الدراسات البحثيةالمتخصصة

تأثير الحركات الاسلامية على السياسة الخارجية التركية : دراسة حالة – حزب العدالة والتنمية

اعداد: أحمد محمد محمود عبدالنبي— اشراف: أ.د: محمد سالمان طايع—–كلية الاقتصاد والعلوم السياسية —جامعة القاهرة— مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة:

كانت السياسة الخارجية التركية في التسعينات من القرن الماضي تتجه نحو هدف معين وهو منع النفوذ السوفيتي من التمدد إلا أن ‏سقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفيتي أفقد ‏تركيا هذا الدور وقد تزامن ذلك مع تولي حزب العدالة والتنمية سدة الحكم في تركيا مما أدى إلى تغيير التوجهات التركية القديمة، وبالتالي فإن التغيرات الإقليمية والدولية فضلا عن التحولات الداخلية فرضت على تركيا الظهور بشكل مختلف على الساحة الدولية والعلاقات مع الدول الأخرى.

‏ ‏كان لفوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية 2002 وضع نظرة جديدة للسياسة الخارجية التركية تعمل على البحث في تعزيز دور تركيا الإقليمي والدولي وتنشيط علاقاتها مع الدول العربية عامة والإسلامية خاصة وذلك نتيجة للطبيعة الدينية والارث العثماني الذي يدفع تلك الحكومة إلى التوجه نحو إحياء ما يطلق عليه العثمانية الجديدة. وقد وضع أحمد داود اوغلو نظرية العمق والاستراتيجي التي تتضمن عدة مبادئ يسعى إلى تطبيقها في السياسة الخارجية التركية من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها وكان من أهم هذه المباديء تصفير المشكلات مع الجوار ودعم النموذج الديمقراطي الإسلامي والتوجه نحو اقامة علاقات جيدة اقتصاديا وسياسيا تجاه الشرق الاوسط.

‏كما أعلن ‏الحزب في بداية ولايته الأولى أن هذه المباديء سيتم تحقيقها وفقا لأدوات القوة الناعمة والتي ظهر تطبيقها في الدراما التركية والعروض الفنية وأدوار الوساطة والدبلوماسية النشطة التي تسعى تركيا من خلالها إلى التعايش وعدم التوتر من أجل خلق مجال سلمي يساعد على تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.

‏يمكن القول بأن نجاح الحزب في إعادة إحياء توجهات السياسة الخارجية كان نتيجة لقدراته الهائلة في استغلال موقع تركيا المتميز الواقع في منتصف الثلاث قارات (اوراسيا) وهو ما يجعلها حلف استراتيجي وجيوسياسي لجميع الأطراف، وبالتالي أصبحت الحاجة الآن ملحة أكثر من أي وقت مضى لفهم ودراسة أعمق لهذا البلد لا سيما في توجهاته الجديدة وقراراته الخارجية في ظل الظروف والتحديات الإقليمية التي تواجهه وخاصة منطقة الشرق الاوسط.

* المشكلة البحثية:

فيما يتعلق بدراسة (التأثير في السياسة الخارجية التركية) فقد حظى ذلك الموضوع باهتمام دراسات عدة ويمكن تصنيف الدراسات التي تطرقت لدراسة تأثير السياسة الخارجية التركية وفقا لمعيارين: أولا: انماط التأثير في السياسة الخارجية، ثانيا: أسباب التأثير في السياسة الخارجية. وبالنظر للدول التي شهدت وصول حركات إسلامية للسلطة بها نجد أنه ثمة تغير قد طرأ على سياساتها الخارجية.

لذلك تنظر بعض أدبيات السياسة الخارجية إلى الحركات الإسلامية على أنها احد الأنماط المؤثرة في السياسة الخارجية، وهناك نماذج للحركات الإسلامية التي وصلت للسلطة وكان لها تأثير واضح على السياسة الخارجية للدولة، مثل حزب الحرية والعدالة في مصر 2012، وحزب النهضة في تونس 2011، وحزب العدالة والتنمية في المغرب 2011.

بالتالي يمكن الوقوف على حالة من الجدل العلمي والسياسي حول الأثر الذي تحدثه الحركات الإسلامية في السياسة الخارجية من خلال عدد من النماذج التاريخية، فقد ذهب فريق من الباحثين في العلاقات الدولية إلى أن وصول الحركات والاحزاب السياسية للسلطة قد يترتب عليه تغيير في القادة السياسية مما يؤدي إلى تغيير في السياسة الخارجية، بينما ذهب فريق آخر من الباحثين إلى أن وصول الحركات الإسلامية للسلطة قد يحدث تغيير في العقيدة والأيديولوجية السياسية التي قد تؤدي بطبيعة الحال إلى تغير في السياسة الخارجية. في هذا النسق وانطلاقا مما سبق تتبلور المشكلة البحثية في دراسة وتحليل تأثير دور الحركات الإسلامية على السياسة الخارجية. وبالتالي يصبح السؤال البحثي الذي تسعى الدراسة للإجابة عنه هو

  • ما أثر دور الحركات الدينية على تغيير السياسة الخارجية في دولة ما؟

‏وبتطبيق هذا السؤال على الحالة التركية يصبح السؤال التطبيقي هو:

  • ما أثر دور الحركات الإسلامية على تغير السياسة الخارجية التركية؟

* الادبيات السابقة:

اولاً: الدراسات المتعلقة بالمتغير المستقل (الحركات الاسلامية):

(1) أحمد الموصللي، موسوعة الحركات الإسلامية في الوطن العربي وإيران وتركيا، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، يناير 2004.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (الحركات الإسلامية في الوطن العربي وإيران وتركيا)، وقد انطلقت الدراسة من منهج تحليلي تاريخي يهدف إلى تقديم الأفكار والمفاهيم والمذاهب الاصولية لحركات الإسلام السياسي في العالم العربي وتركيا وإيران مثل الشورى والحاكمية والجهاد، كذلك لم تتوقف هذه الدراسة عند ذلك الحد بل شملت حركات أخرى لا تتعلق بالعالم العربي ولكنها ذات تأثير في الأصولية الإسلامية وذلك لتمكننا من تشكيل صورة شاملة عن هذه الحركات وجذورها وزعمائها.

‏وفي إطار هذه الدراسة فقد نجح الكاتب في عرض العديد من الحركات الإسلامية سواء الموجودة في العالم العربي أو خارجه مع ذكر الزعماء والقادة لهذه الحركات، كما عمل على تحليل المداخل الفكرية لهم من خلال دراسة الخطابات الأيديولوجية والسياسية الحديثة والمعاصرة ودراسة المفاهيم المرتبطة بظهور الحركات الإسلامية مثل الجهاد والسلام والديمقراطية و الاعتدال و التعددية وغيرها من المفاهيم، كما نجح في عرض صورة شموليه لكل ما يخص الحركات الإسلامية من تكوين وزعامات وأدورها في الحياة السياسية سواء كانت مقاومة للاحتلال او ساعية للسلطة.

‏وعلى الرغم من النجاح الذي حققته هذه الدراسة على المستوى المعرفي إلى أن الكاتب يعاني من قصور بها منها توقف الدراسة عند عام 2004 وهو ما ظهر بعده العديد والعديد من الحركات الإسلامية، كذلك خروج الكاتب عن إطار الدراسة في ذكره حركات غير خاضعة للعالم العربي مما جعله اقل تركيزا على حركات الدراسة، كذلك تركيزه الشديد على الحركات الحديثة مقارنة بتاريخ الدراسة. إلا أن هذه الدراسة ستكون مفيدة في إطار معالجة الجزء الخاص بالحركات الإسلامية في دراستنا.[1]

(2) جمال كمال اسماعيل، الحركات الإسلامية المعاصرة في آسيا الوسطى، مركز الدراسات الإقليمية،2012.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (الحركات الإسلامية المعاصرة في آسيا الوسطى)، وقد انطلقت الدراسة من منهج تحليلي يوضح البيئة الجديدة التي خلفها انهيار الاتحاد السوفيتي والتي ساعدت علي ظهور صحوة إسلامية تجسدت في العديد من الحركات السياسية الدينية التي تسعى إلى تأسيس حكم إسلامي بالشريعة الإسلامية سواء بالعمل السياسي أو الكفاح المسلح، كما تطرقت الدراسة إلى طرح حالات للدراسة في شعوب آسيا الوسطى وتنامي الحركات الإسلامية في المنطقة والتي كان أبرزها طاجيكستان واوزبكستان.

في إطار هذه الدراسة نجح الباحث في عرض الأحزاب الدينية السياسية التي شقت طريقها نحو تأسيس حكم إسلامي في آسيا الوسطى وأن ارتباط هذه الأحزاب يعود إلى السمة المشتركة بينهم في الكفاح واستخدام القوة لتحقيق الاهداف، وقد عرض مثال لحزب حركة النهضة في طاجكستان الذي نجح في فرض اردارته على الحكم.

كذلك نجح الباحث في عرض مواجهة دول آسيا الوسطى لهذه الحركات وكيف اختلفت عن بعضها ففي ‏طاجكستان نتج عن الحركة حرب أهلية لمدة خمس سنوات أما في أوزبكستان وقرغيزستان كانوا أكثر قوة في صد زحف الإسلاميين وذلك بسبب التحالفات الإقليمية من روسيا والصين التي شعرت بالتهديد التي تمارسه هذه الحركات الإسلامية بجانبها.

‏على الرغم من نجاح الباحث في عرض هذه الدراسة إلا أنه عاني من بعض القصور منها وقوف الدراسة عند حد معين 2012، كذلك بداية دراسة الحركات الإسلامية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي رغم وجود الحركات الإسلامية قبل ذلك بفترة كبيرة، بالإضافة إلى استخدام عدد محدود من دراسات الحالة. وعلى الرغم من ذلك إلا أن هذه الدراسة ستكون مفيدة في معالجة الجزء الخاص بالحركات الإسلامية في هذه الدراسة.[2]

(3) رفعت سيد أحمد، الحركات الإسلامية في مصر وإيران، دار سينا، 1989.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (الحركات الإسلامية في مصر وإيران)، وقد انطلقت هذه الدراسة من عدة مناهج بحثية لدراسة الظواهر السياسية مثل قضية الأحياء الإسلامي، لذلك استخدم الباحث المنهج التاريخي لدراسة التجارب السابقة في فهم الدراسة بالإضافة إلى منهج دراسة الحالة الذي يهتم فيه بدراسة حالة واحدة بالإستفاضه من أجل الوصول إلى أعمق وصف وتحليل وفهم للقضية وقد طبق ذلك على حركة الأحياء الإسلامي في مصر وفي إيران، كما استخدم المنهج المقارن لتأكيد نتائج الدراسة وعمل مقارنة بين الأمثلة المختلفة في مصر وإيران.

في إطار هذه الدراسة نجح الباحث في الوصول إلى عدة نتائج منها الأحياء الإسلامي عن طريق العودة للأصول الإسلامية النقية من القرآن والسنة و تغيير النظم الاجتماعية والسياسية بما يتفق مع هذا الهدف، بالإضافة إلى إحياء مجموعة من القضايا الهامة مثل علاقة الدين بالدولة وعلاقة العروبة بالإسلام و الأقليات والمعاصرة والجهاد، كذلك نجح في توضيح أهم نقاط الخلاف بين النموذجين المصري والإيراني وكذلك نقاط التشابه بينهم.

على الرغم من النجاح الذي حققه الباحث من خلال عرض هذه الدراسة إلا أنه عاني من عدة قصور كان في مقدمتها انتهاء الدراسة وتوقفها عند عام 1989، كذلك تركيزه على الحركات في كل من مصر وإيران على الرغم من وجود العديد من الحركات الإسلامية في الوطن العربي بحاجة إلى عرض ودراسة. وعلى الرغم من ذلك إلا أن هذه الدراسة ستكون مفيدة في معالجة الجزء الخاص بالحركات الإسلامية في دراستنا.[3]

(4) جمال سند السويدي وآخرون، (حركات الاسلام السياسي والسلطة في العالم العربي: الصعود والأفول)، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2014.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (حركات الإسلام السياسي والسلطة في العالم العربي: الصعود والأفول)، وقد انطلقت هذه الدراسة من المنهج الوصفي والتحليلي الذي يحاول وصف الأوضاع كما هي موجودة على أرض الواقع وإظهار حجمها وسماتها وقد ظهر ذلك من خلال محاولة الكاتب توضيح صعود الحركات الإسلامية السياسية في العالم العربي وسعيها للوصول إلى السلطة مستغلة ثورات الربيع العربي رغم أنها لا تمتلك الخبرة في ممارسة الحكم والإدارة وذلك مع دراسة حالة الإخوان المسلمين في مصر وأسباب فشلهم في السلطة.

يمكن القول أن الباحث من خلال عرض هذه الدراسة قد توصل إلى عدة نتائج أهمها أن الربيع العربي قد قوض فكر التنظيمات الارهابية بأن التغيير يأتي عن طريق العنف وقد اكد على ان النضال السياسي اجدى من حمل السلاح لتحقيق اهداف ‏سياسية، كذلك لا يمكن تعميم تجربة حكم الإسلاميين في جميع الدول العربية حيث كانت تختلف التجربة في دولة عن الأخرى حسب علاقة هولاء الإسلاميين مع الأنظمة السياسية القائمة قبل إنهيارها ومثال ذلك التفهم السياسي الذي أبدته جماعة الإخوان المسلمين في مصر كان اقل بمراحل من الحدة العلمانية التي ابداها حزب حركة النهضة في تونس بالإضافة إلى غيرها من النتائج.

على الرغم من نجاح الكاتب في عرض هذه الدراسة واختيار المناهج المناسبة وحالات الدراسة إلا أنه عانى من عدة قصور أهمها دراسة الحركات الإسلامية منذ انتفاضات الربيع العربي رغم أنها كانت متواجدة قبل ذلك بكثير، بالإضافة إلى توقف زمن الدراسة عند عام 2014 وهو ما فقد العديد من الحركات التي ظهرت بعد ذلك العام ولم يتم التطرق إليها. ورغم ذلك إلا أن هذه الدراسة ستكون مفيدة في معالجة الجزء الخاص بالحركات الإسلامية في دراستنا.[4]

(5) charas Madu and others, Islamic movement, struggles for power and governce, Global journal political science and administration, vol.2, no.1, pp.55-63, March 2014.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (الحركات الإسلامية والمناضلة من أجل السلطة والحكم)، وقد انطلقت هذه الدراسة من منهج تحليلي وتاريخي حاول من خلالهم الباحث عرض الحركات الإسلامية منذ أصولها التاريخية منذ ظهور الإسلام وتحليل كافة الأفكار التي كانت تتبناها هذه الحركات ‏من أجل الوصول للسلطة، وأن الإسلام كدين ونظام اجتماعي يسعى إلى تأسيس دولة وحكمها وفقاً لمبادئ القرآن والسنة وتنفيذ الشريعة الإسلامية، كما وضح ان تاريخ سعي الحركات الإسلامية يعود إلى زمن مهاجرة النبي (ص) وأصحابه من مكة إلى المدينة المنورة لتأسيس قاعدة سياسية وفقاً للإرادة الإلهية.

وفي هذا الإطار فقد نجح الباحث في إثبات ان الحركات الإسلامية منذ ظهور الإسلام وحتى عام 2014 كانت تسعى دائما إلى الوصول للسلطة والحكم سواء كانت عن طريق الكفاح المسلح او بالانتخابات، وكيف تواجه التحديات بعد نجاح وصولها للحكم مع التركيز على حالة جمهورية إيران وافغانستان، كذلك نجح في ابراز الدور الذي يلعبه الغرب للقضاء على الهوية الإسلامية إلا أن المسلمين منذ انهيار الخلافة العثمانية يحاولون استعادة الهوية المفقودة التي استهلكتها العولمة.

يمكن القول بأن الباحث نجح في عرض هذه الدراسة بشكل تحليلي وتاريخي منظم إلى أنه عانى من بعض القصور منها محاولة ربط ما يحدث من الحركات الإسلامية اليوم وسعيهم للسلطة بما كان يحدث في بداية ظهور الإسلام عند تأسيس الحكم في المدينة المنورة دون اي مراعاة لظروف تغير الزمن والعوامل، كذلك توقف الدراسة عند عام 2014 وحاجتها لمواكبة العصر. وعلى الرغم من ذلك يمكن أن تكون الدراسة مفيدة في معالجة الجزء الخاص بالحركات الإسلامية لعرض دراستنا.[5]

ثانياً: الدراسات المتعلقة بالمتغير التابع (السياسة الخارجية التركية):

(1) نهرين جواد شرقي، مرتكزات السياسة الخارجية التركية بعد انتهاء الحرب الباردة، مجلة العلوم السياسية.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (مرتكزات السياسة الخارجية التركية بعد انتهاء الحرب الباردة)، وقد انطلقت هذه الدراسة من منهج تحليلي ومقارن يحاول توضيح التحول الذي طرأ على السياسة الخارجية التركية بعد الحرب الباردة وإلى أي مدى يختلف عن فترة ما قبل الحرب. حيث كانت تركيا قبل الحرب تهدف إلى الحفاظ على استقلالها ودرء خطر الاتحاد السوفيتي وتعزيز العلاقات مع الناتو ونزاعها مع اليونان وقبرص، ‏لكن بعد الحرب الباردة بدأت تتجه نحو الشرق الاوسط وتسعى لتحسين علاقاتها مع الجوار وظهر ذلك مع وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة في 2002 وقيامه بنهضة اقتصادية ودور اقليمي كبير.

‏نجح الباحث من خلال هذه الدراسة أن يؤكد انه بانتهاء الحرب الباردة كان هناك ما يسمى بفراغ السلطة في منطقة البلقان والشرق الاوسط مما خلق فرص وتهديدات جديدة لتركيا وكان سبباً في التحول الخطير في السياسة الخارجية التركية من الموقف الدفاع النشط إلى موقف أكثر حزماً وظهور تركيا في القضايا الإقليمية. كذلك وضح نجاح حزب العدالة والتنمية في إعادة صياغة مرتكزات السياسة الخارجية التركية وإعادة رسم وتقييم علاقات الدولة بالولايات المتحدة وإسرائيل ودول الغرب وآسيا الوسطى.

على الرغم من نجاح الباحث في عرض هذه الدراسة والمقرنة التحليلية بين مرتكزات السياسة الخارجية التركية قبل وبعد الحرب الباردة إلا أنه عاني من عدة قصور أهمها توقف زمن الدراسة عند عام 2018 وعدم مواكبته للأحداث التركية ‏الخارجية الحالية، وكذلك فقدان الدراسة إلى التقسيم المنطقي في التحليل. وعلى الرغم من ذلك إلا أن هذه الدراسة ستكون مفيدة في معالجة الجزء الخاص بتغير السياسة الخارجية التركية في دراستنا.[6]

(2) لقرع بن علي، السياسة الخارجية التركية والثورات العربية: المراجعات- المخرجات- الادوار، مجلة العلوم السياسية والقانون، ع8، م2، جامعة عبدالحميد بن باديس، 2018.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (السياسة الخارجية التركية والثورات العربية)، وقد انطلقت هذه الدراسة من منهج تحليلي لمحاولات فهم وتحليل انعكاسات الثورات العربية على توجهات السياسة الخارجية، وكذلك منهج مقارن يحاول توضيح التحول الذي طرأ على السياسة الخارجية التركية بعد الثورات العربية وإلى أي مدى تختلف عن التوجهات الخارجية قبل اندلاع الثورات. مع محاولة توضيح المبررات التي تسببت في هذا التحول وعلاقة تركيا بأزمات الشرق الاوسط.

‏نجح الباحث من خلال هذه الدراسة في التأكيد على أن الزلزال السياسي الذي أحدثته الثورات العربية والتي انتشرت من بلد إلى آخر كانت سبباً في قيام حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا بإحداث تغييرات في استراتيجيتها ورؤيتها لمنطقة الشرق الاوسط وأصبحت تركيا أكثر تدخلاً في الشأن العربي، كما ظهرت تركيا في عدد من الأدوار في الشرق الاوسط سواء بالوساطة بين القوى المتصارعة أو بالموازنة بين الأطراف المتنافسة إلى جانب سعيها لتكون قوة إقليمية مؤثرة في المنطقة.

على الرغم من نجاح الباحث في عرض هذه الدراسة وتوضيح التحول في السياسة الخارجية التركية فيما بعد ثورات الربيع العربي إلا أنه عاني من عدة قصور أهمها تركيزه الشديد على السياسة الخارجية في ما بعد الثورات مقارنة بما قبلها، بالإضافة إلى توقف الدراسة عند عام 2018 وعدم استمرارها لمواكبة الأحداث الجارية ودور الإقليمي التركي الحالي. وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الدراسة ستكون مفيدة في معالجة الجزء الخاص بتغير السياسة الخارجية التركية في دراستنا.[7]

(3) وصفي عيد، السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الاوسط، المجلة الاردنية في القانون والعلوم السياسية، م7، ع2، مارس 2015.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الاوسط)، وقد انطلقت هذه الدراسة من منهج صنع القرار الذي يقوم على جمع المعلومات ووضع البدائل وتحليلها واختيار البديل الأمثل، فهنا حاول الباحث استخدام عملية صنع القرار في تركيا لمعرفة مدى التحول الذي طرأ عليها منذ انهيار المنظومة الاشتراكية والذي ادى بطبيعة الحال إلى تغير في السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط والذي ظهر في محاولة حصولها على المكانة الإقليمية التي تتناسب مع قدراتها.

نجح الباحث من خلال عرضه لهذه الدراسة ان يؤكد على ان الدور الإقليمي الذي تسعى تركيا للحصول عليه تشكل نتيجة للعلاقة بين الجغرافيا السياسية وتاريخها السياسي والتكوين الديموغرافي والإمكانيات الاقتصادية وإرتباط ذلك بطموحات حزب العدالة والتنمية، إلا أن هذه الطموحات قد انهارت مع الثورات العربية 2011 ومناهضة بعض ‏الدول العربية لحركات الإسلام السياسي مما جعل تركيا غير قادرة على القيام بأدوار واسعة تجاه المنطقة.

على الرغم من نجاح الباحث في عرض هذه الدراسة وتحليل اهداف تركيا اتجاه الشرق الأوسط إلا أنه عاني من عدة قصور أهمها بداية الدراسة ومن عام 2004 وهو ما كان متأخرا عن عام وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة والذي تبنى عملية التحول الجديد في السياسة الخارجية، كذلك توقف الدراسة عند عام 2015 وعدم مواكبتها التطورات الحالية للسياسة الخارجية التركية. وعلى الرغم من ذلك فإنه يمكن الاستفادة من هذه الدراسة في معالجة الجزء الخاص بتغير السياسة الخارجية التركية في دراستنا.[8]

(4) عمارة دليلة، محددات السياسة الخارجية التركية وأهميتها في تقرير الدور التركي اقليمياً ودولياً، مجلة البحوث السياسية والادارية، جامعة الجلفة، الجزائر، 2019.

‏هناك دراسة تطرقت لموضوع (محددات السياسة الخارجية التركية وأهميتها في تقرير الدور التركي إقليمياً ودولياً)، وقد انطلقت هذه الدراسة من عدة مناهج منها المنهج الوصفي حتى يقوم الباحث بوصف هذا الموضوع كما هو في الواقع بشكل دقيق وإظهار خصائصه وحجمها وقد ظهر ذلك في تحديد جملة محددات السياسة الخارجية التركية وقدرة تأثيرها على صنع السياسة الخارجية، بالإضافة إلى المنهج التاريخي والذي ظهر في دراسة الخبرة التاريخية للسياسة الخارجية التركية وجوانب التغير والثبات فيها، كذلك منهج دراسة الحالة الذي وظفه الكاتب لإبراز طريق تركيا للرجوع بقوة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وقد نجح الباحث من خلال عرض هذه الدراسة في التأكيد على دور التركي الإقليمي وأن تركيا لابد أن تستعيد مكانتها الإقليمية نتيجة للديمقراطية والسلام المرتبطين بنموذجها السياسي، وأهدافها في استغلال الطاقة في الموقع الجغرافي، ‏وتحقيق السلام والأمن الإقليمي لها، وقد ظهر ذلك الاتجاه للصعود الإقليمي منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا.

وعلى الرغم من نجاح الباحث في عرض هذه الدراسة ‏الا انه عانى من عدة قصور أهمها توقف زمن الدراسة وعند عام 2019 وعدم مواكبتها للتطورات التي طرأت على السياسة الخارجية التركية، كذلك فقدان الباحث إلى التغير الذي حدث للعناصر الأخرى للسياسة الخارجية والتركيز فقط على عنصر المحددات، وعلى الرغم من ذلك إلا أن هذه الدراسة ستكون مفيدة في معالجة الجزء الخاص بتغير السياسة الخارجية التركية في دراستنا.[9]

(5) Meliha Benli Altunisik, The new turn in Turkish foreign policy in The Middie East: Regional and domestic insecurities, intituto Affari internazionali, July, 2020.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (التحول الجديد في السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الاوسط)، وقد انطلقت هذه الدراسة من منهج تحليلي لدراسة الطبيعة المتغيرة لمشاركة تركيا في الشرق الاوسط، وقد بدأ ذلك منذ الانتفاضات العربية منذ 2011 وزاد في عام 2016 حتى عام 2020 عندما بدأت تركيا في تحديد التهديدات وإظهار ميلها لاستخدام القوة العسكرية للتعامل معها حتى تصبح جزء من الاستقطاب الإقليمي، حيث أصبحت السياسة الخارجية التركية الجديدة هي الوسيلة المفضلة لحماية المصالح التركية في الشرق الاوسط والحفاظ على امن النظام والتحالفات في الداخل.

نجح الباحث خلال هذه الدراسة في تحليل التحول في السياسة الخارجية التركية على مستوى الخطابات والممارسة سواء في السياق الإقليمي أو المحلي، كما وضح العمليات العسكرية التي تتم في شمال سوريا والبحر المتوسط بالإضافة إلى علاقات تركيا مع شركائها العرب خاصة قطر والإخوان المسلمين، كما وضح الأيديولوجية الجديدة من خلال سياساتها مع مصر والسعودية واسرائيل، وكذلك قدرتها على فصل مجالات التعاون عن الخلاف مع إيران مما يجنبها المواجهة مباشرة معها. كما اكد على انخفاض أهمية الاتحاد الأوروبي بالنسبة لتركيا وكيف بدأت تأخذ خطوات أكثر نحو الشرق الاوسط.

وعلى الرغم من نجاح الباحث في عرض وتحليل هذه الدراسة إلا أنه عاني من عدة قصور منها بداية عرض الدراسة منذ 2011 واعتماده على الانتفاضات العربية في تحول السياسة الخارجية التركية واغفاله عوامل أخرى سابقة لها مثل وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة في 2002، وكذلك يعاب على الباحث توقف الدراسة عند عام 2020 وفقدانها للتغيرات التي تطرأ على السياسة الخارجية التركية الآن. ورغم تلك القصور فإن هذه الدراسة ستكون مفيدة في معالجة الجزء الخاص بتغير السياسة الخارجية التركية في عرض دراستنا.[10]

ثالثاً: الدراسات المتعلقة بالمتغيرين معاً (الحركات الاسلامية وتأثيرها على السياسة الخارجية التركية. دراسة حالة: حزب العدالة والتنمية):

(1) محي الدين اتامان، إعادة هيكلة السياسة الخارجية التركية خلال حكم حزب العدالة والتنمية، مجلة رؤية  تركية، ربيع2018.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (إعادة هيكلة السياسة الخارجية التركية خلال حكم حزب العدالة والتنمية)، وقد انطلقت هذه الدراسة من منهج تحليلي يهدف إلى توضيح العوامل الرئيسية التي شكلت توجهات السياسة الخارجية التركية في فترة حكم حزب العدالة والتنمية وكيف استطاع الحزب تغيير السياق الإقليمي للدولة وإعادة تشكيل السياسة الخارجية على المستوى المحلي والإقليمي.

نجح الكاتب في هذه الدراسة بأن يوضح كيف نجحت القيادة السياسية (رجب أردوغان) أن يحدد هوية الدولة وأن يتبنى سياسة خارجية قائمة على التنمية، بالإضافة إلى أنه وضح كيف كانت تركيا ناجحة في معارضة النظام العالمي حيث كانت اكثر من انتقد الولايات المتحدة مما أدى إلى تزايد المسافات بينها وبين الدول الغربية و تخليها عن عضوية الاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن تكون تركيا أكثر فاعلية في النظام الدولي الجديد، وأن سياساتها الخارجية الجديدة ستجعل منها قوة إقليمية مؤثرة في النظام العالمي.

على الرغم من محاولة الكاتب تحليل إعادة ‏الهيكلة والتحول الذي حدث في السياسة الخارجية التركية منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة إلا أنه عاني من عدة قصور أهمها تركيزه على السياسة الخارجية للدولة التركية تجاه الدول الغربية مقارنة بالشرق الاوسط الذي يمثل تحديات اكبر للدولة التركية، كذلك توقف الدراسة عند عام 2018 وعدم مواكبتها للتطورات التي تطرأ على هيكل السياسة الخارجية التركية في الفترات الحالية. وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الدراسة ستكون مفيدة عند معالجة الجزء الخاص بدور حزب العدالة والتنمية في تغيير السياسة الخارجية التركية في دراستنا.[11]

(2) رواء جاسم السعدي، الإسلام السياسي: حزب العدالة والتنمية في تركيا ودوره في التغير السياسي، جامعة الشرق الاوسط، عمان، 2010.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (الإسلام السياسي: حزب العدالة والتنمية في تركيا ودوره في التغيير السياسي)، وقد انطلقت هذه الدراسة من المنهج التحليلي والوصفي والذي وضح من خلاله الكاتب عملية مقارنة بين حزب العدالة والتنمية وبين الأحزاب التركية الأخرى مثل حزب الرفاه وحزب الفضيلة و الحزب الديمقراطي، وذلك من أجل توضيح الدور السياسي الذي يلعبه حزب العدالة والتنمية في الدولة التركية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.

نجح الكاتب من خلال عرضه لهذه الدراسة أن يتوصل إلى عدة نتائج منها نجاح الحزب بكل ما ذهب إليه يعود إلى التجربة الشخصية لقادته ‏وإن مبادئه المستمدة من الإسلام هي من سهلت طريقه للإصلاح الحكومي وقدرته على إدخال تغيير جذري على العديد من المجالات، كذلك وضح كيف نجح الحزب في تعزيز علاقات تركيا الخارجية مع العديد من الدول وعلى رأسها العراق وسوريا في مختلف المجالات سواء الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية.

يمكن القول بأن الباحث استطاع في هذه الدراسة أن يختار المنهج المناسب وقام بتقسيم الدراسة بالشكل المطلوب بداية من تأثير الحزب على الاوضاع داخليا وصولاً للتأثير الخارجي، لكن يعاب على هذه الدراسة فقط توقف عملها عند عام 2010 وهي ما يتطلب تكملتها نظرا لما طرأ على السياسة الخارجية التركية منذ ذلك الحين. وعلى الرغم من ذلك يمكن القول بأن هذه الدراسة ستكون مفيدة في معالجة الجزء الخاص بدور حزب العدالة والتنمية في إعادة هيكلة  السياسة الخارجية التركية في دراستنا.[12]

(3) مراد هاشم، أحزاب الإسلام السياسي وصنع السياسة الخارجية بين منظوري الأمة والدولة: حزب العدالة والتنمية نموذجا، جامعة ‏الجزائر، 2020.

‏هناك دراسة تطرقت لموضوع (احزاب الإسلام السياسي وصنع السياسة الخارجية)، وقد انطلقت الدراسة من المنهج الوصفي والمقارن ومدخل السياسة العامة الخارجية وعلاقة الدولة بالمجتمع والذي يهدف الباحث من خلالهم إلى دراسة توجهات أحزاب الإسلام السياسي ودورهم في صنع وإعادة هيكلة السياسة الخارجية للدولة وهو ما عبر عنه الكاتب بحالة دراسة حزب العدالة والتنمية التركي وكيف صنع السياسة الخارجية التركية منذ وصوله للحكم في عام 2002.

من خلال عرض الكاتب لهذه الدراسة يمكن توضيح النتائج التي توصل إليها ومن أهمها أن مستوى التنظيم الدولي لا يسمح للحركات الإسلامية بتطوير مفهوم الأمة التاريخي إلى كيان إجرائي في الواقع ولا يسمح للإسلاميين بصنع السياسات الخارجية للدول، لكن يمكن القول بأن تجربة حزب العدالة والتنمية نجحت في إعادة الدولة التركية للتقرب من الشرق الأوسط على أنه عمقها التاريخي والديني وتجاوز العلمانية الغربية المصطنعة، بالإضافة إلى أن الحزب نجح في فرض تركيا كدولة مركزية في المجال الإسلامي.

‏يمكن القول بأن الباحث قد نجح في عرض هذه الدراسة وحلها من خلالها دور الأحزاب الإسلامية في صنع السياسة الخارجية للدولة لكن تعرض الباحث إلى عدة قصور منها توقف الدراسة عند عام 2020 وعدم مواكبتها للتحولات الحالية للسياسة الخارجية التركية، بالإضافة إلى تركيز الباحث على السياسة التركية تجاه دول بعينها وليس بشكل عام أو على الأقل تجاه منطقة كاملة. وعلى الرغم من ذلك يمكن القول بأن هذه الدراسة ستكون مفيدة في معالجة الجزء الخاص بدور حزب العدالة والتنمية في تغير السياسة الخارجية التركية في دراستنا.[13]

(4) إيمان الفخراني، تمدد السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الاوسط، مركز رواق بغداد للسياسات العامة، 2012.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (تمدد السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الاوسط)، وقد انطلقت هذه الدراسة من منهج تحليلي ومقارن من أجل تحليل علاقة تركيا بالشرق الاوسط وتوضيح المبررات التي جعلت تركيا تضع كل المناطق التي كانت خاضعة للسيطرة العثمانية على أولوية أجندتها وذلك من خلال مقارنة طبيعة تلك العلاقات العربية التركية قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا وطبيعة نفس العلاقات بعد وصول ذلك الحزب للحكم وكيف نجح الحزب في توظيف مشكلات تركيا الداخلية في خدمة توسعاتها السياسية ‏الخارجية.

نجح الباحث من خلال هذه الدراسة أن يحدد ما هي رغبة تركيا من الشرق الاوسط وأنها أصبحت من كونها شريك تجاري وصديق يسعى إلى حل الأزمات إلى أكثر الدول افتعالاً للمشكلات في الشرق الاوسط وأصبحت أكثر عداوة للعرب بعد ثورات الربيع العربي والتي رأتها فرصة من أجل زيادة دورها العسكري في المنطقة حتى تستعيد الدور الإقليمي الذي كانت تلعبه الدولة العثمانية، ‏لكن مع حالة التمدد الحالية أصبحت تركيا في حالة إنكماش وعادت كونها صديق وشريك للشرق الاوسط.

وعلى الرغم من نجاح الباحث في عرض هذه الدراسة إلا أنه عانى من عدة قصور أهمها توقف زمن الدراسة عند عام 2020 وهو ما يجعلها تفتقد إلى مواكبة الدور الإقليمي الذي تلعبه تركيا في الآونة الاخيرة، كذلك فقدت الدراسة تحول السياسة الخارجية التركية مع عدة دول ذات أهمية كبرى في الشرق الاوسط منها مصر والسعودية وتركيزها الشديد على العلاقات الإفريقية، رغم ذلك فإن هذه الدراسة ستكون مفيدة في معالجة الجزء الخاص بدور الحركات الإسلامية في تغير السياسة الخارجية التركية في دراستنا.[14]

(5) Ali Demirdas, the turkish foreign policy under the AKP, university of south Carolina, 2015.

هناك دراسة تطرقت لموضوع (السياسة الخارجية التركية تحت حكم حزب العدالة والتنمية)، وقد انطلقت هذه الدراسة من منهج تحليلي يحاول توضيح شكل السياسة الخارجية التركية منذ وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة وكيف كانت هذه السياسة مقرونة بخلفية الحزب التاريخية الموالية للإسلام وهل كان لهذه الخلفية دور في تحول تركيا من سياساتها التقليدية مع الغرب إلى الشرق وسعيها لتكون قوة إقليمية ذات نفوذ في منطقة البحر المتوسط وهل ستكون هذه النقلة النوعية نموذجية أم لا. لذلك تقوم تلك الدراسة بمقارنة اهداف أدوات السياسة الخارجية في فترتي أوزال ونجم الدين أربكان مع حزب العدالة والتنمية لفهم هذا التحول في السياسة الخارجية التركية.

‏نجح الكاتب من خلال هذه الدراسة في التأكيد على ان تركيا حصلت على تحول أيديولوجي في سياساتها الخارجية منذ وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة وذلك باستبدالها النموذج الكمالي بالنموذج العثماني الجديد لتحقيق نقلة نوعية في تركيا. كما أكد أن السياسة الخارجية لأوزال واربكان كانت تعترف بالإسلام لكنهم اختلفوا في كيفية إدراكها لكن السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية كانت مزيج بين اوزال وأربكان واكثر شمولاً من ذلك.

‏يمكن القول بأن الباحث نجح في عرض وتحليل الدراسة ومن كامل جوانبها إلا أنه عاني من عدة قصور أهمها توقف الدراسة عند عام 2015 وعدم مواكبتها لدور حزب العدالة والتنمية في الفترة الحالية للسياسة الخارجية، بالإضافة إلى أنه ركز على مقارنة حزب العدالة والتنمية بفترات سابقة له دون التركيز على الدور الذي يقوم به في السياسة الخارجية بالقدر الكافي. وعلى الرغم من ذلك يمكن القول بأنه تلك الدراسة ستكون مفيدة في معالجة الجزء الخاص بدور حزب العدالة والتنمية في تغير السياسة الخارجية التركية في دراستنا.[15]

* الأهمية البحثية:

أولا: الأهمية العلمية:

تستمد هذه الدراسة أهميتها من كونها تهتم بتحليل العلاقة التفاعلية بين متغيرين يجمعان حقلين من حقول علم السياسة، يقع اولهما وهو (الحركات الإسلامية) في إطار النظام السياسية والثاني وهو (تأثر ‏السياسة الخارجية) إلى حقل العلاقات الدولية وبالتالي فالدراسة تأتي في مساحة التقاطع المشترك بين الحقلين أي أنها دراسة بينية. كما أن مفهوم التأثير في السياسة الخارجية الذي تطرحه الدراسة يعد من المفاهيم الحديثة نسبياً في تحليل السياسة الخارجية، كذلك نظرا لقلة الدراسات السابقة في هذا الموضوع يمكن أن تكون هذه الدراسة اجتهاداً متواضعاً في مجال تطبيق جزء من المقولات النظرية لمفهوم التأثير في السياسة الخارجية على دراسة الحالة التركية فيما يتعلق بدور الحركات الإسلامية.

 ثانيا: الأهمية العملية:

أ/ يركز موضوع الدراسة على واحد من اكثر الموضوعات أهمية ليس فقط بالنسبة لتركيا وإنما أيضا للدول العربية والأوروبية التي توجد بداخل نظامها حركات إسلامية او دينية.

ب/ فضلا على ذلك بروز دور الحركات الإسلامية في العديد من الدول مثل حزب العدالة والتنمية الذي وصل إلى سلطة تركيا في عام 2002 وبدأ يسعى إلى تحقيق أهداف داخلية وثقل اقليمي.

ج/ ‏يعد دور الحركات الإسلامية واحد من العوامل المؤثرة في السياسة الخارجية للدولة وقد ظهر ذلك في حزب الحرية والعدالة في مصر في عام 2012، وحركة النهضة في تونس في 2011، وغيرها. بالتالي فإن تناول هذا الموضوع في الدراسة والتحليل يعد أمر ذا قيمة وقد يكون عوناً لصانع القرار في تلك الدول.

* متغيرات الدراسة:

1- المتغير المستقل:  دور الحركات الإسلامية.

2-  المتغير التابع: السياسة الخارجية التركية.

* فرضية الدراسة:

تفترض الدراسة أن التحول الذي طرأ على السياسة الخارجية التركية نتج عن صعود حركات الإسلام السياسي داخل الدولة وسعيها للوصول إلى السلطة، وتمثل ذلك في حزب العدالة والتنمية وقدرته على الوصول للحكم في 2002 وقدرته على التغيير السياسي اكثر من أي حزب آخر من الأحزاب العلمانية نتيجة مرونته في طرح الأفكار السياسية التي لم تصتدم او تتعارض مع العلمانية.

* ‏الفروض الفرعية:

– هناك علاقة عكسية بين اهداف حزب العدالة والتنمية في تركيا وشكل السياسة الخارجية التركية تجاه الغرب والولايات المتحدة.

– هناك علاقة ارتباطية بين أفكار حزب العدالة والتنمية وبين توجه السياسة الخارجية التركية للشرق الاوسط منذ وصول للحكم في 2002.

– كلما زاد صعود الحركات الإسلامية في تركيا، كلما زادت التحولات والتوجهات في السياسة الخارجية التركية.

– هناك علاقة ارتباطية بين رؤى الحركات الإسلامية ورغبة تركيا في استعادة دورها الإقليمي ووزنها الدولي.

* الاطار المكاني:

بما ان الدراسة ترتبط بالسياسة الخارجية التركية في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية فإن الاطار المكاني يصبح مشتمل لجميع المناطق ذات التأثير والتأثر بالسياسة الخارجية التركية ومنها المنطقة العربية والشرق الأوسط، والاتحاد الاوروبي، وايران، وإسرائيل، بالاضافة الى القوى العظمى مثل الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية.

* الاطار الزماني:

بما ان الدراسة مرتبطة بإعادة احياء الدولة العثمانية والتوجهات الجديدة في السياسة الخارجية التي وضع نظريتها احمد داوود اوغلو، اذن ترتبط الدراسة منذ فترة تولي حزب العدالة والتنمية سدة الحكم في تركيا 2002 وتنتهي الدراسة بعام 2022 وهو عام اتمام هذه الدراسة دون اهمال الافاق المستقبلية والسيناريوهات المحتملة للتطور في السياسة الخارجية التركية في ظل استمرار حزب العدالة والتنمية.

* المنهج:

ان طبيعة هذه الدراسة تجعلنا نتجه نحو استخدام مناهج علمية معينة تساهم في قدرتنا على التحليل والتفسير ومن المناهج التي تمت استخدامها المنهج التاريخي وذلك من اجل سرد الوقائع التاريخية ليس فقط لمجرد الوصف ولكن للاستفادة منها في الجانب التحليلي من الدراسة، حيث تم استخدام المنهج في سرد تطور السياسة الخارجية التركية على مدى عقدين من الزمن من اجل معرفة مدى التطور واختلاف التوجهات التركية تجاه الدول الاخرى على حسب الاوضاع الاقليمية والسياسات التي تضرب البلاد المجاورة لها.

كما تم استخدام منهج دراسة الحالة وذلك من اجل التركيز على عهد حكم حزب العدالة والتنمية التركي وذلك لما ارتبط بهذا الحزب من التوجهات والطابع الديني الاسلامي ورغبة ذلك الحزب في اعادة امجاد الدولة العثمانية مرة اخرى وتعزيز المكانة الاقليمية للدولة.

* ‏الأسئلة البحثية:

1/ ما أثر دور الحركات الإسلامية على ثوابت السياسة الخارجية التركية؟

2/ ما ‏ ‏أثر دور الحركات الإسلامية على محددات السياسة الخارجية التركية؟

3/ ما أثر دور الحركات الإسلامية على مؤسسات صنع السياسة الخارجية التركية؟

4/ ما أثر دور الحركات الإسلامية على توجهات السياسة الخارجية التركية؟

5/ ما أثر دور الحركات الإسلامية على ادوات السياسة الخارجية التركية؟

6/ ما أثر دور الحركات الإسلامية على مستقبل السياسة الخارجية التركية؟

* الإطار المفاهيمي:

   أولا: الحركات الإسلامية:

اختلاف الباحثين في إطلاق مصطلح على صعود ‏الإسلاميين فمنهم من أطلق مصطلح الحركات الإسلامية وآخرون يفضلون مصطلح الاصولية ويذهب اخرون إلى مصطلح الإسلاموية، وقد اختلفوا أيضا في وضع تعريف موحد لها فمنهم من عرف تلك الحركات بأنها تلك الجماعات التي تنشط على الساحة السياسية وتنادي بتطبيق قيم الإسلام وشرائعه في الحياة العامة حتى وإن كان ذلك سيتعارض مع الحكومات أو الحركات السياسية والاجتماعية الأخرى التي ترى أنها قد قصرت في الامتثال إلى تعاليم الإسلام أو خالفتها. وهذا المصطلح لا يطلق إلا على الحركات المعارضة للأنظمة السياسية القائمة في الدول العربية أو حتى اخذت بعداً دوليا مثل تنظيم القاعدة.[16]

‏وذهب البعض الآخر إلى أنها تلك الجماعات التي تشترك معا في اعتبار احد جوانب الإسلام أو تفسيراته الإطار الفكري والمرجعي لها سواء كان ذلك يتعلق بوجودها أو أهدافها ومصالحها، وهي جماعات تنشط في دول ومجتمعات ومجالات مختلفة وتعمل على تطبيق الإسلام بالمنطق والصورة التي تراها.

وبالتالي هناك مجموعة من المعايير التي تستند إليها تصنيفات هذه الحركات منها الجانب الفكري والأصول الاجتماعية و التصورات السياسية وأساليب الحركة إلا أن الجانب الفكري هو المعيار الأساسي الذي يتم تميز كل حركة عن الأخرى به، وذلك حيث تختلف كل جماعة عن الأخرى في تفسيرها لبعض القواعد والأصول الإسلامية، فبعض الجماعات تسعى لتطبيق نص ديني مقدس دون اجتهاد أو تعديل عليه وجماعات آخرى ترى انه مجرد مرجعية يمكنها اللجوء اليه.

‏ويظهر الاختلاف في الجانب الفكري بين تلك الجماعات بدءاً من اسمائها ومرورا بمصطلحاتها ورموزها وأشكالها التنظيمية وانتهاءاً باستراتيجيتها واساليبها الحركية، ووفقاً لهذه المعايير تذهب جهة إلى الترويج لهذه الحركات على أنها (متطرفة او ارهابية أو متشدده)، في حين تذهب الجهة الأخرى إلى أنها  (ثورية او إصلاحية أو معتدلة).[17]

   ثانياً: السياسة الخارجية:

1/ التعريف اللغوي:

يمكن القول بأن الباحثين قد اختلفوا في وضع تعريف واضح ومحددة لسياسة الخارجية لذلك يمكن عرض مجموعة من التعريفات التي وضعها الباحثين:

– هي مجموعة الأفعال والنوايا والإجراءات التي تدفع بالدولة وتتخذ في علاقاتها مع الدول الأخرى بهدف تحقيق مصالحها المختلفة لتحقيق المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى ومن ثم تحقيق الاهداف الأخرى بالاعتماد على الأساليب الاستراتيجيات والخطط التي اعدتها الدولة.

– كما تعرف أيضا بأنها نشاط الدولة في علاقاتها مع غيرها من الدول.[18]

– كذلك هي مجموعة النوايا التي تدفع بالدول إلى نمط معين من السلوك أو مجموعة الخطط أو القرارات أو الغايات التي ترنو الدول إلى إنجازها والأساليب والاستراتيجيات التي تعتمدها الدولة من أجل هذا الغرض أو النشاط السياسي الخارجي لصانع القرار لتغيير البيئة الخارجية أو السياسة التي تنطلق بها الدولة حيال غيرها او افعال حكومة إحدى الدول في علاقاتها مع حكومات الدول الأخرى.[19]

2/ التعريف الإجرائي:

– من الناحية السياسية: هي الاتجاهات التي يتبناها صانعي القرار في الدولة في علاقاتها التبادلية بحيث تشكل انطباع سلوكي وظيفي تجاه الدول الأخرى.

– من الناحية الاقتصادية: استغلال مقدرات الدولة في مجال الاعتماد المتبادل والتجارة العالمية لكسب الاستثمارات مما يعذر الموارد الاقتصادية للدولة.

– من الناحية العسكرية والأمنية: هي التعاون مع الدول الصديقة والحليفة لتشكيل قوة للمحافظة على الأمن والسلام في المنطقة ومحاربة الإرهاب ودول المارقة واحقاق العدالة والسلام والأمن والاستقرار في المنطقة.[20]

الفصل الأول

  • المبحث الاول (تأثير الحركات الاسلامية على مبادئ السياسة الخارجية التركية)
  • المبحث الثاني (تأثير الحركات الاسلامية على محددات السياسة الخارجية التركية)
  • المبحث الأول (تأثير الحركات الاسلامية على مبادئ السياسة الخارجية التركية)

ان وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة التركية في عام 2002 كان بمثابة نقطة تحول كبيرة في السياسة الخارجية التركية ليس فقط على مستوى التوجهات بل أيضا على مستوى الرؤية التي يحملها الحزب من أجل استعادة تركيا للوضع العثماني من جديد وصنع دور جديد إقليمي ودولي للدولة بالاعتماد على نظرية وزير خارجيتها السابق (أحمد داوود اوغلو) وهي العمق الاستراتيجي التي كانت تعتمد على الموقع المركزي الاستراتيجي لتركيا والإرث التاريخي العثماني حيث كان توجه هذه النظرية نحو التصالح التركي مع ‏الإرث الإسلامي داخليا وخارجيا.[21]

ومن خلال هذه النظرية فقد انطلقت تركيا من عدة مبادئ وأسس رئيسية متمثلة في:

أولا: مبدأ التوازن بين الأمن والديمقراطية:

وفقاً لهذا المبدأ فإن السياسة الخارجية التركية مرتبطة بالسياسة الداخلية بعلاقات وروابط قويه، حيث ان هذا المبدأ يساعد الدول على التأثير في محيطها وبالتالي كان حزب العدالة والتنمية يرى ضرورة تحقيق التوازن بين الأمن والديمقراطية وذلك لأن فقدان هذا التوازن بينهم سوف يؤدي إلى فقدان الدولة إلى أي فرصة تساعدها على إقامة منطقة النفوذ في محيطها، بالإضافة إلى أن فقدان الأمن هو من يضفي الشرعية ‏على النظام الحاكم لكن هذا الامن لا يكون على حساب الحقوق والحريات الخاصة بالمواطنين داخل الدولة، وذلك لأن الدول التي تحقق الأمن على حساب الحقوق والحريات المدنية تتحول مع الوقت إلى نظم سلطوية.[22]

وقد ظهر التأكيد على هذا المبدأ من خلال خطابات وزير الخارجية التركي (داوود أوغلو) عندما قال:

” سعياً وراء أهدافنا العالمية، سنسعى للاستماع إلى الوعي والادراك المشترك للإنسانية، وان نصبح مدافعين راسخينعن القيم العالمية. سنربطها بالمحليات والقيم والدعوة. على وجه الخصوص، حقوق الانسان وومعايير مثل الديمقراطية والحكم الرشيد والشفافية وسيادة القانون. سنقدم مساعدتنا للأشخاص الذين ينتفضون للمطالبة بهذه القيم لأننا نؤمن بمبادئ العدالة والمساواة، ونحن مقتنعون بأنهم يستحقون ايضاً نفس الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها شعبنا. كما تشهد منطقتنا التحول الديمقراطي، تركيا ستواصل سعيها للحفاظ على التوازن بين تعزيز القيم الديمقراطية والدفاع عن المصالح الوطنية”.

تعد تركيا واحدة من الدول التي حققت هذا التوازن منذ عام 2001 على الرغم من العقبات التي واجهتها والتي تمثلت في الإرهاب وتهديداته، وعلى الرغم من ذلك فقد حرصت على تأمين الحريات المدنية، وقد ظهر ذلك عندما قامت تركيا بإرسال قواتها إلى العراق من اجل مكافحة الإرهاب في عام 2007 ومع ذلك لم تعلن عن حالات الطوارئ داخل البلاد، بالاضافة الى ان العمليات الانتخابية لم تتأثر.

كذلك حاول حزب العدالة والتنمية حل مشكلة حزب العمال الكردستاني فيما يسمى (الانفتاح الكردي) حيث اكد على ان الروابط الدينية المشتركة والقيم الديمقراطية هي المفتاح للحل.

هذا ما أوضح استقرار ميزان الأمن والديمقراطية وكيف نجحت في تنفيذ اصلاحها السياسي ولكن بدون الإخلال بالمطالب الأمنية وهو ما جعل تركيا نموذجاً رائداً في منطقة الشرق الاوسط.[23]

‏ثانيا: تصفير المشكلات مع الجيران:

يشير هذا المبدأ إلى ضرورة إلغاء المعتقدات التركية الخاطئة باعتبار أنها محاطة بالأعداء وأن تعمل على تخفيض سياساتها الأمنية حيث يرى داوود اوغلو أنه يجب على تركيا تحسين علاقاتها السياسية وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع الجيران من أجل تحقيق وضع القوة الإقليمية، كما يعتمد هذا المبدأ على التسكين والحجز على هذه المشكلات ان لم يكن بالاستطاعة حلها.[24]

يمكن القول بأن تركيا قد اعتمدت على هذا المبدأ رغبة منها في اتباع توجه جديد في سياستها الخارجية يقوم على التعايش والتعاون مع الاطراف الاخرى وليس على التوتر والصراع، وافساح مجال سلمي لتركيا تصبح من خلاله قادرة على القيام بدور محوري واقليمي. وقد نجحت تركيا في تطبيق هذا المبدأ من خلال اتباع ادوات القوة الناعمة وهو ما سنتطرق له لاحقاً.

كما وضح داوود اوغلو أهمية هذا المبدأ باعتباره أحد أهم عناصر الدور الإقليمي التركي في محيطها الجيو-استراتيجي وذلك حتى تخرج تركيا من كونها بلد ذات مشاكل متواصلة مع الجيران إلى دولة ذات علاقات جيدة مع الجميع فهي تتطلب بيئة سلمية تجعل لها قدرة فريدة على المناورة.[25]

‏وقد نجح حزب العدالة والتنمية خلال السبعة اعوام الأولى له في السلطة في اتباع علاقات اكثر تعاونية مع الجيران من خلال الاعتماد الاقتصادي المتبادل والعمل من أجل الوصول الى استقرار عالمي من خلال محاولاتها لإنهاء الصراعات في البيئة الاقليمية المحيطة بها.

كما اكد داوود اغلو ان تركيا تتبني ما يسمى بالمشاركة الفعالة من اجل انهاء الصراعات في البيئة المتاخمة لها والعمل على احلال السلام، وقد انعكس ذلك بشكل كبير في رسم سياساتها الخارجية الجديدة تجاه الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقوقاز والبلقان.

ويرى داوود اغلو ان هذه الاستراتيجية تتحقق من خلال الحوار السياسي رفيع المستوى مع كل الاطراف والعمل على تحقيق الأمن للجميع وليس لطرف واحد فقط بالاضافة الى الاعتماد المتبادل بين الدول والتعايش الثقافي واحترام الاقليات والاختلافات العرقية والطائفية.

ويرى داوود اوغلو ان هناك العديد من المشاكل المزمنة القديمة مع الجيران مثل أرمينيا وقبرص وايران واليونان، وقد حقق هذا المبدأ نجاحات مهمة في تحسين علاقات تركيا مع جيرانها ومحاولة حل هذه المشكلات منذ تطبيقه عام 2002 وأهمها:

* أرمينيا:

على الرغم من أن تركيا أول من أعترف بأرمينيا عام 1991 إلا أن العلاقة بين الدولتين ‏لم تكن جيدة، وذلك نتيجة احتلال القوات الأرمينية لمنطقة أذربيجانية (ناغارنو كاراباخ)، ‏كما أدت الحملة السياسية العالمية لريفان وارمن ‏من أجل الاعتراف بأحداث 1915 بأنها حادثة إبادة جماعية إلى مزيد من توتر العلاقات.

كانت هناك محاولات لتطبيع العلاقات التركية الأرمينية بواسطة وزيرة الخارجية الأمريكية (‏هلاري كلينتون) ‏ووزير الخارجية الروسي (لافروف) ‏ومسؤول الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي إلا أن الأمر توقف نتيجة اعتراض المحكمة الدستورية الأرمينية وإصرار أنقرة على وجود حل لأزمة (ناغارنو كاراباخ). ‏ورغم هذا التوقف إلا أنها ‏خطوة جيدة وممهدة لتحسين العلاقات بين البلدين.

* ‏اليونان:

ترجع المشاكل اليونانية التركية نتيجة ادراج اليونان في الكتاب الاحمر كأحد دول التهديد حتى عام 2005 بسبب نيتها في توسيع المياه الإقليمية في بحر إيجه من 6 إلى 12 ميل وهو ما اعتبره تركيا حالة حرب، إلا أن ‏حزب العدالة والتنمية منذ وصوله إلى السلطة التركية ركز على التعاون والتقارب مع اليونان من خلال زيارات رفيعة المستوى في عام 2004 والتي كانت الأولى من نوعها منذ 16 عام.

* إيران:

وفقاً للدولة الكمالية فإن ايران تتسبب في مشكلات وخطر كبير على المنطقة وذلك نتيجة محاولاتها لنشر النظام الثيوقراطي إلى الدولة الكمالية، وقد ارتبط ذلك التصور بالبرنامج النووي الايراني وصواريخها الباليستية التي من شأنها ان تهدد المناطق السكانية التركية نتيجة مداها المتوسط.

لكن في عام 2007 وقعت إيران وتركيا اتفاقية طاقة مهمة تنص على نقل تركيا للغاز الايراني والتركماني إلى اوروبا في مقابل السماح لشركة البترول التركية بالبحث والتنقيب عن الغاز في حقول جنوب باراس الايرانية وتسليمه.

وفي عام 2014 وقعت الدولتين اتفاقية اخرى تشمل التجارة كاملة والتي تستهدف الوصول إلى 30 مليار دولار بنهاية عام 2015. وهذا ما اوضح كيف تحولت السياسة الخارجية التركية تجاه ايران من وضعها ضمن دول التهديد في الكتاب الأحمر إلى انه اصبحت من الدول الصديقة تجارياً.[26]

ثالثا: مبدأ السياسة الخارجية متعددة الأبعاد:

منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة التركية في 2002 بدأت السياسة الخارجية التركية في التخلي عن العلاقات الاحادية المتمثلة في الغرب والتي كانت تعتمد على العلاقات العسكرية والاقتصادية، لذلك بدأت في تأسيس قنوات اتصال جديدة وبناء علاقات قائمة على الثقة والحد من سوء التفاهم، وذلك من خلال دورها الفعال في المنظمات الدولية والإقليميه.[27]

وبالتالي تركيا تسعى إلى أقامت علاقات تكاملية وليست تنافسية، فهي تسعى إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال العلاقات الثنائية بالإضافة إلى التقارب الروسي التركي حيث أن روسيا ليست بديلا عن العلاقات مع أوروبا.

بالاضافة الى محاولة فتح قنوات اتصال جديدة مع الدول الاسلامية في الشرق والعالم العربي وذلك لأن لا الشرق ولا الغرب بديل كافي لتركيا عن الآخر وبالتالي فهي في حاجة الى مزج علاقاتها بين الاتجاهين مما يتطلب سياسة خارجية متعددة الابعاد والاتجاهات.

رابعا: مبدأ دبلوماسية السلام الوقائية والاستباقية:

ان هذا المبدأ يعتمد على الاساليب الدبلوماسية وليس العسكرية كمنهج لحل المشكلات التي تواجهها وذلك من خلال اتخاذ تدابير معينة قبل حدوث أي أزمة أو تفاقم أزمة موجودة بالفعل بالإضافة إلى ضمانها الترابط والتعايش بين الثقافات المتعددة والاندماج الاقتصادي والحوار السياسي والأمن للجميع على أعلى مستوى.

ويظهر هذا المبدأ من خلال الجهود التركية للوساطة في عدة قضايا أهمها:

* البرنامج النووي الإيراني:

قبل عام 2002 كانت السياسية الرسمية التركية تجاه ذلك الأمر هي الانتظار والترقب على الرغم من ان النخبة ‏الأمنية أقرت بزعرها بشأن طموحات إيران النووية لكن ظهور حزب العدالة والتنمية 2002 لفت الانتباه إلى قدرة تركيا على أن تكون وسيط وليست مجرد مراقب…. وتظهر مخاوف تركيا إلى أن توجيه أي ضربة عسكرية لإيران سوف يؤدي إلى تهديد الاستقرار في المنطقة وهذا ما جعل تركيا تتمسك بدورها كوسيط بين إيران والغرب بدلا من تفضيل أحد الجانبين على الاخر.

* دور الوساطة التركية بين البوسنة وصربيا:

تمثلت هذه الوساطة في قيام داوود اوغلو بإطلاق مبادرة عام 2009 تهدف إلى إصلاح العلاقات بين البوسنة وصربيا والتي كانت تدهورت منذ حرب البوسنة 1995، وقد نجحت هذه المبادرة من خلال ما يعرف (دبلوماسية المكوك) حيث قدمت الحكومة الصربية إعتذاراً حول الابادة الجماعية في سربيرينيتشا 1995 في حين ان المسئولين الصرب لم يصلوا في حد وصف القتل إلى انها إبادة جماعية، كما عينت البوسنة والهرسك سفيراً لها في بلغراد والذي كان منصباً شاغراً من قبل.

* دبلوماسية المساجد:

وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة التركية ادى إلى ظهور مفهوم جديد للسياسة الخارجية وهو (دبلوماسية المساجد)، حيث شاركت تركيا في ترميم المساجد التاريخية في البلقان من خلال وكالة التعاون والتنمية التركية، منها مسجد السلطان الفاتح في (بريشيستا) ومسجد هونكار في (كونستانتا) ومسجد سنان باشا في (بريزرين) وجميع ‏المساجد العثمانية، بالإضافة إلى أنها تشارك حالياً في مشاريع مساجد في الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا و كازاخستان والفلبين. وهذا ما يؤكد أن التركيز التركي لن يكون فقط على السياسة الخارجية الكمالية.[28]

خامسا: مبدأ الدبلوماسية النشطة والمتناغمة:

ان وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم أدى إلى زيادة الدور الدبلوماسي التركي بشكل أفضل، وقد ظهر ذلك من خلال استضافتها لعدد من القمم والمؤتمرات الدولية أهمها: (قمة منظمة المؤتمر الإسلامي – قمة حلف شمال الأطلسي)، بالإضافة إلى أنها أصبحت عضو مراقب في منظمة الاتحاد الأفريقي في 2007م.[29]

لكن لم يتوقف الأمر عند مجرد الاستضافة لهذه المؤتمرات والقمم بل ان انخراط تركيا في العديد من القضايا الاقليمية والدولية جعل لها شأن كبير في العلاقات الدولية حيث اصبحت تركيا عضو في مجموعة العشرين، عضو في الناتو وفي منظمة المؤتمر الاسلامي، عضو مراقب في الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية، تملك آلية حوار استراتيجي مع مجلس التعاون الخليجي.

ومن أهم نتائج الدبلوماسية المتناغمة تم انتخاب تركيا لأول مرة لتصبح عضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة

سادسا: مبدأ الدولة المركزية (العمق الجغرافي):

يشير هذا المبدأ إلى أنه لا يجوز اعتبار تركيا دولة جسر تربط بين نقطتين ولا مجرد دولة تقع على تخوم العالم الإسلامي أو الغرب، لكن وفقاً لموقعها الجغرافي المتميز فإنه تركيا دولة مركزية تقع في قلب العالم النشط والفعال مما يجعلها قادرة على وضع توجهات استراتيجية جديدة لحل القضايا الاقليمية والدولية من خلال المبادرات الدبلوماسية وذلك لمنع تحولها إلى صراعات من شأنها ان تهدد استقرار الاقاليم المجاورة ومن ثم العالم. وقد اكد داوود اوغلو هذا المبدأ بعدة سمات أساسية وهي:

أ- العمق الجغرافي.

ب- الاستمرارية التاريخية.

ج- التأثير الثقافي المتبادل.

د- الترابط الاقتصادي المتبادل.

سابعا: مبدأ العمق الاستراتيجي:

يشير هذا المبدأ إلى أن وصول حزب العدالة والتنمية يعمل على توسيع الخيارات السياسة والعمل على إدخال مسارات وبدائل جديدة لم تكن موجودة من قبل منها التركيز على العالم العربي والبلقان وآسيا الوسطى وإيران أي الشرقين الاوسط والادنى، وهو نوع من تدوير الزوايا وإعادة هيكلة للسياسة الخارجية من خلال الاتجاه شرقاً بما يضمن لها القوة والاستطاعة للإندفاع نحو الغرب، لكن هذا ليس على حساب علاقاتها ومسارها الأوروبي وإنما من أجل زيادة فرصها في الدخول بقوة في المسار الأوروبي.

حيث ان مواقعها الاستراتيجي في المنطقة (افرو_اوراسية) تدل على ان تركيا تحمل هوية متعددة الحضارات، وبالتالي تركيا لا ترى العالم العربي بديلاً عن الغرب، وهذا ما يوضح التوجه التركي الجديد وفقا للعمق الاستراتيجي حيث تعمل تركيا على إعادة تشكيل مفرداتها الخارجية.

ثامنا: الإرث العثماني (العثمانية الجديدة):

مبدأ العثمانية الجديدة قبل عام 2002 كان يشكل ظاهرة أي مفهوم قومي حيث لم يأخذ من الدولة العثمانية سوى النظام الإمبراطوري دون أن يهتم بالمحتوى والمضمون الإسلامي، لكن بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة التركية بدأت تظهر العثمانية الجديدة بالشكل الإسلامي البحت و الرغبة في إعادة الهيمنة إلى المناطق التي كانت خاضعة للدولة العثمانية من أجل إعادة الأمجاد والسلطانة، ويرى داوود اوغلو ان تركيا لها ميراث إسلامي كبير عليها الاهتمام به (الدول الواقعة في منطقتها).[30]

المبحث الثاني (تأثير الحركات الإسلامية على محددات السياسة الخارجية التركية)

إن العلاقات الدولية والسياسة الخارجية تتأثر وفقاً لعدة عوامل ومحددات سواء داخلية او خارجية والتي تعمل على توضيح ووضع الأساس للاستراتيجيات الخارجية للدولة، وبالتالي فإن تركيا تمتلك محددات داخلية وخارجية ساعدت على إعادة هيكلة سياساتها الخارجية وإحداث تحول كبير في دورها الإقليمي والدولي وذلك خصوصا بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002 مما جعلها تعيد حساباتها وتحدد موقعها من النظام الدولي الحالي وتتبنى سياسة خارجية مختلفة، ومن هذه المحددات:

أ/ المحددات الداخلية:

إن الاستقرار الداخلي أحد أهم الأبعاد الأساسية التي تؤثر في السياسة الخارجية التركية والذي يتمثل في الانسجام بين القيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنتشرة في المجتمع، بالإضافة إلى وجود الموارد الطبيعية والموقع الفريد والمقدرات الوطنية مثل المحددات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والجغرافيا والجيوبوليتيكية ‏يوفر قوة الدولة لتصبح فاعل قوي في النسق الدولي.[31]

أولا: المحددات السياسية:

إن وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا كان بمثابة نقطة تحول في تاريخ الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي حيث انه يسعى لبناء حركة سياسية ذات بعد إسلامي ويعيد من خلالها توجهات الدولة التركية. فهو ‏ظهر من أجل التعبير عن ذاته كحزب محافظ يحترم التقاليد وهوية المجتمع ويعمل على النهوض بالدولة التركية.

عمل الحزب على إصدار تعديلات دستورية من شأنها زيادة صلاحيات رئيس الدولة على حساب رئيس الوزراء مما شكل نظام مختلط بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني مما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي في المستقبل البعيد.

على الرغم من ذلك فإن الحزب قد فاز في فترتين متتاليتين في الانتخابات الرئاسية مما يدل على شرعية النظام ومدى رضاء الشعب التركي عن النظام لما قدمه من إنجازات اقتصادية، الا ان فشل الانقلاب العسكري في عام 2016 قد أحدث تغيرات في بنية النظام السياسي بالكامل (العلاقات المدنية العسكرية – العلاقات بين المعارضة والحزب) وهذا ما ظهر انعكاساته على السياسة الخارجية التركية فضلاً عن تأثيره على علاقة تركيا مع عدة أطراف.[32]

ثانيا: المحددات الاقتصادية:

إن المقدرات الاقتصادية أحد أهم العوامل التي تؤثر في السياسة الخارجية للدولة، فأقليم الدولة وما يحتوي عليه من موارد طبيعية مثل مصادر الطاقة ومصادر معدنية توفر للدولة قدرة مالية لتحقيق النمو الاقتصادي و العلاقات الدولية التجارية، وعلى النقيض من ذلك فإن افتقار الدولة لهذه الموارد يلقي بها إلى التبعية الاقتصادية للدول الاجنبية منها المنح والمساعدات والقروض التي تؤدي إلى عدم استقلالية القرار السياسي للدولة، وبالتالي ينعكس ذلك سلباً على سياساتها الخارجية.[33]

كان العامل الاقتصادي بارزاً في الدولة التركية باعتباره أحد أهم المحددات التي تعبر عن نجاح حزب العدالة والتنمية والذي يظهر انعكاسه على المستوى الداخلي ونجاح السياسة الخارجية وذلك من حيث:

  • يعد الاقتصاد التركي احد الاقتصاديات الإقليمية الصاعدة وذلك لامتلاكها قاعدة صناعية كبيرة وقوة بشرية متطورة يمكن أن تجعله محور اقتصادي للدول العربية.
  • ‏وفقا للبنك الدولي فإن الاقتصاد التركي يصنف في المركز 17 عالميا والأول في الشرق الاوسط بعد أن كان 111 عالميا.
  • ارتفاع الصادرات التركية السنوية إلى 192 مليار دولار، كما تضاعف ‏الناتج المحلي الإجمالي ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى 820 مليار ‏دولار.
  • زيادة الاستثمارات الأجنبية بحوالي 150 الف شركة ‏علي إقليمها بما يعادل 40 مليار ‏دولار.
  • عملت على زيادة الاستثمارات الأجنبية من خلال إصدار قوانين التملك العقاري للأجانب بالإضافة إلى إلغاء قانون المعاملة بالمثل وغيرها من القوانين التي تحفز وجود المستثمرين على اراضيها.
  • بلغ الاستثمار الخليجي في تركيا عام 2014 إلى 425 مليون دولار أمريكي في حين وصل استثمار الدول العربية الي 425 مليار و260 مليون ‏حيث كان للشركات التركية دور في مشروعات البنية التحتية في قطر مثل الجسور والطرق والمرافق الخدمية.
  • انخفاض نسبة التضخم من 20% إلى 10% عام 2006.
  • كانت المناطق الصناعية قبل وصول الحزب للحكم يصل عددها الى 70 منطقة، وعندما جاء الحزب اضاف عليها 72 منطقة صناعية جديدة اي ما يزيد عن الضعف.
  • أصدرت الحكومة التركية عدة قوانين لدعم المستثمرين ورجال الأعمال والمزارعين فى المجال الزراعي او ما يسمى ببرنامج الحوافز والدعم الحكومي، وهو نظام حوافز حكومية تصل الى 50% من إجمالي مصاريف الاستثمار، لا تشمل قيمة الأرض، كما أن هناك دعم إضافي يقدر بــ10% وقد خصصت الدولة مبلغاً مقداره 14.8 ليرة تركية لهذا البرنامج لعام 2018م.

ثالثا: المحددات الديموغرافية:

إن العامل البشري والتركيبة الاجتماعية للمجتمع التركي تلعب دور هام في حيوية الدولة حيث أنهم يمثلون مصدر القوة والعمالة وأهم عناصر الأمن القومي، فهم يديرون الاجهزة المدنية وهم يوفرون للدولة قوة عسكرية متطورة في القدرات الحربية والتكنولوجيا المسلحة، وكلما نجحت الدولة التركية في تحقيق الانسجام والتماسك الاجتماعي بينهم كلما حافظت على استقرار البلاد وأمنها القومي وهو ما ينعكس بالطبيعة على سياساتها الخارجية.

تمتلك تركيا بنية شابة حاصلة على درجة تعليم عالية مما يساعدها على تحقيق الازدهار والتقدم في عدة مجالات مختلفة، هذا ما كان له تأثير إيجابي على الاقتصاد التركي والذي يجعلها مختلفة عن الدول الأوروبية التي تعاني من ارتفاع معدل أعمار السكان بالإضافة إلى انخفاض عددهم.

كذلك ما يميز التركيب السكانية التركية ‏تعدد أعرقها وقومياتها، ‏ورغم ذلك تعتبر الحكومة التركية الدولة ملك للجميع دون النظر إلى اختلاف الأعراق والانتماءات، وقد وصل عدد السكان في تركيا إلى ما يقرب من 82 مليون نسمة وفقاً لإحصائيات عام 2018 وبزيادة حوالي مليون نسمة عن احصلءيات 2017 وهو مايدل على زيادة اعداد السكان في تركيا بنسبة كبيرة سنوياً مما قد يمثل فرص وتحديات كبيرة امام تركيا للتعامل مع هذا الضغط، ‏وتعد اكثر المدن كثافة سكانية هي اسطنبول ثم العاصمة أنقرة ثم ازمير.

يأتي التقسيم السكاني للدولة التركية كالاتي 78% أتراك و14% كرد و8% أقليات مختلفة منها عرب وشركس وارمن ويونان والبان وغيرهم.

ونظراً لهذا التنوع في الاعراق والاقليات فإن ذلك يؤدي الى تعدد اللغات ايضاً بين سكان تركيا وحسب الاحصاءات فقد وصل عدد متحدثي اللغة التركية الى 77%، بالاضافة الى 20% يتحدثون الكردية، وحوالي 2% يتحدثون العربية، بالاضافة الى الاقليات الاخرى من الارمن واليونان والجوجيين والشركس وغيرهم.

رابعا: المحددات العسكرية:

إن الخلفية العسكرية للدولة التركية تعد من العوامل التي تؤثر على أمن الدولة واستقرارها وهو ما ينعكس على سياساتها الخارجية مع الدول الأخرى، وتتمثل القدرات العسكرية في مصادر السلاح المتعددة و تكوين الجيش والتطور التكنولوجي للاسلحة ونظم المعلومات العسكرية، بالإضافة إلى البنية التحتية الاقتصادية والمالية الخاصة بالجيش.

وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة التركية نجح في تحويل المؤسسة العسكرية إلى جهاز تحت قيادة الحكومة وهو ما يوضح قدرة الدولة على قيادة البلاد. وبالتالي أصبحت حكومة الحزب تشكل قوة واستمرارية في السيطرة على الحياة السياسية حيث أن ضمها للمؤسسة العسكرية تحت لوائها منعت قيام أو حدوث الانقلابات ضدها لأي سبب من الاسباب منها:

  • وجود أزمة في انتقال السلطة وحدوث تحويل في البنية الاجتماعية.
  • عدم وجود قوة قادرة على القيام بالتغيير سوى الجيش المسيطر عليه.
  • قدرة الجيش ورغبته في إجراء التغيير الذي تريده قيادة الحزب والحكومة.

كما أصدر البرلمان تعديلا دستوريا يعمل على قصر دور الجيش على حماية البلاد من الأخطار الخارجية والدفاع عن المجتمع التركي والعلمنه السياسية، وتم تصنيف الجيش التركي كأقوى جيوش المنطقة في الشرق الاوسط وفقا لإحصائيات مركز (فاير باور) باحتلاله المرتبة الثامنة عالميا والمرتبة الأولى في الشرق الاوسط.

خامساً: الموقع الجغرافي:

إن الموقع الجغرافي التركي يجبر تركيا على أن تكون فعل دولي وإقليمي على الساحة الدولية، إما أن تكون دولة عظمى ومن خلال قوتها وتفوقها، او تكون ساحة صراع بين الأقوياء. وبالتالي فإن الموقع الجو-استراتيجي ينعكس على السياسة الخارجية التركية ويظهر في:

* اشتراك تركيا في عدد بحار وهي (البحر الأسود- البحر الأبيض المتوسط- بحر إيجه- بحر مرمرة) ويحدها من الغرب اليونان وبلغاريا، ومن الجنوب العراق وسوريا، ومن الشرق إيران وأرمينيا، ومن الشمال جورجيا وشواطئ البحر الأسود.

* تشترك مساحة تركيا في كل من قارتي آسيا وأوروبا ويقع الجزء الأكبر في آسيا بحوالي 97% من المساحة بينما يقع في أوروبا 3% فقط من المساحة، وتعتبر بذلك تركيا حلقة الوصل بين الشرق والغرب.

ب/ ‏المحددات الخارجية:

إان وصول حزب العدالة والتنمية ذات الطابع الإسلامي المعتدل إلى السلطة في تركيا ساهم في دفع تركيا إلى إعادة توجهاتتها الخارجية، بالإضافة إلى احتياج الدول الأوروبية إلى دور تركيا في مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يمكنها من القيام بدور أكثر فاعلية على الساحة الدولية ومن هذه المحددات:

‏أولا: الاهتمام بقضايا العالم الإسلامي:

يعد عهد حزب العدالة والتنمية نقطة تحول ساهمت في تغيير نظرة المسلمين إلى تركيا من أنها دولة استعمارية نهبتهم لمدة أربع قرون ‏إلى دولة أكثر علاقة بالشرق الاوسط وأكثر إدراكاً لأهمية العامل الديني كأحد عوامل الاستقرار والاستمرارية وظهر ذلك في دعمها لحركة حماس. بالإضافة إلى دعمها للشعوب الإسلامية في ثوراتهم واعتبرتها ‏ضمن حقوقهم في الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي.

‏ثانيا: الاهتمام بالأقليات التركية:

يمكن القول بأن تركيا تملك العديد من الأقليات ذات الأصول التركية منتشرة في الشرق الاوسط تتسم بمميزات تاريخية وثقافية ولغويه، وتنظر هذه الأقليات ‏إلى تركيا على أنها الدولة التي تحميهم من التعرض لأي مشكلة في هذه الدول التي يقطنوا بها ومن أشهر الحالات على ذلك الاهتمام التركي باقليات التركمان في شمال العراق.[34]

‏ثالثا: المؤسسات الإقليمية والدولية:

إن العضوية التركية في المنظمات الإقليمية والدولية توفر لها مكانة هامة وقدرة عالية تساعدها على أن تصبح فاعل دولي كبير وتنعكس هذه المكانة على دورها في السياسة الخارجية، حيث أصبحت تركيا عضوا في حلف شمال الأطلسي وعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية وهو ما يساعدها في تحديد توجهاتها الجديدة في سياساتها الخارجية.[35]

رابعا: الانضمام للاتحاد الأوروبي:

إن رغبة تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي كانت محدداً لسياساتها الخارجية تجاه الشرق الاوسط، حيث ما يمكن أن تقدمه تركيا في الشرق الأوسط من تسوية النزاعات وأدوار وساطة وضمان الاستقرار في المنطقة سوف يثبت للاتحاد الأوروبي مدى قوة الدور التركي كقوة استقرار في الجوار الأوروبي.

‏كذلك فإن تركيا تنظر لعضوية الاتحاد الأوروبي على أنها سياسة توازن تعمل على توفير قدرا أكبر للمناورة التركية في سياساتها الخارجية تجاه السياسة الأمريكية في الشرق الاوسط، يظهر الاهتمام الكبير لتركيا بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية على أنه لا يمكن أن يكون لها دور إقليمي فعال بدون الحصول على قبول كل منهم.[36]

خامسا: فراغ القوة في الشرق الاوسط:

إن التحول الذي حدث في البيئتين الدولية والإقليميه ‏ووجود الانقسامات الموجودة في المنطقة العربية خلق فراغ كبير ساعد تركيا على أن تتقدم لكي تشغله والتعامل معه من أجل تعظيم مكاسبها الأمر الذي اجبر تركيا على إخضاع الأبعاد الجيوثقافية والجيواقتصادية والجيوسياسية من أجل الاستعداد لإنتاج سياسة خارجية جديدة وهو ما جعل تأثر تركيا يمتد من داخل الدولة إلى مجمل التوازنات في المنطقة ومنها ‏قبول الدول العربية للدبلوماسية التركية التي تميزت بالبرجماتية والحنكة الاقتصادية على اعتبار أنها دولة مسلمة ومعتدلة وغربية بالإضافة إلى أنها دولة ذات أغلبية سكانية سنية.[37]

‏سادسا: تطور العلاقات التركية الأمريكية:

إن العلاقات الأمريكية التركية كانت قائمة على المصالح والتوجهات الأمنية وليس على الصداقة والقيم والأيديولوجية، فمنذ تولي حزب العدالة والتنمية كانت المصالح متضاربة نتيجة رفض تركيا الموافقة على مرور القوات الأمريكية خلال اراضيها عام 2003 اثناء حربها على العراق، وذلك لتجنبها الخسائر الاقتصادية التي قد تلحق بها. بالإضافة إلى تخوفها من ‏تفكك العراق الذي قد يخلف دولة كردية في شمال العراق مما يتسبب في عدم الاستقرار في المنطقة.

في عام 2004 بدأ الحزب في محاولة لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ‏من خلال تلاقي المصالح المتبادلة وذلك من خلال القيام ببعض الزيارات بين البلدين مما جعل تطور علاقات محدداً رئيسياً في إعادة توجه السياسات الخارجية التركية وفقاً لتطابق وجهات النظر بين البلدين تجاه بعض الدول مثل العراق وإيران وافغانستان وذلك من أجل إعادة تفعيل الدور التركي إقليميا ودوليا.

وفي عام 2008  منذ تولي باراك أوباما شجع على تحسين العلاقات الأمريكية التركية بسبب رؤيته لأهمية الدور التركي في الحفاظ على مصالح البلدين واستقرار الشرق الاوسط نتيجة قدرتها على التأثير في العلاقات الدولية.[38

سابعاً: تفعيل الدور التركي كوسيط في حل النزاعات:

يعمل الخطاب التركي على الربط بين ابتعاد تركيا عن سياسات المحاور من جانب، وزيادة مكانة تركيا وقدرتها على التواصل مع مختلف الفاعليين في المنطقة من جانب اخر، وهذا ما يدعم دور الوساطة التركية واعتبارها صانع للسلام في المنطقة خاصة وان الحكومة التركية هي الوحيدة ذات القدرة على التواصل مع جميع قيادات الشرق الاوسط فضلاً علاقاتها الجيدة معهم نظراً للروابط المشتركة سواء التاريخية او الدينية او الثقافية، بالاضافة الى انها دولة مركز تقع في منتصف الثلاث قارات تقريباً اي انها تبعد مسافة شبه متساية عن كافة الدوائر والفاعليين.

وقد ظهر الدور التركي البارز كوسيط في اكثر من محور منها بين مصر وحماس اثناء احداث غزة، وبين اللبنانيين، وبين الفلسطينيين، فهي كانت تمارس دور الوساطة لتأسيس قنوات حوار سياسي بين الاطراف المتنازعة من اجل الفوز بثقة العرب وهو ما يجعلها اكثر انغماساً في الشرق الاوسط ويحقق هدفها بان تصبح قوة اقليمية.

ثامناً: التركيز على التوجه الاقتصادي:

اعتمد حزب العدالة والتنمية على التوجه للتعاون الاقتصادي مع دول المنطقة في الشرق الاوسط من اجل الوصول الى درجة التكامل، ذلك نتيجة ادراكهم بأن الاقتصاد هو الموجه للسياسة الخارجيو وليس العكس، منها فقد سعت الحكومة التركية الى اقامة علاقات اقتصادية تعمل على تعزيز مكانة تركيا على المستوى الدولي والاقليمي. ونجحت تركيا في مضاعفة استثماراتها في العالم العربي في العشر سنوات الاخيرة  حيث تدفقت رؤوس اموال تركية كبيرة خاصة في الفترة من 2002 الى 2012.

وقد اوضح داوود اوغلو انه لا يمكن تحقيق الاستقرار في الشرق الاوسط اذا ما سيطر طابع العزلة على العلاقات الاقتصادية للمنطقة ببعضها. وقد عمقت تركيا علاقاتها الاقتصادية بالدول الاسلامية وقد وصل الامر الى تولي تركيا منصب الامين العام للمؤتمر الاسلامي عام 2005 وهو الأمر الذي اكسب تركيا ثقة كبيرة ضمن دول العالم العربي والاسلامي.[39]

الفصل الثاني

  • المبحث الأول (تأثير الحركات الاسلامية على مؤسسات صنع السياسة الخارجية التركية)
  • المبحث الثاني (تأثير الحركات الاسلامية على توجهات السياسة الخارجية التركية)

المبحث الأول (تأثير الحركات الاسلامية على مؤسسات صنع القرار السياسي الخارجي التركي)

ان عملية صنع القرار الخارجي التركي اصبحت لا تقتصر في تحليلها فقط على العوامل الداخلية بل بدأ المحللون في التركيز على العوامل الخارجية وسلوك الدولة في النظام العالمي والنطاق الخارجي من أجل معرفة مسار عملية صنع القرار الخارجي لتلك الدول، وبالنظر الى عملية صنع ‏القرار السياسي والاستراتيجي في تركيا نجد انه يتم صياغته من خلال الجهاز التنفيذي فقط وذلك منذ عام 1946 إلا أنه مع تطور دورها على النطاق الاقليمي والدولي وصعود حزب العدالة والتنمية فقد حدث تحول في صياغة القرارات السياسية الخارجية حيث جعلها تنبع من عدة مؤسسات منها الأجهزة التنفيذية والمجلس الوطني الكبير (البرلمان) والمحكمة الدستورية والاحزاب السياسية ومجلس الأمن القومي والمؤسسة العسكرية والرأي العام الذي يشتمل على التنظيمات المدنية ووسائل الإعلام، بالاضافة الى جماعات المصالح. ومن ثم سنذكر اهم مؤسسات صنع السياسة الخارجية في تركيا:

‏أولا: السلطة التنفيذية:

أ/ رئيس الجمهورية:

يعد رئيس الجمهورية وهو صاحب السلطة العليا في صناعة القرار السياسي الخارجي وذلك باعتباره ممثل الشعب التركي والجمهورية التركية. وتظهر مهامه وقراراته في الآتي:

  • التصديق على الاتفاقيات الدولية.
  • الموافقة والقبول على اوراق اعتماد الممثلين الدبلوماسيين للدول الأخرى في تركيا.
  • تعيين الدبلوماسيين ورؤساء البعثات الدبلوماسية التركية في الدول الأخرى.
  • القائد العام للقوات المسلحة بدلا من المجلس الوطني وهو من يعين رئيس الأركان العامة.
  • تطبيق الدستور ومراقبة مؤسسات الدولة.

كما ان التغير من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي لعب دور بارز في اتساع صلاحيات رئيس الجمهورية ومن بينها قدرته على اصدار المراسيم والقرارات الرئاسية، كذلك صلاحيته في اعلان حالات الطوارئ وفقاً لقوانين ودستور الدولة، بالاضافة الى انه في حالة الغاء منصب رئيس الوزراء يكون هو المسئول عن كافة السلطات والصلاحيات المرتبطة بالسلطة التنفيذية.

ب/ مجلس الوزراء: (رئيس الوزراء)

يمتلك مجلس الوزراء دور رئيسي في صياغة السياسات الداخلية والخارجية والعمل على ضمان تحقيقها وتنفيذها وتقع اختصاصاته تحت رئيس الجمهورية. وتتمثل في:

  • يمتلك مجلس الوزراء تنظيم المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمالية من خلال إصدار القرارات التي تتعلق بالرسوم والضرائب الجمركية في ما يخص ‏التجارة الخارجية.
  • رئيس الوزراء يترأس اجتماعات مجلس الأمن القومي في حالة عدم حضور رئيس الجمهورية.[40]
  • وزارة الخارجية هي المسؤولة عن الحفاظ على الهوية والرؤيه المستقلة التي تتوافق مع الطبيعة الخارجية والبيئة المحيطة بتركيا وذلك من أجل مساعدة صناع القرار في معرفة العقبات الإقليمية التي تواجه تركيا.[41]
  • رئيس الوزراء يتمتع بامتيازات كبيرة تساعد على إدارة السياسة الخارجية للدولة وذلك وفقا لمجموعة المسؤوليات التي اتاحها الدستور من أجل تخفيض سلطة المؤسسة العسكرية وارتفاع تأثير رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.

ثانياً: السلطة التشريعية:

تخضع عملية صنع القرار السياسي الخارجي للسلطة تشريعية وفقا للدستور 1982م حيث كانت السلطة التشريعية منذ عام 1961م تتكون من مجلس واحد وهو المجلس الوطني التركي الكبير والذي كان ينقسم إلى هيئتين إلا أن دستور 1982 اصبح يعتمد في صياغة القرار السياسي على هيئة واحدة وذلك نتيجة فشل هيئة الشيوخ في القيام بدورها.[42] وتشمل اختصاصاته:

  • سن وتغيير وإلغاء القوانين.
  • مراقبة مجلس الوزراء والوزراء.
  • اعطاء مجلس الوزراء الحق في إصدار المراسيم في ما يتعلق بمسائل معينة.
  • القرار بشأن إعلان الحرب: اي انه لا يمكن للقوات المسلحة التركية ان تتجاوز الحدود التركية او دخول قوات مسلحة اجنبية الى الاراضي التركية بدون الحصول على موافقة المجلس.
  • الموافقة على التصديق على الاتفاقيات الدولية: انه لا يمكن الدخول في اي معاهدة او اتفاقية دولية مع طرف اجنبي او منظمة دولية دون الحصول على موافقة المجلس.
  • القرار بشأن إعلان تصديق الاتفاقيات الدولية.[43]

والمثال الأبرز على ذلك رفض المجلس الوطني التركي الكبير السماح بمرور القوات الأمريكية خلال الاراضي التركية أثناء الحرب على العراق عام 2003م وحال دون اشتراك تركيا في هذه الحرب

ثالثا: المؤسسة العسكرية:

تعد المؤسسة العسكرية التركية سلطة فوق القانون وجميع المؤسسات الأخرى الموجودة في الدولة حيث أصبح الجيش هيئة مستقلة تنظر لها المؤسسات الحاكمة على أنها جزء إلى يتجزأ من الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والذي كان من شأنه إضفاء صلاحيات مهمة لهذه المؤسسة في عملية صنع القرار الخارجي في ما يخص عمليات الدفاع الوطني.

تظهر فعالية دور المؤسسة العسكرية التركية بوضوح في عملية صنع القرار الخارجي من خلال عاملين رئيسيين هما:

  • أولا: القدرة على الاستقرار الأمني في تركيا، فكلما استمرت ‏العقبات الأمنية الخاصة بالقضية الكردية وقضايا قبرص واليونان سوف يستمر دور الجيش في التأثير على القرار السياسي التركي باعتباره الحامي والضامن لوحدة الأراضي التركية.
  • ثانيا: مدى تقدم عملية الإصلاح في تركيا من خلال تطبيق الاصلاحات في الداخل وبمدى إبعاد الجيش عن صناعة القرار السياسي.

وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة التركية اصبح يمثل عقبة في طريق المؤسسة العسكرية وذلك نتيجة إلى حملة الاصلاحات والتعديلات الدستورية التي يقوم بها من أجل تقليص سطوة المؤسسة العسكرية التركية وذلك لحساب السلطة التنفيذية المتمثلة في رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وذلك لعدم قدرة الجيش على مواجهة الحزب الذي يحظى بتأييد قاعدة شعبية كبيرة من المجتمع التركي.

رابعاً: مجلس الأمن القومي:

يعد مجلس الأمن القومي واحد من أهم المؤسسات التي تلعب دور بارز في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية التركية ويتكون هذا المجلس من رئيس الوزراء ورئيس الأركان العامة وزير الدفاع والداخلية والخارجية وقادة القوات البحرية والجوية والبرية ويرأس هذا المجلس رئيس الجمهورية، كما يجوز لرئيس الجمهورية دعوة كل من له شأن لحضور المجلس وفقاً الى جدول اعمال الجلسة.

ومن ثم تتحدد اختصاصات هذا المجلس في:

  • تتمثل وظيفة هذا المجلس في صياغة السياسات العامة للدولة داخلياً وخارجياً وذلك في ما يتعلق بالقضايا الأمنية والسياسية والعسكرية وحماية الدولة من الاعتداءات الخارجية وتهيئة القوات العسكرية لمواجهة العقبات السياسية والعسكرية الخارجية.
  • المسئول عن القرار النهائي بشأن تنفيذ وتطبيق سياسات الامن القومي، بالاضافة الى تحديد اهداف الدولة الخارجية وفقاً لمقدراتها ومحدداتها والتي تقع في مقدمتها القدرة الاقتصادية والتكنولوجية.
  • دوره في الحفاظ على استقلالية الدولة والعمل على تطبيق المبادئ التي تم ارسائها.
  • صلاحيته في الموافقة او الرفض على اي معاهدة او اتفاقية دولية تكون تركيا طرف فيها وذلك سواء حالياً او في المستقبل وذلك وفقاً لما قد تتسبب فيه هذه الاتفاقية من تهديد للأمن القومي التركي.

ومن الجدير بالذكر ان هذا المجلس كان يمتلك صلاحيات واسعة أشبه بالحكومة مما جعل السياسيين الإتراك ترى أن هذا الدور الخاص بالمجلس يشكل عائقا أمام تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي.

إن وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة التركية كان بمثابة نقطة التحول في نفوذ وصلاحيات هذا المجلس بسبب التعديلات الدستورية التي أجراها الحزب من أجل تخفيض نفوذ قادة الجيش والعسكريين لحساب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.

خامساً: الأحزاب السياسية:

تعد الأحزاب السياسية أحد المؤسسات غير الرسمية التي تشترك في صنع القرار السياسي الخارجي في تركيا، ويظهر دورها في وضع خيارات سياسية خارجيه تعمل على تحسين التوجهات السياسية والاستراتيجية الخارجية للدولة، كما تعمل ‏على توفير كوادر من أجل الإصلاحات المتوقعة في الدولة، ويظهر دورهم من خلال الخطابات السياسية التي تصدر فيها مجموعة من المفاهيم السياسية الخارجية التي ‏تعمل على تنفيذها فور وصولها للسلطة، كذلك تمتلك قوة المعارضة دور في التأثير على عملية صنع القرار السياسي وذلك من خلال دورها في البرلمان التي تسعى من خلاله إلى إعادة صياغة السياسات الخارجية والاستراتيجية ‏بمستوى أكثر عقلانية.[44]

* ووفقاً لذلك فإن التعددية الحزبية داخل تركيا تصنف في اتجاهين متعارضين:

أولا: التيارات الحربية ذات التوجهات الدينية:

تتمثل هذه التيارات في حزب العدالة والتنمية وهو حزب يصنف نفسه حزب محافظ معتدل غير إسلامي، نجح في الوصول إلى السلطة التركية في عام 2002. كما أظهر عدم الاهتمام باستخدام الشعارات الدينية في برامجها السياسية، لكن سياساته الداخلية توضح دوره في تعزيز الهوية الإسلامية في المجتمع التركي، وترجع جذوره إلى مجموعة من عدة النواب ‏المنشقين عن حزب الفضيلة الإسلامي.

بدأ الحزب ممارسة سياساته الخارجية بإعتماده على سيطرته على اغلبية البرلمان نحو الإنخراط والانشغال في الشرق الاوسط وقضاياه وهو ما حظى بتأييد من القوى المحافظة الرغبة ‏في الحفاظ على تركيا ذات الحضارة والارث الإسلامي.

ثانياً: التيارات الحزبية ذات التوجهات العلمانية:

تضم هذه التيارات حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية وحزب الطريق القويم والحزب الوطني، ‏والتي كانت تحاول ترسيخ مبادئ الديمقراطية التحررية وبناء المجتمع المدني على الرغم من تميز أفكار تأسيسها وسياساتها الخارجية، وقد شكلت العديد من الحكومات الإتلافية في ما بينها.

كانت هذه الأحزاب تؤيد شعارات العلمانية وتدعو إلى سياسة تركية خارجية تتخلى عن أفكار الدولة الدينية والتحالفات مع الشرق الاوسط ‏والعمل على التمسك بالنظام الغربي الليبرالي والعمل على الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، لكن سياساتها المتطرفة نحو تطبيق العلمنة ‏وتقييد الحريات وتهميش حقوق الأقليات جعل الاتحاد الأوروبي يتخذ إجراءات سلبية تجاه عضويتها.[45]

سادساً: ‏الاستخبارات:

تعد الاستخبارات من المؤسسات غير الرسمية التي لها دور في صناعة السياسة الخارجية التركية وتتشابه في وظائفها مع وزارة الخارجية لكنها تتميز بسرعة أداء وظيفتها وذلك نتيجة عدم قانونية وشرعية ‏وظيفتها، بالإضافة انه لا يتم استخدامها أداة للسياسة الخارجية من قبل جميع الدول لكن يقتصر استخدامها على الدول النشطة والقوية والغنية في المجتمع الدولي كما أنها تستخدم في بعض الظروف والأحداث الاستثنائية فقط.

سابعاً: جماعات المصالح وقوى الضغط:

تعد جماعات المصالح واحدة من الجهات والفاعلين المؤثرين في عملية صنع القرار السياسي الخارجي التركي وذلك من خلال إئتلاف هذه الجماعات مع بعضها البعض من اجل تحقيق أهدافهم وغاياتهم المشتركة، وذلك من خلال تأثير هذه المجموعات على صناع القرار التركي لكي يصدر القرارات التي تلعب لصالحها وتختلف هذه الجماعات عن الأحزاب السياسية في أنها لا تسعى للوصول إلى السلطة.

* تتخذ جماعات المصالح أشكال مختلفة منها:

أ/ جماعات غير منظمة: وهي مجموعة من الأفراد يشتركون في هدف واحد نتيجة إلى الارتباط الديني او العرقي او الطائفي وعلى الرغم من عدم وجود شكل تنظيمي لها الا أنها ذات تأثير سلبي على عملية صياغة القرار السياسي الخارجي خصوصاً عندما يتم تهديد مصالحها.

ب/ جماعات مؤسسية: هي الجماعات التي يكون أعضائها ينتمون إلى تنظيم رسمي في الدولة وفقاً إلى مهنتهم، ويكون السبب وراء تجمعهم هو الانتماء المهني او العمل داخل إطار مؤسسة متغيرة.

ج/ جماعات منظمة: هي مجموعة من الأفراد يهدفون إلى التعبير عن مصالحهم وتتميز بوجود هيكل تنظيمي لها، بالاضافة إلى علاقاتها الداخلية والخارجية ومنها رجال الأعمال ونقابات العمال ونقابات المحامين وكل منهم يختلف بإختلاف نوع الضغط الذي يمارسه سواء كان اقتصادي او سياسي.

* يمكن تقسيم الجماعات المنظمة إلى:

أ/ جماعات النخبة:

هم نخب سياسية ‏تولى أعضائها مناصب سياسية وحزبية وإدارية في مختلف مؤسسات الدولة وقد ظهر دورهم من خلال إعادة توجيه السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الاوسط، ‏بالإضافة إلى النخب المثقفة التي تصدر دراسات ومقالات تطالب فيها الحكومة التركية بإجراء تعديلات دستورية تعمل على إعادة التوجيهات نحو الديمقراطية.

ب/ النقابات العمالية وجماعات رجال الأعمال:

هي فئات ذات تأثير وأهمية كبيرة في السياسة الخارجية وعملية صنع القرار الخارجي، وذلك نتيجة الدور الذي يلعبه رجال الأعمال الأتراك من أجل تحسين علاقة بلادهم مع الدول الأخرى من خلال دعمهم للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع هذه الدول.

ج/ الجماعات الإسلامية:

هي أحد القوى السياسية والاجتماعية التي تلعب دور بارز في توجه السياسة الخارجية التركية وصنع القرار السياسي، وذلك من خلال إصدارها الصحف والمجلات الإسلامية التي تهدف إلى التمسك بالقيم والمبادئ الإسلامية من خلال ابراز شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم والشخصيات التاريخية الإسلامية للحد من العلمانية والتوجه الغربي، وقد وصلت دور النشر الإسلامية في تركيا إلى (120) دار نشر إسلامي من اجمالي (370) دار نشر في تركيا.

ثامناً: ‏وسائل الإعلام والرأي العام:

ان وسائل الإعلام غالباً ما تكون مملوكة إلى حزب سياسي او شركة تجارية أو حتى جماعات الضغط سواء يهودية أو إسلامية، بالتالي فهي تعبر عن آراء وجهات نظر مالكيها وغالبا فهي لا تختلف كثيراً عن توجهات الحكومة التركية لكنها تلعب على توجيه القرار السياسي والتأثير عليه بما يخدم مصالح أصحابها.

كذلك فإن الرأي العام التركي له دور بارز في التأثير على عملية صنع القرار السياسي الخارجي، ويظهر هذا التأثير من خلال تعاطف الرأي العام التركي مع الدول العربية وما يتعلق بها من قضايا على الرغم من أن وسائل الإعلام تحاول أن تجعل صورة العرب لدى الأتراك مكروهة وسلبية وذلك نتيجة تحكم ‏العلمانيين ورجال الأعمال اليهود على الصحف والصحفيين في تركيا ومحاولة توجيهم نحو الغرب، ويمكن أن وضح مدى تأثير الرأي العام التركي في خيار الحرب ضد العراق عام 2003 إلا أن المعارضة الشعبية التركية رفضت مشاركة تركيا بأي عمل عسكري في هذه الحرب وهذا ما كان يتوافق مع التوجهات السياسية التركية للحكومة.[46]

المبحث الثاني (تأثير الحركات الاسلامية على توجهات السياسة الخارجية التركية)

إن انتهاء الحرب الباردة كان بمثابة نقطة التحول في مسار السياسة الخارجية التركية وذلك حيث كانت تركيا خلال الحرب الباردة أريد لها أن تكون سدا منيعا ضد السيطرة السوفيتية، إلا أنه بتفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 وتشكل النظام العالمي الجديد قد أظهر مجالات سياسية جديدة كانت سببا في تهديدات أمنية جديدة للمجال والسياسة التركية منها الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والبلقان والقوقاز بالإضافة إلى الولايات المتحدة كقوة عظمة في النظام العالمي الجديد. بالتالي كانت البيئة الإقليمية والدولية بالإضافة إلى المحددات الداخلية سببا في قيام النظام التركي بإعادة صياغتة وتوجيه السياسة الخارجية التركية وفقاً لموقعها الجيواستراتيجي ومحيطها الجيوسياسي ‏فضلا عن الإرث الإسلامي والعثماني.

لذلك كان لفوز حزب العدالة والتنمية برئاسة اردوغان بالانتخابات البرلمانية عام 2002 دور هام في اتخاذ السياسة الخارجية التركية منحنى ومسار جديد يظهر انعكاسه على العلاقات التركية مع الشرق الأوسط والدول العربية والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدأت هذه التوجهات تحمل طابع التعاون بدلا من العداء والصراع، وكذلك سياسة متعددة الأبعاد خصوصا مع الدول المتاخمة لها جغرافياً.[47]

ونتيجة لهذه التغيرات الداخلية والإقليميه والدولية سنحاول التطرق إلى أهم معالم التغيير التي طرأت على السياسة الخارجية التركية تجاه العالم بعد تولي حزب العدالة والتنمية للسلطة التركية.

* اولاً: توجهات السياسة الخارجية التركية نحو القوى الكبرى:

* ‏العلاقات التركية – الأمريكية:

بداية يمكن القول بأن العلاقات التركية الأمريكية كانت جيدة في بدايتها وقبل تولي حزب العدالة والتنمية لنظام الحكم في تركيا وذلك بسبب اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بالتحالف الاستراتيجي مع تركيا نظراً لموقع المتميز بالدرجة الأولى لما قد يحقق مصالح الولايات المتحدة والتصدي للخطر السوفيتي، وقد ظهر ذلك في دعم الولايات المتحدة لتركيا في المسألة الكردية من خلال تصنيف حزب العمال الكردستاني في قوائم الإرهاب ومساعدتها في القبض على زعيمهم (عبد الله اوجلان)، في المقابل كانت تركيا تدعم الولايات المتحدة في حربها على افغانستان ‏وذلك من خلال مشاركاته القوات الدولية (ايساف) 2001.

‏ظهر التحول البارز في العلاقات التركية الأمريكية عند نجاح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات وتولى السلطة في تركيا، فكان لطابعه الإسلامي والتعديلات الدستورية التي حدت من دور المؤسسة العسكرية وسيطرة المؤسسات المدنية دور كبير في ‏خلق نظام لم تتعامل معه الولايات المتحدة من قبل.

بدأ توتر العلاقات بين البلدين منذ 2003 عندما صوت البرلمان التركي ضد مطالبة القوات الأمريكية باستخدام الأراضي التركية في حربها العسكرية على العراق وهو ما ادهش الإدارة الأمريكية التي لم تعتاد على مثل هذه المواقف من تركيا.

‏كذلك صوتت ‏تركيا ضد قرار الولايات المتحدة بشأن فرض عقوبات على إيران بسبب البرنامج النووي الإيراني ومسارها في تطويره السلمي إلا أن تركيا رفضت ذلك الأمر في تصويت مجلس الأمن وأكدت على حق إيران في تطورها النووي السلمي. بالإضافة إلى نقد تركيا للمواقف والتعامل الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني والتنديد بأفعالها، وظهر ذلك في وصف رجب أردوغان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بقاتل الأطفال، ‏واستمر الأمر وصولا لسحب السفراء ووقف التعاون العسكري بين البلدين.

مع وصول باراك أوباما للحكم في الولايات المتحدة الأمريكية سعى للحفاظ على علاقات جيدة مع تركيا نظرا لموقعها الاستراتيجي الموافق لمصالحه، لذلك بدأ يدعو دول العالم الإسلامي بتباع النموذج التركي الذي يجمع بين الديمقراطية والإسلام، وذلك لان ظهور تحالف الولايات المتحدة مع تركيا سوف يدعم اهداف واشنطن ويحسن صورتها في الشرق الاوسط.

إلا أن توتر العلاقات بين البلدين قد عاد مرة أخرى في عام 2016 مع فشل الانقلاب العسكري في تركيا بسبب عدم إدانة الولايات المتحدة لهذا الانقلاب مما جعل تركيا تشك في أن واشنطن لعبت دور في هذا الانقلاب ‏خصوصا بعد معرفة تركيا بأن (فتح الله جولن) ‏المتسبب في الانقلاب مقيم في الولايات المتحدة ورفض واشنطن كل مطالب تركيا بتسليمه، مما جعل تركيا ‏تنحني في توجهاتها نحو التقارب الروسي والإيراني.

‏كان عامي 2018- 2019 هم الأكثر توترا بين الدولتين وذلك نتيجة رفض الولايات المتحدة قيام تركيا بعقد صفقة المنظومة الدفاعيه الروسية وبدأت في فرض العقوبات عليها، لكن مع إتمام الصفقة أوقفت الولايات المتحدة برنامج المقاتلات الأمريكية معبرة أن تركيا لا يمكنها امتلاك تلك المنظومتين الدفاعيه الروسية والهجومية الأمريكية،‏ لكن تركيا هددت بالتعاون مع روسيا وإغلاق القواعد العسكرية الأمريكية على اراضيها.

وعلى الرغم من هذه التطورات بالإضافة إلى دعم الولايات المتحدة للقضية ‏الكردية ضد تركيا والتحالف مع اليونان وقبرص بشأن حقول الغاز المكتشفة في البحر المتوسط إلا أن التوتر هذا لم يصل إلى العداء أو أن يتخلى أي منهما عن الآخر ويظهر ذلك في التعاونات الاقتصادية واعتبار الولايات المتحدة أن تركيا ذات تأثير سياسي مهم في العديد من الملفات الدولية والإقليميه.

* العلاقات التركية – الروسية:

كما ذكرنا فإن العلاقات الروسية التركية خلال الحرب الباردة كانت تقف حول دور تركيا كسد منيع ضد التمدد السوفيتي تجاه الشرق الأوسط، إلا أن انهيار الاتحاد السوفيتي 1991 افقد تركيا هذا الدور وبدأت روسيا الاتحادية في سياسة الانكفاء والتحول نحو غرب أوروبا إلا أن الولايات المتحدة كانت تحول دون ذلك، ومنها بدأت روسيا في بناء نفوذها الحيوي في منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى مما جعلها تتواجه بتركيا لأن هذه المناطق تمثل اهتمام كبير لها.

مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا كانت العلاقات في البداية متوترة بين البلدين بسبب تنافس كل منهما للسيطرة والنفوذ على منطقة الشرق الاوسط حيث أن كل منهم يراها المجال الحيوي له وأن سيطرة أي دول منافسة عليها سيكون بمثابة تهديد استراتيجي لها، ‏لكن في عام 2010 بدأت تظهر مستويات التعاون فيما بينهم مع زيارة الرئيس الروسي (مدفيدف) ‏إلى تركيا وتوقيع حوالي 17 اتفاقية تعاونية من بينها المجال النووي والنقل الآمن للنفط عبر البحر الأسود.

لكن عادة توتر مرة أخرى بين البلدين بسبب الثورات الربيع العربي 2011 التي إعتبرتها روسيا تهديد لنفوذها واعتبرته تركيا فرصة لإقامة علاقات جديدة مع الأنظمة الجديدة خصوصا في سوريا وليبيا، وظهر ذلك في دعم روسيا إلى قائد الجيش الليبي (خليفة حفتر) ضد حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها تركيا.

‏في 2016 ومع فشل محاولة الانقلاب في تركيا سعت تركيا لبناء منظومة سياسية جديدة مع التقارب الروسي من خلال الاتفاق على تسوية الأزمة السورية والتمسك بوحدة اراضيها للتصادم مع الاتجاه الأمريكي الذي كان يدعم الكيان الكردي المستقل والذي يمثل تهديد للأمن القومي التركي، بالإضافة إلى التعاون بين البلدين في التنقيب والبحث عن مصادر الطاقة في حقول شرق البحر المتوسط.

‏اما على مستوى التجارة فقد تم إنشاء المجلس التركي الروسي في تركيا والمجلس الروسي التركي في روسيا وقد ساهم المجلسين في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين حيث وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 26 مليار ‏دولار في 2018، ثم في 2019 صرح الرئيس التركي أن بلاده على استعداد لرفع التبادل التجاري مع روسيا إلى 100 مليار ‏دولار. كما اتجهت تركيا بطلب الانضمام إلى منظمة شانغهاي التي تعتبر روسيا والصين العضوان الاساسيان بها حيث ترى تركيا ان هذه المنظمة خير بديل عن الانضمام للاتحاد الأوروبي.

وعلى المستوى العسكري فقط أبرمت تركيا مع روسيا اتفاقية بشأن منظومة الدفاع الروسية عام 2018 وقد وصلت الدفعة الأولى من الصفقة إلى تركيا عام 2019 مما تسبب في توتر العلاقات الأمريكية التركية وفرض واشنطن عقوبات على تركيا.[48]

* ثانياً: توجهات السياسة الخارجية التركية نحو الاتحاد الأوروبي:

تتطلع تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه وتعتبره أحد الاهداف الاستراتيجية وذلك نظرا لطموحاتها الاقتصادية لكن بدأ المشككون الأوروبيون في التشكيك حول مدى ملائمة التركية للانضمام للاتحاد الأوروبي، وذلك نظرا لطبيعتها المسلمة التي قد تهدد الطابع المسيحيين للقارة الأوروبية ومنها عارضت الفاتيكان عضوية تركيا في عهد البابا (بنديكت) لكن البابا الجديد (فرنسيس) حث على المصالحة مع تركيا.

مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم ورغم كل التحديات والعقبات التي واجهت عضوية تركيا للاتحاد الأوروبي إلا أن شخصيات بارزة في الحزب أكدت على أن الانضمام هدف وأولوية من أولويات السياسة الخارجية التركية، وعلى الرغم من استمرار توجه تركية للاتحاد الأوروبي وأصرارها على العضوية إلا أن هناك عدة قضايا أساسية تحول دون الموافقة على العضوية وهي:

أ/ الصراع التركي – القبرصي:

‏ان الصراع في قبرص ‏والنزاعات التركية اليونانية كانت عقبة أساسية في انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي واكملها للتوجه الغربي وذلك بسبب تمسك الجزء التركي بفكرة الاتحاد الكونفدرالي بينما تمسك الجزء اليوناني بفكرة الأرض وترسيم الحدود ورفض الكونفدرالية.

لكن زاد الأمر تعقيدا عندما أدرج الاتحاد الأوروبي قبرص ضمن خطته التوسعية وكان قبول جمهورية قبرص عضوا في الاتحاد الأوروبي سببا في تسميم العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي لأن قرار الموافقة كان بمثابة سد طريق الحل بدلا من مساهمة الاتحاد في إيجاد تسوية، حيث استخدمت قبرص حق النقد في ستة فصول بينما جمد الاتحاد الأوروبي ثمانية فصول في انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي نتيجة عدم التزامها باتفاقية الاتحاد الجمركي لتشمل ‏قبرص.

كما تدل تصرفات وتكتيكات القبارصة اليونانيين التي تهدف إلى وقف عضوية تركيا للاتحاد الأوروبي دليلا قاطعا على أنه لم يكن ينبغي على الاتحاد الأوروبي الموافقة على انضمام قبرص للاتحاد قبل إيجاد حل أو تسوية للنزاع.

ومن ثم اصبح الحل في قبرص شرطا أساسيا أمام تركيا إذا ما اصرت على الانضمام للاتحاد الأوروبي.

ب/ تركيا وارمينيا والاتحاد الأوروبي:

كذلك العلاقات التركية الأرمينية تقف عقبة أمام هدف تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي ويرجع ذلك إلى ما يسمى بالابادة الجماعية عام 1915 التي ارتكبتها تركيا ضد الأرمن، ونجحت أرمينيا في التأثير على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للاعتراف بهذه الحادثة على أنها إبادة جماعية. وقد اعترف كل من فرنسا وإيطاليا واليونان وبلجيكا والسويد وألمانيا بهذه الابادة مما أساء إلى علاقات تركيا بمؤسسات الاتحاد الأوروبي، لكن وصول حزب العدالة والتنمية للحكم عمل على تحسين العلاقات بين البلدين حيث قام عبدالله جول بزيارة أرمينيا والتي كانت تعد الأولى بين البلدين، بينما قال (سركسيان) أن أرمينيا وتركيا سوف يسعون إلى حل المشاكل الإقليمية، ‏كما أنه لابد من اعتبار هذه القضية مسألة سياسة خارجية وليست بؤرة اهتمام للاتحاد الأوروبي.

ج/ تركيا وصفقة المهاجرين والاتحاد الأوروبي:

ظهرت قضية جديدة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تتمثل في التعاون من أجل إيقاف المهاجرين للاتحاد الأوروبي عبر تركيا وذلك في مقابل حصول تركية على 3 مليار دولار ‏وتأشيرات مجانية لدخول الاتحاد الأوروبي، وقد وافقت تركيا على الصفقة لأنها ترى أنها تعد الخطوة الأولى في حلم الانضمام للاتحاد الأوروبي.

لكن مع الانخفاض في أعداد المهاجرين بشكل كبير إلى أوروبا بدأ الاتحاد الأوروبي في التشديد بلهجته حول انضمام تركيا للاتحاد وأصدرت تركي بيان بأنه يمكنها التراجع عن الصفقة إذا ما حصل مواطنيها على التأشيرات المجانية للاتحاد الأوروبي بحلول أكتوبر 2016 وأن الاتحاد الأوروبي يغامر بحليف رئيسي، وأصبح هناك عدم ثقة بين الطرفين.[49]

د/ المستوى الاقتصادي التركي:

أقر الخبراء الأوروبيين ان انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي سوف يتسبب في عبء اقتصادي للاتحاد وذلك نظرا لزيادة المهاجرين ‏إلى الاتحاد الاوروبي من أجل البحث عن فرص عمل نتيجة تدني مستوى الأجور في تركيا وهو بطبيعة الحال سوف يؤدي إلى تدني مستوى الأجور في أوروبا وبالتالي ارتفاع معدلات البطالة.

كذلك التوقع بأن انضمام تركيا سيؤدي لنقل المستثمرين الأوروبيين لأنشطتهم من اوروبا إلى تركيا والتي ستكون أكبر أسواق أوروبا.

ه/ المستوى السياسي للاتحاد الاوروبي:

ان انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي سيجعلها ثاني اكبر أعضاء الاتحاد من حيث السكان وهو ما يضمن لها اكبر عدد من الممثلين في البرلمان الأوروبي نظرا لانه يعتمد في وزنه التمثيلي على عدد سكان الدولة، كما أنه من المتوقع أن تكون العضو الأكبر خلال السنوات القليلة القادمة.

و/ المستوى الثقافي التركي:

يمثل انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي تهديدا وإخلالاً للتركيبة الدينية للقارة الاوروربية ذلك لأن تركيا دولة مسلمة باغلبية المطلقة وهو ما يعني تحويل اكثر من 80 مليون ‏مسلم تركي إلى مواطنين أوروبيين، وهو ما جعل فرنسا احد الرافضين لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من هذه العقبات إلا إن حزب العدالة والتنمية عمل على تحسين العلاقات بين الطرفين وقد ظهر ذلك في ازدياد العلاقات الاقتصادية وارتفاع قيمة الواردات التركية من الاتحاد الاوروبي من 19 إلى 46 مليار ‏دولار عام 2009 وارتفاع قيمة الصادرات من 24 إلى 56 مليار ‏دولار في عام 2009، وفي عام 2013 أعاد الاتحاد الأوروبي تنشيط المفاوضات بشأن عضوية تركيا نتيجة أصلاحاتها على المستوى القانوني والنظام القضائي إلى جانب جهودها في عملية السلام المتعثرة مع الاكراد.

‏لكن من عام 2016 وبدأت العلاقات في التوتر مرة أخرى نتيجة عملية الانقلاب الفاشلة في تركيا وما تبعها من اعتقالات من السلطات التركية جعل الاتحاد الأوروبي يوقف المفاوضات وبدأت الدول الأوروبية مثل فرنسا وهولندا بوصف أردوغان بالديكتاتور واتهم أردوغان الاتحاد الأوروبي بأنه حملة صليبية على الإسلام.

وعلى الرغم من هذه الانتقادات والأزمات بين الطرفين استمر والتبادل التجاري في الارتفاع بين الطرفين حتى وصل إلى 160 مليار ‏دولار فيما أطلقت عليه ‏ميركل بالشراكة المتميزة، بالإضافة إلى اشتراك كلا الطرفين في عمليات مكافحة الإرهاب الدولي وعمليات نقل الغاز من البحر المتوسط إلى أوروبا عبر تركيا، ومن ثم فإن ذلك يعبر بأنه على الرغم من الأزمات لا يمكن لكلا الطرفين الابتعاد كليا عن الآخر، فتركيا مهمة للاتحاد الأوروبي نظرا لموقعها الاستراتيجي وما يمكن أن تحققه لأوروبا من مصالح في الشرق الاوسط بينما الانضمام للاتحاد الأوروبي هو حلم لتركيا منذ تأسيسه.[50]

* ثالثاً: توجهات السياسة الخارجية التركية نجو الشرق الاوسط:

* العلاقات التركية – الإسرائيلية:

كانت تركيا أول الدول الإسلامية التي اعترفت بإسرائيل 1949 وذلك لرغبتها في إنشاء حلف شرق أوسطي من أجل مواجهة النفوذ الشيوعي، ‏لكن كانت القضية الفلسطينية محددة لتقارب العلاقات التركية العربية على حساب إسرائيل.

إلا أنه في عام 1996 عاد تصاعد العلاقات الإسرائيلية التركية مرة أخرى ليشمل الاتفاق الأمني التركي الإسرائيلي الذي ينص على المشاركة في التصنيع العسكري بين الدولتين وإمكانية مناورات مشتركة إسرائيلية -تركية -أمريكية على حدود سوريا والعراق، بالإضافة إلى السماح للطيران الإسرائيلي بالتحقيق على الحدود التركية السورية، بجانب مجالات اقتصادية في قضايا الزراعة والمياه.

لكن مع وصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي للحكم في تركيا بدأت العلاقات تأخذ منعطف سئ كاد أن يصل إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وقد ظهر ذلك في سياسات ومواقف أردوغان التأديبية في حق إسرائيل ومسؤوليتها وذلك بسبب جرائمهم في حق الشعب الفلسطيني والعدوان على قطاع غزة ووصف إسرائيل بأنها إرهاب دولة.

كانت انتقادات تركيا تنبع من مسؤوليتها الإنسانية تجاه الفلسطينيين وأن إسرائيل لا تقدر ولا تحترم موقف تركيا لوقف العمليات العدوانية الإسرائيلية، بالإضافة إلى الأسلوب غير المهذب الذي تعامل به وزير الخارجية الإسرائيلي (ليبرمان) مع السفير التركي مما جعل تركيا تطلب اعتذار رسمي لما بدر من وزير خارجية إسرائيل وهددت بسحب سفرائها، وقد حصلت على مطلبها نظرا لأن ميزان القوى يميل إلى الجانب التركي بقوة.[51]

لقد استمرت العلاقات التركية الإسرائيلية في التأزم نتيجة سعي حزب العدالة والتنمية إلى إقامة علاقات مع الحركات الإسلامية في الشرق الاوسط مثل حزب الله وحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي ومساعدة بعض من هذه الحركات في الوصول إلى السلطة.

وقد وصلت التوترات إلى ذروتها عام 2010 عندما أعترض الجنود الإسرائيليين السفينة التركية (مرمرة) التي كانت تقدم المساعدات لقطاع غزة مما تسبب في مقتل تسعة وإصابة العديد من الاتراك، ومنها سحبت تركيا سفيرها من إسرائيل وأعلنت أنها قد اخترقت القانون الدولي والإنساني وعليها تحمل المسؤولية وصنفت إسرائيل احد الدول التي ‏تمثل تهديدا للأمن التركي.

ومنذ ذلك الحين اتسمت العلاقات بين البلدين بالتذبذب حيث في عام 2016 توصلوا إلى اتفاق رسمي من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين وإعادة السفراء وذلك عندما أعلنت إسرائيل عن تعويض ضحايا السفينة وتنازل تركيا عن شرط رفع الحصار عن قطاع غزة وإنشاء خط الغاز من إسرائيل إلى أوروبا عبر تركيا.

أما في عام 2017 فقد تعارضت نظرة الدولتين للأكراد في العراق، فتركيا رفضت الانفصال للإقليم الكردي لانه يمثل تهديدا لأمنها في حين وافقت إسرائيل على الانفصال لأنها ترى أنهم خير حليف لها في مواجهة العرب، كذلك موقف تركيا برفض نقل عاصمة إسرائيل إلى القدس.

وصولاً إلى عام 2019 ومع إنشاء علاقات إسرائيلية مع كل من اليونان وقبرص الذين يحملون خلافات وعداءات لتركيا خصوصا بعد استكشاف حقول الغاز في البحر المتوسط ومعارضة اليونان لتنقيب الشركات التركية عنده سواحل قبرص الشمالية، ووفقا لهذا الإطار أنشأت الولايات المتحدة تحالف أمني يضم إسرائيل وقبرص واليونان وهو ما اعتبرته تركيا تهديدا موجها لها.

بالتالي كان وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا بمثابة تحول تام في شكل العلاقات التركية الإسرائيلية من علاقات ودية وتعاونية إلى تذبذب في العلاقات وجانب من العداء في غالبية العلاقات منذ بداية القرن العشرين.[52]

* العلاقات التركية – العراقية:

تعد تركيا من الدول المجاورة للعراق وكانت تنبع أهمية العراق لتركيا في كونها تشكل حرية المساحة والحركة لمطاردة تركيا لحزب العمال الكردستاني وذلك من خلال التعاون مع نظام صدام حسين ومن هنا فإن استقرار العراق ووحدة أراضيه مسألة مهمة بالنسبة لتركيا.

منذ 2002 لم تكن العلاقات التركية العراقية جيدة لكنها لم تصل إلى حد العداء أو الحرب وذلك نتيجة ‏لعدة قضايا مشتركة بينهم منها قضايا المياه وتأثير الأكراد العراقيون على الحدود التركية ‏العراقية وتشكيل تهديدا لها، لكن على الرغم من ذلك عندما طالبت الولايات المتحدة تركيا بالسماح لقواتها بالعبور إلى العراق لغزوها عام 2003 رفضت تركيا المشاركة في هذه الحرب، وذلك لأنها كانت ترى في نظام صدام حسين استقرارا لحدودها الجنوبية وأن الإطاحة به سوف تؤدي إلى العديد من التهديدات بالنسبة لها سواء كانت عنف طائفي أو أقلية كردية.

بعد غزو الولايات المتحدة للعراق بدأت تركيا في صياغة سياسات قائمة على المصالح الاقتصادية والدبلوماسية بدلا من الجوانب السياسية، وعملت على وضع نظام عراقي جديد قائم على السنة واللغة العربية وتقليص دور الكرد ‏لتحقيق الاستقرار في العراق. إلا أنه في عام 2006 -2007 شهد عمليات عسكرية متبادلة بين الاكراد في شمال العراق وتركيا بالإضافة إلى توتر العلاقات مع حكومة نوري المالكي مما جعل تركيا توجه دعمها إلى حكومة ‏حيدر العبادي وسعى ‏حزب العدالة والتنمية إلى عقد العديد من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية مع العراق.

وفي عام 2009 تحسنت العلاقات بين الدولتين نتيجة لزيارة أحمد داوود اوغلو لشمال العراق في اعتراف واضح من تركيا بإقليم كردستان وافتتاح قنصلية تركية في أربيل خصوصا بعد إعلان جلال طالباني أن الإقليم لا يريد الانفصال.

لكن في عام 2015 عاد التوتر مرة أخرى بين الطرفين نتيجة إرسال تركية 1000 جندي وعشرات الدبابات إلى مدينة بعشيقة ‏مبررة ذلك بهدف الحفاظ على استقرار العراق وحماية ‏المدربين العسكريين الأتراك للجيش العراقي ومحاربة داعش، إلا أن العراق رفضت وجودهم غير القانوني وأعلن حيدر العبادي انسحاب السفير العراقي من تركيا وإغلاق الملحقية التجارية العراقية في تركيا.

يمكن القول بأن سياسة الحكومة العراقية نابعة من إدارة ‏طهران التي تراى في التواجد التركي داخل العراق عقبة في طريق مصالحها التوسعية، خاصه أن الهدف الحقيقي وراء تواجد ‏تركيا في العراق هو حماية العراقيين المسلمين من انتهاكات المليشيات الإيرانية التي تسعى إلى زيادة نفوذها في العراق.

* العلاقات التركية – السورية:

ان وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا عام 2002 كان نقطة تحول في العلاقات السورية التركية إلى التقارب والتعاون وذلك لرغبة الطرفين في التصدي لأي حركات انفصالية كردية في شمال العراق لأن ذلك من شأنه أن يؤثر على الاكراد في كلا البلدين (تركيا – سوريا)، بالإضافة إلى رغبة تركيا في تقليص الوجود الإيراني في المنطقة.

ومما سبق فقد تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين لتحسين العلاقات سواء السياسية أو الاقتصادية وكان أبرزها التحالف الاستراتيجي 2009 واجراء المناورات العسكرية وزيارات رئاسية متبادلة، واستمر التعاون حتى اندلاع الثورة السورية 2011 ضد نظام بشار الاسد، فقد جعلت ‏هذه الأزمة أن تزيد تركيا من اهتمامها بأمن واستقرار سوريا وعدم إنهيارها خوفا من حدوث الصراع الطائفي بين الاكراد والسنة الذي من شأنه أن يؤثر على استقرار تركيا نظرا لتشابه تركيبة المجتمعين.

اعتماد أردوغان على علاقته الشخصية بالأسد يقدم له النصيحة بإقامة إصلاحات وتعديلات سياسية على نظامه مما سيوفر إمكانية لانفتاح تركيا سياسيا في سوريا، لكن رفض الاسد ‏وأصر ‏على استخدام الوحشية ضد مواطنيه مما جعل تركيا تطرد جميع الدبلوماسيين السوريين من أنقرة ومساندة المعارضة السورية 2011 وقطع العلاقات التركية السورية نتيجة المجزرة التي حدثت في مدينة حوله.

في عام 2012 اعترفت تركيا بالمعارضة السورية ممثل شرعي لسوريا وهددت بتقديم الأسلحة لهم من اجل صد الاعتداءات نظام بشار الاسد ولمنع تدخل أي دول أوروبية في الأزمة، لكن هذا ما حدث الآن فسوريا اصبحت ساحة حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا. كما زاد الأمر تعقيدا بالنسبة لتركيا نتيجة ترك النظام السوري زمام الامور في المناطق الحدودية مع تركيا لحزب العمال الكردستاني وهو ما أثار تخوف تركيا من النزعة الانفصالية للأكراد على حدودها، ‏وهو ما يفسر قيامها ‏بعملية درع الفرات لتطهير هذه المنطقة من حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يمثل الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني.

إن الانقلاب الفاشل في تركيا عام 2016 ادى لتغيير سياسة حزب العدالة والتنمية تجاه سوريا حيث رفضت قيادة الحزب مساندة المعارضة السورية وتسليحها على حساب الجيش التركي، وبدأت تتبع وسائل ضغط غير عسكرية على نظام الأسد مثل الدعم والمساندة الدبلوماسية للثوار السوريين.

إذن الأزمة السورية عارضت حلم حزب العدالة والتنمية في أن تصبح تركيا قوة إقليمية، وذلك لأن سوريا من أكثر الدول المعرضة للتقسيم بعد العراق وكلاهما يهدد أمن تركيا واستقرارها نظرا لوجودهم على الحدود الجنوبية التركية ووجود النزعة الانفصالية للأكراد مما يجعل تركيا حريصة على إنهاء الأزمة السورية دون تقسيم، وهذا الأمر لن يحدث دون اتفاق دولي يرضي جميع الأطراف.[53]

* العلاقات التركية – الإيرانية:

يمكن القول أن العلاقات التركية الإيرانية خلال التسعينات كانت جيدة ومتطوره ونظرا للاتصال الجغرافي فيما بينهم مما سهل عمليات نقل البضائع أو الاستيراد والتصدير بينهم، وقد ظهر ذلك في استيراد تركيا للغاز من إيران عام 1996 بصفقة وصلت قيمتها إلى 20 مليار ‏دولار، والآن تعد ايران ثاني أكبر مورد للغاز إلى تركيا بعد روسيا.

‏مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا عام 2002 ذات التوجهات الإسلامية كان اقل توجها إلى إيران باعتبارها دولة دينية قد تؤثر على علمانية تركيا، لكن معرفة الاتحاد الأوروبي تركيا في توسعه عام 2004 سعت تركيا لتعزيز علاقتها في أي طار جديد (إيران) وقد وصل التبادل التجاري بين البلدين عام 2015 الى 4 مليار ‏دولار.

استمر التصاعد في العلاقات بين الدول فإيران وافقت على ‏الوجود التركي العسكري في كردستان العراق لمنع قيام دولة كردية، ‏كما أقرت تركيا بحق إيران ‏في تطوير برنامجها النووي سلميا عام 2010. لكن عضوية تركيا في الناتو أثار قلق إيران خاصة مع استقدام تركيا منظومة الدفاع الجوية الخاصة بالناتو عام 2011 واعتقدت إيران أنها موجهة لها حال قيامها باي ردة فعل تجاه إسرائيل.

كانت لثورات الربيع العربي دور في تحول هذا التقارب حيث أصبحت تركيا تتجه نحو قيام تحالفات مع الحركات الإسلامية في كل من مصر وليبيا وتونس ‏ومساعدة معارضة سوريا للإطاحة بالنظام الاسد أملا في وصول نظام جديد يتوافق مع سياساتها، اما إيران فكانت على العكس تدعم نظام الأسد الذي يخدم مصالحها ويوفر لها الوصول إلى البحر المتوسط وحليفتها لبنان (حزب الله).

‏لكن مع محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا 2016 عاد التقارب مرة أخرى حيث امتنعت تركيا عن مساندة معارضة سوريا على حساب الجيش التركي، فقامت تركيا بثلاث عمليات عسكرية في سوريا لوقف ‏القوى الكردية وتحقيق مصالح مشتركة لها ولإيران وهما: درع الفرات 2016، غصن الزيتون 2018، نبع السلام 2019.

وفي 2018 رفض التركية العقوبات الأمريكية على إيران بشأن برنامجها النووي، ونتيجة لذلك استمرت العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين البلدين حتى وصل إلى 10 مليار ‏دولار، خاصة حجم الغاز الذي تستورده تركيا من إيران والذي وصلت كمياته إلى 10 مليار ‏متر مكعب.

إذن فإن تركيا في علاقاتها مع إيران تضع في اعتبرها المصالح والمنافع المشتركة فهي لن تذهب إلى مرحلة العداء والحرب، كذلك لن تكون عضويتها في الناتو سبباً يحول في التقارب بين البلدين او حتى التحالف.[54]

الفصل الثالث

  • المبحث الأول (تأثير الحركات الاسلامية على ادوات السياسة الخارجية التركية)
  • المبحث الثاني (تأثير الحركات الاسلامية على مستقبل السياسة الخارجية التركية)

المبحث الأول (تأثير الحركات الاسلامية على ادوات السياسة الخارجية التركية)

ان تنوع ادوات السياسة الخارجية التركية التي تهدف لتحقيق اهداف الدولة ينعكس على مسار ورغبه الدول الاخرى في علاقتها مع تركيا سواء كانت هذه العلاقه تعاون او صراع، كما ان تركيا باعتبارها قوة اقليمية ذات علاقات متعددة مع معظم الفاعلين الاقليميين والدوليين ساهم في تعدد وتنوع استخدامها للقوة الناعمة ثم الانتقال الى القوة الصلبة ثم سعيها لتفعيل القوة الذكية وقد ظهر ذلك من خلال تعدد اساليب ووسائل تركيا التي تراوحت بين الادوات السلميه وغيرها العسكرية.

لذلك تعد تركيا من اهم الدول الاقليمية من وصول حزب العداله والتنميه للحكم 2002 وسعيه الى تعزيز المكانة الدولية والاقليمية لتركيا والحفاظ على امنها القومي وتحقيق اهدافها ومصالحها وذلك من خلال التباين في ادواتها السياسية الخارجية حيث كانت بداية تولي الحزب تتجه الى استخدام القوة الناعمة منذ 2002، لكن مع تطور الاوضاع وقيام ثورات الربيع العربي 2011 جعلت الحزب ينحني في مساره إلى استخدام القوة الصلبة وخصوصا مع محاولة الانقلاب الفاشله 2016 والتي اكدت للحكومة انه لا يمكن ان تسير السياسة التركية وفقا للقوة الناعمة فقط ولكن لابد من تحقيق توازن بين القوانين الناعمة والصلبة. وفيما يلي سوف نتطرق لاستخدام تركيا للقوة الناعمة ودوافعها واسباب انتقلها للقوة الصلبة .

*  اولاً: القوة الناعمة في السياسة الخارجية التركية:

منذ 2002 فقد تمثلت القوة الناعمة للسياسة الخارجية التركية وفقا لحزب العدالة والتنمية في تطوير النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة من اجل الارتقاء بتركيا على المستوى الاقليمي والدولي، وقد نجح الحزب في ذلك من خلال جعل الدبلوماسية والتعاون هي الخيار الاساسي للسياسة الخارجية مع حصر العامل العسكري في ما يخص تحقيق الامن والاستقرار والحفاظ على وحدة اراضي الدولة، هذا ما جعل تركيا تتحول الى دولة مركز ذو علاقات متعددة الاطراف وليس مجرد دولة جسر.

بالتالي بدات تركيا حقبة جديدة بوصول حزب العداله والتنميه 2002 سعت خلالها الى تنفيذ استراتيجية ومبادئ احمد داوود اوغلو التي كانت تعتمد بنسبة كبيره على القوه الناعمة.

*  دوافع اتجاه تركيا للقوى الناعمة:

تعددت دوافع تركيا بين وهو داخلي والذي يتمثل في ديمقراطية نظامها السياسي، وما هو اقليمي والذي يتمثل في ظروف وتطورات المنطقة المحيطة سواء في اطار الصراع او التعاون، وما هو دولي المتمثل في الدعم الامريكي وتشجيعه للدول الاسلامية للاقتصاد بالنظام التركي. وقد ظهرت هذه الدوافع في :

  • رغبه تركيا في بناء السلام في الشرق الاوسط خاصة لانه منطقة استقرار الامن في العالم وتطور النظام الدولي لامتلاكه مصادر الطاقة، وبالتالي عملت على الترابط بالمنطقة سياسياً وثقافياً واقتصادياً.
  • دعم الولايات المتحدة لوجود النموذج التركي في المنطقة نظراً لطبيعته الديمقراطية والاسلامية التي تتوافق مع دول الشرق الاوسط بما يساهم في تحقيق اهداف واشنطن سواء بشكل مباشر او غير مباشر.
  • رغبة تركيا في الانضمام للاتحاد الاوروبي، لذلك يراها الاتحاد الاوروبي العنصر الذي يمنع عنه تهديدات الشرق الاوسط من خلال التقارب مع دول المنطقة والسيطرة عليهم كقوة اقليمية.

*  تطبيق تركيا للقوة الناعمة في السياسة الخارجية:

اولاً: المستوى الثقافي:

عمل حزب العدالة والتنمية منذ وصوله الى اعادة تنشيط الارث الاسلامي والعثماني للدولة التركية خاصة مع العالم العربي والدول الاسلامية وساهم في ذلك احتوائها على العديد من الثقافات، وذلك من اجل تحقيق اهدافها في ان تصبح قوة اقليمية ودولية ومحاولة التقرب للاتحاد الاوروبي باعتبارها حلقة الوصل بين الغرب والمسلمين.[55]

ظهر دور الثقافة في السياسة الخارجية التركية من خلال تنظيمها للمؤتمرات والعروض الفنية واصدار قنوات تركية تتحدث العربيه ونشر المسلسلات التركية التي تشرح تأسيس الدولة التركية وكيف تحولت الى امبراطورية عثمانية رغبة منها في نشر مبادئ الديمقراطية الاسلامية، وقد ظهر تأثير ذلك على زيادة اعداد السائحين الى تركيا بالاضافه الى أن العرب ثاني اكبر مورد سائحين بعد اوروبا مما يوضح التاثير الكبير لهذا العامل.

كذلك انشأت تركيا ملتقى الحوار العربي التركي بأمر من مجلس الوزراء عام 2013 ويهدف هذا الملتقى الى توطيد العلاقات الايجابية وتغليب المصلحة العامة مع دول الجوار خاصة، بالاضافه الى اصدار الكتب بهدف توسيع نطاق الادب والثقافة التركية على مستوى العالم، وبالتالي اصبحت الثقافة التركية اداة للقوة الناعمة التركية جنب الى جنب العوامل السياسية والاقتصادية.

*  اولا الدراما التركية:

فمنذ ان بدأ الحزب في نشر مبادئ القوة الناعمة بدأت الدراما التركية في تجسيد شكل العثمانية الجديدة باعتبارها القوة الوحيدة القادرة على استبدال الثقافات واحياء الثقافة الاسلامية والارث العثماني مرة اخرى، وقد ظهر اهتمام الدولة التركية بدور الثقافة الهام من خلال اهتمام الرئيس رجب اردوغان بابطال مسلسل (ارطغرل). وذلك لأن المسلسل يجسد فترة تاريخية للبلاد الاسلامية وهي القرن 13 وحقق المسلسل نسب مشاهدة كبيرة وصلت الى 200 مليون مشاهدة معظمها في الدول العربية منها مصر والسعودية والكويت والجزائر والمغرب وقطر.

بالاضافه الى مسلسل وادي الذئاب الذي جسد وقع على السياسة الخارجية التركية من خلال تطرقه لمجموعة من القضايا الراهنة خصوصا فتره الربيع العربي منها قضية السفينة التركية (مرمرة) التي كانت مرسلة لمساعدة الشعب الفلسطيني والخطط الاسرائيلية للتصدي لهذه السفينة، كذلك توضيحه للعلاقات التركية السورية ومساندة تركيا للمعارضة السورية ضد نظام بشار الاسد وغيرها من القضايا، ويعد هذا المسلسل من اكثر المسلسلات التركية متابعة في تركيا والعالم العربي.

كذلك لعبت الدراما والفن التركي دور في الترويج عن السياحة واظهار المناطق الجميلة والعادات والتقاليد المقاربة للعرب والاسلام، بالاضافه الى المرافق والخدمات الحسنة داخل تركيا مثل المواصلات والفنادق والمجمعات الفاخرة، كذلك الترويج للصناعات والحرف التي نجحت في نشرها في الشرق الاوسط وافريقيا وجذب السياحة. وقد انعكس ذلك على عدد السياح الوافدين الى تركيا حيث بلغت اعدادهم في 2017 حوالي 39.9 مليون بحيث تحتل المركز السادس بين الدول الغربية. ومما سبق فقد نجحت تركيا في استخدام الثقافة والدراما كاداة للقوة الناعمة.

*  ثانيا وسائل الاعلام والترويج السياسي:

كانت وسائل الاعلام التركية وسيلة للترويج عن القوة الناعمة التي تتبعها الدولة، حيث تعتبر وسائل الاعلام هي وسيلة للتعبير عن السياسات والمواقف الخاصة بنزاعات الاسلاميين والعلمانيين، وقد سيطرت وسائل الاعلام الاسلامية على المركز الثاني بعد الاعلام اليمني الليبرالي المدافع عن العلمانية.

وقد ظهر الدور البارز لوسائل الاعلام التركية في محاولة الانقلاب الفاشلة 2016 وما قامت به في تغيير الوضع السياسي ومحاولة تشكيل بناء سياسي جديد، حيث لعبت دور في نشر الوعي لجميع الاطراف الاسلامية والعلمانية بالاحداث والتطورات واهمية تغيير موازين القوى ومعدلات الصراع. بالتالي لعبت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي دور رئيسي من خلال تدفق المعلومات السريع الذي ساهم في سيطرتهم على المتمردين وتشجيع المواطنين على النزول للشارع مما ساهم في إحباط الانقلاب، وخاصة لأن الانقلابيين اعتمدوا على السيطرة على محطات تلفزيونية لكنهم فشلوا في تحقيق هذا المخطط وفشل الانقلاب.[56]

ثانياً: المستوى الاقتصادي:

ادركت تركيا ان تسوية النزاعات لن يكون بشكل منفرد لذلك اتجهت الى تطبيق ادوات القوة الناعمة من خلال التعاون مع جميع الاطراف في العديد من المجالات من بينها المجال الاقتصادي الذي يشجع على الاستقرار السياسي التركي وبالتالي سعت تركيا في سياستها الخارجيه الى ابرام ما يقرب من 48 اتفاقية مع العراق و61 اتفاقية مع سوريا، ومنح تاشيرات دخول مجانية لثمانية دول مجاورة وهو ما انعكس على تصاعد الاقتصاد التركي وتحسين علاقتها بدول الجوار.

وقد ركزت تركيا في علاقاتها السلمية منذ 2002 على الجذور الاسلامية للحزب لكسب ثقة الدول العربية على الرغم من أنها دولة علمانية، وبالاضافة الى مواردها من المياة والتضاريس الطبيعية التي تضفي ميزة لتركيا في تعاملاتها الخارجية وخاصة المنطقة العربية المتاخمة لها.[57]

حاولت تركيا زيادة اعتمادها الاقتصادي خاصة في مصادر الطاقة على الدول العربية حيث تسد احتياجاتها من الغاز والنفط من المنطقة العربية، في حين أن إستيرادها الأكبر من روسيا وايران، كما اصبحت تركيا من أهم الاسواق للمنتجات الزراعية للعالم العربي. كما زاد الاستثمار التركي في دول الخليج لرغبة تركيا في تحسين العلاقات مع هذه الدول ومن اهم الاتفاقيات التي ابرمت في هذا الاطار:

  • اتفاقية الافضلية التجارية بين اعضاء منظمة المؤتمر الاسلامي: وهي اتفاقية تهدف الى تنشيط المبادلات التجارية بين الدول الاعضاء.
  • اتفاقية تشجيع وضمان الاستثمار: تضمن هذه الاتفاقية خفض الضرائب الجمركية والرسوم بين الدول الاعضاء.
  • الاتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي: وتعمل على تسهيل عمليات انتقال رؤوس الاموال بين تركيا والعالم العربي من اجل انتاج الثروات وبناء اسواق.[58]

ان التصاعد في مستوى الاقتصاد التركي ساهم في الاصلاح السياسي مما جعل الدول العربية تناشد انظمتها باتباع هذا النموذج الناجح والتاكيد على ان سياسة دولهم باءت بالفشل. كذلك نجحت تركيا في توظيف ادواتها الاقتصادية ومحدداتها في خدمة مصالحها وتعزيز مكانتها الدولية والاقليمية.

ثالثاُ: الدبلوماسية الانسانية:

لقد تبني حزب العدالة والتنمية في فترته الاولى برامج المساعدات الانمائية كأحد ادوات السياسة الخارجية التركية من خلال تفاعله السريع مع الازمات الدولية وتقديمه العديد من برامج التنمية لمساعدة الدول الاخرى مما جعل تركيا ثالث ممول للمساعدات الانسانيه في عام 2013 ورابع مانح للمساعدات التنموية حيث وصل عدد الدول التي قدمت لهم تركيا الدعم الى 131 دوله عام 2012.

كانت الدبلوماسية الانسانية التركية ترتكز على مبداين:

  • العمل الاغاثي: وذلك نتيجة تدفق اللاجئين الى تركيا لذلك فهي تجمع بين المصالح السياسية والاقتصادية والدبلوماسية الانسانية تجاه القارة الافريقية من اجل زيادة تاثير الدور التركي على الساحة الدولية.
  • الثاني: مشاركة المنظمات الدولية والامم المتحدة في تقديم المساعدات الانسانية وتسوية المنازعات والوساطة في اطلاق المبادرات للحلول السياسية والذي يعمل على تعزيز مكانة تركيا اقليمياً ودولياً.

بالتالي فإن تركيا عملت على إعادة تخطيط لعمليات الاغاثة والمعونات سياسيا وذلك من خلال تعبئة المنظمات غير الحكومية واعادة تنظيم مؤسسات الاغاثة، وهذا مما مكن تركيا من انشاء شكل مختلف من المساعدات الدولية المنتشرة حاليا. وصولا لعام 2013 كانت تركيا قد نشطت في اكثر من 100 دولة حول العالم بدءاً من اسيا الى افريقيا والشرق الاوسط ووصولا للشرق الاقصى.[59]

وكانت ابرز المساعدات التركية في فلسطين والصومال وميانمار وهابتي  والاكوادور وقد اصبح دور تركيا في الصومال جزءاً لا يتجزا من انشطة المساعدات الخارجية والذي تم ايصاله الى الجمهور المحلي والاجنبي. وفي عام 2014 كانت الصومال رابع الدول المستقبلة للمساعدات التركية بعد سوريا وتونس قرغيزستان  بمبلغ 74.5 مليون دولار وذلك من اجل دعم البنية الاساسية في الصومال فقد استثمرت تركيا في مجالات التعليم والصحة والنقل والزراعة في الصومال. بالاضافة الى المساعدات التركية في سوريا حيث دعمت سوريا 3.2 مليون دولار واستقبلت حوالي ثلاث ملايين من اللاجئين السوريين داخل عشر مدن تركية لتصبح بذلك ثاني اكبر مانحي المساعدات للسوريين. [60]

رابعاً: التعليم والمنح الدراسية:

يعد التعليم أحد مصادر القوة الناعمة لاي دولة، خاصة وان كانت هذه الدولة تمتلك مراكز بحثية ومؤسسات تعليمية ذات جودة عاليه قادرة على جذب الطلاب الدوليين من خارج البلاد، كما يعد التعليم أحد محركات النمو الاقتصادي. لذلك قامت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بانشاء برنامج التقييم الدولي للطلاب، وقد ارتفع مؤشر هذا البرنامج في تركيا منذ 2003 حتى 2009 وهو ما يدل على ارتفاع نسب التعليم في الأسر المحرومة وعلى الرغم من ذلك فان مستوى تركيا لا يزال اقل من متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وعلى الرغم من عدم إهتمام تركيا بتعليم رياض الاطفال وحتى الثانوي، فقد كانت إهتمام تركيا تعليمياً مسخر للتعليم العالي ويمكن الدلالة على ذلك من خلال عدد الجامعات قبل تولي حزب العدالة والتنمية كانت 76 جامعة وقد وصل عددها الى 176 جامعة عام 2014 ثم 206 في عام 2018، وصل منها ست جامعات من افضل 500 جامعة على مستوى العالم. كما تعمل تركيا على الاستثمار بالمجال التعليمي من اجل بناء علاقات دائمة مع الدول التي تسعى الى تنشيط علاقات معها من خلال جذب الطلاب المنتمين اليها. وفي عام 2010 اصدرت تركيا منح دولية من خلال مجلس التعليم العالي (yok) مما اظهر مدى القوة الناعمة التركية في جذب الطلاب الدوليين حيث وصل عددهم في 2011 الى 31 الف طالب وحتى عام 2017 وصل عددهم 125 الف طالب دولي.

*  خامساً: زيادة الفاعلية في الاوضاع متعددة الاطراف:

عملت حكومة العدالة والتنمية على زيادة سمعة الدولة التركية على المستوى الاقليمي والدولي مما جعلها تتجه الى زيادة نفوذها في المنظمات التي تقع ضمن أعضائها، وكان أهم إنجاز حصلت عليه الحكومة التركية هي فوزها بمقعد غير دائم في مجلس الامن التابع للامم المتحدة وذلك بعد فوزها في تصويت الجمعية العامة ب 151 صوت من اصل 192 عام 2008 وذلك بعد فشلها في الحصول على هذا المقعد منذ 50 عام وكانت سبب وراء هذا الفوز هي علاقاتها مع الدول الافريقية واللاتينية.

لم يقف الامر عند هذا الحد فقد حصلت تركيا على منصب الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي عام 2004 وهي المرة الاولى منذ تأسيس المنظمة قبل 35 عام، كما اضاف هذا المنصب ثقل هام لتركيا على المستوى الدولي حيث جعلها دولة مقبولة من الشعوب الاسلامية بالاضافة لأهمية هذه المنظمة التي تصنف ثاني اكبر منظمة بعد الامم المتحده وتضمن 57 عضو.

بالاضافه الى ادوار تركية اخرى مثل تولي جاويش اوغلو رئاسه الجمعية البرلمانية الاوروبية عام 2010 مما اكد على اوروبية تركيا وزيادة فعاليتها الخارجية في السياسة الاوروبية.

كذلك الى جانب ادوارها في افريقيا واوروبا ظهرت جهودها في اسيا حيث تولت رئاسة مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقافة في اسيا وهو منتدى يضم 22 دولة من الشرق الاوسط واسيا تعمل من خلالها على تعزيز السلام والامن والاستقرار في اسيا مما عزز سياستها الاقليمية. بالاضافة الى عضويتها في مجموعة العشرين ومراقب في الاتحاد الافريقي وآلية حوار استراتيجي مع مجلس التعاون الخليجي، ذلك الى جانب استضافتها لمؤتمرات القمة لمنظمة المؤتمر الاسلامي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وحلف الشمال الاطلسي عام 2004.

كما اطلقت تركيا مبادرة إنشاء مجلس التعاون للبلدان الناطقة بالتركية ( أذربيجان _كازاخستان _ أوزبكيستان_تركمانستان _قيرغيزستان _تركيا) تكون امانته العامة مقرها اسطنبول، ويضم مجلس رؤساء الدول المتحدثة اللغة التركية ومجلس وزراء خارجية هذه الدول ومجلس كبار المسؤولين ووفد الحكماء.[61]

* ثانياً: القوة الصلبة في السياسة الخارجية التركية :

استمرت تركيا في استخدام القوة الناعمة حتى عام 2013 وقد حققت من خلالها العديد من الانجازات، لكن منذ منتصف 2012 وبدأت الاوضاع تتغير في العالم وخصوصاً المنطقة العربية التي شهدت العديد من الاضطرابات (الربيع العربي) التي لم تكن في صالح تركيا بالاضافة الى التدخلات والاحلاف العسكرية من خارج المنطقة لداخلها خاصة التدخل الروسي في سوريا واشتداد الاحتقان الايراني السعودي.

مما جعل تركيا تعيد تفكيرها في ان القوة الناعمة وحدها لن تحقق اهدافها وبالتالي فهي بحاجة لتفعيل القوة الصلبة لمواجهة المشكلات الجديدة التي يتمثل في مقدمتها عدم الاستقرار على حدودها مع سوريا نتيجة ترك نظام بشار الاسد السيطرة على هذه المناطق لحزب العمال الكردستاني مما سبب تدفق للاجئين وتهريب الاسلحة وتهديد الامن التركي.

بالتالي فان التوترات الاقليمية والبيئية غير المستقرة والتي انعكست سلبياتها على الامن التركي جعل تركيا تتجه لتبني القوة الصلبة والاستخدامات العسكرية لحماية الامن القومي التركي خصوصاً بعد الانفجارات داخل حدود تركيا ذاتها.[62]

* عوامل تفعيل القوة الصلبة في السياسة الخارجية التركية:

قد عززت الاضطرابات والتدهورات التي حدثت في الشرق الاوسط رغبة تركيا في تفعيل القوة الصلبة وقدرتها العسكرية والردع الاستراتيجي، وقد تمثلت هذه الاضطرابات في ثورات الربيع العربي 2011 وتدني الاوضاع الاجتماعية والسياسية في هذه البلدان بالاضافة الى التدخل الروسي مباشرة في سوريا واشتداد الصراع السعودي الايراني.

لذلك بدأت تظهر بوادر القوة الصلبة التركية في منتصف عام 2013 وتمثلت في عدة محاور وهي:

*صناعات الدفاع المحلية:

إن رغبة تركيا في أن تكون قوة اقليمية ومستقلة في سياستها الخارجية مرتبط بالنشاط العسكري الخاص بها ومدى قدرتها على تنويع مصادر التسليح، وقد نجحت تركيا في تحقيق إكتفائها الذاتي من السلاح وأن تصبح من ثالث اكبر المستوردين للاسلحة الى المركز الرابع عشر في تصدير الاسلحة، وفي العشر سنوات الماضية اضافت تركيا انظمة دفاع محلية الى مخزونها مما قلل الاعتماد على الواردات وزاد نسبة المحتوى المحلي في مشترياتها الدفاعيه من 24% في عام 2002 الى 70% في عام 2019 وتهدف أنقرة من هذه السياسة الدفاع عن مصالحها الوطنية بقوة.

تجاوزت القوة الانتاجية لهذه الصناعات 5 مليارات في عام 2015 وانتجت الشركات العسكرية التركية اسلحة ب 4.3 مليار دولار وصدرت منها 1.3 مليار دولار بنسبه 35% ثم ازدادت الى 1.7 مليار دولار عام 2017 وتهدف تركيا لتكون المركز العاشر عالمياً في تصدير الاسلحه بحلول عام فين 2023.

*  استخدام الطائرات بدون طيار:

كانت الطائرات بدون طيار سلاح مميز للقوات التركية في المعارك التقليدية حيث مكنت تركيا من تحقيق انتصارات عسكرية جيوسياسية في معارك معقدة في كل من ليبيا وسوريا واذربيجان ضد القوات الروسية مما جعلها تروج لصعود تركيا كقوة اقليمية ووسيط رئيسي يشكل النتائج اكثر من روسيا والولايات المتحدة والصين، بالاضافة الى دفع الكثير من العملاء لشراء هذه الطائرات وهناك من هم على استعداد للتحالف او اقامة قواعد تركية عسكرية على اراضيها، من ابرز الامثلة على ذلك بولندا (عضو الاتحاد الاوروبي وحلف الشمال الاطلسي) ستحصل على اول دفعه من هذه الطائرات في 2022.

كما عملت تركيا على انشاء اول واكبر حاملة طائرات هجومية برمائية تعمل كقاعدة بحرية عائمة تمكن المقاتلات النفاثة من الاقلاع القصير والهبوط العمودي او اطلاق طائرات بدون طيار، بالاضافة الى الغواصات من فئة ( Reis) والفرقاطات من الدرجه الاولى.[63]

* الاقمار الصناعية العسكرية:

اطلقت تركيا قمران صناعيان بهدف تعزيز النشاط العسكري والاستخباراتي :

الاول: ( غوك تورك)١:

يقوم بمراقبة المؤسسات الحكومية ورصد المحاصيل الزراعية ومهام الاستشعار عن بعد منها مراقبة الحدود وتسيطر عليه كتيبة الاستطلاع الفضائية التابعة لقيادة القوات الجوية.

الثاني: (غوك تورك):٢

يقوم بتقديم المعلومات الاستخبارية والبيانات الجغرافية والرقمية ويتميز بقدرته على تصوير شريط بطول 650 كيلو متر، كما يلبي متطلبات الدولة من البحوث العامة والعلمية والرقابة.

كما اطلقت تركيا قمر آخر (تركسات 5) لتعزيز النشاط العسكري وتعتزم على اطلاق قمر آخر( تركسات 6) في اوائل 2023.

* التعاون العسكري:

اهتمت تركيا بعقد اتفاقيات تعاون عسكري مع الدول الحليفة منها اتفاقية الدفاع المشترك مع اثيوبيا 2013 تهدف الى التعاون في المجالات الدفاعية العسكرية والدعم اللوجستي والفني لأثيوبيا، كذلك اتفاقية التعاون العسكري مع قطر في 2014 بهدف التعاون في مجال التدريب العسكري والصناعات الدفاعية كما ينص على قدرة كل دولة على نشر قواتها في اراضي الاخرى، بالاضافة الى التعاون مع كل من جورجيا واذربيجان وقيام مناورات عسكرية مشتركة عام 2015 اطلق عليها (نسر القوقاز).* تطبيق تركيا للقوة الصلبة في السياسة الخارجية:

أ/ القواعد العسكرية التركية خارج البلاد:

اهتمت تركيا بإقامة قواعد عسكرية لها في الخارج ومنها:

  • في قطر (قاعدة الريان):

انشأت وفقا لاتفاقية التعاون في 2014 وتهدف للتعاون في المناورات العسكرية ومكافحة الارهاب والصناعات الدفاعية وتتكون من ثلاث الاف جندي من القوات البرية بالاضافة الى وحدات جوية وبحرية ومدربين عسكريين.

  • قاعدة الصومال:

أكبر قاعدة خارج تركيا وتم تدشينها في 2017 على ساحل المحيط الهندي بمساحه 4 كيلو مترات بتكلفة 50 مليون دولار تتضمن ثلاث مدارس عسكرية تتكون من 1500 جندي صومالي و500 ضابط تركي يهدفوا لتدريب 10,000 جندي صومالي، وتتحمل تركيا تكاليف السكن والطعام والتدريب ورواتب الجنود والمستلزمات العسكرية.

  • في العراق (قاعدة بعشيقة):

تم تدشينها عام 2015 بطلب من رئيس الوزراء العراقي وتقوم بتهيئة قوات البشمركة والعشائر السنية من اجل مواجهة تنظيم داعش، لكنها احدثت أزمة بين تركيا والعراق بسبب زيادة اعداد القوات التركية ب 150 جندي بالاضافه الى ما بين 20 الى 25 دبابة خلال عمليه تبديل مركز القاعدة من بعشيقة الى الموصل.

  • بالاضافة الى اربع قواعد عسكري تركية داخل سوريا من اصل ثمان قواعد موجودة في البلاد وذلك بهدف استخدامهم في عملية درع الفرات.[64]

ب/ العمليات العسكرية التركية خارج البلاد:

أولاً: عملية درع الفرات:

أحد العمليات العسكرية التي قامت بها تركيا عام 2016 بالتنسيق مع قوات التحالف خلال الازمة السورية وكانت تهدف الى طرد تنظيم داعش ومواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سوريا من اجل تطهير حدودها من الجماعات المسلحة ومنع الاكراد من إقامة كيان مستقل للحفاظ على استقرارها ووحدة اراضيها.

وقد نجحت العملية في طرد تنظيم الدولة الاسلامية من المناطق الواقعة بين طرابلس واعزاز، وفي المرحلة الثانية نجحت في إنهاء وجود تنظيم الدولة الاسلامية بشكل تام من الحدود الجنوبية مع سوريا، لكن تركيا على الرغم من إعلان نجاح العملية الا انها لم تعلن عن موعد انسحاب قواتها وأقرت بقيام عمليات اخرى تقوم على نفس الاهداف في مراحل متقدمة.

وأرى انه من اهم دلالات هذه العملية التوافق الذي احدثته تركيا مع الاطراف الاخرى حيث عملت قبل القيام بالعملية على تحسين علاقتها مع روسيا الاتحادية لضمان عدم استهداف القوات التركية بل ودعمها وكأنها تعطي الموافقة على العملية، بالاضافة الى التفاهم الايراني التركي من خلال زيارة اردوغان الى ايران قبل العملية باربعة ايام. كذلك كانت موافقة الولايات المتحدة في اطار حرصها على مكافحة الارهاب مما نجعلها تدعم العملية.

ثانياً: عملية غصن الزيتون:

في عام 2018 اعلن اردوغان عن عملية عسكرية جديدة ضد قوات وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي المقيمة في عفرين وذلك بهدف حماية وحدة الاراضي التركية وأمنها من التهديد الذي تمثله هذه القوات المتاخمة لمدينتين كليس وهاطاي التركية خوفاً من إنشاء ممر كردي على الحدود التركية السورية وقد تمكنت القوات التركية من السيطرة الكاملة على مدينة عفرين بعد 58 يوم من بدء العملية.

كانت هذه العملية امتداداً لعملية درع الفرات وبالتالي كان هناك استمرار للتوافق الروسي والايراني مع تركيا لما ستحققه العملية من مصالح لجميع الاطراف، لكنها لم تكن على توافق مع الولايات المتحدة الامريكية بسبب تدهور العلاقات بينهم نتيجه تخلي الولايات المتحدة عن وعدها لتركيا بإخراج قوات وحدات الحماية وإنهاء تنظيم الدولة الاسلامية بالاضافة للدعم الامريكي لقوات الحمايه الذي وصل 4000 شاحنة عسكرية ودعم اقليم شمال العراق في استفتائه الشعبي للحصول على الاستقلال وذلك بهدف الوجود في شمال سوريا.[65]

ثالثاً: عملية نبع السلام :

في اطار اصرار تركيا على انشاء منطقة امنة على حدودها الجنوبية مع سوريا فقد اطلقت تركيا عملية عسكرية ثالثة عام 2019 اطلقت عليها عملية نبع السلام تهدف طرد ميل ميليشيا قسد من مساحة 4300 كيلو متر وتضم 600 منطقة سكنية، وتسهيل عوده اللاجئين السوريين الى موطنهم وقد امتدت العملية في سوريا بين مدينتي تل أبيض ورأس العين على طول شمال شرق 120 كم.

استمرت هذه العملية لمدة 10 ايام وخلفت 1200 قتيل من عناصر وقيادات ميليشيا قسد، وفي 17 اكتوبر 2019 اعلنت تركيا التوصل إلى اتفاق مع واشنطن ينص على انسحاب الميليشيا من المنطقة، بالاضافة الى اتفاق اخر مع روسيا الاتحادية في 22 من نفس الشهر الا ان وزير الخارجية التركية اعلن ان كل الدوليين لم يلتزموا بهذه الاتفاقيات وان استمرا في ذلك ستتخذ تركيا الاجراءات اللازمة بشان هؤلاء الارهابيين.

المبحث الثاني (تأثير الحركات الاسلامية على مستقبل السياسة الخارجية التركية)

مما تم عرضه فى الفصول السابقة فإنه يؤكد على ان تركيا دولة تمتلك محددات ودوافع قوية تمكنها من لعب دور الضامن للاستقرار وهو ما يجعلها دولة مقبولة من كل الأطراف، فقد ظهرت تركيا كقوة إقليمية تلعب دور الوساطة الدبلوماسية والحفاظ على هدوئها ورؤياها الاستراتيجية على الرغم من التدهور والتوتر المنتشر حول حدودها. بالاضافة إلى إتباع حكومتها بقيادة حزب العدالة والتنمية النهج البرجماتى فقد عملت تركيا على فهم والتعرف على مصالح وأهداف القوى الفاعلة فى المنطقة بهدف رسم ووضع خططتها الاستراتيجية وسياستها الخارجية السياسية والدبلوماسية بما يحقق لها أقصى إستفادة ممكنة من علاقتها مع هذه القوى وبالتالى سيتم التطرق إلى مستقبل العلاقات التركية مع المناطق المحيطة لها والقوى الكبرى فى ظل إستمرار حكم حزب العدالة والتنمية.

*  مستقبل العلاقات التركية – العربية:

نرى أن مستقبل العلاقات التركية العربية تنم عن الاتجاه إلى التقارب والتعاون فيما بين الطرفين وقد عزز هذا الاتجاه وصول جو بايدن للادارة الجديدة الامريكية وإتباعه نهج جديد يركز على التواجد فى منطقة الاندوباسيفيك وتصنيف روسيا والصين كخصوم له وكل ذلك على حساب وجوده فى الشرق الاوسط، وهنا بدأت قيادات دول الشرق الاوسط فى التقارب فيما بينهم من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف المشتركة والمتمثلة فى توازن النفوذ بين جميع الأطراف بعد سنوات من التنافس الذى وصل فى بعض الاحيان إلى الحرب بالوكالة، بالإضافة إلى مكافحة الارهاب والتراجع الاقتصادى. كذلك السعى للتقارب مع تركيا لتحقيق أهداف إقليمية منها التصدى للنفوذ الايرانى والإسرائيلى والحد من إنتشاره وتحقيق الاستقرار فى الدول العربية بعد عقد من التدمير الشامل.

إذن أرى أن استمرار وجود حزب العدالة والتنمية فى سدة الحكم فى تركيا سوف يسعى للتقارب والتعاون مع الدول العربية عامة والاسلامية خاصة نظرآ لطبيعته الاسلامية، كما ستعتمد الدول العربية على التعاون مع تركيا لأنها ترى فيها القوة الإقليمية ذات الوزن الإستراتيجى القادر على مواجهة التوسع الإيرانى ولعب دور الوسيط بين الدول العربية والولايات المتحدة الامريكية من أجل تسوية الملفات والخلافات العالقة بينهم وذلك باعتبار تركيا حليف الولايات المتحدة نظراً لوجودها عضو فى حلف الناتو رغم الخلافات الموجودة بينهم.

كما أوكد أن السعى للتنسيق والتقارب بين الطرفين ليس فقط من دوافع الدول العربية، وإنما هناك دوافع أخرى تجعل تركيا تضع المنطقة العربية على أولوياتها فى علاقاتها الخارجية وذلك نظرآ للازمة الاقتصادية التى تمر بها تركيا والتى قد تمنع إستمرار حزب العدالة والتنمية فى حكم تركيا خلال الانتخابات المقبلة إذا لم يستطيع حلها. لذلك ظهر إهتمام تركيا بالتبادل التجارى مع المنطقة العربية خاصة فى مجالات الصناعات الدفاعية وصادراته فقد صدرت تركيا طائرات من نوع ( بيرقيدار ) لكل من الامارات والسعودية مما سيحقق لها طفرة فى إرتفاع صادراتها العسكرية.

إذن فمما سبق نرى أن تحسن العلاقات العربية التركية مرتبط إرتباط وثيق بإستمرار رجب أردوغان (حزب العدالة والتنمية ) فى حكم تركيا ٢٠٢٣.

كذلك يمكن القول بأن نجاح القوى الناعمة التركية وأدواتها في تحسين العلاقات التركية العربية واستقطاب الرأي العربي والشباب من خلال وسائل الاعلام والثقافة والدراما التركية وتحقيق الوحدة الثقافية والتأثير علي الشعوب العربية؛ يمكن أن يكون أحد السيناريوهات المستقبلية التي تعتمد عليها تركيا في تحقيق تقاربها من المنطقة العربية والحصول علي أهدافها بإستعادة مكانتها الدولية ولعب دور القوة الاقليمية.[66]

لكن علي الرغم من رغبة كلا الطرفين في تحقيق التعاون والتقارب إلا أن هناك عدد من التحديات التي تواجه تطوير السياسة الخارجية التركية في المنطقة العربية وبالتالي يمكن رسم عدة سيناريوهات مستقبلة للعلاقات التركية العربية خلال السنوات المقبلة.

* السناريو الأول: (التقارب – استمرار التعاون ):

إن التعاون العربي التركي قد حقق تقدم ملحوظ خلال الفترة السابقة وظهر ذلك من انغماس تركيا بشكل متزايد في المؤتمر الاسلامي وما يخص القضايا العربيه؛ وقد نجحت في الحفاظ على علاقات ايجابية. لكن أُلاحظ ان الانفتاح التركي على العرب والمسلمين لم يكن بالتوازن بمعنى ان حكومة حزب العدالة والتنمية قد سبقت شعبها في التوجه نحو العرب والشرق الاوسط.

يتضح التعاون بين تركيا والدول العربية من خلال العلاقات الجيدة مع بعض الدول مثل قطر التي دعمت الهجمات التركية على اقليم كردستان وأقرت بأحقية تركيا في ذلك؛ بالاضافة الى تقارب العلاقات مع المملكة العربية السعودية التي ظهر في التنسيق المشترك بين الطرفين لدعم المعارضة السورية.

كذلك ظهور تركيا بالشكل الذي يقدمه الغرب للعرب على أنها النموذج الديمقراطي والفاعل النشط في المنطقة؛ بالاضافة الى أدوارها المعارضة لإسرائيل والجانب الموازن مع إيران؛ جنباً الى جنب مع الاحداث التي ضربت تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن وأراها عوامل وفرص داعمة لصعود تركيا كقوة الاقليميه لتملأ الفرق في الشرق الاوسط وتدعم تأسيس الدول العربية الجديدة على اساس نموذجها الاسلامي والديمقراطي فهي ترى نفسها مسؤولة تجاه الشعوب العربية نظراً للروابط التاريخية والثقافية والدينية بينهم.

اذن فان التقارب العربي التركي يتوقف على قدرة تركيا وإهتمامها بحل المشاكل المشتركة والحفاظ على المجال الحيوي للدول العربية القريبة منها سواء سوريا او العراق خاصة قضية المياة؛ وأرى ان تركيا لديها من المقومات ما يساعدها على القيام بهذا الدور.

* السيناريو الثاني: (التباعد وعدم التعاون):

هناك مجموعة من التحديات التي تضرب آفاق التعاون المستقبلي لتركيا مع العرب بعيداً ويحول دون تطوير سياستها الخارجية من هذه التحديات:

1- تدهور الاوضاع البيئية والجفاف الذي ضرب المنطقة العربية حال دون تسوية قضية المياة المشتركة بين سوريا والعراق على الرغم من توقيع بروتوكول بين تركيا وسوريا عام 2001 يهدف الى التعاون في مجالات الابحاث والتكنولوجيا وتطوير المشروعات.

2- ادوار الوساطة التي مارستها تركيا بين البلاد العربية لم تعطي نتائج ايجابية حتى الان وقد بررت تركيا ذلك بأنها قضايا صعبة للغاية.

3- تدهور العلاقات التركية الاسرائيلية خاصة منذ عام 2009 وفقدان تركيا ثقة إسرائيل جعلها تفقد دور الوساطة بين العرب واسرائيل في قضاياهم المشتركة.

قد تسببت هذه المسائل في تباعد العلاقات التركية العربية لكن هناك عوامل اخرى داخلية قد تتسبب في ذلك منها فشل حزب العدالة والتنمية في الفوز بالانتخابات القادمة او حتى الدخول في إئتلاف مع حكومة اخرى لتشكيل النظام او فشل الرئيس في التأثير على قرارات الحكومة المستقبلية. بالتالي قد يكون ذلك تغيير تدريجي في توجهات السياسة الخارجية التركية قد لا تكون في صالح العلاقات العربية.

* السيناريو الثالث: (الوقوف عند خط المصالح):

قد لا يكون هناك تقارب أو تباعد في العلاقات التركية العربية وتتجمد العلاقات على ما هي عليه؛ وبالتالي ستكون نظرة تركيا للمنطقة العربية والشرق الاوسط على انها مجال جيوبولوتيكي لها تحقق من خلاله مصالحها واهدافها ومنها:

الجانب السياسي: السعي للتطبيع مع مصر وهو ما قد يتحقق بوساطة سعودية؛الحرص على استمرار العملية السياسية في العراق، وعدم التعامل مع منطلقات مذهبية اما بالنسبة لسوريا فأنها ستستمر في السعي لتحقيق منطقة امنة في شمال سوريا من اجل اعادة اللاجئين السوريين تدريجيا الى بلادهم؛ ومنع إقامة كيان كردي يهدد أمنها وبالتالي تحقق هدفها الاسمي وهو الاستقرار والامن القومي التركي.

أما الجانب الاقتصادي: تحتاج تركيا ان تحقق تنمية اقتصادية وزراعية حتى تعالج مشكلة التضخم التي تعاني منها؛ وبالتالي اقامت مشروع  (GAP) الذي سيحقق خصوبة التربة واستصلاح الاراضى الزراعية ويحول تركيا لأكثر المناطق الانتاجية في المجالات الزراعية خاصة بعد تراجع النشاط في سوريا والعراق نتيجه نقص المياه؛ وبالتالي قد يحقق لها المستوى الاقتصادى المرغوب فيه للإنضمام للاتحاد الاوروبي والوصول الى حلمها.[67]

* مستقبل العلاقات الاوروبية التركية:

إن السياسة الخارجية التركية تجاه الاتحاد الاوروبي تتمثل في الانضمام للاتحاد والذي يعد اهم اولويات تركيا وقد سعت تركيا بتبني كافة المعايير والشروط المتطلبة للانضمام لكن منذ بدأ المفاوضات 2005 الا انه لم يتم التقرير حتى الان بالموافقة او بالرفض خاصة بعد تذبذب علاقة تركيا ببعض الدول الاوروبيه مثل القضية الارمينية والقضية القبرصية؛ بالتالي فإنه وفقاً لمسار هذه المفاوضات سيكون هناك عدة سيناريوهات مستقبلية وهي:

* السيناريو الاول: (الانضمام للاتحاد الاوروبي):

على الرغم من مشاكل تركيا مع بعض الدول الاوروبية التي تم ذكرها سلفآ إلا انه هناك فرصة للموافقة على انضمامها ويرجع ذلك للمصالح المشتركة التي ستتحقق للجانبين؛ فانضمام تركيا يضمن لها استقرار في النموذج الديمقراطي ويعزز من دورها الاقليمي والاقتصادي؛ أما بالنسبه لاوروبا فان الانضمام ويوفر لها عضو يمتلك علاقات واسعة بالشرق الاوسط مما يحقق لها مكاسب اقتصادية كبيرة نظراً للاسواق التي ستفتح لها في المنطقة العربية بالاضافة أنها ستكون قريبة من مصادر طاقة جديدة تغنيها عن روسيا الاتحادية.

ان موافقة عدد كبير من الدول الاوروبية على انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي في مقدمتها فنلندا والسويد وايطاليا وبلغاريا واليونان يؤكد أن  إحتمالية هذا السيناريو تتوقف على امكانية تركيا في استخدام مقوماتها من أجل تحقيق معايير كوبنهاجن التي تسهل الانضمام للاتحاد الاوروبي، بالاضافة الى إقامة علاقات جيدة مع الدول المعارضة لإنضمامها مما يجعلها تغير رأيها حيال الامر؛ كذلك استمرارها في العمل الدؤوب من اجل التوصل الى تسوية لمعالجة المشكلات التي تعرقل الانضمام مثل القضية الارمينية والقضية القبرصي.

* السيناريو الثاني: (استمرار المفاوضات كما هي):

يظهر هذا السيناريو ليوضح استمرارية المفاوضات كما هي دون موافقة او رفض وذلك لأن هذا المسار يخدم مصالح الاتحاد الاوروبي وقد تستمر هذه المفاوضات الى بضع سنوات قادمة؛ ياتي عدم رفض الاتحاد الاوروبى لعضوية تركيا نظراً لأهميتها الاستراتيجية بالنسبة لأوروبا وقدرتها الاقليمية التي تساعدها على تحقيق الاهداف الاوروبي في منطقة الشرق الاوسط والتي تمثل مصدر تهديد للاتحاد الاوروبي نتيجه الاحداث المتدهورة التي ضربت البلاد.

لذلك يضرب الخوف أبواب أوروبا بأنه في حاله فشل الانضمام سوف تتجه تركيا الى قيادة عالم خاص بها في منطقة اسيا الوسطى والقوقاز نظراً للروابط الدينية المشتركة وهو ما قد يخلق حاجزاً دينياً وعدم توازن في المجتمع الدولي لا يمكن السيطرة عليه بسبب انقطاع الاتصال بين المجتمعات الاسلامية والمسيحية؛ بالاضافه الى اتجاهها إلى الولايات المتحدة باعتبارها مصدر قوة لها وحليفتها في حلف شمال الاطلسي وتحسين العلاقات الثنائية مما يخلق عداء تركيا لأوروبا وتهديد جوانبها السياسية والاقتصادية.

كذلك في حالة الموافقة وانضمام تركيا للاتحاد الاوروبي فسيكون له اثار سلبية على جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والامنية والديمغرافية وهو ما تتحجج به الدول الاوروبية لتعليق المفاوضات او حتى رفض العضوية.

* السيناريو الثالث: (فشل المفاوضات وعدم الانضمام للاتحاد الاوروبي):

هناك العديد من المعوقات والتحديات التي تمنع انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي او على الاقل تعمل على بطئ عملية المفاوضات منذ عام 2013 وقد تكون مجموعة معايير وضعها الاتحاد الاوروبي من اجل عدم رفض عضويتها بشكل تام وما ينتج عنه من اثار سلبية بالاتحاد؛ ومن ضمن الاحداث التي جعلت الاتحاد الاوروبي يتخذ موقفاً سلبياً من تركيا احداث العنف ضد المتظاهرين في محاولة الانقلاب؛ بالاضافة إلى حظر موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) مما اعتبرته اوروبا تقييد لوسائل الاعلام وحريات الافراد في التعبير عن حقوقهم وآرائهم.

كما عرض الاتحاد الاوروبي عدد من المشكلات التي قد تتسبب بها تركيا اذا ما انضمت الى الاتحاد منها العامل الديني وهو ما سيضر التركيبة المسيحية للقارة؛ كذلك الحدود الجغرافية لتركيا والتي ستمد حدود الاتحاد الى العراق واذربيجان والقوقاز وجورجيا وسوريا وايران وهو ما سيجعله ينغمس في مشاكل مشتعلة داخل الشرق الاوسط مما سيؤثر عليه سلبياً.

أما بالنسبة للناحية الديموغرافية فإن عدد السكان الكبير لتركيا سيؤثر على سياسة الاتحاد نظراً لما ستحصل عليه من مقاعد في البرلمان الأوروبي يجعلها تسيطر على المؤسسات الأوروبية وعملية صنع القرار في الاتحاد، بالإضافة إلى زيادة التضخم في مجمل الاتحاد نتيجة نقل المهاجرين من تركيا إلى أوروبا بسبب تدني مستوى الأجور في تركيا، بالإضافة إلى ما تم ذكره عن قضايا قبرص واليونان ومنازعاتهم مع تركيا وهي ما لم تحقق فيه هذه الدول أي تقدم حتى الآن.

‏إذن من هذه المعوقات والمشاكل فإنها تنبأ بأن المفاوضات التركية سوف تنتهي بالفشل وعدم الانضمام بالعضوية الكاملة للاتحاد الأوروبي إذا ما نجحت تركيا في الوصول وتحقيق معايير كوبنهاجن المشروط توافرها من أجل الانضمام بل والعمل على إقامة علاقات جيدة وإيجابية مع دول الاتحاد الأوروبي وخاصة الدول التي ترفض انضمامها أو الدول التي تحمل ضغينة وعداء لتركيا.[68]

* ‏مستقبل العلاقات التركية الأمريكية:

إن العلاقات الأمريكية – التركية قد مرت بفترات من المقاربة وفترات أخرى من التباعد والتوتر، لكن يمكن النظر إلى أن الأزمة الاوكرانية قد ساعدت العلاقات بين واشنطن وأنقرة على السير قدماً خاصة وأن الموقف التركي من الأزمة متماشي ومحقق للمصالح الأمريكية، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك سيناريوهات قد ترسم شكل العلاقات التركية الأمريكية في المستقبل.

* ‏السيناريو الأول: (التقارب والتعاون):

ان وصول الادارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن تزامنت مع الرغبة الأمريكية في احتواء تركيا والعمل على تسوية القضايا الخلافية بينهم وقد ظهر ذلك من خلال موافقة الادارة الأمريكية على منح تركيا صفقة طائرات أف 16 خاصة عندما أقنع بايدن الكونجرس بأن إمتلاك تركيا لهذا النوع من الطائرات يخدم مصالح الأمن القومي الأمريكي والناتو على المدى الطويل. بالإضافة إلى دعم الوساطة التركية بين أوكرانيا وروسيا وأدوار تركيا المناهضة لإعتراف الرئيس الروسي باستقلال المنطقتين الاوكرانيتين دونتسك ولوهانسك، والدعم العسكري التركي لأوكرانيا وهو ما اعتبرته الولايات المتحدة خطوات إيجابية لحل النزاعات بين أنقرة واشنطن نظرا لما يخدم مصلحها.

‏كذلك استمرار تركيا في رغبتها للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية وأنها مستعدة للحصول على منظومة باتريوت الدفاعية الأمريكية إلى جانب منظمة أس 400 الروسية لتحقيق تنوع هام في أنظمتها الدفاعية.

‏كذلك زيادة الاستثمارات الأمريكية في تركيا خصوصا بعد الأزمة الاوكرانية التي جعلت الشركات المغادرة للسوق الروسي تبحث عن إمكانية الانضمام للسوق التركي والتي يصل عددها إلى 1100 شركة وذلك بوصاية من السفير الأمريكي في أنقرة (جيف فليك) ‏وذلك نتيجة جودة الفرص الاستثمارية وأسعار النفط والطاقة في تركيا، وقد وصل حجم الاستثمار الأمريكي في تركيا إلى 14 مليار ‏دولار كثاني أكبر استثمار بعد هولندا ووصلت عدد الشركات الأمريكية في تركيا إلى 2030 شركة.

‏بالتالي وفقا ‏لهذه السياقات السياسية والاقتصادية المتقاربة فإنها تنبأ بتقدم هائل في العلاقات الثنائية والتي تعد هي الحل الأوفر في الفترة الحالية والقادمة، خاصة مع رغبة واشنطن في حليف يقلص النفوذ الروسي وبالتالي فإن تركيا هي الأصلح نظراً لقربها من المنطقة العربية والشرق الاوسط وباعتبارها عضواً في حلف شمال الأطلسي.

* ‏السيناريو الثاني: (التباعد وعدم التعاون):

على الرغم من تعدد السياقات التي تنبأ بوجود علاقات مستقبلية إيجابية بين الطرفين إلا أن هناك عدة عقبات تقف حجر عثرة في مسار العلاقات التركية الأمريكية قد تتسبب في تباعد المسارات وفشل التقارب منها:

  • الضغوط من الكونجرس على الادارة الأمريكية الجديدة لإتخاذ نهج متشدد ضد تركيا وذلك بسبب في تدهور النموذج الديمقراطي في نظامها، بالإضافة إلى رفض عدد من النواب تصاريح التصدير العسكري إلى تركيا وطلبوا إدارة الولايات المتحدة بممارسة نظام مراقبة للبرامج والسياسات العسكرية التركية وخاصة موقف الطائرات المسيرة (بيرقيدار) ‏نظراً لما إثارته من خوف لديهم.
  • معارضة النواب في الكونجرس الأمريكي القيام بأي صفقات عسكرية تسليحية لتركيا خصوصاً مع امتلاك تركيا المنظومة الدفاعية الروسية أس 400 وأن زيادة تسليحها سوف يؤدي إلى تهديد المصالح السياسية والأمنية الأمريكية خاصة بعد توجه تركيا نحو الشرق والتقارب مع موسكو وبكين. وبالتالي فهؤلاء النواب يرون ان تركيا تتصرف كخصم للولايات المتحدة الأمريكية.
  • ‏الدعم الأمريكي للقضية الكردية ضد موقف تركيا وقد ظهر ذلك عندما أقر بايدن بأن قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا قبل عملية نبع السلام التركية في عهد ترامب يعد خيانة للأكراد، كما أدان العمليات العسكرية التركية التي تم شنها ضدهم بالإضافة إلى رفضه وصف تركية للاكراد بالإرهابيين نظراً لأنه يعتبرهم أحلاف في المجتمع الدولي ساهموا في مكافحة الإرهاب (داعش) في مدينة الرقة في سوريا.
  • ‏كذلك فقد ‏عارض بايدن الممارسات التركية الداخلية على النقيض تماماً من ترامب وقد ظهر ذلك في تقرير حقوق الإنسان السنوي الأمريكي عام 2021 والذي قام بإدانة النظام التركي بممارسة سياسات تنتهك حقوق الإنسان حيث تعمل على تقييد الحريات وتعريض القانون الدولي للخطر خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 وممارسة الحكومة التركية لعمليات الطرد والفصل الجماعي بالإضافة إلى عمليات الخطف والاعادة للأعضاء المزعومين في حركة غولن بدون أي سند قانوني. وفي عام 2021 قد وضعت الولايات المتحدة تركيا على قائمة الدول المتورطة في تجنيد الأطفال بسبب علاقة الحكومة التركية مع فصيل فرقة السلطان مراد المسلح النشط في سوريا.

‏بالتالي وفقاً لهذه الممارسات والقضايا الشائكة بينهم فإنها تنبأ بحالة من التوتر التي ستضرب العلاقات التركية الأمريكية في الفترة المقبلة إذا لم يتم إدارة هذه الخلافات من قبل الدولتين واتخاذ نهج يساعد على التقارب بدلا من التوتر.[69]

* ‏مستقبل العلاقات التركية الروسية:

‏يمكن القول بأن العلاقات التركية الروسية قد شاهدت حالة من التذبذب خلال فترة حزب العدالة والتنمية فهناك فترات شاهدت تقارب وتعاون وفترات أخرى شاهدت تباعد في العلاقات. لكن منذ عام ‏2020 وقد اشتدت الصراعات بينهم خصوصاً ما يتعلق بالأزمة السورية التي أدت إلى تصادم الطرفين حيث قامت تركيا بإسقاط طائرة روسية في سوريا، وقامت روسيا باستهداف نقطة عسكرية تركية في منطقة جبل الزاوية مما أدى إلى مقتل اكثر من 35 جندي تركي، كما انتقلت النزاعات بين الطرفين في عدة مناطق أخرى مثل ليبيا واذربيجان لكن انتهى الأمر بعقد اتفاقية سوتشي بين الرئيس التركي والرئيس الروسي.

‏لكن رغم ذلك فقد انتقلت علاقات التباعد مرة أخرى مع الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022 وهذا عندما نقلت صفحات أوكرانية صور توضح الطائرات المسيرة التركية وهي تستهدف الجيش الروسي وتكبده العديد من الخسائر، وقد أعلنت تركيا أن روسيا وضعتها في ضغوط جيوسياسية وجعلتها مضطرة للانضمام لأحد أطراف الأزمة. منها فقد أصبحت العلاقات التركية الروسية تعتمد على الحذر وتحقيق المكاسب من خلال إدارة ملفات الخلاف بين الطرفين وعدم الدخول في صدام عسكري. بالتالي قد تسير العلاقة بين الطرفين في عدة مسارات:

* ‏السيناريو الأول: (التقارب والتعاون):

إن ما يدعم تحقيق هذا السيناريو ما قام به الرئيس التركي رجب أردوغان من السعي إلى جمع الرئيس الروسي بوتين والأوكراني زيلينسكي على طاولة المفاوضات والعمل على تحويل المسار السلبي للحرب الي مسار إيجابي يحقق مصالح جميع الاطراف وخاصة حل الأزمة الجيوسياسية التي تسببت فيها الأزمة إلى تركيا. وقد أعلن الرئيس التركي بذل قصارى جهده من أجل اتخاذ مسارات جيدة في إقليمي القرم ودونباس. وبالتالي فإن تقارب العلاقات التركية الروسية يتوقف على مدى نجاح دور الوساطة التركية في الأزمة الاوكرانية وقدرتها على تسوية الأزمة وتصحيح مسار العلاقات.

* ‏السيناريو الثاني: (التباعد وعدم التعاون):

ان ما يدعم تحقيق هذا المسار هو الدعم العسكري المستمر من تركيا إلى اوكرانيا منذ 2019 (حتى قبل الغزو الروسي) حيث ارسلت تركيا صفقة طائرات من نوع (بيرقيدار) تي بي ٢ إلى اوكرانيا التي نجحت في تدمير رتل عسكري كامل للقوات الروسية أثناء دخولهم مدينة خيرسون، وهو ما يوضح مدى التقدم التكنولوجي التركي في الصناعات الدفاعيه مما أثار قلق روسيا وجعلها تعي خطورة الدعم التركي إلى اوكرانيا وأنها لا تريد كسب المزيد من الأعداء الى جانب العقوبات الغربية التي تفرض عليها. لكن أتوقع انه إذا ما نجحت المفاوضات التي تتبناها تركيا بين روسيا وأوكرانيا واستمر الدعم العسكري التركي إلى اوكرانيا فإنه سيؤدي إلى التباعد في العلاقات بشكل كبير وقد تصل إلى التصادم العسكري.[70]* الخاتمة:

مما سبق عرضه خلال الفصول الماضية فقد تم دراسة كافة مؤشرات السياسة الخارجية التركية في فترة حكم حزب العدالة والتنمية وكيف كان لهذا الحزب الاسلامي بعد الوصول للحكم دور كبير في احياء التراث والروابط الاسلامية والعربية، ومنها فقد توصلت الدراسة الى عدة نتائج وتوصيات وهي:

النتائج:

1- نجاح حزب العدالة والتنمية في الاستفادة من نظرية العمق الاستراتيجي لأحمد داود اوغلو واستغلال الموقع الجيوستراتيجي للدولة التركية في السعي لتحقيق مصالحها وأهدافها.

2- نهج تصفير المشكلات جعل تركيا تظهر بصورة مختلفة تحمل عوامل التعاون والمصلحة للجميع وتحاول التراجع عن أي عوامل عدائية، وقد ظهر ذلك من اتباع الحزب لوسائل القوة الناعمة والدبلوماسية أنشطة وحظر استخدام القوة في الا في حالات تهديد الأمن القومي ووحدة الاراضي التركية.

3- ساهم نجاح حزب العدالة والتنمية ذات الطابع الإسلامي في انتخابات تركية 2002 إلى تغيير النظرة التركية للعرب وبدأت تنظر لهم على أنهم جزء منها أو المجال الحيوي لها نظرا للروابط الدينية والتاريخية المشتركة التي كانت تجمع بينهم.

4- وصول حزب العدالة والتنمية للحكم ساهم في بناء دولة تركية قوية في العديد من المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية وجعلها حليف يحظى باهتمام كافة الأطراف ويلعب دور في الساحة الإقليمية.

5- أوضحت الدراسة مدى القدرات والمحددات التي تمتلكها تركيا سواء داخليا أو خارجيا ونجح من خلال الحزي في رسم السياسات والاستراتيجيات الخارجية التركية وساعد على إعادة هيكلة العلمانية التركية الليبرالية.

6- ظهر أيضا مدى النهج البرجماتي للرئيس التركي رجب أردوغان وسعيه لتحقيق أهداف الدولة التركية باي شكل وذلك من خلال توجه للشرق الاوسط لكسب ثقتهم وتأييدهم والاستفادة من مواردهم الاقتصادية لمحاربة التضخم في بلاده، بالإضافة إلى ذلك الضغط الذي يمارسه على أوروبا من خلالهم من أجل قبول العضوية الكاملة للانضمام للاتحاد الأوروبي.

7- كذلك ظهر خلال الدراسة ومدى اصرار تركيا على الانضمام للاتحاد الأوروبي مهما كلف الأمر على الرغم من تعليق الاتحاد المفاوضات بشأن عضويتها لعدة سنوات وعدم اتخاذ قرار نهائي بشأنها بإضافة إلى وضع العديد من الحجج التي تحول دون انضمامها.

8- قيام الحزب بتقليص دور المؤسسة العسكرية في صنع القرار السياسي الخارجي إلى حساب السلطة التنفيذية هي محاولة من الحزب لإمتلاك مقاليد السياسة الخارجية بعيدا عن الضغوط.

9- نجحت تركيا في استخدام عامل الثقافة واللغة كأداة للسياسة الخارجية تعمل من خلالها على الترويج عن الدولة التركية ومدى تطورها تكنولوجيا وبنيوياً بهدف جذب الاستثمارات والسياحة بهدف تعزيز مكانتها.

10- اتجاه تركيا للقوة الصلبة والعمليات العسكرية لم يكن بسبب فشل القوة الناعمة وإنما بسبب ادراك الحكومة التركية انه لا يمكن حل وتسوية أي منازعات بأي من القوتين دون الأخرى.

التوصيات:

1- ضرورة استفادة الأحزاب السياسية الإسلامية من نجاح حزب العدالة والتنمية باعتباره حزب ذات الطابع الإسلامي الوحيد في الشرق الاوسط الذي يصل إلى سدة الحكم ويستطيع تخطي كافة الصعوبات والمؤامرات، فعلى الرغم من وصول حكومة حماس أو جبهة الأنقاذ للحكم إلا أن الحكم صودر منهم.

2- يجب على العرب الاستفادة من الفجوات التي تحدث في العلاقات التركية الإسرائيلية والانفتاح على تركيا بشكل اكبر من خلال زيادة العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري، فعلى الرغم من وجود تبادل تجاري كبير بين العرب وتركيا إلا أن التبادل الإسرائيلي لا يزال اضعافه.

3- ضرورة ‏الانفتاح على الشعب التركي بشكل تام ومنحهم الأولوية للاستثمار في المنطقة العربية نظرا للمواقف التركية إلى جانب القضايا العربية والتي لم يحققها العرب بأنفسهم.

4- يجب على تركيا ضرورة مواصلة في إصلاحاتها السياسية والاقتصادية ضمن معايير كوبنهاجن الأوروبية حتى تتأقلم مع المؤسسات الأوروبية وقوانينها وهو ما يساهم في سرعة انضمامها الاتحاد الأوروبي.

5- يجب على تركيا بذل قصارى جهدها من أجل حل الأزمة الأرمينية والقبرصية بشكل جذري والتي تقف حجر عثرة في طريق انضمامها إلى الاتحاد.

6- يجب على تركيا إقامة علاقات جيدة مع الدول الغربية وخاصة تلك الدول المعارضة على فكرة انضمامها للاتحاد الاوروبي في مقدمتهم المانيا وفرنسا، وعلى تركيا أن تقنع كل منهم ان انضمامها للاتحاد لا يمثل تهديدا لثقلهم في الاتحاد.

7- ضرورة قيام العرب بتأسيس قنوات ومبادرات و منظمات إقليمية تهدف إلى تحقيق المصالح العربية بالدرجة الأولى وهو ما سيحدث عند إدراك الدور التركي على المستوى الاقليمي.

8- ضرورة فهم التحولات في الادوار والسياسات التركية الخارجية خاصة تجاه الدول العربية لأنها تساهم في تعزيز وعي صناع القرار والرأي العام بما يضمن أفضل استجابة من جانب العرب تجاه تركيا.

* الفهرس:

 

الفصل الأول
25 أثر دور الحركات الإسلامية على ثوابت السياسة الخارجية التركية. المبحث الأول
32 أثر دور الحركات الإسلامية على محددات السياسة الخارجية التركية. المبحث الثاني
الفصل الثاني
40 أثر دور الحركات الإسلامية على مؤسسات صنع السياسة الخارجية التركية المبحث الأول
47 أثر دور الحركات الإسلامية على توجهات السياسة الخارجية التركية. المبحث الثاني
الفصل الثالث
59 أثر دور الحركات الإسلامية على ادوات السياسة الخارجية التركية. المبحث الاول
70 أثر دور الحركات الإسلامية على مستقبل السياسة الخارجية التركية. المبحث الثاني

قائمة المراجع:

اولاً: المراجع العربية:

الكتب:

(1) أحمد الموصللي، موسوعة الحركات الإسلامية في الوطن العربي وإيران وتركيا، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، يناير 2004.

(2) بسمة محمد عبد اللطيف، العثمانية الجديدة في التوجه والممارسة للسياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية في تركيا، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014.

(3) جمال سند السويدي وآخرون، (حركات الاسلام السياسي والسلطة في العالم العربي: الصعود والأفول)، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2014.

(4) جمال كمال اسماعيل، الحركات الإسلامية المعاصرة في آسيا الوسطى، مركز الدراسات الإقليمية،2012.

(5) رفعت سيد أحمد، الحركات الإسلامية في مصر وإيران، دار سينا، 1989.

(6) ضياء رشوان وآخرون، دليل الحركات الإسلامية في العالم، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد الأول.

(7) د/ عيسى ومحمد خيري اسماعيل وبطرس غالي، (المدخل في علم السياسة)، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، ط7.

(8) لقرع بن علي، السياسة الخارجية التركية والثورات العربية: المراجعات- المخرجات- الادوار، مجلة العلوم السياسية والقانون، ع8، م2، جامعة عبدالحميد بن باديس، 2018.

(9) مي سامي المرشد، الدور الاقليمي لتركيا تجاه الشرق الاوسط (2002-2016)، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، المانيا،2017.

(10) د/ يحيى السيد عمر، القوة الناعمة التركية: مقومات الصعود في العلاقات الدولية، دار الاصول العالمية، 2019.

الرسايل العلمية:

(1) د/ حيدر جاسم، واقع السياسة الخارجية التركية حيال الاتحاد الاوروبي ومستقبلها، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2014.

(2) رواء جاسم السعدي، الإسلام السياسي: حزب العدالة والتنمية في تركيا ودوره في التغير السياسي، جامعة الشرق الاوسط، عمان، 2010.

(3) سهام العيدي، الادوات الناعمة في السياسة الخارجية التركية تجاه الدول العربية، جامعة محمد بوضياف، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، 2019.

(4) شحادة محمد غريب، تحولات السياسة الخارجية التركية تجاه الدول العربية في مرحلة ما بعد الثورات 2007- 2016، كلية الدراسات العليا والأبحاث العلمية، جامعة الخليل، 2017.

(5) د/ عزة عبدالرحيم، المحددات الداخلية والخارجية للسياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط (2005-2015)، جامعة طيبة،كلية الآداب ولعلوم الانسانية، 2009.

(6) عمر خضيرات، العوامل المؤثرة في السياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة العربية: 2002- 2012، مجلة المنارة، م22، ع4، 2016.

(7) علي حسين، الدور الوظيفي للسياسة الخارجية التركية على الصعيدين الاقليمي والدولي (2002-2019)، كلية الاداب والعلوم، جامعة الشرق الاوسط، 2020.

(8) محمد طالب حميد، السياسة الخارجية التركية وأثرها على الأمن العربي، العربي للنشر والتوزيع، 2016.

(9) مصطفي حسين جاسم، الدور الاقليمي التركي للمدة من 2002 الى 2012، كلية العلوم السياسية، جامعة المستنصرية.

(10) نطيفة محمد، القوة الناعمة في العلاقات الدولية: دراسة حالة تركيا 2002-2007، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الشهيد حمه لخضر، 2017.

المقالات:

(1) أحمد عكلة، كيف سيمضى مستقبل العلاقات الروسية التركية بعد الحرب الأوكرانية، نداء بوست، ابريل 2022، الرابط:

https://nedaa-post.com/%D9%85%D8%A7-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

(2) احمد مشعان، السياسة الخارجية التركية بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، مجلة القضايا السياسية، سبتمبر 2018.

(3) إيمان الفخراني، تمدد السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الاوسط، مركز رواق بغداد للسياسات العامة، 2012.

(4) أ.م.د/ خلود محمد خميس، السياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة العربية بعد التغيير (دراسة في الأهداف والوسائل)، مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية، جامعة القادسية، 2018.

(5) د/ شطاب غانية، محددات السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط، المجلة الجزائرية للامن والتنمية، ع8، 2016.

(6) د/ شليغم غنية، (الحركات الاسلامية من التطرف الديني الى الاعتدال السياسي)، مجلة العلوم الانسانية والاجتماعية، ع8، يونيو 2012.

(7) عمارة دليلة، محددات السياسة الخارجية التركية وأهميتها في تقرير الدور التركي اقليمياً ودولياً، مجلة البحوث السياسية والادارية، جامعة الجلفة، الجزائر، 2019.

(8) فادي خليل واحمد الناصوري وعبدالرازق اسماعيل، (التوجهات الجديدة في السياسة الخارجية التركية)، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، م37، ع5، 2015.

(9) كريم سعيد، مكاسب متبادلة..العلاقات الامريكية – التركية.. فرص التقارب والتحديات، تريندز للبحوث والاستشارات، مايو 2022، الرابط:

https://trendsresearch.org/ar/insight/24-05-2022/

(10) د/ مازن اسماعيل الرمضاني، (السياسة الخارجية: دراسة نظرية)، مطبعة دار الحكمة، بغداد، 1991.

نهرين جواد شرقي، مرتكزات السياسة الخارجية التركية بعد انتهاء الحرب الباردة، مجلة العلوم السياسية.

(11) محمد عربي، السياسة الخارجية التركية تجاه المشرق العربي بعد الحرب الباردة: المحددات والابعاد، المركز الديمقراطي العربي،2016،  https://democraticac.de/?p=41433

(12) محمد ياس خضير، السياسة الخارجية التركية الفواعل- والدوائر، المعهد المصري للدراسات، 2016.

https://eipss-eg.org/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%b2%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d8%a7%d9%84%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%ac%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%88%d8%a7%d8%b9%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d8%a7%d8%a6%d8%b1/

(13) محي الدين اتامان، إعادة هيكلة السياسة الخارجية التركية خلال حكم حزب العدالة والتنمية، مجلة رؤية  تركية، ربيع2018.

(14) مراد هاشم، أحزاب الإسلام السياسي وصنع السياسة الخارجية بين منظوري الأمة والدولة: حزب العدالة والتنمية نموذجا، جامعة ‏الجزائر، 2020.

(15) معتصم خالد، السياسة الخارجية التركية تجاه الدول العربية (2002-2014)، كلية العلوم السياسية، جامعة آل البيت، 2015.

(16) د/ منى سليمان، مستقبل العلاقات العربية التركية في ظل برجماتية أردوغان والتقارب التركي الخليجي، مايو 2022، الرابط:

https://www.zamanarabic.com/2022/05/30/%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%82%d8%a8%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b8%d9%84/

(17) وصفي عيد عقيل، السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الاوسط (2004-2014)، المجلة الاردنية في القانون والعلوم السياسية، م7، ع2، 2015.

ثانياً: المراجع الاجنبية:

الكتب:

(1) Abdo alsalam Qezel, turkish foreign policy in the middie east during the rule of AKP, Islamic Azad university, 2016.

(2) charas Madu and others, Islamic movement, struggles for power and governce, Global journal political science and administration, vol.2, no.1, pp.55-63, March 2014.

(3) UTKU ALI RIZA ALPAYDIN, soft power in Turkish foreign policy under the AKP governments: 2002-2009, Development of international relations, Bilkent university, Ankara, July 2010.

(4) Yüksel INAN, Turkish foreign policy, Department of International Relations, Hacettepe University, Beytepe-Ankara, Turkey .

الرسايل:

Meliha Benli Altunisik, The new turn in Turkish foreign policy in The Middie East: Regional and domestic insecurities, intituto Affari internazionali, July, 2020.

 

المقالات:

(1) Ali Bakir, Mapping the rise of turkeys Hard power, part2: domestic industry, New lines institute, strategy and policy, August 2021.

(2) Ali Demirdas, the turkish foreign policy under the AKP, university of south Carolina, 2015.

(3) Senem B.Cevik, Reassessing Turkeys soft power: The Rule of Attraction, Alternatives: Global, local, political ,vol. 44, 2019.

(4) Ustun Yuksel, change and continuity: Turkish foreign policy since 2002 under the AKP, new York university, 2016.

(5) Murat Ulgul, (Continuity or Change in Turkish Foreign Policy? Analyzing the Policy Fluctuations during the Justice and Development Party Era), Journal of Global Analysis · January 2017.

[1]أحمد الموصللي، موسوعة الحركات الإسلامية في الوطن العربي وإيران وتركيا، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، يناير 2004.

[2] جمال كمال اسماعيل، الحركات الإسلامية المعاصرة في آسيا الوسطى، مركز الدراسات الإقليمية،2012.

[3] رفعت سيد أحمد، الحركات الإسلامية في مصر وإيران، دار سينا، 1989.

[4] جمال سند السويدي وآخرون، (حركات الاسلام السياسي والسلطة في العالم العربي: الصعود والأفول)، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2014.

[5] charas Madu and others, Islamic movement, struggles for power and governce, Global journal political science and administration, vol.2, no.1, pp.55-63, March 2014.

[6] نهرين جواد شرقي، مرتكزات السياسة الخارجية التركية بعد انتهاء الحرب الباردة، مجلة العلوم السياسية.

[7]لقرع بن علي، السياسة الخارجية التركية والثورات العربية: المراجعات- المخرجات- الادوار، مجلة العلوم السياسية والقانون، ع8، م2، جامعة عبدالحميد بن باديس، 2018.

[8] وصفي عيد، السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الاوسط، المجلة الاردنية في القانون والعلوم السياسية، م7، ع2، مارس 2015.

[9] عمارة دليلة، محددات السياسة الخارجية التركية وأهميتها في تقرير الدور التركي اقليمياً ودولياً، مجلة البحوث السياسية والادارية، جامعة الجلفة، الجزائر، 2019.

[10] Meliha Benli Altunisik, The new turn in Turkish foreign policy in The Middie East: Regional and domestic insecurities, intituto Affari internazionali, July, 2020.

[11] محي الدين اتامان، إعادة هيكلة السياسة الخارجية التركية خلال حكم حزب العدالة والتنمية، مجلة رؤية  تركية، ربيع2018.

[12] رواء جاسم السعدي، الإسلام السياسي: حزب العدالة والتنمية في تركيا ودوره في التغير السياسي، جامعة الشرق الاوسط، عمان، 2010.

[13] مراد هاشم، أحزاب الإسلام السياسي وصنع السياسة الخارجية بين منظوري الأمة والدولة: حزب العدالة والتنمية نموذجا، جامعة ‏الجزائر، 2020.

[14] إيمان الفخراني، تمدد السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الاوسط، مركز رواق بغداد للسياسات العامة، 2012.

[15] Ali Demirdas, the turkish foreign policy under the AKP, university of south Carolina, 2015.

[16] د/ شليغم غنية، (الحركات الاسلامية من التطرف الديني الى الاعتدال السياسي)، مجلة العلوم الانسانية والاجتماعية، ع8، يونيو 2012.

[17] ضياء رشوان وآخرون، دليل الحركات الإسلامية في العالم، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد الأول.

[18] د/ عيسى ومحمد خيري اسماعيل وبطرس غالي، (المدخل في علم السياسة)، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، ط7.

[19] د/ مازن اسماعيل الرمضاني، (السياسة الخارجية: دراسة نظرية)، مطبعة دار الحكمة، بغداد، 1991.

[20] معتصم خالد، السياسة الخارجية التركية تجاه الدول العربية (2002-2014)، كلية العلوم السياسية، جامعة آل البيت، 2015.

[21] شحادة محمد غريب، تحولات السياسة الخارجية التركية تجاه الدول العربية في مرحلة ما بعد الثورات 2007- 2016، كلية الدراسات العليا والأبحاث العلمية، جامعة الخليل، 2017.

[22] فادي خليل واحمد الناصوري وعبدالرازق اسماعيل، (التوجهات الجديدة في السياسة الخارجية التركية)، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، م37، ع5، 2015.

[23] مرجع سابق

[24] Ali Demirdas, the turkish foreign policy under the AKP, university of south Carolina, 2015.

[25] مرجع سابق.

[26] Previous reference.

[27] Abdo alsalam Qezel, turkish foreign policy in the middie east during the rule of AKP, Islamic Azad university, 2016.

[28] Previous reference.

[29] مرجع سابق.

[30] مرجع سابق.

[31] محمد عربي، السياسة الخارجية التركية تجاه المشرق العربي بعد الحرب الباردة: المحددات والابعاد، المركز الديمقراطي العربي،2016،

https://democraticac.de/?p=41433

[32] د/ عزة عبدالرحيم، المحددات الداخلية والخارجية للسياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط (2005-2015)، جامعة طيبة،كلية الآداب ولعلوم الانسانية، 2009.

[33] مرجع سابق.

[34] مرجع سابق.

[35] مرجع سابق.

[36] د/ شطاب غانية، محددات السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط، المجلة الجزائرية للامن والتنمية، ع8، 2016.

[37] مرجع سابق.

[38] د/ حيدر جاسم، واقع السياسة الخارجية التركية حيال الاتحاد الاوروبي ومستقبلها، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2014.

[39]  بسمة محمد عبد اللطيف، العثمانية الجديدة في التوجه والممارسة للسياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية في تركيا، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014.

[40] سهام العيدي، الادوات الناعمة في السياسة الخارجية التركية تجاه الدول العربية، جامعة محمد بوضياف، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، 2019.

[41] مرجع سابق.

[42] محمد ياس خضير، السياسة الخارجية التركية الفواعل- والدوائر، المعهد المصري للدراسات، 2016.

https://eipss-eg.org/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%b2%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d8%a7%d9%84%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%ac%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%88%d8%a7%d8%b9%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d8%a7%d8%a6%d8%b1/

[43] مرجع سابق.

[44] مرجع سابق.

[45] وصفي عيد عقيل، السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الاوسط (2004-2014)، المجلة الاردنية في القانون والعلوم السياسية، م7، ع2، 2015.

[46] محمد طالب حميد، السياسة الخارجية التركية وأثرها على الأمن العربي، العربي للنشر والتوزيع، 2016.

[47] مصطفي حسين جاسم، الدور الاقليمي التركي للمدة من 2002 الى 2012، كلية العلوم السياسية، جامعة المستنصرية.

[48] علي حسين، الدور الوظيفي للسياسة الخارجية التركية على الصعيدين الاقليمي والدولي (2002-2019)، كلية الاداب والعلوم، جامعة الشرق الاوسط، 2020.

[49] Ustun Yuksel, change and continuity: Turkish foreign policy since 2002 under the AKP, new York university, 2016.

[50] مرجع سابق.

[51] عمر خضيرات، العوامل المؤثرة في السياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة العربية: 2002- 2012، مجلة المنارة، م22، ع4، 2016.

[52] مرجع سابق.

[53] مي سامي المرشد، الدور الاقليمي لتركيا تجاه الشرق الاوسط (2002-2016)، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، المانيا،2017.

[54] مرجع سابق.

[55] احمد مشعان، السياسة الخارجية التركية بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، مجلة القضايا السياسية، سبتمبر 2018.

[56] مرجع سابق.

[57] مرجع سابق.

[58] مرجع سابق.

[59] نطيفة محمد، القوة الناعمة في العلاقات الدولية: دراسة حالة تركيا 2002-2007، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الشهيد حمه لخضر، 2017.

[60] Senem B.Cevik, Reassessing Turkeys soft power: The Rule of Attraction, Alternatives: Global, local, political ,vol. 44, 2019.

[61] UTKU ALI RIZA ALPAYDIN, soft power in Turkish foreign policy under the AKP governments: 2002-2009, Development of international relations, Bilkent university, Ankara, July 2010.

[62]  مرجع سابق.

[63] Ali Bakir, Mapping the rise of turkeys Hard power, part2: domestic industry, New lines institute, strategy and policy, August 2021.

[64] د/ يحيى السيد عمر، القوة الناعمة التركية: مقومات الصعود في العلاقات الدولية، دار الاصول العالمية، 2019

[65] مرجع سابق.

[66] د/ منى سليمان، مستقبل العلاقات العربية التركية في ظل برجماتية أردوغان والتقارب التركي الخليجي، مايو 2022، الرابط:

https://www.zamanarabic.com/2022/05/30/%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%82%d8%a8%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b8%d9%84/

[67] أ.م.د/ خلود محمد خميس، السياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة العربية بعد التغيير (دراسة في الأهداف والوسائل)، مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية، جامعة القادسية، 2018.

[68] حيدر جاسم، واقع السياسة الخارجية التركية حيال الاتحاد الاوروبي ومستقبلها، كلية الاداب والعلوم، جامعة الشرق الأوسط، 2014.

[69] كريم سعيد، مكاسب متبادلة..العلاقات الامريكية – التركية.. فرص التقارب والتحديات، تريندز للبحوث والاستشارات، مايو 2022، الرابط:

https://trendsresearch.org/ar/insight/24-05-2022/

[70] أحمد عكلة، كيف سيمضى مستقبل العلاقات الروسية التركية بعد الحرب الأوكرانية، نداء بوست، ابريل 2022، الرابط:

https://nedaa-post.com/%D9%85%D8%A7-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

5/5 - (3 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى