الدراسات البحثيةالمتخصصة

طبيعة الدراسات المستقبلية السياسية في الوطن العربي : دراسة حالة دولة الإمارات العربية المتحدة

إعـــــــداد:  أحمد رضا عبدالرحيم أبو الروس  , سـهـيـلة نـايـل حـفـنـي نـايـل , فـــاتن نـبـيـل ربـاح الـصـــادق , مـحمود عـماد عبد العاطي راشد , مــريــم احـمـد مـحـمـد الـمـغـربـي – إشراف: د. الشيماء عبدالسلام – كلية السياسة والاقتصاد جامعة بني سويف – مصر 

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المستخلص :

تسعى الورقة البحثية لمعالجة مسألة التحقيب الزمني للدراسات المستقبلية وضبط وتدقيق نسقها المفاهيمي، وكيفية توظيفها لمناهجها وتقنياتها وأساليبها. وذلك من خلال معالجتها الإشكالية التالية:

كيف يمكن التأصيل للدراسات المستقبلية تاريخيا، وضبط منظومتها المفاهيمية، وتوظيف مناهجها وتقنياتها وأساليبها البحثية في مجالات استعمالاتها الميدانية المتنوعة؟

وقد توصلت الدراسة من حيث التأصيل التاريخي للدراسات المستقبلية إلى أن البوادر التاريخية الأولى الدراسات المستقبلية تعود إلى دراسة العالم الفرنسي دو كوندورسيه.أما مفاهيميا؛ سجلت الدراسة وجود تعدد وتنوع في التعاريف المتصلة بالدراسات المستقبلية. فهناك من يضفي عليها الصبغة العلمية، كما أن هناك من يقر بفنيتها، ولكن  الكثير ممن يفضل مصطلح الدراسات المستقبلية ومرادفاته لأنها تخضع للقضايا السياسية، والإجتماعية، والإقتصادية، ما يترتب عنه إختلافات مفاهيمية كالتخطيط بشتى أنواعه (قصير الأجل-متوسط الأجل-طويل الأجل)، التنبؤات، الإسقاطات، الاستشراف وتنظيريا؛ تسجل الدراسة وجود قصور على مستوى التنظير بسبب غياب بناء نظري ممنهج جاهز يرقى إلى مصاف النظرية؛ ناهيك عن ندرة التأطير الأكاديمي وقلة المؤسسات المتخصصة بهذا الحقل المعرفي، ولاسيما في الدول المتخلفة

Abstract

    The research paper seeks to address the issue of temporal revision of future studies, and control and scrutinize their conceptual format and how they employ their curricula, techniques and methods. This is done by addressing the following problem:

       How can future studies be rooted historically, adjust their conceptual system, and employ their curricula, techniques and research methods in their various field uses?

           In terms of the historical rooting of future studies, the study concluded that the first historical signs of future studies go back to the study of the French scientist de Condorcet. Conceptually; The study recorded a multiplicity and diversity of definitions related to future studies. There are those who give it a scientific character, and there are those who acknowledge its art, but many prefer the term future studies and its synonyms, because they are subject to political, social and economic issues, which results in conceptual differences such as planning of all kinds (short-term – medium-term – long-term), predictions , projections, prospective and theoretically; The study records the existence of shortcomings at the level of theorizing due to the absence of a ready-made systematic theoretical structure that rises to the ranks of theory, not to mention the scarcity of academic supervision and the lack of specialized institutions in this field of knowledge, especially in underdeveloped countries.

مقدمة

يعتبر فهم الإحتمالات المستقبلية المختلفة لأي ظاهرة من الطرق الهامة للتعامل مع تلك الظاهرة لأنها تساعد على أخذ الإحتمالات فى الاعتبار ووضع إحتمالات أقرب إلى الحدوث . فإن فهم هذه الظاهرة يتطلب معرفة علمية منظمة وجهداً كبيراً من الباحثين وهو ما يسمى بفهم الدراسات المستقبلية، والدراسات المستقبلية لا تقتصر على مجال واحد بل تستخدم فى مختلف المجالات، فى مجال الاقتصاد، والطب، والعلوم السياسية ،والفن والهندسة ،والقانون، وعلم الاجتماع وغيرها من المجالات.

تتميز الظاهرة السياسية بالتطور الزماني المستمر،  فكيف كانت فى الماضي وحالها فى الحاضر وكيف ستصبح فى المستقبل، وتساعد الدراسات المستقبلية على التخفيف من الأزمات والاستعداد والتجهيز لمواجهتها، الأمر الذى يؤدى إلى السبق والمبادأة للتعامل مع المشكلات قبل أن تصير أزمات.

تعد الدراسات المستقبلية مدخلا مهما ولا غنى عنه فى تطوير التخطيط الاستراتيجي القائم على السيناريوهات المستقبلية. فى ضوء التغير السريع فى المجتمعات المعاصرة ودول الخليج بشكل خاص، وقد دأبت الدول والمؤسسات الدولية والإقليمية، وخاصة فى الخليج على محاولة تطوير قدرتها على معرفة مستقبل الظواهر السياسية والاقتصادية ،والاجتماعية بالإضافة إلى المجالات التقنية بشكل علمي ودخلت إلى الدراسات المستقبلية بشكل خاص لكى تثبت أنها قادرة على التطوير .

وأصبح حقل علم الدراسات المستقبلية فى دول الخليج وجامعاتها ومؤسساتها جزءاً من عمليات صنع القرارات الاستراتيجية، حيث أن ثلثي الدراسات المستقبلية تقوم بها المؤسسات العسكرية والشركات المتعددة الجنسية، كما أنه عدداً كبيراً من الإنفاق على  التمويل للدراسات المستقبلية متفاوت بين الدول،  فينفق العالم الثالث أقل بكثير من العالم المتقدم، يمكن أن يكون نسبة ضئيلة جداً.

في العالم العربي وبخصوص مجال “الدراسات المستقبلية ” يوجد بضعف في الاهتمام فيه بالإضافة إلى الشكل غير العلمي، ولذلك تهتم الدراسة بالحديث عن الدراسات المستقبلية ومدى إهتمام دول الخليج مثل قطر والإمارات والسعودية بذلك المجال البحثي الهام والذى يشغل الاهتمام فى العالم العربي بهذا الحقل وخصوصاً على الصعيد الأكاديمي والطلابي وأجيال المستقبل، كما لأهمية هذه المعرفة المستقبلية دوراً محورياً فى صياغة المستقبل الاستراتيجي للعالم العربي وتنميته من عدة محاور منها:

تعريف ماهية الدراسات المستقبلية وتطورها ثم التعريف بأهم تقنيات الدراسات المستقبلية مثل التنبؤ الاستقرائي، بناء السيناريوهات، دولاب المستقبل، وغيرها ومن ثم معرفة مدى اهتمام الدول العربية بتلك الدراسات وإلى أي مرحلة وصل العرب ودول الخليج فى الدراسات، وعرفة مدى الجهود المبذولة، ويوجد مشكلة كبيرة فى الدول العربية والعالم بشكل عام فى الاهتمام بالدراسات المستقبلية وعن أي مدى تكون تلك الدراسات ذات أهمية كبيرة.

 اولاً : المشكلة البحثية

تتمثل المشكلة البحثية في محاوله الوقوف علي طبيعية الدراسات السياسية المستقبلية في الوطن العربي بشكل عام مع التركيز علي دوله الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص

ثانيا : تساؤلات الدراسة

تشمل تساؤلات الدراسة التساؤل الرئيسي والتساؤلات الفرعية حيث يتمثل التساؤل الرئيسي فى ما هي طبيعة الدراسات السياسية المستقبلية فى الوطن العربي مع التطبيق على الإمارات العربية المتحدة .

ومن ثم تتمثل التساؤلات الفرعية فيما يلي:

  1. ماهية الدراسات السياسية المستقبلية ؟
  2. ماهية وضع الدراسات المستقبلية السياسية فى الوطن العربي ؟
  3. ما هو شكل إهتمام الإمارات المتحدة بالدراسات السياسية المستقبلية ؟

ثالثاً : أهداف الدراسة

تتضمن الدراسة مجموعة من الأهداف تتمثل فيما يلى:

الهدف الأول : معرفة الأسس المعرفية للدراسات السياسية وتطوير مناهج وأدوات البحث فى المستقبل

الهدف الثاني : إعمال الفكر والعقل فى دراسات مستقبلية فى المجال السياسي بشكل أقرب إلى الحقيقة سواء كان احتمال وقوعها كبير أو صغير .

الهدف الثالث: أن يتم وضع آليات لكيفية تفسير الماضي وتوجيه الحاضر لما لها تأثير كبير على المستقبل.

الهدف الرابع: زيادة المشاركة الديمقراطية فى تصور وتصميم المستقبل السياسي وإفساح المجال لعدد كبير من الباحثين للاشتراك فى الاقتراح وتقديم الصور البديلة للمستقبل الذى سيؤثر على حياة المجتمع.

الهدف الخامس: دراسة مستقبلات محتملة والتركيز على فحص وتقييم المستقبلات الأكثر احتمالات للحدوث من خلال أفق زمنى وفق شروط محددة .

  رابعا : اهمية الدارسة

تتمثل أهمية الدراسات فى أهمية علمية وأخرى عملية كما يلي:

  1. الأهمية العلمية :

الدراسات المستقبلية أصبحت ضرورية لأنها تمثل حاجة أساسية وطريقة تفكير وذلك يرجع إلى التغير المتسارع للمؤسسات السياسية مما يسبب العديد من المشكلات والأزمات المختلفة التي يصعب التعامل معها ومن هنا تظهر الحاجة إلى التوقع المستقبلي السياسي لفهم تأثير القرارات السياسية الحالية على البيئة السياسية المستقبلية وكونها طريقة تفكير، فهناك اتفاق من الباحثين على كون الدراسات المستقبلية طريقة مغايرة للتفكير فى المجتمع والعالم، طريقة تقودنا إلى إمكانية السيطرة على المستقبل والعالم حولنا.

  1. الأهمية العملية:
  • إكتشاف المشكلات السياسية قبل وقوعها والتهيؤ لمواجهتها أو قطع الطريق عليها والحيلولة دون وقوعها وبذلك تؤدى الدراسات السياسية المستقبلية دور الإنذار المبكر والتأهيل للتحكم فيه أو على الأقل المشاركة فيه.
  • عادة إكتشاف أنفسنا ومواردنا وطاقتنا وبخاصة الكامنة منها يمكن أن يتحول بالدراسات وبفضل العلم إلى موارد وطاقات فعلية ، وتتحقق تنمية سريعة، وشاملة، ومواصلة وبالتالي تسترد الأمه الساعية للتنمية الثقة بنفسها وتستجمع قواها لمواجهة تحديات المستقبل.

خامسا : حدود الدراسة

تتمثل حدود الدراسة فى تحديد كلا من الإطار الزماني والإطار المكاني والإطار الموضوعي .

الإطار المكاني : 

وهو الدول العربية وما يشملها من دراسات مستقبلية سياسية بشكل عام، ولكن بشكل خاص دولة الإمارات العربية المتحدة.

الإطار الزماني :

تتكون تلك الدراسة عبر الزمن الحديث وكانت منذ منتصف القرن الماضي بدأ الحديث عنها بشكل علمي.

الإطار الموضوعي :

تتناول الدراسة الموضوع عن طبيعة الدراسات المستقبلية ومدى أهمية تلك الدراسات بشكل عام فى المستقبل ، ومدى اهتمام الدول العربية بتلك الدراسات، وتأثير تلك الدراسات المستقبلية السياسية على المستقبل الإماراتي.

سادسا : منهج الدراسة

منهج البحث هو شكل عملية المعرفة أو أسلوب الباحث في الوصول إلي حقائق الأشياء المحيطة به في الطبيعة والمجتمع من خلال مجموعة من الإجراءات الذهنية والواقعية التي يستخدمها لهذا الغرض، فلا يمكن لأي  بحث أن يقوم دون اللجوء إلى إحدى المناهج وفقا لما تطلبه طبيعة الدراسة ومن أجل ضبط عناصر الخطة اعتمدنا علي المنهج المؤسسي

تعتمد الدراسة على المنهج المؤسسي

وذلك لأنها تركز على دور المؤسسات ومدى اهتمامها بموضوع الدراسات المستقبلية، ذلك العلم الحديث الذي يتنبأ بالمستقبل والذي يساعد صانع القرار في اتخاذ القرارات الرشيدة الهادفة إلى عالم أكثر تقدم، ويدرس المنهج المؤسسي المؤسسات على اعتبارها تحدث تغير مستقل يؤثر على تحديد من هم الفاعلون الذين يسمح لهم بالمشاركة في الساحة السياسية ، ومن هنا سوف نستخدم المنهج المؤسسي فى دراسات سلوك المؤسسات فى دولة الإمارات ودول العربية في حقل الدراسات المستقبلية وكيفية الدعم من تلك المؤسسات في مجال الدراسات المستقبلية .

و المنهج المؤسسي في العلوم السياسية يقصد به مجمل النظريات في حقل السياسة المقارنة وفي العلوم السياسية بصفة عامة والتي تعطي أهمية للمؤسسات في تحديد السلوكيات والمخرجات السياسية، على اعتبار أن المؤسسات  تمثل تغيراً مستقلًا يؤثر على تحديد من هم الفاعلون الذين يسمح لهم بالمشاركة في الساحة السياسية تحدد نمط الاستراتيجيات التي ينتجونها تؤثر على الخيارات والمعتقدات التي يتبنونها حول الممكن والمرغوب فيه.

وتحديد نمط اهتمام كل من تلك السياسات من ما هو مرغوب فيه وما هو ممكن، ومدى قدر اهتمام تلك المؤسسات بالدراسات المستقبلية وكيفية تناولها .

يتم استخدامه أيضا في المقارنة بين كل من مدى اهتمام المؤسسات في الدول المتقدم عن الدول النامية وأيضا مقارنة بين دول الإقليم الواحد مثلما يظهر فى الدراسات المستقبلية عن مدى اهتمام دول الوطن العربي بتلك المجال في دراسات المستقبلية بين قطر والإمارات والسعودية .

سابعا  : الدراسات السابقة

يتم تقسيم الدراسات المستقبلية إلى محورين كالاتي :

المحور الأول :دراسات تهتم بماهية الدراسات المستقبلية بشكل عام

١.رابح عبد الناصر، دراسة بعنوان” الدراسات المستقبلية تأصيل تاريخي مفاهيمي ومنهجي ٢٠١٧“([1])

الدراسة لمعالجة مسألة التحقيب الزمني للدراسات المستقبلية، وضبط وتدقيق نسقها المفاهيمي وكيفية توظيفها لمناهجها وتقنياتها وأساليبها. وذلك من خلال معالجتها الإشكالية التالية: كيف يمكن التأصيل للدراسات المستقبلية تاريخيا، وضبط منظومتها المفاهيمية، وتوظيف مناهجها وتقنياتها وأساليبها البحثية في مجالات استعمالاتها الميدانية المتنوعة

ويؤخذ على تلك الدراسة انها راعت الجانب النظري فقط ولم تهتم بالجانب التطبيقي

٢.طرشي كامل، دراسة بعنوان “الاسس الشرعية والمعرفية والمنهجية لاستشراف المستقبل ٢٠١٦“([2])

 استهدف  الأسس الشرعية والمعرفية والمنهجية لاستشراف المستقبل شملت   على خمس نقاط رئيسة النقطة الأولى تحدثت عن دراسة ” التغير”، معتبرا ًأنه ظاهرة مجسدة وصيرورة دائمة، ولها قيم مثلي في الفكر . أما النقطة الثانية عرضت أساليب التحليل، التي تنحو في دلالاتها اللغوية إلى التجزئة والتفكيك والعودة إلى مكوناتها الجوهرانية ومؤلفاتها الصميمية، وهي تتراوح بين الكمي والكيفي، وبيان صلاحية أي منهما للوصول إلى قدر فارق للدقة والصوابية والموضوعية كما أبرزت النقطة الثالثة خمس تقنيات تندرج تحت المناهج المعيارية، وهي السيناريو الذي يصف وضعا ًمستقبليا ًممكنا ًأو محتملا ًأو مرغوبا ًفيه  وهي تشجيع أكبر قدر ممكن من الأفراد على طرح ما لديهم من أفكار مستقبلية بشأن موضوع معين، وتحليل التدرج السببي الذي يرتكز على توظيف معطيات ما بعد البنيوية، و” التنبؤ الرجعي”، بوصفه أهم أساليب التنبؤ المعياري، وأخيراً ” تقنية الأدوار “التي تتشابه معطياتها بأكبر قدر ممكن مع الواقع الفعلي. والنقطة الرابعة تضمنت المناهج الرياضية درساً وتحليلاً معتبراً أن جمهور العلماء في هذا المجال يعتقد أن الأساليب الكمية بصورها المتباينة الرياضية والإحصائية أكثر دقة وإيجازاً وموضوعية في التوصيف. وتتبعت النقطة الخامسة الأنماط الكمية التي تمتاز بغلبة الطابع التوصيفي.

٣.أم العزم أحمد، دراسة بعنوان “مفهوم الدراسات المستقبلية”،٢٠١٧([3])

ناقشت الدراسة مصطلح المستقبليات ومفهومه وتعرّضت للتعريفات المختلفة للدراسات المستقبلية، حيث طرح البحث عدداً من الأسئلة والتي بدورها ساهمت في صياغة إشكالية الدراسة وتلك الأسئلة هي: ماذا يعني مصطلح الدراسات المستقبلية من حيث المفهوم؟ وكيف يمكن الاستفادة منه في السودان وجعله علماً مستقلاً يمكن تدريسه وتطبيقه؟ حاولت الدراسة الإجابة على هذه الأسئلة باستخدام المنهج الوصفي التحليلي. وجمعت المعلومات من المراجع والأوراق التي تناولت هذا الموضوع بصورة مباشرة وغير مباشرة ومن الإنترنت، فهذا البحث يهدف إلى إثراء النقاش حول مفهوم الدراسات المستقبلية من قبل المهتمين والمختصين، والدعوة إلى المشاركة بالبحث لتحديد ماهيته باعتباره فرع جديد من العلوم الاجتماعية. وتتضح أهمية البحث في تناوله لموضوع جديد ما زال يكثر حوله الجدل والنقاش من كلّ النواحي وتمثّلت أهمّ النتائج التي توصّلت إليها الدراسة على حسب الموضوع الأساسي لها ألا وهو تعريف مصطلح الدراسات المستقبلية، إلا أنّ هناك اختلاف حول

المصطلح، وأرجع الباحثون هذا الاختلاف إلى اعتباره ينتمي إلى دائرة العلوم الاجتماعية حيث يندر الاتفاق على المفاهيم والمصطلحات، كذلك أرجع البعض هذا الاختلاف إلى كونه علم جديد مازال في طور التكوين لكن المصطلح الأكثر شيوعاً واستخداماً من قبل المختصين والباحثين هو دراسات المستقبل. كما اتضح أنّ هناك تعريفات متعدّدة للدراسات المستقبلية.

المحور الثاني : طبيعية الدراسات المستقبلية في دولة الامارات و الوطن العربي

١.أم العزم احمد دراسة بعنوان “استشراف السياسات الأمنية لدولة الإمارات العربية المتحدة لمواجهة التحديات الإقليمية المستقبلية “٢٠١٧([4])

هدفت الدراسة الحالية لاستشراف السياسات الأمنية الإماراتية القادرة على مواجهة تطورات ومتغيرات التحديات الإقليمية، وقسمت تلك التحديات الإقليمية إلى مصدرين: المصدر الأول خاص بالتحديات الناجمة عن دول الجوار العدائية، ومنها إيران وقطر واليمن وسوريا. أما المصدر الثاني فهو خاص بالتحديات الناجمة عن التنظيمات الإرهابية، ومنها تنظيم الإخوان، وتنظيم داعش، وتنظيم الحوثيين، وتنظيم حزب الله ،  كما أوصت الدراسة بتطبيق سياسة “الشرطة التي تقودها الاستخبارات” والتي تقوم على جمع وتحليل البيانات من أجل إنتاج معلومات أمنية تُسهم في تطوير فهم أفضل للتحديات البيئية، وخاصة الجرائم الإرهابية، بما يساعد على وضع سياسات أمنية أكثر فاعلية لمواجهتها

٢.ايهاب الحجاوي دراسة بعنوان “الوضع الراهن لمراكز الدراسات المستقبلية في الوطن العربي ” ٢٠١٦([5])

ناقشه تلك الدراسة مفاهيم الدراسات المستقبلية ومدى اهمية تلك الدراسات لدي الدول العربية وخصوصا الدولة الاماراتية والسعودية ودول الخليج بشكل عام ، ومدى اهتمام مثل هذه الدول بالدراسات المستقبلية لان السبب الحقيقي فى تحقيق الاهداف المرجوة لضمان مستقبل مدعم بالأمل ، وتم ذكر اهم مراكز البحوث المستقبلية وخصائصهم وفي أي دولة  ، وما وظائف تلك المراكز البحثية

يؤخذ عليها انها لم تنتقل الى الجانب التطبيقي وميداني ومدى تأثير هذه الدراسات على دولة الامارات المتحدة .

ثامنا : مفاهيم الدراسة

تتناول الدراسة العديد من المفاهيم،  وتنقسم تلك المفاهيم الى مفاهيم أساسية ومفاهيم مرتبطة وأخري مختلطة كما يلي:

 ١– تتناول الدراسة مفهوم أساسي :

أ_ مفهوم الدراسات المستقبلية  : تعيين القدرات اللازمة لإنجاز أي مسار مستقبلي ، وحساب النفقات اللازمة والمخاطر ، وكذلك تحديد الآليات اللازمة للعمية والتي ينبغي أن تعمل أهداف معروفة علمية ، وتطوير الخبرات العلمية في عمال إدارة المشاكل المعقدة.([6])

٢– تتضمن الدراسة على مجموعة من المفاهيم المرتبطة على النحو التالي

أ_ المستقبل : هو كل ما سيحدث في وقت بعد الوقت الحاضر. ويعتبر وصوله لا مفر منه، بسبب وجود الوقت وقوانين الفيزياء، ونظرا للطبيعة الجلية للواقع، وحتمية الطبيعة. مفهوم المستقبل والخلود موضوعان رئيسيان في الفلسفة، والدين، والعلم، واستعصت أعظم العقول على الدوام إيجاد تحديد لهما غير مثير للجدل([7])

ب_ الاستشراف :  هو مجموعة من الأنشطة التي تعمل على تحسين عملية صنع القرار. ويكمن الهدف الأساسي من الاستشراف في أن تغدو في موقف أقوى في المستقبل، في حالة من الاستعداد لطائفة من الاحتمالات. ففي مفهومنا، لا يوجد مستقبل واحد، وإنما مجموعة من الاحتمالات التي قد تحدث في المستقبل. مهمتنا هنا هي الاستعداد لكل تلك الاحتمالات المطروحة. ولا يسعى الاستشراف فقط إلى تحديد المخاطر، ولكن يعمل أيضاً على إيجاد فرص المستقبل لاقتناصها

 ٣- تتضمن الدراسة مجموعة من المفاهيم المختلطة على النحو التالي

أ_ التخطيط المستقبلي :  فإن الدراسات المستقبلية تخضع للقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية ما يترتب عنه اختلافات مفاهيمية كالتخطيط بشتى أنواعه(قصير الأجل-متوسط الأجل-طويل الأجل)، التنبؤات ،الإسقاطات، الاستشراف أما التخطيط فهو تلك العملية التي تعيد من خلالها السلطة المركزية صياغة هياكلها الاقتصادية والاجتماعية بواسطة مجموعة من السياسات المتكاملة والمتاحة لها والتي تحرص على تنفيذها الفعلي ومتابعتها.

ب_ الاستراتيجية المستقبلية :هي مجموعة السياسات والأساليب والخطط والمناهج المتبعة من أجل تحقيق الأهداف المسيطرة في أقل وقت ممكن وبأقل جهد مبذول([8])

تاسعا : تقسيم الدراسة

تنقسم هذه الدراسة إلى:  مقدمة تتناول خطة البحث؛ وثلاثة فصول رئيسة كل فصل يتضمن

عدد من المباحث، تليها خاتمة الدراسة، ثم النتائج والتوصيات؛ فيما يلي: 

  •  الفصل الأول: بعنوان” ماهية الدراسات المستقبلية السياسية  يقسم إلى مبحثين اساسيين فيما يلي:
  •  المبحث الأول : بعنوان” تعريف الدراسات المستقبلية “
  • المبحث الثاني بعنوان اهمية الدراسات المستقبلية “
  • الفصل الثاني بعنوان ” وضع الدراسات المستقبلية السياسية في الوطن العربي ” يقسم إلى مبحثين اساسيين فيما يلي :
  •  المبحث الاول : جهود الدول العربي في مجال الدراسات المستقبلية
  • المبحث الثاني:  وجود الدراسات المستقبلية بالدول العربية
  • الفصل الثالث ما هو شكل الامارات العربية  المتحدة بالدراسات المستقبلية  يقسم إلى مبحثين اساسيين فيما يلي:
  • المبحث الاول : مساهمة الإمارات ودول عربية في الدراسات السياسية المستقبلية
  • المبحث الثاني : اهم الدراسات السياسية المستقبلية في مراكز البحوث الإمارتية

الفصل الأول

ماهية الدراسات المستقبلية السياسية

مقدمة

يشكل الزمن جزءاً أصيلاً من ذاتنا الإنسانية وديمومتنا الفكرية، فمجموع إنتاجنا الحضاري والثقافي تشكل في الماضي، والحاضر ما ندركه ونتفاعل معه بعقولنا وحواسنا، بينما يمثل المستقبل الحلقة المفقودة من إدراكنا وحيزنا المعرفي. ومن هذا المنطلق سعى الإنسان عبر مراحل التاريخ المختلفة في محاولة معرفة مصير أحواله في المستقبل، مستعيناً بكل الأساليب الممكنة، والتي تطورت عبر التاريخ تبعاً للبيئة الفكرة السائدة في كل مرحلة وما يصاحبها من تطور علمي

وفى هذا الإطار يقسم الفصل إلى مبحثين كالآتي :

المبحث الأول : بعنوان تعريف الدراسات المستقبلية

 المبحث الثاني : بعنوان أهمية الدراسات المستقبلي

المبحث الأول: تعريف الدراسات المستقبلية

تمهيد :

يظل الارتقاء بالمستوى النوعي للتعليم هدفاً أساسياً ، يقصده الباحثون في مجال التربية ، وينشده المسئولون في تقاريرهم الرسمية وتعول عليه الأمة في تجاوزها لأزماتها المختلفة ويعتبر التعليم أحد الركائز الأساسية التي تبنى عليها المجتمعات نهضتها وهو أحد المحاور الرئيسية في منظومة التقدم الحضاري .

من هذا المنظور يجب أن ننظر إلى التعليم كـجـزء أساسي من المنظومة المتكاملة للمجتمعات يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأنظمة الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية ،والصناعية، والزراعية وغيرها ولما كانت قضية التقدم والتحديث تعد قضية العرب الأولى  وستبقى كذلك لفترة طويلة مع الزمن وأن الضغط لإجهاض جهود العرب التحديثية مازال مستمراً  بل إنه يتزايد يوما بعد يوم .

فلابد من التسلح بكل ما يتفق عن العلم من جديد نافع وهنا تبرز الحقيقة التي استقرت منذ زمن بعيد حول ضرورة الدراسات المستقبلية كأساس لكل تقدم وكشف لأى مجهول ؛ وخاصة أن الإنسان وصل إلى مرحلة لا يستطيع أن يقبل فيها أن مجهولا يمكن أن يقف في سبيله ولايمكن أن يكتشفه .. وأن بزوغ حرية البحث قد أتاحت بلاشك ظهـور أكثر الثورات العقلية في تاريخ البشرية وأن العقلية العلمية تأبى أن تدع الأشياء على ماهي عليه، وأن الشك المنهجي لطبيعة العلم قائم دوما ًوهي في ريبة دائمة مما استقر عليه آخر إجماع للعقول.

ويتضمن المبحث أربع محاور هم :

المحور الأول :  الخاص بنشأة  الدراسات المستقبلية

المحور الثاني :  الخاص بتعريف الدراسات المستقبلية

المحور الثالث : مفهوم الدراسات المستقبلية

المحور الرابع : التطور التاريخي للدراسات المستقبلية

  • المحور الأول : نشأة الدراسات المستقبلية ([9])

تأخر ظهور المنهجيات العلمية للدراسات المستقبلية رغم ثراء التراث الفكري، والفلسفة المهتمة بالمستقبل حتى ستينيات القرن العشرين ،وعند تتبع البدايات المنهجية للدراسات المستقبلية نجد أن كثيراً من المؤرخين أرجع هذه البدايات إلى القرن التاسع عشر كما في النبوءة الذائعة الصيت التي ارتبطت بمقال (فى السكان) للقس الإنجليزي (توماس مالتوس) ،والذى عرض فيه رؤية مستقبلية تشاؤمية للنمو السكاني، كما ارجع البعض الآخر هذه البدايات إلى المفكر الفرنسي (كوندرسيه) فى كتابه ” مخطط لصورة تاريخية لتقدم العقل البشرى” والذى نشر عام 1793 واستخدم فيه أسلوبين منهجيين للتنبؤ وهما التنبؤ الاستقرائي والتنبؤ الشرطى١، وهناك آخرون أرجعوا هذه البدايات إلى جهود لينين فى التخطيط المركزي للاتحاد السوفيتي السابق(1931-1938)  و تطور مفهوم المستقبل  مع تطور فكر العقل البشري ، وقد احتاج الانسان لوقت طويل  للارتقاء بفكر المستقبل والى نظرة أبعد وأنضج للمستقبل .

تم ذلك من خلال مبدأين  المبدأ الأول هو تحول الزمني والمبدأ الثاني عند العالم داروين وكان يرجع الأول إلى العالم هيجل المبدأ الثاني يشير الى النشوء والتجدد ومن وجهه نظرهم أن الإنسان يمكنه تغيير المستقبل وتغييره.

فنحن من وجهه نظر العالم بريجوجين أننا يمكننا صناعه المستقبل ولا نستطيع التكهن بالمستقبل؛ ولكن في مطلع السبعينيات من القرن العشرين حدث تغير في قناعة الناس وكان ذلك التغير محورين هامين ناس أصبحوا على قناعة كامله أنهم يمكنهم تغيير المستقبل فهو ليس شيئا معد سلفا أي أن البشر لا يمشون معصوم الأيدي مثال أبطال التراچيديات اليونانية فنحن لا نقف مكتوفي الأيدي أمام المستقبل لكن يجب أن نقوم بتغييره بشكل جاد وفعلي لا نقف امام الامور ونجعلها تحركنا مثل لعبه الشطرنج فلابد ان نقوم بتحريك الامور وتفكيرنا نحو المستقبل نريده ونتمناه .5 ([10])

مع تأخرنا الفكري لدراسة الدراسات المستقبلية وكان ذلك الجانب من العلوم حتى الستينات القرن الماضي على الرغم من الاهمية الكبيرة التي يكتسبها بعض العلماء انما يوجد في الغرب في القرن 19 بدأوا باستخدام  الدراسات المستقبلية مثل العالم الانجليزي الشهير توماس مالتس ولكن سار المستقبل على عكس تنبؤ مالتس بسبب التطور التكنولوجي والزراعي وغيره فكان المستقبل على عكس افكار مالتس.([11])

وعاده اخرون أمام الدراسات المستقبلية ترجع إلى العالم الفرنسي كوند ريسة في كتابه مخطط الصورة التاريخية لتقدم العقل تم نشر ذلك الكتاب عام 1793 واشهر ما استخدمه في ذلك الكتاب هم المنهجين  الاستقرائي والشرطي في التنبؤ .

وعاد البعض الى الدراسات المستقبلية أنها ترجع إلى لنين في جهود والتخطيط المركزي للاتحاد السوفيتي من سنه 1928 ظلمكن اللإنسان في سبعينات  القرن الماضي فعليا من وجه المستقبل في اطار علمي ولكن كان هناك جدل كبير بين المفكرين والعلماء في ذلك المجال من يراه هذا المجال علماً ومن يرى هذا المجال فيه يوجد بعض العلماء يرون انه علم وفن في آن واحد.

وتعتبر الجمعية الدولية للدراسات المستقبلية أن الدراسة العلمية للمستقبل هي مجال معرفي أوسع من العلم يستند إلى أربعة عناصر رئيسية هي : ([12])

أ- أنها الدراسات التي تركز على استخدام الطرق العلمية في دراسة الظواهر الخفية .

ب- أنها أوسع من حدود العلم فهي تتضمن المساهمات الفلسفية والفنية جنبا إلى جنب مع الجهود العلمية .

ج- أنها تتعامل مع مجموعة واسعة من البدائل والخيارات الممكنة وليس مع إسقاط مفردة محددة على المستقبل .

د- أنها تلك الدراسات التي تتناول المستقبل في آجال زمنية تتراوح بين 5 سنوات و 50 سنة . وفي كتابه التفكير جديد لألفية جديدة  ١٩٩٦ يعترف سلوتر بأن إطلاق صفة متعدد التخصصات على الدراسات المستقبلية وصف دقيق ومجال جديد من الدراسات الاجتماعية هدفه الدراسة المنظمة للمستقبل ويحدد هارولد شان الغرض من هذا التخصص العلمي الجديد في مساعدة متخذي القرارات وصانعي السياسات على الإختيار الرشيد من بين المناهج البديلة المتاحة للفعل في زمن معين، وبالتالي فإن الدراسات المستقبلية لا تتضمن فقط دراسة معلومات الماضي والحاضر والاهتمام بها ، ولكنها تستشرف المستقبلات البديلة الممكنة والمحتملة واختيار ما هو مرغوب منها .

المحور الثاني: تعريف الدراسات المستقبلية([13])

يتضمن هذا المحور عدة تعريفات للدراسات المستقبلية غلى المستوي العلمي ركزت على الصعيد العلمي تتمثل فيما يلي:

اولا: إنها مجموعة الدراسات والبحوث التي تهدف إلى تحديد اتجاهات الأحداث وتحليل مختلف المتغيرات التي يمكن أن تؤثر في إيجاد هذه الاتجاهات أو حركة مسارها  أو مجموعة الدراسات والبحوث التي تكشف عن مشكلات محتملة في المستقبل وتنبأ بالأولويات التي يمكن أن عددها كحلول لمواجهة هذه المشكلة.

ثانيا: وبعد أوضح تعريف للمستقبلية هو ما نشر في مجلة ( المجتمع في عالم المستقبل  التي تصدر في الولايات المتحدة الأمريكية ، والذي يحدد مفهوم هذا المجال الخصب بأنه دراسات تستهدف تحديد وتحليل وتقويم كل التطورات المستقبلية في حياة البشر في العالم أجمع بطريقة عقلانية موضوعية ) .

ثالثا: هي استخلاص عبرة من الماضي من خلال دراسة أهم التطورات على المستويين الدولي والإقليمي ما ينتج عنها من تأثيرات مثل : الفرص المتاحة ، القيود المفروضة أو التهديدات والمخاطر الناجمة ، هدف تحديد صورة مستقبلية .

رابعا: عبارة عن تصور وضع مستقبلي ، العقدين أو ثلاثة عقود ، التحديد الأهداف والمصالح بالتفصيل ، وذلك باستخدام النماذج الرياضية الحديثة .

خامسا: الدراسات المستقبلية هي الانطلاق من المسلمات والإفتراضات المتفق عليها من مختلف الخامات من العلمي والفكري والعقائدي والتكنولوجيا .

سادسا: وقد أمكن تعريف الدراسات المستقبلية بأن مجموعة من البحوث والدراسات التي تهدف إلى الكشف عن المشكلات ذات الطبيعة المستقبلية والعمل على إيجاد حلول عملية لها ، كما تهدف إلى تحديد اتجاهات الأحداث وتحليل المتغيرات المتعددة للموقف المستقبلي ، والتي يمكن أن يكون لها تأثير على مسار الأحداث في المستقبل .

سابعا: تعيين القدرات اللازمة لإنجاز أي مسار مستقبلي، وحساب النفقات اللازمة والمخاطر، وكذلك تحديد الآليات اللازمة للعمية والتي ينبغي أن تعمل أهداف معروفة علمية، وتطوير الخبرات العلمية في عمال إدارة المشاكل المعقدة .

ثامنا: التركيز على عوامل التنمية في مختلف القطاعات، لتحقيق الأهداف بشكل فعال .

فكلا من التعريفين ( 7 ) , ( 8 ) ركز على أن الدراسات المستقبلية في الدراسات التي تعمل على حل مشاكل التنمية .([14])

وبفضل تطور المعرفة العلمية والتقدم التكنولوجي تمكن الإنسان لأول مرة فى عقد السبعينيات بوضع المستقبل فى إطار علمي دقيق ولكن مازالت الآراء مختلفة حول ماهية الدراسات المستقبلية وتكييف طبيعتها

وتباينت الآراء حول ماهية الدراسات المستقبلية فهناك من يراها علما وهناك من يراها فناً وآخرون يعتبرونها دراسة بيتية تجمع ما بين العلم والفن

اولا: تعريف الدراسات المستقبلية على الجانب العلمي

هناك إجماع بين مؤرخي المستقبليات يروا أن (هيربرت جورج ويلز) هو أول من صك مصطلح ” علم المستقبل ” وقدم اضافات عميقة فى تأصيل الاهتمام بالدراسات المستقبلية فكان محور اهتمامه يدور حول حياة وهموم الأجيال المقبلة .

ودعا “كولن غليفلان ” إلى وجود علم المستقبل أطلق عليه ” ملنتولوجى” وهى كلمة مشتقة من كلمة ” المستقبل” اليونانية فى أطروحته مقدمه إلى جامعة كولومبيا عام ١٩٢٠ وهناك اتفاق على أن “اويب فلختهايم “هو  صاحب مصطلح ” علم المستقبل” وظهر هذا المصطلح عام ١٩٤٣ كبداية لعلم جديد يبحث عن المستقبل كما يبحث التاريخ عن الماضي .

وقد اهتم فلختهايم بعلم المستقبل ودعا إلى ضرورة تدريسه فى المدارس واعتبره فرعاً من فروع علم الاجتماع واقرب لعلم الاجتماع التاريخي على الرغم من الاختلاف ما بين العلمين فعلم اإاجتماع التاريخى يهتم بأحداث الماضى وعلم المستقبل يهتم بالاحداث القادمه واحتمال وقوعها .

ثانيا :تعريف الدراسات المستقبلية على جانب الفن([15])

أكد ” برتراند دى جوفنال ” فى كتابه ” فن التكهن” عام ١٩٦٧ على أن الدراسة العلمية للمستقبل “فن ” ولا يمكن أن تكون ” علما” .

فيقول ” دى جوفنال “أن المستقبل ليس عالم اليقين بل عالم التنبؤات وان المستقبل ليس محدداً يقيناً فكيف يكون علم من العلوم.

وقدم العالم “فريد بولاك” نقدا لمقوله فليختهايهم عن علم المستقبل في كتابه ” تصورات المستقبل وقال أن المستقبل مجهول فكيف نرسي علما علي المجهول , وأن تسميه ” علم المستقبل ” مبالغ فيها فهي توحي بأن المستقبلية يقينيه واننا ندرك غايتها بشكل واضح وان نتائجها مضمونه وهذا شئ مخالف للواقع ,ولأنها أقرب إلي الفن في تصورها للمستقبلات الممكنة فالتصورات ضرورية في الدراسات المستقبلية لمعرفه المتغيرات الكيفية التي لا تقبل القياس .

فالعلمية والعقلانية لا ينفيان وجوب الأخذ بمختلف التصورات، والدراسات المستقبلية عند جيك تحتاج إلى  افكار مجنونه والي الغير مئي والغير مسموح والغير معقول والي التفكير في مالا يجرؤ الاخرون علي التفكير فيه , وأن المستقبل هو عالم الغيب الذي نتصوره ونتخيله ونعبر عنه بطريقه تختلف عن طريقه تعبرينا عن الواقع الذي نراه ونعيش فيه .

وقد صنف اتجاه ثالث الدراسات العلمية المستقبلية ضمن الدراسات “البينية ” واعتبروها فرعا جديدا تكون عن طريق حدوث تفاعل بين مجال أو  أكثر قد يكون بينهما ترابط او لا، وتتم عمليه التفاعل من خلال برامج التعليم والبحث بهدف تكوين التخصص .

وقد أكد المفكر المغربي” مهدي المنجدي ” بأن الدراسات العلمية للمستقبل تأخذ طريقا يعتمد علي دراسة خيارات وبدائل متعددة وانها دراسات شامله وتحتوي علي العديد من التخصصات .

وهناك آخرون رأوا أن الدراسات العلمية للمستقبل ماهي الا تفاعل بين العلوم الاجتماعية والعلوم  الطبيعية وانها ليست علما ولكن تبني رؤياها علي مختلف العلوم الأخرى .

وقال ” شوتاك ” أن ما يميز الدراسات المستقبلية أنها تجمع ما بين الفن والعلم والكم والكيف فالجزء الأيمن وهو المسؤل عن الإبداع والإلهام والجزء الأيسر للدماغ مسؤل عن القلب والروح .

فعلي الرغم من عدم الإتفاق حول ماهية الدراسات المستقبلبه في كونها علما أو كونها فنا أم هي دراسه بينيه فهى  تأخذ  جزء من كل ذلك ولهذا نجد أن الدراسات المستقبلية مجالا تعدد فيه المعارف وتهدف الي تنبؤ حياه البشر بطريقه عقلانية تفسح مجالا للخلق والابداع وهذه النبوءات ماهي الا اجتهاد علمي قائم علي العقل والمنطق والتصورات لمعرفه العلاقات المستقبليه بين الأشياء.

المحور الثالث : مفهوم الدراسات المستقبلية ([16])

أول من توصل إلى مصطلح دراسة المستقبل هو المؤرخ الألماني “اوسيب فلختهايهم ” عام 1930

مصطلح علم المستقبل مشتق من الكلمة اللاتينية futurms    والتى  تعنى المستقبل .ومن الكلمة اليونانية “لوغوس” والتى تعنى العلم .وكلمة future  وتعنى مقبل وات ،اما كلمة futurism  تعنى المستقبلية حركة فى الفن .

كلمة المستقبلية لغويا تعنى النسبة إلى المستقبل فالياء ياء النسب فيقال “مستقبلى ” نسبة إلى المستقبل والمستقبل كما جاء فى المحيط وهو الزمن الذى يأتي بعد الحاضر .

أما كلمة المستقبلية اصطلاحا تشتمل على معانى مختلفة وذلك حسب موقع الكلمة فى سياق الحديث فأحيانا تأتى مفردة وأحيانا تكون مضافة .

أما عن معنى كلمة المستقبلية بدون أي إضافات فهى من الممكن أن تعبر عن فلسفة ومن الممكن أن تعبر عن فن من الفنون أو أن تكون معبرة عن منهج أو علم .

اولا: المستقبلية فلسفة

فى الستينيات من القرن العشرين سادت فى أوروبا وأمريكا حركة فكرية تمثلت فى الروايات الخيالية والكتابات اللأدبية وأطللق على هذه الحركة مصطلح “المستقبلية” .المستقبلية فلسفة تهتم فى البحث فى عدة اتجاهات ومنها فكرة الزمن والأدإكتمال ومقدرة العلم على التغيير الشامل والمفاجاة والصدفة .

ثانيا: المستقبلية علماً

مفهوم المستقبلية كعلم ما هو إلا طريقة للتنبؤ ووضع تصورات وخيالات الكتاب والعلماء ويعتمد على إستشراف المستقبل وتحديد أهداف محددة ووضع مجموعة من التصورات والخيالات التي تساعد صانعي القرار فى اختيارها ما يناسب الاجيال القادمة .

ثالثا: المستقبلية منهاجاً

تكمن قيمة المستقبلية بوصفها منهاجا فيما يقدمه من تسهيل عمليات استطلاع المستقبل والتنبؤ به .

وعلى الرغم من اختلاف الآراء حول الدراسات المستقبلية فى أنها علما او لا فهى سواء باعتبارها فلسفة أو علم او منهاجا فهى فى كل الاحوال تهدف الى إستشراف المستقبل .

توجد العديد من التعريفات لدراسة المستقبل من اهمها ([17])

تعريف دراسة المستقبل من وجهة نظر الجمعية الدولية للمستقبلات فتعرفه على انه :

  1. يتضمن كلا من الجهود الفلسفية والفنية مع الجهود العلمية وهذا التعريف يوضح أن الدراسات المستقبلية تتناول المستقبل فى فترات زمنية تتراوح بين الخمس إلى خمسين عاما .
  2. وهناك اتفاق بين المشتغلين فى مجال الدراسات المستقبلية على أنها اجتهاد علمى منظم يهدف الى وضع مجموعة من التنبؤات لمجتمع أو عدة مجتمعات عبر فترات زمنية طويلة قد تصل الى عقدين او اكثر وتعمل على دراسة الماضي والحاضر لاستشراف المستقبل .
  3. علم الدراسات المستقبلية : هو علم يدرس التنبؤات والإحتمالات المستقبلية .
  4. من التعريفات الأخرى لدراسة المستقبل : مجموعه من الدراسات والبحوث التى تتنبأ بمشكلات محتملة فى المستقبل وايجاد حلول لهذه المشكلات .

المحور الرابع:  السياق التاريخي لتطور الدراسات المستقبلية : ([18])

تعد ظاهرة الفضول الإنساني للتطلع على المستقبل أمر مألوف، وكما قال “آينشتاين ” عندما سُئل عن السبب وراء اهتمامه بالمستقبل قال ” لانى ذاهب إلى هناك” ، فكانت بداية علم المستقبل بداية أسطورية ثم بعد ذلك تحولت إلى مرحلة تخطيط المستقبل ثم أصبح علم الدراسات المستقبلية .

تعود محاولات العقل البشرى للتطلع على المستقبل إلى العصور القديمة فكانت البداية فى القرن الخامس عشر حيث بدأت فكرة متابعة وقياس الظواهر تأخذ اهمية كبرى ، وفى هذه الفترة قام العالم ” ليوناردو دافتسى ” بتصميم آلية لقياس الرطوبة وتحديد آلية توقع سقوط الأمطار، ثم جاء العالم ” جاليليو” والذى اخترع الترموميتر  لقياس درجات الحرارة وبناء تنبؤات على أساسها .فقد ساعد ذلك على اكتساب الثقة لدى العقل البشرى فى القدرة على وضع التنبؤات والتى شكلت نقطة هامة فى علم الدراسات المستقبلية.

ومع بداية القرن السادس عشر ظهرت نظريات ” اليوتوبيا” والتى عملت على فتح الطريق لأدباء المسرح الخيالى، ثم انتقل الأمر للشركات غير العسكرية وبدأ التنافس بين شركات انتاج الأسلحة ومحاولة كل طرف التنبؤ لما سينتجه الطرف الآخر .وبذلك أصبح علم الدراسات المستقبلية علما أكاديميا فى منتصف الستينات من القرن الماضي .

تتناول الدراسة علم الدراسات المستقبلية من خلال ثلاث مراحل اساسية قد مرت بها خلال فترات زمنية مختلفة فيما يلي :  

أولاً : مرحلة اليوتوبيا

        مثلا مرحلة اليوتوبيا البداية الفعلية للإهتمام بحقل الدراسات المستقبلية وخاصة فى العهد الإغريقي ، فعندما تخيل أفلاطون جمهورية فاضلية تقوم على العدالة وأعتقد بإمكانيتها حيث كان قادتها من الفلاسفة والتزم أهلها بتقسيمات أفلاطون من حكام وفلاسفة وجنود وعامة الشعب، فكان يعتقد أن العدالة ستتحقق عندما تلتزم كل طبقة بما يملى عليها من وظائف فيتحقق الترابط والإنسجام .

بينما تخيل القديس أوغسطين أن هناك صراعا بين مدينة الله المبنية على أساس الفضيلة ومدينه الإنسان المبنية على الغرور والشر وافترض أن النصر سيكون حليف المدينة الأولى وعلى الناس أن يسعوا لتحقيقها، وقد أندفع ” توماس مور” فى تخيل مجتمع يقوم على أساس الملكية الجماعية وتختفى فيه الملكيات الفردية ويخضع الكل لإرادة الجماعة .

وقد دفع النقاش بين الباحثين فى الدراسات المستقبلية إلى التمييز بين ثلاثة أبعاد للمسارات المختلفة للظاهرة وتتمثل فى :-

  1. الممكن : وهو ما يعنى الاحتمال الذى يمكن أن تأخذه الظاهرة ويتوفر فى الواقع مؤشرات كافية على تحقيقه .
  2. المحتمل : وهو أحد إحتمالات تطور الظاهرة ولكن مؤشرات هذه الإحتمالات ليست كافية فى الواقع.
  3. المفضل : وهو الإحتمال الذى نرغب فى أن تتطور الظاهرة نحوه ولكن المقومات الموضوعية لتحقيقه محدودة بقدر كبير .([19])

ثانيا :  مرحله التخطيط 🙁[20])

شكل إنشاء الحكومة السوفيتية فى عام (1921) للجنة أوكلت لها مهمة وضع خطة حكومية لتعميم الكهرباء على معظم مناطق الإتحاد السوفيتي خلال خمس سنوات نقطة تحول فى نطاق الدراسات المستقبلية فعلى الرغم من صعوبة الإقتناع بإمكانية التحكم فى مسار الأحداث لخمس سنوات إلا أن النجاح فى إنجاز الخطة أثار فكرة التخطيط بعيد المدى وكيفية توقع التغيرات والبحث عن وسائل التكيف معها.مما فتح المجال أمام دراسة التغير والتكيف وكيفية التفاعل بينهما، وتبلور ذلك بظهور مجلة ” الغذ” فى بريطانيا عام (1938) والذى يلفت الإنتباه فى هذه المجلة تأكيدها على ضرورة إنشاء وزارة للمستقبل فى بريطانيا .

وقد أدت النتائج المأسوية للحرب العالمية الثانية إلى طغيان الاحساس بمستقبلأاسود للعالم مما خلق حالة نفسية لا تشجع على الدراسة المستقبلية ، ولكن عددا من الفلاسفة وفى مقدمتهم الفيلسوف الفرنسى ” غايتون بيرغر” تحدى هذه النظرة وانشأ عام (1957) المركز الدولى الإستشراق بهدف تشجيع الباحثين على النظر إلى الغد بطريقة أكثر تفاؤلا.

– وقد تركزت جهود مركز بيرغر على جانبين هما : ([21])

١- التأكيد على عدم الفصل بين الظاهرة الإجتماعية من ناحية والتطور التكنولوجى من ناحية ثانية، ومن هنا بدأ الربط بين بعدين هما الدراسات المستقبلية الخاصة بالتطورات التكنولوجية ثم الدراسات المستقبلية الخاصة بأثر التطورات التكنولوجية على الظواهر الاجتماعية مع إعطاء الأبعاد السياسية أهمية واضحة، وقد أدت هذه المسألة إلى تحول كبير فى مناهج البحث فى الدراسات المستقبلية، فأصبح الربط بين التقنى والإجتماعي والتفاعل بينهما من بين أسس الدراسات المستقبلية فأصبحت تقنيات الدراسات المستقبلية تركز على كيفية إيجاد طرق بحثية تربط بين التطور التقنى والتطور الإجتماعي المستقبلة .

٢- التركيز فى التحليل المستقبلى على الآثار البعيدة وعلى الاتجاهات وليس على الأحداث وقد نتج عن ذلك تداول تصنيف ” مينوستا” فى المدى الزمنى للدراسات المستقبلية والذى يقوم على خمسة أبعاد:

أ- المستقبل المباشر : ويمتد لعامين.

ب- المستقبل القريب : ويمتد من عامين إلى خمسة أعوام

ج-  المستقبل المتوسط: ويمتد من خمسه إلى عشرين عاما .

د – المستقبل البعيد : ومدته بين عشرين إلى خمسين عام

ذ – المستقبل غير المنظور: يمتد إلى أكثر من خمسين عام .

فقد عرفت الدراسات المستقبلية نقلة نوعية فى العام الذى نشأ فيه “بيرغر” مركزه من خلال الجهود التى بدأ فيها العالم الفرنسي ” برتراند دو جوفيل ” بالتعامل مع مؤسسة فورد الأمريكية، وتمكن من إيجاد مشروع المستقبلات الممتحنة والذى يؤكد فيه أن المستقبل ليس قدرا بل مجال لممارسة الحرية من خلال التدخل الواعي فى بنية الواقع القائم باتجاه المفضل وعلى هذا الأساس يتم النظر إلى المستقبل على أنه متعدد لا مفرد كما هو حال الماضى من خلال فكرة تعدد الاحتمالات وقد شكل كتابه الشهير ” فن التنبؤ” نقلة كبيرة فى مجال الدراسات المستقبلية حيث شرح فيه كيفية عمل ” هيئات التنبؤ” والتى تقوم بعمليات إنجاز الدراسات المستقبلية لدولة معينه.

ثالثا : مرحلة النماذج العالمية 🙁[22])

أصبح التركيز على مستقبل المجتمع الدولى أو الموضوعات ذات الشأن الدولى كاسلحة الدمار الشامل أو الإرهاب أو التدخل الانسانى والبيئة وهى موضوعات لا تنحصر فى إطار دولة او إقليم حيث اصبح لها الدور فى ظهور مرحلة النماذج العالمية .

وكان لنادى ” روما” البداية فى هذا المجال فقد عقد إجتماع فى روما عام (1968) وقد ضم ثلاثين عالما من عشر دول حيث ركزت دراساته على الربط بين ظاهرة الإعتماد المتبادل المتزايدة بين المجتمعات وبين تطوير تقنيات الدراسات المستقبلية لمعرفة الإحتمالات المختلفة للظواهر العالمية، وقد كان للتقرير الأول لنادى روما صدى كبير نتيجة للنظرة التشاركية لمستقبل العالم التى طغت على التقرير وتنبأت بالكارثة الدولية.

– تقوم اسس الدراسة المستقبلية فى النماذج العالمية على التالى:

١- تحديد المتغيرات التى تؤدى إلى إنهيار أو بقاء النظام الدولى فى حالة توازن .

٢- تحديد ميكانزمات التكيف المتوفرة للنظام الدولى لمواجهة التغيرات المحتملة

٣- ضبط قدرة الوحدات السياسية القائمة على تعبئة مواردها لمواجهة التغيرات .

٤- تحديد شرعنة تدخل القوى الخارجية لضبط الخلل على المستوى الدولى.

٥- اعتبار عملية التغير هى القاعدة.  [23])أبعدان تناولت الدراسة  ماهية الدراسات المستقبلية يجب أن نعرف ما الفائدة وراء ذلك من خلال أهمية الدراسات المستقبلية

إزداد الإهتمام بالدراسات المستقبلية وخاصة عقب الحرب العالمية الثانية وتعمق فى العقول مفهوم المستقبلية حتى أصبحت دراسة المستقبل نشاطا علميا قائما بذاته .

وقد ازداد هذا الإهتمام بسبب وجود مجموعة من المؤشرات ومن اهمها تزايد عدد العاملين بالدراسات المستقبلية فى الجامعات والمراكز البحثية انتشار المنظمات المهتمة بالدراسات المستقبلية مثل

رابطة المستقبلات الدولية التى أسسها جوفنيل وقد أصبح الإهتمام بالدراسات المستقبلية من الأساسيات التى لا غنى عنها فى الدول والمجتمعات .([24])

المبحث الثاني :اهمية الدراسات المستقبلية

تمهيد :

لقد كان للإنسان دائمًا مصلحة في قراءة طالعه ومنذ أن إكتشف الزمن بقي المستقبل  ذلك المجهول الذي يقع في المساحة المعتمة من الزمن  أشد الأشياء رهبة وغموضًا في فكر الإنسان، وقد حاول فهمه واستطلاعه مدفوعًا  في الغالب  بأغراض نفعية فقد كان لذلك الإهتمام بالمستقبل جدوى إقتصادية، وسياسية هائلة لمن كان قادرًا على اكتشاف العلاقات الخفية بين مواقع النجوم والكواكب وحركتها في السماء ومواسم الأمطار والفيضانات في أودية الأنهار  وصار المنجمون والعرافون والكهّان من أهل الحظوة المقربين إلى بلاط الملوك والأمراء، ومن أصحاب الجاه والثروة والنفوذ السياسي لذلك نتترك إلى أهمية الدراسات المستقبلية لأننا بالفعل ذاهبون الى هناك . 

يتناول المبحث محاور الأساسية فيما يلي :

المحور الأول :دور الدراسات المستقبلية .

المحور الثاني :موقع الدراسات المستقبلية بين العلوم.

  • المحور الأول :دور الدراسات المستقبلية 🙁[25])

الإهتمام بالدراسات المستقبلية واإتشراف آفاق المستقبل وفهم تحدياته من أهم المقومات الرئيسة لصناعة القرارات الناجحة، سواءً على المستوى الشخصيّ، أو على المستوى الإجتماعي أو الحضاري  فالنجاح غالباً ما يرتبط بمن لديه رؤية واضحة لمعالم المستقبل، وهذه الرؤية قائمة على قواعد علمية، تبدأ بدراسة الماضي (التاريخ)، وربطه بالحاضر مرورًا إلى المستقبل الذي يكون هدفًا للإنسان لكي يكون في حالٍ أفضل مما كان عليه في ماضيه، وما هو عليه في حاضره.

وقد أجمع الباحثون على أن الدراسات الاستشرافية قد أصبحت من الضرورات التي لا غنى عنها للدول والمجتمعات والمؤسسات بل وللأفراد، ولم تعُد ترفاً فكرياً، بل أصبحت ضرورةً يجب أن نأخذ بها وحينما ننظر في واقع الدول من هذا الجانب نجد أنَّ جميع الدول المتقدمة تعتمد إعتمادًا كليّاً على تلك الدراسات ونتائجها في كل خطوة تخطوها.

ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الدراسات المستقبلية؛ لأنها تعطي للدول والمجتمعات والشعوب قدرة على التطور والنهوض، والتقدم من خلال الإستغلال الأمثل للموارد المتاحة لها، وتزيد أهمية الدراسات الإستشرافية في هذا العالم المعاصر الذي يموج بالتغيرات المتلاحقة في شتى ميادين العلم، والاقتصاد، السياسة، والإجتماع.

وحينما ننظر إلى الإسلام نجد أنه قد سبق كل الأنظمة والنظريات الحديثة التي تهتم بعلم المستقبل وتحثُّ عليه، لذا نجد أنّ القرآن الكريم يزخر بكثير من قصص السابقين منذ بداية خلق آدم عليه السلام  إلى بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه القصص هي أصدقُ القصص وأحسنها، والهدف الأساسي من ذكر هذه القصص هو أخذ العظة والعبرة، وتجنُّب الأخطاء التي وقعت فيها الأمم السابقة وهذا هو أساس الدراسات الإستشرافية حيث أنها تبدأ من دراسة الماضي بكل ما فيه من أحداث وسنن، مرورًا بالحاضر المعاش.

كما تظهر عناية الإسلام بالمستقبل والحثّ على اإاهتمام به من خلال إمتداد السنن الإلهية في المستقبل فالمتتبع لسنن الكون ومجرياته يجدها تسير في نسق منتظم يشكّل تصوُّرًا عن طبيعة هذه الحياة، وما يراد منها، وما ينبغي أن تكون عليه، وهذه السنن شاهدة على أهمية إستشراف المستقبل من خلال استيعاب الماضي.

أكد ألفين توفلر Toffler Alvin في خرائط المستقبل أن الدراسات فقد إنطلقت في الولايات المتحدة الأمريكية عند نهاية الحرب العالمية الثانية لخدمة أغراض عسكرية، قبل أن تقدم خدماتها المدنية لقطاعات واسعة تجارية وتعليمية وتكنولوجية. فقد بدأ توطينها تجريبياًّ في سلاح الجو الأمريكي في عام ٤١٩٤٤وقتها تم إنجازين هامين أولهما؛ إعداد تنبؤ عن القدرات التكنولوجية الذاتية ([26])

علاقة الدراسات المستقبلية بالعسكرية الأمريكية، استهلت عهدًا من التنبؤات التكنولوجية أدت في النهاية إلى قيام هيئة التنبؤ التكنولوجي بعيد المدى للجيش الأمريكي في عام ١٩٧٤وثانيهما تكليف شركة دوجلاس للطائرات بإنشاء مشروع راند للطائرات RAND الذي استقل في عام ١٨٤٩عن شركة دوجلاس وسرعان ما تحول من مجرد مؤسسة لدراسة نظم الأسلحة البديلة إلى نوع من المؤسسات الفكرية أطلق عليه مستودعات الفكر  بتدعت وسائل مبتكرة للسيطرة على أحداث المستقبل واستشرافه، وقدمت عددًا كبيرًا من كبار المستقبليين، وأسهمت في تطوير تقنيات الدراسات المستقبلية وخاصة تقنية دلفي وتقنية السيناريو.

وقد شهد الغرب  وليس الولايات المتحدة وحدها عقب الحرب العالمية الثانية حركة واسعة استهدفت الاهتمام بالدراسات المستقبلية وتعميق مفهوم المستقبلية في العقول حتى غدت دراسات المستقبل صناعة أكاديمية ونشاطًا علمياًّ قائمًا بذاته ومنهجًا علمياًّ للإدارة والتخطيط.

وقد اتخذ هذا الإهتمام عددًا من المؤشرات أهمها،  تزايد أعداد العلماء والباحثين المشتغلين بالدراسات المستقبلية في الجامعات ومراكز البحوث المختلفة، وظهور العديد من المراكز والهيئات العلمية والمعاهد المتخصصة في الدراسات المستقبلية، وانتشار الجمعيات والروابط والمنظمات المعنية بالدراسات المستقبلية مثل رابطة المستقبلات الدولية التي أسسها  Jouvenel وجمعية المستقبل العالمية World Future Society التي أسسها إدوارد كورنيش  في عام ١٩٦٦ وهي واحدة من أكبر منظمات وأكاديمياًّ .وجدير بالذكر أن المراكز الثلاثة الكبرى لصنع القرار الأمريكي، البيت الأبيض والكونجرس والبنتاجون يقوم على خدمتها عدد كبير من مراكز الفكر المعروفة ذات التوجه المستقبلي والإستراتيجي منها المجلس القومي للمخابرات الأمريكية NIC الذي يصدر تقريرًا كل أربع سنوات كان آخرها «اتجاهات عالمية متوقعة بحلول عام ٢٠٣٠ وصدر في ديسمبر ۲۰۱۲ ومنها مجلس العلاقات الخارجية ومعهد بروكنجز بواشنطن ومعهدAmerican EnterpriseInstitute وبيت الحرية Freedom House و Heritage وغيرها.

وقد شهدت أوروبا الغربية واليابان والهند عددًا كبيرًا من الوحدات والهيئات المهتمة بالإستطلاعات المستقبلية ،بلغت في أوروبا وحدها ١٢٤ هيئة مستقبلية.  وتقوم بتطبيق مناهج الدراسات المستقبلية نحو٦٧ بالمائة من الشركات متعددة القوميات والمؤسسات العسكرية، كما أن ۹۷ بالمائة من حجم الإنفاق على الدراسات المستقبلية يتم في الدول المتقدمة.([27])

وقد بات الإهتمام بالدراسات المستقبلية من الضرورات التي لا غنى عنها للدول والمجتمعات والمؤسسات، ولم تعد ترفاً تأخذ به تلك الدول أو تهجره، تستوي في ذلك الدول المتقدمة والدول النامية، فالقرن الحادي والعشرون يحمل من عواصف التغيير، ما يحمل البشرية على الإستعداد له والأخذ بأسباب مواجهته، بجهد جماعي علمي يستشرف هذه التغيرات  عبر أدوات الإستشراف المستقبلي  وما تنذر به من تحديات وما تنبئ عنه من فرص، ويشحذ الإستعداد على مواجهة القوى المضادة والعوامل غير المرغوبة والتأثير فيها والتعامل مع المتغيرات المتسارعة في كافة المجالات.

اولا : تتمحور اهمية الدراسات المستقبلية فيما يلى :

  • تهدف الدراسات المستقبلية إلى وضع مجموعه من التنبؤات والتصورات للمستقبل من خلال توقع الاحداث المحتمل ظهورها فى المستقبل .
  • دراسة الخيارات والبدائل المتاحة والمفاضلة بينها وذلك عن طريق دراسة كل بديل بهدف دراسة ما يمكن ان يترتب على إتباعه .
  • تهدف الدراسات المستقبلية فى التقليل من الأزمات من خلال التنبؤ بها قبل وقوعها وايجاد الطرق المناسبة لمواجهتها وذلك يؤدىإللى التخفيف من حدة الأزمات .
  • تساعد الدراسات المستقبلية فى تطوير التخطيط الاستراتيجى القائم على الصور المستقبلية وقد ازدهر التخطيط الإستراتيجى فى الثمانيات والتسعينات من القرن العشرين .
  • تهدف الدراسات المستقبلية إلى مساعدة صانع القرار فى ترشيد عملية صنع القرار من خلال مساعدته فى توفير المرجعيات المستقبلية وتوفير مجموعة مختلفة من الطرق الممكنه لحل المشكلات وصياغة الأهداف .
  • تهدف الدراسات المستقبلية إلى زيادة درجة المشاركة فى صنع المستقبل وتخطيطه فتعد الدراسات المستقبلية مجالا لمختلف التخصصات .
  • تهدف الدراسات المستقبلية إلى ايجاد فريق عمل متفاهم ومتعاون لإنجاز الدراسة المستقبلية .
  • سيصبح الإستشراف المستقبلى ذا أهمية كبرى فيجب علينا أن نفكر فى التحديات المستقبلية ذات الطابع الجماعى ومن أمثلتها 🙁[28])

–  التهديد النووى الذى يهدد الحضارة الإنسانية ووجود السلاح النووى فى أيدى أشخاص لا تجيد استخدامه

–  الظواهر المترتبة على التغيرات المناخية مثل الغرق والجفاف والهجرة …الخ .

– ترسيم الحدود السياسية والجيوبولتيكية على اسس اثنية وعرقية وثقافية .

– مخاطر التوظيف السياسى لخريطة الجينوم البشرى من أجل التفوق العنصرى لسلالات وجماعات بشرية معينه .

– التغير فى الهرم السكانى فى اوروبا الغربية وتداعياته السياسية ،والإقتصادية .

-تهديدات نفاذ الطاقة وقلة الماء والغذاء .

المحور الثاني : موقع الدراسات المستقبلية بين العلوم المختلفة :

يمكن القول أن علم المستقبل شامل، وهو مجال حديث للمعرفة يتعلق بالإقتصاد والتكنولوجيا والسياسة والثقافة ونمط الحياة والمجتمع والعصر.

كما أن هناك العديد من الآراء حول منهجية هذه الدراسات ، ويعتقد البعض أن هذه الدراسات لها طرقها الخاصة ، مثل الأساليب البديهية التي تعتمد على الخبرة ، وطرق الإستكشاف القائمة على التطلع إلى المستقبل، والأساليب المستهدفة، نهج قائم على التدخل، وشامل فيما يتعلق بجميع الظواهر والحركات . تعتبر طريقة تحليل النظام من أهم طرق العلوم الاجتماعية، وهي أيضًا أهم طريقة للبحث المستقبلي ومع ذلك، يشعر البعض أن البحث المستقبلي ليس له منهجية، وغالبًا ما يستعيرون أساليبهم من مجالات أخرى.([29])

حتى إذا لم تفهم الدراسات المستقبلية مفهوم العلوم التجريبية، فإنها ستحاول إتباع نهج علمي بعيد عن التنبؤ. وتخلص القضية إلى أنه على الرغم من التوقعات وأهميتها ، فإن الجهود المبذولة في هذا المجال تتطلب ابتكارًا واسعًا وعمليات تنظيمية لأن الجوانب المنهجية غير واضحة.

تختلف الآراء والكتابات حول هذا الموضوع  فهذه الدراسات لا تزال في مهدها. يجادل البعض بأنهم “ليسوا علومًا ، على الرغم من أن مناهجهم تستخدم بعض العلوم الاجتماعية الدقيقة”  ؛ في حين يتفق معه أولئك الذين يجادلون بأنهم لا يمثلون علمًا منفصلاً لأن جسم المعرفة ليس محدد (قد يتعامل مع ظواهر إجتماعية ، وقد يتعامل أيضًا مع ظواهر طبيعية) ، مثل مفهوم الظواهر التي تدرسها (المستقبل) غير موجود في المقام الأول ، وهو يعتقد أن هذا لا ينتقص من قيمة المستقبل. البحث في هياكل المعرفة ، لأن المستقبل يمكن أن يكون فلسفة وكذلك طريقة. ([30])

هناك ميل لإعتباره علمًا لأنه يحتوي على موضوع محدد (كائن محتمل ، أي كونه غير موجود بعد ولكنه يخضع للوقت المستقبلي) والمنهجية (التجربة والإختبار: من خلال تجارب الأجيال السابقة، الإستدلال والاستقراء والتعميم) مما يؤدي إلى إستنتاج حكم عام متماسك منطقيًا، لا تزال هناك إتجاهات أخرى تتأرجح بين النظر إلى المستقبل على أنه “علم” أو “فلسفة” أو “فن”.([31])

اولا : الدراسات المستقبلية فـن([32])

ينتقد فراد بولاك  Fred Polak فلختهايم في مؤلفه تصورات المستقبل أن المستقبل مجهول، فكيف نرسي علما على المجهول.[31] وتسمية “علم المستقبل” تسمية مبالغ فيها، توشك أن توحي بأن المستقبلية تدرك بوضوح غايتها، وقادرة على بلوغ نتائج مضمونة حقا، وهو أمر مخالف للحقيقة.

ويؤكد برتراند دي جوفنال في مؤلفه “فن التكهن” الصادر سنة 1967 أن الدراسة العلمية للمستقبل “فن” من الفنون، ولا يمكن أن تكون علما، بل وينفي دي جوفنال ظهور علم المستقبل. فالمستقبل حسبه ليس عالم اليقين،وإنما عالم الاحتمالات، والمستقبل ليس محددا يقينا، فكيف يكون موضوع علم من العلوم.[33]

ثانيا :الدراسة المستقبلية كعلم وفن

يدرج التيار الثالث الدراسة المستقبلية ضمن “الدراسات البينية” كفرع جديد ناتج عن حدوث تفاعل بين تخصص أو أكثر مترابطين أو غير مترابطين. وفي هذا الصدد، يقر المفكر مهدي المنجرة: “أن الدراسة العلمية للمستقبل تسلك دوما سبيلا مفتوحا يعتمد التفكير فيه على دراسة خيارات وبدائل،كما أنها شاملة ومنهجها متعدد التخصصات”. وهي في نظر البعض الآخر نتاج لعملية تفاعلية بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية، وهي ليست علما، وإنما تبني رؤاها على العلوم المختلفة. إنها مجال معرفي بينيInterdiscipline   متداخل وعابر للتخصصات وتقنياته كل المعارف والمناهج العلمية، ومفتوح على الإبداعات البشرية التي لا تتوقف على الفنون، والآداب، والعلوم مما يعني أن الدراسات المستقبلية حقل شامل ومتعدد التخصصات العلمية والفنية على حد سواء.

وحسب توجهات إستطلاع الرأي العام التي تبنتها الجمعية الأمريكية لمستقبل العالم حول الاسم الذي ينبغي أن يطلق على هذا النوع من الدراسات، والمنشور في مجلتها الشهرية المستقبلي Futurist في شهر فيفري1977،أن أغلب الآراء؛ أي بنسبة 72% تتجه صوب تفضيل مصطلح الدراسات المستقبلية ومرادفاته، بينما صوت بنسبة 14% فقط لصالح مصطلح “علم المستقبل”. ما يدل أنها حقل بيني وليس علم قائم بذاته أو فن قائم بذاته.

ثالثا : خصائص الدراسات المستقبلية:

من خلال تحديد ماهية الدراسات المستقبلية،يمكن إستخلاص مميزاتها على النحو التالي:

  1. أنها الدراسات التي تعتمد الأساليب العلمية في دراسة وتحليل الظواهر الخفية.
  2. تتضمن الدراسات المستقبلية المساهمات الفلسفية والفنية جنبا إلى جنب مع الجهود العلمية.
  3. أنها الدراسات التي تعالج المستقبل في آجال زمنية تتراوح بين 5 سنوات و50 سنة.
  4. تتميز الدراسات المستقبلية بتحليل المعطيات بالاستناد إلى الواقع واتجاهات الأحداث.

وفضلا عن تلك الخصائص، ثمة خصائص منهجية أخرى يراعى توافرها في الدراسات المستقبلية، نذكر أهمها فيما يلي: ([33])

  1. الشمول والنظرة الكلية للظاهرة محل الدراسة والتحليل.
  2. مراعاة التعقيد؛ وهو ما يتطلب النظر إلى الظاهرة المركبة في مجملها من خلال منهج عابر التخصصات القراءة الجيدة للماضي.
  3. المزج بين الأساليب الكمية والأساليب الكيفية في العمل المستقبلي.
  4. الحياد العلمي والموضوعية والأمانة العلمية.
  5. العمل المشترك والإبداع الجماعي عن طريق فريق عمل متفاهم ومتعاون ومتكامل.
  6. التعلم الذاتي والتصحيح المتتابع للتحليلات والنتائج؛ فالدراسة المستقبلية لا تعد دفعة واحدة وإنما عبر عملية متعددة المراحل يتم فيها إنضاج التحليلات وتعميق الفهم وتدقيق النتائج من خلال دورات متتابعة للتعلم الذاتي والنقد الذاتي وتلقي تصورات أطراف وقوى مختلفة وإنتقاداتهم وإقتراحاتهم والتفاعل معها من خلال اللقاءات المباشرة والأدوات غير المباشرة لإشراك الناس في تصور وتصميم المستقبلات.

وضع الدراسات المستقبلية السياسية في الوطن العربي

مقدمة :

لا يوجد رصيد كبير من الدراسات المستقبلية في الوطن العربي قبل السبعينات حتي المحاولات الأولي التي قادها المفكرين كانت محدودة جداً وفقيره في أدواتها وتقنياتها ، ولكن أكتسبت الدراسات المستقبلية أهمية متزايده بداية من الثمانينات وحتي التسعينات وذلك نتيجة التغير في مفاهيم التنمية وهجرة المفاهيم التقليدية وأستبدالها بمفهوم ” التنمية المستدامة ” والذي هو مفهوم مستقبلي يهتم بحقوق الأجيال القادمة ودمج الأعتبارات الأجتماعية والأقتصادية والسياسية جنباً الي جنب ، ولذلك فالتنمية بهذا المعني تستغرق مدي زمني طويل أطول من المدي الطويل المتعارف عليه في التخطيط الأقتصادي.

وعلي الرغم من محدودية الدراسات المستقبلية العربية وأفتقارها إلي التراكم الا أنها أنتجت جملة من المخرجات العلمية والمجتمعية والثقافية ويرجع الفضل في ذلك الي أولآ ( مراكز الدراسات العربية ) ، وثانياً إلي ( الجهود الفرية والجهود الجماعية في توطين الدراسات المستقبلية في الوطن العربي ) .

وفي هذا الإطار ينقسم الفصل إلي مبحثين كالآتي :

المبحث الأول : الجهود الدولية العربية في مجال الدراسات المستقبلية .

المبحث الثاني : وجود الدراسات المستقبلية بالدول العربية

– المبحث الأول :الجهود الدولية العربية في مجال الدراسات المستقبلية                                               

تمهيد:

برز في هذا الواقع المتغير والمعقد حاجه ماسه إلي البحث والدراسه والتحليل ونتج عن هذه الحاجه إنشاء مراكز وبحوث عديدة ومختلفه في داخل الوطن العربي إما تابعه للجامعات والمنظمات الدولية ، إما مستقلة والتي تهدف إلي إعداد دراسات استشرافية من أجل أختيار أصلح البدائل لمواجهة الحدث قبل وقوعه ، وتهدف ايضاً إلي دراسة التطورات الداخلية في الوطن العربي والدول المحيطه به ، ودراسه العلاقات بين الأقطار العربية والعوامل المؤثره في هذه العلاقات بالإضافة إلي دراسة العلاقة بين دول المنطقة والعالم سواء كانت ثنائية او اكثر تشعباً.

وينقسم المبحث الى محورين اساسيين فيما يلي

المحور الأول : أهم مراكز البحوث والدراسات العربية

المحور الثاني : أهم الجهود الفردية والجماعية في توطين الدراسات المستقبلية العربية

المحور الأول : أهم مراكز البحوث والدراسات العربية

يتضمن هذا المحور مجموعة من المراكز ومجهوداتها ومعلومات عنها فى مجال الدراسات المستقبلية

اولا  : معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة :-

والذي تأسس عام ٢٣/٩/١٩٥٢ بقرار من مجلس جامعة الدول العربية ولكن وبدء العمل فيه فعليًا في ١/١١/١٩٥٣ وبقيام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ١٩٧٠ كإحدى المنظمات المتخصصه في نطاق جامعة الدول العربية تم نقل المعهد للمنظمة بناءاً علي قرار الأمين العام للجامعة وقبلت عضوية المعهد في أتحاد الجامعات العربية عام ١٩٩٤.

وكان يهدف المعهد إلي ثلاث أهداف رئيسية تتمثل فيه :

  1. تكوين جيل من الأكاديميين المتخصصين في الدراسات العربية في سبعة مجالات للعلوم الأجتماعية ألا وهي : السياسة ، التاريخ ، الجغرافيا ، الأقتصاد ، الأجتماع ، القانون ، اللغه والأدب ) وذلك بالإستناد إلي منهج يجمع بين الإعداد العلمي والتوجه القومي([34])
  2. المساهمه في تعزيز تواصل الثقافة العربية مع الثقافات الأخرى بإتاحة فرصة الدراسة بالمعهد لغير العرب ممن يتقنون العربية .
  3. توفير قاعدة بيانات سليمة وكاملة لأهم القضايا المتصله بتخصصات المعهد ، ونشر نتائج الدراسات علي أوسع نطاق سواء بعقد الندوات العلمية حولها أو تبادلها مع المؤسسات ذات صلة أو بيعها للجمهور المهتم بأسعار مناسبة.

وأهم انجازات المعهد تكمن في نشره ما يقرب ٧٠٠ كتاب يغطي كافة مجالات أهتماماته ، كما يصدر منذ عام ١٩٦٩ دوريته العلمية السنوية بعنوان ( مجلة البحوث والدراسات العربية ) والتي يسهم فيها الباحثون من مختلف أنحاء الوطن العربي بالإضافة الي قرار المجلس العلمي للمعهد بإصدار سلسلة تحمل أسم الدراسات الخاصة ” خارج نطاق البرامج ” في هيئة كتيبات تتناول عدة أتجاهات أساسية لبحث وتحليل القضايا والمشكلات التي تفرض نفسها علي الساحه العربية .

ثانيا مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت:

والذي انشئ في ٥ يونيو ١٩٦٧ نتيجة شعور عام بأن قضية الوحدة العربية لم تعد تحتل مكانه متقدمة كما كانت من قبل فكان هدفه الرئيسي هو الوحدة العربية ، وبعد عقد الندوات في دمشق وبيروت أشترك فيها عدد من المعنيين بالموضوع وتوصلو إلي أن هناك حاجه ملحه لتأسيس المركز وأعتمد المركز في تمويل نشاطاته علي التبرعات والمساعدات المالية التي يحصل عليها من الحكومة والمؤسسات من داخل الوطن العربي .

وجاءت أهم إصداراته مهتمه بدراسة القضايا المتعلقة بالوحدة العربية ، الديمقراطيه ، العدالة الاجتماعية الاستقلال الوطني والقومي .([35])

ثالثا: منتدي العالم الثالث:

وهو تجمع للمفكرين والباحثين الأكاديميين في مجال العلوم الأجتماعية والجوانب المتعلقة بالتنمية الأقتصادية والأجتماعية لدول الجنوب ،  ونجح المنتدي في تكوين أربعة مراكز رئيسية وهما ( مركز للشرق الأوسط في القاهره يديره د إسماعيل صبري عبدالله ، ومركز في أفريقيا ومقره داكار، وثالث في أمريكا اللاتينيا ومقره المكسيك وأخرهم في آسيا مقره سيريلانكا).

وتأتي اهم أنشطة المنتدي فيما يلي :

  1. مشروع المستقبلات العربية البديلة وبدأ العمل فيه بتكليف من الأمم المتحدة في طوكيو وأستمر لمدة ٥ سنوات من خلال الفتره ١٩٨٠ حتي ١٩٨٥ والذي نتج عنه ١٦ كتيب حول المستقبلات العريبة .
  2. أدار المنتدي عدة بحوث لصالح اليونسكو ومنها دراسه عن الفقر في مصر نشرت بلغتين العربية والإنجليزية ، ومجموعة دراسات حول تأثير الإصلاح الأقتصادي الذي طبق في مصر منذ ١٩٩١ .
  3. أصدر المنتدي بحث عن أمية النساء في مصر لصالح المجلس القومي للأمومة والطفولة .

رابعا: مركز الامارت للدراسات والبحوث الاستراتيجية:

وتم انشاءه في ١٤ مارس ١٩٩٤ بغرض إجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالقضايا السياسية والأقتصادية الجوهرية التي تمس منطقة الخليج بوجه خاص والعالم العربي بوجه عام ، ويقوم المركز في إطار ٣ مجالات ؛ مجال البحوث والدراسات ، مجال إعداد وتدريب كوادر بحثية ومجال خدمة المجتمع وذلك لتحقيق أهدافه في تشجيع البحث العلمي وتنظيم الملتقيات الفكرية لإعداد الدراسات المستقبلية .

ويعمل المركز علي ثلاثة مستويات وهما:([36])

  1. المستوي المحلي من خلال دراسة القضايا المتعلقة بالتنمية في مجتمع دولة الامارات .
  2. وعلي المستوي الاقليمي من خلال دراسة الدور الأستراتيجي للدولة في منطقة الخليج العربي .
  3. وعلي المستوي الدولي من خلال دراسة الموضوعات المتعلقة بمستقبل دولة الإمارات في النظام الدولي.

وبالرغم من حداثة انشاءه إلا إنه قام بتنظيم ٨ مؤتمرات و ٣٩ محاضره و ١٣ حلقة دراسية وعديد من الكتب.

خامسا : مركز البحوث الاستراتيجية في المغرب ( SSRC ):

أنشئ المركز بهدف النظر في شئون القضايا الإدارية الاستراتيجية في المغرب من خلال جمع معلومات ذات صله وتوظيفها في إعداد دراسات معمقه ونشرها وتكوين جيل جديد من الباحثين الأكاديميين علي قدر عالي من الكفاءه ، بالإضافة إلي هدف المركز في التعاون مع التكتلات الأقتصادية من خلال تفعيل دور االاطار العربي والدولى

سادسا : المركز العربي لبحوث التنمية والمستقبل :

وهو مؤسسه خاصة بالشئون السياسية والأقتصادية والأجتماعية للحاضر العربي وتطوراتها المستقبلية ويستند المركز علي عدة ركائز منهم :

  1. أن المؤسسات المصريه والعربية تواجه شكل غير مألوف من المشكلات التي متوقع أن تتجاوز التأثير علي القرارت العليا للقيادات السياسية وتصل للتأثير علي قرارت المستويات المتوسطه والدنيا ، ولكن علي صانعي القرار الأستعداد لمواجهة هذه التحولات من خلال ربط الحقائق وخلق تصورات مستقبلية علمية عن التحول وإحتمالاته.
  2. لا يوجد فرع واحد من فروع العلم قادر علي الإلمام بكافة مشكلات العصر لذلك تحتاج مواجهتها إلي تضافر جهود البحث العلمي في علوم الأقتصاد والأجتماع والسياسة وعلم النفس وغيرهم حتي يمكن التعامل معاها.
  3. المستقبل ليس قدر حتمي وإنما هو نتيجة لما يتخذه الإنسان من قرارت وتنفيذ لسياسات وما يرسمه من طموحات وآمال.([37])

وإنطلاقاً من هذه الركائز نري أن المركز يتميز بالطابع الأستراتيجي بالتركيز علي الظروف الأجتماعية والسياسية التي عادة لا تؤخذ في الأعتبار ، وبالطابع المستقبلي من خلال رصد كافة التوقعات المستقبلية للتطورات السياسية والأقتصادية والعسكرية وتأثيراتها المباشره والغير مباشره علي مصر والمنطقة العربية.

ومن خلال ما سبق يمكن تلخيص الأدوار التي تضطلع بها مراكز الأبحاث العربية فيما يلي :

نشر الكتب والمجلات والدوريات لترويج ما تنتجه وبالفعل لدي بعض مراكز الأبحاث مجلات علمية محكمة تتناول قضايا تهم الرأي العام العربي ، تنظيم ورق عمل وندوات في مجالات عديدة وإعداد الدراسات الخاصة لمعالجة مشكلة ما مع وضع الأقتراحات والتوصيات لها وذلك بالتنظيم مع مؤسسات أخري، فضلاً عن القيام بإجراء إستطلاعات الرأي وذلك لأن العديد من الدراسات تتطلب إستطلاع الرأي .

وبعد الإطلاع علي هذا العدد من مراكز البحوث الأستراتيجية العربية يمكن أن نخلص إلي أن جميع هذه المراكز تهتم بقضايا الوطن العربي سواء بمشاكله الداخلية او بعلاقاته مع العالم ولكن بتفاوت درجات أهتمامها بالدراسات المستقبلية ، وأن انتشار مراكز البحوث العربية بالشكل الذي يغطي رقعة الوطن العربي من مشرقة إلي مغربه عامل فعال في تقديم الحلول العملية لمعالجة المشاكل الحالية وبناء مستقبل عربي يمكنه مواجهة المتطلبات المستقبلية.([38])

المحور الثاني : أهم الجهود الفردية والجماعية في توطين الدراسات المستقبلية العربية :

يوجد العديد من الجهود للكثير من المفكرين والعلماء فى مجال الدراسات المستقبلية وقد تكون تلك الجهود على مستوى مؤسسات بشكل جماعي وقد تكون تلك الجهود يقوم بها فرد واحد ويسعي فيها للاهتمام بحقل الدراسات المستقبلية

اولا : الجهود الفردية في توطين الدراسات المستقبلية:

تندرج الكثير من الدراسات العربية التي تتجه نحو المستقبل والتي قام بها أفراد في إطار الدراسات التي يغلب عليها الجانب الأنطباعي او الأهتمام ببناء رؤية مستقبلية معينة ؛ ومنهما دراستان أتسمتا بالقدره الفائقة علي التوقع.

  1. تمثلت الدراسة الأولي في دراسه لأستشراف مستقبل الإسلام بين القوي الدولية علي يد ” حامد ربيع ” خلال القرن الحادي والعشرين :

وتنطلق الدراسه من تساؤل رئيسي وهو ؛ هل يستطيع الإسلام أن يرتفع إلي مصاف القوي الدولية ؟ ، وهل تستطيع القوي الإسلامية أن تصير إحدي مصادر القوة التي تتحكم في صنع القرار السياسي الدولي في العالم المعاصر ؟  ، ومن خلال تحليل حامد ربيع للوضع الدولي الراهن لكل من النظام الدولي والقوة الإسلامية توصل إلي أن الربع الاخير من القرن العشرين يمثل أرض خصبة لجعل الإطار الحضاري الاسلامي قوة قادره علي التحكم في التوازن الدولي.

ولكن يتوقف ذلك كله علي عدد من المتطلبات وهي :

  • عادة البناء الأيديولوجي .
  • الفصل بين الإسلام بوصفه ظاهره قومية والإسلام بوصفة دعوه عالمية .

وأتسم ذلك التحليل بالقدره علي توقع بعض الأحداث وبعض الثورات في الدول العربية فقال أن ثورة الخمسيني بداية لحركات الرفض الإسلامية .

وبالفعل تحقق توقعه وإستحال عنوان كتابه ( ثورة القرن الواحد والعشرين ) من خلال ثورات الربيع العربي.

  1. أما بالنسبة للدراسة الثانية لمايكل هدسون عن الدولة والمجتمع والشرعية وإنتهت بأقتراح ثلاث سيناريوهات مختلفه للعقد المقبل التسعينات: ([39])

وأول هذه السيناريوهات هو الوضع الراهن أي الأستمرار ، سيناريو حقبة الأضطراب ، وسيناريو حقبة الشرعية وكل سيناريو من هذه السيناريوهات يقوم علي تقديم مختلف لعوامل داخلية وخارجية ، وما يهمنا هو أستعراض الفرضيات التي يقوم عليها سيناريو الأضطراب لأن ما جري في المنطقة العربية منذ أوائل ٢٠١١ قريب جداً مما يتضمنه هذا السيناريو.

ويرتكز هذا السيناريو علي إخفاق الدولة في كسب الشرعية في نظر المجتمع إذ أن نمو الدولة نفسها في بعدها البيروقراطي يكون مسؤول عن تنامي النفور منها، فالبيروقراطية “المتبرجة” تولد الإحباط، والعجز عن بلوغ الغاية يولد الأستياء، والقهر الشامل يولد الخراب، والسياسة العقيمة تضر بالمصالح وتولّد الأحتجاج، بالإضافة إلي أن الأنظمة الحاكمة التي تمارس السياسات الإمبريالية الجديدة سوف تضعف شرعيتها وهكذا فأن الدولة الشمولية الطاغية تنتهي بالمعارضة والأحتجاج.

وفي هذا السيناريو يمكننا تصور أنماط متنوعة بين الحكومية الشبة شموليه والفوضي ، ففي الدول الأصغر والأكثر تقليدية قد تسود ملكية الأستخبارات فا يتزايد إعتماد العائلات الحاكمة علي خدمات الأمن لضمان الأستقرار ، أما في الدول الكبري فقد يكون يولد أمامنا ٣ نماذج:

أ- نموذج البيروقراطية السلطوية والتي تولد نوع من اصحاب المصالح الذين يتنازعون مع من يرغب في الأستيلاء علي السلطة.

ب- نموذج السلطوية الشعبية والذي يتسم بوجود حاكم يسعي لخلق شرعية جماهيرية من خلال أيدولوجية تعبئه يغلب عليها طابع الإسلام السياسي أو ” العروبة “.

ج- نموذج الحرس الإمبراطوري أي الحكم الذي تتوالي عليه زمره عسكرية يستولي كل منها علي السلطة بقوة السلاح . ومن ثم فمن الطبيعي صعوبة التنبوء بأي درجة من درجات الثقة بما يمكن أن يحدث للأقطار العربية المختلفة في التسعينات في إطار حقبة الأضطراب.

ثانياً:  أهم الجهود الجماعية التي يؤرخ لأولي محاولاتها بمنتصف السبعينات القرن الماضي:([40])

  • الدراسة الرائده في أستشراف المستقبل العربي والتي صدرت عام ١٩٧٥ نتاج عمل جماعي لفريق من الخبراء والمثقفين العرب بقيادة الدكتور ” أنطوان زحلان ” عن مؤسسة المشاريع والإنماء العربي تحت عنوان ( الوطن العربي عام ٢٠٠٠ ) ، والهدف الأساسي وراء هذه الدراسه هو أستطلاع التطور المرتقب والمحتمل للوطن العربي حتي عام ٢٠٠٠، وتكونت الدراسة من دراسات قطاعية للسكان ، التعليم ، النمو الاقتصادي ، الموارد البشرية والزراعية ، والنفط والنقل وتضمنت كل دراسة قطاعية وصفاً للأوضاع الحالية ومستقبلها وتوصيات للعمل علي تخفيض معدل النمو السكاني مستقبلاً والتشجيع علي استيطان الصحاري وبناء طرق تربط بين أجزاء الوطن العربي .

وخلصت الدراسة إلي نتيجة متفائلة للمستقبل العربي وهي أنه إذا أستغلت الأقطار العربية مواردها أمثل أستغلال ستضيق فجوة الدخل بين الوطن والدول المصنعه مع مطلع القرن الواحد والعشرين.

ولكن يؤخذ علي الدراسة أفتقارها للنظرة الشمولية ولم يكن بها محاوله لربط التصورات القطاعية ولم يكن هناك أساس متين للجوانب الكلية من الدراسة العلمية.([41])

  • جهود مجموعة التخطيط طويل المدي للأقطار العربية أو مجموعة القاهره ١٩٧٧ بقيادة الدكتور ” إبراهيم حلمي عبدالرحمن ” وأخرين في معهد التخطيط القومي بالقاهره بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الأقتصادي والأجتماعي في الكويت وغيره من المؤسسات العربية العاملة في مجال أستشراف المستقبل ، وكان الهدف الأساسي لهذه المجموعة هو المساهمه في تدعيم حركة فعالة للتخطيط طويل المدي في الوطن العربي لذلك أعتمدت المجموعة برنامج عمل تضمن تعيين أهداف التنمية القطرية والإقليمية في الوطن العربي لكي يستخدم هذه الأهداف كمعايير لتقييم السيناريوهات المستقبلية للوطن العربي، وقامت المجموعة بالفعل بكثير من الدراسات التحضيرية إلا أن هذا التصميم الطموح لاستشراف المستقبل العربي لم يجد سبيلاً للتنفيذ فوئدت هذه المحاولة.([42])
  • وفي عام ١٩٧٨ صدرت ورقة عمل اللجنة الثلاثية المنبثقة عن لجنة خبراء إستراتيجية بهدف محاولة ترشيد وتطوير دور القطاع العربي المشترك ، تحت عنوان (العمل الاقتصادي العربي المشترك) علي يد. ” برهان الدجاني ” ، ” سيد جاب الله ” و ” أنطوان زحلان ” .

وبالفعل حددت الوثيقة عدد من المحاور العلمية والتي تشمل توطين التكنولوجيا والتنمية الصناعية وتطوير القطاع التجاري بالإضافة إلي تسهيل إنسياب وتدفق رؤوس الأموال بين الأقطار العربية .

ولكن يؤخذ علي هذه الورقة أنها لم تنطلق من رؤية شاملة ومترابطة لصورة المستقبل فضلاً عن إنها لم تقترح آليات الأنتقال من الأوضاع الراهنه إلي آفاق جديدة تحملها الرؤي المستقبلية بل أقترحت أن يجري بناء المستقبل علي أساس الوضع الراهن بعيوبه وتشوهاته

  • وفي النصف الأول من الثمانينات ظهر مشروع ( المستقبلات العربية البديلة ) أو صور المستقبل العربي علي يد منتدي العالم الثالث بالقاهره بالتعاون مع جامعة الأمم المتحدة وصدر عن مركز دراسات الوحدة العربية بهدف إثارة الوعي بأهمية الدراسات المستقبلية في بلادنا وأنه ثمة أكثر من مستقبل واحد ممكن وأن أياً كان من المستقبلات البديلة يتوقف علي أختياراتنا وقراراتنا الراهنة ومن ثم يدعو إلي ترشيدها من خلال التصور السليم للمستقبل والعلم بأن التطور المستقبلي للوطن العربي لا تصنعه التطورات الأقتصادية فحسب بل من خلال تطور حضاري شامل ، لذلك حددت مجالات المشروع في التطرق إلي العلاقة بين البنية الأجتماعية والسياسية وعملية صنع القرار والأتصال الجماهيري .

رسم المشروع سيناريوهين للمستقبل العربي أولهما يتسم بالنظره التشاؤمية إذ يفترض أستمرار الأوضاع الراهنة التي تحد من القدرة علي تبني مشروع نهضوي يحقق الطموحات العربية وينتهي الحال بالتدخل الخارجي لتشكيل المستقبل العربي ، أما السيناريو الثاني يتسم بالنظرة التفاؤلية فا يتطلق من أستغلال الفرص المتاحه التي يمكن أن تخلق مستقبل عربي أفضل يقود بنا إلي التنمية والديمقراطية والوحدة القومية.([43])

ولكن يؤخذ علي هذا المشروع أنه لا يبني نماذج للتطورات المحتملة وإنما أعتمد فقط علي النمط الحدسي وتقنية الأستبيان وما هو إلا عرض نتائج الأستشراف للتحيزات الشخصية ، كما أنه تجاهل وضع سقف زمني للمسارات المستقبلية المقترحة.

وفي نهاية الثمانينات ١٩٨٨ قدم مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت ( مشروع أستشراف مستقبل الوطن العربي ) ، بهدف تأصيل الوعي بمعطيات المستقبل وأحتمالاته وتقديم المعلومات حوله ولهذه الدراسة افق زمني طويل استمر حتي ٢٠١٥ ويخلص فيه إلي ثلاث سيناريوهات بديلة للوطن العربي ألا وهي:

  • سيناريو التجزئة وهو سيناريو مرجعي ينطلق من أفتراض أستمرار الأوضاع الراهنة .
  • سيناريو التنسيق والتعاون والذي ينطلق من الترشيد والأستخدام الأمثل للموارد العربية المتاحة ويسمي “بالسيناريو الإصلاحي”.
  • وأخرهم سيناريو الوحدة العربية والذي يأخذ شكل أتحاد فيدرالي أو وحده دستورية ، ويمثل هذا السيناريو المسار التحويلي او التغير الجذري من خلال الربط بين الوحدة الفيدرالية وبين الديمقراطية والمشاركة الشعبية وبين الأستقلال الوطني.

وبالفعل خلف المشروع وراءه قاعدة بيانات ومعلومات وأساليب للتنبوء يمكن أن يستفاد بها في أغراض التحليل وبناء سيناريوهات أخري.

ثالثا : تقييم الدراسات المستقبلية العربية :

١ –  أفتقار الدراسات المستقبلية العربية إلي المناهج الكمية والكيفية بالإضافة إلي أن الحدس يمثل أداة التنبؤ الأساسية في أغلب المقالات والدراسات.

٢-  أغلب الدراسات العربية قائمه علي التطبيق علي ميادين معينه دون المساهمه في إبداع مناهج جديدة أو تطوير مناهج قائمة.

٣- أقتصار أغلب الدراسات علي عدد محدود من المتخصصين في مجالات متقاربة ؛ كعلم الأقتصاد والسياسة ، أو علم السياسة والأجتماع.  وإغفال دور علماء الفيزياء والحاسوب مثلاً وغيرهم من عناصر الفريق البحثي.

وفي النهاية يمكننا القول أن هذه المشاريع التي سبق ذكرها رغم تواضعها التراكمي إلا أنها احدثت ووفرت قاعدة بيانات هامة وخبرة منهجيه ونظرية للباحثين والدارسين والمهتمين العرب بالإضافة إلي انها وضعت لبنة جديدة في بناء التوجه المستقبلي في الثقافة العربية ، إلا إنها لم تكن كافية لإزالة الصعوبات التي تعترض مجري الثقافة العربية المستقبلية.([44])

المبحث الثاني:

وجود الدراسات المستقبلية بالدول العربية

تمهيد:

ان الاهتمام المتزايد بالدراسات المستقبلية ال يقابله اهتمام موازي وبنفس الدرجة في الوطن العربي، فمازلنا نعاني من غياب شبة تام للرؤية المستقبلية في معظم مؤسساتنا، وفي كثير من مظاهر حياتنا، بل وفي تفكيرنا أيضا فالعدد القليل من الدراسات المستقبلية التي المحنا اليها، ما هو الي تعبير عن البؤس المعرفي التي تعانيه تلك الدراسات، التي تخرج في معظمها عن النطاق الاكاديمي الضيق، والتي تكون جزء من نسيج التفكير الاجتماعي العام، او من الممارسة الفعلية سواء علي المستوي الحكومي او علي مستوي الافراد، ولم تغلغل بعد كث قافة ومنهج تفكير في الشركات والمؤسسات العامة والخاصة، ناهيك عن افتقارها للنظرة الشمولية المتكاملة، مع ارتكازها الي قاعدة عالمية محدودة من البيانات والمعلومات.

وينقسم المبحث الثاني الى محورين اساسيين فيما يلي:

المحور الأول: الصعوبات التي تعترض انتشار الدراسات المستقبلية في الوطن العربي

المحور الثاني: الفرص التي تقوي من انتشار ثقافة الدراسات المستقبلية في الوطن العرب

المحور الأول: الصعوبات التي تعترض انتشار الدراسات المستقبلية في الوطن العربي

هناك عدة صعوبات منهجية تعترض انتشار ثقافة الدراسات المستقبلية في الوطن العربي يمكن تلخيصه فيما يلي:([45])

اولا: الصعوبات الناجمة عن عدم وجود رؤية مستقبلية في بنية العقل العربي، وهيمنة النظرة السلبية الي المستقبل في ثقافتنا العربية، وانتشار أنماط “التفكير داخل الصندوق” والاطمئنان ال الي الأفكار الجديدة، وانما الي الأفكار المهيمنة والأفكار “سابقة التجهيز”، وثقافة القطيع وغيرها مما حذر منه وودي آلن allen woody كل المشتغلين بالدراسات المستقبلية، الذين ينبغي ان  ينصرف اهتمامهم الي البحث عن “بالبجعة السوداء” swan black وسط اسراب البجع الأبيض!.

في كتابة “نقد العقل العربي” يضع المفكر المغربي عابد الجابري” يده علي موضوع الداء. حيث يقول “من خصائص الشخص العربي المعاصر انه متأثر بالماضي، منشغل بصراعاته، لا يعيشه كشيء مضي بل كواقع حاضر. بعبارة اخري العربي المعاصر يعيش في وعيه زمنة الثقافي ممتداً كامتداد الصحراء”. و”صورة المستقبل الان” تشيد علي غرار “المستقبل الماضي”. لهذا عادة حين يفكر العربي في المستقبل يبحث عنه بالأولي والأحرى والاقدر في ماضي ممجد.

كما حذر سالمة موسي – الذي انشأ مجلة المستقبل الأسبوعية في 1913 – وكأنه يستشرق المستقبل بعد مائة عام، من خطر الانهزام امام فكر القرون الوسطي. حيث يقوم “ان اسوء ما اخشاه ان ننتصر علي المستعمرين ونطردهم، وان ننتصر علي المستغلين ونخضعهم، ثم نعجز علي ان نهزم القرون الوسطي في حياتنا ونعود الي دعوة “عودة الي القدماء.

ثانيا : الصعوبات الناجمة عن ضعف الأساس النظري والمنهجي التي تستند إليه الدراسات المستقبلية في العالم العربي: ما يلاحظ في  الدراسات العربية أن هناك ضعف شديد في المساهمات المنهجية والنظرية حول الدراسات المستقبلية، فأغلب الدراسات المقدمة في هذا الحقل هي دراسات تطبيقية في ميادين معينة وتستعير مناهج وأساليب غربية دون المساهمة في إبداع مناهج ونظريات جديدة في الدراسات المستقبلية أو تطوير مناهج موجودة، ومن هذا المنطق فالا بد من عقد ورشات وندوات تعمل على إبداع أو تطوير مناهج في الدراسات الغربية.

ثالثا: مشاكل التمويل: يُجمع الباحثون والخبراء في الدراسات المستقبلية على أنها من بين الدراسات الأكثر تكلفة من الناحيتين البشرية والمادية، فهي تحتاج إلى تجهيزات، وفريق بحث مميز ومتنوع في تخصصاته، وقادر على جمع المعلومات وتصنيفها، ودراستها جيدا، ويستطيع عقد ندوات وورشات عمل وشراء برمجيات والوسائل اللازمة للوصول إلى نتائج جيدة، ويعتبر التمويل في العالم الإسلامي والعربي مشكلة كبيرة في هذا الجانب لصعوبة اقتناع المانحين بجدوي هذه الدراسة.([46])

رابعا:  صعوبات ناجمة عن قصور المعلومات والقيود المفروضة علي تدفقها وتداولها وحرية الوصول اليها وغياب أنظمة قانونية وتشريعية منظمة لتداول المعلومات وحمايتها، في الوقت الذي تحتج فيه الدراسات المستقبلية وبناء السيناريوهات الي إيجاد قاعدة معلومات ال تعاني من الخطر والقيود تحت أي سبب من الأسباب، وتؤمن للباحثين حقوقاً يقع علي رأسها حق الوصول الي المعلومات وتحريم حجبها ومنع تدفقها.(([47]))

خامسا: صعوبات ناجمة عن غياب التقاليد الديمقراطية للبحث العلمي العربي. فالدراسات المستقبلية تعتمد بالأساس علي تقاليد ديمقراطية في البحث والعمل العلمي تكاد تكون مفقودة حتي ألان في الثقافة العلمية العربية، وهي تقاليد الفريق والعمل الجماعي والحوار والتبادل المعرفي والتسامح الفكري والسياسي، وقبول التعدد و لاختلاف. وترتبط هذه التقاليد بوسائل وتقنيات للبحث ذات مضمون ديمقراطي تشاركي، حيث تعتمد على التكامل المعرفي والاعتماد المتبادل بين التخصصات العلمية المتعددة، في إطار اجتماعي وتعول على تقنيات تسمح بتوسيع المشاركة في الدراسة كورشات العمل و وبناء السيناريوهات وتحليل الاتجاهات وغيرها من أساليب وتقنيات البحث في المستقبل.

سادسا : غياب الأطر المؤسسية المتخصصة في الدراسات المستقبلية وما هو موجود منها، مشغول بهموم “الحاضر” وقضاياه الضاغطة عن “المستقبل” وقضاياه المؤجلة. بعض هذه المؤسسات يعمل في إطار الجامعات والمعاهد العربية، والبعض الآخر – وهو نادر – يتبع الحكومات، والبعض الثالث مراكز تنتمي إلى منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص. ويعزى غياب هذا النوع من المؤسسات البحثية إلى ضعف الطلب على “منتجاتها” من جانب الحكومات والشركات والمؤسسات والبرلمانات وغيرها من دوائر صنع القرار في الوطن العربي. هذا الطلب كان بمثابة القوة المحركة لظهور ونمور الدراسات المستقبلية في الغرب.([48])

سابعا : نقص الدراسات المستقبلية المتعلقة ببعض جوانب العلوم الطبيعية والتطبيقية: لغاية اليوم تستعمل الدراسات المستقبلية غالباً في العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، غير أن نقص شديد في استعمال هذه الدراسات في العلوم التطبيقية لا سيما في المجالات التكنولوجية والطبية والهندسية والفلكية، كما أنه من الملاحظ أن ِفرق البحث التي تأخذ سمة التكامل والترابط المعرفي، وتقتصر فقط على عدد محدود من المختصين في حين أن الدراسات المستقبلية تحتاج إلى فريق بحثي تخصصي كبير وتجهيزات عديده ضرورية.([49])

ثامنا: غياب ثقافة تنظيم الحياة وفق خطط مدروسة تأخذ في الاعتبار الإمكانات المتوفرة والممكنة في كل مجال من مجالات الحياة، وهو ما يتضح في حالة رب الأسرة ذي الدخل المحدود، والذي يُنجب عشرة أطفال بدون أي تخطيط منه لكيفية توفير احتياجاتهم في كل مرحلة من مراحل نموهم، ومن الجدير بالذكر ان انعدام تلك الثقة علي مستوي الاسرة إنما ينعكس علي مستوي الدولة.

تاسعا: يُعد انتشار أفكار التواكلية والقدرية القائمة على التفسير الخاطئ للدين، إلى جانب النظرة العربية المتوارثة عن الزمن من أهم  هذه الأسباب أيضا فنظرة الإنسان العربي للزمن في معظمها تتسم بالتشاؤم، وهو ما استنتجه العلماء أمثال الدكتور فهمى جدعان الذي يرى أن التاريخ الاسلامي بعد عصر الخلفاء الراشدين كان يقوم على “حتمية التقدم إلى الأسوأ”، ويشير الكاتب حسين علاوي خليفة نقلاً عن الدكتور فؤاد زكريا بأن هذا الموقف من الزمن لازال كما هو بالثقافة العربية الحالية.

من ناحية أخرى، فإن الأوضاع الاجتماعية والسياسية في العالم العربي، بما تُسببه من انكفاء المواطنين على الذات وعدم الاطلاع على التجارب المعاصرة، تؤدى في نهاية المطاف إلى حالة خوف من المستقبل.([50])

المحور الثاني: الفرص التي تقوي من انتشار ثقافة الدراسات ال مستقبلية في الوطن العربي.

ان من المهم الإشارة إلى أن تلك الصعوبات والتحديات التي تعترض انتشار وتوسع ثقافة الدراسات المستقبلية في العالم العربي لم تصادر تماماً جهودا قليلة في هذا القطر العربي أو ذاك يمكن البناء عليها، كما قدمت هذه الصعوبات دليلاً جدي ً على أن الوعي بأهمية استشراف المستقبل لم يعد يعني المختصين في الدراسات المستقبلية فحسب، ولكنه أصبح يعني كل من يؤمن بتقدم المجتمع العربي وتنميته ووحدته وضمان استقراره وأمنه في الحاضر والمستقبل، أي أصبح يعني المختصين والمثقفين والرجل العادي

أيضاً ولا ريب أن هذا الاهتمام المتزايد بالدراسات المستقبلية وانتشار ثقافتها مرهون بتطور الوعي لدى عامة الناس، وبأجندة من الاهتمامات التي تقوي فرص ازدهار تلك الثقاف ة وذيوعها وتغلغلها في المؤسسات والهيئات، وحتى تصبح ليس فقط “نمط تفكير مجتمعي سائد” وإنما أيضاً أسلوب حياة قائم. هناك العديد من الفرص التي من الممكن ان نقدمها من اجل النهوض بمستقبل الدراسات المستقبلية في الوطن العربي. وتلك الفرص تتلخص في التالي:

اولا: إن الاهتمام المتزايد بالدراسات المستقبلية لا يمكن أن يحدث بدون تطور في الوعي لدى عامة الناس سواء كان ذلك الوعي المستقبلي الحديث في وسائل الإعلام الجماهيري، أو نتيجة لغرس هذا الوعي على نحو منتظم  عن طريق برامج التعليم في المدارس والجامعات.

وقد تنبهت  الدول المتقدمة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة مبكرًا إلى أهمية نشر ثقافة الدراسات المستقبلية بين طلاب المدارس والجامعات للمساعدة على مواجهة أحداث المستقبل، وتمكينهم من اكتساب القدرة على التفكير العلمي المنظم لتغيير مساراته. ففي الولايات المتحدة – على سبيل المثال – بدأ التطوير مبكرًا في التعليم. هذا التطوير الذي لم يكتف برسم صورة علمية لما ستكون عليه المؤسسات التعليمية في المستقبل، وانما اخذ يبث هذا التطور في المناهج والمقررات الدراسية كل ما من شأنه توسيع المفهوم التربوي للتفوق والتقدم وتديم حلول ابتكارية للمعضلات التي تواجه مجتمعاتهم، ورفع مستوي الوعي والثقافة المستقبلية بين الدارسين. وقد احصيت المقررات الدراسية الجامعية التي تغطي هذا المجال المعرفي.

اولا : فبلغت 475 مقرراً في الجامعات الامريكية، كما ان الكثير من المدارس الابتدائية والثانوية الامريكية بدأت منذ سنوات في تبني مناهج قائمة علي العرض المبسط للمفاهيم المرتبطة بثقافة الدراسات المستقبلية. وفي وثيقة من اخطر الوثائق في التاريخ الأمريكي اطلق عليها في التسعينات من القرن الماضي” الاستراتيجية الامريكية  في عام 2000″، ورغم قدمها النسبي مازالت قادرة علي الإيحاء والتعليم، ورد في هذه الوثيقة عبارة ذات مغزي وعبارة قالها” الرئيس بوش الاب” ” كان القرن الحادي والعشرين دائماً رمزاً مختصراً للمستقبل البعيد الذي تتمثل فيه امانينا واحلامنا البعيدة.

اما اليوم فإن القرن الحادي والعشرين يعدو قادماً نحونا، وكل من يتساءل منا كيف سيكون هذا القرن؟ سيجد إجابة علي سؤاله في المدارس الامريكية”. ونحن بالمثل يجب علينا ان نجد إجابة عن أسئلة المستقبل العربي في المدارس والجامعات العربية. ويجب ان يبادر اتحاد الجامعات العربية واتحاد مجالس البحث العلمي العربية ومجلس وزراء التعليم العرب، باقتراح توصية ملزمة لدمج ثقافة الدراسات المستقبلية في المناهج والمقررات الدراسية في الجامعات والمدارس العربية وتبني كيانات مؤسسية تعليمية مستقلة (كليات او معاهد او جامعات) لتعليم الدراسات المستقبلية والاهتمام بمناهجها.([51])

ثانيا: عادة تأهيل “القوة البحثية العربية” – وهي كبيرة – في اتجاه أنماط البحث والتفكير المستقبلي، وتجهيز أجيال جديدة من الباحثين اللازمين من اجل إحلال وتجديد دماء مراكز الأبحاث والدراسات العربية ،وأعاد تكييف النشاط البحثي لهذه المراكز من الطرق والمناهج التقليدية المحافظة الي مناهج الدراسات المستقبلية وتقنياتها الابتكارية.

واذا كان الهدف هو نشر ثقافة الدراسات المستقبلية عن طريق العمل علي تأهيل وتفعيل القوة البحثية العربية، وتوسيع القاعدة العلمية فإن ذلك مشوع ضخم تناط مسئوليته بمؤسسات كبري متخصصة في الدراسات المستقبلية توفر لأعضائها وللجماعة العلمية المنتسبة اليها كل ضمانات الحرية الاكاديمية المحفزة للأبداع ولابتكار، ويكون ضمن أولوياتها رعاية وتشجيع المواهب والواعدين والمتميزين من الباحثين في الوطن العربي. ومثل تلك المؤسسات التي تحتاج الي هياكل مرنة وفعالة وقيادات إدارية ذات رؤية متحررة من قيود البيروقراطية ومن عقلية الهيمنة والوصاية ومصادرة الابداعات والأفكار الجديدة.

ثالثا: وعطفا على ما سبق ينبغي تأسيس هيكل مرن ذي قيادة خبيرة يضم تحت جناحيه ما قدمته الجماعة العلمية العربية من دراسات مستقبلية على ندرتها، بحيث يع مل كنواة لمشروع ذي صفة مؤسسية يضم قاعدة بيانات للدراسات المستقبلية، وخبرائها المعروفين داخليا وخارجيا ومرجعياتهم المؤسسية. وأمامنا – في هذا الصدد – خيارات ممكنة إما أن ننشئ ما يمكن أن نطلق عليه (المجلس العربي للدراسات المستقبلية) في إطار جامعة الأمم المتحدة. أو نطور من دور ونوسع من صلاحيات الرابطة العربية للدراسات المستقبلية ومقرها الخرطوم، لتضطلع بهذه الرسالة.

رابعا: ترويج وتشجيع الطلب الاجتماعي على مخرجات مراكز الدراسات المستقبلية وتسويق هذه المخرجات إعلامياً عبر الوسائط الفضائية والإلكترونية وتدريب منتسبي الهيئات والمؤسسات الفضائية والخاصة – من خلال برامج لبناء القدرات – علي استخدام تلك المخرجات والتعامل معها وتقديم النصيحة بشأنها. وتقدم تجربة المركز الهولندي للدراسات المستقبلية التابع لمجلس الوزراء الهولندي دروساً مستفادة للمراكز العربية القائمة او التي قد تنشأ مستقبلاً.

خامسا: استحداث وحدات إدارية مستقلة للدراسات المستقبلية في الهيئات والمنظمات الحكومية والخاصة  والأهلية تكون من ضمن مهامها ووظائفها اقتراح تطوير سياسات وإستراتيجيات حديثة للتنمية، وتوفير مرجعيات مستقبلية لصانع القرار والمساهمة في إصلاح المؤسسات وتحديث نظمها والتنبؤ بالآثار المستقبلية للسياسات والتشريعات والقرارات الحالية وصقل المهارات والخبرات العلمية وتأهيلها لإعداد الدراسات المستقبلية. وبينما وجدت في أقطار عربية عديدة وحدات مستقلة لإدارة الأزمات والتنبؤ بها، نكاد لا نجد أثرًا لوحدات مهمتها استشراف المستقبل والاستعداد له باستثناء ما تقوم به من دور مشابه وحدات التخطيط الإستراتيجي الآخذة في الانتشار بالمؤسسات المدنية والعسكرية في الأقطار العربية، يجب الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة في هذا المجال.([52])

سادسا: إقامة مؤتمر سنوي ترعاه كل المراكز والمؤسسات البحثية من اجل بحث وتطوير تقنيات التفكير في المستقبل من خلال مجموعة من كل المعاهد والمراكز التخصصية.([53])

لذا، فإن أي محاولات للنهوض بحال الدراسات المستقبلية في العالم العربي إنما ينبني على مكافحة أسباب العزوف المذكورة أعلاه، وقُدمت بالفعل العديد من الاقتراحات لتحقيق ذلك، كان من أبرزها ما عرضه الدكتور نادر فرجاني في الندوة التي عقدتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بتونس 2014 عن الدراسات المستقبلية في الوطن العربي، حيث نادى بأن النهضة الإنسانية في المجتمعات العربية باعتبارها المسار المستقبلي العربي، يجب أن تتأسس على ثلاث ركائز أساسية وهي ضمان الحرية والحكم الديمقراطي الصالح، وإقامة مجتمع المعرفة، وإحداث إصلاح جذري في البنى المجتمعية وتحقيق التنمية الإنسانية المستقلة.([54])

الفصل الثالث :

ما هو شكل الإمارات العربية المتحدة بالدراسات المستقبلية

الفصل الثالث : طبيعة الدراسات السياسية المستقبلية في الإمارات

مقدمة     

منذ الأزل كان الإنسان يفكر في ذاته وكان يسعى منذ نشأة البشرية إلى التفكر والتأمل في حالته، وذلك بالاستفادة من قدراته الذاتية وبناء مصفوفة رياضية تعتمد على التحسب للأحداث المستقبلية وتحدياتها؛ ومن خلال هذا المنظور البسيط تطورت دراسات في مجال التفكر والتأمل والتشوف، حاولت إدخال المنهجية والعقلنة في إدارة التفكير الإنساني وإطاره في عصر الدولة ككيان ذاتي.

بعد ذلك، ظهرت الدراسات المستقبلية في مجال التشوف والتفكر والتأمل؛ حيث حاولت استخدام المنهجية العلمية لاستقراء الأبعاد والاتجاهات والمشاهد المرتبطة بالسلوك الدولي، ومع ذلك فإن المشكلة تكمن في توطين هذه الدراسات في مراكز البحث والمعاهد في الخليج والعالم العربي بشكل خاص؛ حيث تعاني الدراسات والبحوث في مجال الدراسات الاستراتيجية والسياسية من قصور في الرؤية المستقبلية أو الابتعاد عنها باعتبارها ترفاً فكرياً.

المبحث الاول: مساهمة الإمارات ودول عربية في الدراسات السياسية المستقبلية.

المبحث الثاني: أهم الدراسات السياسية المستقبلية في مراكز البحوث الإمارتية.

المبحث الاول : مساهمة الإمارات ودول العربية فى الدراسات السياسية المستقبلية

مقدمة

بالرغم من أن الدراسات المستقبلية قد تطورت بشكل كبير في عالم الشمال إلا أنها تراجعت في عالم الجنوب وخاصة في العالم العربي؛ حيث يعاني العديد من الدول من العزوف عن هذا المجال.

وفي الوقت الحاضر فإن التحديات التي تواجه الإنسانية ودول الخليج بشكل خاص قد أصبحت معقدة للغاية ولا يمكن حلها بالجهود الذاتية فقط. فالمعدلات الحالية للاستهلاك لدى البشر غير متوازنة، وتتسبب في تأثير الغازات الحابسة للحرارة في الغلاف الجوي، وفقدان التنوع البيولوجي، وصعوبات في الحصول على موارد المياه الكافية، وتناقص للموارد غير المتجددة، وتلوث من مختلف الأشكال، وهناك تخوف متزايد من أن بقاء الإنسانية على هذا الكوكب مهدد.

المحور الاول: أليات توطين الدراسات المستقبلية السياسية في الوطن العربي.

المحور الثاني: إنجازات دولة الإمارات في الدراسات السياسية المستقبلية.

المحور الثالث: أهم المراكز البحثية السياسية المستقبلية في الإمارات.

المحور الأول: أليات توطين الدراسات السياسة المستقبلية في الوطن العربي ([55])

يوجد آليات لتوطين الدراسات السياسية المستقبلية في الوطن العربي، لذلك كيف يمكننا تطوير الدراسات المستقبلية وتوطينها في المعاهد والمراكز العربية والخليجية؟ يمكن إنشاء وحدات متخصصة بالدراسات المستقبلية السياسية والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال ويجب دعم البحث والدراسات من خلال تخصيصات مالية مستقلة لأن البحث والتطوير لتقنيات التفكير في المستقبل تتطلب ميزانية أكبر من الميزانيات التقليدية. يجب أن نعمل على استشراف رؤية مستقبلية بدقة أكبر، وتطوير مفهوم الصالح العام عبر الكوكب بأكمله، والحفاظ على صحة المحيط الحيوي وسلامته لصالح الأجيال القادمة. دراسات المستقبل في الوطن العربي كانت محدودة جداً في الماضي ولا تخرج عن النطاق الأكاديمي، وهذا يعكس وجود انقطاع كامل بين النطاق الأكاديمي والحياة العامة في بلداننا. يجب تحليل الأسباب الأساسية التي توجد وراء غياب الدراسات العلمية المستقبلية، وإيجاد طرق لتحقيق التوازن بين البحث الأكاديمي وخدمة المجتمع على مختلف المستويات. ينبغي أن تنطلق فكرة علم المستقبليات من حيث النظرية والتطبيق معاً، بدءاً من العائلة باعتبارها النواة الأساسية للمجتمع السياسي.

إن المشكلة الأساسية هي نقص ثقافة التخطيط الذي يأخذ في الاعتبار الموارد والإمكانيات المتاحة في كل مجال. هذا النقص في الثقافة يؤدي إلى الفشل في تطوير استراتيجيات فعالة للتنمية على مستوى الدولة. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن هذه المسألة تتعلق بالثقافة العربية السائدة وعلاقتها بالتنمية بمختلف أشكالها وألوانها. يجب بناء ثقافة التخطيط ودراسة الواقع بطريقة علمية دون تأثر بالعواطف والخيالات والعادات العشوائية. وعلى الرغم من مرور خمسين عامًا على نشأة البحوث والدراسات المستقبلية، إلا أن العالم العربي ودول الخليج لا يزالون يعانون من عدم الاهتمام الأكاديمي والمهني بالتفكير في المستقبل. فعلى الرغم من تقدم بعض المعاهد والمراكز في هذا المجال، إلا أن ثقافة التفكير في الدراسات المستقبلية لا تزال عمودية الانتشار وليست أفقية. ويعود السبب في ذلك إلى وجود إشكاليات نظرية ومنهجية متنوعة، بما في ذلك موضوعية الباحث المستقبلي وتعقيد الظواهر الاجتماعية التي يتعامل معها وصعوبة التحقق التجريبي من نتائجه.

هذه المستقبلات، التي تخضع لظروف وعوامل تاريخية واجتماعية وحضارية، تتراوح بين المحتمل والممكن والمرغوب. لا يمكن لدراسة المستقبل أن تصبح متكاملة إلا إذا نظرنا إليها من خلال عدسات مختلفة تختلف تخصصاتها، وإذا تمت معاينتها في فترات مختلفة من الزمن؛ وذلك بسبب التعقد والتشابك المميزين لها. فما هي آليات التوطين والاندفاع التي يمكننا استخدامها لتطوير الدراسات المستقبلية، وتوطينها في البحث العلمي لمراكز ومعاهد الدراسات في العالم العربي والخليج بوجه خاص؟

للإجابة على هذا السؤال، يمكن إتباع الخطوات التالية:

  • إنشاء وحدات متخصصة بالدراسات المستقبلية داخل مراكز ومعاهد البحوث والدراسات في منطقة الخليج، لتعزيز البحث والتطوير في هذا المجال.
  • الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، وتبادل الخبرات والمعرفة فيما بينها.
  • دعم البحث والدراسات من خلال تخصيصات مالية مستقلة عن ميزانية المراكز أو المعاهد، لأن البحث والتطوير لتقنيات التفكير في المستقبل تحتاج إلى ميزانية أكبر من الميزانيات التقليدية، وذلك لتعدد آليات البحث وتقنياته.
  • إنشاء وحدة للدراسات المستقبلية في جسم مجلس التعاون الخليجي، لتحديد التحديات والعمل على استشراف أبعاد وتأثيرات ذلك على الأمن الإقليمي الخليجي.
  • إقامة مؤتمر سنوي ترعاه كل مراكز الدراسات والبحوث لبحث تطوير تقنيات التفكير في المستقبل، تنبثق منه خلية تكاملية من كل المعاهد ومركز الدراسات التخصيصية، لوضع مشروع الخليج 2030م.

نستنتج من ذلك بأن العالم العربي ودول الخليج بحاجة إلى التوسع في أتجاهين: الأول على صعيد نسقي أفقي من خلال مراكز الدراسات والبحوث في منطقة الخليج، والثاني بناء عمودي يتم من خلاله تطوير مناهج الدراسات المستقبلية في الدراسات الجامعية وحتى الدراسات الثانوية، لما لها من أهمية في فك طلاسم التحديات التي يواجهها البشر في مطلع الربع الأول من القرن الحادي والعشرين. ويجب أن نعمل على بناء رؤية فكرية لمشروع الخليج 2030، وتوظيف الطاقات العلمية الكافة لبناء استراتيجية منطقة الخليج خلال الـ 20 عاماً المقبلة.([56])

المحور الثاني: إنجازات دولة الإمارات في الدراسات المستقبلية السياسية

يتضمن المحور على مجموعة من الاستراتيجيات عن الدراسات المستقبلية.

اولا: استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل

تم تكليف وزارة شؤون مجلس الوزراء بمهمة استشراف المستقبل، ووضع استراتيجية للتأكد من مواكبة كل القطاعات لمتغيراته، وذلك عبر توظيف كافة أدوات استشراف المستقبل، التي تساعد الحكومات على توقع الفرص والتوجهات والتحديات والتداعيات المستقبلية، وتحليل آثارها، ووضع الحلول المبتكرة لها وتوفير البدائل عنها، الأمر الذي يساعد في نهايته على التخطيط الاستراتيجي السليم، الذي يسهم بدوره في توجيه السياسات وتحديد الأولويات بالشكل الأمثل ويساعد على وضع الخطط المستقبلية.

وتعمل الوزارة على تطوير قدرات التخطيط المستقبلي بعيد المدى بالسيناريوهات وذلك من خلال سلسلة ورش عمل في مجال “استشراف المستقبل” الهادفة إلى رفد جهود الحكومة لتطوير نماذج مبتكرة للخدمات المستقبلية وتطوير خطط استراتيجية مرنة قابلة للتعديل حسب المتغيرات، والتعامل مع مختلف التوجهات المستقبلية والتحديات لإحداث نقلة نوعية في العمل الحكومي والتجديد المستمر بما يتلاءم وتطلعات المتعاملين ويحقق رضاهم.([57])

كما تم تكليف وزارة شؤون مجلس الوزراء، بملف ما بعد النفط، ومتابعة البرامج والسياسات المتعلقة بالاستعداد لهذه المرحلة، والتي سيتم الاعتماد فيها على الصناعات المتقدمة والبحث العلمي لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وتهدف الاستراتيجية لوضع أنظمة حكومية تجعل من استشراف المستقبل جزءا من عملية التخطيط الاستراتيجي في الجهات الحكومية وإطلاق دراسات وسيناريوهات لاستشراف مستقبل كافة القطاعات الحيوية ووضع الخطط والسياسات بناء على ذلك.

وتتولى وزارة شؤون مجلس الوزراء دور الداعم والمنسق لجهود استشراف المستقبل مساندة الجهود والمبادرات والمشاريع والسياسات المستقبلية للجهات ومتابعة تنفيذها والعمل على الدراسات والتقارير الاستراتيجية المستقبلية التي ستمكن الجهات من العمل على استشراف المستقبل بفعالية ومواءمة ومتابعة خطط الحكومة وبرامجها وسياساتها وتشريعاتها مع التوجهات المستقبلية. كما ستعمل على ترسيخ ثقافة المستقبل كتوجه حكومي ونشر الوعي بأهميتها وبناء القدرات وتعزيز مكانة الإمارات كوجهة عالمية للمستقبل.

وتركز استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل على مواضيع تشمل مستقبل التنمية المستدامة ومستقبل بيئة الحياة الإيجابية والسعيدة ومستقبل الطاقة ومستقبل الاقتصاد والأمن الاقتصادي والتجاري ومستقبل الموارد المالية ومستقبل الحكومة والخدمات الحكومية ومستقبل العلاقات الدولية والسياسية ومستقبل الأمن المائي والغذائي ومستقبل الأمن الإلكتروني.

وبالنسبة لمحور قدرات المستقبل فقد وجهت القيادة بوضع بنية تحتية تنظيمية ومادية قوية لبناء المستقبل والاستثمار في الكوادر الوطنية. وستقوم الحكومة ببناء القدرات لتحقيق الاستدامة في مجال استشراف المستقبل من خلال إدراج أساسيات استشراف المستقبل بشكل مبسط في المناهج التعليمية للمدارس ومن خلال بعثات بناء القدرات الوطنية في مجال المستقبل وإطلاق الأدوات المصممة خصيصاً لحكومة الإمارات وتدريس تخصصات المستقبل في الجامعات الوطنية وفي برامج بناء القدرات الحكومية لتلبي احتياجات كافة القطاعات.

وسيقود الوزراء من خلال محور وجهة المستقبل تحويل وزاراتهم إلى نموذج لوزارات المستقبل وتمثيل الدولة كسفراء للمستقبل وإبراز ريادتها المستقبلية في شتى المجالات.

وستعمل الحكومة من خلال محور وجهة المستقبل على تعزيز مكانة الإمارات كوجهة عالمية رائدة للمستقبل المستدام من خلال المبادرات ومنصات الفكر المستقبلية وتبادل المعرفة في مجال المستقبل مثل القمة العالمية للحكومات وإطلاق واستضافة مبادرات عالمية جديدة كالاجتماعات السنوية لمجالس المستقبل العالمية كما سيتم العمل على تطوير شراكات استراتيجية مع المنتديات ومراكز الفكر المستقبلية ومنصات وشبكات خبراء المستقبل والجامعات داخل وخارج الدولة.([58](

ثانيا: ورشة عمل منهجية تصميم السيناريوهات ([59])

عقدت حكومة دولة الإمارات ورشة عمل بعنوان “منهجية تصميم السيناريوهات” هدفت إلى بناء قدرات الكوادر الوطنية من مستشرفي المستقبل في مجال وضع السيناريوهات المستقبلية الخاصة بالقطاعات الحيوية لاستراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل.. وذلك ضمن سلسلة ورش عمل الدفعة الأولى من البرنامج التدريبي لاستشراف المستقبل. شارك في ورشة العمل مدراء إدارات الاستراتيجية والمستقبل في الجهات الحكومية الاتحادية وموظفو المهام الرئيسية، حيث أستعرض المحاضرون مفهوم السيناريوهات التي تمثل فرضيات مدروسة تغطي نطاقا من الاحتمالات وإطار عمل مفيدا للجهات من شأنه أن يمكن دولة الإمارات من الاستعداد للمستقبل بشكل أفضل.

وأكد أطرف شهاب مدير إدارة المستقبل في مكتب رئاسة مجلس الوزراء بوزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل أن ورشة العمل الثانية بنيت على مهارات تحليل الخيارات المستقبلية وتخطيط السيناريوهات التي تم استعراضها في الورشة الأولى وتناولت بالتفصيل آليات التفكير المؤسسي وأدوات رسم السيناريوهات واختبارها وتطويرها. وقال إن تصميم ورسم السيناريوهات من المهارات الأساسية في عملية استشراف المستقبل وهي ذات أهمية كبرى للحكومة في التخطيط على المدى المتوسط والبعيد وتصميم الحلول الاستباقية لمختلف التحديات والحكومة حريصة على تمكين المستشرفين من أحدث الأدوات في هذا المجال.

وتناولت ورشة العمل طرق تصميم سيناريوهات المستقبل والمنهجيات والأدوات والتعاون القطاعي بناء على استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل.

وأوضح أن الورشة تضمنت عددا من المحاور الرئيسية أهمها: اختبار السيناريوهات وتطوير القطاعات والنقاشات القطاعية وتطوير الخطوط الرئيسية للسيناريوهات وهيكلية التفكير ووسائل التحليل الاستنتاجي وبناء أطر سيناريوهات المستقبل وتحليل الغموض ووضع الاحتمالات وبناء النماذج المستقبلية واتخاذ القرارات بناء على السيناريوهات.

واستعرضت الورشة خطوات عملية استشراف المستقبل بدءا من تحديد الأولويات وإيجاد مجموعة من التوجهات العالمية المستقبلية واستشراف الفرص والتحديات وتحديد القطاعات ذات الصلة وإعداد وصف للسيناريوهات المستقبلية.

وتطرقت إلى أهمية السيناريوهات في العمل الحكومي كأدوات فعالة لاستشراف المستقبل على المدى المتوسط والطويل تسهم في تحديد خيارات الاستراتيجيات والسياسات والبرامج والخدمات التي يمكن أن تفيد دولة الإمارات في مختلف الظروف المستقبلية.([60])

ثالثا البرنامج التدريبي لاستشراف المستقبل

يُقدم برنامج استشراف المستقبل بالتعاون مع جامعة أوكسفورد، ويهدف إلى تأهيل جيل من المختصين في مجال استشراف المستقبل ورسم السيناريوهات المستقبلية ترجمة لتوجهات الدولة. يركز البرنامج على تدريب المشاركين على مهارات تحليل الخيارات المستقبلية والتخطيط بالسيناريوهات وأدوات استشراف المستقبل، تبعا لاستراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل، مع تسليط الضوء على القطاعات الحيوية في دولة الإمارات العربية المتحدة.([61])

المحور الثالث: أهم المراكز البحثية السياسة الإماراتية

يتضمن هذا المحور على محمودة من المراكز والتي ناقشت موضوع الدراسات المستقبلية بشكل عام

اولا: مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة:-

هو مركز تفكير مستقل، انشئ عام ٢٠١٤ في أبوظبي الإمارات العربية المتحدة للمساهمة في تعميق الحوار العام ومسانده عمليه صنع القرار ودعم البحث العلمي فيما يتعلق باتجاهات المستقبل التي أصبحت تمثل المشكلة حقيقيه بالمنطقة في ظل حاله عدم الاستقرار وعدم القدرة على التنبؤ خلال المرحلة الحالية بهدف المساهمة في تجنب صدمات المستقبل قدر الإمكان، يهتم المركز بالاتجاهات التي يمكن أن تساهم في تشكيل المستقبل خاصه الأفكار غير التقليدية او الظواهر تحت التشكيل مع تطبيق على منطقه الخليج في المدى القصير من خلال الرصد وتحليل الاحتمالات الممكنة للتفاعلات القائمة والتيارات القادمة مع تقدير البدائل المتطورة للتعامل معها باستخدام مناهج التفكير المتقدمة عبر أنشطه علميه تجمع بين الأكاديميين والممارسين والشخصيات العامه من داخل الإمارات العربية المتحدة وخارجها، ويتشكل الهيكل العلمي للمركز في من خمسه برامج رئيسيه لدراسة التحولات السياسية وتقدير الاتجاهات الأمنية وتحليل التوجهات الاقتصادية وتقييم التفاعلات الاجتماعية ومتابعه التطورات التكنولوجية، وتمارس تلك البرامج أنشطه واسعه من خلال الدورية الشهرية والموقع الالكتروني وحلقات النقاش واللقاءات العامه والدراسات المتخصصة والدورات التدريبية وغيرها كما تعمل على تدعيم من العلاقات التعاون الأكاديمي مع مراكز الدراسات والمؤسسات العامه وسائل الإعلام وتعتمد موارد المركز على المساهمات المالية التي يوفرها لها مجلس إدارته مع برامج التعاون مع المؤسسات الحكومية والخاصة أضافه إلى المشروعات العلمية المشتركة مع مراكز دراسات ومؤسسات علمية اخرى وعائد التوزيع والاشتراكات لمطبوعات الرئيسية وإصدارات الإلكترونية وعائد الإعلانات من موضوعات الدورية وموقعه الإلكتروني وعائد الرعاية الإعلامية والبث التلفزيوني لنشاطات الرئيسية وعائد نشر الصفحات الأكاديمية في بعض الصحف اليومية.

ثانيا: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ([62])

أنشئ مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في 14 مارس 1994؛ بهدف إعداد البحوث والدراسات الأكاديمية للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بدولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج والعالم العربي. ويسعى المركز لتوفير الوسط الملائم لتبادل الآراء العلمية حول هذه الموضوعات، من خلال قيامه بنشـر الكتب والبحوث وعقد المؤتمرات والندوات، كما يأمل مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن يسهم بشكل فعال في دفع العملية التنموية في دولة الإمارات العربية المتحدة. يعمل المركز في إطار ثلاثة مجالات هي مجال البحوث والدراسات، ومجال إعداد الكوادر البحثية وتدريبها، ومجال خدمة المجتمع، وذلك من أجل تحقيق أهدافه الممثلة في تشجيع البحث العلمي النـابـع مـن تطلعات المجتمع واحتياجاته، وتنظيم الملتقيات الفكرية، ومتابعـة التطـورات العلمية ودراسة انعكاساتها، وإعـداد الدراسات المستقبلية، وتبني البرامج التي تدعـم تطوير الكوادر البحثية المواطنة، والاهتمام بجمع البيانات والمعلومات وتوثيقها وتخزينها وتحليلها بالطرق العلمية الحديثة، والتعاون مع أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة في مجالات الدراسات والبحوث العلمية، استمرارا للنهج الذي يتبناه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، منذ إنشائه يجعل شعار ” استشراف المستقبل ” هدفاً ودستور، أما بالنسبة لعمـل المركز جـاء المؤتمر السنوي الثالث والعشرون للمركز ليحمل عنوان ” الدراسات المستقبلية ” حيـث سـلط هذا المؤتمر الضوء على مجموعة من القضايا المستقبلية لتحديد طبيعة تداعياتها على دولة الإمارات العربية المتحدة ودول المنطقة بوجه عام وكيفية التعامل الفاعل والبناء معهـا ولا يخفى على أحد هنا الاهتمام المتزايد بالدراسات المستقبلية في الآونة الأخيرة ليس من جانب مراكز البحوث والدراسات والتفكير في المنطقة والعالم فحسب، وإنـها مـن جانب الحكومات وصانعي القرار أيضـاً؛ لأن التطور المتسارع وغير المسبوق في مختلف المجالات بات يفرض على الجميع العمل من أجل استشراف المستقبل ووضع الخطط اللازمة لمواكبة هذا التطور.

إن تخصيص مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية مؤتمره السنوي الثالث والعشرين لقضية الدراسات المستقبلية يعكس وعيـاً كاملاً بأهميتهـا منـذ إنشائه في عام 1994،  حيث يولي المركز اهتماماً استثنائيا للدراسات المستقبلية في المجالات كافة في إطار متابعتـه مختلف التطورات الإقليمية والدولية والسعي إلى استشراف مساراتها المستقبلية، بما يخدم متطلبات عملية التنمية في دولة الإمارات العربية المتحدة من ناحية، ويواكب طموحاتها المستقبلية من ناحية ثانية، ولقد باتت التطورات المتسارعة  التي تشهدها المنطقة والعالم من حولنا وما تفرضه من تحديات مختلفة اقتصادية وأمنية وعسكرية واجتماعية وثقافية تتطلب استقراء تداعياتها وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة في دول المنطقة مـن أجـل التوصل إلى رؤى استشرافية تساعد صانعي القرار على كيفية التعامل البناء معهـا، وخاصة أننا أصبحنا نعيش في عصـر الأزمات والكوارث؛ وهو ما يستدعي بالضرورة الاهتمام بالدراسات المستقبلية من أجل تفعيل الاستراتيجيات الوقائية لمواجهة أي تحديات أو أزمات محتملة في المستقبل وتقدم دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً ملها للدول التي تستثمر في صناعة المستقبل وامتلاك أدواته بـما تملكـه مـن رؤى واضحة واستراتيجيات محددة المعالم والأهداف وآليات واضحة لتنفيذها وترجمتها على أرض الواقع،([63]) وهذا ما تجسده كل من ” رؤية الإمارات 2021 ” التي تسعى إلى أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة من أفضل دول العالم في العيـد الخمسين لإنشائها، و” مئويـة الإمارات 2071 ” التي تستهدف الوصول بها إلى أن تكون أفضل دولة في العالم وأكثرهـا تقـدماً بحلول الذكرى المئوية لتأسيس دولة الاتحاد.([64])

ثالثا: مركز الدراسات المستقبلية بجامعة دبي :

هو واحد من مجموعة مراكز تحتضنها الجامعة وتعتبر فريدة من نوعها في المنطقة والتي تعمل على بناء إمكانيات علمية لاستشراف المستقبل وتعزيز الدراسات المستقبلية في مجالات متعددة وقدم الدكتور عيسى البستكي، رئيس جامعة دبي شرحا لرؤية الجامعة في إنشاء مركز الدراسات المستقبلية الذي أُنشئ في بداية 2020، والتي استهدفت أن يكون للجامعة دور حيوي في تحقيق استراتيجية استشراف المستقبل التي أطلقتها حكومة الإمارات في 2016.

أعلنت جامعة دبي عن إطلاق مركز الدراسات المستقبلية بهدف تقديم مجموعة من البرامج التي تساهم في تمكين المؤسسات الحكومية والخاصة في الإمارات والمنطقة لاستشراف المستقبل وتعزيز الدراسات المستقبلية والبحوث في هذا المجال، وحضر حفل إطلاق المركز إلى جانب رئيس الجامعة الدكتور عيسى البستكي كل من الدكتور سعيد الظاهري رئيس المركز الجديد ومجموعة من الأكاديميين والخبراء وأصحاب الأعمال بالإضافة إلى أعضاء الهيئتين الإدارية والتدريسية، قال الدكتور البستكي رئيس إن المركز الجديد هو واحد من مجموعة مراكز تحتضنها الجامعة وتعتبرها فريدة من نوعها في المنطقة والتي تعمل على بناء إمكانيات علمية لاستشراف المستقبل وتعزيز الدراسات المستقبلية وأكد على أهمية الدراسات المستقبلية وأهدافها والمناهج المستخدمة فيها والركائز التي تقوم عليها مشيرا إلى أن هذه الدراسات تساعد على تحفيز الإنسان على الانطلاق والتفكير في المستقبل وتخيله وتصميمه وتنفيذه، والعمل على تطوير قدراته في هذا المجال.([65])

وتوجه الدكتور سعيد الظاهري بالشكر إلى جامعة دبي لاحتضانها لهذا المركز الرائد في مجال استشراف المستقبل والذي سيعمل على مساعدة صناع القرار والأفراد والمؤسسات والحكومات على دراسة السيناريوهات المحتملة للتطورات العلمية والتقنية والطبية وغيرها والتي تتماشى مع استراتيجية حكومة الإمارات لاستشراف المستقبل. ولفت إلى أن هذه السيناريوهات تستكشف المستقبل وتعد مخططات استباقية وتلعب دورًا مهما في التحضير والاستعداد للخمسين. وذكر الدكتور الظاهري أن ما يميز هذا المركز هو وجود عددًا من الخبراء العالميين، مثل بيتر بيشوب واندي هاينز وسكوت سميث ودريك وودجيت وتيري هوم، وهؤلاء شخصيات عالمية معروفة وساهموا بعمل دراسات مستقبلية للعديد من الدول وفي مختلف القطاعات.

الجدير بالذكر أن مركز الدراسات المستقبلية في جامعة دبي حصل  على “كرسي اليونسكو” في الدراسات المستقبلية: “أنظمة الاستشراف لمستقبل مزدهر”، ويعد هذا الإنجاز هو الأول والوحيد لمؤسسة تعليمية في دولة الإمارات تحصل على هذا اللقب، وسيحمل المركز هذا اللقب لمدة أربع سنوات إلى منتصف عام 2026، حيث يحمل الدكتور فواز أبو سته، مدير الأبحاث بالمركز لقب “كرسي اليونسكو” ويشاركه في اللقب الدكتور سعيد الظاهري مدير المركز وخلال هذه المدة تتركز خطة عمل المركز على تعزيز دور استشراف المستقبل والدراسات المستقبلية محليًا وعالميًا، من خلال سلسلة من المحاضرات والشراكات والبرامج التي تركز على عمل دراسات مستقبلية مع المراكز العالمية الأخرى المتخصصة في استشراف المستقبل والمعتمدة لدى منظمة اليونسكو، بالإضافة إلى تعزيز دور المرأة في استشراف المستقبل والدراسات المستقبلية.

وأعرب سعادة الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي، عن سعادته بهذا الإنجاز والذي يتمثل في حصول مركز الدراسات المستقبلية في الجامعة على “كرسي اليونسكو” في فترة قياسية أقل من سنتين منذ إعلان وتدشين المركز قبل الجائحة في فبراير 2020،  وهو إنجاز لدولة الإمارات التي قطعت شوطاً كبيراً في مجال استشراف المستقبل، وأشار إلى أن رؤية الجامعة في إنشاء المركز استهدفت أن يكون للجامعة دور حيوي في تحقيق استراتيجية استشراف المستقبل التي أطلقتها حكومة الإمارات عام 2016، وأن يكون لها دور حيوي في تأهيل وتدريب الكفاءات المتخصصة في هذا المجال وأن يلعب المركز دورا مهما في تحقيق رؤية وخطة مئوية الإمارات بأن يكون لدينا أفضل نظام تعليمي في العالم عام 2071. وأكد البستكي أهمية الدراسات المستقبلية وأهدافها والمناهج المستخدمة فيها والركائز التي تقوم عليها مشيرا إلى أن هذه الدراسات تساعد على تحفيز الإنسان على الانطلاق والتفكير في المستقبل وتخيله وتصميمه وتنفيذه.([66])

أكد الدكتور سعيد الظاهري مدير المركز أن هذا الإنجاز يعكس ما حققته قيادة وحكومة الإمارات كونها حكومة أكثر جاهزية للمستقبل وجعلت من استشراف المستقبل نهجا متأصلا في عملها مما أكسبها المرونة والسرعة والتأقلم مع المتغيرات وأن المركز عمل خلال العامين الماضيين على تأهيل أكثر من 100 موظف حكومي في مجالات استشراف المستقبل وشارك في تنفيذ محاضرات بجامعات مرموقة عالمياً ومنها جامعة أكسفورد وجامعة كامبردج. لأننا نتطلع للعمل مع منظمة اليونسكو وشبكة المراكز الاستشرافية المعتمدة لديها في العالم على تنفيذ ما جاء في خطة العمل، والتي تتضمن محاضرات وندوات ودراسات مستقبلية محليًا ودوليًا بالتعاون والتنسيق مع الجامعات والمراكز الاستشرافية الأخرى وأشار إلى أن آخر نشاطات المركز كان الاحتفال بيوم المستقبل العالمي الذي حددته منظمة اليونسكو والذي يصادف الثاني من ديسمبر وهو اليوم الوطني للإمارات وأن المركز نظم ضمن هذا الاحتفال ندوة دولية “ويبنار” بعنوان: المرأة في استشراف المستقبل بالتعاون مع المنظمة وجامعة كامبردج في بريطانيا وجامعة روشستر للتكنولوجيا، وأن المركز لديه ضمن الخطة العديد من البرامج التي ينوي تنفيذها خلال الفترة المقبلة.

رابعا: مركز الإمارات للسياسات:

هو مركز تفكير أُسِّس في مدينة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة في سبتمبر 2013، أي خلال الفترة التي شهدت اضطرابات ما يسمى “الربيع العربي”، ليدرس مهدِّدات الدولة الوطنية في المنطقة العربية والخليجية، سواء أكانت نابعة من الداخل أم من التفاعلات الإقليمية والدولية؛ وليستشرف مستقبل المنطقة، وتأثير المشاريع الجيوسياسية المختلفة فيها؛ وليرسم خريطة توزيع القوة في العالم والمنطقة وموقع دولة الإمارات في هذه الخريطة، يهدف المركز إلى تقديم تحليلات استراتيجية وبناء توقعات وسيناريوهات، واقتراح استراتيجيات تدعم صنّاع القرار في دولة الإمارات؛ بما يساعد على تحقيق فهم دقيق وواقعي لمصالح دولة الإمارات وأمنها في السياقيْن الإقليمي والدولي. كما يقوم المركز بتحليل المخاطر السياسية في مختلف الأزمات والتحولات الجيواستراتيجية وتقديمها للشركاء المحليّين والإقليميّين والدوليّين. ويعقد المركز الملتقيات الاستراتيجية التي تستشرف اتجاهات القوة في العالم والمنطقة، وكذلك السياسات والمشاريع الجيوسياسية الإقليمية والدولية، ومدى تأثيرها في منطقة الخليج العربي.

ترتكز منهجية المركز على أدوات ونماذج علمية مجرَبة في التحليل الاستراتيجي وبناء التوقعات واقتراح البدائل والاستراتيجيات، وتمزج هذه المنهجية بين جهود شبكة الخبراء المتخصصين وبين الأنظمة والنماذج المُحوسبة.

يتألف المركز من وحدات بحثية متخصصة تتأسس على المناطق الجغرافية؛ مثل وحدة الدراسات الإيرانية، ووحدة الدراسات الخليجية، ووحدة الدراسات العراقية، ووحدة الدراسات التركية، ووحدة دراسات المشرق العربي، ووحدة الدراسات المصرية، ووحدة دراسات شمال أفريقيا والساحل، وغيرها؛ وعلى الموضوعات والقضايا مثل وحدة دراسات التطرف والإرهاب، ووحدة دراسات الطاقة، ووحدة الدراسات الاقتصادية، وغيرها.([67])

المبحث الثاني

أهم الدراسات السياسية مستقبلية من مراكز البحوث الإماراتية

   مقدمة

لقد آتت الدراسات المستقبلية أكلها في مجالات كثيرة وفي أغلب دول العالم نجاحاً باهراً في المجالات المدنية والعسكري على حد سواء وخاصة مع تعدد طرق وأساليب التحليل الكمي كما هو الحال في علم بحوث العمليات، والذي أثبت فعاليته في أداء إدارة المنشآت الاقتصادية والعسكرية، وترشيد السياسات المستقبلية. وتتوج هذا النجاح بما وصل إليه التقدم العلمي في ثورة المعلومات، وباستخدام الأجيال المتقدمة للحسابات الإلكترونية. بالإضافة إلى ما وفرته وسائل الاتصال ونقل المعلومات الأمر الذي ساعد على تبادل كم هائل من البيانات والمعطيات المتوفرة. ساعد ذلك أيضاً على توفير السياسات الحكيمة والرشيدة في صنع القرار. ساعدت الدراسات المستقبلية في تحقيق وصولها إلى النتائج المرجوة منها، من خلال إصلاح المؤسسات الاقتصادية على وجه العموم في تحديث بياناتها المنطقية، مع الأخذ بعين الاعتبار الاحترام التام لنظم القيم القائمة، وتأمين الحرية في اختيار الأشخاص المعنيين.

المحور الاول: الرهان علي حميدتي (مستقبل صفقة الانتقال الديمقراطي في السودان)

المحور الثاني: مبادرات جديدة (هل ستساعد زيارة وزير الخارجية الإيراني لعمان في حل المحادثات النووية؟)

المحور الاول: الرهان على حميدتي (مستقبل صفقة الانتقال الديمقراطي في السودان )([68])

المشهد السياسي في السودان معقد، ويواجه البلاد تحديات كبيرة في انتقاله إلى الديمقراطية. بينما يُنظر إلى نقل السلطة إلى المدنيين على أنه تطور إيجابي، لا يزال العديد من اللاعبين السياسيين الرئيسيين والشبكات المؤيدة للديمقراطية معارضة للاتفاقية الجديدة، ولا تزال القضايا السياسية الملحة بدون حل. بالإضافة إلى ذلك أزداد العنف الطائفي في السودان،  حيث نُسب أكثر من 86 بالمائة من الوفيات المبلغ عنها العام الماضي إلى الميليشيات القبلية القائمة على الهوية. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال الخلاف الحدودي بين السودان وإثيوبيا في منطقة الفشقة يسبب توترًا بين البلدين. تظهر هذه التحديات أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لمعالجة عدم الاستقرار السياسي المستمر في السودان. التحديات الرئيسية لاتفاقية الإطار هي كما يلي

اولا: تغيب بعض اللاعبين: يرفض العديد من اللاعبين السياسيين الصفقة الجديدة. معارضو الاتفاق: تيارات إسلامية واسعة، “تنظيمات الإخوان المسلمين وواجهاتها المختلفة، الكتل الديمقراطية، رئيس المجلس التنسيقي لشرق السودان، الحزب الشيوعي، معظم مجالس المقاومة، حزب البعث العربي الاشتراكي، قوى الحركة الوطنية، إلى جانب مع العديد من قادة المتمردين السابقين الذين وقعوا اتفاق جوبا للسلام. أعرب البعض عن قلقهم من أن الاتفاقية الجديدة تساهم في استمرار الأزمة الحالية لأنها لا تتناول قضايا مثل العدالة الانتقالية والمساءلة وإصلاح قطاع الأمن، كما يعتقد الإخوان المسلمون وحلفاؤهم أن الاتفاقية الجديدة تعزز “علمنة البلاد”.

ثانيًا: تصاعد العنف العرقي: تصاعد العنف الطائفي في السودان في عام 2022 ، حيث تسبب نشاط الميليشيات على أساس الهوية العرقية والقبلية في أكثر من 86٪ من الوفيات المبلغ عنها. وكانت منطقة دارفور هي الأكثر تضررا، حيث شنت مليشيات الرزيقات هجمات انتقامية على مجموعات عرقية أخرى، وقتل قرابة 500 شخص في منطقة غرب دارفور وحدها. على مستوى المجتمع المحلي  أدت ضغوط الموارد والأراضي إلى زيادة العنف المرتبط بملكية الأراضي وحيازتها. من ناحية أخرى، على الرغم من توقيع الحكومة الانتقالية السودانية على اتفاق جوبا للسلام مع الجماعات المتمردة الرئيسية في السودان في أغسطس 2020 ، بما في ذلك وقف إطلاق النار الدائم والترتيبات الأمنية في دارفور، إلا أن إراقة الدماء في المنطقة مستمرة.

تضاعف العنف السياسي في ولاية غرب كردفان المجاورة، حيث قتلت ميليشيات المسيرية  بدعم من قوات الدعم السريع ، عناصر من النوبة ودايو في الأراضي المتنازع عليها في رجافين، مما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف. كما شهدت ولاية النيل الأزرق زيادة ملحوظة في العنف السياسي وعدد القتلى حيث تتنافس الميليشيات العرقية المسلحة على استخدام الأراضي وملكيتها، مما أدى إلى سقوط مئات الضحايا وتشريد عشرات الآلاف. لم يؤد فراغ السلطة الذي أحدثه الانقلاب العسكري في عام 2021 ووجود عدد كبير من الجماعات المسلحة في المناطق المحيطة إلى تصاعد العنف بين القبائل فحسب، بل ساهم أيضًا في الزيادة السريعة في عدد الأقليات العرقية. الميليشيات.

ثالثا: نزاع الفشقة الحدودي: لا يزال الخلاف الحدودي بين السودان وإثيوبيا مصدر توتر بين البلدين، حيث تقع المنطقة المتنازع عليها في الجزء الشرقي من ولاية القضارف السودانية، على الحدود الغربية لمنطقتي أمهرة وتيجراي الإثيوبية. يطالب كلا البلدين بملكية 260 كيلومترًا مربعًا من الأرض المعروفة باسم منطقة ميزيجا في إثيوبيا

الرهان على “حميدتي”([69])

بينما يجد السودان نفسه على أعتاب انتقال جديد إلى الحكم العسكري، برز اللواء محمد حمدان دقلو “حميدتي” في طليعة التخطيط للانتقال إلى الديمقراطية. كان حميدتي، الذي يقود عشرات الآلاف من المقاتلين في قوات الدعم السريع شبه العسكرية، شخصية رئيسية في الجيش والحكومة السودانية منذ سنوات. أظهر الرجل قيادة قوية وخبرة في الحكم، مما قد يساهم في استقرار السودان على أساس تقاليد وثقافة الرجال العظماء كما حددتها التقاليد الأفريقية ما بعد الاستعمار.

ومع ذلك فإن لحميدتي ماض مثير للجدل، وقد أثارت مشاركته في قوات الدعم السريع المتهمين بقتل المتظاهرين قلق الحركة المؤيدة للديمقراطية. بالإضافة إلى ذلك قد تجعل خلفيته العسكرية من الصعب عليه تبني المبادئ الديمقراطية بشكل كامل والعمل بفعالية مع القادة المدنيين.

كما تثير تعبئة “حميدتي” الأخيرة للقوات التابعة له وحشدها في بعض معسكرات الخرطوم مخاوف بشأن نياته، وما إذا كان يسعى إلى تعزيز سلطته حيث يشعر الكثيرون في الحركة المؤيدة للديمقراطية في السودان بعدم الارتياح بشأن مكانته البارزة في الحملة الانتقالية الجديدة، وقد يتردد بعض أعضاء المجتمع الدولي في دعمه بسبب ماضيه المثير للجدل وخلفيته العسكرية.

على الرغم من المخاوف المتعلقة بماضي “حميدتي” المثير للجدل وخلفيته العسكرية، فقد أظهر قدرته على توجيه اتفاقات سلام مع المتمردين وتولي زمام المبادرة في القضايا الاقتصادية في السودان. كما عزز علاقاته الخارجية مع أطراف إقليمية ودولية، مما يمكن أن يجلب الاستثمار الأجنبي والمساعدات التي تشتد الحاجة إليها في السودان.

على الرغم من ذلك، يبقى دور “حميدتي” المستقبلي في السودان غير مؤكد، وماضيه المثير للجدل وخلفيته العسكرية مدعوة للقلق. ومع ذلك، يمكن الاعتراف بخبرته في الحكم ومهاراته القيادية القوية، ويمكن أن يساعد في تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي في السودان. ينبغي عليه تبني المبادئ الديمقراطية بشكل كامل والعمل بفعالية مع القادة المدنيين، وإلا فإن دوره قد يكون محدوداً.

في النهاية، يجب على السودان وشركائه الدوليين العمل بجد لتجاوز التحديات المستمرة والاستمرار في دعم العملية الديمقراطية في السودان، حتى يتمكن البلد من تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة. ويمكن أن يساعد دور الطرف الثالث والرباعية الدولية في دعم هذه العملية، وعلى الرغم من ذلك فإنه يجب على السودان أن يتحرك بنفسه نحو الديمقراطية والتنمية المستدامة.([70])

المحور الثاني: مبادرات جديدة

هل ستساعد زيارة وزير الخارجية الإيراني لعمان في حل المحادثات النووية؟

في 25 أبريل 2023، بدعوة من بدر بن حمد البوسعيدي وزير خارجية سلطنة عمان ترأس وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان وفدا سياسيا إلى مسقط في زيارة رسمية خاصة أستمر لمدة يومين. والتقى عبداللهيان خلال الزيارة مع سلطان بن محمد النعماني وزير الخارجية العماني ووزير الشؤون الملكية العماني، وتبادل وجهات النظر حول العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والقضايا ذات الاهتمام المشترك في الشؤون الدولية.

_أبعاد الزيارة([71])

اشتملت زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى سلطنة عمان على الجوانب والمحاور التالية:

  • مشاورات بشأن استئناف الاتفاق النووي: أكد وزير الخارجية الإيراني خلال الزيارة أن لدى مسقط “مبادرات جادة” ستسهم في استئناف المفاوضات النووية بين طهران والغرب.

ويشير هذا إلى أن الزيارة ربما تضمنت تمرير الرسائل بين إيران والغرب عبر وسطاء عمانيين، خاصة وأن الأخير لعب دورًا مماثلاً قبل توقيع الجانبين على اتفاقية مؤقتة في عام 2013، مما أدى إلى توقيع الاتفاق النووي في عام 2015.

2 – تعزيز التعاون الاقتصادي: خلال الزيارة، أتفق الجانبان الإيراني والعماني على عقد اللجنة الاقتصادية المشتركة الـ20 على الفور، كما أتفقا على المضي قدما في زيادة التعاون التجاري بين البلدين، والذي بلغ ملياري دولار في العام الإيراني السابق. هذا بالإضافة إلى التأكيد على التفعيل العاجل لاتفاقية ” عشق أباد الترانزيتي” الموقعة عام 2011 بين إيران وعمان وتركمانستان وقيرغيزستان وأوزبكستان لتسهيل حركة البضائع بين آسيا الوسطى والخليج، لأن هذا الممر يشكل أهمية خاصه بالنسبة لإيران من أجل فك الحصار المفروض عليها بسبب العقوبات.

_3مواجهة تطورات الأزمة في اليمن: التقى وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسلطنة عمان برئيس وفد الحوثي المفاوض والمتحدث باسمه محمد عبد السلام، وقال عبد اللهيان خلال الاجتماع إن بلاده ترحب بأي مبادرة أو خطة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن.

وتزامن الاجتماع مع الجهود المبذولة لحل الأزمة في اليمن، حيث زار وفدان سعودي وعماني العاصمة صنعاء، واجتمعوا مع مهدي مشاط رئيس المجلس السياسي للحوثيين، لبحث تمديد وقف إطلاق النار حتى أكتوبر 2022، بالإضافة إلى الإفراج المتبادل عن محتجزين لدي السعوديين والحوثيين.

اولا : دلالات متعددة([72])

تحتوي هذه الزيارة على عدد من الدلائل التي يمكن تمييزها على النحو التالي:

  • تسريع التقارب الإيراني السعودي: زيارة عبد اللهيان إلى سلطنة عمان هي أول زيارة له إلى عاصمة خليجيه بعد اتخاذ خطوات عملية نحو تطبيع العلاقات بين الجانبين الإيراني والسعودي. ونتيجة لهذه الزيارة، تريد إيران من عُمان أن تلعب دورًا في تسهيل التطبيع والانفتاح من الجانب السعودي، وكذلك في المصالحة الإقليمية التي تسعى إليها إيران مع العديد من دول المنطقة، وأشاد عبد اللهيان خلال الزيارة بالدور الذي تلعبه سلطنة عمان في تسهيل الحوار الإيراني السعودي، وجهودها في تسهيل الحوار الإقليمي. ووصف وزير المكتب السلطاني العماني الاتفاق بين إيران والسعودية بأنه مطمئن للمنطقة، مشيرا إلى استمرار التزام إيران بالاتفاق الذي سيكون له أثر إيجابي في تهدئة الصراع في اليمن.
  • الرغبة في تحسين العلاقات بين الجانبين: تدل الزيارة على استعداد الجانبين الإيراني والعماني لإنهاء الجهود المبذولة لتحسين العلاقات بين الجانبين حيث من المتوقع أن يقوم سلطان عمان «هيثم بن طارق» بزيارة إلى طهران بدعوة من الرئيس الإيراني.

وأعرب عبداللهيان عن أمله في استكمال الصفقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية بين الجانبين خلال هذه الزيارة المحتملة، وتأتي هذه الزيارة استجابة لزيارة الرئيس الإيراني إلى مسقط في 23 مايو 2022 برئاسة وفد سياسي واقتصادي كبير.

تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون التي تغطي عدة مجالات، مما يدل على رغبة الطرفين في الحفاظ على مستوى العلاقات بينهما والارتقاء بها إلى مستوى أعلى.

  • تخفيف الضغوط الأمريكية والإسرائيلية: تتزامن زيارة عبد اللهيان إلى عُمان مع تزايد التوتر بين إيران من جانب، وواشنطن والقوى الأوروبية وإسرائيل في المقابل، حيث تتواصل واشنطن والأطراف الأوروبية في فرض الإجراءات التأديبية على طهران، على أساس الملفات الخلافية معها.([73])

ثانيا: كما قامت تل أبيب بشن عدّة هجمات استهدفت مواقع تابعة لمليشيات إيرانية في سوريا خلال الفترة الأخيرة، وذلك من أجل حظر أي تجربة إيرانية لزيادة نفوذها العسكري في سوريا، عقب سقوط حادثة الارتجاج الأرضي، وما أُشيع حول استغلال إيران لهذا في تكثيف نشاطات نقل السلاح والعتاد العسكري لميليشياتها في نطاق جمهورية سوريا. وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل مستشارين تابعيْن للحرس الثوري الإيراني.

ومن جهة اخري، تعتقد إيران أن إسرائيل تحاول تطويقها سياسياً من جهة الشمال، وذلك عندما أعلنت إسرائيل في 20 أبريل 2023، عن فتح سفارة لها في تركمنيستان، على بعد نحو 12 كم من حدود إيران، وذلك بعد أقل من شهرين من إعلان أذربيجان عن افتتاح سفرتها في تل أبيب، وهذا ما اعتبرته إيران ان ذلك موجها لها بقصد تهديد امنها، وهو ما تجلى في تصريح قائد عسكري إيراني بعد يوم واحد من إفتاح السفارة في عشق آباد، بأن بلاده ستعاقب أي دولة تمنح قاعدة عسكرية لإسرائيل في أراضيها. لذا ينظر إلى زياره عبداللهيان إلي مسقط وما اعقبها من زيارة إلي بيروت، أن ذلك يعتبر رد على من إيران التحركات الإسرائيلية الذي تحاول تطويقها في وسط آسيا.

وبنظره عامه يمكن القول أن إيران تحاول اتخاذ خطوات من أجل تسهيل المصالحات الإقليمية مع دول المنطقة، وذلك بالتزامن مع حلحلة ملف المفاوضات النووية المتعثر مع واشنطن والغرب، خاصه مع إدراكها لأهمية الدور العماني في هذين الملفين، إلا أن تلك المساعي تظل مرهونة بمدى تغير السلوك الإيراني بشكل فعلي، أي مدى التزامها ببنود المصالحات التي تم توقيعها مع دول المنطقة، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية بالإضافة إلى تخليها عن بعض الشروط في المفاوضات النووية. والتي أدت إلى تجميدها، خاصة مع تزايد ضغوط الكونغرس الأمريكي على البيت الأبيض للتخلي عن مسألة توقيع اتفاق مع إيران أو عرقلته في حال تم إبرامه.([74])

الخاتمة

إن الأمم القوية هى الأمم المدركة لما يحيط بها من تغيرات  والواعية بما يزخر به العالم من تناقضات وصراعات وهى بالتالى الأمم التى تسعى لصنع مستقبلها  أو على الأقل تسعى للمشاركة بفعالية فى صنعه، أما الأمم الضعيفة فهى الأمم الغافلة عما يجرى حولها والتى تترك مستقبلها للمصادفات أو لأطماع الآخرين .

فعندما لا تبادر الأمة إلى صنع مستقبلها ينشأ فراغ  ومن طبيعة الأشياء أن يسارع أصحاب المصلحة إلى ملء هذا الفراغ. ومن ثم فإنهم سيصنعون لتلك الأمة مستقبلها  ولكن على هواهم وحسبما تقضى به مصالحهم ،وإذا أردنا أن نشارك بفاعلية فى صنع مستقبلنا  علينا إذن أن نمتلك الخريطة الواضحة لهذا العالم الجديد  وأن نمتلك البوصلة التى نهتدى بها فى التعرف على الطريق إلى المستقبل الذى نريده وهو ما يفترض ضمناً تحديد ملامح هذا المستقبل المرغوب فيه من جانبنا، ومن خلال دراستنا للبحث تخلصنا إلى أن الدراسات المستقبلية أصبحت ضرورة هامة فى أي تقدم فهى لا تنتمى إلى علم بعينه فهى متعددة التخصصات وناتجه عن التفاعل بين العلوم الطبيعية والأجتماعية، كما انها ليست علما أو فنا وإنما تبنى رؤاها على مختلف العلوم. وقد تزايد الأهتمام فى الوقت الراهن نظريا وممارساتياً من قبل الباحثين الأقتصاديين والسياسيين والأجتماعيين وغيرهم لدراستها .

وقد ركزنا فى هذا البحث بالأخص على طبيعة الدراسات المستقبلية بدراسة دولة الإمارات المتحدة فقد تبنت إستراتيجية الإمارات لأستكشاف المستقبل بناء نماذج مستقبلية فى جميع القطاعات وقامت بعقد شراكات دوليه وتطوير مختبرات تخصصيه حول مستقبل مختلف القطاعات، فكان الهدف من ذلك جعل أستشراف المستقبل جزءا من عملية التخطيط الإستراتيجي فى الجهات الحكومية وإطلاق دراسات وسيناريوهات لأستشراف مستقبل كافة القطاعات فأطلقت دولة الإمارات منصه الإمارات لأستشراف المستقبل وذلك لدعم جهود نشر ثقافة الأستشراف وتعزيز الوعى بالفكر المستقبلى وأهميتة فى والأستعداد للمتغيرات والتحديات المتوقعه.

النتائج

1- ان الدراسات المستقبليه عباره مجموعة الدراسات والبحوث التي تهدف إلى تحديد اتجاهات الأحداث وتحليل مختلف المتغيرات التي يمكن أن تؤثر في إيجاد هذه الاتجاهات أو حركة مساره.

2- ان علم دراسه المستقل يعتبر علم شامل، وهو مجال حديث للمعرفه يتعلق بالاقتصاد والتكنولوجيا والسياسة والثقافة ونمط الحياه والمجتمع والعصر.

3- ان الدراسات المستقبليه تعتبر ضرورة حتمية لأي تقدم أو تطور.كما أنها لا تنتمي إلى علم بعينه أو أي فن من الفنون، وإنما هي متعددة التخصصات. فهي نتاج للتفاعل بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية،كما أنها ليست علما أو فنا، وإنما تبني رؤاها على العلوم المختلفة.

4- ان اول من توصل الى مصطلح دراسة المستقبل هو المؤرخ الألماني “اوسيب فلختهايهم ” عام 1930.

5- ان عمل الدراسات المستقبليه مر بثلاث مراحل تتمثل في 1 مرحله اليوتوبيا 2- مرحلة التخطيط 3- مرحله النماذج العلميه على الترتيب

6- رغم تزايد الاهتمام بالدراسات المستقبلية في الوقت الراهن نظريا وممارساتيا من لدن الباحثين الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين وغيرهم،إلا أن منهجيتها المتعددة وأدواتها البحثية المتنوعة ما تزال غامضة المعالم، ومحل جدال واسع بين شتى مفكري التيارات والمدارس الفكرية.

7- ان الاهتمام بالدراسات المستقبلية واستشراف آفاق المستقبل وفهم تحدياته من أهم المقومات الرئيسة لصناعة

القرارات الناجحة، سواء على المستوى غالبا ما  الشخصي أو على المستوى الاجتماعي أو الحضاري فالنجاح يرتبط بمن لديه رؤية واضحة لمعالم المستقبل.

8- ترجع بداية الاهتمام بالدراسات المستقبلية في الوطن العربي إلى السبعينيات من القرن العشرين، وكانت الإسهامات في تلك الفترة محدودة ومتقطعة، ثم بدأت تتزايد أهميتها مع حلول الثمانينيات والتسعينيات، وذلك بسبب الحاجة إلى التعرف على مستقبل عملية التنمية في ضوء العوامل الإقليمية والدولية.

9- تهدف المراكز البحثيه في الوطن العربي الي درارسة التطورات الداخلية في الوطن العربي والدول المحيطه به ، ود ارسه الع

القطار العربية والعوامل المؤثره في هذه العالقات بالضافة الي دراسة العالقة بين دول المنطقة والعالم سواء كانت ثنائية او اكثر تشعبا.

10- ان الاهتمام بالدراسات المستقبلية في العالم لا يقابله اهتمام متوازي وبنفس الدرجه في الوطن العربي، فمازلنا نعاني من غياب شبه تام للرؤيه المستقبليه في معظم مؤسساتنا.

11- هناك عده صعوبات منهجية تعترض انتشار ثقافه الدراسات المستقبليه في الوطن العربي.

التوصيات

1ـ إنشاء وحدة استشراف المستقبل تتكون من خبراء دوليين لدراسة اتجاهات وتحولات المستقبل وتقديم فهم أوسع لتوجهات المستقبل، ما من شأنه الإسهام بإيجاد حلول مبتكرة وأفكار جديدة.

2ـ تشكيل لجنة أكاديمية عليا تقترح البرامج سنويًا وتأخذ في الاعتبار ما يقع من متغيرات بالتعاون مع المؤسسات البحثية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة مما يُسهم في دعم بناء تكامل بحثي حقيقي.

3ـ فكرة إنشاء شبكة مراكز بحثية لطرح القضايا المشتركة والتبادل المعرفي وتعزيز التنسيق المتكامل بينها.

4ـ الاهتمام بنوعية البحوث وليس بكميتها مع مراعاة الدقة والموضوعية بهدف بناء حالة من الثقة بين المركز وجمهور المستهدفين من نشاطاته.

5ـ وضع خطة مستقبلية لاستقطاب الكفاءات من الباحثين ذوي الخبرة وتقديم الدعم لهم ورفع مستواهم العلمي والمعرفي وتطوير مهاراتهم العلمية والبحثية بهدف زيادة فعالية المراكز البحثية وتعزيز قدراتها على التأثير في المجتمع من ناحية ودعم عملية صنع القرار من ناحية ثانية.

6ـ تعزيز الشراكة والتكامل بين مراكز البحوث والمؤسسات الإعلامية المختلفة للتعريف بمنتجاته ومخرجاته البحثية

المراجع

  • احمد علي، إطلاق مركز الدراسات المستقبلية ،استشراف المستقبل جامعة دبي( 3 يناير 2020 ( متاح على الرابط التالى:- https://2u.pw/lHxq1s
  • الاحمدي عبدالرحمن، الامارات العربية المتحدة، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، مستقبل صفة الانتقال الديمقراطي في السودان( العدد ٦٧، ابريل 2023)متاح على الرابط التالى:-؛ https://mebusiness.ae/ar/news/show/50717
  • ام العزم احمد، “استشراف السياسات الامنية لدولة الامارات العربية المتحدة لمواجهة التحديات الاقليمية المستقبلية (العدد١٨٨”٢٠١٧)
  • امجد قاسم ، مجلة المستقبل ، مفهوم التخطيط ،، ٢٠١٦على الرابط التالى :- https://al3loom.com/%D9%85%D9%81%D9%8
  • امينة الجميل، “ماهية الدراسات المستقبلية..التطور التاريخي للتفكير نحو المستقبل” سنة ١٩٨٦ ، الرابط متاح على الموقع التالى https://political-encyclopedia.org/dictionary/
  • ايهاب الحجاوي، اصول الدراسات المستقبلية والاستشراف الوضع الراهن لمراكز الدراسات المستقبلية في الوطن العربي، جامعة اسيوط مصر (٢٠١٦)
  • جميل مطر، انحسار الدراسات المستقبلية فى اعقاب الحرب الباردة معهد البحوث العربية (١٩٩٨،ص٧٨)
  • جيروم بندي، مفاتيح القرن الحادي والعشرين،(تونس: بيت الحكمة؛ المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون،١٩٩٧ص٧٨)
  • -حسين بوقارة،”الاستشراف في العلاقات الدولية:مقاربة منهجية”،مجلة العلوم الإنسانية،الجزائر(جامعة منتوري،قسنطينة،عدد 21)،ص٥٦
  • حسين علاوي خليفة، الدراسات المستقبلية واشكالية التوطين في مراكز الدراسات: حالة الخليج، مجلة اراء حول الخليج (العدد 86، نوفمبر 2011) متاح علي الرابط https://araa.sa/index.php?view=article&id=360:2014-06-17-08-09-07&Itemid=318&option=com_content
  • حسين علاوي خليفة، الدراسات المستقبلية واشكالية التوطين في مراكز الدراسات، اراء حول الخليج: حالة الخليج( العدد 86 ،نوفمبر٢٠١١) متاح على الرابط التالى :-  https://2u.pw/NhyFkO
  • خالد وليد محمود، دور مراكز الأبحاث في الوطن العربي: الواقع الراهن وشروط الانتقال إلي فاعلية أكبر، ( المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يناير ٢٠١٣). متاح علي https://www.dohainstitute.org/ar/lists/ACRPS-PDFDocumentLibrary/document_4335EE7A.pdf
  • د سعيد، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، هل ستسهم زيارة وزير الخارجية الايرانى لعمان بحل المفاوضات بشأن النووي (٢٦ابريل ٢٠٢٣) https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/8179/%D9%85%D9%8F%D8%A8%D8%A7%
  • دكتور جمال عبدالفتاح ، مفاهيم المستقبل ،( عام ٢٠١٦ جامعة القاهرة  (مصر)
  • رابح عبد الناصر جندلي – الدراسات المستقبلية تاصيل تاريخي مفاهيمي ومنهجي ، مجلة العلوم السياسية – جامعة باتنة 1 (الجزائر) العدد الاول لسنة٢٠١٧
  • رابح عبد الناصر جندلي ، مفهوم الدراسات المستقبلية ،مجلة العلوم السياسة (العدد الاول ،٢٠١٧)، جامعة باتنة 1 (الجزائر) على الرابط التالى https://democraticac.de/?tag=%D8%A3-%D8%AF-
  • الساحلي، مبروك، مناهج وتقنيات الدراسات المستقبلية وتطبيقاتها في التخطيط- الملتقى العلمي للرؤى المستقبلية والشراكات الدولية– ( السودان الخرطوم،٢٠١٣) .
  • ستيفن بريتمان،عرض دلالات المستقبل الاسكورة الاغريقية (تركيا ص٣٤ العدد الاول ١٩٩٠ )
  • -سلطان احمد مركز الامارات للدراسات والبحوث،. الدراسات المستقبلية ومركزها (يناير ٢٠٢٠)متاحة على الرابط التالى :- https://www.ecssr.ae/
  • سليمان عواد ، معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة ، (المملكة العربية السعودية : مركز امجاد للدراسات التراثية والثقافية 2018)، متاح علي https://amgadcenter.com/muuaam
  • طيرشي كامل، “الاسس الشرعية والمعرفية والمنهجية لاستشراف المستقبل الدراسات المستقبلية جامعة قطر (لسنة ٢٠١٦ العدد رقم٨١٨١٩
  • عزيز، لؤي سعد الدين، الوضع الراهن لمراكز الدراسات المستقبلية في الوطن العربي ، ندوة الدراسات المستقبلية العربية نحو استراتيجية مشتركة، القاهرة : ( معهد البحوث والدراسات العربية، ابريل 1998) متاح علي http://search.mandumah.com/Record/354774
  • الفيشاوي، فوزي عبد القادر، المستقبلية رؤية علمية للزمن الآتي– في (مجلة دراسات مستقبلية)– (العدد الاول، مركز دراسات المستقبل، جامعة أسيوط مصر.)
  • ماجد فخري تطور فكرة المستقبل في العصور القديمة والحديثة ، جملة الفكر الغربي (١٩٩٧، ص١٠)
  • محمد إبراهيم منصور ، ” توطين الدراسات المستقبلية في الثقافة العربية: الأهمية والصعوبات والشروط، (الإسكندرية: مكتبة الإسكندرية : وحدة الدراسات المستقبلية. لسنة 2016 . https://www.bibalex.org/Attachments/Publications
  • محمد السيد، الدراسات المستقبلية (نشأتها-مفهومها-أهميتها)” على الموقع التالي:- http://kenanaonline.com/users/drnoshy/posts/269
  • محمد بن راشد ،الامارات اليوم ، (٣مايو٢٠١٨)متاح على الرابط التالى :-
  • محمد سعيد، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، هل ستسهم زيارة وزير الخارجية الايرانى لعمان بحل المفاوضات بشأن النووي (٢٦ابريل ٢٠٢٣) https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/8179/%D9%85%D9%8F%D8%A8%D8%A7%
  • محمد عبدالله استشراف المستقبل ، (العدد١٥، نوفمبر٢٠١٧) متاح على الرابط التالى https://www.moca.gov.ae/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B4%D8
  • مريم السويدي ، الامارات العربية المتحدة مجلس الوزراء، قدرات مستشرفي المستقبل (العدد147،اكتوبر 2020)  متاح على الرابط التالى: https://uaecabinet.ae/ar/details/news/uae-government-boosts-skills-of-national-staff
  • المنجرة المهدي، (مجلة مستقبل الوطن العربي)،( العدد 11-12، نوفمبر- ديسمبر١٩٩٩)
  • ميشال غودي وقيس الهمامي، الاستراق المستقبلي المشاكل والمناهج (باريس ، العدد٢٠ ،٢٠٠٧)
  • نادر فرجاني، التوجهات الرئيسية في الدراسات القادمة لاستشراف المستقبل في الوطن العربي، ورقة مقدمة لندوة الدراسات المستقبلية في الوطن العربي: الحال والمآل، (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 22-24 سبتمبر 2014)، ص ص 42-43.
  • هاني عبد المنعم خلاف، كتاب الهلالى،المستقبلية والمجتمع المصري العدد ٤٢٤ (القاهرة: دار الهلال،١٩٨٦)
  • وائل محمد إسماعيل،”التخطيط العلمي لصنع المستقبل:رؤى نظرية”، مجلة دراسات الدولة(،جامعة بغداد،عدد 47،2011،ص 81)
  • وفاء الريحان، واقع الدراسات المستقبلية في العالم العربي، متاح علي https://ummah-futures.net/%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-
  • وليد عبد الحي، مناهج الدراسات المستقبلية، وتطبيقاتها في العالم العربي ( ابوظبي: مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، نوفمبر 2007) ط1، ص159

([1]) رابح عبد الناصر جندلي – الدراسات المستقبلية تاصيل تاريخي مفاهيمي ومنهجي ، مجلة العلوم السياسية – جامعة باتنة 1 (الجزائر) العدد الاول لسنة٢٠١٧

([2]) طيرشي كامل، “الاسس الشرعية والمعرفية والمنهجية لاستشراف المستقبل الدراسات المستقبلية  جامعة قطر (لسنة ٢٠١٦ العدد رقم٨١٨١٩

([3])ام العزم احمد، مفهوم الدراسات المستقبلية، ٢٠١٧جامعة ام درمان

([4]) ام العزم احمد، “استشراف السياسات الامنية لدولة الامارات العربية المتحدة لمواجهة التحديات الاقليمية المستقبلية (العدد١٨٨”٢٠١٧)

([5]) )ايهاب الحجاوي،  اصول الدراسات المستقبلية والاستشراف الوضع الراهن لمراكز الدراسات المستقبلية في الوطن العربي، جامعة اسيوط مصر (٢٠١٦

([6]) رابح عبد الناصر جندلي ، مفهوم الدراسات المستقبلية ،مجلة العلوم السياسة (العدد الاول ،٢٠١٧)، جامعة باتنة 1 (الجزائر) على الرابط التالى https://democraticac.de/?tag=%D8%A3-%D8%AF-

([7]) دكتور جمال عبدالفتاح ، مفاهيم المستقبل ، عام ٢٠١٦  جامعة القاهرة  (مصر

([8]) امجد قاسم ، مجلة المستقبل ، مفهوم التخطيط ،، ٢٠١٦على الرابط التالى :-  https://al3loom.com/%D9%85%D9%81%D9%8

([9]) ماجد فخري تطور فكرة المستقبل في العصور القديمة والحديثة ، جملة الفكر الغربي (١٩٩٧، ص١٠)

([10])ستيفن بريتمان،عرض دلالات المستقبل الاسكورة الاغريقية  (تركيا ص٣٤ العدد الاول ١٩٩٠ )

([11]) جيروم بندي، مفاتيح القرن الحادي والعشرين،(تونس: بيت الحكمة؛ المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون،١٩٩٧ص٧٨)

([12]) مرجع سابق ص٣٢١

([13])جميل مطر، انحسار الدراسات المستقبلية فى اعقاب الحرب الباردة  معهد البحوث العربية (١٩٩٨،ص٧٨)

([14]) هاني عبد المنعم خلاف، كتاب الهلالى،المستقبلية والمجتمع المصري العدد ٤٢٤ (القاهرة: دار الهلال،١٩٨٦)

([15])  هانى عبدالمنعم خلاف “المستقبلية والمجتمع المصرى”( العدد ٤٢٤ .ابريل ١٩٨٦ ص ١١.)

([16]) ميشال غودي وقيس الهمامي، الاستراق المستقبلي المشاكل والمناهج (باريس ، العدد٢٠ ،٢٠٠٧)

([17]) ميشال غودى ،المرجع السابق ص٨٩

([18]) امينة الجميل، “ماهية الدراسات المستقبلية..التطور التاريخي للتفكير نحو المستقبل” سنة ١٩٨٦ ، الرابط متاح على الموقع التالى https://political-encyclopedia.org/dictionary/

([19]) امينة الجميل المرجع السابق ص٩٨

([20]) وائل محمد إسماعيل،”التخطيط العلمي لصنع المستقبل:رؤى نظرية”، مجلة دراسات الدولة(،جامعة بغداد،عدد 47،2011،ص 81)

([21]) وائل اسماعيل، المرجع السابق ص٤٥

([22])  المرجع السابق ٤٨

([23]) -حسين بوقارة،”الاستشراف في العلاقات الدولية:مقاربة منهجية”،مجلة العلوم الإنسانية،الجزائر(جامعة منتوري،قسنطينة،عدد 21)،ص٥٦

([24]) ماجد فخري، فكر المستقبل فى العصور القديمة والحديثة  مجلة الفكر العريب ،١٩٩٧

([25]) ميشال غودى وقيس الهمامي مرجع سابق ص٧٩

([26]) ماجد فخر الدين،مرجع سابق ص١٦

([27]) امينة خليل مرجع سابق ص٨٩

([28]) ماجد فخري، مرجع سابق ص١٠

([29]) الساحلي، مبروك، مناهج وتقنيات الدراسات المستقبلية وتطبيقاتها في التخطيط- الملتقى العلمي للرؤى المستقبلية والشراكات الدولية– ( السودان الخرطوم،٢٠١٣) .

([30]) المنجرة المهدي، (مجلة مستقبل الوطن العربي)،(  العدد 11-12، نوفمبر- ديسمبر١٩٩٩)

([31]) الفيشاوي، فوزي عبد القادر، المستقبلية رؤية علمية للزمن الآتي– في (مجلة دراسات مستقبلية)– (العدد الاول، مركز دراسات المستقبل، جامعة أسيوط مصر.)

([32]) محمد ابراهيم منصور مرجع سابق

([33])   محمد السيد، الدراسات المستقبلية (نشأتها-مفهومها-أهميتها)” على الموقع التالي:- www.http://kenanaonline.com/users/drnoshy/posts/269

((([34]))) سليمان عواد ، معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة ، (المملكة العربية السعودية : مركز امجاد للدراسات التراثية والثقافية 2018)، متاح علي https://amgadcenter.com/muuaam

([35])عزيز، لؤي سعد الدين، الوضع الراهن لمراكز الدراسات المستقبلية في الوطن العربي ، ندوة الدراسات المستقبلية العربية نحو استراتيجية مشتركة،  القاهرة : ( معهد البحوث والدراسات العربية، ابريل 1998) متاح علي http://search.mandumah.com/Record/354774

((([36]))) وفاء الريحان، واقع الدراسات المستقبلية في العالم العربي، متاح علي  https://ummah-futures.net/%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-

((([37]))) عزيز، لؤي سعد الدين ، مرجع سابق ص 196

((([38]))) خالد وليد محمود، دور مراكز الأبحاث في الوطن العربي: الواقع الراهن وشروط الانتقال إلي فاعلية أكبر، ( المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يناير ٢٠١٣). متاح علي https://www.dohainstitute.org/ar/lists/ACRPS-PDFDocumentLibrary/document_4335EE7A.pdf

((([39]))) محمد ابراهيم منصور، مرجع سابق ص١١

([40]) محمد إبراهيم منصور، توطين الدراسات المستقبلية في الثقافة العربية: الأهمية، والصعوبات، والشروط، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية (العدد 416، أكتوبر 2013، المجلد 36)

١-محمد إبراهيم منصور ، ” توطين الدراسات المستقبلية في الثقافة العربية: الأهمية والصعوبات والشروط، (الإسكندرية: مكتبة الإسكندرية : وحدة الدراسات المستقبلية. لسنة 2016  .

https://www.bibalex.org/Attachments/Publications

 ((([43])))محمد إبراهيم منصور ، مرجع سابق ص 13

((([44]))) وليد عبدالحي، ” مناهج الدراسات المستقبلية وتطبيقاتها في العالم العربي” ، (مركز الامارات للدراسات والبحوث، نوفمبر 2007) مجلد1

(([45]))محمد إبراهيم منصور، توطين الدراسات المستقبلية في الثقافة العربية: الأهمية، والصعوبات، والشروط، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية (العدد 416، أكتوبر 2013، المجلد 36)، ص48

([46])) وليد عبد الحي، مناهج الدراسات المستقبلية، وتطبيقاتها في العالم العربي ( ابوظبي: مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، نوفمبر 2007) ط1، ص159

(([47]) محمد إبراهيم منصور، مرجع سابق، ص 50

(([48])) محمد إبراهيم منصور، مرجع سابق، ص51

 ([49])وليد عبد الحي، مناهج الدراسات المستقبلية، وتطبيقاتها في العالم العربي ( ابوظبي: مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، نوفمبر 2007) ط1، ص159

 ([50])حسين علاوي خليفة، الدراسات المستقبلية واشكالية التوطين في مراكز الدراسات: حالة الخليج، مجلة اراء حول الخليج (العدد 86، نوفمبر 2011)  متاح علي الرابط https://araa.sa/index.php?view=article&id=360:2014-06-17-08-09-07&Itemid=318&option=com_content

(([51]))محمد إبراهيم منصور، مرجع سابق، ص52

 ([52])محمد إبراهيم منصور، مرجع سابق، ص55

([53]))حسين علاوي خليفة، الدراسات المستقبلية واشكالية التوطين في مراكز الدراسات: حالة الخليج، مجلة اراء حول الخليج (العدد 86، نوفمبر 2011)  متاح علي الرابط https://araa.sa/index.php?view=article&id=360:2014-06-17-08-09-07&Itemid=318&option=com_content

 (([54])) نادر فرجاني، التوجهات الرئيسية في الدراسات القادمة لاستشراف المستقبل في الوطن العربي، ورقة مقدمة لندوة الدراسات المستقبلية في الوطن العربي: الحال والمآل، (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 22-24 سبتمبر 2014)، ص ص 42-43.

([55]) حسين علاوي خليفة، الدراسات المستقبلية واشكالية التوطين في مراكز الدراسات،  اراء حول الخليج: حالة الخليج( العدد 86 ،نوفمبر٢٠١١) متاح على الرابط التالى :-  https://2u.pw/NhyFkO

([56]) حسين علاوة خليفة، المرجع السابقة ص٢٣

([57])حسين علاوي خليفة، الدراسات المستقبلية واشكالية التوطين في مراكز الدراسات،  اراء حول الخليج: حالة الخليج( العدد 86 ،نوفمبر٢٠١١) متاح على الرابط التالى :-  https://2u.pw/NhyFkO

([58]) مريم السويدي ، الامارات العربية المتحدة مجلس الوزراء،  قدرات مستشرفي المستقبل (العدد147،اكتوبر 2020)  متاح على الرابط التالى: https://uaecabinet.ae/ar/details/news/uae-government-boosts-skills-of-national-staff

([59]) ([59]) محمد عبدالله استشراف المستقبل ، (العدد١٥، نوفمبر٢٠١٧) متاح على الرابط التالى https://www.moca.gov.ae/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B4%D8

([60]) مريم السويدي ، المرجع السابق ص٧

([61]) محمد بن راشد ،الامارات اليوم ، (٣مايو٢٠١٨)متاح على الرابط التالى :-

https://www.emaratalyoum.com/local-section/other/2018-05-03-1.1095620

([62]) محمد بن راشد المرجع السابق ص٨

([63]) محمد بن راشد المرجع السابق ص٤

([64]) -سلطان احمد مركز الامارات للدراسات والبحوث،.   الدراسات المستقبلية ومركزها (يناير ٢٠٢٠)متاحة على الرابط التالى :- https://www.ecssr.ae/

([65]) احمد جابر، المرجع السابق ص٩٨

([66]) احمد علي، إطلاق مركز الدراسات المستقبلية ،استشراف المستقبل جامعة دبي( 3 يناير 2020  ( متاح على الرابط التالى:-

https://mebusiness.ae/ar/news/show/50717

([67]) احمد علي، إطلاق مركز الدراسات المستقبلية ،استشراف المستقبل جامعة دبي( 3 يناير 2020  ( متاح على الرابط التالى:-

https://mebusiness.ae/ar/news/show/50717

١الاحمدي عبدالرحمن، الامارات العربية المتحدة، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، مستقبل صفة الانتقال الديمقراطي في السودان( العدد ٦٧، ابريل 2023)متاح على الرابط التالى:-؛ https://2u.pw/lHxq1s

([69]) الاحمدي عبدالرحمن، الامارات العربية المتحدة، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، مستقبل صفة الانتقال الديمقراطي في السودان( العدد ٦٧، ابريل 2023)متاح على الرابط التالى:-؛

https://2u.pw/lHxq1s

الاحمدى عبدالرحمن ، المرجع السابق ص٦٨

([71]) -المرجع السابقة ص ٧٠

([72]) محمد سعيد، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، هل ستسهم زيارة وزير الخارجية الايرانى لعمان بحل المفاوضات بشأن النووي (٢٦ابريل ٢٠٢٣) https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/8179/%D9%85%D9%8F%D8%A8%D8%A7%

١-المرجع السابق ص٧٥

د سعيد، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، هل ستسهم زيارة وزير الخارجية الايرانى لعمان بحل المفاوضات بشأن النووي (٢٦ابريل ٢٠٢٣) https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/8179/%D9%85%D9%8F%D8%A8%D8%A7%

5/5 - (3 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى