الدراسات البحثيةالمتخصصة

جغرافية السياسة من صنع الخاسرين

Geopolitics is for Losers

بقلم: هارولد جيمس(*)مؤرخٌ اقتصادي متخصصٌ في تاريخ ألمانيا والتاريخ الاقتصادي لأوروبا. يعمل أستاذًا في التاريخ والشؤون الدولية في كلية وودرو ويلسون في جامعة برينستون، ومعهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا

ترجمة : د. حمدي عبد الحميد الشريف(*)دكتوراه في الفلسفة من جامعة سوهاج (2015)، أستاذ الفلسفة السياسية المساعد في كلية الآداب، ووكيل كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية في جامعة سوهاج

  • المركز الديمقراطي العربي

يأتي مفهوم الجيوبوليتيك من بين المحاولات الفكرية الألمانية والروسية لشرح أسباب الهزيمة وإبطال ذلك الإحساس بفقدان النفوذ.

اليوم يتحدث الجميع عن الجيوبوليتيك(*) (أو جغرافية السياسة)، لدرجة أضحت الكلمة معها هاجسًا منتشرًا وفكرة فضفاضة ولها آثار خطيرة. ويبدو أنه لا أصل تاريخي لها. وقبل عشرين عامًا من الآن، كان المصطلح غير متداول، والمعنى الكامن وراءه غَيْر مَألُوف. لقد كان العالم مختلفًا حينها. لكن وفي عام 2002، تساءل المساهمون في كتاب «أمريكا التي لا مثيل لها» America Unrivaled– وهو كتاب حرره زميلي في جامعة برينستون، ج. جون إكنبيري، أبرز دعاة فكرة الأممية الليبرالية- عن سبب عدم وجود مقاومة تذكر من الدول الأخرى لإسقاط القوة الأمريكية. وكان ذلك عندما كنا نشهد زخمًا بدأ يتراكم بشأن هجوم الولايات المتحدة على العراق. وقد جادل المساهمون في الكتاب بأنه لا يوجد توازن ضد اللحظة أحادية القطب التي نشأت مع تفكك الاتحاد السوفيتي: وباختصار، لم يكن هناك ما يُسمى الآن بالجيوبوليتيك. لكن تغير ذلك خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وبدأت كلمة «الجيوبوليتيك» تأخذ طريقها إلى الهيمنة في الخطاب السياسي.

وهناك مؤشرات عددية بسيطة (انظر الشكل 1 أدناه)، وفي ضوئها يمكن أن نلاحظ أن أحد التصنيفات لجميع استخدامات الصحف لـ”الجيوبوليتيك” في المنشورات باللغة الإنجليزية بدأ في زيادة ملحوظة، في فترتين، واحدة بعد الأزمة المالية العالمية 2007-2008، والثانية بعد 2014-2015، في أعقاب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. وأزمة اللاجئين الأوروبية التي أعقبت الحرب السورية.

مؤشر عددي مزود ببعض المعلومات والمستندات

(شكل رقم 1)

وغالبًا ما نربط بداية التحول الحديث إلى الجيوبوليتيك برجلين، فلاديمير بوتين وشي جين بينغ. فقد حدد بوتين مهمته التاريخية في ضوء الجيوبوليتيك. وقد أعلن أن انهيار الاتحاد السوفيتي كان أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين. وقد حدث انفجار التفكير الجيوسياسي بالفعل في روسيا في التسعينيات (انظر الشكل 2 أدناه). كما كان الخطاب المشهور لبوتين، في مؤتمر ميونيخ للأمن عام 2007، بمثابة نقطة تحول كبرى، حيث أدان في هذا الخطاب شديد اللهجة مفهوم القطبية الأحادية وحذر فيه من أن “عالمًا أحادي القطب” تقوده الولايات المتحدة أمر لا يمكن القبول به. وقال في تلميح واضح للولايات المتحدة:

(وأكثر من ذلك، وفي حقيقة الأمر، إن كل نظام تشريعات إحدى الدول، وهي بالطبع الولايات المتحدة، قد تخطى حدودها الوطنية في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والتعليمية التي تفرضها على الدول الأخرى. حسنًا، من يحب هذا؟ من هو سعيد بهذا؟)

(شكل رقم 2)

 

إن لغة بوتين تجسد تعبيرًا مميزًا عن العقلية الجيوسياسية، وتعكس الدلالة المهمة بأن الجيوبوليتيك تنطوي على تكبد خسائر حقيقية، والتعويض عن الإحساس بالدونية وذاكرة الإذلال. وهذه اللغة حاضرة أيضًا مع رغبة الصين في تجاوز إرث ذلك «القرن من الإذلال» الذي أعقب حرب الأفيون (1842-1949)، عندما استخدمت بريطانيا والقوى الإمبريالية الأخرى تجارة المخدرات(*) لتدمير الروح المعنوية وقدرة الشعب الصيني.

وقد بدأ الصينيون أيضًا في التفكير في الجيوسياسية العالمية مع الأزمة المالية العالمية، عندما بدا الأمر كما لو أن الصين تسير في اتجاه إنقاذ الرأسمالية العالمية. وكان سلف شي جين بينغ، هو جينتاو Hu Jintao، قد حث بالفعل في عام 2009 على أن الصين يجب أن تؤكد أربع نقاط قوة، «المزيد من القوة والنفوذ في السياسة، والمزيد من القدرة على المنافسة في الاقتصاد، والمزيد من الانسجام والتقارب في صورتها»، و«المزيد من القوة المؤثرة في مجال الأخلاق». وقد ختم حديثه: «لقد أصبح احتمال تعدد الأقطاب العالمي أكثر وضوحًا».

ومن ناحية أخرى، أعادت أزمة شبه جزيرة القرم، واللاجئون السوريون، الحديث عن الجيوبوليتيك بشكل كبير. ويُعَدُّ الهجوم الروسي على أوكرانيا في عام 2022 نقطة تحول أخرى في الحديث عن المفهوم، حيث تركز الاهتمام على قدرة روسيا على ممارسة الضغط من خلال خنق إمدادات الغاز. ومن هنا فإن الولايات المتحدة اليوم مهووسة بالتحديات الجيوسياسية، وبالتالي إعادة تأطير العالم. وقد تحدثت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، عن إعادة ترتيب نظام العولمة بحيث يتعين على الدول إعادة بناء شبكات التجارة وتنويع سلاسل التوريد، من خلال «دعم الأصدقاء»، بين الدول الحليفة لتجنب حالة الاضطراب، وتقليل الاعتماد على المنافسين الاستراتيجيين. إن هذه الرؤية إنما هي علامة تشهد على وجود توتر جديد في مجمل الرؤية الأمريكية المحركة لها.

كذلك فإن الاتحاد الأوروبي، الذي يتمتع بقوة ناعمة، قد اتخذ هذه الصيحة، حيث وعدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالتحول إلى لجنة جيوسياسية. ومن هنا وفي ظل عالم تسوده العولمة، اعتقد العديد من الأوروبيين أن أوروبا بحاجة إلى الدعم. كما أن الحجة القائلة بأن الدول الأعضاء الكبيرة- فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا- لا تستطيع بمفردها أن تكون مؤثرة حقًا في مجرى السياسة العالمية بدت ملفتة للانتباه. وقد أدلى جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بحكم الأمر الواقع، بتصريحات برنامجية حول مشاكل التعددية والانفتاح، وكيف «يتعين علينا أن نتعلم من جديد لغة القوة وأن نتصور أوروبا باعتبارها قوة جيوستراتيجية من الدرجة الأولى».

لكن هل يعلم السياسيون والمحللون الذين يتحدثون عن الجيوبوليتيك ما الذي يتحدثون عنه حقًا؟ إن الجيوبوليتيك مصطلح ضبابي من الناحية الكلاسيكية، وتصاحبه استخدامات صالحة لكنها خطيرة. فبالنسبة للبعض، هناك تصور غامض عن القارات والمساحات الجغرافية الكبيرة، ومن هنا كانت الجغرافيا مهمة بمعنى أن المملكة المتحدة من المرجح أن تتاجر مع فرنسا وأيرلندا أكثر من نيوزيلندا؛ وبالنسبة للآخرين، يتعلق الأمر بادعاء أن الواقع يتكون من صراع ونضال لا نهاية لهما، وبالتالي فإن المهم هو المساحة أكثر من الأفكار، والخرائط أكثر من الفصول الشتوية. إنه عالم كئيب يسوده الصراع ومحصلته الخسارة.

من الواضح أن المساحة والمكان مهمان. وفي بعض الأحيان، يركز انتباه العالم على نقاط جغرافية ساخنة يهيمن بعضها على الخيال الجيوسياسي، شرق البحر الأبيض المتوسط، الدردنيل(*). كذلك يفرض الممر بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط ​​أهمية عالمية، وهو مجرد إبرة رفيعة تربط مناطق إنتاج الحبوب في وسط أوراسيا الخاضعة للسيطرة الاستبدادية بالمستهلكين الجائعين.

ومن هنا يجدر التساؤل من أين نشأ كل هذا التوجه إلى الجيوبوليتيك، ومن أين نشأ الرابط بين الجيوبوليتيك ووضع الإذلال أو المَهانَة. وما الذي يمكن أن يكون أشد وطأة من مذبحة أوكرانيا، والتوترات والصراعات في مضيق تايوان أو غزة، أو مياه البوسفور المزدحمة، مقارنة بمزرعة هادئة في بافاريا(*)؟ ففي التلال الخضراء المتدحرجة إلى الجنوب الغربي من ميونيخ، بالقرب من بحيرة أمير، وعلى بعد أميال قليلة من دير «البينديكتين» على تل يطل على المياه، يأتي الآلاف من البافاريين سنويًا لتناول الجعة. وعلى عكس معظم مزارع الماشية البافارية، فإن الأبقار ليست ذات لون بني وأبيض مرقش، ولكنها أثقل وأكبر وذات معطف أسود كثيف: وهي سلالة من الأبقار الاسكتلندية، جالاوي Galloways. وكانت المزرعة، هارتشيميلهوف Hartschimmelhof، في أيدي الأسرة منذ بداية القرن العشرين، عندما تم تقديمها هدية زفاف من والد زوجته إلى «كارل هوسهوفر» Karl Haushofer، الشخصية الأكثر تأثيرًا في تطوير دراسة الجيوبوليتيك في أوائل القرن العشرين.

كان هوسهوفر هو الذي وضع الأساس للتحول التعريفي للمصطلح. لقد رأى نفسه نبيًا للجيوبوليتيك، ولكن- بشكل نموذجي وكاشف- لم يستطع تمامًا شرح ما هو عليه في الواقع بوضوح. وقد كانت المحاولة المميزة ممثلة في كون الجيوبوليتيك هو «العلم بشكل الحياة السياسية في مكان معيشيها الطبيعي». وهكذا وعلى نحو معياري أصبح «الجيوبوليتيك الضمير الجغرافي للدولة(*)».

لقد زرتُ مزرعة هارتشيميلهوف الصيف الماضي مع أسرتي، وكان متجر المزرعة الذي يبيع السلع الورقية مفتوحًا لساعات قليلة فقط في الأسبوع، كما يُنشر عبر الإنترنت. وقد وصلنا في الوقت المناسب، وكان الباب مفتوحًا. وعندما دخلنا، بدأ مزيج غريب من الموسيقى وأغنية العصافير، في العزف من مكبر صوت في زاوية الغرفة. لكن لم يكن هناك أحد على مرمى البصر. أما خارج إطار المزرعة القديم المقابل للمحل، فكان هناك إشعار يحذر من وجود كلب خطير، وفي الواقع، كان الكلب مختبئًا خلف بعض الشجيرات المتضخمة التي تتخذ شكلًا داكنًا ضخمًا. لم ينبح الكلب، وعند الاقتراب منه كثيرًا اتضح أنه عجل جالاوي أسود يبدو أنه فصل نفسه عن القطيع الرئيسي.

– وجد هتلر أن المفهوم يتوافق مع نظرته اللاأخلاقية للعلاقات الدولية.

إن الإعداد الكامل في مزرعة هارتشيميلهوف يرتشح بالغموض. وهذه طبيعة مناسبة لمفهوم الجيوبوليتيك. وبادئ ذي بدء، فقد صاغ السياسي السويدي يوهان رودولف كيلين مصطلح «جيوبوليتيك»(*) Geopolitik أول مرة (وهو مصطلح تناوله هوسهوفر من بعد بشغف)، في كتاب «مقدمة في الجغرافيا السويدية» Introduction to Swedish Geography (1900). وقد طور كيلين لاحقًا النظرية القائلة بأن التاريخ الأوروبي كان مدفوعًا بالمنافسة على ثلاثة أحواض أنهار: نهر الراين، ونهر الدانوب، وفيستولا.

أدرج هوسهوفر بضميره الحي مؤثراته الأخرى مثل الجغرافي الألماني فريدريش راتزل Friedrich Ratzel، الذي تركز عمله حول مفهوم المساحة (= Raum في الألمانية) والذي قدم مفهوم المجال الحيوي Lebensraum أو مساحة المعيشة، والجغرافي الإنجليزي (ومدير كلية لندن للاقتصاد) هالفورد ماكندر Halford Mackinder. وقد وضع ماكندر تمييزًا، أصبح مؤثرًا للغاية في كل من ألمانيا وروسيا، حول الأيديولوجيات والهياكل المختلفة للقوى البحرية والبرية، على الرغم من أنه- على عكس خلفائه من الألمان والروس- رأى روما الكلاسيكية كقوة بحرية، والإغريق هم قوة برية سلافية. وقد كتب(*) في عام 1904 يقول: «من المحتمل أن تكون واحدة من أكثر المصادفات لفتًا للانتباه في التاريخ أن التوسع في اتجاه البحر والتوسع في اتجاه اليابسة لأوروبا، يجب أن يستمر، إلى حد ما، في التعارض القديم بين الرومان واليونانيين». ومن هنا تأتي تسمية «المنطقة المحورية» دائمًا من وسط الكتلة الأرضية الأوروبية الآسيوية.

كان هوسهوفر مفتونًا بالسياسة الآسيوية، واستفاد من خبرته في طوكيو في أطروحته للدكتوراه تحت عنوان: «داي نيهونشي(*): تأملات في القوة العسكرية لليابان الكبرى، والموقف العالمي، والمستقبل» (1913). والغريب أنه بدا الأمر كما لو أن البلدان الواقعة على «الهلال الخارجي» أو الجزري التي حددها ماكندر تعرف كيفية استخدام أو تطبيق القوة بشكل أفضل أكثر من الدول القارية، التي لا تزال بحاجة إلى تعلم الجيوبوليتيك. وعلى وجه التحديد، كان هوسهوفر مقتنعًا بأن ألمانيا يجب أن تقلد اليابان خاصة في سعي اليابان إلى الاشتباك مع جيرانها، الصين وروسيا. ومن هنا أراد هوسهوفر أن «يوجه أنظار أوروبا الوسطى إلى التعزيز والتجديد الذي تدين به اليابان لعاصفة الفولاذ»، التي نتجت بالضرورة عن الحرب.

كارل هوسهوفر ورودولف هيس عام 1920م– المصدر: ويكيميديا

 

وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، اعتقد هوسهوفر أن هناك حاجة ماسة إلى إعادة تثقيف عامة واسعة من أجل «إيقاظ الغريزة الجيوسياسية المكبوتة» التي يمتلكها البريطانيون واليابانيون بالفعل، والتي أدى عدم وجودها إلى حدوث فوضى في وسط أوروبا: “التحلل” في سيليزيا العليا، على “جبهة الراين المتحللة” والتي سيتبعها “الانحلال” على جبهتي فيستولا والدانوب. وقد قام أحد طلاب هوسهوفر، وهو رودولف هيس Rudolf Hess، بلفت انتباه المحرض الشاب في ميونيخ، أودلف هتلر، إلى نظرة هوسهوفر للجيوبوليتيك، وبالفعل وجد هتلر المفهوم نافعًا ومتطابقًا مع نظرته غير الأخلاقية للعلاقات الدولية، الأمر الذي أدي به إلى أن يجعل مصطلح المجال الحيوي جزءًا أساسيًا من برنامجه السياسي الجديد. وربما تواصل هوسهوفر مع هتلر كان خلال فترة سجن هتلر لمدة سنة واحدة فقط رغم أنه حُكم عليه بالسجن لخمس سنوات في سجن لاندسبيرج بعد فشل انقلاب بير هول عام 1923. فقد زار هوسهوفر هيس بانتظام في السجن، حيث كان الزعيم النازي (هتلر) يملي بيان سيرته الذاتية كفاحي Mein Kampf على هيس. لكن كم مرة تَطَرّق فيها هوسهوفر إلى إنجيل النازية؟ إن معظم الدراسين لهتلر والنازية يشككون في هذا؛ حيث تكرس السير الذاتية لهتلر التي لا تعد ولا تحصى مساحة صغيرة له. كما لا يوجد ذكر في كتاب هتلر لاسم “الجيوبوليتيك”. ولكن هناك الكثير من الإشارات إلى حتمية الصراع والضرورة الألمانية المحتومة على المجال الحيوي.

ومع ذلك، ففي الثلاثينيات من القرن الماضي، وخاصة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، كان يُنظر إلى هوسهوفر على أنه أكبر من كان له تأثير على هتلر. وبعد المعاهدة النازية السوفيتية لعام 1939 مباشرة، أوضحت مجلة (نيوستيتسمان) New Statesman البريطانية أن الاتفاقية الروسية الألمانية «لم يكن لها علاقة “بالأيديولوجية” الرسمية للبرنامج النازي، أو الصراخ ضد “اللاإنسانية البلشفية” أو الرؤية الرومانسية لرحلة المستعمرين الألمان على نموذج القرون الوسطى للفوز بـ”المجال الحيوي” الجديد في أوكرانيا. إنها عملية وواقعية وقد سُرقت إلى حد كبير من الترسانة الفكرية للإمبريالية البريطانية»- أي من ماكندر. وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، كانت هناك تفسيرات مماثلة. فقد زعم صاحب مقال(*) في إحدى المجلات في يونيو 1941 أن: «اللواء البروفيسور الدكتور كارل هوسهوفر ومعهده الجغرافي السياسي في ميونيخ مع 1000 من العلماء والفنيين والجواسيس كانوا غير معروفين تقريبًا للجمهور، حتى في الرايخ. لكن أفكارهم ومخططاتهم وخرائطهم وإحصاءاتهم ومعلوماتهم وخططهم فرضت تحركات هتلر منذ البداية».

وفي الواقع، كان هوسهوفر يواجه صعوبة متزايدة خلال الديكتاتورية النازية. وكانت المشكلة الأوليّة هي أن قوانين العرق النازية صنفت زوجته مارثا، التي كان مخلصًا لها تمامًا، على أنها يهودية. وطالما كان هيس نائب الفوهرر، كان هوسهوفر محميًا وفي مأمن. لكن وبعد رحلة هيس الجوية الدراماتيكية إلى اسكتلندا في مايو 1941، والتي كانت في حد ذاتها مظهرًا من مظاهر الطريقة التي فسر بها هيس الجيوبوليتيك، لم يكن هناك راع قوي لهوسهوفر، ولذلك اشتبه الجستابو في أن عائلة هوسهوفر هي التي نصحت هيس بالقيام بهذه الرحلة. ومن هنا أُلقي القبض على النجل الأكبر لهوسهوفر، ألبريشت، الذي كان يعمل في مكتب يواكيم فون ريبنتروب، لفترة وجيزة، وعند إطلاق سراحه أقام علاقة جديدة مع المعارضة العسكرية. وبعد مؤامرة التفجير في 20 يوليو 1944 (وهي محاولة لاغتيال رأس النظام النازي أدولف هتلر)، حاول ألبريشت الاختباء، لكن في النهاية تم اعتقاله وقُتل من قبل قوات الأمن الخاصة في الأيام الأخيرة من الحرب، في 23 أبريل 1945. كما تم اعتقال كارل هوسهوفر أيضًا لمدة شهر في معسكر الاعتقال داخاو.

– بدأ الجيوبوليتيك يتحول إلى مظهر جديد من مظاهر التوتر الأمريكي وأساس منطقي لتأكيد الهيمنة.

بعد الحرب، واستعدادًا لمحاكمة جرائم الحرب في نورمبرغ، كتب رئيس المستشارين الأمريكيين سيدني س. آلدرمان، في مذكرة للقاضي الأمريكي روبرت ه. جاكسون، ما يلي:

كان هوسهوفر الأب الروحي لهتلر. كما كان هوسهوفر، وليس هيس، هو من كتب كفاحي والذي وفر الدِعَامَة الأساسية لإنجيل النازية وما نسميه العمل الإجرامي المشترك. ومن هنا لم يكن الجيوبوليتيك مجرد نظرية أكاديمية، بل كان خطة دافعة ونَشِيطة لغزو قلب أوراسيا والسيطرة على العالم من خلال احتلال تلك المنطقة.

ومع هذا، ففي النهاية يبدو أن جاكسون لم يقتنع، وبعد بضعة أسابيع أُطلق سراح هوسهوفر من الاعتقال.

إن أساس قرار جاكسون المفاجئ كان يتمثل في تدخل عالم العلاقات الدولية اليسوعي (وعالم الجيوبوليتيك، ومؤسس كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة) إدموند أ. والش Edmund A. Walsh. فسرعان ما رأى هوسهوفرُ إدموند والش على أنه “معلمه” اللطيف والقوي، ونجح في إقناعه بأن كفاحي كان مجرد واحد من «العديد من المنشورات التحريضية الزائِلة أو سَرِيعة الزَّوَال» التي لا علاقة لها بالجيوبوليتيك. لكن قد يكون الجيوبوليتيك مفيدًا: فقد بدأ هذا المفهوم في إثارة إعجاب العديد من المفكرين الأمريكيين.

لم يكن إدموند والش مرشحًا واضحًا ليكون جيوسياسيًا: فبصفته يسوعيًا، فقد أصر دائمًا على الضرورة الشديدة للأخلاق في العلاقات الخارجية. ولكن بنهاية الحرب العالمية الثانية، كان يعتقد أنه «مع القضاء على الجيوبوليتيك الألماني، ومع شكل جديد [من] الجيوبوليتيك يؤكد وجوده في أوروبا الشرقية والوسطى»، وأن السوفييت «كانوا سينجحون ببراعة في السيطرة على قلب ماكندر». لقد بدأ الجيوبوليتيك يتحول إلى مظهر جديد من مظاهر التوتر الأمريكي وأساس منطقي لتأكيد الهيمنة. ثم كانت هناك حاجة إلى شيء أكثر من تأكيد الأخلاق: «فما لم تتمكن من دعم مُثُلك العليا وآمالك بشيء أكثر من مجرد كلمات، فإن الدوارة البخارية ستستمر وتطول وتطول».

وبعد شهور من إطلاق سراحه من الاعتقال الأمريكي، في 10 مارس 1946، أصيب كارل هوسهوفر وزوجته مارثا بالاكتئاب الشديد، فقتلا أنفسهما ودُفنا في هارتشيميلهوف. لقد ترك الزوجان المخلصان مُدَوّنَة ونَعشين فارغين لابنهما الأصغر هاينز ليجدهما، وخريطة دقيقة للموقع في المزرعة حيث تم العثور على جثثهما.

ولم تكن العقيدة الجيوسياسية جذابة ووجيهة فقط للقوة الغربية العظمى الناشئة. فقد كان لدى هوسهوفر أيضًا أتباع حقيقيين في الاتحاد السوفيتي. وكان التلميذ الأبرز هو كارل راديك Karl Radek، سكرتير الكومنترن(*)، الذي أصبح فيما بعد ناقدًا لستالين، ولكن في الثلاثينيات من القرن الماضي حافظ على اتصالاته وعلاقاته مع الدبلوماسيين الألمان، والتي حاول أصدقاؤه تبريرها كشيء متوقع لاتفاق ستالين وهتلر الضروري من الناحية الجيوسياسية في أغسطس 1939. كانت الفكرة الدافعة هي إبطال ذلك الإحساس بفقدان النفوذ الذي اعتقد الألمان والروس أنهم عانوه على أيدي القوى الغربية. كما شارك راديك في مبادرة لترجمة أعمال هوسهوفر إلى اللغة الروسية. كما كان هناك اهتمام أوسع: فقد ازدهرت مجلة جيوسياسية روسية في عشرينيات القرن الماضي. كما تضمّنت الموسوعة السوفييتية العظمى Great Soviet Encyclopedia (1929) مقالًا مثيرًا للاهتمام بقلم رسام الخرائط المجري ومسؤول المخابرات السوفيتي ألكسندر رادو Alexander Radó عن “الجيوبوليتيك”، والذي أوضحه على أنه ظاهرة ألمانية إلى حد كبير، تكثفت بسبب تجربة الهزيمة الألمانية والثورة في 1918-1919، ويقول في هذا: «شحذت الجيوبوليتيك وميزت نفسها أيديولوجيًا كنظام أكاديمي متميز فقط بفضل الاضطرابات الأيديولوجية المرتبطة بالحرب الإمبريالية والثورة في ألمانيا».

كذلك كان للجيوبوليتيك عامل جذب قوي في روسيا، وكان هذا محور تركيز ماكندر عام 1904. فكما حدث في ألمانيا في عشرينيات القرن الماضي، ازدهر هذا المذهب في أعقاب تفكك الإمبراطورية القديمة القوية في روسيا، مدفوعًا بفكرة أن التفكك يعني الإذلال السياسي الذي يفرضه العالم الخارجي. ثم كانت هناك نهضة وتطور جديد في مصطلح الجيوبوليتيك في روسيا في التسعينيات، في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي. وقد جادل بوتين بأن هناك دوامة من الاضمحلال سببها انهيار الإمبراطورية السوفيتية، ويقول في هذا: «لقد امتدت آفة الانهيار إلى روسيا نفسها». أما الشخص الذي دفع إلى إحياء الجيوبوليتيك فكان هو ألكسندر دوجين Alexander Dugin، الذي شرح في عام 2019 أصول تفسيره للمذهب على النحو الآتي:

في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، واجهتُ مكانة الجيوبوليتيك كتخصص في مجتمع الخبراء الدولي. وقد اكتشفتُ الجيوبوليتيك عن طريق كارل هوسهوفر وأعمال ثورة المحافظين واعتقدتُ أن الجيوبوليتيك هو نوع من العقيدة اليي يخلو من الصحة من الناحية السياسية لكنه ذو طبيعة تفسيرية إلى حد كبير وذو فائدة كبيرة، لروسيا. وفي نظري، اعتقدتُ أن الجيوبوليتيك له مكانة كشيء ماضي ولي واندثر، شيء محظور، شيء غير صحيح من الناحية السياسية- وقد أحببت ذلك.

يحمل دوجين أكثر من تشابه عارِض مع معلمه كارل هوسهوفر. فبالطريقة نفسها التي اعتبر بها المزيد من المعلقين خارج ألمانيا أن هوسهوفر هو العقل المدبر الاستراتيجي للهتلرية أو النازية، فمن الشائع في الغرب الآن أكثر من روسيا أن ينسبوا إلى دوجين الفضل في تبني بوتين للمشروع الجيوسياسي الأوراسي. وإذا كان هوسهوفر قد حلم بكتلة برية تمتد من ألمانيا عبر روسيا إلى اليابان، وكان منزعجًا من هجوم هتلر على الاتحاد السوفيتي في عملية بربروسا، فإن دوجين يتحدث الآن عن إنشاء إمبراطورية أوراسية وأممية فاشية جديدة تشمل أوروبا؛ وغالبًا ما يبدو بوتين أكثر اهتمامًا بإعادة إنشاء إمبراطورية روسية ومجال نفوذ جديد، وإضعاف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

كذلك فحتى الحياة الشخصية لهذين المفكريْن الأيديولوجيين بها نوع من التشابه وتمثل تطابقًا قاتمًا. فالنظام النازي قتل نجل هوسهوفر. ومن المحتمل أن تكون الأجهزة الأمنية الروسية وراء اغتيال ابنة دوجين (داريا) بعد مهرجان يسمى التقليد، وأنها لجأت إلى قتلها لإلقاء اللوم على أوكرانيا وترهيب والد داريا، الذي كان ينتقد بوتين من خلفية أو منظور قومي.

كلا المفكرين إذن يبهران الغرباء الذين يحاولون استنباط الديناميكيات الفكرية لتحدي خطير. فعندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شخصيات بارزة في روسيا في عام 2015، كان دوجين على رأس القائمة. ومثل المعلقين في أمريكا والمملكة المتحدة في الثلاثينيات، ربما يبالغ الأكاديميون الآن في تقدير جاذبية المفكر الجيوسياسي بالنسبة للزعيم السياسي. وبوتين نفسه يقلل باستمرار من أهمية علاقة دوجين بالحكومة الروسية. ولكن قد يكون من المفيد لبوتين أن يكون لديه المزيد من الشخصيات الراديكالية على خلفية المشهد السياسي لكي يظهر على هيئة رجل المنطق والحسابات ورجل دولة المحنك في طرقه أو أساليبه ونهجه في العلاقات الدولية.

وكما هو الحال في حقبة ما بين الحربين العالميتين، أصبح الجيوبوليتيك كلمة طنانة تجلب معها أفكارًا فضفاضة. ومن هنا يجب الاعتراف بالجيوبوليتيك كما هو على أنه: محاولة لفهم العالم من قبل الناس والدول التي تعتقد أنها لا تزال خاسرة. وكما هو الحال في ألمانيا ما بعد 1919، يبدو الجيوبوليتيك كطريقة جذابة لشرح عالم فوضوي جديد لأولئك المتخبطين. لكن يكمن الخطر الحقيقي في أن هذا النمط من التفكير يبدو جذابًا للغاية لدرجة أنه يسمم سياسات أي شخص آخر أيضًا. إن عالم هوسهوفر المسكون، ومزرعة هارتشيميلهوف [التي سبقت الإشارة إليها]، هو مجرد نصب تذكاري لرد فعل محير للارتباك: وتحذير قاتم.

 (*)Harold James: Geopolitics is for Losers, Aeon 1 December 2022.

 (*) هارولد جيمس: مؤرخٌ اقتصادي متخصصٌ في تاريخ ألمانيا والتاريخ الاقتصادي لأوروبا. يعمل أستاذًا في التاريخ والشؤون الدولية في كلية وودرو ويلسون في جامعة برينستون، ومعهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا، ومساعد في مركز بيندهايم للتمويل. تشمل مؤلفاته الأخيرة، حرب الكلمات: معجم العولمة (2021)، والحوادث السبع: الأزمات الاقتصادية التي شكلت العولمة (يصدر قريبًا، 2023). وهو المؤرخ الرسمي لصندوق النقد الدولي. وفي عام 2004 حصل على جائزة هيلموت شميدت للتاريخ الاقتصادي، وفي عام 2005 حصل على جائزة لودفيج إرهارد للكتابة عن الاقتصاد.

 (*) د. حمدي عبد الحميد الشريف: دكتوراه في الفلسفة من جامعة سوهاج (2015)، أستاذ الفلسفة السياسية المساعد في كلية الآداب، ووكيل كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية في جامعة سوهاج، وحاصل على جائزة الدولة التشجيعية المصرية في مجال العلوم الاجتماعية لعام 2023، ومن بين كتبه: (الدين والثورة بين لاهوت التحرير المسيحي واليسار الإسلامي المعاصر، 2016)، (فلسفة الكذب والخداع السياسي، 2019)، (مفهوم العدالة في فلسفة مايكل وولتـزر السياسية، 2020)، (الرمزية السياسية: مفهوم الرمز ووظيفته في الفكر السياسي، 2023)، وأخرى غيرها، ولديه العديد من البحوث والدراسات المنشورة في مجلات محكمة، إضافة إلى عديد من المقالات الفلسفية، وعدد من الترجمات. وهو عضو محكِّم في عديد من المجلات والدوريات العلمية والعربية، وعضو خبير في لجنة (فحص المشروعات والجوائز ومكافأة النشر العلمي) في جامعة سوهاج.

 (*) الترجمة الأدق للكلمة إلى اللغة العربية هي: (جغرافية السياسة)، وليس (الجغرافيا السياسية)، والجيوبوليتيك (Geopolitics) هو مصطلح مكون في الأصل من كلمتين هما: (Geo) وتعني الأرض و(politics) وتعني الأمور التي تتعلق بالدولة وخاصة سياستها، وهو بذلك علم يجمع بين الحقائق الجغرافية وعلم السياسة التطبيقي، ويعني بالدولة والتاريخ السياسي، أي سياسة الأرض أو الكرة الارضية. وفي رأي بعض الدارسين أن الاشتباك والتداخل التاريخي (منذ منتصف القرن العشرين) بين الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا هما السمتان المميزتان لعلاقة العلمين كل منهما بالآخر، غير أنهما علمان مستقلان، رغم التداخل الشديد بينهما. ففي معناه البسيط يعني الجيوبوليتيك: “علم سياسة الأرض”، أي دراسة تأثير السلوك السياسي في تغيير الأبعاد الجغرافية للدولة، علاوة على أنه يهتم بالبحث في طبيعة التنافسات بين القوى العظمى (دول المركز وأشباه الأطراف الصاعدة، أو علاقات التنافس بين الشرق والغرب). ومن هنا يبدو أن ثمة فروقًا دقيقة واختلافاتَ أساسية بين علمي “الجغرافيا السياسية” وجغرافية السياسة (أو الجيولولتيك): فمن ناحية إذا كان الأول ينظر إلى الدولة كوحدة استاتيكية، فإن الثاني يعدها كائنًا عضويًا في حركة متطورة. ومن ناحية ثانية إذا كان الأول يدرس الإمكانات الجغرافية المتاحة للدولة وتأثيرها في السياسة، فإن الثاني يعنى بالبحث عن الاحتياجات التي تتطلبها هذه الدولة لتنمو حتى ولو كان وراء الحدود. ومن ناحية ثالثة بينما يشغل الأول نفسه بالواقع، فإن الثاني يكرس أهدافها للمستقبل. (المترجم). انظر في ذلك: عبد المنعم عبد الوهاب: جغرافية العلاقات السياسية، دراسة وتحليل تطبيقي لعلم الجيوبوليتيكس والجغرافية السياسية، الكويت: مؤسسة الوحدة للنشر والتوزيع، 1977، ص ص. 129-142. وعاطف معتمد: مقدمة، ضمن الترجمة العربية لكتاب: جغرافية السياسة في روسيا، لألكسندر دوجين، ترجمة: عاطف معتمد وسعد خلف ووائل فهيم، القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2021. وعبد الرزاق عباس حسين: الجغرافية السياسية مع التركيز على المفاهيم الجيوبوليتيكية، بغداد: مطبعة أسعد، 1976، ص. 386 وما بعدها. وفايز محمد العيسوي: الجغرافيا السياسية المعاصرة، الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، د. ت.، ص ص. 15-34.

 (*)See: Diana S Kim: From Vice to Crime, Aeon, 9 July 2020.

 (*) مضيق (الدردنيل)، والمعروف أيضًا باسم مضيق غاليبولي أو هيليسبونت حسب الكلاسيكيات القديمة، هو مضيق طبيعي ضيق وممر مائي دولي مهم في شمال غرب تركيا يشكل جزءًا من الحدود القارية بين أوروبا وآسيا ويفصل تركيا الآسيوية عن تركيا الأوروبية- من ويكيبيديا- الموسوعة الحرة. (المترجم).

 (*) إحدى الولايات الاتحادية الستة عشرة المكونة لجمهورية ألمانيا الاتحادية. (المترجم).

 (*) لأن الجيوبوليتيك يقوم على دراسة المطالب المكانية لها، وذلك بخلاف الجغرافية السياسية Political Geography التي تبحث في الدولة بواقعها وظروف المجال الارضي الحالي. (المترجم).

 (*) ظهر المصطلح في ميدان الجغرافيا السياسية لأول مرة على يد يوهان رودولف كيلين Johan Rudolf Kjellén (1864-1922)، في إشارة إلى دراسة تأثير الجغرافيا (الخصائص الطبيعية والبشرية للدولة) على السياسة، وكان لأفكار كيلين صدى واضح في معهد ميونخ للجيوبوليتيكا من خلال إقبال الباحثين عليها فضلًا عن نشرهم لها. وبعد كيلين تطور المصطلح على مدى القرن الماضي ليشمل دلالات أوسع بل واتخذ معاني مختلفة، غير أن أهم تطور له كان على يد السياسي وعالم الجغرافيا «كارل هوسهوفر» (1869-1946) الذي اعتبر أن الجيوبوليتيك فرع أو جزء من علم أشمل وأوسع يسمى بالجغرافيا السياسية، وبالتالي فالجغرافيا السياسية هي الأصل الذي تفرعت عنه الجيوبوليتيك. (المترجم).

 (*)See: H. J. Mackinder: The Geographical Pivot of History, The Geographical Journal, Vol. 23, No. 4 (Apr., 1904), PP. 421-437.

 (*) «داي نيهونشي Dai Nihonshi، تعني حرفيًا تاريخ اليابان العظيم، وهو كتاب عن تاريخ اليابان. لقد بدأ في القرن السابع عشر، خلال فترة إيدو، بواسطة توكوغاوا ميتسوكوني Tokugawa Mitsukuni، رئيس فرع ميتو لعائلة توكوغاوا. وبعد وفاته، استمر فرع ميتو في العمل حتى اكتماله في عصر ميجي- من ويكيبيديا- الموسوعة الحرة. (المترجم).

 (*)See: Frederic Sondern, Jr.: Hitler’s Scientists: 1,000 Nazi Scientists, Technicians and Spies are Working Under Dr. Karl Haushofer for the Third Reich, Current History, Vol. 53, No. 1, 1941, PP. 10-12.

 (*) الكومنترن Comintern: الشيوعية الدولية، والمعروفة باسم الأممية الثالثة، وهي منظمة دولية تدافع عن الشيوعية العالمية. وقد قررت الكومنترن في مؤتمرها الثاني «النضال بتسخير كل الوسائل المتاحة، ومن ضمنها القوة المسلحة، لإسقاط البرجوازية الدولية وإنشاء الجمهورية السوفيتية الدولية كمرحلة انتقالية لإلغاء الدولة إلغاء كاملًا»- من ويكيبيديا- الموسوعة الحرة. (المترجم).

العنوان الأصلي للمقال: Geopolitics is for Losers، ونُشر في موقع Aeon ، في 1 ديسمبر 2022.

رابط المقال: https://aeon.co/essays/geopolitics-is-a-losers-buzzword-with-a-contagious-idea

مجال تخصص المقال: (التاريخ العالمي- التاريخ- الفلسفة السياسية).

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى