسطس أعلن الرئيس Obama أن “الوقت قد حان لتنحي الأسد” , أما هوف فانتقل من فريق السلام في الشرق الأوسط إلى تقديم المشورة إلى وزير الخارجية ومكتب الشرق الأدنى بشأن تفاقم الأزمة السورية وتطورت الأمور في سوريا وانحدرت بمضي السنوات المؤلمة والطويلة للثورة السورية , وكما أشرت فقد أصدر الرئيس Trump في 25 مارس 2019 إعلاناً يعترف بالسيادة الصهيونية على مرتفعات الجولان موضوع النزاع خلال وساطة السلام الأمريكية بين عامي 2009 و 2011، وهي نفس المسألة المحورية في الجهود الدبلوماسية السابقة التي بذلتها تركيا في عامي 2007 و2008، والولايات المتحدة بين عامي 1993 و2000.
مع ذلك يظل القول صحيحاً في أن الرئس السوري الأسد اكد في مارس 2021 علي أن حكومته ستكون منفتحة على محادثات السلام مع الكيان الصهيوني بشرط إعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا مع مُلاحظة أن حكومة الأسد إلتزمت الصمت حيال إتفاقات التطبيع التي وُقعت مؤخراً بين الكيان الصهيوني وبعض دول الخليج العربي , ولكن من جانب الكيان الصهيوني فإن الشرط الحاكم لنجاح أي مفاوضات تصل لتحقيق إتفاق سلام هو أن تقطع سوريا العلاقات مع إيران وحزب الله الذي أعلن أمينه العام في 26مارس 2019 في خطاب علني له بأن “المقاومة” هي السبيل الوحيد لاستعادة الأراضي المحتلة في سوريا ولبنان وفلسطين”, وقال مسؤول كبير في حكومة الأسد إن دمشق تعارض بشكل قاطع أي محادثات سلام مع الدولة اليهودية بعد ساعات فقط من إعلان لبنان عن توصله إلى اتفاق مع القدس للدخول في محادثات بوساطة الأمم المتحدة بشأن النزاع على الحدود البحرية .
ماضي ومستقبل الجولان :
الماضي يؤكد سورية الجولان لم تؤكد الحكومات السورية المتعاقبة هذه الحقيقة بقدر ما اكدها أهل الجولان أنفسهم , الذين واجه معظمهم محاولات فرنسا القوة المُحتلة لسوريا لفصل الدروزو العلويين لمناطق تواجدهم عن الوطن السوري , وفي هذا المقام أسوق أمثلة عن مقاومة الدروز والعلويين للمحتل الفرنسي منها ذلك البيان الذي وجهه المفوض السامي لفرنسا في سوريا هـ دي جوفنيل للعلويين قائلاً : ” لماذا تحاربون؟ قد أتيتكم حاملاً لكم الحق في أن تسنوا دستوركم بنفسكم وأن تختاروا بذاتكم حكومتكم ورؤسائها , فإذا بقيتم علي متابعة القتال فإنما تحاربون آمالكم وحريتكم , لماذا تحاربون وفي سبيل من تحاربون ؟” , وفي رد المفوض السامي علي المفاومة السوري والدرزية المؤرخ في 27 يناير 1926 تضمن قول المفوض السامي : ” تطلب فرنسا من السوريين والعلويين والدروز واللبنانيين أن يصونوا بالإشتراك في حدودهم الخارجية المشتركة وأن يتعهدوا بعدم إستعمال القوة للفصل في الإختلافات الخارجية ولكنهم يلجأون في ذلك لتحكيم الدولة المُنتدبة (أي فرنسا) , جاءت فرنسا إلي هذه البلاد لتكون حكماً ولتكفل رفاه شعوب سوريا ولبنان بعضهم تجاه بعض …..” بل إن فرنسا في مُخطط الفصل الأثيم وضعت قانون أساسي لجبل الدروز ونص القرار رقم 3114 في 14 أبريل 1930 المعلن لهذا القانون الأساسي الذي قضي بإنشاء حكومة لجبل الدروز علي أنه يُعدل أو يقوم مقام النصوص السابقة ,ونصت المادة 10 من هذا القانون الأساسي علي أن اللغتين العربية والفرنسية هما اللغتان الرسميتان .
كذلك وضعت فرنسا قانوناً أساسياً لحكومة اللاذقية المستقلة وأنشأتها بتاريخ 31 أغسطس 1920 مُنفصلة عن الوطن السوري الأم , وفي مُذكرة مؤرخة في 27 ييو 1936رد العلويين علي وزارة لخارجية الفرنسية ومما تضمنه هذا الرد : “إن الإستقلال الإداري الذي أُعطي للعلويين لم يكن في مبدأه سوي نظام مُؤقت …” , “إن العلويين شيعة مسلمون وقد برهنوا طوال تاريخهم عن إمتناعهم عن قبول كل دعوة من شأنها تحرير عقديتهم فهم يحتفظون بشدة بالعقيدة الشيعية الإسلامية ” , وبعد أن جربنا الإنفصال عن سوريا ستة عشر عاماً لا يمكننا إلا أن نلمس الأمور الآتية :
أولاً : لم يكن العلويين مُتفسخين كما هم اليوم نتيجة الإدارة الإنفصالية .
ثانياً: إن بلاد العلويين تتحمل أبهظ ضرائب في سوريا , وذلك لتغذية الإدارة الذاتية التي لا تؤمن حاجة من حاجاته والذي أوجد سوء حالتنا المادية والمعنوية .
ثالثاً :إن هذا الإنفصال الذي ينغني بحماسته بعض العلويين النفعيين ليس سوي سلم للتبشير اليسوعي وبالتالي لإفناء العلويين التدريجي .
رابعاً : إن هذا الإنفصال يحول دون تحقيق وحدتنا القومية , هذه الوحدة التي هي حجر الزاوية في تحريرنا وإستقلالننا .
وفي موضع آخر من هذا الرد ورد ما يلي : ” ذلك أن العلويين ليسوا سوي أنصار الأمام وما الأمام علي (كرم الله وجهه) سوي أبن عم رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) وصهره وأول من /ن بالإسلام ومن مكانه في الجهاد والفقه ؟ …”وإن أخواننا الإنفصاليين يصفون أنفسهم بين أمرين لا ثالث لهما فإما أن يعترفوا أن القرآن الشريف هو كتابهم هو كتابهم وعندها لا يمكن لهم أن يكونوا مسلمين علويين, وإما أن ينكروا القرآن الشرف وعندها لا يمكن لهم أن يكونوا مسلمين علويين , ولا ينتسبوا لأي فرقة من فرق الإسلام .
قدم العلويين بلواء الأسكندرونة عريضة إلي المفوض السامي في 4 مارس 1936 تضمنت في مقدمتها: “نحن العلويين في لواء الأسمندرون , نعرب لفخامتكم عن إستكارنا وإستياءنا الشديد من قيام فئة من موظفي الحكومةو في هذا اللواء بتوقيع عريضة لرفعها لفخامتكم ولعصبة الأمم تنافي أمانينا وأماني البلاد السورية عامة وترمي إلي تجزئة اللواء عن سوريا وتقر الوضع الحاضر الذي كان وبالاً علي هذهالطائفة وسبباً في تأخرها في شتي مجالات حياتها ….” .
وجهت قوي الثورة السورية في النصف الثاني من عشرينيات القرن الماضي وأُذيع هذا النداء بعد إندلاع الثورة في جبل الدروز : “إلي السلاح إلي السلاح “وتضمن الفقرة التالية :
إلي السلاح إيها الوطنيون لنغسل إهانة الأمة بدم النجدة والبطولة , إن حربنا اليوم هي حرب مقدسة ومطالبنا هي :
- 1- وحدة البلاد السورية ساحلها وداخلها والإعتراف بدولة سورية عربية واحدة مُستقلة إستقلالاً تاماً .
- 2- قيام حكومة شعبية تجمع المجلس التأسيسي لوضع قانون أساسي علي مبدأ سيادة الأمة سيادة الأمة .
- 3- سحب القوي المُحتلة من البلاد السورية وتألف جيش ملي لصيانة ال~أمن .
- 4- تأييد مبدأ الثورة الفرنسية وحقوق الإنسان في الحرية والمساواة والإخاء .
من مناشير الثورة السورية الكبري منشور بعنوان :” , وردت به هذه العباركعنوان “الإستقلال يؤخذ ولا يُعطي ” وجاء فيه : 1- إلان الإخاء الوطني بين كافة الطوائف …. 4- إرسال قوة محلية من المتطوعين خارج المدينة أو القرية لإستقبال كتائب الثوار الوطنيين بالأهازيج الحماسية عند وصولهم بإعتبار جميع الأمة جيشاً واحداً لهذه الثورة المُقدسة .ووقع هذا المنشور سلطان الأطرش بإعتباره قائد جيوش الثورة الوطنية السورية العام . وهذا ماورد بأحد منشورات الثورة السورية التي جمعت الدوز وسنة وشيعة سوريا بالإضافة الي علويي سوريا فكانوا صفاً واحداً ضد المحتل الفرنسي واليوم هل هم كذلك ؟ أم أن الكيان الصهيوني إفترسهم وفك الرابطة الوطنية بينهم وبين الوطن الواحد ؟
ضم الكيان الصهيوني الجولان بصفة رسمية في 14 ديسمبر 1981 وظل هذا الضم غير معترف به لدي الولايات المتحدة الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني إلي أن إتخذ الرئيس الأمريكي السابقTrump قراراً في 25 مارس 2019 بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن والقرار إنتهاك صريح لقراري مجلس الأمن الدولي رقم 497 و242 اللذان وافقت عليهما الولايات المتحدة وبذلك غيرت الولايات المتحدة موقفها المُعلن من مسألة إحتلال أراضي الدول بالقوة المُسلحة , لكن القرار أتي مُتسقاً مع المواقف الداعمة بوضوح والتي إتخذنها الإدارة الجمهورية التي قادها الرئيس Donald Trump وقد سبق أن تولت إدارات أمريكية جمهوري وأخري ديموقراطية السلطة بالولايات المتحدة لكنها التزمت جميعها بما وافقت عليه من قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي ماعدا إدارة الرئيس Trump فبعد تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948عارضت الولايات المتحدة إعلان في عام 1949 هذا الكيان أن القدس عاصمته , وكذا عارضت في عام 1950خطة الأردن لجعل القدس عاصمة ثانية كما عارضت الولايات المتحدة بإستمرارضم إسرائيل للقدس الشرقية بعد حرب 1967, وقد كان الوقف الأمريكي المُعلن أن يكون مستقبل القدس موضوع تسوية تفاوضية وهو موقف تبنته الإدارات اللاحقة وأوضحته بصفة علنية ومفاده أن مستقبل القدس لن يكون موضوع إجراءات أحادية الجانب يمكن أن تضرّ بأي مفاوضات , ولذلك ظلت السفارة الأمريكية خارج القدس وهو ما أكسب الموقف الأمريكية من مسألة الإحتلال مصداقية واكسبه شيئاً من المصداقية إلي أن بدء تغير الموقف الأمريكي حين أصدر الكونجرس الأمريكي عام 1995 قانون القدس الذي تضمن أنه ” ينبغي الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ” , وفي 6 ديسمبر 2017 اعترفت إدارة الرئيس Donald Trump رسميًّا بالقدس عاصمة لإسرائيل و نقلت السفارة الأمريكية إليها وكذا إنتقلت إليها بعض السفارات الأخري وفي 8 ديسمبر زعم وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أن بيان الرئيسTrump : “لا يشير إلى أي وضع نهائي للقدس” وأنه “كان واضحاً جداً حول الوضع النهائي، بما في ذلك الحدود، أنه سيترك للطرفين للتفاوض والبت فيه ” , ومن الجلي جداً أن الولايات المتحدة همها الوحيد أمن الكيان الصهيوني فالمسؤلن الأمريكيون غير معنيون بالعرب ويطلقون عليهم فادة من كرتون فخذ مثلاً موقف الرئيس Trump الذي وقع في 25 مارس 2019 علي مرسوم بإعتراف الولايات المتحدة بسيادة الكيان الصهيوني علي مرتفعات الجولان السورية , وبذلك ضم الكيان الصهيوني الجولان والقدس جهاراً ببيانات رسمية وقولية وفي الوقت نفسه تجد وزير خارجيته Pompeo يقول للصحفيين إن سياسة الولايات المتحدة طويلة الأمد بشأن مرتفعات الجولان لم تتغيرثم نراه وهو يزور حائط المبكى مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني Netanyahu وهي المرة الأولى التي يقوم فيها مسؤول حكومي أمريكي بذلك مع رئيس وزراء صهيوني , ثم نجد وزير الخارجية الأمريكي في زيارته للكيان الصهيوني يثني علي قرار الرئيس Trump بالإعتراف بسيادة الكيان الصهيوني علي مرتفعات الجولان ليقول : “أنه تكريم لمحاربي إسرائيل , وأن معركة الدبابات التي فتحت الطريق أمام استيلاء إسرائيل على مرتفعات الجولان كانت شهادة على الشجاعة الإسرائيلية المذهلة ، مضيفًا أنه درسها كطالب في West Point ” .
المستقبل / الإسنراتيجية السورية تجاه إستعادة الجولان المُحتل :
من الجلي أن سوريا/ الأسد لو كان لديها إستراتيجية لإستعادة الجولان فلن تكون تلك الإستراتيحية مبنية علي أساس عسكري في الغالب الأعم لإستعادة الجولان عنوة من براثن الصهاينة , وذلك مرجعه في تقديري الشخصي لأسباب مختلفة من أهمها:
(1) ضعف الدافع القتالي لدي الجيش السوري في مواجهة جيش مدرب متحفز للقتال دائما بمعلومية أن الجيش الصهيوني في حالة مواجهة دائمة مع حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي والذين لديهم تنظيمات قتالية شرسة , هذا ومن المعلوم أن الكيلن الصهيوني يصنف حتي أبريل 2022 في المركز العاشر في مجال تصدير السلاح في العالم أي ما نسبته 2,4% من مجمل صادرات السلاح بالعالم وذلك علي مدي السنوات الخمس الماضية والمركز 14 في مجال إستيراد السلاح حيث يرد للكيان 93% من السلاح من الولايات المتحدة وفقاً لمعهد Stockholmلابحاث السلام العالمي , وغني عن البيان أن سوريا / الأسد ولن أقول الجيش السوري لم تمض في إستعادة الجولان بالوسائل العسكرية أو بمعني أصح بالقوة العسكرية كمعظم الدول التي أحتلت أراضيها سواء بتشكيل قوات مقاومة كالفدائيين أو بإيقاظ العقيدة العسكري للجيش العربي السوري وتنشيط دافع القتال فيه والقيام بعمليات إشتباك محدودة وليس موسعة , وبقيت جبهة القتال ساكنة لذا يمكن القول بأن الوضع العسكري في جبهة الجولان هادئ نسبيا , على سبيل المثال بل حدث أنه في فبرايرالماضي أن أطلقت صواريخ من جانب الجولانحيث الكيان الصهوني بإتجاه سوريا مما أدى إلى تدمير العديد من المباني داخل إحدى القرى السورية .
(2) أن الوجود العسكري الروسي في سوريا وجود عسكري في المقام الأول ويختلف هدفه الرئيس عن هدف العسكرية السورية فالهدف العام للوجود العسكري الروسي هو مواجهة العسكرية الأمريكية وحلفاؤها في حلف الناتو NATO وهو حلف أعم وأكبر مدي من هدف العسكرية السورية وهو مواجهة جيش الدفاع الصهيوني (وهو موقف يتم بصفة إنتقائية ودفاعية بحتة) وروسيا حرصة علي أن يحدث تضارب بين هدف عسكريتها من الوجود في طرطوس واللاذقية وغيرهما وبين الهدف الذي تراه محدودا للعسكرية السورية .
(3) الجيش السوري أصبح ذا طبيعتين مختلفتين الطبيعة الأولي وبسبب الوجود الروسي والثورة السورية تحول ليكون مجرد لواء أو أكثر لحرس جمهوري لنظام الأسد , والطبيعة الثانية أن الجيش السوري بسبب شبق الأسد والأسديون في سوريا للتمسك بالسلطة والطغيان أصبح كقوات الأمن المركزي في مصر مجرد أداة للدفاع عن من يتولي السلطة وليس لحفظ النظام بالوسائل السلمية في الوقت الذي أصبح فيه الصهاينة شبه مُجمعين علي أن الجولان تُعد أكثر من كونها مجرد رصيد استراتيجي ذو أهمية للدبلوماسية والدفاع , إذ يتفق الوزراء في أكثر الحكومات غير المتجانسة في تاريخ الصهاينة على أن هناك حاجة للاستثمار في مرتفعات الجولان وتنميتها لأنها ملك للكيان الصهيوني والشعب الصهيوني ولقد وصل مدي إستخفاف الصهاينة بمكانة سوريا وقدرتها علي إستعادة الجولان أن صرح Naftali Bennett رئيس وزراء الصهاينة في 11 أكتوبر 2021 وقال ما نصه : “إن الكيان الصهيوني سيحتفظ بهضبة الجولان التي احتلتها من سوريا في حرب عام 1967 حتى لو تغيرت وجهات النظر الدولية بشأن دمشق” بل إنه أضاف قوله : “إن الصراع السوري الداخلي “أقنع الكثيرين في العالم بأنه ربما يكون من الأفضل أن تكون هذه الأرض الجميلة والاستراتيجية في أيدي دولة الكيان الصهيوني” وزاد بأن قال : ” لكن حتى في الوضع الذي – كما يمكن أن يحدث – يغير العالم مساره تجاه سوريا أو فيما يتعلق بالأسد ، فهذا ليس له تأثير على مرتفعات الجولان” وتعهد Naftali Bennett بمضاعفة عدد السكان الإسرائيليين في الجولان الذين يبلغ عددهم حوالي 20 ألف نسمة حاليًا وهو رقم يساوي تقريبًا عدد الجالية العربية الدرزية التي تعلن ولائها لسوريا في كثير من الأحيان , وقد جاءت تصريحات Naftali Bennettفي الوقت الذي تتحوط فيه الإدارة الأمريكية الحالية من الوضع القانوني للجولان وتخفيف بعض الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة من نبذها للرئيس السوري بشار الأسد بسبب تعامله مع حرب أهلية مستمرة منذ عقد من الزمن , والسد ميزته أنه ليس إسثناء من تميزه بصفة الطغيان والإستبداد ككل القادة العرب لذا فهو محبوب من جانبهم حتي وإن أخفوا مشاعرهم منه .
(4) رغم تطابق السياسة الأمريكية مع الأهداف التي يريد أن يحققها الكيان الصهيوني إلا أن القنوات بين روسيا والكيان الصهيوني ما تزال صالحة للإستخدام العملي خذ مثلاً موقف الصهاينة من الغزو الروسي لأوكرانيا فرغم الموقف الأمريكي المناهض بصفة مُطلقة من هذا الغزو منذ بدايته 24فبراير 2022 ورغم الإعتراف الأمريكي بسيادة الصهاينة علي القدس الشرق ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها والإعتراف بسيادة الصهاينة علي الجولان السوري إلا أن سيناريو توزيع الأدوار سمح لدولة الكيان الصهيوني بإتخاذ موقف غير مواتي للسياسة الأمريكية بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا والذي عارضته بصفة فورية الولايات المتحدة وحلفاءها الأوربيين إضافة لليابان وإندونيسيا وغيرهم إلا أن الكيان الصهيوني وبدافع تحقيق التوازن السياسي , فعلى الرغم من مطالبة الولايات المتحدة للكيان الصهيوني بدعم وكثير من دول العالم , فقرارالجمعية العامة للأمم المتحدة المدعوم من الولايات المتحدة والذي يدين العدوان الروسي صدر فيما فشلت روسيا في تمرير مشروع قرار يتعلق بالوضع الإنساني في أوكرانيا في مجلس الأمن ، وذلك بعد أن صوتت دولتان فقط لصالحه هما روسيا والصين ، وامتنعت 13 دولة عن التصويت ، وبذلك لم يتم تبني القرار ، إلا أن دولة الكيان الصهيوني لم تمتثل لطلب الولايات المتحدة تأييد قرار إدانة روسيا بالجمعية العامة للأمم المتحدة , (استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) إلى حد ما على 53 قرارًا من قرارات الأمم المتحدة كانت تنتقد الكيان الصهيوني) والكيان الصهيوني أقدم علي مخالفة الإرادة السياسية الأمريكية رغم أن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو) إلى حد ما على 53 قرارًا من قرارات الأمم المتحدة كانت تنتقد إسرائيل لأن إنقاذ دولة إسرائيل من الإدانة الدولية من خلال استغلال حق النقض (الفيتو) كان وسيظل سياسة توراتية أو نوع من التوراة السياسية تتبناها الولايات المتحدة , ما الذي يمكن أن يكون السبب الحقيقي وراء التمرد والعداء في إسرائيل والتبرير المنطقي الوحيد لتفسير “الرحمة التوراتية” من الولايات المتحدة تجاه دولة الكيان الصهيوني هو تحري مبدأ : التنسيق العسكري والأمني والسياسي الذه تقضي به وتوجبه إتفاقيات التفاهم الإستراتيجي المُتتابعة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ( في وقت سابق علي مارس 2022وقع الرئيسBiden مشروع قانون ميزانية أمريكية يتضمن 4.8 مليار دولار كمساعدة لإسرائيل تتلقى الدولة 3.8 مليار دولار من المساعدات الأمريكية سنويًا ، وقد تم تسليمها هذا العام مليار دولار إضافي من أجل “تجديد نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي” بعد حرب غزة في مايو 2021.) .
(5) أن الولايات المتحدة ضمت الكيان الصهيوني (عسكريته)إلي النطاق الجغرافي لعمل القيادة العسكرية الأمريكية المركزية أو الوسطي , فقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في 15 يناير 2021أنها ستضم “الكيان الصهيوني” حليفها الوثيق والموثوق فيه إلي ولاية قيادتها المركزية U.S. Central Command , وهي أحد 6 قيادات عسكرية أمريكية جغرافية تغطي العالم إضافة لأربع قيادات وظيفية , وكان الكيان الصهيوني ولعقود مضت ضمن نطاق عمل القيادة العسكرية الأوروربية للولايات المُتحدة EUCOM , وأعتقد أن قرار نقل تبعية الكيان الصهيوني لنطاق مهام القيادة المركزية ليس كما يُروج بأنه لمواجهة إيران بصفة وحيدة أو أولوية أولي فهو قرار يتضمن ذلك ذلك أنه في المقام الأول وبالمعني العريض يخدم مُجمل إستراتيجية الكيان الصهيوني الأبعد مدي في الشرق الأوسط وماوراءه , وما إيران والحالة هذه إلا أحد الأهداف الهامة لهذه الإستراتيجية , فقد إنتهي جزء من دراسة وضعتها هيئة الأركان المُشتركة عام 2003 لتقرير إنتقال تبعية الكيان الصهيوني لأي من القيادة الأوروبية أم المركزية ؟ إنتهي إلي نتيجة مفادها معارضة الإنتقال وإبقاء الكيان الصهيوني داخل نطاق عمليات القيادة الأوروبية منعاً لعرقلة عملية السلام في الشرق الأوسط والتداخل في التعاون القائم بين إسرائيل وقيادة الاتحاد الأوروبي , وهو ما يتفق مع وجهات نظر أبداها قادة عسكريين أمريكيين تولوا القيادة المركزية مثل Norman Schwarzkopf قائد القيادة المركزية السابق و Anthony Zinni و David Petraeus , ومع ذلك وبدافع قوي من الرغبة الصهيونية في وأد البرنامج النووي الإيراني حتي ولو كان سلمياً وليس عسكرياً اتخذت القيادة المركزية خطوات أولية للإقرار والتمهيد لهذه التغييرات للبناء عليها , ولذلك بدأت وزارة الدفاع الأمريكية عام 2017 بقيادة وزير الدفاع آنذاك James Mattis في نكثيف التنسيق بين قيادة الاتحاد الأوروبي والقيادة المركزية حول القضايا الصهيونية والعلاقات الصهيونية المباشرة مع القيادة المركزية الأمريكية , وفي سبيل ذلك وُقعت مذكرة تفاهم MoU بين EUCOM والقيادة المركزية الأمريكية بشأن العمليات الأمريكية الصهيونية المشتركة المحتملة ضد إيران ووكلائها ، مما يعكس جزئيًا تحديات تنسيق وتجنب عدم التضارب بين عمليات الصهاينة وعمليات القوات الأمريكية في سوريا , وسيترتب علي ضم الكيان الصهيوني لولاية عمل القيادة المركزية USCENTCOM إتاحة مجال أوسع مدي للعسكرية الصهيونية للمناورة والعمل المُشترك في مناطق كأفغانستان وباكستان وسوريا وغيرها من بور النزاعات , هذا وقد ورد بتقرير رسمي أمريكي عن”إستراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية لعام 2015″ عبارة تتعلق بأهمية الكيان الصهيوني تُقرأ كالآتي : “…. ولهذا فنحن نستثمر في قدرات إسرائيل والأردن وشركاؤنا في الخليج لردع العدوان بينما نحافظ علي إلتزامنا الأكيد بأمن إسرائيل بما فيه تفوقها العسكري النوعي” , وبناء علي هذه الحقيقة فسيكون الكيان الصهيوني رائداً لتحقيق أهداف القيادة العسكرية المركزية في سوريا وفي غيرها , بل وفي سياق أوسع مدي تحقيق مقومات السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط التي تتضمن فيما تتضمنه (1) تحقيق سلام دائم وعادل ” بالمقاييس الأمريكية والصهيونية” بين إسرائيل وجيرانها العرب و(2) تحقيق وتنمية أمن إسرائيل وخيرها و(3) وضع إطار أمني في الخليج العربي يكفل الوصول الأمريكي لموارد الطاقة و(4) وضع حد للإرهاب المدعوم (والمزعوم) من الدول والكيانات الأخري وهو ما يعني بصفة غير مباشرة أن المعونات الأمريكية لمصر تُدار وتُوجه للسيطرة علي مصر , فيما المعونة الأمريكية لإسرائيل تُدار بآليات تحقق “تنمية أمن إسرائيل وخيرها ” .
(6) مشكلة سوريا المُستعصية والتي من الواضح أنها أهم عامل من عوامل إستعادة الجولان بالقوة هي في وجود نظام بشار الأسد الخارج لتوه من سوق عكاظ فهو نظام مولع بالبلاغة اللفظية والشعارات التي تسوق نوع زائف وعفن من الوطنية شأنه في ذلك شأن دول عربية كبري , 2011 ، فعندما اندلعت الثورة في سوريا عام 2011 امتنع الكيان الصهيوني عن اتخاذ أي خطوات من شأنها تهديد نظام الأسد , بل على العكس من ذلك لعب الكيان الصهيوني دورًا في دعم الأسد وتغاض الكيان الصهيوني لوقت ما عن التدخل الإيراني ثم الروسي لإنقاذ نظام الأسد الفارغ من المضمون كالأنظمة السائدة في العالم العربي , ل ما فعلته إسرائيل هو استهداف الأصول الإيرانية وشحنات الأسلحة في مواقع معينة للتحذير والإلتفات إلي أن هناك حدود لا يُسمح لأحد بعبورها , أفهل حاول النظام السوري يومًا استعادة الجولان أم أن الجولان كان دائمًا ضمانة لبقائه؟ ماذا فعل النظام السوري لأكثر من نصف قرن عندما احتل الصهاينة الجولان؟ إن مرتفعات الجولان بقيت ضمانة للنظام الأسدي إذ أنه بعد 3 سنوات من احتلال الصهاينة للجولان وتولى حافظ الأسد زمام الأمور في سوريا كرئيس لم يواجه الأسد الأكبر مقاومة في الانقلاب الذي نفذه على خصومه على العكس من ذلك ، كان هناك حتى دعم دولي لنظامه الجديد , ومنذ أن أصبح حافظ الأسد الحاكم المطلق لسوريا ، خاصة بعد أن أصبح أول رئيس علوي للجمهورية في فبراير 1971راهن النظام الأسدي دائمًا على حالة “اللا حرب واللا سلم” ، التي يرمز إليها الوضع في الجولان ووجد النظام السوري اتفاق فك الارتباط مع الصهاينة في بداية عام 1974 بديلاً عن أي جهد فعلي لمناقشة أي انسحاب صهيوني من الجولان بجدية , وفي الواقع لم يرغب حافظ الأسد أبدًا في استعادة الجولان ، بل كان مهتمًا باستخدامه كورقة مساومة من أجل وقف دائم لإطلاق النار مع إسرائيل , وما تفعله الكيان الصهيوني حاليا هو دفع ثمن إبقاء بشار الاسد في دمشق على مرمى حجر من الجولان , وإجمالاً يمكن القول بأن شيئاً لم يتغيرفي العلاقة بين النظام السوري والكيان الصهيوني و السؤال الرئيسي والذي سيُثار عاجلاً أم آجلاً هو: هل دعم الصهاينة للأسد يكفي لحماية وتأمين نظامه لبقية حياتهوهل ستظل روسا في حميميم واللاذقية وتركيا بجوار إدلب والإيرانيون في المسافة مابين دمشق والجولان ؟ ‘ن الزمن لا غالب له والثوابت تتحرك وتتغير في رمال الشرق الأوسط وليس هناك شيء دائم غير وجه الله تعالي .
(7) هناك إرتباط شرطي بين توصل الولايت المتحدة للإتفاق مع إيران فيما يتعلق ببرانمجها النووي والدعم الإيراني وحزب الله لسوريا , كما أنه لا شك في أن تسوية النزاع بين سوريا والكيان الصهيوني فيما يعلق بالجولان سيتضمن مسالة الوجود الإيراني في سوريا بل وعلاقة سوريا بحزب الله , فقد إتهم الصهاينة مؤخراً الحرس الثوري الإيراني بإطلاق صاروخ على أراضيها من الجانب السوري من خط الهدنة وهناك ثأر بين إيران والصهاينة بشأن الإغتيالات الصهونية لعلماء ومسؤلين عسكريين إيرانيين , وعموماً فستتناقص مكانة سوريا أكثر إدا ما تم التوصل لإتفاق نووي جديد بين إيران والولايات المتحدة وبعض دول الإتحاد الأوروبي في فيينا , وهو إتفاق إن تم التوصل إليه فسيرتبط بتسكين الصراع الصهيوني / الإيراني لوقت ما , كما يُشار في هذا الشأن أنه خلال زيارته لموسكو حذر وزير المالية الإيراني حسين أمير اللهيان من أن المنطقة لن تتسامح مع أي تصعيد واستفزاز يُزعم أنه من جانب الصهاينة , وقال إن طهران لن تقبل أي تحولات جيوسياسية أو وجود “صهيوني” عبرها وكان يستشهد بجنوب القوقازحيث تتصاعد التوترات بين إيران وأذربيجان ، ولذلك تتابع سوريا بشغف مجريات مفاوضات البرنامج النووي الإيراني الجارية حالياً لأنه سيرتبط بشكل أو بآخر بالتنازلات التي سيضطر السوريين والصهاينة بالتالي إليها , أما بالنسة لروسيا فهي في موقف دقيق فعليها أن توازن بين دولتين ترطها بهما علاقات كل من نوع خاص ومدي معين أعني إيران و الكيان الصهيوني , فموسكو وطهران ترسمان خارطة طريق لإبرام اتفاق”التعاون الاستراتيجي” , فالعلاقة الحالية تتجاوز التعاون وهي أقرب إلى كونها تحالفًا استراتيجيًا لا سيما في سوريا ، حيث روسيا متحالفة مع نظام الأسد وتحتاج إلى دعم من إيران ووكيل طهران اللبناني حزب الله حفاظاً على مصالحها هناك , وروسيا حالياً في مركز شديد الأهمية في مفاوضات البرنامج النووي الجارية الآن فروسيا تعتبر لاعبًا رئيسيًا في المحاولة التي تقودها الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية ,
لم يكن المرسوم الذي وقعه الرئيس الأمريكي السابق Trump في 25 مارس من عام 2019 بالإعتراف بسيادة الكيان الصهيوني علي مرتفعات الجولان مجرد موقف سياسي بحت منفك الصلة عن الرؤية الأمريكية السائدة بها حالياً ولا عن التقدير الأمريكي لمنسوب الفاعلية و الـتأهيلية المتدنية للجيش العربي السوري الذي يواجه الكتلة الأعظم من شعب تمرد علي نظام حكم عائلي سقيم يعيش في عالم خاص به ولا قبل له بمفهوم الدولة , فقرار الرئيس Trump فضح طبيعة القرارات الأمريكية عندما يتعلق بالكيان الصهيوني , وأثبت المكون التوراتي للسياسة الأمريكية التي دأبت مع المؤسسات الأمريكية علي تفريغ دول العالم الإسلامي من المكون الإسلامي في هويتها ومحاولة محوه من مضمون السياسات الخارجية والإقتصاد والأخطر من مناهج التعليم وقوانين الأحوال الشخصية التي أصبحت تُصاغ من قبل المنظمات النسوية غير الحكومية غير الرشيدة , فالسياسة الأمريكية يراها الكثيون بسيبب الغزو الروسي في أوكرانيا في 24 فبراير 2022 لاأخلاقية وتوراتية بحتة وإلا بماذا وكيف تُبرر أي إدارة أمريكية الحجة الأمنية” لتبرير ضم إدارة الرئيسTrump في 25 مارس 2019 فالدول لا يمكنها الاستيلاء على أراضي جيرانها وتوسيع حدودها بسبب المخاوف الأمنية بغض النظر عما إذا كانت صحيحة أم لا , والولايات التحدة شأنها شأن روسيا تعاني من تناقض واضح في العبث بمفهوم الأمن وهل يجوز الإرتكان علي هذا المفهوم توسيعه بشكل وبدرجة تبتلع دولة سيادة دولة أخري ؟ فالرئيس الروسي Vladimir Putin جادل بأن غزو أوكرانيا ينبع من مخاوف أمنية بشأن جهود كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وذلك على غرار حجج إسرائيل بأنها يجب أن تحتفظ بالسيطرة على الجولان من أجل أمنها , وخلال الأسابيع الماضية ، بعد أن اعترفت روسيا بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا كدولتين مستقلتين حذر كبار المسؤولين الأمريكيين عدة مرات من أن “المبدأ القائل بأن دولة لا تستطيع تغيير حدود دولة أخرى بالقوة مهدد” , لكن الواقع أننا لا يجب أن نركن إلي الروس ولا الأمريكان عندما يتعلق الأمر بثوابت القانون الدولي فكلاهما تتسم سياساته باللأخلاقية .
وعلاوة علي ذلك لم يطرأ اي تغيير علي فكر القيادة السورية التي تدرك أن الخيار السلمي لإستعادة الجولان هو خيار وحيد أمامها وحتي هذا الخيار الذي تدركه القيادة السورية خيار مراوغ , بمعني أنه خيار لايمكن للقيادة السورية أن تُطالب به دون أن تضحي ببعض الثوابت التي كانت تتمسك بها , لكن لابد من القول أن القيادة السورية تحتفظ ببعض عوامل القوة السياسية مُتمثلة في دعم حزب الله وإيران ورافدها الموجود في لبنان (غير حزب الله) المُطلق لها وبدعم قادم من غزة ولها ولكنه نسبي إن قيس بدعمهما لسوريا / الأسد , ومن ثم فسوريا وهي تميل للنهج السلمي أو التفاوضي لإستعادة الجولان المُحتل تدرك أنها تملك عوامل ضاغطة علي الكيان الصهيوني ولكتها لاشك ستتاثر بتسوية الولايات المتحدة لأزمة البرنامج النووي الإيراني , وإيران وهي تقوم بالتفاوض بشأن برنامجها النووي فإن ثوابت الثورة الإيرانية والمصالح العُليا لإيران ستكون الدافع المُحرض لها بشأنه .
كما أن سوريا تتحرك بإتجاه التسوية التفاوضية في إطار الوجود العسكري والسياسي الروسي والذي يشكل دعماً ثقيلاً لسوريا خاصة بعد أن إتخذ الكيان الصهيوني موقفاً داعماً للولايات المتحدة وحلفاءها في حلف شمال الأطلنطي NATO , فمع احتدام الأزمة الأوكرانية يظل عدم الصراع مع روسيا بشأن سوريا مصلحة صهيونية أساسية , فمنذ عام 2015 اضطر الكيان الصهيوني إلى تطوير آلية فعالة للتغلب على الصراع مع روسيا بشأن سوريا من أجل منع ألد أعدائه وهي إيران من بناء آلة حرب على الأراضي السورية ولايمكن لأحد أن يُنكر أن الوجود الروسي خاصة العسكري والوجود الإيراني العسكري في سورا قد وفر ثقلاً اسثنائيا لسوريا هذا مع تجاهل مسالة السيادة علي أهميتها القصوي فبقاء النظام السوري أصبح مرهوناً بالوجودين الروسي والإيراني وبقدر تآكل عامل السيادة بقدر بقاء النظام السوري حياً في غرفة العناية المركزة ورغم موافقة روسيا على دخول الحرب الأهلية السورية في عام 2015 وتوالي العمليات الجوية وقصف المناطق التي يسيطر عليها الثوار وإدارة إيران العمليات البرية نيابة عن نظام الأسد , وجد الكيان الصهيوني نفسه مع جارته الشمالية وهي سوريا في وضع حرج ، وكان علي الكيان الصهيوني أن يتكيف بسرعة فمنذ ذلك الوقت حقق سلاح الجو الإسرائيلي توازناً دقيقاً مع تكثيف حملته في المنطقة الرمادية الوقائية لمنع إيران ألد أعداء إسرائيل من بناء آلة حرب في سوريا , وبرغم أن التواجد الروسي والإيراني في سوريا ليس من بين وظائفه إستعادة الجولان سواء أكانت هذه الإستعادة بشن عملية عسكرية كالتي تقوم بها حماس ~أو الجهاد الإسلامي في غزة أو بحرب عصابات , لكن هذا الوجود الروسي والإيراني في سوريا أكسب النظام السورية صلابة ومرونة في الوقت نفسه فجعله أكثر ميلاً للتفاهم مع الروس والإيرانيين للتسوية مع الصهاينة دون أن يتنازل عن التحالف معهما , صحيح أنها معادلة صعبة لكنها ممكنة خاصة وأن ملف إيران النووي يؤرق الصهاينة , وإذا ما تصورنا أن تسوية هذا الملف به من الخطورة ما يجعل الصهاينة يتقدمون خطوة لتسةية ملف الجولان حتي يبعدوا إيران عن سوريا وفض الإشتباك بينهما وللآن أصبح التواجد الإيراني في سوريا صامداً ومؤرقاً للصهاينة للحد الذي أستدعي قيام سلاح الجو الصهيوني بقمع جهود التحصين الإيرانية بشكل منتظم , ولكن على الأرض نجد لإيران واحدة من أثقل تركيزات لبطاريات صواريخ أرض – جو على وجه الأرض , وكثيرًا ما يستخدم نظام الأسد هذه البطاريات لمحاولة استهداف سلاح الجو الصهيوني ، ويعاني نظام الأسد من فقدان هذه البطاريات نتيجة لذلك , لكن من الملاحظ أن الروس لم يقوموا بعد بتشغيل نظام S-400 المتقدم الخاص بهم ضد الكيان الصهيوني ويستخدمونه بدلاً من ذلك للدفاع عن أصولهم في سوريا , كما لم تمكّن روسيا نظام الأسد من استخدام نظام S-300 الذي “نقلته” إلى سوريا ضد إالكيان الصهيوني , ولقد أوضح الصهاينة للروس أنهم يأخذون سلامة الأفراد الروس والحركة الجوية في سوريا بمنتهى الجدية , وعلى هذا النحو منع هذا التنسيق من وقوع حوادث وأخطاء جوية روسية وصهيونية , في حين أن نظام الأسد يطلق النار بشدة على الطائرات الصهيونية باستخدام أنظمة روسية عتيقة الصنع ، مثل SA-5s والتي غالبًا ما تطلق النار على المكان الذي اعتقدوا أن الطائرات كانت تحلق فيه في الساعة الماضية إلا أن سلاح الجو الصهيوني كان بارعًا في التعامل مع هذا التهديد ، ومن المعروف أنه تم تجهيز الجيش السوري بمجموعة من أنظمة صواريخ أرض – جو روسية الصنع مثل بطاريات SA-2 و SA-3 و SA-5 و SA-6 و SA-8 و SA-17 و SA-22 , وإذا ما توصلت روسيا لأي سبب من الأسباب إلى استنتاج مفاده أن أصولها في سوريا يجب ألا تتعارض مع سلاح الجو الإسرائيلي ، فإن موقف الكيان الصهيوني الاستراتيجي فيما يتعلق بترسيخ إيران في سوريا سيخضع لتغيير جذري .
أصبحت سوريا في ضوء الوجودين العسكريين الإيراني والروسي بها .ميزة إستراتيجية لهما فقد ركزت البحرية الروسية عددًا غير عادي من السفن الحربية في قاعدتها البحرية في طرطوس بسوريا يمكن استخدامها لتهديد عمليات الناتو البحرية في البحر الأبيض المتوسط في أي وقت يكون من مصلحة روسيا تهديد الناتو فيه , فالتأييد الصهيوني لموقف الولايات المتحدة وحلفاؤها فيما يتعلق بالمسألة الأوكرانية دفع روسيا وإيران بدرجة أقل إلي النظر للكيان الصهيوني بنظرة مختلفة عن ذي قبل , فاستراتيجية أمريكا طويلة المدى للتراجع عن عمليات مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وإعطاء الأولوية لمواردها العسكرية للتنافس مع الصين تعني أنه حتى الآن كان على الصهاينة محاربة جهود الترسيخ الإيرانية بأنفسهم وبمساعدة هادئة من الشركاء العرب السنة (شكلاً وليس موضوعاً) وإذا قرر الروس النظر إلىي الكيان الصهيوني على أنه جزء من تحالف NATOالذي تقوده أمريكا والتصرف وفقًا لذلك في تصعيد مستقبلي ، فمن الممكن – في هذه الحالة – وإن لم يكن مؤكدًا أن الولايات المتحدة يمكن أن تندفع للدفاع عن حليفها االصهيوني وهو سيناريو رغم عدم شيوعه بين المحللين السياسيين إلا أنه ممكن تصوره فمستقبل العمليات الصهيونية في سوريا يكتنفه الضباب في الوقت الحالي , لكن الأمر المؤكد أن جزء كبير من المستقبل يتعلق بمدى استعداد أمريكا دعم الكيان الصهيوني في حالة وقوع أحداث مفاجئة في سوريا في المستقبل .
هناك ضرورة للتاكيد علي أن الوجود العسكري الروسي قد لا يكون داعماً لسوريا بالضرورة في وقت ما , فهذا الوجود داعم فقط للنظام السوري أما الجولان فمسالة سورية / صهيونية صرفة , وقنوات التفاهم الروسي مع الصهاينة مُتعددة وتسمح بتاكيد الحياد العسكري الروسي فيما يتعلق بإستعادة الجولان وفي هذا الصدد قال ديبلوماسي روسي ” إن موسكو تعارض تحويل سوريا إلى ساحة مواجهة مع دولة ثالثة .
لقد أضفي قرار الرئيس Trump في 25 مارس 1019 شرعية أمريكية علي قرار صهيوني سابق أُتخذ في 14 ديسمبر 1981 بضم الجولان و القرار الأمريكي بالإعتراف بسيادة الصهاينة علي الجولان ليس إلا نسخ حرفي لقرار روسي بلإعتراف بجمهورتي دونيتسك الشعبية التي أعلنت من جانب واحد في 7 أبريل 2014 وتعترف بها روسيا رسميًا فقط حتي الآن , ولوجانسك الشعبية ونصنفهما علي أنهما من المنظمات الإرهابية , وتعترف بجمهورية لوجاتسك ثلاث دول فقط من دول العالم هم : الاتحاد الروسي و جمهورية سوريا العربية و جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية , وسوريا بهذا الإعتراف تقوم بمجاملة سياسية باهظة التكلفة , فالرئس الأمريكي ربما يكون إتخذ قرار الإعتراف بسيادة الكيان الصهيوني علي الجولان المحتل بسبب إعتراف سوريا بما يُسمي بجمهورية لوجاتسك الشعبية التي ما يزال التشريع الأوكراني يصنفها علي أنها «إقليم محتل مؤقتًا» وقد أعترفت روسيا بجمهورية لوجاتسك الشعبية في 21 فبراير عام 2022 فيما أعلن في 29 يونيو 2022 المُتحدث باسم الخارجية السورية “إن دمشق قررت الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الشعبيتين” وأوضح قوله : ” قال مصدر رسمي في الوزارة: “تجسيداً للإرادة المشتركة والرغبة في إقامة علاقات في المجالات كافة فقد قررت الجمهورية العربية السورية الاعتراف باستقلال وسيادة كلا من جمهورية لوجانسك الشعبية وجمهورية دونيتسك الشعبية”، حسبما ذكرته الوكالة السورية للأنباء “سانا”, , وفي 30 يونيو 2022 إستقبل الرئيس السوري وفدا مُشتركاً من روسيا وجمهورية دونيتسك الشعبية المزعومة وقال أثناء اللقاء : أن” بلاده علي استعداد للبدء بالعمل على رفع العلاقات إلى المستوى السياسي “, وربما آثر البعض تبرير ذلك الموقف الغريب والمُشين إلي ما فعله ويفعله الروس للحفاظ علي نظام الأسد قائماً (وهو هدف أمريكي لاشك فيه أيضاً) مع أن إيران ولا تركيا كل لإسبابه الإستراتيجية لم يذهبان حتي هذا المدي والإعتراف بوضع سياسي لم يستقربعد لدولتين مزعوكتين لم يستقر بعد تقرير وضعهما وفقاً للأمم المتحدة ولا القانون الدولي الذي تتذرع بهما سوريا / الأسد , وإمعانا في أزدواج معايير النظام السوري وإختلاط المفاهييم وغياب الثوابت لديه فقد سبق وأن إعترف النظام السوري البائس في مايو 2018 بمنطقتي أبخازيا وأوسيتيا الانفصاليتين عن جورجيا عام 2008 والواقعتين تحت النفوذ الروسي , فقطعت جورجيا المعترف بها دوليا علاقتها مع سوريا لاعترافها بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في 29 مايو 2018 غير المعترف بهما دولياً بل وأقامت معهما معهما علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء , ومما يستلفت النظر أن سوريا وبعد إنفصال أبخازيا ( تعترف بها :روسيا و نيكاراجوا و فنزويلا و ناورو و سوريا ; ودولتين غير أعضاء في الأمم المتحدة هم أوستيا الجنوبية و ترانسنيستريا وحكومة حركة حماس في غزة) وأوستيا الجنوبية ( تعترف بها :روسيا و فنزويلا و نيكاراجوا و ناورو و توفالو و سوريا ودولتين غير أعضاء في الأمم المتحدة هما :أبخازيا و ترانسنيستريا) بعد مرور 10 سنوات تعترف بهما مما يعزز القول بأن النفوذ الروسي في سوريا بلغ ذروته عامي 2017 / 2018 , لكن الواضح مثلاً أن دول يديرها عقلاء كالصين وتركيا وإيران ودول كثيرة جدا بالعالم لم تعترف لا بما يُسمي بجمهورية لوجانسك الشعبية وجمهورية دونيتسك الشعبية ولا بما ترتب علي إنفصال أبخازيا وأوستيا الجنوبية خشية أن يؤثر ذلك الإعتراف علي كيانات ترمي إلي الإنفصال عن الصين أو إيران أو تركيا أو غيرهم من دول مسؤلة بالعالم كإقليم أويغور في الصين الشعبية , أو الأذر وهم في الغالب أتراك إيران , و أكراد إيران الذين يستهدفهوم تأسيس جمهورية داخل كردستان الكبري , وهناك صراع تاريخي وحالي تركي / كردي حيث يرمي حزب العمال الكردستاني إلي تبني مطلب هو الأكثر تطرفًا وهو إعلان كردستان واحدة ومستقلة ، ولهذا فإننا عندما نشير إلي أن سوريا / الأسد حكومة أو نظام غير مسؤل لا نكون قد جاوزنا الواقع ولا المنطق إذ أن دولة شيوعية كالصين لم تقدم علي ما أقدم عليه النظام السوري ولم تقدم دولة معادية للولايات المتحدة والعالم الغربي معها علي ما أقدمت عليه سوريا إذ أن الإعتراف بجمهورية لوجانسك الشعبية وجمهورية دونيتسك الشعبية وإبخازيا تم بلا مقابل سياسي وكان عملاً خيرياً محضا لا يبرره الواقع السياسي لسوريا , لكنه كان كاشفاً لضحالة الفكر السياسي وضآلة المكانة السياسية والعسكرية لسوريا / الأسد .
إن الوضع السوري أصبح غير صالح الإ لأداء دور “الأداة” أي دور المفعول به ككل الأنظمة العربية , فها هو Yair Lapid وزير خارجية الكيان الصهيوني يقول مؤخراً : ” إن تل أبيب لا تفكر في تسليم مرتفعات الجولان إلى حكومة دمشق ولا توجد محادثات مع دمشق في الوقت الحالي ومن غير المرجح أن تعقد في المستقبل , وأن الكيان الصهيوني لا يفكر حتى ولن يفكر أبدًا في إعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا فلا مجال كبير للمفاوضات في الوقت الحالي ” , وهذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها الحكومة الصهيونية الجديدة عن موقفها من قضية مرتفعات الجولان منذ أن أصبح Naftali Bennet رئيسًا للوزراء ، ليحل محل السياسي المخضرم Benjamin Netanyahu في وقت سابق , ومن الطبيعي أن يبرأ مسئولي الكيان الصهيوني من النذر المحدود جداً من الخجل ليعلنوا تمسكهم بمرتفعات الجولان الأرض المُستولي عليها ولم لا ومسئول أمركي يبرر ذلك ويقول : “إن الاعتراف بهضبة الجولان يظهر أنه يمكن الاحتفاظ بالأراضي المحتلة وأن احتلال الأراضي التي تم الحصول عليها من حرب دفاعية يمكن تبريره , لقد انتصرت إسرائيل في مرتفعات الجولان في حرب عادلة للدفاع عن النفس” , ولما طابق البعض إحتلال الكيان الصهيوني بإحتلال روسيا شبه جزيرة القرم أجابت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فقالت : “إنه لم يكن هناك تحول في السياسة الأمريكية ( تقصد إزدواجية) وأن الظروف المحيطة بشبه جزيرة القرم ومرتفعات الجولان مختلفة تمامًا , فقد سيطرت (إسرائيل) على الجولان من خلال ردها المشروع على العدوان السوري الذي يهدف إلى تدمير إسرائيل” , روسيا إحتلت شبه جزيرة القرم عام 2014على الرغم من حقيقة أنها اعترفت بشبه جزيرة القرم كجزء من أوكرانيا في الاتفاقيات الثنائية ، وعلى الرغم من التزاماتها الدولية بما في ذلك المبادئ الأساسية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا OSCE.” , وأضافت المتحدثة أن “السياسة الأمريكية مستمرة في عدم تمكن أي دولة من تغيير حدود دولة أخرى بالقوة”.
في التقدير أن إستعادة الجولان سيتم إن بدأت عملية تفاوضة جديدة بين سوريا والكيان الصهيونية بوساط أمريكية , ولكنها في الغالب الأعم لن تكون إستكمالاً لتلك المفاوضات السابقة والتي قطعتها الثورة السورية عام 2011 والتي قام Frederic C. Hof كوسيط مفوض من الحكومة الأمريكية , فالإتزان السياسي داخل سوريا أصبح يؤثر فيه بفاعلية النفوذ الروسي والإيراني وبقدر ربما يكون أقل لحزب الله وإلي حد أقل تركيا , وفي الغالب ستكون الخطوط العامة لأي إتفاق قد يكون بشأن مرتفعات الجولان مع نظام الأسد لا مع غيره :
- 1 – إنهاء الحرب مع الكيان الصهيوني .
- 2- أن يكون الجولان كله منطقة منزوعة السلاح .
- 3- أن تكون هناك نقط مراقبة صهيونية .
- 4- التطبيع الكامل مع سوريا .
- 5- عودة أو تعويض يهود سوريا .
- 6- تعديل البنود التي قد تكون بالدستور أو القوانين السورية وفيها ما يتعلق بيهود سوريا .
- 7- إنتشار القوات الدوليةالتابعة للأمم المتحدة في نقاط دون مرتفعات الجولان وعلي طول الجبهة السورية / الصهيونية .
- 8- توقيه معاهدة سلام بين سوريا والمكيان الصهيوني تتضمن ما سبق .
سيكون السلام بين الصهاينة وسوريا مرحلة جديدة ومختلفة عن ذي قبل للصراع العربي / الصهيوني وفاتحة وعي إسلامي جديد سيزداد مع الإرادة الصهيونية في تغيير الذهنية العربية والإسلامية فالتحديات ربما قادمة لكنها تدريجياً , ويجب القول أن الجولان لو عاد بالمفاوضات الزائفة كل ما سيحققه هو تقديم الجولان للصهاينة كهدية بهذه الترتيبات المُشينة الشكلية وتفسح الطريق لنظام كسير كنظام الأسد للطغيان ومزيد من الإستبداد فستكون المعاهدة المتوقعة بين سوريا والكيان الصهيوني أسوأ من معاهدة السلام بين مصر والصهاينة في 26 مارس 1979 فلا سلام مع قتلة …هي القوة والبأس فلنستعي هويتنا فهذا هو السبيل الوحيد .
الـــــســـفـــيـــر : بــــــلال الــمــصـــري – المركز الديمقراطي العربي – الـــقــــاهـــرة / تحريــراً في 13 أغسطس 2022