الايرانيةالدراسات البحثية

تأثير العامل الديني في السياسة الخارجية الايرانية : دراسة تحليلية

إعــــــــداد : مصطفى محمود عبده عنتر – باحث ماجستير في معهد البحوث والدراسات العربية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

مـــــقــــدمـــــة:

طرأ تغيرا كبيرا على السياسة الخارجية الإيرانية خلال فترة الثورة الإيرانية التي قامت ضد محمد رضا بهلوي شاه إيران، حيث تمت في هذه المرحلة تغير نظام الحكم الثيوقراطي الذي كان بقيادة ايه الله الخميني على حكم الشاه محمد رضا.

تعتبر إيران دولة محورية لها دور كبير في منطقة الشرق الأوسط قبل الثورة الإيرانية او بعدها وذلك من خلال سياساتها وتحالفاتها مع العالم، ومع احداث 11 سبتمبر 2001 والذي شكلت أحد أبرز التحولات الاستراتيجية في العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص، كانت إيران تحاول بكل الوسائل ان يكون لها موطئ قدم في الشرق الأوسط وذلك منذ نجاح الثورة الإيرانية الإسلامية 1979، بدا هذا الامر يظهر بقوة بعد احداث 11 سبتمبر 2001 وتحولت الى دولة تشارك في بنية منطقتها بدلا من ان تكون مادة يشكلها الاخرون، في هذه الدراسة يسعى الباحث الى معرفة دور ومدى تأثير العامل الدين على السياسة الخارجية الإيرانية، وذلك من خلال الاتي:

اولاً: نبذه مختصرة عن الدين في إيران.

تعد الثورة الإيرانية الإسلامية في ايران التي اندلعت عام 1979بمثابة عامل تغيير جذري للنظام السياسي والذي تحول من النظام الملكي الى النظام الجمهوري، هذه الثورة مهدت الطريق لتأسيس كيان سياسي جديد قائم على مجموعة من توجهات جديدة ومغايرة، حيث انه في الدستور الإيراني تم تحديد هامش كبير للبعد الديني، وجعلت من هذا البعد أحد المقومات الرئيسية للجمهورية الإيرانية و تم إضافة كلمة الإسلامية وذلك بسبب ان الثورة قامت على أساس ديني ، واصبح اسمها الجمهورية الإسلامية الايرانية، ويقوم هذا النظام الذي جاءت به الثورة على حكم رجال الدين، وعلى إضافة الصبغة الدينية في كل مبادئها وخططها، وكل هذا من اجل الحفاظ على مصالحها الوطنية وتعزيز حضورها في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والدول العربية بشكل خاص، وخصوصاً الدول التي تشترك معها جغرافياً في حدود مباشرة، والدول التي يوجد فيها تنوع مذهبي او طائفي([1]).

شكلت هذه الثورة أبرز التحولات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط خلال النصف الأخير من القرن العشرين، إدت هذه الثورة الى إعطاء الحركات السياسية الدينية في المنطقة بشكل خاص قوة دافع كبيرة، وابرزت هذه الثورة مفاهيم تاريخية ومعاصرة كالمستضعفين والاستكبار وولاية الفقيه والثقافة الاستشهادية وثنائية الشيعة والسنة والجدل الموجود بينهم، وان هذه الثورة استطاعت التوفيق بين القيم الدينية والمفاهيم والأفكار الغربية كالديمقراطية ([2]).

يتسم النظام السياسي الإيراني بسماته الدينية حيث انه يقوم على مبدأين أساسيين هما، ولاية الفقيه والحكومة الإسلامية، ان الدستور الإيراني حدد المذهب الرسمي للبلاد وهو الاثني عشري ([3])، وقد نصت المادة الرابعة من الدستور الإيراني الى ان الجانب الإسلامي يكون الأساس الذي تبنى علية كافة القوانين والتشريعات والنظام في البلاد، وفي مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ([4]).

اما فيما يتعلق بولاية الفقيه فقد نصت المادة الخامسة من الدستور الإيراني على انه “في زمن غياب الامام المهدي يكو ن الامر وإمامة الامة في جمهورية ايران الإسلامية بيد الفقيه العادل([5])، وولاية الفقيه في الفكر الشيعي تعني باختصار حكم الفقيه العادل الكفء وتمنح الفقيه حق النصرة في أمور الامة وتدبير شؤونها ورعاية مصالحها، والفقيه هو الذي استكمل كل المواصفات والشروط ليصبح بعد ذلك ولياً وحاكما على الامة([6])، حيث يعرف علي خامنئي الولاية بقولة بانها: “ذات معنى عميق، وتعني في الأساس قرب الشيئين… ويعبر  الإسلام عن الحكومة بالولاية ويعبر الشخص الذي يكون على راس الحكومة ويعبر عنه بالوالي او الموالي([7]).

مشروعية الدولة الإيرانية مكتسب من البعدين الثوري والديني، وذلك لما يتملك المرشد الأعلى من صلاحيات ومسئوليات غير محددة، فانه يمكن له بمساعدة مؤسسة الحرس الثوري ان ينقض أي قرار تصدره المؤسسات في الدولة وذلك بما يأتي في اطار مرجعية الدستور، فرئيس الجمهورية في ايران لا يمكن  له ان ينفذ قرارته ما لم تكن متوافقة ومنسجمة مع رؤية الحرس الثوري ومصادق عليها من قبل المرشد الأعلى، فالدستور الإيراني وحد الشرعيتين الدينية والثورية السياسية في يد قيادة واحدة وهي تعبر عن مركب الشيعة الثورية، كل هذا يؤدي الى انه تم اختزال دور المؤسسة الدينية في صنع القرار الى مؤسسة الفقيه مع تحالفه مع مؤسسة الحرس الثوري لما مثله من تحالف استراتيجي يمتلكان صنع القرار في ايران([8]).

ولتوضيح ذلك فان منصب الوالي الفقيه يعكس في حقيقة الامر الطبيعة المعقدة والمتشابكة للنظام الإيراني فهو من ناحية يعد جوهر واساس فكرة الثورة الخمينية، وذلك فهو مؤسس الثورة، ومن ناحية أخرى وجود مجموعة من القواعد الحاكمة لتولي المنصب والمراقبة والعزل، إضافة الى حقوق رسم السياسات العامة للدولة وذلك وفقاً للقواعد الدستورية، لذلك يجعلنا ننظر اليه من منظور الدولة التي تعمل من خلال مؤسسات مستقرة ومستمرة ([9]).

والجدير بالذكر ان الفكر الثوري الإيراني يوجد لديه نظريتين في توجههم الثوري وهي نظرية تصدير الثورة والذي يرى الخميني ان شرعية الثورة الإسلامية الإيرانية  تتمثل في نطاق الحدود المفتوحة، فولاية الفقيه لا تعرف ولا تعترف بالحدود الجغرافية بل تتمثل في مليار ونصف المليار نسمة أي بما يعادل ربع سكان العالم، للك يقول الخميني انه يجب لهذه الثورة ان تنتقل الى جميع البلدان الإسلامية وذلك من خلال التصدير لأحداث الانفجار بين المجتمع المستضعف، ويقول ايضاً انه يجب بذل الجهود لتصدير الثورة الى الأجزاء الأخرى من العالم التي هي إحدى واجبات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن الطبيعي ان تصدير الثورة الى العراق اكثر من أي مكان اخر في العالم، بوصفها مصدر الهام لهم وتعتبر العراق أولى خطوات الشرعية لهذا الاتجاه ولتحقيق الحلم الأيديولوجي، حيث انه تم تصدير الثورة الى عده بلدان في العالم العربي منها سوريا واليمن ولبنان([10]).

        نظرية ام القرى وضع هذه النظرية محمد لاريجاني في كتابه “مقولات في الاستراتيجية الوطنية الإيرانية” والذي تفترض تحول الجمهورية الإيرانية الى مركز الإسلام العالمي، وتكون تحت قيادة زعيم او إمام تكون له السلطة والصلاحية والولاية على الامة الإسلامية جمعاء، وذلك باعتبار ان الدين والوجدانية والعقلانية هي التي تفترض تشكيل الامة الإسلامية الواحدة، ولتحقيق هذه النظرية هناك ثلاث مراحل ([11]):

    المرحلة الأولى: ضرورة بروز الوعي والاهتمام بهدف أحياء الإسلام “الإسلام الشيعي” باعتباره انه السبيل الوحيد لحياه الانسان والجماعة.

المرحلة الثانية: السعي وبذل الجهود لإقامة الحكومات الإسلامية في الدول المختلفة وذلك من خلال الدور المحوري للشعوب في تشكيل الحكومات وتوظيف جميع الطرق والوسائل مثل الانتخابات او الاستفتاءات، وقد يؤدي هذا في بعض الأوقات النهضة والثورة في الشعوب والخروج الى الشارع والوصول الى النتيجة.

        المرحلة الثالثة: في الوقت التي تستطيع فيه الشعوب تحقيق الأهداف التي قامت لتحقيقها، تتم تشكيل الحكومات الإسلامية، ويجب عليها التوجه بعدها نحو خطوة تكوين حكومة إسلامية واحدة، وذلك تفرض جمع الامة الإسلامية تحت مركز واحد وقيادة واحدة اسمها دولة ام القرى والذي ستكون إيران مركزها ([12]).

إضافة الى ما سبق ذكره ووفقا لنظرية محمد لاريجاني، فانه ليس من مصلحة الامة الإسلامية ان تبقى متفرقة، لا ن الهدف هو الوحدة الإسلامية، ومن ثم فان انتصار “دولة ام القرى- إيران” يعد انتصار للامة الإسلامية، وان هزيمتها تمثل هزيمة انهزاماً للامة الإسلامية، فالحفاظ على دولة ام القرى- إيران يعني الحفاظ على نظام الحكومة الإسلامية، والذي يشمل لكل أراضي الدولة الإسلامية الواحدة، والتي بسببها تشكلت دولة ام القرى التي ستقود هذه الامة ([13]).

ثانيا: نقاط القوة والضعف للدين في الجمهورية الإيرانية الإسلامية

نقاط القوة

  • تجميع العالم الشيعي بوصفها قائد له.

مع حدوث الثورة الإيرانية عام1979 تحولات الاستراتيجية الإيرانية في توجهاتها الإقليمية والدولية، وذلك وفقاً لنظريتين تصدير الثورة ونظرية ام القرى، في بداية تحركاتها وتحقيق أهدافها وفقاً لهذه النظريتين وشعور العراق بخطر التهديد القادم من إيران دخلت العراق في حرب مع إيران لمدة ثمان سنوات وذلك لن العراق كانت اول خطوات لتنفيذ مشروعها الشيعي، ولكن مع حدوث احداث الحادي عشر 2001والغزو الأمريكي للعراق، فتح الأبواب لإيران في توسيع نفوذها في المنطقة العربية وكان بدايتها في العراق، ومع حدوث ثورات الربيع العربي 2011 في البلدان العربية، استغلت ايران الفرص في توسيع نفوذها في المنطقة العربية، الذي توجد فيها جماعات شيعية ومنها سوريا ولبنان واليمن والسعودية والبحرين والعراق وباكستان وأفغانستان ودعمها لحركات المقاومة في فلسطين منها حركة حماس، سعت ايران في هذا الشأن باستقطاب بعض من هذه الجماعات وتم تعليمهم وتدريبهم وزرع فكرة الولاية وما آلت اليه الثورة الإيرانية، جمعت ايران كل هذه الجماعات في العالم العربي والإسلامي الذي استطاعت ان تؤثر فيها بشكل كبير دعمتها وجعلت الأوضاع فيها مرهون بطهران وما تتوجه اليه مثل الملف النووي والحصار الاقتصادي المفروض عليها وعدد من القضايا ذات الشأن الإيراني الدولي والاقليمي، وسيطرتها في هذه المناطق تريد ان تقول للعالم انها موجودة ولا يمكن الاستغناء عنها وتفرض نفسها لاعب قوي في المنطقة لا يمكن تجاهله، وتعتبر نفسه هي القائد في هذه المناطق.

  • توظيف العامل الديني في السياسة الداخلية

يشكل المذهب الشيعي الاثني عشري هوية دينية وقومية للجمهورية الإسلامية الإيرانية واحد ابرز محددات نظامها السياسي وسياستها الداخلية والخارجية، واقد لعب الدين دورا مهماً في تاريخ ايران السياسي والثقافي والاجتماعي، ولاشك في ان قيام دولة مذهبية في ايران وذلك وفقاً لنظرية ولاية الفقيه قد كرس الدين كفاعل أساسي في السياسة والمجتمع والثقافية الإيرانية، وذلك بسبب البدء في تطبيع الشريعة مع قيام الثورة الإيرانية 1979، وايضاً نتيجة لربط الامة الإيرانية برابط ديني غيبي مقدس من خلال اعتبار الدولة متصلة بالإمام المعصوم الغائب، وذلك من خلال قيادة الولي الفقيه الذي يعتبر نائب الامام المهدي في عصر الغبية واعتبر هذه تمهيد لظهور المهدي في اخر الزمن كي يملا الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجورا، كل ما ذكر سابقا بررة الخميني تبريراً عقلياً  وذلك بحجة ان يسود الامن والاستقرار ويدبر امر الامة الى حين ظهور الامام الثاني عشر على حسب معتقداتهم، ونتيجة لذلك لعب الدين دوراً مهماً وبارزاً في الحياة السياسة الداخلية في يران.

نقاط الضعف

  • يجعلها محل اتهام برعاية الإرهاب

         تتوجه الأنظار الى إيران بتهمات انها تدعم وترعى الإرهاب وتقدم له كافة التسهيلات، حيث ان تصريحات بعض الدول ان لم يكن الغالب تتهم إيران يدعم الإرهاب ومنها تصريحات  رئيس الجمهورية ووزير الخارجية للولايات المتحدة الامريكية بان ايران دولة راعية للإرهاب وتم تصنيفها وفقاً “لقانون إدارة الصادرات” و”قانون مراقبة الأسلحة” و”الدعم الخارجي”، وتم تصنيف احد المؤسسات الثورية “الحرس الثوري الإيراني” وفليق القدس ضمن المنظمات الإرهابية وذلك بشكل رسمي من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية الأمريكي([14])، وتصريحات الحكومة البلجيكية باتهام الدبلوماسي الإيراني أسد الله اسدي بدعمة للإرهاب والتخطيط للقيام بأعمال إرهابية وغيرها من الدول الذي تتهم ايران بدعم الإرهاب في المناطق التي تقبع تحت سيطرتها([15]).

  • الدخول في صراعات ذات خلفية دينية

يدخل العامل الديني إيران في صراعات ذات بعد طائفي مذهبي حيث انها تدعم أنصارها من المذهب الشيعي وتدفعهم الى حروب المذاهب والطوائف الأخرى كالسنة وغيرهم كما حدث في البلدان العربية منها السعودية والعراق واليمن ولبنان وسوريا وغيرها.

ثالثا: تأثير الدين على السياسة الخارجية الإيرانية

تتميز السياسة الخارجية الإيرانية منذ قيام الجمهورية الإيرانية الإسلامية بنوع من التعقيد والتشابك، وحيث يوجد هناك مجموعة من المبادئ والاسس التي من خلالها تبين دور إيران في خدمة الإسلام عامة وجماعة الشيعة خاصة في العالم كله بصورة مثالية ومن هذه المبادئ والاسس هي ([16]):

1-منادة الخميني بوحدة المسلمين متجاوز الحدود السياسية القائمة بين الدول ومتجاوز الخلاف السني والشيعي.

2-مبدأ لا شرقية ولا غربية، والاعتماد على الذات، وذلك في إطار الصراع القائم بين منظومة الدول الاشتراكية ودول العالم الرأسمالي.

3-رفض الاحلاف العسكرية التي انشاتها الدول الكبرى لحماية البلدان الإسلامية.

4-دعم حركات التحرر في العالم الإسلامي وعلى راسها حركة تحرير فلسطين.

يوجد في السياسة الخارجية الإيرانية ثنائيات متعددة تميزها في التحليل السياسي عن غيرها من السياسات، هذه الثنائيات ليست جامدة في واقع التحركات الإيرانية بل ان هذه الثنائيات مكملة لبعضها البعض ويخدم الامر نفسه، وتستطيع إيران التوافيق بين هذه الثنائيات التي يرى البعض انها متعارضة، ومن هذه الثنائيات ثنائية السياسة الخارجية الإيرانية براغماتية ام أيديولوجية حيث ان التفكري الإيراني الاستراتيجي يتوجه نحو تحقيق نهضة شاملة داخل ايران والعمل على تصدير الثورة وإعادة مجد الإمبراطورية الفارسية مستخدمين كل الوسائل والأدوات باحترافية سياسية وعسكرية غير مسبوقة منطلقين في هذا الشي من الحفاظ على ثلاث مرتكزات وهي: الحفاظ على الجبهة الداخلي في ايران، واستثمار عناصر القوة الجيوبوليتيكية والجيوإستراتيجية، وسيادة القومية الفارسية على غيرها من القوميات في الشرق الأوسط، ولا مناص من القول ان تدخل العامل الأيديولوجي والمصلحة الوطنية كثنائية تتداخل وتتصارع فيما بينهما، ففيما يخص صانع القرار بالنسبة للسياسة الخارجية فانه يعكس التفكير الإيراني([17]).

وتماشيا مع ما تم ذكره عن الثنائيات فهناك ثنائية هل الهوية الإيرانية فارسية او إسلامية، الإيرانيون متأثرون بحضارتهم الفارسية وإسهاماتهم في الحضارة الإسلامية في الوقت نفسه، هذه الثنائيات انعكست في تحركات ايران الخارجية  من حيث التأكيد على الهوية الفارسية في اطارها الإسلامي بعد الثورة الإيرانية مع الاعتزاز بالذات والاستقلالية والتأكيد على ثقافة المقاومة التي تحكم تحركات السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويرى الإيرانيين انفسهم خليط من الهوية الفارسية التاريخية والهوية الإسلامية الثورية ويسعون دائما لتحقيق الاستقلال بالذات واعتبار ذلك احد أولويات السياسة الخارجية الإيرانية([18]).

تتسم السياسة الخارجية الإيرانية بنوع من الاثارة والمراوغة وتوزيع الأدوار اللعب على عامل الزمن، فضلا عن التدخل فيما بين القومية والدين، والثوري بالبراغماتي، وقد انعكست هذه السمات على طبيعة السياسة الإيرانية تجاه المنطقة العربية، متأثرة بالعوامل والمرتكزات التي اعتمدت عليها كأساس لتحركاتها، والتي تتمثل في الاتي ([19]):

  • تفضيل طهران للوضع القائم في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
  • العمل على تصدير الثورة الدينية الى الدول المجاورة.
  • رغبة إيران في حماية الأنظمة الشيعية المجاورة لها بصورة مباشرة، وتنصيب وكلاء ومندوبين لها.

وتماشياً مع ما تم ذكره سابقاً فان الثورة الاسلامية الإيرانية لعبت دوراً كبيراً في توجيه ودعم بعض الحركات في العالم العربي وخصوصاً تلك التي تنتمي للمقاومة على شاكلة حزب الله في لبنان والحركة الحوثية في اليمن، وعملت على استغلال هذه الحركات للحصول على إقرار عالمي بشرعية دورها في المنطقة باعتبارها لاعباً رئيسياً لا يمكن تجاهله او تجاوزه، ويأتي ذلك تزامناً مع سعي طهران لإجهاض المشاريع والعربية المنافسة لها في المنطقة ([20]).

الخاتمة

في ختام هذا التقرير نصل الى نتيجة ان السياسة الخارجية الايرانية يشوبها نوع من الغموض وصعوبة الفهم وذلك نظرا لمجموعة من المعطيات لعل ابرزها تعدد مراكز صناعة القرار والتباين بين المؤسسات الدستورية المتمثلة في “الرئيس، ووزارة الخارجية”، والمؤسسات الثورية المتمثلة في “المرشد الأعلى، ومؤسسة الحرس الثوري، ومجمع تشخيص مصلحة النظام”، والتداخل بين البعد العقائدي الديني والبعد البراغماتي المصلحي، وذلك لأنها تسعى الى تحقيق أهدافها السياسية والأمنية والاقتصادية من جهة وأهدافها التي قامت عليها الثورة من جهة أخرى.

لعبت ايران دور بارزا في المنطقة العربية وخاصة بعد ثورات الربيع العربي في المنطقة العربية عام 2011 تحت ذريعة الدين ودعمة للمستضعفين والفقراء وغيرهم، وحصلت على نصيب وافر في السياسة الخارجية الإيرانية وذلك بسبب الموقع الجغرافي، والدين الإسلامي المشترك، والاحتكاك الحضاري والثقافي، مستغلين الجانب الديني بوجود طوائف شيعية يعاني الكثير منها في بلدانهم من مظاهر اللامساواة والعدالة الاجتماعية والاضطهاد كما هو الحال في المملكة العربية السعودية والعراق، وجماعة الحوثي في اليمن وما آلت اليه من دعم سوى كان مباشر او غير مباشر، وشيعة لبنان الذين يسيطرون على مفاصل الحكم ويبحثون عن ضمان للاستمرار، والطائفة العلوية في سوريا وسرعان ما تم استقطابهم من قبل ايران ودعمهم مباشر او غير مباشر وهو ما جعلهم يكونوا إدارة رئيسية للمشروع الإيراني، وتسعى ايران لتوسع وابحث عن  مناطق نفوذ في المنطقة العربية والإسلامية جمعاء

قائمة المصادر والمراجع

  1. الدستور الإيراني المعدل 1989
  2. أحمد نوري النعيمي، السياسة الخارجية الإيرانية 1979-2011 (عمان: دار الجنان للنشر والتوزيع، 2012).
  3. الوليد أبو حنيفة، “البعد الديني في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه المنطقة العربية: المنطلقات والاهداف”، مجلة المعيار، العدد 47(2019).
  4. امل حمادة، الخبرة الإيرانية الانتقال من الثورة الى الدولة (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر،2008).
  5. جواد صندل جازع، “الحركة الحوثية في اليمن: دراسة في الجغرافيا السياسية”، مجلة ديالي للبحوث الإنسانية، العدد49(2011)
  6. سارة شريف، المشروع الأسود بين إيران وإسرائيل (القاهرة: كنوز للنشر،2016).
  7. ستار جبار علاي، “دور المرشد الأعلى في تحديد توجهات السياسة الإيرانية”، المجلة السياسية والدولية، العدد 24(2014).
  8. عادل عبد الله علي، محركات السياسة الإيرانية في منطقة الخليج العربي، ط2(دبي، دار مدارك للنشر،2012).
  9. علي محافظة، إيران بين القومية الفارسية والثورة الإسلامية (بيروت: المؤسسة العربية للنشر والتوزيع، 2013).
  10. فؤاد عاطف العبادي، ” السياسة الخارجية الايرانية وأثارها على أمن الخليج العربي 1991-2012″، رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم، جامعة الشرق الاوسط، الاردن، 2013.
  11. فؤاد كمين، توجهات تركيا وإيران في الشرق الأوسط- سياسات ومصالح (أبو ظبي: مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2014).
  12. محمد السعيد عبد المؤمن، ولاية الفقيه بين النظرية والتطبيق (القاهرة: زهد للطباعة، 1991).
  13. محمد جود لاريجاني، مقولات في الاستراتيجية الوطنية الإيرانية ” شرح نظرية ام القرى الشيعية” ترجمة نبيل العتوم، (لندن، مركز العصر للدارسات الاستراتيجية المستقبلية، 2013).
  14. محمد عبد الرحمن العبيدي، “تركيبة النظام السياسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، مجلة دراسات إقليمية، العدد 9(2008).
  15. نبيل علي العتوم، إيران ونظرية ام القرى الشيعية، ط1 (عمان، دار عمار بالتعاون مع مركز امية للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 2017).
  16. وليد عبد الحي، مستقبل المكانة الإقليمية لإيران عام 2020 (الجزائر: مركز الدراسات التطبيقية والاستشراف، 2008).
  17. “السياسة الخارجية الإيرانية: المحددات المؤثرة”، المركز الديمقراطي العربي، 16/11/2017، شوهد في 24/11/2021 في: https://democraticac.de/?p=50628
  18. [1] ” الترتيب العالمي لإيران من حيث الكثافة السكانية”، هجرة نيوز، شوهد في 20/11/2021، في: https://cutt.us/Hijra
  19. “ماهي المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط حسب التصنيف الأمريكي”، BBS NEWS، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2020، شوهد في 25/1/2022، على الرابط: https://bbc.in/32LmhMo

[1] الوليد أبو حنيفة، “البعد الديني في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه المنطقة العربية: المنطلقات والاهداف”، مجلة المعيار، العدد 47(2019)، ص 181- 183

[2] وليد عبد الحي، مستقبل المكانة الإقليمية لإيران عام 2020 (الجزائر: مركز الدراسات التطبيقية والاستشراف، 2008)، ص 3

[3] محمد عبد الرحمن العبيدي، “تركيبة النظام السياسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، مجلة دراسات إقليمية، العدد 9(2008)، ص 157

[4] الدستور الإيراني المعدل عام 1989، المادة الرابعة

[5] الدستور الإيراني المعدل عام 1989، المادة الخامسة

[6] محمد السعيد عبد المؤمن، ولاية الفقيه بين النظرية والتطبيق (القاهرة: زهد للطباعة، 1991)، ص55

[7] ستار جبار علاي، “دور المرشد الأعلى في تحديد توجهات السياسة الإيرانية”، المجلة السياسية والدولية، العدد 24(2014)، ص 104

[8] سارة شريف، المشروع الأسود بين إيران وإسرائيل (القاهرة: كنوز للنشر،2016)، ص 70-71

[9] امل حمادة، الخبرة الإيرانية الانتقال من الثورة الى الدولة (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر،2008)، ص 304

[10] الوليد أبو حنيفة، مرجع سابق، ص184

[11] محمد جود لاريجاني، مقولات في الاستراتيجية الوطنية الإيرانية ” شرح نظرية ام القرى الشيعية” ترجمة      نبيل العتوم، (لندن، مركز العصر للدارسات الاستراتيجية المستقبلية، 2013)، ص 108-109

س[12] الوليد أبو حنيفة، مرجع سابق، ص184

[13] نبيل علي العتوم، إيران ونظرية ام القرى الشيعية، ط1 (عمان، دار عمار بالتعاون مع مركز امية للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 2017) ص 101-102

[14] “ماهي المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط حسب التصنيف الأمريكي”، BBS NEWS، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2020، شوهد في 25/1/2022، على الرابط: https://bbc.in/32LmhMo

[15] “أمريكا تدعم الحكومة البلجيكية في اتهام دبلوماسي إيراني ب الإرهاب”، Iran International، 11أكتوبر 2018، شوهد في 25/1/2022، على الرابط https://bit.ly/3gd3TiG

[16] عادل عبد الله علي، محركات السياسة الإيرانية في منطقة الخليج العربي، ط2(دبي، دار مدارك للنشر،2012)، ص 230-231

[17] علي محافظة، إيران بين القومية الفارسية والثورة الإسلامية (بيروت: المؤسسة العربية للنشر والتوزيع، 2013)، ص 163

[18] أحمد نوري النعيمي، السياسة الخارجية الإيرانية 1979-2011 (عمان: دار الجنان للنشر والتوزيع، 2012)، ص229-230

[19] فؤاد كمين، توجهات تركيا وإيران في الشرق الأوسط- سياسات ومصالح (أبو ظبي: مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2014)، ص 22

[20] جواد صندل جازع، “الحركة الحوثية في اليمن: دراسة في الجغرافيا السياسية”، مجلة ديالي للبحوث الإنسانية، العدد49(2011)، ص 163-215

5/5 - (5 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى