التعاون العسكري والأمني بين الهند وإسرائيل: تحليل العلاقات الثنائية وتأثيرها على الأمن القومي العربي 1992-2022
إعداد : نوران عماد حمدي علي محمد – اشراف : أ.د محمد حسين – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر
- المركز الديمقراطي العربي
المقدمة :
تركز هذه الدراسة بالأساس علي تحليل تطور العلاقات الثنائية بين الهند واسرائيل، خاصة في المجال العسكري والأمني. لقد شهد التعاون الهندي الإسرائيلي تطورًا في كافة المجالات، بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. تعتبر الهند قوة صاعدة في المجال الاقتصادي والعسكري على المستوى العالمي، وتحتل المرتبة الثانية من حيث القوة الاقتصادية والعسكرية في آسيا بعد الصين، وتعد الشريك التجاري الثالث لإسرائيل في آسيا منذ عام ٢٠١٤، وعاشر أكبر شريك تجاري بشكل عام. سعت اسرائيل منذ قيامها لبناء علاقات وثيقة مع الدول الكبرى، مدركة حجم التحديات والصعوبات التي ستواجهها في ظل وجود مجتمع عربي معادٍ يتفوق عليها في العدد والمساحة. وأدركت أن نجاحها يعتمد بشكل كبير على الدعم الدولي والقبول في المجتمع الدولي. ولذلك، سعت إسرائيل أيضًا إلى بناء علاقات وتحالفات قوية مع دول أخرى ذات تأثير إقليمي مثل الهند، التي تعد واحدة من أكبر الدول في القارة الآسيوية. قادة إسرائيل أدركوا أن دول آسيا تتجه نحو أن تصبح قوة هامة على المستوى العالمي، وعليه سعت إسرائيل للتقرب من الهند وتكوين علاقات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية معها. على الرغم من وجود العديد من الاختلافات بين الهند وإسرائيل في السياسة الخارجية والموقع الجغرافي وعدد السكان والديانة والثقافة، إلا أن ذلك لم يكن عائقًا في تعزيز العلاقات بينهما. منذ تأسيس إسرائيل واستقلال الهند، كان هناك محاولات جادة لتطوير وتحسين العلاقات بينهما، ورغم وجود تحولات في هذه العلاقات، إلا أن العامل الأساسي الذي يربطهما هو المصلحة الوطنية. ورغم وجود تحديات وعقبات، إلا أن هناك عدة محطات تاريخية تفسر تقدم العلاقات الهندية الإسرائيلية. وبينما كانت هناك دوافع لدى إسرائيل لتعزيز علاقتها مع الهند، كانت لدى الهند أيضًا دوافع وأهداف لتعزيز علاقاتها مع إسرائيل.[1]
تطورت العلاقات بين الهند وإسرائيل من كونها علاقات سرية إلى علاقات رسمية تم الإعلان عنها في بداية التسعينات وحتى الوقت الحالي. استغرقت الهند أكثر من أربعين عامًا لتطوير علاقات رسمية مع إسرائيل، وتحولت من العلاقات السرية إلى العلاقات الدبلوماسية والتطبيع في عام ١٩٩٢. في البداية، كان هناك حدة وانتقادات واضحة في العلاقات بين البلدين، وذلك بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي الحليف الرئيسي للهند، وظهور القوة الأمريكية كقائدة للتحالفات العالمية. مما دفع الهند إلى إعادة توجيه سياستها الخارجية وأولوياتها لخدمة مصالحها بشكل أساسي. وتزامن ذلك مع تولي حزب الشعب الهندوسي ذو التوجهات الليبرالية عام ١٩٩٨ ، وسياسة الانفتاح الاقتصادي للسلطة في البلاد. تزامنت هذه التطورات مع مفاوضات مدريد للسلام بين العرب وإسرائيل وبداية عملية التسوية السلمية في الشرق الأوسط ، وذلك في فترة التسعينيات. وبالتالي، سهلت هذه الأحداث عملية تطبيع العلاقات بين الهند وإسرائيل وأعطت دافعًا لكلا البلدين لإعادة تقييم مواقفهما تجاه الأطراف المتنازعة في المنطقة العربية، بما يخدم مصالحها بشكل أفضل. رأت إسرائيل أيضًا فرصة في التطورات العالمية، ولا سيما التفرد الأمريكي في قيادة العالم، لتعزيز علاقاتها وتحالفاتها الدولية. ورأت في الهند أولوية قصوى لتحقيق ذلك. تم استئناف العلاقات بين البلدين بالكامل في بداية التسعينات، فأصبح لدى إسرائيل سفارة في نيودلهي وقنصليتين في مومباي وبنغالور، بينما كانت هناك سفارة هندية في تل أبيب.
تجسد التطور المستمر في العلاقات الهندية الإسرائيلية في الاهتمام المتزايد من قبل اسرائيل نحو آسيا ودول المحيط الهادي، والتركيز على هذه المنطقة الجغرافية. ومع ذلك، علي الرغم من مرور نحو نصف قرن على توسيع العلاقات بين الهند وإسرائيل، يختلف نهج البلدين في تطوير هذه العلاقات، حيث تميل إسرائيل إلى التسارع والتحفيز في تعزيز العلاقات بشكل عام في محاولة لكسر الخصوصية في العلاقات الهندية العربية، في حين تتبع الهند اسلوبًا تدريجيًا في تقوية العلاقات الهندية الإسرائيلية، مع مراعاة العلاقات التي تربطها بالدول العربية.
تعد الهند وإسرائيل شريكتين أساسيتين في مجال التعاون العسكري والأمني. وتتجلى هذه الشراكة بشكلٍ خاص في دعم إسرائيل الفعال في تحديث الجيش الهندي، حيث تزود الهند بكميات كبيرة من الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية والأمنية من قبل إسرائيل. ومن بين هذه الموارد العسكرية الداعمة، الطائرات المسيرة بدون طيار، والأسلحة المتطورة، وأدوات الرؤية الليلية، والجدران الإلكترونية لتعزيز رقابة الحدود الهندية. بالإضافة إلى ذلك، تشمل الصفقات العسكرية أيضًا توريد الذخيرة، والصواريخ، ومنظومات الدفاع الجوي والبري، وتنفيذ التدريبات العسكرية المشتركة. تعد هذه الصفقات العسكرية جزءًا أساسيًا من تقدم العلاقات بين البلدين. بالإضافة إلى ذلك، تشمل العلاقات الثنائية تبادل المعلومات الأمنية، ومراقبة تحويل الأموال إلى المنظمات المسلحة، والتعاون في مجال تجنيد وتدريب القوات. وبصفة عامة، فإن تعزيز التعاون في أي مجال بين الهند وإسرائيل يعزز الشراكة بينهما في المجالات الأخرى. ومع ذلك، سيتركز هذا التحليل بشكلٍ أساسي على استعراض المجال العسكري والأمني بين الهند وإسرائيل، وتحليل العلاقات الثنائية بين البلدين والتأثيرات السلبية المترتبة على الأمن القومي العربي نتيجة لتنامي الشراكة الاستراتيجية بين إسرائيل والهند. إذ تتيح هذه العلاقات فرصًا لكلا البلدين، في حين أنها تمثل تهديدات ومخاطر على الأمن العربي.[2]
المشكلة البحثية:
تتمحور الإشكالية البحثية للدراسة في محاولة التعرف علي طبيعة العلاقات الهندية الإسرائيلية في حقل العلاقات الدولية ، وكيف تحولت العلاقات من الجمود إلى التطور ، وما هي أهم العوامل والمحددات التي ساعدت في تطور العلاقات بين الدولتين ووصول التعاون بينهما الي هذه الدرجة ، وكذلك محاولة دراسة المحددات الدولية والإقليمية في تقوية العلاقات بين الدولتين ، أيضاً معرفة مدي التأثير الذي تقوم به إسرائيل لدمج الهند في شبكة علاقاتها الدولية ، ومعرفة أثر التطور في العلاقات السياسية بين دولتين على المجال الأمني والعسكري ، وذلك في الفترة من عام ١٩٩٢ حتى عام ٢٠٢٢ ، فقد مرت هذه العلاقات بمراحل مختلفة حيث شهدت العلاقات في الفترة ما قبل عام ١٩٩٢ حالة من الجمود بين البلدين لكن سرعان ما نمت العلاقات بينهما وحدث تقارب وتعاون في العديد من المجالات ، خاصة المجال العسكري والأمني.
تدور مشكلة الدراسة حول السؤال الرئيسي التالي:
إلي أي مدي تطورت العلاقات بين الهند واسرائيل خاصة في المجال العسكري والأمني ، وما تأثير ذلك علي الأمن القومي العربي؟
ويتفرع عن هذا السؤال البحثي الرئيسي عدد من الأسئلة البحثية الفرعية ، وهي كالآتي:
- -ما هي طبيعة العلاقات الهندية الإسرائيلية ، ومراحل تطورها؟
- – ما طبيعة التعاون بين الهند وإسرائيل في المجال العسكري والامني؟
- -ما هي دوافع الهند وإسرائيل لتطوير علاقاتهما ؟
- -ما هي المحددات الإقليمية والدولية التي ساعدت في تطوير العلاقات بين الهند وإسرائيل؟
- -ما هو الدور الذى تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية لدعم التحالف الهندي الإسرائيلي؟
- -ما هي معوقات العلاقات الهندية الإسرائيلية؟
- -ما هو تأثير تطور العلاقات الهندية الإسرائيلية علي الأمن القومي العربي؟
أهمية الدراسة:
تكمن أهمية الدراسة في أهمية الدول موضوع الدراسة ، حيث تعتبر الهند وإسرائيل من البلدان المؤثرة إقليميًا في قارة آسيا ، ولهما دور فعال في العديد من الملفات الإقليمية والدولية ، تكمن أيضًا في أهمية التغيرات والتطورات التي تطرأ على العلاقات بين البلدين ، وتحليل هذه العلاقات منذ المرحلة السرية إلى أن تم الإعلان عنها ، وتحولت إلي تحالف استراتيجي في أغلب المجالات، وأيضا محاولة الكشف عن دوافع كلتا الدولتين من تطبيع العلاقات بينهما.
ويمكن تقسيم أهمية الدراسة إلى نوعين من الأهمية هما:
– الأهمية النظرية :
-تتمثل في توضيح مدى تأثير هذه العلاقات الثنائية على الموقف المتراجع للهند تجاه القضية الفلسطينية، واتخاذ مواقف سلبية تجاه القضية.
-التعرف علي الدوافع والأسباب الهندية نحو تقريب العلاقات مع إسرائيل ، والدوافع والأسباب الإسرائيلية نحو تقريب العلاقات مع الهند.
-رصد مدي تطور العلاقة الهندية الإسرائيلية والصفقات ذات المبالغ الضخمة في جميع المجالات وخاصة المجال العسكري والأمني.
-الكشف عن آثر تطورات العلاقات الهندية الإسرائيلية على الأمن القومي العربي، والنتائج المحتملة لتعميق الشراكة الاستراتيجية بين إسرائيل والهند، بما في ذلك التداعيات السلبية التي قد تشكل تهديدًا على الأمن القومي العربي.
-الأهمية العملية :
تتبع الأهمية العملية من أهمية الهند كقوة صاعدة في النظام الدولي الجديد ، نظرًا لقوتها الاقتصادية والبشرية والتكنولوجية بل والثروة البشرية، حيث يمثل عدد سكانها أكثر من مليار نسمة، بالإضافة إلى كونها امن أهم الدول الكبري التي لها صداقات ومصالح قوية مع العالم العربي ، فضلاً عن قوتها النووية على مستوى العالم ، وقد رأت إسرائيل فيها هدفاً لتحقيق العديد من الأهداف والمصالح ، علاقة الهند القوية بإسرائيل تمثل عنصر يضيف قوة لإسرائيل في المنطقة على حساب العرب.
وبالتالي فإن التحول في شكل العلاقات بين الهند وإسرائيل ، يتطلب النظر إلى هذه العلاقات وتقيمها ، ووضع إطار علمي لتحليلها ، وتوضيح الاهداف والدوافع التي وراء هذا التعاون ، ومحددات العلاقة بين البلدين ، في محاولة لرؤية الواقع وفهمه وتفسيره ومواجهة هذا التسلسل الإسرائيلي في آسيا ، وخاصة الهند.
أهداف الدراسة :
تهدف هذه الدراسة لتحقيق عدد من الأهداف ، تتلخص فيما يلي :
- -التعرف على طبيعة العلاقات الإسرائيلية الهندية خاصة بعد مرحلة فتح السفارات بين البلدين عام ١٩٩٢.
- التعرف على المحددات التي ساهمت في تطور العلاقات الهندية الإسرائيلية.-
- -التعرف علي المدي الذى وصلت إليه العلاقات الإسرائيلية الهندية.
- -رصد انعكاسات تطور العلاقات الإسرائيلية الهندية على الأمن القومي العربي.
- -رصد تطور مدى العلاقة في المجالين العسكري والأمني بين البلدين.
- -الإحاطة بأثر تطور هذه العلاقات على القضية الفلسطينية.
نطاق الدراسة :
-يتمثل الإطار الزمني للدراسة منذ بداية العلاقات الرسمية وتبادل السفراء بين الهند وإسرائيل عام ١٩٩٢ ، حيث تم اختيار عام ١٩٩٢ تاريخا لبدء الدراسة لأنها البداية الفعلية لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين الهند وإسرائيل، تنحصر الدراسة في الفترة من ۱۹۹۲ حتى ٢٠٢٢ حيث شهدت هذه الفترة الزمنية تطورات مهمة بين البلدين.
-تتمثل الإطار المكاني للدراسة في كل من الهند ، اسرائيل ، المنطقة العربية.
-يتمثل الإطار الموضوعي للدراسة في تحليل العلاقات الثنائية بين الهند وإسرائيل ، وتأثيرها علي الأمن القومي العربي ، سوف تتعرض الدراسة للعلاقات العسكرية والأمنية بين الهند وإسرائيل بشكل خاص ، ايضا سوف يتم الإشارة للعلاقات السياسية ، والاقتصادية ، ولكن لا تتضمن الدراسة العلاقات الثقافية بين الدولتين.
الأدبيات السابقة :
- يمكن تناول الدراسات السابقة التي تناولت جوانب من الدراسة الحالية من خلال التركيز على ثلاثة محاور أساسية :
- المحور الأول: الدراسات التي تناولت العلاقات الهندية الإسرائيلية.
- المحور الثاني: الدراسات التي تناولت مجالات التعاون العسكري والأمني بين الهند وإسرائيل.
- المحور الثالث: الدراسات التي تناولت تأثير العلاقات الهندية الإسرائيلية علي الأمن القومي العربي.
-المحور الاول: الدراسات التي تناولت العلاقات الهندية الإسرائيلية
” ، قيم الباحث في دراستهIndia-Israel Relations تحت عنوان، R.K. Srivastava–دراسة للباحث
العلاقات الهندية الإسرائيلية كقضية مهمة في السياسة الخارجية ، وكيف تطورت هذه العلاقات من خلال مقارنة لوضع الدولتين بين الماضي والحاضر ، ورأي أنها ظهرت بشكل متقطع في الصحافة والبرلمان الهندي منذ ما يقرب من عقدين من الزمن. وأنها لا تزال موضع سوء فهم ، على الرغم من محدوديتها، حيث أثارت ردود فعل حادة في الهند وإسرائيل ، وقام بتفسير ذلك، من خلال تسليط الضوء علي اشارة الدبلوماسي الإسرائيلي يعقوب تسور لمحدودية العلاقات بين الدولتين عام ١٩٥٧. فمنذ أوائل الخمسينيات، تبنت الدولتان سياسة محدودة تجاه بعضهما البعض، فكانت معظم محاولات إسرائيل لتقوية علاقتها مع الهند كانت بلا جدوى وظلت العلاقات محدودة. ايضا ركز الكاتب علي رفض الحزب الحاكم حزب المؤتمر الوطني الهندي مسألة الوطن القومي اليهودي وإنشاء دولة إسرائيل، وكيف صرح جواهر لال نهرو وكان رئيس الحكومة المؤقتة في تلك الوقت أن أي قرار لابد أن يتم بالتوافق مع العرب ، فكان المؤتمر الوطني الهندي متشككا في الدوافع الصهيونية في فلسطين نتيجة للإكراهات الداخلية ، ومشاعر الأخوة العرب ، في الوقت نفسه الذي كانت تسعى فيه إسرائيل لإقامة علاقات مع الهند لأن ذلك سوف يعطيها وزنا للدخول في مجتمع الدول الآسيوية، ولكن قوبل ذلك صعوبات من قبل المؤتمر الوطني الهندي المؤمن بالقضية الفلسطينية.[3]
” ، ركزThe Changing Nature of Israeli relations ” بعنوان، “Itzhak Gerberg-دراسة ”
الباحث علي تحليل العلاقات الثنائية بين الهند واسرائيل من عام ١٩٤٨ إلى عام ٢٠٠٥، حيث تأسست دولة إسرائيل في عام ١٩٤٨ ، ولكن لم تعترف بها الهند إلا في ١٩٥٠ ، تناولت الدراسة ثلاثة فترات زمنية لتحليل العلاقات بين البلدين ، الفترة الزمنية الأولي من ١٩٤٨ إلي ١٩٩١، ركز فيها علي العلاقات الثنائية بين البلدين قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية ، وسلط الضوء في هذه الفترة علي السياسة الخارجية الهندية تجاه إسرائيل ومصلحتها تجاه العرب ، واحترامها مشاعر المسلمين الهنود . وفي الفترة الزمنية الثانية ، ركز الباحث علي تحليل التغيير في العلاقات الثنائية بين إسرائيل والهند في عام ۱۹۹۲ وتحول السياسة الهندية المضادة لإسرائيل ، وإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين . وفي الفترة الزمنية الثالثة ، تناول الباحث تحليل السياسة الخارجية الهندية الرسمية تجاه إسرائيل في الإطار الزمني الثالث ، من ١٩٩٢ حتي ٢٠٠٠ ، وكيف تطورت العلاقات الثنائية بين الهند واسرائيل. [4]
-دراسة الباحث اسحاق يعقوب ، تحت عنوان “العلاقات الهندية الإسرائيلية أثناء الحرب الباردة وبعدها “ ، ركز الكاتب علي العوامل المهمة في احداث تغيرات كبيرة في طبيعة العلاقات الهندية الاسرائيلية، والتي وفرتها البيئة الدولية التي تغيرت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وكيف انتقلت العلاقات بذلك من الضعف والغموض والعداء إلى مرحلة الصداقة والتعاون والشراكات الاستراتيجية. يستنتج الباحث أن دراسة مثل هذه التغيرات يحظى بأهمية كبيرة بسبب ما يوفره من تفسيرات واضحة للتغيرات في العلاقات الدولية بين دول ذات ثقافات تاريخية وسياسية مختلفة . فالهند دولة ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للعرب والمسلمين من خلال تاريخها ، ومن خلال موقعها الاستراتيجي المطل على المحيط الهندي ، أما اسرائيل لها أهميتها ودورها الكبير على المصالح العربية والاسلامية في منطقة الشرق الأوسط والمحيط الهندي ، فضلا عن علاقاتها المتنامية مع دول العالم الكبرى. ولكن رغم ذلك يري الباحث إن إسرائيل ظهرت بدعم من الدول الاستعمارية القديمة وبدعم أمريكا ، بينما ظهرت الهند بعد نضال وكفاح من الشعب الهندي ضد الاستعمار البريطاني، وانعكس ذلك في ثقافة البلدين السياسية ، فكان التقارب الاسرائيلي مع دول أوربا والولايات المتحدة هو الشكل الأبرز للعلاقات بينهما ، بينما كانت علاقات الهند مع هذه الدول تتسم بالضعف والتباعد ، ايضا انعكس ذلك على العلاقات بين اسرائيل والهند فكانت العلاقات بينهما تتسم بالضعف والغموض والسرية ، ولكن مع نهاية الحرب الباردة تتطور العلاقات بشكل سريع.[5]
-المحور الثاني: الدراسات التي تناولت مجالات التعاون العسكري والأمني بين الهند وإسرائيل
” ،Indians and Israelis: Beyond Strategic Partnershipsبعنوان ” ، Mania دراسة الباحث-
تناولت الدراسة العلاقات الدبلوماسية بين الهند وإسرائيل ، وكيف تطورت منذ عام ١٩٩٢ ، وشملت كافة المجالات ، فقد نمت التجارة الثنائية بينهما من ٢٠٠ مليون دولار في عام ١٩٩٢ إلى خمسة مليارات دولار في عام ٢٠١٠ ، ايضا ركزت علي انعكاس التعاون في مجالات الدفاع والعلوم وتكنولوجيا المعلومات علي الثقة بين الحكومات والشراكة المستقرة والمشاريع الحكومية مثل الزراعة وإدارة الموارد المائية وأنظمة الدفاع الجوية في الفضاء والتكنولوجيا الفضائية . فكل ذلك يعكس تعزيز الثقة بين قادة الدولتين ودفعهم إلي مزيد من التعاون في العديد من المجالات. كما أشارت إلي تفاعل الإسرائيليين والهنود على طول محاور عديدة أثناء عبورهم لتضاريس بعضهم البعض ، حيث يزور الهند أكثر من ٤٠ ألف إسرائيلي سنويًا ويعيش ٧٠ ألف يهودي هندي في إسرائيل. ايضاً ذكر الباحث أبعاد أخري، فلم تقتصر مجالات التعاون فقط علي سيطرة القضايا الأمنية والتعاون الدفاعي، ومنها التعليم والبحث والفن والثقافة والرياضة والسياحة والعمل.[6]
-دراسة الباحث أمجد أحمد جبريل ، بعنوان ” العلاقات الإسرائيلية الآسيوية ” ، ركز الباحث في دراسته علي رصد مجمل التفاعلات التي تمت بين إسرائيل والدول الآسيوية خلال فترة ما بعد ١٩٩٢ ، كما رصد النجاحات التي حققتها إسرائيل في قارة آسيا ، والتي تتمثل في إقامة علاقات دبلوماسية مع كل من الصين والهند و تركيا ، وذلك بهدف تحقيق عدة مصالح من بينها فتح أسواق جديدة لمنتجاتها العسكرية ، ودعم قدراتها التكنولوجية المتطورة في قطاع البحث والتطوير من خلال التعاون مع هذه الدول ، والاستفادة من التعاون الأمني مع هذه الدول في مراقبة عمليات نقل التكنولوجيا العسكرية إلى بعض الدول العربية بهدف الحفاظ على التوازنات العسكرية بالمنطقة ، فضلا عن إلى تحقيق مكاسب للاقتصاد الإسرائيلي بتوسيع تجارة إسرائيل الخارجية. كما تناول الباحث تنامي مجالات التعاون في المجالات الأمنية والعسكرية ، والمجالات الاقتصادية والفنية، ثم توصلت الدراسة في خاتمتها أن هذا النمو في التعاون بين إسرائيل والدول الآسيوية عامة والهند خاصة أثر بشكل كبير على الدول الإسلامية ، وأضعف من علاقة الهند بها بعد أن كانت العلاقات قوية قبل التسيعنيات.[7]
-دراسة الباحث عراك تركي حمادي ، تحت عنوان ” التعاون العسكري الهندي الاسرائيلي وآثاره الجيوبولتيكية في الأمن القومي العربي ، تناول الباحث التعاون العسكري بين الهند وإسرائيل ، ورأي أنه جاء اثر متغيرات دولية وإقليمية كبيرة كان لها أثار مباشرة على توازن القوى في قارة أسيا ، ايضا ركز علي انعكاسات التعاون العسكري والأمني علي الأمن القومي العربي بالسلب ، باعتباره يمثل سابقة خطيرة في العلاقات الإقليمية والدولية لأنه يبلور علاقة تعاون استراتيجي عسكري و نووي بين كيان معاد للأقطار العربية والإسلامية ، وبين دولة ذات عمق جيوستراتيجي تتمتع بمقومات جغرافية وعناصر قوة جعلتها تحتل مكانة متقدمة على المستويين الإقليمي والدولي ، ايضا تناول الباحث مدي انفتاح إسرائيل على دول أسيوية ذات أهمية إقليمية ودولية بفضل هذا التعاون ، مما يؤدي الى خروج إسرائيل من عزلتها وايجاد موطئ قدم لها في منطقة المحيط الهندي.[8]
–المحور الثالث : الدراسات التي تناولت تأثير العلاقات الهندية الإسرائيلية علي الأمن القومي العربي
-دراسة الباحث أمين شعبان ، بعنوان “العوامل المؤثرة في تطور العلاقات الإسرائيلية الهندية وانعكاساتها على الأمن القومي العربي (١٩٩٢-٢٠٠٥) ” ، اتجهت الدراسة إلى رصد انعكاسات تطور العلاقات الإسرائيلية الهندية على الأمن القومي العربي، وما يمكن أن يسفر عن تنامى الشراكة الاستراتيجية بين إسرائيل والهند من آثار وتداعيات سلبية تمثل فرصا لإسرائيل والهند في حين تشكل تهديدات ومخاطر على الأمن العربي في مستواه القومى والقطري ، كما تناولت الدراسة سيناريوهات لتطور العلاقات الإسرائيلية الهندية في المستقبل في ضوء الواقع الراهن والخبرات التاريخية للعلاقات ، فرغم وجود عوامل محفزة للعلاقات بين البلدين، إلا أن هناك عوامل قد تحد من تطور أو تنامى العلاقات في المستقبل، وهذه هي المعوقات التي تواجه وتحكم تطور العلاقات في المستقبل . ايضا رأت الدراسة ضرورة أن يكون الفاعل العربي حاضرا حيث ينبغى على الدول العربية مواجهة تطورات هذه العلاقات والتعامل بحذر معها وبخاصة في جوانبها السياسية والاستراتيجية.[9]
-دراسة الباحث زكريا حسين ، تحت عنوان “العلاقات الاستراتيجية بين الهند وإسرائيل ١٩٥٠: ٢٠٠٣” ، تناولت الدراسة انعكاسات تنامي العلاقات الاستراتيجية بين الهند وإسرائيل على الأمن القومي والخليجي والعربي ، وذلك من خلال التركيز علي علاقة الهند بالدول العربية من جهة ، وإسرائيل من جهة آخري ، وتقييم الأهداف المعلنة والحقيقية لإسرائيل من توطيد وتقارب علاقاتها مع الدول القارة الآسيوية ، وخاصة الهند، ركزت الدراسة أيضا علي آثار تطور العلاقات الهندية الإسرائيلية ، وخاصة العلاقات العسكرية على المصالح العربية ، حيث ساعد التطور في هذه العلاقات على تنامي القدرات النووية الإسرائيلية ، ودعم التهديدات التي تواجه الأمن العربي في إطار الصراع العربي الإسرائيلي ، ويظهر ذلك في الدور الكبير التي لعبته الولايات المتحدة في دعم تطور العلاقات بين البلدين.[10]
-دراسة الباحثين حارث قحطان ، سلام کریم ، بعنوان “العلاقة الاستراتيجية الاسرائيلية – الهندية وأثرها على العالم العربي” ، تركز الدراسة علي توافق الرؤية الإسرائيلية الهندية بالنسبة للأمن القومي الخاص بهما ، وآثار العلاقة الجيوستراتيجية الإسرائيلية الهندية ذات الأبعاد التوسعية والمرتكزة على بنية تحتية ايدولوجية وخلفية دينية معادية للإسلام والعرب علي القضية الفلسطينية ، ومن ثم علي الأمن القومي العربي ، حيث سجل عقد التسعينيات أكبر انكشاف للتحديات والإخطار الخارجية ، وبخاصة التحديات الإسرائيلية على مستوى الأمن القومي العربي. ايضا اتجه الكاتب للتركيز علي كيف بدأت اسرائيل في الاستفادة من المتغيرات الدولية التي تحدث علي الساحة الدولية ، من خلال محاولتها في تطوير علاقاتها بالدول الآسيوية والتغلغل فيها. كما سلط الكاتب الضوء علي ما يمكن أن يشكله التعاون النووي والعسكري المتبادل بين الدولتين من إضافات استراتيجية لكل منهما خاصة في مجال التجارب النووية ، حيث اصبحت الهند تشكل عمقاً استراتيجي الإسرائيل تظهر خطورته أثناء الصراعات المسلحة المحتملة أن تقع في منطقة الشرق الأوسط ، أيضا تركيز إسرائيل علي تأكيد حضورها العسكري والأمني ، وتوجيه مجالات التعاون بما يخدم مخططاتها لبناء إسرائيل الكبرى على حساب المصالح العربية ، الأمر الذي يشكل خطر بالأمن القومي العربي.[11]
-دراسة الباحث أمين شعبان ، تحت عنوان ” اسرائيل والهند: توسيع نطاق الأمن القومي الإسرائيلي ” ، تتناول هذه الدراسة تطور العلاقات الإسرائيلية الهندية، وتأثير ذلك في الأمن القومي العربي. لاحظ الكاتب أن العلاقات الإسرائيلية الهندية تطورت بسرعة ، برغم ضخامة المصالح الهندية في العالم العربي، ويكشف عن المدى الذي وصلت إليه هذه العلاقات، واهداف كلا من الهند واسرائيل من تطوير علاقتها، والعوامل الإقليمية والدولية التي جعلت الهند ضمن شبكة علاقات إسرائيل الدولية ، الأمر الذي وسع نطاق الأمن القومي الإسرائيلي على حساب الأمن القومي العربي ، أيضاً ركز الكاتب علي تعدد مجالات التعاون بين الهند وإسرائيل، وحجم وطبيعة هذا التعاون ، ومدي ارتباطه بتحقيق الأهداف الاستراتيجية لكلا البلدين، من خلال رصد الأبعاد السياسية والأمنية والاستراتيجية والاستخباراتية للعلاقات بين البلدين. وآثار وتداعيات التعاون خاصة العسكري بين الهند وإسرائيل التي قد تواجهها أطراف إقليمية أخرى بحسب علاقاتها بكل من الهند وإسرائيل، وما لها من تأثيراتها السلبية في المساعي الدولية والإقليمية المتعلقة بالجهود المبذولة لنزع اسلحة الدمار الشامل من منطقة الشرق الأوسط ، وكذلك التوجهات التي تهدف إلى الحد من التسلح في المنطقة ، مما يؤثر علي الأمن القومي العربي.[12]
-دراسة الباحثة نعمة سعيد ، بعنوان ” التعاون الإسرائيلي الهندي في المجالين العسكري والأمني وتداعياته على الأمن القومي العربي ١٩٩٢-٢٠١٧ ” ، اختصت الدراسة بتطور التعاون الإسرائيلي الهندي في المجالين العسكري والأمني منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين ، كما ركزت على تحليل أثر متغيرات البيئة الداخلية في كل من إسرائيل والهند وكذلك طبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية وكيفية استثمار الهند واسرائيل هذه المتغيرات ، أيضا وضحت تداعيات العلاقات العسكرية بينهما على الأمن القومي العربي. كما أشارت إلي حجم المخاطر الناجمة عن العلاقات في المجال العسكري والأمني علي المنطقة العربية . فقد فتح تطور العلاقات الإسرائيلية الهندية فتحت أفاقا جديدة لدى إسرائيل باختراق المنطقة العربية. فعادة ما تحاول إسرائيل انتهاز أي فرص للخروج من عزلتها الإقليمية والدولية على حساب العرب. كما أن التعاون العسكري بين الهند واسرائيل ساهم في إحداث خلل في توازن القوى العسكرية لصالح إسرائيل في مواجهة الامكانات العربية التي اصبحت أكثر تراجعاً ، فمن وجهة نظر الباحث أن العرب لم يستطيعوا تقديم بديل للهند عن التقنية العسكرية الإسرائيلية.[13]
الإطار المفاهيمي:
-مفهوم التعاون الدولي :
يستند مفهوم التعاون الدولي على الاعتقاد بأن أكثر الطرق فاعلية لدعم السلم والأمن الدوليين هو تعميق صلات التعاون الدولي في مختلف المجالات. يتعلق التعاون الدولي بالجهود المشتركة بين الدول لتحقيق المصالح المتبادلة، وتشمل هذه المصالح تحقيق الأمن والسلم ومواجهة التحديات المختلفة. وتمتد مجالات التعاون الدولي لتشمل التعاون الاقتصادي والثقافي، فضلاً عن التعاون المكثف والمبرمج في العديد من المجالات الأخرى مثل تبادل التكنولوجيا العسكرية بين الدول وإقامة مجتمعات عصرية ومكافحة الجريمة الدولية وضبط التسلح ومكافحة الإرهاب الدولي.[14]
تتضمن مستويات التعاون الدولي ، التعاون السياسي والذي يشير إلى التعاون في المسائل السياسية بين دول مختلفة.
التعاون الاقتصادي، والذي يهدف إلى تعزيز التبادل التجاري والاقتصادي بين الدول وتحقيق التنمية الاقتصادية، ويتضمن توقيع اتفاقيات تجارية ومالية وتحرير التجارة ورفع الحواجز الجمركية ومكافحة التهريب الاقتصادي.
التعاون العسكري، والذي يتعلق بالتعاون في المجال العسكري بين الدول، بما في ذلك تحديث معدات الجيوش وتوريد الأسلحة وتطوير التكنولوجيا العسكرية وإجراء مناورات عسكرية مشتركة وإنتاج مشترك للأسلحة العسكرية والانضمام للتحالفات.[15]
-مفهوم الاعتماد المتبادل:
تعتبر مفهوم الاعتماد المتبادل ظاهرة تنشأ من التفاعلات بين أعضاء نظام معين، ويتمحور حول الترابط الداخلي بين الأطراف. يعرف أيضًا بأنه عملية تعزيز الروابط الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية بين الدول، حيث يسعى كل طرف لتقديم ما يمكنه للمساهمة في تحسين أوضاع الطرف الآخر وتعزيز تنسيق السياسات بينهما. يفترض وجود تفاعلات متزايدة بين الدول وتبادل كثيف يؤدي إلى زيادة مستوى الاعتماد المتبادل بينها. يُعرف هذا المفهوم بوصفه ظاهرة غير قومية معقدة تشمل نماذج تفاعلية متعددة الأبعاد ومتعددة القطاعات بين الدول. ونتيجة لذلك، ينشأ مستوى عالٍ من الحساسية للتغيرات التي تحدث في إحدى الأطراف، مما يجعل هؤلاء الأعضاء عُرضة بشدة للتأثيرات الخارجية والقوى الأخرى. وبناءً على ذلك، يتوقف قدرتهم على التعامل مع أعباء وتكاليف هذه التأثيرات الخارجية. هذا هو وصف للمفهوم بناءً على تعريف الدكتور نادية محمود مصطفى.[16]
-مفهوم الأمن القومي:
يعد مفهوم الأمن القومي من أبرز المفاهيم التي تتناولها السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى السياسات الداخلية للأنظمة والمجتمعات المختلفة. في الماضي، كان الأمن القومي يعرف تقليديًا بأنه الحماية من التهديدات الخارجية، وبالتالي تم تعظيم الأهمية التي تُعطى للدفاعات العسكرية لمواجهة التهديدات العسكرية. ومع ذلك، فإن الأمن القومي في الواقع يتضمن مفاهيم أكثر تعقيدًا من تجهيز القوات المسلحة واستخدامها فحسب. فالقوة العسكرية تعتبر جزءًا هامًا من الأمن القومي، ولكنها ليست سوى جانب واحد من جوانبه.
فرانك تريجر وكرنتبرج يعرفان الأمن القومي بأنه “الجزء من سياسة الحكومة الذي يهدف إلى خلق الظروف المواتية لحماية القيم الحيوية”. [17] بينما يعرف هنري كيسنجر الأمن القومي بأنه “التصرفات التي يسعى المجتمع من خلالها للحفاظ على حقه في البقاء”.[18] يعتبر روبرت ماكنمارا أن “الأمن هو التنمية، وبدون تنمية لا يمكن أن يتحقق الأمن، والدول التي لا تتطور في الواقع لا يمكن أن تظل آمنة ببساطة”.[19]
-مفهوم المصلحة الوطنية :
يعود أصل المفهوم إلى نمط العلاقات الدولية الذي يركز على دور الدولة ككيان موحد ومستقل يتمتع بالسيادة. يُعد مفهوم المصلحة الوطنية القوة الدافعة والمحددة لاتجاهات السياسات الخارجية للدول، حيث تكون المصلحة الوطنية هدفًا نهائيًا ودائمًا لرسم السياسة الخارجية. تعرف المصلحة بأنها تعبير عن حاجة من خلال الوعي بضرورتها، أو هي منفعة مكتسبة من نتيجة أو عمل. يعرف روزنو المصلحة الوطنية بأنها “أداة تحليلية تستخدم لوصف وشرح وتقييم مصادر وكفاءة السياسة الخارجية لدولة ما، وتستخدم أيضًا كأداة للعمل السياسي لتبرير أو استنكار أو اقتراح سياسة ما”.[20] بينما يعرفها صامويل هنتنغتون بأن “المصلحة الوطنية تتطلب انسجامها مع طبيعة الدولة وتحددها هويتها، وتمثل الاهتمام الأفضل أو الغالب للشعب في الدفاع عنها بالدم والمال، وعادةً ما تجمع المصلحة الوطنية بين الأمن والمصالح المادية من جهة والأخلاق من جهة أخرى”.[21]
يعد مفهوم المصلحة الوطنية من المفاهيم الأساسية والمعقدة ، فقد طرح المفهوم على الصعيد الأكاديمي والعملي بعض الصعوبات المتعلقة بتحديد مضمونه وإشكالية اتخاذه كأداة عملية لتحليل وتفسير السياسة الخارجية للدول ، ويمكن للسياسيين وقادة الدولة وصناع القرارات استخدامه لتبرير تصرفات دولهم بأساليب مناسبة لهم والتي تساهم في تحقيق أهدافهم وتأمين مصالحهم الشخصية.[22]
منهج الدراسة:
تستعين الدراسة بمنهج تحليل النظم لدايفيد إيستون ، باعتباره المنهج الأنسب لبحث وتحليل علاقة الدولتين خلال الفترة الزمنية المراد دراستها ، والمحددات المؤدية إلي تطوير هذه العلاقات ، وتحليل تأثيرها علي الأمن القومي العربي ، ومعرفة دوافع طرفي العلاقة لتطوير هذه العلاقات . يعتبر منهج تحليل النظم من أكثر الأطر الفكرية استخدامًا في دراسة النشاط السياسي الداخلي والخارجي . يعد مورتون كابلان من أهم الأسماء التي قامت بتطبيق تحليل النظم على دراسة العلاقات الدولية سواء من منظور السياسة الخارجية أو النظم الإقليمية أو النظام الدولي بشكل عام ، ويستند منهج تحليل النظم على عدة مكونات تتمثل في وجود مجموعة من الوحدات التي تدخل في تفاعلات فيما بينها ، ويحيط بكل بيئة وتتأثر هذه الوحدات من خلال مدخلات البيئة والتي تتحول بعد ذلك إلى مخرجات على هيئة سياسات كرد فعل مع وجود تغذية لهذه المخرجات. فالمنهج يعد دائرة متكاملة ذات طابع ديناميكي من التفاعلات السياسية ، تبدأ هذه الدائرة بالمدخلات وتنتهي بالمخرجات، وتقوم عملية التغذية
الاسترجاعية بالربط بين المدخلات والمخرجات.[23]
ويمكن تطبيق منهج تحليل النظم علي الدراسة ، بالنظر إلى المحددات المؤثرة والمؤدية إلى إقامة وتقوية العلاقات والمصالح القومية بين الهند واسرائيل على أنها المدخلات ، والتطور في العلاقات بين إسرائيل والهند هو عملية تفاعل العوامل المؤثرة مع المصالح مما يؤدي الي الانتقال من مدخلات العلاقات إلى مخرجات العلاقة. فإذا كانت العلاقات مترتبة على المدخلات فإن المخرجات مترتبة على العملية . وتتحدد المخرجات في النتائج المترتبة على العلاقات ، أي مدي تفاعل بين طرفي العلاقة في مختلف المجالات ، وصولا إلى مرحلة التغذية العكسية، وما يمكن أن يمثله تطور العلاقات الهندية الإسرائيلية من تأثير علي الأمن القومي العربي.
تقسيم الدراسة :
لقد تم تقسيم الدراسة إلي ثلاثة فصول رئيسية، حيث نجد أن كل فصل يحتوي علي عدد من المباحث:
١-الفصل الاول : الجذور التاريخية للعلاقات الهندية الإسرائيلية، ومراحل تطورها، وديناميكية العلاقات بينها
المبحث الأول : الجذور التاريخية للعلاقات الهندية الإسرائيلية –
المبحث الثاني : مراحل تطور العلاقات الهندية الإسرائيلية منذ ١٩٩٢-
المبحث الثالث : ديناميكية العلاقات الهندية الإسرائيلية –
٢-الفصل الثاني : دوافع ومحددات ومعوقات العلاقات بين الهند وإسرائيل
المبحث الأول : دوافع الهند وإسرائيل نحو تطوير العلاقات بينهما –
المبحث الثاني : المحددات الإقليمية والدولية للعلاقات الهندية الإسرائيلية-
-المبحث الثالث : معوقات العلاقات الهندية الإسرائيلية
٣-الفصل الثالث : تأثير العلاقات الهندية الإسرائيلية علي الأمن القومي العربي
-المبحث الاول : مفهوم الأمن القومي العربي
-المبحث الثاني : تأثير العلاقات الهندية الإسرائيلية علي الأمن القومي العربي
الفصل الاول : الجذور التاريخية للعلاقات الهندية الإسرائيلية ، ومراحل تطورها ، وديناميكية العلاقات بينها
يتناول هذا الفصل التعاون بين الهند وإسرائيل في مجالات مختلفة، ولكن قبل أن نتحدث عن تطور العلاقات بينهما وتعاونهما، من المهم أن نلقي نظرة على الجذور التاريخية للعلاقات الهندية الإسرائيلية. تاريخ العلاقات بين الهند وإسرائيل يمتد إلى فترة ما قبل الاستقلال، لكنها كانت ضعيفة وغير رسمية في تلك الفترة. وفي عام ١٩٥٠، أعلنت الهند الاعتراف بدولة إسرائيل، ولكنها لم تقم بإقامة علاقات دبلوماسية رسمية في ذلك الوقت. فقد تأثرت العلاقات بالعديد من العوامل السياسية والجيوسياسية، بما في ذلك الدعم الهندي للقضية الفلسطينية والروابط التقليدية للهند مع العالم العربي. لكن في عام ١٩٩٢، حدث تحول كبير في العلاقات بين الهند وإسرائيل عندما قامت الهند بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل. تم فتح سفارتين في البلدين وتعزيز التعاون في مجالات مختلفة مثل الدفاع والأمن والزراعة والتكنولوجيا والتجارة. فالعلاقات الهندية الإسرائيلية متعددة الأبعاد وتتسم بالديناميكية. ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقات بين الهند وإسرائيل تطورًا مستمرًا. تبادل الزيارات الرسمية بين المسؤولين الحكوميين في البلدين أصبحت أمرًا معتادًا، وتم تعميق التعاون بينهما خاصةً في المجال العسكري والأمني والدفاع، والذي يعتبر جزءًا هامًا من العلاقات بين البلدين.
المبحث الأول: الجذور التاريخية للعلاقات الهندية الإسرائيلية
العلاقات بين الهند وإسرائيل لها تاريخ طويل يعود إلى العقود الأولى من القرن الماضي، قبل تأسيس دولة إسرائيل. في بداية القرن العشرين، كانت الهند إحدى مستعمرات الإمبراطورية البريطانية، في حين كانت فلسطين تحت الحكم العثماني. ومع تنامي الحركة الصهيونية في فلسطين وسعيها لإقامة وطن قومي لليهود، بدأت تظهر بعض علامات التقارب بين الهند والصهاينة. خلال فترة الاستعمار البريطاني، ظهرت حركة صهيونية قوية في الهند. كما تم تشكيل جمعية صهيونية هندية في مومباي في عام ١٩١٨. وقد دعمت هذه المؤسسات الصهاينة بنشاط وسعت لتعزيز الوعي بين الهنود بشأن حق الشعب اليهودي في إقامة وطن قومي في فلسطين. ففي عام ١٩١٧، عندما أصدرت بريطانيا وعد بلفور الذي أعلن عن دعمها لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وقد أثار هذا الإعلان ردود فعل مختلفة في الهند، حيث كانت تنشط حركات وطنية تسعى للتخلص من الاستعمار البريطاني. كما أيد زعماء الهند الموقف الفلسطيني من قضية هجرة اليهود إلى فلسطين. ونظرًا لمعاداة الهند للاستعمار البريطاني وسياساته، اعتبر البعض أن ما يحدث في فلسطين محاولة من الاستعمار البريطاني لتقسيمها وتشتيت شعبها. وخلال فترة مهاتما غاندي، لم تكن العلاقة بين الصهيونية والهند من خلال غاندي موجودة قبل قيام إسرائيل فحسب، بل قبل أن تحصل الهند على استقلالها أيضًا. فكان المهاتما غاندي في ذلك الوقت زعيم الهند بلا منازع، وبسبب نفوذه في الهند وخارجها، لم يكن من الغريب أن يبحث عنه الصهاينة ويحاولون استمالته. فقد قام الصهاينة بالعديد من المحاولات لإقناع المهاتما غاندي بدعم الصهيونية، ولكن غاندي رفض كل هذه المحاولات ورفض تأييد الصهاينة، ورأي أن تعاطفه مع اليهود لن يعمه عن رؤية حق الفلسطينيين. مؤكدًا علي خطأهم في فرض أنفسهم علي الفلسطينيين بدعم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. بعد وصول جواهر لال نهرو إلى الحكم عقب اغتيال غاندي، والذي عارض وجود إسرائيل على الأراضي الفلسطينية ووصف الفكر الصهيوني بأنه جريمة ضد الإنسانية. في عام ١٩٤٧، الذي حصلت فيه الهند على استقلالها، اقترحت الهند باعتبارها عضوا في اللجنة الخاصة للأمم المتحدة مشروعين بشأن فلسطين. وكانت الهند إحدى الدول القليلة التي اقترحت قيام اتحاد فيدرالي في فلسطين دون تقسيمها إلى دولتين، حيث إقامة فلسطين فيدرالية تمنح حكمًا ذاتيًا للسكان اليهود. وفي نوفمبر من ذلك العام، عارضت الهند تقسيم فلسطين الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة. في مؤتمر العلاقات الآسيوية الذي عقد في الهند ١٩٤٧، رفض نهرو السماح لرئيس الوفد اليهودي بالتحدث وأعلن الاجتماع الختامي موضحًا أن سياسة الهند هي أن فلسطين عربية ولا يمكن اتخاذ القرار دون موافقة العرب. بالإضافة إلى ذلك، بعد قيام دولة إسرائيل، حاول أعضاء الوكالة اليهودية التابعة للأمم المتحدة أيضًا التقرب من الوفد الهندي لدى الأمم المتحدة وممارسة التأثير عليه. لكن معظمهم وقف إلى جانب النضال العربي. وفي عام ١٩٤٨، طالب موشيه شاريت من الهند الاعتراف بإسرائيل دبلوماسيًا. فكان اليهود مدركين لأهمية الهند. ولكن قررت الحكومة الهندية تأجيل النظر في هذه القضية. واوضحت صعوبة إقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل أو الاعتراف بها. وأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل في ذلك الوقت يعني الرغبة في إيذاء المسلمين. وأنه لا يمكن للحكومة الهندية تغير سياساتها فجأة. وفي عام ١٩٤٩، صوتت مع الدول العربية ضد قرار طلب إسرائيل الانضمام إلى الأمم المتحدة بعد توقيع اتفاق الهدنة مع جيرانها. كما بذلت إسرائيل العديد من الجهود للحصول على اعتراف دبلوماسي من الهند، وتمت عدة لقاءات بين ممثلي إسرائيل ونظرائهم الهنود. وفي عام ١٩٥٠، عرضت اسرائيل مسألة الاعتراف بإسرائيل علي نهرو. أعلن نهرو في فبراير ١٩٥٠ أن الهند ستعترف بإسرائيل، مشيرًا إلى أن الاعتراف لن يؤثر علي العلاقات الهندية العربية، وأرسل نهرو إلى وزير الخارجية الإسرائيلي موشيه شاريت. وأخبره أن الحكومة الهندية قررت الاعتراف بإسرائيل. وفي هذا العام، أعلنت الهند اعترافها بإسرائيل. ولكن هذا لا يعني إقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل. على الرغم من الاعتراف، رفضت الهند إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل. الموافقة الوحيدة التي تمت هي إقامة قنصلية إسرائيلية في بومباي، بهدف إقامة علاقات متوازنة مع إسرائيل دون أن تحمل أية صفة دبلوماسية. أكدت الهند أن القنصل الإسرائيلي في بومباي لا يحمل أية صفة دبلوماسية. ففي مؤتمر بلغراد عام ١٩٦١، أعلن نهرو في مؤتمر صحفي أن الهند مستمرة في رفض العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. وفي عام ١٩٦٤، وفي ذروة رد فعل وسائل الإعلام العربية على محاولة إسرائيل تحويل نهر الأردن، أوضح نهرو لممثل الجامعة العربية في الهند أن بلاده تؤيد الموقف العربي بالكامل بشأن هذه القضية. فقد أيد مطالب الدول العربية فيما يتعلق بمياه نهر الاردن، كما أيد حق العرب في العودة إلى فلسطين بلدهم. حتي بعد وفاته، واصلت الهند اتباع سياسات مؤيدة للعرب. وأعلن رئيس وزراء الهند في ذلك الوقت لال بهادور شاستري دعم الهند للقضايا العربية مثل القضية الفلسطينية وتحويل نهر الأردن. وفي عام ١٩٦٤، أعربت الهند عن تعاطفها ودعمها المستمرين لآمال العرب في فلسطين.[24] ففي بداية العلاقات الهندية الإسرائيلية، كانت الهند تتبنى موقفًا حياديًا بشأن الصراع العربي الإسرائيلي، وذلك بسبب الروابط التاريخية والثقافية القوية التي تربط الهند بالعالم العربي. كما كانت الهند تدعم قضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني في تلك الفترة. ولكن منذ عام ١٩٥٢، بدأت الهند في مناقشة الخطوات المطلوبة لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. ففي هذا العام، تم قرار إرسال والتر إيتان، مدير عام وزارة الخارجية، إلى الهند، بهدف دراسة إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية بين الهند واسرائيل. على الرغم من عدم الاعتراف بأن إسرائيل تظهر أكثر اهتمامًا بتوطيد العلاقات، فقد أظهر دافيد بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل استعدادًا لتعزيز الروابط بين البلدين. ففي عام ١٩٥١، ارسل دافيد بن غوريون إلي نهرو لدعوته للقاء والتر إيتان، وكان رده بالموافقة، فقد قرر بالفعل إقامة علاقات بين البلدين. وكان تأخير إقامة علاقات دبلوماسية بين الدولتين يعود إلي الموقف السلبي والمعارضة الشديدة لمولانا آزاد الذي كان له تأثير كبير على الحكومة. زعم مولانا آزاد أن باكستان ستستخدم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الهند وإسرائيل لأغراض دعائية بين الأقلية المسلمة في الهند لإثارة الغضب ضد الحكومة الهندية. ولكن ليس هذا هو السبب الرئيسي، فمنع إقامة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل هو وجود أقلية مسلمة كبيرة في الهند. في عام ١٩٥٢، بلغت نسبة الأقلية المسلمة في الهند حوالي ١٢٪ من إجمالي السكان. وفي نفس الفترة، كان هناك وزراء يعملون في الحكومة الهندية، بما في ذلك مولانا آزاد . وبالتالي كان من الصعب علي نهرو إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل بسبب المعارضة الشديدة من جانب المسلمين الهنود. كان الدعم الهندي للقضية الفلسطينية أيضًا، سبب في منع إقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، فكانت الهند من الدول الرئيسية المؤيدة للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة. كانت الهند تؤيد حق الفلسطينيين في تقرير المصير والتوصل إلى حل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وإقامة علاقات مع إسرائيل في ذلك الوقت قد تعتبر تناقضًا لموقف الهند الثابت تجاه القضية الفلسطينية. وبالتالي، تأثرت هذه العملية بعلاقات الهند مع الدول العربية ومشاركتها في حركة عدم الانحياز، والانقسام بين المعسكرين الشرقي والغربي، وصداقة نهرو القوية مع جمال عبد الناصر، والعدوان الثلاثي على مصر في عام ١٩٥٦ من قبل فرنسا وبريطانيا وإسرائيل، وحرب ١٩٦٧ التي شنتها إسرائيل على الدول العربية المجاورة لها. على الرغم من ذلك، قامت الهند بدعم مصر في هذه الأحداث وحافظت على سياستها المؤيدة للقضايا العربية. وبعد وفاة نهرو في عام ١٩٦٤، تغيرت الديناميكية السياسية في الهند تدريجيًا. استمرت الهند علي موقفها خلال فترة حكم أنديرا غاندي من عام ١٩٦٦ إلى ١٩٧٧. قبل السبعينيات، كانت الهند تتبنى سياسة الدعم للقضية الفلسطينية وتؤيد إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ولذلك كانت العلاقات الرسمية بين الهند وإسرائيل محدودة وغير وثيقة. وفي بداية السبعينات في عام ١٩٧١، حدث تحول في العلاقات بين البلدين بعد حرب بنغلاديش، حيث قدمت إسرائيل مساعدة عسكرية واستخباراتية للهند في حربها ضد باكستان. هذا المساعدة ساهمت في تحقيق النصر للهند وتقوية العلاقات بين البلدين. وفي الثمانينات، بدأت العلاقات الهندية الإسرائيلية في التحسن نتيجة سقوط الاتحاد السوفيتي الحليف الرئيسي للهند، وانتهاء الحرب الباردة، وتراجع حركة عدم الانحياز، وزيادة دور الولايات المتحدة الأمريكية في الساحة الدولية. وخلال العقود التالية، تطورت العلاقات الثنائية بين البلدين في مجالات متعددة بما في ذلك التجارة والأمن والتكنولوجيا والزراعة والسياحة والثقافة، شهدت الهند تطورًا سياسيًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا، وبدأت تلعب دورًا هامًا في الشؤون العالمية. وفي الوقت نفسه، كانت إسرائيل تعمل على بناء دولتها الجديدة وتواجه تحديات أمنية هائلة. في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، أدت تحسين العلاقات بين الهند وإسرائيل إلى إقامة علاقات سرية وغير رسمية بين الجانبين. وقد تم تبادل المعلومات والخبرات في مجالات الأمن والاستخبارات والتكنولوجيا العسكرية. في الحقيقة إن التعاون العسكري والأمني بين الهند وإسرائيل بدأ في وقت مبكر. على سبيل المثال، خلال حرب الاستقلال الهندية في عام ١٩٤٨، قدمت إسرائيل مساعدة عسكرية سرية للهند، بما في ذلك توريد الأسلحة والتدريب العسكري. وفي عام ١٩٨٢، قام رئيس وزراء الهند السابق أنديرا غاندي بزيارة إسرائيل، وهذه كانت أول زيارة رسمية لزعيم هندي إلى إسرائيل. وتم توقيع اتفاقية بين الهند وإسرائيل في مجالات التعاون العلمي والتكنولوجي. وفي عام ١٩٨٧، قام رئيس وزراء الهند السابق راجيف غاندي بزيارة إسرائيل، مما يعكس استمرار تحسين العلاقات بين البلدين. ومنذ عام ١٩٩١، تطورت العلاقات بين الهند وإسرائيل إلى علاقات دبلوماسية وتعاون في مختلف المجالات. وقد صوتت الهند ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أصدرته في عام ١٩٧٥ وأدان الصهيونية واعتبرها تمييزًا عنصريًا. وفي عام ١٩٩١، تم إلغاء هذا القرار بالأغلبية واعتبار الصهيونية حركة تحرر وطني. وفي عام ١٩٩٢، بدأت الهند وإسرائيل في إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بينهما. ومنذ عام ١٩٩٢ وحتى الآن توالت زيارات الوفود الرسمية بين الهند وإسرائيل على مختلف المستويات. تم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات الأمن والدفاع والاقتصاد والتكنولوجيا والثقافة. ففي عام ١٩٩٢، قام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة إسرائيل، وهذه كانت أول زيارة رسمية لزعيم هندي إلى إسرائيل. تم توقيع اتفاقية التعاون الثقافي والعلمي والتقني بين البلدين خلال هذه الزيارة. قام أيضًا رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون بزيارة إلى الهند لتعزيز التعاون في المجال العسكري والأمني والدفاع. فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية في عام ١٩٩٢، تطور التعاون العسكري والأمني بشكل ملحوظ، حيث تم تبادل التكنولوجيا العسكرية والمعلومات الاستخباراتية بين البلدين، فضلًا عن تبادل الخبرات في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن الحدودي. كما لعبت العوامل الاقتصادية دورًا في تعزيز العلاقات بين الهند وإسرائيل. تعد الهند واحدة من أكبر الأسواق الناشئة في العالم، وتبحث عن التكنولوجيا والابتكارات في مختلف القطاعات. من جانبها، تعتبر إسرائيل واحدة من الدول الرائدة في مجالات التكنولوجيا والعلوم، وتمتلك خبرة واسعة في مجالات مثل التكنولوجيا الزراعية والمياه والأمن السيبراني والطاقة المتجددة. لذلك، يمكن أن تستفيد الهند من التعاون مع إسرائيل في هذه المجالات. فقد تطورت العلاقات التجارية والاقتصادية بين الهند وإسرائيل بشكل كبير. تبادل السلع والخدمات بين البلدين زادت بشكل كبير، وتم تعزيز التعاون في مجالات مثل التكنولوجيا الزراعية والمياه والتكنولوجيا النظيفة والتكنولوجيا الحيوية. كما تعزز التعاون الثقافي والعلمي بين الهند وإسرائيل، حيث تم تبادل الفعاليات الثقافية والفنية والأكاديمية بين البلدين. في عام ١٩٩٣ قام رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين بزيارة الهند، وهذه كانت أول زيارة رسمية لزعيم إسرائيلي إلى الهند. تم توقيع اتفاقية الاقتصاد والتجارة والتعاون الثقافي بين البلدين خلال هذه الزيارة. وعندما تولى حزب الشعب الهندوسي ذو التوجهات الليبرالية “بهاراتيا جاناتا” الحكم في عام ١٩٩٨، زاد التعاون بين البلدين وتم تعزيز العلاقات في مختلف المجالات، بما في ذلك التعاون الأمني والعسكري والنووي. وكان حزب الشعب الهندوسي معادي للعرب والمسلمين، ورأى أن ما يخدم مصالح الهند هو تعزيز العلاقات مع إسرائيل، وليس مع الدول العربية.[25]
المبحث الثاني : مراحل تطور العلاقات الهندية الإسرائيلية منذ ١٩٩٢
يمكن تقسيم مراحل تطور العلاقات الهندية الإسرائيلية إلي عدة مراحل :
-المرحلة الأولي من مراحل تطور العلاقات في الفترة ١٩٩٢-٢٠٠٤
بداية العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين الهند وإسرائيل في عام ١٩٩٢ كانت خطوة تاريخية مهمة في تشكيل العلاقات الثنائية بين البلدين. بعد الاستقلال عن الاستعمار البريطاني في عام ١٩٤٧، اتبعت الهند سياسة خارجية تركز على مبدأ عدم الانحياز ودعم القضية الفلسطينية، أي سياسة تهدف إلى عدم الانحياز لأي تحالف عسكري أو سياسي في الصراعات الدولية. حيث تحاول الهند الابتعاد عن الصراعات الدولية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وفي سياق الصراع العربي الإسرائيلي، اتبعت الهند موقفًا محايدًا وعدم التدخل في الصراع بين الجانبين. ومع ذلك، في نفس الوقت دعمت الهند القضية الفلسطينية. وهذا يعني أن الهند أعربت عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني ودعمت حقوقهم وطموحاتهم في إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وعلى الرغم من اتباع الهند هذا مبدأ، إلا أنها أقامت علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل في عام ١٩٩٢. هذا يعكس تطورًا في سياسة الهند الخارجية وتحولًا في التعاطي مع الصراع الفلسطيني وإسرائيل. فقد بدأت العلاقات غير الرسمية بين الهند وإسرائيل في التطور تدريجيًا في العقود التالية. وفي عام ١٩٩٢، شهدت العلاقات تغييرًا كبيرًا عندما قامت الهند بإقامة العلاقات الدبلوماسية العلنية مع إسرائيل. وتم الإعلان عن تبادل التمثيل الدبلوماسي الكامل بينهما. افتتحت إسرائيل سفارتها في دلهي في فبراير ١٩٩٢، في حين افتتحت الهند سفارتها في تل أبيب في مايو من نفس العام. وكان ذلك بعد أكثر من ٤٠ عامًا من اعتراف الهند بإسرائيل في عام ١٩٥٠، دون وجود أي علاقات دبلوماسية رسمية في تلك الفترة التي تميزت بالتوتر والغموض والسرية في العلاقات برغم محاولات إسرائيل المتكررة لتعزيز العلاقات بين البلدين. لعبت الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها الهند دورًا في تغيير وتحول سياستها الخارجية وموقفها تجاه إسرائيل، وسعيها لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية معها. كانت الهند بحاجة إلى بديل يلبي احتياجاتها العسكرية، وكانت تسعى أيضًا لتعزيز علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الرئيسي لإسرائيل، التي أصبحت القوة المهيمنة على النظام الدولي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. بدأت الهند في تطوير علاقتها مع إسرائيل وفي الوقت نفسه حافظت على علاقاتها مع الدول العربية، وعلى موقفها المبدئي تجاه القضية الفلسطينية ودعمها لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. حاولت الهند التوافق بين إسرائيل والدول العربية لحماية مصالحها المشتركة. [26] شهدت الفترة منذ عام ١٩٩٢ العديد من الزيارات المتبادلة بين القادة وكبار المسؤولين لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات ، وتطوير قدرات الهند النووية واستفادتها من التكنولوجيا الإسرائيلية. قام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة إسرائيل في نفس العام، وهي زيارة تاريخية لأول زعيم هندي يزور إسرائيل. وفي العام التالي، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين بزيارة الهند. تم توقيع عدة اتفاقيات في عام ١٩٩٤ لدعم الصناعات الحربية والتعاون التكنولوجي وتبادل المواد المركبة المستخدمة في صناعة الطائرات والبصريات الإلكترونية. في عام ١٩٩٦ قام رئيس الوزراء الهندي في تلك الفترة بزيارة إلى إسرائيل. تركزت الزيارة على تعزيز التعاون الثقافي والاقتصادي بين البلدين. في عام ١٩٩٨، تولى حزب بهاراتيا جاناتا السلطة في الهند، وهو حزب مؤيد لإسرائيل، الأمر الذي لعب دورًا في تعزيز العلاقات بين البلدين. في عام ١٩٩٩، وقعت الهند وإسرائيل اتفاقية تعاون في مجال الزراعة وتبادل التكنولوجيا الزراعية. وفي فترة بداية الألفية الجديدة، استمر التعاون بين الهند وإسرائيل في التوسع والتنوع. تركز التعاون العسكري على تبادل التكنولوجيا والتدريب، وتوفير المعدات العسكرية المتطورة. كما تم تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والمياه والتكنولوجيا. قام رئيس الوزراء الهندي أتال بهاري فاجبايي بزيارة رسمية إلى إسرائيل في عام ٢٠٠٠، وهي أول زيارة لرئيس وزراء هندي إلى إسرائيل في ١٠ سنوات. تركزت الزيارة على تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والمياه والتكنولوجيا. كما مثلت زيارة وزير الداخلية لال كريشنا أدفاني إلى إسرائيل في عام ٢٠٠٠، وزيارة رئيس الوزراء شارون إلى الهند في عام ٢٠٠٣، خاصة عندما تم الإعلان عن مشروع المحور الأمريكي الهندي لإسرائيلي في ذلك العام. ونتج عن زيارة شارون توقيع ست اتفاقيات تشمل التعاون في مجالات مثل البيئة ومكافحة تجارة المخدرات غير المشروعة والصحة والتعليم وتبادل البرامج التعليمية والثقافية بالإضافة إلى تسهيل تأشيرات السفر لحملة جوازات السفر الدبلوماسية والرسمي والخدمية. في عام ٢٠٠٣، وقعت الهند وإسرائيل اتفاقية تعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا. وفي عام ٢٠٠٤ قام رئيس الوزراء الهندي أتال بهاري فاجبايي بزيارة ثانية إلى إسرائيل. تم توقيع اتفاقية لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الأمنية.[27]
-المرحلة الثانية من مراحل تطور العلاقات الهندية الإسرائيلية في الفترة ٢٠٠٥-٢٠١٧
في الفترة من عام ٢٠٠٥ إلى عام ٢٠١٧، شهدت العلاقات الهندية الإسرائيلية تطورًا كبيرًا في مختلف المجالات، بدءًا من الاقتصاد والتجارة إلى التعاون العسكري والتكنولوجي والثقافي. خلال هذه الفترة، تم توقيع العديد من الاتفاقيات والمذكرات التفاهم التي ساهمت في تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين. تبادل البلدين الزيارات لتعزيز التعاون الصناعي والتجاري والزراعي بينهما. في عام ٢٠٠٥، زار رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ إسرائيل والتقى برئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون. تم اتخاذ خطوات لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين. توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الهند وإسرائيل في عام ٢٠٠٧، والتي تهدف إلى تعزيز حجم التبادل التجاري بين البلدين. شهدت العلاقات التجارية نموًا ملحوظًا، حيث ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين البلدين بشكل كبير خلال تلك الفترة. كما تعاونت الهند وإسرائيل في مجالات مثل التكنولوجيا الزراعية، والتكنولوجيا الحيوية، والمياه، والطاقة المتجددة، وتبادل المعرفة والخبرات في هذه المجالات. ففي عام ٢٠١٢، قام رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ بزيارة رسمية إلى إسرائيل. تم توقيع اتفاقيات في مجالات الزراعة والتعاون العلمي والتكنولوجيا. شهدت أيضًا العلاقات العسكرية بين الهند وإسرائيل تطورًا كبيرًا، حيث تم تعزيز التعاون في مجالات مثل التدريب العسكري، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتكنولوجيا الدفاع. وتعاون البلدين في تطوير وتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة، بما في ذلك الصواريخ والأنظمة الدفاعية. بالإضافة إلى تبادل الخبرات والتعاون في مكافحة الإرهاب والأمن السيبراني. كما تعزز التعاون الثقافي والتربوي بين البلدين، حيث تم تنظيم المزيد من الفعاليات الثقافية والمعارض والحفلات الموسيقية والعروض الفنية، وتم تبادل الطلاب والأكاديميين بين الهند وإسرائيل، وتنظيم برامج تبادل ثقافي وتعليمي، وتعاونت الجامعات والمؤسسات البحثية في البلدين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والبحث العلمي.
وفي عام ٢٠١٤، تولى ناريندرا مودي رئاسة حزب الشعب القومي الهندوسي بهاراتيا جاناتا، وكانت سياسته تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي للهند وتطوير العلاقات مع دول العالم، خاصة إسرائيل التي تتمتع بخبرات واسعة في مجالات التكنولوجيا والزراعة والاتصالات والأمن. وقد شجع مودي على إقامة شراكات مع حكومات إسرائيل في مختلف المجالات. وقد أعرب مودي عن أهمية تطوير العلاقات مع إسرائيل قبل توليه الحكم، حيث كانت لديه علاقات شخصية واقتصادية وصناعية مع إسرائيل منذ توليه رئاسة ولاية كجرات في عام ٢٠٠١، حيث يوجد فيها أقلية يهودية. وكان مودي يروج للمساهمة الكبيرة التي قدمتها استثمارات اليهود في تلك الولاية في تحسين الأوضاع الاقتصادية فيها. وخلال فترة حكمه، امتنعت الهند عن التصويت على تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي انتقد العدوان الإسرائيلي على غزة، وهذا أدى إلى تحولات كبيرة في تطور العلاقات بين البلدين، حيث تحولت العلاقات من مجرد تعاون إلى تحالف استراتيجي قائم علي الاعتماد المتبادل. وفي عام ٢٠١٤، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الهند والتقى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. تم تعزيز التعاون في مجالات الدفاع والأمن والتجارة. في عامي ٢٠١٥-٢٠١٦ ، شهدت الهند وإسرائيل تطورًا ملحوظًا في العلاقات الاقتصادية في مجالات التكنولوجيا والزراعة والاستثمارات والمشروعات المشتركة في البنية التحتية وقطاع المياه. وفي عام ٢٠١٧ ، قام رئيس الوزراء مودي بزيارة رسمية إلى إسرائيل، وأعرب عن رغبته في بناء شراكة قوية مع إسرائيل ، وتم توقيع عدة اتفاقيات ومن بين هذه الاتفاقيات، اتفاقيتان تهدفان إلى زيادة التعاون في حفظ المياه وتحسين خدمات مياه الشرب في الهند، واتفاقية خاصة بصندوق الابتكار الصناعي والتكنولوجي لتعزيز الشراكات بين المبتكرين الهنود و الإسرائيليين. وتم أيضًا إقامة شركات مشتركة في مجال التعليم، وافتتاح فرع جامعي للمعهد الهندي للإدارة في بنغالور في إسرائيل عام ٢٠١٧ ، وذلك لتعزيز البحث والابتكار التكنولوجي والتعاون الأكاديمي بين البلدين.[28]
-المرحلة الثالثة من مراحل تطور العلاقات الهندية الإسرائيلية في الفترة من ٢٠١٨-٢٠٢٢
شهدت هذه المرحلة تعزيز العلاقات بين البلدين في العديد من المجالات، كما شهدت زيارات رسمية مهمة بين المسؤولين الهنود والإسرائيليين. في عام ٢٠١٨ ، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة رسمية إلي الهند وهي أول زيارة لرئيس وزراء إسرائيلي للهند منذ عقود. تم تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الزراعة، والتكنولوجيا، والدفاع والطاقة. وتم توقيع وبحث صفقة تزويد إسرائيل الهند بصواريخ مضادة للدبابات، ايضا توسيع العلاقات بين البلدين في المجال الاقتصادي، وتوقيع بعض الاتفاقيات في مجالات الأمن السيبراني، واستكشاف النفط والغاز، والطيران المدني. في أغسطس ٢٠١٩، قام وفد هندي رفيع المستوى بزيارة إسرائيل لمناقشة التعاون في مجال الأمن والدفاع. في سبتمبر ٢٠١٩، أجرت الهند وإسرائيل مناورات بحرية مشتركة في بحر العرب، وشاركت فيها البحرية والقوات الجوية من كلا البلدين. في سبتمبر ٢٠٢٠، قام وزير الخارجية الهندي بزيارة إسرائيل والتقى بنظيره الإسرائيلي لبحث التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد والتكنولوجيا. في يناير ٢٠٢١، قام وفد من الهند بزيارة إسرائيل لمناقشة التعاون في مجال الزراعة والمياه والتكنولوجيا النظيفة. في يوليو ٢٠٢١، قدمت الهند المساعدة الطبية لإسرائيل بعد حادثة انهيار جسر في مدينة تل أبيب. وفي سبتمبر ٢٠٢١، قام وزير الدفاع الهندي بزيارة إسرائيل وتبادل المعلومات حول التعاون العسكري والأمني بين البلدين. في نوفمبر ٢٠٢١، قام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة إلى إسرائيل للمشاركة في اجتماعات الحكومة المشتركة بين البلدين. وفي عام ٢٠٢٢ ، احتفالا بالذكرى الثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينت، بتوجيه خطاب للهند، أكد فيه علي فرص التعاون اللامتناهية بين الدولتين. كما تحدث ناريندرا مودي عن تحديد أهداف جديدة لدفع العلاقة إلى الأمام. ايضا قام وزير الأمن الإسرائيلي بزيارة إلى الهند في عام ٢٠٢٢، ووقع مع وزير الأمن الهندي مذكرة تفاهم بمناسبة ٣٩ عام من العلاقات الأمنية بين البلدين، وقام الوزيران بمناقشة القضايا الاستراتيجية العالمية والتحديات المشتركة بينهما في حماية الحدود وتعزيز الأمن والحرب على الإرهاب، كما ناقشا العمل المشترك بين البلدين في تطوير الأسلحة، والتعاون العسكري والصناعي، ومشاريع التعاون بينهم في مجال التدريب العسكري المشترك، وتطوير التقنيات المتعلقة بالطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع. وفي فبراير من هذا العام، قام الرئيس الهندي بزيارة إسرائيل والتقى برئيس الوزراء الإسرائيلي لبحث تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والتجارة والأمن. وفي مارس، تم توقيع اتفاقية بين البلدين لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة. وفي يونيو ٢٠٢٢، وقعت الهند وإسرائيل اتفاقية تعاون في مجال الزراعة لتعزيز التعاون في تطوير التكنولوجيا الزراعية المتقدمة وزيادة الإنتاجية الزراعية[29]
المبحث الثالث : ديناميكية العلاقات الهندية الإسرائيلية
اتخذت العلاقات بين الهند واسرائيل أشكال متعددة ، وشهدت تعاون في مختلف المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية.
-التعاون العسكري والامني بين الهند واسرائيل:
يعد التعاون في المجال العسكري والأمني أحد أهم أشكال التعاون بين الهند واسرائيل ، حيث جاءت رغبة الهند في الحصول علي أحدث التقنيات العسكرية متوافقة مع حاجة إسرائيل لتوسيع سوق منتجاتها العسكرية. فالهند تعتبر أكبر مستورد للسلاح في العالم ، وتعد إسرائيل ثاني أكبر مورد لها بعد روسيا. في السنوات الأخيرة استوردت الهند حوالي ٥٠ ٪ من اجمالي صادرات الأسلحة من إسرائيل، وقد استثمرت مبالغ ضخمة لتجديد ترسانتها العسكرية. ومن أبرز ملامح التعاون العسكري والامني بين البلدين:
-تطوير الأسلحة وتحديث الجيش الهندي:
فى عام ١٩٩٦، قامت الهند بشراء منظومة متطورة لمناورات القتال الجوي من اسرائيل، وفي عام ١٩٩٨ طالبت بشراء ١٦ طائرة بدون طيار من إسرائيل. وفي عام ١٩٩٩، شهدت العلاقات العسكرية نقلة نوعية، حيث وافقت إسرائيل على مطالب الهند من الأسلحة والذخائر الإسرائيلية. وقدمت مساعدات عسكرية للهند بهدف السيطرة على التمرد في كشمير، بما في ذلك توريد طائرات بدون طيار ورادارات وأنظمة مراقبة. وفي عام ٢٠٠١ ، قام الطرفان بتوقيع معاهدة تعاون عسكري ثنائي بدعم من الولايات المتحدة، حصلت الهند من خلالها على اجهزة تنصت وانذار مبكر متطورة. وفي عام ٢٠٠٦، تم توقيع العديد من الصفقات بين الشركات الإسرائيلية والهندية لتطوير القدرات الجيش الهندي، وقد شملت على تصنيع الصواريخ ، وبناء أربع سفن حربية ، والتطوير في مجال الأسلحة. في عام ٢٠٠٩ وقعت شركة إسرائيلية اتفاقية مع الجيش الهندي لتوريد أنظمة دفاع جوي بهدف تحديث الجيش الهندي. ومع ومنذ تولي ناريندرا مودي منصب رئيس الوزراء في عام ٢٠١٤، وقعت الهند العديد من الاتفاقيات العسكرية، بما في ذلك اتفاقية لتزويد الهند بمنظومة دفاع متطورة من الصواريخ وتكنولوجيا الاتصالات، بالإضافة إلى صفقة لتزويد الهند بصواريخ مضادة للدبابات. كما وقع الطرفان صفقة أسلحة بهدف تزويد اسرائيل الهند بصواريخ مضادة للدبابات. في عام ٢٠١٧ شاركت القوات الجوية الهندية في تدريبات قتالية جوية في إسرائيل. وفي عام ٢٠٢١ قام المدير العام لوزارة الدفاع الهندية كومار بزيارة إسرائيل، واتفق مع نظيره على تشكيل فريق عمل بين إسرائيل والهند لوضع خطة تعاون مستقبلية مدتها عشر سنوات لتحديد المجالات الجديدة التعاون العسكري بين البلدين.
-الانتاج العسكري المشترك:
تعتبر الهند سوقًا واسعًا في مجال التصنيع العسكري والأسلحة، نجحت في توفير المزيد من الموارد المالية المخصصة للتصنيع المحلي بدلاً من الاعتماد على الواردات الخارجية، وتمكنت من تلبية حوالي ٧٠٪ من احتياجاتها الدفاعية من خلال الصناعات المحلية. مما دفعها نحو المزيد من التعاون مع اسرائيل في مجال الإنتاج العسكري المشترك ، وساهم في تعميق الشراكة بين البلدين. في عام ٢٠٠٢، تم توقيع اتفاق بين مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية وشركة هندوستان لصناعة الطائرات لتطوير وإنتاج مروحيات خفيفة ومتطورة تستخدم في المهام الهجومية والاستخباراتية ، وتنفيذ عمليات مضادة للدبابات والغواصات. في عام ٢٠٠٧، تم توقيع اتفاق آخر لتطوير وتصنيع أنظمة صاروخية من طراز باراك متوسطة المدي. في عام ٢٠١٦، وقعت شركة رافائيل الإسرائيلية وشركة ريلاينس ديفنس الهندية اتفاقية تعاون لإنتاج وتطوير منظومات الدفاع الجوي والصواريخ . وزادت التجارة العسكرية بين الهند وإسرائيل بنسبة ١٧٪ . تم أيضًا توقيع اتفاقيات لنقل التكنولوجيا لإنتاج قطع المدفعية، وتم توقيع اتفاقيات تفاهم بين الشركات الإسرائيلية والشركات الهندية لإقامة مشروع مشترك في صناعة الطائرات بدون طيار ومشاريع أخرى تتعلق بنظم الاتصالات والحروب الإلكترونية.[30]
-المجال العسكري النووي:
يعد التعاون في مجال تصنيع الأسلحة النووية والتجارب النووية من أهم مجالات التعاون النووي بين البلدين. تمتلك الهند قدرات نووية وتعتبر دولة حائزة على الأسلحة النووية، حيث أجرت تجارب نووية في عام ١٩٧٤ وفي عام ١٩٩٨. ومنذ ذلك الحين، تطورت قدراتها النووية وتوسعت برامجها النووية. تمتلك اسرائيل أيضًا قدرات نووية، ومع ذلك، تتبع سياسة عدم التصريح الرسمي بذلك. ولم توقع على معاهدة عدم الانتشار النووي ولا تفتح رسمياً عن برنامجها النووي. بدأت خطة تطوير التعاون العسكري النووي بين البلدين عام ١٩٨٨، حيث اتفقا علي تبادل الخبرة في المجال النووي. وقد تشترك الدولتان في وجهه نظر سياسية واحدة من اتفاقيات الحد من الانتشار الأسلحة النووية، وهي رفض التوقيع علي مثل هذه الاتفاقيات. لقد قامت الدولتان بتطوير قنبلة الاندماج الهيدروجينية، حيث قام رئيس المؤسسة الهندية للبحوث والتطوير الدفاعي بزيارة إسرائيل عدة مرات، بما في ذلك زيارتين في عامي ١٩٩٦ و ١٩٩٨. وكانت الزيارة الأخيرة تمهيداً لتجارب نووية قامت بها الهند في نفس العام، حيث أجرت الهند خمس تجارب نووية، اثنتان منها كانت لصالح إسرائيل لأنها لم تتمكن من إجراء تجربة ميدانية لهذا السلاح على أراضيها. بالإضافة إلى ذلك، قامت إسرائيل بتطوير الصواريخ البالستية حاملة الرؤوس النووية، والتي تتميز بسرعتها العالية حيث يمكن أن تقطع مسافة تصل إلى ١٠٠٠ كم في خمس دقائق فقط. وقد حرصت الهند علي اكتساب الخبرات الواسعة لإسرائيل في تطوير برنامجها لإنتاج الصواريخ البالستية متوسطة المدي. وشملت مجالات التعاون بين الهند واسرائيل تكنولوجيا تحميل هذه الصواريخ البالستية على الغواصات، مما يمنح إسرائيل عمق استراتيجي في المياه الدولية.[31]
-مجال مكافحة الإرهاب:
يما يتعلق بمكافحة الإرهاب، فإنها تعد واحدة من أهم مجالات التعاون بين البلدين. قد كشف وزير الدفاع الهندي في عام ١٩٩٢ عن وجود تعاون أمني بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، ويشمل هذا التعاون تبادل المعلومات حول الجماعات الإرهابية ومصادر تمويلهم وأساليب تجنيدهم وتدريبهم. وكان التركيز من الجانبين على مكافحة الإرهاب الإسلامي الأصولي، مثل المقاومة في كشمير ضد الهند وفي فلسطين ضد إسرائيل. بالنسبة للهند، تمتد مكافحة الإرهاب لتشمل أفغانستان وباكستان وجنوب شرق آسيا، بينما تمتد مكافحة الإرهاب لإسرائيل في الدول المجاورة من فلسطين إلى لبنان ثم سوريا والأردن والعراق، وقد يلتقي مع الهند ويصل إلى إيران ثم يعطي الجزيرة العربية وشمال وشرق إفريقيا. حيث تركزت الجهود بين الهند وإسرائيل على تأمين الحدود، فكانت مجالات التعاون الأمنية بين البلدين تركز على مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني وتجارة السلاح، وكان مكافحة الإرهاب عامل رئيسي في تعزيز العلاقات الأمنية والاستخباراتية بين البلدين. وقد استفادت الهند من الخبرات الإسرائيلية في التعامل مع الصراع الفلسطيني واستخدمتها في التعامل مع الوضع في كشمير، بما في ذلك استخدام الجدار الفاصل وتكنولوجيا الحدود الإلكترونية وأبراج المراقبة. وسعت ايضا للاستفادة من الخبرة الإسرائيلية في المجال الأمني، وتطوير جهاز الاستخبارات الهندي. تقدمت الصناعات العسكرية الإسرائيلية بأجهزة عالية التقنية للأغراض الأمنية والاستخباراتية، وتمكنت الهند من الحصول على تلك التقنيات. قدمت إسرائيل معلومات استخباراتية للهند حول باكستان وكشمير، وكانت تلك المعلومات من مصدر قمر التجسس الصناعي الإسرائيلي، وبالمقابل سمحت الهند لخبراء من الموساد باستخدام أراضيها لتنفيذ مهام خاصة بهم ضد باكستان. وفي عام ١٩٩٨، أعلن وزير الخارجية الهندي جاسوانت سينج عن زيارته لإسرائيل، وقد أدت هذه الزيارة إلى اتفاقية لإنشاء لجنة وزارية مشتركة تضم وزراء الخارجية من البلدين، تجتمع اللجنة في عاصمة البلدين مرتين في السنة لمناقشة وتوسيع مجالات التعاون الأمني بينهما، وتأسيس مجموعة عمل مشتركة تجمع كبار مسؤولي الأمن والمخابرات.[32]
-التعاون السياسي بين الهند واسرائيل:
التعاون السياسي بين الهند وإسرائيل قد شهد تطورًا ملحوظًا على مر السنوات، حيث قدم البلدان دعمًا وتعاونًا وثيقًا في عدة مجالات. تعتبر العلاقات بين الهند وإسرائيل استراتيجية ومتعددة الأوجه، وترتكز على الاهتمامات المشتركة والتبادل الثنائي في مجالات الأمن، والدفاع، والاقتصاد. في عام ١٩٩٢، تم إعلان العلاقات السياسية الدبلوماسية الكاملة بين الهند وإسرائيل. بدأت الهند في اتباع سياسة متوازنة تجاه الدول العربية وإسرائيل بعد إقامة العلاقات السياسية والدبلوماسية مع إسرائيل. قررت الهند عدم ربط القضية الفلسطينية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وأصبحت أقل حدة في ردود أفعالها تجاه معاملة إسرائيل للفلسطينيين. تجلى هذا التحول في سياسة الهند عندما عارضت قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام ١٩٩١ الذي يساوي بين العنصرية والصهيونية. ولم تصوت لصالح القرارات التي اتخذتها مؤتمرات حقوق الإنسان الدولية لحماية الشعب الفلسطيني، ولم تصوت على القرار الذي انتقد سياسة الاستيطان الإسرائيلية. تطورت العلاقات الهندية الإسرائيلية منذ وصول بهاراتيا جاناتا إلى الحكم، واتبعت الهند سياسة خارجية تهدف إلى إقامة تحالف استراتيجي بين البلدين. شهدت البلدين تبادل العديد من الزيارات، ليس فقط بين الحكومات والزيارات الرسمية، ولكن أيضًا بين الوفود الأكاديمية والسياسية ورجال الأعمال والعلماء وغيرهم من القطاعات المختلفة. كما تجري سنويًا مشاورات ثنائية بين وزارة الشؤون الخارجية الهندية ووزارة الخارجية الإسرائيلية منذ عام ١٩٩٩، وتجري مناقشات دورية حول المسائل الاستراتيجية والسياسية بين البلدين. شهدت الفترة من عام ٢٠١٥ حتى الوقت الحالي ازدهارًا في العلاقات السياسية الهندية الإسرائيلية، حيث شهدت زيارات تاريخية لرؤساء الوزراء الهنديين إلى إسرائيل وكذلك رؤساء الوزراء الإسرائيليين إلى الهند، بالإضافة إلى زيارات أخرى بين قادة البلدين. في عام ٢٠١٥، قام الرئيس براناب مخرجي بزيارة إلى إسرائيل التي كانت الأهم في تطور العلاقات السياسية بين البلدين وتعزيز التعاون في مختلف المجالات بينهما.[33]
-التعاون الاقتصادي بين الهند واسرائيل:
في عام ١٩٩١، مرت الهند بأزمة اقتصادية نتيجة لسياسات حكومتها التي لم تحقق نموًا كافيًا متناسبًا مع زيادة السكان. كان معدل النمو الاقتصادي الإجمالي حوالي ٥٪ ، وانخفضت احتياطي النقد الأجنبي لدى الهند إلى ١.٩ مليار دولار فقط . فضلا عن العقوبات التي فرضها عليها المجتمع الدولي بعد إجراءها تجارب نووية، مما زاد من حدة الأزمة. فكانت الهند بحاجة إلى إقامة علاقات مع الدول الأخرى للخروج من هذه الأزمة، ووجدت ضالتها في إسرائيل، والتي كانت تهدف إلى دمج اقتصادها في الاقتصاد العالمي والسيطرة على اقتصاد الشرق الأوسط.
العلاقات الاقتصادية بين الهند وإسرائيل بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية والسياسية بينهما. تم توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي في عام ١٩٩٥. وفي عام ٢٠٠٤ ترأس وزير التجارة والصناعة الهندي اللجنة الاقتصادية المشتركة التي اجتمعت في إسرائيل. قام وزير التجارة والصناعة الهندي السيد كمال بزيارة إسرائيل في عام ٢٠٠٥ بهدف إنشاء لجنة دراسات مشتركة لتعزيز التجارة بين البلدين. أيضًا، قام نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والتجارة بزيارة رسمية لإسرائيل، وتم التفاوض على اتفاق تعاون اقتصادي شامل بين الهند وإسرائيل. في عام ٢٠٠٥، قام وزير الاتحاد لشؤون الزراعة والأغذية بزيارة إسرائيل وتبادل الطرفان الأفكار حول تكثيف التعاون في الزراعة، بما في ذلك الري. قام وزير الزراعة الهندي بزيارة إسرائيل في عام ٢٠٠٦، وتم توقيع خطة عمل مدتها ثلاث سنوات للتعاون في مجال الزراعة. كما ساهمت الزيارات المتبادلة والاتفاقيات الموقعة بين الهند وإسرائيل في زيادة التعاون الاقتصادي. فكانت الهند ثالث أكبر شريك اقتصادي لإسرائيل في آسيا، وقد تم توقيع العديد من الاتفاقات في مجالات التجارة والاستثمار والتكنولوجيا والزراعة والطاقة بين البلدين. كما ازداد التبادل التجاري بين البلدين ، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بينهم ٢٠٠ مليون دولار في عام ١٩٩٢، وزادت الي ٢.٢ ملياري دولار في عام ٢٠٠٥-٢٠٠٦. قدرت صادرات الهند إلى إسرائيل ١.٢ مليار دولار، ووارداتها مليار دولار، كما بلغت قيمة التجارة في عام ٢٠١٧ إلى ٥ مليارات دولار، وفي عام ٢٠٢٢ ازدادت القيمة إلي ١٠ مليارات دولار. وقد تعاونت الشركات الهندية والإسرائيلية في مجالات مثل التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة والدفاع والبنية التحتية. وتتميز العلاقات الاقتصادية بين الهند وإسرائيل بالتنوع والتعاون المثمر. تستفيد الهند من تكنولوجيا إسرائيل في مجالات مثل الزراعة وتحلية المياه وتكنولوجيا الأمن والاستخبارات الاصطناعية. في المقابل، تستفيد إسرائيل من السوق الهندية الكبيرة، وتعمل على تعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين. وفي المجال المائي ، قام الطرفان بتوقيع مذكرة تفاهم عام ٢٠١٧ لإدارة وتطوير الموارد المائية ، وقامت اسرائيل بنقل التكنولوجيا المائية وأنظمة تنقية المياه إلي الهند ، فضلا عن بناء العشرات من محطات تنقية المياه في الهند.[34]
الفصل الثاني : دوافع و محددات ومعوقات العلاقات بين الهند وإسرائيل
يتناول هذا الفصل الدوافع والمحددات والمعوقات التي تؤثر على العلاقات بين الهند واسرائيل. باعتبار العلاقات الهند وإسرائيل واحدة من العلاقات الثنائية المهمة والمعقدة في الساحة الدولية. تعتمد هذه العلاقات على عدة دوافع رئيسية. واحدة من هذه الدوافع هي الاهتمام المشترك بالأمن ومكافحة الإرهاب. يواجه كل من الهند وإسرائيل تحديات أمنية مشتركة، وتعمل البلدين على تعزيز التعاون في مجالات الاستخبارات والأمن ومكافحة الإرهاب. بالإضافة إلى الأمن، تدفع الهند وإسرائيل لبناء علاقات وثيقة في المجال الاقتصادي. تعتبر الهند وإسرائيل اقتصاديات ناشئة وتتمتعان بتكنولوجيا متقدمة، وتسعى كلا البلدين لاستكشاف فرص التعاون في المجالات التجارية والاستثمارية وتبادل التكنولوجيا. كما تؤثر عدة محددات على العلاقات بين الهند وإسرائيل. واحدة من هذه المحددات هي العوامل الجيوسياسية والإقليمية. تواجه الهند وإسرائيل تحديات إقليمية مشتركة، بما في ذلك التهديدات الأمنية والصراعات في الشرق الأوسط. هذه العوامل تؤثر على طبيعة العلاقة بين البلدين وتحدد نطاق التعاون والتنسيق بينهما. كما تواجه العلاقات بين الهند وإسرائيل أيضًا بعض المعوقات أهمها القضية الفلسطينية. الهند تحتفظ بسياسة خارجية تدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. هذا الالتزام يمكن أن يؤثر على العلاقات بين الهند وإسرائيل، خاصة عندما تتصاعد التوترات في المنطقة وتتفاقم الصراعات.
المبحث الأول : دوافع الهند وإسرائيل نحو تطوير العلاقات بينهما
تعزيز وتطوير العلاقات بين الهند واسرائيل يعود إلي عدة دوافع ومصالح مشتركة بين البلدين، ومن الدوافع الرئيسية لكلًا من الجانبين:
–دوافع الهند نحو تطوير العلاقات مع إسرائيل:
-يتمثل الدافع الأول في سعي الهند لإيجاد بديل للاتحاد السوفيتي الشريك الأول والرئيسي لها بعد انهياره، فكانت بحاجة إلي تطوير قدراتها وصناعتها العسكرية، وبحاجة إلي التعامل مع الأمن النووي، خاصةً بعد قيامها بإجراء التجارب النووية في عام ١٩٩٨، ودخولها في سباق تسلح مع باكستان التي تمتلك أيضًا قدرات نووية. هذا الإجراء أدى إلى فرض الولايات المتحدة عقوبات وقرارات حظر عليهما بعد قيام الدولتين بإجراء التجارب النووية. بما في ذلك القيود على التعاون العسكري والتكنولوجي معها. وبالتالي، سعت الهند إلى الحصول على الدعم والتكنولوجيا العسكرية من مصدر آخر، وهنا دخلت إسرائيل على الخط. فقد احتاجت الهند إلى دعم اسرائيل عسكريًا. باعتبار إسرائيل واحدة من القوى العسكرية والتكنولوجية المتقدمة في العالم، وتمتلك صناعة عسكرية قوية تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الأمريكية. لذلك، قدمت إسرائيل للهند فرصة للتعاون في مجالات الدفاع والأمن، بما في ذلك تطوير التكنولوجيا العسكرية والتبادل في مجال المعلومات الاستخباراتية والتدريب العسكري.
-يتمثل الدافع الثاني في الأمن ومكافحة الإرهاب، تواجه الهند تحديات أمنية مشتركة مع اسرائيل، بما في ذلك التهديدات الإرهابية. وتعتبر مكافحة الإرهاب أحد الدوافع الرئيسية لتعزيز العلاقات بين البلدين. الهند تعاني من التهديدات الإرهابية المستمرة، وخاصةً من التنظيمات الإرهابية المتشددة التي تعمل على ترويع الأمن والاستقرار في المنطقة. وإسرائيل لديها خبرة وتكنولوجيا متقدمة في مكافحة الإرهاب، ولذلك فإن الهند تسعى للاستفادة من خبرات إسرائيل في هذا المجال وتعزيز التعاون الامني بين البلدين. وذلك بهدف تعزيز أمنها القومي، والتعامل مع التحديات الأمنية المستجدة. فكانت الهند تواجه تحديًا أمنيًا من جارتها باكستان، التي تمتلك أيضًا قدرات نووية وتنافس الهند في سباق التسلح. كما تشعر الهند بخطر انتشار وصعود الإرهاب الأصولي الإسلامي في باكستان ، خاصة أنها محاطة بعدد من الدول الإسلامية كإيران وافغانستان إلي جانب باكستان. فضلًا عن النزاعات الحدودية والتوترات السياسية بين الهند وباكستان، بالإضافة إلى النزاع حول إقليم كشمير، قد زادت من حدة التوتر بين البلدين. كما تشكل التنظيمات الإرهابية في باكستان تهديدًا كبيرًا للأمن في المنطقة. مما نتج عنه تنامي العلاقات بين البلدين والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب. ويتضمن هذا التعاون تبادل التجارب والتدريب في مجالات مثل الأمن الحدودي، وتكنولوجيا المراقبة، والاستخبارات الإلكترونية، وتبادل المعلومات حول الجماعات الإرهابية ونشاطها.
-يتمثل الدافع الثالث في حاجة الهند إلي توفير احتياجاتها من الأسلحة وصناعة السلاح. حيث تري ان النزاعات الحدودية كنزاعتها مع باكستان والصين تحتاج إلى مزيد من السلاح، وبالتالي وجدت في إسرائيل شريكًا مهمًا، والتي تعد ثالث أكبر مزود للهند بالأسلحة، وتشكل الهند تشكل أكبر سوق للأسلحة الإسرائيلية بنسبة تصل إلى ٤١ ٪ من إجمالي مبيعات إسرائيل من الأسلحة بقيمة مليار دولار سنويا. فالهند تسعي لتعزيز قدرتها الاستراتيجية في المنطقة، وتعتبر العلاقة مع إسرائيل جزءًا من هذه الاستراتيجية. وذلك لتوسيع قاعدة شركائها الاستراتيجيين وتنويع خياراتها الجيوسياسية. تحتاج الهند أيضًا إلى قوات مسلحة قوية ومجهزة جيدًا للتعامل مع التهديدات التي تواجهها وللحفاظ على سيادتها الوطنية وأمنها القومي. كما ترغب الهند في تنويع مصادر توريد الأسلحة. فالهند تعتمد على الردع النووي كجزء من استراتيجيتها الدفاعية. كما تحتاج إلى تطوير وتحديث قدراتها النووية وتوفير الأسلحة النووية والتكنولوجيا المرتبطة بها.
-يتمثل الدافع الرابع في سعي الهند لتحقيق التنمية الاقتصادية ، وصعودها كقوة اقتصادية عالمية . وبالتالي تهدف الهند إلى تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات مع إسرائيل. فكان رئيس الوزراء مودي يتطلع الي تحقيق نمو اقتصادي شامل للهند من خلال الاستفادة من التكنولوجيا الإسرائيلية في التصنيع المحلي، الأمر الذي يتطلب مزيد من التعاون الاقتصادي مع اسرائيل. فالهند تعد واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم. تسعى الهند إلى الاستفادة من تجربة إسرائيل في مجالات الابتكار والتكنولوجيا والتطوير لتعزيز نموها الاقتصادي وزيادة إنتاجيتها. باعتبار إسرائيل إحدى الدول الرائدة في مجال التكنولوجيا والابتكار، وتمتلك صناعات متقدمة في مجالات مثل التكنولوجيا المعلوماتية، والاتصالات، والصناعات العسكرية. تمثل أيضًا وجهة مهمة للهند فيما يتعلق بتكنولوجيا الري الذكي والزراعة في المناطق القاحلة. وبالتالي تسعي الهند إلى الاستفادة من تلك التكنولوجيا والخبرات لتحسين إنتاجها الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي وتحديث القطاعات المختلفة في اقتصادها وتعزيز قدرتها التنافسية. كما تهدف الهند إلى تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات مع إسرائيل لتعزيز تكامل الاقتصادي بين البلدين. تشتمل هذه الجهود على زيادة حجم التجارة بين البلدين وتوسيع نطاق المنتجات التي يتم تداولها، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمارات المشتركة في مجالات مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والصناعات الثقيلة.
-يتمثل الدافع الخامس في رغبة الهند في تعزيز وتقوية علاقاتها مع الولايات المتحدة، ويتحقق ذلك من خلال اسرائيل. مما يدعم نفوذها ويعزز موقفها في نزاعتها ضد باكستان والصين. فالهند والولايات المتحدة هما من أكبر الاقتصادات في العالم، وتهدف الهند إلى تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات مع الولايات المتحدة لتحقيق النمو الاقتصادي وتوسيع فرص العمل. كما تعتبر الولايات المتحدة سوقًا هامة للصادرات الهندية ومصدرًا للتكنولوجيا والاستثمارات، وتسعى الهند للاستفادة من التسهيلات التي توفرها الولايات المتحدة لتعزيز التجارة وفتح أسواق جديدة لمنتجاتها في الولايات المتحدة وأوروبا. وذلك من خلال الاستفادة من التسهيلات التي توفرها الولايات المتحدة ودول اوروبا لإسرائيل، مما يسهل عبور منتجاتها دون قيود. تشترك الهند والولايات المتحدة أيضًا في العديد من القضايا الاستراتيجية والأمنية المشتركة، بما في ذلك التحديات الإقليمية مثل الإرهاب والتطرف والاستقرار في جنوب آسيا. تعزز التعاون بين البلدين قدرتهما على مواجهة تلك التحديات والدفاع عن مصالحهما المشتركة. كما تسعي الهند للاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة المتاحة في الولايات المتحدة، سواء في مجالات الابتكار التكنولوجي أو التطورات العلمية. هذا يشمل مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والفضاء، والطاقة المتجددة، والصناعات الحيوية. تعزز الشراكات التكنولوجية بين الهند والولايات المتحد قدرتهما على الابتكار وتعزيز التنمية الاقتصادية.[35]
-دوافع اسرائيل نحو تطوير العلاقات مع الهند:
-يتمثل الدافع الاول في رغبة اسرائيل في تطويق إيران وباكستان. تواجه إسرائيل تحديات أمنية في المنطقة، وتعتبر إيران وباكستان من الدول التي تمثل تهديدًا محتملاً لمصالحها الأمنية، بفعل قدراتهما الصاروخية والنووية المتطورة. نظرًا لذلك، تطمح إسرائيل لتعزيز العلاقات مع الهند لتحقيق مصالحها الأمنية والاستراتيجية. فمنذ تدهور العلاقات بين إسرائيل وإيران بعد الثورة الإسلامية في عام ١٩٧٩، سعت إسرائيل لتعزيز العلاقات مع الهند لتطويق إيران من الجنوب الشرقي ومنعها من استكمال برنامجها النووي الذي يشكل تهديدًا للأمن القومي الإسرائيلي. وتهدف أيضًا إلى تطويق باكستان لزيادة نفوذها في شمال وشرق آسيا، لذلك عملت إسرائيل على تشجيع الصراع الهندي الباكستاني وحث الهند على استخدام الأسلحة النووية ضد باكستان. من خلال تعزيز العلاقات مع الهند، يمكن لإسرائيل تحقيق التوازن الإقليمي وتقوية تحالفاتها في المنطقة. فبالنظر إلى التوترات المستمرة بين إسرائيل وإيران وباكستان، يمكن للتعاون الأمني والاستخباراتي بين إسرائيل والهند أن يعزز قدرتهما على التصدي لأي تهديدات محتملة، وذلك من خلال مساهمة اسرائيل في تطوير القدرات التكنولوجية للهند في مجالات مثل الأمن السيبراني والاستخبارات الاصطناعية والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة.
-يتمثل الدافع الثاني في رغبة إسرائيل في الحد من الأصولية الإسلامية ، ورأت إمكانية تحقيق ذلك الهدف من خلال تقارب علاقاتها مع الهند ، والتي تشترك معها في عدائها للإسلام الأصولي في باكستان ، فقد اجتمع الطرفان علي ضرورة التعاون ، وبذل الجهود من أجل منع انتشار الأصولية الإسلامية ، باعتبارها تشكل تهديد كبير يمثل خطر علي اسرائيل والهند. كما تواجه إسرائيل تحديات أمنية مشتركة في المنطقة، بما في ذلك التهديدات الإرهابية والتهديدات النووية. تشارك الهند إسرائيل إلى حد كبير هذه القلق، وبالتالي فإن تعزيز التعاون الأمني والدفاعي مع الهند يعود بالفائدة على إسرائيل في تعزيز قدراتها في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والاستخبارات والدفاع.
-يتمثل الدافع الثالث في سعي إسرائيل إنهاء حالة العزلة التي عاشتها وكسب المزيد من الدول كشركاء. فقد عاشت إسرائيل حالة عزلة نسبية في المنطقة نتيجة للتوترات السياسية والصراعات الإقليمية. من خلال تعزيز العلاقات مع الهند، تسعى إسرائيل لكسب شركاء إقليميين جدد وتوسيع شبكة علاقاتها الدولية. بالإضافة إلى ذلك، تهدف إسرائيل لتعزيز مكانتها الاقتصادية في القارة الآسيوية. وذلك من خلال تقدمها التكنولوجي وتطوير إنتاجها للأسلحة والمعدات وتصديرها للخارج، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في صناعاتها العسكرية. تحظى الهند بتوجه اقتصادي قوي نحو التحرر والتطور التكنولوجي. وبالتالي من خلال التعاون الاقتصادي مع الهند، يمكن لإسرائيل الاستفادة من فرص الاستثمار والتجارة وتبادل التكنولوجيا مع واحدة من أكبر الأسواق الناشئة في العالم. تسعي اسرائيل أيضًا لاستغلال الهند لتوفير الموقع المناسب لإجراء تجارب نووية. ففي الواقع، إسرائيل تلتزم بسياسة عدم الكشف عن قدرتها النووية ولم تجرب تجارب نووية رسمية. بينما تمتلك الهند قدرات نووية وقد أجرت تجاربًا نووية في الماضي.
-يتمثل الدافع الرابع في رغبة إسرائيل في التوسع الإقليمي وتجاوز الحدود، حيث تتطلع الي حدود أوسع من التي رسمتها الامم المتحدة لها. فقد تسعى اسرائيل لتوسيع قاعدتها الاستراتيجية والدبلوماسية في آسيا، وهذا يشمل تعزيز تواجدها في المحيط الهندي وتعزيز التعاون مع دول الجنوب الآسيوي وشرق آسيا. الهند تعد شريكاً استراتيجياً محتملاً لإسرائيل في هذا السياق، نظرًا لقوتها الاقتصادية وتواجدها الإقليمي. وبالتالي تعزيز التعاون مع الهند يمكن أن يساعد إسرائيل على توسيع نطاق تأثيرها وتواجدها في المنطقة الآسيوية. يمكن للتعاون في مجالات مثل التجارة والاستثمار والتكنولوجيا أن يعمق العلاقات بين البلدين ويخلق فرصًا للتعاون الاقتصادي والتنمية المشتركة. ترغب اسرائيل أيضًا في التفوق على الدول العربية وتبرير سياساتها العدوانية ضد فلسطين والعالم العربي ، وذلك من خلال اجتذاب الرأي العام الهندي لصفها، تحت ما يسمي مكافحة الإرهاب الإسلامي. وبالتالي تعتبر الهند بوابة لإسرائيل للتواصل والتعاون مع دول المنطقة الآسيوية، وزيادة وجودها الاقتصادي والسياسي. فالهند تعتبر واحدة من أكبر الدول الناشئة في العالم وتحظى بتأثير إقليمي ودولي متزايد. وبالتعاون مع الهند، يمكن لإسرائيل تعزيز وجودها في المحيط الهندي وتحسين قدرتها على مواجهة التحديات الإقليمية والاستفادة من الفرص الاقتصادية والأمنية المتاحة.
-يتمثل الدافع الخامس في تعزيز التجارة والاقتصاد، الهند تُعتبر واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم وتشهد نموًا اقتصاديًا مستدامًا. وبالتالي، فإن تعزيز التعاون الاقتصادي مع الهند يمكن أن يوفر فرصًا هامة لإسرائيل في مجالات متعددة. على سبيل المثال، يمكن للتجارة بين إسرائيل والهند أن تعزز التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة. كما يمكن أن تساهم في زيادة حجم التبادل الاقتصادي بين البلدين. قد توفر الهند أسواقًا واسعة للمنتجات والخدمات الإسرائيلية، بما في ذلك التكنولوجيا المتقدمة والزراعة المبتكرة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحيوية. بالمقابل، يمكن لإسرائيل أن تستفيد من موارد الهند وفرص الاستثمار في القطاعات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتعاون الاقتصادي بين البلدين أن يسهم في تعزيز الابتكار والبحث والتطوير. إسرائيل معروفة بقدرتها على الابتكار وتقديم التكنولوجيا المتقدمة في مجالات مثل التكنولوجيا الحيوية والاتصالات والأمن والزراعة المتقدمة. يمكن للتعاون مع الهند في هذه المجالات أن يعزز التبادل العلمي والتقني ويؤدي إلى تطوير منتجات وخدمات جديدة.[36]
المبحث الثاني : المحددات الإقليمية والدولية للعلاقات الهندية الإسرائيلية
العلاقات الهندية الإسرائيلية تمتاز بالعديد من المحددات الإقليمية والدولية التي تؤثر على طبيعة وتطور هذه العلاقات، وهي:
أولًا : المحددات الإقليمية للعلاقات الهندية الإسرائيلية
١-دول الجوار الجغرافي:
-باكستان: باكستان هي دولة جارة للهند وتعتبر محددًا إقليميا هاما للعلاقات الهندية الإسرائيلية. العلاقات بين الهند وباكستان تاريخية ومعقدة، حيث تشهد التوترات والصراعات المستمرة بين البلدين. بينما توجد علاقات تجارية محدودة بين الهند وباكستان، إلا أن التوترات السياسية والأمنية تعوق التعاون الشامل بين البلدين. تمتلك باكستان قدرات وخبرات متقدمة في مجال الأسلحة النووية والصواريخ، كما يتم مراقبة العلاقات الهندية الإسرائيلية بحذر من قبل باكستان وتعتبر أي تطورات إيجابية في هذا الصدد تحديا للعلاقات الهندية الباكستانية، مما يشكل تهديدًا للهند وإسرائيل. تشعر الدولتان بالقلق من احتمال أن تصبح باكستان موردًا للأسلحة النووية والصواريخ لإيران ودول العالم العربي، خاصة بعد سعي دول مثل إيران والعراق وليبيا وسوريا لامتلاك الأسلحة النووية. وأعلنت باكستان أيضًا نيتها عن بيع الصواريخ لدول الشرق الأوسط. لذا، قامت الهند وإسرائيل بوضع البرنامج النووي الباكستاني تحت المراقبة المشتركة، لتعزيز العلاقات بين البلدين في مواجهة ذلك. كما أن الصراع الكشميري بين الهند وإسرائيل أحد أهم المسائل المتعلقة بالعلاقات الهندية الإسرائيلية. تتنازع البلدين على إقليم كشمير، وهو يعتبر واحدًا من أكبر النزاعات في المنطقة. باكستان تدعم حق تقرير المصير لشعب كشمير وتطالب بحل سياسي للنزاع، في حين تعتبر الهند كشمير جزءًا لا يتجزأ من أراضيها. هذا الصراع يؤثر على ديناميكية العلاقات الهندية الإسرائيلية حيث تلعب باكستان دورًا في تأجيج التوترات والتحديات الأمنية في المنطقة. يلعب العامل الجغرافي والإقليمي أيضًا لباكستان دورًا في العلاقات الهندية الإسرائيلية. حيث تقع باكستان في قلب المنطقة الجنوبية الآسيوية وتحتل موقعًا استراتيجيًا بين الهند وإيران وأفغانستان. يؤثر التواجد العسكري الباكستاني في المنطقة على الحساسية الأمنية لكلا الهند وإسرائيل.
-ايران: حدثت الثورة الإسلامية في إيران عام ١٩٧٩، وتحول نظام الحكم إلى جمهورية إسلامية. تشعر الهند بالقلق من جهود إيران في تصدير الثورة الإسلامية إلى جميع أنحاء العالم الإسلامي، مما يسهم في تعزيز الحركات الإسلامية الراديكالية في الهند. وبالنسبة لإسرائيل، تعد إيران العدو الأكبر والرئيسي لها في الشرق الأوسط، حيث تشعر إسرائيل بالقلق من طموحات إيران وبرامجها لتطوير الأسلحة النووية والصواريخ. خاصة إن إيران شريك تجاري ومورد هام للطاقة بالنسبة للهند في المنطقة. كما تعتبر إيران ممرًا هامًا للتجارة الهندية. ترتكز العلاقات بين البلدين على العديد من المجالات بما في ذلك التجارة والطاقة والثقافة والتعاون الاقتصادي. الهند تعتبر إيران بوابة للوصول إلى آسيا الوسطى وروسيا، وتسعى لتعزيز التبادل التجاري والاستثمارات والتعاون الثقافي مع إيران. وبالتالي يمكن أن يؤثر على العلاقات بين إسرائيل والهند. كما تلعب إيران دورًا استراتيجيًا في المنطقة من الناحية الأمنية والجيوسياسية. تشهد المنطقة توترات وتحديات أمنية معقدة، بما في ذلك الصراع في سوريا والعراق واليمن، والتوترات مع الدول المجاورة مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة. تمتلك إيران نفوذًا إقليميًا وتتمتع بقدرة على التأثير على الأحداث في المنطقة. يمكن تسليط الضوء أيضًا على تحالفات إيران وعلاقاتها مع دول أخرى في المنطقة. إيران تحتل موقعًا استراتيجيًا وتتعاون مع دول مثل روسيا وسوريا ولبنان والعراق. تعتبر هذه العلاقات تحديًا للعلاقات الهندية الإسرائيلية، حيث أن إيران تدعم فلسطين وحركة المقاومة الإسلامية حماس، وتعارض وجود إسرائيل في المنطقة.
-المملكة العربية السعودية: تعتبر المملكة العربية السعودية محددًا إقليميًا مهمًا للعلاقات الهندية الإسرائيلية. على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بين السعودية وإسرائيل، إلا أن هناك تواجدًا إقليميًا قويًا للسعودية في المنطقة يمكن أن يؤثر على العلاقات بين الهند وإسرائيل. تلعب السعودية دورًا هامًا في الشرق الأوسط كدولة عربية كبرى ولديها تأثير واسع النطاق على السياسة الإقليمية. وقد تشترك الهند وإسرائيل في مخاوفهما من الدور الذي تلعبه السعودية في نشر الفكر الإسلامي. وحثت إسرائيل الولايات المتحدة على ممارسة الضغط على السعودية لمنعها من دعم الحركات الإسلامية مثل حماس وجهاد، وعدم تقديم أي مساعدات مادية أو معنوية لهم. بالنسبة للهند، تطورت العلاقات بين الهند والسعودية، خاصة في مجال العلاقات الاقتصادية، وقد قام قادة البلدين بزيارات متبادلة تهدف إلى تعزيز العلاقات بينهما. وقد قام الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بزيارة إلى الهند في عام ٢٠٠٦، وقام رئيس الوزراء الهند مانموهان سينغ بزيارة إلى السعودية في عام ٢٠١٠، وتوقيع إعلان الرياض، حيث أكدت السعودية والهند التزامهما بتعزيز الشراكة الاستراتيجية المنبثقة من إعلان الرياض.
٢-المحيط الهندي: يشترك الهند وإسرائيل في الاهتمام بتعزيز التعاون والتواجد البحري والعسكري في المنطقة البحرية للمحيط الهندي. يعتبر المحيط الهندي ممرًا حيويًا للتجارة العالمية ويحتوي على بعض أكبر الموانئ والمسارات البحرية في العالم. تعتبر الهند وإسرائيل دولتين تمتلكان قدرة بحرية قوية في المنطقة، حيث تمتلك كلا البلدين أسطولًا بحريًا قويًا وتلتزمان بتعزيز الأمن البحري ومكافحة الإرهاب البحري والقرصنة. تتعاون الهند وإسرائيل في تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريبات البحرية المشتركة، وتعملان على تعزيز الأمن والاستقرار في المحيط الهندي. تعد الهند شريكًا إقليميًا مهمًا لإسرائيل في المنطقة، حيث تعتبر ممرًا يربطها بدول شرق آسيا. تسعى إسرائيل لتطوير قواتها البحرية والجوية ونشر منظومات عسكرية بحرية وجوية بعيدة المدي. تسعى أيضًا لشراء أسلحة وطائرات قادرة على البقاء لفترات طويلة في المياه، وتستورد هذه الأسلحة والطائرات من الولايات المتحدة. وشملت خطة تطوير القوات البحرية الإسرائيلية زيادة عدد الغواصات. وذلك بعد ظهور الأطماع الإيرانية في سواحل المحيط الهندي، مما يشكل تهديدًا للأمن القومي الإسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك، تسعى إسرائيل لتعزيز علاقاتها مع كينيا وجنوب إفريقيا الواقعتين على سواحل المحيط الهندي. يشهد المحيط الهندي تدفقًا كبيرًا للتجارة والاستثمارات، ويعتبر منطقة استراتيجية للطاقة. وتعد الهند وإسرائيل اقتصاديات ناشئة قوية وتتمتعان بقطاعات اقتصادية متنوعة ونمو مستدام. يوجد إمكانات كبيرة لزيادة التجارة والاستثمارات بين البلدين في المجالات المختلفة مثل التكنولوجيا، والزراعة، والصناعات التحويلية، والسياحة. المحيط الهندي يوفر فرصًا لتوطيد الروابط الاقتصادية بين الهند وإسرائيل وتعزيز التبادل التجاري والاستثمارات بينهما. المحيط الهندي يعتبر محددًا إقليميًا مهمًا للعلاقات الهندية الإسرائيلية. يمتد المحيط الهندي عبر مناطق واسعة تشمل السواحل الهندية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومناطق في جنوب شرق آسيا.
٣-صعود الأصولية الإسلامية: تعززت العلاقات بين الهند وإسرائيل بفعل المخاوف المشتركة من صعود الحركات الإسلامية الراديكالية، سواء داخل البلدين أو في الدول المجاورة. فكان هناك تيارات إسلامية متعددة في العالم تشمل العديد من التوجهات والمذاهب. ومن بين هذه التيارات، تعتبر الأصولية الإسلامية تيارًا يدعو إلى العودة إلى الأصول الإسلامية الأصيلة وتطبيقها في مختلف جوانب الحياة. يتعامل العديد من الدول مع تحديات مرتبطة بالأصولية الإسلامية، وبالتالي قد تؤثر على العلاقات الدولية. كما يشعر كلا البلدين بالقلق من أن الصراع الكشميري والفلسطيني قد يؤدي إلى اضطرابات أو عدم استقرار في المنطقة، وهذا يعني أنه قد يحتم عليهما التصدي لأي تدخل خارجي. يعتبر الصعود الإسلامي الراديكالي في الدول العربية وإيران تهديدًا كبيرًا على أمن الهند وإسرائيل. صعود الأصولية الإسلامية في المنطقة يمكن أن يؤثر على العلاقات الهندية الإسرائيلية أيضًا. تحظى الهند وإسرائيل بتاريخ وثقافة مختلفة، وتعتبر الأصولية الإسلامية عاملا يتطلب توازنا حساسًا في العلاقات مع البلدان الإسلامية. فالهند تعتبر أن المملكة العربية السعودية تمثل بؤرة للتطرف الإسلامي وتشعر بالقلق من تعميق العلاقات السعودية الباكستانية. وبالتالي، تعمل البلدين على تطوير منظومات دفاعية مضادة للصواريخ البالستية، لمواجهة أي تهديدات أو إخطار محتملة.[37]
ثانيًا: المحددات الدولية للعلاقات الهندية الإسرائيلية
١-الولايات المتحدة الأمريكية:
تمثل الولايات المتحدة نقطة تلاقٍ بين الهند وإسرائيل، فكانت إسرائيل حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وكانت الهند تسعى للتقرب من الولايات المتحدة من علاقتها خلال إسرائيل. ويرجع ذلك للتغيرات الدولية التي حدثت بعد نهاية الحرب الباردة وفقدان الهند لحليفها الرئيسي الاتحاد السوفيتي، اضطرت الهند إلى تغيير سياستها الخارجية والتقرب من الولايات المتحدة. لعبت الولايات المتحدة دورًا هامًا في تطور العلاقات بين إسرائيل والهند، حيث اعتبرت الهند شريكًا استراتيجيًا من أجل تحقيق أهدافها في مواجهة تقدم الصين والحيلولة دون تفوقها. وبهدف تحقيق الهيمنة العالمية، ساعدت الولايات المتحدة الهند بشكل كبير في مراقبة والتجسس على الصين، وكذلك في محاصرة روسيا وإضعافها من خلال تعزيز العلاقات مع الدول الحدودية لروسيا. سعت أيضا لتطويق إيران من الجنوب الشرقي وإبطال برنامجها النووي، وقمع الحركات الإسلامية الراديكالية.
شكلت الهند محورًا ثلاثيًا بين الهند وإسرائيل والولايات المتحدة، وكان الهدف الرئيسي لهذا المحور مكافحة الإرهاب الدولي الذي يشكل تهديدًا كبيرًا على هذه الدول الثلاثة. وسعت الهند من خلال هذا المحور إلى توسيع تحالفها مع إسرائيل وبناء شبكة من التحالفات والمحاور الاستراتيجية، بهدف تطويق باكستان واستغلال القدرات العسكرية لهذه الدول لتطوير وتحديث قدراتها العسكرية، وتحويلها إلى قوة إقليمية رئيسية. اعتبرت الهند أن هناك العديد من الآثار الإيجابية لحرب الولايات المتحدة على الإرهاب، حيث ساهمت في تقليل مخاطر التطرف الإسلامي، خاصة في الدول المجاورة لها مثل باكستان وأفغانستان.
٢-الصين:
نظرت الصين إلى العلاقات الهندية الإسرائيلية العسكرية علي أنها تتعارض مع أهدافها ومصالحها في جنوب آسيا. وبالتالي، سعت الصين إلى تقويض تلك العلاقة بين الهند وإسرائيل، نظرًا للتوترات التي تعاني منها الصين في علاقتها مع الهند، وذلك بهدف منع الهند من تحقيق هيمنتها في جنوب آسيا. في المقابل، كانت إسرائيل تنظر إلى الصين على أنها دولة عالمية صاعدة قادرة على أن تلعب دورًا كبيرًا لصالحها في المنتديات العالمية مثل الأمم المتحدة، وتعتبر الصين سوقًا كبيرة لمنتجاتها نظرًا لتزايد نفوذها الاقتصادي العالمي. بدأت الصين أيضًا في تعزيز علاقاتها مع إسرائيل منذ عام ١٩٩٢. وبعد يومين فقط من ذلك، قررت الهند إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل خشية من تزايد نفوذ الصين. وكانت الهند تشعر بالقلق إزاء تداعيات أي تعاون دفاعي بين إسرائيل والصين، خاصة في ضوء العلاقات الدفاعية بين الصين وباكستان. وقد تسبب التنافس الإقليمي بين الهند والصين في دفع الهند إلى التعاون مع إسرائيل مقابل تعاون باكستان مع الصين. تنظر الهند إلى الصين على أنها تمثل تحديًا وتهديدًا اقتصاديًا وعسكريًا لها، حيث تستمر الصين في تزويد باكستان بالتكنولوجيا العسكرية والنووية، ويثير القرب الجغرافي بين الصين وباكستان قلق الهند من توجه الصين نحو شواطئ المحيط الهندي. وهذه العوامل تدفع البلدين إلى المنافسة. ومع ذلك، توجد بعض الاهتمامات المشتركة بين الهند والصين في الوقت الحالي في مكافحة الإرهاب، حيث يشكل الإرهاب خطرًا على كلا البلدين. وبالتالي، قام البلدين بإنشاء فريق عمل مشترك لمكافحة الإرهاب الدولي وتبادل المعلومات والاستخبارات بشأن كيفية التعامل مع هذه القضية.[38]
المبحث الثالث : معوقات العلاقات الهندية الإسرائيلية
هناك بعض المعوقات والعقبات التي قد تعوق تطور العلاقات بين الهند وإسرائيل,، أهمها:
-الثقل السياسي الذي يمثله المسلمون في الهند:
يعد الثقل السياسي للمسلمين في الهند عاملاً مؤثرًا في تشكيل العلاقات الهندية الإسرائيلية في سياق القضايا السياسية الحساسة في المنطقة. فالهند دولة ذات تنوع ثقافي وديني كبير. يوجد في الهند أكبر تجمع شعبي للمسلمين، حيث يشكل المسلمون أكبر الأقليات الدينية في الهند، ويبلغ تعدادهم حوالي ٢٠٠ مليون، أي يشكلون حوالي ١٤٪ من إجمالي عدد السكان. يعيش المسلمون في الهند في ظروف سياسية واجتماعية تتسم بالتحديات والتوترات. هناك توترات سياسية ودينية بين المسلمين والهندوس في الهند، وقد أدت هذه التوترات إلى حدوث أعمال عنف واضطهاد في بعض الأحيان. تعتبر قضايا مثل الهوية الدينية والتمييز والقضايا الاقتصادية والاجتماعية أمورًا هامة في السياسة الهندية المعاصرة. وقد يكون هناك مخاوف ومقاومة من بعض الجماعات والأحزاب السياسية المسلمة في الهند تجاه تعزيز العلاقات مع إسرائيل، وذلك نظرًا للتوترات التاريخية والسياسية المرتبطة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني والمواقف المتباينة حياله. فيما يتعلق بالعلاقات الهندية الإسرائيلية، فإن وجود عدد كبير من المسلمين في الهند له تأثير على هذه العلاقات بطرق متعددة. على سبيل المثال، قد يواجه المسؤولون الهنود ضغوطاً سياسية وعامة بسبب القضايا المرتبطة بالشرق الأوسط والصراع بين اسرائيل والفلسطينيين. يعتبر الدعم لفلسطين قضية ذات أهمية بالغة بالنسبة للمسلمين في الهند، وقد يؤثر ذلك على سياسة الحكومة الهندية تجاه إسرائيل. يلعب المسلمون دورًا هامًا في المجتمع الهندي، ولذلك يجب أخذ الثقل السياسي للمسلمين في الاعتبار عند وضع توجهات السياسة الخارجية الهندية. فلا يمكن إنكار تأثيرهم على قرارات السياسة الخارجية. ولذلك، كانت الحكومة الهندية أكثر حذرًا من إقامة علاقات وثيقة مع إسرائيل بشكل علني، خشية تنفير مواطنيها المسلمين ومواجهة ردود فعل سياسية داخلية. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر موقف المسلمين في الهند من القضية الفلسطينية وارتباطهم بالأماكن المقدسة بها ومعارضتهم للاستيطان الصهيوني في فلسطين على موقفهم تجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
-العلاقة القوية بين الهند وإيران:
الهند لديها علاقات وثيقة مع إيران تمتد لعدة قرون. تعتبر إيران جارة هامة للهند وتلعب دورًا استراتيجيًا في المنطقة الجغرافية. توجد علاقات ثقافية وتجارية واقتصادية قوية بين الهند وإيران، وتتعاون البلدين في مجالات مثل التجارة والطاقة والنقل والثقافة والتعليم. حيث تحتفظان بعلاقة تاريخية واقتصادية وثيقة. بالنسبة للهند، الحفاظ على علاقات جيدة مع إيران يعتبر أمرًا مهمًا لعدة أسباب. إيران تعتبر مصدرًا رئيسيًا للنفط والغاز الطبيعي للهند. تعتمد الهند بشكل كبير على واردات النفط الإيرانية لتلبية احتياجاتها من الطاقة. كما أن الهند تسعى لتعزيز تواجدها الاقتصادي
والاستثماري في إيران، وتروج للتعاون في مختلف المجالات. فالهند تهدف للحفاظ على توازن في علاقاتها الخارجية وتعمل على تعزيز التعاون مع كل من إيران وإسرائيل استنادًا إلى مصالحها الوطنية والإقليمية. ولكن العلاقات الهندية الإيرانية قد تتأثر أحيانًا بالتوترات الجيوسياسية في المنطقة والقضايا العالمية الحساسة. على سبيل المثال، العلاقة بين إيران وإسرائيل هي قضية حساسة ومعقدة. إسرائيل تعتبر إيران تهديدًا أمنيًا بسبب برنامجها النووي ودعمها للجماعات المتطرفة في المنطقة. وبالمثل، الهند تسعى للحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل بناءً على المصالح الاستراتيجية والاقتصادية. ولكن تواجه الهند ضغوطا من الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بشأن تعاونها مع إيران، خاصة في ظل العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي. في حين تسعى إسرائيل والولايات المتحدة لزيادة الضغط على إيران بشأن برنامجها النووي، قامت إيران بتعزيز علاقتها مع الهند. وتتمتع تعزيز العلاقات بين الهند وإيران بتأييد واسع من قبل الهنود والإيرانيين. وتعددت مجالات التعاون بين الهند وإيران لتشمل التعاون الاستخباراتي والعسكري والدفاعي، ومجال الطاقة والبحث العلمي، والتعاون التجاري وتنمية البنية التحتية في إيران. وقد ساعدت تداعيات الأزمة النووية الإيرانية علي تقارب العلاقات بين الهند وايران.
-القضية الفلسطينية:
تعد قضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قضية مركزية حساسة وشائكة في المنطقة، وفي السياسة الهندية. تلقي القضية اهتمامًا كبيرًا في الهند والعالم الإسلامي بشكل عام، وتتلقى دعما شعبيا وسياسيا واسعا في الهند. فالقضية الفلسطينية تعتبر العامل الأساسي في تشكيل العلاقات العربية الإسرائيلية. يتجلى ذلك في مواقف الحكومة الهندية التي تدعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم الفلسطينية على أساس حدود عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس. تتمسك الهند أيضًا بحق الفلسطينيين في حياة كريمة وحرية التنقل وإنهاء الاحتلال والاستيطان. فالهند تحتفظ بتقاليدها الدبلوماسية وتلتزم بمبادئ العدالة والحقوق الإنسانية، وتملك موقفاً متوازناً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فكان للهند دعم مستمر للشعب الفلسطيني وتحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة. تعارض الدول العربية التطبيع الكامل مع إسرائيل بسبب عدم تحقيق تقدم كافٍ في حل القضية الفلسطينية. وبالتالي قد يتعذر على الهند تعزيز العلاقات مع إسرائيل بشكل كبير في ظل الضغوط والانتقادات الدولية المحتملة، نظرًا لتأثير الرأي العام والمواقف السياسية في الهند المتعلقة بالقضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، مما يؤثر هذا الصراع على العلاقات بين الهند وإسرائيل. فالموقف الهندي المتوازن يعكس حرص الهند على المحافظة على قيمها ومبادئها السياسية والأخلاقية، وإظهار التزامها بحقوق الإنسان والعدالة العالمية. الهند تسعى للعمل مع جميع الأطراف المعنية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وتعزيز التعاون الإقليمي والاقتصادي للجميع. فعلي الرغم من العلاقات القوية بين الهند وإسرائيل، لا تزال الهند تحتفظ بموقفها التقليدي الداعم لقضية الشعب الفلسطيني وحقوقهم. وقد يؤثر ذلك على عمق ومدى العلاقات مع إسرائيل، خاصة في ظل التحديات الدولية والإقليمية المتعلقة بالقضية الفلسطينية. فقد كانت الهند من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية عند تأسيسها في عام ١٩٦٤، وفتحت مكتب لها في نيودلهي، وفي عام ١٩٨٠ قامت الهند بتحويل المكتب الخاص بمنظمة التحرير الفلسطينية إلى سفارة لمنظمة التحرير الفلسطينية تحظى بكافة الحصانات. مما يعد تعبيرًا عن الدعم السياسي والدبلوماسي المستمر للهند للقضية الفلسطينية. يمكن تسليط الضوء أيضًا على أن الهند تضمنت دعمها للقضية الفلسطينية في سياستها الخارجية في عدة مناسبات. على سبيل المثال، صوتت الهند لصالح قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تدعم حقوق الفلسطينيين وتدين الاستيطان الإسرائيلي. مما يعكس التزام الهند بقضية الشعب الفلسطيني وحقهم.[39]
-العلاقات الهندية العربية:
تمتلك الهند علاقات قوية مع العالم العربي، وتعود هذه العلاقات إلى قرون عديدة. تمتد الروابط الثقافية والتجارية والدينية بين الهند والعالم العربي على مدى آلاف السنين، وتشمل التبادل الثقافي والتجاري والتعاون السياسي في مختلف المجالات. تحافظ الهند على علاقات استراتيجية مع الدول العربية في المنطقة. تعتمد الهند أيضًا بشكل كبير على استيراد النفط والطاقة من الدول الخليجية، وإسرائيل تعد من الدول المتقدمة في مجال التكنولوجيا والابتكار. ومع ذلك، قد يواجه التعاون الاقتصادي بين الهند وإسرائيل تحديات من الدول المنتجة للنفط والدول التي تشجع على مقاطعة إسرائيل. وهذا يجعل الهند تضطر إلى المحافظة على علاقات جيدة ومستقرة مع هذه الدول، وقد يؤثر ذلك على العلاقات الهندية الإسرائيلية. برغم وجود بعض التوترات المحتملة، نجد الهند تحاول الحفاظ على توازن في علاقاتها مع جميع الأطراف المعنية. تعمل الهند على تعزيز التعاون الثنائي مع العالم العربي وإسرائيل على حد سواء، وتسعى للتوسط في النزاعات وتعزيز التفاهم والتعاون الإقليمي. تسعى الهند أيضًا لتعزيز علاقاتها مع إسرائيل على أساس منفصل ومستقل. قد يكون للتطور الإيجابي في العلاقات بين الهند واسرائيل تأثير على العلاقات العربية الهندية، حيث قد يزيد من التوتر والاحتقان في العلاقات بين الهند وبعض الدول العربية التي تعارض تعاون الهند مع إسرائيل. تضامن الهند مع الدول العربية خلال حقبة الحرب الباردة خلق حاجزا أمام إقامة علاقات مع إسرائيل في البداية. خاصةً أن بعض الدول العربية تروج للمقاطعة الاقتصادية والسياسية لإسرائيل بسبب التوترات والصراعات في المنطقة. فالهند بوصفها عضوا مؤسسا لحركة عدم الانحياز، انضمت إلى العالم العربي ودعمت القضية الفلسطينية. فقد احتلت القضية الفلسطينية موقعًا مهمًا في العلاقات العربية الهندية، حيث عبرت الهند عن دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة. وتعد هذه المواقف مرآة للتوجهات والمطالب العربية. قد يكون لهذا التأييد للقضية الفلسطينية تأثير سلبي على العلاقات الهندية الإسرائيلية، حيث قد تتعرض الهند لضغوط سياسية من بعض الدول العربية للحفاظ على هذا الموقف وعدم تعزيز العلاقات مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية.
-البيروقراطية والتحديات اللغوية: الإجراءات الإدارية المعقدة والمتطلبات البيروقراطية المتعلقة بالاستثمارات والمشاريع المشتركة يمكن أن تكون عقبة أمام تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الهند وإسرائيل. فالبيروقراطية نظام إداري يتميز بالتعقيد والروتينية الزائدة في الإجراءات الإدارية. تنشأ التحديات اللغوية في البيروقراطية عندما يكون هناك تشعب وتعقيد في العمليات الإدارية، ويتطلب التواصل والتنسيق بين مختلف الأطراف المعنية. يمكن أن تكون هناك مشكلات في التواصل بسبب الاختلافات اللغوية بين الأطراف، مما يؤدي إلى سوء التفاهم وتأخير في اتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي البيروقراطية والإجراءات الإدارية المعقدة إلى زيادة تكاليف العمل والإجراءات، مما يمكن أن يكون عبئًا على الشركات والمؤسسات التعاونية بين الهند وإسرائيل. قد يتعذر على الشركات التنافس بفعالية في السوق العالمية بسبب العقبات البيروقراطية، مما يؤثر على التجارة والاستثمار بين البلدين. تعد التحديات البيروقراطية والقانونية عائقًا في تطوير التجارة والاستثمار بين الأطراف، مثل الحواجز التجارية والرسوم الجمركية. يتطلب التعاون والتفاهم بين الهند وإسرائيل التغلب على العقبات البيروقراطية في الجهات الحكومية والقطاع الخاص. كما أن اللغة المختلفة والثقافات المتنوعة بين الهندية والعبرية قد تشكل تحديًا في التواصل والتفاهم بين الأطراف. قد تواجه الشركات والجهات الحكومية صعوبات في التواصل والتفاهم بسبب الفروق اللغوية والثقافية، وهذا يمكن أن يؤثر على سير العمل وتطوير العلاقات. فمن أجل تعزيز العلاقات بين الهند وإسرائيل، يحتاج الجانبان إلي اتخاذ إجراءات للتغلب على التحديات اللغوية والبيروقراطية. يمكن تعزيز التواصل والتفاهم المشترك بين الأطراف المعنية من خلال توظيف مترجمين أو استخدام تقنيات الترجمة الآلية. يجب أيضًا تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليل الروتينية غير الضرورية لتسهيل التعاون وتبادل المعلومات والموارد.
-إلي جانب هذه المعوقات يوجد عوامل أخري قد تمثل تحدي للعلاقات الهندية الإسرائيلية، كالأبعاد الجيوسياسية الإقليمية، فالتوترات والصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط تؤثر على العلاقات الهندية الإسرائيلية. الهند تسعى للحفاظ على توازنها في المنطقة وعدم التورط في صراعات محددة، وهذا قد يؤثر على مدى تعمق التعاون مع إسرائيل. قد تواجه الهند تحديات في توسيع علاقاتها مع إسرائيل بسبب التوترات المحتملة في المنطقة، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتوترات بين إسرائيل والدول المحيطة بها. فضلًا عن العوامل الثقافية والدينية، فالتقاليد الدينية تلعب دورا هاما في المجتمع الهندي. وبعض هذه العوامل الثقافية والدينية يمكن أن تلعب دورًا في تشكيل التحفظات والتحديات في العلاقات الهندية الإسرائيلية. الهند لديها تنوعًا ثقافيًا ودينيًا كبيرًا، وبعض الجماعات والأفراد قد يحملون آراء ومعتقدات تجاه إسرائيل قد تؤثر على استجابتهم للتعاون الوثيق معها. قد يكون هناك تحفظات أو مخاوف بسبب القضايا الدينية المرتبطة بالمنطقة والتاريخ السياسي لإسرائيل.[40]
الفصل الثالث : تأثير العلاقات الهندية الإسرائيلية علي الأمن القومي العربي
يتناول هذا الفصل الأمن القومي باعتباره مفهومًا متعدد الأبعاد يرتبط بحماية وصون المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للدولة وشعبها. وبما أن العلاقات بين الهند وإسرائيل تأخذ طابعًا استراتيجيًا وتمتد إلى مجموعة واسعة من المجالات، فإنها تحمل القدرة على أن تؤثر بشكل كبير على الأمن القومي للدول العربية. ومن المهم أن نبدأ بفهم تأثير الصراع العربي الإسرائيلي على الأمن القومي العربي. يمتد هذا الصراع عبر عقود من الزمن ويشمل تناحرًا سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا بين الجانبين. أثر هذا الصراع على الأمن القومي العربي هو أمر لا يمكن إغفاله. بالنسبة للعلاقات الهندية الإسرائيلية، فإن تأثيرها على الأمن القومي العربي يمكن أن يكون متنوعًا ومعقدًا. من خلال التعاون العسكري والأمني بين الهند وإسرائيل، يمكن للهند أن تستفيد من التكنولوجيا والخبرات العسكرية الإسرائيلية، مما يعزز قدراتها العسكرية والأمنية. وهذا، في نظر بعض الدول العربية، قد يؤثر سلبًا على التوازن العسكري في المنطقة وبالتالي على الأمن القومي العربي. علاوة على ذلك، قد ينشأ تأثير آخر على الأمن القومي العربي من خلال العواطف الشعبية والردود العامة للشعوب العربية تجاه العلاقات الهندية الإسرائيلية. قد تواجه الدول العربية ضغوطًا داخلية لاتخاذ مواقف محددة تجاه إسرائيل وتعاونها مع الهند، وهذا يمكن أن يؤثر على الاستقرار السياسي والأمني في تلك الدول، وهذا ما سيتم توضيحه.
المبحث الأول : مفهوم الأمن القومي العربي
بدأ الاهتمام بـالأمن القومي العربي في خمسينيات القرن الماضي، خاصة بعد الصراع العربي الإسرائيلي. ويوصف الأمن القومي بالعربي بأنه يختص بأمن المنطقة العربية الممتدة من الخليج العربي وحتى المحيط الأطلسي، يرتبط افراد المنطقة العربية بخصائص ومصالح مشتركة، وتسعي إلى تحقيق أمنها بإتباع سياسات تواجه المخاطر الداخلية والخارجية المحتملة التي تهدد وجودها. في عام ١٩٩٢ قامت جامعة الدول العربية بمناقشة موضوع الأمن القومي العربي، واتخذت قرارًا بتكليف الأمانة العامة بإعداد دراسة شاملة حول مفهوم الأمن القومي العربي ، وعرضه على مجلس جامعة الدول العربية، وقد تم إعداد ورقة عمل حول مفهوم الأمن القومي العربي، وحُدد فيها مفهوم الأمن القومي العربي بأنه: قدرة الأمة العربية على الدفاع عن أمنها وحقوقها وصيانة استقلالها وسيادتها على أراضيها، وتنمية القدرات والإمكانيات العربية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مستندة إلى القدرة العسكرية والدبلوماسية، مع مراعاة الاحتياجات الأمنية الوطنية لكل دولة، والإمكانات المتاحة والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية، والتي تؤثر على الأمن القومي العربي. ايضًا قامت لجنة الشؤون الخارجية والسياسية والأمن القومي بالبرلمان العربي بتعريف مفهوم الأمن القومي العربي بأنه ” قدرة الأمة العربية في الدفاع عن نفسها وعن حقوقها وصون استقلالها وسيادتها على أراضيها، ومواجهة التحديات والمخاطر من خلال تنمية القدرات والإمكانات العربية في المجالات كافة، في إطار وحدة عربية شاملة تأخذ في الاعتبار الاحتياجات الأمنية القطرية لكل دولة بما يخدم مصالح الأمة العربية، ويضمن مستقبلاً أمناً لأبنائها وبما يمكنها من المساهمة في بناء الحضارة الإنسانية “.[41]
يتأثر الأمن القومي بعدة جوانب رئيسية، ومنها الأمن السياسي، العسكري، الاقتصادي، والطاقة:
-الأمن السياسي العربي، والذي يرتبط بالحفاظ على استقرار الأنظمة السياسية في الدول العربية، وضمان سلامة المؤسسات الحكومية واستمرارية السلطة السياسية. يهدف الأمن السياسي إلى حماية الدولة والمجتمع من التحديات السياسية المحتملة التي قد تهدد النظام السياسي والاستقرار السياسي. يعتبر استقرار النظام السياسي أمرًا حاسمًا للأمن السياسي. يتطلب ذلك وجود نظام ديمقراطي قائم على حكم القانون، واحترام حقوق الإنسان، وتوزيع السلطة بين المؤسسات الحكومية المختلفة. يجب أن يتم تشجيع الحوار السياسي وتعزيز المشاركة المدنية لضمان استقرار النظام السياسي. أيضًا الحفاظ على الأمن الداخلي، ويشمل ذلك ضمان الاستقرار الداخلي والحد من الاضطرابات والصراعات الداخلية التي قد تؤثر على الأمن السياسي العربي.
–الأمن العسكري العربي، والذي يعتبر جزءًا هامًا من الأمن القومي في الدول العربية. يهدف الأمن العسكري إلى حماية الدولة وسيادتها واستقلاليتها، وضمان الاستقرار والسلام الداخلي والخارجي. يتضمن الأمن العسكري مجموعة من الجوانب والتحديات التي يجب معالجتها، ومنها الدفاع الوطني الذي يشمل تطوير وتعزيز القوات المسلحة العربية للتصدي لأي تهديدات خارجية تشكل تهديدًا للدولة وسيادتها. الأمن الحدودي أيضًا الذي يرتبط بحماية الحدود الوطنية ومنع أي انتهاكات أو تسلل غير قانوني للأراضي الوطنية. ومكافحة الإرهاب حيث يعتبر مواجهة التهديدات الإرهابية أحد أولويات الأمن العسكري العربي. يتطلب ذلك تعزيز قدرات القوات الخاصة والاستخبارات العسكرية لمكافحة الجماعات الإرهابية والتصدي لأعمال العنف والتفجيرات. تعد الدول العربية جزءًا من النظام الإقليمي والدولي، وبالتالي يتطلب الأمن العسكري العربي المشاركة في التحالفات والتعاون العسكري الإقليمي والدولي.
-الأمن الاقتصادي العربي، والذي يتعلق بالاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة في الدول العربية. يهدف الأمن الاقتصادي إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاقتصادات الوطنية، وتحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل، وتعزيز الاستقرار المالي ومكافحة الفساد. يشمل أيضًا التعاون الاقتصادي الإقليمي والدولي وتحقيق التوازن في العلاقات التجارية والاستثمارية. ويهدف الأمن الاقتصادي إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة. يجب أن تعمل الدول العربية على تنويع اقتصاداتها وتعزيز القطاعات غير النفطية، وأن توفر الدول العربية بيئة استثمارية جاذبة وتعزز ريادة الأعمال والابتكار. كما يجب أن تعزز الدول العربية التجارة الدولية والاندماج الاقتصادي في المنطقة على المستوى الإقليمي والعالمي.
-أمن الطاقة العربي، والذي يتعلق بضمان الاستقلالية والأمان في إمدادات الطاقة للدول العربية. ويهدف أمن الطاقة إلى تنويع مصادر الطاقة وتطوير قطاعات الطاقة المستدامة، وتعزيز التعاون الإقليمي في مجال الطاقة، وحماية وتأمين منشآت الطاقة الحيوية. يعتبر أمن الطاقة أحد العوامل الحيوية للاستقرار الاقتصادي والتنمية في المنطقة العربية.[42]
الصراع العربي الإسرائيلي لعب دورًا كبيرًا في تحديد وتشكيل الأمن القومي العربي، يعد العدو الإسرائيلي هو العدو الأول والأساسي الذي يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي. يعود هذا الصراع إلى تأسيس دولة إسرائيل في عام ١٩٤٨، اتبعت سياسة تستهدف توسيع نفوذها وسيطرتها على المنطقة العربية. كما تدعم إسرائيل الحركات الانفصالية وتعرقل مشاريع الوحدة العربية لإضعاف العالم العربي وتفكيكه، وتستهدف الأراضي والسيادة الغربية. وذلك بدعم الولايات المتحدة الأمريكية التي تعمل علي تعزيز الكيان الصهيوني وتقليل قدرات النظام العربي لصالح إسرائيل، بهدف السيطرة على المنطقة العربية بشكل عام ومنطقة الخليج العربي بشكل خاص. يهدف ذلك إلى حماية مصالحها القومية، نظرًا لأن العالم العربي يشكل حاجزًا بين أوروبا وآسيا ويعتبر مدخلاً للسيطرة على آسيا. بالإضافة إلى ذلك، يمثل دعم الغرب المستمر لإسرائيل ، وقدرات الاستطلاع والمراقبة الفضائية والرادار والاستخبارات البرية والبحرية للقوى العالمية ، واستخدامها لمراقبة المنطقة العربية ، يشكل ضغوطًا على العالم العربي ويشكل تهديدًا للأمن القومي العربي. وبالتالي أدى كل ذلك إلى نزاعات وصراعات مستمرة بين الدول العربية وإسرائيل. وقد تسبب هذا الصراع في تأثيرات سلبية عديدة على الأمن القومي العربي، ومن بين هذه التأثيرات، أن الصراع العربي الإسرائيلي أدى إلى انعدام الاستقرار في المنطقة العربية، مما أثر على الأمن القومي. النزاعات المسلحة والتوترات الدائمة بين الدول العربية وإسرائيل تهدد الاستقرار السياسي وتعرض الدول العربية للتهديدات الأمنية. القضية الفلسطينية كانت أيضًا جزءًا أساسيًا من الصراع العربي الإسرائيلي، وتشكل القضية عنصرًا مهمًا في الأمن القومي العربي. وإصرار إسرائيل على الاستمرار في الاحتلال وبناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية اثر سلبًا على الأمن القومي العربي وزاد من التوترات والاضطرابات في المنطقة. كما أثر الصراع العربي الإسرائيلي على التوازن العسكري في المنطقة. تمتلك إسرائيل قدرات عسكرية متقدمة وتلقي دعمًا كبيرًا من الدول الغربية، مما يجعلها تتفوق على الدول العربية من حيث التسليح والتكنولوجيا العسكرية. وهذا يؤثر على الأمن القومي العربي ويعرض الدول العربية للتهديدات العسكرية. يؤثر الصراع العربي الإسرائيلي على الاستقلالية الاقتصادية للدول العربية. تكون تلك الدول معرضة للعقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي من جانب إسرائيل والدول المؤيدة لها، مما يؤثر على تنمية الاقتصاد الوطني ويعرقل عملية التنمية والرخاء الاقتصادي في تلك الدول. الصراع العربي الإسرائيلي أيضًا قد أدى أحيانًا إلى تفاقم الانقسامات داخل العالم العربي. الخلافات والتوترات المستمرة فيما يتعلق بالتعامل مع القضية الفلسطينية وإسرائيل تؤثر على تضامن العالم العربي وتزيد من التباعد السياسي والاجتماعي بين الدول العربية، مما يؤثر على القدرة العربية على مواجهة التحديات الأمنية المشتركة. فالقضية الفلسطينية أيضًا أثرت علي الأمن القومي العربي. فالقضية الفلسطينية تعتبر قضية مشتركة للدول العربية، وتجمعها حولها وتعتبرها قضية قومية تستحق الدعم. ومن خلال هذه القضية، تم تعزيز الوحدة العربية وتعاون الدول العربية في محاولة للتصدي للتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية. للقضية الفلسطينية دورًا هامًا في بناء الهوية العربية والوحدة الثقافية. يروج العرب للتفاخر بالهوية العربية والانتماء من خلال دعم القضية الفلسطينية والتضامن مع الشعب الفلسطيني. يتم اعتبار القضية الفلسطينية بوصفها جزءًا لا يتجزأ من الهوية العربية والقيم الثقافية والتاريخية للمنطقة. يؤثر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على العلاقات الدولية للدول العربية، حيث يمكن أن تؤثر مواقف الدول الأخرى تجاه القضية على العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي والسياسي. وقد يؤدي التصعيد في الصراع إلى تعقيد العلاقات الإقليمية والدولية للدول العربية. كما يؤثر على استقرار المنطقة بشكل عام. فقد يؤدي غياب حل للصراع إلى زعزعة الأمن والاستقرار في الدول المجاورة لفلسطين. قد ينشأ فكر متطرف أيضًا، يستغل بعض الجماعات المتطرفة القضية الفلسطينية لترويج أجنداتها المتطرفة واستدراج الشباب إلى الانخراط في أعمال العنف والإرهاب. وبذلك، يمكن أن تشكل القضية الفلسطينية تحديًا للأمن القومي العربي عندما يتحول الصراع إلى تهديد إرهابي.[43]
يواجه الأمن القومي العربي العديد من التحديات في الوقت الحالي، بما في ذلك انتشار الإرهاب، أصبحت كل الدول العربية تواجه الإرهاب بغض النظر عن مستوى تطورها السياسي والاقتصادي والتكنولوجي. هناك بعض العوامل تجعل الشباب عرضة لتأثيرات الجماعات الإرهابية ، كالتحديات الاقتصادية وتزايد نسب البطالة وانخفاض فرص العم. ايضًا فشل الأنظمة السياسية العربية في تلبية مطالب المواطنين واحتياجاتهم أو إساءة الحكومات للمواطنين، مما يدفع الجماعات الإرهابية المتطرفة لاستهداف الشباب وتجنيدهم في التنظيمات الإرهابية. كما يشكل تعدد الأقليات والتنوع العرقي في المنطقة العربية تهديدًا للأمن القومي العربي. تعد المنطقة العربية واحدة من أكثر المناطق تعددًا في العالم من حيث وجود الأقليات. وتشكل خطر علي الأمن القومي العربي بسبب استهداف التنظيمات الإرهابية للأقليات والعمل على زعزعة استقرارها ، فضلا عن مشكلات الأقليات الخاصة بالاستقلال ومطالبتهم بالانفصال عن الدولة كما حدث في الأقليات المتركزة في العراق واليمن وسوريا ولبنان وغيرها من الدول العربية. كما تعاني بعض الدول العربية من ضعف في قدراتها العسكرية والأمنية ومحدودية صناعاتها العسكرية، بالإضافة إلي ضعف جيوشها الوطنية مما يقلل من قدرتها على مواجهة التحديات والتهديدات التي تواجهها. وبالتالي يصعب عليها المساهمة في ترتيبات للأمن الجماعي لمواجهة تهديدات المنطقة العربية. ايضًا تراجع دور جامعة الدول العربية في تسوية النزاعات في الدول العربية، ويرجع ذلك إلي وجود خلافات سياسية بين الدول العربية وعدم التوافق بينهم في مواجهة القضايا المشتركة ، تراجع العلاقات بين بعض الدول العربية. كما يؤثر العجز في تحقيق الوحدة الاقتصادية وتنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية بين الدول العربية على الاقتصاد العربي ويشكل تهديدًا كبيرًا على الأمن القومي العرب، ويفتح الباب امام تدخل القوي غير العربية للتدخل في الصراعات العربية، نظرًا لغياب استراتيجية موحدة للتعامل مع هذه التدخلات.[44] كما توجه منطقة العربية تدخلًا متزايدًا من القوى الدولية والإقليمية التي تسعى لتحقيق أهدافها ومصالحها في المنطقة. تتداخل هذه القوى في الشؤون العربية وتتدخل في قضاياها بطرق متعددة. على الرغم من أن المنطقة العربية تحتوي على مصالح استراتيجية للعديد من القوى الدولية والإقليمية، إلا أنها لم تتمكن من توظيف هذه المصالح بشكل فعال لصالحها. كما فشلت في الاستفادة من الموارد الاقتصادية والجغرافية والعسكرية التي تمتلكها لتعزيز أمنها القومي. ومن بين التحديات التي تواجهها المنطقة العربية، عدم القدرة على استخدام النفط كوسيلة للضغط الدولي. فإذا تمكنت الدول العربية من توحيد قواتها واستغلال مواردها العسكرية، ستكون قادرة على المنافسة مع الدول المتقدمة في هذا المجال، وستمتلك أكبر جيش في التاريخ من حيث العدد. لذا، يجب على الدول العربية وضع استراتيجية موحدة للتعامل مع التدخلات الدولية والإقليمية في شؤون المنطقة العربية. هذا يتطلب تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول العربية وتوحيد جهودها لحماية مصالحها وتعزيز أمنها القومي.
المبحث الثاني: تأثير العلاقات الهندية الإسرائيلية علي الأمن القومي العربي
العلاقات الهندية الإسرائيلية لها تأثيرات متعددة على الأمن القومي العربي، وتشمل الانعكاسات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن هذه التأثيرات تعتمد على سياق العلاقات الثنائية بين كل دولة عربية وكل من الهند وإسرائيل.
-الانعكاسات العسكرية والأمنية علي الأمن القومي العربي:
كشفت فترة التسعينيات عن التحديات والتهديدات الخارجية علي مستوي الأمن القومي العربي، لا سيما التهديدات الإسرائيلية التي تشكل خطرًا كبيرًا على المنطقة العربية. ينعكس ذلك بتزايد العلاقات الأمنية لدول الجوار العربي ومحاولاتها المستمرة في إنهاك الأمن القومي العربي علي المنطقة العربية سلبًا، كما يعزز فرص الاختراق الإقليمي للدول العربية. خلال هذه الفترة، بدأت العلاقات بين الهند وإسرائيل في التطور على حساب العرب. ضعف وتراجع إمكانات العالم العربي العسكرية والأمنية والتكنولوجية، وعدم قدرته على تقديم بديل للهند بخصوص التقنية العسكرية الإسرائيلية، ساعد على منح مزيد من الفرص لإسرائيل للتقارب من الهند وتعزيز التحالف الاستراتيجي بينهما. الهند تمثل عمقًا جيواستراتيجيًا لإسرائيل، تظهر خطورته أثناء النزاعات والصراعات المحتملة أن تقع في المنطقة العربية. تنامي العلاقات الهندية الإسرائيلية، خاصة في المجال العسكري، ساعد اسرائيل علي تنفيذ مخططاتها لإنهاء عزلتها الإقليمية والدولية والتوغل في القارة الآسيوية. وقد أثر ذلك مباشرةً على توازن القوى في آسيا، مما يؤثر بشكل سلبي على الأمن القومي العربي. من بين المخاطر الناجمة عن العلاقات الثنائية بين الدولتين والتعاون في المجال العسكري والأمني، يشترك البلدان في موقفهما السياسي بعدم التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وهذا يشجع إسرائيل على تطوير الأسلحة النووية والقوة الصاروخية لديها، ما يجعلها القوة العسكرية الرائدة في الشرق الأوسط. أيضًا، التعاون العسكري والنووي والاستخباراتي بين البلدين، واستخدام إسرائيل لمياه المحيط الهندي، خاصة في تجاربها النووية بالتعاون مع الأسطول الهندي، يشكل تهديدًا مباشرًا لجنوب شرق المنطقة العربية كدول الخليج العربي والعرق والدول الإسلامية بجنوب غرب آسيا كباكستان وإيران. إضافةً إلى ذلك، فإن التعاون العسكري الإسرائيلي الهندي يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوترات في المنطقة. يرى البعض أن هذا التعاون العسكري بين الهند وإسرائيل يعزز القدرة العسكرية لكلا البلدين ويؤثر على التوازن العسكري في المنطقة. يشعر بعض الدول العربية بالقلق إزاء تعزيز القدرات العسكرية للهند وإسرائيل، وقد يؤدي ذلك إلى تنامي المخاوف والتوترات الإقليمية. فقد تؤثر العلاقات القوية بين الهند وإسرائيل على العلاقات العربية الهندية. حيث تشعر بعض الدول العربية بعدم الراحة إزاء التعاون العسكري والأمني بين الهند وإسرائيل، مما يمكن أن يؤثر على التعاون والعلاقات الاقتصادية والسياسية بين الدول العربية والهند. خاصة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتوترات بين إسرائيل والدول العربية المجاورة ، بالإشارة إلي احتمالات استخدام اسرائيل الأراضي الهندية بما يتيح لها توجيه ضربات استباقية للدول العربية والإسلامية وذلك لمواجهة التهديدات الخارجية. تعمل الهند وإسرائيل على استثمار كل جهودهما في المجال العسكري والاستخباراتي والأمني، بما يخدم أهدافهما ومصالحهما القومية، وتطويق الاهداف والمصالح القومية للعالم العربي والإسلامي. كما تستغل إسرائيل التعاون مع الهند بطرق تعزز مخططاتها لبناء إسرائيل الكبرى على حساب المصالح العربية. وتستفيد إسرائيل أيضًا من تفوق الهند في صناعة وإطلاق الأقمار الاصطناعية، حيث تدعم برنامج أقمار التجسس الإسرائيلي، مما يمكنها من الاستطلاع وتوفير المعلومات حول المنطقة العربية. وبالتالي، قد تؤدي هذه التعاون بين البلدين إلى تعزيز القدرات العسكرية للهند وتوفير تقنيات وأنظمة حديثة. قد يؤثر أيضًا على الأمن الإقليمي في المنطقة. قد تشعر بعض الدول العربية بالقلق إزاء امتلاك الهند لتكنولوجيا وأنظمة أمنية متطورة، وتروج لتحقيق التوازن العسكري في المنطقة. قد يؤدي ذلك إلى سباق تسلح إقليمي وزيادة التوترات الأمنية. وهذا يمكن أن يعزز قدرة الهند على التعامل مع التحديات الأمنية المتنوعة في المنطقة، وبالتالي يؤثر على التوازن العسكري في المنطقة وقدرة الدول العربية على مواجهة التهديدات الأمنية. تشترك الهند وإسرائيل في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الأمنية. يمكن أن يؤدي هذا التعاون إلى تعزيز القدرة الاستخباراتية والأمنية للهند وتحسين قدرتها على رصد ومواجهة التهديدات الإرهابية. وهذا قد يؤثر على القدرة العربية على مكافحة الإرهاب وحماية أمنها القومي.[45]
-الانعكاسات السياسية علي الأمن القومي العربي:
تطورت العلاقات بين الهند وإسرائيل في السنوات الأخيرة، وتم التوافق بينهما في بعض القضايا والتحديات المشتركة. يشمل ذلك مخاوف البلدين إزاء الصعود الاسلامي الأصولي وتغير موقف الهند تجاه القضايا العربية ، والسعي للضغط على الدول العربية من خلال نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة ، واتهام الدولتين بعض الدول العربية بمساندة حركات الإسلام السياسي الراديكالي في الدول المجاورة. كانت سياسة الهند تجاه المنطقة العربية تدعم بشكل كامل القضايا العربية، بما في ذلك القضية الفلسطينية. ولكن مع تحسن العلاقات بين الهند وإسرائيل، بدأت الهند في تحقيق توازن بين الدول العربية وإسرائيل بما يحقق مصالحها المشتركة مع الدول العربية، ومع اسرائيل من جهة أخرى. تركزت جهود إسرائيل على تعزيز العلاقات مع الهند وإقناعها بعدم دعم القضايا العربية. وقد تمكنت إسرائيل من زرع الكراهية والاحتقار تجاه الدول العربية والإسلامية من خلال حملات تحريضية مستهدفة الإسلام والمسلمين تحت ذريعة مكافحة الإرهاب الإسلامي الأصولي. فقد هدفت إسرائيل إلى الخروج من العزلة السياسية وزيادة انفتاحها على العالم على حساب الدول العربية. وبالتالي قد تواجه الدول العربية ضغوطًا دولية للتأقلم مع التعاون الهندي الإسرائيلي وتطوير العلاقات مع إسرائيل. هذا الأمر قد يتسبب في تحديات داخلية وتوترات سياسية في بعض الدول العربية التي ترى أن الاعتراف بإسرائيل يتعارض مع المبادئ والمواقف الوطنية.
فيما بتعلق بالقضية الفلسطينية ، علي الرغم من استمرار الهند علي دعمها المبدئي للقضية الفلسطينية ، لكنها لم تتخذ أي إجراءات ملموسة تجاهها ولم تلوم إسرائيل على سياستها تجاه الفلسطينيين. يشكل التحالف الاستراتيجي بين الهند وإسرائيل تحديًا للقضية الفلسطينية. فالقضية الفلسطينية تعد قضية حساسة ومهمة في العالم العربي. ويرى البعض أن التعاون الهندي الإسرائيلي يعزز موقف إسرائيل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وقد يؤثر ذلك على مواقف الدول العربية وتحالفاتها السياسية والدبلوماسية. ومن بين المخاطر المحتملة للعلاقات الهندية الإسرائيلية على القضية الفلسطينية هو تشجيع إسرائيل لهجرة اليهود الهنود إلى إسرائيل واستيعاب أكبر عدد ممكن من اليهود ، بسبب تخوف إسرائيل من التزايد السكاني الفلسطيني ، فضلا عن رغبتها في الحصول علي أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية . يوجد حوالي مليون يهودي هندي تجري الترتيبات لنقلهم إلى إسرائيل ، أيضاً يوجد حوالي ٥٠٠ الف من ولاية ميزورام الهندية تم ترحيلهم إلى إسرائيل ، فقد بلغ عدد اليهود في ولاية ميزورام نحو ٨٠٠ ألف يهودي ، ويوجد حوالي ٧٢٠ ألف يهودي آخرين يعيشون في ولايات أخري. ايضاً مشروع المحور الأمريكي الهندي الإسرائيلي قد يشكل تهديدًا علي الأمن القومي العربي ، فقد تقوم اسرائيل باستغلال علاقتها وتحالفها مع الولايات المتحدة وقوتها العسكرية والاقتصادية في توجيه هذا التحالف نحو تهديد أمن واستقرار المنطقة العربية. وعلى الرغم من أن الهدف الرئيسي لهذا المشروع هو مواجهة الصين وإيران وباكستان، إلا أنه يمن الممكن أن يؤثر بشكل غير مباشر على القضية الفلسطينية والمصالح العربية. على الرغم من أن هدفه في الأساس هو محاولة تطويق الصين و إيران و باكستان، وتوحيد جهود الولايات والهند وإسرائيل لمحاربة الإرهاب. وبالتالي قد يؤدي التعاون الهندي الإسرائيلي إلى تقويض الوحدة العربية وتأثيرها على مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة. يمكن أن يحدث تشتت في القرارات والمواقف العربية تجاه القضايا الهامة مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أو مواجهة التهديدات الأمنية الإقليمية الأخرى. قد يؤثر أيضًا على جهود تحقيق السلام في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. يمكن أن يتعارض الدعم الهندي لإسرائيل مع جهود الوساطة والسلام التي يبذلها العرب والمجتمع الدولي لحل الصراع. كما يؤدي التعاون الهندي الإسرائيلي إلى تأثيرات سلبية على العلاقات الإقليمية للدول العربية. قد يشعر العرب بعدم الثقة في الهند كشريك إقليمي بسبب تعاونها مع إسرائيل، وقد يؤدي ذلك إلى تدهور العلاقات والتوترات بين الهند والدول العربية.[46]
-الانعكاسات الاقتصادية علي الأمن القومي العربي:
ساهم التعاون الهندي الإسرائيلي ، وبشكل خاص في المجال الاقتصادي في فتح السوق الهندية أمام المنتجات الإسرائيلية ، الأمر يمنح المنتجات الإسرائيلية فرصة للتنافس في السوق الهندية ويساعدها علي الصمود أمام مواجهة الدول العربية. تقوم الهند وإسرائيل بممارسة ضغوط على الدول العربية من خلال تعزيز علاقاتهما مع الدول الإسلامية النفطية في آسيا الوسطى. هذا يؤدي إلى خفض أسعار النفط والغاز وبالتالي يقلل من نفوذ الدول العربية.
فالهند تمثل المرتبة السادسة في الطلب العالمي على البترول، وتستورد ٧٠٪ من احتياجاتها من النفط الخام من الدول العربية ، وتعد السعودية أكبر مورد للنفط الخام للهند. في عام ٢٠٠٥ قامت الهند بتوقيع اتفاق مع ايران لتصدير الغاز الطبيعي لمدة ٣٠ عام ، ليصل الي حوالي ٧.٥ مليون طن من الغاز الطبيعى سنوياً . وبالتالي، فإن عدم استقرار الأوضاع السياسية في دول الخليج العربي يمكن أن يؤثر سلبًا على تدفقات النفط وأسعاره. تهدف إسرائيل من وراء التعاون مع الدول في آسيا الوسطى إلى تقليص دور الدول العربية في المنطقة وتقويض تطور العلاقات بينهما. فقد عملت إسرائيل جاهدة لإقامة علاقات اقتصادية وعسكرية مع دول القارة الآسيوية، خاصة الهند، بهدف السيطرة على المنطقة العربية. تتطلب المساعدات التي تقدمها إسرائيل الي الهند ، تعاونًا من الهند في تحقيق أهداف إسرائيل ومخططاتها في المنطقة العربية. ومع ذلك، فإن تعزيز وتعميق العلاقات بينهما يأتي على حساب الدول العربية. فالهند لديها مصالح اقتصادية واسعة في المنطقة العربية، وتنظر إسرائيل إلى الدول العربية على أنها سوق استهلاكية، وتسعى لتطوير خبراتها الاقتصادية وتوسيع تجارتها وفتح المزيد من الأسواق أمام منتجاتها.
يقدم تطور العلاقات بين الهند وإسرائيل فرصة لإسرائيل لاختراق دول الخليج العربي وتسويق منتجاتها أو الوصول إلى المنطقة العربية نظرًا للقرب الجغرافي والمصالح المشتركة بين الهند ودول الخليج العربي. إن الهند دولة ذات أهمية استراتيجية كبيرة تتمتع بمقومات جغرافية وعوامل قوة تجعلها تحتل مكانة متقدمة على المستويين الإقليمي والدولي. بالإضافة إلى ذلك، تعد الجالية الهندية في دول الخليج العربي من أكبر الجاليات الموجودة، حيث يعمل ملايين الهنود في هذه الدول. قام الرئيس الإسرائيلي نتنياهو بزيارة بعض الدول العربية والتطبيع معها وتعزيز العلاقات الاقتصادية.[47] من الواضح أن أي تعاون بين دول المنطقة العربية وإسرائيل يشكل خطرًا على العالم العربي والإسلامي، حيث يساعد ذلك إسرائيل على الخروج من الحصار والعزلة التي فرضتها عليها الدول العربية . بشكل عام، يجب أن تكون الدول العربية حذرة وواعية للتحديات والتهديدات الأمنية والاستراتيجية المحيطة بها، وأن تتخذ التدابير اللازمة لحماية أمنها القومي والعمل على تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة. كما يجب على قادة الدول العربية أن يدركوا تراجع العلاقات الهندية العربية في مواجهة تصاعد العلاقات الهندية الإسرائيلية، ويبذلوا جهودًا لاستعادة وتعزيز العلاقات الهندية العربية مرة أخرى. يمكن تحقيق ذلك من خلال تفعيل معاهدة الدفاع العربية المشتركة للحد من توسع النفوذ الإسرائيلي، وتطوير القدرات العسكرية والنووية والتكنولوجية للدول العربية، وتعزيز علاقاتها مع الدول المجاورة لها للضغط على إسرائيل.
الخاتمة:
تعد مصلحة القومية هي العامل الأساسي الذي يربط العلاقات بين الهند واسرائيل. شهدت هذه العلاقات تحولات كبيرة في سياسة الهند، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، قررت الهند عدم جعل حل القضية الفلسطينية شرطًا للتطبيع مع إسرائيل وأصبحت تتبع سياسة متوازنة بين العرب وإسرائيل.
سعي البلدين إلي مزيد من التقارب في خدمة مصالحهما، حيث تحولت العلاقات بينهما من مجرد تعاون إلي شراكة وتحالف استراتيجي. وحققت العلاقات بين البلدين تقدمًا كبيرًا في كافة المجالات وعلي رأسها المجال العسكري والأمني. حتي ولو كانت العلاقات الدبلوماسية لا تتطور بنفس الوتيرة التي تطورت بها العلاقات العسكرية والاقتصادية. فقد استطاعت إسرائيل تطوير علاقاتها مع الهند والخروج من عزلتها الإقليمية والدولية علي حساب الدول العربية. من جانبها، استفادت الهند من تعاونها مع إسرائيل في تحسين منظومتها الدفاعية ومكافحة الإرهاب الإسلامي، وفتحت أبوابًا لأسواقها في أوروبا وأمريكا، بالإضافة إلى تقربها من الولايات المتحدة والحصول على دعمها في قضية كشمير. ولكن تطور العلاقة بين الهند وإسرائيل يشكل تحديًا على العالم العربي والإسلامي، ويمكن أن يمثل فرصة لإسرائيل للتدخل في الشؤون العربية والإسلامية. لذا، يتعين على الدول العربية الحفاظ على علاقاتها مع الهند والعمل على تقويض العلاقات الهندية الإسرائيلية من خلال التأثير على الرأي العام في الهند، التي تضم نسبة كبيرة من المسلمين.
يرتبط مستقبل العلاقات بين الهند وإسرائيل بالأمن الإقليمي والقضايا الإقليمية والدولية. يسعي البلدان لمزيد من التطوير في مجال التعاون العسكري والنووي. وتوفير مناورات عسكرية مشتركة، مما يمنح مزيدا من العمق الاستراتيجي لعلاقاتهم. حيث تستغل اسرائيل الاوضاع الدولية، والدعم الأمريكي لها لتوسيع علاقاتها الدولية، وتستغل أيضًا التوترات القائمة في الدول العربية. برغم التحديات الإقليمية التي تواجه تطور العلاقات بين الهند واسرائيل، وما ينتج عن هذا التحالف الاستراتيجي من إثارة الدول المجاورة للهند مثل الصين وباكستان وإيران. من المتوقع أن يستمر تنامي العلاقات الهندية الإسرائيلية في المستقبل، خاصة فى ظل حكم رئيسي الوزراء مودي ونتنياهو ، يسعي الرئيسان إلي وضع قواعد ونقاط جديدة لمزيد من الشراكة والتحالف بين البلدين في مختلف المجالات. ايضًا ما تتمتع به هذه العلاقات من دعم الولايات المتحدة وذلك لهدفها في مكافحة الإرهاب، وتطويق النفوذ الإيراني في المنطقة، وصعود الصين في جنوب شرق آسيا. حيث تعتمد الولايات على الهند في مساعيها لتطويق الصين.
نتائج الدراسة:
-كان للولايات المتحدة الأمريكية دورًا هامًا في تعزيز التقارب بين إسرائيل والهند وتعميق العلاقات بينهما لتصل إلى حد التحالف الاستراتيجي، وذلك بهدف خدمة مصالحها في المنطقة.
-عدم قدرة العرب علي تقديم بديل للهند عن التقنية العسكرية الإسرائيلية، فأصبحت اسرائيل ثاني مورد للأسلحة للهند، وتطورت العلاقات بين البلدين بشكل خاص في المجالات الأمنية والعسكرية وصناعة السلاح.
-تعد القوة النووية لباكستان والتفوق النووي الإيراني ومحاربة الإرهاب الإسلامي من القضايا المشتركة الإقليمية والدولية بين الهند وإسرائيل..
-هناك تفاعل بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والزراعية والعسكرية والدفاعية. فتحت الهند أسواقها أمام المنتجات الإسرائيلية، وأصبحت إسرائيل قادرة على الوصول إلى أسواق شرق وجنوب شرق آسيا من خلال الهند. استفادت الهند أيضاً من التكنولوجيا الإسرائيلية والخبرة في مجال الزراعة وتقنيات الري بالتقطير.
-تنامي التعاون بين الهند وإسرائيل يمثل تهديدًا على الدول العربية والإسلامية ، وساهم أيضاً في تقليل الدعم الهندي للدول العربية وقضاياها، وسعى إسرائيل لكسب تأييد الهند لمواقفها السياسية.
-نتيجة عدم إدراك العرب لمصالحهم وعدم تعاونهم في النزاعات الداخلية، فقدوا دعمًا قويًا، وهي الهند التي توجهت نحو تعزيز العلاقات مع إسرائيل، العدو الأول للعرب.
-عكس التنوع في الزيارات الهامة بين البلدين، وخاصة زيارة رئيس الوزراء مودي الأخيرة التي أسفرت عن توقيع العديد من الاتفاقيات في جميع المجالات، تطلعات لمستقبل يشهد تطورًا وتقدمًا في العلاقات بين الهند وإسرائيل، خاصة التعاون العسكري.
قائمة المراجع:
أولاً:-مراجع باللغة العربية:
أولاً : الكتب
١-إسماعيل صبري مقلد ، أصول العلاقات الدولية إطار عام ، جامعة أسيوط ، ٢٠٠٧ ، ص١٣١.
٢-أحمد يوسف ، محمد زبارة ، مقدمة في العلاقات الدولية ، القاهرة ، مكتبة الأنجلو المصرية ، ١٩٨٥ ، ص٥٠-١٥٥.
٣-أيمن يوسف ، مهند مصطفى ، سياسة إسرائيل الخارجية تجاه القوى الصاعدة، تركيا، الهند، الصين وروسيا ، رام الله ، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية ، ٢٠١١ ، ص٢٤٠.
٤-زكريا حسين ، العلاقات الاستراتيجية بين الهند وإسرائيل ١٩٥٠-٢٠٠٣ ، القاهرة ، مركز البحوث والدراسات السياسية، العدد ١٤٦، ٢٠٠٤.
٥-عبد السلام جمعة ، العلاقات الدولية في ظل النظام العالمي الجديد، دار زهران للنشر والتوزيع ، عمان ، الطبعة الأولي ، ٢٠١٢.
ثانياً: الدوريات العلمية
١-احسان مرتضى ، الحسابات الجيوستراتيجية في العلاقات الإسرائيلية الهندية ، مجلة الدفاع الوطني اللبنانية ، العدد ٤١ ، ٢٠٠٢ ، ص١١٠.
٢- أحمد سيد ، إسرائيل و الهند من التعاون إلى التحالف الاستراتيجي، السياسة الدولية ، العدد ١٥٤ ، ٢٠٠٣ ، ص٢٠٣.
٣-احمد طاهر، تحولات العلاقات الهندية الإسرائيلية، السياسة الدولية ، العدد ١٧٣ ، ٢٠٠٨ ، ص١٧١.
٤-اسحاق يعقوب ، العلاقات الهندية الإسرائيلية أثناء الحرب الباردة وبعدها ، المجلة السياسية والدولية ، العدد ٤٩ ، ٢٠٢١ ، ص٣٢.
٥-امجد جبريل ، العلاقات الإسرائيلية الآسيوية ، القاهرة ، مركز الحضارة للدراسات السياسية ، ٢٠١٣ ، ص١٨.
أمين شعبان ، إسرائيل والهند: توسيع نطاق الأمن القومي الإسرائيلي ، مجلة الدراسات الفلسطينية ، العدد ٧٩ ، ٢٠٠٩ ، ص٢٣.
٦-ايمان زهران ، مهددات الأمن القومي العربي في ظل تصاعد تدخلات أطراف إقليمية ، آفاق عربية ، العدد ٤ ، ٢٠١٨ ، ص١٤٧-١٦٩.
٧- ايمان عمر ، الهند وكيفية صعودها كقوة كونية ، دراسات ، معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات واشنطن ، ٢٠١٣.
٨-براهيم زروقي ، الأمن القومي العربي دراسة في المفهوم، الأبعاد، و المرتكزات ، مجلة أنثروبولوجية الأديان ، العدد ٢ ، ٢٠١٣ ، ص١٨.
٩-حارث قحطان ، سلام کریم ، العلاقة الاستراتيجية الاسرائيلية – الهندية وأثرها على العالم العربي ، مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية ، العدد ٢٢ ، ٢٠١٤ ، ص١٠٣-١٢٧.
١٠-رتيبة برد ، الظاهرة التعاونية في العلاقات الدولية: نظرة على أبعادها الإقليمية والعبر إقليمية ، المجلة الأكاديمية للبحوث القانونية والسياسية ، العدد الاول ، ٢٠٢٢ ، ص٧٢١-٧٤٢.
١١-سید موسوي، التهديدات الامنية الإسرائيلية في الشرق الأوسط، مجلة شؤون الأوسط ، العدد ١٠٧ ، ٢٠٠٣ ، ص١٣٨.،
١٢-شحاته محمد ناصر ، العلاقات العسكرية الإسرائيلية الهندية: ضوء أخضر أمريكي وغياب عربي ، شؤون خليجية، العدد ٢٥ ، ٢٠٠١ ، ص٤٩.
١٣-صلاح سالم ، تحت ظلال هجمات سبتمبر الصراع الهندي الباكستاني ، مجلة الحرس الوطني ، العدد ٢٤١ ، ٢٠٠٢ ، ص٦.
١٤-طلعت المغربي ، آفاق الشراكة الهندية الإسرائيلية ، مختارات إسرائيلية ، العدد ٨٧ ، ٢٠٠٢ ، ص٩٢.
١٥-عراك تركي حمادي ، التعاون العسكري الهندي واثاره جيوبولتيكية في الامن القومي العربي ، مجلة ميداد الأدب ، العدد الثالث ، ٢٠١٢ ، ص٤٥.
١٦-قياتي عاشور ، الأمن القومي العربي: التحديات وسبل المواجهة ، حولية کلية الآداب جامعة بنى سويف ، العدد ١ ، ٢٠١٧ ، ص ١٣٧-٢٥٥ .
١٧-محمد مصطفى ، العلاقات السياسية بين الهند ودول مجلس التعاون الواقع وآفاق المستقبل ، مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية ، شؤون خليجية ، العدد ٢٧ ، ٢٠٠١.
١٨-محمد مصطفى ، التحالف الأمريكي – الهندي – الإسرائيلي تحد جديد يواجه العالم العربي ، شؤون خليجية ، العدد ٣٥ ، ٢٠٠٣ ، ص١٦٤.
١٩- محمود الفطافطة ، إسرائيل والهند مسارات العلاقة وسيناريوهات المستقبل ، قضايا إسرائيلية ، العدد ٧٤ ، ٢٠١٩ ، ص١٧.
٢٠-منى عزت ، التعاون الهندي الإسرائيلي والوطن العربي ، مختارات إسرائيلية ، العدد ٨٠ ، ٢٠٠١ ، ص٧٧.
٢١-نادية محمود مصطفى ، نظرية العلاقات الدولية بين المنظور الواقعي والدعوة إلى منظور جديد ، مجلة السياسة الدولية ، ١٩٨٥، ص ١٧.
٢٢-ناظم الجاسور، العلاقات الهندية الإسرائيلية وانعكاساتها على الأمن القومي العربي، مجلة المستقبل العربي، العدد ٢٧٥ ، ٢٠٠٢ ، ص ١٠٦-١٢٣.
٢٣-نعمة سعيد ، التعاون الإسرائيلي الهندي في المجالين العسكري والأمني وتداعياته على الأمن القومي العربي ١٩٩٢-٢٠١٧ ، مجلة دراسات إقليمية ، العدد ٤٤ ، ٢٠٢٠ ، ص ٩٩-١٣٨.
ثالثاً : الرسائل العلمية
١-امين شعبان ، العوامل المؤثرة فى تطور العلاقات الاسرائيلية-الهندية وانعكاساتها على الامن القومى العربى (٢٠٠٥-١٩٩٢) ، رسالة ماجستير، كلية تجارة ، جامعة أسيوط ، ٢٠٠٨ ، ص٤٤٠.
٢-شيماء محروس ، العلاقات السياسية الهندية – الإسرائيلية ، رسالة ماجستير ، جامعة القاهرة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، ٢٠١٨ ، ص ٣٠٩.
٣- ليث عايد ، العلاقات الهندية الإسرائيلية وأثرها على الأمن القومي العربي للفترة ١٩٩١-٢٠٠٩ ، رسالة ماجستير، جامعة مؤتة ، عمادة الدراسات العليا، ٢٠١٢ ، ص٧٠.
٤-ماجدة غالب الزغبي ، العلاقات الهندية – الإسرائيلية ٢٠٠٧-١٩٩٠ ، رسالة ماجستير ، كلية الدراسات العليا
، جامعة الأردن ، ٢٠٠٩.
٥- محمود الفطافطة ، العلاقات الهندية – الإسرائيلية ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، تونس، ٢٠١٧.
رابعاً : المواقع الإلكترونية
١-انجي وحيد ، إسرائيل ودول الجنوب: دراسة في العلاقات الإسرائيلية الهندية ، الحوار المتمدن ، ٢٠١٣. متاح علي اللينك :
https://m.ahewar.org/s.asp?aid=360449&r=0
٢-بلال ظاهر ، الهند وإسرائيل تعاون اقتصادي وتقارب سياسي ، عرب ٤٨ ، ٢٠١٧ ، متاح علي اللينك:
٣-رفائيل أهرين ، زيارة مودي إلى إسرائيل تظهر أن بإمكان إسرائيل تحسين علاقاتها الخارجية في ظل غياب عملية سلمية ، تايمز أوف إسرائيل ، ٢٠١٧ ، متاح علي اللينك:
٤- رفعت سليمان، في سابقة تاريخية مودي يزور إسرائيل لتعزيز التعاون العسكري، روسيا اليوم ، ٢٠١٧ ، متاح https://arabic.rt.com/worldعلي اللينك :
٥-لوة آی لينغ، حرارة العلاقات الهندية الاسرائيلية ، دنيا الوطن ، ٢٠٠٤ ، متاح علي اللينك:
https://www.alwatanvoice.com/arabic/content/print/8346.html
٦-ماهر الشريف ، كيف بلغت العلاقات الهندية الإسرائيلية هذه الدرجة المتقدمة من التطور؟ ، مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، ٢٠٢٢ ، متاح على اللينك :
https://www.palestine-studies.org/ar/node/165298
٧-معتصم سمارة ، العلاقات الهندية الإسرائيلية الأبعاد الاستراتيجية ، مركز القدس ، ٢٠٢٣ ، ص١١، متاح علي https://2u.pw/IaJmMKHاللينك :
٨-نيفين مسعد ، العلاقات الهندية الإسرائيلية ، الاهرام ، القاهرة ، ٢٠١٧ ، متاح علي اللينك:
ثانياً:-مراجع باللغة الإنجليزية:
1-Books:
1-James – N, Rosenau, James harker and miechel smith. The national interest, Great Britain, 1970, P186.
2-Kissinger. Henry , Nuclear Weapons and Foreign Policy , New York , Wild Field and Nicholson, 1984 , p 476.
3-Kumaraswamy. P.R , India Israel relations: Humble beginnings a bright future. The American Jewish , Washington , 2002.
4-Larchejr. And A. Said, concepts of politics, us printice, hall , inc , 1963.
5-McNamara , The Essence of Security , New York , Harper Press , 2019 , p176.
2-Periodicals:
1-Ali Khan. Z , Development in Indo Israel Defence Relations Since 9/11: Pakistan’s Security Concern and Policy Options University of Baluchistan , Journal of South Asian Studies , 2020 , Vol. 26, No 1 ,P 21.
2-Becher. Girona. Normalization in Indo-Israel relations Ministry for Foreign Affairs: The first fifty years (Part I) , Keter Press: Jerusalem Israel , In the Hebrew Language , no.5 , 2002.
3-Brayan. Bender , Latest patriot missile technology , Janes Defense Journal , Vol32 , No.20 , 1999 ,p.111.
4-Christine Fair, India and Pakistan Engagement: Prospects for Breakthrough or Breakdown? , Special Report , 2005 , no 129 , p.9.
5-Farah Naz. Indo Israel Relations: An Evolutionary Perspective Strategic Analysis , Vol. XXIII. No. 2. 1999 .
6-Huntington. Samuel , The erosion of American national interest, foreign affairs, 1997 , Vol:76 , p 5 .
7-Pant. V. Harsh , India-Israel Partnership: Convergence and Constraints , Middle East Review of International Affairs, Vol. 8, No. 4 , 2004 , p14.
8-Singh. Mania Chawla , Indians and Israelis: Beyond Strategic Partnerships , Israel
Studies , vol 17, no. 3, 2012 , p. 22-44.
9-Srivastava. R.K , The Indian Journal of Political Science, Vol. 31, No. 3 , 1970 , pp. 238-264.
10-Teresita Schaffer & Hemani Saigal , India: A Fragmented Democracy , The Washington Quarterly , vol. 22, no. P 144.
11-Trager. Frank and Kronenberg. Philip , National Security and American Society , Kansas University Press , 1973 , p35-36.
3-Theses:
1-Gerberg. 1 , The Changing Nature of Israeli relations: 1948 – 2005 , Philosophy Doctor , University of South Africa , 2008 , pp. 516.
4-E.Websites:
1-Ayoob, M. What Brought India and Israel Together? , The national institute , 2017 , Retrieved from , http://nationalinterest.org/feature/what-
2-Bennett , Seftel , India-Israel Relations: An Opportunity That Can’t Be Missed ,The cipher brief , 2017 , Retrieved from , https://www.thecipherbrief.com/article/india-israel-relations-
3-Blarel. N , The Myth of India’s Shift Toward Israel , The diplomat , 2015 , Retrieved from , https://thediplomat.com/2015/02/the-myth-of-
4- Daniel Wagner , India’s Political Influence in Asia , Retrieved from :
http://www.huffingtonpost.com/daniel-wagner/indias-political
5-Richard Silverstein. Kashmir-Palestine: India and Israel Both Use Human Shields to Maintain Military Occupation , 2017 , Retrieved from ,
https://www.richardsilverstein.com/2017/04/18/kashmir-palestine-
6-Tanvi .T , Why India and Israel are bringing their relationship out from under the carpet , Brookings , 2011, retrieved from :https://www.brookings.edu/blog/order-from-
[1] شيماء محروس ، العلاقات السياسية الهندية – الإسرائيلية ، رسالة ماجستير ، جامعة القاهرة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، ٢٠١٨ ، ص ٣٠٩.
[2] أمين شعبان ، العوامل المؤثرة فى تطور العلاقات الاسرائيلية-الهندية وانعكاساتها على الامن القومى العربى (٢٠٠٥-١٩٩٢) ، رسالة ماجستير ، كلية تجارة ، جامعة أسيوط ، ٢٠٠٨ ، ص٤٤٠.
[3] Srivastava. R.K , The Indian Journal of Political Science , Vol. 31, No. 3 , 1970 , pp. 238-264.
[4] Gerberg. 1 , The Changing Nature of Israeli relations: 1948 – 2005 , Philosophy Doctor , University of South Africa , 2008 , pp. 516.
[5] اسحاق يعقوب ، العلاقات الهندية الإسرائيلية أثناء الحرب الباردة وبعدها ، المجلة السياسية والدولية ، العدد ٤٩ ، ٢٠٢١ ، ص٣٢.
[6] Singh. Mania Chawla , Indians and Israelis: Beyond Strategic Partnerships , Israel Studies , vol. 17, no. 3, 2012 , p. 22-44. https://doi.org/10.2979/israelstudies.17.3.22
[7] امجد احمد جبريل ، العلاقات الإسرائيلية الآسيوية ، مركز الحضارة للدراسات السياسية ، ص١٨. متاح علي اللينك :
[8] عراك تركي حمادي ، التعاون العسكري الهندي واثاره جيوبولتيكية في الامن القومي العربي ، مجلة ميداد الأدب ، العدد الثالث ، ٢٠١٢ ، ص٤٥.
[9] أمين شعبان ، مرجع سابق ، سبق ذكره ، ص٤٤٠.
[10] زكريا حسين ، العلاقات الاستراتيجية بين الهند وإسرائيل ١٩٥٠ : ٢٠٠٣ ، القاهرة ، مركز البحوث والدراسات السياسية ، ٢٠٠٤.
[11] حارث قحطان ، سلام کریم ، العلاقة الاستراتيجية الاسرائيلية – الهندية وأثرها على العالم العربي ، مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية ، العدد ٢٢ ، ٢٠١٤ ، ص١٠٣-١٢٧.
[12] أمين شعبان ، إسرائيل والهند: توسيع نطاق الأمن القومي الإسرائيلي ، مجلة الدراسات الفلسطينية ، العدد ٧٩ ، ٢٠٠٩ ، ص٢٣.
[13] نعمة سعيد ، التعاون الإسرائيلي الهندي في المجالين العسكري والأمني وتداعياته على الأمن القومي العربي ١٩٩٢-٢٠١٧ ، مجلة دراسات إقليمية ، العدد ٤٤ ، ٢٠٢٠ ، ص ٩٩-١٣٨.
[14] إسماعيل صبري مقلد، أصول العلاقات الدولية إطار عام ، جامعة أسيوط ، ٢٠٠٧ ، ص١٣١.
[15] رتيبة برد ، الظاهرة التعاونية في العلاقات الدولية: نظرة على أبعادها الإقليمية والعبر إقليمية ، المجلة الأكاديمية للبحوث القانونية والسياسية ، العدد الاول ، ٢٠٢٢ ، ص٧٢١-٧٤٢.
[16]نادية محمود مصطفى ، نظرية العلاقات الدولية بين المنظور الواقعي والدعوة إلى منظور جديد ، مجلة السياسة الدولية ، ١٩٨٥، ص ١٧.
[17] Trager. Frank and Kronenberg. Philip , National Security and American Society , Kansas University Press , 1973, p 36.
[18] Kissinger. Henry , Nuclear Weapons and Foreign Policy , London , Wild Field and Nicholson, 1969 , p 46.
[19] MeNamara , The Essence of Security , New York , Harper Press , 1966 , p149.
[20] James – N, Rosenau, James harker and miechel smith. The national interest, Great Britain, 1970, P186.
[21] Huntington. Samuel , The erosion of American national interest, foreign affairs, 1997 , Vol:76 , p 5 .
[22] Larchejr. And A. Said, concepts of politics, us printice, hall , inc , 1963.
[23] أحمد يوسف ، محمد زبارة ، مقدمة في العلاقات الدولية ، القاهرة ، مكتبة الأنجلو المصرية ، ١٩٨٥ ، ص٥٠-١٥٥.
[24] اسعد عبدالرحمن ، التسلسل الإسرائيلي في آسيه (الهند واسرائيل) ، بيروت ، مركز الأبحاث ، منظمة التحرير الفلسطينية ، ١٩٦٧ ، ص١٣٥.
[25] انجي وحيد ، اسرائيل ودول الجنوب: دراسة في العلاقات الهندية الإسرائيلية، الحوار المتمدن ، ٢٠١٣ ، متاح علي اللينك :
https://m.ahewar.org/s.asp?aid=360449&r=
[26] أيمن يوسف ، مهند مصطفى ، سياسة إسرائيل الخارجية تجاه القوى الصاعدة، تركيا، الهند، الصين وروسيا ، رام الله ، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية ، ٢٠١١ ، ص٢٤٠.
[27] Blarel. N , The Myth of India’s Shift Toward Israel , The diplomat , 2015 , Retrieved from ,
https://thediplomat.com/2015/02/the-myth-of-
[28] رفعت سليمان ، في سابقة تاريخية مودي يزور إسرائيل لتعزيز التعاون العسكري ، روسيا اليوم ، ٢٠١٧ ، متاح علي اللينك:
[29] رفائيل أهرين ، زيارة مودي إلى إسرائيل تظهر أن بإمكان إسرائيل تحسين علاقاتها الخارجية في ظل غياب عملية سلمية ، تايمز أوف إسرائيل ، ٢٠١٧ ،
[30] Brayan. Bender , Latest patriot missile technology , Janes Defense Journal , Vol32 , No.20 , 1999 ,p.111.
[31] صلاح سالم ، تحت ظلال هجمات سبتمبر الصراع الهندي الباكستاني ، مجلة الحرس الوطني ، العدد ٢٤١ ، ٢٠٠٢ ، ص٦.
[32] .نعمة سعيد ، مرجع سابق ، سبق ذكره ، ص١٣٥.
[33]Ayoob, M. What Brought India and Israel Together? , The national institute , 2017 , Retrieved from , http://nationalinterest.org/feature/what-
[34] معتصم سمارة ، العلاقات الهندية الإسرائيلية الأبعاد الاستراتيجية ، مركز القدس ، ٢٠٢٣ ، ص١١ ، متاح علي اللينك :
[35] عراك تركي ، مرجع سابق ، سبق ذكره ، ص٤٥.
[36] ليث عايد ، العلاقات الهندية الإسرائيلية وأثرها على الأمن القومي العربي للفترة ١٩٩١-٢٠٠٩ ، رسالة ماجستير، جامعة مؤتة ، عمادة الدراسات العليا، ٢٠١٢ ص٧٠.
[37] Daniel Wagner , India’s Political Influence in Asia , Retrieved from
http://www.huffingtonpost.com/daniel-wagner/indias-political
[38] Ali Khan. Z , Development in Indo Israel Defence Relations Since 9/11: Pakistan’s Security Concern and Policy Options University of Baluchistan , Journal of South Asian Studies , 2020 , Vol. 26, No 1 ,P 21.
[39] Kumaraswamy. P.R , India Israel relations: Humble beginnings a bright future. The American Jewish , Washington , 2002.
[40] شيماء محروس، مرجع سابق ، سيق ذكره ، ص٣٠٩.
[41] براهيم زروقي ، الأمن القومي العربي دراسة في المفهوم، الأبعاد، و المرتكزات ، مجلة أنثروبولوجية الأديان ، العدد ٢ ، ٢٠١٣ ، ص١٨.
[42] Farah Naz. Indo Israel Relations: An Evolutionary Perspective Strategic Analysis , Vol. XXIII. No. 2. 1999
[43] قياتي عاشور ، الأمن القومي العربي: التحديات وسبل المواجهة ، حولية کلية الآداب جامعة بنى سويف ، العدد ١ ، ٢٠١٧ ، ص ١٣٧-٢٥٥.
[44] ايمان زهران ، مهددات الأمن القومي العربي في ظل تصاعد تدخلات أطراف إقليمية ، مجلة آفاق عربية ، العدد ٤ ، ٢٠١٨ ، ص١٤٧-١٦٩.
[45]أحمد سيد ، إسرائيل و الهند من التعاون إلى التحالف الاستراتيجي، مجلة السياسة الدولية ، العدد ١٥٤ ، ٢٠٠٣ ، ص٢٠٣.
[46] محمود الفطافطة ، إسرائيل والهند مسارات العلاقة وسيناريوهات المستقبل ، قضايا إسرائيلية ، العدد ٧٤ ، ٢٠١٩ ، ص١٧.
[47] ايمان عمر ، الهند وكيفية صعودها كقوة كونية ، دراسات ، معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات واشنطن ، ٢٠١٣.