الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

عملية صناعة التشريع بالمغرب: المسطرة المتبعة من قبل مجلس النواب

اعداد : إيمان بوغمي – باحثة ماستر الصياغة القانونية وتقنيات التشريع بالمغرب – كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية أيت ملول /جامعة ابن زهر – أكادير/المغرب.  

  • المركز الديمقراطي العربي

 

لا يخفى على أحد الدور الطلائعي الذي تلعبه المؤسسة التشريعية بالمغرب، إذ يعتبر التشريع مصدرا هاما تستمد منه القواعد القانونية مشروعية وجودها. فهو بذلك عملية مؤسساتية تعتمد على إجراءات ومساطر دقيقة متفق عليها، تنبني على أساس مدخلات و مخرجات لإنتاج وصياغة نصوص قانونية في النهاية. هذه المؤسسة تتكون من غرفتين (الغرفة الأولى: مجلس النواب والغرفة الثانية: مجلس المستشارين).

  • كيف تتم عملية التشريع هذه داخل مجلس النواب؟

إن تحرير هذا المقال المبسط عن مسطرة التشريع بالمغرب، يعود إلى بعض المحاضرات التي ألقاها الأستاذ عبد الرحيم خالص في مادة القضاء الدستوري والرقابة على التشريع بماستر الصياغة القانونية وتقنيات التشريع بالمغرب بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأيت ملول (جامعة ابن زهر بأكادير). ولذلك، عمدت إلى محاولة تلخيصها وتقديمها للقارء والباحث المهتم، بهدف بسط بعض خطواتها وإجراءاتها الرئيسية كما تتم لدى مجلس النواب؛ مع العلم بأن نفس المسطرة والخطوات تتم على مستوى مجلس المستشارين بالبرلمان المغربي (لكن مع اختلافات جوهرية يمكن الإشارة إليها في مقال مقبل عما قريب).

تبعا لما سبق، تمر مسطرة التشريع بالمغرب، تقريبا، بأربع مراحل محددة و متكاملة فيما بينها، لكل مرحلة تسميتها وخطواتها الرئيسية، كما لها إجراءات دقيقة ومضبوطة.

  • المرحلة الأولى يمكن تسميتها بمرحلة الاستقبال لدى مكتب مجلس النواب، تتحدد خطواتها الرئيسية في سبع خطوات: تكون البداية بالإيداع ويقصد به إيداع الحكومة مشاريع قوانينها لدى مكتب مجلس النواب (الفصل 78 من الدستور المغربي لسنة 2011) وكذا إيداع النائبات والنواب مقترحات القوانين (المادة 172 من النظام الداخلي لمجلس النواب) والمواطنات والمواطنين لملتمسات التشريع (الفصل 14 من الدستور المغربي لسنة 2011)؛ تليها خطوة الإحالة الخارجية وتعني أن مكتب مجلس المستشارين يحيل مشاريع ومقترحات القوانين على مكتب مجلس النواب، (نظمت هذه العملية المادة 172 من النظام الداخلي لمجلس النواب).

ثم تأتي خطوة التوزيع، فيها يوزع مكتب مجلس النواب مشاريع ومقترحات القوانين على النائبات والنواب سواء على شكل ورقي أو على حامل إلكتروني وذلك تبعا لمضمون المادة 173 من النظام الداخلي لمجلس النواب.

وبعد التوزيع تتم خطوة الإحاطة الداخلية، والتي تعني أن رئيس مجلس النواب يحيط علما رئيس مجلس المستشارين بكل مشروع أو مقترح قانون تم وضعه بالإيداع لدى مكتب مجلس النواب (المادة 174 من النظام الداخلي لمجلس النواب)، أو بملاحظة حول مضامين المقترحين (المادة 175 من النظام الداخلي لمجلس النواب).

أما عن خطوة الإحاطة الخارجية، والتي يقصد بها أن رئيس مجلس النواب يحيط الحكومة علما بكل مقترحات القوانين 10 أيام قبل إحالتها على اللجان الدائمة المختصة،(تبعا لمضمون المادة 176 من النظام الداخلي لمجلس النواب).

وتأتي بعد ذلك خطوة السحب، ومعناها أنه يمكن التراجع عن مناقشة كل مشروع قانون أودع أو مقترح قانون أحيل على مجلس النواب، وفق حالات محددة حسب نص (المادة 177 و 178 من النظام الداخلي لمجلس النواب).

وأخيرا تأتي خطوة الإحالة الداخلية، فيها يحيل رئيس مجلس النواب على اللجنة الدائمة المختصة، كل مشروع أو مقترح قانون تم إيداعه لدى مكتب هذا المجلس “مجلس النواب” مع وثائقه ذات الصلة وذلك طبقا لما نص عليه (الفصل 80 من دستور المغرب لسنة 2011، كذلك المادة 179 من النظام الداخلي لمجلس النواب).

  • أما عن المرحلة الثانية والمسماة بمرحلة العرض على مكتب اللجنة الدائمة المختصة، تتحدد خطواتها الرئيسية في أربع عمليات هي: البرمجة الموضوعية والزمنية، فالأولى حسب المادة 180 من النظام الداخلي لمجلس النواب يقصد بها البرمجة المتعلقة بدراسة مشاريع ومقترحات القوانين من جهة وإعداد التقارير من جهة أخرى. بينما الثانية (البرمجة الزمنية) تتعلق ببرمجة الوقت المخصص للمناقشة العامة ودراسة المواد ثم إيداع التعديلات والتصويت عليها(حسب المادة 181 من النظام الداخلي لمجلس النواب).

ثم مسطرة المناقشة وحسب(المادة 182 من النظام الداخلي لمجلس النواب) تمر هذه المسطرة بدورها من أربعة إجراءات جد دقيقة، أولها جلسة تقديم النص التشريعي، ثانيها جلسة المناقشات(المناقشة العامة والمناقشة التفصيلية)، ثالثها جلسة التعديلات، ورابعها عملية التصويت.

أما عملية الآجال المقررة، فقد حدد (النظام الداخلي لمجلس النواب في مادته 183 أجل النظر في النصوص التي تعرض على اللجنة الدائمة المختصة).

وفي النهاية تأتي عملية التقارير المنجزة،(حسب المادة 184 من النظام الداخلي لمجلس النواب) تمر هذه العملية من إجراءين أساسيين هما: إعداد التقارير و توزيع التقارير.

  • بينما المرحلة الثالثة والتي يطلق عليها مرحلة التقديم للمناقشة في الجلسة العامة، تعرف خطوات رئيسية تتحدد في خمس عمليات، نتحدث هنا عن مسطرة المناقشة وبدورها تمر بخمسة إجراءات دقيقة وهي: الإستماع؛ طلب الدفع بعدم القبول؛ كلمة المشاركين في المناقشة؛ طلب إرجاء البث وطلب إرجاع النص(من المادة 185 إلى المادة 193 من النظام الداخلي لمجلس النواب).

ثم عملية التصويت،بالعودة إلى (مضمون المادة 193 من النظام الداخلي لمجلس النواب) نجد أن هذه العملية تقتضي التصويت على النص بأكمله بعد التصويت على آخر مادة أو آخر مادة إضافية عن طريق التعديل ثم التصويت على مادة بمثابة نص بأكمله في حالة التصويت   على نص بمادة فريدة.

تليها عملية عرض التعديلات والتي تقتضي تقديم التعديلات؛ معارضة التعديلات والمناقشة والتصويت على هذه التعديلات( كما هو منصوص في المادة 194، 195 و196 من النظام الداخلي لمجلس النواب).

وبعدها تأتي عملية طلب المناقشة الثانية، و يقتضي إقرار هذا الطلب مايلي:

  • -أن يتقدم بالطلب الحكومة أو اللجنة المعنية أو رئيس فريق أو عشر أعضاء المجلس؛
  • -أن يتقدم بالطلب قبل شروع المجلس في التصويت على مجموع مشاريع أو مقترحات القوانين؛
  • -إرجاع النص موضوع المناقشة الثانية إلى اللجنة المختصة لإعداد وتقييم تقرير جديد.
  • (و ذلك حسب نص المادة 197 من النظام الداخلي لمجلس النواب).

وأخيرا تأتي عملية طلب إعادة القراءة، ولقد نظمت (المادة 204، 205 و 206 من النظام الداخلي لمجلس النواب) هذه العملية تطبيقا للفصل 95 من دستور 2011.

  • أما المرحلة الرابعة و التي تسمى بمرحلة طلب المصادقة المختصرة في ندوة الرؤساء، فهي تعرف أربع خطوات رئيسية:

بداية بعملية طلب اعتماد أسلوب المصادقة المختصر وقد نظمت (المادة 198 من النظام الداخلي لمجلس النواب) الشروط التي يكون بها هذا الأسلوب مقبولا.

أما عن عملية النشر، التوزيع والإشعار بطلب المصادقة المختصر فحسب (المادة 199 من النظام الداخلي لمجلس النواب)، يكون الطلب موضوع :

  • -إعلان ونشر ثم توزيع على النواب؛
  • – إشعار الحكومة به؛
  • -مناقشة وتوزيع التقرير الخاص به بعد 3 أيام على الأقل من تاريخ الإخبار به؛
  • -مخالف للمبادرات المتعلقة بملتمسات الإرجاع إلى اللجنة أو تأجيل البث أو عدم المناقشة.

ثم تأتي عملية الإعتراض على أسلوب المصادقة المختصر والذي نظمته كل من (المادة 200 و201 من النظام الداخلي لمجلس النواب).

لتأتي بعد ذلك العملية النهائية في هذه المرحلة، هي عملية تتعلق أساسا بمسطرة أسلوب المصادقة المختصرة، إذ تقوم مسطرة مناقشة النصوص المعتمد بخصوصها  هذا الأسلوب عناصر حددتها كل من (المادة 202 و 203 من النظام الداخلي لمجلس النواب).

بعد تحديد هذه المراحل، يتبين أن العملية التي يمر منها سن التشريع (القوانين) عملية ليست سهلة نهائيا، إذ تسلك مسارا تكتنفه عمليات دقيقة ومحددة، تجعل من المؤسسة التشريعية (وتحديدا مجلس النواب) عنصرا جوهريا في عملية صياغة وصناعة التشريع بالمغرب.

4/5 - (10 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى