تلاحم الشعب والجيش ركيزة أمن مصر عبر العصور
إعداد : هدير حسن حسن داود – باحثة ماجيستير العلوم السياسية كلية الدراسات الأفريقية -جامعة القاهرة
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمة :
الجيوش هي سند الأمم والشعوب، وسياج أمنها الذي يحميها في سلمها وحربها،و دومًا كانت قوة مصر وشعبها .. من قوة وعزة جيشها ..فهو جيش الشعب ومن الشعب وإلى الشعب ، وقدعرفت مصر الجيش مبكراً؛ بل يكاد المصريون القدماء يكونوا هم أول من عرف الجيش النظامي في العالم القديم، وأول من أظهروا لقب “قائد الجيش” فى التاريخ،وتؤكد حقائق التاريخ القديم والحديث ووقائع ومعطيات الحاضر صدق مقولة بأنهم خير أجناد الأرض وأنهم فى رباط إلى يوم الدين، وما أن يشكك البعض فى ذلك حتى تأتي الوقائع لتؤكد تحقيقها ومصداقيتها، وجاء موقف الجيش المصرى العظيم المساند والمؤيد والحامى ثورة الشعب المصرى العظيم فى 25 يناير 2011، وثورة 30 يونيو 2013 ، ليثير دهشة البعض ممن لا يعرفون طبيعة هذا الشعب وخصائصه وممن يجهلون عقيدته، فهم لا يعرفون أن الجيش المصرى على مدار تاريخه جزء لا يتجزأ من شعب مصر العظيم, وأن من أسباب قوة هذا الجيش أنه لم يعتمد يوماً على المرتزقة الأجانب وإنما اعتمد على المصريين أبناء الأرض الطيبة.
وعلى مرالعصور.. حظى الجيش المصرى بمكانة عظيمة واحترام شعبى ودولى لتاريخه العريق ودوره الوطنى داخليا وإقليميا بل وعالميا، ولم يكن الجيش يوما مجرد أداة للحروب بل كانت المؤسسة العسكرية نواة للتنمية الشاملة وقاطرة التحديث بالمجتمع والبوتقة التى تنصهر بها كل الخلافات محققا الاندماج الوطنى واليد المصرية القوية، إن القوات المسلحة المصرية من أعرق المؤسسات على مر التاريخ، ولا يخفى على أحد دور الجيش المصرى منذ عهد الفراعنة، حتى تأسيسه في الدولة الحديثة على يد محمد على باشا، ليصبح من وقتها حتى الآن أقوى الجيوش في المنطقة، ومشاركًا أساسيًا في تحديد مستقبل شعبه وشعوب المنطقة، ليثبت أنه وبحق خير أجناد الأرض.
تأتى أهمية الدراسة فى حلول الذكرى التاسعة والأربعون لحرب السادس من أكتوبر لعام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعون فى إطار تنفيذ خطة التنمية الشاملة التى تحققت فى إدارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى بعد إستعادة إستقرار الدولة بعزل الإخوان المسلمين من سلطة الحكم تنفيذاً لإرادة الشعب المصرى فى ثورة الثلاثين من يونيه لعام ألفان وثلاثة عشر، وبإستخدام المنهج التاريخى تجاوب الدراسة على التساؤل الرئيسى وهو كيف كان تلاحم الشعب المصرى والقوات المسلحة ركيزة أمن مصر عبر العصور؟
وتنقسم الدراسة إلى ثلاثة مباحث، العصور القديمة،والمبحث الثانى العصور الحديثة،والمبحث الثالث،عصور الجمهورية الحديثة.
المبحث الأول
المطلب الأول : مظاهر التلاحم فى العصور القديمة
مثلت أهمية الجيش فى مصر القديمة في الدفاع عن الوطن ضد هجمات الغزاة والمعتدين، كما لعب دوراً كبيراً في تحقيق الاستقرار الداخلي، ومعاونة المدنيين في تنمية قدرات الوطن. وكان له دور واضح في دعم العلاقات بين مصر وجيرانها ، حيث فى البدايات الأولى من التاريخ المصرى القديم بتكوين حكام الأقاليم فرق خاصة لهم مدربة ومجهزة بالأسلحة والعتاد، ليدافعوا بها عن أقاليمهم، وكانت هذا الفرق تستخدم أيضاً خلال فترات الصراع الداخلي بين حكام الأقاليم، حين كان يسعى كل منهم لفرض سيطرته على مزيد من الأراضي والسلطات.[1]
وبدأ تشكيل الجيش المصري بوحدات وكتائب وفرق منذ نشأته؛ وبدأ الأمر يتطور شيئاً فشيئاً؛ ففي عهد الأسرة الخامسة كان الجيش مؤلفاً من مجندين كان يطلق على الواحد منهم في هذا العهد “الشاب الجميل”، وكانت تتألف منهم وحدات تسمى “عبر”، وكل وحدة منها كانت تحت قيادة ضابط يحمل لقب رئيس الوحدة أو الفرقة “خرب عبر”، ومن هذه الفرق مجتمعة كانت تتألف كتائب الجيش “عبر مشع”، وعلى رأسها قائد يحمل لقب قائد كتائب الجيش.
وقد اتضح لنا هذا التقسيم للوحدات العسكرية والفرق؛ من خلال ما تركه المصريون القدماء من آثار تعود لعصر الدولة الحديثة؛ وتبين لنا أن الجيش قد تكون من فرق قتالية مدربة منظمة، بل وتُظهر لنا أن التدريب بالوحدات العسكرية كان جاداً وصارماً. وكانت الفرقة تنقسم إلى أربعة أقسام بكل قسم 50 رجلاً، وكانت تنقسم إلى صفوف كل منها عشرة رجال، وتسير في طوابير منتظمة.
القسم الأول الإدارة الحربية: المسؤولة عن تصريف أمور الجيش وكان الملك هو القائد الأعلى للجيش وينوب عنه ولى عهده ، أما إدارته المباشرة؛ فكانت تُسند إلى أمير ملكي أو لزوج أميرة ملكية وكان يأخذ درجة وزير، سميت تلك الإدارة “بيت الأسلحة”؛ وفى عهد الأسرة الخامسة تكونت من إدارتين بيت السلاح فى الشمال وبيت السلاح فى الجنوب نظراً لإزدياد أفراد الجيش وتمدده ، وإشتملت تلك الإدارة على مصلحة الأشغال، التي كانت تقوم ببناء الوحدات والخنادق والقلاع، كما كانت تقوم بصنع سفن الأسطول. وكان من اختصاص هذه المصلحة أيضاً؛ إدارة
شؤون الغلال التي كانت معدة لتموين مصلحة الأعمال الحربية، والقيام بتخزين كل ما يلزم من المؤن في القلاع والحصون. كما كان من مهام بيت الأسلحة تجهيز الجيش بالسلاح والملابس.
كانت الخدمة العسكرية، في مصر القديمة إجبارية من خلال التجنيد، فكان كل الشباب بالمقاطعات والأقاليم يُجنَدون إجبارياً؛ بل حتى العاملين بالمعابد لم يُستثنوا من ذلك، ولم يكن تجنيدهم من أجل المشاركة في المعارك فقط، بل كانوا أيضاً يشاركون في أعمال المحاجر التي يقوم بها الجيش، وكانوا يشاركون أيضاً في العمل على القضاء على الثورات أو العصيان الذي يحدث داخل حدود البلاد. ولم يكن هناك استثناء حتى لأكابر القوم، وقد عُثر على لوحة من عهد الأسرة الثانية عشرة، تخبرنا أن الابن الأكبر لأحد الملوك كان كاتباً للجنود عند تجنيده بإحدى فرق إقليم طينة. ولم تكن الخدمة العسكرية وراثية، في حين أن معظم الذين أدوها كانوا يُخرطون أولادهم في سلكها.[2]
مظاهر تلاحم الشعب والجيش، تمثلت فى الحروب التى خاضها الجيش المصرى فى العصور القديمة وهى الملك زوسر فى عهد الأسرة الثالثة وحماية البلاد من الغارات الأجنبية من قبل البدو على أطراف البلاد (مناطق أبواب المملكة)،فى عهد الملك سنفرو الأسرة الرابعة ومحاربة الزنوج وهجماتهم وتم بناء قلاع الدلتا والوجه القبلى سميت (بحصون سنفرو)،الملك بيبى الأول ملك الأسرة السادسة ومحاربة البدو فى حدود مصر الشرقية ، وفى آواخرعهد الأسرة السادسة ظهرت ملوك أهناسيا لإستعادة إستقرار البلاد بعد أن تفكك الجيش وإنهار، ظهر التلاحم بين الجيش والشعب بشكل أكثر ظهوراً فى عهد الأسرة الثامنة عشر والتى أسسها أحمس طارد الهكسوس ، بعد أن استقروا في مصر لأكثر من 100 عام، حيث استطاع المصريون تحت إمرته القضاء عليهم وإجلاءهم عن مصر[3] ، يذكر أنه بعد انتصار أحمس على الهكسوس، خرج الشعب يحي الملكة “أياح حتب” أم الملك “أحمس”، فكانوا يقولون “واح واح إياح” أي “تعيش تعيش إياح” أو ” إفرحى إفرحى يا إياح”، ومنذ ذلك الوقت تحولت إلى “وحوي ياوحوي إياحه” التى ارتبطت بقدوم شهر رمضان [4].
بالإضافة إلى الملك سيتى الأول ومحاربة الحيثين والسيطرة على بلاد كنعان،و رمسيس الثالث قاهر شعوب البحر الذى أعاد إحكام السيطرة على المناطق المضطربة بعد غزوات شعوب البحر المدمرة والكاسحة في المنطقة، والتي أدت إلى سقوط الكثير من الممالك والإمبراطوريات الكبرى كالإمبراطورية الحيثية في آسيا الصغرى. كما خاض معارك ضد الليبيين في العامين الخامس والحادي عشر من عهده، واستطاع بفضل انتصاراته حماية مصر من خطر الغزو الليبي[5] .
تأتى أسباب ذلك التلاحم فيما يتميز به أخلاق الجندى المصرى التى لازالت عقيدة ثابتة مستمرة حتى الأن ، حيث يتمتع بأنه ذا خلق راقِ قلما كانت تصل إليه الجيوش قديما؛ فمعظم الجيوش قديماً وحديثاً؛ لم تهتم كثيراً بالأخلاق؛ وخاصة تلك التي تظهر عند الانتصار والتعامل مع الأسرى والمدنيين. أما الجيش في مصر القديمة؛ فإنه، كما كان يقاتل بضراوة دفاعا عن الأرض والوطن، فقد كان في نفس الوقت يتعامل بكل تحضر فيما يخص المدنيين والمنشآت المدنية، والتعامل مع الأسرى؛ والشاهد ما نقش فى مقبرة ونى قائد الحملة العسكرية لفلسطين فى عهد الملك بيبى الأول فى الأسرة السادسة ” “حارب جلالته (أي الملك) سكان الرمال الآسيويين، وقد حشد جيشا مؤلفا من عشرات الآلاف من الجنود”. ويذكر تعامله مع المقاتلين أثناء المعركة، فيقول: “قُتل عشرات الآلاف من الجند، وعاد الجيش بالكثير من الأسري”. ثم يذكر السلوك المتحضر لأفراد لجيش المصري مع المدنيين هناك، فيقول: “لم يشاجر أحد منهم غيره، ولم ينهب أحد منهم عجينة الخبز من متجول، ولم يأخذ أحد منهم خبز أية مدينة، ولم يستولِ أحد منهم من أي شخص على عنزة واحدة”[6]
المطلب الثانى: العصور الوسطى
وكما فى سنة الكون فى التغيير وأن دوام الحال من المحال، والعصور بين فترات إضمحلال وفترات إزدهار، سقط الإزدهار للجيش المصرى القديم بالغزو الفارسى على مصروالذى إنتهى على يد الغزو اليونانى بقيادة الإسكندر المقدونى الذى رحب به المصريين لإنهاء الحكم الفارسى فى عهد الملك دارا الثالث [7]،وما تلاها من عصر البطالمة والروم بعد زواج الملكة البطلمية كليوباترا من يوليوس قيصر ملك روما[8]، ثم العصر القبطى وإضطهاد الروم البيزنطيين لأقباط مصر بعد إنتشار الديانة المسيحية إلى مصرمن خلال الرحلة المقدسة للسيدة مريم العذراء والمسيح من القدس إلى مصر [9]، ومن ثم الفتح الإسلامى لمصر على يد الصحابى عمرو بن العاص الذى رحب به الأقباط بعد ما عانوه على يد الروم من إضطهاد، وما تلاه من نشأة الدولة الفاطمية والأيوبية والمماليك ثم الغزو العثمانى لمصر على يد السلطان سليم الأول الذى قضى على أخر ملك مملوكى تلاحم معه الشعب المصرى ضد هذا الغزو وهو السلطان الأشرف طومان باى، ومن بعده بداية عصر النهضة على يد الضابط الألبانى محمد على باشا ونشأة الدولة المصرية الخديوية وبناء جيش مصرى نظامى مرة أخرى[10].
مظاهر التلاحم بين الشعب والجيش: إنخرط الأجانب فى هذا العصر فى المجتمع المصرى ، باعتبارهم غزاة العصور الوسطى لمصر، وتلاحم ما تبقى من الجيش القديم مع المقاومة الشعبية وتم إدماج الجيوش الأجانب فى صفوف الجيش المصرى القديم واعتماد نظام الإختلاط.[11]
حيث أدمجت القوات الفارسية والتى قاومها الشعب المصرى نظراً لسلوك الإعتداء والمعاملة الغير أخلاقية مع الأفراد المدنين ،لذلك مع قدوم الإسكندر من سيوة وتقديم الإسكندر لنفسه كإبن الإله آمون كمخاطبة ود وإحترام ثقافة الدينية للشعب المصرى ، رحب الشعب المصرى به كحاكم وقضاءه على أخر ملوك الفرس بمصر الملك دارا، بالإضافة لترحيبهم بالحكم البطلمى بإعتباره وريث لسياسة الإسكندر، حتى زواج الملكة كليوباترا من قيصر روما والذى لم يرحب به المصريين باعتبار الروم غزاه ، ولكن كانت محاولة كليوباترا لحماية الدولة من الغزو بدمجها للإمبراطورية الرومانية مع إحتفاظها بعرشها ،الأمر الذى لم يدوم لإغتيال القيصر فى روما بالخيانة، وعاد التهديد لغزو مصر على يد الإمبراطور أكتافيوس والذى هزم الأسطول المصرى فى معركة أكتيوم البحرية وما تبعها من سقوط الدولة المصرية ، وبداية الحقبة الرومانية[12].
ومع إنتشار المسيحية على يد القديس مرقس أحد الحواريون ال 12 للسيد المسيح وإضطهاد روم بيزنطة للأقباط بعد الرحلة المقدسة[13]، رحب المصريين بالفتح الإسلامى على يد عمرو بن العاص سلمياً بدون إستخدام الحرب ، وما تبعه من إنتشار التعاليم الدينية الإسلامية وأخلاقياتها أشترط على المصريين ضيافة الجنود لثلاثة أيام فى حالة نزول جندى أو أكثر أثناء إنتقالهم من جهة إلى أخرى فى أنحاء مصر علي منزله، وهذا كان يوفر على الجند كثيرا من العناء، فالجيش فى تلك الحقبة كان عبارة عن حاميات أقاليم أشهرها حامية الإسكندرية التى زادت إلى أثنا عشر ألف جندى، وكانت تمارس ذات العقيدة الدفاعية للحدود المصرية من الداخل [14].
أ_الدولة الفاطمية:
ومع بداية الدولة الفاطمية وإنشاء قاهرة المعز ونشر المذهب الشيعى بمصر لم يرحب المصريين بالإضافة لعدم ترحيبهم بإدخال العناصر المغربية والبربر والمشارقة فى الجيش المصرى، ويعد القائد جوهر أول من فكرفي تأسيس عاصمة جديدة للبلاد، وتكون مقراً للحكومة، وموطناً لدواوين الدولة، ومعسكراً لجيوشها”.[15]
ولذلك إنتفض المصريين ضد الفاطمين ورحبوا بالفتح الأيوبى لمصر، وبدأت الحقبة الأيوبية بمصر بفتح صلاح الدين الأيوبى لها .[16]
ب- الدولة الأيوبية:
حيث قام صلاح الدين بإزالة معالم الفاطميين بشتى أنواع الطرق حيث ذكر المؤرخون عنه نصاً “فلما انفرد صلاح الدين يوسف بملك مصر والشام، أزال ما كان بمصر من العساكر الملفقة، وكانوا مابين صقالبة ومصامدة و أرمن وشناترة العرب، وطائفة من العبيد الزنج، فمحا هذه الطوائف كلها، واستجد بمصر عساكراً من الأكراد خاصة، فكان عدتهم اثنى عشر ألفاً من شجعان الأكراد، و سبق صلاح الدين عائلته في شراء الترك من المماليك في جيشه حتى بلغوا بعضه، وفضلهم على الأكراد، و “الملك الناصر هذا هو الذي أنشأ المماليك الأتراك وأمرهم بديار مصر.
وقام صلاح الدين بضم العنصر المصري إلى الجيش كما فعل عمه، كجنود نظاميينن في عام 567هـ/1171م، وحول الأزهر الشريف إلى منارة لتعاليم المذهب السنى ، وإستمر حكمه حتى تولى السلطان سيف الدين قطز المملوكى بعد وفاة آخر ملك أيوبى وهو نجم الدين أيوب وتولى الجيش المصرى والمصريين حرب الغزو التتار فى معركة عين جالوت، لتبدأ بذلك فترة حكم المماليك بمصر .
ج– الدولة المملوكية:
: ساند الشعب المصرى السلطان قنصوة الغورى الذى لازالت منطقة الغورية الملقبة بإسمه حتى الآن فى خروجه للدفاع عن الدولة المصرية من غزو العثمانين ورغم مقتله أثناء معركة “مرج دابق” أمام العثمانيين عام 1517م ، وإحترم المصريين ذكراه وخلدوها،وساندوا ابن أخيه السلطان الأشرف طومان باى كما سبقنا الإشارة حيث ساندوا جيش طومان باى رغم الهزيمة للدفاع عن المحروسة عند دخول الجيش العثمانى وإقتحام أبوابها ، والشاهد الآخر موقف حشود المصرين فى تنفيذ حكم الإعدام شنقاً لطومان باى أخر ملوك الدولة الأيوبية حيث ودعوا طومان باى بالحزن وترديد سورة الفاتحة خلف طومان باى قبل إعدامه والإنصات لخطبته الأخيرة والدعاء له، وتخليداً لذكراه بعد تعليق جثته على باب زويله طبقاً لأوامر السلطان سليم الأول ثلاثة أيام ، قاموا بدفن جثمانه فى قبة السلطان الغورى بالحوش الجنائزى حتى الآن يوجد هذا الأثر بجنوب القاهرة شاهداً على هذا التلاحم.[17]
د_ الدولة العثمانية:
بدأ الحكم العثماني في مصر بانتصار السلطان سليم الأول على سلطان المماليك طومان باي في معركة الريدانية عام 1517م، أصبحت مصر ولاية تابعة للعثمانين، وكانت عاصمة الدولة العثمانية في القسطنطينية، واستمر الحكم العثماني لمصر حتى بداية الحملة الفرنسية على مصر
عام( 1798- 1801م)، ثم عاد الحكم العثماني مرة أخرى حتى عام 1805 م. لم تحدث تطورات سياسية مهمة في مصر خلال هذه الفترة، بخلاف التنافس المستمر بين الحكام العثمانيين والمماليك.
وضع السلطان العثمانى نظاماً للحكم فى مصر يقوم على توزيع السلطة فيها بين ثلاث هيئات متنافسة حتى لا تنفرد واحدة منها بالسلطة، فكان الوالى هو نائب السلطان فى مصر ومقر الحكم فى القلعة ويعين لمدة ثلاث سنوات فقط ومهمته تنفيذ أوامر السلطان وإرسال الجزية وقيادة الجيش، كما كان الديوان يتألف من كبار ضباط الجيش العثمانى وكبار الموظفين والعلماء والأعيان ومهمته مساعدة الوالى فى حكم البلاد ، وكان للديوان سلطة الاعتراض على قررات الوالى وطلب عزله، وكان المماليك يقومون بدور الإدارة المحلية ، فقد ترك العثمانيون لهم حكم الأقاليم حتى يستفيدوا من خبراتهم فى شئون البلاد .
وكانت الهيئات الثلاث ( الوالى – الديوان – المماليك ) دائمة النزاع على السلطة وحرم المصريون من الخدمة فى الجيش وفرض نظام العزلة فى البلاد .
وعندما تولى على بك الكبير منصب شيخ البلد – وهو أعلى المناصب التى يتقلدها المماليك – دعم نفوذه وتحالف مع الشيخ ضاهر العمر فى فلسطين ضد السلطان وقام بطرد الوالى العثمانى 1679 وأعلن استقلاله بمصر ، واستطاع أن يمد نفوذه إلى بلاد الحجاز ، واليمن وأرسل جيشاً لمؤازرة حاكم فلسطين حليفه ضد السلطان العثمانى بقيادة محمد أبو الذهب ، واستطاع السلطان العثمانى أن يستميل جيش أبو الذهب بجانبه والقضاء على سيادة على بك الكبير عام 1773 ، وعادت مصر ولاية عثمانية وعين أبو الذهب والياً عليها ومات عام 1775 ، وساءت أحوال البلاد أكثر بعد سيطرة المماليك الفعلية على الحكم .[18]
مظاهر التلاحم بين الشعب والجيش: عانى المجتمع المصري تحت حكم العثمانيين الذين يمثلهم الوالي الباشا المقيم في القلعة، ولا هم له إلا جمع الضرائب بكل سبل التعسف والتنكيل بالمصريين؛ فيرسل ما يرسله إلى إسطنبول، ويُبقي له ولحاشيته والإنكشارية ما تبقّى؛ ولكن ذلك لم يكن خالصًا.
فقد نازع الباشا الوالي نخبة من أمراء المماليك، عُرِفوا بـ «البكوات»، كانت بأيديهم مقاليد ما يمكن أن نسميه بالإدارة المحلية، فظهرت بيوتات مملوكية عدة تتصارع فيما بينها على منصب شيخ البلد، وهو منصب يتولاه أحد أمراء المماليك الكبار من ذوي القوة والبأس يكون مؤيدًا بفرمان من السلطان العثماني في إسطنبول.
وكانت هذه الصراعات، وحسبما سجّل لنا الجبرتي في تاريخه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار»، تتحول إلى تقاتل واحتراب؛ مما يجلب على المصريين المزيد من الفقر والدمار؛ فدائمًا كان المصريون -سواء في الحواضر أو الأرياف- هم ضحايا هذه الصراعات الناشبة.
لذلك فإن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية كانت متردية طوال هذه الحقبة، وقد سجّل لنا الرحّالة الأوروبيون مدى ما عاناه الشعب المصري، وكذلك في تقارير القناصل ومندوبي الدول الأوروبية التي يرسلونها إلى دولهم.
وقد انعكس ذلك على أوضاع الأمن؛ فانتشر قُطّاع الطرق والنهّابة، وازداد تعسف العُربان الذين يغيرُون على القرى من أجل النهب والسلب. وتمثّلت هذه المظاهر في هجرة الفلاحين للأرض بسبب ثقل الضرائب وسوء نظام الالتزام (القبالة)، وخربتْ القرى بسبب ترك الفلاحين، فضلًا عن انتشار الأمراض والأوبئة التي كانت تحصد أرواح آلاف الفلاحين، ولم يهتم العثمانيون ولا البكوات المماليك بأمر الترع والجسور والقنوات.
ولم تكن المدن بأحسن حالًا، حيث عانى الحرفيون وعانتْ حرفهم بسبب كثرة الضرائب والمكوس وتدهور العملة وارتفاع أسعار الخامات ودخول المنتجات الأجنبية، مما انعكس على مستوى المعيشة في المدن، وكسدت التجارة نتيجة انعدام الأمن؛ فأدى ذلك لظاهرة الصعلكة، وانتشار ما أسماهم الجبرتي بـ «الزعار والشطار والمناسر»، وفقراء الصوفية، ولقد صوّر لنا الأديب «عبد الغفار مكاوي» مأساوية الوضع في روايته الأثيرة: «السائرون نيامًا»، وذكر الجبرتي في تاريخه الكثير من الأمثلة والحوادث في هذا الصدد.
لذلك ظهرت حركة على بك الكبير الإستقلالية عن الحكم العثمانى السابق الإشارة إليها ، التى رحب بها المصريين وساندوها وترجع أسباب ذلك للإصلاحات التى أقامها على بك لتحسين معيشتهم تمثلت تلك الإصلاحات فى : لقضاء على قُطّاع الطرق ومفاسد العربان.
ضبط العملة، وصكّ عملة جديدة.
عقد عدد من الاتفاقيات التجارية مع القناصل الأوروبية؛ للتبادل التجاري، فأصبحت مصر بموجبها قبلة التجارة في الشرق الأوسط، وقد نقل العديد من القناصل والتُجّار نشاطهم من إسطنبول إلى القاهرة.
الاهتمام بالزراعة والصناعة والتجارة، ومحاولة ضبط الأسعار، وإصلاح أحوال الناس المعيشية؛ بإسقاط العديد من الضرائب والمكوس، وعدم اللجوء لفرض ضرائب جديدة إلا عند الضرورة.
الاهتمام بالطرق التجارية وإصلاح الموانئ، بعد أن استطاع علي بك الكبير السيطرة على الحجاز، والشام، كما أمّن طريق الأربعين الذي يبدأ من أسيوط حتى يصل إلى السودان ووسط أفريقيا.
هذه الإصلاحات، وخاصةً فيما يتعلق بالأسواق والأسعار لأنها تمس حياة الناس، جعلت عامة الناس يحسون بشيء من الأمان والطمأنينة، وأحسّوا بأن وطأة القهر والاستغلال قد خفتْ بعض الشيء، مما جعل عامة الناس تلتف حول حركة بك الكبير، وسانده كذلك عدد لا بأس به من علماء الأزهر. ولكن ذلك لم يمنع من بعض التجاوزات التي كان يقوم بها مماليك علي بك الكبير كما جرت به العادة في هذا العصر.[19]
الدولة فى الحملة أيضاً فى الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت، تلاحم الشعب مع الأزهر والمماليك فى الدفاع عن الدولة المصرية من الغزو الفرنسى ، تمثلت فى حركة إغتيالات الضباط الفرنسيين مثل كليبر على يد الطالب الأزهرى سليمان الحلبى[20]، ومعركة إمبابة فى 21 يوليو من عام 1798م حسبما ذكر فى كتاب “النضال الشعبى ضد الحملة الفرنسية”، إنه فى شبراخيت يوم 13 من يوليو التقى مراد بك مع نابليون فهزم مراد وتقهقر إلى القاهرة ليستعد للمعركة الفاصلة، والتقى الجيشان بعد ذلك فى إمبابة على مقربة من الأهرام واستطاع جيش نابلوين أن يقضى على جيش المماليك وفر مراد بك إلى الصعيد وإبراهيم بك إلى الشرقية[21]، وغضب المصريين من واقعة اقتحام الفرنسين الأزهر بالأحصنة[22]،ومساندة الشعب والأزهر فى الكفاح ضد الحملة الفرنسية[23].
المبحث الثالث:الدولة المصرية الحديثة
أ_عهد محمد على: هو مؤسس الدولة المصرية الحديثة، جاء إلى مصر عام 1799 ، ضمن فرقة عسكرية للإشتراك بجانب الأتراك وبمساعدة الإنجليز لإخراج الفرنسين من مصر،ولكن انهزمت القوات التركية فى موقعة أبو قير 1799 ،وعاد محمد على إلى بلاده.
ثم عاد مرة أخرى إلى مصر فى مارس عام 1801، ضمن جيش القبطان حسين لمساعدة الإنجليز على جلاء الفرنسيين عن مصر،وبقى محمد على فى مصر حتى جلاء الفرنسيين فى ذات العام ، حيث ترقى أثناء ذلك إلى سرجشمة (لواء)، ثم رشح لمنصب رئيس القيادة العامة وقائد حرس القصرلدى الحاكم العام.[24]
عقب جلاء الحملة الفرنسية تنازع على حكم مصر المماليك والعثمانيين و الإنجليز، انحصرت المنافسة على الزعامة في ذلك الوقت بين “عثمان بك البرديسي” و”محمد بك الألفي” ولكن رغم ذلك عمل العثمانيون على تنصيب “محمد خسرو باشا” واليًا على مصر في يناير ١٨٠٢، ولكنه فشل في مهمته حيث دار الصراع بين قواته والمماليك كما ثار ثورة عليه طائفة الارناؤود ( الألبانيين) بقيادة “طاهر باشا” وفي ٦ مايو ١٨٠٣ أعلن العلماء والمشايخ اختيار طاهر باشا قائم مقام ولكنه لم يظل طويلاً حيث تم اغتياله في مايو عام ١٨٠٣ على يد الانكشارية.فتولى بعده “محمد على” قيادة الحامية الألبانية في ١٨٠٣ وكانت مصر في حالة من الفوضى، فرأى محمد على أنه عليه التحالف مع “عثمان بك البرديسى” للتخلص من الحاكم العثماني الجديد “أحمد باشا” والزعيم المملوكي المنافس “محمد بك الالفى” وبالفعل تمكن محمد على من هذا التحالف من طرد الوالي أحمد باشا بعد أن حكم يومًا واحدًا.
بدأت سلطة محمد على تظهر في الميدان وبعد حوالي شهر اختلف محمد على مع البرديسي الذي أحدثت فداحة ضرائبه ثورة في القاهرة وأحدثت فداحة ضرائبه ثورة في القاهرة. انتهز محمد على هذه الفرصة لمصلحته، فانضم إلى المشايخ وكسب عطف الشعب وثقة علمائه، وأمر جنوده بمهاجمة المماليك بالقاهرة فخرجوا منها وذهبوا إلى الصعيد، ونجح محمد على بعد ذلك إلى تعيين خورشيد باشا محافظ الإسكندرية واليًا على مصر وكان خامس من تولى ولاية مصر في خلال سنتين.
استمرت الحرب بعد ذلك سجالا بين المماليك وجنود الوالي ومحمد على إلى أن ارتدوا عن القاهرة وانسحبوا مرة ثانية إلى الصعيد. وبعد مطاردة المماليك إلى الصعيد انهار التحالف القائم بين محمد على وخورشيد.
مظاهر التلاحم الشعبى مع جيش محمد على: عمل محمد على لينال تأيد العلماء الأزهريين وخاصة نقيب الأشراف السيد عمر مكرم وما أن علم العلماء بوصول فرمان يقضى بعودة الألبانيين ورؤسائهم إلى بلادهم حتى طلبوا من محمد على البقاء في مصر لما عهدوه فيه من العدل والاستقامة فقبل محمد على ذلك ولكن على الرغم من ذلك بذل خورشيد مساعيه لإقصاء محمد على عن مصر.
و في يوم الاثنين ١٣ مايو أجمع العلماء على عزل خورشيد باشا وتعين محمد على واليًا مكانه فامتنع محمد على في بادئ الأمر حتى لا ينسب إليه انه المحرض على هذه الثورة و لكن السيد عمر مكرم والشيخ الشرقاوي قلداه خلعة الولاية فقبل محمد على الشروط التي رفضها خورشيد من قبل كما اقر إلى الرجوع إلى هؤلاء الزعماء في شئون الدولة و بهذا و نزولا عن إرادة زعماء الشعب أصبح محمد على والى على مصر في ١٣ مايو ١٨٠٥.
ورحب الشعب بإصلاحاته التى تمثلت فى:
فى مجال التعليم: بدأ محمد علي في تكوين طبقة من المتعلمين تعليما عاليا ، فأنشأ مدرسة المهندسخانة (الهندسة)، ومدرسة األلسن، ومدرسة المحاسبة، ومدرسة الفنون والصنائع.
أنشأ أول مدرسة حربية بأسوان، ومدرسة الطب بالقصر العيني ومدرسة المشاة (البيادة) بالخانكة، ومدرسة الفرسان بالجيزة، ومدرسة المدفعية بطرة (الطوبجية)، ومدرسة أركان الحرب بالخانكة، ومدرسة الموسيقى العسكرية.
كما اهتم الباشا بأمر البعثات العلمية لنقل التقدم العلمي لمصر وكانت أول بعثة علمية منظمة ارسلت إلى أوروبا عام 1826، وأعقبها فيما بين عامي 1826 و1847 تسع بعثات وتكونت من 219 طالبا ذهب معظمهم لفرنسا، واتجه الباقون إلنجلترا والنمسا، وتخصص الطلبة في هذه البعثات في الهندسة والرياضيات ومختلف الصناعات والنظم الحربية والعلوم السياسية والطب والحقوق.
قام بإنشاء إدارة خاصة للمدارس سميت “ديوان المدارس” وهي أول و ازرة للتربية والتعليم في مصر. كما أنشأ مطبعة بولاق عام 1821، وأصدر جريدة الوقائع المصرية عام 1828.
فى مجال نظام الحكم والإدارة: جمع الباشا أو الوالي في يده كل السلطات، فأنشأ بعض المجالس أو الدواوين أهمها: الديوان العالي أو مجلس الحكومة، والمجلس العالي، والمجلس الخصوصي الذي كان ي أرسه إبراهيم باشا، وحصر السلطة في سبعة دواوين هي: ديوان الخديوي (وزارة الداخلية)، ديوان اإلي اردات (المالية)، وديوان الجهادية (وزارة الحرب)، وديوان الحرب (وزارة البحرية)، وديوان المدارس (و ازرة التعليم واألشغال العمومية)، وديوان التجارة المصرية واألمور األفرنكية (وزارة التجارة والشئون الخارجية)، وديوان الفابريقات (وزارة الصناعة.)
فى مجال الزراعة : ألغى محمد علي نظام االلت ازم في نظام حيازة األرض الز ارعية، وقام بتوزيعها على الفالحين، كما طبق نظام االحتكار في بيع الحاصلات الزراعية، فتولت الحكومة البيع للأهالي ولتجار الجملة من االجانب، كما تولت تصديرها للخارج ، أقام القناطر على الترع لضبط مياهها تيسير الانتفاع بالري وأهمها: قناطر العيون التسعة على بحر موسى بالزقازيق، وقناطر المسلمية وبحر مشتول بالشرقية، وكان أهم أعماله بناء القناطر الخيرية وقد بدأ في بنائها عام 1834، ولكنه ت وفى قبل الإنتهاءمنها. واستطاع الباشا أن يحول كل أراضي الوجه البحري إلى نظام الري الدائم.
فى مجال الصناعة : اهتم محمد علي بصناعة آلات حلج وكبس القطن، وانشاء مضارب األرز ومعاصر للزيوت. كذلك توسع في استعمال اآلات البخارية، وانشاء مصانع لتحضير المواد الكيماوية والغزل والنسيج والسكر والزجاج. كما أسس دار الصناعة بالقلعة، وأقام مصنعا للحبال بالقاهرة، ومصنع األسلحة الصغيرة، ومعامل البارود، وترسانة اإلسكندرية التي بدأ العمل فيها عام 1829 وتم الإنتهاء منها عام 1831.
فى مجال التجارة: تقدمت التجارة الخارجية في عهده بسبب الزيادة في إنتاج المحاصيل الزراعية، ونجاح نظام الإحتكار الذي طبقه في المجالين الداخلي والخارجي، إلى جانب حنكته في تصريف فائض الحاصلات الزراعية في البلاد التي قام بفتحها. أنشأ محمد علي ديوانا مستقال للتجارة وجعل مقره اإلسكندرية، ثم أنشأ “ديوان التجارة المصرية واألمور األفرنكية.” ساعد على نجاح منظومة التجارة إنشاء بنك اإلسكندرية، واصالح الباشا لنظم النقد، والعناية بالطرق والمواصالات، ونظم نقل البريد، ومهد العديد من الطرق البرية، وأصلح الطريق بين القاهرة والسويس، ووسع وعمق ميناء اإلسكندرية، وقام بحفر ترعة المحمودية، وبنى أبراج البرق (التلغراف)، مما ساعد على نجاح منظومة التجارة.
فى مجال أعمال العمران: أنشأ بعض القصور بالقاهرة مثل س اري شب ار، وقصر أثر النبي، وقصر الجوهرة، وقصر الجزيرة الوسطى، وأنشأ باإلسكندرية قصررأس التين، وقصر القباري، وابتنى القصور في بعض عواصم المديريات، وأنشأ دار المحفوظات بالقلعة، وبنى جامعه الكبير بالقلعة، وأنشأ دار للرصد (الرصد خانة) ودار الآلثار،كما قام بإنشاء وتوسيع الشوارع في القاهرة واإلسكندرية.
فى مجال الصحة: أنشأ مجلس الصحة ومدرسة الطب، ومدرسة الصيدلة ومدرسة الوالدة والممرضات، وبدأ التطعيم اإلجباري، وقام الباشا بمكافحة الأمراض والأوبئة في مصر، وانشاء المحاجر الصحية، كما أصدر الباشا قانون الصحة عام 1841م وهو أول تشريع صحي يصدر في مصر.[25]
وأخيراً فى المجال العسكرى:[26]
أدرك محمد علي انه لا بد له من تأسيس قوة عسكرية نظامية حديثة، تكون بمثابة الأداة التي تحقق له أهدافه التوسعية، وفي بداية عهده كان الجيش مؤلفًا من فرق غير نظامية تميل بطبيعتها إلى الشغب والفوضى، معظمها من الأكراد والألبان والشراكسة، وعندما رأى أن هذا الجيش لا يعتمد عليه فبذل جهده في إنشاء جيش يضارع الجيوش الأجنبية في قتالها، وقرر أن يستبدل جنوده غير النظامية بجيش على النظام العسكري الحديث.
حاول تأسيس جيش نظامي عام 1815، عندما عاد من حرب الوهابيين، حيث قرر تدريب عدد من جنود الأرناؤوط الألبان التابعين لفرقة ابنه إسماعيل على النظم العسكرية الحديثة في مكان خصصه لذلك في بولاق، ولم يرق لهؤلاء الجنود ذلك فثاروا عليه وهاجموا قصره، ولكن استطاع حرس محمد علي السيطرة على الموقف.
في عام 1820، أنشأ محمد علي مدرسة حربية في أسوان، وألحق بها ألفًا من مماليكه ومماليك كبار أعوانه، ليتم تدريبهم على النظم العسكرية الحديثة، وبعد ثلاث سنوات من التدريب، نجحت التجربة وتخرجت تلك المجموعة ليكون هؤلاء الضباط النواة التي بدأ بها الجيش النظامي المصري.
الاسطول :عندما شرع محمد علي في حرب الوهّابيين، اقتضت الحاجة إلى بناء سُفن لنقل الجنود عبر البحر الأحمر، فشرع في إنشائها في ترسانة بولاق، ثم نقل القطع على ظهور الجمال إلى السويس ليتم تجميعها هناك، وقد اقتصر دور هذا الأسطول في البداية على نقل الإمدادات والتموين طوال سنوات الحملة، وبعد أن أسس الجيش النظامي المصري، وجد أنه من الضروري تأسيس أسطول حربي قوي يعاونه على بسط نفوذه.
اعتمد محمد علي في البداية على شراء السفن من أوروبا، ولكن بعد تدمير هذا الأسطول في معركة ناڤارين، أمر في عام 1829 ببناء “ترسانة الإسكندرية”، حيث قامت الترسانة بمهمة إعادة بناء الأسطول على الأنماط الأوروبية الحديثة، وقد بلغ عدد السفن الحربية التي صنعت فيها حتى عام 1837، 28 سفينة حربية من بينها 10 سفن كبيرة كل منها مسلح بمائة مدفع، فاستغنت مصر عن شراء السفن من الخارج.
التعليم العسكري : توسّع محمد علي في التعليم العسكري في مصر، فبعد أن أمر ببناء مدرسة الضباط في أسوان ومدرسة الجند في بني عدي، أمر بتأسيس مدارس أخرى في فرشوط والنخيلة وجرجا، كما أسس مدرسة إعدادية حربية بقصر العيني لتجهيز التلاميذ لدخول المدارس الحربية، يدرس بها نحو 500 تلميذ، لكنها نقلت بعد ذلك إلى أبي زعبل حيث أصبحت تسع نحو 1200 تلميذ.
أضاف محمد، مدرسة للبيادة في الخانقاه، ومدرسة للسواري بالجيزة، وأخرى للمدفعية في طره، كما أسس مدرسة لأركان الحرب في 15 أكتوبر سنة 1825 بالقرب من الخانقاه، ومدرسة للموسيقى العسكرية، وأنشأ أيضًا معسكر لتدريب جنود الأسطول على الأعمال البحرية في رأس التين، كما أسس مدرسة بحرية عملية على ظهر إحدى السفن الحربية.
الصناعات العسكرية: رأى محمد علي أنه لكي يضمن الاستقلالية، وحتى لا يصبح تحت رحمة الدول الأجنبية، عليه إنشاء مصانع للأسلحة في مصر، فقام بانشاء مصنع للأسلحة والمدافع في القلعة، عام 1827، وكان ينتج بين 600 و650 بندقية، وبين 3 و4 مدافع في الشهر الواحد، كما كان ينتج سيوف الفرسان ورماحهم وحمائل السيوف واللجم والسروج.
وفي عام 1831، أسس محمد علي مصنع آخر للبنادق في الحوض المرصود، كان ينتج 900 بندقية في الشهر الواحد، ثم مصنع ثالث في ضواحي القاهرة، وكانت المصانع الثلاثة تصنع في السنة 36,000 بندقية عدا الطبنجات والسيوف، كما أسس معملاً للكهرجالات في جزيرة الروضة بعيدًا عن العمران، وأضاف إليه معامل أخرى في الأشمونين وإهناسيا والبدرشين والفيوم والطرانة بلغ مجموع إنتاجها عام 1833، نحو 15,800 قنطار.
الاستعمار والمقاومة: وقد شهدت مصر عدة ثورات ضد التدخل الأجنبي حيث اشتدت الحركة الوطنية فكانت ثورة عرابي عام 1882م التي انتهت باحتلال بريطانيا لمصر والتي أعلنت الحماية على مصر عام 1914م وانتهت تبعيتها الرسمية للدولة العثمانية. دخلت مصر إلى القرن العشرين وهى مُثقلة بأعباء الاستعمار البريطاني بضغوطه لنهب ثرواتها، وتصاعدت المقاومة الشعبية والحركة الوطنية ضد الاحتلال بقيادة مصطفى كامل ومحمد فريد وظهر الشعور الوطني بقوة مع ثورة 1919م للمطالبة بالاستقلال وكان للزعيم الوطني سعد زغلول دور بارز فيها، ثم تم إلغاء الحماية البريطانية على مصر في عام 1922م والاعتراف باستقلالها وصدر أول دستور مصري عام 1923 م.
توارث حكم مصر أبناء وأحفاد محمد على فى حكم مصر فيما يعرف بعصر الخديوية ، بعضهم كان يسعى للنهضة والبعض الآخر لم يكترث ، من أبرز الأمثلة الخديوى إسماعيل الذى عهد فردينالد ديليسيبس بشق قناة السويس والذى بدوره اتفق على أن يكون عقد انتفاع الإنجليز بالقنال 59 سنة أى ما أعطاه شبه الحيازة للسلطة البريطانية والتى كانت سبباً فى إحتلال الإنجليز مصر إلى عهد الملك فاروق أخر ملوك مصر وتحول نظام الحكم من الملكية إلى الجمهورية وبدء عهد جديد لمصر تقوده حركة الضباط الأحرار وثورة 23 يوليو 1952 ملحمة التكاتف بين الجيش والشعب المصرى
ب_ الدولة فى عهد الحمهورية الأولى: قاد جمال عبد الناصر ثورة 23 يوليو 1952م والتي ساهمت بالعديد من الإنجازات من أهمها إصدار قانون الإصلاح الزراعي، ووضع أول خطة خمسيه للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في تاريخ مصر عام 1960م وحققت أهدافها في تطوير الصناعة والإنتاج وتم إنشاء السد العالي 1960-1970م ونهضت البلاد في مجال التعليم والصحة والإنشاء والتعمير والزراعة. وفي مجال السياسة الخارجية عملت ثورة يوليو على تشجيع حركات التحرر من الاستعمار كما اتخذت سياسة الحياد الإيجابي مبدآً أساسيا في سياساتها الخارجية.[27]، لذلك قادت دول عدم الإنحياز فى الأمم المتحدة فى ظل الحرب العالمية الثانية.
تكمن أسباب الثورة في فساد الحكم الملكي وسيطرة الحاشية الإيطالية على الملك وضياع الأراضي الفلسطينية، وسيطرة الاحتلال البريطاني علي الأراضي المصرية، زيادة نفوذ الجاليات الاجنبية على أرض مصر، غياب العدالة الاجتماعية والإقطاع، ارتفاع معدلات الفقر بين المصريين في صعيد مصر.
تضمنت مبادئ الثورة : القضاء على الإقطاع، والقضاء على الاستعمار، والقضاء على سيطرة رأس المال على الحكم، وإقامة جيش وطني قوي، وإقامة عدالة اجتماعية، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة.
تشكل مجلس قيادة الثورة: محمد نجيب (رئيس)، جمال عبد الناصر، عبد الحكيم عامر، يوسف صديق، حسين الشافعي، صلاح سالم، جمال سالم، خالد محيي الدين، زكريا محيي الدين، كمال الدين حسين، عبد اللطيف البغدادي، عبد المنعم أمين، محمد أنور السادات، جمال حماد.
وتولى جمال عبد الناصر بعد ذلك حكم مصر من 1954 حتى وفاته عام 1970 واستمد شرعية حكمه من ثورة يوليو، وأبرز إنجازاته تأميم قناة السويس، توقيع إتفاقية الجلاء بعد أربعة وسبعين عاما من الاحتلال، وبناء حركة قومية عربية للعمل على تحرير فلسطين، والغاء دستور 1923 في ديسمبر 1952 ، وكانت تلك الإنجازات سبباً فى العدوان الثلاثى على مصر وأبرزت مظاهر التلاحم بين الشعب والجيش المصرى فى عدة مواقف، تظاهر الشعب لعودة الرئيس جمال عبد الناصر عن قرار تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية عقب نكسة 1967، واستبسال المقاومة الشعبية بمدن القناة بجانب الجيش فى القتال ، بالإضافة لمساندة حرب الإستنزاف وبدأت مرحلة الصراع العربى الإسرائيلى مع مرحلة الجمهورية الثانية.
ج_الدولة فى عهد الجمهورية الثانية: بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 ولأنه يشغل منصب نائب الرئيس حل بمحلهِ رئيسًا للجمهورية. وقد اتخذ في 15 مايو 1971 قرارًا حاسمًا بالقضاء على مراكز القوى في مصر وهو ما عرف بثورة التصحيح، وفي نفس العام أصدر دستورًا جديدًا لمصر.[28]
وبدأ سياسة إعداد الدولة لحرب التحرير ووضع كافة إمكانات الدولة استعدادا للحرب ، وذلك من خلال إستراتيجية مكونة من ستة محاور[29] هى الإعداد السياسى، والاقتصاد الوطنى، وإعداد القوات المسلحة، وإعداد أرض الدولة كمسرح للعمليات، وتهيئة الشعب، وإعداد أجهزة الدولة.
مظاهر التلاحم: رفض الشعب المصرى للهزيمة وإعلانه الإصرار والعزيمة على تحرير أرضه وانصهاره فى بوتقة الوطن وتضحياته بكل ما يملك من أجل الثأر والنصر لا تقل عن مفاجأة يوم العبور يوم 6 أكتوبر 73، حيث كان 34 مليون نسمة فى ذلك الوقت السند والدعم لجيشه والمحفز له على النصر في جبهات القتال فوق أرض سيناء ..كانت رسالة الشعب لجيشه واضحة.. نحن معكم ووراءكم مهما كانت التضحيات ومهما كان الثمن ، بالإضافة إلى إنه لم يشكو من الغارات واصوات أبواق الانذار ..أو من استشهاد المدنيين فى المصانع والحقول والمدارس ..أو من ندرة التيار الكهربائى.. أو من أى نقص فى الخدمات أو فى المواد التموينية. لم يضيق المصريين بمعيشة الحرب بل تحمل الجميع ما هو فوق الطاقة وصبروا وآمنوا بإرادتهم فى النصر ، كما اقتسم المصريون لقمة العيش مما أظهر معانى الإيثار والإخاء والتكافل الاجتماعى فيما بينهم،بالإضافة لانتفاضة المصريين للتبرع بكل ما يملكون من أموال وذهب للمجهود الحربى وانهالت التبرعات على القوات المسلحة لتعويض خسائرها واعادة بناءها مرة آخرى.
وكأحد الإستعدادات للمعركة والترميم النفسى للشعب ، أصدر رئيس الجمهورية قراراً فى أبريل 1973 بتشكيل لجنة تعويضات الحرب من وزارات ومحافظات أصابتها الأضرار، كانت الدولة حريصة على تضميد جراح المهجرين من مدن القناة واستثنت الدولة أبناءهم من انتظار الدور للتعيين فكانت تقوم بتعيينهم بمجرد تخرجهم، كما عملت القيادة الذكية على مد جسور الثقة والتواصل بين الشعب والجيش وذلك من خلال قيام القوات المسلحة بتنظيم زيارات لأفراد الشعب المصرى إلى جبهة القتال، وبخاصة من الطلبة والطالبات، مع بداية الحرب وطوال فترة المعارك تراجعت معدلات الجريمة فى الشارع المصرى وكادت سجلات الشرطة أن تخلو من الجرائم الجنائية، والأغلبية العظمى من البلطجية واللصوص خلال تلك الفترة العصبية انضموا لحركات المقاومة الشعبية.
ت_عهد الجمهورية الثالثة: تولى مبارك حكم مصر، وعمره 53 عاما، عقب اغتيال الرئيس أنور السادات، ليبدأ رحلة حكمه في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1981، حتى تنحيه في 11 فبراير/شباط 2011، في رحلة امتدت لـ3 عقود، ما يجعلها الأطول منذ 1952 العام الذي أطيح فيه بالنظام الملكي، لقيت سياسته الخارجية ترحيبا وإشادة من الغرب، خلقت له أعداء في الداخل، وتعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام 1995.
واتسمت السياسة الخارجية لمبارك بشكل عام بكونها سلمية، وظل حليفا قويا للولايات المتحدة، ما جعله وسيطا مهما في عملية السلام العربية – الإسرائيلية.
وكان مبارك مهندسا لعودة مصر إلى الصف العربي في ثمانينيات القرن المنصرم بعد نحو عقد من العزلة، بسبب توقيعها على اتفاقية السلام عام 1979 مع إسرائيل.
ولكن المصاعب الكثيرة التي تعرض لها خلال فترة حكمه، ومن بينها مقاومته الإصلاحات السياسية التي بدأ تنفيذها في السنوات العشرالأخيرة من حكمه ، وما أشيع عن نيته توريث السلطة لنجله جمال، أدت دورا كبيرا في إنهاء حكمه.[30]
أسباب نهاية حكمه: بيد أن طريقته في مكافحة التطرف على حساب الحريات المدنية ونظام الحكم الصارم الذي اتبعه، فضلا عن الركود الاقتصادي والفساد المتفشي تحت حكمه، قلصت كثيرا من شعبيته، قانون الطوارئ، وواجهت سياساته مصاعب كثيرة، فعلى الصعيد الداخلي لم يتمكن من حل معضلات متأصلة مثل البيروقراطية واسعة الانتشار والبطالة العالية والتضخم المتفاقم والتنامي السكاني السريع.
لكن عهده شهد تنفيذ مشروعات كبرى مثل مترو الأنفاق وتوشكى وإسكان الشباب في المدن الجديدة، وقاوم المطالب بإجراء إصلاحات سياسية على مدى السنين، إلا أن تطبيق إصلاحات خاصة في ولايته الخامسة لم يمكنه من تفادي الانتقادات بشأن ما يصفه معارضوه بـ”الشلل السياسي وغياب الرؤية الشاملة وانتشار الفساد والبيروقراطية”، شهدت الشوارع والميادين تجمعات ضخمة ترفع مجموعة من المطالب، وبعد تصاعد الأحداث من سقوط متظاهرين قتلى وحرق لمعالم القاهرة فيما يعرف إعلاميا بـ”جمعة الغضب”، بذل مبارك محاولات لتهدئة الشارع لكن دون جدوى.[31]
فكان المطلب الأعلى صوتا “الرحيل”، لينزل مبارك عند رغبة المطالب، ويعلن اللواء عمر سليمان نيابة عنه التنحي عن حكم مصر في 11 فبراير/شباط عام 2011، في الخطاب المشهور بخطاب التنحي.
مظاهر تلاحم الشعب و الجيش، استقبل الشعب المصري دبابات الجيش، التي سرعان ما انتشرت مع تصاعد المظاهرات الشعبية الحاشدة والاشتباكات مع الشرطة خلال يوم جمعة الغضب، 28 يناير، بالحفاوة والترحيب، واعتبرته بمثابة المخلص لها من النظام المستبد، وصمام الأمان، الذي يحفظ أمن البلاد وسلامتها، ولا سيما بعد تدهور الحالة الأمنية وانسحاب الشرطة وفتح السجون، وزعزعة استقرار دام 30 عامًا، هي فترة حكم مبارك، صار التقاط الصور بجوار الدبابات، ومصافحة رجال الجيش وإهداؤهم الورود واعتلاء المدرعات شعار تلك الفترة.[32]
كذلك تأدية اللواء محسن الفنجري، المتحدث باسم القوات المسلحة فى ذاك الوقت ، وعضو المجلس العسكري، التحية العسكرية لشهداء ثورة 25 يناير في بيان للقوات المسلحة أذاعته شاشات التليفزيون، معلنة بذلك إنحيازها لشرعية مطالب الشعب ، حيث القوات المسلحة المصرية لعبت دورا أساسيا خلال الاحتجاجات واتسم هذا الدور بتأييد مطالب المحتجين في التعامل معهم سلميا وبود شديد مما خلق مناخا من الثقة بين الجانبين وعبر بمصر مرحلة شديدة الخطورة في تاريخها المعاصر، مما أكسب القوات المسلحة ثقة كبيرة من قبل الشعب وتقبلا حسنا لقرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة والتي حققت مطالب المحتجين بأسلوب منطقي وتدريجي.
التعهد بضمان الانتقال الديمقراطي للسلطة، كانت تلك القضية التي وردت في بيان الجيش رقم 5 عقب قرار التنحي، حيث أكد المجلس على: “تعليق العمل بأحكام الدستور وحل مجلسي الشعب والشورى”. وتعهد بفترة انتقالية “لمدة ستة أشهر” وإجراء تعديلات دستورية وتشريعية تسبق إجراء انتخابات نيابية ورئاسية، وتبدو أهمية هذه القضية في تلك المرحلة في ضوء اعتبارين: أولهما: النظرة السلبية التقليدية لدور الجيش خاصة في الأدبيات الغربية والإشارة لدوره السياسي، ثانيهما: أنها أزالت الشكوك والمخاوف التي سادت لفترة خشية إحكام الجيش علي السلطة في مصر، ومن ثم فقد تركزت الرؤى الخارجية لمصر وللجيش بأنه أصبح يقود عملية التحول الديمقراطى على نحو غير مسبوق في تاريخ مصر، واعتبرت صحف غربية أن رسائل المجلس العسكري تتراوح بين تطمينات بأن مهمة المجلس انتقالية ستنتهي بتسليم السلطة إلى قيادة مدنية، وقلق ناجم عن مدى السلطات التي سيمارسها المجلس لإعادة تشكيل النظام السياسي.
سطرت القوات المسلحة السيناريو القادم للحياة السياسية فى مصر،من خلال قرارات المجلس والتي نصت على حل مجلسي الشعب والشورى ووقف العمل بالدستور، مع إجراء بعض التعديلات عليه، بأنها تحمل مضامين مهمة بأن “السيناريو الخاص بمستقبل مصر” لم يأت من الخارج، ولكن وضعه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي يضم خبراء على أعلى مستوى في كافة المجالات أخذوا على عاتقهم إدارة مرحلة التغيير وتحــديد إطارها ليسلم الإدارة بعد ستة أشهر إلى المدنيين.[33]
ث_الدولة فى عهد الجمهورية الرابعة: هى الأقصر فى تاريخ حكم مصر ، حيث لم تستمر سوى عام واحد، مع توارث الظروف السياسية والإقتصادية السيئة التى مرت بها مصر نتيجة الثورة وعدم الإستقرار ، أدار المجلس العسكرى الإنتقال السلمى للسلطة تنفيذا لإلتزامه أمام الشعب وثقة الأخير به ، وبالفعل عقب عملية الإنتخابات الرئاسية المبكرة أنتهت بإعلان أول رئيس مدنى وهو الرئيس محمد مرسى العياط .
وبعد فوزه ضد منافسه الفريق المتقاعد والوزير السابق أحمد شفيق أعلن مرسي أن حكومته ستمثل كل المصريين. لكن مرسي أخفق في الوفاء بأي من وعوده الانتخابية خلال السنة المضطربة التي أمضاها في الحكم. واتهمه معارضوه بافساح المجال أمام الإسلاميين للإستيلاء على الحياة السياسية وإقصاء الآخرين واحتكار السلطة من قبل جماعة الإخوان.
أبرز أسباب النهاية: اندلعت الاحتجاجات ضد حكم مرسي عندما منح نفسه صلاحيات واسعة في أواخر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 بموجب مرسوم رئاسي وزادت حدة الاحتجاجات عندما أقرت الجمعية التأسيسية التي كان يسيطر عليها الإسلاميون على وجه السرعة دستوراً وسط مقاطعة الليبراليين والعلمانيين والكنيسة القبطية، ويمكن إيجاز أهم أسباب ثورة 30 يونيو[34]: التى نتجت عن أخطاء فادحة أنهت العلاقة بين الرئيس مرسى وبين الشعب في خلال هذه المدة الزمنية الضائعة من عمر مصروهى عام وثلاثة أيام، التي كانت البلاد فيهاأحوج ما تكون لاستثمار كل يوم للبناء والتقدم والنمو والاستقرار.
السياسية الخارجية: فشلت الزيارات المتعددة التي قام بها مرسي شرقاً وغرباً في فتح آفاق التعاون البناء بين مصر ودولاً عديدة في العالم، وبات واضحاً ان علاقات مصر الخارجية تقزمت في دول بعينها تدعم حكم الإخوان في مصر .. وتراجعت علاقات مصر بدول محورية عديدة خاصة في العالم العربي.
مياه النيل: معالجة سلبية للغاية لمباشرة اثيوبيا بناء سد النهضة، كشفت عن الافتقاد لأسس التعاطي مع الأزمات الممتدة منها أو الناشئة. فضلاً عن سوء إدارة الحوار مع القوي السياسية وبثه علي الهواء بما ساهم في توتر العلاقات مع الجانب الاثيوبي وأجهض أسس الحوار السياسي معه.
الاستمرار في الخطي السياسية السابقة المتقاعسة عن تفعيل التعاون البناء في المجالات المختلفة مع دول حوض النيل، بما يدعم من سبل الحوار السياسي معها حول الأزمات المختلفة.
العلاقة بين أبناء الوطن الواحد: رسخ حكم مرسي علي مدار عام حالة من الاستقطاب الحاد، وقسم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامي الذي يمثله الرئيس وجماعته دون أن يقدموا دليلاً واحداً علي هذا المشروع، وبين مناهض له يوصف في أغلب الأحيان بــ “العلماني”. وبدلاً من أن يتفرغ الشعب للعمل والانتاج، اتجه الي التناحر والعراك بين التأييد والرفض.
عمل حكم مرسي وبسرعة كبيرة علي ترسيخ الأخونة ونشر هذا الفكر رغم تنامي الشعور المعادي له من يوم لآخر.
الدفاع والأمن: افتعال الأزمات الرامية الي تشتيت جهود الأمن والحد من اكتمال البناء الأمني، وكانت أبرز المشاهد احياء ذكري أحداث محمد محمود، وستاد بور سعيد، واحداث قلاقل أمنية من آن لآخر بالعديد من المحافظات خاصة بور سعيد والسويس.
إصدار العديد من القرارات والإعلانات الدستورية التي تسببت في زيادة الضغط الشعبي علي الجهاز الأمني بالخروج في مظاهرات عارمة الي الاتحادية والتحرير، فشهدت مصر أول حالة سحل لمواطن علي مرأي العالم أجمع.
الإفراج عن سجناء جهاديين من ذوي الفكر المتطرف استوطنوا سيناء وسعوا الي تكوين إمارة إسلامية متطرفة تستمد العون من انفاق التهريب مع قطاع غزة التي حظيت بكل الدعم والحماية من رئيس الدولة ذاته، نفذت هذه الجماعات فعلاً خسيساً بالإجهاز علي 16 شهيداً من الأمن وقت الإفطار في رمضان، وبعد أشهر تم اختطاف سبعة جنود قبل أن يفرج عنها بفعل حشود الجيش لتعقب الإرهابيين، وتدخل جماعة الرئيس للإفراج عن الجنود. فضلاً عما تكشف بعد إقصاء هذا الرئيس من كون هذه الجماعات الإرهابية السند لجماعة الإخوان في حربها الإرهابية ضد الدولة.
الأمن الغذائي والخدمي: استمرت الأزمات الغذائية، والارتفاع المتواصل في أسعار السلع والخدمات دون تدخل حكومي يسعي لوقف جشع التجار، رغم سعي الحكم الي تحسين منظومة توزيع الخبز، وعبوات البوتجاز.
تكررت وبشكل متواصل أزمات البنزين والسولار، بما أثر علي الحركة الحياتية للمواطن، وأنعكس ذلك علي الانقطاع المتكرر للكهرباء.
بدا واضحاً اتجاه الحكم لاستخدام المنظومة التموينية لخدمة أغراضه الانتخابية، ومحاولة كسب شعبية عبر التلاعب بالحصص التموينية.
الثقافة والفنون والآداب: كان هناك اتجاه واضح نحو تغيير هوية مصر الثقافية، والعمل علي ارتدادها لحساب توجهات رجعية متخلفة، بدءً من منع عروض الباليه بدار الأوبرا، الي إقصاء قيادات الثقافة والفنون والآداب، مقابل إحلال قيادات تدين بالولاء للجماعة الداعمة للحكم.
الإعلام والصحافة: ناصب الحكم – الإعلام- العداء لدوره السريع في كشف المساوئ أمام الرأي العام، وبات الإعلام الذي لعب دوراً جوهرياً في تعريف المرشح الرئاسي محمد مرسي، وجماعته للرأي العام المحلي هدفاً مباشراً لتحجيمه، بل واقصاء رموزه.
وسعي بكل قوة لأخونة مؤسسات الدولة الصحفية والإعلامية، في محاولة واضحة لتأسيس الفكر الإخواني من جهة، والحد من تأثير الإعلام المضاد من جهة ثانية.
القضاء والحريات العامة:من خلال افتعال أزمات متتالية مع القضاء، بدءً من إقصاء النائب العام، الي محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل أنصار الرئيس، ثم محاولة تحجيم دورها في دستور ديسمبر 2012، فإصدار إعلانات دستورية وقرارات تمس بالسلب القضاء والحريات العامة ومؤسسات الدولة، تسببت في إثارة غضب الرأي العام، الذي عبر عن ضيقه بإحراق مقار لحزب الرئيس، فعاد الرئيس عن بعض إعلاناته وقراراته، ومضي في أخري مما تسبب في زيادة الحنق الشعبي عليه وعلي جماعته.
استمرت الأزمات بين القضاء والرئاسة، حيث قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار تنظيم الانتخابات البرلمانية، فكان أن رفعت جماعة الإخوان شعار تطهير القضاء، والعمل علي سن تشريع يقضي بتخفيض سن التقاعد للقضاة ليقصي عدة آلاف منهم ليحل بدلاً منهم انصار الحكم.
وكانت الضربة الأخيرة التي سددها القضاء للرئيس المقصي هي الإشارة اليه بالاسم وعدد كبير من قيادات جماعته بالتعاون مع حماس وحزب الله في واقعة اقتحام سجن وادي النطرون.
النقل والمواصلات: تعهد مرسي بحل مشكلة المواصلات ضمن خمس مشاكل تعهد بحلها خلال المائة يوم الأولي من حكمه، فاستفحلت مشكلة المواصلات خلال العام الذي شهد كوارث يومية للطرق ابرزها حادث مصرع 50 طفلاً علي مزلقان بأسيوط.
لم يشهد العام من الحكم تشييد أي من الطرق الجديدة، أو اصلاح الطرق القائمة، فضلاً عن تراجع أداء مرفق السكك الحديدية.
الاقتصاد والمال: تراجع معدلات النمو.. زيادة الدين العام.. تآكل الاحتياطى النقدى.. تهاوى مؤشرات البورصة..تراجع تصنيف مصر الائتمانى.. كلها مؤشرات تعكس انهيار الاقتصاد فى حكم جماعة الإخوان الإرهابية التى لا تعرف سوى الخراب والفشل الذى استشرى فى جسد الدولة كالسرطان، فبدلا من محاولة النهوض بالبلاد وتشجيع الاستثمار، كان يتم محاربة المستثمرين لصالح رموز الإخوان، إلى جانب أخونة المناصب الاقتصادية فى الدولة مثل وزارة المالية ووزارة الاستثمار، دون أى اعتبار لمعايير الكفاءة او القدرة على إدارة هذه المناصب الحيوية.. الوضع الكارثى لحالة الاقتصاد فى عهد «الجماعة» تجلى فى أوضح صوره، وجسدته الأرقام، حيث أشارت إحصاءات البنك المركزى إلى العديد من الأرقام الكارثية، فارتفع الدين العام خلال فترة حكم الإخوان بنحو 23.36% بعدما سجل مستوى 1527.38 مليار جنيه مقارنة بفترة المقارنة فى عام 2012 والتى كانت مستويات الدين عند 1238.11 مليار جنيه، كما زادت نسبة الدين العام المحلى إلى الناتج المحلى بنحو 10%، بعد أن ارتفعت من 79% إلى نحو 89%، إلى جانب استمرار تآكل الاحتياطى النقدى من الدولار لدى البنك المركزى فوصل إلى نحو 14.93 مليار دولار بدلا من 15.53 مليار دولار بنسبة انخفاض قدرها 3.8%.
مظاهر التلاحم: فى 30 يونيو 2013 خرجت جماهير مصر فى كافة المحافظات لتعبر عن غضبها فى الذكرى السنوية الأولى لتولى الرئيس محمد مرسى، وطالبت الجماهير بسحب الثقة منه، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، لينحاز الجيش إلى الجماهير ويصدر بيانه الأول ويمهل كافة القوى السياسية بالبلاد 48 ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخي الذي يمر به الوطن ،.وفى 3 يوليو 2013، صدر بيان القيادة العامة للقوات المسلحة عقب الاجتماع بعدد من الرموز الدينية والوطنية والشباب، بعد الاتفاق على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يقصى أحداً من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام وتشمل على : تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، كما يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليـا اليميـن أمام الجمعية العامة للمحكمة، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد،ولرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.
كما نصت الخارطة على تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية، تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتاً، ومناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية، ووضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن، واتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكاً فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة، لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.[35]
ث-الجمهورية الخامسة: “جمهورية الإستقرار والتنمية ” ، حيث بدأت بعد نجاح ثورة 30 يونيه وإنحياز الجيش مرة أخرى لمطالب الشعب ، كما سبقنا الإشارة فى الجمهورية السابقة ، وتم إعطاء الحكم لرئيس المحكمة الدستورية أنذاك المستشار عدلى منصور كسلطة لإدارة الفترة الإنتقالية ، على أن يتم إجراء إنتخابات رئاسية ومن ثم وضع دستور تشارك فيه كافة ممثلى القوة السياسية ، وبناءاً عن رغبة الشعب فى تفويض و طلب وزير الدفاع عبد الفتاح السيسى للترشح فى إنتخابات الرئاسة ومحاربة الإرهاب المتسبب فيه النظام السابق التابع لجماعة الإخوان ، ولأول مرة في تاريخ مصر، شهدت الدولة انتقالا رئاسيا، إذ ظهر الرئيس المؤقت المنتهية ولايته عدلي منصور إلى جانب السيسي داخل المحكمة الدستورية،وينظر الشعب المصرى الى السيد عبدالفتاح السيسى باعتباره بطلا قوميا، انقذ مصر من خطر الانقسام والتفتت والفاشية الدينيه، واستجاب لإرادة الشعب عقب ثورة 30يونية 2013، وألقى بيان 3 يوليو الذى حدد فيها خارطة الطريق من اجل انقاذ الوطن والحفاظ على وحدته وحارب المؤامرات الخارجية والإرهاب داخليا وخارجيا ونجح فى تطهير بؤر الارهاب فى سيناء من الجماعات المتطرفة التى نمت فى عهد الرئيس الأسبق محمد مرسى بعد ان اطلق سراح الكثير منهم بعفو رئاسى[36].
مظاهر تلاحم الشعب والجيش: وتحت ضغوط شعبيه كبيرة، حيث خرج الملايين من المصريين يطالبونه بالترشح للرئاسة، أعلن سيادته في 26 مارس 2014 في بيان للشعب استقالته من منصبه كوزير للدفاع والإنتاج الحربي، وعزمه الترشح لرئاسة الجمهورية.
وتولى رئاسة الجمهورية في 8 يونيو 2014، وذلك عقب فوزه فوزًا ساحقًا في الانتخابات الرئاسية بنسبة 96.91% أمام منافسه السيد حمدين صباحي فى انتخابات نزيهة شهد لها العالم بالنزاهة.
وإنجازاته خلال 8 سنوات: قناة السويس الجديدة، المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.(محور قناة السويس)، مصر بلا عشوائيات تنفيذ ما يقرب من 1000 مشروع لتحقيق العدالة الاجتماعية وسكن كريم لجميع فئات المجتمع.( برنامج حياة كريمة)، إنشاء المدن الجديدة مبادرة سكن لكل المصريين، تنفيذ العديد من الجامعات الأهلية، والكثير من محطات تحلية مياه البحر، والعديد من محطات معالجة الصرف الزراعى، وإنشاء محطات معالجة ثنائية وثلاثية للصرف الصحى، وتنفيذ المشروع القومى لتبطين الترع، ومشروعات متعددة بالبنية التحتية للمنطقة الاقتصادية لهيئة قناة السويس، وتنفيذ مشروع «الدلتا الجديدة»، ومشروع المليون ونصف المليون فدان،
وتطوير منظومة السكك الحديدية فى مختلف جوانبها، والعمل على شبكة الطرق القومية عبر إنشاء طرق ومحاور جديدة وتطوير أخرى قائمة، والعمل على المشروع القومى لتطوير الطرق الداخلية.
مشروع محطة الطاقة النووية بالضبعة، ومحطة بنبان للطاقة الشمسية، ومجمع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ومدينة دمياط للأثاث، والمتحف المصرى الكبير، والمتحف القومى للحضارة المصرية، ومحور روض الفرج.
بالإضافة لمشروعات نهضة التعليم: تم إنشاء أكثر من 3 آلاف مدرسة، قطاع الكهرباء: تم إنجاز 28 محطة طاقة كهربائية لزيادة القدرة الكهربائية بأكثر من 25 ألف ميجاوات، التضامن الاجتماعي: توسيع قاعدة مظلة الحماية الاجتماعية مع 85.5 مليار جنيه كاستثمارات هذا القطاع، قطاع الصحة : تنفيذ المئات من المشاريع وإطلاق العديد من المبادرات الرئاسية على رأسها مبادرة 100 مليون صحة، أمن مصر المائي:نجحت الدولة في إنهاء مشروعات بتكلفة 30 مليار جنيه لحماية أمن مصر المائي، مدن صناعية جديدة:تم تنفيذ عدد من المشروعات الصناعية بإجمالي استثمارات بلغت قيمتها 33، 4 مليار جنيه،أطلقت الدولة مشروعًا لإحياء الريف المصري المليون ونصف المليون فدان.
انعكست المشروعات القومية على حياة المواطن العادى وحققت مصر نهضة كبيرة: حيث انخفض معدل الفقر في مصر لأول مرة منذ قرابة 20 عام ليسجل 29.7%واحتل الاقتصاد المصري المركز الثاني كأكبر معدل نمو اقتصادي عالمي في 2020 بنسبة 306% متجاوزًا توقعات صندوق النقد، وارتفاع الاحتياطي النقدى إلى 40.3 مليار دولار نهاية مارس الماضي
وكما حققت مصر نهضة في الداخل نجحت في استعادة مكانتها في المشهد الدولي كقوة عظمى وتوالت الشهادات العالمية الدولية التى تؤكد مكانة وأهمية مصر كلاعب إقليمي لا يمكن الاستغناء عنه ولا بديل له.
وقدمت مصر نموذجًا تاريخيًا في ملف مكافحة الإرهاب والتطرف على مدى السنوات الماضية.
ونجحت مصر في خفض وتيرة العمليات لمعدلات غير مسبوقة مقارنة بعام 2014 الذى شهد تصاعد وتيرة الإرهاب ردًا على سقوط جماعة الإخوان، وتم ترشيحها لرئاسة مجلس الأمن مرتان نظراً لجهودها فى مكافحة الإرهاب فى 2015،ثم رشحت مصر نفسها على المقعد العربي الأفريقي، وحظيت بدعم أفريقي وعربي للفوز بعضوية المجلس لمدة عامين تبدأ من 2016 حتى نهاية 2017، ليصبح عدد مرات توليها رئاسة المجلس فى دوراته 4 مرات[37].
الساحة الدولية: انتصر المصريون على الساحتين الإقليمية والدولية واستعادت مصر دورها الرائد في المنطقة.
امتدت جسور مصر لكل الأشقاء واحتضنت القاهرة الجميع ، كان دور مصر حاسمًا في إقرار الهدنة في الأراضى الفلسطينية وقادت مصر عملية البناء وإعادة الإعمار في غزة وسط ترحيب وإشادة عالمية، في إفريقيا عادت مصر إلى عمقها التاريخي عبر سياسة ناجحة لتتحول القاهرة مرة أخرى إلى قبلة الأشقاء الأفارقة خاصة بعد تجميد عضويتها فى الإتحاد الأفريقى نتيجة عدم الإستقرار الناتج عن أحداث العنف الإخوانية بعد الثورة.
وختاماً ،وبعد إستعراض التلاحم بين الشعب والقوات المسلحة عبر العصور، يستمر هذا التلاحم حتى الآن فى تنمية الدولة المصرية بمشاركة القوات المسلحة والشعب ، حيث أثبت بالفعل بعد استعراض الشواهد عبر العصور أنه ركيزة الأمن القومى المصرى للدولة المصرية وركيزة تنميتها ،وذلك فى ظل إدارة قادرة على تنظيم وإدارة هذا التلاحم وتوجيهه مسار تحقيق التنمية المستدامة للدولة المصرية بعد تحقيق إستقرار الدولة المصرية .
توصيات
1_ إدخال موضوع تلاحم الشعب والجيش المصرى ركيزة الأمن القومى عبر العصور فى المناهج الدراسية للطلاب بالمراحل الأساسية.
2_ إدخال الترفيه فى وسائل التعليم من خلال تصميم منصة ألعاب حكومية بتقنية الواقع الإفتراضى للتثقيف ،وذلك بتصميم ألعاب محاكاة إستراتيجية لحرب أكتوبر كبديل للألعاب الإستراتيجية الأخرى الموجهة،بالإضافة لألعاب محاكاة النظام السياسى أو المؤسسات الحكومية، تهدف لإعلاء الولاء الوطنى للكبار والأطفال.
3_ إقامة مزيد من الندوات حول موضوع التلاحم بين الشعب والجيش لمزيد من رفع الوعى لدى المواطنين ، فى الجامعات والمكتابات وصناعة الأفلام والوثائقية حوله.
قائمة المراجع
- حسن دقيل، الجيش في مصر القديمة ودوره خلال الحرب والسلم، القاهرة المعهد المصرى للدراسات ،6مارس 2020،تمت الزيارة 31\7\2022، https://2u.pw/aF3gp .
- أسماء أبو سكينة، “وحوي يا وحوي”.. أصلها فرعوني تعود للملكة “اياح حتب”، موقع البوابة نيوز،تم النشر 8مايو2017،تمت الزيارة 31/7/2022، https://www.albawabhnews.com/2517798
- حسن محمد أحمد محمد، التعددية الثقافية فى ظل التعايش السلمى فى مصر إبان العصرين الإغريقى والرومانى،الخرطوم: مجلة روافد، المجلد الرابع ، ديسمبر 2020، ﺹ 256-273، https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/539/4/2/136706
- هدوه خضير سالم العازمي، تطور الجيش المصري خلال فترة الفاطميين والأيوبيين والمماليك،القاهرة:موقع ال وورد برس،26/7/2016،تمت الزيارة 4/8/2022، https://drfaisalalwazzanblog.wordpress.com/
- محمد شعبان أيوب، انتفاضة الصعايدة.. لماذا ثار أهل الصعيد على الفاطميين قبل ألف عام؟، موقع الجزيرة الإخبارى، تم الزيارة 4أغسطس 2022، https://2u.pw/5z53k ، هيثم على ، كيف عاش المصريون السنة تحت حكم الدولة الفاطمية؟، موقع منتدى إضاءات،14/11/2021، https://www.ida2at.com/how-did-sunni-egyptians-live-under-fatimid-state/
- الموقع الرسمى لوزارة السياحة والآثار المصرية،الدولة الأيوبية ، تمت زيارة الموقع4/1/2022، https://egymonuments.gov.eg/ar/historical-periods/ayyubids-dynasty-egypt
- الموقع الرسمى للهيئة العامة لإستعلامات رئاسة الجمهورية،الدولة العثمانية فى مصر،نشرت فى 30 سبتمبر 2009، https://www.sis.gov.eg/Story/2265/
- ريم الششتاوى، بالصور.. هنا دُفن طومان باي آخر سلاطين المماليك الشراكسة بمصر،موقع العربية الإخبارى، نشر في: 12 ديسمبر ,2019،تمت الزيارة 5\8\2022، https://ara.tv/ncsjj
- أسامة محمد أبو نحل، حركات التمرد فى مصر فى بداية العهد العثمانى 1517_ 1524،غزة: كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأزهر، 2003، https://www.researchgate.net/publication/274634710_hrkat_altmrd_fy_msr_fy_bdayt_alhd_althmany_1517- 1524m_walntayj_almtrtbt_lyha
- وائل جمال الدين،اعترافات سليمان الحلبي تكشف أسرار مقتل كليبر في مصر، القاهرة موقع إخبارى بي بي سي – القاهرة 13 يونيو/ حزيران 2018، https://www.bbc.com/arabic/art-and-culture-44458491
- أحمد منصور،حروب المماليك الخاسرة.. كيف انتصر بونابرت على مراد وإبراهيم بك بمعركة إمبابة، موقع اليوم السابع الإخبارى: 21 يوليو 2020، https://www.youm7.com/4889872
- محمد جلال كشك، كتاب ودخلت الخيل الأزهر، القاهرة:الزهراء للإعلام العربى، 1990، https://ia801300.us.archive.org/4/items/FP153833s/153833s.pdf
- الموقع الرسمى للأزهر الشريف،تمت الزيارة فى 7/8/2022، https://www.azhar.eg/alazhar/
- موقع رسمى مكتبة الإسكندرية، السيرة الذاتية لمحمد على باشا، ذاكرة مصر المعاصرة، http://modernegypt.bibalex.org/NewTextViewer.aspx?TextID=AR_217&keyword
- عبد الرحمن الرافعى، كتاب عصر محمد على، القاهرة: دار المعارف ، الطبعة الخامسة 1989، https://books-library.net/free-432216085-download
أمنية فؤاد، في ذكرى توليه الحكم تعرف على أهم إنجازات مؤسس مصر الحديثة.. محمد علي باشا، القاهرة: موقع جريدة الوفد 16 مايو 2019، زيارة 8/8/2022، https://alwafd.news/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/2378725–
[1] Bowman, Hlom K., Egypt under the pharohs: 332Bc – Ad642 from Alexander to Arab congest (London: F.G. Moon, N.D.).
[2] حسن دقيل، الجيش في مصر القديمة ودوره خلال الحرب والسلم، القاهرة المعهد المصرى للدراسات ،6مارس 2020،تمت الزيارة 31\7\2022، https://2u.pw/aF3gp
[3] حسن دقيل، مرجع سابق 2.
[4] أسماء أبو سكينة، “وحوي يا وحوي”.. أصلها فرعوني تعود للملكة “اياح حتب”، موقع البوابة نيوز،تم النشر 8مايو2017،تمت الزيارة 31/7/2022، https://www.albawabhnews.com/2517798
[5] حسن دقيل ،مرجع سابق 2، ومرجع سابق1
[6] حسن دقيل، مرجع سابق 1، https://2u.pw/aF3gp .، مرجع سابق 1.
[7] زاهر رياض،شمال أفريقيا في العصور الوسطى )القاهرة: مكتبة األنجلو المصرية، 1981.
[8] حسن محمد أحمد محمد، التعددية الثقافية فى ظل التعايش السلمى فى مصر إبان العصرين الإغريقى والرومانى،الخرطوم: مجلة روافد، المجلد الرابع ، ديسمبر 2020، ﺹ 256-273، https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/539/4/2/136706
[9] زاهر رياض، المسيحيون والقومية المصرية في العصر الحديث )القاهرة: دار الثقافة، 1979.
[10] ريم الششتاوى، بالصور.. هنا دُفن طومان باي آخر سلاطين المماليك الشراكسة بمصر،موقع العربية الإخبارى، نشر في: 12 ديسمبر ,2019،تمت الزيارة 5\8\2022، https://ara.tv/ncsjj
[11] عماد عبد العظيم عاشور، مشرفو المجندين الأجانب فى الجيش فى مصر القديمة والألقاب المرتبطة بهم، مجلة الإتحاد العام للأثاريين العرب، مجلد 22،عدد 1، 2021، https://jguaa.journals.ekb.eg/article_110617_8106d156dc891953ec15360ce806bb98.pdf
[12] هشام الجبالى كتاب” موسوعة تاريخ مصر (مصر الرومانية)،مكتبة الفارابى،1994، https://books-library.net/free-1450804513-download .
[13] لؤى محمود أحمد منصور، الأقباط في المجتمع المصري قبل وبعد الفتح الإسلامي،موقع مكتبة عين الجامعة، https://ebook.univeyes.com/151687
[14] عبد الرحمن زكى، موسوعة الجيوش الإسلامية:الجيش المصرى فى العصر الإسلامى من الفتح العربى إلى معركة المنصورة، القاهرة :مكتبة الأنجلو مصرية، https://2u.pw/4Pcab
[15] هدوه خضير سالم العازمي، تطور الجيش المصري خلال فترة الفاطميين والأيوبيين والمماليك،القاهرة:موقع ال وورد برس،26/7/2016،تمت الزيارة 4/8/2022، https://drfaisalalwazzanblog.wordpress.com/
[16] محمد شعبان أيوب، انتفاضة الصعايدة.. لماذا ثار أهل الصعيد على الفاطميين قبل ألف عام؟، موقع الجزيرة الإخبارى، تم الزيارة 4أغسطس 2022، https://2u.pw/5z53k ، هيثم على ، كيف عاش المصريون السنة تحت حكم الدولة الفاطمية؟، موقع منتدى إضاءات،14/11/2021، https://www.ida2at.com/how-did-sunni-egyptians-live-under-fatimid-state/
[16] الموقع الرسمى لوزارة السياحة والآثار المصرية،الدولة الأيوبية ، تمت زيارة الموقع4/1/2022،[17] ريم الششتاوى، بالصور.. هنا دُفن طومان باي آخر سلاطين المماليك الشراكسة بمصر،موقع العربية الإخبارى، نشر في: 12 ديسمبر ,2019،تمت الزيارة 5\8\2022، https://ara.tv/ncsjj
[18] الموقع الرسمى للهيئة العامة لإستعلامات رئاسة الجمهورية،الدولة العثمانية فى مصر،نشرت فى 30 سبتمبر 2009، https://www.sis.gov.eg/Story/2265/
[19] أسامة محمد أبو نحل، حركات التمرد فى مصر فى بداية العهد العثمانى 1517_ 1524،غزة: كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأزهر، 2003، https://www.researchgate.net/publication/274634710_hrkat_altmrd_fy_msr_fy_bdayt_alhd_althmany_1517-1524m_walntayj_almtrtbt_lyha
[20] وائل جمال الدين،اعترافات سليمان الحلبي تكشف أسرار مقتل كليبر في مصر، القاهرة موقع إخبارى بي بي سي – القاهرة 13 يونيو/ حزيران 2018، https://www.bbc.com/arabic/art-and-culture-44458491
[21] أحمد منصور،حروب المماليك الخاسرة.. كيف انتصر بونابرت على مراد وإبراهيم بك بمعركة إمبابة، موقع اليوم السابع الإخبارى: 21 يوليو 2020، https://www.youm7.com/4889872
[22] محمد جلال كشك، كتاب ودخلت الخيل الأزهر، القاهرة:الزهراء للإعلام العربى، 1990، https://ia801300.us.archive.org/4/items/FP153833s/153833s.pdf
[23] الموقع الرسمى للأزهر الشريف،تمت الزيارة فى 7/8/2022، https://www.azhar.eg/alazhar/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B2%D9%87%D8%B1
[24] موقع رسمى مكتبة الإسكندرية، السيرة الذاتية لمحمد على باشا، ذاكرة مصر المعاصرة، http://modernegypt.bibalex.org/NewTextViewer.aspx?TextID=AR_217&keyword=
[25] مكتبة الإسكندرية ،مرجع سابق رقم 15،ص3.
[26] أمنية فؤاد، في ذكرى توليه الحكم تعرف على أهم إنجازات مؤسس مصر الحديثة.. محمد علي باشا، القاهرة: موقع جريدة الوفد 16 مايو 2019، زيارة 8/8/2022، https://alwafd.news/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/2378725–
[27] الموقع الرسمى لبوابة معلومات مصر، تمت الزيارة 8/8/2022، https://www.eip.gov.eg/IDSC/StaticContent/View.aspx?ID=15
[28] إسماعيل جمعة، كيف استعدت مصر لتحقيق النصر تلاحم الشعب مع القيادة السياسية وإعادة بناء الجيش أهم أسباب العبور،القاهرة : موقع بوابة الأهرام، أكتوبر 2015، https://gate.ahram.org.eg/daily/NewsPrint/440145.aspx
[29] الموقع الرسمى لبوابة معلومات مصر، مرجع سابق رقم (20).
[30] رشا عمار – نجاة الجبالي، 30 عاما في حكم مصر.. حسني مبارك من الصعود إلى التنحي، أبو ظبى: موقع العين الإخبارية، 2020/2/25 ، تمت الزيارة 9/8/2022، https://al-ain.com/article/mubarak-death-egypt
[31] عبد العظيم رمضان ، كتاب الصراع الإجتماعي و السياسى في عصر مبارك – الجزء الأول ، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993، https://2u.pw/89YL0
[32] ناريمان عبد الكريم ، علاقة الجيش والشعب منذ «25 يناير».. بين «الحميمة» و«الفتور» ،موقع جريدة المصرى اليوم الإخبارية، 23-01-2014، تمت الزيارة 9/8/2022، https://www.almasryalyoum.com/news/details/380198
[33] رمضان قرنى، الجيش المصري..وثورة 25 يناير“نموذج للمؤسسة الوطنيـة”، القاهرة: الهيئة العامة للإستعلامات رئاسة الجمهورية، تم زيارة الموقع 9/8/2022،
https://www.sis.gov.eg/Newvr/34/4a.htm
[34] الموقع الرسمى للهيئة العامة للإستعلامات رئاسة الجمهورية، ثورة 30 يونيو، 30 يونيو 2021، تمت الزيارة 9/8/2022، https://www.sis.gov.eg/Story/206182/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-30-%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%D9%88-%D8%A5%D8%B1%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%B4%D8%B9%D8%A8?lang=ar
[35] موقع بوابة معلومات مصر، مرجع سابق رقم(20).
[36] «مشروعات قومية غيرت وجه مصر» فى عهد الرئيس السيسي، موقع أخبار اليوم الإخبارى، 08 يونيو 2022، https://m.akhbarelyom.com/news/newdetails/3785947/1/-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%AA-%D9%88%D8%AC%D9%87-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%81%D9%89-%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A
[37]الموقع الرسمى لهيئة إستعلامات رئاسة الجمهورية، مصر والأمم المتحدة .. تاريخ مشرف من المشاركة الفاعلة، 13 سبتمبر 2019، https://www.sis.gov.eg/Story/174865 r