تأثير الطائفية السياسية على عدم الإستقرار السياسي دراسة مقارنة (العراق- لبنان) 2005 – 2023
إعداد : هدى فرغل محمد جنيدي – إشراف: د. زينب مجدي – كلية الإقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر
- المركز الديمقراطي العربي
المقدمة:
يُعتبر الحفاظ على الإستقرار السياسي في الدولة مُتمثلًا في بناء الدولة الوطنية، والحفاظ على وحدتها وإستقرارها قضية وحقيقة مهمة ورئيسية، حيثُ أصبحت الصراعات بين الجماعات الطائفية والدول تُشكل عقبة هامة تُهدد الأمن المحلي والدولي في العالم، تحديدًا بعد إنتهاء الحرب الباردة.
وتعتبر منطقة الشرق الأوسط مجالًا متنوعًا من الأقليات خاصةً دولتي العراق ولبنان، والتي تميزت على مدار تاريخها بتنوع مكوناتها من حيث الثقافة والأديان والمذاهب والقوميات، وكانت تلك الإختلافات سببًا في كثير من الأحيان لبروز مشاكل عديدة في الدولتين، على سبيل المثال إشعال حروب أهلية، وإعطاء فرصة على طبق من ذهب للتدخل الخارجي في شئونها، بل حتى وصل الأمر بأن أفراد المجتمع بذاتهم والسُّلطة يسعون لخدمة مصالح طوائفهم على حساب مصلحة الدولة الوطنية، مما أدى إلى تنامي الإنتماءات الأولية والقبلية على حساب الدولة، وتكون النتيجة لكل ذلك تكوين معضلة وعائق أمام طريق الإستقرار السياسي وبناء الدولة الوطنية.[1]
ومما يُضيف لذلك الموضوع أهمية، ما قاله أحمد وهبان في كتابه الصراعات العرقية ( لا سبيل إلى إستقرار سياسي دائم، ولا إلى وحدة الوطنية حقه في ظل مجتمع أُسّس بنيانه على التجمع الإجباري لشعوب غير متجانسة قوميًا)[2]
- مشكلة الدراسة:
كما ذكرنا في المقدمة أن الطائفية أو “الطائفية السياسية” تعتبر من أكبر المشاكل التي تُعاني منها العديد من الدول وخاصةً دولتي العراق ولبنان، بسبب أنها معروفة تاريخيًا بأن مشاكل عدم الإستقرار فيها والإضطهاد والحروب الأهليه ومحاولة كل طرف في نصرة هويته كلها تنبع من الطائفية، وبناء على ذلك فتكون المشكله التي نريد أن نفسرها في هذه الدراسة هي :
كيف تُؤثر الطائفية السياسية على عدم الإستقرار السياسي في دولتي العراق ولبنان؟!
- الأسئلة الفرعية:
- ١_ما هي الطائفية وكيف تطورت هذه الظاهرة في كل من دولتي العراق ولبنان؟
- 2_ما هي ملامح المحاصصة الطائفية في العراق ولبنان ؟
- 3_ما هي مظاهر ومؤشرات عدم الإستقرار السياسي في النظامين العراقي واللبناني؟
- 5_ما تأثير المحاصصة الطائفية على عدم الإستقرار السياسي في العراق ولبنان ؟
- 6_ما مستقبل الطائفية السياسية في العراق ولبنان ؟
ثم نتوصل إلى صياغة فرض علمي رئيسي ألا وهو:
كلما تعددت الطوائف كلما زاد عدم الإستقرار السياسي في الدولة..
- الأدبيات السابقة:
سيتم تقسيم الدراسات الى ثلاث محاور رئيسيه يأتي المحور الاول ليختص بالحديث عن الطائفة السياسية بشكل عام ثم في حالتي الدراسة العراق ولبنان، ويأتي المحور الثاني للحديث عن المتغير التابع وهو عدم الاستقرار السياسي بكل مؤشراته وفي حالتي الدراسة، ثم يأتي المحور الثالث ليجمع بين المتغيرين لتوضيح العلاقة بينهما ويتحدث عن الطائفية السياسية أو المحاصصة الطائفية وتأثيرها على عدم الإستقرار السياسي ثم الحديث عنها في حالتي الدراسة.
أولًا، المحور الأول: الطائفية السياسية
– يوجد مجموعة من الدراسات تتناول التمييز والتفرقة بين المصطلحات المتداخلة مثل الطائفة والطائفية المذهبية والتعصب، وتبيّن أن الطائفية مرتبطة بالإنتماء العصبي والتعصب، وتعتبر الطائفة وصفًا في القرآن الكريم وليس لها دلالة سلبية أو إيجابية وتستعرض الدراسات مفهوم الطائفة في الحضارة الإسلامية وتوضح أنها تعني فئة أو جماعة تحدد الشخصية الإجتماعية والأخلاق المطلوبة، ثم تتحدث عن التحليل السوسيولوجي لمصطلح الطائفة وتأثير ماكس فيبر، مشيرًا إلى أن الطائفة في الحالات العربية أصبحت أكثر تأثيرًا من الدين نفسه وأن العلمانية لا تستطيع حل مشكلة الطائفية، كما تشُير لوجود تشابه بين العنصرية والطائفية وتلاحظ أن الفرد يستطيع تغيير طائفته ولكن لا يُمكنه تغيير عرقه، كما أن الطائفة الدينية تمثل جماعة تميز نفسها عبر الإنتماء للعقيدة أو المذهب، وتلعب دورًا هامًا في المجتمعات المتدينة والمتعددة الديانات.[3] وبالنسبة لتحليل الأسباب والعوامل التي أدت إلى ظهور الطائفية السياسية في الوطن العربي، أشار باحث إلى أن الطائفية السياسية تعتبر ظاهرة حديثة تستند إلى المحاصصة والتحيزات السياسية، وتستخدمها النخب الحاكمة وغيرها لتحقيق مكاسب شخصية، كما تُعد الطائفية السياسية أداة للصراع السياسي والأيديولوجي في المجتمعات العربية، وأن الطائفية السياسية ليست نتيجة فقط للتعدد الديني والمذهبي في المشرق العربي، بل هي نتاج أساسًا لأسباب سياسية تهدف إلى إستغلال الطائفية لإحتكار السلطة، وقد لعبت حالة التنوع والتعدد في الهوية والإنتماءات في البيئات العربية دورًا هامًا في عدم إستقرار الوضع السياسي، حيث لم يُؤدي هذا التنوع إلى توحيد المجتمع بل أدى بالعكس إلى تعزيز هيمنة الدولة على مفاصل المجتمع وإستغلال هذا التنوع.[4]
وموضوع الطائفية السياسية من حيث تمييز الطائفية بوصفها عنصرًا دينيًا يمنح الأفراد شعورًا بالتميز التاريخي والديني والمذهبي، فيوجد أيضًا ما يٌسمى بالتسيّس الطائفي كنظام سياسي إجتماعي يُعامل الفرد كجزء من جماعة دينية تنوب عنه في القرارات السياسية، وأن الطائفية السياسية تعمل على تقويض مفهوم المواطنة وتحويل الفرد إلى مُواطن ضمن إطار طائفته فقط، مما يؤدي إلى إلغاء حقوقه وواجباته وتقويض إستقرار الدولة، وتم توضيح رجوع ظهور الطائفية السياسية إلى عوامل متعددة، بما في ذلك التدخل الغربي ورغبته في تفكيك المجتمعات العربية الشرقية من خلال تقسيمها إلى طوائف ومذاهب لزعزعة الاستقرار، وتُشير هذه الدراسات إلى أن الطائفية السياسية تؤدي إلى التدخلات الإقليمية عندما تكون الدولة التي تعاني من الإنقسامات الطائفية تفتقر إلى الديمقراطية والمؤسسات القوية، وتستعرض الحالة العراقية كمثال توضيحي، حيث تسبب الإحتلال الأمريكي والتدخلات الإيرانية في تصاعد الطائفية السياسية بعد سقوط النظام العراقي عام 2003، كما تم التأكيد على أن الطائفة الدينية تشكل الأساس للطائفة السياسية وتُسهم في إنتاجها وتعمل على إستمرارها، وعندما تحصل الطائفة السياسية على مكانة في الحكم وتحصل على حصة للطائفة في مؤسسات الدولة الوطنية، تتهدد وحدة الدولة ووحدتها الوطنية.[5]
ولكي نتناول أسباب رئيسية لتمثيل المشرق العربي كمركز رئيسي للطائفية السياسية، الأسباب تشمل التنوع الديموغرافي الشديد في المنطقة، وخروج لبنان كنموذج أول للمحاصصة الطائفية في توزيع مناصب الدولة بين الطوائف المسيحية والمسلمة، والتدخلات الدولية والإقليمية في إعادة تشكيل التوازن الطائفي في المنطقة، وعلاقة تحليل المسألة الطائفية في المشرق العربي ترتبط بوجود حدود بين إسرائيل وثلاث دول في المنطقة (سوريا ولبنان والأردن)، حيث تمثل إسرائيل نموذجًا للأقليات التي تعاني من التهميش في المجتمعات العربية وكونها دولة دينية. تشير الدراسة إلى أن تسييس الطائفة يعمل ضد الديمقراطية بدلاً من أن يكون آلية لضمان التمثيل العادل للأقليات في النظام السياسي، وبذلك تم التوصل إلى أن المحاصصة الطائفية تُسبب الجمود السياسي وتغذي الإنتماءات الطائفية في المجتمع، مثلما حدث في العراق حيث أُحتل المرتبة السابعة في قائمة الدول الأكثر فسادًا، وترتبط المحاصصة الطائفية أيضًا بالحروب الأهلية وتؤدي إلى غياب الديمقراطية في المنطقة.[6]
ويرجع حل المسألة اللبنانية ليس بكونها مسألة لبنانية فقط، بل يُمكن أن يكون نموذجًا لمصير المشرق العربي بأكمله، حيث يُرى أن الطائفية لم تكن حدثًا لبنانيًا فقط، بل كانت جزءًا من إستراتيجية الإستعمار لتجزئة المنطقة وظهر ذلك في تركيبة المجالس النيابية الطائفية في لبنان، وكيف ركز الاستعمار الفرنسي على تعزيز الانقسامات الطائفية في البلاد، والنظام الحالي لإختيار ممثلي الشعب اللبناني يعتمد على الحصص الطائفية المنصوص عليها في الدستور، مع وجود معارضة للطائفية ومطالب بإلغائها، ومشكلة الطائفية لا يمكن حلها بالطائفية ذاتها، بل يجب تعزيز الروح الوطنية والتضامن الوطني، كما أن الإحتلال الأجنبي للبنان ساهم بشدة في تعميق مشكلة الطائفية، حيث أدى إلى تقوية الإنتماء الطائفي بدلاً من الإنتماء الوطني، ولولا الاحتلال لم يكن لدى اللبنانيين الشعور بالانتماء القوي لطائفة معينة، ولكن التحديات المشتركة والوحدة الوطنية تدفعهم للتعاون مع بعضهم البعض بغض النظر عن الطائفة.[7]
وفي نهاية هذا المحور يُمكن إعتبار الدراسات السابقة هذه مساهمة قيمة في فهم مفهوم الطائفة والطائفية وتحليلها، مع العلم والتأكيد على أن الطائفة أو الطائفية هي مفاهيم مُعقدة وتتأثر بالعديد من العوامل المختلفة في الثقافة والتاريخ والسياسة والاقتصاد والدين والتطورات الإجتماعية، لذلك يتطلب لفهمها دراسة شاملة وتحليل متعدد الجوانب.
وأيضًا من المهم أن نعترف أن هناك تنوع في التجارب والآراء حول الطائفة والطائفية، فقد يختلف التأثير والتفسير من ثقافة لأخرى ومن زمان لآخر، لذلك يجب أن نكون حذرين في تعميم النتائج والإستنتاجات وأن نتعامل مع هذه المواضيع بحساسية وفهم عميق.
ثانيًا، المحور الثاني: عدم الإستقرار السياسي في النظامين العراقي واللبناني
يوجد دراسات تهدف إلى فهم أسباب إندفاع اللبنانيين نحو التوافق السياسي، وذلك من أجل إقامة نظام سياسي يُراعي مصالح جميع مكونات المجتمع ويمنع المحاولات الطائفية لفرض سيطرتها على الآخرين، وقد توصلت دراسة من الدراسات إلى عدة نتائج مهمة، منها:
- دور الفواعل الرسمية وغير الرسمية ووسائل الإعلام في المشاركة السياسية: وتم الإشارة إلى أن الأحزاب السياسية لعبت دورًا رئيسيًا في الحياة السياسية اللبنانية، خاصةً بعد الحرب الأهلية واتفاق الطائف عام 1989، ورغم أن الدستور اللبناني يُعزز وحدة الدولة، إلا أن الساحة السياسية شهدت إنقسامات بعد اغتيال رفيق الحريري عام 2005، وذلك فيما يتعلق بالتحالفات السياسية والولاءات الخارجية.
- عدم الاستقرار السياسي: بسبب إنتماء المواطنين للطائفة وليس الدولة، فإن هناك حالة من عدم الاستقرار السياسي في لبنان، وعلى صعيد السيادة، يحدث تدخل خارجي دائم في الشؤون الداخلية للبلاد، مثل إنتماء السنة إلى السعودية والمسيحيين الأرثوذكس إلى روسيا والشيعة، كما يوجد سلاح حزب الله وفصائل فلسطينية، وهذا يعتبر إنتهاكًا لسيادة الدولة على أراضيها.[8]
وتم التأكيد على أن الوضع السياسي في لبنان لا يتمحور حول الدولة بل حول المجتمع، مما أدى إلى وقوع البلاد في فخ الطائفية السياسية، وقد انعكس ذلك بوضوح على النظام السياسي اللبناني والتشكيل الحكومي فيه.[9]
ومن ناحية أخرى تم تناول طبيعة النظام السياسي في العراق وإستقراره السياسي، وتم استعراض أسباب عدم الاستقرار السياسي في العراق وتأثيره على المجتمع، كما تم تقديم توصيات لبناء دولة القانون والمؤسسات، وتم التوصل إلى عدة استنتاجات، بما في ذلك طبيعة نظام الحكم بالتوافق والمحاصصة السياسية وتأثيرها على الإستقرار السياسي والمجتمعي في العراق، كما تم الإشارة أيضًا إلى إستغلال الإنقسامات الاجتماعية والطائفية في العملية الانتخابية، وقدمت توصيات تركز على تحقيق المصالحة الوطنية والاتفاق على دستور ديمقراطي يخدم جميع مكونات المجتمع العراقي ويستند إلى المساواة في الحقوق والواجبات.[10] بالإضافة إلى حالة الفوضى السياسية والركود الإقتصادي في العراق، ووجود طبقة سياسية مسيطرة على الحكم تتلقى توجيهات من إيران والولايات المتحدة، والنتائج تشير إلى غياب سيادة العراق وتناقضات في النظام السياسي العراقي، مع تأثير الفساد والمحاصصة الطائفية والصراعات على الإستقرار السياسي للبلاد.[11]بالنسبة لظاهرة الفساد وأنواعها وأسبابها في العراق، والأسباب السياسية مثل الحروب والصراعات والحصار، ساهمت في إنتشار الفساد في المجتمع العراقي وتأثر الاستقرار السياسي للبلاد بشكل سلبي، وتم تقديم آليات جديدة لمكافحة الفساد في العراق وتُوصي بالمحاسبة والمسائلة والشفافية والنزاهة، بالإضافة إلى إصلاحات سياسية واقتصادية وتأكيد إستقلالية القضاء.[12]
أرى أن الدراسات تُظهر وجهات نظر مُتشابهة فيما يتعلق بالتحليل السياسي لكل من لبنان والعراق، جميعها يشير إلى وجود تحديات سياسية كبيرة في البلدين وتأثيرها السلبي على الوحدة الوطنية والإستقرار السياسي، حيث تستعرض الدراسات العوامل السياسية المؤثرة مثل الطائفية والصراعات والمحاصصة السياسية والفساد، وتقدم الدراسات أيضًا بعض الآليات والتوصيات لمعالجة هذه التحديات وتحقيق الإستقرار السياسي في البلدين، حيث يُوضح الباحثون أهمية تعزيز الشفافية والمساءلة وتحقيق العدالة في النظام السياسي، بالإضافة إلى تحقيق الاستقلالية القضائية وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة.
على الرغم من أن هذه الدراسات تعود إلى فترات زمنية مختلفة وتركز على بلدين مختلفين، إلا أنها تشير إلى بعض القضايا المشتركة في العراق ولبنان، مثل الفساد والصراعات السياسية والمحاصصة الطائفية، وفهم هذه القضايا المشتركة يُمكن أن يساعد في تطوير استراتيجيات لتحقيق الاستقرار السياسي في كلا البلدين وفي المنطقة بشكل عام.
المحور الثالث: تأثير الطائفية السياسية على عدم الاستقرار السياسي
يوجد مجموعة دراسات منها يستكشف التأثير الذي يمارسه الطائفية على النظام السياسي في لبنان والعراق، حيث تركز على العلاقة بين الطائفية والمسارات السياسية في كلا البلدين، وتقدم تحليلاً طويلًا للأسباب والتطورات التي أدت إلى التباعد والتقارب السياسي، وُتشير إلى أن الطائفية تشكلت وتؤثر في المسارات السياسية وأنواع الأنظمة في كلا البلدين، وتبرز أهمية المرحلة المبكرة لتشكيل الدولة في تحديد المسار السياسي اللاحق، حيث توصي الدراسة بأنه يجب أخذ الطائفية في الإعتبار بجانب عوامل أخرى مثل الطبقة والأيديولوجية والهوية الوطنية عند فهم النظام السياسي في هذين البلدين.[13] أما للبحث في تأثير المحاصصة الطائفية على بناء النظام الديمقراطي في العراق بعد العام 2003، يُستخدم المنهج الوصفي التحليلي في دراسة حالة العراق، وتم التوصل إلى أن المحاصصة الطائفية في العراق تسببت في تفاقم الأزمات وتأثرت الدولة والمكونات الإجتماعية، وتم الاشارة إلى أن النظام السياسي العراقي لم ينجح في تحقيق الإستقرار السياسي ورضا الأقليات؛ بسبب عدم تطبيق النظام التوافقي بطريقة صحيحة، وأن التعددية السلطوية وزيادة حدة التوتر المذهبي والانقسام الاجتماعي تعززت نتيجة تطبيق المحاصصة الطائفية السياسية، وتوصي الدراسة بضرورة استخدام الديمقراطية التوافقية لحل النزاعات وبناء نظام ديمقراطي ودولة وطنية في العراق.[14] وتم التأكيد على أهمية الطائفية في العراق وتأثيرها على التجانس الاجتماعي والاجماع الوطني، حيث تم فرض علاقة بين الإنتماءات الطائفية والميول المذهبية وتسييسها من قبل الجهات السياسية، وتوصلوا إلى أن العنف والتوتر بين الطوائف في العراق يهدد إستقراره وتجربته الديمقراطية، وأن العوامل الطائفية والمذهبية تسيطر بشكل كبير على الحياة السياسية والاجتماعية في العراق.[15]
كما أن الإشارة إلى تعريف المحاصصة السياسية وربطها بمفهوم الاستقرار الحكومي، وتحليل كيف أثرت المحاصصة السياسية على استقرار الحكومة في لبنان، بإستخدام المنهج الوصفي لشرح المفاهيم المرتبطة بالدراسة، تم التوصل إلى أن الطائفية في لبنان جعلت الدولة مجرد مؤسسة تسعى للتوازن وأن المحاصصة السياسية أدت إلى صراعات داخلية وفراغ مناصب رئيس الجمهورية وتوقف عمل السلطة، مما جعل لبنان ضعيفًا ومستعصيًا على التدخلات الخارجية.[16] وفي توضيح العلاقة بين الطوائف والسياسة في لبنان، تناقش فرضيات متعددة بشأن مفهوم الطائفية السياسية، حيث تم التوصلإلى أن النظام السياسي والطائفي في لبنان يسهم في استقرار الدولة وحماية الأقليات، ولكنه يعاني من مشاكل التعددية السياسية والمذهبية وعدم الاستقرار السياسي، وأن الولاء الطائفي يتفوق على الولاء الوطني في السياسة اللبنانية.[17]
تتناول جميع هذه الدراسات أثر الطائفية والمحاصصة السياسية على استقرار الحكومة في البلد وتُشير جميعها إلى أن الطائفية والمحاصصة السياسية يمكن أن تكونا عوامل سلبية تؤثر على الاستقرار السياسي في لبنان والعراق، وتشير إلى أن الولاء الطائفي يمكن أن يتفوق على الولاء الوطني في السياسة اللبنانية والعراقية، مما يؤدي إلى انقسامات وصراعات داخلية وتعثر عمل الحكومة والسلطة لذلك هي مهمة جدًا لتوفير فهم أفضل للتحديات والتأثيرات التي يمكن أن تنشأ عن الطائفية في هذه البدان.
الأهمية العلمية والعملية:
- تندرج أهمية البحث العلمية، علي أنها تضيف للباحثين والطلاب ولحقل العلم بشكل عام دراسة جديدة وجيدة لقضية الطائفية ومدى تأثيرها على عدم إستقرار الدولة، وعلى الرغم من وجود العديد من الدراسات التي تدرس هذا الموضوع إلا أن هذه الدراسة متميزة لكونها دراسة مقارنة بين دولتين من أهم الدول التي تشتعل فيها وبإستمرار ظاهرة الطائفية السياسية.
- وتندرج أهمية البحث العملية، على أنها تفيد صانع القرار أو الساسة على كيفية التغلب علي ظاهرة عدم الإستقرار السياسي من خلال معالجة أسباب الظاهرة التي تقدمها الدراسة، كالأسباب التي تقف وراء تعطيل مسار بناء الدولة الوطنية، وأيضا لكي يتمكنوا من تقديم حلول للمشاكل التي تتسبب فيها الطوائف.
- التحديد الزماني والمكاني:
تم إختيار حالة الدراسة لبنان لأن لبنان منذ النشأة تعتبر من أكثر دول الشرق الاوسط التي تتنوع فيها الطوائف ويوجد فيها نحو 18 طائفه معترف بها وظهر بعد ذلك إقرار لنظام المحاصصة الطائفية ثم إتفاق الطائف ولكن في النهايه كل ذلك لم يحقق حل لمشكله التنافس على السلطة، وتم إختيار عام 2005 تحديدًا بسبب الإنقسام الذي تعرضت له لبنان بعد ذلك بين قوى 14 آذار المناهضه لسوريا وقوى 8 آذار المؤيده لها وكانت الدافع الرئيسي لهذا الانقسام هو اغتيال رئيس الحكومه الاسبق رفيق الحريري في إنفجار وكان هذا اليوم كفيل بتغيير وجه لبنان السياسي.[18]
وترجع أسباب إختيار حالة الدراسة الأخرى وهي العراق لأنها على مدار تاريخها تشهد خلافات ونزاعات وتوترات عديده بين الطوائف المختلفه، حيث شكل التنافس بين الأغلبيه الشيعية والأقليه السنيه في العراق محور الصراع السياسي في الدولة منذ سقوط الرئيس صدام حسين بالتحديد منذ عام 2003، وتم اختيار بداية الدراسة في عام ٢٠٠٥ لأن في ذلك العام إتضحت الإنقسامات السياسية التي طالت المجتمع من خلال المحاصصات الطائفية والاثنيه والتي أطلق عليها منذ عام 2005 بالتوافقية ومنذ ذلك الوقت وبدأ الصراع على السلطة يأخذ ابعادًا دمويه واسعة النطاق من خلال فرض القوه لكل طرف.
وتم اختيار زمن نهاية الدراسة في عام 2023 حيث بدا مطلع عام 2023 واعداً بالنسبة إلى العراق؛ وتوقع كثيرون أن سبل النجاح سالكة أمام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بعد اختياره رئيساً للوزراء في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2022، ولكن مع تداعيات غزة في شهر أكتوبر ٢٠٢٣، بدا أن كل شيء في العراق قابل للإنفجار مع دخول الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي مرحلة جديدة من الصراع في غزة( طوفان الأقصى)، ومع حالة البعد الجغرافي العراقي بالنسبة إلى منطقة الصراع هناك؛ فإن الهجمات الصاروخية التي بدأت شنها الفصائل المسلحة الموالية لإيران على المناطق والمعسكرات التي توجد فيها القوات الأميركية في العراق وسوريا، كانت ولا تزال تعيد البلاد إلى نقطة الصفر الحربية التي بالكاد تمكنت من تجاوزها. [19]
والأمر كذلك في لبنان، منذ أن فتح حزب الله الجبهة في الجنوب بقصف مواقع عسكرية إسرائيلية في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٣، إسنادا لغزة، باتت الهجمات المدفعية والغارات الإسرائيلية على القرى الحدودية تتكرر يوميا في أكثر من مكان ولمرات عدة. [20
- الإطار النظري:
من النظريات التي لها علاقه بموضوع الطائفية السياسية هي تقاسم السلطة، بالأخص نظرية الديمقراطية التوافقية في تقاسم السلطة.
حيث تم إيجاد آليه النظام التوافقي او كما يُسميها بعض المنظرين بالديمقراطية التوافقية، والتي تقوم بالأساس على تقاسم السلطة لتنظيم وإدارة الإنقسامات التعددية والطائفية والقومية، المنتشرة في بلاد مختلفة من العالم لكن هذه النظرية أعطت حلول لها نتائج مختلفه في تطبيقها ولم تحقق الاهداف ذاتها في كل الحالات.[21]
وارتبط تأطير هذه النظرية بالعالم السياسي الهولندي الأمريكي ارند ليبهارت، والذي درس مدى نجاح تجارب التوافقية في المجتمعات المتعدده للوصول الى الحكم الديمقراطي وكانت من أول تجاربه على دولة هولندا ثم بلجيكا.[22]
وفي دراسة أخرى لأليسون تقول أن أداء الديمقراطيه التوافقية مُختلط، حيث أنه احيانًا ينجح في بعض القضايا ويدخل الإطار المكاني والزماني في الحسبان أيضًا حيث أنه ليس في كل مكان وفي كل وقت ينجح أدائها.[23]
يفترض ليبهارت بعض من الأركان الأساسيه لتطبيق التوافقية حيث تشمل أربعه أركان وهما:
١_إئتلاف واسع مكون من عدة أحزاب يشمل كل مكونات المجتمع، ٢_التمثيل النسبي من خلال نظام التصويت والتوظيف في القطاع العام، ٣-حق النقض المتبادل وذلك يمنح كل مجموعه سلطة إستخدام حق النقض لمنع صدور قرارات تهدد مصالحها، ٤_والحكم الذاتي.[24]
ويطلق ليبهارت على الديمقراطيه التوافقية مصطلح تقاسم السلطة وهو يقصد بها أنها آليه لإداره الصراع وليس هدفًا بحد ذاته كالديمقراطية، لذلك تقاسم السلطة يمكن أن يكون خيارًا مناسبًا لمنح جميع المجموعات نصيب من السلطة لتكون النتيجه إضعاف الحافز على القتال من أجل السيطره على الدولة.[25]
ويرى ليبهارت أيضًا أن التنفيذ الصحيح لأركان وشروط التوافقية هو الذي يؤدي إلى نجاحها، بل هو اساس نجاحها، وأن معظم إخفاقات تقاسم السلطة ترجع الى عدم إتباع هذه الأركان.[26]
ويرى أليسون أيضًا أن تقاسم السلطة ليس حلًا سحريًا، حيث بقدر ما تكون التسويات التوافقية صحيحه والتصاميم المؤسساتيه، يُمكن تصميم التوافق والتشجيع على التسويه والإندماج بدلًا من الإنهيار والإقصاء، ويوجد ايضًا نقطتين مهمتين في نظرية تقاسم السلطة في رؤيته:
أولهما، هي عدم قدره ترتيبات تقاسم السلطة على التحلل مع الوقت، بمعنى اخر عدم القدره على الإنتقال نحو نظام سياسي أكثري وثانيهما، هي عدم قدرة هذه الترتيبات على إدماج الهويات والمصالح والأفراد خارج التقسيم الإثني.[27]
بالتطبيق على حالتي الدراسة (لبنان والعراق):
تمثّلت نظرية تقاسم السلطة في إتفاق الطائف في لبنان عام 1989، والذي يعرف رسميًا بإسم وثيقة الوفاق الوطني وأدى تطبيق هذا الاتفاق إلى إيقاف الحرب الأهلية التي أذهبت بحياة آلاف الأشخاص بين عامي 1975 و 1990، واعتمد الطائف على مبدأ التوافقية من خلال تفعيل العمليه السياسية التشاركيه وتقاسم السلطة، والتي سميت في الفضاء اللبناني بالمحاصصة، ولكن التوافقية كانت ايضًا سببًا في أزمات سياسية حادة أصابت المؤسسات السياسية والحكوميه بالشلل النسبي.[28]
وبالنسبة للنظام السياسي العراقي، لم ينجح حتى الآن في تحقيق السلطة السياسي، حيث يرى البعض أن التطبيقات التوافقية ساهمت في إشعال الإنقسام الإجتماعي ووضحت التباين السني والشيعي، ونظرًا لأن العراق بلد متعدد الطوائف فهي على عكس لبنان فلم يأتي الحكم التوافقي في العراق سعيًا لأنهاء صراع مسلح بين إثنيات عراقيه، بل جاء لكي يتم إشراك المكونين الشيعي والكردي في الحكم فضلًا عن السنه.[29]
ولكن نتيجة التوافقية فضلًا عن عوامل أخرى من تبعيات الغزو الامريكي في العراق، تسببت في حدوث نزاعات طائفية مسلحه عديده بين الجماعات السنيه والشيعية مرت هذه النزاعات العنيفه بثلاث موجات متتاليه تبدأ من عام 2005 لتنتهي الموجه الثالثه في عام 2022، لذلك نجد أن التوافقية في العراق لم تكن قادره على منع اندلاع أعمال العنف الطائفي بل كانت هي المسؤوله عن حدوثه نتيجه غياب التوافق.[30]
لذلك نستنتج أن تطبيق نظرية تقاسم السلطة على كل من حالتي العراق ولبنان لم يؤدي إلى تطبيق الديمقراطية أو على الأقل حدوث نوع من الإستقرار في النظام السياسي حيث لم تتمكن من التطور والعمل كما كان يأمل العديد من مُؤيدي التوافقية.
- الإطار المفاهيمي:
المتغير المستقل: الطائفية السياسية
لا يُمكن تحديد التأصيل الحقيقي للطائفية بشكل قطعي ودقيق لأن تاريخ النضال السياسي والإجتماعي والثقافي للإسلام لم يَشر لمفهوم الطائفية بالمعنى النصي للكلمة[31]، حيث شكلت المسألة الطائفية بكونها واحدة من قضايا الساعة والشغل الشاغل لكثير من المفكرين والباحثين المختصين، بل أمست بخطرها الزاحف همًا وهاجسًا في البلدان العربية والإسلامية، فهي تعني بحقيقتها لون من ألوان العصبية القومية والدينية والمذهبية والقبلية والعنصرية السياسية والأيديلوجية، التي تعكس إخضاع الدين لمصالح سياسة الدنيا، وسياسات حب البقاء والمصلحة الذاتية والتطور على حساب الجماعات الأخرى.[32]
الطائفية في تعريف حسام كصاي: الطائفية عبارة عن نظام سياسي حزبي يعمل من أجل إدارة الدولة كتحصيل حاصل، وأن الطائفية سجل هزيل من القيم الإنسانية، ففيها قائمة التعصب والثأر والإنتقام تزيد وتطول مقابل غياب تام للكرامة والرحمة والإنسانية، حيث أنها ليست وليدة اليوم بقدر ما هي ثمرة تاريخ طويل من الصراع على الجبهتين الدينية والسياسية.[33]
الطائفية عند حسين موسى الصفار: الطائفية ليست خلاف الدين أو المذهب فإن الله عز وجل لم يخلق البشر سواسية، بل أعز الله البشرية بالإختلاف فجاء بقوله تعالى (يا أيُّها الناس إنَّا خلقناكُم من ذكرٍ وانثى وجعلناكم شُعوبًا وقبائِل لتعارفُوا إن أكرمكُم عند الله أتقاكُم إن الله عليمٌ خبيرٌ)، ولو شاء ربُّك لجعل الناس أمةٌ واحدةٌ ولا يزالون مختلفين والإختلاف هنا سنة كونية، أمّا الطائفية فهي فرض عقلي سياسي بشري ناتج عن إنحطاط العقل والفعل الثقافي لأي أمة، وأن الطائفية في مجالها السياسي هي إعتماد سياسة التمييز بين المواطنين وتشجيع الحالات المذهبية لأغراض سياسية، فليس هناك طائفه دينية إن لم تُخالط ذاكرتها أيدولوجية سياسية تطرفية ثورية تسعى لتغيير الواقع الراهن فكل خلاف طائفي يبدأ سياسي وينتهي ديني.[34]
الطائفية عند كاظم شبيب: الطائفية خلافًا دينيًا بحتًا سببه الوحيد أو الرئيسي هو شعور كل طرف بأن مذهبه هو الحق وأن الآخر مُخطئ أو منحرف عن الطريق المستقيم.[35]
المتغير التابع: عدم الإستقرار السياسي
وفي إطار تقديم تعريف لعدم الإستقرار السياسي نجد أن هناك العديد من الباحثين الذين حاولوا وضع تعريف لهذا المفهوم كلًا حسب المنطلقات الفكرية الخاصة به:
حيث يُعد مفهوم عدم الإستقرار السياسي من أكثر المفاهيم غموضًا وتعقيدًا وتتعدد الآراء والإتجاهات التي تتناوله فمنها من يضيقه ليقتصر على عدم الإستقرار الحكومي، الذي يعني التغيرات السريعة المتتابعه في عناصر الهيئة الحاكمة، وبعض منها يوسع فيه ليضمن عدم الإستقرار النظامي بمعنى التحولات السريعه في الإطار النظامي للدولة من شكل لآخر، ومنهم من يزيد المفهوم إتساعًا ليشمل الصور المختلفه للعنف السياسي التي تتضمن أعمال الشغب والمظاهرات والإضطرابات والإغتيالات السياسية والحروب الأهلية.[36]
ويُعرف أن الإضطرابات والمظاهرات ضد السلطة الحاكمه هي نوع من عدم الإستقرار السياسي بينما يرى البعض الآخر أنها مجرد تعبير عن حرية المجتمع بحيث تطفو على السطح التناقضات الموجوده فيه، في حين يرى آخرون أن التقلبات والتغييرات الوزارية الكثيرة وأعمال الشغب وتغييرات النظام نفسه عبر الإطاحة به لا يُشكل عدم إستقرار بإعتبارها شيء من التعبير عن حرية الرأي لأن أعمال الشغب مسألة نسبية وتغيير النظام من شكل لآخر أو سقوطه لا يعني أنه غير مستقر، لأنه قد يظل نظام ما قائم وموجود لمدة طويله ويشرف على الإنهيار، رغم أنه يتداعى بشكل بسيط.[37]
تعريف حسن فتحي عبد المولى: عدم الإستقرار هو تعبير عن خلل أصاب سير عمل النظام السياسي بشكل مُتسق ومقبول مما يعرضه لتقلبات أو تغييرات قد يتولد عنها ردود فعل عكسيه وتأثيرات ونتائج سلبيه على أغلب أفراد هذا النظام المرتبطين به بوظائف عده.[38]
حيث يعرفه اكرام بدر الدين: على أن عدم الإستقرار السياسي يعني حالة من التغيير السريع غير المنضبط أو المحكوم تتسم بتزايد العنف السياسي.[39]
مؤشرات عدم الإستقرار السياسي:
١_نمط إنتقال السلطة في الدولة: وهذه الحاله يصل رئيس الدولة للحكم عن طريق الإنقلابات وتدخلات المؤسسة العسكريه.
٢-عدم شرعية النظام السياسي: حيث تمثل الشرعية أحد أهم الركائز الداعمة لإستمرارية أي نظام سياسي لذلك عدم الشرعية تتمثل من خلال عدم قبول ورضا أفراد المجتمع للنظام السياسي وخضوعهم له بالإجبار والإكراه.
٣_ ضعف النظام السياسي وعدم قدرته على حماية المجتمع وسيادة الدولة: فالنظام الذي لا يمكنه تحقيق مسؤولياته ومجابهة التحديات والتغيرات التي تظهر من حين لآخر سيفتح المجال أمام حالة من عدم الإستقرار السياسي، بالإضافه إلى ذلك أن أي نظام سياسي لا تتوافق سياساته وتوجهاته مع تطلعات وتوجهات افراد المجتمع ستكون حالة عدم الإستقرار هي السائده فيه بشكل مستمر.[40]
٤_ التغيير المستمر في مناصب القيادات السياسية: حيث أن التغيير المستمر في أوقات متقاربه في مناصب القيادات السياسية يعد مؤشرًا لعدم الإستقرار السياسي، وبقاء القادة السياسيين ووجودهم في مناصبهم لفترات طويلة وفي أي نظام سياسي يعطي مؤشرا لوجود حاله الإستقرار السياسي.[41]
٥_ العنف والحروب الأهلية والحركات الإنفصالية والتمردات: حيث يُشير العنف السياسي إلى مفهوم عدم الإستقرار بينما إختفائه يعتبر من المؤشرات الرئيسيه للإستقرار السياسي، ويُمكن تعريف العنف السياسي بأنه الإستخدام الفعلي للقوى المادية لإلحاق الضرر بالآخرين لتحقيق أهداف سياسية أو غيرها من الأهداف، وقد يكون العنف رسميًا وهو الموجه من النظام ضد أفراد المجتمع أو جماعات بعينها وقد يكون العنف غير رسمي وهو المُوجه من الأفراد أو الجماعات ضد النظام السياسي في حين نجد أن الحركات الإنفصاليه والتمردات والحروب الأهليه تمثل درجة عالية من عدم الإستقرار السياسي نظرًا لإستخدامها العنف على نطاق واسع.[42]
٦_ تنامي الولاءات الأولية(التحتية): حيث أن المجتمعات التي تشهد ظاهرة التعدد الإثني أو العرقي أو الديني أو الطائفي هي في الغالب تكون أقرب إلى عدم الإستقرار السياسي.[43]
- منهج تحليل الجماعة:
تثير دراسة الجماعات العديد من المقولات فإلى جانب أساس تكوين هذه الجماعات تبرز اهميه الطابع الرسمي او غير الرسمي للجماعة وقدرة الجماعة على التماسك والتكيف والاستمرار ونشاط الجماعة وتكنيكاتها وأدواتها الحركية مساندتها او معارضتها للنظام وتثيرها ودورها السياسي وتأثيرها على أعضائها وعلى الجماعات الاخرى وعلى النظام السياسي والإجتماعي عامه والجماعة تصبح حقيقيه مستقله عن الافراد المكونين لها فهي ليست مجرد حاصل جمع عدد من الافراد فالجماعة تملك صفات مستقله ووعي او عقل جماعي خاص بها ولا يمكن بحال ان تظل الجماعة قاصره على تجميع للصفات الفردية.[44]
وأسباب اختيار هذا الإقتراب بالتحديد لهذه الدراسة لان هذه الدراسة ركزت على سياسات الجماعات الاسميه تجاه الدولة ولان لبنان والعراق تعرف بالتعدد الاثني والمذهبي ولانه نادرا ما توجد دولة لا تشهد تعددا اثنيا ويعد اختيار منهج الجماعة في هذه الدراسة من انسب المناهج التي يمكن استخدامها حيث يرتبط مفهوم التعدديه ارتباطا وثيقا بمنهج الجماعات ويتم النظر الى ظاهره التعدديه كمحصله للعلاقات بين الجماعات بشتى انواعها مع الاهتمام ببحث انماط هذه العلاقات والقواعد التي تحكمها فالمجتمع يتكون من شبكه معقده من الجماعات والمؤسسات والمنظمات المرتبطه ببعضها بعلاقات متنوعه ويصبح معيار درجه التطور السياسي المجتمع متوقعا على مدى مشاركه كافه الجماعات المؤثره في اتخاذ القرار السياسي والتاثير على سياساته.
وإنعكاس هذا الإقتراب على حالتي الدراسة في لبنان والعراق فإن منهج الجماعة بتبلور حول ان نظام السياسي عباره عن شبكه معقده من الجامعات تتفاعل فيما بينها باستمرار ويتمثل هذا التفاعل في ضغوط وضغوط مضادة تحدد حاله النظام السياسي في وقت معين ومن ثم فان الصراعات هي الحاسمة في تقدير من يحكم كما ان التغير في النظام السياسي يتوقف على التغير في تكوين هذه الجماعات مما لا يؤثر على سلوك اعضائها فحسب بل يمتد ليؤثر على النظام السياسي بأكمله وفي هذا الاطار تسعى الدراسة الى توظيف منهج الجماعة لدراسة العلاقة بين الجماعات الإثنية التي هي أساس الاتجاه للمحاصصة الطائفية وأساس وجودها، وسياسات هذه الجماعة تجاه الدولة وتأثيرها على استقرار النظام السياسي في الدولة.
- تقسيم الدراسة:
سوف يتم تقسيم الدراسة الى فصلين ليتضمن كل فصل مجموعة من المباحث، حيث يأتي الفصل الأول ليكون عباره عن دراسة وصفية للبيئة الإجتماعية والسياسية في العراق ولبنان، ويتضمن مبحثين يأتي المبحث الأول ليدرس البيئه الإجتماعية في العراق ولبنان، والمبحث الثاني البيئه السياسية في العراق ولبنان
بينما يهتم الفصل الثاني بإنعكاسات الطائفية على مؤشرات عدم الإستقرار السياسي في العراق ولبنان، ويشمل ثلاث مباحث، المبحث الأول يختص بالإنعكاسات الداخلية للطائفيه على عدم الإستقرار السياسي في العراق ولبنان والمبحث الثاني يختص بالإنعكاسات الإقليمية والدولية للطائفية على الإستقرار السياسي في العراق ولبنان، والمبحث الثالث بعنوان مآلات الطائفية السياسية في العراق ولبنان وانعكاس ذلك على عدم الإستقرار السياسي.
الفصل الأول “البيئة الاجتماعية والسياسية في العراق ولبنان”
- المقدمة :
الطائفية تعكس وظيفة الهوية بإحلالها محل القيم، والتعصب محل المعايير الأخلاقية، مما يؤدي إلى طمس الحدود بين الخير والشر والفضيلة والرذيلة وإحلال الحدود بين نحن وهم.[45] ولا تقتصر النزاعات الطائفية على بلداننا في الشرق الأوسط؛ فيوجد نزاعات في شبه القارة الهندية وأفغانستان وجمهورية أفريقيا الوسطى؛ التي شهدت أعمال قتل وتهجير تم وصفها بأنها كانت على خلفية إثنيه وطائفية، وهناك تداخل بين السياسة والطائفية حيث اتخذ الصراع السياسي في العراق شكل اقتتال طائفي منذ عام 2006، كما شهدت لبنان أيضًا حربًا أهلية طويلة نسبيًا من عام 1975 إلى1990اتخذت أشكالًا طائفية انتهت تلك الحرب باتفاق الطائف عام 1989، ومن هنا أصبحت لبنان أكثر طائفية بعدما أصبحت الطوائف اللبنانية الفاعل السياسي الحصري في السياسة اللبنانية بعد تطبيق اتفاق الطائف.[46]
وبم أن موضوع الدراسة يتعلق بالطائفية، لابد من دراسة التركيبة السكانية الإجتماعية لدولة العراق ولبنان لمعرفة الطوائف والإثنيات والأقليات سواء كانت قومية أو دينية، والحصول على إحصائيات تقريبية لمعرفة كم تشكل كل أقلية في كلا البلدين، ولذلك أيضًا سوف يتم عرض البيئة السياسية وطبيعة النظام السياسي في الدولتين وشكل الدولة فيها وطبيعية الدستور، بهدف معرفة مدى إعطائها فرصة لكل طوائف المجتمع للإندماج إلى الحياة السياسية وهل يوجد توزيع سلمي وتقاسم سلطة بشكل ديمقراطي أم لا؟
لذلك سوف نتناول في هذا الفصل هذه المواضيع من خلال مبحثين، المبحث الأول: التركيبة الإجتماعية في العراق ولبنان، والمبحث الثاني: التركيبة السياسية في العراق ولبنان، وبداخل كل مبحث مجموعة من المطالب والعناصر سوف يتم عرضها فيه لكي تُساعدنا للوصول إلى نتائج منطقية وعلمية.
“المبحث الأول” التركيبة الاجتماعية في العراق ولبنان
مقدمة:
يُناقش هذا المبحث بشكل عام طبيعة المجتمع العراقي واللبناني، وأهم الخصائص التي تميز تركيبته الاجتماعية، علمًا بأن هاتان الدولتان يتميزان بالتنوع عن باقي مجتمعات المشرق العربي، لتشكلهما من مجموعات دينية وقومية ومذهبية، وللحديث عن الجانب الاجتماعي لا بد من ذكر الطبيعة الجغرافية وموقع كل من دولتي العراق ولبنان، وكيف يؤثر هذا الموقع الجغرافي على الوضع السياسي والمعيشي في الدول وهذا هو الأهم في موضوع الدراسة الذي يرتكز بالأساس على تأثير الطائفية السياسية على عدم الاستقرار السياسي في كلا الدولتين، لذلك تعد البداية من هذه النقطة مهمة جدًا.
- أولًا: طبيعة وجغرافية العراق ولبنان:
تعد طبيعة وجغرافية لبنان والعراق متميزة بميزات تجعلها تختلف عن الأخرى، سواء كان يتعلق الأمر بالمساحة أو الموقع الجغرافي أو حتى الثروات الطبيعية، وتنوع التضاريس من جبال وسهوب وصحاري ومياه وأنهار، وهذه النقاط مهمة أيضًا في التأثير على سياستها وقوتها واقتصادها، كما تشكلان نقاط استقطاب للعامل البشري وسببًا في التنوع الاجتماعي الذي يعد محورًا أساسيًا لما يتعلق الأمر بتركيبة سكانية طائفية معينة تستوطن في هذه الرقعة الجغرافية.
بالنسبة للموقع الجغرافي للعراق، تعد العراق أحد الدول العربية الواقعة في المشرق العربي وتتمثل أهميته في موقعه في الطرف الشرقي من الهلال الخصيب، الذي يبدأ من رأس الخليج العربي ثم يمر بالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن والخليج العربي، حيث يقع العراق بالتحديد في شمال شرق الوطن العربي إلى الجنوب الغربي من قارة أسيا، حيث يحدها من الشمال تركيا ومن الشرق إيران ومن الجنوب الخليج العربي والكويت والسعودية، ومن الغرب سوريا والأردن.[47] وأيضًا لبنان كانت تتميز منذ تأسيسها عام 1920 بأن موقعها الجغرافي جعل منها طريقا مفضلًا من قبل الغرب للمرور نحو الداخل العربي، كما أسهم هذا بتميزه عن جيرانه من الناحية التجارية والاقتصادية حيث شهد لبنان مؤشرات التحول الصناعي في المنطقة، حيث أراضي الجمهورية اللبنانية تقع داخل نطاق قلب العالم العربي الكبير، حيث يطل الجانب الغربي للبنان على البحر الأبيض المتوسط، وتشترك الحدود الشمالية والشرقية لأراضيه مع الحدود الجنوبية الغربية لسوريا، كما تطل الحدود الجنوبية للبنان على الأراضي الشمالية لفلسطين المحتلة، ويبدو المظهر العام للأراضي اللبنانية على شكل نطاق جبلي مستطيل الشكل، ويعد موقع لبنان من أهم مراكز النقل والتجارة.[48]
- ثانيًا: التقسيم الإداري للعراق ولبنان:
وبالنسبة للتقسيم الإداري لكل منهما فتُقسم العراق إداريا الى ١٨ محافظة ولكل منها عدد من النواحي والأقضية، ويعرف العراق تاريخيًا بأنه من أقدم الحضارات، حيث اتسمت بلاد ما بين النهرين بتوافد مجموعات سكانية متنوعة دينيًا ومذهبيًا وعرقيًا؛ ساهمت عبر التاريخ الممتد في تكوين تركيبته الاجتماعية، من خلال الحفاظ على خصوصيتها وتنوعها، وخلال الفترة العثمانية تشكل إقليم العراق الجغرافي والسياسي من ثلاث ولايات منفصلة اجتماعيًا وإدارًيا وهي بغداد والبصرة والموصل.[49] وعلى عكس ذلك لبنان حيث نجدها بلد صغير يعتمد اقتصاده على قطاع الخدمات، ويعتمد كثيرًا على دول الخليج العربية حيث يصدر القوى العاملة المؤهلة ويتلقى التدفقات النقدية والاستثمارات التي تثير اقتصاده، وعلى الرغم من صغر مساحة لبنان وطبيعتها الجبلية فإنها مقسمة على ثماني محافظات.[50]
- ثالثًا: أهمية الموقع الجغرافي للبنان والعراق:
وبالنسبة لأهمية الموقع الجغرافي لكل منهما: فإن موقع العراق الجغرافي يعتبر عنصر مهم في تشكيل سياسته الخارجية، فهو بمثابة بوابة الوطن العربي الشرقية والحاجز الدفاعي لحماية الأمن القومي العربي، فقد ترتب على وضعه الجغرافي ومجاورته لأكبر وأخطر قوتين إقليميتين تركيا وايران تميّز العراق بموقع مركزي عالمي جعله يربط الشرق بالغرب فهي ذات موقع جغرافي خطير يكسبها صفة السيطرة والإشراف على القسم الشرقي من الوطن العربي، سواء كان بحري من خلال نقل السلع والمنتجات من دول شرق وجنوب شرق أسيا عبر المحيط الهندي والخليج العربي، وتتميز العراق بالموقع العسكري الاستراتيجي الذي يعد في غايه الأهمية فالعراق يعتبر جسر بري أيضًا يربط مناطق شرق ووسط اسيا بأوروبا والعالم الجديد من خلال تركيا، وله أهمية كبرى في منطقه الشرق الأوسط بحيث يفصل بين مثلث القوى العالمي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وايضا اقليميه ايران وتركيا، كما أنها تمتلك ثروات معدنيه كثيره ومخزون نفط هائل يعد ثاني دوله في العالم من حيث الاحتياطي النفطي[51]، ولكن تختلف الأهمية في لبنان من حيث أنه يؤثر بالأكثر على تنوع الظروف المناخية في لبنان؛ حيث تمتاز بمناخ معتدل وكان لذلك أثر الكبير في تنوع الغطاءات النباتية الطبيعية، وتميز الجبال اللبنانية في فصل الصيف بمناخ معتدل واحتلت لبنان بفضل موقعه الجغرافي وتنوع تضاريسها ومناخها مكان هامة بين الدول في ميدان السياحة والتجارة، حيث يعد جبل لبنان العمود الفقري للبلد وحصنه حيث تعد لبنان باختصار جبل عالي منفتح على المتوسط.[52]
رابعًا: تأثير الجغرافيا على السياسة في العراق ولبنان:
والجدير بالذكر أن الجغرافيا كان لها تأثير على سياسة العراق، فالحرب العراقية الإيرانية التي يُطلق عليها حرب الخليج الأولى سببها كان جغرافيًا، وعدم إطلال العراق على منفذ بحري جعل منها دوله مغلقه، كما أن القرب البري أدى لعدم الاستقرار والتدخل في الشؤون الداخلية للدولة من دول الجوار ولهذا تؤثر الجغرافيا في السياسة العراقية، كما تعاني العراق من موقع طرفي؛ لأنه يقع في أقصى الشمال الشرقي من الوطن العربي فوجود المنطقة المحايدة بين العراق والكويت والسعودية التي هي غنيه بالبترول وتعد من نقاط الخلاف بين الدول فموقعه الجغرافي ليس لصالحه ويعد عنصر ضعف، كما أدت الظروف المناخية القاسية وارتفاع درجة الحرارة إلى زيادة حدة التبخر مما يدفع لزيادة ملوحة التربة ويمنع الزراعة في بعض المناطق في العراق، لذلك يلعب الموقع الجغرافي دور كبير في ثقل الدولة.[53] فبالنسبة لموقع لبنان الذي يتوسط قارات العالم الثلاث في المنطقة المعتدلة الشمالية وسط الساحل الشرقي للبحر المتوسط في الطرف الغربي لقارة أسيا يعطي له أهمية اقليميًا ودوليًا، بالإضافة إلى دوره كوسيط تجاري ونقطة مرور للدول العربية، ولهذا الموقع دور في جعل لبنان مركز جذب سياحي نظرًا لقرب لبنان من مركز الحضارات القديمة، وكون مناخ لبنان معتدلًا ومتنوعًا يسهم القطاع السياحي ب 20% من الدخل القومي، كما أسهم تنوع المناخ في النشاط الزراعي الذي يسهم 5% من الدخل القومي وتوفر 15% من اليد العاملة وتشكل 33% من الصادرات اللبنانية وهو إنتاج ضعيف بسبب تقلب المناخ.[54] وأيضًا غزو العراق للكويت في أغسطس 1990 كان بالأساس صراع حدودي تمهيدًا للسيطرة على شبه جزيرة العرب، فقامت الولايات المتحدة الأمريكية بحشد العالم ورائها لطرد العراق من الكويت سنه 1991 وسلسلة العقوبات التي فرضتها عليها مما دفع لتدهور أوضاع العراق الاقتصادية والبشرية، ثم قامت باحتلال العراق في مارس 2003 بزعم امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل لكي تحتلها، ولأنها أيضًا كما ذكرنا تمتلك ثاني الاحتياطات البترولية في العالم لذلك نستنتج أن بما تمتلكه الدولة من موارد طبيعية إضافة لموقعها يجعلها محل أطماع.[55]
- خامسًا: التوزيع الديني والعرقي والقومي في لبنان والعراق:
من الجدير بالذكر أنه منذ عام 1997 لم يجري أي تعداد سكان شامل في العراق وبصورة أخص لا توجد أي إحصائية رسمية تبين حجم الطوائف الدينية والقوميات العرقية ونسب توزيعها على الرقعة الجغرافية، وكل ما يصدر عن المؤسسات ومراكز الأبحاث في هذا الشأن هو تكهنات تعتمد على إحصاءات قديمة جدًا أو على مرجعيات إحصائية أخرى.[56] وأيضًا تعد الإحصائيات السكانية المتعلقة بالطوائف في لبنان قليلة وإن وجدت فهي غير رسمية أو غير مضبوطة، وهذا يعد من بين الصعوبات التي لا تمكّن الباحث من دراسة دقيقة للطوائف فيها.[57]
ويتّصف المجتمع العراقي بغلبة الانقسامات، حيث سادت في تركيبته الاجتماعية العديد من التناقضات التي تسيّدت على الواقع الاجتماعي في مراحل مختلفة من تاريخ العراق السياسي والاجتماعي، كالتمايز بين الحضر والريف وبين الطبقات الاجتماعية فضلًا عن التمايزات الحزبية والقومية والطائفية والمذهبية، ولم تكن السياسة التي انتهجتها النظم العراقية المتعاقبة تُوحي بجدية العمل على دمج الجماعات في إطار هوية موحده، وبدلًا من التوحيد عملت على شرخ وتشتيت الهوية الوطنية العراقية وبناء دولة شديدة المركزية تعاملت مع الانقسامات المجتمعية للتنوع بوصفها إشكالية تهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي.[58] ولكن اختلف لبنان عن باقي الدول العربية في مستوى التركيب الاجتماعي الطائفي حيث كان ملجأ لعديد من الطوائف الدينية مما اضطره دائمًا إلى ممارسة تجربة العيش المشترك، وأيضًا شكّل التنوع الديني في المجتمع اللبناني مصدر للتمايز والخصوصيات وذلك أثّر على طبيعة النظام السياسي فيما بعد.[59]
- التعداد السكاني في العراق ولبنان:
بالنسبة للتعداد السكاني تجاوز عدد سكان العراق للعام 2024 حسب البيانات والمؤشرات السكانية الصادرة على الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقية 40 مليون نسمه، وأكبر مدن العراق بغداد التي بلغ عدد سكانها حوالي 8 ملايين نسمه، ثم تليها الموصل ثم البصرة[60] ويعد هذا التعداد الرسمي الأول منذ العام 1987 والذي جاء نتيجة التوافق السياسي بين إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية في بغداد على إجراء تعداد شامل للسكان لضمان رسم خطط تنموية مثمرة وتحقيق توزيع عادل للثروات والخدمات.[61] والجدير بالذكر أيضًا في حالة لبنان أن الطائفية هي مظهر تاريخي وليست فقط عرضية، وبالتالي فإن الطائفية نشأت في مرحلة تاريخية معينه ثم تطورت وتجذرت في المجتمع اللبناني وأصبحت تشكل كيانه[62]، وحسب الدولية للمعلومات فإن عدد اللبنانيين في عام 2021 بلغ ما يُقارب 5،26 مليون نسمة حسب كتاب حقائق العالم لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.[63]
وتبين في العراق أن التركيبة السكانية متعددة القوميات والأديان والمذاهب حيث شكّل الشيعة العرب 64،5% ، والسنة العرب 32%، والمسيحيون 3% من مجموع السكان، يضاف لهم مجموعات قوميه من الفرس والتركمان والآشوريين والكلدان والكاكائيين والبدو والرومان والشبك وقدرت نسبتهم 3،5% من مجموع السكان.[64]
في حين أن التعداد السكاني الرسمي الصادر عام 2024 لم يتضمن أي أعداد أو نسب حول التوزيعات السكانية العرقية والمذهبية والطائفية والدينية، ولعل النظام العراقي الجديد القائم على التقاسم المذهبي العرقي منذ العام 2003 اعتبر أن تضمين أي إحصاءات رسمية تتعلق بالمجموعات الدينية والمذهبية والعرقية ونسبتها إلى السكان قد يعرض بعض القوة والأحزاب من الطائفة المسيطرة إلى فقدان شيء من المكتسبات والامتيازات المعتمدة على حصة كل طائفة وقومية بناء على حجمها الديموغرافي وأكثرياتها في النسيج الاجتماعي، لذلك يمكن القول أن تقدير نسبة القوميات والانتماءات الدينية خضعت للتسييس وعدم الدقة بعد العام 2003.[65]
- من حيث التركيب القومي:
يتشكل العراق من مزيج قومي كبير وذلك يعود لموقعه الجغرافي والحضارات التي قامت على ضفاف دجله والفرات، حيث يتكون من :
أ_ العرب: يمثلون القومية البارزة في العراق وتبلغ نسبتها نحو 80% من سكانه ويوجد تداخل واندماج لقومية العرب مع القوميات الأخرى، ويشترك العرب بصفة خاصة بتميزهم عن باقي القوميات فهم يتكلمون اللغة العربية لديهم شعور بالولاء للوطن والأرض التي يعيشون بها بتربطهم مصالح سياسية واقتصادية وحضارية واحدة ويتركزون في إقليمي الوسط والجنوب.[66]
ب_ طائفة الأكراد: بعد اتفاقية سايكس بيكو 1916 حدث التناثر الفعلي للأكراد حيث تفرقوا إلى أجزاء موزعة على إيران وسوريا وتركيا والعراق، ويتمركز الأكراد في المناطق الجبلية شمال العراق، ومعظم سكان إقليم كردستان العراق يعتنقون الديانة الإسلامية ويتوزعون في محافظات دهوك وأربيل والسليمانية وحلجة، وشهدت القضية الكردية في سبعينيات القرن العشرين العديد من التحولات التي كانت حصيلة الثروات والعمل الحزبي المكثف والحركات المسلحة، ففي مارس 1970 جرى صياغة قانون الحكم الذاتي للأكراد واعترف دستور 1970 صراحه على منحهم الحكم الذاتي والاعتراف بقومتيهم ولغتهم وتوليهم مناصب تراعي الكفاءة والنسبة إلى السكان، ويكون أحد نواب رئيس الجمهورية من الأكراد، ومن الفترة(١٩٢١ الر ٢٠٠٣) تصاعد تدخل القوى الخارجية التي دائمًا ما كانت تستخدم الورقة الكردية حينما تتوتر العلاقة بينها وبين الحكومة العراقية حيث مارس الإيرانيون والأمريكيون نفوذًا على الأكراد لا بدافع التعاطف؛ معهم بل الوقوف بوجه المد القومي أثناء حكم البعث الذي تمتعت حكومته بصلات وثيقة مع الدول الاشتراكية المعادية للغرب، وكذلك دعمت إسرائيل كردستان العراق من خلال مدها بالسلاح والخبراء العسكريين لتدريب المقاتلين الأكراد، تخوفًا من المحيط المعادي لها التي كانت دولة العراق بقيادة صدام حسين جزءًا منه.[67]
ج_ الطائفة التركمانية: يعد التركمان ثالث الجماعات العرقية الرئيسية في العراق بعد العرب والأكراد وغالبيتهم العظمى من المسلمين السنة والشيعة فيما يدين قسم آخر منهم بالديانة المسيحية كاثوليك، ويتعصبون بشده لعدم استخدام اللغة التركية. ويوجد طوائف أخرى من الأرمن والكرد الفيليون، والبهائيون.[68]
وبالنسبة للبنان فتتشكل من:
1_ العرب: يشكلون العرب حوالي 95% من سكان لبنان من الطائفتين المسلمة (سنة شيعة موحدين دروس علويين) ومسيحية، 2_ الأرمن: يعودون أصولهم للأرمن الذين تواجدوا في لبنان منذ قرون يشكلون نسبة 4% من إجمالي عدد السكان، وقوميات أخرى من الآشوريين وكرد كرمنجيون، والمهاجرون الفلسطينيون الذين يشكلون 11% من مجموع سكان لبنان، أما اللاجئون السوريون الموجودين في لبنان بلغوا حوالي مليون لاجئ وتعد لبنان التي تربطها بسوريا علاقة جغرافية وتاريخية ثاني دولة مستقبلة للاجئين السوريين بعد تركيا.[69]
- من حيث التركيب الديني:
الأقليات الدينية في العراق ناتجة عن الانقسامات الحاصلة في الديانات والمعتقدات المختلفة وهي كثيرة في العراق:
أ_ الطائفة المسلمة: يُدين نسبة كبيرة من سكان العراق بالدين الإسلامي حيث تبلغ نسبة المسلمين في العراق نحو 96.7% من سكان العراق حسب تقديرات 2007[70].
ب_ الطائفة المسيحية: يمكن تحديد هوية مسيحي العراق على أساس إثني ومذهبي، فهم متنوعون إثنيا ما بين مسيحيين أرمن، وكلدان، وسريان، وآشوريين، وينقسمون مذهبيًا إلى مسيحيين ارذوكس وكاثوليك وبروستانت وانجليين، وتبلغ نسبة السكان المسيحيين في العراق نحو 2.14% من نسبة السكان في العراق حسب تقديرات 2007.
ج_ الطائفة اليهودية: وتتميز الطائفة اليهودية العراقية بأنها من أقدم طوائف اليهودية في العالم.[71]
د_ طائفة الصائبة: تعد هذه الديانة قديمة ولها صلة وثيقة بالديانة البابلية فهي طائفة عراقية أصيلة ارتبط تاريخها بتاريخ بلاد ما بين النهرين والدين الصائبي المندائي يُعد من أقدم الأديان العراقية، ومن وصايا الدين المندائي إنه يفصل الدين والسلطة عن بعضهم البعض.[72]
ذ_ طائفه الكاكائيون: هم ليسوا بقومية مستقلة ولا دين مستقل وتعرضوا للاضطهاد من طرف داعش 2014 بعد سيطرتهم على الموصل.
طائفة الشبك: وهم مسلمون غالبيتهم من الشيعة وهي إحدى الأقليات التي تعيش في شمال العراق،
خ_ طائفة الأزيديون: يوجد صراع بينهم وبين الأكراد، فهم يعدوا من أقدم الجماعات العرقية والدينية في العراق وجذور ديانتهم تعود الى الاف السنوات في بلاد ما بين النهرين وغالبيتهم من العرب فهم الاكثر عددا من بين الاقليات.[73]
والأمر نفسه من حيث تعدد الطوائف الدينية في لبنان، حيث لعبت سلطات الانتداب قديمًا في لبنان على ورقة التمييز الطائفي بين المسيحيين والمسلمين، وكذلك أسهمت فرنسا العلمانية في إقامه النظام السياسي اللبناني على أساس طائفي، فقد صدر عن المندوب السامي الفرنسي عام 1936 قرار يضفي الصفة المؤسستية على 18 طائفة دينية في سوريا ولبنان تتمتع بالامتيازات الطائفية التقليدية وأضاف لها البروستانتينيه فيما بعد.[74]
١_ الطائفة المسيحية: سكن في لبنان جماعات مسيحية متناحرة، بعضها تعاون مع المسلمين والبعض الآخر تعاون مع البيزنطيين واشترك في الحرب ضد العرب ويتشكلون بين: أ_المارونية: وقد كان بينها وبين الدولة الإسلامية رباط من العلاقات وطيدة منذ تولي معاوية ولاية الشام، وبعد أن كانت الطائفة المارونية من أكبر الفرق المسيحية في النسيج الاجتماعي والطائفي في لبنان تكاد تنقرض اليوم، ويبلغ عدد الموارنة في لبنان ما يقارب 23% من إجمالي عدد السكان، ب_الروم الأرثوذكس: وهم طائفة تتبع الطقس البيزنطي وتستعمل في لبنان والبلدان العربية اللغة العربية ويخضع أبنائها لبطريرك أنطاكية وسائر الشرق، ج– الروم الكاثوليك، د- الأرمن: وهم أعضاء من أمة مسيحية قديمة جاءت بأعداد كبيرة للبنان في سنه 1915 وفي هذه السنة تحديدًا ارتكبت القوات العسكرية التركية مذابح مشينه ضد الأرمن وبعد الحرب العالمية الأولى قام قادة الموارنة في لبنان وحلفائهم الفرنسيين على العمل على زيادة عدد السكان المسيحيين وكانت فرصة من ذهب للأرمن اللاجئين لإعادة توطينهم ومنحهم الجنسية اللبنانية وقد استقروا في النواحي الشمالية من بيروت، ونستنتج مما سبق أن الطوائف المسيحية الأساسية في لبنان هم الموارنة والروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس والأرمن الكاثوليك والأرمن الأرثوذوكس أما الطوائف المتبقية فهي طوائف عددها قليل ولم تلعب دورًا بالغ الأهمية في التركيبة الطائفية اللبنانية مثل الانجيليون واليعاقبة والسريان وكلدان.[75]
٢- الطائفة المسلمة: كانت لبنان مسرحًا للانشقاقات الدينية في أوساط الدين المسيحي عندما ظهر الدين الإسلامي في الجزيرة العربية، فكانت كثيرة الفرق والشيع التي كانت بزنطة تغذيها باعتبارها ورقة رابحة تمكنها من السيطرة وبسط النفوس مما أدى لضعف الإيمان لدى الكثير، ولكن بمجرد دخول الجيوش الإسلامية للمنطقة أسلم الكثير من السكان وبذلك أصبحت دين الإسلامي قوة وازدهرت الأمور بعد قرنين كاملين من التخلف والانشقاق.[76]
- السنة: يعود وجود المذهب السني في لبنان إلى دخول الجيوش الإسلامية الأولى للمنطقة سنة 635 ميلاديًا وقد بلغ عددهم ما يقارب 20% من مجموع السكان.
ب_ الشيعة: تاريخيًا شكلت بيروت ثم جبل عامر المركز الرئيسي لتجمع الشيعة في المقاطعات اللبنانية حيث شكلوا ما يزيد عن 80% من عدد سكان الجبل في بداية القرن 19 وكان مركز لنشر التشيع من خلال المدارس الدينية المنتشرة فيه.
ج_ الدروز: وقد أدرجت الطائفة الدرزية من ضمن الطوائف المسلمة لهذا من الصعب الحصول على إحصائية دقيقة، ٣_ الطائفة اليهودية: وهم يعتبروا جماعة من أهل البلاد الأصليين استنادًا إلى التاريخ ومذكرات الرحالة اليهوديين.[77]
ومن الملاحظة أن من ناحية عدم الاستقرار المتعلق بالطائفية فإن لبنان تشتمل على حالتين، الشيعة من حيث الصراع الطائفي والفلسطينيين المهاجرون من حيث القومية العرقية وكلاهما تورط في الحرب الأهلية التي تمت السيطرة عليها ولكن عدوهما مختلف، ومقارنة بين عدد الطوائف المسيحية والطوائف المسلمة في دولة لبنان مع اقتطاع عدد المهاجرين نجد أن المسلمون يشكلون أغلبية أكبر من المسيحيين، وهذه الاسباب تتعلق بالمعتقدات وليس لهجرة أو قلة متتبعي الديانة المسيحية.[78]
- سادسًا: الأهمية السياسية للسكان بالنسبة للعراق ولبنان:
العراق يُعاني زيادة نسبة السكان وقد يكون هذا أساس أزماته، حيث تؤثر الزيادة السكانية على الإنتاج الزراعي والادخار والاستثمار، وبالتالي ينخفض معدل دخل الفرد والنمو الاقتصادي، وأيضًا إذا لم يكن هناك صراع بين الديانات المختلفة فإن الانسجام الديني يؤدي إلى القوة السياسية والعكس، في التعقيد الديني والمذهبي يؤدي لضعفها فالتعصب الديني ومحاولة التخلص من الأقليات الدينية يُؤدي لخسائر كبيرة؛ فعندما طرد الكاثوليك المسلمين من أسبانيا فقد طردت مهارات كان يُمكن الاستفادة منها فمثلًا الطائفية الدينية في لبنان أثرت في تدهور الأحوال السياسية التي عانت منها البلاد لأكثر من 15 سنه، وهو نفس الوضع بالنسبة للعراق فممارسات نظام صدام حسين ضد العديد من الأقليات والطوائف كان له الأثر البارز في التحولات اللي حصلت بالعراق، وهو ما أدى لتحول العراق من قوة إقليميه يُحسب لها ألف حساب إلى دولة تحت سيطرة أمريكا[79].
وأيضًا سبب ما تمر به لبنان هو النزاع المذهبي والديني فلا تزال الدولة تحصد ويلات الحرب الأهلية الدامية ولا تزال المناصب السياسية في الحكم تقسم على أساس ديني ومذهبي وطائفي وهو ما أثر في قوة الدولة وأمنها القومي وكلما كانت عدد دول الجوار لدولة ما كثيرة كلما زادت الأعباء الملقاه على عاتق الدولة من خلال تحملها مسؤوليه إدارة شؤون الجوار، وبالرغم من أن هناك دول تتعدد فيها الديانات بحيث لا تتغلب مجموعة على أخرى ولا تشكل خطرًا، لكن في كل من حالتي لبنان والعراق يظهر الخلاف على أساس ديني؛ ففي العراق بين طائفه الشيعة والسنة من المسلمين وفي لبنان بين الشيعة والسنة من جهة وبين المسلمين بصفة عامة والمارونيين، وتبدو أهميه الدين في تماسك الدولة عندما تكون الدولة بأكملها على دين واحد مما ساعد على تماسك الدولة، ففي لبنان كانت الفروقات الدينية دليل التمزق، ومهما كانت تنسيق موجود بين الطوائف في لبنان فإن التمزق هو الذي يمثل المشكل اللانهائي التي تضعف الكيان البشري وتقلل من وزن لبنان في المجتمع الدولي.[80
المبحث الثاني “البيئة السياسية في العراق ولبنان”
مقدمة:
على الرغم من أن العراق ولبنان مُجتمعان مُنقسمان بشدة إلا أنهما إتبعا مسارات سياسية مختلفة؛ في حين أن لبنان إستوعب الطائفية ضمن ديمقراطية توافقية منذ بدايتها، ولكن اختلف الأمر في العراق حيث كانت تتبع حتى عام 2003 نظام استبدادي يقمع الطائفية ظاهريًا ولكن بعد عام 2003 بدأت السياسة العراقية تتقارب مع التوافقية اللبنانية.[81]
وسنوضح في هذا المبحث ما أوجه الشبه والاختلاف بين النظام السياسي في كل من العراق ولبنان.
أولًا: النظام السياسي في العراق ولبنان وأوجه الشبه والإختلاف بينهم :
ذكرنا أن النظام السياسي في العراق مُختلف عن لبنان لأنه من المعروف أن أي دولة هي التي تضع نظامها السياسي وفق ما يتلائم مع خصوصيتها، لكن الأمر في العراق إختلف تمامًا فقد وُضع نظامها السياسي في وقت كانت تمر فيه العراق بوضع سياسي إستثنائي وعدم استقرار، وتدخل أجنبي ونتج عن هذا التدخل الخارجي للعراق إحتلال أمريكي وهذا بدوره أدى إلى القضاء على الروح الوطنية وتفتيت وحدة جسد المجتمع، فبعد 2003 دخلت العراق مرحلة جديدة من مراحل إعادة بناء الدولة الوطنية، وكان تغيير النظام السياسي من أول مراحل هذا البناء؛ حيث تغير النظام السياسي من نظام البعث الديكتاتوري الاستبدادي إلى نظام سياسي ديمقراطي توافقي، وأيضًا تلى ذلك تغييرات أخرى كالتغيير في شكل الدولة من دولة بسيطة إلى دولة مركبة، والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة لم تتدخل في العراق بحجة المحافظة على وحدة العراق ولكن في الحقيقة أن مشروعها الفيدرالي الذي تبنته من خلال الدستور الجديد قائم على أساس تقسيم طائفي عرقي بدءًا بإقليم كردستان العراق.[82] وتتنوع البنية الطائفية في كل من لبنان والعراق حيث تتصارع على السلطة والحصول على النفوذ مستخدمة الورقة الطائفية لخدمة مصالحها، وهذا ما يجعل العراق ولبنان مشابهين في ترتيبات السلطة، وتُعرف الطائفية في لبنان بأنها نظام سياسي يتحدد على أساسه التمثيل اللبناني وتأليف الحكومات، وتوزع القوى السياسية، ونظام إداري على أساسه تستند وظائف الإدارة، وهي حالة نفسية قوامها شعور لبناني أنه ابن طائفته قبل أن يكون لبنانيًا وشعوره بالتضامن مع أبناء طائفته والتباعد عن باقي مواطنيه، حيث أن الطائفية في لبنان هي كيان مستقل قائم بذاته متماسك بلحمته الداخلية.[83]
ومن معالم المرحلة السياسية الجديدة في العراق بعد ٢٠٠٣ هي : أن عملية بناء الدولة في العراق بدأت بغزو أمريكي عام 2003، وتم تشكيل حكومة ائتلاف مؤقتة في نفس العام تحت سلطة الدبلوماسي الأمريكي بول بريمر، وانتهت هذه العملية بوضع دستور 2005، وتضمن هذا الدستور العديد من المواد التي تحمي حقوق الإنسان وتمنع تكريس الطائفية وتدل على تحقيق الديمقراطية في المجتمع العراقي بهدف القضاء على أي ثغره لتفتيت جسد النسيج المجتمعي العراقي، لكن هل تحقق هذا الهدف؟![84]
الوضع إختلف في لبنان من حيث أن فترة الحرب الأهلية في لبنان في الفترة 1975 إلى 1990 هي التي أدت إلى إعادة هيكلة لبنان، حيث انتقل من مرحلة الثنائية الإسلامية المسيحية إلى مرحلة الرباعية الطائفية المسيحية، السنية، الشيعية، الدرزية، حيث بدأت الطوائف بالانتقال للدولة ثم للمجتمع بأكمله، لذلك نجد أن الطائفية السياسية متطورة عبر تاريخ لبنان ومنذ قيام الدولة كانت عائقًا أمام بناء هويه وطنية مُوحدة.[85]
وتم بناء النظام السياسي في لبنان على مبادئ التعددية الطائفية يُطلق عليها الديمقراطية التوافقية بتقاسم المقاعد النيابية بين المسلمين والمسيحيين، ومنذ إعلان استقلال لبنان عام 1943 أصبح واقع نظام الحكم في لبنان مزيج بين دستور ووفاق، حيث تم وضع الميثاق الوطني بعد الاستقلال بهدف وضع أرضية مشتركة تسمح لكل الطوائف للعيش بسلام وجعل الوطن فوق الجميع، ومن أهم الأسباب التي أدت إلى وضع هذا الميثاق هو الصراع بين اتجاهين: الأول، مسيحي طالب بأن تكون لبنان مسيحية مرتبطة بفرنسا نظرًا للمصالح المشتركة، والثاني اتجاه إسلامي وطالب بأن تكون لبنان جزء من سوريا، ولكن في الحقيقة هذا الميثاق ما هو إلا انعكاس لسياسات الدول الاستعمارية التي هدفت لجعل الدول ضعيفة، وعرفت وثيقة الوفاق الوطني باتفاق الطائف حيث كانت بداية مسار توقف المعارك العسكرية الداخلية في لبنان، حيث أنه اتفاق شامل تطرق إلى كافة نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في لبنان وغيّر أيضًا في صلاحيات السلطة السياسية.[86]
ثانيًا: نظام الحكم في الدستور العراقي واللبناني:
وبينما نصت المادة الأولى من الدستور العراقي على أن العراق جمهوريه اتحاديه ديمقراطية، ونظام الحكم فيها جمهوري برلماني بعد أن كان النظام سنة 2003 يتميز بإضفاء الاعتبارات الفردية والشخصية في إدارة الدولة بعدها انتقل لمرحلة مؤقتة ما بين 2003 و 2005، وبعد هذا أنتج نظام جديد لم تعرفه العراق منذ تأسيسها سنة 1921، وقد كانت الدعوة في الدستور نحو فيدرالية العراق على أسس قومية ومذهبية إحدى بوادر الصراع للهيمنة على السلطة وفي نفس الوقت أحد بوادر التحرر عن جسد الدولة.[87]
وجاء الدستور اللبناني 1926، وظهر في ظروف إقليمية ودولية، وقد كرس أيضًا الصيغة الطائفية وأصبحت جوهر الممارسة السياسية فيما بعد، ونص هذا الدستور على أن نظام السياسي في لبنان هو نظام جمهوري نيابي برلماني، وبالرغم من أن الدستور اللبناني ينص على أن الشعب مصدر السلطات والنائب يمثل الأمة بأكملها لكن في الواقع العملي شيء آخر فالنائب يمثل فقط أبناء طائفته، وقد خضع هذا الدستور لتعديلات عديدة من بين 1927 الى 1943 خضع الى أربعة تعديلات.[88]
ثالثًا: ملامح الفدرالية في لبنان والعراق:
- السلطة التشريعية:
تُمارس السلطة التشريعية في لبنان من قبل مجلس واحد يحدد قانون الانتخابات عدد أعضائه، ويتم توزيع المقاعد على الطوائف كالآتي 30 مقعد للموارنة، و 20 مقعد للسنة، و19 مقعد للشيعة و16 مقعد للدروز، و 11 مقعد للروم الارثوذوكس، ومن اختصاصاته يعمل المجلس لمدة أربع سنوات، ويقوم ببعض المهام القضائية وله اختصاصات أخرى كثيره منها إقرار الموازنة ومحاكمة الرؤساء والوزراء وتعديل الدستور.[89]
ومن الجدير بالذكر، تأثّر تطبيق الفيدرالية كثيرًا في العراق لأنه جاء في وقت إتسمت فيه العراق بعدم الاستقرار والانقسام وظروف الحرب والتدخل الأجنبي الأمريكي، حيث كان الهدف من الفيدرالية الذي جاء به دستور 2005 هو الحفاظ على هوية المكونات الطائفية في العراق من القتل والإعتقال والتهجير وحرمان الحقوق، حيث أرادت أمريكا للعراق نظامًا فيدراليًا يُشبه تجربة الولايات المتحدة في ذلك، فيُحافظ على التقسيم الإداري في 18 محافظة، ومع مرور الوقت تتحول كل مجموعة أقاليم فيدرالية تتمتع بمجالس محلية منتخبة وتصبح بغداد ولاية مركزية لها.[90]
في حالة السلطة التشريعية في العراق، على عكس لبنان تتكون السلطة التشريعية في العراق من مجلس النواب ومجلس الاتحاد “المجلس الأعلى”، حيث يمثل مجلس النواب الشعب، وله صلاحيات محددة منها الرقابة والتشريع، أما مجلس الاتحاد ممثل عن الأقاليم وعن المحافظات غير المنتظمة في اقليم ما.
- السلطة التنفيذية:
وتتكون السلطة التنفيذية في العراق من مجلس الوزراء ورئيس الجمهوريه ومجلس الرئاسة، وتتمثل صلاحيات رئيس الجمهورية في المصادقة على القوانين التي يصنفها مجلس النواب، وتتمثل صلاحيات رئيس مجلس الوزراء أنه في يده السلطة الفعلية وله العديد من الصلاحيات فهو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة والقائد العام للقوات المسلحة أما صلاحيات مجلس الوزراء فهي تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة والإشراف على عمل الوزارات.[91]
في الحالة اللبنانية تتكون من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، حيث يعد رئيس الجمهورية مركز السلطة الفعلية في الدولة، وسلطته لا تتوقف عندما ينص عليه الدستور فقط، ولكن بعد اتفاق الطائف عدلت بعض سلطات رئيس الجمهورية فصارت سلطته رعائية فقط، ويُلاحظ أن فاعلية الدور الذي يقوم به رئيس الجمهورية تنبع من كونه حكمًا بين الطوائف الدينية والأحزاب السياسية بحيث أن انحيازه لطائفة معينة يضعف من موقفه كثيرًا ويقف حاجزًا أمام قيامه بدوره، وفي مجلس الوزراء يتم اختيار الوزراء من بين أعضاء مجلس النواب، وقد يتم اختيارهم من خارجه وقد جرى العرف الدستوري على أن يختار رئيس الوزراء من السنة ونائبه من الطائفة الأرثوذكسية، ووزير الخارجية من الطائفة الكاثوليكية، ورئيس الدفاع درزي، ووزير الأشغال ماروني، ولكن لم يعد العمل به موجودًا.[92]
السلطة القضائية :
في لبنان تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام ينص عليه القانون والقضاة مستقلون في إجراء وظيفتهم، أما في العراق تتكون السلطة القضائية من مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا محكمة التمييز ومحاكم فيدرالية تخضع لقوانين، ومحكمة مركزية للنظر في الجرائم الكبرى.[93]
رابعًا: الأزاب السياسية في العراق ولبنان:
المؤسسات السياسية في النظام السياسي العراقي المتمثلة في الثلاث سلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية تمثل تقاسمًا للسلطات، وهنا يبرز سيطرة وتأثير الأحزاب السياسية على إدارة المؤسسات والعاملين بها وهو ما يُسمى بشخصنة السلطة لصالح أحزاب سياسية، أيضًا يوجد أحزاب سياسية مهمة في لبنان والتي تشكل نظامها السياسي وتتنوع وتتعدد، وتحمل معظمها هوية طائفية.
حتى عام 2003 كان حزب البعث العربي الاشتراكي يحتكر العمل السياسي في العراق، وكان حزب البعث يرجع تأسيسه في سوريا عام 1941 بجهد مشترك ساهم فيه كل من ميشيل عفلق المسيحي الأرثوذوكسي، مع صلاح البيطار المسلم السني وزكي الأرسوزي المسلم العُلوي، ثم إمتد الحزب الى العراق، ولكن بعد عام 2003 إختلف الوضع جذريًا في العراق وتم التحول الى التعدديه الحزبية ولكن مع هذه التعدديه لم يكن لحزب البعث وجود، حيث نصت المادة السابعه من دستور 2005 في العراق على أن “البعث الصدامي” لا يجوز أن يكون ضمن التعددية السياسية وبذلك لم تشمل الخريطة الحزبية المليئه بعشرات الأحزاب السياسيه من وجود حزب يحمل إسم حزب البعث[94]، أيضًا يسير الوضع في الحالة اللبنانية حيث تعد الأحزاب السياسية اللبنانية من أبرز الفواعل المؤثرة في النظام السياسي اللبناني وعاملًا رئيسيًا في عملية الإستقرار وعدم الإستقرار، ويدخل النظام الحزبي اللبناني في إطار النمط التنافسي التعددي والجدير بالذكر في شأن دراسة الظاهرة الحزبية في لبنان هو كثرة الأحزاب التي تعددت وتشعبت إلى حد يستحيل معها وصف النظام الحزبي اللبناني بالتعددي أو مقارنته مع نماذج الديمقراطيات، حيث أن الطبقة الحزبية اللبنانية تصل إلى حد التفكك وذلك بسبب الإنقسامات التي يشهدها النظام اللبناني.[95]
أوجه الشبه والإختلاف بين الأحزاب السياسية في العراق ولبنان:
تُمثل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية نقطة بارزة ورئيسية في الساحة اللبنانية، وتنقسم إلى أحزاب سُنية (كتيَّار المستقبل والجماعة الإسلامية في لبنان)، أما على الساحة الشيعية فيُعد (حزب الله وحركة أمل) الوجه الأبرز، إضافةً الى أحزاب أخرى تُنسب إلى الدروز كالحزب التقدمي الإشتراكي أو العلويين كالحزب الديمقراطي العربي، أما في الحالة العراقية تتفق فيها مع لبنان في أن الخريطة الحزبية لدى العراق تتوزع أيضًا على قسم شيعي ويشمل (حزب الدعوة- المجلس الأعلى الإسلامي- التيار الصدري- عصائب أهل الحق- حركة الوفاق الوطني)، وقسم سُني يشمل (الحزب الإسلامي العراقي- جبهة الإنقاذ والتنمية- المشروع العربي في العراق- التجمع المدني للإصلاح- حزب التقدم في العراق- الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية). لكن تختلف عن لبنان في أن العراق تشمل على أحزاب كرديه من أبرزها ( الإتحاد الديمقراطي الكردستاني، الاتحاد الوطني الكردستاني، حركة التغيير، الحركة الإسلامية الكردية)
وسوف نعرض معلومات عن بعض الأحزاب السياسية التي تم ذكرها في العراق ولبنان منهم:
1-حزب الله:
يمثل حزب الله إحدى أهم القوى السياسية في لبنان والتيار السياسي الشيعي الأبرز فيها، وقد فرض نفسه بقوة على الساحة السياسية اللبنانية، واكتسب شرعيته المحليه والإقليمية عن طريق المقاومة العسكرية للإحتلال الإسرائيلي، ويُؤرخ للوجود التنظيمي لحزب الله بعام 1982، إلا أنه يُمثل وجود فكري وعقائدي يسبق هذا التاريخ، وتشكل الحزب في ظروف يغلب عليها طابع المقاومة لإسرائيل التي إجتاحت لبنان وقد اكتسب شرعية من الولي الفقيه، وتمت صياغة ورقة نهائية حملها تسعة أشخاص (ثلاثة من تجمع علماء البقاع- ثلاثة عن اللجان الإسلامية- ثلاثة عن حركة أمل الإسلامية) ورفعوها الى الإمام الخُميني فوافق عليها ومنها تأسس حزب الله، فلذلك هو يكتسب أهمية كبيرهة لكونه حزب يُمثل مجتمع مُوجه ويمثل جزءًا هامًا من الشعب الشيعي المهمش تقليديًا في لبنان وأيضًا، هو حزب وطني لبناني يُكافح ضد الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى أنه جزء من محور سوريا وإيران والذي تحول إلى فاعل حاسم في الشرق الأوسط. [96]
2-تيار المستقبل:
يعتبر تيار المستقبل من أهم التيارات السياسية اللبنانية ومن أبرز القوى السنية، حيث نشأ في منتصف التسعينات مع مؤسسة رفيق الحريري بعد عودته من السعودية وبعد إغتيال رفيق الحريري في فبراير 2005، تولى نجله سعد الحريري زعامة تيار المستقبل والذي تأسس رسميًا في عام 2007، بالإضافة لعب تيار المستقبل دور بارز في تشكيل تحالف قوى 14 آذار إثر ما يُسمى بإنتفاضة الأرض ضد الوجود السوري في لبنان، ويمثل الوجه السني السياسي في لبنان المتماهي تقليديًا مع النظام الرسمي العربي عبر المملكة العربية السعودية، ويعتمد التيار في السياسه الداخليه على الشراكة مع جميع الأطراف وتقوم رؤيته السياسيه في بناء الدوله على حصر السلاح في يد الدوله ونزع سلاح الميليشيات بما فيها حزب الله.[97]
3-التيار الصدري:
يتزعمه الشاب الديني مقتدى الصدر، وأحدث حزبًا جديدًا في هذا التيار هو حزب الاستقامة الوطني في عام 2017 برئاسة جعفر الموسوي. يتمتع التيار الصدري بشعبية واسعة، حيث يقدر عدد أتباعه بحوالي ٧٠٠،٠٠٠ شخص، والذين يحترمونه ويطيعونه بشكل مطلق نظرًا لتأثير العائلة الدينية التي ينحدر منها مقتدى الصدر. يمتلك التيار الصدري جناحًا مسلحًا يُعرف باسم جيش المهدي، الذي شارك في مواجهات مع القوات الأمريكية بعد الاحتلال. ومع ذلك، تم حل جيش المهدي لاحقًا وظهر بدلاً منه لواء الجيش الموعود في عام 2021، وتأسست في الوقت نفسه سرايا السلام. وهنا يظهر التناقض عندما يكون للسلام ارتباط بالسلاح. يتميز مقتدى الصدر بتقلب في أفكاره وتحالفاته بشكل كبير.[98]
٤-حزب التقدم في العراق:
تم تاسيسه في 2019 بواسطة محمد الحلبوسي (رئيس البرلمان الحالي في العراق ٢٠٢٣)، وتبنى شعارات تتعلق بوحده العراق والمواطنه للجميع ورفض سياسه المحاور.[99]
5-الإتحاد الديمقراطي الكردستاني:
يعد من أقدم الاحزاب الكردي، وتأسس عام 1946 بواسطة مصطفى البرازاني، وبدا بالمطالبه بالحكم الذاتي لاقليم كردستان ثم تطور للمطالبه بحق تقرير المصير للأكراد، ويرأسه مسعود برازاني.[100]
“الفصل الثاني“
انعكاسات الطائفية على مؤشرات عدم الاستقرار السياسي في العراق ولبنان
- مقدمة:
الوطن هو نقيض الطائفية فعندما يسود النظام الطائفي يغيب الوطن، وعندما يجد المواطن نفسه معزولًا فإنه يعود للبنى الاجتماعية التقليدية الأولية؛ بحثًا عن الأمان وضمانًا للبقاء، وهذا بدوره يعرقل عملية بناء الدولة؛ حيث شكّل التنافس بين الأغلبية الشيعية وبين الأقلية السنية في العراق محور الصراع السياسي في الدولة منذ سقوط الرئيس صدام حسين عام 2003، فقد زعزعت التوترات الطائفية استقرار البلاد.[101]، فبعد مرور أكثر من عقدين كاملين على سقوط نظام صدام حسين لا يزال العنف والتوتر بين السنة والشيعة والكُرد يهدد استقرار العراق، والتجربة الديمقراطية الهشة، وفشلت النخب السياسية العراقية في تطوير نظام حكم شامل للجميع، وتعززت الإنقسامات الداخلية بسبب تداعيات الربيع العربي أيضًا، لذلك تُعد مسألة الطائفية في العراق إحدى العقبات الرئيسية التي تقف حائلًا أمام التجانس الاجتماعي والإجماع الوطني.[102] الطائفية أيضًا في الحالة اللبنانية انعكست سلبًا على النظام السياسي اللبناني ولعبت دورًا هامًا في زيادة الأزمات السياسية وإطالة أمدها، وهذا ينطلق من غياب الإنسجام والتوحد الطائفي والمذهبي في لبنان.[103]وبذلك تمثل الحالة اللبنانية مثالًا على عدم الإستقرار السياسي؛ حيث تعتبر الطائفة هي العنصر الرئيسي الذي يحكم العملية السياسية، فالنظام السياسي اللبناني منذ الإستقلال عام 1943 حاول أن يتجاوز الطائفية ويقيم نظام توافقي يتعايش فيه الجميع، غير أنه في النهاية لم يوفّق إلى هدفه فالطائفة تتدخل في كل كبيرة وصغيرة[104]
فالإحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 واتفاق الطائف في لبنان ١٩٨٩، الذين يُعدان السمات الأساسية لأحداث التغيير في دولتين ذات تعددية طائفية ونظام سياسي أقل ما يُقال عنه أنه استبدادي لا يمنح للأكثرية حقها في السلطة؛ حيث تمتلك الأقلية كل المجالات لهذا، وكانت هناك عدة انعكاسات على المستوى الداخلي بسبب هذا النظام الطائفي المسيس.[105]
لذلك سوف نستعرض في هذا الفصل ثلاثة مباحث، ليأتي الأول للحديث عن الانعكاسات الداخلية للطائفية على عدم الاستقرار السياسي في العراق ولبنان، والثاني عن الإنعكاسات الإقليمية والدولية للطائفية على الاستقرار السياسي في العراق ولبنان، والثالث يأتي ليستعرض مآلات الطائفية السياسية وتأثيرها على عدم الاستقرار السياسي في كل من العراق ولبنان.
“المبحث الأول” إنعكاسات الطائفية على عدم الاستقرار السياسي في العراق ولبنان
- أولًا: أسباب ظهور الطائفية السياسية:
الطائفية في الأصل هي نتائج إختلافات وانشقاقات دينية، نتجت عن ظهور فرق وطوائف وجماعات تدّعي حيازة التفسير الصحيح للدين، مدّعية بأن الطوائف الأخرى ضالة وليست على حق، وهذا يتعلق بالطائفة كطائفة دينية في نشأتها الأولى، وليس كطائفة تحمل خطابًا وتوجهًا سياسيًا، ومن الصعب رصد البدايات الحقيقية لظهور الطائفية السياسية، لذلك يمكن القول بأن الطائفية قد تحولت تاريخيًا من ظاهرة دينية إلى ظاهرة سياسية تعود بجذورها شكليًا إلى التنظيم العثماني، حيث تمتع أهل الذمة بالعهد العثماني بحرياتهم الدينية، وبعد زوال السلطات العثمانية وتشكيل الدول والإمارات العربية بدأت الطائفية كتوجه سياسي ضعيفة وغير قادره على الظهور في البيئه الجديده.[106]
وظهور النزوع الطائفي المسيّس أو الطائفة السياسية في المشرق العربي يعود لأسباب عديدة؛ منها ظهور الإستعمار الغربي وتدخله في بنية المجتمعات العربية والشرقية ومحاولته تفكيك هذه البنية إلى طوائف ومذاهب وأديان وأعراق، وأيضًا تأسيس إسرائيل في فلسطين والحروب العربية مع الدولة اليهودية الوليدة، كذلك لا يمكن إهمال ظهور الإسلام السياسي وخاصة جماعة الاخوان المسلمين والتي رفعت شعارات الخلافة وتطبيق الشريعة وفق المذهب السني وهو ما ساهم في ردة فعل رافضة لدى العديد من الطوائف الإسلامية والأقليات غير المسلمة خوفًا من الإقصاء والتهميش والإستبداد بإسم الدين.[107]
- ثانيًا: تأثير الطائفية السياسية على الداخل العراقي واللبناني:
بالنسبة للحالة العراقية، لقد خلق الإحتلال الأمريكي للعراق وإسقاط نظام صدام حسين الشمولي واقعًا جديدًا لم يعهده العراقيون؛ حيث نتج عنه تفكيك سلطة الدولة المركزية، ووجود أحزاب طائفية وتجمعات سياسية متناحرة ومختلفة عمدت إلى ترسيخ حالة الإنتماء والتوجيه بإتجاه الفئوية والطائفية والإنتماءات الضيقة التي بدأت تجر العراق نحو الاصطراع الداخلي بين مكوناته المختلفة، ولتكون من أبرز أسباب المحاصصة والإستقطاب الطائفي، وهذا النظام أدى في النهاية إلى تفشي الفساد والأسلوب السيء في إدارة الدولة كمرحلة أولى والتفكيك كمرحلة نهائية.[108] حيث كان الإحتلال الأمريكي وما نتج عنه من فراغ أمني وسياسات خاطئة قد أسهم في تصعيد العنف الطائفي، فحينما اتخذت الإدارة الأمريكية قرارها بغزو العراق بررت ذلك بأن هدفها هو تحرير العراق من الديكتاتورية ونشر الديمقراطية، غير أن أداء القوات الأمريكية قد تناقض تمامًا مع تلك المبررات؛ حيث كان وجودها من اللحظة الأولى عبارة عن ممارسات تمكنت فيها من إسقاط النظام وترك مؤسسات الدولة للنهب والسلب والتخريب؛ مما أدى إلى إسقاط هيبة الدولة ونهب ممتلكاتها والإستيلاء على جميع الأسلحة والمتفجرات.[109] على عكس العراق فقد مرت الدولة في لبنان بعدة مراحل تميزت كل مرحلة بخصوصيتها، حيث تميزت تجربة بناء الدولة الوطنية في لبنان؛ كون ملامح هذه الدولة التي تراوحت بين الثبات والتغيير والإستقرار والميل للتفكك بين السلم والحرب، وأيضًا على عكس العراق فإن اللبنانيين بفعل التجربة التاريخية تعوّدوا على الطائفية بل إنها صارت متجذرة في الروح الجماعية والسلوك الوطني، بل إنهم يعتقدون أن نظامهم السياسي الطائفي هو أقل الخيارات سوءًا مقارنةً بدول الجوار، وبالأخص بعد الربيع العربي بدءًا من سنة 2011، حيث لا وجود للدولة بدون الطوائف ولا وجود للطوائف في لبنان بدون الدولة.[110]، والجدير بالذكر أن أساس معاناة لبنان تعود للتركيبة السكانية والصيغة الطائفية التي قامت عليها الدولة بنظامها، ومن بين نتائج التغييرات والإصلاحات على مستوى النظام السياسي اللبناني نجد أن الولاءات الطائفية أعاقت التنمية السياسية وأعطت للأسر الدينية بأن تسود على حساب الروابط الوطنية وهذا نابع من سيطرة عائلات على السياسة.[111]وبالرغم من تجربة لبنان الديمقراطية والليبرالية فإن عائلات بعينها تتحكم بسلطته ومنها جنبلاط، وأرسلان، وحمادة، والأسعد، والخازن، وفرنجية، وسلام، وكرامي، والصلح، وإده، والجميل وغيرها.[112]
وبهذا نجد أن مشكلة لبنان تكمن في النظام الطائفي لإدارة المجتمع والدولة الذي يتيح استخدام الطائفة في التجاذبات السياسية لقوة داخلية وخارجية، وهو الأمر الذي يشكل أحد أهم العوامل الأساسيه لعدم الإستقرار السياسي في لبنان، فالفرد اللبناني يتعصب لعقيدته الطائفية ثم يفتخر بلبنانيته حتى وإن تعارض هذا مع حرية واستقلال لبنان، فالوطن يأتي في الدرجة الثالثة من الولاء، وفي نفس الوقت الجمهورية اللبنانية التي تفرض قوانينها على المواطنين فإنها لا تعترف به كمواطن وإنما بصفته منتميًا لطائفته أولًا، لذلك هناك علاقة تلازمية بين المواطن والطائفة وبين الوطنية والطائفية.[113]
1- توزيع السلطة وفقًا للمكونات الطائفية:
تاريخيًا كانت الخلافات حول القضايا السياسية واللاهوتية والعقائدية هي السبب في الإنقسام بين السنة والشيعة في العراق، ولكن شيئًا فشيئًا بدا أن التنافس على السلطة والموارد والمكانة الدافع وراء مظاهرها وتجلياتها الحديثة؛ حيث هيمنت فكرة التمثيل الطائفي على العلاقات السياسية بدلًا من تمثيل المواطنين؛ وهو الأمر الذي أدى إلى تفاقم الإنقسامات القائمة بدل من تخفيفها، حيث أدت مأسسة الهويات الطائفية إلى نشوب صراعات حول مكانة وحجم وحدود وقوة كل طائفة، وهو بدورها الذي أدى إلى زعزعة الإستقرار، فقد أصبحت الطائفية أداة يستخدمها أصحاب المشاريع السياسية، وعلى الرغم من أن الدستور لم ينص صراحةً على توزيع السلطة وفقًا للمكونات الطائفية؛ فقد ثبتت الممارسات التي سادت في العراق الهوية الطائفية بإعتبارها فئة سياسية ركزت تلك المقاربة على إيجاد ممثلين طائفيين أكثر من تركيزها على التغلب على الإنقسامات الطائفية، وتم تقسيم المناصب السياسية الأساسية الثلاثة في البلاد بين الجماعات الثلاث الكبرى حيث خصص منصب الرئيس للأكراد ومنصب رئيس الوزراء للشيعة _وهم الأقوى في العراق_، ومنصب رئيس البرلمان للسنة، كما عززت النظم الإنتخابية التي تستند إلى التمثيل النسبي والقوائم الحزبية الطائفية السياسية.[114] ويسير الأمر بذلك على لبنان حتى المناصب العليا في الدولة فقد جرى توزيعها على الطوائف الكبرى بحيث تكون الرئاسة من نصيب الموازنة، ورئاسة مجلس النواب من نصيب الشيعة، ورئاسة الوزارة من نصيب السنة، ونيابة رئاسة مجلس النواب ونيابة رئاسة مجلس الوزراء من نصيب الروم الأرثوذكس.[115]
2- تأثير الطائفية السياسية على الإقتصاد والحياة الإجتماعية:
بالنسبة للنظام السياسي اللبناني في مرحلة الطائف لم يبتعد كثيرًا عن الطائفية، فقد اعتبر النائب نجاح وكيم أن دولة الطائف هي نسخة معادلة لدولة 1943 والتعديلات التي أدخلتها لا تبتعد بالدولة عن الإرتهان الطائفي الكامل، لكنها تعيد توزيع الحصص وتوزيع الأدوار في ضوء المتغيرات الديموغرافية طائفية وبالتالي فإن وثيقة الطائف لم تحمل مشروعًا يتعدى مجرد الإنتقال من الحرب الأهلية الساخنة إلى الحرب الأهلية الباردة.[116] حيث أن الطائفية في لبنان مكرسة كمؤسسة سياسية واجتماعية وتربوية واقتصادية؛ بوصفها تتمتع بتراتب داخلي يقف على رأسه مجلس ديني لإدارة شؤونها، كمؤسسة سياسية مثلًا: فتشكل الطائفة وسيطًا بين الفرد والدولة، فهي المعبر الوحيد الذي يصل به إلى الوظيفة إلى النياية إلى الوزارة أو الرئاسة، كمؤسسة اجتماعية مثلًا: أنها تملك الطائفة جهازًا قضائيًا يشرف على الحالة الشخصية للفرد زواج أو طلاق أو إرث، وعلى المستوى الإقتصادي مثلًا تملك الطائفة عقارات يعود ريعها لمشاريع الإحسان والتعليم، فالطائفية في لبنان بهذا تحصل الفرد منذ ولادته بدءًا بالعائلة مرورًا بالعادات والتقاليد والمؤسسات إلى جهاز الدولة الذي لا يعترف بعضوية الفرد إلا من خلال اعتراف الطائفة بعضويته فيها، وبذلك النظام السياسي الطائفي هو الأساس في مشكلة لبنان لأن كل طائفة تعتبر نفسها أشبه بدولة مستقلة، ولكل طائفة رجال دينها وسياسيوها ولكل طائفة ومناطقها حتى أصبح لبنان ولايات غير متحدة، تعيش حالات الحذر مع بعضها البعض إلى حد الخوف المتبادل من أن تؤدي أي مشكلة بين أبناء الطوائف إلى حرب طائفية وذلك راجع إلى غياب وحدة لبنانية تنطلق من خلال قاعدة المواطنة.[117]
3- توطيد سُلطة الشيعة:
ومن النتائج الأخرى في الحالة العراقية أدى بدوره أيضًا إلى توطيد سلطة الشيعة، والطائفة الشيعية لا تمثل قوة متجانسة حيث تتنافس الجماعات المختلفة ضمن الطائفة مع بعضها البعض على السلطة، وخير دليل على ذلك أنه عندما تم اختيار المالكي رئيسًا للوزراء في عام 2006 في البداية بدا وكأنه رئيس وزراء ضعيف يرأس حكومة منقسمة ولكن في عام 2008 عندما استطاع أن يُجبر مقتدى الصدر _من رجال الدين الشيعية_ من سحب ميليشياته من محافظة البصرة التي كانت منتجة للنفط، بدا في ذلك الوقت أنه قائد قوي، وبدأ بعد ذلك يستغل هذه المكاسب ويقدم نفسه على أنه باني الدولة، وبعدها انتقد المحاصصة العراقية والطائفية للسلطة في عام 2009، وفي نفس ذات الوقت شكّل المالكي ائتلاف دولة القانون ونأى بنفسه عن الطائفة الشيعية الأوسع وتمكن من تحقيق فوز تاريخي في انتخابات مجالس المحافظات، وفي فترة ولايته الثانية ركز المالكي على هيمنة الشيعة في مؤسسات الدولة وغير ديناميكيات السياسة الشيعية، واتبع سياسة فرّق تسُد في التعامل مع الأطراف الأخرى مستغلًا الدعم القوي الذي أُتيح له كرئيس للسلطة التنفيذية، وهذا بدوره أدى إلى قلق منافسيه الشيعة وأصبح مقتدى الصدر من أشد منتقديه، ودخل في تحالفات مع الزعيم الكردي مسعود برازاني والقوى السنية، ليعبر عن تحدياته للمالكي وتحقيق هدف إطاحة المالكي، ولكن فشل في تحقيق هذا الهدف وانسحب الصدر من الحياة السياسية في أوائل عام 2014، وبهذه الخطوة تعتبر أيضًا من المكاسب التي خدمت جهود المالكي للبقاء في السلطة من خلال إبعاد أحد المنافسين الرئيسيين الرئيس الوزراء.[118]
من الجدير بالذكر أيضًا أن النظام السياسي في العراق بعد 2003 عانى من عاملين مختلفين ولكنهما مترابطان، أولًا: عدم وجود الشرعية الكافية في بناء المؤسسات الفيدرالية، ثانيًا: العيوب الموجودة في تصميم بعض المؤسسات الإتحادية، فوجود هذين العاملين كان نتيجة ثلاث عمليات سياسية متزامنة؛ فالفدرالية لم تكن العملية الوحيدة التي حدثت في العراق 2003، فبجانبها كانت هناك عملية الديمقراطية والعدالة الإنتقاليه، وهذه الأخيرة كانت ذات تأثير كبير على توسيع الفجوة بين الهياكل والأدوار الرسمية وغير الرسمية وبدأت هذه العملية مع تفكك نظام البعث وحل الجيش العراقي، ونتيجة هذه العمليات الثلاث معًا تم انشاء مؤسسات تفتقر لموافقة جميع مكونات المجتمع العراقي.[119]
4- المحاصصة الطائفية:
ومن بين آليات تجسيد النظام السياسي الطائفي تأتي المحاصصة، حيث من خلالها يتم تقسيم السلطة والثروة بين النخب السياسية الحاكمة، وهو ما يدفع للفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، وتصبح الإنتخابات لعبة لتقسيم الغنائم بين النخب السياسية الحاكمة، بينما من المفروض أن يتم التداول السلمي على السلطة، ولكن يوجد ضعف في نظام اقتسام السلطة في العراق؛ بسبب أن الشيعة والسنة والاكراد منقسمون على المستوى السياسي، وأيضًا على مستوى كل طائفة داخليًا، فسياسيًا ينقسم الشيعة إلى أربع مجموعات على الأقل، على سبيل المثال حزب الدعوة ومنقسم بدوره إلى ثلاث مجموعات متحارضة، وأيضًا التيار الصدري الذي يعرف بأنه مسلّح وعنيف وقياداته غير قادرة على السيطرة على الميلشيات المسلحة المنتمية إليها، كما أن المجموعات السنية منفصلة، واستنتاجًا لذلك نصل إلى أن النظام السياسي العراقي لم ينجح حتى الآن في تحقيق الإستقرار السياسي وضمان رضا الجماعات الفرعية، بل ويرى أن تطبيق الديمقراطية التوافقية ساهمت في تأجيج التوتر المذهبي وتعزيز الإنقسام الإجتماعي.[120]
5– التعددية الحزبية:
في الحالة اللبنانية يوجد تزايد الأحزاب السياسية في لبنان وتباين توجهاتها وهذا أسهم في التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبنان، وهذا يرجع لكون هذه الأحزاب لم تنبع من ممارسة ديمقراطية بل جاء نتيجة تفكك بنية المجتمع اللبناني السياسي، أيضًا من الجدير بالذكر أن النظام السياسي اللبناني كثيرًا ما خرق مبدأ الفصل بين السلطات بالتدخل، ومحاولات الهيمنة على القوى المسيطرة على البرلمان لهذا جسدت “الترويكا” أي حكم التوافق الثلاثي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، كما خضعت السلطة القضائية لهيمنة رجال السياسة وتم استخدام القضاء في مجال التنافس والصراع السياسي، كما أن القيادات السياسية التي تدعم الطائفية أسهمت في الفساد وهذا بسبب غياب الرقابة والمحاسبة، نظرًا لأن الطبقة الحاكمة الطائفية أبعدت أي معارضة تحدث مما يمكنها من المطالبة بالإصلاح.[121]
6_ تفشي الفساد وسوء الإدارة :
والجدير بالذكر والذي كشف عن عمق الفساد في لبنان حديثًا هو انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب، حيث كان نقطة فاصلة في الأزمة التي يعيشها لبنان، إذ أدى الإنفجار الذي زلزل بيروت ومحيطها، إلى تدمير آلاف المنازل ومقتل نحو 190 فردًا علاوة على إصابة كثيرين بجراح. وأظهر الإنفجار عمق الفساد وسوء الإدارة التي يعاني منها لبنان إلى الدرجة التي دفعت رئيس وزراء لبنان السابق، حسان دياب، إلى القول في خطاب استقالته يوم 12 أغسطس/آب، بعد أيام قليلة من الانفجار، “إن الفساد أكبر من الدولة في لبنان”.[122]
أيضًا عانت العراق من أزمة السلطة وهو ما نتج بسبب السلطات البديلة، وهي عبارة عن جهاد فاعله من غير الدول ميليشيات عشائر قادة دينيين، تتنافس مع الدولة من أجل الموارد والسلطة، وازدهرت في العراق نظرًا للظروف الملائمة لذلك وعلى رأسها ضعف الدولة، وأيضًا في ظل التحولات التي شهدها العراق بعد عام 2003 برز دور كبير لعبته المؤسسات الدينية كدور علي السيستاني المرجع الديني الأعلى في العراق في ضبط الأحداث السياسية التي تقع تحت تأثير نفوذه، وهذا بدوره يعني تدخل الدين في السياسة مما يضعف من عملية التحول الديمقراطي.[123]
قبل عشرين عاماً، أي قبل سقوط نظام صدام حسين في العراق، كان يستحيل استطلاع آراء العراقيين لفهم أفكارهم ومخاوفهم، ولكن تبدّل هذا الواقع اليوم، وبعد عقدين من طي صفحة أساسية في تاريخ العراق، قُدم استطلاع حديث أجرته شركة غالوب الدولية فكرة عن آراء العراقيين حول حياتهم ووطنهم.
يميل العراقيون المستطلعة آراؤهم، بما في ذلك الجيل الشاب، إلى رؤية الحياة في زمن صدام حسين بصورة أكثر إيجابية مقارنة بالحياة الآن. عند طرح سؤال حول الوضع الحالي للعراق مقارنةً بالفترة التي تسبق غزو الولايات المتحدة عام 2003، أجاب 60٪ من المشاركين بأنه تدهور، بينما قال 40٪ إنه تحسن. ويبدو أن العراقيين السُنة على وجه الخصوص (54٪) يعتقدون أن الحياة كانت أفضل في عهد صدام.[124]
وختامًا، يتم وصف المجتمع اللبناني بأنه مجتمع فسيفسائي وكثيرًا ما يتم وصفه بأنه ينطبق على المجتمع العراقي، حتى الخصائص التي تُحدد للمجتمع اللبناني تنطبق أغلبها على المجتمع العراقي منها : الميل نحو عدم قيام حوار حقيقي وصريح بين هذه الفئات، الولاء للجزء يفوق الولاء للكل ويتصادم معه، عدم وجود أحزاب سياسيه ذات قاعده وطنيه شامله ينتظم فيها مواطنون من كل الطوائف، ضعف سيطرة الدولة على المؤسسات الأخرى وخصوصًا الطائفية والتربوية، تكريس الطائفية من قبل الدوله عن طريق جعلها قاعده شرعيه للحياه السياسيه.[125]
” المبحث الثاني” الإنعكاسات الإقليمية والدولية للطائفية على عدم الاستقرار السياسي في العراق ولبنان
مقدمة:
في هذا المبحث نؤكد على ونوضح كيف أنه لا يمكن عدّ المتغيرات الموضوعيه الداخلية المؤثر الوحيد في فقدان السلم الأهلي وتفكك المجتمع، بل هناك متغيرات خارجية أيضًا كانت لها تأثير مباشر وغير مباشر في زعزعة إستقرار المجتمع لدى الدولتين العراقية واللبنانية.
أولًا: الطائفية السياسية وأثرها في حدوث التدخلات الإقليمية والدولية، ومبررات وأهداف هذا التدخل:
الطائفية السياسية عندما تصبح النهج عمل وسياسة في دولة ما، وتندرج الطوائف تحت مسميات سياسية أو ميليشاوية لتطالب بحصتها في الحكم والإدارة في هذه الحالة تكون التدخلات الإقليمية مسألة وقت لا أكثر؛ فالتدخلات الإقليمية تأتي نتيجة تفكك الدولة المركزية وتحارب فئات الشعب وطوائفه لبعضها البعض وانتشار مظاهر الفوضى والخراب، لذلك بعض الأطراف الإقليمية تُسارع للتدخل بحجج حماية طوائف أو أعراق أو فئات من الشعب أو مناطق تقول أنها مظلومة ومهمشة أو ترتبط معها بقرابة وتاريخ.[126] حيث يكون في العادة هناك حجج وذرائع لدى الطوائف التي تستدعي الأطراف الإقليمية للتدخل بغية نجدتها في مواجهة الأطراف الداخلية لشرعنة التدخل الخارجي وتصويره وكأنه نجدة تأتي لإنقاذ هذه الطوائف من الإبادة أو التهجير أو الإقصاء أو التهميش كما هو الحال في العراق ولبنان وسوريا واليمن وليبيا.[127]
كما أصبح المشهد السياسي في الفترة الأخيرة في واقع مجتمعاتنا الإسلامية تُعاني من سياسة الإلغاء والإقصاء والتمييز على أساس الدين أو المذهب أو القومية وتفجرت الخلافات والنزاعات القومية والمذهبية في كثير من المناطق ومن أسوأ حالاتها فتن الخلافات المذهبية الطائفية، وتطورت هذه النزاعات إلى إحتراب أهلي حيث يستخدم الدين فيها سلاحًا للتفكير والتعبئة والتحريض كما حدث في لبنان في سنين الحرب الطائفية، ويهدف التدخل الخارجي إلى توطيد مصالح الدولة المتدخلة أو التي تدّعي أنها تدخلت للمساعدة ودعم الإستقرار وإنهاء المواجهات الداخلية فالأطراف الخارجية لديها مصالح ذاتية خاصة تريد تحقيقها أثناء القيام بالتدخل، ولكن التدخل في النزاعات الداخلية الطائفية سلبي في الأغلب ويأخذ العديد من الصور والأشكال وهنا قد تتدخل بعض الأطراف الخارجية في النزاعات الداخلية لتزيد من حدتها مما يؤدي إلى تصاعد التوتر والعنف وتهديد الأمن والإستقرار السياسي.[128]
التدخل الإقليمي الخارجي لا يحدث في المجتمعات التي حصنت نفسها بالديمقراطية وتداول السلطة: التدخل الخارجي يُطال المجتمعات التي تحكمها الأنظمة المستبدة التي تقصي شعوبها، ويحدث في المجتمعات المنقسمة المتشظية التي تسود فيها ثقافة الإقصاء والتهميش، ويحكمها الحزب والعشيرة والطائفة، ومن هنا يمكن القول أن المجتمعات التي لا تعرف ظاهرة التعدد سواء على المستوى العرقي أو الديني أو اللغوي أو الطائفي غالبًا ما تكون أقرب إلى الإستقرار السياسي من تلك التي تعرف التعددية، والقصد هنا يعني أن المعضلة ليست في التعددية الإجتماعية وإنما في استراتيجيات النخب الحاكمة في التعامل مع هذه التعددية، وهذا ما ينطبق على العراق في كونها تدعي الولاءات التحتية، وبالتالي تُطالب بالإستقلال أو حكم ذاتي، ومن هنا يُمكن القول بأن دولة الطائفية السياسية وحكومة المحاصصة وتوزيع السلطة على أساس طائفي لا على أساس المواطنة وتكافؤ الفرص هي دولة منقسمة تتانحر قواتها السياسية لا وفق برامج سياسية محددة بل وفق نزاعات طائفية وهذه الدولة المنقسمة المتصدعة تكون عرضة للأطماع الإقليمية والخارجية.[129]
- ثانيا: الإنعكاسات الإقليمية للطائفية السياسية على دولة العراق ولبنان:
التدخل الإقليمي في العراق الذي جاء واضحًا وباديًا سواء من جانب إيران أو دول الخليج وتركيا، وكلهم يدّعوا بأنهم يحموا حليفًا طائفيًا لهم، ولم يكن ليحدث بهذا الشكل لولا أخطاء الإحتلال الأمريكي في إحداث فراغ كبير ملأته الأحزاب وقوة الطائفة السياسية، الطائفية السياسية ومحاصصاتها التي عمدتها الإدارة الأمريكية في العراق كانت نتيجتها كارثية، حيث تم حل الجيش العراقي والمؤسسات الأمنية ووزارة الإعلام ووزارة الصناعة والتصنيع العسكري؛ فشهد البلد بذلك جيوش من العاطلين عن العمل، وبات ساحة مفتوحة لقوى الإرهاب؛ وهو ما أدى إلى حدوث فراغ أمني هائل أصبحت معه حدود العراق مفتوحة أمام كل من يريد دخول العراق وممارسة نشاطات تخريبية.[130]
كما تشكل الطائفية السياسية في لبنان سببًا للإنقسام الداخلي فإنها تشكل أيضا مبررًا مناسبًا لتدخل قوة خارجية عديدة، في أغلب الطوائف في لبنان ترتبط ارتباطات سياسية بدول أجنبية فمثلًا المسيحيون ولا سيما الكاثوليك يرتبطون ارتباطًا تاريخيًا ووثيقًا بفرنسا، كما كان الدروز على ارتباط ببريطانيا في مراحل سابقة والسنة بدول الخليج، أما الشيعة بعد انتصار الثورة الإسلامية أصبح لكثير منهم إرتباط بالجمهورية الإسلامية بإيران، حيث أن الأزمة اللبنانية لا تعود إلى أوضاع لبنان الداخلية وإنما تعود في الأساس إلى خضوعه للخطوط الدولية والإقليمية خصوصًا الطرف الأمريكي والأوروبي، وبالتالي فإن أغلب المشاكل والأزمات التي يتخبط فيها لبنان بما فيها الطائفية ناجمة عن التدخلات الخارجية في الشؤون اللبنانية، كما أن نظام الطائف اللبناني الحديث لا يعبر عن ديمقراطية توافقية بل عن التوازنات الإقليمية والدولية، وأن لعبة تسييس الطوائف وإدخالها منذ 200 سنه في شبكات النفوذ الاقليمي والدولي في إطار تكريس نظام تقاسم السلطة المحلية على أساس طائفي يمنع بطبيعة الحال دون قيام دولة قوية ومستقلة.[131]
- المحور الإيراني:
بالنسبة للحالة العراقية، يتأثر المجتمع العراقي بالمجتمعات المجاوره له؛ وينعكس ذلك من خلال حالة التأثر التي برزت خلال فترة الثمانينات بعد الثورة الإسلامية في إيران ونشوء نظام ولاية الفقيه فيه، وإستلامهم زمام الأمور والسلطة داخل إيران، حيث أن إحدى خصائص الأزمه العراقية هي إمتداداتها الإقليمية والدولية، سواء بسبب الوضع والمكانة الإستراتيجية التي يحتلها العراق داخل الإقليم أو بسبب الإرتباطات الدينية والمذهبية والقومية العابرة للحدود مع دول الجوار.[132] وقد تعرض المجتمع العراقي إلى تحديات خارجية عديدة كان لها الأثر البالغ في تكوين وتثبيت حالة عدم الإستقرار داخل العراق، حيث مارست إيران دورها الإقليمي على الساحة العراقية بشكل كبير وسلبي وتدخلت في شأنه الداخلي وكان لها الدور البارز في التأثير على استقرار العراق من عدمه، كونها تخشى من نجاح المشروع الأمريكي في العراق؛ حيث تعتبر نفسها الهدف القادم في الإستراتيجيه الأمريكيه بعد العراق، وهذا التأثير الخارجي الذي لعبته إيران يُؤثر في الداخل العراقي، ويحكم المشهد السياسي الداخلي للعراق يعكس مدى الإرتباط المذهبي والعقائدي، ويتجسد التأثير الإيراني في العراق بعدة مستويات هرميه تتخذ شكل المصفوفة فهو صراع ذو مستويات مختلفه؛ فهناك صراع إيراني أمريكي يتجسد في خوف إيران من الوجود الأمريكي بجوارها وهو تفكير مشروع نظرًا لمشاعر العداء التاريخية التي تحكم العلاقه بين الطرفين، والصراع الآخر صراع إيراني أمريكي عراقي وهو صراع متشابك ومعقد، والصراع الثالث هو صراع عراقي عربي- عراقي إيراني ويتمثل في البعد الاستراتيجي الذي يتركه العامل الطائفي، هذا التمحور الطائفي شقَّ المجتمع العراقي وقسمه إلى كُتل واتجاهات طائفية تعمل بشكل سلبي في طريق بناء المواطنة والدولة المدنيه.[133]
وبالتحديد توسَّع حلم النفوذ الفارسي في العراق بعد سقوط نظام البعث- العدو والمنافس القديم لإيران- وتشابكت الدوافع السياسية والأمنية والعسكرية والدينيه- العقائدية، مع الرغبة الإيرانيه المُلحَّه على التحكُّم غير المباشر في النظام العراقي الطائفي الجديد.[134] حيثُ ساهم الاحتلال الامريكي للعراق 2003 في تحقيق العديد من الإمتيازات المهمه بالنسبه لايران؛ ساهم في نهوض الشيعة في جنوب العراق، والأكراد في شماله وهو ما أسهم في زيادة فرص نفوذ إيران في الجنوب ووضع تحديات في وجه السعوديه للعب دور في هذه المنطقه، فبعد الإحتلال الأمريكي للعراق تبنت إيران سياسه جديدة تجاه العراق؛ لعبت دور مهم في الإقتصاد العراقي، وبذلك نجد أن النظام الحاكم في العراق حاليًا ما هو الا إنعكاس لإستثمار إيران في دعم الفصائل والمنظمات الشيعية العراقية، وتمكينها من تولي السلطة بعد أن وصل وكلائها للمناصب السياسية الحيوية والتأثير في البلد، بالإضافة دعمت الميليشيات العراقيه المسلحة، ولزيادة نفوذها على الحكومه العراقيه المنتخبه في انتخابات 2018 قام “روحاني” – رئيس إيران سابقًا-بزيارة رسمية إلى العراق في مارس 2019 من خلال توقيع إتفاقيات إقتصادية لعل أهمها خط السكة الحديدية الجديد.[135]
بالنسبة للحالة اللبنانية، مثَّلت أرض لبنان ساحة للمواجهة بين إيران وخصومه؛ كونها وجدت وكلاء لها في لبنان عن طريق توظيف الطائفية الشيعية، وتشكيل ميليشيات موالية لها دمجت مع حزب الله، حيثُ قامت إيران بتفويض الميليشيات لإستهداف مصالح الدول التي تُرحب بالثورة، وبتأسيس حزب الله وتدريبه من طرف إيران، صار حزب الله ممثلًا للإرادة الإيرانيه، وبذلك تمثل لبنان حالة خاصة بالنسبة لإيران بالاضافه لوجود علاقات تاريخيه بين إيران ولبنان، كما أن إيران تعد نفسها مسؤوله عن التشيع ومن هذه النقطه إنطلقت العلاقات بينها وبين لبنان، بالرغم من أن بعض شيعة لبنان يرفضون أدوات التدخل الإيراني كما أن أساليبها تتعارض مع الخصوصية الثقافية للمجتمع اللبناني.[136]
٢_ المحور الإسرائيلي:
حالة النزاع بينهما وبين لبنان قديمة خاصةً الجنوب اللبناني، غير أن الإهتمام السياسي والعسكري بها كان منذ 1975 أي مع بداية الحرب الأهليه، الأسباب لذلك مُختلفة؛ منها القضاء على حزب الله سياسيًا وعسكريًا، والقضاء على البنية التحتية للحزب، وتغيير قواعد اللعبة السياسية في المنطقة، حيثُ تعتبر إسرائيل حزب اللَّه أنه هو دولة لبنان.[137]وإرتفعت حدة التوتر في جنوبي لبنان بعد أحداث السابع من أكتوبر
( طوفان الأقصى)، منذ أن فتح حزب الله الجبهة في الجنوب بقصف مواقع عسكرية إسرائيلية في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر)، إسنادًا لغزة، باتت الهجمات المدفعية والغارات الإسرائيلية على القرى الحدودية تتكرر يوميًا في أكثر من مكان ولمرات عدة، وتحول الوضع في جنوبي لبنان وشمالي إسرائيل إلى ساحة استهدافات متبادلة تشهد تصعيدًا تدريجيًا، ومع تزايد وتيرة العنف وتوسّعها، بات من الخطر الشديد زيارة المناطق الحدودية، حتى بالنسبة للإعلاميين وقد تفاقم الخطر بعد مقتل ثلاثة صحفيين في بداية الاستهدافات، واتهمت الدولة اللبنانية والمؤسسات الإعلامية التي قُتل صحافييها إسرائيل بقتلهم، لكن إسرائيل تقول إنها لا تستهدف الصحفيين، في ظل هذا المستوى من الخطر، بدا الخيار الأكثر أمانًا للقيام بجولة في تلك القرى هو مرافقة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوبي البلاد، وكان كثيرون قبل أشهر فقط، يشيدون بهذه القوات لأنها تُشرف على أطول فترة هدوء بين لبنان وإسرائيل منذ حرب تموز 2006 ثم انهار كل شيء، وبينما يقول الجيش الإسرائيلي إنه يستهدف مقاتلي حزب الله وبنيته التحتية فقط، لكنّ مسؤولين لبنانيين كرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، يتهمونه بإنتهاج تكتيك الأرض المحروقة في جنوبي لبنان، وتقول منظمة الهجرة العالمية، إن أكثر من تسعين ألف شخص من جنوبي لبنان قد نزحوا.[138]
أما في الحالة العراقية، الكثير يرى أن إسرائيل هي الرابح الأكبر من الحرب على العراق وتفكيك الجيش، وهذا ما شكَّل الفرصة المتاحة للقوة الأمريكية الإسرائيلية لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير وتحقيق السلام مع إسرائيل، وبالتالي سعت إسرائيل بكل السبل لإنجاح الحرب الأمريكية على العراق، ومارست أساليب التضليل ودعَّمت تفكيك دولة العراق إلى دُويلات، وإستخدام الورقه الطائفيه والعزل العرقي وخلق تكتلات طائفية على أسس قومية؛ من أجل تفريق الصف في مواجهة مشروعها لبناء دولة إسرائيل الكبرى وبناء عقليات وظروف ملائمة لتقبل وجود هذا الكيان.[139]
- المحور العربي:
التحول الجذري في العلاقات الخليجية اللبنانية بدأ منذ 2012 بسبب إنخراط حزب الله في القتال السوري دفاعًا عن نظام بشار الأسد ومواقفه الداعمة للتوسع الإيراني في المنطقة، وحديثًا حدث ما يُسمى بالأزمة الدبلوماسية الخليجية وما له من إنعكاسات على الاستقرار السياسي في لبنان، حيثُ تصاعدت المواقف وردود الفعل بين دول مجلس التعاون الخليجي ولبنان على خلفية تصريحات قديمة لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي؛ معادية للتحالف العربي الذي تقوده السعوديه والحرب في اليمن، وإعتبرت وزارة الخارجية السعودية أن التصريحات تحمل تحيزًا واضحًا لميليشيا الحوثي، قال جورج قرداحي قبل تعيينه بمنصب وزير الإعلام بلبنان ” أن اليمن شعب يُدافع عن نفسه هل يعتدون على أحد؟” وقال أنه في نظري “هذه الحرب اليمنية عبثيَّة يجب أن تتوقف” معتبرًا أن الحوثيين يُدافعون عن أنفسهم في وجه إعتداء خارجي، مما إنعكس على توتر العلاقات الخارجية اللبنانية الذي أفضى إلى أزمة دبلوماسية من جانب دول مجلس التعاون الخليجي واليمن، وبناءً على ذلك أدرج مجلس التعاون الخليجي حزب اللَّه على القائمة السوداء في يونيو 2013 وصنَّفه كمنظمة إرهابية، حيثُ وصلت السعودية إلى قناعة بأن الدولة اللبنانية وتحديدًا التحالف الحاكم والمؤلف من الرئيس ميشال عون وحزبه وحزب الله وحزب حركه أمل وأتباعهم قد أصبحت فعليًا وعمليًا جزءًا من المنظومة الإقليمية التي تدور في فُلك المحور الإيراني، وهذه الأزمه الخليجيه اللبنانيه تندرج من خلالها مواقف دولية وإقليمية قد تسهم في إحتوائها أو تأجيج الصراع، وهذه الأزمه الخليجية أدت إلى إزدياد المشهد السياسي في لبنان تأزمًا وإلى عدم إستقرار سياسي في لبنان، بسبب سحب كل دولة سفيرها من لبنان، وفي نفس الوقت لم تتخذ فيه السلطات اللبنانيه إجراءات عملية بعد القرارات الدبلوماسية التي اتخذتها جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء – سلطنه عمان- ضد لبنان.[140]
بالنسبة للحالة العراقية، أن إمتلاك الأطراف الإقليمية تحديدًا الكويت والسعودية وإيران وسوريا وتركيا والأردن مشاريع متعارضة حول مستقبل العراق والتداخل المعقد مع مشروع وسياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط بشكل عام وفي العراق بشكل خاص، كل هذه الأمور دفعت بإتجاه الصراع داخل العراق، صراعات مباشرة، وصراعات بالوكالة، فكل طرف من هذه الأطراف حاول وعمل جاهدًا على تطبيق مخططه للحفاظ على مصالحه ونفوذه في العراق والمنطقه بشكل عام، والنفوذ الإيراني على أغلبية الشيعه والنفوذ السعودي على أغلبية السنة في العراق، خيرُ مثال على كيفيّة تضافر الأبعاد الدولية والتاريخية وفوق القوميه، كما أنها دليل لا يقبل الشك على عملية التسييس المذهبي الممنهج الذي تقوده تلك الدول حالها حال الأحزاب والقوى المرتبطة بها في الداخل وما نتج عن ذلك من وضع معقَّد ومتشابك أدى بالنتيجة إلى تفكك النسيج الإجتماعي العراقي وتقطع أوصاله حتى ظهر إلى السطح مدى هشاشة ذلك النسيج الإجتماعي والنتيجه الأكبر لذلك كانت فقدان السلم الأهلي الذي يُعتبر من أهم مُقومات الدولة المدنية كما يُؤكد مدى تأثر الداخل العراقي بالخارج وفقدان الهوية الوطنية.[141]
- ثالثًا: الانعكاسات الدولية للطائفية السياسية على دولة العراق ولبنان:
للإنعكاسات الدولية للطائفية فهي كثيرة، فقد تعددت التدخلات الأجنبية في كل من لبنان والعراق، وكلٍ حسب مصالحه وأهدافه، فيوجد تدخل أمريكي وروسي، والإتحاد الأوروبي والصين أيضًا وفرنسا فالكل يحاول جني ثمار من وراء تفكك الدولة الوطنية في العراق ولبنان، وسوف نذكر مثالين على التدخل الخارجي فيهم.
- التدخل الأمريكي:
تمكَّنت أمريكا من خلال إحتلالها للعراق من تقسيم الدولة وإسقاط نظامها السياسي وخلقت تواجد لها في منطقة الشرق الأوسط الإستراتيجية، حيثُ تمثل العراق بالنسبه لها المصلحة السياسية والإقتصادية والجغرافية، بالإضافه إلى ما تتمتع به العراق من ثروات طبيعية يأتي على رأسها النفط ويعتبر النفط من أهم أسباب إهتمام أمريكا بالعراق، لتحقق هدفها من السيطرة على منابع النفط والتحكم في أسعاره لتُغطي كل مشاكلها الإقتصادية بتواجدها في العراق، وتقويم الإستراتيجية الأمريكية في العراق على مبادئ واضحة أساسها الرغبة في تقسيم الوحدة الوطنيه، والعمل على إذكاء التناحر الطائفي والمذهبي والديني للدخول في نزاعات فيما بينها لإضعاف الدولة، وكل ذلك لخدمة مصالح أمريكا في المنطقة كما أنها عملت على تغيير توجهات الأحزاب والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني وعملت على تحويلها لمؤسسات إرتزاقيه بهدف إضعاف الحياة الحزبيه، في نفس ذات الوقت تعمل على تلميع وتمجيد صورة الإحتلال والتستّر على عيوبه ومساوئه، وبذلك نجد أن النقطة التي تُراهن عليها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في إثارة الفوضى في المنطقة هي الطائفية السياسية.[142]
أما في الحالة اللبنانية: يحتل لبنان موقعًا مهمًا بالنسبة للولايات المتحده الأمريكية، وتلعب دورًا مهمًا جدًا في لبنان، حيثُ أنها تعتبر حزب الله وإيران عدو لها في المنطقه ولهذا تحالفت أمريكا مع الحكومة اللبنانية ضد المعارضة لأنها تعتبرها ليست شرعية، بالإضافه إلى ذلك تهديدها لمصالحها الإستراتيجية مع حليفتها إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط وهذا ما يُفسر دعمها لإسرائيل في حربها ضد لبنان 2006 وفي 2015 قام أوباما بصفقة نووية مع إيران، واستغلت الولايات المتحدهطة الأمريكية الأزمة اللبنانية التي نتجت عن تمديد ولاية الرئيس اميل لحود والغضب الذي ساد الساحة مما دفع مجلس الأمن للتدخل ووضع حد لهذا الوضع، بالإضافة إلى الإنشطار الذي وقع فيه الشارع اللبناني بعد مقتل الحريري كل هذه الأمور شكلت فرصة سانحة للولايات المتحده للتدخل بقوه في الساحه اللبنانيه للضغط على سوريا من جهه وايضا اخراج المقاومه الفلسطينيه من الاراضي اللبنانية.[143]
٢_ التدخل الفرنسي:
كانت فرنسا من أكثر الدول الأوروبية معارضة للإحتلال الأمريكي للعراق حيث ربطتها علاقات قويه مع نظام البعث وتعد من المصدّرين الأسلحه للعراق، وتستثمر الشركات الفرنسية في العراق في إقليم كردستان العراق، وكل ذلك محاولةً من جني ثمار من العراق، ومن العناصر التي تدل على الإهتمام الفرنسي لتطوير علاقتها مع العراق هي أنها دعمت إجراء الإنتخابات المبكره من خلال مساهمتها بمليون يورو للأمم المتحدة في إطار مشروع لتقديم الدعم، وقامت بتجديد الضربات ضد داعش حيث شن الطيران الفرنسي ضربات جوية عام 2020 بمحافظة نينوي أدت لمقتل ثلاثة إرهابيين.[144] كما تعهّد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ببقاء القوات الفرنسية في العراق، والإستمرار في المساعدة في مكافحة الإرهاب، أثناء زيارتة إلى مدينة الموصل، معقل تنظيم الدولة (داعش) السابق، وقال ماكرون: “بغض النظر عن الخيارات التي يتخذها الأمريكيون سنحافظ على وجودنا في العراق لمحاربة الإرهاب.” [145]
أما في الحالة اللبنانية، فرنسا تعد الفاعل الرئيسي على الساحة اللبنانية وهذا يعود لتاريخ لبنان وإحتلال فرنسا لها، وترتكز السياسة الفرنسيه إتجاه لبنان على عدة عناصر منها إعتبار فرنسا أن لبنان هي الأقرب لها دينيًا وتاريخيًا وثقافيًا، كما أن توجهاتها تجاه لبنان تنطلق من قناعه أن ما يعيشه لبنان هو نتاج الصراع الإقليمي عليه، والذي تغذيه الولايات المتحده الامريكية حسب ظروف الأطراف الإقليمية ووفق ما يخدم مصالحها.[146]
والجدير بالذكر كما ذكرنا سابقٍا في المحور العربي عن الأزمة الخليجية اللبنانية أن نذكر الدور الدولي، المهم لنا أن نعرفه في هذه الأزمة هي ردود الأفعال في الداخل اللبناني، في هذه الأزمة اللبنانية مع السعوديه والدول الخليجيه كان سمة الموقف عند حكومة الرئيس نجيب ميقاتي هو الإنتظار والإستقواء بالدور الخارجي خاصةً الأمريكي والفرنسي؛ وهذا نتيجة للإجراءات التي أخذتها الدول الخليجية والتي تؤدي عمليًا إلى عزل البلد كرد فعل على هيمنه حزب الله على السلطه في لبنان، فقام وزير الخارجيه اللبناني عبد الله بو حبيب بالتحدث عن مساعٍ أمريكية وفرنسيّة لحماية حكومه ميقاتي -رئيس وزراء لبنان- من السقوط، وتخفيف أجواء التوتر بين الرياض وبيروت وبالتالي إحتواء الأزمة الخليجية اللبنانية، حيثُ بالفعل تسارعت الجهود الفرنسية مع جهات خليجية للتواصل إلى صيغة حل تخفف من التداعيات الإقتصادية السلبية على لبنان؛ في سياق ردّها على تصريحات قرداحي، وتشمل الجهود كذلك تجنب دفع حكومه ميقاتي إلى الإستقالة لأن ذلك سيدفع حزب الله حلفائه إلى إبقاء الأمور على ما هي عليه حتى نهاية العهد الحالي، بينما فشلت جهود رئيس الحكومة في طلب وساطة أمريكيه للضغط على دول الخليج.[147]
“المبحث الثالث” مآلات الطائفية السياسية وإنعكاس ذلك على عدم الإستقرار السياسي في العراق ولبنان
مقدمة:
كل يوم يمر على العراق ولبنان تتحول الطائفية السياسية فيها إلى خطر حقيقي، لا تتحول فقط بل تثبت أنها خطر حقيقي يهدد التجانس الاجتماعي وكيان الدولة، وبسبب قيام هذه الجماعات بإعلاء قيمة الهويات الفرعية وهو ما يجعلها مع مرور الوقت غير قادره على الإندماج في هوية وطنية واحدة تُحقق الإنسجام والإستقرار والتعايش السلمي في ظل وطن ديمقراطي.[148] وجاء عام ٢٠٢٣ بطوفان الأقصى، إذا كانت حرب غزة وما تلاها من ردود فعل لـ«حزب الله» على صعيد فتح جبهة جنوب لبنان كشفتا شيئاً؛ أنّ لبنان الذي عرفناه لم يعد قائماً، بالنسبة إلى مستقبل لبنان، فالأمر يسير في التشاؤم لسبب في غاية البساطة، ويتمثل في حزب الله ومن خلفه إيران في وضع كل منهم اليد نهائياً على البلد عبر امتلاكهما قرار الحرب والسلم من دون حسيب أو رقيب ومن دون طرف داخلي جدّي، وفي الحالة العراقية سارعت (الجمهوريّة الإسلاميّة) طوال حرب غزّة، إلى إثبات أنّها الآمر الناهي في العراق، وأنّ حكومة محمّد شياع السوداني ليست سوى حكومة ظلّ لـ(الحشد الشعبي) وميليشياته.[149]
وبناءً على ما تم ذكره من الأحداث القديمة للطائفية السياسية في الفصول والمباحث السابقة، والتطورات الهائلة التي حدثت في عام ٢٠٢٣، تم التوصل لعدة سيناريوهات لمستقبل الطائفية السياسية وما له من تداعيات على عدم الإستقرار السياسي في الدولتين منهم:
١- اتخاذ الجيش اللبناني الخطوة للتدخل لتولي السلطة السياسية في البلاد، والقيام بعملية “إعادة بناء الدولة اللبنانية”:
رجحتها بناءً على كون الجيش اللبناني هو المؤسسة التي يُمكن وصفها بأنها “عابرة للطوائف” في لبنان، وذلك من خلال تكوينها الذي يجمع بين مختلف الطوائف اللبنانية، ومن أبرز نقاط القوة التي يتصف بها الجيش اللبناني، والذي يمتلك مديرية مختصة بهذا القطاع تنظر بكل ما يخص الأدوار التنموية التي يمكن أن يُسهم بها الجيش اللبناني في حل المشاكل الداخلية، هذا السيناريو ضعيف حدوثه وهي الخطوة التي تواجه بدورها تحديات وصعاب، لأن كون الجيش اللبناني ليس هو المحتكر الوحيد للقوة المسلحة داخل الدولة، في ظل تواجد ميليشيا حزب اللَّه، هذا بجانب ضعف البنية التحتية والتسليحية للجيش اللبناني.[150]
٢- إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق:
منذ أكتوبر ٢٠٢٣، تصاعدت هجمات المجموعات العراقية المدعومة من إيران ضد المصالح الأميركية في المنطقة، مما دفع واشنطن لإستهداف قادة هذه الجماعات لردعها، لم تكن الهجمات التي تعرضت لها القوات الأميركية في العراق وليدة “معركة طوفان الأقصى”، فمنذ اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس يناير2020 في العراق، بدأت فصائل مسلحة عراقية مدعومة من إيران تهاجم بشكل متقطع مواقع القوات الأميركية في العراق، لكن هذه الهجمات تصاعدت بوتيرة سريعة منذ منتصف أكتوبر 2023، حيث سُجل حتى مطلع فبراير 2024 حوالي 60 هجوما في العراق وحدها، وفقا لتقرير “خدمة أبحاث الكونغرس، أما ذروة هذه الهجمات فكانت في 28 يناير 2024، حين هاجمت “المقاومة الإسلامية في العراق” قاعدة الدعم اللوجيستي “البرج 22” قرب قاعدة التنف عند ملتقى الحدود الأردنية السورية العراقية، وهو ما أدى لمقتل 3 جنود أميركيين وإصابة 34 آخرين وفقا لبيان وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، بالرغم من أن موقف العراق الرسمي أنها وجهت حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دعواتها لفصائل “المقاومة الإسلامية في العراق” بعدم استهداف القوات الأميركية، لكن دون جدوى، غير أن الغارات الأميركية الأخيرة وضعت حكومة السوداني في موقف محرج، ولذا أعلنت أنها ستقدم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي ضد واشنطن، وطالبت رئاسة مجلس النواب العراقي الحكومة بالإسراع في تنفيذ قرار مجلس النواب بـ”إخراج القوات الأجنبية من البلاد”.[151]
ولا يزال واشنطن واثقًا من أنها طُرقت بشدة على وجودها في العراق، لأن هذه ليست المرة الأولى التي تزعم فيها الحكومة العراقية أنها ستطرد القوات الأمريكية.[152]
3– نشوب حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب اللَّه اللبناني:
تتصاعد المخاوف من نشوب حرب واسعة النطاق بين إسرائيل و”حزب الله” اللبناني، ما دفع السكان على جانبي الحدود إلى الفرار، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”، فيما يرى البعض أنها “نتيجة حتمية” للحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وكما ذكرنا سابقًا كل من إسرائيل و”حزب الله” تعلم دروساً من حربهما الأخيرة في عام 2006، وهو صراع دام شهراً، وانتهى دون رابح. ولم تكن هذه الحرب تنتهي حتى ظهرت بوادر حرب أخرى بعد مرور أربعة أشهر فقط، في الوقت حاولت فيه الولايات المتحدة منع اتساع نطاق الصراع، وفي الوقت الراهن يتبادل “حزب الله” وإسرائيل الضربات اليومية عبر الحدود، وتتصاعد تدريجياً، كما نفذت إسرائيل عمليات اغتيال استهدفت شخصيات من “حزب الله” و”حماس” في لبنان.[153] وتصاعدت المخاوف من توسّع رقعة الحرب المستمرة في قطاع غزة، بعد أن توعًد “حزب الله” اللبناني بـ”الرد والعقاب” على إغتيال إسرائيل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” صالح العاروري في العاصمة بيروت، وسط تأكيدات الجيش الإسرائيلي على “استعداده القوي جداً” في الحدود الشمالية مع لبنان.[154]
4– أن يتم اغتيال مقتدى الصدر:
واتهام السنة بدمه وبالتالي تفجير حرب أهلية وعندها سيصبح سلاح الميليشيات حاجة، وهذه بحسب الباحث في الشأن العراقي “مؤيد التميمي” ليست مستبعدة كليًا، ولكنه يرى أن لدى دعاة إستمرار السلاح المنفلت في العراق وسائل أخرى أيضا، كأن يتم استهداف أحد المراقد الشيعية وتحميل تنظيم “الدولة الإسلامية” المسؤولية، وهو جاهز أيضا لتنفيذ مثل هذا الأمر، وبالتالي تحميل السنة وزرها وتكرار سيناريو تفجير مرقد الإمامين في مدينة سامراء في العام 2007 الذي تسبب بحرب طائفية”.[155] كما شنّ زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر هجوماً لاذعاً على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على خلفية شكوى تقدمت بها أسر 28 ضابطاً في وزارة الداخلية حُكم عليهم بالسجن والطرد من الوظيفة، بعد تحميلهم مسؤولية عدم القيام بواجباتهم في حماية السفارة السويدية التي اقتحمها أتباع التيار الصدري نهاية يونيو (حزيران) الماضي، على خلفية إقدام اللاجئ من أصول عراقية سلوان موميكا على حرق نسخة من المصحف الشريف في السويد، وقال الصدر في نص جوابه على شكوى أسر الضباط: «ليس من المستغرب أن يصدر من تلك الحكومة (العباسية) تلك العقوبة، فليس لهم من القرآن صحبة، ولا من العقيدة صحبة، وليس لديهم إلا الكراسي والعشاء والمال».[156]
الخاتمة:
وإستنتاجًا لما توصلت إليه الدراسة، تبيَّن لنا من وجود علاقة قوية بين الطائفيه السياسيه التي تشهدها كل من الدولة العراقيه ولبنان وبين ضعف فاعلية وقدرة هاتان الدولتان؛ شاهدنا بدايةً من تدهور في فاعلية الدولة من خلال نظامها السياسي والحكومات المتعاقبه منذ دستور 2005 في الحالة العراقية، وتدني قدرة الدولة على تلبية الإحتياجات العامة لمواطنيها وضعف الوظائف الأمنية والإقتصادية، والذي زاد الأمر سوءًا هو تضافر المحاصصة الطائفية مع التدخلات الخارجية، إذا كانت إقليمية أو دولية، كما إتضحت صحة فرضية الدراسة ألا وهي كلما تعددت الطوائف أو الجماعات ذات الإنتماءات الأوليه في كل من العراق ولبنان، كلما أدى ذلك الى حدوث عدم إستقرار سياسي في البلاد، ففي ظل التقاسم الطائفي للسلطه والنفوذ واجهت الحكومات العراقية واللبنانية أزمات عديدة تتعلق بمرحلة الإصلاح السياسي، والتحديات الأمنيه وبروز تنظيم داعش الإرهابي في العراق، وأيضًا إتضح لنا أن الطائفيه السياسية قد إنعكست أيضًا على تعطيل مؤسسات الدولة وتسترها على الفساد السياسي والمؤسسي ومن ثم كل ذلك يؤدي إلى إضعاف الأداء الحكومي.
- قائمة المراجع :
- المراجع باللغة العربية:
- أولًا، الكتب:
- أبو العينين،حسن سيد أحمد (1980). لبنان دراسة في الجغرافيا الطبيعية، بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر.
- أبو عيسى، شادي خليل.( ٢٠٠٨)، رؤساء الجمهورية اللبنانية “خفايا، وقائع، وثائق، صور”، بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1.
- بشارة، عزمي. ( 2013). الدين والعلمانية في سياق تاريخي، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
- بشارة، عزمي. (2018). الطائفة الطائفية والطوائف المتخيلة، الطبعة الأولى، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
- بوليس،جواد.(1973)، لبنان والبلدان المجاورة، بيروت، مؤسسة أبدران وشركاؤه للطباعة والنشر.
- داغر، فيوليت(٢٠٠٢)، الطائفية وحقوق الإنسان، القاهرة: مركز دراسات حقوق الإنسان.
- الديب، كمال( ٢٠١٣). موجز تأريخ العراق ” من ثورة ال 20 إلى الحروب الأميركية والمقاومة والتحرير وقيام الجمهورية الثانية”، بيروت: دار الفارابي، ط 1.
- رهاب نوفل(٢٠١٥). مشروع مقاومة تقسيم العراق وتفتيته، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1.
- السامرائي، سعيد. (2008). الطائفية في العراق، لندن، مؤسسة الفجر.
- سعودي، محمد عبد الغني.(2010)، الجغرافيا السياسية المعاصرة( دراسة الجغرافيا والعلاقات السياسية الدولية)، مصر، المكتبة الانجلو مصرية، ص47
- السلطاني، حسين علي. (٢٠٠٨). الأزمة السياسية والطائفية في العراق: الأسباب وآفاق الحل من كتاب الطائفية في العراق: مقاربات في الجذور وسبل الخروج من المأزق، معهد الأبحاث والتنمية الحضارية، بيروت، لبنان، ص ٦٩،٧٠.
- شاهين.فؤاد ( ١٩٨٦). الطائفية في لبنان حاضرها وجذورها التاريخية والاجتماعي، بيروت، دار الحداثة،
- شبيب، كاظم.(2010). المسألة الطائفية: تعدد الهويات في الدولة الواحدة، بيروت: دار التنوير للنشر
- الصفار، حسين موسى. (2009). الطائفية بين السياسة والدين، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي
- عبد الحي، سماح عبد الصبور.(٢٠١٤ا).القوة الذكية في السياسية الخارجية: دراسة في أدوات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه لبنان ٢٠٠٥-٢٠١٣، مصر : دار بشير للثقافة والعلوم، ط ١.
- عبد السلام، محمد(٢٠٢٠)، الجغرافيا السياسية “دراسة نظرية وتطبيقات عالمية”، مكتبة النور
- عبد الفتاح، نبيل. ( ٢٠١١). الدين والدولة الطائفية، الدار المصرية للطباعة، مؤسسة المصري المواطنة والحوار.
- غليون، برهان. (1988). المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات، بيروت: شركة الفجر للطباعة والنشر.
- فوزي،سهام.(2019)، التحول الديمقراطي في المجتمعات الإثنية: دراسة مقارنة العراق وجنوب أفريقيا، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ص135، 136
- محسن، يوسف. (2017). الحرب الأهلية الطائفية في العراق: ميليشيات شيعية وسنية وسلفيون جهاديون وقوميون، نزاع الأيدولوجيات الشوفونية المسلحة(٢٠٠٣-٢٠١٧)، بيروت، الدار العربية الموسوعات.
- محمد وهبان، أحمد. (٢٠٠٧). الصراعات العرقية وإستقرار العالم المعاصر ، الطبعة الأولى، جامعة الإسكندرية، زار فاروس العلمية.
- المؤمن.علي(2020). سنوات الجمر: مسيرة الحركة الإسلامية في العراق 1986-1957 ط5، لبنان: مركز دراسات المشـرق العربـي
- واكيم، جمال. (٢٠١٨)، جريمة والا عقاب ” الحرب الأهلية اللبنانية وترميم النظام الطائفي”، بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1.
ثانيًا، الرسائل العلمية:
- أبو عيشة، نضال ماجد محمد.(٢٠١٨). الطائفية السياسية ودورها في إجهاض الربيع العربي، رسالة ماجستير في العلوم السياسيه مقدمة إلى كلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين
- الأقريد، محبوبة. (٢٠٢١). تأثير المحاصصة الطائفية على بناء النظام الديمقراطي، حالة العراق بعد ٢٠٠٣، دكتوراه، جامعة ورقلة.
- الأقريد، محبوبة. (٢٠٢٣). الطائفية وإشكالية بناء الدولة الوطنية: العراق ولبنان (دراسة مقارنة)، دكتوراه، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، كلية الحقوق والعلوم السياسيه.
- أوسامة، زايدي.(٢٠١٧). الطائفية الدينية وأثارها على الإستقرار السياسي في الدولة دراسة حالة لبنان، رسالة ماجستير في العلوم السياسية مقدمة إلى كلية القانون والعلوم السياسية بجامعة العربي ابن مهيدي، أم البواقي، الجزائر.
- بن سليمان، علي.(2012). التنمية السياسية ودورها في الإستقرار السياسي في سلطنة عمان ١٩٨١-٢٠١٢، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب والعلوم، جامعة الشرق الأوسط، ص ١٤١-١٤٢.
- توبة، ضياء الحق، سردوك، حسين. (٢٠١٩). تأثير الطائفية على سيادة الدولة العراقية بعد ٢٠٠٣، ماجستير، جامعة الشهيد حمه لخضر – الوادي، كلية الحقوق والعلوم السياسيه.
- جمال ثابت ذكي، أبانوب. (٢٠٢٣). تأثير الطائفية على الاستقرار السياسي في لبنان(٢٠٠٥-٢٠١٤)، المركز الديمقراطي العربي، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة.
- سامان عبد المجيد، سازان. (٢٠١٥). تقييم النخبة لدور وسائل الإعلام العراقية في مواجهة الطائفية، ماجستير، جامعة البترا، كلية الاعلان.
- صديق الامام، يوسف. (٢٠١٥). أثر الطائفية على الاستقرار السياسي في لبنان ٢٠٠٥_٢٠١٥، دكتوراه، جامعة النيلين، كلية الدراسات العُليا.
- قايد، لبنى. (٢٠١٥). المحاصصة الطائفية وآثارها على الإستقرار الحكومي، دراسة حالة لبنان ، ماچستير، جامعة قاصدي مرباح، كلية الحقوق والعلوم السياسية.
- محمد الامين وراهم علي، بن لولو.(٢٠١٦). النظام السياسي اللبناني دراسة في المؤسسات والفواعل، مذكرة مكملة لنيل شهادة الليسانس في العلوم السياسية، جامعة سكيكدة، كلية الحقوق والعلوم السياسيه.
- نضال لطفي جرادات، راهف. (٢٠٢٢). الطائفية السياسية وتأثيرها على الإستقرار السياسي، (العراق نموذجًا)، ماچستير، جامعة النجاح الوطنية، كلية الدراسات العليا.
- نعلبنديان، بيرج.(٢٠١١)، النظام السياسي اللبناني”الواقع والآفاق”، مذكرة مكملة لمتطلبات الحصول على شهادة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة دمشق.
- نعمان، أشرف. ( 2020). المحاصصة السياسية ومدى إنسجامها مع مقومات الحكم الرشيد، دكتوراه، مجلة الأكاديمية العربية في الدينمارك، العدد٢٤.
- ثالثًا، الدوريات:
- بدر الدين،إكرام. ( ١٩٨٢). الإستقرار السياسي في مصر ١٩٥٢-١٩٧٠، مجلة السياسة الدولية، القاهرة: مؤسسة الأهرام، العدد ٦٩
- بكر، مروة محمد عبد المنعم. (٢٠٢٢). الطائفية السياسية وتحديات فاعلية الدولة في العراق، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مج٢٣، ع ٢.
- بهولي، لبنى.( ٢٠٢٣). المسألة الطائفية في لبنان وتداعياتها على النظام السياسي، مجلة القانون، المجتمع والسلطة، المجلد:١٢، العدد: ٢.
- البياتي، فراس عبد الكريم (٢٠١٦). العملية السياسية ونظام السياسي في العراق (٢٠٠٥-٢٠١٥)، بغداد: مجلة قضايا سياسية، العدد ٤٦.٤٥، جامعة النهرين.
- الجميل، سيار كوكب علي. (٢٠١٦). العراق: المصير المجهول، مجلة الديمقراطية، العدد٦٣.
- حسن، حارث. (٢٠١٦). التجربة التوافقية في العراق: النظرية والتطبيق والنتائج، مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط، سياسات عربية، العدد ٢٣.
- حسن،حارث. (٢٠١٤). الأزمة الطائفية في العراق: إرث من الإقصاء، مركز جارنيغي للشرق الأوسط.
- الحسني، زهير. (٢٠٢٢). تحديات النظام السياسي في العراق، مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية، عدد ٥٣.
- حسين، محمد شاكر محمد (٢٠٢٣). إنعكاسات الأزمة الدبلوماسية الخليجية على الإستقرار السياسي في لبنان، المجلة العلمية لكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الأسكندرية، العدد ١٥، المجلد الثامن، جامعة الإسكندرية، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية.
- حمود، عبدالمجيد أحمد مرشد. (٢٠٢٠). الطائفية: دراسة في جذور الظاهرة وسبل الوقاية، مجلة الدراسات العقدية ومقارنة الأديان، ع٢.
- خيون، رشيد ( ٢٠١٦)، الأديان والمذاهب بالعراق ماضيها وحاضرها، دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، ج 1.
- زعير، فهد أمسلم. (٢٠١٥). التركيبة الطائفية للمجالس النيابية في لبنان(١٩٢٢_١٩٤٣)، مجلة كلية التربية الأساسية، العدد ٨٧.
- سليمان، سماء.( ٢٠٠٦). الطائفية: المفهوم وإشكالاته ومخاطره، مركز الخليج للدراسات الإستراتيچية، ع٤٧.
- سيف علام، رابحة. (٢٠٢١). لبنان: ماذا بعد إفلاس الصيغة الطائفية، مركز الدراسات السياسية والإستراتيچية بالأهرام، ع٩.
- شحاذه محمد، أحمد. ( ٢٠٢١). طبيعة النظام السياسي في العراق وإشكالية الإستقرار السياسي بعد عام ٢٠٠٣، محلة بحوث الشرق الأوسط، العدد ٦٥.
- طالب سلمان، زينب. (٢٠١٩). ونوره كطاف هيدان، الفساد كأحد معوقات الإستقرار السياسي في العراق، مجلة تكريت للعلوم السياسية، عدد خاص.
- عباس غضبان، أباذر. (٢٠١٩). تسييس الإنتماءات الطائفية وأثره في الإستقرار السياسي العراقي، مجلة الخليج العربي، العدد (٣_٤).
- علي سالم، أحمد. ( ٢٠١٣)، الطائفية السياسية في لبنان، مجلة الديمقراطية، مؤسسة الأهرام، ع٥٠.
- فتحي عبد المولى، حسن. (٢٠٢٣). الإستقرار السياسي: المفهوم_ الأنماط-المؤشرات، مجلة المعهد العالي للدراسات النوعية، العدد ٤.
- فضلى، نادية فاضل عباس. (٢٠١١). التطورات السياسية في لبنان وإنعكاساتها على الوحدة الوطنية، مركز الدراسات الدولية، العدد ٤٧.
- القدرات، ماهر. (٢٠٢٠). المظاهرات العراقية ٢٠١٩: هل تكون بداية تحقق المشروع الوطني وتجاوز نظام المحاصصة الطائفية؟، المركز العربي للبحوث والدراسات الصادرة من آفاق سياسية، ع٥١.
- كصاي، حسام . (٢٠٢٣). الطائفية في الفكر السياسي العربي المعاصر وسبل مواجهتها، محلة حمورابي للدراسات، العدد ٤٦.
- ماك كولوش، أليسون. (٢٠٢٠). التوافقية في تقاسم السلطة: تقييم سجل من الأداء المختلط، الجامعة اللبنانية الأمريكية، مقالة رأي رقم ١.
- محمد، نضال ماجد. (٢٠٢٠). الطائفية السياسية والواقع الإجتماعي المأزوم في الوطن العربي، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، عدد٥٠٢.
- مدور، صبا. (٢٠٢٣). ما مدى نجاح الحكومة التوافقية في تنظيم الصراع الإثني د القومي؟، مجلة فصلية تصدر عن مؤسسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، العدد١٠.
- مسعد، نيڤين عبد المنعم. (٢٠١٤). الطائفية السياسية والديمقراطية في المشرق العربي، مجلة الديمقراطية، مؤسسة الأهرام، عدد٥٦.
- معوض، جلال. (١٩٨٣). ظاهرة عدم الإستقرار السياسي وأبعادها، مجلة العلوم الإجتماعية، جامعة الكويت: مجلس النشر العلمي، المجلد: ١١، العدد: ١.
- الموسوي،موسى جعفر راضي .(2018). الأقاليم الثلاثة في العراق، دراسة في الجغرافيا السياسية، العراق: مجلة ديالي.
- رابعًا المواقع الإلكترونية:
- أبو شعر. ماهر.(٢٠١٦).نظام الحياد وإمكانية تطبيقه على الواقع اللبناني، لبنان: مجلة الجيش اللبناني، العدد ٩٦، الموقع الرسمي للجيش اللبناني | شرف، تضحية، وفاء (lebarmy.gov.lb)
- إسرائيل “تستعد” وحزب الله “لا يخشى الحرب”.. هل يتسع نطاق المواجهة؟ وزير الخارجية اللبناني: نسعى لإقناع حزب الله بعدم الدخول في حرب. (٢٠٢٤)، https://asharq.com/politics/76368/ ، ١١/٥/٢٠٢٤.
- الانسحاب الأميركي من العراق على طاولة البحث من جديد، (إبريل ٢٠٢٤).https://www.ajnet.me/politics /2024/4/18/ ، ١١/٥/٢٠٢٤.
- إيمانويل ماكرون يتعهد من الموصل ببقاء قواته في العراق، (٢٠٢١)، https://www.bbc.com/arabic/middleeast-58372094 ، ٩/٥/٢٠٢٤
- جمهورية العراق. المؤشرات السكانية. وزارة التَّخطيط. الجهاز المركزي للإحصاء، https://cosit.gov.iq/ar/62arabic-cat/indicators/174- ، تاريخ الدخول 28/4/2024
- حسين الزعبي. (٢٠٢٢)، العراق سيناريوهات كارثية، https://fanack.com/ar/politics/features-insights/iraq-catastrophic-scenarios~225234/ ، ١١/٥/٢٠٢٤
- حمو، طارق. ( ٢٠٢٠). الطائفية السياسية والتدخلات الإقليمية، المركز الكردي للدراسات، https://www.nlka.net/pdf/Sectarianism.pdf
- خير الله خير الله. (2023)استكمال لتفكيك لبنان نهائياً! https://www.alarabiya.net/politics/2023/12/16/2023، ، ١٢/٥/2024)
- داغر، منقذ.(٢٠٢٣)، إحصاء جديد يظهر آراء العراقيين بحياتهم بعد عشرين عاما من سقوط نظام صدام حسين، https://www.bbc.com/arabic/middleeast-65188626 ،٦/٥/٢٠٢٤
- الدولية للمعلومات، بالأرقام عدد اللبنانيين بالطوائف، تاريخ النشر 2019، تاريخ الدخول 20/4/2024، https://www.lebanese-forces.com/2019/07/27/politics-lebanon
- رابعًا، المواقع الإلكترونية:
- الشاهر، ضاهر.(٢٠١٦). الإستقرار السياسي معاييره ومؤشراته، https://www.dampress.net/mobile/?page=show_det&category_id=48&id=73497
- عبدالله ضاهر، مسعود. (١٩٨٢). الجذور التاريخية للمسألة الطائفية في لبنان، الفكر العربي، معهد الإنماء العربي، مج٤، ع٢٨، https://search.mandumah.com/Record/426094
- عرار، أمجد. (٢٠١٨). المحاصصة الطائفية المشكلة ام الحل في العراق، البيان، ١٦ اكتوبر ٢٠١٨، https://www.albayan.ae/one-world/political-issues/2018-10-16-1.3384134
- عمر طاشبينار، عمر.(17 يناير 2024)، الوجود العسكري الأمريكي في العراق: هل بات انه مطروحاً على الجدول؟، مركز الإمارات للسياسات، https://epc.ae/ar/details/featured/alwujud-alaskari-al-amriki-fi-aliraq-hal-bat-ainhawuh-mtrwh-ala-altawila ، ١١/٥/٢٠٢٤
- القصاص. محمود(٢٠٢٠)، هل يسدل انفجار بيروت الستار على النظام الطائفي في لبنان؟، بي بي سي، لندن، https://www.bbc.com/arabic/interactivity-54204427 ، 5/5/2024
- كيف تستعد إسرائيل و”حزب الله” لـ”حرب مدمرة” لا يريدها أي منهما، (٢٠٢٤)، الشرق للأخبار، https://asharq.com/politics/79040/ ، ١١/٥/٢٠٢٤ .
- محمد. إيمان( ٢٠١٨)، كيف وصل الإسلام للعراق، https://muhtwa.com/138517 ، ٢٥/٤/٢٠٢٤
- منصور، ريناد. (٢٠١٧). ترجمة مصطفى الفقي، الطائفية في العراق: صراع بين الهوية وسياسات القضية، موقع العالم الدراسات، ديسمبر، https://alaalam.org/ar/translations-ar/item/606-679041217
- الناهي، هيثم غالب. (٢٠١٧). المسألة الطائفية وصناعة الأقليات في الوطن العربي، المستقبل العربي، مح٤٠، ع ٤٦٤، https://search.mandumah.com/Record/824109
- النشمي، فاضل.(٢٠٢٣) مقتدى الصدر يهاجم الحكومة ويتهمها بالاكتراث للمال والكرسي فقط، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولى، https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/4544701- ، ١١/٥/٢٠٢٤
- خامسًا: المحاضرات:
- مجدي، زينب(2024). مناهج البحث العلمي، محاضرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة.
- السعدي،عباس فاضل.(2009). جغرافية العراق: إطارها الطبيعي، نشاطها الاقتصادي، جانبها البشري، محاضرات في مادة الجغرافيا والدراسات السكانية، جامعة بغداد، كلية التربية.
- المراجع باللغة الإنجليزية:
- Article:
- Daalder، (2011). The consociational Democracy theme: world politics، Cambridge core، Cambridge university press. https://www.cambridge.org/core/services/aop-cambridge-core/content/view/C1E6EB66EE80884114F704BAF1C5E67B/S1755773921000151a.pdf/power-sharing-and-the-quality-of-democracy.pdf
- Lijphart، (2014). “Constitutional Design for Divided Societies”. Journal of Democracy، vol. 15. https://www.journalofdemocracy.org/articles/constitutional-design-for-divided-societies/
- Saouli، (2019). Sectarianism and Political Order in Iraq and Lebanon، Studies in Ethnicity and Nationalism، Volume 19، Issue 1، p. 67-87، 12 April، https://doi.org/10.1111/sena.12291.
[1] محبوبة الأقريد. (٢٠٢١). تأثير المحاصصة الطائفية على بناء النظام الديمقراطي، حالة العراق بعد ٢٠٠٣، دكتوراه، جامعة ورقلة.ص ١،٢،٣
[2]أحمد مجمد وهبان. (٢٠٠٧). الصراعات العرقية وإستقرار العالم المعاصر ، الطبعة الأولى، جامعة الإسكندرية، زار فاروس العلمية، ص٦٩
[3] عزمي بشارة. (2018). الطائفة الطائفية والطوائف المتخيلة، الطبعة الأولى، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
[4] نضال ماجد محمد.(٢٠٢٠). الطائفية السياسية والواقع الإجتماعي المأزوم في الوطن العربي، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، عدد٥٠٢.
[5] طارق حمو.( ٢٠٢٠). الطائفية السياسية والتدخلات الإقليمية، المركز الكردي للدراسات، https://www.nlka.net/pdf/Sectarianism.pdf
[6] نيڤين عبد المنعم مسعد. (٢٠١٤). الطائفية السياسية والديمقراطية في المشرق العربي، مجلة الديمقراطية، مؤسسة الأهرام، عدد٥٦.
[7] فهد أمسلم زعير. (٢٠١٥). التركيبة الطائفية للمجالس النيابية في لبنان(١٩٢٢_١٩٤٣)، مجلة كلية التربية الأساسية، العدد ٨٧.
[8] بن لولو محمد الامين وراهم علي.(٢٠١٦). النظام السياسي اللبناني دراسة في المؤسسات والفواعل، مذكرة مكملة لنيل شهادة الليسانس في العلوم السياسية، جامعة سكيكدة، كلية الحقوق والعلوم السياسيه.
[9] نادية فاضل عباس فضلى (٢٠١١). التطورات السياسية في لبنان وإنعكاساتها على الوحدة الوطنية، مركز الدراسات الدولية، العدد ٤٧
[10] أحمد شحاذه محمد ( ٢٠٢١). طبيعة النظام السياسي في العراق وإشكالية الإستقرار السياسي بعد عام ٢٠٠٣، محلة بحوث الشرق الأوسط، العدد ٦٥.
[11]سيار كوكب علي الجميل. (٢٠١٦). العراق: المصير المجهول، مجلة الديمقراطية، العدد٦٣.
[12] زينب طالب سليمان. (٢٠١٩). ونوره كطاف هيدان، الفساد كأحد معوقات الإستقرار السياسي في العراق، مجلة تكريت للعلوم السياسية، عدد خاص.
[13] Saouli، Adham. (2019). Sectarianism and Political Order in Iraq and Lebanon، Studies in Ethnicity and Nationalism، Volume 19، Issue 1، p. 67-87، 12 April، https://doi.org/10.1111/sena.12291
[14] محبوبة الأقريد. (٢٠٢١). تأثير المحاصصة الطائفية على بناء النظام الديمقراطي، حالة العراق بعد ٢٠٠٣، دكتوراه، جامعة ورقلة.
[15] ، أباذر عباس غضبان. (٢٠١٩). تسييس الإنتماءات الطائفية وأثره في الإستقرار السياسي العراقي، مجلة الخليج العربي، العدد (٣_٤).
[16] لبنى قايد (٢٠١٥). المحاصصة الطائفية وآثارها على الإستقرار الحكومي، دراسة حالة لبنان ، ماچستير، جامعة قاصدي مرباح، كلية الحقوق والعلوم السياسية.
[17] يوسف صديق الامام(٢٠١٥). أثر الطائفية على الاستقرار السياسي في لبنان ٢٠٠٥_٢٠١٥، دكتوراه، جامعة النيلين، كلية الدراسات العُليا
[18]نادية فاضل عباس فضلى (٢٠١١). التطورات السياسية في لبنان وإنعكاساتها على الوحدة الوطنية، مركز الدراسات الدولية، العدد ٤٧.، ص ١٠٣-١١٠.
[19] العراق في 2023… عام بدأ واعداً وانتهى «على كف عفريت».( ٢٠٢٣)، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، https://rawabetcenter.com/archives/169477 ، 1١/٥/٢٠٢٤
[20] كارين طربيه.(٢٠٢٤) بي بي سي في جنوبي لبنان: منازل تحوّلت إلى “تلال من الركام”، https://www.bbc.com/arabic/articles/cp3g47kpg3po ، ١١/٥/٢٠٢٤
[21] صبا مدور (٢٠٢٣). ما مدى نجاح الحكومة التوافقية في تنظيم الصراع الإثني د القومي؟، مجلة فصلية تصدر عن مؤسسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، العدد١٠.ص ٣٢٣_٣٣١
[22] Daalder،H.The consociational Democracy theme: world politics، Cambridge core، Cambridge university press، 2011، p.606.
[23] أليسون ماك كولوش. (٢٠٢٠). التوافقية في تقاسم السلطة: تقييم سجل من الأداء المختلط، الجامعة اللبنانية الأمريكية، مقالة رأي رقم ١.
[24] مرجع سبق ذكره،صبا مدور.(2023). ما مدى نجاح الحكومة التوافقية في تنظيم الصراع الإثني القومي؟، ص332
[25] المرجع السابق،
[26] Lijpjart،A. “Constitutional Design for divided societies”، Journal of Democracy، 15(2)، 2004، p.97
[27] مرجع سبق ذكره، أليسون ماك كولوش(2020)
[28] صبا مدور. (2023). ما مدى نجاح الحكومة التوافقية في تنظيم الصراع الإثني د القومي؟، ص ٣٢٧
[29] حارث حسن. (٢٠١٦). التجربة التوافقية في العراق: النظرية والتطبيق والنتائج، مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط، سياسات عربية، العدد ٢٣، ص٤٨
[30] المرجع السابق، ص ٥٠،٥١
[31] أحمد خليل خليل لماذا يخاف العرب الحداثة: بحث في البدوقراطية، بيروت: الطليعة للنشر، ص٣٢.
[32] برهان غليون (1988). المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات، بيروت: شركة الفجر للطباعة والنشر، ص٢٠
[33] حسام كصاي.(٢٠٢٣). الطائفية في الفكر السياسي العربي المعاصر وسبل مواجهتها، محلة حمورابي للدراسات، العدد ٤٦، ص96
[34] حسين موسى الصفار (2009). الطائفية بين السياسة والدين، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، ص٧.
[35] كاظم شبيب.(2010). المسألة الطائفية: تعدد الهويات في الدولة الواحدة، بيروت: دار التنوير للنشر، ص٨٨
[36] جلال معوض. (١٩٨٣). ظاهرة عدم الإستقرار السياسي وأبعادها، مجلة العلوم الإجتماعية، جامعة الكويت: مجلس النشر العلمي، المجلد: ١١، العدد: ١
[37] المرجع السابق
[38] حسن فتحي عبد المولى. (٢٠٢٣). الإستقرار السياسي: المفهوم_ الأنماط-المؤشرات، مجلة المعهد العالي للدراسات النوعية، العدد ٤، ص ١٤٢٨_١٤٢٩.
[39] إكرام بدر الدين. ( ١٩٨٢). الإستقرار السياسي في مصر ١٩٥٢-١٩٧٠، مجلة السياسة الدولية، القاهرة: مؤسسة الأهرام، العدد ٦٩، ص٣٠
[40] مرجع سبق ذكره، حسن فتحي عبد المولى . (٢٠٢٣). الإستقرار السياسي: المفهوم_ الأنماط-المؤشرات، ص ١٤٤١، ١٤٤٢
[41] المرجع السابق ص ١٤٤٠.
[42] علي بن سليمان. (2012). التنمية السياسية ودورها في الإستقرار السياسي في سلطنة عمان ١٩٨١-٢٠١٢، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب والعلوم، جامعة الشرق الأوسط، ص ١٤١-١٤٢.
[43] المرجع السابق.
[44]زينب مجدي..(2024). مناهج البحث العلمي، محاضرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة.
[45]عزمي بشارة. (2018). الطائفة الطائفية والطوائف المتخيلة، الطبعة الأولى، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات،ص15.
[47] عباس فاضل السعدي. (2009). جغرافية العراق: إطارها الطبيعي، نشاطها الاقتصادي، جانبها البشري، محاضرات في مادة الجغرافيا والدراسات السكانية، جامعة بغداد، كلية التربية، ص 7
[48] حسن سيد أحمد أبو العينين. (1980). لبنان دراسة في الجغرافيا الطبيعية، بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، ص15
[49] مرجع سبق ذكره، عباس فاضل السعدي، ص9
[50] مرجع سبق ذكره، حسن سيد أحمد أبو العينين، ص31، 34
[51] محمد عبد الغني. سعودي(2010)، الجغرافيا السياسية المعاصرة( دراسة الجغرافيا والعلاقات السياسية الدولية)، مصر، المكتبة الانجلو مصرية، ص47[52] جواد بوليس.(1973)، لبنان والبلدان المجاورة، بيروت، مؤسسة أبدران وشركاؤه للطباعة والنشر، ص25
[53] سهام فوزي.(2019)، التحول الديمقراطي في المجتمعات الإثنية: دراسة مقارنة العراق وجنوب أفريقيا، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ص135، 136
[54] محبوبة الأقريد . (٢٠٢٣). الطائفية وإشكالية بناء الدولة الوطنية: العراق ولبنان (دراسة مقارنة)، دكتوراه، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص 73، 74
[55] مرجع سبق ذكره،محمد عبد الغني سعودي، ص94
[56] ضياء الحق توبة، حسين سردوك. (٢٠١٩). تأثير الطائفية على سيادة الدولة العراقية بعد ٢٠٠٣، ماجستير، جامعة الشهيد حمه لخضر – الوادي، كلية الحقوق والعلوم السياسيه، ص29
[57] محبوبة الأقريد. (٢٠٢٣). الطائفية وإشكالية بناء الدولة الوطنية: العراق ولبنان (دراسة مقارنة)، دكتوراه، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص95
[58] راهف نضال لطفي جرادات. (٢٠٢٢). الطائفية السياسية وتأثيرها على الاستقرار السياسي، (العراق نموذجًا)، ماچستير، جامعة النجاح الوطنية، كلية الدراسات العليا، ص78
[59] مرجع سبق ذكره، محبوبة الأقريد. ص91
[60] جمهورية العراق. المؤشرات السكانية. وزارة التَّخطيط. الجهاز المركزي للإحصاء، https://cosit.gov.iq/ar/62arabic-cat/indicators/174- ، تاريخ الدخول 28/4/2024
[61] مرجع سبق ذكره، راهف نضال لطفي جرادات، ص 83
[62] فؤاد شاهين. ( ١٩٨٦). الطائفية في لبنان حاضرها وجذورها التاريخية والاجتماعي، بيروت، دار الحداثة، ص16
[63] الدولية للمعلومات، بالأرقام عدد اللبنانيين بالطوائف، تاريخ النشر 2019، تاريخ الدخول 20/4/2024، https://www.lebanese-forces.com/2019/07/27/politics-lebanon
[64] علي المؤمن.(2020). سنوات الجمر: مسيرة الحركة الإسلامية في العراق 1986-1957 ط5، لبنان: مركز دراسات المشـرق العربـي ، ص539
[65] مرجع سبق ذكره، راهف نضال لطفي جرادات. ص84، 85
[66] موسى جعفر راضي الموسوي.(2018). الأقاليم الثلاثة في العراق، دراسة في الجغرافيا السياسية، العراق: مجلة ديالي، العدد27، ص11
[67] مرجع سبق ذكره، راهف نضال لطفي جرادات. (٢٠٢٢)، ص 90
[68] المرجع السابق، ص91
[69] محبوبة الأقريد. (٢٠٢٣). الطائفية وإشكالية بناء الدولة الوطنية: العراق ولبنان (دراسة مقارنة)، ص91،92،93
[70] إيمان محمد.( ٢٠١٨)، كيف وصل الإسلام للعراق، https://muhtwa.com/138517 ، ٢٥/٤/٢٠٢٤.
[71] رشيد خيون. ( ٢٠١٦)، الأديان والمذاهب بالعراق ماضيها وحاضرها، دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، ج 1، ط ، ص354
[72] المرجع السابق، ص145
[73] المرجع السابق163
[74] فيوليت داغر.(٢٠٠٢)، الطائفية وحقوق الإنسان، القاهرة: مركز دراسات حقوق الإنسان، ص ١٧
[75] مرجع سبق ذكره، فؤاد شاهين. ( ١٩٨٦). الطائفية في لبنان حاضرها وجذورها التاريخية والاجتماعي، ص51
[76] مرجع سبق ذكره، فؤاد شاهين.، ص49.
[77] مرجع سبق ذكره، محبوبة الأقريد. (٢٠٢٣). الطائفية وإشكالية بناء الدولة الوطنية: العراق ولبنان (دراسة مقارنة)، ص 95،96،97،98
[78] المرجع سبق ذكره. فؤاد شاهين. ( ١٩٨٦). الطائفية في لبنان حاضرها وجذورها التاريخية والاجتماعي، 49ص
[79] مرجع سبق ذكره، محمد عبد الغني سعودي.(2010)، الجغرافيا السياسية المعاصرة، ص61
[80] محمد. عبد السلام.(٢٠٢٠)، الجغرافيا السياسية “دراسة نظرية وتطبيقات عالمية”، مكتبة النور، ص ٢٦١
[81] Adham Saouli. (2019). Sectarianism and Political Order in Iraq and Lebanon، Studies in Ethnicity and Nationalism، Volume 19، Issue 1، p. 67، 12 April، https://doi.org/10.1111/sena.12291.
[82] كمال الديب.( ٢٠١٣). موجز تأريخ العراق ” من ثورة ال 20 إلى الحروب الأميركية والمقاومة والتحرير وقيام الجمهورية الثانية”، بيروت: دار الفارابي، ط 1، ص 501.
[83] كاظم شيب. (٢٠١١). مرجع سبق ذكره، ص 196.
[84] مرجع سبق ذكره، كمال الديب.( ٢٠١٣). ص506
[85] جمال واكيم. (٢٠١٨)، جريمة والا عقاب ” الحرب الأهلية اللبنانية وترميم النظام الطائفي”، بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، ص 17
[86] عزمي بشارة. (2018). الطائفة الطائفية والطوائف المتخيلة، مرجع سبق ذكره ص 544،545.
[87] فراس عبد الكريم البياتي. (٢٠١٦). العملية السياسية ونظام السياسي في العراق (٢٠٠٥-٢٠١٥)، بغداد: مجلة قضايا سياسية، العدد ٤٦.٤٥، جامعة النهرين، ص ٢٣٦.
[88] مرجع سبق ذكره، كاظم شيب. (٢٠١١). المسألة الطائفية تعدد الهويات في الدولة الواحدة. ص136
[89] مرجع سبق ذكره، محبوبة الأقريد. (٢٠٢٣). الطائفية وإشكالية بناء الدولة الوطنية: العراق ولبنان (دراسة مقارنة)، ص122
[90] رهاب نوفل(٢٠١٥). مشروع مقاومة تقسيم العراق وتفتيته، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، ص 118
[91] مرجع سبق ذكره فراس عبد الكريم البياتي. ص ٢٥٠ إلى ٢٥٤
[92] شادي خليل أبو عيسى( ٢٠٠٨)، رؤساء الجمهورية اللبنانية “خفايا، وقائع، وثائق، صور”، بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، ص291.
[93] مرجع سبق ذكره، محبوبة الأقريد. ص108 و ص 118
[94] نيفين مسعد عبد المنعم ودسوقي، علي الدين هلال.(٢٠٢١) النظم السياسية العربية : قضايا الاستمرار و التغيير.. المستقبل العربي،. مج. 23، ع. 258،ص ٢٥
https://search.emarefa.net/detail/BIM-138260
[95] بن لولو محمد الامين وراهم علي .(٢٠١٦). مرجع سبق ذكره. ص48
[96] بن لولو محمد الأمين وراهم علي، مرجع سبق ذكره، ص50،51
[97] بن لولو محمد الأمين وراهم علي، مرجع سبق ذكره، ص52
[98] نيفين مسعد عبد المنعم ودسوقي، علي الدين هلال.(2021)مرجع سبق ذكره ،ص٢٧
https://search.emarefa.net/detail/BIM-138260
[99] المرجع السابق، ص٢٧
[100] المرجع السابق، ص ٢٨
[101] حارث حسن. (٢٠١٤). الأزمة الطائفية في العراق: إرث من الإقصاء، مركز جارنيغي للشرق الأوسط، ص9
[102] أباذر عباس غضبان. (٢٠١٩).مرجع سبق ذكره، ص 180
[103] لبنى بهولي. ( ٢٠٢٣). المسألة الطائفية في لبنان وتداعياتها على النظام السياسي، مجلة القانون، المجتمع والسلطة، المجلد:١٢، العدد: ٢، ص325
[104] لبنى قايد. (٢٠١٥). المحاصصة الطائفية وآثارها على الإستقرار الحكومي، دراسة حالة لبنان ، ماچستير، جامعة قاصدي مرباح، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص1
[105] محبوبة الأقريد.(٢٠٢٣). الطائفية وإشكالية بناء الدولة الوطنية: العراق ولبنان (دراسة مقارنة)، دكتوراه، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، كلية الحقوق والعلوم السياسيه، ص149، 150
[106] عزمي بشارة.(2018). الطائفة الطائفية والطوائف المتخيلة، الطبعة الأولى، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ص 72
[107] طارق حمو. ( ٢٠٢٠). الطائفية السياسية والتدخلات الإقليمية، المركز الكردي للدراسات، https://www.nlka.net/pdf/Sectarianism.pdf، ص 4،5،6
[108] أحمد شكر حمود الصبيحي.(٢٠١٨). ظاهرة عدم الإستقرار السياسي في العراق بعد عام 2003:دراسة في المفهوم والأسباب، مجلة تكريت للعلوم السياسية، العدد ١٣، العراق، ص ٧٤.
[109] طارق حمو، مرجع سبق ذكره، ص12
[110] عديلة محمد وحشود الطاهر،جمال نور الدين ومنصر.(2021). تسييس الطائفية و آثاره على أمن الدولة و المجتمع : دروس من الحالتين اللبنانية و العراقية. دفاتر السياسة و القانون،مج. 13، ع. 1، ص ٤١١
[111] المرجع السابق، 412
[112] لبنى بهولي، مرجع سبق ذكره، ص345
[113] بيرج نعلبنديان.(٢٠١١)، النظام السياسي اللبناني”الواقع والآفاق”، مذكرة مكملة لمتطلبات الحصول على شهاد ا لماجستير في العلوم السياسية من جامعة دمشق، ص ٤٧
[114] حارث حسن. (٢٠١٤). الأزمة الطائفية في العراق، مرجع سبق ذكره، ص9و10
[115] شقير رشيد. (١٩٩٢). مفاهيم الدولة والنزاعات دراسة في هيدروجيات القوى السياسية اللبنانية، بيروت، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، ص231
[116] لبنى بهولي. ( ٢٠٢٣). مرجع سبق ذكره، ص342
[117]شقير رشيد. (١٩٩٢). مرجع سبق ذكره، ص 188، 189
[118] حارث حسن. (٢٠١٤). الأزمة الطائفية في العراق: إرث من الإقصاء، مرجع سبق ذكره، ص13 و 14
[119] جلال مصطفى. ( ٢٠١٤). المسألة الطائفية وصناعة الأقليات في المشرق العربي الكبير، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ص ٣٢
[120] حارث حسن. (٢٠١٦). التجربة التوافقية في العراق: النظرية والتطبيق والنتائج، مرحع سبق ذكره، ٢٣، ص 48
[121] محبوبة الأقريد. (٢٠٢٣). الطائفية وإشكالية بناء الدولة الوطنية: العراق ولبنان (دراسة مقارنة)، مرحع سبق ذكره، ص١٨٠-١٨٣
[122] محمود القصاص. (٢٠٢٠)، هل يسدل انفجار بيروت الستار على النظام الطائفي في لبنان؟، بي بي سي، لندن، https://www.bbc.com/arabic/interactivity-54204427 ، 5/5/2024
[123] وسام حسين علي العيثاوي. (٢٠١٨). التحديث والإستقرار في نظام السياسي العراقي بعد عام 2003، برلين: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والإقتصادية، ط ١. ص ٨٢
[124] منقذ داغر.(٢٠٢٣)، إحصاء جديد يظهر آراء العراقيين بحياتهم بعد عشرين عاما من سقوط نظام صدام حسين، https://www.bbc.com/arabic/middleeast-65188626 ،٦/٥/٢٠٢٤
[125] حميد فاضل حسن. ( ٢٠١٦).المواطنه واشكاليه المباعده بين الاطر النظريه والممارسات التطبيقيه، العراق: مجله قضايا سياسيه، ص ١٣٣-١٣٤
[126] مرجع سبق ذكره، طارق حمو، ص7
[127] نضال ماجد محمد أبو عيشة (٢٠١٨). الطائفية السياسية ودورها في إجهاض الربيع العربي، رسالة ماجستير في العلوم السياسيه مقدمة إلى كلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، ص ٤٤.
[128] مرجع سبق ذكره، طارق حمو، ص8
[129] أوسامة زايدي.(٢٠١٧). الطائفية الدينية وأثارها على الإستقرار السياسي في الدولة دراسة حالة لبنان، رسالة ماجستير في العلوم السياسية مقدمة إلى كلية القانون والعلوم السياسية بجامعة العربي ابن مهيدي، أم البواقي، الجزائر، ص ٢٨.
[130] حسين علي. السلطاني.(٢٠٠٨). الأزمة السياسية والطائفية في العراق: الأسباب وآفاق الحل من كتاب الطائفية في العراق: مقاربات في الجذور وسبل الخروج من المأزق، معهد الأبحاث والتنمية الحضارية، بيروت، لبنان، ص ٦٩،٧٠.
[131] مرجع سبق ذكره، لبنى بهولي، ص346.
[132] صلاح النصراوي.(٢٠٠٩). المصالحة والوفاق الوطني في العراق.. دروس من تجارب الآخرين، محلة السياسية الدولية، القاهرة، ص ٢٤٨.
[133] أباذر عباس، مرجع سبق ذكره، ص ١٩٢، ١٩٣، ١٩٤
[134] نضال لطفي، مرجع سبق ذكره، ص 178
[135] عبد الرحمن فريجة. (٢٠١٩). أدوات التأثير الإيراني على سوريا والعراق واليمن، مجلة مدارات إيرانية برلين: المركز الديمقراطي العربي، العدد ٤، ص ٤٨،٤٩
[136] سماح عبد الصبور عبد الحي، (٢٠١٤ا)لقوة الذكية في السياسية الخارجية: دراسة في أدوات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه لبنان ٢٠٠٥-٢٠١٣، مصر : دار بشير للثقافة والعلوم، ط ١، ص ٢٤٩.
[137] منى جلال عواد وعماد وكاع عجيل.(٢٠١٩) إشكالية تعاقب السلطة في لبنان، بغداد: مجلة العلوم السياسية، العدد ٥٧.
[138] ( المسكوت عنه إعلامياً في جنوبي لبنان: منازل تحوّلت إلى ركام، (٢٠٢٤)، https://elaph.com/Web/News/2024/05/1536358.html ، ٨/٥/٢٠٢٤
[139] وسام حسين علي العيثاوي، (٢٠١٨)، التحديث والإستقرار في النظام السياسي العراقي بعد عام ٢٠٠٣، برلين: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ط ١، ص١٨٣،١٨4
[140] محمد شاكر محمد حسين. (٢٠٢٣). إنعكاسات الأزمة الدبلوماسية الخليجية على الإستقرار السياسي في لبنان، المجلة العلمية لكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الأسكندرية، العدد ١٥، المجلد الثامن، جامعة الإسكندرية، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، ص ٨١١، ٨١٢، ٨١٨، ٨٢٢.
[141] أباذر عباس، مرجع سبق ذكره، ص 195، 196
[142] غريغوري غوس. (٢٠١٤)، ما وراء الطائفية: الحرب الباردة في الشرق الأوسط، قطر: دراسة تحليلية صادرة عن مركز بروكنجز الدوحة، رقم ١١، ص ٢٣.
[143] محبوبة الأقريد، مرجع سبق ذكره، ص ٢٤٧، ٢٤٨
[144] محبوبة الأقريد، مرجع سبق ذكره، ص 253.
[145] إيمانويل ماكرون يتعهد من الموصل ببقاء قواته في العراق، (٢٠٢١)، https://www.bbc.com/arabic/middleeast-58372094 ، ٩/٥/٢٠٢٤
[146] ماهر أبو شعر.(٢٠١٦).نظام الحياد وإمكانية تطبيقه على الواقع اللبناني، لبنان: مجلة الجيش اللبناني، العدد ٩٦، الموقع الرسمي للجيش اللبناني | شرف، تضحية، وفاء (lebarmy.gov.lb)
[147] محمد شاكر محمد حسين، مرجع سبق ذكره، ص ٨٢٣، ٨٢٥
[148] مروة محمد عبد المنعم بكر. (٢٠٢٢)الطائفية السياسية وتحديات فاعلية الدولة في العراق، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مج٢٣، ع ٢، ص١٦٨.
[149] خير الله خير الله. (2023)استكمال لتفكيك لبنان نهائياً! https://www.alarabiya.net/politics/2023/12/16/2023> -، ١٢/٥/٢٠24 )
[150] عبدالله فيصل علام.(٢٠٢٣)، مرجع سبق ذكره، ص ٧٧
[151] الانسحاب الأميركي من العراق على طاولة البحث من جديد، (إبريل ٢٠٢٤).https://www.ajnet.me/politics/2024/4/18/ ، ١١/٥/٢٠٢٤.
[152] (عمر طاشبينار.(17 يناير 2024)، الوجود العسكري الأمريكي في العراق: هل بات انه مطروحاً على الجدول؟، مركز الإمارات للسياسات، https://epc.ae/ar/details/featured/alwujud-alaskari-al-amriki-fi-aliraq-hal-bat-ainhawuh-mtrwh-ala-altawila ، ١١/٥/٢٠٢٤
[153] كيف تستعد إسرائيل و”حزب الله” لـ”حرب مدمرة” لا يريدها أي منهما، (٢٠٢٤)، الشرق للأخبار، https://asharq.com/politics/79040/ ، ١١/٥/٢٠٢٤ .
[154] إسرائيل “تستعد” وحزب الله “لا يخشى الحرب”.. هل يتسع نطاق المواجهة؟ وزير الخارجية اللبناني: نسعى لإقناع حزب الله بعدم الدخول في حرب. (٢٠٢٤)، https://asharq.com/politics/76368/ ، ١١/٥/٢٠٢٤ ).
[155] حسين الزعبي. (٢٠٢٢)، العراق سيناريوهات كارثية، https://fanack.com/ar/politics/features-insights/iraq-catastrophic-scenarios~225234/ ، ١١/٥/٢٠٢٤
[156] فاضل النشمي.(٢٠٢٣) مقتدى الصدر يهاجم الحكومة ويتهمها بالاكتراث للمال والكرسي فقط، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولى، https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/4544701- ، ١١/٥/٢٠٢٤