الدراسات البحثيةالعلاقات الدولية

السياسة الخارجية التركية تجاه المشرق العربي بعد الحرب الباردة :المحددات والابعاد

اعداد الباحث : محمد عربي لادمي – ماجستيرعلوم سياسية تخصص  – علاقات دولية واستراتيجية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة:

شهدت السياسة الخارجية التركية تحولا كبيرا بعد نهاية الحرب الباردة ،وذلك بانتقال تركيا من صفة الحارس الشرقي للحدود الغربية لأوروبا و الحصن المتين ضد المد الشيوعي في منطقة الشرق الأوسط،إلى صفة الشريك الاستراتيجي للغرب،من خلال إصرارها على مواصلة مسعاها لتحقيق هدفها التاريخي_منذ تأسيس الجمهورية التركية الحالية 1923م _ وهو اكتساب العضوية في الاتحاد الأوروبي،وتوطيد العلاقات مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل و ابتعادها عن الدول العربية والإسلامية،من خلال سياسة خارجية ذات البعد الواحد انذاك.إلا أن التغيرات التي عرفها العالم بعد أحداث 11سبتمبر /أيلول2001،والتحولات الكبرى التي عرفتها تركيا على المستوى الداخلي ، جعلها تعيد حساباتها في سياستها الخارجية و تحديد موقعها من النظام الدولي الحال0ي،جعلها تعيد النظر في أهدافها واستراتيجياتها،وتتبنى سياسة خارجية مختلفة تماما عن السياسة السابقة.

من خلال ماسبق ، فيما تتمثل محددات وابعاد السياسة الخارجية التركية تجاه دول المشرق العربي  بعد نهاية الحرب الباردة؟

من اجل الإجابة عن الإشكالية التالية سنتحقق من الفرضية التالية :

  • رفض الاتحاد الأوروبي لعضوية تركيا ، دفعها الى التحول في سياسيتها الخارجية تجاه دول المشرق العربي .
  • وستتناول هذه الورقة هذا الموضوع من خلال المحاور التالية :

المحور الأول : محددات السياسة الخارجية التركية، يعرض هذا المبحث أهم محددات السياسية الخارجية سواء الداخلية او الخارجية.

المحور الثاني : السياسة الخارجية التركية ذات البعد الواحد ،يوضح هذا المحور أسباب هذا التوجه في السياسة الخارجية التركية ، والمبادئ  التي اعتمدتها  تركيا في سياسة البعد الواحد،بالإضافة إلى تناول مسعى انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.

المحور الثالث : السياسة الخارجية التركية ذات البعد المتعدد.وتناول هذا المحور أسباب التحول في السياسة الخارجية التركية من البعد الواحد إلى البعد المتعدد وكذالك أسس السياسة الخارجية التركية الجديدة  بالإضافة إلى مفهوم القوة في السياسة التركية الجديدة وفي الأخير يتناول  اهداف السياسة التركية الجديدة واليات تنفيذها.

المحور الرابع : الدور التركي الإقليمي الأسباب والملامح:تناول هذا المحور أسباب تبلور الدور التركي و ملامحه .

المحور الاول : محددات السياسة الخارجية التركية في الشرق الاوسط

تحكم السياسة الخارجية التركية عدة محددات متباينة أثرت على طبيعتها وتوجهاتها كما ساهمت في تبلورها بوضوح سواء نحو التفاعل السلبي مع القضايا الإقليمية والدولية، أو بالتفاعل الايجابي والذي طبعها من مرحلة إلى أخرى تجاه العديد من الدول ومن بينها الدول العربية ودول المشرق العربي بالخصوص.وأهم هذه المحددة.

 أ_المحددات الداخلية:

يعتبر توفر الدول على موارد طبيعية وافرة وحجم إقليم كبير ووجودها في موقع جغرافي متميز واستراتيجي، بالإضافة إلى المقدرات الوطنية الأخرى(الإمكانات الاقتصادية والبشرية والعسكرية) ،عاملا كافيا لقوة الدولة و يمكنها من القيام بدور فاعل في النسق الدولي([1]).

1_الموقع الجيوستراتيجي:

وقد لعب الموقع الجغرافي الجوستراتيجي لتركيا  دورا مهما في تبلور سياستها الخارجية عبر عدة قرون وبتغير الأوضاع الدولية.

تبلغ مساحة تركيا حوالي 780567كم،ويبلغ طول حدودها 2753كم،وتتوفر على  سواحل بطول8333كم.كما يتمتع موقعها ببعض المميزات التي لعبت ولا تزال تلعب دورا كبيرا في العلاقات الدولية كمضايق البوسفور والدردنيل التي تربط مياه البحر الأسود بمياه البحر المتوسط عبر بحر مرمره ،وتفصل طرف أوروبا في جنوبها الشرقي عن طرف أسيا الغربي. وتركيا قسمان،الأول في آسيا الغربية،ويحده البحرالاسود وأرمينيا شمالا والمضايق وبحر مرمره وبحر ايجة غربا،وسوريا(877كم) والبحر التوسط والعراق(330كم) جنوبا وإيران (454كم)شرقا،ويقع القسم الثاني في أوروبا وتحده من جهة اليابسة  أراضي اليونان وبلغاريا(269كم) ومن الغرب بحار ايجة، مرمره والأسود([2]) .فالموقع الجغرافي المتميز لتركيا جعلها تقوم بدور فاعل أثناء الحرب الباردة،كما خولها بالقيام بدور فعال في حرب الخليج الثانية،كما كان لها موقف مهم من الحرب على العراق. والخريطة التالية توضح حدود تركيا مع جيرانها:

2_الموارد المائية:

تعتبر المياه احد المحددات الأساسية للسياسة الخارجية للدول خاصة في العصر الحالي، وذلك لما تمتلكه الدولة من قوة عند توفرها على منابع الأنهار بالإضافة إلى شاطئها مع البحار والمحيطات وتوفرها على مضايق إقليمية ودولية.وكل هذه العناصر توفر للدولة قوة تجعلها تتبنى سياسة خارجية مميزة وفاعلة.

كما ساهمت الموارد المائية في توجيه السياسة الخارجية التركية ،وذالك لأن تركيا  تعتبر من أغنى دول العالم بالموارد المائية ،مما جعلها تستخدم هذه الموارد كورقة ضغط على الدول العربية المجاورة لها والتي لديها معها أنهار مشتركة بهدف إضعاف هذه الدول وإذعانها لما يخدم المصالح التركية ويحقق أهدافها.وهذا ما جعل العلاقات التركية مع سوريا والعراق تتميز بالتوتر منذ أواخر الثمانينات،وازدادت حدة  هذا التوتر عندما لجأت تركيا خلافا للاتفاق المعقود بينها وبين كل من العراق وسوريا عام 1946*، إلى تنفيذ مشروع جنوب شرق الأناضول** ([3]).

تعتبر عملية تحكم تركيا في الموارد المائية لنهري دجلة والفرات من المحددات الأساسية للسياسة الخارجية التركية تجاه كل من سوريا والعراق،ولازالت تركيا تصرح بين الحين والأخر بأن هذين النهرين هما نهران تركيان.فرئيس الحكومة  الأسبق للجمهورية التركية السيد “سليمان ديميرل “صرح في مايو/ايار1990([4]):«إن لتركيا السيادة التامة على مواردها المائية ولا يجب أن تخلق السدود التي تشيدها على نهري دجلة والفرات أي مشكلة دولية.ويجب أن يدرك الجميع أن نهري دجلة والفرات هما نهران تركيان حتى النقطة التي يغادران فيها الإقليم التركي».

هذا التصريح أكد على أهمية الموارد المائية في السياسة الخارجية التركية،وذالك من خلال استغلالها للضغط على سوريا والعراق ومساومتهما خاصة فيما تعلق باتهامها لسوريا ولبنان بدعمهما لقيادات حزب العمال الكردستاني (pkk)المتمرد.وبالتالي عملت تركيا على تسييس  هذه الثروة الطبيعية فيما يخدم مصالحها  لتحقيق أهدافها المستقبلية.

يمكن حصر أهداف هذا التسييس في النقاط التالية ([5]):

أ_ استخدام المياه كورقة ضغط ضد سوريا ما يقضي إلى إضعافها واستجابتها لمطالب الكيان الصهيوني بشان القضية الفلسطينية ولبنان والأراضي السورية المحتلة،لينسجم ذالك مع الاتفاق الأمني والعسكري بين تركيا وإسرائيل والذي يرمي إلى خلق محور استراتيجي واقتصادي شرق أوسطي،وبما يتلاءم مع مصالحهما في المنطقة.

ب_ استخدام الموارد المائية  كورقة ابتزاز ضد دول  الجوار النفطية وخاصة العراق ،لتحقيق هدفها الاستراتيجي المعلن في معادلة المياه_النفط .فضلا عن الحصول على النفط الخليجي، مستغلة بذالك قلة الموارد المائية في تلك الدول.

ج_ رغبة تركيا بأن تصبح قوة إقليمية فاعلة في المنطقة ، وكذلك لإنعاش اقتصادها المتدهور في بداية  التسعينيات من القرن الماضي،وبتلك السياسة المائية تحسن الاقتصاد التركي بعد إقامة  مشروعات التعاون الإقليمي حيث اقترحت مشاركة الكيان الصهيوني في هذه المشاريع وربطه بتحقيق السلام في المنطقة.

د_ تحقيق الإستراتيجية المشتركة بين تركيا وإسرائيل والتي تقضي باستغلال المسألة المائية لتهديد الأمن المائي العربي وفقا لتصورات وخطط إسرائيلية هيأت مكانة خاصة لتركيا في إطار عدة مشاريع إقليمية ،كمشروع الشرق أوسطية([6])،ومشروع الشراكة الاورومتوسطية والمشروع الأخير الاتحاد من اجل المتوسط.وذالك لربط إسرائيل بالدول العربية عبر تركيا.سواء استعملت تركيا المسألة المائية كورقة ضغط على العرب أو استعملتها كورقة تعاونية تدخل بها إسرائيل في حالة تطبيع غير مباشر مع الدول العربية.

كما أن الموارد المائية التركية في بداية التسعينات ساهمت بشكل كبير في حل مشكلة نقص المياه في إسرائيل وذالك على حساب القضايا العربية المركزية.([7]). وأهم مشروع  مياه قدمته تركيا هو مشروع مياه السلام ،الذي يهدف إلى نقل نحو ستة ملايين متر مكعب يوميا من مياه نهري سيحان وجيحان التركيان عبر أنبوبين إلى دول الخليج وسوريا والأردن والضفة الغربية وإسرائيل،ويبلغ طولهما نحو خمسة ألاف كيلومتر.هذا المشروع يهدف إلى بيع المياه إلى الدول العربية المجاورة مقابل حصول تركيا على مكاسب في هيئة نفط خام وغاز طبيعي بأسعار تفضيلية وقروض واستثمارات عربية وخليجية ميسرة.([8])أما بالنسبة لإسرائيل فإنها تقدم صفقات أسلحة مناسبة لتركيا كما تدعمها بالتقنيات العالية والخبراء العسكريين لتحديث الجيش التركي على جميع الأصعدة.

3_المقدرات الاقتصادية: تتميز تركيا باقتصاد قوي وذالك منذ منتصف التسعينات،واحتلت منذ 2002المرتبة “السادسة عشر “عالميا ،وبلغ الدخل القومي الإجمالي 410بليون دولار ،وساهمت في التجارة العالمية بـ66مليار دولار ،كما انه يعد اكبر اقتصاد في البلقان والشرق الاوسط([9]). حيث  بلغ الناتج القومي عام 2008 750مليار دولار  كما ارتفع متوسط معدل النمو الاقتصادي الى 6.8% ،كما ارتفع معدل الدخل الفردي في الفترة بين 2002_2008من 3300الى10000دولار،واستمر انخفاض معدل التضخم،وقابلها زيادة متسارعة في حجم الاستثمارات ([10])،وبفضل هذه المكانة الاقتصادية التي بلغتها انتهجت سياسة خارجية فعالة ومنفتحة على جميع الدول.

4_هوية النخب السياسية الحاكمة:

لطالما كانت مسالة الهوية مثار جدل كبير بين النخب في المجتمع التركي خاصة بعد عودة التيار الإسلامي إلى الحياة السياسية في تركيا منذ ثمانينات القرن الماضي،وكان للصراع بين النخب الإسلامية والنخب العلمانية(الجيش)انعكاس واضح على السياسة الخارجية التركية.فالعلمانيون ومنذ تأسيس الجمهورية التركية 1923أبحروا بتركيا إلى الشاطئ الأوروبي والغربي على العموم مبتعدين بها عن المرفأ الشرقي الإسلامي على وجه الخصوص الذي رست فيه أكثر من أربعة قرون.

واشتد الصراع بين العلمانيين والإسلاميين في منتصف التسعينات عندما أعلن “نجم الدين اربكان”زعيم التيار الإسلامي في تركيا في أول تصريحاته بعد توليه رئاسة الحكومة التركية عام 1997،أن حكومته ستدعم علاقاتها بالدول الإسلامية ،ووعد بتحسين العلاقات مع كل من إيران وسوريا وليبيا،وانه سيقوم بمراجعة الاتفاق العسكري التركي_الإسرائيلي،وإجراء تعديلات في اتفاق الاتحاد الجمركي مع أوروبا.وبأنه سيطالب برفع  العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق،وإنهاء عمل قوات المطرقة الأمريكية_البريطانية_الفرنسية في شمال العراق،معتبرا أنها قوات صليبية هدفها تقسيم العراق والإضرار بالمصلحة التركية بإقامة دولة كردية.([11])

وتعتبر الهوية محددا أساسيا في السياسة الخارجية التركية،واتضح ذلك بشكل لا يمكن الشك فيه بعد صعود حزب العدالة والتنمية وتوليه الحكم ،إذ تحولت السياسة الخارجية التركية من توجه واحد نحو الغرب إلى توجه متعدد الأبعاد نحو الدول الإسلامية والعربية ودول آسيا الوسطى والقوقاز .

5_المقدرات العسكرية:

تتوفر تركيا على ثاني اكبر جيش في حلف شمال الأطلسي،ويعتبر من أقوى الجيوش حجما وكفاءة ،وتقدر القوة العددية للقوات المسلحة التركية ب1.206.700جندي منهم 639الف من القوات العاملة و387الف في الاحتياطي و180الف من القوات شبه عسكرية(درك وحرس وطني )و30الف جندي في قبرص الشمالية([12])، واكتسب تركيا هذه القوة العسكرية المميزة اثر تحالفها الاستراتيجي مع الولايات الأمريكية وإسرائيل خاصة خلال فترة الحرب الباردة وما كان لتركيا من دور أساسي في ردع المد الشيوعي إلى الشرق الأوسط.وقد استعملت تركيا جيشها في خدمة سياستها الخارجية خاصة بعد حسم توجهها نحو الغرب ،فانضمت الى الحلف الأطلسي،والذي أصبحت احد أهم أركانه.

ب_ محددات خارجية:

1_ النظرة السلبية المتبادلة بين العرب والأتراك

وذالك بسبب التأصيل لمبادئ العلمانية في تركيا منذ قيام الجمهورية العلمانية واستبدال الحرف العربي بالحرف اللاتيني، وهذا لم يسر العرب،ما جعلهم ينظرون إليها بشيء من الريبة. بالإضافة إلى التحالف الاستراتيجي بين تركيا وإسرائيل(العدو التاريخي للعرب).ومن ناحية الأتراك فإنهم ينظرون إلى العرب على أنهم خانوهم وتأمروا عليهم مع الغرب إبان الحكم العثماني ما أدى إلى تفكيك الإمبراطورية العثمانية1923م.([13])

إلا أن هذا المحدد ليس ثابت وهو نسبي، إذ يتغير حسب المصالح الوطنية لكلا الطرفين وذلك ما يلاحظ في التغير الواضح في السياسة التركية تجاه القضايا العربية خلال العشر سنوات الاخيرة..

2_ المشاكل الحدودية مع الدول العربية المجاورة :

والمقصود هنا مشكلتان حدوديتان رئيسيتان.الأولى تتمثل في الحدود بين تركيا والعراق حول وضع الموصل.والثانية تتمثل بين تركيا وسوريا وتركزت حول منطقة لواء اسكندرونة(هاتاي).

أ_الموصل:منذ خسارة تركيا قضية دمج الموصل ضمن أراضيها  بحجة أن أكثرية سكانها أكراد أمام المملكة المتحدة المنتدبة على العراق آنذاك بتوقيعها معاهدة التسوية في حزيران/جوان 1926م ودمج الموصل ضمن العراق تحت الانتداب البريطاني([14])،لازالت مشاعر الندم تطفو على القادة الأتراك منذ ذالك الحين،فقد أشار رئيس الوزراء التركي الأسبق “تور غوت أوزال” في تشرين الثاني/اكتوبر1986م في معرض النفي القاطع بأن لدى بلاده أي مطامع بخصوص كركوك،وأن: “أنقرة باستطاعتها أن تعتمد نهجا أكثر فعالية إذا ما تعرض أمنها للخطر”([15]) وهنا الإشارة ضمنيا بالتهديد بالمطالبة بالموصل.

إن مثل هذه الخطابات العنيفة وخاصة عند التدقيق في توقيتها الزمني وظروفها كالحرب بين العراق وإيران، وغزو العراق للكويت وبعده ضرب الحلفاء للعراق وما نتج عن كل ذالك من تفكك للعراق ولو بشكل غير رسمي.إنما  تدل على مشاعر الرغبة في التدخل في العراق بعد سقوط نظام حسين بشكل مباشر أو سري،ويتضح ذلك جليا من خلال الزيارات الرسمية لوزراء أتراك لمناطق مختلفة من شمال العراق([16]).رغم أن تركيا وقفت الموقف المشرف مقارنة ببعض مواقف الدول العربية تجاه الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

ب_ لواء اسكندرونة([17]):حصلت تركيا على لواء اسكندرونة(هاتاي) عبر تسوية عقدتها مع فرنسا التي كانت منتدبة على سوريا،وبموجب هذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بأهمية ميناء اسكندرونة لتركيا وبمنفذها الصالح للعمل على ساحل البحر المتوسط،وبذالك دمج إقليم اسكندرونة ضمن أقاليم تركيا سنة 1939 باسم “هاتاي”.

رفضت سوريا القبول بخسارة الاسكندرونة، وهذه القضية ولدت لدى القوميون العرب السوريون شعور قوي بالرغبة في استعادة هذا الإقليم ،ويبقى هذا الإقليم يشكل سببا لاستياء العرب من تركيا.

إلا أنه بعد تطور العلاقات التركية_السورية وانتقالها إلى مستوى الصداقة والتعاون في بداية القرن الحالي،لم تعد هناك رغبة لدى النخبة الحاكمة في سوريا  في إثارة مسألة استرجاع لواء اسكندرونة،وذلك ما ساهم في امتصاص تلك النظرة السلبية المتراكمة تجاه تركيا لدى العرب  منذ العقد الثاني من القرن العشرين.

3- العلاقات التركية_ الإسرائيلية:

تعتبر العلاقات التركية الإسرائيلية احد أهم محددات السياسة الخارجية التركية تجاه الدول الإسلامية والعربية منها خاصة،وذلك بسبب الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ إعلان قيام دولة إسرائيل.إذ تعتبر تركيا أول من اعترف بإسرائيل في المنطقة عام1949م مباشرة بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بها.ومنذ ذلك الحين عرفت العلاقات التركية –الإسرائيلية نوعا من التقارب وصل إلى حد التحالف والتعاون في الكثير من المجالات  خاصة قبل مرحلة التسعينات من القرن الماضي وتأصل التحالف في أواخر التسعينات،وكانت البداية منذ توقيع تركيا وإسرائيل الحلف العسكري السري بينهما في شهر أغسطس/اوت1958م،ردا على قيام الوحدة العربية بين مصر وسوريا(1958-1961).)[18](

وأهم ميادين التعاون التركي الإسرائيلي هو الميدان العسكري والأمني .إذ شمل الاتفاق الموقع عام 1958التعاون الشامل بين المخابرات الإسرائيلية )الموساد(والمخابرات التركية والذي تطور إلى اتفاق ثلاثي باسم » ترايدنت « بانضمام المخابرات الإيرانية) السافك( إلى هذا الاتفاق.)[19](وذالك رغم بعض الومضات الايجابية التي اتخذتها تركيا تجاه العرب في بعض المواقف خاصة الحرب الإسرائيلية-العربية 1967 التي أدانت فيها تركيا إسرائيل.

ونظرا لرغبة تركيا في الانفتاح على الغرب والانخراط في المنظومة الأوروبية،بالإضافة إلى مشاكلها مع كل من سوريا والعراق ولبنان فيما يخص قضية الأكراد وتوزيع مياه دجلة والفرات،وطدت علاقاتها مع إسرائيل بشكل كبير خلال تمركز العلمانيون في السلطة وتحكم المؤسسة العسكرية في زمام الأمور في تركيا .فقد وقع الطرفيين اتفاق للتعاون العسكري في 23فيفري/شباط 1996.وأكد رئيس الوزراء الأسبق نتنياهو في 13ماي /أيار 1997 أثناء زيارة وزير الدفاع التركي لإسرائيل على أهمية التعاون العسكري بين البلدين من اجل مواجهة التهديد الإرهابي وتأمين استقرار المنطقة كلها،وفي آذار/مارس 1996 وقع الطرفان اتفاقية للتجارة الحرة.ثم اتفاق للنقل البري الذي وقع في أنقرة في 9ايلول/سبتمبر 1997.([20])

وفي فترة التسعينات من القرن الماضي كان التوجه التركي للتعاون مع الكيان الصهيوني محددا أساسيا للسياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة العربية والتي كانت تتسم بالتصعيد في أغلب الأحيان وعدم الوضوح.وفي المقابل يرقى  التنسيق في العلاقات التركية_الأمريكية إلى أعلى مستوياته.

4_المؤسسات الإقليمية والدولية :

إن انضمام تركيا للعديد من المنظمات الدولية والإقليمية واكتسابها فيها مكانة هامة تجعلها تقوم بدور فاعل على مستوى سياستها الخارجية،إذ تنتمي تركيا إلى حلف شمال الأطلسي(عسكري_غربي)و منظمة المؤتمر الإسلامي، كما أنها أصبحت عضوا مراقبا في الاتحاد الإفريقي وعضوا مراقبا في جامعة الدول العربية([21])،وهذا ساعد تركيا في تحقيق توجهها الجديد في سياستها الخارجية

المحور الثاني :السياسة الخارجية التركية والبعد الواحد

حرص الأتراك في سياستهم الخارجية على إتباع مبدأ مؤسس الجمهورية التركية العلمانية عام 1923 مصطفى كمال أتاتورك”سلام في الوطن سلام في العالم“([22])،والذي بموجبه أعطت تركيا الأولية للقضايا الداخلية على القضايا الخارجية، والذي يفترض”أن الدول تتفاعل في نسق فوضوي, فهي تنتهج مبدئيا سياسات خارجية بالطريقة التي قوامها الاعتماد على الذات (متغير الواقعية المستقل), وكفواعل موحدة… ولما كان الصراع على القوة ميزة ملازمة لتفاعلات الدول ضمن النسق فان الواقعية تعامل القوة كوسيلة ضرورية لوصول الفاعل لهدف تحقيق أمنه وبقائه ( متغير الواقعية التابع)”.([23])

كما أن السياسة الخارجية التركية عرفت ولفترة طويلة منذ تأسيس الجمهورية حالة العزلة,وذلك وفقا لنظرية الواقعية الدفاعية([24])والتي تفترض أن الدولة تعطي الأولوية لاستقلالها, وأن الدول تضع خيارات سياستها الخارجية بناءا على أسوء السيناريوهات الممكنة، فحقيقة وجود دول وأحلاف أقوى تستلزم أن الدول تخشى باستمرار على أمنها، وذلك ينطبق على الحالة التركية خاصة بعد الحرب العالمية الثانية.بالإضافة إلى الهوية التي أقرها مصطفى كمال أتاتورك على الأمة التركية بحيث طبعها بالصبغة الغربية بدل الإسلامية([25]) وأخرجها من محيطها القيمي الجغرافي الواقعي إلى محيط قيمي افتراضي وهو أن تركيا أوروبية وليست أسيوية، وبالتالي فالسياسة الخارجية التركية منذ ذلك الحين وحتى الآن،ومهما اختلفت توجهاتها فان تحديدها كان وفق منظور البنائية في السياسة العالمية، وهذه الأخيرة تفسر السياسة الخارجية على أساس الأفكار والهويات والخطاب السائد وكيف يمكن لهذه العوامل المعيارية أن تفهم.

فالبنائية تؤكد أن فواعل بيئة اجتماعية ما يشكلون ويعيدون تشكيل العالم الاجتماعي الذي يتفاعلون معه([26]) وهذا ما يفسر بالفعل سلوك السياسة الخارجية التركية سواء في عهد الحكومات العلمانية أو الإسلامية.

ﺃ- سياسة البعد الواحد:

انتهجت تركيا في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي سياسة الاتجاه الواحد في سياستها الخارجية وذلك لحصولها على عضوية الاتحاد الأوروبي،وذلك انطلاقا من النظرية الواقعية من أجل تحقيق المصلحة الوطنية والمتمثلة أساسا في القوة وتحقيق الأمن والاستقرار ولو على حساب جيرانها خاصة العرب منهم.

كان الهدف الأساسي لهذا التوجه في السياسة التركية هو الانضمام إلى النادي الأوروبي ما جعلها تبتعد عن محيطها الحقيقي وتتنصل من تاريخها وتراثها وهويتها وترتمي في أحضان الغرب،وقدمت كل التنازلات و حققت معظم  الشروط التي أملاها عليها الغرب ليرضى عنها ويقبل بها عضوا في السوق الأوربية المشتركة([27])، كما رأت تركيا أن قبولها في النادي الأوروبي يستوجب عليها الابتعاد عن العرب وتقديم الدعم لإسرائيل ولذلك كانت أول من اعترف بإسرائيل في المنطقة سنة 1949.

رغم التحولات التي عرفها العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي إلا أن النخبة التي ساهمت في بلورة السياسات التركية سواء كانت الداخلية أو الخارجية فحتى نهاية التسعينات ترى أن تركيا أوروبية غربية علمانية.هذه النخبة التي تتمثل أحزاب يمني الوسط ( تشيلرتانسو، مسعود يلماظ)ويسار الوسط (أجاويد، بيكال) ترفض مطلقا طرح الاختيار بين نادي الغرب ونادي الشرق الأوسط الذي يضم دول عربية وإسلامية يربطها مع تركيا ارث تاريخي وحضاري ، معتبرة أن تركيا حسمت أمرها في أن تكون غربية عضوا في الناتو ومنتسبة إلى التحاد الأوروبي([28])، بل إنها ترى أن ارتباطها بالغرب يقوي دورها الإقليمي في الشرق الأوسط .وعبر عن ذلك رئيس الحكومة التركي الأسبق”مسعود يلماظ” في سبتمبر 1991،عندما قال([29]): «إن أمام تركيا أحد الخيارين، الخيار الأوروبي أو خيار الدخول في عصر القرون الوسطى».

إن سياسة البعد الواحد في السياسة الخارجية التركية ليست وليدة فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وإنما هي في الأساس نتيجة لتوجهات “كمال مصطفى أتاتورك”مؤسس الجمهورية التركية الحديثة ، كما أن مبادئ هذه السياسة لم تتناقض مع مبادئ أتاتورك الأربعة التي أعلنها في المؤتمر الأول لحزب الشعب في 15 أكتوبر 1927 وأضاف ركنان إليها فيما بعد وهي([30]):

  • 1‑ الجمهورية:  النظام الجمهوري و إلغاء النظام السلطني
  • 2‑الملية (القومية): ألغى أتاتورك الرابطة السياسية الدينة واستبدلها بالرابطة السياسية  الوطنية.
  • 3‑الشعبية: تعني ضرب نفوذ الارستقراطية السلطانية ، العثمانية، الملاك الإقطاعيين ورجال الدين.
  • 4‑الدولتية: أي تكون الدولة هي أداة علمنة وتغريب  تركيا في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
  •  5‑ الانقلابية: الثورة من أعلى على الأفكار والمؤسسات والأوضاع التي اعتبرت تقليدية ومتخلفة.
  • 6‑ العلمانية: والتي تعني في السياسات التركية سيطرت الدولة على المجال الديني وليس مجرد الفصل بين الدولة والدين.

اعتمد صناع القرار التركي على غرس هذه المبادئ في الذهنيات التركية،واعتمدت اكثر من من ثلاثة عقود بعد تأسيس الجمهورية الا ان التغيرات التي عرفها العالم جعلهم يعيدون النظر في بعضها بما يتلائم مع الوضع الدولي.

ب- مبادئ السياسة الخارجية ذات البعد الواحد([31]):

تمثلت المبادئ التي انتهجتها تركيا خلال سياسة البعد الواحد في :

1­  عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول منطقة (الجوار)* ، وذلك حتى تتمكن من بناء الدولة بعيدا عن مشاكل دول الجوار وحتى لا تنتقل تلك المشاكل إلى الداخل التركي الذي هو في حد ذاته مكبل بمشكلة رئيسية وهي حزب العمال الكردستاني.

2­ عدم التدخل في النزاعات بين دول المنطقة خاصة فيما يتعلق بالدول العربية التي كانت منقسمة إلى تيارات متعددة بحيث تعمدت تركيا على عدم التدخل في النزاعات العربية- العربية حتى لا يؤثر ذلك على مصلحتها مع الدول العربية التي ليست لها مشاكل معها كمصر.

3­ العمل على استمرار انقسام العرب: وذلك حتى لا تكون الدول العربية كتلة واحدة منسجمة ومنسقة خاصة في المجال الأمني، وفيما تضعف نفوذ العرب على المستويين الإقليمي والدولي وحتى لا تكون أي دولة عربية كبرى بمفردها أكبر من تركيا.

4 ­ فصل الشرق الأوسط عن دور تركيا في التحالف الغربي: خلال الحرب الباردة كان دور تركيا مواجهة امتداد المد الشيوعي للشرق الأوسط، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي تسعى تركيا إلى أن لا يفسر دورها على أنها أداة لتنفيذ أهداف الدول الغربية.

5­ توازن دقيق في موقفها من القضية الفلسطينية: بعد اعتراف تركيا بإسرائيل 1949 وتطور الأحداث مرورا بحرب 1967 و1973 عملت تركيا على اتخاذ موقفا أكثر تميز من الغرب اتجاه حساسية حيال بعض تصرفات إسرائيل المثيرة مراعاة للعالم العربي.

6­ تطوير علاقات ثنائية تركية_عربية: إن الحديث عن العلاقات الثنائية بين تركيا والدول العربية منفردة لا يعني انحراف  تركيا عن التوجه ذو البعد الواحد في سياستها الخارجية،إنما هو تخطيط لعدم إعطاء الفرصة للدول العربية بأن تكون قوة مجابهة لتركيا،من خلال توحيد الجهود والسياسات العربية في المنطقة.

بالاضافة الى هذه المبادئ انتهجت تركيا المبدأين التاليين بعد نهاية الحرب الباردة:

1­ ملأ الفراغ([32]) : وهذا المبدأ يعني أن تركيا بعد حسمها في الخيار الغربي سعت إلى أن تجد محيطا أخر في انتظار عضوية الاتحاد الأوروبي بحيث سعت إلى تكوين تحالفات مع دول أرويا الشرقية وأسيا الوسطى ودول البلقان خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي  وذلك لتعويض الفراغ في اوروبا الشرقية ،اسيا ومحيطها العربي في الشرق الأوسط .

2­ سياسة المساومة:باعتبار أن فن المساومة هو حكمة سياسية بحيث يحق للدول ان تنتقي الوسائل التي تحقق عن طريقها أهدافها في التعامل الخارجي([33])،وهذا ما اعتمدت عليه من خلال استخدامها لورقة المياه للضغط على الدول العربية  خاصة سوريا والعراق ومواجهتها فيما يتعلق بالمشكلة الكردية أو حتى مشكلة الاسكندرونة والتدخل التركي في شمال العراق.

ركزت تركيا من خلال سياسة الاتجاه الواحد على تحقيق عضوية الاتحاد الأوروبي ، وذلك من خلال توطيد علاقاتها به ومحاولاتها بالإيفاء بشروطه وإقامة تحالف استراتيجي مع إسرائيل كأثمن هدية مقابل اكتساب عضويتها فيه.

ج- تركيا ومسعى العضوية الأوروبية:

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وجدت تركيا الفرصة لتحقيق مشروعها الغربي فانضمت إلى حلف شمال الأطلسي سنة 1952 ليكون خطوة أولى وبابا تدخل من خلاله إلى النادي الغربي الأوروبي، وكانت  دعما لخطوتها قبل ذلك في توقيع اتفاقية أنقرة مع المجموعة الاقتصادية الأوربية في 12 سبتمبر 1923 ومحفزا لها لتقديم طلب العضوية في السوق الأوربية المشتركة في 31 تموز/جويلية 1959، والذي تم الموافقة عليه ضمن توقيع اتفاقية أنقرة في سبتمبر 1963.

– بروتوكول أنقرة يؤهل الدولة الطرف فيه للحصول على العضوية المستقبلية في الاتحاد(أي أنه مرحلة تستهدف مساعدة الدولة التي تقدمت بطلب العضوية لتكييف اقتصادها مع اقتصاديات دول الاتحاد).([34])

– وضعت اتفاقية أنقرة الشروط والمراحل التي يجب أن تتبعها تركيا حتى تصبح عضوا كاملا في المجموعة الأوربية وهذا وفقا للمادة 28 من الاتفاقية، وتمثلت هذه المراحل في([35])

1) مرحلة تحضيرية، 2) مرحلة انتقالية، 3) انجاز الوحدة الجمركية.

1)المرحلة التحضيرية: اتخذت تركيا مجموعة من التدابير القانونية،الاقتصادية والسياسية وحرصت على تبني الهوية الأوربية وفرضها على جميع مناحي الحياة داخل تركيا.

2)المرحلة الانتقالية بدأت بتقديم تركيا في ماي 1967طلبا للشروع فيها، ووقع البرتوكول الإضافي في عام1970 إلا أن الأحداث التي عرفها عقد السبعينات كاد أن يعصف بمسعى تحقيق تركيا  وإكمالها للمرحلة الانتقالية خاصة بعد تدخل الجيش التركي في قبرص والانقلاب العسكري الذي عرفته تركيا عام 1981، وفي 14 أفريل1987 تقدمت تركيا بطلب رسمي للعضوية الكاملة في المجموعة الأوربية إلا أن هذه الأخيرة رفضت الطلب([36]).

3)المرحلة الأخيرة وهي مرحلة انجاز الوحدة الجمركية  وقد استطاعت تركيا وبصعوبة تحقيقها حيث أقر مجلس الشراكة الأوربية-التركية اتفاقية الوحدة الجمركية، ودخلت حيز التطبيق الفعلي في 01 كانون الثاني/جانفي1996،إلا أن الأوربيين اعتبروها مجرد خطوة اقتصادية لا علاقة لها بشروط الانضمام ، هذا ما أثبته الاتحاد الأوربي خلال مؤتمر لوكسمبورغ عام 1997 ورفضه إدراج تركيا في قائمة الدول المرشحة للعضوية في أفاق 2000، إلا أن إصرار تركيا على اكتساب العضوية،جعلها تحقق خطوة ايجابية من خلال منحها وضعية المرشح للعضوية في مؤتمر هلسنكي 1999([37]) الذي تقرر فيه الاعتراف بترشيح تركيا لعضوية الاتحاد.

ويرجع سبب قبول ترشيح تركيا لمفاوضات العضوية ضمن الاتحاد الأوروبي إلى تغير طبيعة الحكومات المشكلة له،خاصة مع وصول الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية والخضر إلى السلطة في كل من ألمانيا والسويد، وكذلك تحسن العلاقات التركية اليونانية والضغط الدبلوماسي الذي مارسته الولايات المتحدة على الحكومات الأوروبية، بالإضافة إلى التحول في أبعاد العلاقات التركية الأوروبية، والتي أكد عليها احد أعضاء لجنة توسيع أوروبا بعد مؤتمر هلسنكي:«هناك دوافع جيوسياسية وإستراتيجية تحتم علينا دعم دمج تركيا في أوروبا، إضافة إلى اعتقادنا بان هذا الاندماج سيحثنا على التغيير الديمقراطي… وإذا حرمنا تركيا من أفق الاندماج فإننا سنكون مسئولين عن أي اختلال داخلي فيها، وستخسر بذلك أوربا».([38])

لكن هل مثل هذه التصريحات التي أطلقها بعض القادة الأوربيين تعني حقا رغبة الأوربيين وموافقتهم على انضمام تركيا إلى ناديهم؟ لا، هذا ما أثبتته تصريحات الأوربيين المعادية للهوية التاريخية الإسلامية لتركيا، وما أدركته النخب العلمانية في تركيا وليست الإسلامية قبل ذلك بأن الاتحاد الأوربي هو نادي للمسيحيين فقط .فقد قال المفكر التركي “جميل ميرتش” عام 1979:«لوأحرقنا كل القرائين وهدمنا كل الجوامع فسنبقى في عين أوربا عثمانيين والعثماني يعني الإسلام»([39])،وقد أكدت مصداقية مثل هذه التصريحات العبارات الكثيرة التي ترد على لسان مفكرين وساسة أوربيين والتي تثبت مدى الاختلاف الحضاري والديني والثقافي بين أوربا وتركيا، وكان اللقاء الذي عقدته الأحزاب الديمقراطية المسيحية في دول الاتحاد الأوربي في 04 مارس 1997 والذي شارك فيه سبعة من رؤساء الأحزاب الديمقراطية وفي نفس الوقت رؤساء أحزابهم( بلجيكا، ألمانيا،اسبانيا، لوكسمبورغ،ايرلندا ونائب رئيس حكومة النمسا)، والذي جاء في بيانه:«أن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي غير ممكن في المدى القريب ولا البعيد لان أوروبا الآن في طور تطوير مشروعها الحضاري».([40])

حتى بعد مؤتمر هلسنكي 1999 الذي فتح أفاق جديدة أمام المسعى التركي ولو نظريا، إلا أن التصريحات الرسمية لمسئولين أوربيين رفيعي المستوى تؤكد استحالة انضمام تركيا للاتحاد الأوربي، وأبرز مثال على ذلك تصريح رئيس الوزراء الأسبق لفرنسا، الذي أكد أن قمة هلسنكي قد حكمت على تركيا بأن تبقى مجرد مرشح لا عضو دائم،عندما قال([41]):« إن تركيا ليست دولة أوربية،إنما هي بلد محترم لكنها تقع في أسيا».

كان من المفترض أن تحدد القمة الأوربية سنة 2000 موعدا لبدء المشاورات المؤدية لانضمام تركيا لكنها أجلت القرار مرة أخرى إلى قمة كوبنهاغن التي أعلنتها في 17 ديسمبر 2004 وحددت يوم 03 أكتوبر 2005 موعدا لبدء مفاوضات انضمامها للاتحاد، وبدأت بالفعل في ذلك التاريخ دون أن يحدد موعد لانتهائها فقد تستغرق من  10 إلى 15 سنة([42]).

بالرغم من أن تركيا عرفت تحولا كبيرا في العقد الأخير،يتناسب مع معظم شروط “كوبنهاغن” الإنضمام التي أعلنها الاتحاد الأوربي في قمة 2005 بكوبنهاغن، وأهم هذه الشروط([43]):

  • 1_إرساء الديمقراطية النيابية
  • 2_بناء دولة القانون وتفكيك قواعد الاستبداد
  • 3_احترام حقوق الإنسان وإلغاء التشريعات المنافية له.
  • 4_احترام حقوق الأقليات ومنحها حرية الممارسة الثقافية وحق التعبير عن هويتها داخل إطار الدولة.
  • 5_وجود نظام فعال يعتمد على نظام السوق.
  • 6_ إصلاح النظام المصرفي والمالي ليتكيف مع النظم المعمول بها في دول الاتحاد.
  • 7_إصلاح المؤسسات والمرافق العامة بما يتفق مع المقاييس الموجودة في الاتحاد.
  • 8_ بناء سوق محلية قادرة على تحمل تبعات الانفتاح على السوق الداخلية الأوربية.
  • 9_مكافحة الفساد والرشوة في جهاز الدولة.

رغم التحول الذي أبدته النخب السياسية الإسلامية التركية اتجاه الانضمام إلى الاتحاد الأوربي سواء كان ذلك عن قناعة أو مساومة وعملها جاهدة لتحقيق العضوية في الاتحاد إلا أن هذا الأخير لا يزال يرفض أن تتجاوز العلاقات التركية الأوربية حدود  المسائل الأمنية والدفاعية([44])،وذلك رغم كل الانجازات التي حققتها تركيا سواء على المجال السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي والتي سمت بتركيا في أواخر العقد الماضي إلى مصاف الدول الأوربية المتقدمة كألمانيا.

هذا الرفض المتواصل من طرف الاتحاد الأوربي دفع تركيا إلى مراجعة حساباتها التحول في سياساتها الخارجية والبحث عن أبعاد أخرى في سياستها فانتقلت من سياسة البعد الواحد إلى سياسة الإبعاد المتعددة.

المحور الثالث:سياسة الأبعاد المتعددة

تبلورت هذه السياسة بعد إدراك الساسة الأتراك  أنه يجب أن يحددوا دورهم في ضوء موازين القوى الجديدة التي عرفتها المناطق المجاورة لهم، بل أكثر من ذلك، ذهبوا إلى رسم سياسة خارجية مختلفة تماما عن سابقتها وذلك انطلاقا من قناعتهم بأن لتركيا دور مهم في استقرار كل من منطقة القوقاز، وسط أسيا و منطقة الشرق الأوسط، وفي الاستقرار العالمي ككل.

وحتى تنجح تركيا في تحقيق هذا الدور عملت على توظيف موروثاتها التاريخية والجغرافية التوظيف الأمثل وبالتالي استعملت مفهوم النظرية البنائية وتركيزها على الهوية الاستغلال الأمثل والايجابي، بحيث انفتحت على عدة جبهات، كدول أوربا الشرقية ودول أسيا الوسطى الإسلامية ذات الهوية التركية ودول المشرق العربي ، بالإضافة إلى التوجه التقليدي نحو أوربا الغربية لتفعيل دورها الإقليمي، ذلك ما أكده وزير خارجية تركيا أحمد داوود أغلو:« إن تركيا لديها الآن رؤية سياسية خارجية قوية نحو الشرق الأوسط والبلقان ومنطقة القوقاز ستسعى لدور إقليمي أكبر.»([45])

يقصد بالدور الإقليمي حسب المدرسة الوظيفية:نموذج سلوكي متوقع يقوم به فاعل على ضوء مكانته الدولية في بيئة دولية بعينها، وبعبارة أخرى هو وظيفة تؤدى في عملية محددة.ويقصد بالدور التركي :أداء تركيا لوظيفة محددة اتجاه التنمية والسلام الدولي بما يحقق مصالحها في إطار التوازن والعمل مع الفاعلين الدوليين الآخرين في النظام العالمي الحالي.([46])

_أهم الأسباب التي أدت إلى التحول في السياسة التركية([47]):

1_ إدراك تركيا أنه قد يكون من المستحيل قبول عضويتها في الاتحاد الأوربي.

2_أحداث 11 سبتمبر 2001: هذا الحدث أربك العالم كله وفي مقدمته العالم الإسلامي حيث تحول هذا الأخير إلى ساحة للعدوان على كل من يخالف السياسات الأمريكية تحت ذريعة محاربة الإرهاب، ولم تكن تركيا – كونها بلد مسلما- بمنأى عن  تأثيرات الحرب الأمريكية على الإسلام([48]) والتي أسقطت بها النظام في أفغانستان والنظام في العراق وما نتج عنها من فوضى في هذين البلدين.

3_ تزايد النفوذ الايراني في المنطقة وما ينتج عنه من مساس للمصالح التركية .

4_حاجة تركيا لمناطق نفوذ حيوية كسوق كبرى بحجم القوة الاقتصادية الحالية لتركيا.

5_الاحتلال الامريكي للعراق والمأزق الامني العراقي وسيناريو تقسيم العراق الى دويلات وما قد ينتج عنه من عواقب وخيمة على دول المنطقة ككل وعلى تركيا بشكل خاص.

أ_أسس السياسة التركية الجديدة:

تبلورت السياسة التركية الجديدة بوصول حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم في تركيا وإصرار زعيمه السيد “رجب طيب أردوغان” على تفعيل الدور التركي والعودة بتركيا إلى الساحة الدولية من خلال سياسة حكيمة ارتكزت وفقا لستة مبادئ هندسها وزير خارجية تركيا السيد أحمد داود أغلو. هذه المبادئ هي:

1_مبدأ التوازن السليم بين الحرية والأمن: وذلك من خلال اقتناع داوود أغلو على أنه ما لم تحصل دولة من الدول على إقامة توازن بين الحرية والأمن بداخلها فإنها ستكون عاجزة عن التأثير في محيطها كما أن مشروعية النظم السياسية يمكنها أن تحقق عندما يوفر الأمن لشعوبها وتحرمها في المقابل من الحرية، تتحول مع الوقت إلى أنظمة تسلطية، كذلك الأنظمة التي تضحي بالأمن بدعوى أنها تفتح الكثير من الحريات ستصاب بحالة من الإضراب المخيف، خاصة بعد التحولات التي شهدها العالم بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ويقول أحمد داوود أغلو في هذا الصدد([49]):« إن 11 سبتمبر دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن تستبدل بالنظام العالمي الجديد المستند إلى خطاب الحريات الذي ساد بعد الحرب الباردة نظاما عالميا جديدا مستندا إلى المفهوم الأمني».

2_مبدأ تصفير المشكلات مع دول الجوار([50]): وذلك من خلال العمل على حل المشاكل العالقة مع دول الجوار بعقد اتفاقيات شراكة ومعاهدات ثنائية، لتفعيل العلاقات إلى علاقات حسنة وتعاونية، وأبرز مثال على ذلك علاقاتها مع سوريا بحيث تحولت إلى علاقات تعاونية بعدما أن كادت أن تقع حرب بين الدولتين عام 1998، كذلك علاقات تركيا مع جورجيا وبلغاريا، وبالتالي إخراج تركيا من بلد محاط بالأعداء إلى بلد محاط بالأصدقاء.

3_مبدأ الدولة الفاعلة:يقوم هذا المبدأ على أساس لعب تركيا دور محوري في الأقاليم الداخلية والخارجية لدول الجوار ، خاصة في البلقان والشرق الأوسط والقوقاز وأسيا الوسطى([51])، فقد كان لنجاح التأثير التركي في أزمتي البوسنة والهرسك وكوسوفو في فترة التسعينات من القرن الماضي دافعا مشجعا لانتهاج مبدأ التأثير في القضايا الداخلية والخارجية لدول الجوار، وذلك من خلال مبادرات وساطة وإصلاح قدمتها تركيا في أكثر من مناسبة، كالوساطة التركية بين سوريا وإسرائيل، كذلك المبادرة التركية البرازيلية فيما يخص أزمة النووي الإيراني، بالإضافة إلى محاولاتها للتوصل إلى حل توافقي بين الفر قاء اللبنانيين في مبادرتها مع قطر في 2010 .

_4مبدأ السياسة الخارجية المتعددة البعد: باعتبار أنه يمكن لتركيا أن توطد العلاقات مع عدة دول بحيث لا تكون هذه العلاقات على حساب قطع علاقاتها مع أطراف أخرى مثلما كانت تنتهجه في سياسة البعد الواحد، وذلك لأن حسب داوود أغلو([52]):العلاقات مع اللاعبين الدوليين ليست بديلة عن بعضها البعض. هذا المبدأ جاء لمحاولة استغلال الساسة الأتراك لهوية تركيا المتعددة معتمدين في ذلك على مبدأ النظرية البنائية التي تعتبر أن البعد الثقافي والديني والقيمي والتواصل الاجتماعي هي في الأساس محددات للسياسة الخارجية([53]).

إن هذا المبدأ أعتمد  بعد صراع داخلي كبير بين النخب التركية المتعددة المشارب، العلمانية(هوية واحدة وهي الهوية الأوربية)، الإسلامية والوطنية( الهوية التركية متعددة بحكم الحضارة والتاريخ ).

ويقول داوود أغلو عن الموقع الجغرافي الذي أكسب تركيا تلك الهوية المتعددة الأبعاد([54]):« تحتل تركيا من حيث الجغرافيا مكانا فريدا، فاعتبارها دولة مترامية الأطراف وسط ارض واسعة بين إفريقيا وأوربا يمكن أن يتم تعريفها على أنها بلد مركزي ذو هويات إقليمية متعددة لا يمكن اختزاله في صفة واحدة موحدة، وعلى غرار روسيا وألمانيا وإيران ومصر لا يمكن تفسير تركيا جغرافيا أو ثقافيا بربطها بمنطقة واحدة، وتركيب تركيا الإقليمي المتعدد يمنحها القدرة على المناورة في العديد من المناطق، ومن ثم فهي تتحكم في منطقة نفوذها المباشر».

كما بين رئيس الوزراء التركي السيد رجب طيب أردوغان البعد الحضاري لتركيا في قوله([55]): «إن اسطنبول ليست مركزا يجمع قارتين فحسب، إنما هي رمز مركزي يجمع الحضارات ويختزلها».

5_مبدأ الدبلوماسية المتناغمة([56]) وتعني تنسيق السياسات مع مختلف الأطراف والكتل الدولية.واستغلال تركيا لمكانتها في مختلف المنظمات الدولية والإقليمية لتفعيل العمل الدبلوماسي،والعمل على توثيق الروابط مع الدول الأعضاء في تلك المنظمات.

6_مبدأ تطوير الأسلوب الدبلوماسي  من خلال إعادة تعريف دور تركيا في الساحة الدولية: وذلك من خلال رسم خريطة جديدة لتركيا تجعلها مرشحة لأداء دور مركزي، وأن تكون قادرة على تقديم الأفكار والحلول في القضايا الدولية سواءا كانت متعلقة بالشرق أو الغرب على السواء. وهذا ما أكد “داوود أوغلو” حيث قال ([57]):« ستكون التزامات تركيا من التشيلي إلى اندونيسيا، ومن إفريقيا إلى آسيا الوسطى ومن الإتحاد الأوروبي إلى منطقة المؤتمر الإسلامي جزءا من مقاربة شاملة للسياسة التركية، وستجعل المبادرات تركيا فاعلا عالميا ونحن نقترب من العام 2023، للذكرى المئوية الأولى لإقامة الجمهورية التركية».

وهذا ما أكد مسعى تواجد البصمة التركية من خلال عضويتها في المنظمات الدولية المختلفة حتى وان كانت متناقضة فيما بينها،لكن تركيا مصرة أن تتواجد فيها جميعا مما يجعلها حلقة وصل تربط بين هذه المنظمات.

 ب_مفهوم القوة في السياسة الخارجية التركية الجديدة:

تهدف السياسة الخارجية التركية الجديدة إلى تكوين دولة قوية ذات سيادة ومكانة ومركز عالميين، فقد بلور “داوود اوغلو” في كتابه “العمق الإستراتيجي”: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية» معادلة حسابية فريدة من نوعها للقوة وهي ([58]):           ق = ( م ث + م ت ) × ( ذ س ×خ س × ر س )، بحيث (ق) قي قوة الدولة، و ( م ث) هي المعطيات الثابتة المكونة بدورها من التاريخ (ت)، والجغرافيا (ج)، وعدد السكان (ع)، والثقافة (ف). أما ( م ت) فهي معطيات القوة المتغيرة، وهي تشمل القدرة الاقتصادية ( ق ت) والقدرة التكنولوجية ( ق ك)، والقدرة العسكرية (ق ع)،  في حين (ذ س) تمثل الذهنية الإستراتيجية، بينما (خ س) تعني التخطيط الإستراتيجي، وأخيرا ترمز (ر س) إلى الإرادة السياسة. وهكذا عند صوغ معادلة القوة تفصيليا تكون على النحو التالي: ق=[(ت+ج+ع+ف)+(ق ت+ق ك+ق ع)](ذ س×خ س×رس).

من خلال هذه المعادلة المعقدة التي عرف بها ” داوود اوغلوا” أ قوة الدولة  الدولة محصلة جمع التاريخ والجغرافيا والسكان والثقافة مع الاقتصاد والتكنولوجيا والقوة العسكرية مضروبا كله بالذهنية الإستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي والإرادة السياسة. وهذا يعني أن ما يضاعف قوة الدولة هو الفاعلية البشرية الحية أي ذكاؤها وقدرتها على التخطيط و إرادتها الطامحة وهذا ما يفسر تحول موقع تركيا من دولة كانت مثقلة بالمشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية و الأمنية إلى دولة متطورة اقتصاديا ذات نظام ديمقراطي وفاعلة في محيطها ومبادرة على المستوى الدولي لحل المشاكل الإقليمية والدولية بعد ان حلت معظم مشاكلها الداخلية، وذلك كله من خلال حل الساسة الأتراك لمعادلة “داوود اوغلو” حلا صحيحا وعدم الخطأ في أي من متغيراتها.

ج_أهداف السياسة الخارجية التركية الجديدة:

تقوم السياسة الخارجية التركية على ما يعرف بمفهوم العمق الاستراتيجي والسياسة  المتعددة الأبعاد والتي أهم أهدافها([59]):

1- السعي لخفض المشكلات مع الدول الجوار إلى نقطة الصفر( أي مع اليونان ، سوريا،إيران،قبرص وأرمينيا وغيرها)

2- الاهتمام بمناطق الأزمات خارج دائرة الجوار المباشر لتركيا.( أي تنشيط الدور التركي ، أزمات لبنان،الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأزمات القوقاز وغيرها)

3- تعزيز العلاقات مع شركائها العالميين على نحو أكثر توازنا( الاتحاد الأوربي، الولايات المتحدة الامريكية ، روسيا،والتحالفات والمنظمات الدولية متعددة الأطراف).

4- تعزيز مكانة تركيا كفاعل عالمي يمتلك مصادر متعددة “القوة الرخوة ” (الدبلوماسية الاقتصادية).

5-الحفاظ على وحدة الدول في الجوار وطابعها المتعدد في إطار التأكيد على التعايش الثقافي والتعددية .

6- ضرورة تحقيق الأمن المشترك للجميع في منطقة الشرق الأوسط بحيث يساوي الأمن الحقيقي للفلسطينيين امن الإسرائيليين،وامن الشيعة العراقيين يجب أن يساوي امن السنة العراقيين،وامن المسيحي اللبناني ينبغي أن يساوي امن الشيعي أو السني اللبناني ،وامن العرب يجب أن يساوي امن الأتراك أو الأكراد أو أي طرف أخر.

د_آليات تنفيذ الإستراتيجية الجديدة للسياسة التركية:

إن هذا التحول الجوهري في السياسة الخارجية التركية منذ وصول حزب العدالة والتنمية لمقاليد الحكم،جعل تركيا تبحث عن آليات جديدة لتحقيق إستراتيجيتها الخارجية

الجديدة، وتنوعت هذه الآليات بين الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية،أهمها:

1– القوة الناعمة: (قوة المبادرة الناعمة):

عملت تركيا على تجسيد نهج الثورة الناعمة أي الدبلوماسية منذ تولي حزب العدالة والتنمية السلطة في 3نوفمبر 2002، وانتقلت إلى موقع الطرف البارز لا المنتظر لما يجري، كذلك أصبحت أحد الفواعل المؤثرة في العلاقات الدولية بعد أن كانت في نوقف الدفاع ورد الفعل.

وقد أكد ذلك الرئيس التركي عبد الله غول في أحد تصريحاته بأن تركيا لا يمكن أن تبقى محصورة داخل الأناضول، ففي ظل التحولات الإقليمية والدولية الخطيرة من الخطأ أن تبقى أنقرة متفرجة على مايجري حولها. ([60])

وقد عملت على استخدام دبلوماسيتها لتعزيز موقعها الدولي في أكثر من قضية خاصة القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، والأزمات الداخلية لكل من أفغانستان وباكستان، وسعت إلى خفض التوتر في القوقاز.

 2- المؤسسات الإقليمية والدولية:

سعت تركيا إلى إعادة تفعيل دورها وعضويتها في منظمات إقليمية عدة وذلك لأهمية هذا الدور في تعزيز الاستقرار والتعاون في محيطها الإقليمي، وإذا كانت تركيا في الأساس عضوا في المنظمات الغربية إلا أن تركيزها كان على تفعيل منظمة المؤتمر الإسلامي، وذلك لكسب مصداقية وثقة لدى الدول الإسلامية مما يؤهلها للعب دور فعال في حل المشاكل التي تعرفها هذه الدول خاصة تلك المتعلقة بظاهرة الإرهاب([61]). وقد كان تولي التركي إكمال الدين لحسان أغلو منصب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكبر دليل لسعي تركيا لاكتساب دور مهم في هذه المنطقة، بالمقابل يتجلي دورها في حلف شمال الأطلسي إذ يعتبر الجيش التركي ثاني أكبر جيش في الحلف بعد الجيش الأمريكي.

 3- قوات حفظ السلام:

حرصت تركيا بأن يكون لها حضور فاعل في بعض مناطق التوتر، فشاركت في قوات اليونيفل في جنوب لبنان بعد عدوان تموز 2006، وهذا أول حضور للجيش التركي إلى المنطقة العربية منذ نهاية 1918، كما وافق البرلمان التركي في فيفري 2009 على إرسال قوات السلام إلى الصومال([62]).

بالإضافة إلى مشاركة تركيا في قوات الأطلسي في أفغانستان في إطار عملية مكافحة الإرهاب.

 4- الانفتاح الاقتصادي والثقافي:

برز الدور التركي بقوة على الصعيدين الاقتصادي والثقافي، وعلى الرغم من أن المحور الأساسي للاقتصاد التركي هو الاتحاد الأوربي( 52٪ تقريبا من حجم تجارتها الخارجية) وروسيا( شريكتها التجارية الأولى على صعيد الدول) ([63])، عرفت الحركة التجارية بين تركيا والأقطار العربية قفزة نوعية وتنامت بشكل قوي في عهد حزب العدالة والتنمية أكثر من ثلاث مرات، واعتمدت تركيا على مشاريع المياه المنجزة في أواخر القرن العشرين، لتفعيل الحركة الاقتصادية من خلال استبدال المياه بالطاقة مع دول المشرق العربي المنتجة للطاقة.

المحور الرابع: الدور الإقليمي التركي بعد الحرب الباردة.

  • عوامل ظهور الدور الإقليمي التركي:

تعددت العوامل المؤدية لتنامي الدور الإقليمي التركي في الشرق الأوسط ويمكن حصرها في العوامل التالية:

1_ إنهيار النظام الإقليمي العربي*: الذي تلاشى بشكل كامل بعد سقوط نظام “صدام حسين”([64])،  فنظام “صدام حسين” كان يمثل الحلقة الأساسية في النظام الإقليمي العربي، والذي شكل وحدة لها مكانتها في الشرق الأوسط. إذ أن نظام صدام حسين القومي ربط بين الأنظمة العربية القومية( سوريا- ليبيا) ولو بشكل معنوي و مادي، بحيث أن وجود النظام القومي العربي آنذاك كان له أهمية كبيرة، لكن بعد سقوط ذلك النظام انهار النظام القومي العربي( الإقليمي) وترك فراغا خطيرا نظرا لتنامي قوة إيران، مما جعل الساسة الأتراك يسارعون إلى ملئ الفراغ حتى لايغزو النفوذ  الإيراني  كل المنطقة.

_2انهيار الإتحاد السوفياتي: دفع إلى ظهور نظام عالمي جديد أحادي القطبية والذي أعلنه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب في صيف عام 1991م([65])،فبغياب الاتحاد السوفياتي انتهى دور تركيا التقليدي في مجابهة المد الشيوعي في الشرق الأوسط،ما دفعها للبحث عن دور جديد.

_3دعم و تأييد الولايات المتحدة الأمريكية لتركيا : رغم تداعيات الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م على العلاقة التركية الأمريكية من خلال منع تركيا الولايات المتحدة استخدام أراضيها في تلك الحملة، إلا أن الولايات المتحدة بقيت تعمل على وضع علاقات وثيقة مع تركيا و ذلك لما لتركيا من دور في منطقة الشرق الأوسط. خاصة بعد تحسن علاقات تركيا مع دول الجوار العربية و إيران. فقد قال أحد أهم أصدقاء تركيا في واشنطن أنها: « دولة هامة بالنسبة للولايات المتحدة و لإستقرار أوربا، إنها دولة مواجهة جديدة وتماثل في أهميتها ما كان لألمانيا الغربية لدى الولايات المتحدة و أوربا إبان الحرب الباردة. إن مزايا تركيا قائمة قبل 11 سبتمبر 2001م ولا تزال بعده، وهي الدولة المحورية في الحرب على الإرهاب وفي مساعي الاستقرار و الديمقراطية في العالم الإسلامي، وهي جزء لا يتجزأ من أوربا. ويخلق تجاهل هذه الحقيقة مشكلات تاريخية كثيرة وسيكون انضمام تركيا لأوروبا أمرا جوهريا للأمن و الاستقرار والرفاهية في أوربا وللولايات المتحدة»([66]).إن مثل هذه التصريحات تؤكد وعي  الساسة الأمريكيين  بالدور الإقليمي لتركيا، سواءا كان دورها التقليدي في حلف الناتو _ تعداد جيشها ودوره في  الحرب على الإرهاب_ أو دورها الحيوي في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام.

وقد استطاعت تركيا التي تعيش بمنطقة لا تتسم العلاقات بين دولها بالودية، ووسط دول تختلف عنها من ناحية الديمقراطية، مد جسور الصداقة مع محيطها الإقليمي،الذي يتصل بشكل مباشر بالمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية ويجعلها دوما في حالة دعم مستمر لتطور وتقوية الدور الإقليمي لتركيا.

4_ تمتع تركيا بوفرة الخيارات الإستراتيجية: وذلك لامتداد عمقها الاستراتيجي في العديد من الأقاليم المجاورة،( تواجد القومية التركية)، الأمر الذي يفرض عليها أن تكون عضوا فاعلا في العديد من النظم الإقليمية ([67]).

فتركيا ترتبط ارتباطا وثيقا بجل الدول الإقليمية المجاورة لها ( من خلال قوميتي الأكراد و التركمان)، الأكراد في سوريا و العراق،و إيران، و التركمان في العراق واليونان وقبرص ودول شرق أوربا([68]).

وبما أن الدراسة تخص السياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة العربية، يمكننا أن نتطرق لقضية انتشار الأكراد بين كل من سوريا و العراق و إيران وتركيا، وهذا الانتشار،هو ما جعل تركيا تمتاز بعمقها الاستراتيجي في هذه البلدان.

فالأكراد هم القبائل  المنتشرة في الشرق الأوسط ويعتقد أنهم ينتمون إلى الجنس الآري في حين قال البعض أنهم ينحدرون من العنصر الهندي الأوروبي. و أنهم أقرب إلى العنصر الفارسي منه إلى العنصر التركي والعربي. إلا أن القومية الكردية في تركيا عرفت تهميشا، من خلال سياسة تهميش الأقليات، بحيث جاء الدستور التركي خاليا من أي ذكر لحقوق أو امتيازات الأقليات غير التركية،وأطلق على الأكراد تسمية أتراك الجبل([69]). إلا أن الأكراد في تركيا رفضوا طمس هويتهم و أنشؤوا تنظيما مسلحا للدفاع عن قوميتهم وهي من عرفت في تركيا بحزب العمال الكردستاني.

أما في إيران فإن الشعب الكردي يعتبر واحدا من الشعوب الإيرانية العريقة  ويسكن في الجزء الشمالي من إيران والذي يدعى باسم كردستان الشرقية. إلا أن أكراد إيران بعد عدة محاولات لإثبات استقلالية قوميتهم عن إيران باء بالفشل،اقتنعوا بمبدأ الأخوة الإسلامية. وهذا ما صدر عليه الدستور الإيراني الذي صدر1979([70]).

أما الأكراد في العراق: فإنهم نجحوا في تحقيق الحكم الذاتي، من خلال تواصل توارث الأكراد في العراق و استقلال الدول الاستعمارية ورقة الأقلية الكردية في العراق أكثر من أي ورقة أخرى، بسبب غنى المنطقة العراقية التي يقطنها الأكراد – كردستان- و الأطماع التركية في أجزاء من الأراضي العراقية كالموصل الغنية بالنفط([71]).

أما سوريا فإن الأكراد فيها يتميزون بقلة عددهم، بحيث كانوا يلعبون دور التابع للحركات الكردية الأقوى في الدول المجاورة([72]).

ويتراوح عددهم بين 20و25 ملين نسمة* ،متوزعة على تركيا ،سوريا ،العراق وايران كما يلي)[73](:

  • تركيا:7_10 مليون نسمة
  • العراق:5_6مليون نسمة
  • ايران :3_4مليون نسمة
  • سوريا:2_3ملين نسمة

5- اتفاقية السلام العربية_الإسرائيلية: يعتقد البعض أن هذا العامل ليس مهما في تبلور الدور الإقليمي التركي في منطقة الشرق الأوسط و المنطقة العربية منه خاصة. إلا أن اتفاقية السلام العربية الإسرائيلية فتحت الأبواب لتركيا لإقامة العلاقات المختلفة المجالات مع الدول العربية بعد أن كانت هناك قطيعة كاملة بينهما منذ اعتراف تركيا بقيام دولة إسرائيل عام 1949.

فرغم أن توقيع اتفاقية السلام بين العرب و إسرائيل 1978 فتح المجالات لبعث العلاقات التركية-العربية. وفتح المنطقة ككل للنفوذ التركي. إلا أن سقوط عملية التسوية السلمية ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية على يد الولايات المتحدة الأمريكية باسم الوساطة _ خدمة الكيان الصهيوني__ وفرض تسوية بالقوة تصب لمصلحته وقيام إسرائيل بالحرب على غزة 2008 والعمل على حصارها، كذلك ضرب الأسطول البحري الصهيوني لأسطول الحرية التضامني[74]. كان العامل لتأكيد القيادة السياسية التركية على ضرورة تثبيت و تعميق الدور التركي في المنطقة. وهو ما تم بالفعل من خلال ردود الأفعال التركية سواءا ما تعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة أو بالعدوان على أسطول الحرية، وسقوط 9 أتراك كضحايا، وكذلك العمل على فك الحصار عن غزة بشكل نهائي.

6_وصول الأحزاب الإسلامية إلى السلطة: وهذه الأحزاب في مقدمتها حزب الرفاه الذي حله الجيش وتحول إلى الحزب الفضيلة، ومع وصول التيار الإسلامي إلى الواجهة السياسية التركية بدأت تبرز حقيقة هامة مفادها أن مكانة تركيا الحقيقيةوخيارها السياسي يجب أن يرتبط بالدائرة الإسلامية لا الخيار العلماني الذي يسعى بالارتباط النهائي بالغرب([75])، عبر الانضمام للإتحاد الأوروبي.

إن وصول التيار الإسلامي للسلطة ومعركته المتواصلة مع المؤسسة العلمانية المتمثلة في الجيش  كان له الفضل في بلورة الدور التركي وعودة الاهتمام التركي بمنطقة الشرق الأوسط وما يميزها بروابط ثقافية و إسلامية تربطها بتركيا عبر التاريخ.

بالإضافة إلى الأحزاب الإسلامية يوجد زعماء أحزاب علمانية تركية تحدثوا عن الدور الإقليمي لتركيا في العالم الإسلامي ومنطقة الشرق الأوسط، مثل “تانسو تشيلر” زعيمة حزب الطريق المستقيم حيث صرحت في خطاب لها في 16 سبتمبر 1996:«إذا كانت تركيا تريد أن تواصل الإدعاء بأنها جسر للسلام في  بين الشرق و الغرب،فيجب أن تعرف أن إحدى قدميها هي في الشرق…كانت تركيا بحاجة إلى تغيير اجتماعي  كامل وهذا كان يتطلب أن أغير تفكيري…»([76]).

إن “تشيلر” اعترفت في هذا الخطاب بحقيقة حاول أتاتورك ومواليه منذ عدة عقود طمسها ألا وهي الهوية الإسلامية لتركيا ودور هذه الهوية في بلورة دور إقليمي لتركيا متعدد الدوائر.

7_تعثر الدور الأمريكي في المنطقة: حيث نتج عن تراجع الدور الأمريكي في المنطقة إعطاء هامش حركة للقوى في المنطقة للاستفادة منه، وفي هذا تأتي التحركات التركية مع كل من إيران وسوريا، ومصر و السعودية([77]).

8_تعثر الجهود الخاصة بالانضمام إلى الإتحاد الأوروبي منذ العام 1953 حيث ترى أوربا أنه لا مكان لتركيا في المشروع الحضاري الأوروبي لكونها مختلفة حضاريا عنها. بالإضافة إلى تخوف الإتحاد الأوروبي من أن تكون تركيا أكبر دولة في حالة انضمامها من خلال عدد سكانها ما قد يطمس الهوية الأوروبية. كذلك تماس الحدود الأوروبية لمنطقة الشرق الوسط ما قد ينتج عنه انتقال للأزمات عبر تركيا للإتحاد.

9_الصورة الإيجابية التي اكتسبتها تركيا بعد مواقفها من عدة قضايا عربية في العقدين الاخيرين باعتبار أن العرب يشكلون الأغلبية في منطقة الشرق الأوسط، وتجلت في الترحيب غير المسبوق من أوسع القطاعات العربية بدور تركي في المنطقة لأول مرة منذ قيام الجمهورية عام 1923، بل أكثر من ذلك فقد بلغ الإعجاب بالنموذج التركي إلى الدعوة إلى تطبيقه في الدول العربية من خلال إدماج التيارات الإسلامية في العملية الديمقراطية والفصل بين الحزبي و الدولتي([78]).

كل هذه العوامل بالإضافة إلى الإرادة السياسية للقادة الاتراك، تقمصت تركيا دور فعال في النظام الدولي الجديد منذ انتهاء الحرب الباردة.

  • ملامح الدور التركي الإقليمي:

1_ تعتبر تركيا نموذجا يحتذى به للتنمية و الاستقرار في الشرق الأوسط الجديد و ذلك باعتبارها قوة اقتصادية كبيرة في المنطقة وذلك ما عبر عنه الرئيس التركي الأسبق “تورغوت أوزال” حيث قال: « نحن مستعدون لتنفيذ كل المشروعات التي تعيد بناء المنطقة اقتصاديا بما في ذلك مشروعات تنمية الموارد المائية…»([79]).

ومن أهم المشاريع التي تبنتها بالفعل تركيا مشروع ” أنابيب السلام ” المائي الذي يمتد من تركيا إلى دول الخليج العربي وسوريا و الأردن، و الضفة الغربية، و إسرائيل عبر أنبوبين تبلغ أطوالها نحو خمسة آلاف كيلومتر وبكلفة قدرت نحو 21 مليار دولار([80]). وعملت تركيا من خلال هذا المشروع إلى توفير مصادر الطاقة التي تحتاجها من خلال  تبادل المياه بالنفط والغاز. كما أن هذا المشروع يعتبر ورقة ضغط بيد تركيا تستعمله في حالة التفاوض أو المساومة.

2_ لعبت تركيا في التسعينات دورا مهما في الشرق الأوسط من خلال نموذج الحرب بالنيابة*التي شنتها تركيا في إطار محدود لأغراض الاستهلاك المحلي من جهة و الالتفات إلى الخارج ومغازلة القوى الغربية و إسرائيل على حساب العرب من جهة أخرى، وهي من هذا المنظور تؤدي دور « بؤرة التوازنات الحساسة من ضفاف الأطلسي إلى حدود الصين » كما قال وزير خارجيتها الأسبق حكمت تشتين[81].

3_ منذ خمسة عقود وضعت تركيا في مكان رئيسي ضمن سياسة الاحتواء التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية ضد الاتحاد السوفياتي السابق والكتلة الشرقية حتى انهيارهما في 1991. وظلت لعشر سنوات تالية بعد 1991 في مكان رئيسي ضمن سياسة احتواء أخرى إقليمية مارستها الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق و إيران إلى أن أطيح بنظام العراق عام 2003. كان الدور التركي بالغ الأهمية في نجاح السياستين([82]).

4_سيطرت تركيا اقتصاديا على منطقة الحكم الذاتي لكردستان العراق عبر امتلاكها جزء كبير من السوق المحلية فيها وتصدير البضائع إليها. أو عبر الاستثمار المباشر في مشروعات البنية التحتية وكذلك امتلاك وسائل ضغط فائقة الفعالية على إقليم كردستان من خلال ملاحقة حزب العمال الكردستاني التركي في جبال قنديل الوعرة([83]).

5_لعب دور الوسيط لحل الخلافات في منطقة الشرق الأوسط: منذ انهيار عملية أوسلو، وعجز الولايات المتحدة الأمريكية في إعادة إطلاق عملية السلام فعالة. وكذلك وفشل الإتحاد الأوروبي في وضع إستراتيجية ذات مصداقية إزاء الصراع العربي الإسرائيلي. وفي غياب مشروع عربي واضح وجدي وموحد لوضع حلول أو مبادرات فعلية سواءا عن طريق المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة، أو عن طريق دعم المقاومة، وفي ظل انقسام  فلسطيني أدى إلى تعقيد الوضع.

في ظل كل ما سبق قدمت تركيا نفسها البديل المناسب كوسيط نزيه و مستقل يعمل بكل جهد لعقد مفاوضات جدية تذهب في النهاية لإيجاد حلول جذرية لهذا الصراع([84]).و أبرز الجهود التركية([85]) في هذا المجال:

_ الوساطة بين إسرائيل وسوريا في يناير- جانفي 2004، وقد تم تتويج هذه الجهود بأربع جولات من المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين عبر دبلوماسية الوساطة التركية. وقد نجحت هذه الوساطة بإقناع طرفي النزاع ( سوريا – إسرائيل ) إلى نقل المفاوضات إلى الشكل المباشر، ذلك ما بدا من خلال لقاء رئيس الوزراء التركي أردوغان، ونظيره الإسرائيلي “إيهود أولمرت” في 23 ديسمبر عام 2008، إلا أن إسرائيل نسفت بكل هذه الجهود و أعادتها إلى الوراء بقصفها قطاع غزة بعد خمسة أيام فقط من هذا اللقاء، فتوقفت عليه الوساطة.

_ من جانب آخر قد دخلت تركيا في محاولة وساطة بين الغرب وإيران، فيما يخص أزمة طهران النووية. سعت أنقرة إلى تسهيل مفاوضات مجموعة” 5+1 ” عام 2006.

كما سعت مع البرازيل في إبرام اتفاق مع إيران في مايو/ ماي 2010 يقضي بإيداع إيران كمية 1200 كيلو غرام من اليورانيوم منخفض التخصيب في تركيا دفعة واحدة، مقابل حصولها على الكمية نفسها، ولكن من الوقود النووي من مجموعة فيينا(الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، الوكالة الدولية للطاقة الذرية). ذلك خلال عام. يعتبر هذا الاتفاق الإنجاز الدبلوماسي الملموس الوحيد بخصوص الملف النووي الإيراني.

  • على مستوى العالم العربي كانت لتركيا محاولات لعب دور الوسيط ومن أبرزها تشجيع تركيا القيادات السنية العراقية على المشاركة في الانتخابات عام 2005، كما دعمت أنقرة الوساطة القطرية بين الرفقاء السياسيين في لبنان عام 2008، _ كما سعت أنقرة لتحقيق المصالحة بين سوريا و العراق عقب اتهام العراق لسوريا بالتورط في تفجيرات بغداد في أغسطس/ أوت 2009.

رغم الدور المحدود للوساطة التركية في بعض النزاعات في منطقة الشرق الأوسط إلا أنه يبين مدى أهمية الدور التركي بشكل عام في المنطقة وذلك لما اكتسبته تركيا من رضا من قبل العرب والغرب بشكل عام. ذلك ما يدفعها إلى تحقيق دور أكبر و فعال وذلك ما أعلنته وزير خارجيتها ومهندس سياستها الخارجية الدكتور ” أحمد داوود أوغلو” بأن يجب أن يكون لتركيا دور فعال لحل جميع النزاعات والمشاكل في أي بقعة من العالم.

الخاتمة:

لقد ارتكزت السياسة الخارجية التركية تجاه المشرق العربي على بعض المبادئ الراسخة،التي تطورت على مر السنين.وحملت تطورات التسعينات معها تحديات جديدة فرضت بعض الانحرافات عن بعض هذه المبادئ،ما جعلها تنتهج سياسة البعد المتعدد ، وأسست مبادئ جديدة لهذه السياسة.فأصبحت تركيا تتدخل في تطورات شمال  كل من سوريا والعراق في أعقاب  الثورات العربية  ،حيث خرجت خلالها عن أهم  مبدأ في سياستها الخارجية والقاضي بـ “عدم التدخل في السياسات الداخلية للدول العربية”.خاصة فيما يتعلق بدعم تركيا للثورة السورية _الدعم السياسي والانساني _ضد نظام الأسد .

انتهجت تركيا في سياستها الخارجية الجديد مبادئ أساسية كانت كقطيعة لسياسة البعد الواحد واهم هذه المبادئ:مبدأ التوازن السليم بين الحرية والأمن،مبدأ الدولة المحورية،مبدأ تصفير المشكلات مع دول الجوار،مبدأ السياسة الخارجية المتعددة البعد،مبدأ الدبلوماسية المتناغمة ومبدأ تطوير الأسلوب الدبلوماسي .

كما اعتمدت على عدة وسائل لتحقيق أهدافها:

  • 1)القوة الناعمة: (قوة المبادرة الناعمة)
  • 2)المؤسسات الإقليمية والدولية
  • 3) قوات حفظ السلام
  • 4)الانفتاح الاقتصادي والثقافي

إن هذا التحول في السياسة الخارجية التركية سمح لهذا بلعب دور إقليمي في منطقة الشرق الأوسط وكذلك في مناطق متعددة من العالم.كما انفتحت من خلالها تركيا على العالم العربي والإسلامي.

المراجع:

([1])– لويد جونسن، تفسير السياسة الخارجية .(تر:محمد بن احمد مفتي،محمد السيد سليم).الرياض:عمادة شئوون المكتبات جامعة الملك سعود،1989،ص244

([2]) عبد الوهاب الكيلاني وآخرون، موسوعة السياسة.ج1. بيروت:المؤسسة العربية  للدراسات والنشرودار الهدى للنشر والتوزيع،1985،ص709

*_هو اتفاق تم بموجبه حل مشكلة مياه دجلة والفرات بين كل من تركيا وسوريا والعراق بحيث اتفقوا على توزيعها بشكل يرضى الأطراف الثلاثة.

**_هو مشروع تضمن إقامة 21سدا منها 17 سد على الفرات وسدود على دجلة ،إضافة إلى إقامة 17 محطة توليد كهرباء

([3])عوني عبد الرحمن السبعاوي،عبد الجبار مصطفى النعيمي،«العلاقات الخليجية –التركية:معطيات الواقع وآفاق المستقبل.»مجلة دراسات إستراتيجية:العدد 43،2000،ص49

[4](2) محمد صالح العجيلي، »متغير االمياه في العلاقات العربية_التركية. « مجلة الفكر السياسي:السنة 03.العدد08،شتاء 2000،ص258 متحصل عليه من http://www.awu-dam.org/index.html في 06/11/2010على 10:15

(1)المرجع نفسه،ص263

([6])المرجع نفسه،ص264

([7]) عوني عبد الرحمان السبعاوي،عبد الجبار عبد مصطفى االنعيمي،مرجع سابق، ص49

([8]) نفس المرجع ، نفس الصفحة

([9]) شفيعة حداد، مرجع سابق،ص 16

([10]) ابراهيم ازتوروك،«التحولات الاقتصادية التركية بين 2002_2008». (تر: مصطفى السيتيتي)، في مؤلف: علي حسن باكير وآخرون، تركيا بين تحديات الداخل ورهانات الخارج. الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 2009،ص 175

متحصل عليه من

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/169F17B1-047E-4B91-8532-1BC5F2CE60E3.htm في 13/04/2011على08:45

([11]) رضا هلال،السيف والهلال:تركيا من أتاتورك إلى أربكان الصراع بين المؤسسة العسكرية والإسلام السياسي.بيروت:دار الشروق للنشر والتوزيع،1999،ص166

([12]) شفيعة حداد ،مرجع سابق،ص13

([13]) محمد  عبد القادر، »تركيا والعرب…المستقبل لا ينفصل عن الماضي.» مقال في نافذة أخبار وتحليلات  وأراء

متحصل عليه :www.islamonlin.net/arabic/politics/index.shtml  في  08/01/2011  على 9:50

([14]) فيليب روبينس،تركيا والشرق الأوسط .(تر: ميخائيل نجم الدين). قبرص:دار قرطبة للنشر والتوزيع،1993،ص30

([15]) المرجع نفسه، ص31

([16]) محمد نور الدين،« هل تخلت تركيا عن سياسة الحياد؟ » 20/11/ 2010. مقال ضمن نافذة “واحة اللقاء” متحصل عليه من http://www.asharqalarabi.org.uk/m-w/b-waha.htm في 21/11/2010على 13:30

([17]) فيليب روبينس،مرجع سابق،ص32

([18]( عوني عبد الرحمن السبعاوي،« تركيا والكيان الصهيوني.» مجلة الفكر السياسي:السنة الرابعة.العدد15، 2000،ص152متحصل عليه منhttp://www.awu-dam.org/index.html في06/11/2010على 10:20

)[19]( حسين غازي،«تركيا والعرب وإسرائيل.»مجلة الفكر السياسي:السنة الثانية.العدد 4-5، شتاء1998-1999،ص137  متحصل عليه من http://www.awu-dam.org/index.html في 06/11/2010على 10:10

([20]) وليد رضوان،تركيا بين العلمانية والإسلام في النصف الثاني من القرن العشرين 1950-2000م. بيروت:شركة المطبوعات للنشر والتوزيع،2005 ،ص ص299، 300

(([21] احمد داوود اوغلو، العمق الاستراتيجي :موقع تركيا  ودورها في الساحة الدولية.(تر:محمد جابر ثلجي وطارق عبد الجليل).الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات والدار العربية للعلوم ناشرون،2010،ص615

([22])عوني عبد الرحمان السبعاوي،عبد الجبار عبد مصطفى االنعيمي،مرجع سابق ،ص90

([23]) رابح زغوني، « تفسير السياسة الخارجية الفرنسية تجاه العراق منذ حرب الخليج الثانية: فحص للمقتربات النظرية .» مذكرة ماجستير.( جامعة الحاج لخضر_باتنة. كلية الحقوق. قسم العلوم السياسية. 2008) ،ص 21

([24]) المرجع نفسه، ص 27

([25]) رضا هلال،مرجع سابق، ص 92

([26]) رابح زغوني،مرجع سابق، ص4

([27]) حسين غازي ، مرجع سابق. ص 144.

([28] ) رضا هلال،مرجع سابق،ص 185

([29]) محمد نور الدين،« 75 عاما على الجمهورية التركية:نظرة عامة على إشكالية الأوربة.» مجلة  شؤون الأوسط: العدد73 . جوان 1998، ص 94

([30]) رضا هلال، مرجع سابق. ص87

 ([31]) فليب روبينس، مرجع سابق، ص ص 83،85

*إلا أن تركيا تجاوزت هذا المبدأ بتدخلها العسكري في العراق فترة التسعينات ،وتدخلها السياسي في العراق بعد 2003.

([32]) احمد داود اوغلو،مرجع سابق ،ص227

([33]) محمود سالم السامرائي،«المساومة في السياسة الخارجية التركية.»المجلة العريية للعلوم السياسية:العدد13.شتاء2007م،ص77

([34] ) حسين طلال مقلد،« تركيا والاتحاد الأوربي بين العضوية والشراكة». مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية:السنة الأولى. العدد الأول. 2010، ص 337 متحصل عليه منdamascusuniversity.sy/mag/law/images/stories/335-395.pdf www. في 10/03/2011على 15:15

([35]) شفيعة حداد،مرجع سابق ،ص 73

 ([36] ) ياسر أحمد حسن، تركيا البحث عن المستقبل.القاهرة:الهيئة المصرية للكتاب،2006،ص 232

([37]) محمد نور الدين،« 75 عاما على الجمهورية:نظرة عامة على إشكالية الأوربة. » مرجع سابق،ص 88

([38] ) شفيعة حداد،مرجع سابق،ص77

([39]) محمد نور الدين،« 75 عاما على الجمهورية:نظرة عامة على إشكالية الأوربة.»، مرجع سابق، ص 93

(3)المرجع نفسه،ص 95

([41]) شفيعة حداد، مرجع سابق، ص98

([42] ) إبراهيم البيومي غانم، « تركيا وأوربا جدلية الاستيعاب والاستبداد» في مؤلف :علي حسن باكير وآخرون،مرجع سابق،ص 175

([43]) المرجع نفسه، ص177.

([44]) ياسر أحمد حسن ،مرجع سابق، ص259

  ([45] ) الصادق الفقيه.«تركيا تودع الأطراف وتستقر في مركز الأحداث». في: قراءتان في كتاب العمق الاستراتيجي لأحمد داوود أغلو. نافذة دراسة أطروحات وكتب، مركز الجزيرة للدراسات. متحصل عليه من: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/169F17B1-047E-4B91-8532-1BC5F2CE60E3.htm في13/04/2011 على09:10

([46]) حسن بكر احمد، « العلاقات العربية_التركية بين الحاضر والمستقبل.» مجلة دراسات إستراتيجية:العدد41. 2000، ص29

([47])احمد دوود اوغلو،مرجع سابق،ص612

([48] ) محمد نور الدين،«السياسة الخارجية… الأسس والمرتكزات». في مؤلف: علي حسن باكير وآخرون، مرجع سابق،ص135

(([49] المرجع نفسه،ص137

([50] )احمد داوود اوغلو،مرجع سابق،ص ص612،613

([51]) ياسين الحاج صالح، « تركيا الجديدة ليست عثمانية متجددة». مجلة الدراسات الفلسطينية: العدد85. شتاء2011،ص 156 متحصل عليه من

www.palestine-studies.org/ar_journals.aspx?href=issue&jid=3&iid=8   في 01/05/2011على 15:30

([52]) بولنت أراس، « داوود أغلو والسياسة الخارجية الجديدة لتركيا ».(تر: الطاهر بوساميه). في نافذة دراسات وتقرير. مركز الجزيرة للدراسات. متحصل عليه من: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/2517C3B0-FDCC-45EB-A268-5702C736AF1C.htm  في 19/02/2011على 10:20

([53])رابح زغوني،مرجع سابق،22

([54] ) احمد داوود اوغلو،مرجع سابق،ص609

([55])محمد نور الدين،«السياسة الخارجية… الأسس والمرتكزات». في مؤلف: علي حسن باكير وآخرون، مرجع سابق،ص137

([56]) احمد داوود اوغلو،مرجع سابق،ص614

([57])بولنت أراس،مرجع سابق

([58] ) احمد داوود اوغلو،مرجع سابق،ص35

([59]) فتيحة ليتيم ،«تركيا والدور الاقليمي الجديد في منطقة الشرق الاوسط.»مجلة المفكر:العدد5.مارس2010،صص211،212

([60] ) محمد نور الدين،« تركيا… إلى أين؟ دور وتحديات». مجلة المستقبل العربي: السنة 32. العدد 364. جوان 2009،ص من 44

([61]) المرجع نفسه،ص45

(([62]محمد نور الدين،«السياسة الخارجية… الأسس والمرتكزات». في مؤلف: علي حسن باكير وآخرون، مرجع سابق،ص 141

([63] )المرجع نفسه،142

([64] ) مصطفى اللباد.«الدور الإقليمي التركي: الملامح و الأسباب». دراسات. متحصل عليه من موقع www.asharqalarabi.org.uk/markaz  في  17/02/2011 على9:45

* النظام الإقليمي العربي: إطار تفاعلي مميز بين مجموعة الدول العربية يفترض أنه يقسم ….وكثافة التغيرات، ما يجعل التغيير في جزء منه يؤثر على بقية الأجزاء وهذا النظام يوجد توافق بينه وبين النظام الدولي.

([65] ) أحمد نافع.«النظام الإقليمي العربي…التحدي و الاستجابة»  مجلة دراسات إستراتيجية:السنة 2002.12 .العدد 110.متحصل عليه من  http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/SBok0.htm في 08/01/2011 على9:00

([66]) ياسر أحمد حسن، مرجع سابق، ص 308

([67]) الهادي غليون، قراءة في كتاب: عبد الله تركماني. « تعاظم الدور الإقليمي لتركيا( مقوماته وأبعاده ومظاهره وحدوده).مجلة المستقبل العربي. السنة:2011العدد 384

(1) المرجع نفسه، ص 159

([69] ) محمد عوض الهزايمية، قضايا دولية: تركة قرن مضى وحمولة قرن آتي. عمان: جامعة العلوم التطبيقية،2005.ص 240.

([70]) ابراهيم الداقوقي. أكراد تركيا. أربيل: دار تاراس للطباعة والنشر،2008، ص 38

[71] )  (محمد عوض الهزايمية، مرجع سابق، ص 234.

* احصائيات مقدرة عام 2002

([72] )– نفس المرجع السابق، ص 235

(5) Carolyn c. james ,özgür özdamar, ” modeling foreign policy and ethnic conflict ;turky’s policies towards syria” foreign policy analyses . N0:5, 2009, P24. Available at:  www.cdfai.org/PDF/Two%20Solitudes.pdf. 27/11/2010_.10:25

([74]) عمرو صبيح صبيح السيد. «تأثير العلاقات المصرية- التركية على النظام الإقليمي العربي ( 1988- 2009)»،02/08/2010 متحصل عليه من: http://www.democraticac.com/2009-10-11-11-43- 12   في  12/11/2010 على10:15

([75])خورشيد حسين دلي، تركيا وقضايا السياسة الخارجية. دمشق، اتحاد الكتاب العرب. 1999، ص 11.متحصل عليه من http://www.awu-dam.org/index.html في 06/11/2010على 10:15

([76]) المرجع نفسه،نفس الصفحة13

([77] )– فتيحة ليتيم،مرجع سابق، ص 212

([78])المرجع نفسه.،ص 213

(([79]  حسن بكر أحمد،مرجع سابق،ص 41

(([80] – عوني عبد الرحمان السبعاوي، عبد الجبار عبد المصطفى النميمي، مرجع سابق، ص 49.

*الحرب بالنيابة:تقوم الدول بالدخول في حروب من خلال اطراف اخرى تقوم بدعمها عسكريا ولوجيستيا.(حرب الخليج الاولى،كانت بين العراق وايران بدل من الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفياتي سابقا).

 ([81] )– حسن بكر أحمد، مرجع سابق. ص 10

([82]) ياسر احمد حسن، مرجع سابق، ص 306

([83] )  مصطفى اللباد، «الدور الإقليمي التركي: الملامح و الأسباب»، مرجع سابق.

[84]) ) ناتالي توتشي. « أبعاد الدور التركي في الشرق الأوسط». السياسة الدولية. العدد 182. أكتوبر 2010. ص 102.

(5) المرجع نفسه. ص 103.

3/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى