أثر الحرب بالوكالة بين السعودية وإيران علي الأمن القومي لدول الخليج في (اليمن- العراق) 2022-2011
اعداد : نورهان أسامة علي أبو الليل & نورهان عادل سليم سلامه – إشراف :أ. د. محمد سالمان طايع – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر
- المركز الديمقراطي العربي
المقدمة :
بدأت العلاقات السعودية الإيرانية تأخذ الطابع الرسمي لها منذ أن تم الاعتراف المتبادل بين الدولتين و من ثم بدأت تتصاعد الأهمية الكبرى لدى المملكة العربية السعودية وفقًا للجانب الإيراني بعد أن أصبحت الأخيرة المُصدر الأول للنفط على المستوى الإقليمي و الدولي و شهدت الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية أبهى صور التعاون الاقتصادي بين الدولتين بل و الدبلوماسي أيضًا مما كان له أثرًا إيجابيًا على الاستقرار الامني لدى دول المنطقة العربية فضلًا عن التقارب الإيديولوجي بينهم ضد الفكر الشيوعي بهذه الحقبة الزمنية و ظلت تلك العلاقات تتسم بالاستقرار إلى أن قامت الجمهورية الإيرانية عام 1979 م عقب قيام الثورة الإسلامية التي اتخذت مفاهيم الجهاد و التشدد شعارًا لها مما أدى لإضعاف الترابط الإقليمي بين الدولتين نظرًا لاتجاه الدولة السعودية نحو تبني الفكر المعارض للقيم المتطرفة التي تدعو لديها الدولة الإيرانية و تقوم بتصدير قيم الثورة للدول العربية الأخرى و محاولة فرض النموذج الإيراني المسيطر على بعض السياسات العربية ، ثم جاءت الحرب العراقية الإيرانية التي أدت وجود حالة من التفكك الإقليمي بين الدول العربية المؤيد لإيران من جهة و المملكة العربية السعودية من جهة أخرى مما أدى لانقطاع كافة العلاقات التعاونية بين الدولتين بعد أزمة الخليج الثانية التي قامت إيران باستغلالها لاستعادة مكانتها الإقليمية بين دول الخليج العربي عقب الفترة التي عانت منها الأخيرة من انقطاع العلاقات العربية الإيرانية و قد ازدادت العلاقات السعودية الإيرانية تعقيدًا بعدما تولي الرئيس الخاتمي السلطة و تعاظمت قوة التيار الديني بها([1]).
و لكن من ناحية اخرى تسعى إيران لتحسين علاقتها بالمملكة العربية السعودية نظرًا لقوة مكانتها باعتبارها مركز دول الخليج العربي سياسيًا و اقتصاديًا.. و لكن بعد أحداث 11 سبتمبر أصبحت إيران تلعب دور المحارب للتطرف و الإرهاب بالتعاون مع الولايات المتحدة و على الجانب الأخر أدركت السعودية مدى خطورة ذلك التمدد الإيراني الدولي و الإقليمي على وضعها الأمني مما قاد إلى تصاعد التنافس السعودي الإيراني على المنطقة العربية و من هنا اتسمت العلاقات بالطبيعة الصراعية خاصة عد الظهور الواضح للمكون الشيعي بالعديد من الدول العربية و اكتسب الصراع سمة جديدة بهذه الفترة و هو الصراع المذهبي بين الدولتين و نظرًا لأن منطقة الخليج العربي تمثل أهمية استراتيجية لديهم لما تتمتع به من ثروات و أدوات القوة الإقليمية ؛ فيسعى كلًا من الطرفين لتحقيق هدفين متناقضين ، فإيران تسعي لاستعادة مناطق النفوذ التي كانت تحت سيطرة الإمبراطورية الفارسية و من ناحية أخرى تحاول الدولة السعودية تجحيم النفوذ الإيراني نحو قيادة العالم الإسلامي و اتجاه كل منهما للحصول على دعم و تأييد خارجي لتحقيق الهدف المرجو من وراء اكتساب السيطرة الإقليمية([2]).
فأصبحت منطقة الخليج العربي و الشرق الأوسط ساحة للتنافس الدولي و الإقليمي و خاصة الانقسام السني و الشيعي التي تشهده و كان لنمط الصراعات المستحدثة كالصراع المذهبي أثراً على أساليب إدارة الصراع بالمنطقة ، فقد أصبح التنافس السعودي الإيراني يدور حول الحصول على عناصر مؤيدة لدى السياسة التي تتزعمها كل دولة على حدة بدلاً من اللجوء إلى استخدام أدوات القوة الصلبة ، و من أهم هذه الأساليب بالآونة الاخيرة هى الحرب بالوكالة و التي كان لها ظهورا واضحاً من خلال التدخلات السعودية و الايرانية بالصراعات الداخلية المتواجدة بدول المنطقة العربية عن طريق تمويل الاطراف المتعارضة في الصراع و هم وكلاء للدول التابعة لها و الاستقرار الامني الخاص بمنطقة دول الخليج العربي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحفاظ على التوازن الإقليمي لها ، لذلك فيتمحور الموضوع الرئيسي للدراسة حول تحليل ذلك النمط من الصراعات الغير تقليدية بين السعودية و إيران و تداعياتها على أمن الخليج العربي خلال الفترة التي أعقبت ثورات الربيع العربي حتى الواقع الراهن([3]).
المشكلة البحثية:
بدأ الصراع بين كل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية الإسلامية في الظهور بشكل واضح مع قيام الثورة الإسلامية في إيران لأن هذه الأخيرة سعت إلي نشر مبادئ هذه الثورة والمذهب الشيعي في كافة الدول التي تقع في نطاقها الإقليمي وسعت أيضًا إلي لعب دور القائد الإسلامي لدول الإقليم وتسببت هذه الأفعال الصادرة عن إيران في ازدياد الصراع فيما بين الطرفين نظرا للاختلاف فيما بينهما في المذهب ، فالمملكة العربية السعودية هي دولة إسلامية سنية محافظة ولكن الجهورية الإيرانية الإسلامية هي دولة إسلامية شيعية ليبرالية، في الآونة الأخيرة ظهر بشكل لا يضع مجالا للشك الصعود الإيراني المُنافس للدور السعودي بمنطقة الخليج العربي واللجوء لاستخدام كافة الوسائل منها : استخدام الأدوات العسكرية والتصعيد لحرب مذهبية بين الطرفين السعودي والإيراني وذلك لإحكام الأخير قبضته علي منطقة الخليج العربي مما يُعزز من مكانتها الإقليمية بين الدول العربية ولعب دور القائد الأعظم للدولة الإسلامية ، المتغير التابع و هو الأمن الإقليمي لدول الخليج في هذه الدراسة تمت دراسته في ضوء متغيرات مستقلة أخري مثل البرنامج النووي الإيراني و السياسة الخارجية الإيرانية و السياسة الخارجية السعودية و غيرهم من المتغيرات و لكن متغير هذه الدراسة وهو الحرب بالوكالة بين كل من المملكة العربية السعودية و الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تتم دراسته من قبل ، وبالتالي ستتمحور إشكالية الدراسة حول معرفة مدي تأثير الصراع الإقليمي بين كلًا من المملكة العربية السعودية و الجمهورية الإيرانية الإسلامية علي نفوذ كلًا منهما من خلال السيطرة علي الأمن الإقليمي العربي بالتركيز علي استخدام أدوات مُستحدثة في إدارة الصراع بينهما وهي الحرب بالوكالة والتي تتشابه في خصائصها مع مفهوم الحرب الباردة وتحليل كيف يتم توظيف هذه الأداة من قبل أطراف الصراع مما خلق نوع من عدم الاستقرار الأمني بمنطقة الخليج العربي، بالإضافة إلي التركيز علي تحليل العوامل المؤدية لتأجيج الصراع السعودي الإيراني إلي أن تطور إلي حد ما يُعرف بالحرب بالوكالة بينهم ، ومن خلال ذلك تم طرح السؤال الرئيسي للدراسة بالشكل التالي :
إلي أي مدي تؤثر الحرب بالوكالة بين فاعلين دوليين علي الأمن الإقليمي؟
وبالتطبيق علي دراسة حالة منطقة الخليج العربي فيُصبح السؤال كالتالي :
إلي أي مدي ستؤثر الحرب بالوكالة بين كلا الطرفين السعودي والإيراني علي أمن منطقة الخليج العربي ؟
ينبثق عن هذا السؤال الرئيسي مجموعة من الأسئلة الفرعية وهي كالتالي :
١)ما هي مظاهر تطور الصراع بين الطرف السعودي و الإيراني على الأمن الإقليمي العربي ؟
٢)ما هي المحددات الرئيسية للصراع السعودي الإيراني و أثرها على استمرار التكامل إقليمي بين دول المنطقة الخليجية ؟
٣)كيفية استخدام كل من الدولتين أدوات الصراع لإدارة الحرب بالوكالة بينهما ؟
٤)إلى أي مدى ستؤثر الحرب بالوكالة بين السعودية و إيران على الاستقرار الداخلي لدول منطقة الخليج العربي؟
التحديد الزماني:
فيتمحور النطاق الزمني للدراسة هو الفترة منذ عام 2011م إلي عام2022م ، فتم اختيار تاريخ بداية الدراسة و هو ما بعد عام 2011م لأن بتلك الفترة حدث تطورا كبيرا بالعلاقات السعودية الايرانية من خلال قيام المملكة السعودية بالعمل على وقف المد الشيعي من قبل الدولة الإيرانية على أمن منطقة الخليج العربي مروراً بعام 2015م الذي تم به توقيع الاتفاقية الايرانية لتنفيذ البرنامج النووي، بينما يرجع سبب اختيار عام 2022م كتاريخ نهاية الدراسة نظرا لتصاعد الصراع السعودي الإيراني بالآونة الأخيرة بالتزامن مع قصف ميناء جدة السعودي من قبل الحوثيين المدعومين من قبل الدولة الإيرانية.
التحديد المكاني:
يتحدد النطاق الجغرافي للدراسة وفقاً للنطاق الاقليمي الذي يشمل المملكة العربية السعودية و الدولة الإيرانية و أثر الحرب بالوكالة بينهم على أمن منطقة الخليج العربي و التي تعد المحور المكاني التي تدور حوله هذه الدراسة و بالتطبيق على بعض حالات الدراسة الواقعة ضمن المنطقة الخليجية ، فتعد الدولة العراقية و اليمنية هما النطاق المكاني الأكثر تحديداً وفقاً للحيز الجغرافي المتضمن لهذه الدراسة.
الأهمية العلمية :
- تكمن الأهمية العلمية لهذه الدراسة في أنها ستقوم بتوضيح أثر الحرب بالوكالة بين كل من المملكة العربية السعودية و الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي الأمن الإقليمي لدول الخليج ويعد موضوع الدراسة من الموضوعات التي لم يتم دراستها بمثل هذه المتغيرات من قبل .
- هذه الدراسة تعتبر إضافة جديدة إلي المجال البحثي و الأكاديمي الخاص بفرع العلاقات الدولية، كما أنه من أكثر القضايا الحساسة و الشائكة في منطقة الخليج نظرا لتعارض مصالح كلا الطرفين ورغبة كل طرف في إحكام السيطرة و الهيمنة علي منطقة الخليج نظرا للأهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها و القيام بدور المهمين أو القائد الإقليمي.
الأهمية العملية:
تكمن الأهمية العملية في أن الدراسة تقوم بدراسة الصراع الدائر بين كل من المملكة العربية السعودية و الجمهورية الإسلامية الإيرانية اللذان يمثلان القوي الإقليمية الكبرى في المنطقة العربية و الخليجية علي وجه الخصوص ، فالمملكة العربية السعودية تمثل المحور المركزي في منطقة الخليج العربي و تمتاز بالأهمية الاستراتيجية و ثروتها البترولية و الحضارية و الدينية الضخمة ، كما أنها تعتبر قائدة لاتباع المذهب السني ، وبالنسبة إلي الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهي تتميز بموقع جغرافي متميز نتيجة لإطلالها علي مضيق هرمز و سيطرتها علي بعض الجزر المتواجدة به الذي يعتبر من أهم المعابر المائية العالمية و بالتالي يزيد هذا الموقع من أهميتها الاستراتيجية بالإضافة إلي ثروتها الحضارية و التاريخية و النفطية كما أنها تعد قائدة أتباع المنهج الشيعي وتسعي لنشره في أكبر قدر من الدول المجاورة، كما أن هذه الدراسة ستغيد صانعي السياسة الخارجية الإيرانية و السعودية علي حد السواء في فهم الاستراتيجيات التي تعتمدها الدولة الأخرى في علاقاتها معها بالإضافة إلى التعرف على كيفية صياغة السياسة الخارجية لكلا الدولتين بما يحقق قدر أكبر من المصالح لكل منهما.
عرض الأدبيات السابقة:
فتنقسم الأدبيات السابقة إلى ثلاث اتجاهات رئيسية :
أولًا : الدراسات المرتبطة بالأمن الإقليمي بالمنطقة وبأمن دول الخليج:
1) دراسة لعبد العزيز عبد العزيز المهري بعنوان التحولات السياسية في النظام الدولي الجديد و أثرها على أمن دول مجلس التعاون الخليجي و استقرارها خلال الفترة ( 1990- 2010)
تهدف الدراسة إلى التعرف على كيفية تأثير التغيرات في طبيعة العلاقات بين قوى النظام الدولي على الأمن الإقليمي لمنطقة الخليج العربي و استخدمت هذه الدراسة منهجين من مناهج البحث العلمي و هما: المنهج التاريخي و المنهج الوصفي التحليلي و توصلت الدراسة إلى كيف أن تكون للتغييرات القائمة بهيكل النظام الدولي و موازين القوى أثرًا على إحداث الاضطراب الأمني بالمنطقة ، و أوصت الدراسة بضرورة تحقيق التكامل الإقليمي بين دول منطقة الخليج العربي مما يعزز من قوتهم تجاه التحديات التي يشكلها التنافس الدولي على المنطقة و على الجانب الأخر اقتصرت الدراسة على إظهار النموذج العراقي و كيفية تأثير التغيرات الدولية عليه دون التركيز على بقية دول الخليج الأخرى ، أيضًا إغفال التركيز على الفترة التي لحقت قيام قوى أخرى منافسة للدور الأمريكي بالمنطقة مثل : الصين و روسيا و لذلك تمثلت أوجه الاستفادة ذات الصلة بهذه الدراسة من خلال محاولة التعرف على كيفية تأثير التغيرات القائمة بالنظام العالمي الجديد على أمن منطقة الخليج العربي([4]).
2) دراسة لفرج مفتاح، بعنوان تهديدات الأمن القومي العربي المعاصر(2013-2016)
تهدف الدراسة إلى التعرف على مجموعة أنماط المخاطر المتعددة التي من الممكن أن تلحق تهديدًا لاستقرار الأمن القومي العربي سواء الدولية أو الإقليمية و قد اعتمدت هذه الدراسة على المنهج التاريخي التحليلي ( تحليل النظم ) و توصلت الدراسة إلى أن هناك علاقة مترابطة بين حدوث أى خلل باستقرار الأمن القومي و العربي و بين تهديد أمن دول المركز العربي ثم أوصت الدراسة بعدة آليات يجب على الدول العربية اتباعها لحماية بقاءها بينما أغفلت الدراسة توضيح كيفية تفعيل هذه الآليات على أرض الواقع و تمثلت أهمية هذه الدراسة من خلال التعرف على وضع الأمن القومي العربي بالفترة التي لحقت قيام ثورات الربيع العربي بالمنطقة([5]).
3)دراسة لرجائي سلامه الجرابعة، بعنوان الاستراتيجية الإيرانية تجاه الامن القومي العربي في منطقة الشرق الأوسط (1979-2011)
تسعى هذه الدراسة إلى إظهار طبيعة العلاقات الإيرانية العربية و السياسات العربية المترابطة لمواجهة الخطر الإيراني و استخدمت هذه الدراسة منهجين لتحليل الإطار العلمي لهذه الدراسة و هما : المنهج التاريخي و المنهج الوصفي التحليلي و توصلت الدراسة إلى أنه يجب تدعيم المقومات التي يرتكز عليها أمن الأمه العربية و قد أوصت الدراسة بضرورة العمل على مواجهة التمدد الإيراني و تحجيم دوره بالمنطقة العربية و لكن اقتصرت الدراسة على إظهار معارضة الدول العربية على التدخل الإيراني بالشئون العربية دون الإشارة إلى الاستراتيجيات العربية المتخذة لمواجهة ذلك الخطر و كان للدراسة أهمية في تسليط الضوء على أهداف السياسة الإيرانية نحو المنطقة العربية([6]).
4) دراسة لرانية محمد طالب ، بعنوان معضلة الأمن القومي العربي و التدخل الدولي : سوريا دراسة حالة للفترة (2011-2016)
تتمحور هذه الدراسة حول تحليل كافة الركائز الهامة اللازمة لتحقيق الاستقرار العربي بالمنطقة و التحديات التي يواجهها و استخدمت هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي و منهج دراسة الحالة لتحليل القضية محل الدراسة و توصلت الدراسة إلى أن قضية الأمن القومي العربي قضية تستلزم التعاون المشترك لتعميم الأمن بالمنطقة و أوصت الدراسة بضرورة إعادة إحياء مفهوم الأمة العربية و الوحدة بين أعضائها و لكن على الجانب الأخر لم يتم تناول السبل الواجب اتباعها لمواجهة التدخل الخارجي و تمثلت أوجه الاستفادة من هذه الدراسة من خلال توضيح مفهوم الأمن القومي العربي و القرارات العربية المتخذة في هذا السياق([7]).
5) دراسة ل AnasOmair بعنوانTOWARDS A NEW SECURITY ARCHITECTURE IN THE GULF: CHALLENGES , CONSTRAINTS AND THREATS
تهدف هذه الدراسة إلى تحليل التحديات التي تواجهها دول منطقة الخليج العربي على المستوى الوطني و الإقليمي و الدولي و تناولت السياسات الخليجية المختلفة لمواجهة تلك التحديات و التي تمحورت حول الدور السعودي و القطري من خلال إقامة تحالفات سياسية تجمع بين دول المنطقة العربية لحماية الأمن الإقليمي العربي من التهديدات الخارجية و التي على رأسها الخطر و الإيراني و الإسرائيلي و توصلت هذه الدراسة إلى ضرورة العمل على إعادة توجيه الاستراتيجيات المتبعة من قبل دول الخليج الرائدة بوضع التصورات الخاصة بالنظام الأمني متكامل الأركان لديهم و أوصت الدراسة بمجموعة من السياسات المختلفة لحماية النظام الأمني و الجيوسياسى لدول الإقليم على الرغم من أن هذه الدراسة احتوت على عدة أوجه قصور و هي عدم ذكر آليات تطبيق السياسات المتبعة التي تتمكن دول الخليج من خلالها الحفاظ على أمنها القومي و تمثلت أوجه الاستفادة في التعرف على عناصر التهديد المحتملة للاستقرار الأمني الخليجي و سياسات الأخيرة للتصدي إليه([8]).
ثانيًا : الاتجاة الخاص بالدراسات المرتبطة بالصراع السعودي الإيراني :
1)دراسة لفراحتية عبد الرازق، بعنوان الصراع السعودي الإيراني اليمن نموذجا(2011-2017)
تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على خصائص النظام اليمني و مصادر التهديد الإقليمية و الدولية لأمن الدولة اليمنية و اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي الوصفي و من أهم النتائج التي توصلت لها هذه الدراسة أن العلاقات السعودية الإيرانية غير مستقرة و أن اليمن هذه مثالًا لممارسة الاستقطاب السياسي من قبل الدولتين المتنازعتين و أوصت الدراسة بضرورة وضع خطط من قبل الدولة اليمنية لمواجهة التدخل الخارجي دون الإشارة إلى موقف الدول العربية الأخرى من هذا التدخل و لذلك تمثلت أوجه الاستفادة لهذه الدراسة في متابعة الأوضاع اليمنية و مراحل تطور الصراع السعودي الإيراني([9]).
2) دراسة لسليمان سامي ، محمود رحال ، بعنوان تأثير التنافس السعودي الإيراني على النظام الامني الاقليمي للشرق الأوسط (2011-2020)
تسعى الدراسة إلى إبراز التنافس السعودي الإيراني على منطقة الشرق الأوسط و الأهمية الحيوية لديها و اعتمدت هذه الدراسة على عدة مناهج بحثية و منها : المنهج التاريخي ، المنهج المقارن و منهج دراسة الحالة و قد توصلت الدراسة إلى أن التكالب الإقليمي و الدولي على المنطقة قد ازداد بالآونة الأخيرة في الصراع القائم و تداعيات ذلك الأمن الإقليمي لديها و كان للدراسة مجموعة من التوصيات من أهمها ضرورة التأكيد على التعاون بين دول المنطقة لإقامة التوازن الإقليمي بها و لكن اقتصرت الدراسة على ذكر أثر التنافس السعودي الإيراني على المنطقة بشكل عام دون التطرق لموقف نماذج لبعض الدول العربية من ذلك التنافس و لكن كان للدراسة دور في تقديم نظرة عامة شاملة حول مكانة الشرق الأوسط و الآثار المترتبة على ذلك التنافس الإقليمي على الأخيرة([10]).
3) دراسة لعادل عنتر،بعنوان العلاقات السعودية الإيرانية في القرن الحادي و العشرين بين ميزان القوة و توازن الهويات
تهدف الدراسة إلى التعرف على مراحل تطور العلاقات السعودية الإيرانية و العوامل المؤدية لتفاقم الصراع بينهم و استخدمت المنهاجية الاختبارية لتحليل هذا الموضوع إلى أن توصلت لعدة استنتاجات منها أن العوامل الحاكمة لطبيعة العلاقة الصراعية بين الطرفين هى عوامل إيديولوجية و قد أوصت بضرورة العمل على تفسير تلك العوامل لتحليل هذا الصراع القائم دون التركيز على الأليات المفسرة لتلك العوامل و تكمن أهمية هذه الدراسة في تضييق بؤرة التحليل لهذا الصراع على عوامل إيديولوجية دون غيرها من العوامل المادية([11]).
4) دراسة لإلياس ميسوم،محمد بن أحمد، بعنوان البرنامج النووي الإيراني كمتغير في الصراع الإيراني – السعودي
تهدف هذه الدراسة إلى إبراز مدى خطورة البرنامج النووي الإيراني و تأثير ذلك على أمن منطقة الشرق الأوسط في إطار التوتر القائم بين الدولتين الإيرانية و السعودية و قد توصلت الدراسة إلى التعرف على المخاطر المحتملة لهذا البرنامج و إلى أى مدى ستزداد العلاقات السعودية الإيرانية تعقيدًا و أوصت بضرورة وعي دول منطقة الشرق الأوسط بأهداف ذلك البرنامج النووي ، لذلك تمثلت أوجه الاستفادة من هذه الدراسة في التعرف على بداية نشأة ذلك البرنامج و الغرض من إنشائه و تأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط و لكن أغفلت هذه الدراسة توضيح المنهاجية التي تم الاعتماد عليها لتحليل هذه القضية([12]).
(5 دراسة ل Maria Maddalena بعنوان The proxy war between Iran and Saudi Arabia: the case of the Yemeni civil war (master em Escudos Internucleonic
تهدف الدراسة إلى معرفة أسباب عدم الاستقرار التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط و الانقسام الإقليمي القائم بين الطرفين السعودي و الايراني على الأساس المذهبي و تحليل نمط الحرب بالوكالة القائمة بينهم و استخدمت منهاجية مراجعة الأدبيات العلمية و تحليل المصادر المفتوحة كالمقالات و قد توصلت الدراسة إلى تداعيات الحرب بالوكالة بين السعودية و إيران على استقرار الحالة اليمنية و أوصت بضرورة الوصول إلى آليات لمعالجة الاضطراب الأمني بالمنطقة و قد قدمت هذه الدراسة بعض أوجه الاستفادة و منها التعرف على أساليب نمط الصراعات الغير تقليدية و منها الحرب بالوكالة و تحليل الأوضاع اليمنية في إطار هذه الحرب و لكن أغلفت هذه الدراسة توضيح سبل تحليل أوضاع الدولة اليمنية إبان ظهور نمط الصراعات المستحدثة على المنطقة([13]).
ثالثًا: بالدراسات المرتبطة بتأثير الدور الإيراني على الأمن الإقليمي (أمن دول الخليج) الدراسات المرتبطة بالأمن الإقليمي بالمنطقة وبأمن دول الخليج:
1) ) دراسة لفؤاد عاطف العبادي، بعنوان السياسة الخارجية الإيرانية و أثرها على أمن الخليج العربي(1991-2001)
هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على أثر السياسة الخارجية الإيرانية علي أمن الخليج العربي خاصة بعدما اختلفت السياسة الخارجية الإيرانية في الفترة فيما بعد حرب الخليج الثانية ، استخدمت الدراسة منهجين للتحليل وهما المنهج التاريخي و المنهج الوصفي التحليلي، توصلت الدراسة إلي الازدواجية الواضحة في السياسة الخارجية الإيرانية من حيث التقارب وعوامل التنافر التي تصدر من سياساتها ، تأثر منطقة الخليج العربي من الإجراءات الأمنية لإيران و إجرائها للمناورات لإظهار قدرتها العسكرية و قيامها بإخلال توازن القوي في منطقة الخليج ، اقتصرت الدراسة علي التركيز بشكل أساسي علي السياسة الخارجية الإيرانية دون غيرها من المتغيرات المؤثرة بشكل أكبر علي أمن الخليج العربي، ويمكن الاستفادة من هذه الدراسة من خلال التعرف علي توجهات السياسة الخارجية الإيرانية و الأفكار و المعتقدات الدينية لها المتناقضة مع معتقدات دول الخليج([14]) .
2) دراسة لراشد أحمد الحنيطي، بعنوان مبدأ تصدير الثورة الإيرانية و أثره على استقرار دول الخليج العربية (الحوثيون في اليمن نموذجا)(1994-2013)
هدفت هذه الدراسة إلي التعرف علي التوجهات الفكرية الإيرانية المتبعة في تنفيذ مبدأ تصدير الثورة و التي كان لها تأثير علي الاستقرار في دول الخليج و التركيز علي التصورات الإيرانية لقضية الأمن الإقليمي الخليجي ، استخدمت هذه الدراسة ثلاثة مناهج للتحليل وهما المنهج التاريخي و المنهج التحليلي الوصفي و المنهج التحليلي النظمي ، وقد توصلت الدراسة إلى أن نظرية ولاية الفقيه التي أسسها “اجتهاد الخميني” هي شيعية بحتة تلخص الموقف الشيعي بأكمله فهي منصب إلهي أنيط بالإمام كخليفة للرسول صلي الله عليه وسلم ، وتسعي إيران لتطبيق هذه النظرية في الدول العربية بعد أن تجعلها دولا غير مستقرة فتقوم بتصدير الثورة إليها ، اقتصرت هذه الدراسة علي التركيز فقط علي الجانب الإيراني و اغفلت إبراز مواقف دول الخليج وردود أفعالهم تجاه مبادئ الثورة الإيرانية التي تحاول إيران تصديرها إليهم ، ويمكن الاستفادة من هذه الدراسة في التعرف علي مبدأ تصدير الثورة الإيرانية بشكل أساسي و كيف أثر علي دول الخليج من خلال الحركة الحوثية علي وجه الخصوص([15]).
3)دراسة لإياد محمود حسن، بعنوان السياسة الخارجية الإيرانية تجاه منطقة القرن الإفريقي و أثرها على أمن الخليج العربي منذ العام 2005.
قامت هذه الدراسة بتحليل أبعاد السياسة الخارجية الإيرانية تجاه منطقة القرن الأفريقي و أثر هذه السياسة علي أمن الخليج العربي لما لها من أهمية جيو استراتيجية من خلال تحكمها في طرق التجارة الدولية خاصة امدادات مصادر الطاقة للأسواق الأوروبية وبالتالي المحاولات الإيرانية في السيطرة علي المضائق و المسطحات المائية المجاورة لمنطقة الخليج العربي التي تساهم في تهديد الأمن والسلامة لمنطقة الخليج العربي، وقد استخدمت الدراسة منهج المصلحة الوطنية في تحليل موضوعها ، توصلت الدراسة إلى أن إيران في سياساتها في أفريقيا تسعي إلي نشر المذهب الشيعي من خلال المؤسسات الإيرانية وهو ما شهدته دولة السودان، كما توصلت إلي أن هدف الاستراتيجية العربية الموحدة للتعامل مع إيران هو وقف جميع تدخلات النظام الإيراني في الشئون الداخلية للدول العربي و التصدي لسياساته العدائية التي تهدد الأمن و الاستقرار في المنطقة و منع تكوين أي ميليشيات مسلحة ترتبط بالنظام الإيراني داخل الدول العربية ، و اقتصرت هذه الدراسة علي التركيز علي السياسة الخارجية الإيرانية في منطقة القرن الإفريقي دون الدول الخليجية، ويمكن الاستفادة من هذه الدراسة من خلال التعرف على توجهات السياسة الخارجية الإيرانية وكيف أن هذه السياسة تؤثر علي الأمن الإقليمي لدول الخليج حتي وإن لم توجه لهذه الدول و أهمية منطقة القرن الإفريقي وقدرتها علي إحداث تهديدات للأمن الإقليمي الخليجي([16]).
4)دراسة لإيمان قطب ، بعنوان تحليل الاستراتيجيات الأمنية في الخليج العربي و المأزق النووي بالتطبيق على الأزمة النووية الإيرانية(2002-2014)
قامت هذه الدراسة بتفسير الوضع الأمني في الخليج و مدي فهم دول مجلس التعاون الخليجي و إيران لمتطلبات الأمن الإقليمي و تحليل أداء الاستراتيجية الأمنية في الخليج العربي سواء استراتيجية مجلس التعاون الخليجي أو الاستراتيجية الإيرانية و الرؤية الاستراتيجية الأمنية لكل طرف بما يتعلق بالأمن الإقليمي لمنطقة الخليج العربي و مقارنة آثار هذا الأداء بمعطيات المأزق النووي في الخليج العربي، وتم استخدام المنهج الوصفي التحليلي في هذه الدراسة لوصف الظواهر المتعلقة بالبيئة الاستراتيجية الأمنية في منطقة الخليج العربي، توصلت الدراسة إلى أن الاستراتيجية الإيرانية علي معرفة جيدة بنقاط ضعف مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلي أنها تمتلك رؤية شاملة و محددة لأمن الخليج العربي انعكس ذلك علي دورها في المحيط الإقليمي بأكمله ، ، اقتصرت هذه الدراسة علي دراسة خطر البرنامج النووي الإيراني علي أمن منطقة الخليج دون ذكر المتغيرات المؤثرة الأخرى، ويمكن الاستفادة من هذه الدراسة من خلال معرفة كل من الاستراتيجية الأمنية لمجلس التعاون الخليجي و الاستراتيجية الأمنية لإيران و المقارنة بينهما في نقاط القوة و الضعف([17]) .
5) دراسة ل Anthony CordesmanIran بعنوان Revolutionary Guards ,the Al Quds Force ,and Other Intelligence and Paramilitary Forces
من دراسات كثيرة تتابع القوات المسلحة الإيرانية ومنها الحرس الثورى الإيرانى، وقوة القدس الذراع الخارجية للحرس الثورى وهى واحدة من أبرز أدوات السياسة الخارجية الإيرانية و تستخدم فى الكثير من سياسات سوريا و العراق من خلال القائد اللواء قاسم سليمانى، توصلت هذه الدراسة إلى أن تصورات موضوعية حول حجم قوات الحرس الثورى وما يمتلكه من أسلحة وتجهيزات بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية والقوات الأمنية الإيرانية الأخرى ، أوجه القصور بهذه الدراسة تركيزها على الأداة العسكرية فقط فى السياسة الخارجية الإيرانية([18]).
6) دراسة ل Kenneth Katzman بعنوان Iran’s Foreign and Defense policies ، تطرح هذه الدراسة معلومات مهمة عن التحركات السياسية فى المنطقة ضمن مفاهيم الأيدلوجية و المصالح الوطنية و كذلك أدوات استراتيجية الأمن القومى الإيرانى و الدبلوماسية والدعم العسكرى والمالى للأنظمة و الحركات الحليفة ، بالإضافة إلى برامج إيران النووية و الدفاعية ، وتحركات إيران فى سوريا و العراق ودول الخليج ، توصلت هذه الدراسة إلى معلومات هامة عن حجم التعاون و الخلاف فى العلاقات الإيرانية الخليجية ، وتم تقسيم العلاقات بين إيران ودول الخليج الست حسب التفاعلات التعاونية والصراعية بينهما ، أغفلت هذه الدراسة ردود أفعال دول الخليج تجاه السياسة الخارجية الإيرانية([19]).
الإطار المفاهيمي:
الحرب بالوكالة :
هو مفهوم حديث ظهر بالآونة الاخيرة كنمط من أنماط الصراع المعاصرة ، فيشير إلى عدم التدخل للفاعل السياسي بالحرب القائمة بينه و بين فاعل آخر و يكون له تأثيرًا كبيرًا في تغيير مسار الحرب بأكملها ، فهى تحدث في نطاق جغرافي خارج سيطرة كلًا من الدولتين المتنازعتين على عكس أنماط الصراع التقليدي المباشر ، فهى تنشأ عن طريق تجنيد مجموعات مسلحة و قوى عسكرية لخوض هذه الحرب بالنيابة عن الدولة و ذلك يعتمد على قدرات المالية للدولة و هؤلاء الوكلاء يمثلون طرف ثالث من الأطراف الأساسية للصراع و التي من الممكن أن تكون دولة أخرى أو فاعل من الفاعلين من غير الدول ، فيؤكد الكاتب ” هيوز” على ضرورة توافر ثلاثة عناصر أساسية بمفهوم الحرب بالوكالة و هى امتلاك القدرات التسليحية ، الإمكانيات التمويلية و الأدوات اللوجستية و يعود أصل ذلك المفهوم إلى الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية و هى فترة الحرب الباردة تزامنًا مع ظهور القطبية الثنائية بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي كقوتين عظميتين و بداية استخدام أساليب الردع النووي حيث أصبح الصراع غير مباشر و ليس عسكريا و من هنا بدأ اللجوء إلى استخدام أساليب مستحدثة لإدارة الحروب و على رأسها الحرب بالوكالة و التي تنشأ على أراضي تمثل أهمية حيوية لديهم فضلًا عن التوسع نحو مناطق النفوذ لديهم و التي يتم من خلالها كسب العديد من العناصر الداعمة لها من كافة دول العالم و تعتمد استمرارية هذه الحرب و تعظيم قدرة الفاعل السياسي على تحقيق مكاسب شخصية على مدى قوة العلاقة بين الأشخاص الموكلين بخوض الحرب و الدولة الطرف الرئيس بالصراع و العمل على تمويلهم بكافة الإمدادات لضمان ولاءهم التام للدولة المستقطبِة لهم و تعتمد تقديم هذه المساعدات بكافة أشكالها على عوامل عدة منها : الخبرة العسكرية التي يمتلكها هؤلاء الوكلاء و الحفاظ على الاستقرار الامني للدولة و تجنب وقوع الخسائر البشرية و المادية ، فضلًا عن مدى التقارب الإيديولوجي بين الدولة و وكلائها و أيضًا مدى ولاءها للدولة و الاعتماد عليهم كمصدر هام للبيانات و المعلومات كعناصر استخباراتية عن الدولة التي تخوض الحرب تجاهها([20]).
و قد أشار ” كريس لوفمان” أن للحرب بالوكالة مكونان رئيسيان و هما : درجة المخاطرة و مدى التقارب الإيديولوجي القائم على مدى تحقيق الأهداف المصلحية لكًلًا من الدولة و وكلائها على أن تتحمل الأخيرة كافة المخاطر المترتبة على هذه الحرب و من المزايا التي يتسم بها هذا النمط من الصراعات هو قدرة الدول المتصارعة على تحقيق مصالحها و تعظيم قوتها دون أن تعرض المجال الحيوي لها للخطر و يعزز من بسط نفوذها على النظام العالمي مما ساهم في تفاقم حدوث الحروب بالوكالة بالآونة الأخيرة مع ظهور ثورة المعلومات و عصر العولمه و تطور تكنولوجيا الأسلحة مما كان له أثرًا على بروز دور الفاعلين دون مستوى الدولة في إطار هذه الحروب و أصبح نمط العلاقات الدولية غير مقتصر على التفاعلات بين الدول و لكن يتضمن التفاعلات بين الدول من جهة و الأطراف الفاعلة الأخرى ، أيضًا من سمات هذه الحروب هو الإسهام في تطور مستوى التكتيكات الاستراتيجية المستخدمه و من أسباب اللجوء إلى الحروب بالوكالة هو انخفاض معدل التكاليف البشرية التي تتحملها الدول عند اتخاذ قرار خوض الحرب حيث يتم التضحية بمواطنين الدولة التي تشهد هذه الحرب لاسيما تجنيد جزءًا من المواطنين لصالح طرف من أطراف النزاع القائم ضد الدولة الأصل و يقتصر نطاق الحرب على الدولة المقرر إقامة النزاع عليها دون أن تتحول لحرب عالمية أو إقليمية تمس أمن الدول الكبرى المتنازعة ؛ لذلك فتتجه الدول الكبرى إلى التوسع نحو الدول النامية و الضعيفة و التي بحاجه لتعزيز مكانتها بين دول العالم و الذي قد يصاحبه تبعية لهذه الدول مقابل إمدادها بالموارد و سبل التنمية اللازمة لها و لكن على الجانب الأخر من المخاطر التي يمكن أن تلحق بالدول الكبرى عند خوض الحرب بالوكالة ضد أطراف الأخرى هو عدم ضمان الولاء التام من قبل الوكلاء و لاسيما أن تصبح جزءًا من قوات الدولة الخصم( [21]).
معضلة الأمن :
يشير ذلك المفهوم إلى قيام كل دولة على حدى بتعظيم قدراتها الأمنية و العسكرية مما يهدد أمن الدول الأخرى المجاورة لها أو التي تدخل في حرب أمامها مما يشكل خطرًا كبيرًا عليها مما يدفع الدول الأخرى لتعظيم القوة المسلحة لديها للحفاظ على الوضع الأمني للدولة ، فتنشأ حالة من عدم التوازن الأمني بين الدول و الاضطراب بمكونات النظام الدولي دون أن يتم وضع حد معين يقيد استخدام الدول لأدوات القوة الأمنية لديها حين تمثل تهديدًا لأمن الدول الأخرى مما يؤدي لتعاظم فرصة حدوث الصراعات الدولية ، حيث يشير مفهوم معضلة الأمن إلى قيام دولة ما بالعمل على تحقيق الأهداف الوطنية لديها عن طريق اتخاذ كافة الوسائل التي تصب في تنفيذ الهدف ، فيؤدي ذلك لتعارض الأخير مع متطلبات توفير الحد الأدنى من الأمن لدى دولة أخرى من خلال عدم إيفاء الدولة الأولى بالتزاماتها تجاه الدول الأخرى و التي من شأنها التأثير سلبًا على المصالح المرتبطة بها و التي تصاحب اللجوء لتعظيم أدوات القوة الصلبة لديها لكي يتم تحقيق التوازن اللازم مع الدول الأخرى التي تمكنت من تحسين أوضاعها بكافة المجالات المختلفة ،فيصبح ذلك إنذارًا بالخطر للدول المجاورة لها و تستمر هذه الحلقة المفرغة من خلال استمرار كلا الدولتين في سباق التسلح بينهما حرصًا على حفظ البقاء القومي لديهم ([22]).
فالمقصود بالمعضلة الأمنية من وجهة نظر المدرسة الواقعية هو قيام الدول بتعظيم القوة المادية لها لكي تصبح ذات مكانة كبرى بين أعضاء المجتمع الدولي فتتمكن من اتخاذ سياسات تساهم في حماية عناصر القوة الامنية لديها و تفادي أية تهديدات محتملة لها مما يقود إلى اتخاذ إجراءات استباقية للحصول على كافة الادوات الامنية التي تجعلها تتجنب أية مخاطر من الممكن أن تلحق بها دون أن يتم وضع الاستقرار الامني للدول الأخرى في الاعتبار و تسعى الدول لتعظيم مصادر قوتها بأي وسيلة كانت ، ويعرف جيرفس المعضلة الامنية على أنها حالة من الإنذار بحدوث الصراع بين دولتين أو أكثر من أجل تلبية الاهداف و المصالح الامنية لكل دولة على حدى و اتجاه كل دولة إلى الحصول على الآليات المسلحة بكافة الطرق و الوسائل دون أن يقيدها حدوث أية اضطرابات باستقرار الدول المجاورة مما يؤدي لاتباع معظم الدول ذات الاجراءات الوقائية التي تتبعها الدول الأخرى لمحاولة خلق أساليب جديدة من الوقاية الامنية و لذلك فقد أطلق عليه النموذج الحلزوني في ظل الطبيعة العدوانية للنظام الدولي و الذي يقصد به تطوير أساليب إدارة المجال الامني من قبل دولة ما لتخطي فعالية الاساليب الامنية المتبعة من قبل دول أخرى مما يثير حالة من التنافس علي الساحة الدولية و تنقسم أنماط السياسة الامنية إلى نمطين و هما : أما سياسة دفاعية كسياسات الردع أو سياسات هجومية و على وجه أخر يعرف تشارلز مفهوم المأزق الأمني على أنه التحركات الدولية نحو تفعيل آليات الحفاظ على الأمن القومي في ظل سمة السيولة الحاكمة لهيكل النظام الدولي([23]).
مفهوم الأمن الإقليمي :
الأمن الإقليمي هو قيام مجموعة من الدول باتخاذ خطوات تدريجية لتنسيق السياسات الدفاعية فيما بينهم لإنشاء سياسة دفاعية واحدة تصبح بالنسبة إليها مصادر التهديدات و الحلول لصدها واحدة لدي أعضاء الإقليم ، بالنسبة للبعض الأخر يعني التأمين الداخلي لمجموعة من الدول خلال إبعاد الأخطار الخارجية عنها بمجموعة من الترتيبات الأمنية الموحدة و يحدث ذلك بناء علي اجتماع المصالح الذاتية و المشتركة للدول المشاركة في هذا الإقليم([24]).
هذا المفهوم بدأ ينتشر في المجالات البحثية و الدراسات الأكاديمية عندما ازدادت أعداد المنظمات الإقليمية التي تم تأسيسها في أمريكا اللاتينية و الوطن العربي أيضا في الأربعينات من القرن الماضي وفي الخمسينات ظهرت في الدول الأوروبية وفي الستينات ظهرت في قارتي أفريقيا و آسيا ، وهذه المنظمات كان عملها يدور حول البحث في المسائل التي تتعلق بالأمن الإقليمي و لكن عملها هذا لم يتحول إلي سياسات تطبيقية علي أرض الواقع نظرا للحرب الباردة بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفيتي السابق التي أدت إلي إعاقة هذه المنظمات من القدرة علي معالجة مسائل الأمن الإقليمي ، ولكن بعض من هذه المنظمات نجحت في عمليات التسوية السلمية للمنازعات وهذا النجاح أعطي للمفهوم ثقل و مكانة بالإضافة إلي توثيق العلاقات التعاونية بين هذه المنظمات و الأمم المتحدة ، كما أن ترابط العلاقة بين الآلية العالمية و الآلية الإقليمية للأمن أسهم في ترابط العلاقة بين كل من الأمن الإقليمي و الأمن الوطني بالإضافة إلي تقسيم العالم إلي أقاليم أمنية تهتم بالمسائل الأمنية الخاصة بكل إقليم (مثل العلاقة التعاونية بين كل من حلف الناتو و مجلس الأمن ).
تعرف الأمم المتحدة (الأمن الإقليمي )علي “أنه نظام يشكل البعد الدولي للأمن و المنظمات المعنية به وقد تبلور ذلك بصورة أولية في ميثاق الأمم المتحدة من خلال الفصل الثامن الذي ركز علي صلاحية العمل الإقليمي لمعالجة الأمور المتعلقة بحفظ السلم و الأمن الدوليين”([25]).
لتعريف الأمن الإقليمي لابد من وجود مجموعة من المعايير ،تتمثل هذه المعايير في وجود الامكانات العسكرية لدول المنطقة و المستويات التكنولوجية و التقنية التي تمتلكها ، حالة وحجم و استراتيجية القوات المسلحة لدول المنطقة ، الجودة في إدارة قطاع الدفاع الخاصة بدول المنطقة ، طبيعة الحدود بين دول المنطقة ( الجغرافية و السياسة ) ، التحالفات العسكرية و السياسية بين دول المنطقة، دور النخب السياسية في اختيار الحلفاء داخل المنطقة و خارجها ، حالة النظام الدولي في المنطقة المجاورة للدول و علي النطاق الإقليمي، طبيعة الاستراتيجيات المعتمدة من قبل المشاركين في النظام الدولي في المنطقة، موقع المنطقة في النظام العالمي)[26](.
يتميز هذا المفهوم عن مفهوم الأمن الوطني الذي يعني ضمان تحقيق الأمن لشعب و حدود دولة معينة لمواجهة الأخطار الخارجية فهو يعتبر أكثر شمولا منه، ويتميز أيضا عن مفهوم الأمن الدولي الذي يعتبر المجموع الكلي لعلاقات الأمن بين دول العالم المختلفة ، الأمن الإقليمي يعرف من قبل المدرسة الكلاسيكية علي أنه سياسة مجموعة من الدول تنتمي إلي ذات الإقليم و تهدف إلي الدخول في تعاون عسكري أمني مشترك لردع القوي الخارجية من التدخل من خلال السيطرة علي الشئون الداخلية لدول الإقليم وذلك عن طريق التعاون و التنسيق الأمني و العسكري علي جبهاتها الداخلية، ويقوم نظام الأمن الإقليمي بتحقيق الأمن و الحماية للدول من الداخل و إزاحة التهديدات الخارجية بعيدا عنها ، ويعد مفهوم الإقليمية في حد ذاته مختلف عليه من جانب الباحثين ، فهناك من يعتبر أن الإقليمية أساسها الرقعة الجغرافية و الروابط الجغرافية التي تظهر في علاقات التجاور الجغرافي و بالتالي الأمن الإقليمي لابد أن ينشأ بين مجموعة من الدول المتجاورة جغرافيا، وهناك من يعتبر أن عوامل الجوار الجغرافي ليست كافية لإقامة نظام للأمن الإقليمي وأنه بجانب هذه العوامل لابد أن تتواجد الروابط التاريخية و الثقافية و الأوضاع الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية المشتركة بين الدول الأعضاء في نظام الأمن الإقليمي، وهناك من ذهب إلي أن إقامة نظام للأمن الإقليمي لا يشترط به أن يكون هناك تجاور جغرافي أو روابط تاريخية و ثقافية مشتركة بين الدول الأعضاء و لكن العامل الأكثر أهمية هو ضرورة وجود المصالح السياسية و الاقتصادية المشتركة بين الدول الأعضاء، هو عبارة عن استخدام أدوات متعددة كالأدوات الاقتصادية ، السياسية، العسكرية من قبل مجموعة من الدول التي تشترك في مساحة جغرافية محددة علي سطح الكرة الأرضية وتربط بينها عدة روابط( تاريخية ، ثقافية ، اجتماعية، سياسية، اقتصادية )، وذلك لضمان تحقيق الشعور بالأمن و الطمأنينة و الاستقرار لشعوب هذه الدول و حمايتها من الأخطار الخارجية المحتمل حدوثها لدولة واحدة من هذه الدول ولكنها تمثل تهديدا لباقي الدول الأخرى نظرا لترابطهما معا([27]).
مفهوم الامن الإقليمي العربي:
يعني قدرة الدول العربية علي المحافظة علي استقرار أمنها و الحفاظ علي استقلال أراضيها و تأكيد سيادتها عليها بالإضافة إلي قيامها بتكريس جهودها و إمكانياتها في مختلف المجالات السياسية و الثقافية و الاجتماعية والاقتصادية من خلال الاعتماد المشترك من كافة الدول علي القدرات العسكرية و الدبلوماسية لتحقيق الأمن و الاستقرار للدول العربية([28]).
مفهوم أمن دول الخليج :
يعني ضمان تحقيق الحماية لدول الخليج من الأخطار المتعددة المحتمل حدوثها ، و حماية المصالح الحيوية بالنسبة لها ،و الحفاظ علي أمنها و استقرارها و قوميتها المميزة و حقها في السيادة علي أراضيها ،و استهداف الظروف المناسبة لتحقيق أهدافها الاقتصادية المتعددة ، الانتفاع بأكبر قدر ممكن من مواردها التي تساهم في تحقيق مصالحها المشتركة ، بالإضافة إلي مواجهة الأطماع الخارجية لدي الدول الكبرى المتمثلة في الاستيلاء علي الثروة النفطية المتوفرة بكثرة لديها وهذه المواجهة تتم من خلال تبني استراتيجية مشتركة تعمل علي تحقيق قدر كبير من التكامل في كافة المجالات و تستطيع العمل بكفاءة و فاعلية مع التحديات المتعددة التي تواجه دول الخليج كالتحديات السياسية ، العسكرية ، الاقتصادية، الاجتماعية و الثقافية([29]).
مفهوم المصلحة الوطنية:
ارتبط مفهوم المصلحة العامة ارتباطا وثيقا بمفهوم الدولة و تخصصاتها فالدولة فى الماضى كانت تقتصر وظائفها على القيام بوظـائف الأمن والجيش أي الدولة الحارسة، ولكن هذا الدور أخذ فى الاتساع ليضم عدة مجالات كانـت فـي الماضى تمارس فقط من قبل الأفراد.
مفهوم المصلحة الوطنية يعنى أن مؤسسات الدولة هى المسئولة عن إشباع احتياجات أفراد هذه الدولة بغض النظر عن درجة قربها أو بعـدها عـن السلطة، وبالتالى فالمصلحة العامة فى حالة تناقض تام مع المصلحة الخاصة”.
يقول الدكتور عبداالله جمعة الحاج، إن مفهوم المصلحة الوطنيـة هـو ” أحـد الركـائز الأساسية التي تقوم عليها السياسة الخارجية، وعمليات إدارة وتوجيه السياسة الخارجية عادة ما يتم تبريرها في صيغ من تحقيق أو المحافظة على المصلحة الوطنية للقُطر المعني. وهذه تعتبر الحاصل النهائي للعديد مـن الاعتبـارات الاقتصـادية والسياسـية والجغرافيـة والعسـكرية والأيديولوجية والثقافية. الاعتبارات السياسية تغطي المحاولات التي يقوم بها قُطر اما لتحسـين قوته أو نفوذه في الخارج ويكسب الأصدقاء والحلفاء والشركاء عن طريق التحالف معهم .”
وتعد المصلحة الوطنية العليـا بمثابة البوصلة الموجهه لصانع القرارات بالإضافة إلى كونها الأساس الذى يتحدد عليه ما هى الدول و المنظمات الدولية التى ستتعامل معها هذه الدولة طبقا لمعيار المصلحة الوطنية.
المصلحة الوطنية تعلو فوق الطموحات الشخصية والفئوية، والحزبيـة، وأي محاولة لإغفال المصلحة العليا يفقدها صفة الوطنية ويؤدى بها إلى الأنانية والتفكير بالذات وبالتالى فإن ترتيب الأولويات بما يضمن المصلحة الوطنية العليا ومستقبل الأجيال القادمة يعد مهمة جميع أفراد المجتمع ([30]).
منهج الدراسة :
سيتم الاعتماد على عدة محاور لتحليل منهج الدراسة و هي :
١)توظيف المفاهيم التحليلية المذكورة في الإطار المفاهيمي.
٢)توظيف النظريات التحليلية المذكورة في الإطار النظري و هى نظرية مركب الأمن الاقليمي.
٣)سيتم الاعتماد على عدة مصادر أولية و هي:
تنقسم أدوات جمع البيانات لتلك الدراسة إلى نوعين من الأدوات : الأدوات الأولية و الثانوية ، فتتمثل الأدوات الأولية لموضوع الدراسة الخاص بتحليل الصراع السعودي – الإيراني و أثره على أمن منطقة الخليج العربي حول الوثائق الرسمية الصادرة عن المؤسسات السعودية و الإيرانية كالخطابات الصادرة عن وزارة الخارجية السعودية و غيرها من الأجهزة الرسمية الأخرى و كذلك البيانات الإحصائية التي تستخدم في تحليل الموقف السعودي و الإيراني من خلال تعامله تجاه بعض القضايا المثارة إلى جانب تحليل الاتفاقيات التي تعد تلك الدولتين طرفًا بها سواءًا على المستوى الإقليمي أو الدولي و على جانب أخر تتعدد المصادر الثانوية التي يعتمد عليها كلا الدولتين عليها في الوصول من خلالها إلى المعلومات المطلوبة و منها : الكتب و المقالات و الرسائل العلمية و غيرها من المصادر المعرفية الأخرى.
الفصل التمهيدى: الإطار النظري:
سيتم الاعتماد في تحليل هذه الدراسة علي نظرية مركب الأمن الإقليمي التي أسسها باري بوزان و أتخذ المستوي الإقليمي وحدة أساسية للتحليل التي تنبثق منها القضايا الأمنية و ذلك نظرا لأن الوحدات الدولية و خاصة الدول تأسس العلاقات الأمنية الخاصة بها مع غيرها من الدول بناء علي عامل الإقليم المشترك و ليس العامل العالمي مع الحفاظ علي دورها في التعامل مع الجهات الخارجية الفاعلة أو القضايا ذات الطابع العالمي بالإضافة إلي القوي الأخرى المؤثرة علي المركب الأمني .
المركب الأمني : ” هو عبارة عن مجموعة من الدول التي ترتبط اهتماماتها الأمنية الأساسية مع بعضها البعض بحيث لا يمكن النظر إلي أوضاعها الأمنية الوطنية بمنأى عن بعضها” ([31]).
و من خلال تطبيق هذا المفهوم علي إقليم معين يصبح المفهوم هو (مركب الأمن الإقليمي) الذي ذاع صيته مع نهاية الحرب الباردة مع تبلور استقلالية الديناميكيات الأمنية خاصة علي المستوي الإقليمي، أوجد ذلك ثلاث تأثيرات أساسية علي مفهوم الأمن الإقليمي وهم :
١)اختلاف طبيعة و حجم اختراق القوة العالمية لمركبات الأمن الإقليمي في الدول النامية ، وظهر ذلك في فكرة أن النظام الدولي قسم إلي عالمين منطقة نزاع و منطقة سلام
٢) اختلاف طبيعة الأجندة الأمنية فلقد أضيف لها قضايا أمنية غير تقليدية تتعلق بأمن الأفراد
٣) انتهاء مظاهر السيطرة و السيادة التي كانت تمارس من قبل القوي الكبري علي بعض الأقاليم
و يعد مفهوم مركب الأمن الإقليمي عند باري بوزان ” هو عبارة عن مجموعة الدول التي اهتماماتها الأمنية الأولية مرتبطة مع بعضها البعض بشكل وثيق بحيث أن الأمن القومي للواحدة لا يمكن أن يكون معتبرا بشكل معقول بعيدا عن الأخرى ” ، بعد مرور فترة زمنية اقترح باري بوزان تعريفا اخر لمركب الأمن الإقليمي “وهو مجموعة الوحدات التي تكون بينها العمليات الكبرى للأمننة أو اللاأمننة أو كلاهما هي جد مترابطة بحيث أن مشكلات الأمن لا يمكن أن تكون محللة بشكل معقول بعيدة الواحدة عن الأخر( [32]).
مهددات الأمن الإقليمي:
قام باري بوزان بتصنيف قطاعات التهديدات الأمنية للأقاليم و قسمها لأربع تهديدات وهم كالتالي:
١) تهديدات تستهدف القطاع السياسي : وهذه التهديدات لها نمطين نمط خارجي يتعلق بمقدار تأثر الدولة بالتفاعلات و الأحداث الحاصلة بالنظام الدولي، نمط داخلي يرتبط بأوضاع الدولة الداخلية و كيف تؤثر عليها كوحدة أساسية.
٢) تهديدات تستهدف القطاع البيئي : وهي تلك التهديدات الناتجة عن ما يقوم به الأفراد من أنشطة تؤثر علي النظام الايكولوجي .
٣) تهديدات تستهدف القطاع العسكري: وهي تلك التهديدات التي تعمل علي إضعاف القدرات العسكرية للدولة.
٤) تهديدات تستهدف الطابع المجتمعي: و هي تلك التهديدات التي تعمل علي إحداث حالة من التفرقة الاجتماعية في المجتمع و محو الهوية الخاصة بالدولة و الإقليم المستهدف([33]) .
ركز باري بوزان على التطورات الحديثة التي صاحبت مفهوم الأمن ، فأصبح يركز على المستوى الإقليمي بعد المستوى الوطني لدى قضية الأمن من خلال تحليل التفاعلات الأمنية العابرة للحدود الوطنية للدولة مما أدى لارتباط الاستقرار الداخلي لدى الأخيرة بالوضع الاقليمي المحيط بها ، لذلك قام مفكرو هذه النظرية بتوجيه الانتقادات لدى المدرسة الواقعية التي تستند إلى القوة العسكرية كأساس لتحقيق البقاء الامني للدولة على عكس الافتراضات التي تتبناها نظرية مركب الأمن و هي أن التباين في مستويات القوة لا يتحدد على أساسها الدور الإقليمي للدولة ، لأن مؤشرات مفهوم القوة الاقليمية غير ثابتة بالنسبة لكافة الدول ؛ فالدول المستقرة أمنياً تستطيع مواجهة أية تهديدات خارجية على خلاف الدول التي تعاني من الهشاشة الأمنية فتصبح خاضعة للسيطرة الخارجية مما كان له أثر على التباين بين الاستراتيجيات الأمنية التي تتبناها الدولة ، ومع منظور ما بعد الحداثة و التطور التكنولوجي كرد فعل للمدرسة الواقعية ولكنها أكدت أيضاً على أن الدولة هي الفاعل الرئيسي بالعلاقات الدولية و لكن ما يميز هذا الاتجاه تجاوز فكرة الحدود الوطنية و أكدت على حرية التفاعلات بين الثقافات المختلفة ، و تختلف التحديات الامنية باختلاف أنظمة الدول و نماذجها المختلفة فضلاً عن اختلاف درجة أهمية المصالح الوطنية للدولة مما يؤثر على تنوع الاستراتيجيات الأمنية التي يتم وضعها بين الدول وفقاً للمركز الاقليمي التي تتمتع به بين الدول المحيطة بها.([34])( [35]) )[36](
و بتطبيق نظرية مركب الأمن الاقليمي على حالة الدراسة و هي أمن منطقة دول الخليج العربي ، فكان للتنافس السعودي الإيراني دوراً في تهديد المركز الإقليمي التي تتمتع به دول الخليج لا سيما التكامل الاقليمي فيما بينهم و يعود ذلك إلى المكانة الإقليمية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية باعتبارها مركز الخليج العربي و أيضاً التفاعلات الايرانية الخليجية بالمنطقة مما ساهم في بروز الدور الإيراني من خلال التأثير على السياسات الأمنية لدى دول المنطقة كدولة العراق و اليمن و غيرهم و أدى ذلك إلى تصاعد الصراع بين المملكة العربية السعودية و إيران على المنطقة الذي ساهم في الإخلال بالوضع الأمني لدى بعض دول المنطقة التي شهدت جزءًا من الصراع الغير مباشر بين الدولتين كالحرب بالوكالة و وفقاً لهذه النظرية فإن الوضع الإقليمي لدى السعودية و إيران هو المحدد الرئيسي للاستقرار الداخلي للدول الخليجية المحيطة بهم ، فضلاً عن المصالح الوطنية لديهم مما يؤدي لاختلاف درجة الأهمية الاستراتيجية لدول الخليج لدى الطرفين المتنازعين و كان لذلك تأثيرا على درجة التحديات الأمنية التي تشهدها دول المنطقة وفقاً لعامل درجة حدة الصراع الاقليمي بين الدولتين مما يترتب عليه الاضطراب بالتوازن الإقليمي للمنطقة.
الفروض العلمية:
هناك علاقة عكسية بين كلا من الحرب بالوكالة بين الدول المتصارعة و الأمن القومي لها و الأمن الإقليمي للدول المجاورة لها، فكلما ازدادت نسبة هذه الحروب بين الدول شكل ذلك تهديد للأمن القومي لها و الأمن الإقليمي للدول المجاورة لها، وبالتطبيق علي الحرب بالوكالة بين كل من المملكة العربية السعودية و إيران يصبح الفرض العلمي هو أنه كلما ازدادت شدة و نسبة الصراع المتمثل في الحرب بالوكالة بين كلا الطرفين السعودي والإيراني أثر ذلك بالسلب في إضعاف و إلحاق التهديد بالأمن القومي لكلا الطرفين و بأمن دول الخليج.
الفصل الأول :
مظاهر تطور الصراع بين الطرف السعودي و الإيراني و الأمن القومي العربي:
تمهيد :
تعددت أنماط و طبيعة العلاقات التي دشنت بين المملكة العربية السعودية و الجمهورية الإيرانية بين أوجه الصراع و التعاون تأثرًا بالأحداث التي شهدتها الساحة الإقليمية و الدولية التي أصبحت هاتين الدولتين طرفًا بها أو حليفة لأي من طرفي الصراع المتنازعة و التي على رأسها : قيام الثورة الإيرانية و حرب الخليج الأولى إلى أن بدأت تعود العلاقات إلى استقرارها و تتسم بالطبيعة التعاونية بينهما تزامنًا مع مجئ الرئيس محمد خاتمي لتولي منصب ولاية الفقيه بالفترة التي أعقبت حرب الخليج الثانية ، ولكن كان لأحداث 11 سبتمبر تأثيرًا كبيرًا على مستوى الترابط المشترك بين الدولتين متمثلًا ذلك فى موقف كلا منهما من التدخل الخارجي الذي أصاب المنطقة العربية و منطقة الشرق الأوسط كالتدخل الامريكي بالعراق و أفغانستان مما كان له دور في ظهور التنافس الإقليمي بين السعودية و إيران لمواجهة ذلك التدخل و السعي لفرض الهيمنة الإقليمية من قبل الدولتين و نشر القيم و المبادئ الإيديولوجية المصاحبة لها من خلال العمل على تبني أذرع سياسية و عسكرية بدول المنطقة العربية التي تعاني من حروب و صراعات داخلية من أجل توطيد الوجود السعودي و الإيراني بهم و بناء قوة مساندة لديهم([37]).
المبحث الأول : العلاقات الإيرانية السعودية عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر:
توجد العديد من المحددات الحاكمة للعلاقات الإيرانية – السعودية على المستوى الداخلي و الخارجي و كان لأحداث 2001 أثرًا كبيرًا على أمن و استقرار النظام الدولي التي تتزعمه الولايات المتحدة الامريكية المرتبطة بجعل قضية الإرهاب الدولي على رأس القضايا الأمنية و التي ارتبطت بالاحتلال الامريكي للعراق و أفغانستان الذي يعد من أهم العوامل المؤثرة على التنافس السعودي – الإيراني على الساحة الإقليمية ، حيث تمثل الدور السعودي في العمل على تحجيم الهيمنة الإيرانية التي أصبحت المستفيد الأول من إعلان الولايات المتحدة حربها على الإرهاب بإسقاط نظامي صدام حسين و حكومة طالبان مما يمهد لديها الطريق لإحكام سيطرتها على المنطقة العربية ، لذلك كانت المملكة العربية السعودية تسعى لدعم النظام العراقي في الحفاظ على سيادته و استقراره من خلال حمايته من التغلغل الخارجي به و بالأخص التدخل الإيراني و على مستوى الحرب على أفغانستان ، فتزعمت الدولة السعودية دائرة المفاوضات القائمة من أجل القضاء على نقاط التوتر بأفغانستان و التوفيق بين العناصر الفاعلة بها بما يؤكد على نجاح الدولة السعودية في ممارسة دورها الإقليمي المقيد لتنامي المصالح الإيرانية بكلا الدولتين ، فكانت أبرز تداعيات الاحتلال الامريكي للعراق هو اختلال توازن القوة بمنطقة الشرق الأوسط الذي ساهم في ظهور التصاعد الإيراني عقب إسقاط النظام العراقي بل و السعي للسيطرة عليه مما أبرز موقف الدولتين المناقض لكلا منهما تجاه الأخرى. ([38]) ([39])( [40]).
و بعد انقضاء فترة الانقسام التي كانت قائمة بين الدول على المستوى الإقليمي و الدولي حول التدخل الأمريكي الذي اجتاح المنطقة العربية ، شهدت العلاقات بين السعودية و إيران مرحلة جديدة بتولي الرئيس محمد خاتمي السلطة من خلال قيام الدولة الإيرانية بتبني سياسة خارجية هدفها تعزيز العلاقات التعاونية مع دوار الجوار و لا سيما العالم الخارجي مما يعمل على إضفاء مكانتها الإقليمية بين الدول الأخرى أى التخلي عن التوجه الديني القائم منذ قيام الثورة و رفع شعار المصلحة القومية الإيرانية ، لذلك كانت المملكة العربية السعودية على رأس الدول التي سعت إليها إيران لاستعادة دائرة العلاقات التعاونية بينهم بعد فترات ممتدة من الصراع نظرًا لأن الدولة السعودية هي مركز العالم الإسلامي و منطقة الخليج العربي التي من خلالها سيتم تدعيم العلاقات الإيرانية – العربية و إنهاء العزلة الدولية التي فرضتها الولايات المتحدة و زادت عدد الزيارات المتبادلة بين الدولتين نظرًا لأن توجهات القوى السياسية الإيرانية التي كانت سائدة بتلك الفترة تدور حول تبني السياسة السلمية تجاه دول العالم الإسلامي و على الجانب السعودي ، فتوجد العديد من عوامل القوة التي تمتلكها الدولة الايرانية تعزز القوة الوطنية السعودية على مستوى كافة عوامل القوة المختلفة و الترابط الجيوستراتيجي بينهم و كان مستوى التقارب بين الدولتين يرتبط بتوجهات القيادة السياسية الإيرانية التي تختلف من حقبة لأخرى ، فضلًا عن مدى الاضطراب الامني الذي عانت منه المنطقة العربية في الفترة التي أعقبت عام 2001 مما استوجب إقامة التعاون بين القوى الإقليمية الكبرى بالمنطقة و هي السعودية و إيران للحفاظ على توازن القوى بها و التخفيف من حدة الآثار الخارجية الامريكية التي عانى منها الداخل العراقي باعتبار الأخيرة من أهم الدول التي تتوسط منطقة الخليج العربي فضلًا عن تهديد الوجود الامريكي بالمنطقة للنظام السياسي الإيراني مما قاد الأخير إلى الاستفادة من توتر العلاقات الامريكية – السعودية عقب احداث 2001 نظرًا لاتهام الولايات المتحدة الجانب السعودي بمشاركة بعض العناصر السعودية بتفجيرات واشنطن و مهد الطريق للجانب الإيراني اتباع سياسة ملأ الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة من خلال تهميش سياسات الأخيرة تجاه الدولة السعودية و بروز أوجه التعاون الاقتصادي بين البلدين خلال أزمة النفط التي كانت منتشرة آنذاك و التي ظهرت من خلال التعاون بين السعودية و إيران و فنزويلا في إطار عمل منظمة الاوبك على وضع سياسات اقتصادية من شأنها مواجهة ظاهرة ارتفاع أسعار النفط بالسوق العالمية بما يحقق المصالح الاقتصادية لدى كل منهما([41] )([42])( [43]) ([44])( [45]).
و لعل أبرز جهود التعاون المشترك بين كل من السعودية و إيران بمجال حفظ الأمن الخليجي و الأمن القومي العربي على نطاق أوسع هو عقد الاتفاقية الامنية عام 2001 بينهم و ذلك لتمتع الدولتين بكافة المقومات السياسية و العسكرية و غيرها التي تمكنهم من امتلاك مكانة إقليمية كبرى بمنطقة الشرق الأوسط و من أجل تحقيق الرؤية الإيرانية وهى تعزيز الوجود الإيراني بين دول العالم العربي و التي نشأت من خلال التبادل الدبلوماسي بين البلدين ، ثم تم عقد الاتفاقية الأمنية و التي نصت على ضرورة تحقيق قدرًا من التوافق و التعاون بين البلدين من أجل وضع سياسات أمنية لحفظ الاستقرار الإقليمي لمنطقة الخليج العربي و هي : محاربة الإرهاب و الأعمال الغير مشروعة و الصراعات الداخلية مما كان له أثرا مهمًا على تطور العلاقات السعودية – الإيرانية على المستوى السياسي و الأمني بل و ساهمت الاتفاقية في تحقيق التقارب الخليجي – الإيراني من خلال الدور الإيراني في تصفية النزاعات الحدودية القائمة بينها و بين دول الخليج كقضية النزاع الاماراتي – الإيراني ، فضلًا عن تعزيز أوجه التعاون الثقافي و الاقتصادي و غيره من الأوجه الأخرى( [46])( [47])([48]).
و ظلت العلاقات مستقرة و يغلب عليها الطابع التعاوني بين الدولتين حتى عام 2005 الذي اتسم بعودة التوجه الديني و السعي الإيراني لتولي قيادة العالم الإسلامي و رفض تعاظم الوجود السعودي بالمنطقة العربية و ذلك مع تولي الرئيس محمود نجاد الذي اتسمت فترة حكمة بمرحلة عودة تآزم العلاقات مرة أخرى بعد حالة التقارب و التوافق بين الجانبين التي من شأنها إعلاء المصالح القومية لمنطقة الخليج العربي و ليس محاولة فرض الاتجاه الإيديولوجي القومي الإيراني على كافة دول المنطقة و هو المعارض للقيم و المبادئ الثقافية الراسخة بها مما أدى لعودة الدولة الإيرانية إلى القيام بترويج و بث قيم الثورة الإسلامية التي ترتكز عليها الجمهورية الإيرانية ، لذلك طرأت العديد من التحولات على السياسة الخارجية السعودية تجاه إيران من خلال القضاء على خطر التمدد الشيعي بالدول العربية و المخطط الإيراني الخاص بالسعي نحو إقامة تحالفات سياسية مع بعض العناصر الشيعية الموالية لها من خلال تأجيج مشاعر الانقسام الداخلي بين القوى الوطنية داخل الأنظمة العربية المختلفة كالاستفادة من الطائفية العراقية بين السنة و الشيعة و إسقاط نظام صدام حسين الداعم للفئة السنية من وراء الاحتلال الامريكي للعراق الذي قاد إلى توطيد الوجود الإيراني مسيطرًا على العناصر الشيعية التي تشكل نسبة كبرى من إجمالي الشعب العراقي مما يهدد المكانة الإقليمية للدول السعودية من خلال إقصاء التيار السني عن النظام السياسي العراقي الذي شهده الأخير من جراء تعظيم النفوذ الإيراني بالعراق و لكن عندما أدرك الرئيس الإيراني مدى خطورة المشكلات التي سوف يواجهها من التهديدات الامريكية و فرض العزلة الإقليمية مرة أخرى عليها ، قام الجانب الإيراني بإعادة الظر حول استعادة العلاقات الدبلوماسية مع الدولة السعودية و فرص التعاون بينهما من أجل كسب رضاء الطرف السعودي إليها و حماية البرنامج النووي الإيراني من خلال إفساد أية محاولات لتعزيز التقارب الامريكي – السعودي بما يصب في حماية الأهداف الداخلية الإيرانية التي كانت تأتي على رأس أولويات الأخيرة مع إيلاء اهتمام أقل تجاه القضايا الخارجية لديها سواءًا على المستوى الإقليمي أو الدولي أى أن الهدف من وراء تحسن العلاقات السعودية – الإيرانية و تنامي الزيارات الإيرانية نحو المملكة هو تمكين الدولة الإيرانية من العمل على حماية موارد القوة الخاصة بها و يتضح ذلك من خلال خطاب الرئيس الإيراني ( احمدي نجاد ) قائلًا :
” إن علاقتنا تتوسع و تتطور بشكل جيد مع المملكة العربية السعودية و الزيارة كانت ضرورية تمامًا حتى نكون على إلمام بوجهات النظر الأخرى لكل جانب حول التغيرات الجذرية في المنطقة و العالم الإسلامي “([49])( [50])( [51])( [52])( [53])( [54])( [55]).
و أصبحت المنطقة العربية موطن للتنافس بين القوى الغربية و التي ترأسها الولايات المتحدة و إيران التي تسعى للسيطرة على إقليم الشرق الأوسط من خلال قيام كلا من الدولتين بتعظيم القوة المسلحة و أسلحة الدمار الشامل و التي تشمل القوة النووية بما يكسب النظام الإيراني مكانة دولية تنافس بها قوى النظام العالمي مما يكون له أثرًا على اختلال التوازن الامني بمنطقة الخليج العربي و لأن الدولة السعودية هي الدولة القائد التي يقع على عاتقها مهمة حفظ الأمن الخليجي من الانتشار النووي بها إبان إعلان إيران البرنامج النووي لها عام 2005 و توجيه الإنذار لديها بأن تعزيز القوة النووية من أجل أغراض عسكرية قد يؤدي لقطع العلاقات الخليجية الإيرانية بما يودي لتهديد أمنها الداخلي و خلق فرص لتنمية الوجود الامريكي بالمنطقة ، فقد لعبت الدولة السعودية دور الوسيط بين الطرفي الامريكي و الايراني عن طريق عقد قمة الرياض عام 2007 التي أوصت بضرورة تسوية الخلاف بينهما بما يحقق الهدف الكامن وراء عقد هذه القمة و هو إنهاء كافة أوجه الصراع الدولي بالمنطقة و عدم قيام القوى الخارجية بجعل منطقة الخليج ساحة لسباق التسلح بينهم و ليس انحيازًا للجانب الإيراني دون الاعتراض على حق كل دولة على حدى في امتلاك نصيبًا من القوة النووية لتحقيق أهدافها السلمية بما يضمن المصالح السعودية بالطاقة النووية بجانب ضرورة حفظ النطاق الأمني لكافة دول المنطقة من خلال منع انتشار القوى العسكرية التابعة للمعسكر الغربي كذريعة اتخذتها الولايات المتحدة لتقنين تواجدها بالمناطق المضطربة بالدول العربية عقب إعلان حربها على الإرهاب نتيجة لأحداث 2001 و تبرير التدخل الامريكي بدول منطقة الخليج من أجل نشر قيم الديموقراطية و الإصلاح السياسي بها و الذي ساهم في إبراز التضامن السعودي – الإيراني لعرقلة ذلك التدخل بالفترة التي أعقبت اهتمام كلا الدولتين بإدخال الإصلاحات الداخلية لديهم من جراء الهجمات الإرهابية ، و لكن على جانب أخر ؛ قد عاد توتر العلاقات السعودية – الإيرانية بالتزامن مع مساهمة الطرف الإيراني في تعميق عدم الاستقرار بالدولة اللبنانية عام 2008 من خلال استغلال الانقسام الطائفي و تعزيز محاولات الاستقطاب المذهبي للطوائف الشيعية لديها كعناصر داعمة لها بالدول العربية و هو حزب الله مما اثار الاعتراض السعودي على التغلغل الإيراني بمنطقة الخليج العربي و ليس فقط بدولة العراق و لبنان بل و قضية فلسطين من خلال دعم حركة حماس و لكن قامت المملكة العربية السعودية باحتواء هذه القضايا العربية من أجل العمل على حلها و تحجيم الدور الإيراني بإثارة حالة من عدم الاستقرار داخل الدول العربية([56])( [57] )([58] )([59])( [60])( [61]).
المبحث الثانى: العلاقات السعودية الإيرانية فى أعقاب الثورات العربية 2011م:
شهدت البحرين اندلاع تظاهرات فى الرابع عشر من فبراير عام ٢٠١١م فى عدد من القرى الشيعية التى طالبت بتحسين الخدمات المتواجدة بهذه القرى ، ووضعت المعارضة عدة شروط حتى تفض هذه التظاهرات و تتشاور مع الحكومة البحرينية منها: ١/ الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين و محو قضاياهم من سجلات المحاكم.٢ / التعهد بالحفاظ على حق المعتصمين بالوجود بدوار اللؤلؤة ، الحفاظ على حياة هؤلاء المعتصمين طوال فترة الحوار مع الحكومة.٣/ إنهاء عمل الحكومة الحالية و فصلها وبدأ التحقيق فى أعمال القتل التى حدثت منذ اندلاع التظاهرات ومحاسبة المسئولين وتقديمهم للمحاكمة.٤/ الالتزام بجعل الإعلام الرسمى البحرينى محايد للتخفيف من حدة الاحتقان الطائفى، فى السابع عشر من مارس ٢٠١١م قدمت إيران شكوى إلى الأمم المتحدة ضد الحملة التى شنتها البحرين على المحتجين الشيعة و طلبت من دول المنطقة الانضمام إليها لتشجيع السعودية على سحب قواتها من البحرين ،ولكن رفضت البحرين محاولة إيران لجعل قضيتها قضية دولية حرصًا منها على عدم التدخل فى شئونها الداخلية من قبل القوى الدولية، فى عام ٢٠١١م تم استهداف المصالح السعودية فى الشرق الأوسط و مناطق أخرى فى محاولة نفذها إيرانيون ووكلاء “حزب الله ” ، وفى مايو ٢٠١١م تم إطلاق النار على دبلوماسى سعودى فى كراتشى من جانب عملاء إيرانيون، وفى عام ٢٠١٢م تم اعتقال مواطنين إيرانيين من جانب السلطات فى كينيا زعم أنهما عملاء من “قوة القدس” يعتقد أنهما كانا يُخططان لشن هجمات على أهداف إسرائيلية أو أمريكية أو بريطانية أو سعودية فى كينيا ، ويقال أن “قوة القدس” أنشأت كيان مختص بالعمليات الخارجية الخاص باسم ” الوحدة ٤٠٠” مهمته تنفيذ هذه الأنواع من الهجمات التى تهدف بالأساس إلى اغتيال دبلوماسيين من الدول التى تحاول إيقاف البرنامج النووى الإيرانى بكل ما أوتيت من قوة ، وفى عام ٢٠١٢م حدث هجوم إلكترونى موجه ضد شركة النفط السعودية الحكومية ” أرامكو”نسبته الاستخبارات الأمريكية ضد إيران ([62])،شكلت الثورات العربية التى انطلقت فى نهاية ٢٠١٠م نطاق واسع للتنافس الإيرانى السعودى وصل إلى حد الحرب الباردة حيث نشرت قوات درع الجزيرة فى مملكة البحرين؛ لمساندة الملك خليفة والقضاء على انتفاضة الأغلبية الشيعية ، واتهمت إيران السعودية بأنها تقدم الدعم والمساعدة للجماعات المسلحة الجهادية السنية فى سوريا ضد النظام السورى ، عندما تم إرسال قوات درع الجزيرة للقضاء على الاحتجاجات فى البحرين حذر نواب إيرانيون متشددون من أن هذا التدخل سيترتب عليه سقوط العائلة المالكة السعودية ، ولكن بعد ذلك فضلت إيران عدم المواجهة المباشرة مع قوات درع الجزيرة و سحبت أسطولها الذى أرسل لتقديم العون للأفراد البحرينيين فى الوقت الذى تم فيه وصول السفن السعودية إلى البحرين([63])،اضطرت دول الخليج العربى إلى أتباع سياسات حازمة فى الشرق الأوسط بعد قيام الثورات العربية فى عام ٢٠١١م، فمعظم هذه الدول دعت بقوة إلى إسقاط نظام بشار الأسد بسوريا لمحاصرة النفوذ الإيرانى ، ولكن مع اشتداد الصراع بدأت تظهر اختلافات كثيرة فى سياسات هذه الدول فبعض منها تراجعت عن رغبتها فى إسقاط نظام بشار الأسد و سيطرت عليها حالة من الخوف من حالة عدم الاستقرار فى المنطقة ، ولكن الدول الأخرى التى قامت بدعم فصائل المعارضة تصورت أن تحقيقها لمصالحها سيتم فى حالة زيادة تدخلها فى الصراع ، وفى أبريل ٢٠١١م قامت دول مجلس التعاون الخليجى بإصدار بيان مشترك وجهت به تهمة زعزعة أمن و استقرار المنطقة و التآمر ضد دول المنطقة -من خلال إنشاء شبكات تجسس تتآمر ضد دول الخليج- لإيران التى تعد العدو الإقليمى لهذه الدول، ولكن تغيرت هذه المواقف بعد اندلاع التظاهرات فى سوريا حليفة إيران ففكرت دول الخليج فى أن تستفيد من سقوط نظام بشار الأسد بالإضافة إلى إضعافها للقدرات الإيرانية على التأثير فى حلفائها الفلسطينيين و اللبنانيين المنضمين إلى حلف الممانعة ومن خلال ذلك تستطيع السعودية بسط نفوذها على المنطقة، ولكن دول الخليج كانت مدركة للتهديدات المترتبة على مساندتها العلنية لتغيير النظام و لذلك تراجعت وفى يوليو ٢٠١١م قدمت السعودية دعم مالى لنظام بشار الأسد من خلال قرض بقيمة ١٠٠ مليون دولار([64]) .
إلى جانب التحالف العربى الإسلامى الذى انطلق فى عام ٢٠١٥م وقادته المملكة ضد تمرد الحوثيين الذين يتم تمويلهم من جانب إيران ، كما اتهمت إيران السعودية بأنها صنفت حزب الله اللبنانى على أنه منظمة إرهابية ، كما قامت السعودية بحملة ضد قناة المنار التلفزيونية الرسمية الخاصة بحزب الله بالإضافة إلى منع البث عنها على القمر الصناعى عرب سات ([65])، لم تؤثر الثورات العربية فى عام ٢٠١١م على النظام الإقليمى العربى فقط بل على دول الخليج العربى أيضًا نتيجة لما ترتب عليها من عواقب كبيرة على المستويات الداخلية و العربية و الإقليمية و الدولية ، فقد اختلفت ردود الفعل تجاهها من جانب دول مجلس التعاون الخليجى فى أمور الحكم و مدى فعالية السياسة بالإضافة إلى التحول الديمقراطى حيث شجعت هذه الثورات النشطاء السياسيين و نخب المثقفين إلى المطالبة بإحداث تغييرات سياسية فى نظم الحكم الخاصة بهم بالإضافة إلى الإفراج عن الأفراد الذين تم اعتقالهم فى التظاهرات التى طالبت بإطلاق الحريات العامة فى الإمارات، سلطنة عمان، البحرين، السعودية ،لقد أحدثت هذه الثورات تأثيرات هامة فى إطار العلاقات التعاونية بالإضافة إلى العلاقات الصراعية بين دول المجلس الست، بالنسبة إلى الطابع التعاونى ظهر بشكل واضح من خلال التعاون الضخم الذى تم بين دول المجلس للتعامل مع الأزمة فى البحرين عام ٢٠١١م ، وظهر ذلك من خلال دعوة مجلس الوزراء السعودى لدول المجلس” للوقوف صفًا واحدًا فى مواجهة أى خطر تتعرض له أى دولة من دوله، والدعم الكامل للبحرين والتأكيد على ” وقوف المملكة بكل إمكاناتها خلف دولة البحرين وشعبها” ، كما أعلنت كل من دولة الكويت و الإمارات كذلك تضامنها الكامل مع مملكة البحرين ،كان هذا الدعم الضخم من دول المجلس للبحرين للتأكيد على أن ضرورة التعاون فى التعامل مع أزمة البحرين حتى لا تترتب أخطار تتأثر بها كافة دول المجلس فى حالة عدم التعامل الجاد مع هذه الأزمة، ومع ذلك كانت هناك بعض المشاحنات بين كل من البحرين وقطر بسبب فيلم وثائقى قامت بعرضه قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية أبرز الاحتجاجات المستمرة للمعارضة البحرينية ضد الحكومة ، وجاء رد فعل الإعلام البحرينى قويا تجاه قناة الجزيرة حيث وصفها بقناة الفتنة ، كما هاجمت صحيفة الأيام البحرينية الحكومة القطرية و اتهمت قناة الجزيرة بأنها عميلة لإسرائيل ، ولمعالجة هذه الخلافات الشديدة جاءت الوساطة الكويتية ضمن مبادرات تركية و أوروبية و أمريكية وهذه الوساطات والمبادرات جعلت المملكة العربية السعودية تتشك فى هذه المبادرات واعتبارها نوع من التدخل فى الشئون الداخلية لمملكة البحرين خاصة أن أغلب هذه المبادرات كانت تميل إلى الحوار الحل السياسى ، و نتيجة لذلك تم التدخل العسكرى من جانب دول المجلس للتصدى لهذه لمحاولات التدخل فى شئون البحرين ، إن هذه التفاعلات كانت تعتبر مؤشر هام فى التفاعلات الجماعية للمجلس وقراءته لمستقبل الأحداث على مستوى الخليج وعلى مستوى الدول العربية بالإضافة إلى المستوى الإقليمى الشرق أوسطى من خلال التدخل المتزايد فى الشئون الخاصة بالدول العربية عامة وخاصة فيما يتعلق بالثورات العربية و تداعياتها من خلال التأثير فى مآلات تلك الثورات لتعظيم المزايا و تقليل الخسائر لأقصى حد من جانب القوى الإقليمية الثلاث (إيران، إسرائيل،تركيا) ،تعاملت دول مجلس التعاون الخليجى مع الثورات العربية من خلال ثلاث إجراءات كالتالى:أولًا: احتواء الأزمة فى سلطنة عمان و البحرين من خلال التعامل معها على أساس أنها ذات طابع اقتصادى واجتماعى بحت من خلال تقديم المعونات المالية الضخمة فقد تم توفير ٢٠ مليار دولار تقسم بالنصف بين الدولتين لمعالجة الأزمات المتواجدة بداخلهم، ثانيًا: التصدى العسكرى للأزمة فى البحرين و التعامل معها على أساس أنها مؤامرة خارجية كان وما يزال لإيران دور رئيسى فى اشتعالها مع عدم الالتفات إلى العوامل الداخلية للأزمة و الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بداخل البحرين ، ثالثًا: توسيع العضوية بالمجلس من خلال ضم كل من المملكة المغربية و الأردن إلى عضويته كمحاولة لإنشاء منظومة توازن قوى إقليمية جديدة تنطلق من عدم الثقة فى القدرات الذاتية للمجلس و أن وجود إيران بالإقليم يمثل خطر حقيقى لابد من مواجهته بالإضافة إلى معارضة الولايات المتحدة الأمريكية فى تقييم الأحداث وقراءتها([66])، اعتبرت القيادة الإيرانية أن الحراك الذى نشأ فى مملكة البحرين عام ٢٠١١م بمثابة امتداد لايديولوجية الثورة الإسلامية المناهضة للغرب ، وبعد أن تم إيقاف هذا الحراك من قبل قوات درع الجزيرة ظهرت جماعات أكثر تطرفًا بداخل المجال السياسى الشيعى البحرينى خرجت منها ” كتائب الأشتر” وكتائب المختار ولجأ بعض قادة هذه الجماعات إلى إيران و العراق كان له نتائج سلبية ، فقد زاد من حجم التدخل الإيرانى فى الأعمال التخريبية التى نفذتها هذه الجماعات فى الفترة من ٢٠١٢: ٢٠١٧م بمساعدة حزب الله اللبنانى و الميليشيات العراقية ([67])، بعد أن كانت إيران مرحبة بالثورات العربية على النقيض من المملكة التى كانت معارضة لهذه الثورات ، أصبحت هذه الثورات تمثل بالنسبة لإيران مؤامرة أمريكية إسرائيلية عندما طالت الأراضى السورية ؛ لأن وصول آثار هذه الثورات إلى سوريا يعنى توجيه التهديدات لمحور المقاومة فى سوريا وبعد ذلك تم وصف الثورات بأجملها على أنها مؤامرة أمريكية إسرائيلية، وفى اليمن اعترفت إيران بوجود ثورة فقط عندما سقطت مقاليد الحكم فى أيدى الحوثيين وحاولوا السيطرة على إدارة حكم البلاد فى عام ٢٠١٤م([68]).
اختلفت ردود الفعل من جانب إيران تجاه الثورات العربية عن ردود الفعل من جانب السعودية ، فقد أصدرت إيران تصريحات وصدر عنها عدة مواقف ليست فقط مرحبة لهذه الثورات بل أيضًا أدرجت هذه الثورات تحت مايسمى ” الصحوة الإسلامية المباركة ” حيث قضت الثورة فى تونس و مصر على نظامين حليفين للولايات المتحدة الأمريكية و الغرب ، وأصبحت هذه الثورات بمثابة مؤشرات تشير إلى إمكانية القضاء على عزلة إيران الدولية التى فرضتها عليها الدول الغربية الكبرى منذ عام ٢٠٠٦م ، كما أذاع الإعلام الإيرانى و إعلام حزب الله اللبنانى عبارات تعبر عن سعادته بتحقيق انتصار ” محور الممانعة و المقاومة ” على ” محور التبعية للغرب” ، كما استغلت إيران فرصة إنشغال القوى الدولية باندلاع الثورة فى ليبيا وغيرها من تداعيات الثورات العربية و اكتسبت وقت كبير ساعدها فى الإفلات من المراقبة و الضغط الدوليين فيما يخص الملف النووى، بالإضافة إلى تحقيقها تقدم بسيط فى زيادة ما لديها من مخزون من اليورانيوم المخصب([69]).
ومع انقلاب الحوثيون على التوافقات اليمنية فى عام ٢٠١٤م -وقاموا بالإستيلاء على شئون الحكم فى صنعاء ومعظم الأراضى اليمنية من خلال القوة وبالتعاون مع الوحدات العسكرية التابعة للرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح- ازدادات الأمور سوءًا بين السعودية و إيران وترتب على ذلك قيام المملكة العربية السعودية ببناء تحالف عسكرى ضخم ضد الحوثيين تكون من ٢٤ دولة عام ٢٠١٥م ؛ حتى يكون دعامة أساسية لعودة الشرعية إلى الحكم باليمن ، بالإضافة إلى دعم إيران لنظام الحكم بسوريا من خلال ذراعها المتمثل فى بالحرس الثورى و ميليشياتها العراقية و اللبنانية للنظام السورى وقيام هذه الميليشيات بقتل السوريين و إبعادهم عن مساكنهم و جعلهم مشردين بلا مأوى ، بالإضافة إلى إتهام إيران بأنها من قامت بالعديد من الهجمات الإرهابية ضد السعودية وبعض دول الخليج العربى ، ويرجع سبب هذا الصراع والتنافس الشديدين بين كل إيران و السعودية إلى أن السعودية ترى أنها مسئولة عن النظام الإقليمى العربى- خاصة بعد تراجع دور الدولة المصرية على الصعيد العربى واكتفائها بمعالجة مشكلاتها الداخلية ، انهيار القوى الكبرى العربية الأساسية فى المشرق العربى (العراق، سوريا)- ولذلك فالسعودية ترى أنها المسئولة عن إيقاف النفوذ الإيرانى بالدول العربية خاصة أن هذا النفوذ المتزايد لإيران أصبح يشكل تهديدًا لها على حدودها الجنوبية مع اليمن ، كما أنها ترى أنها زعيمة للعالم الإسلامى([70])، تأثرت منطقة الخليج العربى بالثورات الحادثة فى عام ٢٠١١م فى عدد من الدول العربية ، فقد ظهر حراك شيعى فى الخليج و صاحبه تصعيد من جانب إيران ضد كل من البحرين و السعودية و الكويت وهذا الحراك ظهر فى تنظيم الثورة الإسلامية فى الجزيرة العربية تحت قيادة حسن الصفار فى السعودية ، وقامت من جانبها إيران بمحاولة لإستغلال هذه الأحداث من خلال تشجيع الحركات الراديكالية الشيعية فى شرق المملكة من خلال الإعلام الخاص بها،وحدث تحول كبير فى السياسة الخارجية السعودية فى عهد الملك سلمان من الدفاع إلى الهجوم فالمملكة باتت تقضى على أى تهديد تعتقد أنه موجه ضدها دون تردد وخير دليل على ذلك تدخلها العسكرى فى البحرين وفى اليمن ([71]).
اتاح الصراع بين السعودية و إيران الفرصة أمام خصوم كل منهما مثل قطر و تركيا للعب أدوار إقليمية كمحاولة لإستغلال الفرصة المتاحة أمامهم فى ظل غياب الدور السعودى و الإيرانى فى المنطقة كما حدث فى أثناء الأزمة السورية التى لم تكن مرغوبة من كل من السعودية و إيران، وأدى اندلاع الأزمة السنية الشيعية التى اعقبت اندلاع الثورات عام ٢٠١١م إلى إلحاق الضرر بالسعودية و إيران ، كما أن السعودية متوجسة من أن يصل هذا النزاع إلى المنطقة الشرقية الشيعية ، وبالنسبة لإيران فهى لا ترغب فى أن يترتب على هذا النزاع إلحاق أضرار بسياساتها التقليدية القائمة على وحدة الشيعة و السنة فى العالم الإسلامى ([72]).
السعودية لكى تحمى ذاتها ومصالحها فى الدول المجاورة لها بذلك جهود كبيرة حتى لا تطلها رياح التغيير التى طالت عدد من الدول العربية فضاعفت من جهودها الدبلوماسية من خلال جامعة الدول العربية، أسرعت بإرسال مساعدات مالية لسلطنة عمان و مصر و البحرين ، بالإضافة إلى النبرة الثورية التى جاءت فى خطاب أحمدى نجاد السياسى ووجه الاتهام إلى إيران بأنها المخطط لعملية أرهابية ضد السفير السعودى فى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أدت هذه السياسات السابقة مجتمعة إلى تدهور العلاقات مرة أخرى فى النصف الثانى من عام ٢٠١١م ([73]).
اجمعت كل دول الخليج فيما بينها على أن تتوجه بشكوى إلى الأمم المتحدة تتمثل فى رفض التدخل الإيرانى فى شئونها الداخلية ، كما أتهمت إيران بأنها تسعى بشكل جدى إلى تهديد الأمن الوطنى الخليجى، كما ترتب على موقف إيران الداعم للنظام السورى زيادة مشاعر الكراهية من جانب الدول العربية ضد إيران خاصة فلسطين، وتم اعتبار هذا الموقف يشجع على الطائفية بالإضافة إلى كونه قائمًا على تحقيق مصلحة إيران وبالتالي أصبحت السياسة الخارجية الإيرانية تجاه سوريا بمثابة نجاح لما يسمى ” بالهلال الشيعى” الذى يهدف إلى تحقيق المصالح و الحسابات الطائفية على حساب شعارات الحرية و الوحدة الإسلامية ، وكنتيجة لذلك قامت التيارات الإسلامية المشاركة فى الثورات العربية التى كانت تتضامن عادة مع إيران بإعلان رفضها للمواقف الإيرانية من خلال رفض ادعاءات إنتماء الثورات إلى النموذج الإيرانى بالإضافة إلى قطع العلاقات معها نتيجة لموقفها الداعم هى وحزب الله للنظام السورى([74]).
فى نهاية عام ٢٠١١م، أثرت الثورات العربية فى إيران فقد جعلتها هى وحزب الله الحليف الوحيد لها مقيدون ، على الرغم من أن إيران قبل اندلاع هذه الثورات بعامين استطاعت أن تستفيد من التواجد الأمريكى الخانق لها فى منطقة الخليج ، ولكن انتهى كل ذلك بحلول عام ٢٠١١م و أصبح من الصعب الاختلاف مع الاقتراح القائل بأن ” الافتراض بأن إيران هى القوة الإقليمية الناشئة قد تحطم” ، أظهرت الثورات العربية عام ٢٠١١م مدى الصراع الإقليمى الشديد بين السعودية و إيران وعلى الرغم من أنه كانت هناك فترات فى الماضى يميزها الصراع بين البلدين حول المكانة والنفوذ فى المنطقة، ولكنه الآن أصبح مرتبط بتحديد شكل النظام الإقليمى الجديد فهم الآن يتصارعون حول قيادة الإقليم([75]).
خلاصة الفصل :
و أخيرًا ، مرت العلاقات السعودية – الإيرانية بالعديد من التطورات و المراحل ؛ بداية من نشأة العلاقات التعاونية بين البلدين و تعزيز أوجه التكامل الإقليمي بمنطقة الخليج العربي من خلال التقارب السعودي الإيراني لمواجهة الأخطار الخارجية خلال عهد الرئيس الإيراني محمد خاتمي ، الذي اتسم عهده بصعود التيارات السياسية المعتدلة التي سعت لفرض التوجه السلمي للدولة الإيرانية و تحسين العلاقات الإيرانية – الخليجية إلى أن بدأ يضعف ذلك الترابط بينهما بدخول التنافس السعودي – الإيراني إلى مرحلة التآزم نظرًا لسعى كل من الدولتين لفرض الهيمنة الإقليمية ليس فقط على المستوى السياسي و لكن على المستوى الإيديولوجي بالتزامن مع فترة حكم الرئيس نجاد قطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية و إيران و صار الصراع السعودي – الإيراني يأخذ عدة جوانب مختلفة منها السياسية و المذهبية و غيرها نظرًا لتحول السياسة الإيرانية من السياسة الإصلاحية المعتدلة إلى السياسة الثورية الدينية تجاه الدول العربية ، لذلك مما سبق ؛ يختلف تطور العلاقات السعودية- الإيرانية باختلاف توجهات القيادة السياسية الإيرانية تجاه الدائرة العربية و التي على رأسها المملكة العربية السعودية ، فضلًا عن مدى تحقيق المصالح الوطنية لدى البلدين و النفوذ الإقليمي بمنطقة الخليج العربي.
الفصل الثانى :
الصراع بين السعودية و إيران و أثره على التكامل الإقليمي بين دول منطقة الخليج :
تمهيد :
تشابكت العديد من أوجه الصراع المختلفة التي كان لها أثرًا كبيرًا في تحديد مسار العلاقات بين الدولة السعودية و الإيرانية على كافة المستويات المختلفة التي تعد مجالًا لتعزيز التنافس بينهما سواءً على المستوى السياسي أو الإيديولوجي أو الاقتصادي و ما إلى غير ذلك ، فكان أهم ما يميز ذلك الصراع ، هو سعي كلا الدولتين لاستخدام كافة موارد القوة التي تمتلكها في سبيل تعزيز نفوذها بين الدول العربية و برز ذلك من خلال الدور السعودي في لعب دور الدولة القائد لدول منطقة الخليج و رئاستها لمجلس التعاون الخليجي و على جانب أخر نجحت الدولة الإيرانية في توطيد مكانتها الإقليمية بالمنطقة منذ قيام الثورة الإسلامية و تأسيس الجمهورية الإيرانية و العمل على نشر مبادئها الأيديولوجية متمثَلة بقيم المذهب الشيعي ، ترتب على هذه الاختلافات بين البلدين حدوث الانقسام بين الدولتين و صاحبه بالضرورة الانقسام بين الدول العربية و الإضرار بمستوى التكامل الإقليمي بين منطقة الخليج من خلال السعي الإيراني لعدم ترك الدولة السعودية تنفرد بزعامتها الإقليمية عليها و بث روح التفرقة المذهبية بين الطوائف العربية و التي منها الداعم للجانب السني السعودي و الأخر الداعم لانتشار المذهب الشيعي.
المبحث الأول : المحددات السياسية للصراع و التوازن الإقليمي لدى منطقة الخليج العربي :
فقد لعبت العوامل السياسية دورها الرئيسي في خلق الصراع السعودي – الإيراني من خلال تأثير توجهات القيادة السياسية و مؤسسات الحاكمة لكل دولة على حدى على نمط المسار الذي يحكم طبيعة الصراع بين الطرفين ، حيث كانت القيادة السعودية تتبنى التوجه السياسي و الأمني للحفاظ الأمن الإقليمي العربي و استيعاب النفوذ الإيراني على الرغم من أن القيادة الإيرانية يسيطر عليها التوجه الإيديولوجي و هو تنفيذ مخطط الهلال الشيعي مما جعل ما ينشأ ما يسمى بالمعضلة الأمنية و هو سعى كلا الطرفين في تعظيم مواردها العسكرية للحفاظ على بقاءها الأمني بالمنطقة إبان فترات التراجع الامريكي بالأونة الأخيرة بالمنطقة العربية و تعدد العديد من مناطق النزاعات و التوتر التي سادت بين الدولة الإيرانية و المملكة السعودية من جهة و دول المنطقة الخليجية على وجه العموم منذ أن بدأت إيران تعمل على تنفيذ مخططها الاستراتيجي من خلال فرض هيمنها الإقليمية على دول العالم العربي و تصدير قيم الثورة الإيرانية الإسلامية لديهم مما يساهم في تعزيز الوجود الإيراني بمنطقة الشرق الأوسط و خلق تكتل يجمع بين دول المذهب الشيعي (سوريا – اليمن – البحرين ) تتزعمه الدولة الإيرانية في إطار التنافس مع مركزية الدولة السعودية و سياستها الخارجية الموجه لكافة السياسات العربية و بالأخص التابعة لدول الخليج العربي مما مهد لخلق مساحة للتدخل الخارجي متمثلأ في الدور الامريكي في تحجيم خطر التهديد الإيراني للعلاقات الامريكية – السعودية و الخليجية و بروز حالة الاستقطاب السياسي بمنطقة الخليج و توجد العديد من الأحداث السياسية التي برز من خلالها التنافس بين السعودية و إيران و منها : الحرب العراقية – الإيرانية و هي حرب الخليج الأولى التي أبرزت ترابط كافة دول المجتمع الدولي المناهض للهجوم الإيراني على دولة العراق التي يرتبط أمنها القومي بأمن الخليج العربي ، فقامت الدولة السعودية بالتعاون مع الولايات المتحدة بتقديم الدعم للنظام العراقي من أجل التصدي للعدوان الإيراني و أثار ذلك رد الفعل الإيراني المعادي للسياسة السعودية من خلال أزمات الحج المتتالية التي تسبب بها الجانب الإيراني و إثارة حالة من عدم الاستقرار و الفوضى الامنية عن طريق إجبار الحجاج الإيرانيين بممارسة التظاهر حول المدن المقدسة و هى خلال تأدية مناسك الحج بما يحقق الهدف من وراء ذلك و هو إثارة القلق لدى الحجاج بشأن التهديدات الأمنية التي تعرضت لها المملكة العربية السعودية مما يهدد مكانتها الدينية لديهم و قدرتها على الحفاظ على أمنها الداخلي مما تسبب في انقطاع العلاقات بين البلدين ، فأصبحت العلاقات السعودية – الإيرانية لا تسير على وتيرة واحدة تتغير من فترة لأخرى بين مراحل التعاون و التهدئة و الصراع بينهما صاحبه ذلك وجود العديد من الأزمات الإقليمية التي من شأنها تهديد استقرار منطقة الخليج العربي و تصبح بذلك المنطقة العربية ساحة للصراع الدولي و أسلحة الدمار الشامل مما قاد الدولة السعودية لوضع عدد من الاستراتيجيات الامنية لمواجهة ذلك الخطر الإيراني و التي على رأسها الاتفاقية الامنية التي قيدت من التحركات الإيرانية و أصبحت تدشينًا لعلاقات التعاون الإيراني – الخليجي و نصت على الاعتراف السعودي بقبول الدولة الإيرانية كشريك إقليمي له دور أساسيًا في التعاون مع الدول العربية لحل أزمات الأخيرة ([76])( [77] )([78])( [79] )([80])( [81] )([82]).
و قد قاد ذلك التنافس الإقليمي بينهما بعض القضايا التي أخذت الطابع الدولي بمنطقة الخليج العربي و هي أزمة الخليج الثانية أى الاحتلال العراقي لدولة الكويت و أوجد ذلك مساحة لتهدئة الأوضاع بين السعودية و إيران بل و عودة التعاون بينهما من أجل التصدي للغزو العراقي و إعادة الاستقرار للمنطقة و إنهاء الخلاف القائم بين إيران و دول الخليج و لكن لم يدم ذلك التقارب السعودي – الإيراني و يعود ذلك إلى بعض القضايا الخلافية بينهما تثير حالة التناقض بين موقف كل من الطرفين السعودي – الإيراني و منها أزمة انخفاض أسعار النفط التي اتهم بها الدولة الإيرانية المملكة السعودية بأنها المسئولة عن ذلك الانخفاض بما يض المصالح الاقتصادية الإيرانية و من نقاط الخلاف الأخرى هي التدخل الإيراني بالمنطقة الخليجية من خلال إثارة النزاعات الإيرانية – الخليجية مما يوطد الوجود الإيراني أنذاك و القيم التابعة لها و بداية تلك الخلافات هي قضية النزاع الإيراني – الاماراتي على مجموعة من الجزر الاماراتية تُفرض السيادة الإيرانية عليها ثم نشر حالة التوتر و الاضطراب بمملكة البحرين و محاولة إزالة النظام الحاكم و دعم الحوثيين عسكريا بما يخل بتماسك النظام الأمني ، فضلًا عن التدخل بالأزمة السورية و لم يكتفى الجانب الإيراني بإثارة حالة عدم التوازن الأمني على المستوى الإقليمي و الادعاء باختلال الدور السعودي في قدرته على القيام بحفظ الأمن القومي العربي و لكن سعت إيران أيضًا إلى الإضرار بالمصالح السعودية مع دول العالم الخارجي و إضعاف العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة و الدولة السعودية من خلال المشاركة في شن بعض الأعمال الإرهابية على المؤسسات الرسمية الامريكية المتواجدة بالسعودية عن طريق قوات حزب الله الداعمة لإيران و ذلك لعدم موافقة إيران على اعتبار الولايات المتحدة هي القوة الخارجية المهيمنة على شئون الشرق الأوسط بما يصب في الحفاظ على مصالحها و حماية الأمن الإسرائيلي و خضوع الدولة السعودية لأهداف السياسة الخارجية الأمريكية الذي أثار قلق الدولة الإيرانية و رغبتها في تعظيم النفوذ الإقليمي لها بالمنطقة و أصبحت السياسة الخارجية الإيرانية تتمحور حول اللجوء إلى تكوين التحالفات الثنائية مع دول الخليج العربي ولكن بدأت أن تهدأ الخلافات السياسية بتولي الرئيس محمد خاتمي الحكم الذي شهدت فترة حكمه تحسنًا بالعلاقات السعودية – الإيرانية من خلال صعود التيارات المعتدلة و الإصلاحية بإيران التي ساهمت في تغيير نمط السياسة الخارجية الإيرانية السائد إلى اتباع سياسة هدفها تحقيق التكامل الإقليمي تجاه دول الخليج العربي و تعزيز العلاقات المشتركة بينهم بكافة المجالات المختلفة و لكن لم يكن لذلك تأثير على السياسة البراجماتية التي تعد أساسًا للنظام السياسي الإيراني و عدم الموافقة على حل المشكلات التي تعد طرفًا بها تجاه دول الخليج فضلًا عن وجود بعض التأثيرات الخارجية على طبيعة العلاقات بينهما و التي من أهمها التدخل الأمريكي الدائم في تحديد طبيعة العلاقات التعاونية التي بين الخليج العربي و دول العالم الأخرى الذي تمثل في القضاء على محاولات التقارب الإيراني لدى المنطقة الخليجية من أجل الحفاظ على بقائها كالدولة المهيمنة على شئون الأخيرة([83] )( [84])( [85]).
و ساهم الاحتلال الامريكي للعراق في إحداث تحولًا كبيرًا بموازين القوى الإقليمية التي لديها نفوذًا بمنطقة الخليج العربي و الشرق الأوسط ، حيث استطاعت إيران من خلال مشاركتها ببعض القوى الداعمة لها بالتعاون مع الولايات المتحدة الامريكية في إسقاط نظام صدام حسين و قيام تلك المليشيات التابعة لإيران بتوطيد نفوذها على بعض المناطق العراقية مما يفسح المجال لتعظيم سيطرة القيادة الإيرانية على النظام السياسي العراقي من خلال إقامة التوافق بينها و بين الحكومات العراقية و أصبح ذلك عاملًا مهمًا في بلورة التنافس الإقليمي بين السعودية و إيران و اختلاف رؤى كل من الدولتين حول تحديد مصير دولة العراق عقب الهجوم الامريكي عليها بل و تعددت أوجه التنافس بين البلدين بعدما برز حرص الجانب الإيراني على امتلاك أذرع سياسية موالية لها بعدد من الدول العربية أملًا في تنفيذ المخطط الإيراني و هو جعل المذهب الشيعي هو الأساس الديني الحاكم لكافة المذاهب الإسلامية و بذلك تصبح الدولة الإيرانية قائدة العالم الإسلامي و هو ما تسعى المملكة العربية السعودية إلى عرقلة تنفيذ ذلك المخطط من خلال تأسيس مجلس التعاون الخليجي التي أصبحت من خلاله رائدة منطقة الخليج و المسئولة عن الحفاظ على أمنها و أمن دول الجوار التابعة لإقليم الخليج العربي و مع إعلان الدولة الإيرانية عن خطة برنامجها النووي زاد ذلك من حدة الصراع السعودي – الإيراني لما يحمله ذلك البرنامج من تهديدًا خطيرًا للأمن الاستراتيجي لاستقرار الدول العربية من خلال استخدام الأخيرة كساحة للتجارب النووية الناشئة بين إيران و القوة المضادة لها و هي الولايات المتحدة مما أثار الرفض السعودي لذلك البرنامج و لذلك ، يعد التنافس السعودي – الإيراني للسيطرة على منطقة الخليج العربي و الدول الرائدة بها و منها دولة العراق و اليمن هدفًا رئيسيًا لكل من الدولتين من أجل تحقيق المصلحة القومية على وجه الأساس و الدخول ضمن قائمة القوى الإقليمية المؤثرة بين دول منطقة الخليج مما أوجد ما يسمى بصراع الرياض – طهران على العديد من القضايا الإقليمية و بروز ظاهرة التحالفات الإقليمية من خلال ضم كل من السعودية و إيران مجموعة من القوى العربية سواءًا كانت دول أو حركات سياسية داعمة لهما و ظهور حالة من القطبية الثنائية على مستوى النظام الإقليمي تنقسم بين الطرف السعودي – الإيراني و من أبرز الدول التي شهدت شدة السباق الإقليمي بين الدولتين هي دولة العراق من خلال وجود العديد من أنماط العلاقات التعاونية و الصراعية بين الأخيرة و كل من السعودية و إيران على حدى وفقًا للتطورات التي يمر بها النظام العراقي ، حيث استمرت حالة التوتر و الصراع السائد بين العراق و إيران طيلة فترة بداية نشأة العلاقات بينهما و يعود ذلك إلى حرب الخليج الأولى و التوجه العراقي الذي كان يعمل على تحجيم انتشار المذهب الشيعي بتلك الفترة و على ناحية أخرى كانت العلاقات السعودية – العراقية في أبهى صور لها و داعمة لها ضد النفوذ الإيراني حتى عام 2003 و تم تحقيق الطموح الإيراني بإسقاط النظام السني و التوغل بدولة العراق بحجة إعادة إعمارها من جراء آثار الاحتلال الامريكي لديها و من هنا نشأت العديد من العلاقات المشتركة بين الدولتين و أثار ذلك معارضة الجانب السعودي لذلك التعاون و عدم التخلي عن دعم التيار السني و التصدي للأعمال الإرهابية التي يشنها تنظيم داعش و أصبحت الدولة العراقية ساحة مفتوحة أمام الصراع الإقليمي القائم و كان للعامل الاقتصادي دورًا في تأجيج ذلك الصراع من خلال إقامة العديد من الشراكات الاقتصادية بين إقليم كردستان العراق و الجانب الإيراني على مستوى كافة الأعمال التجارية في حين أن الدولة السعودية لم تستطع أن تلاحق السعي الإيراني في إقامة علاقات توافقية مع دولة العراق و السيطرة على عناصر النظام السياسي بها إبان حالة الضعف التي كانت تعاني منها الأخيرة من جراء الاحتلال الامريكي و استطاعت ملأ الفراغ الإقليمي الذي تركته المملكة العربية السعودية بدولة الجوار لديهما([86]).
و شهدت الدولة السورية نصيبًا من ذلك التنافس الإقليمي التي تشهده دول منطقة الخليج بأكملها ، حيث كانت سوريا من الدول المؤيدة لقيام الثورة الإيرانية و تعظيم الوجود الإيراني بالمنطقة العربية لما يهدف إلى تحقيق مبدأ توازن القوى كما ترى و كان لذلك الدعم أثرًا على نشأة التحالف الثنائي بين إيران و سوريا من أجل توحيد أهداف النظام السياسي لكليهما و التعاون لتصفية النزاعات العربية – العربية و يعود ذلك الترابط المشترك بينهم إلى التوافق المذهبي للدولة السورية مع إيران و هو الأصول الشيعية التي ينتمي إليها أفراد الشعب السوري مما مكن إيران لتقوية مكانتها بالمنطقة بوجود الحليف السوري و تنفيذ مخططها المرجو لما كان له دور في عدم قوة العلاقات السعودية – السورية نظرًا للاختلاف الايديولوجي بينهما و لعل أبرز الأحداث التي أبرزت الصراع السعودي – الإيراني هو اشتعال الثورة السورية عام 2011 التي ساهمت في انقسام أفراد الدولة السورية بين العناصر الداعمة للقيادة السياسية من ناحية و الشعب السوري المعارض لبقاء حكم الأسد من ناحية أخرى و هنا ظهر التدخل السعودي الداعم للمعارضة السورية و المناقض للموقف الإيراني المساند للنظام الحاكم مما ساهم في توطيد العلاقات السورية – الإيرانية و إضعاف فرص التعاون بين الجانبين السعودي و السوري و لكن لعدم رغبة الدولة السعودية في التصعيد من حدة الأزمة السورية ، فاقترحت تطبيق الحل التفاوضي مع كافة الأطراف الداخلة في الصراع للوصول إلى لحل يفضي إلى إنهاء هذه الأزمة بدعم من الولايات المتحدة الامريكية و كذلك ما حدث بدولة البحرين التي عانت من العديد من الاضطرابات الامنية عقب الثورات العربية التي شهدتها المنطقة و أصبح ذلك عاملًا مهمًا اتخذته الدولة الإيرانية لتيسير تدخلها بشئون الدول العربية وهو مساندة الدول التي توطن بها المذهب الشيعي و تقديم الدعم للمساهمة في عودة الاستقرار للنظام البحريني بعد اندلاع المظاهرات بالبحرين للمطالبة بتوفير الحياة الامنية لأفراد المذهب الشيعي و لكن قامت الدولة السعودية باتخاذ كافة الإجراءات الامنية لحماية الحدود المشتركة بينها و بين البحرين و هي منطقة المنامة من خلال التدخل العسكري لقوات درع الجزيرة التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي و أيضًا لعدم التخلي عن دعم الجانب السني و ومن الساحات العربية الأخرى التي شهدت التدخل السعودي – الإيراني بشكل صريح ، فتمثل اليمن أهمية كبرى للدولة السعودية نظرًا للتقارب الجغرافي بينهما و لسيطرة اليمن على ممر ملاحي استراتيجي و هو باب المندب مما يجعل الأخيرة تسعى دائمًا للحفاظ على الأمن اليمني و دعم الحكومة الشرعية و على جانب أخر ، تمثل اليمن أهمية استراتيجية لإيران و ذلك من أجل حماية الوجود الشيعي بها و دعم الحركة الحوثية المسيطرة على النظام اليمني ضد القوى الموالية للدولة السعودية و لذلك تعد الدولة اليمنية من أكثر الدول العربية التي تعاظم بها الصراع السعودي – الإيراني من خلال التدخل السعودي العسكري لشن عاصفة الحزم من أجل تحجيم التمدد الإيراني باليمن و على المستوى العربي بأكمله([87])( [88])( [89])( [90]).و يركز موضوع تلك الدراسة على تحليل ظاهرة الحروب بالوكالة التي انتشرت بمنطقة الخليج العربي بعد موجة الثورات التي اجتاحت الدول العربية عام 2011 بكافة مناطق النزاع سالفة الذكر التي شهدت الصراع السعودي – الإيراني لم تمر بالتدخلات العسكرية المباشرة من قبل الدولتين و لكن تم اللجوء إلى تجنيد بعض العناصر المسلحة الداعمة على المستوى السياسي أو الإيديولوجي نيابة عنها في الحروب التي تعد طرفًا فيها حفاظًا على المصالح الاستراتيجية لها بالمنطقة العربية و الامتناع عن السماح لأفراد الجيش العسكري للسعودية و إيران بالمشاركة بتلك النزاعات بشكل مباشر تجنبًا لحدوث أية اختلالات بهيكل القوى الأمنية لديهم مما يضعف إمكانية القضاء على النزاعات العربية التي أصابت المنطقة ، و برز ذلك من التدخل الإيراني بالأزمة السورية عبر عدد من المليشيات المسلحة ضد حركات المعارضة السورية المعادية لبقاء النظام الحاكم و التي تلقت دعمًا من الطرف المضاد و هي الدولة السعودية و هذه هي الاستراتيجية الإيرانية التي ظهرت بشكل واضح عقب فترة التغيرات السياسية التي توالت على أنظمة الحكم السائدة من خلال حزب الله بلبنان و جماعة الحوثيين باليمن كجماعات من دون الدول تسعى لنشر المذهب الشيعي لما يصب في تحقيق الرؤى الإيرانية و التي نتجت عن الانقسام الطائفي الراسخ بتلك الدول و غيرهم من الجنود المرتزقة الموكلة من الدولتين الدائر بينهما التنافس الإقليمي و يعتمد نجاح هذه الحروب على مدى تمتع الدولة السعودية و الإيرانية على توفير الدعم المادي للحفاظ على ولاء تلك القوى المسلحة لها([91])( [92] )([93]).
المبحث الثانى:المحددات الأيديولوجية للصراع السعودى الإيرانى:
مثلت الثورة الإيرانية تهديد للنظام السياسى السعودى ؛ وذلك لأن النظام السياسى الإيرانى الجديد ليس نظامًا جمهوريا تهديده للنظام السياسى السعودى كنظام ملكى محافظ فقط ولكنه بالإضافة إلى ذلك نظام يرفع شعار الإسلام الثورى ويهدف إلى نشره فى جميع أنحاء المنطقة كما يتزعم الأقليات الشيعية فى السعودية ودول الخليج الأخرى ([94]) ، مع اندلاع الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩م عارضتها بشدة المملكة نتيجة لاعتماد إيران لمبدأ تصدير الثورة و تشجيعها للقوى الشيعية القاطنة خارج إيران وذلك مثل مصدر تهديد لدى المملكة، الخلاف بين السعودية و إيران حول شئون الحج الذى تكرر عدة مرات وكانت آخر حادثة له فى عامى ٢٠١٥-٢٠١٦ الذى ترتب عليها وفاة أكثر من ٤٦٠ حاج إيرانى بسبب التدافع أثناء مراسم الحج، كتعليق على هذه الحادثة أستخدمت إيران المأساة لتحدى المؤهلات الدينية السعودية عن طريق دعوات إيرانية تطلب جعل شئون الحج والأماكن المقدسة مسألة دولية لا تقتصر فقط على المملكة بالإضافة إلى الدعوات التى روجت لاستبدال النجف و كربلاء بمكة المكرمة و المدينة المنورة حتى تصبح مقدمات لانقسامات أكبر فى العالم الإسلامى كما أثار إعدام السعودية للشيخ الشيعى نمر باقر النمر فى يناير ٢٠١٦م ردود فعل قوية من جانب إيران حيث تنبأت بنهاية السلالة السعودية القمعية الفاسدة ، وكنتيجة لذلك قطعت المملكة علاقاتها الدبلوماسية مع إيران ، فى هذه الفترة أطلق الإعلام الإيرانى حملات تشهير ضخمة ضد المدرسة الوهابية و العائلة المالكة السعودية وبالتالى تعكس ردود الفعل هذه السمات الأساسية متعددة الأوجه للتنافس السعودى الإيرانى الذى يجمع بين الكراهية الإيديولوجية المتجذرة و المصالح الاستراتيجية، استنادًا إلى سياسة القوة و العداء الدينى و الأيديولوجى يسعى كل من الجانبين إلى فرض نفوذه كمهين إقليمى خاصة فى الخليج من خلال الاعتماد على قضايا مثل القومية و الطائفية اللذان يتم اعتبارهما قوى سياسية يتم استخدامها فى الفوز بدور المهيمن أو لشل حركة ودور المنافس، كانت هذه المنافسة محكمة بظروف الحرب الباردة و اضطر الجانبان فى وضع خلافاتهما جانبا ولكن مع قيام الثورة الإسلامية تغير هذا الوضع كلية فلم تعد إيران تلتفت إلى ظروف الحرب الباردة ، فى إطار التنافس السياسى الأيديولوجى بين إيران و السعودية يطالب كل منهما بالشرعية الإسلامية كما أن لديهما رؤى متناقضة للنظام الإقليمى ، يدعى كلا الطرفين عباءة قيادة العالم الإسلامى، بالنسبة لإيران فاللقب الرسمى للمرشد الأعلى هو ” حارس المسلمين”، أما المملكة فلقب ملكها هو خادم الحرمين الشريفين، على الرغم من أن البعض يقلل من شأن الطائفية فى الصراع السعودى الإيرانى إلا أنها جعلت الصراع يزداد وحشية ،يعد الإدعاء الذى أطلقه الوهابيون و الحركات السلفية الجهادية حاليًا بأن الشيعة أسوأ من اليهود يثير غضب كثير من الإيرانيين ، وكنتيجة لوضع الإيرانيين كأقلية شيعية فى المنطقة حاولوا التواصل مع المنظمات السنية كحماس وغيرها لتوضيح مساندتهم للقضية الفلسطينية مع توجيه اللوم للمملكة فى تراجع دورها فى حل القضية الفلسطينية([95]). وأحدثت الثورة الإيرانية تحولات جذرية فى العلاقات السعودية الإيرانية من حالة تعاون و تحالف إلى حالة صراع نتيجة لعدد من الأسباب من أهمها الاختلافات المذهبية فهذه الاختلافات لا يمكن التغافل عنها فى تحليل الصراع بين كل من إيران و السعودية، فالأخيرة تعتنق المذهب السنى الوهابى أما إيران فهى تعتنق مذهب الشيعة الإمامية الإثنا عشرية، فهذه المذاهب تختلف فى فكرها السياسى ورؤيتها الفقهية ، فالبنسبة لمذهب الشيعة الإمامية تم إطلاق عليه مسمى الإثنا عشرية لإعتقادهم بإمامة اثنى عشر إماما على الأمة الإسلامية أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم المهدى الإمام الغائب، وهؤلاء الأئمة يؤمنون أتباع هذا المذهب بأنهم معصومون من جميع الفواحش منذ ولادتهم حتى وفاتهم سهوا وعمدا ومن النسيان و الخطأ، كما أن الأئمة يعلمون كل شيء ما كان وما يكون وأنهم لا يموتون إلا باختيارهم ، الإثنا عشرية لم يحترموا عقول العلماء كما يفعل أتباع المذهب السنى الذين أعطوهم من الحق و التكريم، بعد إنتهاء الشيعة من بناء دولتهم فى إيران استطاعوا خداع مسلمون كثيرون من خلال وصفهم الخمينى بالمجدد لكنه كان يمثل تلك العقائد المنحرفة عن هدى الله و شوهت الإسلام النقى،كما كتب حسين النورى أحد شيوخهم كتاب(فصل الخطاب فى إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) (احتوى على دعاء علي على صنمى قريش) كان المقصود بهما عمر بن الخطاب و أبو بكر رضى الله عنهما ، الإمامة بالنسبة إليهم هى أصل من أصول الدين و إن أنكر أحد إمامة أحد الأئمة فقد كفر ، فالإمامة و النبوة متشابهان والفارق بينهما هو الوحى فقط ، وأن علي هو من يستحق الإمامة وليس أبو بكر ، كما أنهم يرون أن كافة الفرق الإسلامية ملعونة وكافرة ومثواها النار فيما عداهم، كما أن المعصوم لديهم هم الأئمة وكلامهم مثل كلام الله ورسوله، كما أنهم يعتقدون أن الإمامة أعظم أركان الإسلام ، كما أنهم يعتبرون الحكومات الإسلامية حكومات طاغية كافرة فلا توجد حكومة إسلامية إلا حكومة الشيعة، وعلى العكس من ذلك فإن أتباع المذهب السنى المعصوم لديهم هو النبى صل الله عليه وسلم فقط ،أما أتباع المذهب السنى يعتقدون أن الإمامة واجبة بإجماع الصحابة و التابعين من ناحية الشرع ولكنها ليست عقلية كما يعتقد الشيعة، حيث أن أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم وقع اختيارهم على أبى بكر كخليفة لرسول الله وكرروا هذه البيعة على مر العصور ، كما أن هناك إتفاق مع الشيعة على أن الخلافة رئاسة عامة فى الأمور الدنيوية والدينية وهى تكون نيابة عن صاحب الشرع و يطلق عليها إمامة ؛ نظرًا لتشابها فى إتباع المأمومين للإمام ، ويطلق عليها عند السنة الإمامة الكبرى ،أصحاب المذهب الشيعى يؤمنون بأن الإمامة أصل من أصول الدين، أما أصحاب المذهب السنى يؤمنون بأن الإمامة فرع من فروع الدين ، و كنتيجة لما سبق ذكره فالعلاقات بين كل من السعودية و إيران مقيدة بالصراع السنى الوهابى/ الإثنا عشرى ، حيث تحالف محمد بن سعود الأمير الأول للمملكة مع محمد بن عبدالوهاب مؤسس المذهب الوهابى الذى حارب البدع والضلالات ، وقد اندلعت حربًا من جانب الحركة الوهابية ضد مخالفيها خاصة الشيعة فى استيلائها على مدينة كربلاء عام ١٨٠٢م وقامت بهدم مرقد الحسين وقتلت ألفين من أفراد هذه المدينة ، ونتيجة لذلك أصبح رجال الدين الإيرانيون يرون أن المذهب الوهابى مذهب سيئ وأن النظام السعودى ما هو إلا إمتداد للحركة الوهابية([96]).
ترتب على قيام الثورة الإيرانية بعد اندلاع الثورة الإيرانية فى عام ١٩٧٩م حدث تحول فى السياسة الخارجية الإيرانية فأصبحت سياسة متطرفة تأسست على قاعدة دينية وفقًا للمذهب الشيعى وأثر ذلك التوجه فى تصور إيران للأمن فى المنطقة العربية، فإيران فى تعاملاتها مع الدول العربية تقوم على أساس أنها الدولة الإسلامية الوحيدة فى العالم العربى وبالتالى فهى لها الحق فى أنها تصبح الوصى على الإسلام ، ونتيجة لهذا النهج نشأ الصراع بين السعودية و إيران حول من هى الدولة صاحبة الحق فى زعامة العالم الإسلامى وذلك لأن كل طرف كان يرى أنه الممثل الحقيقى للإسلام النقى و أنه أحق بزعامة العالم الإسلامى، ولذلك حدثت العديد من الصدامات بين الطرفين و أظهرت المؤشرات وجود حالة من العلاقات المتذبذبة بينهما فالشيعة فى السعودية لا يتم التعامل معهم كأقلية فهم يحصلون على مناصب قيادية بالدولة يتمتعون بحقوق مثلهم مثل أهل السنة و لهم الحق فى ممارسة التجارة و العبادة دون قيود ، أما بالنسبة لإيران فهى تمارس التفرقة العنصرية ضد أهل السنة القاطنين فى أراضيها فالسنة فى إيران لا يتمتعون بالحق فى الحصول على المناصب القيادية فلا يوجد شخص سنى واحد فى مؤسسات الحكم الإيرانية مع أن أهل السنة يمثلون ثلث السكان الإيرانيين و بالتالى الحكم فى إيران يقوم على أسس طائفية ، بالإضافة إلى هدم إيران لعشرات المساجد ولا يوجد مسجد واحد لأهل السنة فى طهران والغريب فى ذلك وجود عدة كنائس للنصارى مع حقيقة أن عددأهل السنة فى طهران أكثر بكثير من جميع الأقليات غير المسلمة، و تنفيذها عمليات قتل لعلماء أهل السنة ([97]). وترتب عليها أيضًا حدوث تحولات فى العلاقات السعودية الإيرانية تمثلت فى زيادة التوترات بين الطرفين ؛ نتيجة لانتشار الإسلام السياسى من جانب إيران فى منطقة الخليج العربى ، تغيرت أهداف السياسة الخارجية الإيرانية بعد اندلاع الثورة الإيرانية فأصبحت تتمثل فى الآتى: الرغبة فى إنشاء الحكومة الإسلامية العالمية التى تسعى إلى تقديم الدعم للمستضعفين و الحركات التحررية ، القضاء على كافة أشكال التسلط ، بالإضافة إلى نشر الإسلام وقيادة العالم الإسلامى، أما بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية تركزت سياساتها الخارجية السعودية على التصدى للنفوذ الواسع للثورة الإيرانية ، أن تتولى المملكة القيادة السياسية و الدينية للعالم الإسلامى و الحفاظ على الوضع الحالى فى العالم الإسلامى ، ونتيجة لما سبق بذلت إيران مجهودات كبيرة لحرمان المملكة من الإشراف على الأماكن المقدسة وجاء بعد ذلك ظهور النظام الإسلامى ونجاحه فى الوصول للحكم فى إيران وأصبح يمثل عامل أساسى فى تقديم الدعم و المعاونة للأجنحة الموالية لإيران فى المنطقة العربية ؛ لتنفيذ الاستراتيجية الايديولوجية الخاصة بإيران فى المنطقة.
تهدف إيران طبقًا لمنظورها المذهبى و القومى إلى إقامة حكومة عالمية إسلامية تتمكن من خلالها إلى قيادة العالم الإسلامى ، وتساعد هذه المنظورات فى الكشف عن أولويات القيادة الإيرانية فى ترتيب سياساتها طبقًا للأهميتها ومن هذه الأولويات تحقيق المصلحة القومية الإيرانية و التيقن من تحقيق الأمن و الاستقرار الداخلى لإيران ولتحقيق هذه الأولويات أصبح مبدأ تصدير الثورة هدف مهمين على كافة الخطابات السياسية الإيرانية، ونتيجة لهذه المنظورات حددت إيران طبيعة علاقاتها مع السعودية والدول العربية المجاورة لها ، وتؤسس السعودية كذلك شرعيتها على الأساس الدينى مثل إيران فالمملكة قبل اكتشاف النفط وبعد هذا الاكتشاف هى حارسة المؤسسات الإسلامية،و تستند المملكة فى مكانتها الدولية إلى أنها المؤسس لمنظمة المؤتمر الإسلامى، وبالتالى فالمحتوى الثورى للأيديولوجية الإيرانية و هجوم الثورة الإيرانية على النظام الملكى السعودى لا ينالوا استحسان المملكة ؛ ولذلك أصبحت السعودية و إيران فى صراع بينهما على مصدر الشرعية، وعلى الرغم من القواسم المشتركة بين إيران و السعودية ولكن الشك و الكراهية بين الجانبين ترتب عليهما تنامى سياسة التحريض المذهبى و الطائفى ،فقد ظهرت تيارات عقائدية و فكرية كثيرة ترتب عليها تأجيج الانقسام بين إيران و السعودية، فالقضايا المذهبية تؤثر تأثيرًا سلبيًا على التوجهات السياسية لطرفى النزاع .
ازدخرت منطقة الخليج و الوطن العربى بموجة واسعة من التوترات الطائفية و العنف السياسى منذ عام ٢٠٠٥م ، نجحت المملكة العربية السعودية منذ عام ٢٠١٣م فى استغلال الأقليات فى حربها بالوكالة التى تخوضها ضد إيران فقد تم اعتبار نظرية الهلال الشيعى -الذى يمتد من إيران مرورًا بالبحرين و العراق و المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية إلى لبنان- أساسًا للخطاب الإعلامى السعودى الموجه ضد إيران من خلال اعتمادها على الحقائق الجيوبولتيكية و الديمغرافية المرتبطة بوجود أقليات شيعية فى دول مجلس التعاون الخليجى، وتنظر السعودية إلى إيران على أنها المُنفذة للعديد من الحروب بالوكالة من خلال انتهازها للانقسامات الإثنية و الطائفية و القبلية و استخدامها لفاعلين من غير الدول، ، كما يعد الصراع فى اليمن من أسباب التوتر فى العلاقات السعودية الإيرانية حيث توجه المملكة إتهام دعم المسلحين الشيعة فى المنطقة- بالإضافة إلى تهديد إيران بالسيارة على طرق التجارة البحرية؛ لإحداث الاضطرابات فى دول الخليج خاصة السعودية و البحرين – ضد إيران ، كما يدور التنافس السعودى الإيرانى حول الدخول فى علاقات مع دول منطقة آسيا الوسطى التى تضم (قيرغيزستان ،تركمانستان ، طاجيكستان، كازاخستان، أوزبكستان) التى كانت تابعة للاتحاد السوفيتى السابق ، فقد حاولت كل من إيران و السعودية تقوية نفوذهما الدينى و السياسى فى هذه الدول التى استقلت مؤخرا بشكل تنافسى صراعى خاصة أن هذه الدول لديها كميات هائلة من الثروات الطبيعية مثل الغاز الطبيعى و النفط ؛ ولذلك تحمست إيران على إقامة علاقات قوية مع هذه الدول كمستثمر بالإضافة إلى استغلال الموقع الجغرافى المتميز لإيران فى هذه العلاقات حيث سيمثل هذا الموقع معبرًا لواردات و صادرات هذه الدول الحبيسة ، أما بالنسبة للسعودية فهى توظف الدوافع السياسية و الدينية التى تحتل مكانة كبيرة من الاهتمام و التنافس مع إيران؛ لتقوية علاقاتها مع هذه الدول ([98]).
أصبحت سوريا بعد عام ٢٠١٤م الفضاء الأساسى الذى تمارس كل من السعودية و إيران حروبهما بالوكالة ضد بعضهما البعض ، لقد ترتب على الدور الكبير للتنظيمات السلفية الجهادية فى الصراع السورى إلى تأجيج العامل الطائفى فى التنافس الاستراتيجى بين الجانبين ، ولكن فى حين أن الطائفية تقيد من الآمال الإقليمية الإيرانية إلا أنها تعزز فى الوقت نفسه موقفها تجاه السعودية على الصعيد الدولى ، فقد عجزت السعودية فى إبطال العلاقة الإشكالية بين المنظمات السلفية الجهادية و المذهب الوهابى الرسمى ، ونتج عن ذلك أن إيران أصبحت تعتبر هى فقط القوة الإقليمية المسئولة عن القضاء على الجهاديين بشكل نهائى من وجهة نظر الغرب، بالإضافة إلى ما سبق فهناك العديد من الأحداث التى حدثت بينت أهمية القضية الطائفية فى السياسة الخارجية الإيرانية منها التحرش الجنسى المزعوم لعدد اثنين من الشباب الإيرانى من الحجاج فى مطار جدة فى مايو ٢٠١٥م فقد أثار هذا الحادث ردود فعل قوية من جانب رجال الدين الإيرانيين ووسائل الإعلام الإيرانية ضد السعودية كما كانت هناك موجة من ردود الفعل العنصرية على مواقع التواصل الاجتماعى الإيرانية ضد السعوديين و العرب عامة ، كما حدث تذكير للإيرانيين بأن العرب اغتصبوا إيران قبل ١٤٠٠ عام ([99]).
ينشأ عن الصراع الأيديولوجى بين السعودية و إيران فى عدة أماكن فى الشرق الأوسط حالة من المعضلة الأمنية فى العلاقات بين الجانبين ، فالطبيعة الفوضوية للنظام الدولى تنشأ حالة من عدم اليقين فى الشرق الأوسط وهذه الحالة تزيد من القلاقل و المخاوف بين دول المنطقة، هذه المخاوف بدورها تؤدى إلى المنافسة على السلطة و التنافس بين كلا الجانبين اللذان يتم اعتبارهما القوتان الأيديولوجيتان الرئيسيتان فى المنطقة، هذا التنافس يترتب عليه وجود المعضلة الأمنية فى العلاقات بين الجانبين حيث تعتقد كل دولة أنها إذا زادت من قوتها النسبية ستكون أكثر أمانًا ولكن فى الحقيقة أن زيادة قوتها تجبر الدولة الأخرى أيضًا إلى زيادة قوتها عن طريق اتخاذ تدابير مضادة لتعزيز أمنها وبالتالى تظل هاتين الدولتين أقل أمانًا ، فمع استمرار زيادة قدرات إيران و قوتها ستكون المملكة فى المقابل متوترة بشأن ذلك لأن زيادة قوة إيران ستوثر على الأمن الإقليمى فى المنطقة و أولويات المملكة فى العالم الإسلامى، يمكن لسمات المعضلة الأمنية لروبرت جيرفيس أن تفسر الوضع فى العلاقات السعودية الإيرانية حيث وضح أن نوايا قادة الدول مذبذبة لأنهم دائمًا يبذلون مجهودات كبيرة للتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى من أجل حماية أراضيهم حيث سيزودون من قدراتهم العسكرية وكلما زادت المصالح التى يتم النظر إليها على أنها تحتاج للحماية زادت احتمالية تعارضها مع مصالح الآخرين ، وهذا ما يحدث فى العلاقات السعودية الإيرانية حيث تعتبر إيران نفسها حامية الشيعة أما السعودية تعتبر نفسها زعيمة السنة وبالتالى يؤدى هذا الإختلاف الأيديولوجى إلى الشك والتوجس فى قيادة كل دولة ، فكل دولة خوفًا من الهجوم تزيد من قدراتها الدفاعية وتمول وكيلًا إقليميًا و تتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى( كسوريا، لبنان،البحرين، اليمن ،العراق،فلسطين) لحماية نفسها من التهديد المحتمل من الطرف الآخر، هذا الأخير يرى فى ذلك أيضًا تهديدًا له وأنه مرغم على الرد بالمثل ؛ والسبب فى هذا أن الطرفان ينظران إلى السياسة الإقليمية من منظور أيديولوجى محصلته صفريه تعنى فوز طرف واحد فقط بجميع المزايا و تكبد الطرف الآخر جميع الخسائر ، فكلما كانت جمهورية إيران الإسلامية أقوى كلما كان الشعور بالوهابية السعودية أكثر ضعفًا و العكس صحيح ، هذا الصراع بين الجانبين اقتصر على دول الخليج العربى و المشرق العربى فقط فى الثمانينيات و التسعينيات ولكن حاليًا توسع هذا الصراع ليضم دولًا جديدة مثل السودان، العراق ، مصر، اليمن ، أفغانستان، باكستان وهذا الصراع يتصاعد ويزداد فى شدته مع مجهودات إيران لتكثيف قدراتها العسكرية من خلال امتلاكها للقدرة النووية بالإضافة إلى تصدع مشاركتها و تدخلها فى الشرق الأوسط وفى مقابل ذلك أصبحت المملكة أكثر صرامة لحماية وضعها فى المنطقة، هذه السياسات لكلا الجانبان لم يترتب عليها فقط شرخًا طائفيًا قويًا بين شعوب المنطقة بل زادت أيضًا من فرصة تصعيد الحوادث([100]).
خلاصة الفصل :
و بناءً على ما سبق ذكره ، فإن أبرز العوامل السياسية التي ساهمت في تعزيز الصراع السعودي – الإيراني ، هو انتشار الحروب بالوكالة بين الطرفين إن لم يكن هي الاداة المستخدمة من قبل الدولتين إبان التنافس القائم بينهما من أجل فرض النفوذ الإقليمي على دول المنطقة العربية من خلال سعي الدولة الإيرانية إلى أن يكون لها اليد العليا على الجماعات الموكَلة من قبلها و بالمناطق التي ينتشر بها المذهب الشيعي مما أدى لخلق حالة من الانقسام بمنطقة الخليج بين دول مؤيدة للجانب السعودي و أخرى مؤيدة للجانب الإيراني الذي قام باستغلال عامل التقارب الإيديولوجي و تصفية النزاعات الداخلية كذريعة لتعظيم المكانة الإقليمية لإيران و محاولة ربط أهداف الدول العربية التي لديها علاقات وطيدة معها بأهداف السياسة الخارجية الإيرانية و كان لذلك إسهامًا مهمًا على المستوى السياسي و هو التنافس السعودي – الإيراني على قيادة العالم الإسلامي و يتمحور الدور السعودي بناء على كل ما سبق ذكره حول كيفية محاصرة الانتشار الإيراني و اللجوء إلى استخدام العرب في الحروب بالوكالة الدائرة بين طرفي الصراع في إطار العديد من العوامل السياسية الحاكمة لذلك التنافس الإقليمي و هى دور الولايات المتحدة في التأثير على طبيعة العلاقات السعودية – الإيرانية و شبكة التحالفات الإقليمية التي أصبحت سمة رئيسية لمنطقة الخليج العربي عقب فترة اندلاع الثورات العربية عام 2011 .
الفصل الثالث :
الحروب بالوكالة بين السعودية و إيران و أثرها على الأمن الخليجي :
تمهيد :
لا شك أن منطقة الخليج العربي و دول العالم العربي على وجه العموم شهدت عددًا لاحصر له من النزاعات و الحروب على كافة المراحل الزمنية المختلفة على المستوى الوطني و الإقليمي من حروب أهلية داخل تلك الدول و من الصراع على اكتساب المكانة الإقليمية و تولي قيادة دول الخليج العربي التي تصبح المملكة العربية السعودية دائما جزءًا رئيسيًا من أية صراعات إقليمية تشهدها المنطقة العربية سواءً في التنافس مع دولة العراق قبل الاحتلال الأمريكي لها أو مع الصعود الإيراني الذي ظهر من وراء ذلك الاحتلال ، فضلًا عن المسئولية التاريخية التي تقع على الدولة السعودية و هي حماية الأمن الإقليمي لمنطقة الخليج التي تتولى زعامته و في إطار كافة هذه العوامل و حالة الاضطراب الامني التي عاشها العالم العربي ، انتشرت ظاهرة الحروب بالوكالة بكافة أنحاء المنطقة الخليجية و التي ساهمت القوى الإقليمية في بداية استخدامها كأداة لإدارة الحروب إلى أن أصبحت جزءًا لا يتجزأ من أساليب القوة الصلبة التي تلجأ إليها الدول العربية مباشرة لتهديد أمن الدول الأخرى المتصارعة معها و تعد الدولة السعودية هي الدولة العربية الأكثر مساهمةً في نشر ذلك النمط من الحروب خلال صراعها مع الصعود الإيراني و تحرك الأخير نحو اكتساب مكانة إقليمية تضاهي الدور السعودي و هيمنة على دول منطقة الخليج و يركز ذلك الفصل على تحليل أكثر الدول العربية التي شهدت الحروب بالوكالة بين السعودية و إيران من خلال التطبيق على الحالة اليمنية و العراقية.
المبحث الأول : العلاقات السعودية – الإيرانية و أثرها على أمن النظام اليمني :
تمتلك دولة اليمن العديد من موارد القوة التي تضفي عليها أهمية استراتيجية كبرى تجعلها مطمعًا للدول الخارجية و ساحة لتنفيذ مخططات القوى الاستعمارية التي توالت على الدولة اليمنية ، فهي تمتلك موقعًا جغرافيًا ذو وزن استراتيجي نظرًا لأنها تطل على ممر بحري ملاحي و طريقًا مهمًا للتجارة الدولية وهو مضيق باب المندب مما يجعل كافة الدول الخارجية تسعى للحفاظ على العلاقات التعاونية بينها و بين دولة اليمن و يعد ذلك الموقع عنصرًا أساسيًا لدفع العديد من الدول لإقامة صلات مشتركة على كافة المستويات المختلفة مع الدولة اليمنية ، و تعد المملكة العربية السعودية و الجمهورية الإيرانية من أوائل الدول التي تربطها روابط جيوستراتيجية مع الحدود اليمنية مع اختلاف دوافع كل من الدولتين تجاه الأخيرة ؛ فمن ناحية الدولة السعودية ، تقع اليمن ضمن المجال الحيوي السعودي على المستوى الجغرافي و الاقتصادي لا سيما لاعتبار مضيق المندب البوابة التجارية الداعمة للاقتصاد السعودي من خلال تصدير أكبر معدلات للنفط السعودي من خلاله و إسهامه في الربط بين أوروبا و دول الخليج العربي و توجد العديد من المصالح المتبادلة بين السعودية و اليمن بما يرتبط بالأمن القومي السعودي سواءً على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو العسكري فكان ذلك تمهيدًا لوصول العلاقات السعودية – اليمنية إلى درجة عالية من التضامن الشديد بينهما و استطاعت السعودية فرض هيمنتها على المجتمع اليمني نظرًا لعدم تماسك التكوين الاجتماعي بها ، فهى عبارة عن مجموعات عشائرية متفرقة مختلفة المذهب و الثقافة و التوجه و أيضًا لاعتبار الدولة السعودية هي المسئول بمنطقة الخليج عن حماية و دعم أنصار المذهب السني بكافة الدول العربية و في المقابل على مستوى الدولة الإيرانية التي تسعى لتعزيز علاقاتها مع اليمن ، فتتمحور الأهداف المصلحية لإيران حول دعم سيطرة الحركة الحوثية على مقاليد الحكم ضد الحكومة الشرعية اليمنية المدعومة من جانب الدولة السعودية بشكل رئيسي و رغبة إيران في التوسع حول سيطرتها على ذلك المضيق المائي اليمني بما يعزز من حجم التجارة الإيرانية تجاه كافة أسواق دول العالم المختلفة و يسهل من اتصال إيران بشرق أفريقيا و منطقة شبه الجزيرة العربية و استخدام الحركة الحوثية كأداة للتواصل مع باقي الجماعات السياسية المؤيدة لإيران كحزب الله و الأقليات الشيعية بالعراق ، فضلأ عن منافسة الهيمنة الإقليمية السعودية على الداخل اليمني مما يوطد من النفوذ الإيراني بمنطقة الخليج العربي بعدما شهدت العلاقات الإيرانية – الخليجية تحسنًا مشهودًا من خلال التقارب بين إيران و سوريا و البحرين و العراق و لاسيما التقارب الإيراني – اليمني ، و تحولت اليمن إلى ساحة رئيسية للصراع السعودي – الإيراني خاصة بعد إعلان الحوثيين كمليشيات مسلحة فرض نفوذهم على صنعاء العاصمة نيابة عن الدولة الإيرانية و تنفيذًا لمخططها الإقليمي و هو ما يعرف بالحرب بالوكالة التي تبلورت بين الجانب السعودي و الإيراني في إطار التنافس بينهما داخل دولة اليمن كدولة جوار استراتيجي لهما مما قاد المملكة السعودية لحشد قواها العسكرية التي سميت بقوات التحالف ضد أية قوى مسلحة تابعة لإيران مما أدى لاتهام الأخيرة المملكة السعودية أنها تستغل مركزها الإقليمي على دول الخليج كذريعة للتدخل في الشئون الداخلية اليمنية ([101])( [102])( [103])( [104]).
و كان لكلا الدولتين دورًا في إثارة حالة من عدم الاستقرار الداخلي بالدولة اليمنية من خلال جعلها موطنًا للأسلحة و إعادة حالة من الفوضى الأمنية التي أصابت الدولة ذاتها ، فمن ناحية إيران ، كانت هى المساهم الأكبر في تعزيز الانقسام الداخلي على أساس مذهبي كأداة رسمية لها بعد عام 2011 لدعم تحقيق التوافق بين انصار المذهب الاثنى العشرية و المذهب الزيدي الذي يعد فرع من المذهب الشيعي ضد أنصار الدعوة الوهابية التابعة للسعودية كجزء من التنافس بينهما على قيادة العالم الإسلامي و تزامن ذلك مع تعاظم النفوذ الإيراني بالمنطقة من خلال إسناد الحركة الحوثية ضد النظام السياسي اليمني الحاكم من قبل الرئيس علي عبدالله صالح بما يفاقم من سوء حالة التشرذم السياسي التي انتشرت باليمن بين الرئيس من ناحية و بعض العناصر المتمردة من الجيش اليمني التي قادت الانقلاب على الحاكم من ناحية أخرى مما قاد لاشتعال الحرب الأهلية اليمنية بين الشمال و الجنوب عندما تولى الرئيس عبد ربه منصور السلطة مواليًا للدولة السعودية ، فبدأ يظهر الدور الإيراني في تقديم الدعم العسكري و الأمني و الدعائي من أجل تدعيم الوجود الحوثي باليمن بما يحافظ على المصالح الإيرانية و العمل من ناحية أخرى على تأييد موقف الجنوب اليمني في الدفاع عن مطالبهم و هي انفصال الجنوب عن الشمال بما يفسح المجال للسيطرة الحوثية على الجزء الشمالي ، فضلأ عن تقديم التعويضات المالية لأفراد الشعب المدنيين الذين لحق بهم العديد من الأضرار الإنسانية من جراء هذه الحروب و يرجع ذلك التحالف الإيراني – الحوثي إلى عدة عوامل رئيسية و يأتي على رأسها التوافق المذهبي بين الطرفين وهما بدر الدين الحوثي مؤسس الحركة و الرئيس الإيراني و دعم مخطط الهلال الشيعي و تصدير مبادئ الثورة الإسلامية من خلال استغلال المؤسسات العلمية و الدينية باليمن في نشر قيم النظام الإيراني و جعلها من الأذرع الثقافية الداعمة لإيران ، فضلًا عن دعم العلاقات الدبلوماسية الإيرانية – اليمنية بل و الاستخباراتية أيضًا و حماية النفط اليمني كأداة رئيسية لنمو الاقتصاد الإيراني و من الدوافع الأخرى التي قادت إيران لتصعيد الأزمة اليمنية هو صرف أنظار الدولة السعودية عن صعود النفوذ الإيراني بدول منطقة الخليج الأخرى كسوريا و العراق و لأن إيران ترى أن التدخل السعودي ساهم في تصعيد الحروب اليمنية من خلال محاربة الحوثيين بل و ترى أنه يجب إنهاء هذه الصراعات المسلحة و اتباع سياسة توافقية بين الأخير و الحراك الجنوبي بما يصب فى النهاية لصالح الدولة الإيرانية و غيرهم أما عن الدور السعودي إبان الحروب اليمنية ، فقد تمثل في العمل على تقييد الانتشار الإيراني من خلال التصدي للخطر الحوثي عن طريق دعم الجماعات القبلية في إطار ذلك الصراع اليمني و منع تحويل الأراضي اليمنية لساحة للجماعات الإرهابية المسلحة المتضادة و التي أصبحت حليفة لإيران بعد عام 2011 من أجل تحقيق أغراضها المصلحية دون النظر لحماية الأمن القومي و الإنساني اليمني و لا يخلو ذلك من التدخل الخارجي لتعميق هذه الخلافات العربية من خلال الانقسام الغربي في دعم الأطراف المتحاربة بما يكون توطئة لديهم لفرض الهيمنة الغربية على محيط الخليج العربي بأكمله بهدف إعادة الاستقرار الأمني لديه([105])( [106])( [107])( [108] )([109])( [110])([111]).
و بعد عام 2011 و تصاعد حالة العنف الدموي و الحروب الأهلية الدائرة بين أفراد الشعب اليمني ، بدأت الدولة السعودية تتولى زمام المبادرة بالدعوة إلى اللجوء لاستخدام الأداة التفاوضية السلمية بين شطري الدولة اليمنية لتصفية الخلافات السياسية و القضاء على نشاط الحركة الحوثية و كافة المليشيات المسلحة التي كانت لها اليد العليا في انعدام الأمن اليمني و إلى أن تصبح اليمن ساحة للقتال و الهجمات العسكرية ، و لذلك فقد كانت الدعوة السعودية لتسوية كافة هذه النزاعات هى الأداة الأمثل لإعادة الاستقرار للدولة اليمنية و كانت أولى هذه الأدوات هى إطلاق المبادرة الخليجية عام 2011 باجتماع كافة القوى السياسية سواء مؤسسات النظام الحاكم أو الفاعلين من غير الدول من الجهات المعارضة أو الجماعات التي قادت الانتفاضة اليمنية من أجل التوقيع على الاتفاق بينهم على ضرورة تسليم الرئيس علي عبدالله صالح السلطة لنائبه عبد ربه منصور الهادي و العمل على وضع دستور جديد و إجراء انتخابات دورية من أجل التداول السلمي للسلطة و التي وقع عليها الطرف السعودي و لم تلتفت إليها الدولة الإيرانية لما يهدد مصالح الحوثيين باليمن و أفضت مخرجات هذه المبادرة إلى عقد مؤتمر الحوار الوطني اليمني عام 2013 و الذي أصبح يشمل كافة رموز الحركة الوطنية المشاركة في وضع سيناريوهات مستقبل النظام السياسي اليمني و ترأس المؤتمر الرئيس منصور هادي و دول مجلس التعاون الخليجي تحت رعاية مبعوث الأمم المتحدة و بمشاركة الأحزاب اليمنية التي تحتوى على أعلى نسبة أصوات بالمجلس التشريعي و هم : حزب المؤتمر الشعبي العام ، الحزب اليمني للإصلاح ، الحزب الاشتراكي و بعض العناصر المستقلة من الشباب و النساء و لا يخلو ذلك المؤتمر من القيادات الممثلة للحركة الحوثية و تمثلت مخرجات ذلك المؤتمر من خلال الاعتراف بمسئولية الجيش اليمني كأداة رسمية تتولى حفظ أمن الدولة و تعزيز فكرة المصالحة الوطنية و الحريات العامة في تكوين التجمعات السياسية و مناقشة قضية صعدة و الحراك الجنوبي و لكن توجد بعض النقاط التي تؤخذ على ذلك المؤتمر ومنها استبعاد بعض فئات المجتمع اليمني و على رأسهم شباب الثورة اليمنية و عدم تعبيره عن التمثيل العادل الفئوي من الشباب و المرأة و أعضاء المجتمع المدني و لذلك لاستحواذ الأحزاب التي لديها قوة الأغلبية على عدد مقاعد المؤتمر بل و كانت تضم بعض العناصر التي كان لها يدًا في محاربة المدنيين و قتل قادة شباب الثورة و الإصلاح مما ينتقص من شرعية ذلك المؤتمر و لكن على جانب عناصر الجنوب اليمني كانت رافضة تمامًا المشاركة بالمؤتمر لعدم رضائها عن الهيكل التمثيلي له و قد تولى المؤتمر مناقشة قضية صعدة التي تعاني من مشكلات الانقسام الطائفي و لأنها كانت معقلًا للصراع الحوثي ضد السلطة الحاكمة بل و ناقش قضية مطالبة الجنوبين بالانفصال عن الشمال و تحويل دولة اليمن من دولة ذات طابع مركزي إلى دولة فيدالية الحكم و تقسيم الدولة إلى قسمي الشمال و الجنوب و ستة أقاليم فرعية و لكن الاقتراح الخاص بتبني النظام الفيدرالي لم يلقى قبولًا من الجنوبيين الذين يطمحون إلى الانفصال و تم رفضه أيضًا من قبل الحوثيين لعدم رضائهم عن المناطق التي سوف تصبح تحت سيادتهم على الرغم من أن المؤتمر أعطى صلاحيات أكبر للأقاليم اليمنية أكثر من سلطات الحكومة المركزية و لذلك أصبح ذلك المؤتمر ليس معبرًا عن الحوار الوطني اليمني و لم يؤتى ثماره و اكتفى بذكر سمات النظام اليمني الفيدرالي دون النص كيفية التحول إليه بل و استمرت اليمن تعاني من الصراعات الأهلية في الفترة من خلال عام 2011 حتى عام 2014 بالتزامن مع اللجوء إلى أداة الحرب بالوكالة من قبل الطرفين السعودي – الإيراني في إطار تعظيم النفوذ الإقليمي لدي كل منهما بالمنطقة ، حيث تعد حرب اليمن من الحروب التي أبرزت فكرة الحرب بالوكالة بين البلدين من خلال الحوثيين الداعمين لإيران و قوات الحكومة الشرعية و التيار السني المؤيد للرؤية السعودية في التوصل لحل توافقي بين كافة الأطراف السياسية ، فنشأت حالة من السباق الأمني بينهم بما كان له أثرًا على الاستقرار الإقليمي ككل و لكن تم إعاقة تحقيق التوافق الوطني كهدف مرجو من وراء ذلك المؤتمر و باءت محاولات ذلك الحوار بالفشل و كان خير دليل على ذلك أنه استتبع عقد ذلك المؤتمر عام 2014 هو تمكن الجماعة الحوثية من فرض نفوذها التام على بعض المدن اليمنية إلى أن استطاعوا السيطرة على كافة مقاليد الحكم اليمني التي تلاها سعي الحوثيين لإجلاء الجماعة السلفية من مدينة صعدة و فقدت حكومة منصور هادي شرعيتها لعدم قدرتها على السيطرة على ذلك التمدد الحوثي إلى أن استفحل تمركزه بباقي المدن اليمنية ([112] )([113])([114]).
و لم يكتفى أعضاء الجماعة بذلك بل استمر تمددهم إلى السيطرة على محافظة عمران اليمنية إلى أن تمكنوا من إسقاط العاصمة اليمنية صنعاء في يدهم و مما صاحبه إثارة سخط الشعب اليمني و اشتعال المظاهرات بين الأطراف المدنية من جهة و الحوثية من جهة أخرى و لكن أسفرت عن سقوط العديد من قتلي المواطنين اليمنين العزل و استطاع الحوثيين السيطرة عليها بالنهاية ، فقاد ذلك إلى توقيع اتفاقية السلم الشراكة بين جماعة الحوثيين و مؤسسات النظام الحاكم و التي تضمنت عدة مبادئ رئيسية و منها : العمل على تشكيل حكومة تضم كافة عناصر المجتمع اليمني و تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد و تنفيذ مخرجات الحوار الوطني و لكن أصابت هذه الاتفاقية بعض الانتقادات و هى عدم تقييد الحوثيين من عقد صفقات للأسلحة التي من شأنها تهديد الأمن اليمني و لم يقيد الاتفاق من الانتشار الحوثي باليمن ، فضلًا عن إتمام عملية وضع الدستور و إلغاء مشروع النظام اليمني و تلى هذه الاتفاقية الإعلان الدستوري للحوثيين الذي استطاع الأخير من خلاله إزالة الرئيس هادي عن السلطة و الحكومة التابعة له و الذي مهدت للقيادة الحوثية السيطرة على نظام الحكم بالكامل بعد أن تم تقاسم السلطة بين الطرفين و استطاع الحوثيين من خلال ذلك الإعلان تعظيم تواجدهم و الصلاحيات الخاصة بهم في إدارة شئون الدولة اليمنية مما يمكن إيران من توطيد وجودها باليمن و تغيير موازين القوى لصالحها و لكن توجد العديد من العوامل التي ساهمت في الصعود الحوثي و التي على رأسها هو غياب الطابع الشرعي للحكومة اليمنية التي يرأسها الرئيس هادي من خلال عدم قدرة الأخيرة على تلبية احتياجات المواطنين و غياب الوحدة اليمنية بين كافة الطوائف و المذاهب المختلفة و عجز النظام الحاكم عن إقامة هذا التوافق الوطني بل و توجد حالة من التشرذم المجتمعي بالدولة اتخذها الحوثيين كذريعة لتعميق من ذلك الانقسام القائم و نشر حالة الاستقطاب السياسي بالدولة و بروز الدعم الدولي المتمثل في الولايات المتحدة لبقاء الجماعة الحوثية في السلطة تدعيمًا لمذهب الشيعي ضد التيار السني التي تعتقد أنه المذهب الذي يجمع بين الجماعات الإرهابية و كانت كل هذه الأحداث السياسية السابقة التي مر بها المجتمع اليمني نقطة انطلاق لاحتدام الصراع السعودي – الإيراني بها و ذلك لأن إيران هي الداعم الرئيس لجماعة الحوثيين و تمتلك العديد من العلاقات الراسخة مع رئيس الجماعة الحوثية و علاقة الترابط التي كانت تجمع بين أنصار المذهبين الزيدي و الاثنى عشرية بالدولة الإيرانية ، بالإضافة إلى الدعم الحوثي للثورة الإيرانية 1979 و لكن كانت وراء ذلك التحالف هو تحقيق عدة أهداف إيرانية متمثلة بتهديد أمن النظام اليمني المرتبط بإثارة القلق و التوتر على الحدود السعودية و تقديم الدعم للحوثيين على كافة المستويات لضمان تغلغلهم بالمنطقة الخليجية سواءًا من خلال الدعم السياسي و اللوجيستي و الاعتراف بشرعية هذه الجماعة مما يقود مصير الدولة اليمنية إلى الوصول بها لحالة من الفوضى و الدمار السياسي و الأمني بها و لكن برز الدور السعودي باليمن من خلال عدم ترك التوسع الإيراني باليمن و المساهمة بالتدخل العسكري السعودي المباشر بها في إطار ما يسمى بعاصفة الحزم ، حيث قامت السعودية بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي عقب سقوط صنعاء في يد الحوثيين عام 2015 و عدم استطاعة أساليب التسوية السابقة من الحوار و اتفاقية السلم إلى التوصل لحل يرضي الأطراف المختلفة من أجل اللجوء إلى الحل العسكري لإنقاذ الدولة اليمنية من انتشار الجماعات المسلحة المتمردة بها حماية لأمن المنطقة بأكملها و ليست اليمن فقط ، لذلك فقد شنت القوات العسكرية السعودية ضربات جوية على أعضاء تلك الجماعة و تتمحور أهدافها حول إعطاء شرعية نظام الرئيس منصور هادي و القضاء على جماعة الحوثيين ( أنصار الله ) و استعادة دورها الإقليمي بالمنطقة و حماية للمرات المائية الدولية التي تعد معبرًا مهمًا للتجارة السعودية بل و التجارة العالمية على وجه العموم و مواجهة التمدد الإيراني بما يخل بالتوازن الإقليمي بالمنطقة و ظهر التضامن الدولي المؤيد للموقف السعودي ضد إيران من أجل دعم ذلك التدخل العسكري لإعادة الاستقرار اليمني و تفعيلًا لاتفاقية الدفاع المشترك التي تمت بين دول الخليج العربي و لكن لم يفضي ذلك التدخل إلى أية نتائج إيجابية بل و تراجعت القوات السعودية عسكريًا بعدما قامت بقتل زعيم الأقلية الشيعية باليمن و هو النمر مما أغضب الجانب الإيراني عام 2016 مما أدى لزيادة التوتر بين البلدين و لذلك لم تستطع مواجهة ذلك الخطر الحوثي و عادت إلى استخدام الحلول السياسية لحل الأزمة اليمنية التي مازالت قائمة حتى الآن([115])( [116]) ([117]).
و أصبح النظام اليمني يعاني من العديد من أوجه قصور منها : تلاشي روح الهوية الوطنية و انتشار الحركات الانفصالية و الصراعات الإقليمية ، فأصبح نظامًا يشوبه الضعف مما قاد الدولة السعودية إلى إعلان مبادرتها الأخيرة عام 2021 من قبل الملك محمد بن سلمان استكمالًا لعودة النظام اليمني الشرعي و لتحقيق أهداف عاصفة الحزم التي قادتها الأخيرة ، فقامت بطرح تسوية سلمية أخيرة تنص على ذات المبادئ التي اشتملت عليها المبادرات السابقة مما يفضي إلى نتيجة حتمية وهى فشل الحل السياسي كأداة للتواصل مع الحوثيين على الرغم من أن المبادرة تشتمل على أهداف تصب في صالح دولة اليمن التي لا تعد موضعًا مهمًا لديهم و هي : إنهاء تبادل الضربات المسلحة بتوجيه دولي و محاولة التوصل لحل التفاوضي مع تلك الجماعة لإنهاء الأزمة اليمنية و إعادة فتح مطار صنعاء لتسهيل حركة التجارة السعودية و لم تستجيب الأخيرة لتلك المبادرة بينما يرى الجانب الإيراني أن هذه المحاولة السعودية ما هي تدعيمًا لمكانتها الدولية و الإقليمية بين دول العالم الخارجي و الظهور بدور المفوض السلمي لحلحلة تلك الأزمة و لتأكدها بأن الحل العسكري لا يؤدي إلى نتائج مرضية و رأت إيران أن طالما استمرت هذه المواقف المناقضة للدولتين السعودية و الإيرانية لن يتم حلها و من أجل الحفاظ على الوضع الإيراني الإقليمي من خلال الحفاظ على الحكم الحوثي باليمن و عدم قبول إيران بأية تسوية دبلوماسية يفرضها الجانب السعودي بل و الاستفادة من سقوط نظام الحكم اليمني لفرض نفوذها على منطقة خليجية أخرى بجانب المناطق التي يتضح بها النفوذ الإيراني ضد المملكة السعودية و لكن عنما رأت إيران موقف السعودية و المجتمع الدولي المناهض لدورها باليمن ، تراجعت عن قراراتها الحاسمة بشأن عدم قبول تسوية سلمية و قامت بطرح التسوية الإيرانية من أجل القيام بعملية مصالحة وطنية و تشكيل حكومة و حماية الأمن الإنساني باليمن و وقف التدخل العسكري السعودي و التعاون من دول الخليج للتوصل لحل سياسي و ذلك لتخوف إيران من الرجوع إلى العزلة الدولية مرة أخرى و رغبتها في الحفاظ على مكانتها الإقليمية في إطار التنافس مع السعودية و ليس العمل بما يضر مصالح الأخيرة و اتفق كلًا من الجانب اليمني و السعودي و لاسيما النظام الدولي أنه لم يتم استعاد الوضع الأمني إلا بإقلاع الدولة الإيرانية يدها عن الدولة اليمنية(..([118]
المبحث الثانى:الحرب بالوكالة بين السعودية و إيران وتأثيرها على العراق:
تعتبر الحرب العراقية الإيرانية بمثابة أول تعبير صريح عن حالة الصراع بين السعودية و إيران ؛ وذلك لقيام السعودية بتقديم أشكال مختلفة من المساندة للعراق فى مواجهة إيران طوال فترة الحرب من (١٩٨١-١٩٨٩) ، وبعد الغزو الأمريكى للعراق وجهت السعودية الانتقاد إلى الولايات المتحدة لسماحها بقيام دولة فى العراق منتمية لإيران، ومع هذا الغزو تطورت العلاقات السعودية الإيرانية من الصراع الثنائى إلى التنافس على النفوذ فى منطقة الخليج([119]).
تمثل العراق حاليا أرقا لكل من السعودية و إيران، فقبل الغزو الأمريكى كان نظام صدام حسين يؤرق عمل الطرفين السعودى و الإيرانى و بعد الغزو كان الطرفان يخشيان من مجئ نظام جديد يتشابه مع سابقه ؛ ولذلك قامت إيران باتباع سياسة جديدة مع الحكومات العراقية المتعاقبة الموالية لها ، ولكن السعودية اتسمت علاقاتها بالتوتر مع عدد من القادة العراقيين من ضمنهم رئيس الوزراء نورى المالكى؛ ويرجع السبب فى ذلك أن العراق قام بتوقيع اتفاقيات مع شركات النفط الدولية لإعادة تأهيله مرة أخرى للدخول فى سوق النفط كمصدر رئيس للنفط ولكن هذا التطور من المحتمل أن يعمل على إضعاف النفوذ الإقليمى و الدولى للسعودية فى سوق النفط العالمى إذا لم تتدخل فيما يحدث فى العراق ، أما بالنسبة لإيران و العراق لديهم مخاوف متشابهة بشأن عدم ثبات و استقرار أسعار النفط العالمية ولذلك فالسعودية قلقة من قيام تحالف بين العراق و إيران فى ظل حكومات منتمية لإيران ؛ لأن حدوث أى تحالف بينهما من الممكن أن يدمر المصالح السعودية فى المنطقة، ، والعراق بالنسبة لإيران تختلف عن سوريا و لبنان لأنها تقوم بدور مشارك فى صنع القرار العراقى و التركيبة العراقية ، أما بالنسبة للمملكة فإن موقفها من العراق يصعب تحديده بسبب سياساتها المتحفظة القائمة على السرية فالسعودية ليست على وفاق كبير مع الحكومة العراقية التى تهيمن عليها الأحزاب الموالية لإيران ، ولكن إيران لها نفوذ قوى فى هذه الحكومة ومختلف مؤسسات الدولة العراقية بما فيها المؤسسة العسكرية ؛ لذلك تبذل السعودية مجهودات كبيرة لمحاصرة النفوذ الإيرانى فى العراق لأن العراق بالنسبة لها البوابة الشرقية للخليج العربى و خط الدفاع الأول ضد التمدد الإيرانى فى المنطقة ولكن العراق بالنسبة لإيران هو البعد الأمنى و الجيوسياسى و العمق الاستراتيجى لها لتحقيق أهدافها وآمالها المستقبلية ، بالإضافة إلى مجموعة من الدوافع التى تدفع إيران لتوثيق علاقاتها مع العراق وهى كالتالى الدافع الاقتصادى المتمثل فى عدة أشياء أولها العلاقات بينهما فيما يخص الغاز و النفط ، ثانيها هو خط التجارة الذى يعد الخط الرئيسى للتجارة بين بغداد و طهران خاصة بعد الغزو الأمريكى للعراق، الدافع السياسى المتمثل فى مبدأ تصدير الثورة و الترويج لفكرة بناء الشرق الأوسط الإسلامى ،الدافع الجغرافى المتمثل طول الحدود بين الجانبين فحدود إيران مع العراق من أطول حدودها مع الدول المجاورة لها بالإضافة إلى أنها منطقة تلاصق سكانى فالكثافة السكانية على الجانبين فى هذه المنطقة كبيرة للغاية وخط الحدود حى بكثرة المصالح الاقتصادية، الدافع الدينى حيث أن العراق أصبحت وجهة رئيسية للسياحة الدينية يتوجه إليها السياح الإيرانيين فيزورها حوالى ٤٠ ألف إيرانى المدن المقدسة فى العراق بشكل دورى كل شهر ، كما أن حوالى من ثلاثة إلى أربعة ملايين شخص يقومون بزيارة العراق فى الاحتفالات السنوية بذكرى عاشوراء([120]).
يعد الانقسام بين السنة و الشيعة فى العراق من أكثر الانقسامات الطائفية تأثيرًا على أمن و استقرار المنطقة ؛ و السبب فى ذلك أن هذه الانقسامات من الممكن أن يكون لها امتدادات إقليمية بشكل متصاعد ، و تعد من أكثر التهديدات التى تنتج عن هذه الانقسامات هى (استقرار السيادة الوطنية و إضعاف مركزية الدولة القطرية لصالح إقطاعيات محلية عرقية و طائفية متنافرة فى علاقتها )، تزداد إمكانيات الانفصال بتفكك الوحدات السياسية التى تمتد تداعياته الأمنية إلى منطقة الخليج، بأكمها، و بعد الغزو الأمريكى على العراق أصبح من الواضح أمام الجميع العلاقة الوثيقة بين إيران و القوى الشيعية التى شاركت فى حرب إبادة طائفية بلغت ذروتها عام ٢٠٠٦م ، وعجزت الولايات المتحدة عن محاصرة النفوذ الإيرانى فى العراق نتيجة لاحتضان إيران للمعارضة العراقية المسلحة التى أصبحت جزءً لا يتجزأ من مجلس نظام الحكم الذى تم تكوينه من قبل حاكم العراق الأمريكى( بول بريمر) الذى استمر لأكثر من ثلاثون عامًا خلال هذه السنوات انتهزت إيران الفرصة و كثفت علاقاتها مع الجماعات العراقية المختلفة مثل ” المجلس الأعلى للثورة الإسلامية” الذى أصبح له دور فى عملية إدارة شئون العراق بالإضافة إلى جناحه العسكرى ” منظمة بدر” وتقوم إيران بتشجيع الأعضاء الجدد على الانضمام لهذا الكيان من خلال إعطائهم ألفان دولار لكل عضو جديد ، بالإضافة إلى حثها لمجلس الثورة على السيطرة على المؤسسات الحكومية التى استخدمتها لاحقًا فى إدارة الحرب الطائفية و جعل مئات الآلاف من السنة بلا مأوى ، أصبح الانقسام المذهبى وعدم الاستقرار الأمنى بالعراق يشكل تحديًا لأمن منطقة الخليج بشكل عام و الأمن السعودى بشكل خاص؛ ولذلك أكد الأمير تركى آل سعود -مسئول جهاز الاستخبارات السعودية السابق- على أن العراق يشكل أزمة أساسية فى الشرق الأوسط بالنسبة لدول الخليج العربى و اللاعبين الآخرين فى المنطقة ، و جاء رد الفعل السعودى على التفكك المذهبى بالعراق عندما عبر الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى عن قلق دول الخليج العربية من احتمالات تفكك العراق ، تظهر المخاوف السعودية التى تم التعبير عنها فى عدد كبير من المناسبات عودة دور العامل الشيعى فى السياسات العراقية بشكل غير مسبوق ، كما أن أى دولة خليجية سترفض وجود العراق بالقرب من حدودها وهى قائمة على أساس طائفى ؛ لأن ذلك يشكل تهديد استراتيجى يشجع الأقليات الشيعية فى هذه الدول على طلب الاستقلال و الحكم الذاتى ؛ ولذلك ترفض دول الخليج رفضا قاطعا تقسيم العراق و تؤكد على أهمية الحفاظ على سيادته([121])، سنحت الفرصة لإيران بعد الغزو الأمريكى للعراق لإحكام نفوذها على العراق بعد أن كانت تحركاتها الخليجية و العربية مقيدة بعوائق الوجود الاستراتيجى للعراق فى المنطقة، فقد مهد لها هذا الغزو تحقيق نفوذ فعال فى العراق حيث ضمنت أن القوى السياسية الرئيسية التى تحكم العراق منتمية لها ، وهكذا أصبح العراق الذى كان يعتبر ثالث ثلاثة من قوائم الأمن فى الخليج إلى مجرد ذراع لإيران تحركه كيفما شاءت، و بالتالى قويت القدرات الاستراتيجية لإيران فى منطقة الخليج ضد دول مجلس التعاون([122])، لقد شاع النفوذ الإيرانى فى العراق بعد الغزو الأمريكى كجزء من الدعاية الإيرانية بتصدير الثورة على أساس أن العراق هى أصل و مصدر التشيع وبها أهم مزاراته فى كربلاء و النجف الأشراف مرقد الإمام علي ، يعد النفوذ السعودى فى العراق نفوذ نسبى لا يقارن بالنفوذ الإيرانى هناك ؛ ويرجع ذلك أن الأغلبية السنية بالعراق كانت منتمية لحزب البعث العراقى التابع لصدام حسين و يمثل توجه هذا البحث نحو القومية العربية و ليس الإسلام ونتيجة لهذا لم يكن هناك علاقات بين السعودية و السنة العراقيين على عكس الشيعة العراقيين الذين كان لديهم انتماء قوى لإيران ؛بسبب وجود الحوزات العلمية و المرجعيات فى كربلاء و النجف و التى تتواصل باستمرار مع الحوزات العلمية فى مدينة قم الإيرانية هذا العامل ساعد بشكل كبير فى تكثيف العلاقات بين إيران و الشيعة العراقيين، وظهر ذلك فى الثورة الشيعية التى انتشرت فى الشارع العراقى بعد إسقاط تمثال صدام حسين ، مع الغزو الأمريكى للعراق انقطعت العلاقات بين السعودية و العراق؛ لتجنب مواجهة النفوذ الإقليمى الإيرانى بالعراق ، وتم نوع من التعاون الأمنى بين الجانبين من خلال فتح أول حاجز رئيس وهو معبر عرعر الحدودى فى عام ٢٠١٧م الذى تم إغلاقه فى عام ٢٠٠٤م ، وفى عام ٢٠١٩ زار رئيس الوزراء العراقى المملكة العربية السعودية و التقى فيها بولى العهد الأمير محمد بن سلمان وكانت هذه الزيارة جزء من المجهودات الكبيرة التى بذلتها السعودية لتعميق العلاقات السياسية و الاقتصادية مع العراق فى المجالات المهمة بالنسبة للجانبين و خاصة توليد الطاقة([123])، اخفقت السعودية فى السيطرة على النفوذ الإيرانى فى العراق حيث لم تستطع تقديم العون لحلفائها فى المجتمع العربى السنى فى العراق فى حين نجحت إيران فى توحيد نفوذها مع المجموعات الشيعية العراقية، ويرجع فشل السعودية إلى أن عدد من حلفائها كانوا فى حالة تمرد ضد الولايات المتحدة التى تدهورت علاقاتها بالسعودية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١م ، وقد نسب جزء من ذلك التمرد إلى التيار الجهادى السلفى الذى حاول تقييد النظام السعودى ، و يظهر فشل السعودية فى العراق فى المناسبة التى قام فيها تنظيم داعش بتحقيق عدة مكاسب له فى صيف عام ٢٠١٤م ، فقد تم طرد قوات الصحوة السنية العراقية التى كونها المحتل الأمريكى فى عام ٢٠٠٦م ووجدت السعودية حليفا سنيا عراقيا معاديا للنفوذ الإيرانى فى العراق و يتعاون مع الولايات المتحدة ولذلك قامت السعودية بتقديم المساعدة لقوات الصحوة لكى تحجم من النفوذ الإيرانى فى العراق([124])،ساعدت السعودية فى التمويه على المطامع الإيرانية فى العراق و تعاونت مع الولايات المتحدة الأمريكية فى إسقاط نظام صدام حسين من خلال أن أكثر من ثلثى الطائرات و الصواريخ الأمريكية انطلقت من الأراضى السعودية ، مثلت قاعدة الأمير سلطان الجوية منصة انطلاق للصواريخ الأمريكية ، و كانت السعودية على علم بأن سقوط نظام صدام لم يكن فى صالحها ؛ بسبب استيلاء المعارضة الشيعية على الحكم بعد الغزو وهذا يعنى أن إيران سنحت لها الفرصة للخروج من عزلتها و لعب دور أساسى فى معادلة أمن الخليج مع الولايات المتحدة بعد خروج العراق من معادلة التوازن الإقليمية، على الرغم من أن السعودية كانت تنظر إلى العراق فى عهد صدام حسين على أنه مصدر تهديد لأمنها ولأمن الخليج بصفة عامة لذلك ساعدت الولايات المتحدة فى إسقاط هذا النظام،ولكن بعد الغزو الأمريكى للعراق أصبحت السعودية ودول الخليج يواجهها تهديد أكثر قوة من تهديد نظام البعث ألا وهو التهديد الإيرانى حيث تطمح إيران لزيادة نفوذها الإقليمى فى المنطقة خاصة بعد غياب العراق عن مسرح القوة الإقليمية الذى كان قبل الغزو الكابح المانع للتمدد الإيرانى وكان يشكل الجدار الفولاذى العربى الذى يقف أمام المارد الإيرانى، وترتب على ذلك زيادة النفوذ الإيرانى فى العراق و هيمنتها على قراره السياسى مما دفعها إلى تمديد نفوذها داخل مجلس التعاون الخليجى خاصة فى المنطقة الشرقية فى السعودية، الكويت، البحرين([125])، بعد إنتهاء الغزو الأمريكى على العراق ، أصبحت العراق بعد ذلك ساحة تتنافس بها عدة أطراف لإستغلال حالة الفوضى التى تركها المحتل الأمريكى بالعراق أفضل إستغلال ، كانت إيران و السعودية من ضمن هذه الأطراف فالبنسبة لإيران تدخلت بقوة فى العراق ووظفت أهم أدواتها لإحكام سيطرتها على العراق ألا وهى (التأثير فى الطائفة الشيعية العراقية وميلشياتها المسلحة)،وقد تم توظيف هذه الأداة بفعالية من خلال توظيف الأخطاء التى قام بها المحتل الأمريكى فى عملية نقل السلطة إلى العراقيين خلال الفترة الانتقالية بالإضافة إلى التأثير فى العملية الانتخابية العراقية ، ويعد اضطرار الولايات المتحدة للإتفاق مع إيران حول مستقبل العراق دليلًا واضحًا على الدور الإيرانى الفعال فى العراق وعلى عجز الولايات المتحدة عن تحييد إيران فيما يخص الشأن العراقى ،قامت إيران بتقديم العون للميلشيات المعارضة العراقية لممارسة نفوذها على العراق ، ففى العراق توجد أعداد كبيرة من الميلشيات الشيعية التى تمولها بالكامل إيران ومن أبرزها فيلق بدر و تحارب ضمن قوات الحشد الشعبى ضد تنظيم داعش ، ولكن هذه الميلشيات تسببت فى إلحاق الخجل والأذى للجانب الإيرانى نظرا لإرتكباها جرائم وحشية ضد السكان السنة فى المناطق التى تم تحريرها ، لقد بدا التدخل الإيرانى فى العراق واضحًا عند بدء الانتخابات البرلمانية العراقية فى 12مايو 2018م، عند محاولة نظام الملالى تقديم المساعدة لترشح قيادات من ميلشيات الحشد الشعبى فى الانتخابات ،يعد هذا الترشيح جزء من سياسة إيران لإحكام سيطرتها و نفوذها على العواصم العربية خاصة بغداد ، و تعد من الأسباب الكامنة وراء تدخل إيران فى العراق كون الأخيرة الحديقة الخلفية لإيران لملىء الفراغ السياسى الذى تركه المحتل الأمريكى بعد مغادرته للعراق، أما بخصوص السعودية كانت هى الأخرى ترغب فى إحكام سيطرتها على العراق لمُلاحقة إيران فى أماكن نفوذها كجزء من الصراع الدائر بينهما ، ولذلك عملت على تكوين علاقات طيبة تعاونية مع العراق تستطيع من خلالها تحجيم المحاولات الإيرانية الساعية لإفشال الجهود السعودية فى العراق ،و اختارت العامل الاقتصادى لتحقيق هذا الهدف فقد قدمت عدد من المبادرات( كتوسيع الحصة المخصصة للعراق من مقاعد الحج، و فتح خطوط طيران مباشرة ، تقديم منح مالية ، بالإضافة إلى عرضها الخاص بربط الشبكات الكهربائية بين البلدين مقابل أسعار أفضل من الأسعار التى تطلبها إيران)، ولكن على الرغم من ذلك كانت هناك دائمًا مشكلات تقف أمام الجهود المبذولة من المملكة لتحسين علاقاتها مع العراق وهى الشكوك حول هذه الجهود من قبل صناع القرار العراقيين الذين لديهم قناعة بأن الانفتاح السعودى المُفاجىء ما هو إلا مشروع إقليمى أمريكى فى المنطقة وفى العراق خاصة الغرض من ورائه تقليل النفوذ الإيرانى فى العراق ، بالإضافة إلى الضغوط المُنبثقة من الأحزاب السياسية المتشددة المتواجدة بداخل التحالف الحاكم بالعراق المنتمية لإيران لوضع حد للعلاقات السعودية العراقية([126])،و جاء رد الفعل السعودى تجاه النفوذ المتنامى لإيران فى العراق من خلال مسارين: الأول داخل المنطقة، فقد حذرت السعودية بشكل غير مباشر إيران لكى تتخلى عن جهودها لنشر المذهب الشيعى فى العالم العربى الذى يهيمن عليه المذهب السنى، الثانى وهو خارج المنطقة ، و يبرز فى الجهود التى تقوم بها السعودية لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع الصين ، الهند، روسيا الاتحادية الذين يعتبروا حلفاء لإيران، و يرجع السبب فى ازياد نشاط النفوذ الإيرانى مقارنة بالرياض إلى توجس إيران من الصعود المفاجئ للقوة العسكرية الأمريكية و تأثيراتها السلبية فى الدول المجاورة لها كافغانستان و العراق ؛لذلك بذلك مجهودات كبيرة تضمنت الاستثمار الاقتصادى و العمل الدبلوماسى و تنشئة عملاء إيرانيين داخل نظام الحكم العراقى و قيادة الميلشيات المسلحة، و نتيجة لذلك احكمت إيران قبضتها على العراق وظهر ذلك فى تردد رئيس الوزراء العراقى المالكى فى الإساءة إلى إيران و تصريحه بأن” العلاقات الاستراتيجية بين البلدين تخدم مصالحهما معا“ ([127]).
خلاصة الفصل:
و بناءً على ما سبق ذكره ، فإن منطقة الخليج العربي تعيش حالة من الصراع الإقليمي بين السعودية و الإيران و اتضح ذلك بحالتي اليمن و العراق اللاتي تعتبر من أوائل الدول العربية التي عانت من عدم الاستقرار الأمني و الحروب القائمة على أساس طائفي و مذهبي من خلال انتشار فكرة الحرب بالوكالة بهم بما يصب في النهاية لمصلحة الجانب الإيراني الذي يساهم في الإخلال بالتوازن الإقليمي بالمنطقة مما أدى لتصاعد الأزمة اليمنية إلى درجة عالية من التعقيد مع تمكن الحوثيين من فرض سيطرتهم على الجزء الشمالي اليمني و أدى لتدخل الأطراف العربية و الدولية لتحديد مستقبل اليمن من خلال التوصل إلى تسوية من شأنها الجمع بين الطرفين و هما الحكومة الشرعية اليمنية و الجماعة الحوثية و لكن على أرض الواقع، يتضمن هذا السيناريو المستقبلي العديد من المشكلات أثناء تطبيقه فى الواقع العملي و كذلك على مستوى دولة العراق ، فأصبحت الأخيرة تعاني من التفكك المجتمعي و انتشرت بها الحروب الطائفية و كل مما سبق تسببت بها الدولة الإيرانية لما يحقق مصالحها فقط دون النظر لأمن الدول العربية الأخرى.
الخاتمه:
و في ختام هذه الدراسة ، فقد تمحورت أهداف ذلك الصراع الإقليمي الذي يعد الهدف الرئيس التي نشأت من خلاله تلك الدراسة من أجل تحليل ذلك الصراع السياسي من خلال تناول كافة المحددات المكونة لها سواءً السياسية و الإيديولوجية و الأمنية العسكرية و غيرها حول سعى القوى الإقليمية و المتمثلة في المملكة العربية السعودية و الجمهورية الإيرانية الإسلامية نحو فرض النفوذ الإقليمي لديها على كافة دول منطقة الوطن العربي و بالأخص المحيط الخليجي التي تبرز من خلاله مكانة الدولة السعودية الإقليمية كدولة رائدة لدى دول مجلس التعاون الخليجي مما كان له أثرًا في ظهور الصعود الإيراني بدول العالم العربي منافسًا للهيمنة التاريخية التي اكتسبتها الدولة السعودية عن طريق بث قيم الثورة الإيرانية بتلك الدول لكي تكتمل كافة جوانب الصراع بينهما عن طريق سعي الجانب الإيراني للحاق بالركب السعودي و في إطار ذلك الصراع القائم ، كان له آثارًا جسيمة على الأمن العربي بأكمله عن طريق جعل الدول العربية أداة يتم استغلالها من قبل الجانبين لغرض الحفاظ على أمن النظام الإقليمي بمنطقة الخليج العربي دون النظر إلى أنه إذا فقدت تلك الدول العربية سيطرتها المنفردة على أمنها الداخلي سيؤدى ذلك لعواقب وخيمة يعاني منها العالم العربي بالآونة الأخيرة و هو قيام القوى الكبرى و على رأسها الولايات المتحدة الامريكية بالتدخل من أجل أغراض إنسانية لحماية الشأن العربي من خلال تعميق الانقسامات العربية و الحروب الطائفية و الأهلية و أية نفاط خلاف تقع بين عناصر القوى السياسية المشكِلة لكل دولة عربية ، فضلًا عن العمل على استغلال ذلك الصراع السعودي – الإيراني و استعانة الدولة السعودية بالحليف الامريكي و مساندة الجانب الروسي لإيران مما يكون للدول العربية أداة طيعة في يد الخارج لتعزيز ظاهرة التحالفات بالمنطقة و الذي يودي بمصير العالم العربي إلى الانقسام كما نرى الآن و ذلك لعدم اتباع الدولة السعودية سياسة رشيدة في القدرة على حل النزاعات التي تحدث بمنطقة الخليج العربي بمفردها من خلال استغلال موارد القوة الأمنية و العسكرية بها ، لذلك و من وجهة نظر الباحثتان أن ذلك الصراع الإقليمي الذي انتهى بعودة العلاقات الدبلوماسية لم يلقى بمخاطره على الدول العربية ضعيفة القوى و الوحدة كالعراق و سوريا و اليمن و غيرهم من الدول التي تم جعلها كساحة للقتال بينهما دون أن يعاني طرفي الصراع من حالة الانعدام الأمني التي ظلت تلك الدول العربية تعاني منها حتى الآن و أن بعد عام 2011 م و حالة الاضطرابات و عدم الاستقرار التي عان منها الوطن العربي بأكمله ، لم يتم تسوية التنافس السعودي – الإيراني و لكن بدأ يأخذ مسارًا أخر هو اللجوء إلى تدعيم استخدام أداة الحروب بالوكالة و هي التى تعد بها الشعوب العربية أيضأ هى الطرف الأكثر تعرضًا لمخاطر تلك الحروب بل و استخدامهم كأدوات لإدارة هذا الصراع القائم دون التدخل المباشر من الجانب السعودي أو الإيراني و عدم تعريض الأوضاع الأمنية لبلادهم للخطر ، فخلاصة القول أن كل من السعودية و إيران يعدوا من الأسباب الرئيسية لحالة الفوضى الأمنية التي طالت أنحاء المنطقة العربية لتحقيق المصالح الشخصية التي تسعى كلا الدولتين للوصول إليها بل و يلام الجانب السعودي على وجه أكثر من الجانب الإيراني لأنه يعد المسئول الرئيسي عن حماية الأمن العربي و الأمن الخليجي على وجه الخصوص و ليست الدولة الإيرانية التي لا تقع ضمن دول الدائرة العربية.
أهم التوصيات:
بناء على ما توصلت إليه الدراسة من نتائج توصى الدراسة بعدد من التوصيات التى لابد من أخذها فى الاعتبار من جانب الجهات الرسمية الخاصة بالجانب السعودى و الإيرانى المنوط بها مهمة صنع السياسة الخارجية.
– يجب على صناع السياسة الخارجية الإيرانية محاولة تغيير الصورة الذهنية لإيران- المتمثلة فى النزعة التوسعية لها ذات الطابع الأيديولوجى/ المذهبى- المترسخة لدى الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية حتى تطمئن هذه الدول لها و تتبادل معها العلاقات الثنائية دون شكوك ، فالسودان على سبيل المثال فى عام ٢٠١٤م اضطرت إلى إغلاق ” الحسينيات” الإيرانية بها خشية من انتشار ظاهرة التشيع.
– بالنسبة للدول العربية فهى تستطيع احتواء الخطر الإيرانى من خلال إعادة إحياء المشتركات الحضارية بين العرب و الفرس حيث كانت هناك علاقات تربط بينهما قبل ظهور الإسلام ، وبعد ظهور الإسلام تمت إقامة العلاقات مع الحضارات الأخرى من بينها الحضارة الفارسية ، وبالتالى تستطيع هذه الدول التعامل مع إيران من خلال التركيز على الأصول الواحدة للإسلام و الإبتعاد عن الاختلافات المذهبية من خلال إلتقاء علماء السنة و الشيعة و الاتفاق فيما بينهما على الأشياء المشتركة لدى المذهبين.
– يجب توحيد التعاملات و الرؤى المختلفة لدول الخليج فى القضايا المتعلقة بالتدخلات الإيرانية ؛ تجنبا لحدوث أية اختراقات من شأنها أن تهدد أمن هذه الدول و استقرارها.
– أن تلتزم إيران باحترام سيادة الدول المجاورة لها وعدم التدخل فى شئونها الداخلية.
– من الضرورى أن يتم وقف التصعيد العسكرى فى اليمن و التوصل إلى حل سلمى ينقذ الوضع الإنسانى السياسى و الاقتصادى فى اليمن، وأن توضع موازين القوى على الأرض مثل قوة المجلس الانتقالى الجنوبى فى جنوب اليمن فى الاعتبار عند المفاوضات الدبلوماسية.
– يجب على المملكة العربية السعودية التخلى عن الدور الوظيفى الذى تؤديه بالنيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران و دول المنطقة العربية ، بالإضافة إلى قيامها بتوحيد المسلمين بدلا من تفريقهم من خلال السلوك العدوانى الذى تمارسه ضد بعض الدول الإسلامية.
– يلتزم الطرفان بوضع حد لسياسة التصعيد بينهما؛ لأن المسار التاريخى لمنطقة الشرق الأوسط يوضح أن كل منهما لا يستطيعان فرض نفسيهما كقوة إقليمية كاملة النفوذ،بالإضافة إلى المشكلات الاقتصادية التى تواجه الطرفين فالسعودية تعرضت لأزمة اقتصادية نتيجة انخفاض أسعار البترول والتكاليف التى تكبدتها على أثر العملية العسكرية فى اليمن ، وبالنسبة لإيران فإنها حتى الآن لم تستطع التخلص من آثار العقوبات الاقتصادية التى فرضت عليها من الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة لإمتلاكها البرنامج النووى وبالتالى عليهما التوصل إلى إتفاق يقوم على مبدأ اقتسام النفوذ و المصالح و العمل على خفض التوترات فى المنطقة و العمل بشكل ثنائى للتخلص من الجماعات الإرهابية المهددة للمنطقة برمتها، ومن الواضح أن كلا الطرفين السعودى و الإيرانى أخذا هذه العوامل السابقة فى اعتبارهما عندما وقعا اتفاقية طهران لعودة العلاقات بينهما برعاية بكين فى مارس الماضى التى نصت على :
- الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما وهذا ما حدث بالفعل حيث زار وزير الخارجية السعودى فى الثامن عشر من يونيو ٢٠٢٣م دولة إيران بعد أكثر من 10 أعوام على آخر زيارة قام بها إلى طهران، وهو ما يمثل تطورًا مهمًا في سبيل استعادة العلاقات بين الدولتين بعد اتفاق 10 مارس في بكين.
- التأكيد على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية من جانب الطرفين.
- الاتفاق على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما،الموقعة في 2001 والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة في عام١٩٩٨م ([128]).
قائمة المراجع:
أولًا: المراجع باللغة العربية:
الكتب:
– محمد الأحمرى، العلاقات العربية الإيرانية فى منطقة الخليج، منتدى العلاقات العربية و الدولية، الطبعة الأولى.
الدوريات:
-إيمان قطب ،تحليل الاستراتيجيات الأمنية في الخليج العربي و المأزق النووي بالتطبيق على الأزمة النووية الإيرانية(2002-2014)،كلية التجارة ،جامعة بورسعيد،2019.
– أحمد محمد أبو زيد ، معضلة الأمن اليمني – الخليجي دراسة في المسببات و الانعكاسات و المآلات ، مجلة المستقبل العربي ، ٢٠١٣.
-إلياس ميسوم،محمد بن أحمد، البرنامج النووي الإيراني كمتغير في الصراع الإيراني – السعودي ، الدراسات الإفريقية و حوض النيل ،المجلد الأول – العدد الثاني : يونيو 2018.
-بكر البدور ، قراءة في تطور أزمة العلاقات السعودية الإيرانية ، مركز دراسات الشرق الأوسط، 2016.
-حاتم سعدي ،الدور السعودي في اليمن وانعكاسه علي أمن الخليج العربي ( 2011-2020)، رسالة ماجستير ، جامعة الأقصي- غزة ، عمادة الدراسات العليا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، السنة الدراسية 2021م
-رايق سليم ، الصراع السعودى- الإيرانى وتأثيره على دول الجوار العربى ، المجلة العلمية للدراسات التجارية و البيئية ، المجلد الثامن، العدد الثالث، ٢٠١٧م .
– سليمان الحربي، مفهوم الأمن مستوياته و صيغه و تهديداته ، (المجلة العربية للعلوم السياسية : مركز الدراسات العربية ، لبنان ) ، العدد 19، 2008.
– سليمان عبد هللا الحربي، مفهوم األمن مستوياته وصيغه تهديداته ، (المجلة العربية للعلوم السياسية :مركز الدراسات العربية، لبنان) ، العدد 19 ،2008.
-سليم عبد صالح ، تأثير الصراع المذهبى فى العراق و سوريا على العلاقات الإيرانية بدول مجلس التعاون الخليجى (٢٠٠٣-٢٠١٦)، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،٢٠١٧م .
-شيماء فرحان ، العلاقات السعودية الإيرانية بين التهدئة و التصعيد ، مجلة المستنصرية للدراسات العربية و الدولية ،العدد 64 ، 2018.
-عوض البادي ، العلاقات السعودية الإيرانية : المسار المضطرب ، مركز البحوث و التواصل المعرفي ، 2018.
-عبدالله بشير ،الصراع السعودي الإيراني و مدى تحقيق التوازن الاستراتيجي(1979-2019)،مجلة القلزم للدراسات الأمنية و الاستراتيجية ، مارس 2021.
– فريدة أحمد ، إيران و دول منطقة الخليج: علاقات بين الصراع و التعاون ١٩٩٠-٢٠٢١ (ما تأثير انعكاساتها على الأزمة فى اليمن)، مركز سوث ٢٤ للأخبار و الدراسات ، يونيو ٢٠٢١م.
-فهد بن عبدالله ،دور المملكة العربية السعودية في أمن منطقة الخليج العربي: اليمن نموذجا(2000-2014)(رسالة ماجستير)،عمان،كلية الدراسات العليا،الجامعه الأردنية،2015.
– كيهان برزكر، العلاقات السعودية- الإيرانية فى عهد روحانى ، مركز الدراسات الاستراتيجية، شئون الأوسط، العدد ١٤٥، ٢٠١٣م.
– محجوب الزوبيري ، العلاقات السعودية – الإيرانية : الواقع و المستقبل ، مركز دراسات الشرق الأوسط ،2016.
– محمد سالم ، العلاقات الإيرانية – السعودية 1979-2001 : دراسة سياسية ، مركز الدراسات الإقليمية ، جامعة الموصل ، 7، 2007.
-مبروك ساحلي،التدخلات الخارجية و انعكاساتها على أزمة اليمن ،دراسات الشرق الأوسط ،الجزائر ،جامعة أم البواقي،2020.
-مريم شوفي ، تداعيات الأزمة الحوثية على الدور السعودي الإيراني في منطقة الشرق الأوسط ، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة محمد خيضر بسكرة ،2018.
– محمد صالح ، التحديات الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي ، العدد التاسع ، المجلة العلمية لكلية الإدارة و الاقتصاد ، 1998.
-محمد عباس أحمد ناجي ، ملفات متشابكة : المسارات المحتملة للصراع السعودي – الإيراني ، المركز العربي للبحوث و الدراسات ، 2016.
– ماجد كيالى، التوتر السعودى الإيرانى وتداعياته على القضايا الإقليمية الساخنة، شئون عربية ، العدد ١٦٥، ٢٠١٦م.
-مخلد مبيضين،العلاقات الخليجية الإيرانية 1997-2006(السعودية حالة دراسة)،جامعة مؤتة،المنارة ،المجلد 14،العدد 2 ،2008 .
-محمد ياس خضير،أمن الخليج في ظل التحولات الاقليمية الجديدة،دراسات دولية ، كلية العلوم السياسية ،جامعة النهرين ،العدد:53، 2011.
الرسائل:
-أسماء جمال ، البرنامج النووي الإيراني و تأثيره على الأمن الإقليمي في منطقة الخليج (رسالة ماجستير)، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 2011
-إياد محمود حسن، السياسة الخارجية الإيرانية تجاه منطقة القرن الإفريقي و أثرها على أمن الخليج العربي منذ العام 2005 (رسالة دكتوراه)، كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة،2021.
– خليل الناصري، السياسة الدفاعية للاتحاد الأوروبي والمجال المتوسطي، بحث لنيل دبلوم الدراسات العلیا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، الرباط، 2004.
– راشد أحمد الحنيطي، مبدأ تصدير الثورة الإيرانية و أثره على استقرار دول الخليج العربية (الحوثيون في اليمن نموذجا)(1994-2013)(رسالة ماجستير)،كلية الآداب و العلوم،جامعة الشرق الأوسط ،2013.
-رجائي سلامه الجرابعة (2012) ، الاستراتيجية الإيرانية تجاه الامن القومي العربي في منطقة الشرق الأوسط (1979-2011) (رسالة دكتوراه) ، كلية الآداب و العلوم ، جامعة الشرق الأوسط.
-راجي يوسف ، العلاقات السعودية الإيرانية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (2001-2008) ، رسالة ماجستير ، جامعة القاهرة ، كلية )الاقتصاد والعلوم السياسية ، قسم العلوم السياسية ،2010.
-رانية محمد طالب، معضلة الأمن القومي العربي و التدخل الدولي سوريا دراسة حالة للفترة (٢٠١١-٢٠١٦)(رسالة دكتوراه) ، كلية الدراسات العليا ، جامعة مؤتة ، ٢٠١٧.
-سليمان سامي ، محمود رحال ، تأثير التنافس السعودي الإيراني على النظام الامني الاقليمي للشرق الأوسط (2011-2020)( رسالة دكتوراه) ، جامعة مولود محمدي ، كلية الحقوق و العلوم السياسية،2020.
-شنين محمد المهدي ، السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول المشرق العربي (2001-2013) ( رسالة ماجستير) ، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة خيضر ، 2014.
– عافى العنزى، العلاقات السعودية الإيرانية وأثرها على دول الخليج فى الفترة (٢٠١١-٢٠١٧)، رسالة ماجستير، جامعة آل البيت .
– عبد العزيز عبد العزيز المهري ( 2009/2010)، التحولات السياسية في النظام الدولي الجديد و أثرها على أمن دول مجلس التعاون الخليجي و استقرارها خلال الفترة ( 1990- 2010) ( رسالة ماجستير ) ، كلية الآداب ، جامعة الشرق الأوسط.
-علاء عز الدين منصور، حلف شمال الأطلنطي والأمن الإقليمي في منطقة الشرق المتوسط بعد انتهاء الحرب الباردة، رسالة دكتوراة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة،2009م.
– فهد الوايلى، دور المملكة العربية السعودية فى أمن منطقة الخليج العربى : اليمن نموذجا(2000-2014)، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، ٢٠١٥.
– فراحتية عبد الرازق،الصراع السعودي الإيراني اليمن نموذجا(2011-2017)(رسالة ماجستير)،كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية ، جامعة بوضياف المسيلة،2018.
– فرج مفتاح،تهديدات الأمن القومي العربي المعاصر(2013-2016)(رسالة ماجستير)،كلية الآداب و العلوم ،جامعة الشرق الأوسط،نيسان 2017.
-فؤاد عاطف العبادي،السياسة الخارجية الإيرانية و أثرها على أمن الخليج العربي(1991-2001)(رسالة ماجستير)،كلية الآداب و العلوم ،جامعة الشرق الأوسط ،2012.
– محمد سالم ، الصراع الإيرانى السعودى فى المنطقة العربية: اليمن نموذجا، رسالة ماجستير، جامعة مؤتة ، كلية الدراسات العليا، 2022م.
-معيض عيد معيض ، العلاقت السعودية الإيرانية (1979-1999)(رسالة الماجستير) ، كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ن جامعة القاهرة ، (2003).
-معتصم محمد ، مفهوم المصلحة الوطنية الفلسطينية وتأثيره على الوحدة الوطنية الفلسطينية منذ اتفاق أوسلو 1993، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، ٢٠١٥م
-محمد محمد أحمد عمر ، تداعيات التنافس السعودي الإيراني على ثورات الربيع العربي : دراسة حالات سوريا و اليمن و البحرين (رسالة ماجستير)، كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة، القاهرة(2021).
المواقع الالكترونيه:
– سكاى نيوز عربية، تاريخ النشر:١١ مارس ٢٠٢٣م، تاريخ الدخول : ٢٣ إبريل ٢٠٢٣م،
-مصطفى محمد، السعودية و إيران: صراع الأدوار فى الشرق الأوسط ” البحرين، سوريا، و اليمن نموذجا” ، المركز الديمقراطى العربى ، ١٢ إبريل ٢٠١٧م ، تاريخ الدخول ١٥ مارس ٢٠٢٣.
https://democraticac.de/?p=45532
ثانيًا: قائمة المراجع باللغة الإنجليزية:
Books:
- Buzan Barry, People Stat and Fear the International Security Problem in International Relations. Great Britain, Wheatsheaf Book Ltd; 1983.
Periodicals:
– Ahmed Anwer , SAUDI-IRAN RIVALRY IN THE MIDDLE EAST: IMPLICATION TO NATIONAL SECURITY , e-bangi .
– Aras Syahmanssuri, A Rivalry of Necessity: An Analysis of Mechanisms of Contention Between the Islamic Republic of Iran and The Kingdom of Saudi Arabia (degree of doctorate), the Faculty of Old Dominion University, 2020.
– Binhuwaidi Mohamed, The Security Dilemma in Saudi-Iranian Relations, December 2015, vol 3.No.2 , American Research Institute For Policy Development.
– Chubin Shahram, Iran and The Arab Spring: Ascendancy Frustrated, Gulf ResearchCenter , GRC Gulf Papers , September 2012.
– Magdalena -ElGhamari, Jemen – the proxy war, university of Bialystok, Poland, securitologia, no 2, 2015.
– Rizwana Karim , Iran and Saudi Arabia’s strategic and the Middle Eastern security: An assessment , Liberal Arts and Social Sciences International Journal , 5, 2, 2021 .
– Skjold Gustav , “Understanding the ‘Islamic Cold War’: How can the growing rivarly between Iran and Saudi Arabia and their behaviour in recent years best be explained using IR theory” , Sciences Po KUWIT PROGRAM , 2018.
– Teitelbaum Joshua, Saudi Arabia, The Gulf , and The new regional land scape , (BESA)(NSSC), Mideast Security and Policy Studies , No 133, May 2017.
-Terrill W.Andrew ,The Saudi- Iranian rivalry and the future of Middle East security, U.s ARMY War College,Strategic Studies Institute (SSI), December 2011.
Dissertation and theses:
– Buzan Barry and Ole Weaver, Regions and Powers: The Structure of International Security, (Cambridge, New York, Melbourne, Madrid, Cape Town, Singapore, Sao Paulo: Cambridge University, Press, 2003).
– Brown Chris, Development and Dependency”, In International Relations: A Handbook of Current Theory, ed. Margot Light and A. J. R. Groom (Great Britain: Frances Pinter (Publishers) Limited, 1985).
– CordesmanIran Anthony, Revolutionary Guards ,the Al Quds Force ,and Other Intelligence and Paramilitary Forces ,( Washington: Center For Strategic International Studies, 2007).
– Hiberg Mikael, RIVAIRY through Proxies: How Iran and Saudi ARABIA compete for Regional Influence, university of Oxford.
-Katzman Kenneth , Iran’s Foreign and Defense policies, ( Washington, Congressional Research Service, November 7,2017).
– Maddalena Maria, The proxy war between Iran and Saudi Arabia: the case of the Yemeni civil war (master em Escudos Internucleonic), ISCTE – Instituto Universitario de ‘Lis boa, setembro de 2019.
– Omair Anas , TOWARDS A NEW SECURITY ARCHITECTURE IN THE GULF: CHALLENGES , CONSTRAINTS AND THREATS , Center for Middle Eastern Studies , Ankara , 3, 2020
معيض عيد معيض ، العلاقت السعودية الإيرانية (1979-1999)(رسالة الماجستير) ، كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة ،ص أ ،2003([1]
[3] )Mikael Hiberg, RIVAIRY through Proxies: How Iran and Saudi ARABIA compete for Regional Influence, university of Oxford ,p137-138
[4] ) عبد العزيز عبد العزيز المهري ( 2009/2010)، التحولات السياسية في النظام الدولي الجديد و أثرها على أمن دول مجلس التعاون الخليجي و استقرارها خلال الفترة ( 1990- 2010) ( رسالة ماجستير ) ، كلية الآداب ، جامعة الشرق الأوسط.
[5] ) فرج مفتاح،تهديدات الأمن القومي العربي المعاصر(2013-2016)(رسالة ماجستير)،كلية الآداب و العلوم ،جامعة الشرق الأوسط،نيسان 2017.
[6] ) رجائي سلامه الجرابعة (2012) ، الاستراتيجية الإيرانية تجاه الامن القومي العربي في منطقة الشرق الأوسط (1979-2011) (رسالة دكتوراه) ، كلية الآداب و العلوم ، جامعة الشرق الأوسط.
[7] ) رانية محمد طالب ، معضلة الأمن القومي العربي و التدخل الدولي : سوريا دراسة حالة للفترة (2011-2016) (رسالة دكتوراه) ، جامعة مؤتة ، 2017.
[8] (Anas,Omair , TOWARDS A NEW SECURITY ARCHITECTURE IN THE GULF: CHALLENGES , CONSTRAINTS AND THREATS , Center for Middle Eastern Studies , Ankara , 3, 2020
[9] ) فراحتية عبد الرازق،الصراع السعودي الإيراني اليمن نموذجا(2011-2017)(رسالة ماجستير)،كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية ، جامعة بوضياف المسيلة،2018.
[10] ) سليمان سامي ، محمود رحال ، تأثير التنافس السعودي الإيراني على النظام الامني الاقليمي للشرق الأوسط (2011-2020)( رسالة دكتوراه) ، جامعة مولود محمدي ، كلية الحقوق و العلوم السياسية،2020.
[11] ) عادل عنتر،العلاقات السعودية الإيرانية في القرن الحادي و العشرين بين ميزان القوة و توازن الهويات ،كلية الدراسات الاقتصادية و العلوم السياسية ،جامعة الإسكندرية،2022.
[12] ) إلياس ميسوم،محمد بن أحمد، البرنامج النووي الإيراني كمتغير في الصراع الإيراني – السعودي ، الدراسات الإفريقية و حوض النيل ،المجلد الأول – العدد الثاني : يونيو 2018.
[13] )Maria Maddalena, The proxy war between Iran and Saudi Arabia: the case of the Yemeni civil war (master em Escudos Internucleonic), ISCTE – Instituto Universitario de ‘Lis boa, setembro de 2019
[14]) فؤاد عاطف العبادي،السياسة الخارجية الإيرانية و أثرها على أمن الخليج العربي(1991-2001)(رسالة ماجستير)،كلية الآداب و العلوم ،جامعة الشرق الأوسط ،2012.
[15] ) راشد أحمد الحنيطي، مبدأ تصدير الثورة الإيرانية و أثره على استقرار دول الخليج العربية (الحوثيون في اليمن نموذجا)(1994-2013)(رسالة ماجستير)،كلية الآداب و العلوم،جامعة الشرق الأوسط ،2013.
[16] ) إياد محمود حسن، السياسة الخارجية الإيرانية تجاه منطقة القرن الإفريقي و أثرها على أمن الخليج العربي منذ العام 2005 (رسالة دكتوراه)، كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة،2021.
[17] ) إيمان قطب ،تحليل الاستراتيجيات الأمنية في الخليج العربي و المأزق النووي بالتطبيق على الأزمة النووية الإيرانية(2002-2014)،كلية التجارة ،جامعة بورسعيد،2019 .
[18] ) Anthony CordesmanIran, Revolutionary Guards ,the Al Quds Force ,and Other Intelligence and Paramilitary Forces ,( Washington: Center For Strategic International Studies, 2007).
[19] ) Kenneth Katzman , Iran’s Foreign and Defense policies, ( Washington, Congressional Research Service, November 7,2017)
[20] )Maria Maddalena, opcit, p 10-11
[21] )Ipid , p 12-13
رانية محمد طالب، معضلة الأمن القومي العربي و التدخل الدولي سوريا دراسة حالة للفترة (٢٠١١-٢٠١٦)(رسالة دكتوراه) ، كلية الدراسات العليا ، جامعة مؤتة ، ٢٠١٧، ص ١١-١٢([22]
أحمد محمد أبو زيد ، معضلة الأمن اليمني – الخليجي دراسة في المسببات و الانعكاسات و المآلات ، مجلة المستقبل العربي ، ٢٠١٣، ص ٧٣-٧٤-٧٥ ([23]
[24] ) سليمان الحربي، مفهوم الأمن مستوياته و صيغه و تهديداته ، (المجلة العربية للعلوم السياسية : مركز الدراسات العربية ، لبنان ) ، العدد 19، 2008، ص 19.
[25] ) إياد محمود حسن، السياسة الخارجية الإيرانية تجاه منطقة القرن الإفريقي و أثرها على أمن الخليج العربي منذ العام 2005 (رسالة دكتوراه)، كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة،2021،ص41،42.
[26] (Aleksandra Kusztal ,Theoretical Foundations Of Regional Security In International Relations – The overview , (journal of science of the military academy of land forces), volume 49, Number 1 (183), July 2017, page 20.
[27] ) أسماء جمال ، البرنامج النووي الإيراني و تأثيره على الأمن الإقليمي في منطقة الخليج (رسالة ماجستير)، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 2011، ص.ص8:6.
[28] ) محمد صالح ، التحديات الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي ، العدد التاسع ، المجلة العلمية لكلية الإدارة و الاقتصاد ، 1998م، ص10.
[29] ) أسماء جمال ، البرنامج النووي الإيراني و تأثيره على الأمن الإقليمي في منطقة الخليج (رسالة ماجستير)، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 2011، ص14.
[30] (معتصم محمد ، مفهوم المصلحة الوطنية الفلسطينية وتأثيره على الوحدة الوطنية الفلسطينية منذ اتفاق أوسلو 1993، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، ٢٠١٥م،ص٤٦:٤٢.
[31] -(Barry Buzan and Ole Weaver, Regions and Powers: The Structure of International Security, (Cambridge, New York, Melbourne, Madrid, Cape Town, Singapore, Sao Paulo: Cambridge University, Press, 2003), pp. 21-22.
– سليمان عبد هللا الحربي، مفهوم األمن مستوياته وصيغه تهديداته ، (المجلة العربية للعلوم السياسية :مركز الدراسات العربية، لبنان) ، العدد 19 ،2008 ،ص 20 21
[32] (Barry Buzan and ole weaver; op cite, p18 .
[33] (Barry Buzan, People Stat and Fear the International Security Problem in International Relations. Great Britain, Wheatsheaf Book Ltd; 1983, P 85.
علاء عز الدين منصور، حلف شمال الأطلنطي والأمن الإقليمي في منطقة الشرق المتوسط بعد انتهاء الحرب الباردة، رسالة دكتوراة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، ٢٠٠٩([34]
[35] Chris Brown, Development and Dependency”, In International Relations: A Handbook of Current Theory, ed. Margot Light and A. J. R. Groom (Great Britain: Frances Pinter (Publishers) Limited, 1985), pp. 64-65.
خليل الناصري، السياسة الدفاعية للاتحاد الأوروبي والمجال المتوسطي، بحث لنيل دبلوم الدراسات العلیا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، الرباط، 2004.([36]
راجي يوسف ، العلاقات السعودية الإيرانية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (2001-2008) ، رسالة ماجستير ، جامعة القاهرة ، كلية )الاقتصاد والعلوم السياسية ، قسم العلوم السياسية ،2010، ص 20.[37])
المرجع السابق ، ص 25، ص 27، ص32،ص48-49-50-51([38]
عادل عنتر،العلاقات السعودية الإيرانية في القرن الحادي و العشرين بين ميزان القوة و توازن الهويات ،كلية الدراسات الاقتصادية و العلوم السياسية ،جامعة الإسكندرية،2022، ص 396-397 ([39]
بكر البدور ، قراءة في تطور أزمة العلاقات السعودية الإيرانية ، مركز دراسات الشرق الأوسط، 2016 ،ص 119([40]
راجي يوسف ، مرجع سبق ذكره ، ص 59-60 ، ص63-64([41]
مخلد مبيضين،العلاقات الخليجية الإيرانية 1997-2006(السعودية حالة دراسة)،جامعة مؤتة،المنارة ،المجلد 14،العدد 2 ،2008 ، ص 350-351-352-353 ، ص362- 363، ص 369-370 ([42]
محمد محمد أحمد عمر ، تداعيات التنافس السعودي الإيراني على ثورات الربيع العربي : دراسة حالات سوريا و اليمن و البحرين (رسالة ماجستير)، كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة، القاهرة(2021)،ص 55-56-57-58 ([43]
سليمان سامي ، محمود رحال ، تأثير التنافس السعودي الإيراني على النظام الامني الاقليمي للشرق الأوسط (2011-2020)( رسالة دكتوراه) ، جامعة مولود محمدي ، كلية الحقوق و العلوم السياسية،2020، ص 55-56 ([44]
[45] (Khaled , Turki , Saudi Arabia – Iran Relations and Regional Order 1929-2014 ( thesis for doctorate ) , king’s college , university of London , 2015 , p 200 , p 223-224
مخلد مبيضين، مرجع سبق ذكره ، ص 363-364 ([46]
[47] (Khaled , Turki , opcit , p 199
سليمان سامي ، محمود رحال ، مرجع سبق ذكره ، ص 53-54([48]
راجي يوسف ، مرجع سبق ذكره ، 66-67-68-69-70([49]
محمد ياس خضير،أمن الخليج في ظل التحولات الاقليمية الجديدة،دراسات دولية ، كلية العلوم السياسية ،جامعة النهرين ،العدد:53، 2011، ص 136-137، ص 142([50]
عوض البادي ، العلاقات السعودية الإيرانية : المسار المضطرب ، مركز البحوث و التواصل المعرفي ، 2018 ، ص 24-25([51]
مخلد مبيضين ، مرجع سبق ذكره ، ص 363 ([52]
محمد محمد أحمد عمر ، مرجع سبق ذكره ، ص 58-59([53]
سليمان سامي ، محمود رحال ، مرجع سبق ذكره ، ص 56([54]
[55] (Anwer , Ahmed , SAUDI-IRAN RIVALRY IN THE MIDDLE EAST: IMPLICATION TO NATIONAL SECURITY , e-bangi , 16, 1, p 5-6
راجي يوسف ، مرجع سبق ذكره ، ص 70-71، ص 73 ، ص 127-128-129، ص 131-132([56]
عوض البادي ، مرجع سبق ذكره ، ص 25([57]
مخلد مبيضين ، مرجع سبق ذكره ، ص 369، ص 375-376-377([58]
محمد محمد أحمد عمر ، مرجع سبق ذكره ، ص 60([59]
سليمان سامي ، محمود رحال ، مرجع سبق ذكره ، ص 54-55، ص 57([60]
[61] ) Khaled , Turki , opcit , p 226-227
[62] (عافى العنزى، العلاقات السعودية الإيرانية وأثرها على دول الخليج فى الفترة (٢٠١١-٢٠١٧)، رسالة ماجستير، جامعة آل البيت ، ص ٥٣،٥٢.
[63] ) Joshua Teitelbaum, Saudi Arabia, The Gulf , and The new regional land scape , (BESA)(NSSC), Mideast Security and Policy Studies , No 133, May 2017, page 52.
[64] (سليم عبد صالح، مرجع سبق ذكره، ص ٢١٣،٢١٢.
[65] (محمد سالم ، الصراع الإيرانى السعودى فى المنطقة العربية: اليمن نموذجا، رسالة ماجستير، جامعة مؤتة ، كلية الدراسات العليا، ٢٠٢٠، ص ٥٣.
[66] ) فهد الوايلى، دور المملكة العربية السعودية فى أمن منطقة الخليج العربى : اليمن نموذجا(2000-2014)، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، ٢٠١٥، ص ٦٤:٦٠.
[67] (فريدة أحمد، المرجع السابق ذكره، ص ١٧.
[68] (سليمان سامى ، محمود رحال ، تأثير التنافس السعودى الإيرانى على النظام الأمنى الإقليمى للشرق الأوسط (٢٠١١-٢٠٢٠) ، رسالة دكتوراه، ٢٠١٩-٢٠٢٠، ص ٥٨.
[69] (محمد الأحمرى، مرجع سبق ذكره، ص٢٢٢.
[70] (ماجد كيالى، التوتر السعودى الإيرانى وتداعياته على القضايا الإقليمية الساخنة، شئون عربية ، العدد ١٦٥، ٢٠١٦م، ص ٣٨:٣٦.
[71] )فريدة أحمد ، إيران و دول منطقة الخليج: علاقات بين الصراع و التعاون ١٩٩٠-٢٠٢١ (ما تأثير انعكاساتها على الأزمة فى اليمن)، مركز سوث ٢٤ للأخبار و الدراسات ، يونيو ٢٠٢١م،ص١١.
[72] (كيهان برزكر، العلاقات السعودية- الإيرانية فى عهد روحانى ، مركز الدراسات الاستراتيجية، شئون الأوسط، العدد ١٤٥، ٢٠١٣م، ص١٠٩.
[73] (محمد الأحمرى، العلاقات العربية الإيرانية فى منطقة الخليج، منتدى العلاقات العربية و الدولية، الطبعة الأولى، ص١١٥،١١٤.
[74] (محمد الأحمرى، المرجع السابق، ص٢٢٤،٢٢٣.
[75] ) Shahram Chubin, Iran and The Arab Spring: Ascendancy Frustrated, Gulf ResearchCenter , GRC Gulf Papers , September 2012, page 17.
محمد محمد أحمد عمر ، مرجع سبق ذكره ، ص 34-35-36([76]
شيماء فرحان ، العلاقات السعودية الإيرانية بين التهدئة و التصعيد ، مجلة المستنصرية للدراسات العربية و الدولية ، 64 ، 2018، ص 111-112([77]
عافي العنري ، العلاقات السعودية – الإيرانية و أثرها على دول الخليج في الفترة 2011-2017 ( رسالة ماجستير ) ، معهد بيت الحكمة ، جامعة آل البيت ، 2018 ، ص 29-30، ص 33([78]
محمد سالم ، العلاقات الإيرانية – السعودية 1979-2001 : دراسة سياسية ، مركز الدراسات الإقليمية ، جامعة الموصل ، 7، 2007، ص 289-290-291([79]
شنين محمد المهدي ، السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول المشرق العربي (2001-2013) ( رسالة ماجستير) ، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة خيضر ، 2014 ، ص 152-153([80]
عبدالله بشير سليمان ،الصراع السعودي الإيراني و مدى تحقيق التوازن الاستراتيجي(1979-2019)،مجلة القلزم للدراسات الأمنية و الاستراتيجية ، مارس 2021، ص 45([81]
[82](Gustav, Skjold , “Understanding the ‘Islamic Cold War’: How can the growing rivarly between Iran and Saudi Arabia and their behaviour in recent years best be explained using IR theory” , Sciences Po KUWIT PROGRAM , 2018, P 5-6
محمد محمد أحمد عمر ، مرجه سبق ذكره ، ص 36-37-38([83]
شنين محمد المهدي ، مرجع سبق ذكره ، 154-155-156([84]
عبدلله بشير سليمان ، مرجع سبق ذكره ، ص 46([85]
محمد محمد أحمد عمر ، مرجع سبق ذكره ، 38-39-40-41-42-43-44-45([86]
المرجع السابق ، ص 45-46-47([87]
محجوب الزوبيري ، العلاقات السعودية – الإيرانية : الواقع و المستقبل ، مركز دراسات الشرق الأوسط ،76،2016،ص 92([88]
محمد سالم ، الصراع الإيراني السعودي في المنطقة العربية : اليمن نموذجًا ( رسالة ماجستير ) ، كلية الدراسات العليا ، جامعة مؤتة ، 2020، ص 53([89]
عافي العنري ، مرجع سبق ذكره ، ص 52([90]
محمد عباس أحمد ناجي ، ملفات متشابكة : المسارات المحتملة للصراع السعودي – الإيراني ، المركز العربي للبحوث و الدراسات ، 29، 2016، ص 53-54([91]
محمد سالم ، مرجع سبق ذكره ، ص 54([92]
[93]( Karim , Rizwana , Iran and Saudi Arabia’s strategic and the Middle Eastern security: An assessment , Liberal Arts and Social Sciences International Journal , 5, 2, 2021 , p 20-21 , p 23-24
[94] ) رايق سليم ، الصراع السعودى- الإيرانى وتأثيره على دول الجوار العربى ، المجلة العلمية للدراسات التجارية و البيئية ، المجلد الثامن، العدد الثالث، ٢٠١٧م ، ص٦١:٥٩.
[95] ) منال نجعى، أمال حجاج، تأثير المحددات الداخلية على صنع السياسة الخارجية الإيرانية تجاه منطقة الشرق الأوسط(دراسة حالتى الإمارات و السعودية فى الفترة ٢٠١١- ٢٠١٨)، جامعة الشهيد حمه لخضر الوادى ، كلية الحقوق و العلوم السياسية، رسالة دكتوراه ، ٢٠١٧-٢٠١٨م، ص ٩٨،٩٧، Joshua Teitelbaum, Ibid , page54.
[96] )عبدالله بشير، الصراع السعودى الإيرانى ومدى تحقيق التوازن الاستراتيجى( ١٩٧٩-٢٠١٩م)، مجلة القلزم للدراسات الأمنية و الاستراتيجية، العدد الأول ، مارس ٢٠٢١م، ص ٤٤:٤٢.
[97] ) مصطفى محمد، السعودية و إيران: صراع الأدوار فى الشرق الأوسط ” البحرين، سوريا، و اليمن نموذجا” ، المركز الديمقراطى العربى ، ١٢ إبريل ٢٠١٧م ، تاريخ الدخول ١٥ مارس ٢٠٢٣،
https://democraticac.de/?p=45532
[98] ) شيماء فرحان، العلاقات السعودية- الإيرانية بين التهدئة و التصعيد ، مجلة المستنصرية للدراسات العربية و الدولية ، العدد ٦٤، ٢٠١٨، ص ١١٦:١١٤
[99] ) Joshua Teitelbaum, Opcit, page 53.
[100] ) Mohamed Binhuwaidi, The Security Dilemma in Saudi-Iranian Relations, December 2015, vol 3.No.2 , American Research Institute For Policy Development, page 76,77.
رايق سليم ، الصراع السعودي – الإيراني و تأثيره على دول الجوار العربي ، كلية التجارة بالإسماعيلية ، جامعة قناة السويس ، 3، 2017، ص 71-72([101]
عافي العتري ، مرجع سبق ذكره ، ص 80-81([102]
محمد سالم ، مرجع سبق ذكره ، ص 57-58، ص 72-73-74-75-76-77([103]
[104] ) ElGhamari, Magdalena, Jemen – the proxy war, university of Bialystok, Poland, securitologia, no 2, 2015, p53-54
مبروك ساحلي،التدخلات الخارجية و انعكاساتها على أزمة اليمن ،دراسات الشرق الأوسط ،الجزائر ،جامعة أم البواقي،2020، ص 459-460-461-462 ([105]
راشد أحمد الحنيطي، مبدأ تصدير الثورة الإيرانية و أثره على استقرار دول الخليج العربية (الحوثيون في اليمن نموذجا)(1994-2013)(رسالة ماجستير)،كلية الآداب و العلوم،جامعة الشرق الأوسط ،2013، ص 98-99-100-101-102، ص 104-105-106 ([106]
عافي العتري ، مرجع سبق ذكره ، ص 82([107]
بكر البدور ، مرجع سبق ذكره ، ص 119-120([108]
محمد سالم ، مرجع سبق ذكره ، ص 57-58 ، ص 68-69-70-71([109]
[110] ) Syahmanssuri, Aras, A Rivalry of Necessity: An Analysis of Mechanisms of Contention Between the Islamic Republic of Iran and The Kingdom of Saudi Arabia (degree of doctorate), the Faculty of Old Dominion University, 2020, p 166-167-168
[111] )Anwer , Ahmed , opcit , p 9-10
فهد بن عبدالله ،دور المملكة العربية السعودية في أمن منطقة الخليج العربي: اليمن نموذجا(2000-2014)(رسالة ماجستير)،عمان،كلية الدراسات العليا،الجامعه الأردنية،2015، ص 74 ([112]
فراحتية عبد الرازق،الصراع السعودي الإيراني اليمن نموذجا(2011-2017)(رسالة ماجستير)،كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية ، جامعة بوضياف المسيلة،2018، ص 49-50-51-52ـ ص 54 ([113]
[114] (Maria Maddalena, The proxy war between Iran and Saudi Arabia: the case of the Yemeni civil war (master em Escudos Internucleonic), ISCTE – Instituto Universitario de ‘Lis boa, setembro de 2019 , p 44-45
فراحتية عبد الرازق ، مرجع سبق ذكره ، ص 55-56-57-58-59 ، ص 62-63-64، ص 66-67-68، ص 70([115]
مريم شوفي ، تداعيات الأزمة الحوثية على الدور السعودي الإيراني في منطقة الشرق الأوسط ، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة محمد خيضر بسكرة ،2،2018، ص 124([116]
[117] (Syahmanssuri, Aras, opcit , p 172
حاتم سعدي ،الدور السعودي في اليمن وانعكاسه علي أمن الخليج العربي ( 2011-2020)، رسالة ماجستير ، جامعة الأقصي- غزة ، عمادة الدراسات العليا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، السنة الدراسية 2021م ، ص 108-109-110-111-112-113-114 ([118]
[119] ) بكر البدور، قراءة فى تطورات أزمة العلاقات السعودية الإيرانية، مجلة دراسات شرق أوسطية ، مجلد ٢٠، العدد ٧٥، ٢٠١٦م، ص١٢١.
[120]) فريدة أحمد، مرجع سبق ذكره، ص٢٢،٢١.
[121])حمد بن محمد ، المرجع السابق، ص ٨٣:٧٨.
[122]) محمد الأحمرى، مرجع سبق ذكره، ص٦٣،٦٢.
[123] ) محمد سالم ، مرجع سبق ذكره، ص ٥٦،٥٥.
[124] ) سليم عبد صالح ، تأثير الصراع المذهبى فى العراق و سوريا على العلاقات الإيرانية بدول مجلس التعاون الخليجى (٢٠٠٣-٢٠١٦)، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،٢٠١٧م ،ص ١٨٠،١٧٩.
[125] )عبدالله بشير، مرجع سبق ذكره، ص ٤٩:٤٧.
[126] )سليمان سامى، مرجع سبق ذكره ، ص ٨٨:٨٦.
[127] ) رايق سليم ، مرجع سبق ذكره، ص٦٤:٦٢.، W.Andrew Terrill,The Saudi- Iranian rivalry and the future of Middle East security, U.s ARMY War College,Strategic Studies Institute (SSI), December 2011, pages44,45,48
[128] ) سكاى نيوز عربية، تاريخ النشر:١١ مارس ٢٠٢٣م، تاريخ الدخول : ٢٣ إبريل ٢٠٢٣م،