الدراسات البحثيةالمتخصصة

السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين “عهد دونالد ترامب”

 United States of America foreign policy towards China-Donald Trump Era

اعداد : عمر جمال شاور/ ماجستير في الدراسات الدولية/ جامعة بيرزيت_ فلسطين.

  • المركز الديمقراطي العربي

 

الملخص:

انقلبت السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين إلى التشدد في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقامت إدارته بإتباع سياسات حمائية تجاه الصين، أدت لظهور حرب تجارية بينهما عام 2018. هذه السياسات الضاربة للعولمة، حرفت أبرز الاستراتيجيات الأمريكية وهي الليبرالية. إن السبب الرئيس في تحول السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين، وهو تطور مجموعة من المتغيرات الخارجية الداعمة لصعود الصين، فهي تزيد من ظاهرة “الخطر الصيني”. وكمحاولة لاحتواء صعود الصين قامت إدارة ترامب، بالتنازل عن جزءٍ من استراتيجيتها الخارجية المبنية على السوق المفتوح، لصالح الاستراتيجية الأساسية للولايات المتحدة وهي “الأمن والهيمنة”. في ظلِّ الأجواء المشحونة ما بيّن بكين وواشنطن على إثر سياسات ترامب المتشددة، زاد انتشار جائحة كوفيد 19 الصراع بين العملاقين، فظهر في الساحة العالمية التخوف من الوقوع في “فخِّ ثوسيديدس”.

Under President Donald Trump, US foreign policy vis-à-vis China became one of extremism with his administration adopting protectionist policies towards China that led to the emergence of a trade war between them in 2018. These policies attacking globalization altered one of the most prominent American strategies, which is liberalism. The main reason for the shift in US foreign policy vis-à-vis China is the occurrence of a set of external variables bolstering the rise of China, thereby increasing the phenomenon of “Chinese danger”. In an attempt to contain the rise of China, the Trump administration conceded part of its foreign strategy based on the open market in favor of the basic strategy of the United States, which is “security and hegemony”. Against the backdrop of the fraught atmosphere between China and America because of Trump’s hardline policies, the spread of the Covid-19 pandemic amplified the conflict between the two giants – leading to the emergence of the fear in the global arena of falling into a “Thucydides Trap.”

المقدمة :

في بداية السبعينيات بدأت السياسة الخارجية الأمريكية تتجه إلى تطبيع العلاقة مع الصين، خاصة مع زيارة الرئيس الأمريكي نيكسون، بكين وتوقيع بيان شنغهاي عام 1972. استمر تصاعد التقارب والتعاون برغم ظهور بعض التوترات في الثمانينيات، وبشكل عام كانت العلاقة تتميز بالتعاون لتحقيق مصلحة الطرفين، واتسمت السياسة الخارجية الأمريكية باحترام ما أنتجته من النظام الليبرالي والعولمة، ليكون هناك تبادل تجاري ضخم بين أكبر اقتصادين في العالم. لكن بعد تولي دونالد ترامب لرئاسة البيت الأبيض، ظهر تحول واضح في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين، لتلجئ أدارة ترامب إلى سياسة الحمائية الاقتصادية، مما أشعل حربًا تجارية بينهما.

هناك متغيرات خارجية داعمة لصعود الصين، كانت عاملًا مؤثر على السياسة الخارجية الأمريكية. أولها التقدم الاقتصادي الصيني الهائل، وترافق مع ظهور استراتيجيات اقتصادية تنموية، أبرزها ” حزام واحد-طريق واحد”، وإنشائها للبنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية، الذي يعتبر منافس لمؤسسات “بريتون وودز”. وعام 2017 تزايد فائض التجاري بشكل كبير وتاريخي لصالح الصين على حساب الولايات المتحدة[1]. ثانيها: التطور التقني والتكنلوجي في الصين، ليكون هناك أسبقية على تطبيق ونشر الجيل الخامس لصالح الصين، كما انطلقت الصين في تطبيق مشروع “صنع في الصين 2025” لتحقق قدرًا من الاستقلالية الإنتاجية. وثلثها: التقدم العسكري الصيني، ليزداد الإنفاق العسكري في الصين بشكل ملحوظ، كما زاد نشاط الصين العسكري في بحر الصين الجنوبي. إن هذه المتغيرات كانت عاملًا مؤثرًا في تحول السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين.

تكمن أهمية الدراسة أنها تدرس التحول في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين في عهد ترامب، والتي أحدثت قلقًا عالميًا، فالتنافس الاقتصادي، والتوتر السياسي الصيني الأمريكي يؤثر على العالم أجمع، بل قد يشكل خطرًا على السلم والأمن الدوليين. يهدف البحث لبربط الأهداف الاستراتيجية الأمريكية، مع المتغيرات الخارجية الداعمة لصعود الصين، ليُظهر سبب التحول في سياستها الخارجية تجاه الصين في عهد الرئيس الأمريكي ترامب، كما سيوضح السياسات التي شنتها إدارة ترامب على الصين، وأثرها على طرفي الصراع.

الإشكالية التي سيعالجها البحث، تتمثل بظهر تحول مُتشدد في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في عهد دونالد ترامب تجاه الصين، حيث لجأت إدارة ترامب إلى سياسات اقتصادية حمائية، أدت لظهور حرب تجارية عام 2018، كانت سببًا في ظهور توتر كبير مع الصين، وفي ظلِ هذه الأجواء المتوترة، زادة انتشار جائحة كوفيد 19 العلاقة الأمريكية الصينية تعقيدًا. فكيّف أثرت المتغيرات الخارجية الرافعة لصعود الصين، على تحول السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين في عهد دونالد ترامب؟

يعالج البحث خمسة محاور. الأول: الاستراتيجية الخارجية الأمريكية، وأثرها على بلورة سياستها الخارجية. الثاني: محطات تطور السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين. الثالث: سيبحث في المتغيرات الخارجية الداعمة لصعود الصين. الرابع: سيبين الخطر الصيني في المنظور الأمريكي. الخامس: سيبحث في تحول السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين في “عهد دونالد ترامب”. لينتهي البحث، بدراسة انتشار الخوف من الوقوع في “فخ ثوسيديدس”.

أولًا: الاستراتيجية الخارجية الأمريكية، وأثرها على بلورة سياستها الخارجية.

هناك اختلاف بين الاستراتيجية الخارجية الأمريكية وسياستها الخارجية، فتكون الأخيرة أداة لتطبيق الأولى. ولاستنتاج الاستراتيجيات الأميركية، يتوجب تتبع أهمّ محطات تطور استراتيجيتها، لنفرق في النهاية بينها وبين السياسة الخارجية لأمريكا.

  1. أهم محطات تطور الاستراتيجية الأميركية.

أ. الاستراتيجية الخارجية الأمريكية ما قبل الحرب العالمية الأولى.

امتازت المرحلة الأولى في الاستراتيجية الخارجية للولايات المتحدة بالانعزالية، فاهتمت بحماية أمنها واستقلالها وتنامي اقتصادها، لتُفضل عدم التورط في الصراعات العالمية، وتجنبت عقد أيّ اتفاق سياسي يلزمها، مثل التحالفات السياسية والعسكرية، فمنذ معاهدة التحالف مع فرنسا عام 1778 حتى أنشاء الأمم المتحدة عام 1945، لم تنشأ معاهدات تحالف، لتقتصر على معاهدات تجارية[2].

برغم شعور الولايات المتحدة بشيء من الأمان، نتاج موقعها المعزول عن الصراعات العالمية ليفصل المحيط الأطلسي أوروبا عنها بمساحة شاسعة، وبالإضافة لعدم مجاورتها قوى عظمى، إلا أن الاهتمام في الأمن ظل مُستحضرًا في استراتيجيتها الخارجية. ولتحقيق الأمن أصدر مبدأ مونرو في ديسمبر لعام 1823م الذي نص على التزام أمريكا في عدم التدخل في أوروبا، مقابل عدم السماح، والتصدي لأي محاولة للتدخل من الدول الأوروبية تجاه القارتين الأمريكيتين، فتعتبر أمريكا أن تدخل القوى الأوروبية في القارتين، بمثابة تهديد للأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية[3].

ساهم عدم تدخل الولايات المتحدة في الصراعات الخارجية، وطبيعة جغرافيتها المعزولة والمليئة بالثروات الطبيعية، إلى ظهور أمريكا كقوة اقتصادية وصناعية هامة، وبالإضافة لبروز المكانة العسكرية بعد الحرب الأمريكية الإسبانية عام 1898، ليظهر رغبة في التوجه إلى العالمية، لكنها تعثرت بسبب صراعات داخلية ما بين دعاة الانفتاح مع العالم، ودعاة الانغلاق وعدم التدخل، لتميل أمريكا للانغلاق، وتسير على خطى مبدأ مونرو لحماية أي تقدم أوروبي تجاه القارة الأمريكية[4].

ب. مرحلة الحرب العالمية الأولى والثانية:

أشتد الموقف الداعم للانفتاح على العالم والتدخل في أوروبا بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، وذلك لخدمة التجارة الأمريكية ومصالحها في أوروبا. بعد استهداف سُفنِها التجارية في المحيط الأطلسي من ألمانيا، تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية الحرب العالمية الأولى، وبدأت ملامح دخولها في شؤون العالم بعد قيام بمُبادرة من الرئيس الأمريكي ويلسن في إنشاء عصبة الأمم، والتي لم يوافق الكونغرس الأمريكي على تصديقه، لتتجنب التدخل في الشؤون العالمية[5].

تزايد ضغط التيار الانفتاحي في أمريكا، صوب التدخل في الشؤون الخارجية، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، لتدخل الحرب بامتياز وتكون حاسمةً في ذلك. وسبب تدخلها يكمن في التقدم الكبير لألمانيا، على حساب بريطانيا، وفرنسا، وهذا ساهم في شعور أمريكا بأن أمنها القومي في خطر، وبالإضافة إلى تهديد مصالحها التجارية في أوروبا، وهنا لا خيار أمامها إلا التدخل[6]. برزت الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية كقوى عالمية، وخاصة بعد ضربها لليابان بالسلاح النووي، فلم تتجه للانفتاح العالمي وحسب، بل لصياغة نظام عالمي جديد.

الولايات المتحدة الأمريكية في المرحلة الأولى كانت تتعامل بمنطق النظرية الواقعية الدفاعية، لتحقق الأمان وهذا ما وصفه فريد زكريا “كانت الولايات المتحدة الأمريكية تختار عادة تقليص مصالحها، بدلاً من التوسع لمواجهة العدو”[7] وفيما بعد اتجهت بشكل واضح للواقعية الهجومية لتدخل الحرب العالمية الأولى والثانية لمنع توسع ألمانيا وحلفائها في أوروبا. وهنا يتضح أن أمريكا مرت من العزلة إلى الانفتاح، مع تصاعد قوتها الاقتصادية والعسكرية، وبتعبيرٍ أخر من النظرية الواقعية الدفاعية إلى الهجومية.

ج. ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى عام 2017.

اتجهت الاستراتيجية الخارجية لأمريكا بعد الحرب العالمية الثانية نحو الأمن والهيمنة، فقامت بنشر الليبرالية عن طريق المنظمات الدولية، وتحقيق الأمن الجماعي عن طريق الحلف العسكري “الناتو”.

بعد الحرب العالمية الثانية، كثفت أمريكا نشرها للثقافة الليبرالية، عن طريق المنظمات الدولية التي تنقسم إلى منظمات سياسية “الأمم المتحدة” وأخرى اقتصادية تتمثل في إنشاء نظام “بريتون وودز”. الأول لتحقيق السلام والأمن الدوليين، لتجنب وقوع حرب عالمية ثالثة، وفي الحقيقة فعالية الأمم المتحدة بشكلها الحالي، لمّ تظهر إلا بعد الحرب الباردة، وذلك بسبب خلافات الاتحاد السوفيتي مع أمريكا ليتم استخدام حق “النقد الفيتو” من الطرفين، وبعد الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي زادت فعالية الأمم المتحدة، لتصبح أمريكا تستغلها لإضافة شرعيتها لتحقيق سياساتها، وكما أنها تتجاوزها في حال تعارضت معها، وبرغم هذا الاستغلال أصبحت الأمم المتحدة أهم مظهر للشرعية الدولية[8].

المظهر الثاني لنشر الثقافة الليبرالية وهو إنشاء نظام بريتون وودز، الذي يهدف إلى وضع نظام اقتصادي جديد، يقوم أساسه على تحرير السوق العالمي، ورفض الحمائية، ونشر الخصخصة الاقتصادية الداخلية، ولتدعيم ذلك تم إنشاء صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، منظمة التجارة العالمية. وهذا بجانب العديد من الاتفاقات الأخرى التي قامت بها أمريكا مع دول ومنظمات دولية[9].

بالإضافة لتكثيفها من نشرٍ للثقافة الليبرالية، أقدمت أمريكا للعمل على الأمن الجماعي” حلف النيتو”. حاربت الولايات المتحدة المد الشيوعي، عن طريق “سياسة الاحتواء” التي نحتها جورج كينان، لتصبح أحد أهم الاستراتيجيات التي تتبعها أمريكا في وقف المد الشيوعي خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ولتحقيق ذلك لجأت الأمن الجماعي عن طريق إنشاء حلف “النيتو” عام 1949[10].

يتضح أن الولايات المتحدة ذهبت في هذه المرحلة إلى الواقعية الهجومية لتتوسع لتحقيق أمانها، حيث خاضت حُروبًا من أجل منع أي قوة من السيطرة، وحاربت انتشار الأسلحة النووية، كما أنها سعت إلى الهيمنة، لتكون على رأس القوى العالمة. لتستخدم الليبرالية والعولمة، والمنظمات الدولية، وحتى حلف النيتو لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، التي تُستنتج بالتالي:

  1. الحفاظ على أمن الولايات المتحدة الأمريكية في المقام الأول، عن طرق الحصول على الضربة الاستباقية والسيطرة على أسلحة الدمار الشامل.
  2. الحفاظ على بقاء أمريكا على رأس القوى العالمية.
  3. السيطرة على الثقافة العالمية، والاقتصاد العالمي، عن طريق نشر الفكر الليبرالي، من خلال المنظمات الدولية السياسية مثل الأمم المتحدة والاقتصادية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية.
  4. الفرق بين الاستراتيجية والسياسة الخارجية في أمريكا.

يُستنتجُ مما سُرد من التطور التاريخي للاستراتيجيات الخارجية الأمريكية أنها يغلبُ عليها الثبات، وتؤثر بشكل كبير على السياسة الخارجية الأمريكية التي تتأرجح مع اختلاف الحزب الحاكم في البيت الأبيض، ولكنها تسير في تحقيق هدف استراتيجي واحد وهو في المقام الأول” الأمن والهيمنة“. فكما وضّح في السابق، يظهر الاهتمام الفائق في قضية تحقيق الأمن القومي الأمريكي وتجلى في “مبدأ مونرو” كدليل بارز لوضع هدف الأمن أولوية في تحقيق استراتيجيتها منذ البداية، ولتحقيق ذلك اتجهت في السابق للواقعية الدفاعية، وبعد تصاعد قوتها، اتجهت للواقعية الهجومية، لنلاحظ أنها دخلت الحرب العالمية الأولى والثانية ذلك لعدم السماح لهيمنة دولة على أوروبا، ومن ثمّ لتضع الهيمنة في أولويتها بعد الحرب العالمية الثانية حتى الآن. إذًا الفرق بين الاستراتيجية والسياسة الخارجية الأمريكية، أن الاستراتيجية يغلب عليها الثبات لتكون في المقام الأول لتحقيق “الأمن والهيمنة”، أما السياسة الخارجية تسعى للعمل على تحقيق الاستراتيجية، وتكون متأرجحة ومختلفة من مرحلة إلى أخرى، بسبب اختلاف الحزب الحاكم في البيت الأبيض، لتختلف أدوات تحقيق الاستراتيجية الأمريكية.

في عهد دونالد ترامب لم تختلف الاستراتيجية الأمريكية التي تذهب لتحقيق “الأمن والهيمنة” في المقام الأول، ولكن ظهر تحول في السياسة الخارجية بشكل متطرف تجاه العديد من دول العالم، وخاصة الصين، لتكسر أحد أهم الأهداف الأمريكية وهي “العولمة” لتسمح بانحراف أحد استراتيجياتها وهي الليبرالية الجديدة، وذلك لتحقيق الهدف الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة وهو “الأمن والهيمنة” وهذا ما سيتم توضيحه لاحقًا.

ثانيًا: محطات تطور السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين

مع تصاعد النمو الاقتصادي الصيني في السبعينات، بدأت العلاقة الأمريكية الصينية تسير في طريق تعاوني متأثرة ” بدبلوماسية كرة الطاولة”[11]. حيث بدأت الإدارة الأمريكية تجد أن التعاون مع الصين سيكون مفيدًا لها، خاصًة في ظل تنافسها مع الاتحاد السوفيتي ومحاولة احتوائه. وأعقب ذلك توقيع إتفاقية شنغهاي عام 1972، بعد زيارة الرئيس الأمريكي نيكسون إلى بكين، ليؤكد فيه أن تايوان جزءٌ من الصين، وتوعد بانسحاب جميع القوات الأمريكية من تايوان[12].

تطورت السياسة الخارجية الأمريكية بإيجاب مع الصين، بعد تولي الرئيس الأمريكي جيرالد، ليتم سحب المقاتلات من تايوان، وينهي عقوبات منع بيع التكنلوجيا العسكرية لصين. وبرغم ظهور في تلك الفترة انقسام حزبي في الداخل الأمريكي، حول استمرار التطبيع مع الصين، ليميل اليمين، وعلى رأسهم رونالد ريغن، لوقف هذا التطبيع[13]. إلا أن السياسة الخارجية الأمريكية استمرت بالعمل على تعزيز التعاون مع الصين، حتى مالت في فترة قصيرة في عهد الرئيس ريغن، الذي تولى منصبه عام 1981، لتكون العلاقة متأرجحة في تلك الفترة، لتنتهي بميلها لزيادة التعاون بينهما بعد زيارة الرئيس ريغن الصين عام 1984.[14] وهذا يعتبر نجاحًا كبيرًا لصين، حيث إنَّ ريغن كان من أبرز مناهضي التطبع مع الصين، إلا أنه في النهاية ذهب إلى تدعيم التطبيع مع الصين. ظهر بعدها تعاون عسكري أمريكي صيني في تلك الفترة، ليوقع ريغن مع الصين اتفاقًا تعاونيًا نوويًا عام 1985، يسمح من خلاله بالتصدير إلى الصين التكنولوجيا النووّية، وذلك لتلبية حاجاتها من الطاقة، إلا أنه جمد هذا الاتفاق بعد وصول معلومات من المخابرات الأمريكية (CIA) توضح أن الصين قامت بدعم إيران وباكستان عسكريًا، لتقوم بتسليحهم، ودعمهم لبناء مفاعلات نووية[15].

في التسعينات، ومع تفكك الاتحاد السوفيتي، وذوبان التخوف من هذا الخطر المشترك، اتجهت السياسة الخارجية الأمريكية إلى سياسات متشددة اتجاه الصين، لتبدأ أمريكا في نهاية عام 1989، بفرض عقوبات على المستوردات الصينية العسكرية والتكنولوجية المتطورة[16]. برغم ظهور هذا التوتر بينهما، إلا أن العلاقة بدأت فيما بعد بالتراجع إلى الهدوء والتعاون، ليكون هناك تصاعد تعاوني، فالولايات المتحدة حاولت وضع استراتيجية أكثر عقلانية تجاه الصين، وخاصة في عد الرئيس الأمريكي كلينتون، وذلك لتحقيق المصلحة التجارية المتبادلة. في تلك الفترة حدث تبادل زيارات بين الرئيس الصيني والأمريكي، ليزور الأول أمريكا عام 1997، وبعدها زار كلينتون الصين عام 1998[17]. وفي عام 2001 انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية، وهذا ما زاد الترابط التجاري بينها وبين جميع دول أعضاء منظمة التجارة، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

خلال هذه الفترة، ومع تولي جورج بوش الابن رئاسة أمريكا؛ ظهرت فكرة الصعود الصيني بشكل كبير، لينتشر الخوف مما قد تؤثر على استراتيجية الهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل، لكن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001، ذهب الاهتمام الأكبر في السياسة الخارجية الأمريكية إلى قضية محاربة الإرهاب، لتتوجه السياسة الأمريكية لإيجاد حلفاء دوليين للقضاء على الإرهاب، ومنهم الصين التي أدانت فورًا أحداث الحادي عشر من سبتمبر. إلا أن فكرة الصعود الصيني عادة تبرز مرة أخرة في السياسة الخارجية الأمريكية مع تولي جورج بوش الابن الولاية الثانية، لتتوجه السياسة الخارجية الأمريكية بسياسات ضاغطة على الصين موجهة لها مجموعة من الاتهامات، كاتهامها أنها سبب زيادة البطالة الأمريكية[18].

رغم ظهور بعض التوتر حول صعود الصين، إلا أن أمريكا استمرت في سياساتها الإيجابية التعاونية مع الصين. ومع تولي أوباما ظهرت السياسة الخارجية أكثر تفاؤلا لتزايد التعاون مع الصين، فزار الرئيس أوباما الصين في السنة الأولى من حكمه[19]. وخلال فترة حكم أوباما ظهر هناك انقسام في الآراء حول الصين وأهدافها، لتظهر مجموعة من الأفكار تتحدث عن الخطر الصيني، ووصف بعض اليمينيين المناهضين للشيوعية الصين على أنها الشر الجديد[20]. رغم وصف القادة الصينيين أن نهضتهم سلمية، وأنها لا تسعى للهيمنة، إلا أن فكرة صعود الصين أخذت جانبًا ذا أهمية بالغة في السياسة الخارجية الأمريكية، وخاصة أن الصين كانت في صعود اقتصادي كبير جدًا، ونمو في قوتها العسكرية[21]. قامت السياسة الخارجية الأمريكية بمحاولة احتواء الصين، فكانت ترى أن هناك اختلال في توازن القوى في أسيا، لهذا عام 2012 وضع الرئيس الأمريكي أوباما استراتيجية تهدف إلى “إعادة التوازن إلى أسيا والمحيط الهادي”[22].

يتضح خلال تتبع السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين، أن السياسة الأمريكية ما قبل تولي دونالد ترامب لرئاسة البيت الأبيض، كانت تسير في تعزيز التعاون مع الصن لتحقيق مصالح اقتصادية، وبرغم ظهور بعض التوترات في علاقتها مع الصين، إلا أن التعاون استمر حتى تولي دونالد ترامب لرئاسة البيت الأبيض، فظهر تحول كبير في السياسة الخارجية تجاه الصين، وذلك نتاج عن مجموعة من المتغيرات تدعم صعود الصين. فقامت إدارة ترامب إلى سياسات اقتصادية كانت سببًا في حدوث حربٍ تجارية بينهما، ما خلق توتر كبير في العلاقة الأمريكية الصينية. وبعد انتشار جائحة كوفيد 19، ألقت إدارة ترامب مجموعة من الاتهامات على الصين، لتزداد العلاقة تعقيدًا بينهما.

ثالثًا: المتغيرات الخارجية الداعمة لصعود الصين.

ظهرت متغيرات خارجية داعمة لصعود الصين على حساب الولايات المتحدة، ليزداد التخوف من الخطر الصيني. هذه المتغيرات كانت السبب الرئيس في تحول السياسة الخارجية الأمريكية اتجاه الصين. أهمّ هذه المتغيرات تتضافر في ثلاثة تطورات، أولها: التقدم الاقتصادي الهائل لصين. ثانيها: التقدم التقني والتكنلوجي الصيني. ثالثها: التقدم العسكري لصين وتوسعها في بحر الصين الجنوبي.

1: التقدم الاقتصادي للصين

خلال سنوات الماضية استطاعت الصين تحقيق قفزة اقتصادية هائلة، لتصبح اليوم ثاني أقوى اقتصاد في العالم، بدخل قومي أجمالي، لعام 2019 يقدر 14.304 ترليون دولار[23]. ليكون الاقتصاد الصيني خلال 30 سنة الماضية، أسرع نمو اقتصادي في العالم بمتوسط سنوي 10%[24]. كما بدأت بعمل استراتيجيات اقتصادية لزيادة التنمية الاقتصادية في الصين، لتنطلق بمبادرة الحزام واحد، طريق واحد، وكما قامت بعمل البنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية. هذا التقدم الاقتصادي الهائل لصين، كان عاملاً مقلقاً للولايات المتحدة، خاصةً مع زيادة اختلال التوازن التجاري الصيني الأمريكية لصالح الأول.

أ. حزام واحد-طريق واحد:

هذه المبادرة أطلقها الرئيس الصيني عام 2013، وتهدف إلى عمل شبكة طرق تجارية تربط الصين مع العالم. هذه الطرق تقسم لقسمين: الأول “الحزام” وهو الطريق بري، والأخر “الطريق” وهي الممرات البحرية. وهذه المبادرة الصينية تهدف لربط التجاري بين القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا، وأبز ما تتضمنه هذه الخطة، هو عمل على مد أنابيب غاز ونفط، وسككٍ حديدية، وخطوط أنترنت وطاقة كهربائية، وغيرها[25].

تعتبر هذه المبادرة أكبر مشروع اقتصادي لصين، فيقدر تكلفة هذا المشروع بنحو 1.2 ترليون دولار. ومنذ انطلاق هذه المبادرة بدأت العديد من الدول في الانضمام له ودعمه، وحتى بدأت بعض الدول الأوروبية الكبرى السعي نحو الاستفادة من هذا المشروع، وخلال زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الصين في أول عام 2018، أكد على ضرورة التعاون ما بين أوروبا والصين، من أجل إتمام طريق الحرير الجديد[26]. في هذه المبادرة لا يقتصر التخوف الأمريكي من الاستفادة الاقتصادية للصين على حسابها، بل يتجاوز ذلك في الخوف من جذب الصين لعدد كبير من الدول، خاصة مع توجهه الكثير من الدول منها المتقدمة إلى الصين، وتحسين العلاقة معها من أجل الاستفادة من ذلك الطريق.

ب. البنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية

طرحت فكرة أنشاء البنك الأسيوي من الرئيس الصيني في أكتوبر لعام 2013، وذلك لتحفيز الاستثمار بمختلف القطاعات في أسيا[27] ليبدأ العمل فعليًا في يناير لعام 2016. ووصل أعضائه حتى الآن إلى 103 دول، يهدف هذا البنك إلى التنمية الاجتماعية الاقتصادية في أسيا، ويهتم في الاستثمار في البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية في أسيا وغيرها؛ وهو بنك متعدد الأطراف مقره في بكين[28].

تزايدت الانتقادات الأمريكية حول البنك الأسيوي للاستثمار، فتخشى أمريكا من أن يكون البنك منافسًا حقيقيًا للمؤسسات “بريتون وودز” من صندوق النقد والبنك الدوليين، فتعتبر أحدث مؤسسة تمويلية، بحجم استثمار ضخم، لتكون الصين المساهم الأكبر في هذا البنك، كما تتخوف من ترويج العملة الصينية اليوان على حساب الدولار. ومن جهة سياسية، هناك تخوف من أن تسيطر الصين على قرارات البنك الأسيوي للاستثمار، بحكم أنها الداعم والمستثمر الأول فيه. وبرغم الاعتراضات الأمريكية للبنك، إلى أن دولاً حليفةً لأمريكا انضمت في البنك الأسيوي للاستثمار كمؤسسة وداعمة، مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا[29].

ج. انحناء التبادل التجاري لصاح الصين

تقدمت العلاقة التجارية الأمريكية الصينية بشكل سريع، ليصبحا أكبر سوق تجاري في العالم، ليقفز التبادل التجاري الأمريكي الصيني من خمس مليار دولار لعام 1980، ليصل إلى 583.7 مليار دولار عام 2017، لتعتبر أمريكا أكبر سوق للصين، والعكس صحيح. لتقدر حجم الصادرات الصينية عام 2017، ب 429.8 مليار دولار. بمعدل زيادة 11% سنوياً، وفي المقابل تستورد من أمريكا ما يقدر ب 153.9 مليار دولار. ليكون الفائض التجاري الأمريكي الصيني 275.8 مليار لصالح الصين، متجاوزًا الرقم التاريخي لعام 2015 البالغ 261 مليار دولار[30]. هذا العجز التجاري يسبب قلقًا كبيرًا للولايات المتحدة الأمريكية، وخاص بظهور الفائض التجاري الهائل لعام 2017 لصالح الصين، ليعتر هذا الخلل التجاري من أهم المتغيرات التي كانت عاملاً مهمًا في التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية في عهد ترامب.

2: التقدم التقني والتكنلوجي الصيني

ظهر تطور هائل في التقدم التكنلوجي والتقني في الصين، ليكون هناك أسبقية في الوصول والتوسع في الجيل الخامس، الذي سيكون عاملاً لزيادة التطور التقني، والصناعي، والعسكري في الصين، بالإضافة إلى قيامها باستراتيجية اقتصادية “صنع في الصين 2025” التي تطمح فيها للوصول إلى القدر الأكبر من الاستقلال في الإنتاج، وهذا بطبع يثير قلق الولايات المتحدة.

الجيل الخامس “5G

تطورت تقنيات الاتصالات بشكل هائل وسريع حتى وصل العالم إلى تقنيات الجيل الرابع التي تعتبر سريعة جداً في نقل المعلومات. والآن تتسابق الدول العظمى للوصول إلى الجيل الخامس الذي يعتبر أسرع من “4G” بأكثر من 100 مرة، أي نتحدث عن سرعة هائلة جدًا في تبادل البيانات، التي قد تمكن من الوصول إلى ثورة تقنية هائلة في جميع المجالات الصناعية، والخدماتية، من الطبية، وصولاً إلى العسكرية والاستخباراتية التي تمكنها من جمع معلومات هائلة بسرعة قياسية.

هناك أسبقية صينية واضحة للوصول إلى تقنية الجيل الخامس، التي أنفقت عيها الصين مليارات الدولارات، وبعض الخبراء تتوقع أنها ستنفق 218 مليار دولار، بحلول عام 2025[31]. وتأتي شركة Huawei الصينية في قمة الشركات المستثمرة لهذه التقنية، لتشحن في 2019 حول العالم أكثر من 150 ألف محطة أساسية من الجيل الخامس، لتتلقى أكثر من خمسين عقدًا حول العالم، وهذا ما قاله “هو كون” نائب رئيس المجلس الإداري لشركة Huawei في يونيو 2019. أن Huawei تلقت 28 عقدًا في أوروبا، و11 في الشرق الأوسط، و6 في آسيا، وأربعة في القارة الأمريكية الشمالية والجنوبية، وعقدً واحدًا في أفريقيا[32]. كما إن المحطات التابعة لشركة الصينية تزداد بشكل هائل، وخاصة داخل الصين، ليشير “ليو لينغ” نائب وزير الصناعة في الصين، في نوفمبر عام 2020، إلى عمل 700 ألف محطة من الجيل الخامس بنيت داخل الصين، وأكد أنها ضعف عدد محطات في العالم[33]، وهذا التزايد الهائل، يعتبر مؤشر خطيرًا بنسبة لأمريكا.

ينتشر الخوف لدى العديد من دول العالم من الشركات الاتصالات الصينية، في مقدمتها Huawei، التي تقوم بنشر تقنية الجيل الخامس حول العالم، وأهم أسباب تخوف الدول، هي أن تقوم هذه الشركات بالتجسس لصالح المخابرات الصينية، بالإضافة لتخوفها من سرقت أسرار التقنيات، وبراءات الاختراع.

واجهت الولايات المتحدة الأمريكية الصين في تقدمها في الجيل الخامس، في أمريكا ودول العالم الأخرى، لتتهم شركة Huawei الصينية، أنها تشكل خطر على الأمن السيبراني العالمي، بالإضافة إلى أنها تشكل خطر على الأمن القومي الأمريكي بشكل خاص، وتتهم Huawei بأنها ترتبط مع الحكومة الصينية، فتجد في أدارتها أعضاءً من الحزب الشيوعي الصيني، كما أن Huawei تعاونت مع الحكومة الصينية سابقًا للمراقبة الجماعية داخل الصين، في إقليم الإيغور خاصة.[34] تتهم أمريكا Huawei أنها ساهمة في سرقة الملكية الفكرية الأمريكية، كما اتهمت الصين بأنها تقوم باستغلال الشركات الاتصالات الصينية لتقوم بالتجسس. فاتهمت وزيرة العدل الأمريكية شركة Huawei، حول نهب التكنولوجيا الأمريكية، وتتهمها بالمساعدة في تهريب إيران منّ العقوبات، لتضع شركة Huawei ضمن القائمة السوداء عام 2019[35].

قامت إدارة ترامب بمحاولة التصدي لتقدم التقني والتكنلوجي الصيني. وأهم ما قامت به الضغط الكبير على الشركات الاتصالات الصينية الصاعدة في مجال تقنية الجيل الخامس، على رأسهم”Huawei” و”ZTE”. وكما قامت بالضغط على حلفائها من الدول من أجل منع التعامل مع هذه الشركات. من جهة أخرى سارعت الولايات المتحدة نحو تحقيق أسبقية للسيطرة على الجيل الخامس.

كما أن انتشار تقنية الجيل الخامس في الصين، تساهم بشكل كبير على تحقيق خطة “صنع في الصين 2025” وهذا من أهم ما تخشاه الولايات المتحدة الأمريكية.

خطة “صنع في الصين عام 2025”

طرحت هذه الخطة عام 2015، لعمل استراتيجية تطويرية للقطاع الصناعي، تسعى لتحقيق منتجات عالية التقنية، ومنافسة للصناعات العالمية. فتهدف هذه الخطة لتوفير المنتجات الأساسية للصناعات عالية التقنية، فالصين تعتمد في إنتاجها، على المواد الأساسية الأجنبية بشكل كبير، لهذا ستنطلق الصين في تحقيق استقلالية في الإنتاج، وتقليل الاعتماد على المواد الأجنبية، لهذا تسعى الصين لتوفير المواد الأساسية بقدر 70% وذلك بحلول عام 2025، لتقوم بعمل مراكز للابتكار، وتساهم بتطوير المُعدات والآلات بشكل كبير[36].

ظهرت انتقادات من الشركات والدول الأجنبية حول خطة صنع في الصين 2025، ففي 2017 أصدرت غرفة التجارة الاتحاد الأوروبي في الصين، تقرير تنتقد فيه المساعدات الحكومة الصينية لصناعات عالية التقنية، لتؤكد أن الشركات الصينية ستكون في منافسة غير عادلة مع الشركات الأجنبية الأخرى[37]. الولايات المتحدة لا ترى فقط أن الصين قد انتهكت قواعد منظمة التجارة العالمية بدعم الحكومة للشركات الصينية، بل اتهمت الصين أنها تشكل خطر أمني صناعي عليها، وعلى الأمن القومي، وفي 2018 قالت وكالات المخابرات الأمريكية “إن تجنيد الصين لعلماء أجانب، وسرقتها للملكية الفكرية الأمريكية، واستحواذها المستهدف على الشركات الأمريكية يشكل تهديدًا غير مسبوق للقاعدة الصناعية الأمريكية”[38].

إدارة ترامب تجد أن الصين لا تطمح فقط للوصول لصناعات عالية التقنية، بل تسعى للهيمنة على الصناعة الأمريكية، بل تتجاوز ذلك لتهيمن على العالم الصناعي، وهذه النظرة تتجلى بشكل واضح من مخرجات الدراسات الصادرة عن المؤسسات الأمريكية التابعة للبيت الأبيض، والمخرجات تصريحات السياسيين، ويتضح أن هناك أجماع ما بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول محاولة الصين للسيطرة على الاقتصاد العالمي عن طريق الهيمنة الصناعية، وهذا ما سيتم شرحه في الفصل القادم.

3: التطور العسكري الصيني

برغم أنه لا يسير التقدم العسكري في الصين بجانب تقدمها الاقتصادي الهائل، إلا أنه يخيف الولايات المتحدة الأمريكية. فتحتل الصين المرتبة الثالثة من حيث القوة العسكرية، لتأتي بعد أمريكا وروسيا[39]، بالإضافة إلى ظهور تزايد في الأنفاق العسكري الصيني، وتوسع قواتها في البحر الصيني الجنوبي.

أ. تزايد الإنفاق العسكري الصيني.

يتزايد الإنفاق العسكري في الصين، لتحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية في الإنفاق العسكري. ليصل عام 2018، إلى 250 مليار دولار، وهذا ضعف ما أنفقته في 2017، كما يزيد بمقدار 83% مما أنفقته عام 2009[40]. يظهر بشكل واضح التزايد الكبيرة في الإنفاق العسكري خلال السنوات السابقة، وهذا ما يقلق أمريكا، وهو يعزز اعتقاد من يرون أن صعود الاقتصادي للصين، يذهب إلى زيادة الإنفاق العسكري.

ب. توسع الصين في البحر الصيني الجنوبي

يعتبر بحر الصين الجنوبي منطقة ذات أهمية بالغة لصين، من الناحية الجيوستراتيجية وأخرى اقتصادية، لهذا تسعى الصين للحفاظ على نفوذها فيه، بل والسيطرة عليه. ومع التطور الصيني الاقتصادي والعسكري، تزايد نشاطها العسكرية أتجاه بحر الصين الجنوبي، لتبدأ بعمل جزر صناعية عليه، لأغراض متنوعة على رأسها العسكرية. حيث ظهر سبعة جزر جديدة في البحر الصين الجنوبي خلال عام 2013 حتى عام 2016، في البداية أنكرت الصين عمل هذه الجزر إلا أنها أقرت بذلك، مع إعلانها صناعة سفينة عملاقة من أجل زيادة أنشاء الجزر الصناعية التي أكدت أنها لأغراض مدنية[41]. هناك مراكز أبحاث أمريكية أكدت عام 2017 أن الصين تقوم بعمل منشآت عسكرية جديدة في الجزر الصناعية، من ملاجئ صواريخ، ورادارات، حيث قامت برصدهم من الأقمار الصناعية[42].

هذا التوسع العسكري في بحر الصين الجنوبي يزيد القلق واشنطن وجيران الصين. فقامت الفلبين بالذهاب للتحكيم، في محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي، لمقاضاة الصين في توسعها في بحر الصين الجنوبي على حسابها، لتحكم المحكمة لصالح الفلبين عام 2016، وصرحت المحكمة بأن الصين ليس لها أحقية تاريخية في البحر، وأن الصين بأعمالها من بناء جزر اصطناعية واستخراج النفط الفلبيني، والتدخل في الصيد انتهكت سيادة الفلبينية في البحر الصين الجنوبي[43]. قرار المحكمة لمصلحة الفلبين، أثار غضب بكين، ليصرح الرئيس الصيني شي جينبينغ “سيادة الصين الإقليمية وحقوقها البحرية في البحار لن تتأثر بالقرار بأي شكل من الأشكال”[44] هذا التوسع في بحر الصين الجنوبي، التي تصر عليه الصين، عامل مقلق للولايات المتحدة الأمريكية، فهي تخشى من محاولات الصين في فرض نفوزها العسكرية الكاملة عليه، وهذا ما تحاول الولايات المتحدة منعه، فقبيل إصدار محكمة التحكيم حكمها لصالح الفلبين، وضعت الولايات المتحدة الأمريكية مقاتلات وحاملة طائرات أمريكية في بحر الصين الجنوبي، وذلك خشية من الرد الصيني على القرار، وهذا ما أثار غضب الصين الذي ظهر على الصحيفة الصينية التابعة للدولة “غلوبال تايمز” في تصريحات لها حول ذلك[45].

زيادة الإنفاق الصيني العسكري، الذي ترافق مع زيادة انتشار الصيني في بحر الصين الجنوبي، كان عاملًا مقلقًا لأمريكا وتايوان، لتخوفهما من أن تقوم الصين بغزو تايوان عسكريًا، فالصين تؤكد على أحقيتها في تايوان، كما أن واشنطن تعلم أهمية تايوان لدى الصين، بجانب إدراكها للخطر البالغ الذي سيحدث في حال استيلاء الصين على تايوان.

تعطي الصين أهمية كبيرة جداً لتايوان، ليصفوها ” المفتاح الإقليمي” كونها تقع ما بين بحر الصين الجنوب والشرقي، على بعد 80 ميلاً عن الشواطئ الصينية، لتراها ذات أهمية جيوستراتيجية، ووسيلة لتحقيق الأمن من العدوان الخارجي، ولحفظ الأمن القومي الصيني[46]، هذا بالإضافة إلى أهميتها الاقتصادية. لهذا تجد الصين أن قضيتها مع تايوان قضية داخلية، لا يحق لأي دولة التدخل في شؤونها، لتؤكد دائمًا على مبدأ “صين واحدة ونظامان” وكما تحاول الصين دمجها بمختلف الوسائل السياسة لتعزلها دبلوماسيًا، وعسكريًا لتؤكد على أنها ستستخدم القوة العسكرية في حال محاولة الانفصال، لتقنن الصين عام 2005 قانون مناهضة الانفصال، التي تؤكد على استخدام الوسائل غير السلمية اتجاه القوة الانفصالية في تايوان[47].

تحظى جزيرة تايوان بأهمية جيوستراتيجية كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية واليابان. فهي توفر فرصة لمنع اقتراب الصين لهم، وتحافظ على الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة. إن أي خلل في جزيرة تايوان سواء لصالح الصين أو لأمريكا، سيؤدي إلى حدوث خلل في توازن القوى في المنطقة شرق أسيا، وهذا يمكن أن يؤدي إلى صراع إقليمي كبير[48].

تعتبر الصين بحر الصين الجنوبي وجزيرة تايوان، من أهم المناطق الجيوستراتيجية لها لهذا، تحاول بشكل كبير الاستمرار في زيادة نفوذها في تلك المنطقة، وكما أنها لن تسمح أبداً بانفصال جزيرة تايوان عنها. مقابل ذلك هناك أهمية بالغة جيوستراتيجية واقتصادية لتايوان، من الولايات المتحدة، لهذا ستحاول قدر المستطاع أن تحاول منع سيطرة الصين على تايوان ومنعها من عسكرة البحر الصين الجنوبي. إن توسع الصيني العسكري في البحر الصين الجنوبي، كان عاملًا مقلقًا ومؤثرًا على السياسة الخارجية الأمريكية، فالأخير يعلم أن الصين في حال قامت بغزو تايوان، سيحدث اختلاف في توازن القوى في تلك المنطقة، وهذا ما يعزز صعود الصين ومنافستها للولايات المتحدة الأمريكية. هذه المتغيرات على الصعيد العسكري من زيادة إنفاق الصين العسكري، وتوسعها في بحر الصين الجنوبي، يعزز من فرضية الخطر الصيني، وهذا كان متغيرًا مؤثرًا على السياسة الخارجية الأمريكية اتجاه الصين في عهد دونالد ترامب.

رابعًا: الخطر الصيني من منظور أمريكي” في عهد ترامب”

الخطر الصيني ليس حديثًا، بل أنه بدأ يظهر بشكل واضح في عهد أوباما، لينتشر بشكل واسع في الساحة الأمريكية، ليتم وضع استراتيجيات لاحتواء الصين، وإعادة التوازن إلى الهادئ. ومع ظهور وتطور العوامل الخارجية سالفة الذكر، التي كانت تصب جميعها لمصلحة صعود الصين، تزايد بشكل كبير ظاهرة الخطر الصيني، بل يجد الكثير من الباحثين والسياسيين الأمريكيين أن الصين تشكل الخطر الأول للولايات المتحدة الأمريكية، سواء من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي.

يمكن توضيح موقف البيت الأبيض حول صعود الصين، في مقال نشره “جون راتكليف” مدير المخابرات الوطنية في الولايات المتحدة، حول موقفه من صعود الصين، المعنون “الصين هي تهديد الأمن القومي رقم 1”. يكتب هذا المقال، كتوصية للشعب الأمريكي على حد قوله، ليصف الصين أنها تشكل الخطر الأول على أمريكا اليوم، كما أنها تشكل خطر على الديمقراطية والحرية لدول العالم. ويوضح أن المعلومات الاستخباراتية واضحة وأن بكين تنوي الهيمنة ليكتب عنها “تنوي بكين الهيمنة على الولايات المتحدة وبقية العالم اقتصاديًا وعسكريًا وتقنيًا”[49]. وأكد على نهجها في ذلك بثلاث: النهب، والتكرار، والاستبدال؛ ويوضحها بأن الصين تسرق الملكية الفكرية من الشركات الأمريكية، ومن ثمَّ تكرر إنتاجها، لتحل محل الشركات الأمريكية. يدعم مقاله بدلائل عن السرقات الصينية، وخسائر الشركات الأمريكية، وأشار أن الحكومة الأمريكية قدرت قرابة 500 مليار دولار خسائر في السنة بسبب سرقة الصين الملكية الفكرية الأمريكية. كما ذكر أن الصين تسرق التكنلوجيا الدفاعية الأمريكية، لتنفيذ خطتها في جعل الجيش الصيني الأول في العالم[50].

إلى جانب هذا الموقف تجاه صعود الصين، تسير بشكل متفاوت مواقف صانعي السياسة والباحثين الأمريكيين، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي فيظهر اتفاق على أن الصين تحدي مهم وخطير للولايات المتحدة. ليسيران نحو هدف واحد وهو وقف تنامي صعود الصين، باختلاف الطرق بينهم. حتى لو فرض تجاوزًا أن صعود الصين، يعتبر سلميًا، وأنه لن يلحق ضرر كبير في الاقتصاد الأمريكي وهذا بعيد عن الصحة، أمريكا لنّ تقبل هذا الصعود لتحاول وقفه قدر الإمكان، وذلك لأن الاستراتيجية الأمريكية القائمة على “الأمن والهيمنة” ستتعارض مع صعود الصين. وهنا يتضح أن الاستراتيجية الأمريكية المؤثرة بشكل تام على سياستها الخارجية قائمة على الواقعية الهجومية، التي ترى أن الدول تسعى للهيمنة والحفاظ على هيمنتها العالمية، وأنها ستبذل كل ما بوسعها لكي تمنع دول أن تتجاوزها أو تتساوى معها.

خامسًا: تحول السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين “عهد دونالد ترامب”.

بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات وترأسه البيت الأبيض عام 2017، بدأت تظهر ملامح السياسة الخارجية التي تعزز الشعبوية والقومية على حساب العالمية، ليدعم عبارته الشهيرة “أمريكا أولاً”، وهذا يظهر بشكل واضح في مقدمة استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة التي وضعها ترامب، الصادرة في ديسمبر 2017 “واجب حكومتنا الأول اتجاه شعبنا ومواطنينا لتلبية احتياجاتهم وضمان سلامتهم والحفاظ على حقوقهم وحماية القيم”[51]. قدّم ترامب أفكار مغايرة تمامًا لرؤساء أمريكا السابقين، أبرزها التهجم والتشكيك في حلف النيتو، وإضعاف العولمة[52].

انسحبت أمريكا من العديد من المعاهدات الدولية، لصالح تعزيز القومية الأمريكية، فهي تجد أنها لا يجب عليها أن تتحمل أعباء العالم، ويجب الاهتمام بنفسها في المقام الأول. فانسحبت من اتفاق باريس للمناخ، والاتفاق النووي الإيراني، والشراكة عبر المحيط الهادئ “TPP”، واليونسكو، والاتحاد البريدي العالمي، ومجلس حقوق الأنسان التابع للأمم المتحدة، والميثاق الأمم المتحدة المتعلق بشؤون الهجرة، وأيضًا عدلت على اتفاق التجارية الحرة لأمريكا الشمالية “النافتا”، وغيرها من الاتفاقات التي قامت إدارة ترامب بسحب أمريكا منها، أو تعديلها[53]. أما على صعيد احتواء الصين انطلق في استراتيجية مختلفة عن سلفه، ليجد المنافسة الاستراتيجية الخيار الأفضل لاحتواء الصين، لينطلق في سياسات اقتصادية منها الحمائية، التي كانت كفيلة لخلق حربٍ تجاريةٍ مع الصين عام 2018، وأدت لإضعاف العولمة.

يتضح من خلال تتبع خطابات ترامب ودراسة الخطة الاستراتيجية للأمن القومي التي وضعها عام2017، أن إدارة ترامب تحاول الحفاظ على الهدف الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة الأمريكية الذي يتمثل في تحقيق “الأمن والهيمنة”، ومن أجل تحقيق ذلك سمحت بانحراف استراتيجية الليبرالية والعولمة، التي كانت تستحوذ على دعم تاريخي من الحزب الديمقراطية والجمهوري، فوجدت أنها الطريقة الأفضل لوقف تنامي صعود الصين التي أصبحت أكثر من يستفيد من سياسات الليبرالية الجديدة والسوق المفتوح.

برغم اعتبار الرئيس الأمريكي أهم صانع قرار في السياسة الخارجية إلا أنه ليس الوحيد الذي يقوم بصناعتها، فالكونغرس الأمريكي من جهة والبيت الأبيض على رأسه الرئيس من جهة أخرى، كلاهما يؤثران على صناعة السياسة الخارجية الأمريكية. ولهذا ظهور خلافات حول العديد من سياسات ترامب الخارجية والداخلية، لكن برغم هذه الخلافات إلا أن هناك اتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين على أن الصين تشكل التحدي الأهم لأمريكا، ومؤيدين التنافس الاستراتيجي الذي أنطلق به ترامب الصين[54]. كما ظهر توافق من الديمقراطيين لسياسات ترامب المتشدد تجاه الصين، وهذا ما قاله مستشار بايدن الرئيس الأمريكي الجديد “أنهم يشاركون إدارة ترامب تقيمها بأن الصين منافس مدمر. ويشير ذلك أنه حتى مع تغيير الإدارة في يناير، فإن الخلاف بيّن الصين والولايات المتحدة سيظل مرتفعًا”[55]

إن سبب التحول في السياسة الخارجية تجاه الصين، يكمن في المتغيرات الخارجية الداعمة لصعود الصين، فجعلت إدارة ترامب تنظر إلى الصين أنها تشكل خطرًا على الأمن القومي الأمريكي. فقامت الولايات المتحدة بخوض حربٍ تجاريةٍ على الصين في بدايات 2018، كمحاولة لتقليص العجز التجاري مع الصين، ليظهر توتر كبير بين الولايات المتحدة والصين، وفي هذه الأجواء المشحونة، زاد انتشار جائحة كوفيد 19، الصراع بينهما لحد كبير ومقلق.

  1. الحرب التجارية الأمريكية تجاه الصين.

أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية، بخوض حرب تجارية مع الصين، وصفت الأشد بحد تعبير زارة التجارة الصينية، التي أشارت إلى أن أمريكا “شنت أكبر حرب تجارية في التاريخ حتى الأن”[56]. إن حجة البيت الأبيض كانت محاولة تقليص المنافسة التجارية غير العادلة مع الصين، والسرقات الملكية الفكرية الأمريكية[57]، إلا أن السبب يعود بفعل المتغيرات الخارجية، الداعمة لصعود الصين، على رأسها ميول التبادل التجاري لصالح الصين. ولمحاولة احتواء هذا الصعود، خاضت الولايات المتحدة الأمريكية حرب تجارية مع الصين عام 2018.

بدأت ملامح الحرب التجارية الأمريكية الصينية، في بداية عام 2018، بعد إعلان ترامب، عن فرض رسوم جمركية على جميع البلدان في الألواح الشمسية والألمنيوم والصلب، ومن بينهم الصين. وكسياسة انتقامية قامت الصين بفرض رسوم جمركية، على المنتجات الأميركية بما يعادل 3 مليارات دولار، لتبدأ سلسلة من الصراعات التجارية بين الصين وأمريكا، تتجسد بتبادل رفع الرسوم الجمركية بينهم[58].

الانعكاسات المترتبة على الحرب التجارية التي شنتها الولايات المتحدة على الصين.

ألحقت الحرب التجاري بين أكبر اقتصاديين في العالم أثرًا ملحوظًا على الاقتصاد العالمي، وهنا أستشهد ما قاله “وريس أوبستفلد” وهو من أبرز اقتصاديين صندوق النقد الدولي، في مؤتمر صحفي شهر أكتوبر عام 2018 عندما تحدث عن الحرب التجارية ليقول “المواجهة بين أكبر اقتصادين في العالم الولايات المتحدة والصين، سيخلق وضعًا سيعاني فيه الجميع”[59].

أ. أثر الحرب التجارية على الولايات المتحدة.

تشير الأبحاث أمريكية، إلى أن الشركات والمستهلكين الأمريكيين هُمّ من يدفعون ثمن رفع الجمارك على المنتجات الصينية وغيرها، ويؤكد اقتصاديين من جامعة برينستون وكولومبيا، وأيضًا من البنك الفدرالي، أن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة كلّفت الشركات الأمريكية والمستهلكين في الشهر ثلاث مليارات دولار، وذلك كضريبة أضفيه[60]. كما أن تقريرًا نشر في صحيفة “وول ستريت جورنال” في 25 أكتوبر 2020، يشير إلى أن الهدف الأمريكي من الحرب التجارية التي خاضتها تجاه الصين، لمّ يتحقق، فبرغم أن العجز التجاري تقلص بسبب السياسات الجمركية في عام 2019، إلا أنَّ الخلل التجاري بشكل عام، في عام 2019 كان الأكبر من الفترات السابقة، ليرتفع إلى مستوى قياسي[61].

ب. أثر الحرب التجارية على الصين.

تعتبر الولايات المتحدة هي أكبر سوق تصديري لصين، بفائض تجاري لصالح الصين، بمقدار 275.8 مليار دولار عام 2017، لهذا من الطبيعي أن يتأثر الاقتصاد الصين[62] ففي الربع الأول من عام 2019، تقلصت صادرات الصين إلى السوق الأمريكي بمقدار 9%[63]. برغم تأثر الصين بشكل مباشر، إلى أنها تمتلك القدرة على المنافسة في الحرب التجارية، فتمتلك أدوات ضغط من الصعب على أمريكا تجاوزها، فالصين قادرة على زيادة الضغط على أمريكا، كخفض العملة الصينية، وهذا ما يؤدي إلى تقليل سعر المنتوجات الصينية، وبتالي تزيد منافستها للمنتوجات الأمريكية التي سيزداد سعرها. بالإضافة إلى قدرتها على التضيق على الشركات الأمريكية داخل الصين. أما بقضية السوق يمكن لها خلق سوق بديل لها من إيجاد تحالفات تجارية جديدة، ليجد بعض المحللين أنه بدأ بالحصول فعليًا، كما أن الاستراتيجيات الاقتصادية التنموية، من مبادرة الحزام والطريق، وخاصة أنه يحظى بدعم إقليمي ودولي، ساهم بتدعيم أسواقٍ جديدة بمصلحة مشتركة بينهم[64]. بالإضافة إلى كون الصين يوجد فيها سوق استهلاكي ضخم، مدعومة بتعداد سكانها الأكبر عالميًا.

  1. انتشار جائحة “كوفيد 19″، وأثرها على الصراع الصيني الأمريكي.

في ظل الأجواء المشحونة والمتوترة بين الصين وأمريكا، نِتاج الحرب التجارية بينهم، انتشار جائحة كوفيد 19، ليزيد التوتر بصورة كبيرة، لتبدأ أمريكا باتهام الصين، بأنها المسؤولة عن انتشار الفايروس، ليصف ترامب، كوفيد 19 بالفايروس الصيني، وبجانبه وزير خارجيته بومبيو ليقول فايروس ووهان[65]. ليظهر تبادل في الاتهامات بين الجانبين، زادت من حدت التوتر في العلاقة الأمريكية الصينية إلى حدٍ كبير. فتزايد الخوف الأمريكي من استغلال الصين انتشار الجائحة، لتحقيق أهداف تدعم صعودها، وذلك بسبب زيادة أثر الجائحة على الولايات المتحدة، لتكون الأكثر تضررًا فيها على المستوى الصحي، سواء بعدد الإصابات أو بالوفيات[66]، ترافق مع الخسائر الاقتصادية الكبيرة فيها[67]، وفي المقابل خرجت الصين بخسائر أقل بكثير من الولايات المتحدة.

برغم انتشار الجائحة، وإغلاق العديد من دول العالم، إلى أن الصراع على بحر الصين الجنوبي تزايد، خاصة مع إبحار السفن الحربية الأمريكية، إلى مناطق المتنازعة عليها في بحر الصين الجنوبي، التي لمّ تقلل الصين نشاطها العسكري فيه برغم انتشار الوباء[68]. زيادة التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية جراء انتشار الفايروس، والمناورات في بحر الصين الجنوبي، زاد من التوقعات المؤيدة لحدوث مواجهة عسكرية مرتقبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وذلك لسعي الأول لوقف تنامي صعود الصين، لينتشر الخوف من الوقوع في “فخ ثوسيديدس”.

  1. الخوف من الوقوع في فخ ثوسيديدس

يشار به إلى الوقوع في فخ حتمية الصراع، وذلك في حال اختلال مقدار القوى بين قوى مهيمنة وقوى أخرى صاعدة، وهذا ما تحدث عنه المفكر اليوناني ثوسيديديس عن الحرب البيلوبونيسية، فيرى أن الحرب نشأت بعد الصراع أثينا الصاعدة وأسبارطه المهيمنة، لتقوم الأخيرة في خوض حرب على أثينا لوقف صعودها، فهي لا تقبل أن يتفوق أو حتى أن يتساوى معها أحد، ووصف ثوسيديديس سبب الحرب: “لقد كان صعود أثينا والخوف الذي غرس في أسبرطة هو الذي جعل الحرب أمرًا لا مفر منه”[69]، هذا الظرف المشابه حول العلاقة بين القوى الصاعدة وأخرى مهيمنة، حدثت 16 مرة خلال 500 سنة الماضية، لتندلع الحرب 12 مرة فيها[70]. وفي هذه الظروف الواقعة ما بين النزاع الصيني الصاعد وأمريكا المهيمنة، يظهر تخوف حول حدوث صراع قد يكون كارثيًا. ليشير “جراهام أليسون” الباحث في جامعة هارفرد، حول الصراع الأمريكي الصيني أن “الحالة السابعة عشرة قاتمة. ما لم تكن الصين مستعدة لتقليص طموحاتها، أو تقبل واشنطن أن تصبح رقم 2 في المحيط الهادئ”[71].

يتوقع الباحث أن الوقوع في فخ ثوسيديدس مُستبعد، وذلك لسببين أساسيين: الأول: السبب الاقتصادي، فهناك تبادل التجاري هائل بين أمريكا والصين، فالصراع الأخير الذي ولد حربًا تجارية بينهما أوقع خسائر هائلة لكلا الطرفين، فكيف ستكون نتائج الحرب العسكرية؟ لهذا سيتجنب الطرفين اللجوء إلى الصدام العسكري، لتجنب الوقوع في كارثة اقتصادية سيولدها الصراع العسكري. أما السبب الثاني وهو “الأمني” تعتبر الصين وأمريكا قوتين نوويتين، ويمتلكان القدرة على الضربة النووية الثانية “الردع النووي” فكلا الدولتين ستتجنب الصدام العسكري الذي من الممكن أن يُفعّل استخدام الأسلحة النووية التي ستولد كارثة حقيقية بين طرفي الصراع.

الخاتمة

السياسة الخارجية الأمريكية، تتجه لتحقيق الاستراتيجية “الأمن والهيمنة” لذلك لنّ تسمح لأي دول أن تتقدم أو تتساوى معها، وهذا ظهر جليًا في تتبع تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية، لهذا ظهر انقلاب في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين. فمن سياسات تعاونية مع الصين استمرت من السبعينيات مع بداية نهوض الصين اقتصاديًا، حتى تولي دونالد ترامب رئاسة البيت الأبيض، لينقلب هذا التعاون إلى توتر بينهم.

تطورت مجموعة من المتغيرات كانت داعمة لصعود الصين. فظهر تقدم اقتصادي هائل في الصين، ترافق مع وضع الصين استراتيجيات اقتصادية تنموية، كمشروع حزام واحد-طريق واحد، وأيضًا إنشاء البنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي يعتبر منافسًا للبنك والصندوق الدوليين. ومع تصاعد الاقتصاد الصيني ظهر فائض تجاري كبير لصالح الصين. وبجانب هذا التقدم الاقتصادي ظهر تقدم تقني وتكنلوجي كبير في الصين، لتكون لها الأسبقية في الجيل الخامس، كما أنها بدأت بتنفيذ خطة صنع في الصين 2025، لتحاول تحقيق قدر من الاستقلال في الإنتاج. كما ظهر تقدم عسكري واضح، ليزداد الإنفاق العسكري، وحلّت الصين في المرتبة الثانية في الإنفاق العسكري بعد الولايات المتحدة، وتصاعدت تحركات الصين العسكرية في بحر الصين الجنوبي، كما قامت بعمل جزر صناعية فيه.

كل هذه المتغيرات، التي تدعم صعود الصين، مقلق للولايات المتحدة الأمريكية، ليزداد انتشار فكرة “الخطر الصيني” في الساحة الأمريكية، التي كانت منتشرة بوتيرة أقل في عهد أوباما، وقبيل تولي ترامب، تزايد وانتشرت فكرة الخطر الصيني بشكل كبير. ومع تولي ترامب للرئاسة ظهرت سياسة شعباوية تتلخص بما قاله ترامب “أمريكا أولا” لتظهر سياسة خارجية أمريكية متشددة ليس اتجاه الصين فقط، بل اتجاه العديد من دول العالم، لينسحب من العدد من الاتفاقات الدولية، والمنظمات الدولية.

برغم حدوث خلافات في الداخل الأمريكي، تجاه سياسات ترامب ومواقفه، إلا أن هناك اتفاق بين الساسة الأمريكيين حول الخطر الصيني، داعمين السياسات المتشدد تجاه الصين، سواء كان ذلك من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي. قامت أدارة ترامب بعمل سياسات اقتصادية حمائية كانت سببًا في وقوع حرب تجارية مع الصين بدأت عام 2018، كان الهدف منها وهو تقليل العجز التجاري الأمريكي، ووقف تنامي صعود الصين، أما الهدف المعلن من البيت الأبيض، محاولة تقليل التنافس غير العادل، والسرقات الملكية الفكرية. ومع بداية انتشار كوفيد 19 شنت أمريكا مجموعة من الاتهامات إلى الصين حول مسؤوليتها في انتشار الفايروس، لتتزايد حدة الصراع بين الولايات المتحدة والصين، إلى حد كبير، وظهرت ملامح خطورة هذا الصراع في بحر الصين الجنوبي. لهذا انتشر الخوف من الوقوع في فخ ثوسيديدس الذي يذهب إلى حتمية الحرب.

سياسات ترامب الخارجية المتشددة تجاه الصين، والمناهضة للعولمة، هي لتحقيق الاستراتيجية الأمريكية “الأمن والهيمنة” فتجد إدارة ترامب أن صعود الصين، سيكون على حساب الأمن والهيمنة الأمريكية، ليسمح بانحراف استراتيجية “الليبرالية الجديدة والعولمة” التي أصبحت اليوم أكبر داعم لصعود الصين.

في النهاية، يتوقع الباحث، أن تولي جو بايدن لرئاسة البيت الأبيض، لنّ يغير الموقف العدائي لصين، وذلك للحفاظ على الاستراتيجية الأمريكية “الأمن والهيمنة”، فستحاول إدارة بايدن قدر المستطاع احتواء الصين، لعلَّ الطريقة لتحقيق ذلك ستكون مختلفةً “سياسة خارجية أقل تشددًا”، لكن أعتقد أنها ستبقى قائمةً على التنافس الاستراتيجي، لا التعاون.

المراجع:

العربية:

قبلان، مروان. “أطروحات إدارة ترامب ونظام ما بعد الحرب العالمية الثانية (انقلاب) في السياسة الخارجية أم نسخة باهتة من الجاكسونية”. قطر: سياسات عربية، عدد 24، يناير/ 2017.

زكريا، فريد. ترجمة رضى خليفة. من الثورة إلى القوة الجذور الفريدة لدور أمريكا العظمى. القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1999.

فانوس، أمينة. “السياسة الخارجية الأميركية ما بعد الحادي عشر من سبتمبر حالة دراسة: التدخل الأمريكي في أفغانستان”، الخرطوم: رسالة ماجستير جامعة الخرطوم، 2005.

الحباشنة، صلاح. “العلاقة الأمريكية الصينية خلال الثلاث عقود الماضية 1979-2009”. المجلة الأردنية في القانون والعلوم السياسية. مجلد 3، عدد1. 2010.

قنديل، أحمد. “البنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية: منعطف تاريخي ضد للهيمنة الأمريكية”. المركز العربي للبحوث والدراسات. عدد 20. (2015).

عبد العاطي، عمرو. “سياسة ترامب تجاه روسيا والصين، وتداعياتها على إعادة الاصطفاف الدولي وتماسك التحالف الغربي”. جامعة الدول العربية الأمانة العامة، عدد 179، 2019.

يونس، يونس. “أدوار القوى الآسيوية الكبرى في التوازن الاستراتيجي في آسيا بعد الحرب الباردة وآفاقها المستقبلية”. الأكاديميون لنشر، 2015.

سليمان، هاني. “مستقبل غامض: الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين”. المركز العربي للبحوث والدراسات، 2019.

لطفي، منال. “كيف سيغير ترامب العالم؟”. الأهرام، مجلد17، عدد 65، (2017).

تشيلاني، براهما. “الاستراتيجية الأميركية الجديدة في آسيا.. الملامح والتحديات”. مركز الجزيرة للدراسات 19/2/2012، شوهد، في 14/11/2020، في: https://cutt.us/ksR6A

عابد، محمد. “استراتيجية جدار الرمل العظيم الصينية. هل تنجح؟”، (عربي 21) 2020/1/22، شوهد 2020/12/18، في: https://cutt.us/Xjkpn

“بكين ترد بغضب على قرار محكمة التحكيم حول حقوقها في بحر الصين الجنوبي”.BBC ، 2016/7/12، شوهد في 2020/12/19، في: https://cutt.us/4Wbc6

موقع البنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية”AIIB”. شوهد في 2020/11/23. في: https://cutt.us/IzY1k

“الدخل القومي الإجمالي”، البنك الدولي، شوهد في 2020/11/20، في: https://cutt.us/3bz2o

“ما هي مبادرة حزام واحد – طريق واحد؟”. RT، 14.5.2017، شوهد في 2020/11/20، في: https://ar.rt.com/itqh

“صراع الهيمنة التجارية.. أميركا تقود تكتلاً لمواجهة حرير الصين”، العربية الجديد 19/2/ 2018، شوهد في 20/11/2020، في: https://cutt.us/h2gfP

“توقعات ببلوغ انفاق الصين على شبكات الجيل الخامس 218 مليار دولار بحلول 2025وكالة الاقتصاد، 2019/7/19، شوهد في 2020/11/28، في: https://cutt.us/C59gd

“هواوى تشحن أكثر من 150 ألف محطة أساسية لاتصالات الجيل الخامس لوجهات عالمية اليوم السابع 2019/6/27، شوهد في 2020/11/28، في: https://cutt.us/cEPjy

“بكين: عدد محطات 5G في الصين يفوق ضعف عددها في العالم أجمع” RT، 2020/11/16، شوهد في 2020/11/28، في: https://ar.rt.com/p5yg

بيان صحفي لوزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو، “الولايات المتحدة تحمي الأمن القومي ونزاهة شبكات الجيل الخامس”، موقع وزارة الخارجية الأمريكية، 2020/5/15، شوهد 2020/11/28، في: https://cutt.us/CbND4

“استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي أعلنها دونالد ترامب”، وزارة الخارجية الأمريكية، شوهد في 2020/11/16، في: https://cutt.us/NwmkD

“محكمة التحكيم تقضي بعدم أحقية بكين في بحر الصين ومانيلا ترحب بالقرار” فرانس 24، 2016/7/12. شوهد في 2020/12/19، في: https://cutt.us/A42t5

“الحرب التجارية بين بكين وواشنطن تضعف النمو الاقتصادي العالمي”، الفرنسي 24، 2018/10/9، شوهد في 2020/12/4، في: https://cutt.us/hPZ2e

“فيروس كورونا: الصين والولايات المتحدة تتحاربان خلف الكواليس”، BBC، 2020/3/25، شوهد في 2020/12/20، في: https://www.bbc.com/arabic/world-52022843

“من الخاسر في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة؟”، BBC، 2019/5/15، شوهد في 2020/12/23، في: https://www.bbc.com/arabic/business-48280142

“فيروس كورونا: أكثر من 63 ألف إصابة جديدة في الولايات المتحدة وترامب يقلل من خطورة الأوضاع”، فرنسي 24، 2020/7/11، شوهد في 2020/12/20، في: https://cutt.us/pYSI9

“فيروس كورونا: الاقتصاد الأمريكي يشهد أسوأ تراجع منذ عام 2008” BBC، 2020/4/29، شوهد في 2020/12/21، في: https://www.bbc.com/arabic/business-52481466

الإنجليزية:

Zhu, Zeyan, “Trade War between China and US”. Hohai University, China, 2018.

Arezina, Sanja.”U.S.-China Relations under the Trump Administration: Changes and Challenges”. Quarterly of International Strategic Studies. January 2020.

Ratcliffe, John. “China Is National Security Threat No. 1”, Wall Street Journal, 2020/12/3, accessed on, 2020/12/18, at: https://cutt.us/X88lC

Sawe, Benjamin. “The Biggest Industries in China”. WorldAtlas, 26 /9/2017, accessed on 2020/11/20, at: https://cutt.us/b5SEZ

“Telephonic Press Briefing with FCC Chairman Ajit Pai and Deputy Assistant Secretary of State Robert Strayer” United States Department of State, 2019/12/9, accessed on 2020/11/28, at: https://cutt.us/LZ1n6

Hsu, Sara. “Foreign Firms Wary Of ‘Made In China 2025,’ But It May Be China’s Best Chance At Innovation”. Forbes, 2017/3/10, accessed on 2020/12/2, at: https://cutt.us/N6GN6

Mcbride, James and Chatzky, Andrew. “Is ‘Made in China 2025’ a Threat to Global Trade?”. SFR, 2019/5/13. accessed on 2020/12/2, at: https://cutt.us/3ldnc

“2020 Military Strength Ranking”. GFP, accessed on 2020/12/13, at: https://cutt.us/1iRuf

“China builds new military facilities on South China Sea islands: think tank”, Reuters, 2017/6/30. accessed on 2020/12/18, at: https://cutt.us/kUSB2

Gitter, David. “How Chinese Analysts Understand Taiwan’s Geostrategic Significance”. The Diplomat, 2016/3/11, accessed on 2020/12/17, at: https://cutt.us/MeNF1

Schlesinger, Jacob. “What’s Biden’s New China Policy? It Looks a Lot Like Trump’s”. Wall Street Journal, 2020/9/10, accessed on 2020/12/11, at: https://cutt.us/ze5IY

Swanson, Ana. “Trump’s Trade War With China Is Officially Underway”. New York Times 2018/7/5, accessed on 2020/9/12, at: https://cutt.us/8lAuZ

Buchholz, Katharina. “U.S.-Chinese Trade War: A Timeline”. Statista, 2020/8/17, accessed on 2020/12/20, at: https://cutt.us/OYKeJ

Zumbrun, Josh and Davis, Bob. “China Trade War Didn’t Boost U.S. Manufacturing Might”. Wall Street Journal, 2020/10/25, accessed on 22/12/2020, at: https://cutt.us/WDjpw

Beech, Hannah. “U.S. Warships Enter Disputed Waters of South China Sea as Tensions With China Escalate”. New York Times, 2020/4/21, accessed on 2020/12/23, at: https://cutt.us/4drUF

Allison, Graham. “Destined for War: Can America and China Escape Thucydides’s Trap?”. Harvard Kennedy School, 2017, accessed on 2020/12/25, at: https://cutt.us/s83dt

[1] Zeyan Zhu, “Trade War between China and US”, Hohai University, China,(2018),P.424

[2] أميمة فانوس، السياسة الخارجية الأميركية ما بعد الحادي عشر من سبتمبر حالة دراسة: التدخل الأمريكي في أفغانستان، (الخرطوم: رسالة ماجستير جامعة الخرطوم، 2005)، ص51-52.

[3] المرجع نفسه.

[4] مروان قبلان، “أطروحات إدارة ترامب ونظام ما بعد الحرب العالمية الثانية (انقلاب) في السياسة الخارجية أم نسخة باهتة من الجاكسونية”. سياسات عربية، عدد 24 (يناير/ 2017)، ص 103.

[5] المرجع نفسه.

[6] المرجع نفسه، ص 103-104.

[7] فريد زكريا، ترجمة رضى خليفة. من الثورة إلى القوة الجذور الفريدة لدور أمريكا العظمى. ( القاهرة، مركز الاهرام للترجمة والنشر، 1999)، ص 18.

[8] قبلان. “أطروحات إدارة ترامب”، ص 104.

[9] المرجع نفسه.

[10] فانوس. السياسة الخارجية الأميركية، ص 53-54.

[11] هي كسر حاجز العداء الطويل بين الصين وأمريكا، عن طريق لعبة كرة الطاولة، ففي أثناء تواجد فريق الطاولة الأمريكي في اليابان عام 1971، للمشاركة ببطولة العالم لكرة الطاولة، دعت الصين لاعبين أمريكان للعب كرة الطاولة داخل البلاد، ليكون هناك مواجهة، بين مواطن أمريكي وأخر صيني.

[12] Sanja Arezina, “U.S.-China Relations under the Trump Administration: Changes and Challenges”, Quarterly of International Strategic Studies, (January 2020),P.3.

[13]Ibid, PP. 3-4.

[14] Ibid, P.4

[15] صلاح الحباشنة، “العلاقة الأمريكية الصينية خلال الثلاث عقود الماضية 1979-2009″، المجلة الأردنية في القانون والعلوم السياسية، مجلد 3، عدد1. (2010)، ص 147.

[16] Arezina, “U.S.-China Relations”,P.4.

[17] الحباشنة، “العلاقة الأمريكية الصينية”، ص 147-148.

[18] المرجع نفسه، ص 148-149.

[19] المرجع نفسه، ص 149.

[20] Sanja Arezina. “U.S.-China Relations”, P.5.

[21]Ibid, P.5

[22] براهما تشيلاني. “الاستراتيجية الأميركية الجديدة في آسيا.. الملامح والتحديات”. مركز الجزيرة للدراسات 19/2/2012، شوهد، في 14/11/2020، في: https://cutt.us/ksR6A

[23] “الدخل القومي الإجمالي”، البنك الدولي، شوهد في 2020/11/20، في: https://cutt.us/3bz2o

[24] Benjamin Elisha Sawe,”The Biggest Industries In China”, WorldAtlas, 26 /9/2017, accessed on 2020/11/20, at: https://cutt.us/b5SEZ

[25] “ما هي مبادرة حزام واحد – طريق واحد؟”. RT، 14.5.2017، شوهد في 2020/11/20، في: https://ar.rt.com/itqh

[26] “صراع الهيمنة التجارية.. أميركا تقود تكتلاً لمواجهة حرير الصين”، العربية الجديد 19/2/ 2018، شوهد في 20/11/2020، في: https://cutt.us/h2gfP

[27] أحمد قنديل. “البنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية: منعطف تاريخي ضد للهيمنة الأمريكية”. المركز العربي للبحوث والدراسات. عدد 20. (2015). ص 18.

[28] موقع البنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية”AIIB”، شوهد في 2020/11/23. في: https://cutt.us/IzY1k

[29] قنديل، “البنك الأسيوي للاستثمار”، ص 18.

[30] Zeyan Zhu, “Trade War between”, p.424

[31] “توقعات ببلوغ انفاق الصين على شبكات الجيل الخامس 218 مليار دولار بحلول 2025وكالة الاقتصاد، 2019/7/19، شوهد في 2020/11/28، في: https://cutt.us/C59gd

[32] “هواوى تشحن أكثر من 150 ألف محطة أساسية لاتصالات الجيل الخامس لوجهات عالمية اليوم السابع 2019/6/27، شوهد في 2020/11/28، في: https://cutt.us/cEPjy

[33] “بكين: عدد محطات 5G في الصين يفوق ضعف عددها في العالم أجمع” RT، 2020/11/16، شوهد في 2020/11/28، في: https://ar.rt.com/p5yg

[34] “Telephonic Press Briefing with FCC Chairman Ajit Pai and Deputy Assistant Secretary of State Robert Strayer” United States Department of State, 2019/12/9, accessed on 2020/11/28, at: https://cutt.us/LZ1n6

[35] بيان صحفي لوزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو، الولايات المتحدة تحمي الأمن القومي ونزاهة شبكات الجيل الخامس”، موقع وزارة الخارجية الأمريكية، 2020/5/15، شوهد 2020/11/28، في: https://cutt.us/CbND4

[36] Sara Hsu, “Foreign Firms Wary Of ‘Made In China 2025,’ But It May Be China’s Best Chance At Innovation”, Forbes, 2017/3/10, accessed on 2020/12/2, at: https://cutt.us/N6GN6

[37] Ibid.

[38]  James Mcbride and Andrew Chatzky. “Is ‘Made in China 2025’ a Threat to Global Trade?” SFR, 2019/5/13. accessed on 2020/12/2, at: https://cutt.us/3ldnc

[39]“2020 Military Strength Ranking”, GFP, accessed on 2020/12/13, at: https://cutt.us/1iRuf

[40] عمرو عبد العاطي، “سياسة ترامب تجاه روسيا والصين، وتداعياتها على إعادة الاصطفاف الدولي وتماسك التحالف الغربي”، جامعة الدول العربية الأمانة العامة، عدد 179، (2019)، ص 96.

[41] محمد عابد، “استراتيجية جدار الرمل العظيم الصينية. هل تنجح؟”، (عربي 21) 2020/1/22، شوهد 2020/12/18، في: https://cutt.us/Xjkpn

[42]“China builds new military facilities on South China Sea islands: think tank”, Reuters, 2017/6/30. accessed on 2020/12/18, at: https://cutt.us/kUSB2

[43] “محكمة التحكيم تقضي بعدم أحقية بكين في بحر الصين ومانيلا ترحب بالقرار” فرانس 24، 2016/7/12. شوهد في 2020/12/19، في: https://cutt.us/A42t5

[44] “بكين ترد بغضب على قرار محكمة التحكيم حول حقوقها في بحر الصين الجنوبي”،BBC، 2016/7/12، شوهد في 2020/12/19، في: https://cutt.us/4Wbc6

[45] المرجع نفسه.

[46] David Gitter, “How Chinese Analysts Understand Taiwan’s Geostrategic Significance”, The Diplomat, 2016/3/11, accessed on 2020/12/17, at: https://cutt.us/MeNF1

[47] يونس يونس.”أدوار القوى الآسيوية الكبرى في التوازن الإستراتيجي في آسيا بعد الحرب الباردة و آفاقها المستقبلية”، الأكاديميون لنشر (2015)، ص 155-157.

[48] المرجع نفسه، ص 155.

[49] John Ratcliffe, “China Is National Security Threat No. 1”, Wall Street Journal, 2020/12/3, accessed on, 2020/12/18, at: https://cutt.us/X88lC

[50] المرجع نفسه.

[51] “استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي أعلنها دونالد ترامب”، وزارة الخارجية الأمريكية، شوهد في 2020/11/16، في: https://cutt.us/NwmkD

[52] منال لطفي، “كيف سيغير ترامب العالم؟”، الأهرام، مجلد17، عدد 65، (2017)، ص 171.

[53] Arezina. “U.S.-China Relations”, p. 6.

[54] عمرو عبد العاطي، “سياسة ترامب”، ص 98.

[55]Jacob Schlesinger. “What’s Biden’s New China Policy? It Looks a Lot Like Trump’s”, Wall Street Journal, 2020/9/10, accessed on 2020/12/11, at: https://cutt.us/ze5IY

[56] Ana Swanson. “Trump’s Trade War With China Is Officially Underway”, New York Times 2018/7/5, accessed on 2020/9/12, at: https://cutt.us/8lAuZ

[57] Ibid.

[58]Katharina Buchholz. “U.S.-Chinese Trade War: A Timeline”, Statista, 2020/8/17, accessed on 2020/12/20, at: https://cutt.us/OYKeJ

[59] “الحرب التجارية بين بكين وواشنطن تضعف النمو الاقتصادي العالمي”، الفرنسي 24، 2018/10/9، شوهد في 2020/12/4، في: https://cutt.us/hPZ2e

[60] “من الخاسر في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة؟”، BBC، 2019/5/15، شوهد في 2020/12/23، في: https://www.bbc.com/arabic/business-48280142

[61]Josh Zumbrun and Bob Davis, “China Trade War Didn’t Boost U.S. Manufacturing Might”, Wall Street Journal, 2020/10/25, accessed on 22/12/2020, at: https://cutt.us/WDjpw

[62] Zhu, “Trade War between”, p.424

[63] “من الخاسر في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة؟”، BBC، 2019/5/15، شوهد في 2020/12/23، في: https://www.bbc.com/arabic/business-48280142

[64] هاني سليمان، “مستقبل غامض: الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين”، المركز العربي للبحوث والدراسات. (2019)،  ص 8-9.

[65] “فيروس كورونا: الصين والولايات المتحدة تتحاربان خلف الكواليس”، BBC، 2020/3/25، شوهد في 2020/12/20، في: https://www.bbc.com/arabic/world-52022843

[66] “فيروس كورونا: أكثر من 63 ألف إصابة جديدة في الولايات المتحدة وترامب يقلل من خطورة الأوضاع” فرنسي 24، 2020/7/11، شوهد في 2020/12/20، في: https://cutt.us/pYSI9

[67] “فيروس كورونا: الاقتصاد الأمريكي يشهد أسوأ تراجع منذ عام 2008” BBC، 2020/4/29، شوهد في 2020/12/21، في: https://www.bbc.com/arabic/business-52481466

[68] Hannah Beech. “U.S. Warships Enter Disputed Waters of South China Sea as Tensions With China Escalate”, New York Times, 2020/4/21, accessed on 2020/12/23, at: https://cutt.us/4drUF

[69]Graham Allison. “Destined for War: Can America and China Escape Thucydides’s Trap?” Harvard Kennedy School, 2017, accessed on 2020/12/25, at: https://cutt.us/s83dt

[70] Ibid.

[71] Ibid.

5/5 - (4 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى