الدراسات البحثيةالمتخصصة

البُعد الديني في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية (2001-2016)

اعداد : أحمد الشاذلي أحمد عبد العزيز – باحث ماجستير-  السياسة والاقتصاد – جامعة بني سويف – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

 

الملخص:

تتناول الدراسة البُعد الديني في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، لإبراز دور الدين في صياغة القرارات المتعلقة بالقصية الفلسطينية على الصعيد الخارجي، إلى جانب دوره في تكوين الفكر السياسي للمواطن الأمريكي في الداخل، وانعكاسه على دعم التوجهات الأمريكية، وركزت الدراسة على ظاهرة المحافظين الجدد والمسيحية الصهيونية وارتباطهما أيديولوجيًا بالكيان الإسرائيلي، كما ركزت الدراسة على تسليط الضوء على أدوار كل منهما في السياسة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيسين الأمريكيين “جورج بوش الابن” في الفترة (2001-2008)، والرئيس باراك أوباما في الفترة (2009-2016)، وتوصلت الدراسة إلى أن المحافظين الجدد استطاعوا خلال فترة بوش الابن السيطرة على السياسة الخارجية الأمريكية وتطويعها لخدمة المصالح الإسرائيلية في المنطقة، مع تراجع شبه تمام لهم في عهد الرئيس أوباما، كما توصلت إلى أن المسيحية الصهيونية امتدت جذورها في المجتمع الأمريكي بشكل كبير ما جعلها قادرة على الاستمرارية والتفاعل بشكل أكبر على عكس المحافظين الجدد.

Abstract

The study examines the religious dimension in US foreign policy towards the Palestinian issue, aiming to highlight the role of religion in shaping decisions related to the Palestinian cause on the international level, as well as its role in shaping the political ideology of the American citizen domestically, and its reflection on supporting American orientations. The study focused on the phenomenon of the New Conservatives and Christian Zionism and their ideological connection to the Israeli entity. Additionally, the study shed light on the roles of both groups in American foreign policy during the administrations of President George W. Bush (2001-2008) and President Barack Obama (2009-2016). The study found that the New Conservatives were able to control US foreign policy and adapt it to serve Israeli interests in the region during the Bush administration, while their influence diminished significantly during the Obama administration. Furthermore, the study concluded that Christian Zionism has deeply rooted itself in American society, allowing it to sustain and have a greater impact compared to the New Conservatives.

المقدمة:

يُعد الدين من العوامل الأكثر استخدمًا من طرق القوى العالمية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتمد عليه بشكل كبير لتنفيذ سياستها الخارجية، ويتأثر عدد من مفكريها بالدين كعامل محدد للسياسة الخارجية؛ كأطروحة “صدام الحضارات” للمفكر الأمريكي “صامويل هنتغتون”، كما أن الدين يُعد مبررًا في غالبية التدخلات الأمريكية في العالم، فسياسة ما بعد عام 2001 للولايات المتحدة الأمريكية، اعتمدت بشكل كبير على الدين كمرجعية خالصة، وذلك من خلال تقسيمها العالم لفريقين، الأول تمثل في قوى الخير والذي ترأسه الولايات المتحدة الأمريكية، وتمثل الآخر في قوى الشر والذي تمثل في الدول المارقة كما أطلقت عليها الولايات المتحدة.

وفي الوقت ذاته برز نجم قوى دينية كثيرًا ما سعت إلى جماية الكيان الإسرائيلي، بل وعملت بشكل مستمر على الضغط على الإدارات الأمريكية لتطويع السياسة الخارجية الأمريكية لخدمة الأهداف الإسرائيلية، كالخلافات بين النظام الأمريكي والنظام السوري، إلى جانب التهديدات العراقية المستمرة فترة الرئيس الراحل “صدام حسين” وهو ما دعى تلك الجماعات للضعط على الإدارة الأمريكية عام 1990 لاستخدام القوة العسكرية لطرد العراق من الكويت، إلى جانب تزييف تقارير تُفيد بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وجاءت الدراسة محل البحث لرصد دور الدين في السياسة الخارجية الأمريكية فترة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحتى عام 2016

إشكالية الدراسة:

تدور المشكلة البحثية حول تساؤل رئيس وهو إلى أي مدى أثر الدين في السياسة الخارجية الأمريكية في الفترة من 2001 وحتى عام 2016؟.

وينبثق من هذا التساؤل عدة ساؤلات فرعية كالتالي:

  • ما هي أصول حركة المحافظين الجدد؟.
  • ما هو دور المحافظين الجدد في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية؟.
  • ما هي العلاقة التي تربط المسيحية الصهيونية بالكيان الإسرائيلي؟.
  • ما هو دور المسيحية الصهوينية في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية؟.

أهمية الدراسة:

تكمن أهمية الدراسة في أنها تُعطي صورة كاملة عن التوجهات الأيديولوجية ومنابعها في السياسة الخارجية الأمريكية والمتمثلة في البُعد الديني المؤثر في نشأة المحافظين الجدد وتكوين المسيحية الصهيونية، كما أنها تشير إلى الأدوار التي مارسها كلًا من المحافظين الجدد والمسيحية الصهيونية لخدمة الأهداف الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط عامة، والقضية الفلسطينية بشكل خاص.

أهداف الدراسة:

هدفت الدراسة إلى تبيان تأثير الدين في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية في فترة تميزت بوجود أيدلولجيتين محتلفتين لحزبين من الأحزاب السياسية للولايات المتحدة في الفترة (2001-2016)، وذلك من خلال تسليط الضوء على حركة المسيحية الصهوينية والمحافظين الجدد باعتبارهم حركتين مؤثرتين في توجهات القادة السياسيين للولايات المتحدة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

الدراسات السابقة:

  • منصور أحمد أبو كريم، “دور الدين في توجيه السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: الحزب الجمهوري دراسة حالة”، مجلة شؤون استراتيجية، العدد11، 2022.

تناولت هذه الدراسة دور الدين في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، باعتباره أحد العوامل والمؤثرات التي تعلب دورًا فعالًا في التأثير على قرار الإدارات الأمريكية، خاصة الإدارات الجمهورية، كونها متحالفة بشكل وثيق مع اليمين الأمريكي المتحالف مع المسيحية الإنجليكية، وقد خلصت الدراسة إلى الترابط بين البُعد الديني والساسية الخارجية الأمريكية، إلى جانب توضيحها تربط الرؤساء الجمهوريين الأمريكيين مع الكيان الإسرائيلي، وتأثير اللوبي اليهودي على النخبة في الحزب الجمهورين كما كشفت الدراسة عن الانحياز الذي شهدته السياسات الأمريكية لصالح إسرائيل خلال أخر ثلاث إدارات جمهورية، وخاصة إدارة الرئيس “دونالد ترامب”؛ والذي حاول تصفية القضية الفلسطينية، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

المفارقة بين تلك الدراسة والدراسة محل البحث:

تناولت تلك الدراسة البُعد الديني في السياسة الخارجية الأمريكية من منطلق الحزب الجمهوري والذي تم تمثيله الرئيسين “جورج بوش الأبن” و”دونالد ترامب”، في حين أن الدراسة محل البحث تطرقت إلى دور الدين في السياسة الخارجين الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، واستندت في دراستها إلى جماعة المحافظين الجدد، والمسيحين الصهيونية، وسعت إلى رصد ذلك الدور في إدارتين أمريكيتين الأولى كانت للحزب الجمهوري متمثلة في الرئيس بوش الابن، والثانية كانت للحزب الديمقراطي متمثلة في الرئيس باراك أوباما.

  • مختار خضر حسن، “البعد الديني وأثره في السياسة الخارجية الأمريكية”، مجلة معالم الدعوة الإسلامية، العدد11، 2019.

تناولت الدراسة البُعد الديني في السياسة الخارجية الأمريكية بالرجوع إلى أصوله المتجذرة في المجتمع الأمريكي، مع التأكيد على ازدواجية المعايير الأمريكية في تناول النظريات المثالية والواقعية، كما اشارت الدراسة إلى الفصل النظري بين الكنية والمؤسسات الرسمية في الدولة، وخلصت الدراسة إلى تجذر البُعد الديني في السياسة الخارجية الأمريكية خاصة وأن الأمريكيون الأوائل اعتبروا أنفسهم العبرانيون الجدد، إلى جانب تتابع التصريحات الدينية المحضية من قبل رؤساء الولايات المتحدة، وقيامها بالمزج بين البُعدين الديني والمصلحي في تفعلاتها الخارجية، إلى جانب المقاربة بين الدين والديمقراطية في سياستها الخارجية بعيدًا عن الطابع العلماني للدولة.

المفارقة بين تلك الدراسة والدراسة محل البحث:

تناولت تلك الدراسة البُعد الديني في الساسة الخارجية الأمريكية دون تخصيص حالة يمكن أن تستخدمها كتطبيق علمي على الأثر الديني في السياسة الخارجية الأمريكية، أما الدراسة محل البحث ركزت على البُعد الديني بشكل أعم ومن ثم اتخاذ القضية الفلسطينية كمثال تطبيقي على تداخل الدين مع السياسة الخارجية الأمريكية، كذلك التركيز على فترة رئاسية محددة، ما يُعطي الدراسة ملاحظة أدق لدور الدين في السياسة الخارجية الأمريكية.

  • رشا إبراهيم غريب، دور الجماعات المؤيدة لإسرائيل في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الاوسط (١٩٩٠-٢٠٠٨)،رسالة ماجستير في العلوم السياسية نوقشت وأُجيزت في جامعة القاهرة، 2012.

تناولت الدراسة الدور الذي قامت به الجماعات المؤيدة لإسرائيل في الإدارات الأمريكية المتتابعة بداية من عهد الرئيس “جورج بوش الأب”، مرورًا بالرئيس “كلينتون”، وأخيرًا الرئيس “بوش الابن”، وقد تناولت الدراسة تلك الفترة لما لها من تأثيرات على السياسة الخارجية الأمريكية، وتوصلت الدراسة إلى أن تحجيم المصطلح في اللوبي اليهودي يؤثر على حقيقة تواجد جماعات غير يهودية داعمة لإسرائيل، وأن تأثير تلك الجماعات يختلف من فترة إلى أخرى، وأن دور تلك الجماعات أثر على الولايات المتحدة نفسها، وذلك باستنزافها عن طريق الحروب التي تخدم المصالح الإسرائيلية.

المفارقة بين تلك الدراسة والدراسة محل البحث:

ركزت الدراسة على دور الجماعات المؤيدة لإسرائيل، بالرغم من تطرق الدراسة إلى العامل الديني المكون لتلك الجماعات، إلا أنها لم تتطرق إليه بشكل كامل، أما الدراسة محل البحث فقد تطرقت إلى البعد الديني كعامل مؤثر في السياسة الخارجية الأمريكية من خلال رصد تلك الجماعات ونشأتها وأهم الأفكار التي تميزت بها، وسائل تأثيرها في المؤسسات الرسمية والرأي العام الأمريكي.

منهج الدراسة:

اعتمدت الدراسة على أكثر من منهج للوصول إلى النتائج التي تساهم بشكل كبي ر في الإجابة على تساؤلات الدراسة، وقد اعتمد الباحث على المنهج التاريخي، لتتبع الظاهرة محل الدراسة، والرجوع إلى جذورها ومراحل تطورها ومن ثم استخدام المنهج الوصفي التحليلي للعمل على تحليل الظتهرة محل الدراسة، إلى جانب تقويم كل عنصر بشكل مستقل للوصول في النهاية إلى الاستنتاجات الصحيحة.

حدود الدراسة:

تنقسم حدود الدراسة إلى:

الحدود الزمنية: تنطلق الحدود الزمانية للدراسة منذ وصول الرئيس الأمريكي الجمهوري “جورج بوش الابن” لسدة الحكم في الولايات المتحدة عام 2001، إلى انتهاء فترة حكم الرئيس الأمريكي الديمقراطي “باراك أوباما” عام 2016.

الحدود المكانية: تتناول الحدود الجغرافية للدولة الفلسطينية، إلى جانب المنطقة الجغرافية المتأثرة بها.

المطلب الاول:

موقف المحافظين الجدد من القضية الفلسطينية في الفترة (2001-2016).

مثلت حركة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة ركنًا أساسيًا في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وقد سعت تلك الحركة منذ نشأتها إلى تكوين روابط مع متخذي القرار، باعتبارهم من ذوي المناصب الأكاديمية، والباحثين في مجال السياسات العامة والعلاقات الدولية، وقد كان لتلك الحركة أفكارًا مكنتها من التأثير في السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة وأنها ساهمت بشكل كبير -من خلال قنواتها وآلياتها- في التأثير على الرأي العام والكونجرس الأمريكي، كما كان لتلك الحركة دورًا هامًا في القضية الفلسطينية خاصة في عهد الرئيس بوش الابن (2001-2008)، والرئيس باراك أوباما (2009-2016).

أولًا: نشأة المحافظين الجدد:

ارتبط نشأة تيار “المحافظين الجدد” بأفكار المفكر اليهودي الألماني “ليو شتراوس” الذي هاجر من ألمانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1938 ميلاديًا، وقد عمل شتراوس محاضرًا في جامعة “شيكاغو”[1]، وتُشير نظرة شتراوس إلى حالة الحرب الدائمة للبقاء، وهذا بدوره سيُعزز من ظهور سياسة خارجية قتالية[2]، ولم ينل شتراوس الشهرة إلا حينما استلهم المحافظون الجدد أفكارهم منه، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.

والمحافظون الجدد هو مصطلح أطلقه الليبراليون الأمريكييون، وكان الغرض منه هو التسفيه من أفكارهم، إلى جانب التمييز بينهم وبين المحافظين التقليديين، وبالرغم من أن المصطلح يشير إلى خروجهم من رحم المحافظين التقليديينن إلا أن المحافظين الجدد تبعوا النهج الليبرالي ثم انشقوا عن اليسار واليسار المتطرف الأمريكي، لذا سعى الليبراليين لتسمية المنشقين عن صفوفهم لتجريدهم من صفة الليبرالية.[3]

ويُعد “ايرفينغ كريستور” الأب الروحي للمحافظين الجدد، كما أنه أول من استخدام هذا المصطلح في مقالة له بعنوان “المحافظون الجدد: قصة الأفكار”، وكان الهدف من ذلك هو التمييز بينه وبين المحافظين التقليديين، وارتبط ظهور المحافظين الجدد بفترة الرئيس الأمريكي “جون كينيدي” (1961-1963)، حيث سعى في تلك الفترة إلى تعيين العديد من الباحثين والأساتذة الجامعيين للمساهمة في رسم السياسة العامة للولايات المتحدة، وقد أُطلق على تلك المجموعة مصطلح “النخبة الفضلى”[4]، واتسمت تلك المجموعة بمعاداة الشيوعية.

وكان أوائل المحافظين الجدد من اليهود، وسعوا إلى تدفق الدعم الأمريكي لإسرائيل بشكل دائم، والتدخل في الشؤون الدولية لتحقيق أهداف إسرائيلية، ويُشير الكاتب “آن هاسنج كان” أن المحافظين الجدد هم ليبراليون يشعرون بالقلق من التوجهات الأمريكية في مرحلة ما بعد فيتنام بشأن عدم التدخل في الشؤون الخارجية، والذي من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة أقل دفاعًا عن إسرائيل، وبالرغم من معارضتهم للحرب في البداية، إلا أنهم سعوا لتغيير موقفهم للانغماس بشكل أكبر في قضايا العالم.[5]

ويُشير “جاستن فايس” أن المحافظين الجدد اتبعوا الحزب الديمقراطي الأمريكي، إلا أنه وفي منتصف السبعينيات شعر المحافظون الجدد أن الحزب الديمقراطي لم يعد يرقى إلى مستوى أفكارهم، وفي عام 1980، قرر غالبيتهم عدم دعم المرشح الديمقراطي جيمي كارتر، وذلك لمعارضته التصعيد ضد الاتحاد السوفيتي، وبدلًا من ذلك قاموا بدعم المرشح “رونالد ريغان” والذي اعتبر الاتحاد السوفيتي إمبراطورية الشر.[6]

واتسمت فترة الرئيس ريغان بتعاظم دور المحافظين الجدد بتقلدهم مناصب رفيعة، واعتمد المحافظون الجدد في تلك الفترة استراتيجية للدفاع عن التفرد الأمريكي بالقوة العسكرية، كما رفضوا أية اتفاقية أو معاهدة من شأنها أن تحد من انتشار الأسلحة الاستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي، فحسب قناعاتهم فإن القوة الأمريكية والسيطرة المنفردة على العالم ستجعلها قادرة على إقرار السلام الأمريكي المشروط بتحقيق المصالح الأمريكية[7]، ويمكن تقسيم المحافظين الجدد إلى جيلين، تميز كل منهما بفكر عُد أساس المرحلة التي عاصروها، وكان كالتالي:

  • الجيل الأول:

ظهر هذا الجيل في سبعينيات القرن المنصرم، وتمثلت رؤيته في وجود قوتين في العالم، قوة خيرة وتمثلها الولايات المتحدة الأمريكية وقوة تعد امبراطورية للشر؛ ممثلة في الاتحاد السوفيتي، وتضمنت رؤية هذا الجيل ضرورة امتلاك الولايات المتحدة أسلحة نووية لتقهر بها قوة الشر، وأن الدبلوماسية وإعطاء الثقة السياسية الخارجية لا يمكن أن تحقق النتائج الحاسمة بشكل فعال، على عكس القوة العسكرية التي تستطيع أن تحسم المعركة بين الشر والخير.[8]

وأشار الأمريكي “أندرو باسيفيتش” أستاذ العلاقات الدولية أن الجيل الأول من المحافظين الجدد حمل العديد من الأفكار تتمثل في أن الشر يمكن أن يسيطر على العالم مالم تواجهه قوى الخير، وهذا ما حدث في الحرب العالمية الثانية، وأن الولايات المتحدة هي قائدة العالم ولا يجب أن تعود لعزلتها[9]، ويرى فوكوياما أن هناك أربعة مبادئ مشتركة ميزت تيار المحافظين الجدد حتى نهاية الحرب الباردة، وقامت تلك المبادئ على استخدام واشنطن لقوتها في الخير، والاهتمام بالديمقراطية، وعدم قدرة القانون والمؤسسات الدولية على فرض سيطرتها، وأن الهندسة الاجتماعية غالبًا ما تؤدي إلى نتائج عكسية وغير متوقعة.[10]

  • الجيل الثاني:

ظهر هذا الجيل في تسعينيات القرن الماضي، وكان ظهوره في فترة مناسبة لكافة الأفكار المتعلقة بالعالمية، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وصعود الولايات المتحدة لهرم النظام العالمي واتسام النظام العالمي بالأحادية القطبية، وقد كشف الجيل الثاني عن نفسه في عام 1994، حينما تحالف مع الجمهوريين، إلا أن ولادته الحقيقية كانت عام 1996 بتقديمه مشروع القرن الأمريكي الجديد، وعرضه على الرئيس بيل كلينتون عام 1998[11]، وتمثلت أفكار الجيل الثاني في الآتي:[12]

  • إن قوة الولايات المتحدة وليدة الأحداث الجارية، وأن العالم يبحث عن قوة عالمية.
  • إن الفوضى هي البديل لفشل واشنطن في استغلال الفرصة الراهنة.
  • القوة العسكرية هي الأداة القادرة على حفظ مكانة الولايات المتحدة، وذلك من خلال استخدامها لصناعة نظام عالمي يلبي رغبات الولايات المتحدة الطموحة، ويحقق مصالحها المستدامة والمتطورة.
  • الدعم المطلق لجهود التسليح وتحديث القوات المسلحة الأمريكية.

ثانيًا: علاقة المحافظين الجدد بإسرائيل.

ارتبطت مسألة وجود عدد كبير من اليهود في صفوف المحافظين الجدد بطرح مسألة الولاء المزدوج للمحافظين الجدد، خاصة وأن فكرهم اعتمد على إعادة صياغة الشرق الأوسط لصالح إسرائيل، وبذلك فإن العلاقة بين المحافظين الجدد وإسرائيل نابعة من منطلق أيديولوجي وليس سياسي، وكانت حرب عام 1973 هي البداية الحقيقية للسعي المقدم من قبل المحافظين الجدد لإسرائيل، فقاموا من خلال وسائلهم بعرض أفكارهم على الرأي العام الأمريكي والنخب السياسية، موضحين أهمية إسرائيل بالنسبة للمصالح الأمريكية، وضرورة تواجدها على رأس الاستراتيجيات الأمريكية المتعلقة بالشرق الأوسط كونها طرفًا لا يمكن التخلي عنه.[13]

وفي عام 1998، مورست ضغوط على إدارة الرئيس الأمريكي كلينتون من قبل المحافظين الجدد للإطاحة بصدام حسين، وما يُدلل قدرة المحافظين الجدد على التأثير على المجرات السياسية بشأن الشرق الأوسط تأكيد لأحد الجنرالات الإسرائيليين بأن “المخابرات الإسرائيلية كانت شريكًا كاملًا في الصورة التي قدمتها المخابرات الأمريكية والبريطانية فيما يتعلق بقدرات العراق غير التقليدية”.[14]

ومثلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر الفرصة لدعم إسرائيل، وذلك من خلال تشويه الإسلام وتصوير المسلمين على أنهم الامتداد التاريخي للشيوعية، وبذلك تكون الولايات المتحدة انطلقت من محاربة الشيوعية إلى محاربة الإسلام، وكان بوش الابن متأثرًا في سياسته الخارجية بمشروع القرن الأمريكي الذي صاغه المحافظون الجدد لخدمة إسرائيل، وقبل أحداث سبتمبر، كان العالم يرفض الاعتداءات الإسرائيلية التي تُتخذ ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، وبعد الأحداث استطاعت الولايات المتحدة وإسرائيل تحويل الانتباه عن تلك القضية، وصب اهتمام العالم أجمع على قضية أخرى تتمثل في أن الإسلام المتطرف هو المشكلة. [15]

ثالثًا: وسائل المحافظين الجدد في التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية.

سعى المحافظون الجدد إلى التأثير بأشكال مختلفة على الحكومة والأمريكية والرأي العام من خلال:

  • محطات الإذاعة والتلفاز.

عمل المحافظون الجدد على التواجد في المجتمع الأمريكي والتأثير فيه من خلال التغلغل وسط اليمين المتطرف، واعتمدت التيار على بعض القنوات الإذاعية مثل “فوكس نيوز”، و”سي إن إن”، وبدأت تلك المحطات في توسيع رقعة المتابعين لها، ما عزز من فرص المحافظين الجدد في طرح أفكارهم.[16]

  • المؤسسات البحثية.

انطلق فكر المحافظين الجدد من ثلاث مؤسسات بحثية، واستمدوا من خلالها الأفكار الاستراتيجيات لتنظيم عملهم وكانت من ضمن تلك المؤسسات “مؤسسة هوفر”، إلى جانب “معهد هادسون”، وأخيرًا “مؤسسة التراث” والتي تبنى الفكر الريغاني، و”معهد كاتو”، والذي تبنى الفكر الليبرالي فيما يتعلق بالشأن السياسي[17]، وحاول المحافظون الجدد من خلال تلك المؤسسات إقناع الدوائر في الإدارة الأمريكية بأفكارهم، خاصة ما يتعلق بالحرب الاستباقية أو الوقائية، إلا أن محاولاتهم بأت بالفشل حتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

وقد ساندت المراكز البحثية موقف المحافظين الجدد، خاصة معهد “أمريكان إنتربرايز” للأبحاث، والذي يعد أهم معهد للمحافظين الجدد على الإطلاق، إلى جانب العديد من المراكز الأخرى مثل معهد “المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة”، الذي يعتبر الأقرب إلى الإدارة الأمريكية لبوش، ومعهد “مشروع القرن الأمريكي الجديد”، والذي يدعو بشكل مستمر لسياسة خارجية أمريكية تعتمد على الأدوات العسكرية[18]، ومعهد “بحوث إعلام الشرق الأوسط” الذي هو أداة من أدوات الاستخبارات الإسرائيلية في الولايات المتحدة.[19]

  • الصحف والمجلات.

كانت مجلة “كومنتاري” هي المجلة الأولى للمحافظين الجدد، وبدأت بالصدور عام 1945، ثم بعد ذلك مجلة “ويكلي ستاندارد” وهي مجلة الجيل الثاني، وأسسها “ويليام كريستول”، وتميزت مقالاتها بالثورية، بالإضافة إلى العديد من المجلات والصحف الهامة مثل مجلة “فورين أفيرز”، وصحيفة “نيويورك تايمز”، وتُعد صحيفة “واشنطن تايمز” منصة لأهم كتاب المحافظين الجدد، والتي تنشر من خلال أعدادها الأفكار السائدة داخل الجماعة، وتميز كتاباتهم بالطابع المُعادي للسلام في الشرق الأوسط والإسلام.[20]

ثالثًا: المحافظون الجدد والقضية الفلسطينية.

  • تأثير المحافظين الجدد على القضية الفلسطينية في عهد (جورج بوش الابن):

مع وصول الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش للسلطة عادت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية للتعامل مع ملف الشرق الأوسط بذات النسق الذي كانت عليه خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي “رونالد ريغان” من خلال اعتبار الكيان “الإسرائيلي” حليفًا استراتيجيًا، وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس بوش الابن نجح في الحصول على أصوات يراها بعضهم تناقض سياسته خاصة المسلمين الذين صوت غالبيتهم له، لكنه أعلن منذ الأيام الأولى له مساندته للكيان “الإسرائيلي[21]، وقد تضمنت إدارة الرئيس بوش الابن العديد من الشخصيات اليهودية التي تقلدت مناصب هامة في إدارته. [22]

وكانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر بداية لسلسة من التصريحات العلنية التي تدعم وتساند إسرائيل من قبل أفراد اليمين المسيحي المتطرف من تصريحات دينية اتجاه الصراع العربي “الإسرائيلي” وشرعنة الممارسات “الإسرائيلية” اتجاه الفلسطينيين، وقد علل رئيس الوزراء الإسرائيلي “أرييل شارون” (2001-2006) المجازر التي ارتكبها في حق الشعب الفلسطيني بأنها لا تختلف عن حرب الولايات المتحدة ضد الإرهاب[23]، وبالرغم من وجود صحف “إسرائيلية” مثل صحيفة “هاأرتس” والتي وثقت أفعال الجنود “الإسرائيليين” أثناء مواجهتهم للأطفال الفلسطينين، كذلك قيامهم بعمليات النهب لقرى جنوب لبنان، إلا أن جهاز الرقابة بصحيفة نيويورك تايمز قام بحذف تلك الأحداث[24]، بالإضافة إلى عدم انتقاد صحف أمريكية أخرى لتلك المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال ضد المدنيين بل وصل الأمر إلى دعمها في كثير من الأحيان.

وكانت الشخصيات اليهودية التي تضمنتها إدارة الرئيس بوش الابن ذات تأثير في سياسته الخارجية خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية[25]، ففي أبريل 2002 أطلق الرئيس بوش الابن خطة “خارطة الطريق” والتي تضمنت مقترحًا لإنهاء الصراع “العربي– الإسرائيلي” خاصة بعد الضغوط العربية والأوروبية نتيجة الأعمال العسكرية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، إلا أنه وفي الخطاب نفسه أكد على ضرورة مكافحة ما أسماه بالإرهاب الفلسطيني حتى تتم التسوية بين الطرفين وطالب من الدول العربية قبول الكيان “إسرائيلي”، وأن السلام لا يتم إلا بقبوله والاعتراف به، وأن حل القضية الفلسطيينية يمكن أن يتم  من خلال المفاوضات.[26]

وكانت ردود الفعل العربية مخيبة للأمال الأمريكية، ونتج عنها انتقادات عربية باعتبار أن الولايات المتحدة تنحاز للجانب الإسرائيلي، وقد عبر بوش الابن من خلال رسالة إلى شارون رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، يؤكد فيها على التزام الولايات المتحدة بحماية وصون أمن إسرائيل، وذلك من خلال إنشاء منطقة آمنة تبعًا للقرارات الأممية السابقة في هذا الشأن، مع الأخذ في الاعتبار المجريات الحالية، وكانت اللهجة الأمريكية التي تضمنتها الرسالة تُعبر عن دعم أمريكي لإسرائيل وانحياز تام لها[27]، فمعنى ذلك أن الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السلاح وصغيرة مقارنة بعدد مواطنيها، خاصة في ظل فتح باب العودة إلى فلسطين.

وبالنظر في بنود هذه الخطة فإنها سعت إلى تحقيق أهداف الكيان الإسرائيلي دون النظر إلى الشعب الفلسطيني، فدائمًا ما كانت تنظر الولايات المتحدة للشعب الفلسطيني على أنه شعب معتدي أو متطرف، ناهيك عن الاعتراف بالمقاومة الفلسطينية على أنها حركة إرهابية، وقد اُهملت من قبل الإدارة الأمريكية بسبب التأثير المباشر على سياستها الخارجية من قبل المحافظين الجدد الذين كان لهم القدرة على التأثير في السياسة الخارجية الأمريكية خاصة فيما يتعلق بالمصالح الإسرائيلية، كما أن بعض أفراد الجماعة من أمثال بول ولفوفيتز وريتشارد بيرل ذكروا بأن أي اتفاق سلام في إدارة كلينتون لن يكون ملزمًا للرئيس بوش الابن.[28]

كما لم يغب فكر المحافظين الجدد عن أحداث حرب الخليج الثانية حينما عملت العراق على توجيه عدد من صواريخ سكود العسكرية لضرب إسرائيل، لذلك سعى المحافظون الجدد إلى تلفيق الإدعاءات التي استمروا في إعلانها بشأن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وكان الهدف من تدمير العراق كان لحماية إسرائيل والحفاظ على استقرار أمن الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط[29]، وما يدلل على خضوع المحافظين الجدد إلى أهداف إسرائيل قول السيناتور الأمريكي “جيري هارت” بأنه “يجب  علينا إلا نسمح أن يحدد سياستنا الخارجية هؤلاء الذين يجيدون صعوبة في التفريق أو الفصل بين ولائهم لوطنهم الأصلي ( في إشارة إلى إسرائيل) وولائهم للولايات المتحدة ومصالحها القومية”.[30]

  • تأثير المحافظين الجدد على سياسة الرئيس (باراك أوباما) اتجاه القضية الفلسطينية:

مثٌل وصول الرئيس الديمقراطي بارك أوباما نقطة تحول بشأن استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية اتجاه القضايا الدولية عامة وقضايا الوطن العربي بشكل خاص، وذلك من خلال انتهاج سياسة مغلفة بأطر قيمية أخلاقية بدلاً من سياسة استخدام القوة العسكرية المفرطة، وقد حاول الرئيس “أوباما” فترة حكمه تلميع صورة الولايات المتحدة، التي شوهت بسبب الحروب التي خاضتها في الشرق الأوسط، وأطلق شعارات تعبر عن مستقبل يتشارك فيه الجميع بما يخدم المصالح المشتركة، وقد عبر خطاب أوباما بالقاهرة عن تلك الأفكار.

وشكل إدارة من نخب سياسية تقلدت مناصب مرموقة في إدارات سابقة كإدارة الرئيس كلينتون، وبدأ هو وفريقه في انتهاج عقيدة توازي عقيدة المحافظين الجدد، وأُطلق عليهم مصطلح “الواقعيين الجدد”[31]، وقد تبلورت سياسة الرئيس باراك أوباما من خلال خطابه للعالم الإسلامي والعربي في القاهرة في يونيو لعام 2009، حيث استعرض فيه العلاقات الجيدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الإسلامي، ووضع حدًا لسياسة الإملاء التي انتهجها سلفه بوش الابن تحت مسمى الشرق الأوسط الكبير، والذي كان يجاري فلسفة المحافظين الجدد، إلا أن تلك السياسة لم تدم، فبالرغم من خلاف الولايات المتحدة، -أو بالأحرى الخلاف بين الرئيس أوباما ونتنياهو- بشأن التوسع في بناء المستوطنات الإسرائيلية، والدعوات المتكررة بتجميد بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، إلا أن العلاقات استمرت بشكل طبيعي، وكذلك في تقديم الدعم غير المحدود لإسرائيل.[32]

ومن الملاحظ أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تمت إعادة هيكلتها بحيث انتقلت من وضع الانخراط المكثف إلى الانخراط المرن الممزوج بالحذر، كما أن الرئيس أوباما -ونتيجة لإرث إدارة الرئيس بوش الابن- لم يكن قادرًا على تحويل وعوده إلى سياسات ملموسة فقد كان للكيان “الإسرائيلي” ومؤيديه من المحافظين الجدد وجماعة المصالح تأثيرًا على السياسة الخارجية الأمريكية اتجاه الشرق الأوسط[33]، وبناء على ذلك فإن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية وإسرائيل لم تكن حكرًا على السلطة التنفيذية وحدها، دون أن تشاركها فيه السلطة التشريعية أو الضغط المستمر من الرأي العام الأمريكي والإعلام ناهيك عن جماعات المصالح في الولايات المتحدة.[34]

واختلفت إدارة الرئيس أوباما عن إدارة بوش الابن في كونها تسعى لتحقيق غاية من خلال المفاوضات وتحقيق أي تقدم ملموس دون أن يرتبط الأمر بوعود ملزمة أو ذات مدة زمنية محددة[35]، ولم تستطع إدارة الرئيس باراك أوباما تحقيق النذر اليسير من أهدافها الخارجية خاصة المتعلقة بالقضية الفلسطينية والشرق الوسط، لاشتداد الأزمات على الولايات المتحدة على المستوى الخارجي، إلى جانب نشاط حركة المحافظين الجدد، والتي أسست لها عمقًا استراتيجيًا داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وضمن أروقة البيت الأبيض والبنتاغون مما مكنها من المحافظة على نهجها خاصة فيما يخص الكيان الإسرائيلي وأمنه.

المطلب الثاني:

الصهيونية المسيحية وأثرها على القضية الفلسطينية في الفترة (2001-2016):

تُعد الصهيونية المسيحية قوة دافعة في السياسة الخارجية الأمريكية، إذ تستمر –وبشكل كبير- في التأثير على سياسة الولايات المتحدة الخارجية خاصة في منطقة الشرق الوسط، والتي تتمثل في المصالح الجيوستراتيجية، وقد نظر بعض مواطني الولايات المتحدة إلى أن تلك المصالح تتمثل في الدعم الثابت للكيان الإسرائيلي، فيما نظر البعض الآخر إلى أن ذلك الدعم كان سببًا رئسيًا في زيادة مشاعر الكره للولايات المتحدة، إلا أن ذلك لم يمنع غالبية مواطني الولايات المتحدة من دعم إسرائيل بشكل علني ودائم، ويرجع ذلك إلى التفاعلات التي نتجت عن التقاربات التي وقعت منذ زمن بين الديانتين المسيحية واليهودية، والتي ربطت بين سيطرة إسرائيل على أرض فلسطين كاملة، والتمهيد لعودة المسيح مرة أخرى، وقد سعت الصهيونية المسيحية إلى دعم إسرائيل قبل نشأتها عام 1948، وذلك من خلال حشد الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي، ما أثر على الدولة الفلسطينية.

أولًا: التعريف بالصهيونية المسيحية:

ورد في موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية للدكتور “عبد الوهاب المسيري” أن مصطلح ” الصهيونية المسيحية” مصطلح انتشر في اللغات الأوروبية وتسلّل منها إلى اللغة العربية، ومصطلح “الصهيونية المسيحية” يضفي على الصهيونية صبغة عالمية تربطها بالمسيحية ككل، وهو أمر مخالف للواقع، فليس هناك صهيونية مسيحية في الشرق”[36]، وكان أول من عادى الصهيونية المسيحية كان العرب المسيحيين من لإختلافهما العقائدي معها، وتُعرف الصيهيونية المسيحية بأنها “عقيدة عودة المسيح في أخـر الزمان ليحكم العلم هو والقديسون لألف عام يسود فيها العدل والسلام، وأن الخلاص لـن يتحقق إلا باسترجاع اليهود لفلسطين”.[37]

ومصطلح “الصهيونية الغربية” هو مصطلح تم سكه لإيضاح التأصيل الحقيقي للصهيونية في الغرب، وتنقسم الصهيونية الغربية إلى قسمين: الأول “الصهيونية غير اليهودية”، وهم الذين توصلوا إلى صيغة صهيونية أساسية، مكنتهم من النظر إلى اليهود على أنهم مادة تُنقل، وتتضمن الصهيونية المسيحية، والقسم الثاني هو “الصهيونية اليهودية في الغرب” وهم الذين تبنوا الصيغة الأساسية وتنقسم إلى صهيونية يهودية مكونة من يهود أوروبا الغربية ويُطلق عليهم لفط “التوطينية” أما يهود الشرق فيطلق عليهم لفظ “الإستيطانية”، وقد نُظر إلى اليهود على أنهم شعب منبوذ في أوروبا ويجب أن يُنقل خارجها ليتم توظيفه تبعًا لمصالحهم.[38]

كما تُعرف الصهيونية المسيحية بأنها “مجموعـة مـن المعتقـدات الصـهيونية المنتشرة بين المسيحيين وبخاصة قيادات وأتباع الكنائس البروتستانتية، والتي تهدف إلى تأييد قيام دولة يهودية في فلسطين بوصفها حقًا تاريخيًا ودينيًا لليهود، ودعمها بشكل دائم باعتبار أن عودة اليهود إلى أرض الميعاد برهان على صدق التوراة واكتمال الزمان وعودة المسيح”، وقد ارتبطت تلك الرؤية إسرئيل المعاصرة وإسرائيل الموجودة في التوراة، ومن ثم أُطلق على تلك الحركة التي تؤمن بتلك الأفكار الصهيونية المسيحية”[39]، ووفقًا لمفهوم المسيحية الصهيونية فإن اليهود هم شعب الله المختار[40]، إلا أنه وفي عام 2006 نشر زعماء الكنائس في القدس رسالة باسم “إعلان القدس بشأن الصهيونية المسيحية” وتضمنت معاداتهم لها باعتبارها مجموعة من التعاليم الكاذبة، وأنها أدت إلى دخول العالم في دوامات من العنف لا تنتهي.[41]

ثانيًا: نشأة الصهيونية المسيحية:

نتج عن سلوك اليهود غير الأخلاقي واستخدامهم التلمود* إلى تعرضهم للإضهاد والتنكيل خلال القرون الوسطى في أوروبا، إلى أن قام قام ملك انجلترا بطردهم عن البلاد بعد اكتشاف حيلهم ومكرهم[42]، وقد حاول اليهود على إثر تلك النتيجة القيام باستعمال الدين؛ حيث قاموا بنشر -عبر حركة الإصلاح الديني في الكنائس- بأنهم شعب الله المختار، وأن من يتعرض لهم بالإساءة تناله لعنة الرب، وانقسم الأوروبيون إلى فريقين، الأول تأثر بتهويد الكنيسة البروتستنتية؛ وآمن بتفسير وضعي لنبوءات توراتية، وآخر لم يتأثر بالتهويد ولكنه وجد في هذا فرصة للتخلص من اليهود من خلال تشجيعهم على الهجرة إلى فلسطين. [43]

وقد استخدم “نابليون بونابرت” تلك الحيلة لدعوة اليهود إلى فلسطين فأصدر بيانًا عام 1799، يحثهم فيه على مساعدته في احتلال الشرق الأوسط، مقابل وعده لهم ببناء الهيكل المزعوم[44]، وتجدر الإشارة إلى أن بونابرت لم يكن مؤمنًا بتلك المعتقدات، وإنما حاول استمالتهم لدعمه في حملاته العسكرية، وكان الألماني “مارتن لوثر” (1483- 1546) من أوائل من مهد الطريق أمام فكرة التسامح مع اليهود، والتعامل معهم باعتبارهم شعب الله المختار، وفي عام 1965 صدر عن المجمع الفاتيكاني الثاني وثيقة تتعلق بالعلاقة بين المسيحية والصهيونية وتُعلن تبرئة اليهود من دم المسيح.

واختلف البعض في مسألة تقديم وتأخير لفظ المسيحية على الصهيونية فيقول: “المسيحية الصهيونية” إلا أنه لا فرق بينهما، ووصف المسيحية بالصهيونية منطلق من “دعواتها إلى وجوب عودة اليهود إلى أرض الميعاد (فلسطين)”[45]، كما يرى بعض الباحثين أن أول من استعمل مصطلح ” الصهيونية المسيحية” هو “تيودور هرتزل” في وصفه “هنري دونانت” مؤسس الصليب الأحمر إذ كان ممن دعم الحركة، إلا أن نشأة الصهيونية كانت قبل هرتزل نفسه، فالصهيونية المسيحية بدأت قبل الصهيونية اليهودية التي أعلن عنها (هرتزل) في مؤتمر بازل بسويسرا عام 1897، بأكثر من 300 سنة، وقد جاءت مع التغييرات الجذرية التي أدخلها مارتن لوثر.[46]

وفي عام 1985، تم عقد المؤتمر المسيحي الصهيوني في بازل بسويسرا، ودعى المؤتمر لمساندة إسرائيل سياسيًا وعسكريًا، والتشجيع على الهجرة اليهودية لفلسطين، وضم الضفة الغربية والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومطالبة الدول بالتوقف عن تسليح أعداء إسرائيل، وتُشير الباحثة “جريس هاسل” في هذا الصدد أن المؤتمر استغرق حوالي 36 ساعة، وأن المسيحيين الذين اشرفوا على المؤتمر خصصوا ما يُعادل الثلاث دقائق ونصف فقط من المؤتمر للتحدث عن رسالة المسيح وتعاليمه، وانصرفوا إلى دعم إسرائيل بقية الوقت.[47]

وتضمنت المساعي اليهودية بشان التغلغل في المسيحية لضمان مساندته الإعلان عما يتعلق بعقيدة الألفية، التي تشير إلى عودة المسيح ليحكم العالم ألف سنة باعتباره ملك القدس، وسيسود في تلك الفترة السلام والعدل في عالم التاريخ والطبيعة وفي مجتمع الإنسان والحيوان، ما أدى إلى قيام بعض المسيحيين بدعم اليهود؛ وقاموا بتوظيف الوسائل المختلفة لنشرها، وبذل الجهود لدعمها ماليًا وسياسيًا وفكريًا، وتعلقت الأخيرة بالربط بين عودة المسيح وتجميع اليهود في فلسطين، وأشارة أنه لا عودة للمسيح ما لم يتجمع اليهود بفلسطين. [48]

وتجدر الإشارة إلى أن المسيحية الصهيونية تتحرك في ثلاثة محاور رئيسية هي:[49]

  • قراءة النصوص الدينية قراءة مؤدلجة لتعضيد المشروع الصهيوني وإضفاء مشروعيته.
  • مساندة الكيان “الإسرائيلي” ودعمه بكافة الوسائل حتى اكتمال خطط الاستيطان، وهدم المسجد الأقصى.
  • تأجيج الصراعات في منطقة الشرق الأوسط؛ للإسراع والتعجيل بمعارك نهاية الزمان.

وكانت المحاور السابقة قائمة على عدد من المعتقدات الدينية التي ترسخت في أفكار أعضاء المسيحية الصهيونية، وتتمثل المعتقدات الدينية للمسيحية الصهيونية في الآتي:[50]

  • الإيمان بأن الله أعطى الأرض المقدسة (فلسطين) لليهود، وأن القدس جزء من الأرض المقدسة.
  • إن اليهود هم شعب الله المختار، وبذلك فإن لهم أفضلية على بقية الأمم.
  • الالتزام بدعم إسرائيل، ليس كعمل سياسي فقط، إنما كواجب ديني إنطلاقًا من الإيمان باختيارات الله.
  • إن عودة المسيح مرتبطة بسلسلة من الأحداث تبدأ بإنشاء دولة إسرائيل، وإعادة بناء الهيكل الثالث، وحشد الجيوش المستعدة لمهاجمة إسرائيل، ومن ثم الوصول إلى معارك نهاية الزمان وظهور المسيح.

وقد آمنت الصهيونية المسيحية وأتباع المسيحية التدبيرية* بتلك السلسة المتصلة، بل وحاولوا في أحيان تحقيقها للتعجيل من عودة المسيح، لذا لم يكن مستغربًا أن يقوم قادة الصهيونية المسيحية بتفسير التطورات السياسية وربطها بنبوءات العهد القديم والعهد الجديد معًا، كما يُلاحظ أن نظرة المسيحية الصهيونية إلى الكتاب المقدس نظرة غير كاملة، فتركيزهم الأكبر ارتبط بالنصوص التوراية التي تُشير إلى بني إسرائيل أو اليهود. [51]

ثالثًا: نشأة الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية:

بدأت الهجرة اليهودية إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1654 حينما فر حوالي 23 يهوديًا من البرازيل على إثر احتلالها من قبل البرتغال، واستقروا في مدينة “نيو امستردام” (نيويورك) حاليًا، ومنذ ذلك الحين وأعداد المهاجرين اليهود إلى الولايات المتحدة في زيادة مستمرة، ففي عام 1664 كان عدد اليهود ما بين 200 إلى 300 يهودي، وفي عام 1779 وصل تعدادهم لحوالي 2500 يهودي، وفي الفترة من 1820 إلى 1880، زاد عدد السكان اليهود في الولايات المتحدة من 3 آلاف إلى 250 ألف، حيث هاجر ما يقدر بنحو 150 ألف يهودي إلى الولايات المتحدة خلال هذه السنوات، كان غالبيتهم من يهود أوروبا الوسطى[52]، وقد دفعت تلك الزيادة قيام “بنيامين فرانكلين” أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة بالتحذير -خلال المؤتمر الدستوري عام 1787- من مغبة سيطرة اليهود على الولايات المتحدة، وأشار إلى الفساد الذي لحق بالبلدان التي عاشوا بها، وإلى عاقبة عدم طردهم من الولايات المتحدة.[53]

وكان للقادة ورجال الدين في الولايات المتحدة دورًا كبيرًا في نشر الثقافة اليهودية والنبوءات التي وردت في العهد القديم، ومنهم “وليام بلاكستون” أحد أبرز المسيحيين الصهيونيين الأمريكيين، والذي أطلق حركة يهودية هدفها إعادة اليهود إلى فلسطين، وقد كتب كتابًا بعنوان “يسوع قادم” تم نشره عام 1878، والذي كان له أثر بالغ في نفوس الكثير من البروتستانتيين الأمريكيين، وقدم بلاكستون عريضة إلى الرئيس الأمريكى “بنيامين هاريسون” موقعة من 413 من كبار الأمريكيين المسيحيين، لحثه على التدخل لإعادة اليهود إلى فلسطين.[54]

ورأى غالبية اليهود الأوائل في الولايات المتحدة أن الصهيونية إحدى عوامل إعاقة الإندماج اليهودي في الولايات المتحدة، إلى جانب تخوفهم من توصيفهم بالولاء المزدوج، ما جعل بعضهم ينضم علانية إلى منظمات معادية للصهيونية مثل “مجلس اليهودية”، ومع استمرار بلاكستون في مسعاه للضغط على حكومة الولايات المتحدة الأمريكية خاصة بعد إصدار وعد بلفور في الثاني من نوفمبر 1917، قام وزير الخارجية الأمريكي “روبرت لانسج” بتقديم مذكرة إلى الرئيس “ودرو ويلسون” في ديسمبر من نفس العام تؤكد الرفض اليهودي والمسيحي لذلك الوعد، وقد وضح لانسج دوافعه والتي كانت كالتالي:[55]

  • إن الولايات المتحدة الأمريكية ليست في حالة حرب مع تركيا.
  • عدم رغبة غالبية اليهود في إعادة بني جنسهم إلى فلسطين، كما أنهم ليسوا أمة واحدة وشعبًا مستقلًا.
  • إن كثيرًا من المسيحيين سيغضبون حال وضع الأرض المقدسة تحت سيطرة الجنس الذى قتل المسيح.

وبالرغم من ذلك صدق الرئيس الأمريكي ويلسون على وعد بلفور، والذي كان نابعًا من اعتقاده بأحقية عودة اليهود إلى فلسطين، وفي عام 1936 أصدر المؤتمر المسيحي- الأميركي إعلانًا بدعوة المجتمعات المتحضرة إلى مساندة اليهود الفارين من ألمانيا وأوروبا الشرقية، وتشجيعهم على العودة إلى فلسطين، وقد استخدم المؤتمر شعار “الأرض الموعودة” و”شعب الله المختار”، وأعلن أن أفضل عمل للتقرب إلى الله هو المساهمة في إعادة اليهود إلى فلسطين تمهيدًا لعودة المسيح[56]، إعلان قيام إسرائيل في فلسطين عام 1948، بمثابة انتصار كبير للمسيحية التدبيرية، حيث فسرت قيام إسرائيل بأنها نبوءة لا يمكن غض الطرف عنها، وأنه “ليس هناك أدنى شك في أن ظهور أمة إسرائيل بين أسرة الأمم هو أعظم خبر نبوي حصلنا عليه في القرن العشرين، ولعل أهميته تكمن في أنه دليل لا جدال فيه على تحرك يد الله في شؤون البشر”.[57]

وساهمت عدة عوامل في نهوض الحركة المسيحية الصهيونية داخل الكنائس الإنجيلية بداية من عام 1967 وتمثلت في الآتي: [58]

  • الإحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967 والذي بدوره عزز ظهور مسيحية صهيونية داعمة لإسرائيل من خلال الأعمال الفنية مثل فيلم “أرض الله” انتجه “بيلي جراهام.
  • وصول الرئيس الأمريكي “جيمي كارتر” إلى الحكم عام 1976، وإعلانه أن تأسيس إسرائيل المعاصرة.
  • صعود كتلة الليكود المتطرفة في إسرائيل لسدة الحكم، وتولي “مناحم بيجن” رئاسة الوزراء، وتوطيد العلاقات مع الحركة المسيحية الأصولية الأمريكية، والبدء في سلسلة من التطرف تحت مظلة الشعارات التوراتية.
  • تركيز المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة على المجتمع الأنجيلي باعتباره هو الكتلة الأضخم.
  • وصول اليمين الديني لسدة الحكم في الولايات المتحدة بتولي الرئيس “رونالد ريجان” عام 1980، واستخدامه شعار “الولادة الثانية للمسيح” أثناء حملته.

رابعًا: تأثير المسيحية الصهيونية على القرار الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية فترة (2001/2016).

  • دور المسيحية الصهيونية في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن (2001/2008).

كانت الانتخابات الأمريكية عام 2000 بين “جورج بوش الابن”، و”ألبرت أرنولد”، وقد دعم اليهود الأخير لأسباب أيديولوجية وسياسية، فيما قام حوالي 70% من المسلمين بالولايات المتحدة بدعم بوش الابن، لذلك لم يكن هناك أية التزامات من بوش الابن تجاه اليهود أو إسرائيل، إلا أنه أعلن بعد فوزه عن دعمه لإسرائيل، وكان بوش الابن شديد الإعجاب باليهود الأمر الذي جعله ينضم إلى الحزب الجمهوري لولاءه للمسألة اليهودية النابع من اعتقاد ديني ثابت، وليس اعتبارات سياسية واستراتيجية كما للحزب الديمقراطي.[59]

ومما يظهر تأثر بوش الابن بسياسة إسرائيل ما ذكره بعضهم بأن بوش الابن أول رئيس أمريكي يهودي، وهو ما أكده بوش في مذكراته، إلى جانب تكراره كم هائل من الرؤى والعبارات الإنجيلية التي حفلت بها تصرفات بوش وأفعاله الحافلة بالتغني بإسرائيل، وتبني كافة مطالبها.[60]

ومما يؤكد تورط الرئيس بوش في دعم الصهاينة اليهود ما ذهب إليه “جون هوبرس” في دراسة بعنوان (بوش يعلن نفسه صهيونيًا مسيحيًا)، الذي رأى أن الخطاب الذي ألقاه بوش أمام الكنسيت “الإسرائيلي” في الذكرى الستين لإعلان قيام الاستيطان “الإسرائيلي”، كان مليئا بالجمل التبسيطية والعبارات العنصرية التي تقسم العالم إلى محورين أساسيين: محور الخير ومحور الشر، ويجعل العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والكيان “الإسرائيلي” علاقة مباركة من الرب، لا يزعزعها شيء.[61]

ويظهر تأثير الصهيونية المسيحية على قرارات بوش الابن، كما سعى إلى دعم الكيان بكل ما يتطلبه، وعلى إثر ذلك قام بإرسال وزير خارجيته “كولن باول” لحضور المؤتمر الرابع والخمسين لمنظمة أيباك في 31 مارس 2003، وكانت كلمات باول ذا أثر في نفوس من حضروا المؤتمر خاصة حينما أعلن باول “أنه جاء من أجل أمن الكيان واستقراره ومن أجل تعزيز البنية العسكرية والمدنية للدولة العبرية”.[62]

وقد ظهرت المسيحية الصهيونية بشكل جلي عام 2002، حينما دعا الرئيس بوش الابن إلى انسحاب الدبابات الإسرائيلية من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، وعلى إثر ذلك تلقى البيت الأبيض أكثر من 100 ألف رسالة بريد إلكتروني غاضبة تعترض على مناشدته، إلى جانب معارضتها علناً خارطة الطريق التي طرحها الرئيس، والتي تتضمن إنشاء دولة فلسطينية على الأرض التي تعتقد الصهيونية المسيحية أنها يجب أن تكون جزءًا من إسرائيل إلى الأبد، وكانت تلك المعارضة سببًا في تراجع إدارة بوش عن الترويج لتلك الخارطة، وفي الوقت نفسه أعلنت عن استعدادها للموافقة على خطة رئيس الوزراء شارون لضم المستوطنات الإسرائيلية الكبرى في الضفة الغربية لإسرائيل.[63]

  • المسيحية الصهيونية في عهد الرئيس “باراك أوباما” (2009-2016):

ساعد انتخاب باراك أوباما في عام 2008 في توحيد المسيحية الصهيونية ضده، والذين عبروا عن معارضتهم له فيما يتعلق بدعمه لإسرائيل، وجاءت تلك المعارضة على هيئة التشكيك في أصوله وديانته، فقد سلط منتقدوه الضوء على الشائعات القائلة بأنه كان مسلمًا منغلقًا، كما انتشرت شائعات على شبكة الإنترنت تُفيد بأن أوباما يخفي جذوره الإسلامية، وأنه أدى اليمين الدستورية على القرآن وأدار ظهره للعلم الأمريكي أثناء القسم[64]، وأصدر الحزب الجمهوري في ولاية تينيسي بيانًا صحفيًا بعنوان “معاداة السامية لأوباما”، وتم تقديمه كتحليل لوجهات نظر أوباما، وأنهى البيان بأن أمن إسرائيل سيكون في خطر في حال فاز أوباما.[65]

واستخدمت الصهيونية المسيحية خطاب أوباما في القاهرة عام 2009 كدليل إضافي على مناهضته لإسرائيل، وزعمت أن الولايات المتحدة ستلحقها اللعنة لإنها لم تستطع حماية إسرائيل، وكانت رؤية الرئيس أوباما في إيقاف إسرائيل عن الاستمرار في بناء المستوطنات، تتمثل في أن بناء تلك المستوطنات تُعثر من عملية السلام، إلا أن الصهيونية المسيحية  أعلنت أن الإدارة الأمريكية تُعارض امتلاك إسرائيل كافة الأرضي، وبالتالي إعاقة عودة المسيح[66]، كما استخدمت وسائلها لنقد إدارة أوباما وعلاقتها مع إسرائيل، ففي 2 مارس عام 2015 -وقبل يوم من إلقاء بنيامين نتنياهو خطابًا أمام الكونغرس لمعارضة الاتفاق النووي مع إيران- قام الإعلامي “شون هانيتي” عبر برنامجه المزاع على قناة “فوكس نيوز”، بإذاعة حلقة بعنوان “هل يخون الرئيس أوباما إسرائيل؟، وكان المقصود منها أن يشرح للمشاهدين “سبب وجود مثل هذه العلاقة الجدلية بين إسرائيل والبيت الأبيض”، ثم ما لبث أن أجاب على سؤاله بأن الرئيس أوباما ليس صديقًا لإسرائيل.[67]

وعملت منظمة “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل” على إفشال الاتفاق في الكونجرس، وقام “غاري باور” مؤسسه بالتقدم بتقارير يومية إلى كل مكتب في الكونجرس حول القضايا المتعلقة بالعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مرددًا موضوعات القومية المسيحية، وأعلن باور للصحفيين “إنه وعلى الرغم من أن الحركة عبارة عن “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل”، إلا أنه في نهاية المطاف يتعلق الأمر بالولايات المتحدة أيضًا.[68]

ووجدت المسيحية الصهيونية أن أية اتفاقيات مع إيران ستُعد بمثابة تهديد مباشر لإسرائيل خاصة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، لذا سعت الصهيونية المسيحية من خلال ذلك إلى خلق انطباعًا بأن أوباما كان مناهضًا لإسرائيل ومؤيدًا لإيران، وعلى المستوى اللاهوتي، يمكن اعتباره معاديًا لله، وبالتالي متحالفًا مع الشيطان، وكان موقف الإدارة الأمريكية من إسرائيل في عهد بارك أوباما مادة خصبة يمكن للمرشح الأمريكي أن يستخدمها لضمان فوزه، فبعد إعلان السابق الانتخابي بين المرشح “دونالد ترامب” عن الحزب الجمهوري، و”هيلاري كلينتون” عن الحزب الديمقراطي، أعلن ترامب أن الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون “عملا بشكل سيئ للغاية”، معلنًا أنه في حل فوزة سيقوم بتفكيك البرنامج النووي الإيراني إلى جانب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.[69]

الخاتمة:

نافلة القول إن السياسة الخارجية الأمريكية والتي كانت قبل إعلان قيام إسرائيل عام 1948 تسعى بشكل مباشر إلى تقليل التفاعل والاحتكام مع العال الخارجي، وقد كسرت تلك القاعدة عندما شاركت في الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك الحين، والتطور الاقتصادي والعسكري الذي شهدته الولايات المتحدة يتم تسخيره لخدمة أهدافها الخارجية، ويمكن القول أن الكيان الإسرائيلي استطاع أن يضع نفسه ضمن الأهداف الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط باعتباره الورقة الرابحة والحليف الذي لا يجب أن يتم هزيمته على الإطلاق، واستطاع الباحث أن يصل إلى عدد من النتائج والتي تمثلت في التالي:

  • إن سياسة المحافظين الجدد هدفت وبشكل مباشر لخدمة المصالح الإسرائيلية في المقام الأول، وهو ما أثر على سير القضية الفلسطينية وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
  • استمد المحافظين الجدد سلطتهم من خلال الأحداث والتحولات العالمية مثل انهيار الاتحاد السوفيتي والداخلية كأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 لتقديم حلول قد تبدو عملية للإدارات الأمريكية، وتخدمة المصالح الإسرائيلية في الوقت ذاته.
  • إن فترة الرئيس بوش الابن شهدت تعاظمًا في أدوار المحافظين الجدد؛ لإنضمامهم إلى تلك الإدارة ولقدرتهم على تنظيم أهدافهم وإقناع الرأي العام الأمريكي بل والعالمي في بعض الأحيان.
  • إن ولادة المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة أسبق من حركة المحافظين الجدد، ما يجعلها أكثر ترسخًا لاعتمادها على النصوص الدينية في دعواتها المستمرة.
  • تداخلت المسيحية الصهيوينية مع حركة المحافظين الجدد، لخدمة المصالح الإسرائيلية من خلال اشتراك الطرفين في المؤسسات المنابر الداعية إلى جدمة المصالح الإسرائيلية على حساب القضية الفلسطينية.
  • كان للبُعد الديني دورًا في السياسة الخارجية الأمريكية من خلال النصوص التوراتية التي اعتمدها غالبية رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية خاصة الرئيس بوش الابن، للحصول على دعم الرأي العام الأمريكي للاستمرار في سياسة دعم الكيان الإسرائيلي.

المراجع:

أولًا: الكتب:

  1. الحسن، يوسف، 1990، البُعد الديني في السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي الصهيوني، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.

2.      الحسن، يوسف، 2002، جذور الانحياز، دراسة في تأثير الأصولية المسيحية في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي.

  1. السماك، محمد، 2003، الدين في القرار الأمريكي، دار النفائس، بيروت.
  2. الشاهر، إسماعيل الشاهر، المانوية في السياسة الخارجية الامريكية، دار الاعصار العلمي، دمشق، 2018.
  3. الطويل، يوسف العاصي، 2014، البعد الديني لعلاقة أمريكا باليهود و”إسرائيل” وأثره على القضية الفلسطينية خلال الفترة ( 1948-2009)، مكتبة حسن العصرية، بيروت.
  4. الطويل، يوسف العاصي، 2014، حملة بوش الصليبية على العالم الإسلامي وعلاقتها بمخطط إسرائيل الكبرى، ج 2، مكتبة حسن العصرية، بيروت.
  5. الغمري، عاطف، 2002، من يحكم أمريكا: جماعة الصقور ونظراتهم للعرب وإسرائيل، المكتب المصري الحديث، القاهرة.
  6. المسيري، عبد الوهاب ، اليهود واليهودية والصهيونية، دار الشروق، القاهرة، 2018، الجزء 2.
  7. المسيري، عبد الوهاب ، اليهود واليهودية والصهيونية، دار الشروق، القاهرة، 1999، الجزء 6.
  8. جرجس، فواز، 2013، أسس ومرتكزات سياسة اوباما في ولايته الثانية الدولة، مركز الجزيرة للدراسات، قطر.
  9. حسين، ياسر ، بسيوني، محمد، 2003، الحروب المقدسة: أمريكا والمسيحية الصهيونية، دار البروج، القاهرة.
  10. عبد الحي، يحيا زلوم، 2003، إمبراطورية الشر الجديدة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر, بيروت.
  11. عبد اللطيف، أميمة، 2003، المحافظون الجدد: قراءة في خرائط الفكر والحركة، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2003).
  12. عمارة، محمد، 2018، المسيحية الصهيونية ونهاية الإنسان”، قراءة في التوظيف السياسي للدين، دار الأهرام، القاهرة.
  13. فوكوياما، فرانسيس ، أمريكا على مفترق الطرق: ما بعد المحافظين الجدد، ترجمة (محمد محمود التوبة)، مكتبة العبيكان، الرياض، 2007.

16. كامل، عبد العزيز، 2004، المحافظون الجدد والمستقبل الأمريكي،  التقرير الاستراتيجي الثاني عن مستقبل العالم الإسلامي: تحديات في عالم متغير، المركز العربي للدراسات الإنسانية، الرياض.

  1. ليفي، أوسكار، 2013، برتوكولات حكماء صهيون: النص الكامل للمخطوطات الصهيونية للسيطرة على دول العالم، دار الحياة، القاهرة.
  2. هلال، رضا، 2000، المسيح اليهودي ونهاية العالم: المسيحية السياسية والأصولية في العالم، مكتبة الشروق، القاهرة.
  3. هيود، أندرو ، مدخل إلى الأيديولوجيات السياسية، ترجمة (محمد صفار)، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2020.

ثانيًا: الرسائل العلمية:

  1. السردي، علي فهاد محمد، تأثير الإسلاموفوبيا علي السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة (2001 وحتى 2018)، رسالة دكتوراه في تخصص فلسفة العلوم السياسية نوقشت وأُجيزت بجامعة القاهرة، 2021.
  2. حمدي، أسامة عنتر، الدور الأمريكي في تسوية الصراع العربي الإسرائيلي بعد عام 2001، رسالة دكتوراه في العلوم السياسية نوقشت واُجيزت في جامعة القاهرة،  2018.
  3. شريتح، فاخر أحمد، المسيحية الصهيونية: “دراسة تحليلية”، رسالة ماجستير في العقيدة والمذاهب المعاصرة، نوقشت وأُجيزت في جامعة غزة.
  4. عرفات، داليا أحمد رشدي، دور العانل الخارجي في تغيير الثقافة السياسية “دراسة في فكر المحافظين الجدد تجاه عملية التحول الديمقراطي في المنطقة العربية (2001-2006)، رسالة ماجستير في العلوم السياسية نوقشت وأُجيزت بجامعة القاهرة، 2007.
  5. غريب، رشا إبراهيم، دور الجماعات المؤيدة لإسرائيل في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط (1990-2008)، رسالة ماجستير في العلوم السياسية نوقشت وأُجيزت في جامعة القاهرة، 2012.
  6. هادي، هنادي ، الدولة الفلسطينية: نموذج بناء المؤسسات في قيام الدولة، رسالة ماجستير في العلوم السياسية، نوقشت وأوجيزت بجامعة النجاح- كلية الدراسات العليا، 2012.

ثالثًا: المجلات والدوريات:

  1. أبو ختلة، صالح مصلح ، سياسة الرئيس أوباما تجاه القضية الفلسطسنية 2009-2012، مجلة القدس المفتوحة، القدس، العدد 36، 2015.
  2. الرشايدة، بلال شاكر، العلاقات الإسرائيلية الفرنسية وأثرها على الأمن القومي العربي حتى نهاية حكم الجمهورية الفرنسية الرابعة 1958م، مجلة جامعة الحسين بن طلال للبحوث، الأردن، العدد 7، 2021.
  3. الشايجي، عبد الله خليفة، أسباب ونتائج الحرب الأمريكية على العراق من منظور نظريات الحرب والسلام وأفكار المحافظين الجدد في العلاقات الدولية، مجلة مصر المعاصرة، القاهرة، العدد 502، 2011.
  4. الصديقي، يوسف محمد، ثقافة العنف بين المسيحية الصهيونية والحركة الإسلامية المتشددة ، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، قطر، العدد 24،
  5. المجالي، غيث طلال فايز، أيديولوجية المحافظين الجدد ودورها في إستراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط 2001-2008، مجلة دراسات وأبحاث، الجزائر، العدد 3، 2020.
  6. بشارة، عزمي، “أهداف الولايات المتحدة وإستراتيجياتها في العالم العربي“، مجلة سياسات عربية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، الدوحة، العدد 1، 2013.
  7. حسون، محمد دور تيار المحافظين الجدد في السياسة الخارجية الأمريكية (سوريا نموذجًا)، مجلة جامعة دمشق للعلوم السياسة والقانونية، دمشق، العدد 1، 2018.
  8. ريبوار، كريم محمود،استخدام القوة في عقيدة المحافظين الجدد: مشروع القرن الأمريكي الجديد نموذجًا، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، كركوك، العدد 24، 2018.
  9. عباس حسين، خضير، المحافظون الجدد: تاريخهم وافكارهم ودورهم السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، المجلة السياسية والدولية، بغداد، العدد 41، 2019.
  10. عبد العال، علي، المحافظون الجدد: منظرون لخراب العالم، مجلة أدب ونقد، القاهرة، العدد 267، 2007.
  11. مداني، ليلي، “المحافظون الجدد”، مجلة دراسات استراتيجية، الجزائر، العدد 19، 2014).
  12. مطر، سالم، السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط بين ثوابت الاستمرارية و متطلبات التغيير: دراسة مقارنة لإدارتي بوش الابن و باراك أوباما، إشراقات تنموية، بغداد، العدد 8، 2017.

خامسًا: المواقع الإلكترونية:

  1. الجرباوي، علي، محاذير التفاؤل المبكر بإدارة أوباما، تاريخ الدخول 17 يناير 2024، متاح على https://shorturl.ac/7cryq
  2. عبد العاطي، صلاح، الصهيونية المسيحية الأصولية الأمريكية المعاصرة، الحوار المتمدن، تاريخ الدخول 17 يناير 2024، متاح على https://shorturl.ac/7ctr1 .
  3. الفلسطيني، أبو محمد جمال، الصهيونية المسيحية أو الصهيوصليبية العالمية وخطورتها، تاريخ الدخول 17 يناير 2024، متاح على   https://shorturl.ac/7cssq
  4. فندلي، بول ، دور اللوبي الصهيوني في التأثير على القرار الأمريكي، موقع قناة الجزيرة, برنامج بلا حدود, 06/03/2002.

سادسًا: المراجع الأجنبية:

  • Anne Hessing Cahn, Killing Detente: The Right Attacks the CIA, (Pennsylvania: The Pennsylvania State University Press, 1998).
  • Bacevich, Andrew j, The New American Militarism: How Americans are seduced by war, Oxford University Press, New York, 2005.
  • Catherine H. Zuckert, Michael Zuckert, Strauss: Hermeneutics or Esotericism? In “The Routledge Companion to Hermeneutics” Jeff Malpas, Hans-Helmuth Gander (editors), (London: Routledge, 2014).

·        Ryan, Maria, 2010, Neoconservatism and the New American Century, Palgrave Macmillan, New York

·        Noorudeen, Abdullah, The Neoconservative War on Terror cannot be understood without Israel, January 25, 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cvmh

·        Sarna, Jonathan, Zollman, Joellyn, Jewish Immigration to America, my Jewish learning, 17 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7ctfp

·        Singer, Saul Jay, Benjamin Franklin and the Jews, Jewish press, 17 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cti1

·        Foster, Malcolm, Christian Zionists criticize Bush road map, Gainesville, 18 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cuc2

·        Nagourney, Adam, For Obama, a Taste of What a Long Battle Would Hold, 19 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cui6

·        Friedman, Uri, What Obama Meant by ‘1967 Lines’ and Why It Irked Netanyahu, the Atlantic, 19 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cukn

  • Kamaras, Jacob, (CUFI) on the Hill: Christian Zionist group ramps up DC office amid Iran deal, Jewish News Syndicate, 19 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cukt

·        Koshy, Ninan, Christian Zionism, Global Ministries, 17 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7ctvw

·        Keister, Cole, Factsheet: Christian Zionism, 17, Jan 2024, Available at: https://shorturl.ac/7ct25

·                Fox News, Is President Obama betraying Israel, Published March 2, 2015, 18 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cuka

[1] Catherine H. Zuckert, Michael Zuckert, Strauss: Hermeneutics or Esotericism? In “The Routledge Companion to Hermeneutics” Jeff Malpas, Hans-Helmuth Gander (editors), (London: Routledge, 2014) p 127.

[2] كامل، عبد العزيز، المحافظون الجدد والمستقبل الأمريكي،  التقرير الاستراتيجي الثاني عن مستقبل العالم الإسلامي: تحديات في عالم متغير، (الرياض: المركز العربي للدراسات الإنسانية، 2004) ص 331.

[3] ليلي مداني، “المحافظون الجدد”، مجلة دراسات استراتيجية، (الجزائر: مركز البصيرة للبحوث والاستشارات والخدمات التعليمية، العدد 19، 2014) ص 12.

[4] أميمة عبد اللطيف، المحافظون الجدد: قراءة في خرائط الفكر والحركة، (القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2003) ص15.

[5] Anne Hessing Cahn, Killing Detente: The Right Attacks the CIA, (Pennsylvania: The Pennsylvania State University Press, 1998) P 200.

[6] عباس حسين، خضير، المحافظون الجدد: تاريخهم وافكارهم ودورهم السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، المجلة السياسية والدولية، بغداد، العدد 41، 2019، ص 1126-1127.

[7] حسون، محمد دور تيار المحافظين الجدد في السياسة الخارجية الأمريكية (سوريا نموذجًا)، مجلة جامعة دمشق للعلوم السياسة والقانونية، دمشق، العدد 1، 2018، ص 322.

[8] هيود، أندرو ، مدخل إلى الأيديولوجيات السياسية، ترجمة  (محمد صفار)، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2020، ص 115-116.

[9] Bacevich, Andrew j, The New American Militarism: How Americans are seduced by war, Oxford University Press, New York, 2005, p 72-74.

[10] فوكوياما، فرانسيس ، أمريكا على مفترق الطرق: ما بعد المحافظين الجدد، ترجمة (محمد محمود التوبة)، مكتبة العبيكان، الرياض، 2007، ص 21.

[11] الشايجي، عبد الله خليفة، أسباب ونتائج الحرب الأمريكية على العراق من منظور نظريات الحرب والسلام وأفكار المحافظين الجدد في العلاقات الدولية، مجلة مصر المعاصرة، القاهرة، العدد 502، 2011، ص 278.

[12] ريبوار، كريم محمود،استخدام القوة في عقيدة المحافظين الجدد: مشروع القرن الأمريكي الجديد نموذجًا، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية،  كركوك، العدد 24، 2018، ص 54-55.

[13] Noorudeen, Abdullah, The Neoconservative War on Terror cannot be understood without Israel, January 25, 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cvmh

[14] Ryan, Maria, 2010, Neoconservatism and the New American Century, Palgrave Macmillan, New York, p29

[15] السردي، علي فهاد محمد، تأثير الإسلاموفوبيا علي السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة (2001 وحتى 2018)، رسالة دكتوراه في تخصص فلسفة العلوم السياسية نوقشت وأُجيزت بجامعة القاهرة، 2021، ص 179.

[16] عبد العال، علي ، المحافظون الجدد: منظرون لخراب العالم، مجلة أدب ونقد، القاهرة، العدد 267، 2007، ص 64.

[17] مدني، ليلى، “المحافظون الجدد”، مجلة دراسات استراتيجية، (الجزائر: مركز البصيرة للبحوث والاستشارات والخدمات التعلمية، العدد 19، 2014) ص 14.

[18] عرفات، داليا أحمد رشدي، دور العانل الخارجي في تغيير الثقافة السياسية “دراسة في فكر المحافظين الجدد تجاه عملية التحول الديمقراطي في المنطقة العربية (2001-2006)، رسالة ماجستير في العلوم السياسية نوقشت وأُجيزت بجامعة القاهرة، 2007، ص167.

[19] عبد العال، علي،  مرجع سابق، ص 67.

[20] المجالي، غيث طلال فايز، أيديولوجية المحافظين الجددودورها في إستراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط 2001-2008، مجلة دراسات وأبحاث، الجزائر، العدد 3، 2020، ص 867.

[21] فندلي،  بول ، دور اللوبي الصهيوني في التأثير على القرار الأمريكي، موقع قناة الجزيرة, برنامج بلا حدود, 06/03/2002.

[22] الشاهر، إسماعيل الشاهر، المانوية في السياسة الخارجية الامريكية، دار الاعصار العلمي، دمشق، 2018، ص 40.

[23] الغمري، عاطف، 2002، من يحكم أمريكا: جماعة الصقور ونظراتهم للعرب وإسرائيل، المكتب المصري الحديث، القاهرة،  ص 115-116.

[24]  الحسن، يوسف، 2002، جذور الانحياز، دراسة في تأثير الأصولية المسيحية في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي،  ص7

[25] الشاهر، شاهر إسماعيل، مرجع سابق، ص41.

[26] هادي، هنادي ، الدولة الفلسطينية: نموذج بناء المؤسسات في قيام الدولة، رسالة ماجستير في العلوم السياسية، نوقشت وأوجيزت بجامعة النجاح- كلية الدراسات العليا، 2012،  ص 45-47

[27] حمدي، أسامة عنتر، الدور الأمريكي في تسوية الصراع العربي الإسرائيلي بعد عام 2001، رسالة دكتوراه في العلوم السياسية نوقشت واُجيزت في  جامعة القاهرة،  2018، ص 69.

[28]عبد الحي، يحيا زلوم، 2003، إمبراطورية الشر الجديدة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر, بيروت، ص 56.

[29] الشايجي، عبد الله خليفة ، أسباب ونتائج الحرب الأمريكية على العراق من منظور نظريات الحرب والسلام وأفكار المحافظين الجدد في العلاقات الدولية، مجلة مصر المعاصرة، القاهرة، العدد 502، 2011، ص 283.

[30] حسين، ياسر ، بسيوني،  محمد، 2003، الحروب المقدسة: أمريكا والمسيحية الصهيونية، دار البروج، القاهرة، ص 66.

[31] أبو ختلة، صالح مصلح ، سياسة الرئيس أوباما تجاه القضية الفلسطسنية 2009-2012، مجلة القدس المفتوحة، القدس، العدد 36، 2015، ص 235.

[32]  بشارة، عزمي، “أهداف الولايات المتحدة وإستراتيجياتها في العالم العربي“، مجلة سياسات عربية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، الدوحة، العدد 1، 2013، ص 13-14.

[33]  جرجس، فواز ، 2013، أسس ومرتكزات سياسة اوباما في ولايته الثانية الدولة، مركز الجزيرة للدراسات، قطر، ص7.

[34]مطر، سالم، السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط بين ثوابت الاستمرارية و متطلبات التغيير: دراسة مقارنة لإدارتي بوش الابن و باراك أوباما، إشراقات تنموية، بغداد، العدد 8، 2017، ص 98-99.

[35] الجرباوي، علي، محاذير التفاؤل المبكر بإدارة أوباما، تاريخ الدخول 17 يناير 2024، متاح على https://shorturl.ac/7cryq

[36] المسيري، عبد الوهاب ، اليهود واليهودية والصهيونية، دار الشروق،  القاهرة، 2018، الجزء 2،  ص 246.

[37] المسيري، عبد الوهاب ، اليهود واليهودية والصهيونية، دار الشروق،  القاهرة، 1999، الطبعة 1، الجزء 6، ص 137.

[38] ليفي، أوسكار، 2013، برتوكولات حكماء صهيون: النص الكامل للمخطوطات الصهيونية للسيطرة على دول العالم، دار الحياة، القاهرة، ص 27.

[39] الحسن، يوسف ، 1990، البُعد الديني في السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي الصهيوني،  مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ص 12.

[40]  عمارة، محمد، 2018، المسيحية الصهيونية ونهاية الإنسان”، قراءة في التوظيف السياسي للدين، دار الأهرام، القاهرة، ص 20.

[41] Keister, Cole, Factsheet: Christian Zionism, 17, Jan 2024, Available at: https://shorturl.ac/7ct25

* وهو كتاب فقهي مقدس عند اليهود، كلمة “تلمود” هي كلمة عبرية تعني “التعلم والتعليم”، والتلمود هو نص أساسي في اليهودية بصورة عامة ويتكون في المقام الأول من المناقشات والتعليقات على التاريخ والشريعة، إلى جانب فصول أخرى تتحدث عن الزراعة والصناعة والمهن الحرة، إلا أن هناك فرق وطوائف يهودية لا تؤمن بالتلمود بل وتهاجمه أيضًا.

[42] شريتح، فاخر أحمد، المسيحية الصهيونية: “دراسة تحليلية”،  رسالة ماجستير في العقيدة والمذاهب المعاصرة، نوقشت وأُجيزت في جامعة غزة، 2005، ص32.

[43] السماك، محمد، 2003، الدين في القرار الأمريكي،  دار النفائس، بيروت، ص17.

[44] الرشايدة، بلال شاكر، العلاقات الإسرائيلية الفرنسية وأثرها على الأمن القومي العربي حتى نهاية حكم الجمهورية الفرنسية الرابعة 1958م،  مجلة جامعة الحسين بن طلال للبحوث، الأردن، العدد 7، 2021، ص 224-225.

[45] الشاهر، شاهر إسماعيل، 2018، مرجع سابق، ص48..

[46] الفلسطيني، أبو محمد جمال،  الصهيونية المسيحية أو الصهيوصليبية العالمية وخطورتها، تاريخ الدخول 17 يناير 2024، متاح على   https://shorturl.ac/7cssq

[47] عمارة، محمد، مرجع سابق، ص 93.

[48]  السماك، محمد، مرجع سابق، ص 34.

[49] عمارة، محمد، مرجع سابق، ص 21.

[50] الشاهر، شاهر إسماعيل، مرجع سابق، ص 52-53.

* المسيحية التدبيرية، وهي إطار تفسيري أو سردي لفهم التدفق العام للكتاب المقدس، فمن وجهة نظرهم، لم تظهر المسيحية إلى الوجود لتحل محل اليهودية، بل لتعيدها، وكانت المسيحية التدبيرية بمثابة انقلاب عن الفكر المسيحي السائد، ووجهة نظر المسيحية التدبيرة تُشير إلى أن العهد القديم ينبئ بما سيحدث في العهد الجديد، وفي النهاية، يعود المسيح ليحكم الأرض بعد معركة ملحمية بين الخير والشر، ويكون لإسرائيل دورًا مركزيًا في تلك المسألة.

[51] Koshy, Ninan, Christian Zionism, Global Ministries, 17 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7ctvw

[52] Sarna, Jonathan, Zollman, Joellyn, Jewish Immigration to America, my Jewish learning, 17 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7ctfp

[53] Singer, Saul Jay, Benjamin Franklin and the Jews, Jewish press, 17 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cti1

[54] هلال، رضا، 2000، المسيح اليهودي ونهاية العالم: المسيحية السياسية والأصولية في العالم، مكتبة الشروق، القاهرة، ص 65-66.

[55] المصدر نفسه، ص 68.

[56] عبد العاطي، صلاح، الصهيونية المسيحية الأصولية الأمريكية المعاصرة، الحوار المتمدن، تاريخ الدخول 17 يناير 2024، متاح على https://shorturl.ac/7ctr1  .

[57] Talbot, Louis T, 1948, New Nation of Israel and the Word of God, Bible Institute of Los Angeles, Los Angeles, p 8

[58] غريب، رشا إبراهيم، دور الجماعات المؤيدة لإسرائيل في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط (1990-2008)، رسالة ماجستير في العلوم السياسية نوقشت وأُجيزت في جامعة القاهرة، 2012، ص 107-108.

[59] الطويل، يوسف العاصي، 2014، حملة بوش الصليبية على العالم الإسلامي وعلاقتها بمخطط إسرائيل الكبرى، ج 2، مكتبة حسن العصرية، بيروت، ص 114.

[60] الطويل، يوسف العاصي، 2014، البعد الديني لعلاقة أمريكا باليهود و”إسرائيل” وأثره على القضية الفلسطينية خلال الفترة ( 1948-2009)، مكتبة حسن العصرية، بيروت، ص 315.

[61] الصديقي، يوسف محمد، ثقافة العنف بين المسيحية الصهيونية والحركة الإسلامية المتشددة ، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، قطر، العدد 24،  2006، ص251

[62] تقي الدين، محمد عمارة، مرجع سابق، ص83.

[63] Foster, Malcolm, Christian Zionists criticize Bush road map, Gainesville, 18 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cuc2

[64] The Associated Press, Obama sets record straight on his religion, NBC news, 19 January 2024, Available at: https://www.nbcnews.com/id/wbna22767392

[65]  Nagourney, Adam, For Obama, a Taste of What a Long Battle Would Hold, 19 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cui6

[66] Friedman, Uri, What Obama Meant by ‘1967 Lines’ and Why It Irked Netanyahu, the Atlantic, 19 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cukn

[67] Fox News, Is President Obama betraying Israel, Published March 2, 2015, 18 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cuka

[68] Kamaras, Jacob, (CUFI) on the Hill: Christian Zionist group ramps up DC office amid Iran deal, Jewish News Syndicate, 19 January 2024, Available at: https://shorturl.ac/7cukt

[69] Sean, Durbin, From King Cyrus to Queen Esther: Christian Zionists’ Discursive Construction of Donald Trump as God’s Instrument, Critical Research on Religion, Without location, number 2, 2020, p 121.

5/5 - (3 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى