الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

العلاقات الإيرانية – السعودية … نحو منحى جديد

إعداد : آمال صبحي خليفه – باحثة في العلوم السياسية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

بعد انقطاع دام سبع سنوات نشهد اليوم بتاريخ 10مارس من 2023 فتح باب التفاوض لعودة العلاقات الإيرانية السعودية مرة أخرى و جرت مباحثات العودة في جمهورية الصين الشعبية حيث تم الاتفاق بين ثلاث دول ومثلت الصين  الراعية الأساسية  لذلك الاتفاق، وقد أعربت إيران عن كامل رغبتها في حل الخلافات في المنطقة ومن باب العلم تعتبر كل من المملكة العربية السعودية وإيران من أكبر دول العالم الإسلامي في العالم حيث توترت العلاقات بين إيران والدول العربية بشكل ملحوظ بعد الثورة الإيرانية الإسلامية 1979 ومثل الحدث الأساسي في قطع العلاقات بين البلدين هو اعتداء مواطنون من إيران على السفارة السعودية في طهران جراء قرار إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر.

لكن يبقي التساؤل الأهم حول تلك النقطة وهو ما الذي دفع المملكة العربية السعودية لقبول ذلك الاتفاق لنجد عدد  من المتغيرات على الساحة الدولية قد رمت بظلالها على رد فعل المملكة العربية السعودية عند دعوة إيران من أجل رجوع علاقات الدولية، مثل السبب الرئيسي هو حربها مع اليمين والحوثيين حيث شهدت الفترة الأخيرة حيث أصبح الحوثيين قادرين على المتابعة حتى لو رفعت إيران يدها بسبب المتغيرات الدولية الأخرى مع إمكانية الحوثيين في الحصول على الأسلحة بأنفسهم، بالإضافة إلى ذلك توقف دعم الولايات المتحدة الأمريكية للعمليات الهجومية التي كانت تقوم بها المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين في اليمن، استنزاف السعودية ماليا بسب حربها مع اليمن، وقذف الحوثيين للمملكة العربية السعودية على الجانب الأمريكي نجد منه اتباع مسار مغاير بعض الشيء مع المملكة العربية السعودية حيث رفضت واشنطن دعم المملكة العربية السعودية في تنمية برنامج نووي سلمي ، ومشاركة واشنطن في المناورات والتدريبات العسكرية مع إسرائيل الأمر الذي يجعل المنطقة العربية جميعها في قلقا مستمر بالإضافة إلى المشكلات  الأخرى المتمثلة في الحدود الشمالية من العراق وغيرها الذي يمثل تهديدا للأمن القومي السعودي،  لكن تظل خطوة الاتفاق والتعاون الأمني بين البلدين واحترام السيادة انحاز دبلوماسي في المنطقة وتلك الظروف.

ويمكن سرد عدد من السيناريوهات المحتملة لذلك الاتفاق ومنها:-

السيناريو الأول:-

نجاح الانفاق بين الدولتين نظرا المكاسب التي تحصل عليها كل من المملكة العربية السعودية وايران حيث تستطيع السعودية ضمان حليف استراتيجي قوي في المنطقة يستطيع المساندة في ظل التغيرات الإقليمية مع الحصول على الموافقة الايرانية من أجل التفاهم بسأن الملف الحوثي الذي يؤرق الأمن القومي لدولة السعودية مع إمكانية التوصل إلى هدنة بشأن اليمين نتيجة للخسائر التي ترتكبها الدولتين، بالإضافة إلى ملف لبنان  من احل التفاهم بسأن الشخص المناسب لشغل منصب الرئاسة اللبنانية، بالنسبة   لطهران فقد تجد تبادل تجاري من المملكة لتخفيف حدة الحصار الاقتصادي التي فُرض عليها نتيجة للعقوبات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

السيناريو الثاني:-

التواجد الصيني في المنطقة أي  بديلا الولايات المتحدة الأمريكية خاصة بعد الفترة السابقة الذي نشهد جميعا عليها بالتراجع الدور الأمريكي في المنطقة والتواجد أيضا خاصة بعد الانسحاب من أفغانستان، ومنها ستصبح الصين الحليف الأقوى في المنطقة أي بمثابة فاعل أساسي في المنطقة لكن يمكن أن يخلق ذلك أو يزيد من حدة الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين نظرا لتنامي الصيني في المنطقة الآسيوية وعالميا حيث أصبح الصين بمثابة العدو الحالي في المنطقة لذلك ستحاول امريكا المحافظة على تواجدها الا لم يكن بشكل فعلي لكن ستظل متواجدة بالمنطقة بسبب المصالح التي تحصل عليها من المنطقة سواء النفط من الدول العربية أو المعادن أمثال ذهب أو الفضة والماس من الدول الأفريقية ومنها جنوب افريقيا، مالي.

السيناريو الثالث:-

اتخاذ كلا الدولتين منحى متوافق تجاه القضية الفلسطينية حيث تعمل كل من إيران والمملكة العربية السعودية على مساعدة في الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي مع الوقوف بجانب الدول العربية الأخرى التي تحتاج إلى مد يد العون أمثال لبنان وسوريا.

السيناريو الرابع:-

زيادة حدة الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين نظرا للتواجد الإقليمي للصين في المنطقة حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية انهكتها الحرب الروسية الأوكرانية ودعمها للكييڤ ومحاولة الحصول على فرصة سانحة من أجل التخلص أو قمع واحتواء الدب الروسي سيساعد الصين على التواجد في المنطقة بشكل أكثر ا ثابتا واستمرارية مما يجعلها عدو في المنطقة.

السيناريو الخامس:-

هو فشل الاتفاق بين البلدين وعودة العلاقات على ما كانت عليه من عداء معروف بينهما نظرا لكونه اتفاق قد تم في. قت الأزمة وهو ما يدفعه إلى كونه اتفاق ذو مصلحة فإن تحققت المصلحة فض الاتفاق وان لم تتحقق فشل وانتهى وعادت العلاقات إلى سابق عهده، أو فشل الاتفاق ولكن إمكانية الجلوس واجراء مفاوضات مرة أخرى بشكل دبلوماسي بين البلدين  لإمكانية الحصول على اتفاق يوافق عليه كلا الدولتين .

السيناريو الأخير:-

يمكن القول  أن استمرار الاتفاق بين إيران والمملكة العربية السعودية إذا استفاد كلا الطرفين من بعضهما البعض واستطاعت الصين تقديم مساعدات وإضافات قد تساعد البلدين أو تلعب دور مقارب من الدور الأمريكي معهما، حيث يمكن حصر الاتفاق الثلاثي بين كلاً من الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية وايران في العبارة الأشهر في مجال العلاقات الدولية والساحة السياسية وهي ” لا يوجد أعضاء دائمين ولا اصدقاء دائمين إنما هي مصلحة دائمة” أي أن استمرار الاتفاق يتوقف على الاستفادة للأطراف فقد مثل الاتفاق باعتبار منشئًا لتلك المصلحة التي تحصل عليها الثلاث دول من بعضها البعض

الصين:-

فنجد استفادة الصين هي ممارسة قوتها ومعرفة إلى مدى قد وصلت في تناميها سواء عسكريا أو اقتصاديا أو سياسيا فتمثل لها منطقة الشرق الأوسط عبارة عن ساحة لعب صغيرة مقارنة بالعالم اجمع لإثبات مدى قوتها ضد الدولة التي استطاعت الانتصار على العدو الاقوي أو القطب الشيوعي الاتحاد السوفيتي سابقا فإن استطاعت الصين معادة الولايات المتحدة الأمريكية والصمود في وجهها يمكننا القول بأننا اصبحنا في عالم متعدد القوى القطبية لكنه عالم بقوى دولية جديدة.

إيران :-

أما بالنسبة لدولة أيران فمن المعروف أنها تعاني منذ الثورة الإسلامية عام 1979 مع عداء دائم مع الولايات المتحدة الأمريكية الامر الذي لازلت الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل معها بشكل عنيف وغير حاسم في نفس الوقت بما تفرضه عليها من عقوبات وعزله من الدول العالم سوار الغربي أو العربي، محاولة وخطوة جيدة في تاريخ العلاقات العربية مع أي أن فقد مثل ذلك خطوة إيجابية  على أمل عودة العلاقات الدولية الطيبة بينها وبين باقي الدول العربية.

المملكة العربية السعودية:-

تحتاج المملكة السعودية يد عونا جديدة بعد ما تخلت عنها الولايات المتحدة الأمريكية وفي ظروف صعبة حيث معركة المملكة العربية السعودية مع الحوثيين في اليمن قد شكلت لها مأزق كبير وهاجس على الأمن القومي السعودي لذلك تسعى للحصول على حليف دولي قوي جديد مثل الصين الشعبية، مع الاستفادة من تحالفها مع دولة  إيران للوقوف ضد إسرائيل بسب رغبة اسرائيل في لعب دور قيادي في المنطقة مع ضمان عدم تعرضها للقصف في حالة اتخاذ إسرائيل دور إيجابي وضرب إيران بسبب تمثيلها لليورانيوم بنسبة وصلت إلى 84٪ وهي النسبة الأقرب إلى 90٪ من الأسلحة النووية.

وختاما يمكن ترجيح السيناريو هذا السيناريو نظرا لكونه يحامي واقع العلاقات الدولية وفي ظل بيئة دولية فوضوية لا تعرف سوى للمصلحة القومية، حيث تحاول كل دولة من دول العالم على اختلاف قوتها أو سيادتها في العالم الحصول على الاتفاقات أو التحالفات التي تحقق من ورائها مكاسب مادية ومعنوية فلن تضر دولة للاستمرار بالتحالف والايفاء بالالتزامات دوت الحصول على مصلحة معينة من وراء ذلك التحالف.

3.5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى