الدراسات البحثيةالمتخصصة

 الأردن مـــوقـــع عــــربي مُـتـــقــدم لحلف الأطلسي لـلـذود عـن أمــن الـــكـــيـــان الـــصــهـــيــوني

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر

 

أشار موقع Breaking Defence في 12 يوليو2024 أن حلف شمال الأطلسي NATO قد قرر أخــتـيار الأردن لاستضافة أول مكتب اتصال له في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسيتولي سيتولى رئيس مكتب الاتصال التابع لحلف شمال الأطلسي في الأردن التواصل مع السلطات في المملكة الأردنية الهاشمية وسيقيم في عمان علي أن يتحرك بثفة متكررة ما بين عمان وبروكسل حيث مقر الحلف , ورغم أن الأردن ليس عضوًا في حلف شمال الأطلسي  NATO)) إلا أنه كان الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي ساعدت الولايات المتحدة وحلفائها في مواجهة وابل الصواريخ والطائرات بدون طيار الذي بلغ 300 صاروخ أطلقتها طهران في هجوم مواجهة مباشرة غير مسبوقة بين إيران وإسرائيل  ووفقاً لبيان صادر عن حلف شمال الأطلسي في 10 يوليو2024 : فإن هذا القرار الذي اتخذه الحلفاء خلال قمة حلف شمال الأطلسي عام 2024 بعد مناقشته عام 2023 يُشكل “علامة بارزة مهمة في الشراكة الاستراتيجية العميقة بين الأردن والحلف” وتقدير لمكانة الأردن – كما يراها الحــلــف – كرمز للاستقرار في السياقين الإقليمي والعالمي وفقاً لما جاء في بيان قمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس في يوليو 2023وسيعمل هذا المكتب التمثيلي، على تسهيل التفاعل المنتظم بين حلف شمال الأطلسي والسلطات الأردنية لتعزيز الفهم الأكثر شمولاً للظروف الوطنية والإقليمية ووفقاً لرؤية الحلف فسوف يساعد هذا المكتب أيضًا في إنشاء وتنفيذ مبادرات وشراكات مثل المؤتمرات والدورات وبرامج التدريب في مجالات مثل التحليل الاستراتيجي والتخطيط للطوارئ المدنية والاستعداد لها وإدارة الأزمات والدبلوماسية العامة فالمهمة الرئيسية المُعلنة لمكتب  إتصال الحلف في الأردن هي أنه سيعمل علي تعزيز التعاون بين حلف شمال الأطلسي ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كما سيعمل مكتب حلف شمال الأطلسي في عمان كمكتب تمثيلي يعمل على التقريب بين المجلس والأردن , كما أن : مكتب الإتصال بالأردن من شأنه أن يتيح المشاركة المنتظمة بين حلف شمال الأطلسي والسلطات الأردنية وبالتالي المساهمة في تحقيق فهم مشترك أفضل للسياق الوطني والإقليمي وتطوير وتنفيذ برامج وأنشطة الشراكة بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر المؤتمرات والدورات وبرامج التدريب في مجالات مثل التحليل الاستراتيجي والتخطيط للطوارئ المدنية والاستعداد لها وإدارة الأزمات والدبلوماسية العامة والأمن السيبراني وتغير المناخ”.

في تقديري وتقدير الكثيرين أن قرار حلف شمال الأطلنطي بإختيار الأردن لإستضافة أول مكتب إتصال له في الشرق الأوسط يرمي إلي تحقيق هــدف “مزدوج” وهو: (1) مــكافاة الأردن علي إخلاصها في الدفاع عن أمن الكيان الصهيوني وجبهة الأردن التي يبلغ طولها مع الكيان الصهيوني 300 ميل وهي أطول حدود مع الكيان الإسرائيلي مما يعني أن الأردن هو الضامن لأمن الأراضي الشرقية التي يحتلها الكيان الصهيوني وقد أُختبرت عملياً عندما قام الحرس الثوري الإيراني بالتنسيق مع المقاومة الإسلامية في العراق وحزب الله اللُّبناني وأنصار الله أو الحوثيين في اليمن بشــن عمليَّة الوعدُ الصَّادق ضد الكيان الصهيوني في ليلة 13 أبريل وحتى فجر 14 أبريل 2024( شملت توجيه 300 صاروخ منها نحو 170 طائرة مُسيَّرة وأكثر من 120 صاروخ باليستي)  وكانت هذه العملية عبارة عن هجمات عسكريَّة جويَّة محدودة بطائرات مُسيَّرة وعددٍ من الصَّواريخ البالستيَّة وجاءت كردَّ فعل على الغارة الجوية الصهيونية على القًنصليَّة الإيرانية في دمشق في 1 أبريل2024 والتي قتل فيها 16 شخصًا منهم مسؤول إيراني كبير في فيلق القدس وعملية الوعد الصادق تلك كانت أول هجوم مباشر لإيران على  الكيان الصهيوني منذ بداية حرب الوكالة الإيرانية  / الصهيونية بعد الثورة الإسلامية الإيرانية في فبراير1979 , (2) أما الشطر الثاني من الهدف المزدوج فهو بداية عمل حلف شمال الأطلنطي بصفة جدية وفعلية لـجعل الأردن حـــأئــــط صــد Blocking wall لا مــجــرد منطقة عازلةBuffer Zone بين الكيان الصهيوني وخصومه العرب والإيرانيين وهذا ما أثبته الأردن بصفة واقعية فإيران وحــمـــاس أعتبرتهما الأردن عملياً ليلتي 13 و14 أبريل أعداء لها وللكيان الصهيوني بنفس القدر خاصة وأن الهجوم الإيراني لــفت النظر للأهمية العسكرية الإستثنائية لموقع الأردن بالنسبة للجبهة الصهيونية فــهـو يـحـقـق وسيحقق :-

(1) أفضل تغطية عــسكرية يمكن التوصل اليها لحماية أفضل للكيان الصهيوني بالإضافة إلي (2) أن الأردن يُعتبر البوابــة الشمالية للممالك الخليجية العربية الـــضعيفة عــسكــريـاً و(3) مــــعــــبر مـــرتقب قادم للتعاون الـــعســـكري / الأمني بين هذه الممالك الـــخـــائرة القوي والكــيــأن الصهيوني و(4) حلقة الربط الضرورية لبناء وتكوين “تحالف استقرارالإقليمي” مـــســـتقـــبلي بين الكيان الصهيوني وهذه الممالك والجمهوريات عديمة النفع والـــهـــوية وهو تحالف أتـوقع تكوينه وبـنائه بين الكيان الصهيوني وبدعم أمريكي مباشر وبإشراف وتنسيق بين القيادة العسكرية الأمريكية المركزية وحـــلف شمال الأطلنطي بحيث سيكون إنشاء هذا التحالف مــهــمــة رئــيسية لمكتب إتصال حلف شمال الأطلنطي في عمان بل هو المهمة التي من أجـلها أتخذ حلف شمال الأطلنطي قراراً بإنشاءمكتب إتصال له في الأردن  فهذا القرار لا شك ينبئ وينذر بمرحلة قادمة سيكون أثرها العرضي الرئيسي تدمير ما يُعرف بالأمن القومي العربي وإستبداله بمفهوم جديد يقع في القلب من مضمون ما يُعرف بإتفاقات إبراهام أي مفهوم الأمن القومي العربي / الصهيوني (5) لقرار فتح مكتب إتصال في عـــمــان بالأردن صــلة وثـــقـة بما يُعرف “باليوم التالي لحرب غـــزة والترتيبات المحتملة لنــشــر قوات عـــربية / دولية في أراضي غــزة ( نشرتCourrier International في 19 يوليو2024بالإحالة علي صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أنه وبالإشارة إلي تصريحات لانا نسيبة المندوبة الدائمة السابقة لدى الأمم المتحدة فإن أبو ظبي ستكون مستعدة للمشاركة في قوة متعددة الجنسيات لضمان الحفاظ على النظام في غزة و”التحضير لقيام دولة فلسطينية وأنه كثيراً ما يُذكر سيناريو ما بعد الحرب، حيث أن الدول المرشحة هي مصر والأردن والمغرب وخاصة الإمارات العربية المتحدة) أو لنقل بمعني أعرض  له صـلة بالرؤية الصهيونية لليوم التالي لحــرب غـــزة وهو يوم ليس بمقدرة الإدارة الصهيونية أن تنهض به وحدها فلابد من مـُعيـن عـربي / دولي .   

تجدر الإشارة إلي أنه سبق وأن تم الإعلان عن إنشاء أول مكتب اتصال لحلف شمال الأطلسي في العاصمة الأردنية عمّان فقد تم تسجيل قرار إنشاء هذا المكتب في البداية خلال قمة حلف شمال الأطلسي في ليتوانيا عام 2023 وينظر حلف شمال الأطلسي إلى هذا المكتب باعتباره خطوة حاسمة في تعزيز الشراكات ومعالجة تحديات الأمن الإقليم .

إن أحد الأسباب الرئيسية الـــمــُعلنة لعدم اختيار حلف شمال الأطلسي NATO – وفقاً لشبكة – Breaking Defence لدولة خليجية أو دولة عضو في حلف شمال الأطلنطي كتركيا لإستضافة مكتب إتصال لحلف شمال الأطلنطي – هو أن الأردن لعبت دورًا نشطًا للغاية في الدفاع ضد هجوم إيران على إسرائيل في13 أبريل2024 ومن المرجح أن الأردن تسعي للتكامل بدرجة أكبر مع الغرب عبر الناتو كضرورة استراتيجية لها , لذلك أعـــتقد وربما يـعـتقـد غيري أن قرار حلف شمال الأطلسي بفتح مكتب إتصـال له في الأردن يــُعـد مــكـــافـــأة أولية للأردن علي عدم إرتباطه بضرورات الأمن القومي العربي ولا صلة الجوار الجغرافي بين العالم العربي في جناحه الخليجي / العراقي مع إيـــران فوفقاً لريان بول المحلل البارز في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شبكة Breaking Defence ” أن دول الخليج العربية ليست مستعدة تماما للتحالف بشكل واضح مع حلف شمال الأطلسي لأنها تحاول الحفاظ على التوازن بينها وبين إيران أو التأكيد على الحياد الصارم “(وهو ما لا أعتقده فهي الخشية من إيـــران فقط) وأضاف ريان بول :”أن الأردن يشعر براحة أكبر في التحالف بشكل علني مع الغرب وخاصة بعد أن أظهرت أحداث13 و14 أبريل فعالية الطبيعة الدفاعية لهذه الشراكة”كذلك أشــار ديفيد دي روش الأستاذ المشارك في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الأمنية إلي ” أن مكتب إتـصـال حلف الأطلسي بالأردن يـُعد بمثابة عمل رمزي في معظمه للاعتراف بالأردن باعتباره “شريكًا رئيسيًا في المنطقة لدول حلف شمال الأطلسي  ومؤخرًا في الدفاع عن سيادته (الأصح عن أن يقول :عن أمـن الكـيـان الـصـهـيـوني) في مواجهة تحليق صاروخي وطائرات بدون طيار إيرانية ضخمة”وأضاف :” أن قِلة من الدول في المنطقة “أقرب إلى مصالح حلف شمال الأطلسي وقيمه وقدراته من الأردن ويبدو أن هذا بمثابة اعتراف بذلك” .

الأردن مـنــدمج في جــــسم حـــلف الأطلنـــطــي :-

يحاول حلف شمال الأطلسي أن ينأي بنفسه عن الإتهام بأن قرار بفتح مكتب إتصال في عمان ذا صلة بحرب غـــزة أو بالصراع في الشرق الأوسط في مدي أعم وأوسـع ذلك أن هذا القرار كان مخططا له منذ فترة طويلة وليس رد فعل على الصراعات الحالية فقد كان من المقرر مناقشة إنشاء مكتب لحلف شمال الأطلسي في عمان في يوليو 2023أي قبل وقت طويل من الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7من أكتوبر2023والحملة العسكرية الإسرائيلية التي تلتها في غزة ففي 11 فبراير2020 صرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج بإن الأردن مهم للمنطقة بأكملها مؤكداً علي إلتزام الحلف بمواصلة العمل مع المملكة في مختلف المجالات ستولتنبرج وقال ردا على سؤال من صحيفة جوردان تايمز في مؤتمر قبل اجتماعات وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي التي تستمر يومين والتي ستبدأ في بروكسل في منتصف فبراير2020 أن”حلف شمال الأطلسي يعمل مع الأردن في قضايا مثل قوات العمليات الخاصة والاستخبارات وأشياء أخرى… الأردن مهم للمنطقة بأكملها لأنه كان عضوا رئيسيا في التحالف لهزيمة داعش وشريكا وثيقا لحلف شمال الأطلسي ثم وفي إشارة إلى الزيارة التي قام بها جلالة الملك عبد الله الثاني في يناير2020 إلى مقر حلف شمال الأطلسي حيث تم الاتفاق على تجديد اتفاقية التعاون بين الأردن وحلف شمال الأطلسي بالإضافة إلى حزمة برنامج بناء القدرات وبرنامج الشراكة المتقدمة قالأمين عام الحلف : “سنناقش ما يمكننا القيام به في العراق وما يمكننا القيام به خارج العراق لدينا بالفعل تحالف ونحن نعمل مع الأردن”.

أشادت السفيرة الأميركية لدى حلف شمال الأطلسي كاي بيلي هاتشيسون بالتحالف مع الأردن قائلة: “الأردن شريك مهم للغاية في الفرص المعززة وحليف وثيق للولايات المتحدة أيضًا” ومعلوم أنه في قمة حلف شمال الأطلسي في ويلز عام 2014 كانت الأردن من بين الدول الخمس التي حددها التحالف باعتبارها مؤهلة لشراكات الفرص المعززة للحوار والتعاون، إلى جانب أستراليا وفنلندا وجورجيا والسويد وقال التحالف إن هؤلاء الشركاء يقدمون “مساهمات كبيرة بشكل خاص” لعمليات حلف شمال الأطلسي”  , ولاحقاً وفي اجتماع لوزراء الدفاع12 أكتوبر 2023 قال بعد أن أدان هجمات طوفان الأقصي في 7 أكتوبر2024بأشد العبارات الممكنة أن ” إسرائيل لا تقف بمفردها” فالكيان الصهيوني وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية وسع تعاونه مع حلف شمال الأطلسي في مجالات تشمل العلوم والتكنولوجيا ومكافحة الإرهاب والاستعداد المدني ومكافحة أسلحة الدمار الشامل , كذلك فإيزابيل ويرينفيلز الباحثة البارزة في قسم أفريقيا والشرق الأوسط في معهد الشؤون الدولية والأمنية في برلين أفادت  D Wفي 16 يوليو2024 بــ “إن الصراع في غزة ربما ساهم في تسريع عملية التخطيط لإنشاء المكتب ولكنني لا أعتقد أن حلف شمال الأطلسي لديه أي رغبة في الاقتراب من الصراع في الشرق الأوسط” , وقد اكد  الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج في تصريح أدلي به في 10 يوليو2024 صلة قرار الحلف فيما يتعلق بالأردن صلة ما بين هذا القرار والوضع في الشرق الأوسط فقال في كلمة ألقاها في العاصمة الأردنية عمان : “إن الأردن شريك قديم وذو قيمة عالية لحلف شمال الأطلسي ومن خلال إنشاء مكتب الاتصال لحلف شمال الأطلسي فإننا نرفع هذه الشراكة إلى مستوى جديد كما أن حلف شمال الأطلسي يعالج بالفعل التهديدات والتحديات ولكن أيضًا الفرص التي تنبثق من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” , كذلك أكد المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية سام واربورج :”أن الدور الحاسم الذي يلعبه الأردن في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي يتجلى في افتتاح مكتب لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في عمان وأن بلاده تعتبر المملكة أحد أهم شركاء الولايات المتحدة في الاستقرار والأمن في المنطقة” مؤكدا أن “العلاقة مع الأردن تعتبر من أقدم العلاقات الأميركية في المنطقة” , كما أكدت إذاعة صوت أمريكاV O A نفسها صـلة هذا القرار بما يحدث وسيحدث في غزة والشرق الأوسط فقالت في 17 يوليو2024 تحت عنوان : ” مكتب حلف شمال الأطلسي الجديد في الأردن يشير إلى التركيز المتزايد للحلف على الشرق الأوسط ” وأوضحت فأشارت إلي أن : “قرار حلف شمال الأطلسي بفتح أول مكتب اتصال له في الأردن – وهو الأول من نوعه في الشرق الأوسط يــعـكــس المخاوف المتزايدة لدى الحلف بشأن تزايد نفوذ إيران وروسيا في المنطقة” , كما أشارت الإذاعة إلي ما صرح به لها المحلل نيكولاس هيراس من معهد نيولاينز في واشنطن  بقوله :” إن افتتاح مكتب لحلف شمال الأطلسي في الأردن يشير أيضا إلى النوايا الغربية للحد من نفوذ روسيا في المنطقة وأن “إنشاء مكتب لحلف شمال الأطلسي في الأردن الذي يعد منطقة استراتيجية رئيسية في قلب الشرق الأوسط يشير إلى المنطقة الأوسع نطاقاً أن لحلف شمال الأطلسي دوراً يتجاوز أوروبا فحسب وفي الواقع يمتد تفويض حلف شمال الأطلسي إلى المنطقة الجنوبية من أوروبا في البحر الأبيض المتوسط ​​التي كانت روسيا تناضل بنشاط من أجلها منذ ما يقرب من عقد من الزمان”  .

يـــُلاحظ أن الأردن يسير بشكل تدريجي في طريق الإنضمام في منظومات أمنية خارج الإطار العربي فلا يوجد ســـبـــيـل بين الأردن بطبيعة تكوين هذه المملكة المماثل في بعض أوجهه لإنشاء الكيان الصهيوني وبين الأمن القومي العربي (إن كان هو الآخر موجوداً) فالأردن يُعد عضوًا في منتدى شراكة الحوار المتوسطي MENA التابع لحلف شمال الأطلسي منذ عام 1995 كذلك فالكيان الصهيوني أيضاً واحد من سبعة أعضاء في الحوار المتوسطي لحلف شمال الأطلسي المصمم “للمساهمة في الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​الأوسع” وقد عمل جيش الأردن بشكل وثيق مع قوات حلف شمال الأطلسي وشارك في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بما في ذلك في ليبيا وأفغانستان وكوسوفو تحتفظ الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا بعدة قواعد عسكرية علي أراضي الأردن .

رغم أن تركيا عضو أصــيل في NATO خـــلافاً لحالة الأردن التي لا يربطها بحلف الأطلنطي إلا مكتب إتصال أو تمثيل في عـمـان إلا أن الأردن منفتح تماما علي التعاون مع الحلف فيما يتعلق بأمن الكيان الصهيوني والدفاع عنه كما برهن الأردن علي ذلك عـمـلـيـاً في 13 و14 أبريل عندما صد الهجمات الصااروخية الإيرانية ضد الصهاينة , في حين أن الرئيس التركي رجب طيب أردوجان أعـلن في مؤتمر صحفي خلال قمة حلف شمال الأطلسي الـ75 في 11 يوليو2024 أنه من غير الممكن لحلف شمال الأطلسي أن يواصل شراكته مع الإدارة الإسرائيلية وأنه حتى يتم تحقيق السلام الشامل والمستدام في فلسطين فإن تركيا لن توافق على محاولات التعاون مع إسرائيل داخل حلف شمال الأطلسي”وأضاف أن تركيا تواصل أيضا جهودها الدبلوماسية لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا … منتهي الإستقلالية مقابل الأنبطاح الأردني الذي لا جدال في عـــــاره وسخافتــه , اكثر من ذلك ففي 5 مايو 2016 نـــشــر مــوقــع  defensenews.com  أن مجلس شمال الأطلسي وافق على السماح لإسرائيل وأربعة أعضاء آخرين من خارج حلف شمال الأطلسي بفتح بعثات دبلوماسية في مقره في بروكسل وكانت تركيا قبل ذلك وبإعتبارها عضو في حلف شمال الأطلنطي ترفض الموافقة علي طلب قدمه الكيان الصهيوني للحلف بفتح مكتب لدي مقر الحلف في بروكسل حيث كان من الممكن للسفراء والملحقين أن يحصلوا على مزيد من الوصول إلى التدريبات والأحداث وبرامج المشتريات المتعلقة بالتحالف قد لم توافق تركيا الدولة العضو التي كانت موافقتها مطلوبة بموجب قواعد حلف شمال الأطلسي التي تتطلب الموافقة بالإجماع .

إلا أنه يُلاحظ أن الأردن قبل أن يكون أداة طـــيعة في يد الحلف ليظفر برضي الكيان الصهيوني حتي يوفر له حلف الأطلنطي مـظـلة تـغـطية دفـاعـية في المستقبل تؤمن له البقاء الذي بـات مـهدداً من حـــمــاس التي إســـتطاعت أن تكون بالفعل نــــدا رادعاً للعسكرية الصهيونية التي يرتجف منها الأردن فإستضافة الأردن لمكتب إتصال حلف الأطلنطي هو في النهاية قـــرار دفاعي أردني من مـــغبــة الـيوم الـتالي لـحرب غـــزة وخـطـوة إستباقية أردنية / أمريكية من تداعـيـات حـرب غـزة , ومما يؤكد ضـــحـــالة القيادة الأردنية عدم يقينها التام بالقدرات العسكرية للكيان الصهيوني رغم قربها من هذا الكيان إلا أنها كحلف شمال الأطلنطي آمن فآمنت الأردن بأن الكيان الصهيوني كيان مخيف عسكرياً ويجب أن يُخـــشـــي جانبه وترتعد له فرائص الجـيش الأردني كما ترتعد فـرائص الجيوش العربية خائرة القوي سقيمة الوجدان التي يصطف جنودها بدون عـقيـدة قـتالـية مـُحـددة كتلك التي يؤمن بها الصهاينة علي الأقل ومن ســخــريات قدر الصهاينة أن تمكنت حـماس ومحور المقاومة كشف زيف الدعاية الصهيونية التي صنعت من جيش الإحتلال الصهيوني بعبعاً خشيت منه الجيوش النظامية وأتضح بعد 7 أكتوبر 2023 أنه جيـــش من الكرتون وقيادته ليس لديها سوي الــســـفالة وقدر مكذوب من الدعاية التي يدفع أتعابها دافع الضرائب الأمريكي بتحريض من ساسة وإعلامي الولايات المتحدة صاغرين , ففي 8 مايو 2023 نشر مـوقـع حلف شمال الأطـلنـطي nato.int أن اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي تلقت نظرة عامة على استراتيجية الابتكار لقوات الدفاع الإسرائيلية بما في ذلك القدرات العسكرية الصهيونية الجديدة وتطبيقها للذكاء الاصطناعي والروبوتات في ساحة المعركة وأن الممثلين العسكريين لحلف شمال الأطلسي يجتمعون بانتظام مع الدول الشريكة لتلقي التحديثات وتبادل وجهات النظر حول الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأن الأدميرال روب باورأكد في تصريح له : “إن اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي تتابع عن كثب أي تطورات في مجال الابتكار العسكريالصهيوني وسوف يساهم الابتكار وعلى نطاق أوسع في التقنيات التخريبية الناشئة بشكل مباشر في تكييف حلف شمال الأطلسي واستراتيجيته العسكرية مع السياق الجيوسياسي الجديد” كما أن العقيد الصهيوني عمر سابير أطـــلـع ممثلي الناتو العسكريين والسويد المدعوة على استراتيجية الابتكار في قوات الدفاع الصهيونية وكيفية دمج الابتكار وما يسمى بـ “الابتكار التخريبي”والذي يتضمن مجموعة متنوعة من التقنيات التخريبية الناشئة في عملية تطوير قدراتهم العسكرية بالإضافة إلى تكييف استخدامها في ساحة المعركة وبرنامجهم التدريبي لقواتهم …. كل هذه المجهود الإستعراضي الصهيوني كشفت حماس ومحور المقاومة زيف وتدليسه وما آمـــن الأردن بذلك فهو سيظل ســـدراً في غـــيــه إلي أن  يصطدم بالحائط .

دعا رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي الأدميرال روب باور إلى إجراء محادثات رفيعة المستوى مع رؤساء الأركان الأردنيين وأشار باور إلى أن “قواتنا خدمت جنباً إلى جنب في البلقان وفي أفغانستان وفي ليبيا وتشارك القوات الأردنية في قوة الرد التابعة لحلف شمال الأطلسي” وقد أشار موقع counterfire.org في 51 يوليو2024 إلي تصريح أدلي به الأدميرال باور أعرب فيه عن امتنان حلف شمال الأطلسي للأردن لاستضافته أنشطة تدريب بناء القدرات الدفاعية لحلف شمال الأطلسي للعراق في مركز الملك عبد الله للتدريب على العمليات الخاصة (KASOTC) وقال أنه في عام 2018وقع حلف شمال الأطلسي والأردن على مشروع مشترك لبناء القدرات الدفاعية (DCB) وتم بموجبه تصميم المشروع للمساعدة في تعزيز حدود الأردن وتطوير قدراته في مجال الدفاع السيبراني وكشف عن أنه يوجد حوالي 3000 عسكري أمريكي متمركز في الأردن الذي يسمح لحلف شمال الأطلسي باستخدام قاعدة موفق السلطي الجوية بالقرب من الأزرق على نطاق واسع والتي أصبحت ذات أهمية متزايدة في ظل الدور التركي في حلف شمال الأطلسي ــ وخاصة قاعدة إنجرليك الجوية ــ وقد نقلت الولايات المتحدة العديد من القواعد العسكرية ومخازن الأسلحة من قطر إلى الأردن خلال العامين الماضيين وهذا يعني أن الأردن أصبح مركزاً للوجود العسكري الأميركي في المنطقة ويلعب الأردن دوراً حاسماً كمنطقة انطلاق متقدمة وطريق إمداد للقوات العسكرية التابعة لحلف شمال الأطلسي في العراق فكيف يستقيم القول بأن إستضافة الأردن لمكتب إتصال لحلف شمال الأطلسي ليس له صـــلة بمجريات الأحداث في الشرق الأوسط وغـــزة تحديداً ؟  ويؤكد هذا د عصام الخواجة نائب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني (المعروف في الأردن باسم حزب الوحدة) في تصريحه لصحيفة Peoples Dispatch في 16 يوليو2024 حيث قال : “إن التحالف الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة يسعى من خلال افتتاح المكتب إلى تعزيز وجوده في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​ومنع اندلاع حرب إقليمية وحماية الكيان الصهيوني” وأوضح مُضيفاً :” إن إنشاء مكتب ارتباط الناتو ليس الخطوة الأولى للأردن لبناء أو تعزيز العلاقات مع التحالف الغربي بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص فقد اتخذ الأردن قراره بالفعل بأن يكون جزءًا من هذا التحالف الذي يسعى إلى الحفاظ على مصالحه الاستراتيجية في المنطقة وفي مقدمتها أمن كيان الاحتلال الصهيوني وقد سبق هذه الخطوة التوقيع على معاهدة السلام الأردنية / الصهيونية (معاهدة وادي عربة) واتفاقية التعاون الدفاعي التي وقعتها الولايات المتحدة والأردن في 31 يناير 2021 ودخلت حيز التنفيذ في 17 مارس 2021 دون موافقة مجلس النواب الأردني  .

إن تـاريخ مملكة الأردن مـمعــن في الـــتمـــاهـــي والإرتـــبـــاط الــعــضــوي بالإستراتيجية الغربية في الشرق الأوسط وليست هناك حاجة لسرد السلسلة الطويلة من هذا الإرتباط الذي لا يُضاهيه غير إرتـبـاط الـكيان الصهيوني بل إندماجه في المنظومية الإستراتيجة الغربية فـمـؤخـــراً أُعلن أن القاعدة البحرية بمدينة العقبة الأردنية ستصبح أحدث مركز لقوة مهام جديدة تابعة للبحرية الأمريكية لإختبار تكنولوجيا الطائرات بدون طيار في مياه الشرق الأوسط فوفقاً لما نشرته AL-MONITOR في 25 نوفمبر2021 فإن البحرية الأمريكية (الفرقة59) ستعمل يداً بيد مع البحرية الملكية الأردنية لنشر سفن Saildrone سطحية بدون قيادة بشرية عبر العقبة .

كذلك وقعت إسرائيل والأردن والإمارات العربية المتحدة في دبي في الأسبوع الثالث من نوفمبر2021 أكبر اتفاقية للطاقة والمياه بين إسرائيل والأردن منذ  عقدت الدولتان اتفاقية السلام قبل 27 عاما وإذا تم تنفيذها فسوف تكون هذه الاتفاقية بمثابة تحول دبلوماسي في منطقة تواجه بعض أسوأ عواقب تغير المناخ كما أشار مبعوث المناخ الأمريكي جون كيري الذي كان حاضرا أيضا في حفل التوقيع ورغم أن نطاق هذه الاتفاقية متواضع للغاية من حيث التخفيف العالمي من آثار تغير المناخ فإنها سوف تخلف تأثيرا هائلا على جهود الأردن في التكيف مع المناخ وكانت هذه الإتفاقية / الصفقة نتاج مفاوضات مكثفة بين الاطراف الثلاثة وقد اقترحت الفكرة في البداية منظمة EcoPeace Middle East وهي منظمة غير حكومية إسرائيلية أردنية فلسطينية والتي حددت الخطوط العريضة لمجتمع تحلية المياه والطاقة بين إسرائيل والأردن وفلسطين كجزء من اقتراح يسمى ” الصفقة الخضراء الزرقاء للشرق الأوسط ” وفقاً لموقع  Brookingsفي23 نوفمبر2021 فقد ناقش المدير الفلسطيني لمنظمة EcoPeace Middle East الأمن المائي في مؤتمر Brookings  بعنوان “الشرق الأوسط والإدارة الأمريكية الجديدة”  في فبراير 2021  .

إنتهزت المملكة الأردنية فرصة إندلاع حرب غـــزة لتثبت للكيان الصهيوني وللولايات المتحدة جدواها وضرورتها لأي إستراتيجية دفاعية فعالة للكيان الصهيوني الذي تعتبره الولايات المتحدة في كافة وثائق أمنها القومي ركن ركين لأمن الولايات المتحدة القومي لإعتبارات دينية بحتة ولإعتبارات عسكرية وأمنية أيضاً , وفي سبيل ذلك روجت المملكة الأردنية لحضورها وإستعدادها الإنخراط في أي تنظيم له علاقة بأمن الولايات المتحدة القومي  علي النحو التالي :

1-  نظمت بعثة الاتحاد الأوروبي بالأردن ومركز الدراسات الاستراتيجية في عمان بالأردن في 25 أبريل 2024مؤتمر “الطريق إلى شومان” لصياغة فهم مشترك للتحديات الأمنية والدفاعية والاستجابة المشتركة وجمع هذا المؤتمر تحت عنوان  “الاتحاد الأوروبي وجواره الجنوبي “: حوار استراتيجي حول الدفاع والأمن البحري والجريمة العابرة للحدود الوطنية ” 100 خبير وممارس في مجال الأمن والدفاع وأعضاء البرلمان، والدبلوماسيين والقوات المسلحة وأجهزة الأمن وفي كلمته الافتتاحية قال السفير بيير كريستوف تشاتزيسافاس سفير الاتحاد الأوروبي لدى المملكة الأردنية الهاشمية : ” مع عودة سياسات القوة على الأراضي الأوروبية ولكن أيضًا في الشرق الأوسط وخارجه تتطور التهديدات للسلام والأمن الدوليين ونحن نرى حروبًا وحشية ومفتوحة ذات شدة مختلفة تحيط بنا ولكن أيضًا صعود الحرب الهجينة وتسليح جميع الأنشطة البشرية فكيف ندافع عن مواطنينا ونحمي حرياتنا ؟ سيكون هذا من خلال صياغة شراكة قوية مع حلفائنا والسؤال هو كيف ؟ وهذا ما جئنا لمناقشته في عمان اليوم ” كذلك وفي كلمتين رئيسيتين قام السيد فايز خوري مدير إدارة الشؤون الأوروبية بوزارة الخارجية والأستاذ الدكتور زكي العايدي المستشار الخاص للممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي السيد جوزيب بوريل فونتيليس بمقارنة الملاحظات حول التحديات التي تواجه أوروبا وجوارها الجنوبي والاستجابات والنتائج وتضمنت الندوة النقاشية الأولى الدكتور كريم حجاج مدير الشؤون العالمية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وسفير الاتحاد الأوروبي هيوز مينجاريلي والدكتورة هانا شيلست من مجلس السياسة الخارجية “المنشور الأوكراني” وناقش المشاركون والخبراء أجندة الأمن والدفاع المتطورة للاتحاد الأوروبي وعواقب الغزو الروسي لأوكرانيا على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وشركائه الجنوبيين  .

2- حضر الملك عبدالله الثاني وصاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد في 15 مايو2024الجلسة الاستراتيجية الرئيسية للقمة الإقليمية للمحيطات التي عقدت في مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات في البحر الميت التي نظمتها مؤسسة الإيكونوميست إمباكت بالتعاون مع مبادرة منتزه العقبة البحري والحكومة وهيئة السياحة الأردنية في الفترة من 14 إلي 16 مايو2024وجمعت هذه القمة أكثر من 200 مشارك من مختلف أنحاء العالم بما في ذلك السياسيون والمسؤولون ورجال الأعمال والمستثمرون والخبراء والأكاديميون لتبادل الخبرات حول سبل إيجاد التوازن بين حماية المحيط وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام , وواضح من موضوع هذه القمة أن موضوعها لا يتعلق بالأردن فهي دولة لديها ساحل ضيق جدا لا يتعدي 20 ميل علي نهاية ساحل  خليج العقبة .

3- إنـــعـــقــاد أعمال مؤتمر الحوار الاستراتيجي بين اليابان والشرق الأوسط في عمان بالجامعة الأردنية في الفترة من  12 و13مايو 2024 والذي نظمه مركز الدراسات الاستراتيجية ومركز الأبحاث للعلوم والتكنولوجيا المتقدمة في جامعة طوكيو وأستهدف المؤتمر التركيز على مستقبل العلاقات اليابانية مع دول المنطقة وتضمنت الموضوعات التي تناولها المؤتمر التكامل الاقتصادي والإقليمي ونقل التكنولوجيا والتنمية فضلاً عن بناء سياسات الأمن بحسب بيان لصحيفة جوردان تايمز وجاء هذا الحدث في ظل التغيرات الجذرية والتهديدات الكبرى التي يشهدها العالم وسط المنافسة الشديدة في النظام الدولي وقال البيان إن اختيار العاصمة الأردنية عمان لعقد المؤتمر جاء نظرا لأهمية الأردن في المشهد الجيوسياسي والدولي فضلا عن علاقاته المتينة مع الدول الفاعلة في المنطقة والدول العالمية ذات الثقل السياسي والاقتصادي  .

ليست لدي الأردن بحكم ضـــآلة إطـــلا لتـه علي البحر الأحمر وهي إطلالته الوحيدة إستراتيجية مــحددة للبحر الأحـمـر وكذلك السعودية التي ربما يكون لديها رؤية ما للبحر الأحمر لكنها بالتأكيد ليس لديها بعد إستراتيجية بشأنه فبالنسبة للمملكة   السعودية فإن التنمية الاقتصادية تتطلب وجود بحر أحمر مستقر ومع ذلك فإن المنطقة تعاني من تهديدات أمنية وكثير منها نابع من الصراع في اليمن وتفاقم بسبب حرب غزة فقد كثف الحوثيون الذين يستهدفون في كثير من الأحيان الأراضي والأنشطة البحرية السعودية هجماتهم على الشحن التجاري تضامناً مع غزة وأدت هذه الإجراءات إلى تهديد وتعطيل طرق التجارة الحيوية وأثــرت ســلــبــاً بشكل كبير أيضاً على عائدات قناة السويس في مصر وتصاعدت أعمال القرصنة قبالة القرن الأفريقي بسبب تحويل التركيز البحري الدولي علي الحوثيين في اليمن كذلك فالصراع الدائر في السودان وخاصة حول بورتسودان زاد من تعقيد الاستقرار الإقليمي فضلاً عن ذلك فإن التهريب وخاصة تهريب الأسلحة والمخدرات مثل الكبتاجون يشكل تحديات كبيرة فقد أفادت الأمم المتحدة بوجود شبكات واسعة النطاق لتهريب الأسلحة بين اليمن والصومال والسودان  .

الــقــرار إســـــتــدعـــاء للــــتــاريـــخ :-

إن قرار حلف شمال الأطلسي بإستضافة الأردن أو إحتضانه لمكتب إتصال للحلف في الشرق الأوسط قرار هجومي / عسكري إستراتيجي يــمهــد لمرحلة مختلفة وجديدة كل الجدة في المواجهة ذات الجذور الحضارية والدينية بين الغرب والشـرق الـعـربي , فلـئـلا ننـسي ففي الـخـلـفـيـة التاريخية لهذا الـقـرار  نجد أن الصليبيين أسسوا إمارة الكرك (وهي مدينة أردنية تقع ضمن لواء الكرك في محافظة الكرك جنوب العاصمة عمّان تبعد عنها بحوالي 120 كم)  وكانت هذه الإمـارة تـمثـل إختراقاً صليبياً في سياق المواجهة الإيوبية / الصليبية , كما يُعتبر اليوم مكتب إتصال حلف الأطلسي في عمان إخـتـراقـاً مماثلاً , فالتاريخ يكرر نفسه فعمان أصبحت بقرار حلف شمال الأطلسي كامارة الكـرك الـصـلـيـبـيـة تـــمـــامــاً , وإستحضار البعد التاريخي للأحداث ليس من صنعي وإنما هو صنعة الإعلام والساسة الغربيين فهؤلاء الساسة ومعهم الإعلام الغربي يستدعون السردية التاريخية ليصرفوا الأنظار عن الهدف الإستراتيجي للغرب ألا وهو تمكين العدو الصهيوني فيستخدمون مفردات تستفز العرب بهف دفعهم لأن يتنصلوا من تاريخهم التليد – وهو ما لا يجب أن نفعله فتاريخنا مُشرف – مثل : أن حماس فرع من الأخوان المسلمين / الخلافة الإسلامية  العالمية / إمــارة حـــمــاس ونسوا أو تناسوا إستخدام مفردات تاريخية ودينية مماثلة فرئيس وزراء الكيان الصهيوني مثلاً إستدعي علناً  سفر أشـعيا من التوراة المحرفة في عقيدتنا كمسلمين ومعه مفردات يهودية تاريخية صـــدئـــة بل وتناسي إعلام الغرب رغبة وإرادة الكيان الصهيوني المعلنة لإقامة دولة يهودية صرفة بناء علي خــرافـات وأسـاطـير ديـــنيـة اليهود هم الوحـيـدون المُتأكدون مـنـهـا وفي ســـبــيـل تفرغ  الصهاينة لتحقيق هدفهم الإستراتيجية لتحقيق “يهودية الدولة ” يفعلون أمرين في توقيت مـُتزامن وهما : (1)رفض حل الدولتين أو إقامة دولة فلسطينية ففي 18 يوليو2024 صوّت الكنيست الصهيوني بأغلبية ساحقة على قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية في خطوة تستهدف عرقلة حل الدولتين وشارك في دعم هذا القرار أحزاب من الائتلاف الحكومي إلى جانب أحزاب يمينية من المعارضة بالإضافة إلى حزب “الوحدة الوطنية” بزعامة بيني جانتس ويرفض القرار الذي تم تمريره بأغلبية 68 صوتاً مقابل معارضة 9 أعضاء إنشاء دولة فلسطينية حتى لو كانت جزءاً من تسوية يتم التفاوض عليها مع إسرائيل وجاء في هذا القرار: “يعارض الكنيست بشدة إقامة دولة فلسطينية غرب الأردن فإقامة دولة فلسطينية في قلب “أرض إسرائيل” سيشكل خطراً وجودياً على دولة “إسرائيل” ومواطنيها وسيؤدي إلى إدامة الصراع الصهيوني الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة” و(2) المنادة بإقامة دولة يـهـودية نـقيـة .

في أيــامــنـا هـذه يــحــاول الإعلام والساسة الغربيين بإستمرار تصوير المملكة كهدف إستراتيجي لقوي يقولون إفكاً أنها معادية للمملكة هي إيران وحماس وليس الكيان الصهيوني وترسيخ صورتهما كـعـدو غير رحيم لمملكة الـعـدل والإعتدال مع أن عدو المملكة الأردنية الوحيد هو نظامها الملكي البائــس المنزو في خـيالات العصور الوسطي والعصر الحديث الأكثر إظــــلامــاً المُظلمة وفي مايو 2024 عندما أصبح مراد العضايلة وهو سياسي أردني منتم إلى حماس أمينًا عامًا لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن  حـــث في مقابلة مع الجزيرة الحكومة الأردنية على تحسين العلاقات مع حماس وحركة المقاومة و”الرد” على التهديد الصهيوني هذا مع تنامي حركة الاحتجاجات والمطالبة بإلغاء معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني وقد أصبحت بعض هذه الاحتجاجات عنيفة ومزعجة إلى الحد الذي اضطر قوات الأمن الأردنية إلى قمعها بالقوة , كذلك تــروج وســـائل الإعلام الــصهـيونية والغربية المدعومة والممولة من الصهاينة والإيباك AIPAC (American Israel Public Affairs Committee )في الولايات المتحدة أن المملكة الأردنية ذات حكم هاشمي ديموقراطـي فيما الأردن في الواقع المادي لا يخرجفي تصنيفه سياسياً عن كونه في الواقع حكم “شرق أوسطي” بإمتياز فـهـومــُغلف بغطاء من رقائق القوانين المصطنعة القابلة للنقض لتعارضها مع الأسس الدستورية الراسخة ونظام الحكم بالأردن مع أنه يُوصف في الإعلام الغربي الصهيوني والإعلام العربي الموازي له بأنه نظام مـُعتدل بالمقاييس الغربية إلا أنه في واقعه نـــظام مـــُتخلف بائس لا يدرك أن العالم تغير بحيث لا يمكن الإحتيال الآن عليه بنفس السهولة التي إتبعها من تـاسـس الكيان الأردني في فترة إمــارة شــرقي الأردن  بـقـيـادة الأمير عبد الله بن الحسين عام 1921بمساعدة المملكة المتحدة التي أسست بعده الكيان الصهيوني بعد أن وفرت أيضاً خلفية إستعمارية أصطنعتها إصطناعاً تمثلت في وعــد بــلفــور الصادر في 2 نوفمبر عام 1917 وهي صـــفـــات مُنتحلة لا وجود حقيقي مادي لها في مملكة يلفها الضباب والدخان الناتج عن حـــق القيم لا تملك زمام أمرها تنتهك حقوق الإنسان بحماية غربية في ظروف سياسية مضطربة في الشرق الأوسط  ويعتمد المسار السياسي / الإقتصادي لمملكة الأردن إلى حد كبير على سياسة خارجية حذرة ومُتقلبة  متعددة الأبعاد وتعزيز العلاقات مع الدول الإقليمية والغربية وفقاً لهذا الحذر والتقلب كذلك فالأردن شريك استراتيجي قيم للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في قلب الشرق الأوسط وينعكس الدور الاستراتيجي لعمان في التعاون العسكري والعمليات العالمية المشتركة لمكافحة الإرهاب مع الغرب بما في ذلك كونها عضوا في التحالف العالمي لمكافحة داعش  التي أصطنعتها أجهزة المخابرات الغربية إصــطـــنــاعـــاً .

  • إلي أي فـــئة من المكاتب ينتمي مكتب إتصـــال عـــمــان ؟

تنقسم  مكاتب الإتصال التابعة لحلف شمال الأطلسي إلي ثلاث فــئــات هي :

(1)الفئة الأولي : مثل مكتبي نيويورك وفيينا فمهمتها أن تنسق أعمال حلف شمال الأطلسي مع المنظمات الأمنية المتعددة الأطراف الرئيسية التي ينتمي إليها أعضاؤه كالأمم المتحدة وكمنظمة الأمن والتعاون على التوالي .

(2) الفـئة الثانية : مثل مكتب جورجيا الذي فُتح عام 2010 وفي البوسنة والهرسك ومولدوفا (منذ عام 2017) فهذه المكاتب تدعم تنفيذ مشاريع الشراكة مع حلف شمال الأطلسي وتمارس الدبلوماسية العامة لإعلام المواطنين بالتحالف وتساهم مثل هذه المكاتب في عملية إعداد البلدان لتصبح أعضاء في حلف شمال الأطلسي وفي حالة أوكرانيا على سبيل المثال احتفظ حلف شمال الأطلسي بمكتب اتصال ومركز معلومات وتوثيق في كييف منذ التسعينيات .

(3) الـفـئة الثالثة : هذه الفئة تتسم بأنها تتبع نطاق إقليمي أكثر ملاءمة لتصور الشكل الذي قد يبدو عليه مكتب اليابان مثلاً وليس من الصحيح تماما أن يكون المكتب في اليابان هو الأول من نوعه في آسيا (مكتب طوكيو لن يخدم فقط العلاقات بين حلف شمال الأطلسي واليابان، بل سيخدم أيضا شراكات حلف شمال الأطلسي في المنطق) حيث استضافت طشقند عاصمة أوزبكستان مكتب الاتصال الإقليمي لحلف شمال الأطلسي في آسيا الوسطى لتعزيز الحوار والعلاقات العملية مع خمسة شركاء في آسيا الوسطى من عام 2013 إلى عام 2017 ومثال آخر على هذا النوع هو المركز الإقليمي لمبادرة التعاون بين حلف شمال الأطلسي وإسطنبول في الكويت وقد أنشئت مبادرة التعاون بين حلف شمال الأطلسي وإسطنبول في عام 2004 لتعزيز التعاون الأمني ​​بين حلف شمال الأطلسي في منطقة الشرق الأوسط الأوسع مع دول مثل البحرين والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة وبمشاركة انتقائية من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان .

النـــتـــائـــج الـمــحتــمــلة لإنشـــاء مـكــتـب إتصال حـلف الأطلنطي في عــمــان :- 

(1) إحـــتــدام التنافسية (غير المنتجة) بين عسكريات بعض دول الشرق الأوسط  فمثلاً عندما أصدر الرئيس George Bush أمراً توجيهياً بإقامة هذه القيادة في سبتمبر 2008 أي قبل نهاية ولايته الثانية بثلاث أشهر بإنشاء القيادة العسكرية لأفريقيا AFRICOM والتي تحدد نطاق عملها بحيث يُغطي عموم القارة الأفريقية أي نحو 53 دولة أفريقية فيما عدا مصر التي – وفقاً لمنطوق إقامتها – تستمر في نطاق عمل القيادة المركزية الأمريكية USCENTCOM ((فيما بعد حدث تعديل محدود في مسألة إلحاق مصر داخل ولاية AFRICOM بحيث تم إلحاقها لكن في نطاق مُحدد بإعتبار أن مصر تقع في نقطة جوية وسيطة و ضرورية لهذه القيادة كونها تخدم في تموين طائرات القيادة بالوقود لتتمكن من الحركة ما بين القاعدة الأمريكية في جيبوتي بمعسكر Camp Lemonnier ومسرح العمليات بشمال أفريقيا فقط)   فـوفـــقـــاً لوثيقة نُشرت علي موقع WikiLeaks وهي عبارة عن برقية سرية مؤرخة في 11 مارس 2008 من القاهرة إلي وزير الدفاع الامريكي وصورة مُوزعة علي القيادة العسكرية المركزية بشأن لقاء قائد AFRICOM / William Ward مع رئيس الأركان المصري وبعض كبار القادة العسكريين المصريين بمقر وزارة الدفاع المصرية في 17 فبراير 2008 مساحة كبيرة من النقاش المصري / الأمريكي حول موضع مصر في الرؤية العسكرية الأمريكية فقد أوضح القائد الأمريكي للمسئوليين العسكريين المصريين أنه جاء للقاهرة طالباً النصح منهم في شأن أفضل السبل التي يمكن للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا وهي في طور الإعداد للعمل أن تسلكها في شأن ذلك , كما أوضح أن مصر هي الجسر بين افريقيا والشرق الاوسط , وأكد أن وزارة الدفاع الأمريكية ليست لديها النية بأي شكل في تعطيل علاقة مصر المفتاحية مع القيادة العسكرية المركزية USCENTCOM وأن نية القيادة العسكرية لأفريقيا كانت في العمل مع مصر بكل دقة في الموضوعات المُتعلقة بأفريقيا موضحاً أن هذه الرؤية تعني العمل مع الدول الأفريقية مثل مصر للترويج للسلام والإستقرار في القارة وأن ذلك لن يحدث بين ليلة وضحاها , ورد رئيس الأركان المصري علي ما تقدم بقوله أن مصر تدعم هذا النهج وأنه من المهم جداً للولايات المتحدةألا تتصرف بإعتبارها ” شرطي” وهو ما رد عليه الجنرال / Ward بالإيجاب موضحاً أن بلاده ستعمل فقط مع الدول التي تطلب المساعدة , فأمن الجنرال / سامي عنان علي ذلك مضيفاً أن مصر بإمكانها أن تستخدم علاقاتها الممتازة مع الدول الأفريقية والولايات المتحدة لدعم القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا طالما أن الولايات المتحدة تسعي للإستقرار , وكانت أهم مداخلات الجانب المصري في لقاء تال لقائد القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقية هي التي أدلي بها اللواء / العصار حين قال ما نصه ” أنه سيكون من الخطأ أن تُري مصر علي أنها دولة شرق أوسطية تنتمي فقط للقيادة المركزية USCENTCOM , وأنه من المهم رؤية مصر علي أنها أفريقية أيضاً ( دلل الجانب المصري علي ذلك بإسهام مصر بنحو ألف من جنودها وضباطها في مهام حفظ السلام الأممية في أفريقيا وهي مساهمة نجد دول مثل كندا واليابان و غيرهما تسهم بها ) , وهو ما أتفق فيه الجنرال Ward مُعيداً تأكيده في نفس الوقت لأهمية الحفاظ علي العلاقة المصيرية مع القيادة المركزية USCENTCOM , ومع ذلك أشار الجنرال Ward إلي أنهم في تعاملهم مع الدول الأفريقية الأخري سيكون لدي قيادته الأمل في أن مصر ستعلب دوراً قيادياً (وهوالكلام الذي يحب المصريون سماعه) كما تفعله في الشرق الاوسط وأشارت وكيلة وزارة الدفاع الأمريكية للسياسات السيدة Theresa Whelan إلي ما نصه ” إن تأكيد الهوية الافريقية لمصر يمكن ان يساعد ايضاً مصر في البحث عن تحسين صورتها هناك ” *( وهي إشارة غير مباشرة بالطبع لإشعار الجانب المصري بمبالغته في الإحساس أو محاولته تمرير إنطباع غير دقيق عن أهمية العلاقات الأفريقية لمصر لأن لا الإهتمام السياسي لمصرمنذ عهد الرئيس الأسبق مبارك ولا قدراتها الإقتصادية آنئذ حتي الآن يتيحان لها تحقيق ذلك والأمريكيون يعرفون ذلك بل يدركونه كما أن المسئولة الأمريكية تصدر مفهوم تصحيحي للمسئولين المصريين مفاده أن صورة مصر بأفريقيا ليست كما يظنون  .

إتـــصـــالاً بتلك التجربة لا أتوقع أن تنظر العسكرية المصرية لإختيار الأردن كمقر لمكتب الإتصال مع حلف الأطلنطي بإرتياح ورضي خاصة وأن أهمية مـــصر المنبثقة من أهمية موقعها الجيوبولتيكي ككل وقناة السويس أهم ممر مائي بالعالم يحتم النظر إليها بأهمية مُستحقة هذا بالإضافة إلي ثقل مكانتها العسكرية كجيش وعديد جيش وأمـور أخري ذات صـلة هذا إن كانت المعايير الأمريكية التي تأسس عليها قرار حلف الأطلنطي لم تأخذ بمعيار إستثنائي , كل ذلك سيكون له بالتأكيد رد فعل محتمل … سياسي أو عسكري أو هما معاً عندما تسنح لمصر الفرصة , هذا بإفتراض أن الولايات المتحدة لم تناقش العسكرية المصرية مسبقاً في أمر إختيار عمان / الأردن كمقر له ذلك أنها تعلم قدر الحساسية الذي يمكن أن يتسبب فيه إختيار تعسفي أو آمــر كهذا خاصة وأن العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة منذ إتفاقية السلام المصرية مع الكيان الصهيوني في 26 مارس 1979 مـــستقرة ومتنامية إلي حد كبير ودالة ذلك المعونة العسكرية الأمريكية السنوية الكريمة .

(2) فـــتح هذا المكتب مـــقدمـــة وتــمهـــيد لدور أردني رئيسي مرتقب في ترتيبات مـا بعد حرب غـــزة أو اليوم التـالي لحرب غـزة والتي تنسقها الولايات المتحدة مُسبقاً مع حليفها الوحيد في الشرق الأوسط وهو الكيان الصهيوني بلا ريب وهذا الدور الأردني ولإنه واقع في نــطــاق حــلف الأطلنطي فهو بلا شك سيكون” دوراً أطلنطياً ” بمعني أنه لا صلة له بالأمن الأردني أو العربي وإنما صــلــته أعـم وأوسع بحيث بل يتناسب مع مخططات والمشروعات المرتقبة التي تنمي وتؤمن الكيان الصهيوني وتلبي الإحتياجات الأمنية / العسكرية لحلفاء حلف الأطلنطي والصهاينة وبحيث يتلائم هذا الدور مع رؤية الكيان الصهيوني وحلف الأطلنطي للأردن كــحـــائـــط صـــد وجـــــســـر أمــني / عــســكــري للكيان الصهيوني لا مجرد منطقة عـازلــة Buffer Zone صمـــاء كسابق عهدها , وكنتيجة سيتطور الدور الأردني ليكون هـــزة وصـــل بين الكيان الصهيوني والــعراق وســـوريا والمشيخيات العربية (السعودية / الإمارات / قــطــر /عـــمـــان)

(3) بفتح مكتب الإتصال التابع لحلف شمال الأطلسي في عـــمان تكون المـمـلـكة الأردنـيـة كالكيان الـصهـيوني مـــتــمـــرسـة وســـط حـــزام العسكرية الأمــريكية المزدوج فالمــمـلـكة الأردنية داخلة في ولاية القيادة العسكرية الأمـريـكـيـة USCENTCOM فعلياً ورسمياً ومن ثم فلا يمكن منطقياً الحديث عن فعاليتها بأي مستوي في أمن عربي صرف وهي كذلك تستظـــل بالمظلة الأمنية والدفاعية لحلف شمال الأطلسي NATO من خلال مكتب الإتصــال ومن غير العملي – طالما ظل هذا الوضــع –فليس من المناسب ولا المُـــستـــسـاغ أن تكون أيه إتفاقات دفاع أو أمن عـــربية / أردنـيـة ذات معني أو مـــكون عـــربي صـــرف فلابد والحـالة هذه أن يــراعي الأردن الــعلاقة الناشئــة مع حلف الأطلسي (هذا إن إفترضنا أن حلف الأطلسي سيسمح للأردن بالحركة الحرة خارجه) حتي ولو كان نطاقها ضيقاُ كإستضافة مكــتب الإتصال مع الحـلف وكذلك كونها واقعة داخل الولاية العسكرية للقيادة الأمريكية المـركـزيـة USCENTCOM .

(4) إحـكـام تـأمـيـن المشروعات اللوجيستية الصهيونية التي سيمولها الغرب وأهمها ممر الهند / الخليج العربي / حـيـفـا / اوروبا فخلال حـــرب غـــزة وتداعي محور المقاومة لنصرة عـزة والدور الأردني المضاد لجهود هذا المحور   أدلي مدير الإعلام العسكري في القوات المسلحة الأردنية العميد الركن مصطفى الحياريبتصريح  في 29 أكتوبر2023   قال فيه : “نحن طلبنا من الجانب الأميركي تعزيز منظومتنا الدفاعية – الدفاع الجوي الأردني – بصواريخ باتريوت” وأضاف ” إن هذه المنظومة مقاومة للطائرات المسيّرة التي “أصبحت تهديدا على واجهاتنا كافة”مذكرا بأن “الطائرات المسيّرة تستخدم في تهريب المخدرات”وأوضح فقال : “نحن طلبنا من الجانب الأميركي تعزيز منظومتنا الدفاعية – الدفاع الجوي الأردني – بصواريخ باتريوت هذه المنظومة منظومة مكلفة لا يمكن توظيفها بالإمكانيات المحلية ونحتاج إلى شريك استراتيجي”وبناء علي الطلب الأردني أصـــبح الأردن ضــــالعـاً أمام الكافة في الدفاع عن الكيان الصهيوني وظـــهـــيـر له في الحـــرب كـما في الـســلم حين يأتي اليوم التالي لحرب غـزة ويبدأ تنفيذ مشروعات اليوم التالي التي أكثرها ضرورة ممر الهند / حيفا الذي أثبتت حرب غـزة ومحـور المقاومة في جناحه اليمني حيث يربض أســـود أنــصـار الله الحوثيين الذين قاموا بإغلاق المرور في البحر الأحمر ومن ثم إغلاق ميناء إيلات  بخليج العقبة وهو ما جعل جزيرة تيران ومضيقها بخليج العقبة بلا قيمة عسكرية ومن ثم ذهبت جهود السعودية لإنتزاع جزيرتي تيران وصنافير بلا أي قيمة عسكرية أو إستراتيجية تُذكر وبالتالي فستظل عملية الإنتزاع هذه ذكري لعقم الرؤية الإستراتيجية لدي السعوديين والصهاينة معاً إذ أنهم لم يروا الخريطة ولا اليمن فكان الذي كان .

واجه مشروع الممرات الاقتصادية الهندية الشرق أوسطية الأوروبية تهديدًا وجوديًا فلقد جاءت الضربة الأخيرة التي تلقاها مشروع IMECعندما وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة مذكرة تفاهم مع تركيا والعراق وقطر لتمويل مشروع IMEC المنافس وهو مشروع طريق التنمية  والذي يوفر طرقاً بديلة للسكك الحديدية والطرق السريعة للشحن بين آسيا وأوروبا عبر العراق لتعزيز التجارة المحلية والإقليمية والدولية ويشير هذا التطور إلى تراجع الثقة الدولية في قدرة إسرائيل على تأمين مستقبل IMEC وخاصة في ضوء الإبادة الجماعية في غزة وعلاوة على ذلك فإن الحصار البحري في البحرين الأحمر والمتوسط إلى جانب الحصار البري في الأردن أثار الشكوك حول جدوى  الكيان الصهيوني كمركز فعال وموثوق للنقل والآن أصبحت تكاليف الإبادة الجماعية في فلسطين على الكيان الصهيوني ذات تداعيات استراتيجية تقوض آفاق  الكيان الصهيوني الاقتصادية في المستقبل ,علاوة علي ذلك برزت إيران والكويت كمعارضين رئيسيين لهذا المشروع الذي يقوض تجارتهما ويستبعدهما وفي تعبير عن معارضتهما للمشروع هاجم مسلحون مدعومون من إيران حقل خور مور للغاز في إقليم كردستان العراق بهجوم قاتل بطائرة بدون طيار ويسلط الهجوم الضوء على هشاشة مثل هذا المشروع بسبب المخاطر الأمنية والحاجة إلى التوصل إلى ترتيبات أمنية أوسع نطاقا حتى يصبح ممكنا  .

كان قادة الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات إضافة إلى دول من الاتحاد الأوروبي قد إتفقوا على إنشاء ممر للتجارة من الهند مروراً بالخليج العربي حتي حيـفـا علي البحر المتوسط ومنها لأوروبا في اجتماعهم في نيودلهي على هامش قمة العشرين في يومي 9 و10سبتمبر 2023التي عقدت في نيودلهي في الهند قمة دول مجموعة العشرين التي بحثت في عدد من النقاط الرئيسية التي تهم الدول الأعضاء والعالم كما أعلن وسيمتد الخط من الموانئ الهندية عبر البحر إلى ميناء الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة لتنقل البضائع عبر السكة الحديد عبر أراضي الإمارات العربية والمملكة   السعودية والأردن فالكيان الصهيوني إلى ميناء حيفا لتنقل بعدها البضائع بحراً إلى موانئ بريوس اليوناني وميسينا الإيطالي ومرسيليا الفرنسي ويضم الممر المتعدد الوسائط خطوط السكك الحديدية والشحن، والكابلات البحرية للكهرباء والاتصالات وأنابيب لصادرات الهيدروجين النظيف ومن المتوقع أن يربط الممر بين الهند والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن و”إسرائيل” وبعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وسيؤدي ذلك إلى تعميق العلاقات الاقتصادية بين الدول الأعضاء في المشروع ويعزز علاقات الهند الاستراتيجية مع دول غرب آســـيـــا .

ولمن لا يعرف فإن فكرة ممر التجارة بين الهند مروراً بمشيخيات الخليج العربي وصولاً لحيفا في الكيان الصهيوني وصولاً لأوروبا سـبق  أن أعلن عنها Yisrael Katz وزير النقل والمُخابرات الصهيوني أمام مؤتمر الإتحاد الدولي لطرق النقل IRU الذي عُقد في مسقط في الفترة من 6 إلي 8 نوفمبر 2018 والذي حضره وشارك فيه بناء علي دعوة من الحكومة العُمانية فقدأعلن الصهيوني عن مشروع ربط ميناء حيفا الواقع بشرق البحر المُتوسط بالدول العربية الواقعة علي الخليج العربي والذي يُروج له الكيان الصهيوني بالتوازي مع تحركاته العلنية والسرية لتطبيع العلاقات بشكل كامل مع دول الخليج العربية , ولوحظ في إعلانه أنه قال للحضور من الوزراء وكبار المسئولين  “أنه رغم الغياب الكامل للعلاقات الدبلوماسية بين الكيان الصهيوني والدول العربية إلا أن ربطاً بالسكك الحديدية يجب أن يكون  لربط المنطقة ” , وكأنه بعبارته تلك يُظهر للحضور بأن مسألة العلاقات الدبلوماسية المُفتقدة مع دول الخليج رسمياً حتي الآن ليست مسألة ذات أهمية , وكأنه كذلك يريد أن يُظهر أن “الكيان الصهيوني” دولة مُفعمة بمشاعر الخير والرغبة في النفع العام , وبالتالي فهي ليست دولة إحتلال أوأنها تنتهك حقوق الفلسطينيين أصحاب هذه الأرض التي سيربط جزء منها بموانئ دول الخليج العربي التي سمحت إحداها (عُمان) أن يُعلن مخلوق كهذا منها عن مشروع كهذا لتتجاوز به عُمان عن جريمة إحتلال وما يرتبط بها من جرائم ليس بينها وبين الإرهاب من فروق إلا الحروف اللغوية فقط , وكأن دماء الشهداء والمصابين التي أُريقت علي الأرض العربية لم تكن ولا يعتد بها “المُعظم ” في مسقط  وهوالذي سمح بأن يكون السيرك الصهيوني علي أرضه , وكان من المتوقع مثلاً أن تصدر الحكومة العُمانية بياناً رسمياً علي الأقل ترد به علي Yisrael Katz يتضمن رفضها لأي مشاريع كتلك التي إقترحها وزير النقل والمخابرات الصهيوني  Yisrael Katzوإلتزام حكومة عُمان بما صدر عن القمم العربية من قرارات ذات الصلة بذلك والتي أُعيد التأكيد عليها في البند رقم 17 بالبيان الختامي الصادر في نهاية قمة بيروت العربية عام 2002 والذي نصه” يُؤكد القادة في ضوء إنتكاسة عملية السلام إلتزامهم بالتوقف عن إقامة أية علاقات مع إسرائيل وتفعيل نشاط مكاتب المقاطعة العربية لإسرائيل حتي تستجيب لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد للسلام والإنسحاب من كافة الأراضي العربية المُحتلة حتي خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967″ , وهذا ما لم يحدث للأسف فزيارة Benjamin Netanyahu رئيس الوزراء الصهيوني الرسمية لمسقط في 25 أكتوبر 2018 كانت في حد ذاتها الرد العُماني / الصهيوني علي ما ورد بالبند 17 المُشار إليه , المهم أن المشروع ذاته والذي أعلنه  Yisrael Katz والمعلومات الفنية ورسمه البياني Diagram والتفاصيل اللوجيستيكية الرئيسية المنشورة عنه شحيحة , فكل ما أُتيح من معلومات التي نُشرت عن مصدرها الصهيوني هي :-

– أن المشروع يأتي في إطار مبادرة “مسارات للسلام الإقليمي  Tracks for Regional Peace” التي أعلنها الكيان الصهيوني .

– أن من بين أهداف المشروع وفقاً للإعلام الصهيوني : (1) تقوية الروابط مع العالم العربي و(2) مواجهة التوسع الواضح للنفوذ الإيراني عبر المنطقة و(3) ربط منطقتي المتوسط بدول منطقة الخليج العربي بمسار سكك حديدية تبدأ من امتداد خط السكك الحديدية Haifa-Beit She’an شرقي حيفا ليصل الخط للحدود مع الأردن ويتوقف أيضاً بمدينة جنين بالضفة الغربية ( قدم Yisrael Katz في الأشهر الأخيرة اقتراحا إلى مجلس الوزراء الأمني الصهيوني لإقامة جزيرة اصطناعية قبالة ساحل غزة من شأنه أن يوفر منفذاً للقطاع على العالم لكنه سيتيح أيضاً للكيان الصهيوني     مزيداً من الإحكام والسيطرة الامنية على البضائع والمواد الداخلة والخارجة من وإلي غزة بواسطة هذه الجزيرة)   .

– أوضح وزير النقل والمخابرات الصهيوني Yisrael Katz في أبريل 2018 (وهو من المُعارضين لقيام دولة فلسطينية) أن هناك عنصران أساسيان في هذه المبادرة ، هما أن الكيان الصهيوني سيصبح جسراً برياً بين أوروبا والبحر الأبيض المتوسط والأردن , وأن الأردن سيصير مركز نقل إقليمي ، سيتم ربطه بنظام سكك حديد الكيان الصهيوني والمتوسط في الغرب وبالمملكة السعودية وبدول الخليج وبالعراق في الشرق والجنوب الشرقي وبالبحر الأحمر عبر العقبة وإيلات  في الجنوب , وأن البنية التحتية القائمة للنقل بالكيان الصهيوني وبالمملكة السعودية وبدول الخليج وحتي بالعراق (الجزء الذي يربط الخط السعودي بعُمان في الخريطة الصهيونية المُبسطة والتي نُشرت عن المشروع أُشير إليه علي أنه جزء مُحتمل) ستسمح بتطبيق المبادرة في وقت قصير نسبياً . *(THE TIMES OF ISRAEL . بتاريخ 19 فبراير 2019) .

– في اجتماع عقد في الأسبوع الثاني من فبراير 2019 توصل رئيس الوزراء الصهيونيBenjamin Netanyahu ووزير النقل Yisrael Katz إلى اتفاق بشأن تفاصيل هذه المبادرة ، حيث وجه Netanyahu مكتبه بالبدء في تطوير خطة المشروع بالتشاور مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من البلدان في الشرق الأوسط وآسيا , وبالفعل فقد عُرض مُخططه علي المستشارة الألمانية Angela Merkel , وتتوقع المصادر الإعلامية الصهيونية أن تلعب الولايات المتحدة دوراً مهماً في تقديم الدعم السياسي للمشروع , ورداً على سؤال من صحيفة THE TIMES OF ISRAEL في 7 أبريل2019 قال مسؤول في البيت الأبيض إن الاقتراح “مثير للاهتمام” ، لكنه قال إن الولايات المتحدة لم تكون مُوقفاً من المشروع بعد  . * (المصدر السابق)

لذلك يمكن التأكيد بمزيد من الثقة أن إرتباط ضم الاردن بحلف الأطلنطي من باب إستضافته لمكتب الإتصال المزعوم تــقــرر ليكون الأردن حارساً منضبطاً للممر التجاري الذي سيُقام بين الهند مروراً بالخليج العربي وصولاً لـحـيـفـا ومنها لأوروربا فبدلاً من تلقي الأردن أتعاب الحراسة النهارية والليلية تلقت إيماءة رضي مضمونها فتح هذا المكتب الذي لا نفع منه للشعب الأردني فهو إساءة ووصمة عـــار مـاثـلـة .

(5) ستكون الخطط العسكرية الأمريكية في المرحلة القادمة في الأردن شـــأنـاً  اطــلــســـياً أكثر منه شـان يتعلق بولية عمل أو إختصاص القيادة العسكرية المركزية الأمريكية USCENTCOM وبالتالي لـنـا أن نــستـنتـج بسهولة أن التخطيط العسكري الأمريكي القادم في منطقة الشرق الأوسط تـخــطـيـط أطـلـسـي وليس شرق أوسطي بمعني أنه تخطيط يتناسب مع الرؤية الأطـلـسية لمنطقة الشرق الأوسط من منظور وبمعايير أطلســيــة أوســـع مدي بلا شك يمتد ليصل منطقة الشرق الأوسط في أوكرانيا وشرق المتوسط وصولاً للقاعدة الروسية البحرية في طرطوس .

(6) من النتائج التي سيتم تجنب البوح بها أن مــصــطلح “العالم العربي” بــدأ يــتــآكـــل إذ أن إنضمام الأردن للتخطيط والترتيبات العسكرية الغربية ولو من باب ضيق كإفتتاح مكتب إتصال لحلف الأطلسي في عمان مـعـنـاه الـمـباشـر هو أن الأردن لا ينتمي لا أمنه ولا عسكريته للعالم العربي وإنما لأمن وعسكرية الغرب والولايات المتحدة وسوف يتبع الأردن ربما في قادم الأيام دول عربية أخري هي تحديداً تلك الدول العربية الداجــنــة المُسـتـانـسة  التي دعمت الكيان الصهيوني في حرب غـــزة وحـــصـــلت علي شــهـــادة وفاتها بإمتياز من معهد شذاذ الآفاق بتل أبيب .

(7) بجعل الأردن نقطة إتصال مع حلف الأطلنطي فإنه من المتصور أنها ستكون نقطة ثابتة تتنطلق منها جهود الولايات المتحدة وحافاءها في حلف الأطلنطي لتطبيق إستراتيجية بحرية أمنية أطلـسـيـة واسعة المدي تبدأ من مينائي العقبة وإيلات وربما نقطتين آخريين علي الجانبين ىالسعودي والمصري في خليج العقبة وتنتهي في مضيق باب المندب وماوراءه أي في بحر العرب وخليج عدن هـدفها النهائي إستخلاص السيطرة علي مضيق باب المندب والبحر الأحمر من قـبـضـة يـــد اليـمــن والقوي الحاكمة فيه وهي الحوثيين بصفة رئيسية فلم تستطع لا الولايات المتحدة ولا حلفاءها الأوربيين أو شراذم العرب توفير الحد الأدني من الأمن في البحر الأحمر فحرب غــزة وتداعياتها وولادة جبهات الإسناد في اليمن (أنصار الله/الحوثيين) ولبنان (حزب الله) والعراق بالإضافة إلي إيران كل هؤلاء أظهروا بتصديهم للعدوان الأمريكي علي غـزة وبصفة عملية مبلغ هشاشة والضعف الهيكلي لأي تنظيم قامت بقيادته الولايات المتحدة أو الدول العربية والأفريقية المطلة علي البحر الأحمر علي الوجه الآتي :-

1- في6 يناير 2020 تأسس مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن كآلية لتحسين أمن الممرات المائية الإقليمية ويضم هذا التحالف العربي الأفريقي الجديد ثمانية أعضاء : جيبوتي ومصر وإريتريا والمملكة العربية السعودية والصومال والسودان والأردن واليمن وكان تشكيل هذا المجلس يشكل تطوراً استراتيجياً تصور مؤسسوه أن له تداعيات  وأهمية إقليمية وعالمية فالبحر الأحمر بساحله الذي يبلغ طوله نحو 5500 كيلومتر ويضم نحو 1150 جزيرة يتمتع بأهمية استراتيجية فريدة للتجارة العالمية والنمو الاقتصادي الإقليمي والاستقرار العام في المنطقة وتعتمد طرق الشحن الرئيسية التي تنقل بضائع بمليارات الدولارات كل عام على حرية الملاحة من المحيط الهندي عبر البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط كما أن قرب الدول الغنية بالنفط في شبه الجزيرة العربية يحمل أهمية قصوى للمساعي التجارية ولذلك كان تأسيس هذا المجلس ضرورة لا خلاف في ذلك , من الجدير بالذكر أن هذا المجلس تعهد بتعزيز أمن وسلامة الملاحة الدولية فالكثير من دول العالم تعتمد على هذه الطرق الملاحية الرئيسية للربط بين الشرق والغرب كما أن استقرار المنطقة يشكل أهمية بالغة وتعود فكرة إنشاء منظمة إقليمية لتحسين التعاون بين الدول حول البحر الأحمر أو خليج عدن إلى 16 و17 يوليو 1972مع انعقاد المؤتمر الأول للدول المطلة على البحر الأحمر في جدة وأصدرت تلك الدول (وهي المملكة العربية السعودية ومصر والسودان وإثيوبيا واليمن) بياناً مشتركاً أكدت فيه على حقوقها في الموارد المعدنية العميقة في البحر الأحمر وتشمل الاتفاقيات الإقليمية اللاحقة: (أ) اتفاقية عام 1974بين السودان والمملكة العربية السعودية فيما يتصل باستغلالهما المشترك للموارد الطبيعية في البحر الأحمر (ب) إعلان عام 1976 بشأن البحر الأحمر وخليج عدن بشأن التعاون في مجال البحث العلمي بشأن القضايا البيئية و(ج) الاتفاقية الإقليمية لعام 1982 للحفاظ على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن (بين أطراف مثل السودان والصومال والأردن والمملكة العربية السعودية ومصر وجيبوتي) وقد بدأ الدعم لإنشاء هذا المجلس يتزايد بشكل جدي في عام 2018 وخلال ذلك العام استضافت المملكة العربية السعودية الاجتماع الوزاري لدول البحر الأحمر وأسفر هذا الاجتماع التشاوري عن اتفاق بين المملكة العربية السعودية ومصر والأردن واليمن والسودان وجيبوتي والصومال لإنشاء كيان لدول البحر الأحمر وخليج عدن كما روّج الاتحاد الأوروبي (” الاتحاد الأوروبي “) لفكرة إنشاء هيئة إقليمية للبحر الأحمر في يونيو 2018 وفي عام2019 أنشأت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية ــ وهي كتلة تجارية أفريقية تضم ثماني دول أعضاء ــ فريق عمل معنياً بالبحر الأحمر وخليج عدن وكان هدف الفريق “دراسة ومراجعة وتقديم المشورة” بشأن موقف مشترك واستراتيجية للاستجابة للتحديات والفرص في تلك المناطق وخلص الفريق إلى أن تشكيل مجلس إقليمي من شأنه أن يشكل تطوراً مفيداً ومما تجدر ملاحظته القصور الإستراتيجي السعودي فالسعودية أفرغت هذا المجلس من فاعليته إذ أنه رغم أن الدول الأعضاء الثماني بالمجلس أصدرت أجندة من 12 نقطة تعهدت فيها بتعزيز تعاونها السياسي والاقتصادي والثقافي والبيئي والأمني وإستهدافها تقليص المخاطر التي يتعرض لها البحر الأحمر وخليج عدن وبالتالي تعزيز أمن وسلامة الملاحة الدولية ومنع كل ما يهددها أو يعرضها للخطر وخاصة الجرائم الإرهابية وتمويلها وتهريب القرصنة والجرائم عبر الحدود والهجرة غير الشرعية” إلا أن وزير الخارجية السعودي قال أنه لا يتصور إنشاء قوة عسكرية للمجلس الجديد وأشار إلي أن كل الدول الأعضاء لديها أنظمتها الدفاعية وتنسيقها الثنائي والذي قد يتطور إلى تنسيق جماعي أي أن السعودية كعادتها السياسة أتبعت سياسة الإرجاء والتسويف ذلك أنها زاهدة في أي تنظيمات إقليمية فعالية إلا أنها دائمة ما تتطلع إلي أي تنظيم أمني أو عسكري يربطها بالولايات المتحدة فهو ما لا ترفضه أبداً.

2- اقترحت الولايات المتحدة تشكيل تحالف بحري لمعالجة الاضطرابات في النقل والسعي إلى حل سلمي في المنطقة وتحشد واشنطن حلفائها التقليديين وخاصة في أوروبا، لدعم هذه المبادرة ومع ذلك، تبدو الدول الأوروبية التي تكافح بالفعل مع تعقيدات التحالفات السابقة والصراعات الإقليمية الحالية مترددة في الالتزام بهذا التحالف الجديد مثقلة بعدم اليقين السائد والتحديات التي تواجهها وتواجه الدول الأوروبية معضلة متعددة الأوجه : إذ يُنظَر إليها باعتبارها حليفة قوية لإسرائيل وهو ما يعقد موقفها في العلاقات الدولية وتثير احتمالات تصعيد التوترات وتداعياتها الإقليمية مخاوف بشأن إشعال فتيل أزمة لاجئين قد تصل إلى حدود أوروبا وعلاوة على ذلك تعاني الموارد العسكرية الأوروبية من نقص شديد، بعد أن قدمت بالفعل دعماً كبيراً لأوكرانيا وهذا يترك قدرة ضئيلة على التدخلات الإضافية وخاصة تلك التي لا يقرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو التي لا تندرج ضمن نطاق حلف شمال الأطلسي  .

تراجعت حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز عن تعهد إسبانيا الأولي بالانضمام إلى التحالف وهو ما يعكس إحجاماً أوروبياً أوسع نطاقاً عن الانخراط في تحالفات غير مصرح بها وأعلنت إيطاليا أن أصولها البحرية ستظل تحت القيادة الوطنية وهو ما يشير إلى تفضيلها للاستقلال على العمل الجماعي كما أعربت فرنسا عن تحفظاتها بشأن تحويل مواردها إلى البحر الأحمر وهو ما قد يقوض حضورها الاستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط إن الغياب الملحوظ للدول العربية الرئيسية مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عن هذا التحالف من شأنه أن يقلل من شرعيته المفترضة ويتفاقم هذا الوضع بسبب التحديات التاريخية التي تواجهها أوروبا فيما يتصل بالعمليات البحرية والتي تجسدت في المحاولات الفاشلة لإدارة تدفقات الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط والتي أدت عن غير قصد إلى فرض حصار على تونس وليبيا  .

نـــتــــيــــجــــة :

فــتــح مـكـتـب إتــصـال لحلف شمال الأطلنطي في عـــمان ما هو إلا إعـلان عن إنـــســـلاخ الأردن عن الــجـــسـم الــعـــربي ونـــهـــايــة أبدية في الثــقــة في عــــروبة روح الـجـيـش الأردني بالرغم من نــقــاء عـــروبة بعض منتسبيه , وهذا مما يعني أنه ستجري في المستقبل وبناء علي هذه الخطوة الخطيرة التي وُجهت لعروبة الأردن عملية إجـتـثـــاث لعناصر الجيش الاردني ذات الميول والتوجهات العربية توطــــئـــة لإدمـاج الـجـيــش الأردني بقضه وقضيضة في جـــسد حلف الأطلسي فملك الأردن بعد كل ما أظهره وفعله من آثـــام في حق إسلام وعروبة الشعب الأردني يعلم يـقـيـناً أن عــــرشـــة علي وحــــل علاقته الكاثوليكية بالكيان الصهيوني وأمنه الذي يعد أحد مقومات وركــائــز حلف شمال الأطــلــسـي فإرتباط الأردن بحلف شمال الأطــلـسي خاصة في توقيت متزامن مع إستمرار حرب غـزة التي يعين فيها حلف شمال الأطلسي وبعض العرب الـتبـع علانــيــة أداة الـحــرب الصهيونية المجرمة التي تمارس الإبادة الجماعية للشــعب الفـــسطيني الــطـــاهــر نـــجـــم عـــنـــه مباشرة نتيجتين هما :-

1– فــــقــدان القدر الـقــلــيــل الـمـتـبـقـي من ثــقــة وإحـــتــرام الشعب الأردني في الـــمـــلك والـعــرش الأردني .

2- فـــقــدان ثــقـــة الــشــعب الأردني في الجيش الأردني الذي كنتيجة لإندماجه في منظــومة حلف شمـال الأطــلنـطي – أكبرداعم للعسكرية الصهيونية – تخلي عن أهـــلـــيــتـه كــجـــيـــش عربي أردني مـــســـتــقل ومـــحــتــرم  .

لم يـــعد هناك مـــســـتـــقــبــل أردني لـــعـــرش ملك الأردن فمصيره في أصبح يد حـلــف الأطلسي والـــصـــهــايـــنة بصفة نــهـــائـــيـة , أمــا الـــغـــضــب فسوف يــتـــفــجر في وقــت آت في طــوفـــان الأردن عـــقــب إنـتــهـــاء طـــوفـــان الأقصي ومصدره إما الجـش أو الــشــعب الأردني أو هـــمــا مـــعــاً .

الــــــــــــــــفـــيــــر : بــــــلال الــــمــــصــــري –

حصريا المركز الديمقراطي العربي – الـــقــاهـــرة  / تــحــــريــراً في 22 يـولــيـو 2024

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى