الحماية الدولية للنازحين داخلياً فى النزاعات المسلحة : العراق نموذجا 2014 – 2023
اعداد : خلود جمال سيد أحمد الشرقاوي , منار عبد السميع عبدالفتاح محمد – إشراف : د. إبراهيم منشاوي – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر
- المركز الديمقراطي العربي
المستخلص:
تتلخص هذه الدراسة في بيان الحماية الدولية التي يكرسها القانون الدولي للأشخاص النازحين داخلياً في النزاعات المسلحة، فأزمة النزوح الداخلي أحد أبرز الأزمات التي تهدد أمن واستقرار الدول، ومن الناحية الإنسانية فهذه الأزمة تهدد حياة الأشخاص، وبالتالي سعي المجتمع الدولة جهوده ليكفل حماية الأشخاص النازحين داخلياً باعتبارهم ضحايا حرب.
وتهدف هذه الدراسة إلي توضيح وبحث دور الحماية الدولية في حماية هؤلاء الأشخاص، وعرض التطور التدريجي للحماية الدولية للنازحين داخلياً، بجانب تسليط الضوء علي دور آليات انفاذ الحماية للنازحين داخلياً، سواء كانت هذه الآليات وطنية أو آليات دولية، وتوضيح دور الهيئات والمنظمات الدولية، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر أو دور مجلس الأمن وغيرها من الهيئات الأخري فى حماية النازحين داخلياً.
وقد خلصت هذه الدراسة إلي عدد من النتائج وطرح عدد من التوصيات، تمثلت أهمها فى أن الأشخاص النازحين داخلياً عادة لا يلقوا الحماية الكافية التى تكفل حقوقهم وحرياتهم، وذلك لأنهم لا يزالوا يخضعوا للسلطة الوطنية للدولة نفسها، وبالتالي فليس من السهل التدخل، كذلك رغم وجود العديد من المبادئ والآليات التي جاء بها القانون الدولي الانساني، والقانون الدولي لحقوق الانسان الا أن أغلبية هذه المبادئ لا يغلب عليها الطابع الإلزامي، وبالتالي أطراف النزاع لا يلتزمون بها، فيتم تهجير المدنيين، واجبارهم علي النزوح قسراً، واستخدام الأساليب التعسفية علي النازحين داخلياً، وبالتالي لابد من وجود صيغة إلزامية تفرض علي الدول عدم انتهاك حقوق وحريات هذه الفئة، وأن يكون هناك تعاون بين المنظمات والهيئات المهتمة بشؤون النازحين داخلياً وبين الدول لتكون الحماية الدولية أكثر فاعلية.
Abstract
This study summarizes the international protection that international law enshrines for internally displaced persons in armed conflicts. The internal displacement crisis is one of the most prominent crises that threaten the security and stability of countries. From a humanitarian standpoint, this crisis threatens the lives of people, and thus the state community endeavors its efforts to ensure the protection of internally displaced persons as they are Victims of war.
This study aims to clarify and examine the role of international protection in protecting these people, and to present the gradual development of international protection for internally displaced persons, in addition to highlighting the role of mechanisms for enforcing protection for internally displaced persons, whether these mechanisms are national or international mechanisms, and clarifying the role of international bodies and organizations, such as the International Committee. The Red Cross or the role of the Security Council and other bodies in protecting internally displaced persons.
This study reached a number of results and put forward a number of recommendations, the most important of which was that internally displaced persons usually do not receive adequate protection that guarantees their rights and freedoms, because they are still subject to the national authority of the state itself, and therefore it is not easy to intervene, also despite the presence of many Of the principles and mechanisms established by international humanitarian law and international human rights law, the majority of these principles are not of a mandatory nature, and therefore the parties to the conflict do not abide by them, so civilians are displaced, forced to forcibly move, and arbitrary methods are used on internally displaced persons. Therefore, it is necessary There is a mandatory formula that requires states not to violate the rights and freedoms of this group, and that there be cooperation between organizations and bodies concerned with the affairs of internally displaced persons and between states so that international protection can be more effective.
قائمة المحتويات
الموضوع | رقم الصفحة |
المقدمة | 7 |
المشكلة البحثة | 10 |
أهمية الدراسة | 12 |
اهداف الدراسة | 13 |
تحديد الدراسة | 14 |
الادبيات السابقة | 15 |
الإطار النظري المفاهيمي | 21 |
منهج الدراسة | 27 |
تقسيم الدراسة | 29 |
الفصل الأول: تطور الحماية الدولية للنازحين داخليا: النشأة والتطور | |
المبحث الأول: أحكام وقواعد حظر النزوح الداخلي السابقة لظهور اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949. | 33 |
المبحث الثاني : أحكام حظر النزوح الداخلي اللاحقة لاتفاقيات جنيف لعام 1949. | 41 |
الفصل الثاني: آليات انفاذ الحماية الدولية للنازحين داخلياً | |
المبحث الأول: الاليات الوطنية لحماية النازحين داخلياً. | 60 |
المبحث الثاني : الاليات الدولية لحماية الأشخاص النازحين داخلياً. | 80 |
الفصل الثالث: الحماية الدولية للأشخاص النازحين داخلياً في العراق منذ هجوم داعش 2014 | |
المبحث الأول: النزوح الداخلي في العراق حتى 2023 ( أسبابه، تداعياته) | 96 |
المبحث الثاني: الحماية الدولية للأفراد النازحين داخلياً في العراق | 105 |
المبحث الثالث: الضمانات الدولية والوطنية لحماية النازحين في العراق | 123 |
الخاتمة | 132 |
التوصيات | 134 |
المراجع | 136 |
المقدمة:.
يُعد النزوح ظاهرة قديمة؛ فمنذ القدم كان الإنسان ينزح من موطنه الى موطن آخر داخل حدود الدولة، نتيجة لظروف قاهرة ترجع لأسباب سياسية وأمنية كالحروب الأهلية والنزاعات المسلحة أو لأسباب أخرى كالظروف الطبيعية وغيرها، وفى ظل تصاعد النزاعات المسلحة والزيادة في حجم التوترات الداخلية في الدول المختلفة، ازداد عدد الأشخاص النازحين داخلياً، حيث أصبح السكان المدنيين أحد أهم الأهداف المباشرة المستهدفة من قبل العمليات العدائية التي تشنها القوات المتحاربة داخل الدولة أو بين الدول، وتتنوع الاعمال العدائية تجاه النازحين داخلياً؛ وتتمثل في قتل النازحين، والتعذيب، أو الاعتقال، والتعامل بطرق غير إنسانية مع المعتقلين، ونهب الممتلكات وانتهاك الحقوق، والحرمان من المأكل والمشرب في بعض الاحيان وغيرها من الافعال التي تهدف الى انتهاك حقوق النازحين والضغط عليهم، وبذلك يكون السكان المدنيين هي الفئة الاكثر تضررا نتيجة النزاعات المسلحة مما يدفعهم الى البحث عن ملاذ امن يحميهم من العنف والتعذيب او الاضطهاد.[1]
في حقيقة الأمر يمكن القول، إن الزيادة المطردة في حجم التوترات الداخلية في الدول المختلفة والنزاعات المسلحة والحروب الأهلية الداخلية خلف عنها زيادة في أعداد الاشخاص النازحين داخليا خاصة في العقود الأخيرة -كما سيتضح فيما بعد-وما يتعرض له ملايين الاشخاص النازحين داخل دولتهم من ظروف نفسية قاسية، وظروف معيشية صعبة؛ حيث يصبح الكثير من هؤلاء النازحين يعانون من انتهاك حقوقهم، وعدم القدرة على تلبية احتياجاتهم، والتمتع بحقوقهم، بجانب الحرمان المفرط الذي يهدد بقاؤهم احياء آمنين حيث يتعرضون الى مخاطر كثيره؛ منها اثناء هروبهم ونزوحهم من مكان الى آخر، ومنها اثناء إقامتهم في أماكن غير محل اقامتهم، وهو ما نتج عنه زيادة في أعداد الوفيات بين الاشخاص النازحين داخلياً، وكثيراً ما تصل أعداد الوفيات الى نسب مفرطة وعلى وجه الخصوص النساء والمسنين والأطفال. [2]
ونجد أن مسألة النزوح وما يتعلق بها من إشكاليات عديدة، وما نتج عنها من أزمات عدة على الصعيد الدولي والعالمي، قد لقت اهتماماً كبيراً على مستوى القانون الدولي بشكل عام، وفي القانون الدولي الانساني بشكل خاص، وذلك نتيجة لما أثارته مشكلة النزوح الداخلي من أزمات عديدة في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والخدمات على الدولة نفسها أو على مستوى الدول المجاورة لها، وكذلك نتيجة انتشار الظاهرة في كثير من الدول خاصة في الدول الأفريقية، وبالتالي أراد القانون الدولي وضع حد لهذه الانتهاكات تجاه الاشخاص النازحين، وفي نفس الوقت للوقوف الى جانب النازحين نتيجة الأضرار النفسية التي تلحق بهم من جهة ونتيجة الظروف الاستثنائية التي يمرون بها من جهة اخرى بسبب التشرد وعدم الأمن وفقدان المأوى وانتهاك حقوقهم وفقدانهم لعوائلهم.[3]
وما يزيد من تعقيد المشكلة ،هي المشكلات التي تعاني منها المجتمعات المضيفة للأشخاص النازحين بسبب الزيادة في عدد السكان، وبالتالي زيادة في المسؤولية، وقد يهدد ذلك الأمن الداخلي لهذه المجتمعات، بجانب معاناه الاشخاص النازحين انفسهم من ترك أرضهم وبلادهم وانتهاك حقوقهم.[4]
وهو ما دعي المجتمع الدولي لطرح عده سياسات ومبادرات وحلول سليمة قادرة على معالجه وضع النازحين داخليا أو الحد من انتهاك حقوقهم، ونتيجة لزياده قلق المجتمع الدولي بوضع هؤلاء الاشخاص النازحين وإن كان هذا القلق يجد ما يبرره من تركيز المجتمع الدولي جهوده في اتجاهين رئيسيين؛ وهما التعرف على اطار قانوني مناسب، ووضع ترتيبات مؤسسيه فعاله، وذلك من اجل استجابة اكثر فاعليه وبشكل اكثر عمومية ،ومن اجل تشجيع فهم افضل للقضايا المتصلة بالأشخاص النازحين داخليا.[5]
جدير بالذكر أنه خلال العقود الماضية كان هناك عدة حركات نزوح داخل الدول، فكان لابد من تدخل القانون الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية والوطنية لحل مثل هذه المعضلة ، ومن أبرز حركات النزوح عمليات النزوح القسري الداخلي في العراق بعد سيطرة تنظيم داعش على العديد من المدن العراقية، مما أسفر عن نزوح ملايين المواطنين العراقيين إلى محافظة بابل وأجبروا على ترك حياتهم ومنازلهم، ومن جهة أخرى نتج عن ذلك عقبات سياسية وأمنية واقتصادية أمام البلد المستقبل للنازحين، ولا نغفل عن حالات النزوح في الوقت الحالي التي يتعرض لها أهالي غزة في فلسطين حيث نجد أنه نتيجة للصراع بين كلًا من كتائب المقاومة والقوات الإسرائيلية، نزح العديد من المواطنين المدنيين من غزة للجنوب بعد تعرضهم للعنف الشديد وانتهاك الحقوق والحرمان من المأكل والمشرب، وأجبروهم على النزوح القسري.[6]
وفي هذا الإطار، سيتم تناول موضوع النزوح الداخلي باعتباره أزمة تؤرق المجتمع الدولي، وتهديد لأمن واستقرار الدول وفي ضوء عمليات النزوح برز المجتمع الدولي ليؤكد على ضرورة حماية النازحين، وحظر إجبارهم على النزوح قسراً، باعتبار أن هذا بمثابة انتهاك لحقوق الإنسان، ولابد من وضع حدود لمنتهكيها.
المشكلة البحثية:
تعد النزاعات المسلحة سواء الدولية أو غير الدولية المهدد الأكبر لحياة البشر، وينتج عن هذه النزاعات العديد من الانتهاكات للأفراد، فيتم اعتقال أو قتل المدنيين، أو اجبارهم على النزوح داخلياً قسراً، وتكمن الإشكالية هنا حول أزمة النزوح الداخلي، وما تشكله من تحديات لأمن واستقرار الدول، ويواجه المجتمع الدولي العديد من الصعوبات فى منع عمليات النزوح داخليا، وحظر إجبار المدنيين على النزوح، ووقف انتهاك حقوق النازحين، وذلك لأن النازحين يختلفون عن غيرهم من الفئات الأخرى مثل اللاجئين، وربما ذلك يرجع إلى أن مثل هؤلاء الأشخاص النازحين يكونوا داخل حدود دولتهم، وبالتالي يخضعون لقوانين وسيادة دولتهم، وبالتالي لم يكن من السهل على المجتمع الدولي التدخل بسرعة لحل هذه الأزمة.
وفي حقيقة الأمر، أصبحت مشكلة الأشخاص النازحين داخلياٍ من أبرز المشكلات التي تؤرق المجتمع الدولي عموما، والدول التي بها نزوح داخلي بصفه خاصه؛ وذلك نظراً للعديد من الصعوبات والأعباء الكثيرة التي تقع على عاتقها نتيجة ذلك النزوح، ويمكن القول إن فئة النازحين
من أكثر الفئات تعرضا ًللمعاناة سواء نتيجة الكوارث الطبيعية والسياسية المختلفة، أو الحروب الأهلية، أو الاضطهاد الديني، أو الصراعات الداخلية كل هذه الاسباب ساهمت في حدوث زيادة في أعداد النازحين داخليا على مستوى العالم، وبالتالي كان لابد من وجود قواعد دولية ووطنية تنظم حقوق هؤلاء الأفراد وتضع أسس ملزمة تضمن حمايتهم.
وتتبلور المشكلة البحثية حول عدم تمتع النازحين بقدر كافي من الحماية الدولية والوطنية، وعدم وجود قواعد دولية كافية تنظم شؤون النازحين؛ حيث أن عدم عبورهم لحدود دولهم كانت سببا في جعلهم تحت ولاية القوانين الوطنية لتلك الدول، مما يحجم دور المجتمع الدولي في توفير الحماية اللازمة لهم، ويجعل من الصعب التدخل بشكل سريع للاستجابة لهم، بل اكتفى القانون الدولي الإنساني بالتطرق لحماية المدنيين او اللاجئين بشكل أوسع، وهو ما يشكل غموضاً فيما إن كان القانون الدولي قد تضمن قواعد قانونية كافية لحماية النازحين داخلياً اثناء الصراعات المسلحة أم لا.
ومن كل هذا يندرج تساؤلاً رئيسياً وهو
الي اي مدي يشتمل القانون الدولي على قواعد تكفل حماية النازحين داخلياً في النزاعات المسلحة؟
ومن كل هذا يندرج عدة تساؤلات فرعية تتمثل في:
- كيف تأثر النزاعات المسلحة على بلورة أزمة النزوح الداخلي؟
- ما العقبات التى تحول بين الأشخاص النازحين داخليًا وبين الحماية القانونية لهم؟
- ما دور قواعد الحماية القانونية الدولية في حماية الأشخاص النازحين داخليًا؟
- ما مدى فاعلية قواعد الحماية الإقليمية والوطنية في حماية حقوق النازحين؟
- ما هي الاحكام القانونية المقررة لحماية النازحين في إطار قواعد القانون الدولي الانساني اثناء الصراعات المسلحة؟
- ما هو مضمون الحماية التى توفرها المنظمات الدولية والاقليمية والوطنية للأشخاص النازحين داخليًا؟
- ما هي الآليات المتخذة من قبل المنظمات القانونية المختلفة لحماية النازحين داخليًا؟
أهمية الدراسة والهدف منها:
تنبع أهمية هذه الدراسة من أهمية موضوع النزوح الداخلي نفسه، حيث يثير العديد من المشكلات السياسية والاقتصادية، بجانب ما يمثله من ظاهرة إنسانية تؤثر على أمن واستقرار الدولة والدول المجاورة، مما يتطلب ضرورة تحري حلولاً على المستوي الدولي والإقليمي، وتعاونًا دولياً لتبني معايير وإجراءات دولية قانونية لمعالجة هذه المشكلة. تجد الدراسة أهميتها في محاولة تحليل القواعد الدولية والإقليمية التي تناولت مشكلة النزوح الداخلي وحقوق وحريات النازحين داخليًا، ولبيان مدي توافر القواعد القانونية التي تضمن حقوق الأشخاص النازحين داخليًا في قواعد الحماية الدولية، وما مدي فاعلية الحماية المتوفرة لهؤلاء الأشخاص، كذلك ولأن هذه القضية يتم طرحها باستمرار على الساحة الدولية، وذلك بسبب تفاقم حجم هذه الأزمة، وبالتالي تكمن أهمية هذا الموضوع فى محاولة تقييم مدي فاعلية أحكام وقواعد القانون الدولي فى حماية هذه الفئة المهمشة.
وتكمن أهمية الدراسة أيضا فى جانبها الإنساني، لأن هذه الدراسة تعكس التحديات التى يواجها الأفراد، وكيف يتم انتهاك حقوقهم وحرياتهم وهذا مخالف للقيم الإنسانية، لذلك أثارت هذه الأزمة اهتمام المجتمع الدولي، فتم التصديق على عدة آليات وقواعد وصكوك تحمي هؤلاء النازحين داخلياً، وتم إعادة قضية النازحين داخلياً على الساحة الدولية مرة أخري بشكل أوسع مع تزايد أعداد النازحين فى الآونة الأخيرة، كالنازحين داخلياً فى فلسطين وسوريا والعراق وغيرها من الدول الأخري، ومن هنا تكمن أهمية الموضوع.
أهداف الدراسة:
تتناول هذه الدراسة موضوع النزوح الداخلي فى النزاعات المسلحة، وبما أن لكل موضوع عدة أهداف يسعي لتحقيقها من خلال تحليل موضوع البحث، وبالتالي هذه الدراسة تهدف إلي:
- تهدف الدراسة الي تسليط الضوء على الأشخاص النازحين داخلياً، والقواعد القانونية، وأوجه الحماية القانونية المتوفرة لهؤلاء الأشخاص.
- تهدف الدراسة ايضاً الي معرفة مدي شمول القانون الدولي على قواعد تكفل حقوق النازحين داخليا؟
- معرفة مدي التزام الدول بضمان أمن النازحين داخليًا، بالإضافة إلى بيان جهود المجتمع الدولي في كفالة وحماية الأشخاص النازحين داخليُا المتمثلة في قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف وغيرها.
- بيان العقبات الواقعية والقانونية التي تحول بين الأشخاص النازحين داخليًا وبين الحماية اللازمة لهؤلاء الأشخاص.
- مدي تمتع الأشخاص النازحين داخليًا بالحقوق والواجبات التى يكفلها المجتمع الدولي للفئات الأخرى من عدمه في ضوء قواعد القانون الدولي العام.
- تهدف الدراسة أيضا إلي بيان وضع الأشخاص النازحين داخلياً فى سوريا والعراق، وكيف تعامل المجتمع الدولي في هذه الأزمة، ومدي فاعلية الصكوك والقوانين والآليات القانونية فى التدخل لحل هذه الأزمة.
تحديد الدراسة:
- التحديد المكاني للدراسة
تم اختيار العراق كحالة دراسة، لا العراق تعد من الدول التي شهدت موجة نزوح عنيفة ولا يزال المدنيين يتم نزوحهم وتهجيرهم قسراً حتى الوقت الحالي، فنتيجة لتفاقم النزاع المسلح بين تنظيم داعش والنظام السياسي للعراق، قام داعش بشن هجمات على المدنيين مما أجبرهم على النزوح الي الخيام أو مناطق أكثر أمناً، وتفاقم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ومن هنا قرر الباحثان أن تكون العراق حالة الدراسة.
- التحديد الزماني
أما فيما يتعلق بالزمان، فتم اختيار الدراسة لتكون فى الفترة من (2014:2023)، فتم اختيار عام 2014 لأنه العام الذي سيطر فيه تنظيم داعش معظم الأراضي العراقية، وانتهاك حرمة أهلها، أما عام 2023 لأنه عام انتهاء هذه الدراسة، وتوقف الأدبيات عند هذا العام، ولأن أزمة النزوح فى العراق لا زالت مستمرة حتى الآن، فعلي الرغم من توقف هجمات تنظيم داعش، إلا أن عمليات النزوح لا زالت مستمرة من جانب، ومن جانب آخر يتم إعادة النازحين الي ديارهم تنفيذا لقرار حق العودة ولذلك وقفت الدراسة عند 2023.
التحديد المجالي:
تندرج هذه الدراسة تحت مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان، لأنها تهتم بوضع الأشخاص النازحين داخلياً وبيان القواعد القانونية والحماية الدولية المتوفرة لهم.
مراجعة الأدبيات السابقة:
المحور الأول: الدراسات التي تناولت موضوع الحماية الدولية
الاتجاه الأول: تناولت مجموعة من الدراسات في هذا الاتجاه مفهوم الحماية الدولية عموماً، وماهية الحماية الدولية، وأبرز أهدافها، وتطور الحماية الدولية عبر التاريخ، كذلك تناولت هذه الدراسات أهمية توفير الحماية الدولية للأفراد، ومصادر الحماية الدولية التى تتعدد ما بين مصادر أولية، ومصادر ثانوية، وعرضت أهم التحديات والمعوقات التى قد تواجه الحماية الدولية، وركزت هذه الدراسات علي دور المواثيق والقواعد والاتفاقيات الدولية وغيرها من الصكوك الأخري فى حماية حقوق الإنسان وحرياته، ومنع الانتهاكات التى قد تواجه الأفراد، وبناءً علي ذلك أكدت هذه الدراسات علي أن الحماية الدولية تساهم فى تحقيق جوهر النظام القانوني لأنها تفرض أحكاما تتعلق بالحماية الدولية، وتضمن عدم انتهاكها، وتشرف علي تنفيذها، مما ينتج عنه كفالة حقوق الأفراد وحمايتهم.[7]
الاتجاه الثاني: ودراسات آخري فى هذا المحور تناولت الحماية الدولية من منظور آخر؛ حيث أشارت الدراسات الي مدي فاعلية الحماية الدولية فى الحفاظ علي حقوق الأفراد، وتم عرض العديد من المواثيق الدولية وتوضيح دورها فى كفالة الحماية الدولية للفئات المختلفة، كذلك أكدت هذه الدراسات علي أن غياب إلزامية هذه المواثيق والصكوك القانونية علي بعض الدول جعل من الصعب تطبيق الإرادة الدولية عليها، وقد أشارت أيضا إلي تعارض مصالح الدول مع بعضها البعض، وغياب العامل الإلزامي، نتج عنه غياب الثقة بوجود حماية دولية فعالة تضمن حقوق الأفراد، أيضاً أشارت الدراسات الي أن هناك بعض الدول تري أن الحماية الدولية بمثابة حيلة للتدخل فى شئون الدول مما يفقدها سيادتها.[8]
ومما سبق، نسنتنج أن هذه الدراسات اتبعت مناهج مختلفة، فهناك دراسات اعتمدت على المنهج التاريخي في تتبع نشأة الحماية الدولية وتطورها عبر العصور المختلفة، ودراسات أخري استخدمت المنهج الوصفي التحليلي فى وصف وتحليل ماهية الحماية الدولية وأهميتها ومصادر الحماية الدولية، فى حين أن جانب آخر من الدراسات أعتمد على المنهج القانوني فى دراسته للالتزامات التى تفرضها الحماية الدولية على الدول، ومدي فاعلية المواثيق والقواعد والصكوك القانونية المختلفة في توفير الحماية الدولية للأفراد.
التعليق:
تناولت هذه الدراسات الحماية الدولية من جوانب مختلفة متكاملة، وقد أجمعت هذه الدراسات علي أهمية الحماية الدولية للأفراد، ودورها في وقف بعض الانتهاكات الموجهة ضد الفئات المختلفة، وأجمعوا أيضا حول ضرورة وجود تعاون دولي بين الدول والقيام بجهود مشتركة تضمن تقديم الحماية الدولية للأفراد ، بغية تحقيق الأمن والاستقرار، لكن اختلفت هذه الدراسات حول مدي فاعلية قواعد الحماية الدولية وآلياتها، فهناك اتجاه كان يري أن الحماية الدولية أداة فعالة فى الحفاظ على حقوق الأفراد وتمنع الانتهاكات ضد الأفراد، ودراسات أخري تري أن غياب الطابع الإلزامي عن قواعد الحماية الدولية، يجعل الحماية الدولية آلية هشة، حيث تقف الدول فى وجه مقدمي الحماية بحجة أن هذا يمس سيادة الدول واستقلالها، ويعيب علي بعض الدراسات في هذا المحور أنها لم تقدم توصيات توضح كيف يصبح الحماية الدولية أكثر فاعلية.
المحور الثاني: الدراسات التي تناولت موضوع النزوح الداخلي.
الاتجاه الأول: ناقش اتجاه من الدراسات موضوع النزوح الداخلي بشكل عام، وذلك من خلال عرض مفهوم النزوح الداخلي وماهيته، كذلك ناقشت هذه الدراسات أسباب النزوح الداخلي، التي تتمثل بالأساس فى النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، والظروف الاقتصادية، والتغيرات المناخية وغيرها من الأسباب الأخري، التى قد تدفع الأشخاص للنزوح من مكان لآخر، وأبرز تداعياته، وآثاره علي أمن واستقرار الدول، وفي هذا الإطار، أشارت الدراسات الي العديد من المفاهيم التى قد تتشابه مع مفهوم النازح الداخلي، وهذه المفاهيم تمثلت في مفهوم المهاجرين واللاجئين.[9]
الاتجاه الثاني: جانب اخر من الدراسات تناول موضوع النزوح الداخلي من خلال التركيز على أبرز المخاطر، والتحديات التى قد تواجه النازحين داخلياً سواء أثناء نزوحهم أو بعد نزوحهم ، وفي هذا الإطار أشارت بعض الدراسات الي المخاطر التى قد يواجها الأفراد أثناء نزوحهم، فقد يفقدوا أسرهم أو ممتلكاتهم، وقد يتشتتوا أثناء النزوح، بجانب فقدان الأمن، وعدم توافر الغذاء والمياه والمسكن، وقد يواجههم بعد نزوحهم إشكالية عدم توافر الخدمات الأساسية لهم أيضاً، وإشكالية العودة الي ديارهم والحصول على ممتلكاتهم مرة أخري، وأشارت أيضا بعض الدراسات الي الآثار النفسية والصحية التى قد تلحق بالنازحين داخليا بسبب ما عاشوه من ظروف صعبة دفعتهم للنزوح، وما شهدوه أثناء نزوحهم.[10]
التعليق
اجمعت الدراسات فى هذا الاتجاه حول ماهية النزوح الداخلي للأفراد وهو انتقال الفرد من مكان لآخر داخل حدود دولته، واتفقت هذه الدراسات في رؤيتهم للنزوح الداخلي باعتباره مهدد لحياة الأشخاص، ولأمن واستقرار الدولة، كذلك اجمعت حول وجود اختلافات بين الأشخاص النازحين والمهاجرين واللاجئين، لكن اختلفت هذه الدراسات حول دوافع وأسباب النزوح الداخلي؛ حيث تنوعت اسباب النزوح، فهناك دراسات كانت تري أن النزاعات المسلحة سبب أساسي لنزوح الأفراد من مكان لآخر داخل الدولة، ودراسات أخري تناولت الظروف المناخية والفيضانات وعدم توافر الخدمات الأساسية كسبب أساسي للنزوح الداخلي، أيضا اتفقت الدراسات على ما يخلفه النزوح من مخاطر، لكن هناك دراسات أغفلت عن تقديم توصيات فيما يتعلق بإنقاذ النازحين من هذه المخاطر، ودراسات أخري لم تكتفِ بوصف الظاهرة بل قامت بتحليلها وتقديم توصيات لانتشال النازحين من بئر النزوح المظلم.
المحور الثالث: الحماية الدولية للأشخاص النازحين داخلياً.
الاتجاه الأول: الدراسات في هذا الاتجاه ناقشت بعض الدراسات الحماية الدولية التى يوفرها المجتمع الدولي للأشخاص النازحين داخلياً، وفي هذا الإطار، تم عرض الحماية الدولية التى يوفرها القانون الدولي الإنساني، والقواعد والأحكام والمواثيق الدولية التي يوفرها المجتمع الدولي لحماية النازحين داخلياً، كذلك عرضت بعض الدراسات آليات حماية النازحين داخلياً؛ حيث تعددت هذه الآليات ما بين آليات دولية وآليات وطنية، وعرضت هذه الدراسات أيضاً دور الهيئات والمنظمات الإنسانية فى الدفاع عن حقوق النازحين انطلاقاً من الجانب الإنساني والقيم الإنسانية.[11]
الاتجاه الثاني: اتجاه آخر من هذه الدراسات تحدث عن واقع الحماية الدولية للنازحين داخل حدود بلادهم، ومدي فعالية الحماية الدولية فى الحفاظ علي حياة الأفراد النازحين، واوصت الدراسات في هذا الاتجاه على ضرورة تعزيز التعاون الدولي بين الدول، وإضفاء الطابع الإلزامي على قواعد الحماية الدولية للنازحين داخلياً لتصبح الحماية الدولية أكثر فعالية، وأوضحت هذه الدراسات دور المجتمع الدولي فى وضع حدود قانونية لحماية حقوق النازحين داخليا ، وحظر انتهاك حقوقهم، وتقييم مدي فاعلية الأحكام والصكوك القانونية فى كفالة حقوق وحريات الأشخاص النازحين داخلياً.[12]
والملاحظ أن الدراسات فى هذا الاتجاه اختلفت فى المناهج المستخدمة وحالات الدراسة، فهناك دراسات استخدمت المنهج الوصفي التحليلي فى تحليل الحماية الدولية التى يوفرها المجتمع الدولي لحماية النازحين داخلياً، ودراسات أخري اعتمدت على استخدام المنهج القانوني من خلال الرجوع للقواعد والمواثيق والصكوك
والأحكام القانونية التي تحمي النازحين داخلياً، واختلفت حالات الدراسة التي يتم التطبيق عليها، ومع اختلاف حالات الدراسة تختلف أسباب وأشكال النزوح الداخلي.
التعليق:
اجمعت هذه الدراسات علي أهمية توفير قواعد وآليات حماية دولية لحماية الأشخاص النازحين داخلياً، أيضاً أكدت مجموعة من الدراسات علي ضرورة إضفاء الطابع الإلزامي على أحكام ومبادئ وقواعد الحماية الدولية، وأجمعت علي أهمية تعزيز التعاون الدولي والتعاون بين الدول والمنظمات لضمان توفير حماية دولية كافية وفعالة تكفل حقوق النازحين داخلياً، وتحظر عمليات الانتهاك ضدهم، لكن اختلفت هذه الدراسات حول مدي كفاية قواعد الحماية الدولية للنازحين داخلياً، فهناك مجموعة من الدراسات تري أن المجتمع الدولي لا يوفر حماية دولية كافية تضمن حماية النازحين داخلياً مقارنة بالفئات الأخري، كالمدنيين والمهاجرين والنازحين، ودراسات أخري رأت أن هذه الفئة تقع تحت الحماية الوطنية للدولة، وبالتالي عملية التدخل لإنقاذ هذه الفئة ليست بالسهلة واليسيرة علي المجتمع الدولي، وبالتالي تؤكد هذه الدراسات أن المجتمع الدولي يقوم بدور فعال رغم صعوبة التدخل لحماية النازحين الواقعين تحت السلطة الوطنية للدولة وبالتالي، فالمجتمع الدولي هنا يقوم بدور فعال وحيوي.
الإطار النظري المفاهيمي:
تعتمد هذه الدراسة على عدد من المفاهيم الأساسية، وسيتم الاعتماد على هذه المفاهيم فى تناول الموضوع محل الدراسة وتشكل إطارها المفاهيمي ومن أبرز هذه المفاهيم:
- مفهوم الحماية الدولية لغوباً
تعريف الحماية لغويًا: تشير الحماية لغوياً الي المنع والنصرة، فحمي الشيء اي نصره ومنعه مما يضره، وبالتالي فالحماية تتضمن النصرة، ومنع الأذى عن الآخرين، والدفاع عنهم، وتشير كلمة “الدولية” الي ما يتعلق بالدولة، وتشير كلمة دولة الي تداول السلطة والمال، وتشير أيضا إلى قطعة الأرض ويطلق عليها اقليم ويتمتع هذا الإقليم بوجود شعب وسلطة سياسية، وكلمة دولية هي كلمة منسوبة الي دولة.[13]
- مفهوم الحماية الدولية اصطلاحاً
تباينت أراء فقهاء القانون الدولي حول تعريفهم لمفهوم الحماية الدولية، فعرفها ممثلو المنظمات الإنسانية التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر بأنها: ” جميع الأنشطة التي تهدف الي ضمان احترام حقوق الإنسان وفقا لروح القوانين ذات الصلة” ، في حين عرفها جانب آخر من الفقهاء بأنها: “مجموعة الإجراءات التي تتخذها أجهزة الأمم المتحدة المخصصة لحماية حقوق الانسان، والاجهزة الدولية المسئولة عن تنفيذ هذه الاجراءات ومراقبة تنفيذها”، بينما عرفها آخرين بأنها: ” الحماية أن تقر السلطة أن الأفراد لهم حقوقاً، وأن السلطة عليها التزامات، وذلك لضمان احترام حقوق الإنسان، والدفاع عن الوجود القانوني للأفراد”.[14]
وقسم الفقهاء الحماية الدولية الي نوعين؛ فهناك الحماية الدولية المباشرة ويقصد بها ” جملة الاجراءات التي تباشرها الأجهزة المعنية سواء على المستوي الإقليمي أو الدولي للحفاظ على حقوق الإنسان ومواجهة الانتهاكات”، أما الحماية غير المباشرة فتعني ” صياغة وتقنين القواعد التي تكفل حقوق الإنسان”.
وأخيراً، اجمع العديد من الفقهاء أن الحماية الدولية هي: ” مجموعة الإجراءات التي تتخذها الهيئات الدولية للتأكد من مدي التزام الدول بتنفيذ الصكوك والأحكام التي تعهدت بتنفيذها لحماية حقوق الانسان ومنع الانتهاكات الموجهة له.[15]
النزوح الداخلي:
- المعني اللغوي للنزوح:
فيما يتعلق بالمعني اللغوي للنزوح، فالنزوح اسم، والمصدر نزح اي بعد وترك مكان معين، ويقال كثير النزوح اي كثير النزح بعيد، ونزوح السكان أي خروجهم وبعدهم عن أرضهم وممتلكاتهم، وبعدهم عن مكان سكناهم.
- مفهوم النزوح اصطلاحاً:
النزوح يقصد به: ” حركة السكان من منطقة لأخري داخل حدود الدولة”، وعرفت المحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 فى المادة 7 من النظام الأساسي لها بأنها ” نقل الأشخاص المعنيين قسراً، من المنطقة التي يوجدون فيها بصفة مشروعة، بالطرد أو بأي فعل قسري آخر، دون مبررات يسمح بها القانون الدولي”.[16]
ومن هنا يمكن الإشارة للنزوح القسري بأنه الحالة التي يجد فيها الأشخاص أنفسهم بأنهم مجبرين على ترك سكناهم وممتلكاتهم، بحثاً عن الأمن والحماية أو لتفادي آثار النزاع المسلح وغيرها من الأسباب الأخري.
النزوح الداخلي يُقصد به تحرك الأشخاص داخل حدود بلدهم للهروب من النزاعات، العنف، الانتهاكات لحقوق الإنسان، الكوارث الطبيعية أو الأحداث التي تعرض حياتهم للخطر. الأشخاص الذين ينزحون داخليًا يظلون ضمن حدود بلدهم ولا يعبرون الحدود الدولية إلى دولة أخرى، وبالتالي لا يُعتبرون كلاجئين وفقًا للمعايير الدولية.[17]
وفي إحدى الكتابات عرف النزوح الداخلي بأنه: “الأشخاص أو جماعات الأشخاص الذين أكرهوا على الهرب، أو علي ترك منازلهم، أو أماكن إقامتهم المعتادة، أو اضطروا إلى ذلك، ولا سيما نتيجة أو سعيًا لتفادي آثار نزاع مسلح، أو حالات عنف عام الأثر أو انتهاكات حقوق الانسان أو كوارث طبيعية أو كوارث من فعل البشر، ولم يعبروا الحدود الدولية المعترف بها للدولة”.[18]
أسباب النزوح الداخلي متعددة ويمكن تصنيفها على النحو التالي:
النزاعات والعنف: واحدة من الأسباب الرئيسية للنزوح الداخلي هي النزاعات المسلحة والعنف، بما في ذلك الحروب الأهلية والاشتباكات العرقية أو الدينية، التي تجبر الأشخاص على الفرار من منازلهم لتجنب العنف.
انتهاكات حقوق الإنسان: الاضطهاد والتمييز وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان يمكن أن تدفع الأشخاص إلى النزوح داخليًا، بحثًا عن الأمان وحماية حقوقهم.
الكوارث الطبيعية: الزلازل، الفيضانات، الأعاصير، الجفاف، وغيرها من الكوارث الطبيعية يمكن أن تدمر المنازل والبنية التحتية، مما يجبر السكان على النزوح بحثًا عن مأوى ومساعدات.
تغير المناخ: التأثيرات المتزايدة لتغير المناخ، مثل ارتفاع مستويات البحر، التصحر، وتغير أنماط الطقس، تزيد من مخاطر الكوارث الطبيعية وتؤدي إلى نزوح داخلي بسبب فقدان الموارد الطبيعية وتدهور الأراضي.
التنمية الاقتصادية والمشاريع الكبرى: أحيانًا، يتم تهجير السكان داخليًا بسبب مشاريع التنمية الكبيرة مثل بناء السدود، الطرق، والتوسع العمراني، حيث تُستولى على أراضيهم ومنازلهم لاستخدامها في هذه المشاريع.
الفقر والبحث عن فرص أفضل: في بعض الأحيان، ينزح الأشخاص داخليًا بحثًا عن فرص اقتصادية أفضل والهروب من الفقر وعدم توفر الخدمات الأساسية في مناطقهم الأصلية.[19]
كل هذه الأسباب يمكن أن تؤدي إلى نزوح السكان داخليًا، وغالبًا ما تتداخل وتتفاعل مع بعضها البعض، مما يجعل معالجة النزوح الداخلي تحديًا معقدًا.
تعريف النزاعات المسلحة:
النزاعات المسلحة تشير إلى مواجهات عنيفة بين دولتين أو أكثر، أو بين جماعات داخل دولة واحدة (النزاعات الداخلية)، أو بين جماعات مسلحة والدولة. يمكن أن تكون هذه النزاعات ناتجة عن عدة أسباب، بما في ذلك الصراعات السياسية، النزاعات على الأرض أو الموارد، الخلافات العرقية أو الدينية، أو الرغبة في الاستقلال أو تغيير النظام السياسي.[20]
النزاعات المسلحة تتميز بالاستخدام المنظم للقوة العسكرية والسلاح، ويمكن أن تؤدي إلى خسائر بشرية ودمار كبير، فضلاً عن تسببها في أزمات إنسانية مثل نزوح ولجوء السكان. تُحكم النزاعات المسلحة بمجموعة من القوانين الدولية، بما في ذلك قوانين الحرب والقانون الإنساني الدولي، التي تهدف إلى حماية المدنيين وتقليل الأضرار التي تلحق بالأشخاص والممتلكات.[21]
- النزاعات المسلحة الدولية
هي صراعات تنشأ بين دولتين أو أكثر، حيث يكون هناك استخدام فعلي للقوة المسلحة. تتميز هذه النزاعات بأنها تتجاوز الخلافات الداخلية أو الأهلية داخل دولة ما، وتصبح دولية بمجرد تورط دولتين أو أكثر في القتال. تُحكم النزاعات المسلحة الدولية بمجموعة من القوانين الدولية، بما في ذلك قوانين الحرب ومعاهدات جنيف، التي تهدف إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، مثل المدنيين والأسرى الحربيين، وتحد من وسائل وأساليب الحرب المستخدمة.[22]
- النزاعات المسلحة غير الدولية
النزاعات المسلحة غير الدولية، المعروفة أيضًا بالنزاعات الداخلية أو الأهلية، هي نزاعات تحدث داخل حدود دولة واحدة وتشمل على الأقل طرفين، حيث يكون أحد الأطراف الحكومة والآخر واحدة أو أكثر من المجموعات المسلحة غير الحكومية، أو بين مجموعات مسلحة غير حكومية مختلفة بدون تدخل مباشر من الحكومة. هذه النزاعات تتميز بمجموعة من الخصائص، منها:
الطبيعة الداخلية: النزاعات تقع ضمن حدود دولة معينة وتنطوي على قتال بين قوات الدولة وجماعات مسلحة غير حكومية أو بين هذه الجماعات نفسها.
المطالبات بالحقوق والسلطة: غالبًا ما تنشأ هذه النزاعات بسبب الخلافات على السلطة السياسية، التمييز، السيطرة على الموارد، الهوية العرقية أو الدينية، أو مطالبات بالاستقلال أو الحكم الذاتي.
التأثير على المدنيين: غالبًا ما تؤدي هذه النزاعات إلى معاناة كبيرة للمدنيين، بما في ذلك الخسائر في الأرواح، النزوح، الانتهاكات ضد حقوق الإنسان، وتدمير الممتلكات والبنية التحتية.
القانون الدولي الإنساني: تُحكم النزاعات المسلحة غير الدولية بمجموعة من القواعد القانونية الدولية، بما في ذلك البروتوكول الإضافي الثاني (1977) لاتفاقيات جنيف (1949) وأحكام أخرى ذات صلة من القانون الدولي الإنساني، التي تهدف إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال وتقييد الأساليب والوسائل المستخدمة في الحرب.[23]
- النزاعات الدولية المسلحة: تنطوي على استخدام القوة المسلحة بين دولتين أو أكثر. هذه النزاعات تخضع للقانون الدولي الإنساني، والذي يسعى إلى تقييد الأساليب والوسائل المستخدمة في القتال ويوفر حماية للأشخاص الذين لا يشاركون أو توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية. النزاعات المسلحة الدولية تشمل الحروب التقليدية بين الجيوش الوطنية.[24]
- النزاعات الدولية غير المسلحة: تشير إلى الصراعات بين دولتين أو أكثر لا تصل إلى مستوى استخدام القوة المسلحة. هذه يمكن أن تشمل الخلافات الدبلوماسية، النزاعات الاقتصادية (مثل الحروب التجارية)، التوترات السياسية، وأشكال أخرى من الصراع التي تُحل عادة من خلال الوسائل السلمية مثل التفاوض، الوساطة، أو اللجوء إلى المحاكم الدولية مثل محكمة العدل الدولية.[25]
بينما النزاعات المسلحة تتطلب تطبيق القوانين المصممة لحماية الأشخاص وتقييد العنف، النزاعات غير المسلحة تدار عادة من خلال الأطر الدبلوماسية والقانونية دون اللجوء إلى القوة.
منهجية الدراسة:
اعتمدت هذه الدراسة على منهجين للدراسة، لاعتبارهما أكثر ملاءمة لموضوع الدراسة حيث تم الاستعانة بالمنهج القانوني، وهو مجموعة من الأساليب والطرق المنظمة التي يستخدمها الباحثون والممارسون في مجال القانون لدراسة وتفسير القوانين والأنظمة، ويتضمن هذا المنهج تحليل النصوص القانونية، مثل الدساتير، القوانين، الأحكام القضائية، والمعاهدات، وذلك بهدف فهم معانيها، تطبيقاتها، وتأثيراتها على المجتمع. يشمل المنهج القانوني أيضًا دراسة مبادئ العدالة، الأخلاق، والمعايير الدولية، إضافة إلى التحليل المقارن للقوانين في مختلف النظم القانونية. يهدف المنهج القانوني إلى تطوير فهم عميق للقانون وتحسين تطبيقه وتفسيره، ويدرس ايضًا هذا المنهج الابنية والعلاقات من الجوانب القانونية ومدي التزام الظواهر المختلفة بالمعايير والضوابط المتعارف عليها قانونًا والقواعد المدونة وغير المدونة أو بصيغة أخري.
على مدي تطابق الفعل مع القاعدة القانونية أو الخروج عن ضوابطها فالدراسة القانونية تركز على شرعية الفعل أو العلاقة أو عدم شرعية ذلك كما يهتم أيضا بالجزاءات والأفعال، ويستخدم هذه الضوابط للتأكد من شرعية الفعل من عدمه.
وبناء على ذلك، يساعد هذا المنهج في معرفة وفهم الضوابط القانونية التى تتعلق بالنزوح الداخلي، ثم بيان الممارسات الدولية والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الأشخاص النازحين داخليًا، أيضًا نستخدم المنهج القانوني لمعرفة الأحكام القانونية الخاصة بالنازحين وحقوقهم ووضعهم القانوني كذلك للمقارنة بين القوانين والقواعد الوطنية وبين القوانين والقواعد الدولية.
أما المنهج الثاني الذي استعانتا به الباحثتان هو منهج دراسة الحالة حيث يقوم هذا المنهج على دراسة كلية مستفيضة لحالة بعينها بغرض الوصول إلى فهم أعمق، وتبرز أهمية هذا المنهج بشكل خاص باعتباره يساعد في الحصول على المعلومات الأساسية التي تقود في معظم الأحيان إلى التوسع وسيتم استخدامه في دراسة حالات النزوح الداخلي في سوريا والعراق.
الأدوات العلمية للبحث التي تم استخدامها:
هناك مصادر أولية، وهناك مصادر قانونية ثانوية تمثلت فى الرجوع للكتب، والبحوث العلمية، والمقالات التى تم نشرها والخاصة بقضايا الأشخاص النازحين داخليًا وفيما يتعلق بحقوقهم وحرياتهم.
وتشمل المصادر الأولية القوانين واللوائح والسوابق القضائية، وهي السلطات القانونية الملزمة التي تعتمد عليها المحاكم لاتخاذ القرارات، ومن ناحية أخرى، توفر المصادر الثانوية التحليل والتعليق والتفسير للقانون، مثل الموسوعات القانونية ومقالات مراجعة القانون والأطروحات. في حين أن المصادر الأولية موثوقة بشكل مباشر، فإن المصادر الثانوية يمكن أن تكون ذات قيمة للحصول على فهم أعمق للمفاهيم القانونية وتحديد المصادر الأولية ذات الصلة.
المصادر القانونية الرئيسية ويقصد بها كل المصادر القانونية المكتوبة عن موضوع البحث وما تم طرحه حول هذه الموضوعات من دساتير، وتشريعات، وقوانين، وأحكام قانونية، وهنا تم الرجوع للعديد من المواد القانونية والدستورية والمواثيق القانونية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف الأربعة، واتفاقية كامبالا وغيرها من الاتفاقيات والقواعد القانونية الأخرى.
تقسيم الدراسة
في هذه الدراسة، سيتم تناول ثلاث فصول رئيسية، فالفصل الأول بعنوان “نشأة وتطور الحماية الدولية للأشخاص النازحين داخلياً، ويتطرق من هذا الفصل ثلاث مباحث، المبحث الأول بعنوان: أحكام وقواعد حظر النزوح الداخلي السابقة لظهور اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، والبحث الثاني بعنوان: أحكام حظر النزوح الداخلي اللاحقة لاتفاقيات جنيف الأربع، وفي المبحث الثالث يتم عرض الإطار القانوني لتوفير الحماية للأشخاص النازحين داخلياً.
أما الفصل الثاني في هذه الدراسة، فهو بعنوان: آليات إنفاذ الحماية الدولية للأشخاص النازحين داخليا”، وتم تقسيم هذا الفصل الي مبحثين؛ فالبحث الأول تناول الحديث عن الآليات الوطنية لإنقاذ الحماية الداخلية للأشخاص النازحين داخلياً، وفي هذا الإطار تم عرض العديد من المطالب التى تعكس الآليات الداخلية التى تتخذها الدول على اقليمها لحماية النازحين بها، أما المبحث الثاني فجاء بعنوان: الحماية الدولية لإنقاذ الحماية للأشخاص النازحين داخلياً.
والفصل الثالث في هذه الدراسة بعنوان: دور القانون الدولي فى توفير الحماية الدولية للأشخاص النازحين داخلياً فى العراق خلال الفترة من 2014-2023، حيث جاء في هذا الفصل مبحثين رئيسيين، المبحث الأول بعنوان تطور أزمة النزوح في العراق (الأسباب والتداعيات)، ويتناول الفصل الثاني الحماية الدولية التى يوفرها مبادئ وأحكام وهيئات القانون الدولي في العراق، وأخيرا تأتي الخاتمة وتليها التوصيات المقترحة لهذة الدراسة.
الفصل الأول : تطور الحماية الدولية للنازحين داخلياً: النشأة والتطور
تمهيد:
تعد الحماية الدولية أحد أهم مواضيع القانون الدولي، وتأخذ الحماية الدولية أما شكل فعل من المجتمع الدولي لوقف انتهاك حقوق بعض الفئات، أو رد فعل على هذه الانتهاكات، وتكون بمثابة درع يستند اليه الأفراد في ضمان حقوقهم وحرياتهم وذلك في حالة توافر الحماية الدولية اللازمة، أما في حالة عدم توافر الحماية اللازمة يعاني الأفراد، وتأخذ الحماية الدولية أشكال عدة فأحياناً تأخذ شكل مجموعة من القرارات تتخذها الأمم المتحدة، أو معاهدات خاصة، أو اتفاقيات وصكوك وغيرها من النصوص الأخري.[26]
ويوجد عدة مصادر للحماية الدولية، فهناك مصادر عالمية تتمثل في المواثيق والإعلانات التي أكدت على حماية حقوق الانسان، كالإعلانات والمواثيق الدولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أو العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ١٩٦٦ وغيرها من المصادر الأخري، ومصادر أخري اقليمية وتقتصر على اقليم بعينه، كالحماية التى يقرها النظام الاوروبي، النظام الأمريكي أو النظام الأفريقي، ومن أبرز الامثلة على ذلك القواعد التى تقرها اتفاقية لندن لعام ١٩٤٩، أو الميثاق الأفريقي وغيرها.[27]
وتطورت الحماية الدولية على مر العصور، ففي البداية لم يكن هناك قواعد مدونة تنص على الحماية الدولية، حيث كان هناك نصوص ضمنية تؤكد على الحماية الدولية، فتأخذ أشكال أعراف أو تعريفات عامة تؤكد على حماية حقوق الأشخاص، وتطورت بعد ذلك وتم تدوين القواعد والقوانين التى تؤكد على حماية حقوق الأشخاص.[28]
وتعد الحماية الدولية للنازحين داخليا ليست وليدة عصرنا الحالي، فقد توجه المجتمع الدولي منذ القدم الي حماية المدنيين من النزوح الداخلي وحظر عمليات النزوح الداخلي فى الأساس، وذلك من خلال حظر الأعمال العنيفة والهجمات العدوانية ضد السكان المدنيين، وحظر جميع الأعمال العدائية الحربية التى قد تؤدي إلى نزوح السكان المدنيين عن ممتلكاتهم وأراضيهم.[29]
وعند التطلع الي الفترة التاريخية السابقة لظهور معاهدات واتفاقيات القانون الدولي، نجد أن الحماية الدولية للنازحين تجلت بوادرها من خلال الحضارات القديمة والأعراف والأديان السماوية وتطورت شيئا فشيئا حتى تجسد فيما هو عليه فى العصر الحالي، حيث القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتوافر العديد من المبادئ القانونية والمنظمات وآليات انفاذ الحماية لحماية النازحين، وحظر النزوح الداخلى.[30]
وفى هذا الفصل، سيتم تناول تطور الحماية الدولية للنازحين داخلياً منذ نشأتها وحتى تطورها كما نري فى الوقت الحالي.
- وسيتم عرض وتحليل هذا الفصل من خلال ثلاثة مباحث رئيسية وهي:
المبحث الأول: أحكام وقواعد حظر النزوح الداخلي السابقة لظهور اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949.
المبحث الثاني: أحكام حظر النزوح الداخلي اللاحقة لاتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩.
المبحث الأول: أحكام وقواعد حظر النزوح الداخلي السابقة لظهور اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949.
يعد النزوح ظاهرة قديمة فقد شهد البشر العديد من حالات النزوح الداخلي منذ القدم، وارتبط النزوح عادة بالظروف الصعبة والقاسية مما أجبر الأفراد على ترك أماكنهم وممتلكاتهم بحثا عن أماكن تصلح للعيش، وتزايدت أعداد النازحين بسبب الحروب التى شهدتها الحضارات القديمة.
فإذا القينا النظر على الاعراف والقواعد القانونية التى تنظم الحروب فى الحضارات القديمة، سنجد أنه لا يوجد نص قانوني أو قاعدة قانونية صريحة تحظر نزوح المدنيين قسراً واجبارهم على ترك ممتلكاتهم وأرضهم فى الحروب، وذلك لما اتسمت به الحروب فى هذه الحقبة الزمنية من وحشية وهمجية، وذلك لأن الحروب فى هذا الوقت كانت لا تأخذ فى اعتبارها المبادئ الإنسانية بل كان هدف الحرب آنذاك يقتصر على هزيمة العدو، وإجبار العدو على الاستسلام، وتحقيق النصر بغض النظر عن حياة الأفراد، وجاءت الحضارات القديمة بمبادئ ضمنية تكفل حقوق الأفراد، ويحميهم من النزوح القسري، أو استخدام القوة ضدهم، كذلك جاءت الأديان السماوية برسائل تكفل حقوق هؤلاء الأفراد، وهذا ما سيتم طرحه وتوضيحه فيما بعد.[31]
المطلب الأول: حماية السكان المدنيين من عمليات النزوح الداخلي فى الحضارات القديمة والاديان السماوية:
- اولاً الحضارات القديمة:
شهدت الحضارات الإنسانية القديمة العديد من الصراعات والحروب على مدار العصور المختلفة، وكانت هذه الحروب تنتهك كرامة الانسان، ولم تكن هذه الحضارات تنص صراحة على اى قواعد أو قوانين تضمن حماية السكان المدنيين او النازحين من وثبات الحروب، فلم يكن هناك قانون مدون أو قاعدة دولية مدونة، لكن كان هناك مبادئ ضمنية غير مدونة، ومجموعة من الاعراف التى تؤكد علي حماية الانسان من مرتكبي الحروب، وتتنوع هذه المبادئ أو الآليات الأمنية ما بين مجموعة من المفاهيم الأخلاقية أو الاعراف أو مجموعة معاملات إنسانية وغيرها من الأشكال الأخري، واختلفت هذه الأشكال من حضارة الي أخري.[32]
ففي الحضارة الفرعونية، فالعلاقة بين المتحاربين كانت تنظمها مجموعة من المفاهيم التى ترتكز على المبادئ الأخلاقية والقيمية وكان يتم اتباعها أثناء الحرب ، فكان هناك ما يعرف بالأعمال السبعة للرحمة وكانت تحتوي هذه الأعمال في مجملها على جملة من المعاملات الإنسانية المختلفة كإطعام الجياع، واحترام الغرباء، وعدم المساس بالرضع ،واحترام الغرباء وغيرها من المعاملات الأخري، وهذه المفاهيم يمكن من خلالها الاستدلال على وجود نوع من الحماية التى يتم منحها لبعض الفئات غير المتورطة في الحرب أو غير المقاتلين، وبالتالي عدم إجبار الأفراد على النزوح بعيدا عن أماكن أقامتهم يعتبر هذا انطلاقا من اعتبارات إنسانية وليست قواعد أو مبادئ قانونية .[33]
وتعد الحضارة الصينية من الحضارات القديمة التى تبنت العديد من المبادئ والمثل العليا للرفق بضحايا الحروب، حيث تم الاقرار بالوحدة الإنسانية التى تستوجب علي البشر فعل الخير، وترك ومحاربة الشر فى كتابات كونفوشيوس، وبالتالي يعد استخدام العنف ضد المدنيين وإجبارهم على النزوح القسري من أماكنهم يعد نوع من أنواع الشر الذي يجب محاربته، وبالتالي فهذه المبادئ القانونية تضع فى الاعتبار حماية النازحين، بل حظر النزوح القسري من الأساس.[34]
أما فيما يتعلق بالحضارة الرومانية، فقد اتسمت الحضارة الرومانية بوحشية وهمجية حروبها، ففي هذا السياق ظهر العديد من الفلاسفة والمفكرين الرومانيين الذين نادوا بفكرة نبذ الحروب وإخضاعها للقانون ونادوا بفكرة الحروب العادلة وعدم الانتقام من الجماعات المسلحة من خلال قتل أو تعريض المدنيين للضر، ومن أبرز هؤلاء الفلاسفة الفيلسوف سيشرون، الذي نادي بالوحدة الإنسانية واحترام البشر، والكرامة الإنسانية، ونادي بضرورة عدم إلحاق الضرر بالمدنيين وعدم اجبارهم على ترك أماكن اقامتهم أو ترك أرضهم بالقوة.[35]
وإذا انتقلنا إلى الحضارة اليونانية، سنجد أنه كان هناك قواعد تنظم سير الحروب ومبادئها، لكن كانت هذه القواعد تنظم الحروب بين المدن اليونانية فقط، ولم يكن هناك قواعد تحمي أو تنظم الحروب وسيرها مع باقي الشعوب غير اليونانية، واتسمت الحروب اليونانية بالهمجية الرهيبة، ورغم ذلك كان هناك بعض الفلاسفة اليونانيين نادوا بمحاربة الظلم ومنع العنف، ومن أبرز هؤلاء الفلاسفة هو أرسطو الذي نادي بمحاربة الجور والظلم الواقعان على الأفراد، ونستنتج من هذه الدعوة لمحاربة الجور والظلم، أن إجبار السكان المدنيين على ترك أراضيهم وسكناهم قسرًا، إنما هو نوع من أنواع الجور والظلم الواجب محاربته.[36]
وبعد عرض الحضارات التاريخية المختلفة وكيف نظرت الي نزوح الأفراد قسرًا، نجد أنه لم يكن هناك أي قاعدة قانونية، أو قيد يكفل حقوق المدنيين وقت الحروب، ويحظر النزوح القسري للأفراد، وحمايتهم من نيران الصراعات والحروب، لكن كان هناك بعض القواعد الحتمية التى تقوم على بعض المفاهيم والمعايير والقيم الإنسانية فى بعض الحضارات القديمة كالحضارة الفرعونية، وهذا القواعد الضمنية تنص بشكل غير مباشر على حماية المدنيين ومنع اجبارهم لترك أراضيهم وسكناهم قسرا.
- ثانيا: الأديان السماوية:
أ-الديانة اليهودية
تميزت الحروب اليهودية بأنها حروب همجية انتقامية، ووفقا للقواعد التى وضعها الأحبار اليهود فهذا العنف مباح، وذلك بناء على التفكير العقائدي لدي اليهود، فهم يدعون أنهم شعب الله المختار، وبالتالي فهذا الادعاء بمثابة تصريح بيّن يعطي لهم حق إذلال وإزالة الشعوب، دون تمييز بين الرجال والنساء أو الأطفال، فوفقا لهم الجميع يمكن اذلاله وإخراجه خارج أرضه، وليس هذا فقط بل يأخذون هم هذه الأراضي كأنها أحد ملكياتهم الخاصة، ونتج عن الطرد الذي قامت به إسرائيل منذ وجودها إلى زحف ملايين النازحين ولا زالت عمليات التهجير وطرد المدنيين واجبارهم على النزوح موجود ويتفاقم بشكل كبير فى وقتنا الحالي.[37]
وبالتالي نسنتنج أن اليهوديين يسعوا لتوسيع أرضهم ويطردوا المدنيين، دون وجود أي قيد أو قاعدة قانونية تحرم هذا العمل.
ب-الديانة المسيحية
يقوم الدين المسيحي على السلام والمحبة بين جميع البشر، وذلك بغض النظر عن العرف واللغة والدين، فالمسيحيين دائماً يرددون أن المسيحية والسلام توأمان متلازمان لا يفترقان، ووفقاُ للدين المسيحي، فإنه يجب علي الأطراف المتحاربة أثناء النزاع أن يكونوا مقيدين تماما بالمبادئ والاخلاق الإنسانية، وذلك من خلال عدم ممارسة العنف، أو الاعتداء علي المدنيين غير المتورطين فى النزاع، فالدين المسيحي يحظر الاعتداء علي هؤلاء الأشخاص، أو اهانتهم، وتؤكد المسيحية على ضرورة احترام ضحايا الحروب سواء أسري، أو جرحي، أو مرضي، ومساعدتهم بتقديم الخدمات اللازمة لهم.[38]
ومما سبق نستنتج أن الدين المسيحي نظم الحرب، ووضع لها ضوابط تحمي المدنيين من دمار الحروب، وأصبح الإضرار بالمدنيين أو اجبارهم على النزوح أمر يتنافى مع مبادئ المسيحية.
- الديانة الإسلامية
يعد الدين الإسلامي مصدر للعديد من القواعد والأحكام التي جاءت بها كتب الحديث والسنة والقرآن الكريم، ونصت هذه المصادر على حماية الفئات غير القادرة على القتال، وغير المتورطين فيه، مع التأكيد على توجيه الأعمال الحربية للأشخاص المقاتلين فقط.
كذلك أكدت الشريعة الإسلامية على مدي جرم مقاتلة الأبرياء الغير متورطين فى اي أعمال عدائية، وحظرت الشريعة الإسلامية إجبار المدنيين على النزوح الداخلي، وذلك لأنه يسبب الضرر لأمن واستقرار الإنسان، ومن أبرز هذه النصوص التى توضح ذلك قوله تعالي” لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” وقوله تعالي ” كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ”.[39]
وغيرها من النصوص الأخري والأحاديث التى جاءت فى القرآن والسنة، وتدل هذه النصوص عن مدي حرص الشريعة الإسلامية على تحريم عمليات إفساد وتخريب الأراضي وإخراج أهلها منها، أو إلحاق أذى بالأفراد، مما يدفعهم الي ترك منازلهم ونزوحهم عن أوطانهم وديارهم، وبالتالي فالشريعة الإسلامية تُحظر من تدمير الأراضي والمدن والقري والمنازل، وتحظر من مقاتلة غير القادرين.[40]
المطلب الثاني: حماية النازحين داخلياً فى القضاء الدولي السابق لاتفاقيات جنيف الأربع لعام ١٩٤٩
زادت أعمال العنف فى الفترة ما قبل عام ١٩٤٩؛ حيث الحرب العالمية الأولى وما نتج عنها من جرائم حرب الحقت الضرر بحياة المدنيين وشردت العديد من الأفراد وازدياد أعداد النازحين وإلحاق الضرر بهم، وبالتالي كان لابد من تفعيل دور القضاء الدولي لحماية ضحايا الحرب والمدنيين وحمايتهم من النزوح، تجسد القضاء الدولي فى هذا الوقت فى محكمة طوكيو ومحكمة نورمبرغ.[41]
- اولاً: محكمة نورمبرغ
على إثر الأعمال العدائية والمآسي التى خلقتها الجيوش الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية، وانتهاك الجيش الألماني لحقوق الإنسان، وإلحاق الضرر بالمدنيين وهدم مساكنهم، وهدمها لكافة المبادئ والقيم الاخلاقية والإنسانية والقانونية، تعالت مطالب الدول الحلفاء بضرورة وقف انتهاك حقوق المدنيين ومراقبة مجرمي الحرب الألمان، وسرعان ما ابرم الحلفاء اتفاق لندن عام ١٩٤٩، وبموجب هذا الاتفاق تم إنشاء محكمة نورمبرغ.
وفيما يتعلق بالنظام السياسي للمحكمة ، نجد أن نظام المحكمة يتكون من ٢٩ مادة ، وحددت المادة السادسة من نظام المحكمة الجرائم التي تختص بها المحكمة والتى شملت (جرائم ضد الإنسانية جرائم ضد الحرب ، وجرائم ضد السلام ) ، ونلاحظ أن هذه الاختصاصات لم تختلف كثيرا عن اختصاصات محكمة طوكيو ، ونصت الفقرة (ب) من المادة (٦) على النص التالي : “ترحيل سكان الأراضي المحتلة المدنيين، أو السكان المدنيين فى الأراضي المحتلة، لعمل العبيد، أو لأي غرض آخر يعد جرائم حرب” ، فوفقا لهذا النص نستنتج أن أفعال الترجيل القسري للأفراد واجبارهم على النزوح من أرضهم يعد جريمة حرب وضد الإنسانية، كذلك جاء بالفقرة (ج) من ذات المادة أن إجبار الأفراد على ترك منازلهم ونقلهم قسرا جريمة ضد الإنسانية. [42]
وبناءً على نص هذه المادة والتى اعتبرت أن نقل المدنيين قسرا واجبارهم على النزوح إنما هى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والسلام، وبناءا عليه أدانت محكمة نورمبرغ فى القضية المشهورة باسم “the Enlists Rupee Case” بعض الأفراد الألمان المتهمين بجرائم ارتكبوها فى حق السكان المدنيين والذين أجبروهم على النزوح داخل أراضي الالزاس والأراضي البولندية وغيرها من الأراضي الأخري التى احتلها الألمان.
بعد عرض دور المحاكم القضائية فى هذه الفترة نجد أن اختصاص كلا المحكمتين يجرم انتهاك حقوق المدنيين، أو اجبارهم على النزوح من مساكنهم، وتصنيف هذه الجرائم باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والسلام، مما استدعي مساءلة الأشخاص مرتكبي هذه الجرائم أمام القضاء الدولى.[43]
- ثانياً: محكمة طوكيو
أنشئت محكمة طوكيو بعد إلقاء قنبلتين على مدينتي نكازاك وهيروشيما في اليابان ، والتى على أثرها وقعت اليابان على وثيقة الاستسلام وترك الأمر للحلفاء وذلك فى سبتمبر ١٩٤٥ ، وبقيادة الجنرال الأمريكي دوغلاس أرثر القائد الأعلى لقوات الحلفاء فى الشرق الأقصى أصدر بيانا عام ١٩٤٩ يقضي بتشكيل المحكمة العسكرية للشرق الأقصى -محكمة طوكيو فيما بعد – متخذا من طوكيو مقرا لها .
وفيما يتعلق بالنظام الاساسي للمحكمة، فالمادة خمسة من لائحة طوكيو تحدد اختصاص المحكمة والذي تضمن (الجرائم ضد الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، والجرائم ضد السلام)، وجاء في الفقرة (ج) من المادة (٥) أن اخضاع المدنيين للنزوح عن أراضيهم وممتلكاتهم بالقوة يعتبر جريمة ضد الإنسانية ولابد من المراقبة عليها، وفى ضوء ذلك وجهت المحكمة اتهامات لعدد من الأشخاص باعتبارهم الحقوا الضرر بالمدنيين وحرياتهم واجبارهم على النزوح من أراضيهم.[44]
المبحث الثاني: أحكام حظر النزوح الداخلي اللاحقة لاتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩
وضعت اتفاقيات جنيف الأربع لعام ١٩٤٩ والبروتكولين الاضافيين الملحقين بهذه الاتفاقيات لعام ١٩٧٧ أسس وضوابط خوض الحروب، ووضعت قواعد تحمي المدنيين من عمليات النزوح المختلفة وإخراج المدنيين من دائرة القتال، وفي ضوء هذه القواعد حاولت المحاكم الجنائية المنعقدة خلال هذه الفترة تطبيق نصوص حماية المدنيين من النزوح ومعاقبة المتسببين فى هذه الجريمة، حيث قامت هذه المحاكم، كمحكمة رواندا ويوغسلافيا، حيث حثت هذه المحاكم على حظر النزوح الداخلي، وإجبار المدنيين على النزوح قسراً، وجاء فى النظام الاساسي لكلا المحكمتين نصوص تحظر اجبار المدنيين على النزوح الداخلي، وحظر انتهاك حقوق النازحين داخلياً باعتبار هذه الجرائم جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب.[45]
المطلب الأول: حماية النازحين داخليا فى اتفاقية جنيف الرابعة لعام ١٩٤٩ والبروتوكولين الاضافيين لعام ١٩٧٧.
شهد التاريخ الإنساني العديد من الحروب والنزاعات المسلحة وغير المسلحة وأبرزها الحرب العالمية الأولى والثانية والتى نتج عنها العديد من الضحايا المدنيين، الذين سقطوا كمتشردين ونازحين وسقطوا ما بين جريح وقتيل، وبالتالي نجد أن المدنيين هم الأكثر ضرراً بهذه الحروب، ونظرا للعديد من المآسي التي أصابت الافراد، تم عقد مؤتمر دبلوماسي فى مدينة جنيف، ونتج عن هذا المؤتمر اتفاقيات جنيف الأربع لعام ١٩٤٩، حيث تعلقت اتفاقية جنيف الأولى بمرضي وجرحي القوات المسلحة فى الميدان، أما الاتفاقية الثانية فقد تعلقت بحماية مرضي وجرحي القوات المسلحة فى البحار، والثالثة تعلقت بحماية أسري الحروب، والأخيرة تعلقت بحماية المدنيين أثناء الحروب، والجدير بذكره أن اتفاقية جنيف الرابعة تضمن العديد من النصوص القانونية الهامة متعلقة بحماية المدنيين من النزوح الداخلي، وتضمنت العديد من الضوابط التى يستوجب على أطراف النزاع الالتزام والتقيد بها.[46]
اولا: حماية النازحين داخلياً فى اتفاقية جنيف لعام ١٩٤٩
نصت اتفاقية جنيف الرابعة لعام ١٩٤٩ والخاصة بحماية الأشخاص المدنيين زمن الحرب فى المادة (٤٩) الفقرة الأولي على “يحظر النقل الجبري الفردي، أو الجماعي للأشخاص المحميين، أو نفسهم من الأراضي المحتلة، الي دولة أخري محتلة أيا كانت دواعيه”[47]، وبالتالى تشير هذه المادة الي حظر نزوح السكان المدنيين من أماكن سكناهم، وحظر انتهاك حريات وحقوق النازحين أنفسهم باعتبارهم جزء من المدنيين وغير متورطين فى النزاعات والحروب، والمقصود بالنقل الإجباري الذي تم النص عليه فى الفقرة السابق ذكرها هو نقل الأشخاص التى تنطبق عليهم قواعد الحماية من الأراضي المحتلة إلى أراضي أخري قسراً، أو ترحيلهم بقصد ترحيلهم فى الأعمال الشاقة وأعمال السخرة وكل ذلك يعد انتهاك لحقوق الأفراد النازحين، وتتشابه هذه الفقرة مع المادة السادسة من النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ العسكرية والتى سبق ذكر نص المادة (ب،ج) وينص على أن الترحيل الجبري للسكان المدنيين واجبارهم على النزوح القسري إنما هو جرائم حرب وضد الإنسانية.[48]
والجدير بذكره أن الفقرة الثانية من ذات المادة اجازت عمليات الجلاء التى تنفذها دولة الاحتلال من أجل سلامة المدنيين وأمنهم حيث نصت على ” يجوز لدولة الاحتلال بإجلاء كلي أو جزئي لمنطقة محتلة معينة، إذا اقتضي ذلك أمن السكان، أو لأسباب عسكرية قهرية ولا يجوز أن يترتب على عمليات الاجلاء، نزوح الأشخاص الا فى إطار حدود الأراضي المحتلة مالم يتعذر ذلك من الناحية المادية، ويجب إعادة السكان المنقولين على هذا النحو الي مواطنهم، بمجرد توقف الأعمال العدائية فى القطاع “.[49]
وبالتالي نسنتنج من النص السابق ذكره، أن سلطات الاحتلال لها حق إجلاء المواطنين إلى مناطق آمنة، وذلك فى حالات استثنائية إذا اقتضي الأمر ذلك، وهذا بغرض تفادي إلحاق الضرر بالمواطنين في النزاعات المسلحة، أو لأسباب ضرورية قهرية عسكرية، وبالتالي هذا الجلاء من شأنه أن يأمن على حياة المدنيين ولمصلحتهم، وذلك على العكس من النزوح القسري لتحقيق مصالح المحتل، كذلك تؤكد هذه الفقرة على حق الاعادة واستعادة النازحين أرضهم ومساكنهم وتأمينهم.[50]
ووضعت الفقرة الثانية من المادة(٤٩) بعض القيود التى تقيد سلطة الاحتلال فى نقلها للمدنيين حيث نصت علي:
” وعلى دولة الاحتلال التي تقوم بعمليات النقل أو الإخلاء هذه أن تتحقق إلى أقصى حد ممكن من توفير أماكن الإقامة المناسبة لاستقبال الأشخاص المحميين، ومن أن الانتقالات تجري في ظروف مرضية من وجهة السلامة والشروط الصحية والأمن والتغذية، ومن عدم تفريق أفراد العائلة الواحدة.
ويجب إخطار الدولة الحامية بعمليات النقل والإخلاء بمجرد حدوثها.
لا يجوز لدولة الاحتلال أن تحجز الأشخاص المحميين في منطقة معرضة بشكل خاص لأخطار الحرب، إلا إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية.
لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها”.[51]
ويتضح من هذه النصوص أن هناك قيود على الدول التى ستقوم بعمليات جلاء، فيجب على الدول أن تضمن سلامة وأمن هؤلاء الأفراد واتاحة لهم البيئة المعيشية الفعالة التى لا تعرضهم للخطر، وتتيح لهم حق العودة إلى ديارهم وتوفير ظروف معيشية وصحية وتوفير الأمن والغذاء لهؤلاء الأفراد وغيرها من القيود الأخري التى سبق النص عليها.
ثانيا: النزوح الداخلي فى المادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف الاربع ١٩٤٩:
صنفت المادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف الاربع لعام ١٩٤٩ على أنها أحد أهم المواد التى تحكم النزاعات المسلحة الداخلية وغير الدولية، حيث ورد فى هذه المادة القواعد الدنيا التى يجب على كل أطراف النزاع المتورطين الالتزام بها فى حالة نشوء اى نزاع داخلي، وأعطت هذه المادة الفرصة للعديد من الهيئات الإنسانية التى تتميز بأنها محايدة لا تنتمي لأي من أطراف النزاع، والتعامل مع الأشخاص الغير متورطين في الاعمال العدائية، بسبب الاحتجاز أو العجز او الجراح أو لأي سبب اخر، كذلك تناولت المادة الثالثة التعامل مع الرهائن وكافة الاطراف المتعاقدة على عدم انتهاك كرامتهم ومعاملتهم بقدر من الإنسانية، وتنص هذه المادة على ما يلي :
“فى حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي فى أراضي أحد الأطراف السامية المتعاقدة، يلتزم كل طرف فى النزاع بأن يطبق كحد ادني الاحكام الآتية:
1-الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة فى الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين القوا أسلحتهم، أو الأشخاص العاجزين عن القتال، بسبب المرض، أو الجرح، أو الاحتجاز، أو لأي سبب آخر، يعاملون فى جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصرية، أو الدين، أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد، أو الثروة، أو أي معيار مماثل آخر.
ولهذا الغرض تحظر الأعمال التالية، فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقي محظورة فى كل الأحوال، وفي كل الأوقات والأماكن:
أ-الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب.
ب-أخذ الرهائن
ج-الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهنية، والإحاطة بالكرامة.
إصدار الأحكام، وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا، وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة فى نظر الشعوب المتمدنة.
يجمع الجرحى والمرضي ويعتنى بهم”.[52]
من خلال نص هذه المادة نلاحظ أنها لم تتضمن أي نص صريح يضمن حماية النازحين داخليا خاصة أثناء النزاعات الغير دولية أو يحظر النزوح الداخلي بشكل عام، لكنها سلطت الضوء على حماية الأشخاص الغير متورطين فى النزاع أو المدنيين، حيث أكدت هذه المادة على حظر الاعتداء على الكرامة الشخصية، وحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، ومنع الاضرار بهم بأي طريقة، وبالتالي نسنتنج أن هذه المادة كان بها قصور فيما يتعلق بالنص علي حماية النازحين داخلياً بشكل مباشر، لكن بشكل غير مباشر وإن لم يكن هناك نص صريح يؤكد على ذلك، أكدت على حماية المدنيين من عمليات النزوح الداخلي والتى تمثل أحد أشكال الاعتداء على الكرامة الشخصية.[53]
فمما سبق ما يمكننا أن نخلص اليه فيما يتعلق بهذه المادة، أنها لم توفر اى نصوص صريحة ، أو نص قانوني صريح يمكن الاستناد اليه ويؤكد علي حماية النازحين داخليا فى النزاعات المسلحة أو الاستناد اليه لتطبيق الحماية على أرض الواقع، وهو ما دفع المجتمع الدولي لإدراك أوجه النقص والتقصير فى هذه المادة، وسرعان ما تم ابرام اتفاقية جديدة تختص بتنظيم النزاعات غير الدولية، وتوفر الحماية للسكان غير المتورطين فى النزاع، وتم ذلك من خلال اعتماد البروتوكول الإضافي الثاني المختص بالنزاعات المسلحة غير الدولية فى عام 1977.
ثالثا: حظر النزوح الداخلي فى البروتوكولين الاضافيين لعام ١٩٧٧:
- حماية النازحين داخلياً فى البروتوكول الإضافي الأول الخاص بالنزاعات المسلحة الدولية.
نص البروتوكول الإضافي الأول على مادة تحظر إجبار المدنيين على النزوح عن أراضيهم قسرا، حيث جاءت المادة (85) فقرة (4) (أ) تنص على:” تعد الأعمال التالية، فضلا عن الانتهاكات الجسيمة المحددة فى الفقرات السابقة وفى الاتفاقيات، بمثابة انتهاكات جسيمة لهذا اللحق، إذا اقترفت عن عمد مخالفة للاتفاقيات أو اللحق “البروتوكول”: قيام دولة الاحتلال بنقل بعض سكانها المدنيين الي الأراضي التى تحتلها، أو نقل كل أو بعض سكان الأراضي المحتلة داخل نطاق تلك الأراضي أو خارجها، مخالفة للمادة (49) من الاتفاقية الرابعة”.[54]
والملاحظ أن ما جاءت به المادة (85) السابق ذكرها احتوت على شقين أساسيين حيث:
الشق الأول من هذه المادة، يتعلق بدولة الاحتلال التى تقوم بنقل الأفراد قسراً من موطنهم إلى الأرضي التى تحتلها، وبالفعل هذا ما جاء وأكدت عليه المادة(49) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والتى كما ذكرنا قامت بحظر جميع عمليات النزوح الداخلي القسري الا ما استثنته الضروريات والسلامة الأمنية للمدنيين، والضرورات العسكرية القهرية.
وأما الشق الثاني من هذه المادة، والذي يتعلق بتقييد حرية سلطات الاحتلال فى قيامها بعمليات الترحيل القسري للمدنيين.
وبالتالي نجد أن المادة (85) فى البروتوكول الأول الإضافي بمثابة إضافة جديدة فيما يتعلق بحظر عمليات النزوح القسري أثناء النزاعات المسلحة الدولية، وهذا يؤكد على حرص المجتمع المدني لإنهاء جرائم الحرب والتى تمس بكرامة المدنيين، وتصنيفها بأنها جرائم حرب تُخضع مرتكبيها للعقاب.
- حماية النازحين داخليا فى البروتوكول الإضافي الثاني الخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية لعام 1977:
جاءت المادة (17) من البروتوكول الإضافي الثاني الخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية المنعقد بتاريخ 8/6/1977 لتقرير بند صريح ينص على حظر نقل المدنيين قسرا أثناء النزاعات المسلحة أو المساس بكرامتهم، فنصت على ما يلي: ” لا يجوز الأمر بترحيل السكان المدنيين لأسباب تتصل بالنزاع، مالم يتطلب ذلك أمن الأشخاص المعنيين، أو لأسباب عسكرية ملحة، وإذا ما اقتضت الظروف إجراء مثل هذا الترحيل يجب اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لاستقبال السكان المدنيين فى ظروف مرضية، حيث المأوى، والأوضاع الصحية والوقائية والعلاجية، والسلامة والتغذية”.[55]
والملاحظ أن هذه الفقرة التى نصت عليها المادة (17) سالفة الذكر، تؤكد على حظر إجبار السكان المدنيين على النزوح من أراضيهم قسرا، إلا فى حالات استثنائية، وهي:
أ-الضرورة الأمنية، حيث وجود خطر يهدد أمن وسلامة السكان فى مناطق اقامتهم وسكناهم، وهنا يتم نقلهم بشكل مؤقت، فبمجرد زوال الخطر يتم اعادتهم مرة أخري.
ب-وجود أسباب عسكرية قهرية، وهنا لابد من توفير كافة الاحتياجات الصحية والامنية والغذائية الملائمة لهم.
كذلك جاء فى الفقرة الثانية من المادة نفسها، نص آخر خاص بحماية السكان المدنيين من النزوح الإجباري، حيث نصت على أنه “لا يجوز إرغام الأفراد المدنيين على النزوح عن أراضيهم لأسباب تتصل بالنزاع”
لقد وسعت المادة (17) المنصوص عليها فى البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 من مجال الحماية للنازحين داخليا وحمايتهم المدنيين من النزوح الناشئ عن حالات النزاعات المسلحة الداخلية، ونتيجة لتفاقم عمليات النزوح الداخلى بسبب الحروب الأهلية، مما دفع النظاميين الأساسيين لكلا من محكمة رواندا ويوغسلافيا السابقة إلى إعادة النص على حظر النزوح الداخلي وعدم المساس بالنازحين داخليا أو بكرامتهم وتصنيف من يفعل ذلك بأنه يقوم بجرائم حرب دولية تمس بالأمن والسلام الدوليين.[56]
المطلب الثاني: حظر النزوح الداخلي فى القضاء الدولي اللاحق لظهور اتفاقيات جنيف الأربعة لعام ١٩٤٩.
اولا: حماية النازحين داخليا فى النظام الأساسي لمحكمة يوغسلافيا السابقة:
لقد قامت القوات الصربية بالعديد من الأعمال الوحشية فى الإقليم وتزايدت هذه العمليات الوحشية بعد اعلان استقلال جمهورية البوسنة والهرسك عن يوغسلافيا عام 1991، لذلك وبموجب الصلاحيات الممنوحة لمجلس الأمن وبعد أن قدمت لجنة تقصي الحقائق فى يوغسلافيا تقريرها، قام المجلس بإعلان الوضع فى الإقليم بأنه تهديد للأمن والاستقرار الدوليين، وتم إصدار قرار 808 لعام 1993، والذي على أثره تم الاقرار بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة ( L.C.T.Y)، وأكد القرار 827 الوجود الفعلي والقانوني للمحكمة، والتى تختص بمعاقبة مرتكبي جرائم الحرب والابادة الجماعية والمسؤولين عن انتهاكات كرامة الانسان، وانتهاكات القانون الدولي الانساني التى تم ارتكابها على اقليم يوغسلافيا السابق وذلك منذ عام 1991، وتستند المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة على تطبيق قواعد القانون الدولي الانساني، كاتفاقيات منع إبادة الجنس والعقاب لعام 1948، واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، واتفاقية لاهاي الرابعة، وغيرها من الصكوك المختلفة والاتفاقيات الدولية الأخري.[57]
وبموجب المادة (2) فقرة (ز) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لمحكمة يوغسلافيا السابقة، تم تجريم النزوح القسري، واعتبرت أن إجبار المدنيين على النزوح القسري بمثابة جرائم ضد الإنسانية وتم النص على ذلك فى المادة (5) فقرة (د)، وجرائم حرب فى نفس المادة.
ثانيا: حظر النزوح الداخلي القسري فى في النظام الاساسي لمحكمة رواندا:
على أثر ما شهدته رواندا من احداث دامية فى عام 1994، وتفاقم الصراع بين قبيلتي البوت والتوتسي، وخلف هذا الصراع العديد من الانتهاكات للمدنيين، وانتهاك قواعد القانون الدولي الانساني، مما دفع مجلس الامن لإصدار قرار 935 والذي يقضي بتشكيل لجنة من الخبراء للتحقيق فى الجرائم المرتكبة في الاقليم، وبعد ذلك قامت هذه اللجنة بتقديم تقريرين، وعلى أثرهما قام مجلس الامن بإصدار قرار 955 لعام 1994، وتضمن هذا القرار انشاء المحكمة الجنائية الدولية لرواندا (L.C.T.R) والتى تختص بمعاقبة مرتكبي جرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية، وانتهاكات مبادئ القانون الدولي الانساني.[58]
وباعتبار أن جرائم النزوح القسري والتى تم ارتكابها فى اقليم رواندا تعد انتهاك جسيم لقواعد ومبادئ القانون الدولي الانساني، تم تجريم هذه الاعمال فى النظام الاساسي للمحكمة، حيث جاء فى المادة (3) فقرة (د) أن انتهاك حقوق المدنيين واجبارهم على النزوح القسري انما هذه جرائم ضد الانسانية وتقتضي مقاضاة مرتكبيها.
3- حظر النزوح الداخلي فى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998:
أعتمد النظام الأساسي للمحكمة عام 1998، ودخلت حيز النفاذ عام 2002، واختصت بتوفير الحماية للسكان المدنيين من عمليات النزوح الداخلية الناتجة عن النزاعات المسلحة، واعتبر النظام الأساسي للمحكمة أن إجبار المدنيين على النزوح قسرا يعتبر جريمة ضد الإنسانية وتعتبر جريمة حرب فى النزاعات المسلحة الدولية فى المادة(8)فقرة (2)(أ) و (8) فقرة ( 2) (ب) (7)،وفقا للمادة (٧) فقرة (أ) (د) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية، ومن هنا سنحاول توضيح هذه النصوص السالف ذكرها التى جرمت عمليات النزوح، وذلك باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كالتالي:[59]
أ-اعتبار أن نزوح السكان المدنيين قسرا بمثابة جريمة حرب:
تعريف جرائم الحرب بشكل عام تشير الي الجرائم التى يتم ارتكابها وتكون مخالفة وغير متوافقة بالمرة مع أعراف الحرب وقوانينها، وهو ما نصت عليه المادة (6) فقرة (ب) من النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ، حيث تعرف هذه المادة جرائم الحرب وتدين مرتكبيها كالآتي ” الافعال المرتكبة من جانب المتهمين، بالمكالمة لقوانين الحرب والاتفاقيات الدولية والقوانين الجنائية الوطنية، والمبادئ العامة للقانون الجنائي المعترف به فى كافة قوانين الدولة المتمدنة”، وقائمة الافعال الممثلة للجرائم الحرب تتمثل فى (قتل الرهائن، سرقة ونهب الأموال الخاصة أو العامة، التدمير للمدن والقري بدون مبرر، القتل العمد، والتخريب وغيرها من الأعمال الأخرى“.[60]
وعرفها الفقيه وبنهامي بأنها “أعمال العداء والعنف التى يرتكبها الجنود أو غيرهم من أفراد العدو”
عرف اخرين جرائم الحرب بأنها: ” عمل غير مشروع يقوم به فرد أو مجموعة أفراد باسم الدولة ورضاها، ويكون هذا العمل يمس بمصلحة دولية يحميها القانون الدولى”.[61]
وعلى غرار هذه التعريفات، قام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية المعتمدة بتاريخ 1998 جرائم الحرب بأنها: ” الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الاربع المعقودة 12/8/1949 ، والانتهاكات الخطيرة للقوانين والاعراف السارية المطبقة على النزاعات المسلحة الدولية فى النطاق الثابت للقانون الدولي، والانتهاكات الجسيمة للمادة الثالثة لاتفاقيات جنيف الأربع المعقودة بتاريخ 12/8/1949، وفى حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي، والانتهاكات الخطيرة الأخري للقوانين والاعراف التى تنطبق فى النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي فى إطار القانون الدولي القائم”.[62]
وفي ضوء هذه المادة تم اعتبار النزوح الداخلي القسري ضمن جرائم الحرب، وبمقتضي المادة(8) فقرة (2) (أ) (7) صنفت جريمة النزوح الداخلي بأنه جريمة حرب متى كان السبب وراء هذا النزوح نزاع دولي مسلح، أما الفقرة (2) (ه) (8) من نفس ذات الفقرة السابق ذكرها فقد غطت عمليات النزوح القسري الناتج عن النزاعات المسلحة غير الدولية، وعليه سنحاول التطرق الى مضمون النصوص والمفاهيم التى تم تغطيتها بواسطة هذه المادة فى مجال حماية المدنيين من النزوح الداخلي أو انتهاك حقوق وكرامة النازحين.
فى ضوء النزاعات المسلحة الدولية، جاءت المادة (8) فقرة (2) (أ) (7) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 لتنص على ما يلي:
” 1-يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب، ولا سيما عندما ترتكب فى إطار خطة أو سياسة عامة، أو فى إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم.
2-لغرض هذا النظام الأساسي تعني “جرائم الحرب”:
أ-الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف لعام ١٩٩٤، أي أي فعل من الافعال التالية ضد الأشخاص والمملكة الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة.
7-الإبعاد، أو النقل غير المشروعين، أو الحبس غير المشروع….”[63]
ثالثا: حظر النزوح الداخلي فى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998:
أعتمد النظام الأساسي للمحكمة عام 1998، ودخلت حيز النفاذ عام 2002، واختصت بتوفير الحماية للسكان المدنيين من عمليات النزوح الداخلية الناتجة عن النزاعات المسلحة، واعتبر النظام الأساسي للمحكمة أن إجبار المدنيين على النزوح قسرا يعتبر جريمة ضد الإنسانية وتعتبر جريمة حرب فى النزاعات المسلحة الدولية فى المادة(8)فقرة (2)(أ) و (8) فقرة ( 2) (ب) (7)،وفقا للمادة (٧) فقرة (أ) (د) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية، ومن هنا سنحاول توضيح هذه النصوص السالف ذكرها التى جرمت عمليات النزوح، وذلك باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كالتالي:
أ-اعتبار أن نزوح السكان المدنيين قسرا بمثابة جريمة حرب:
تعريف جرائم الحرب بشكل عام تشير الي الجرائم التى يتم ارتكابها وتكون مخالفة وغير متوافقة بالمرة مع أعراف الحرب وقوانينها، وهو ما نصت عليه المادة (6) فقرة (ب) من النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ، حيث تعرف هذه المادة جرائم الحرب وتدين مرتكبيها كالآتي ” الافعال المرتكبة من جانب المتهمين، بالمكالمة لقوانين الحرب والاتفاقيات الدولية والقوانين الجنائية الوطنية، والمبادئ العامة للقانون الجنائي المعترف به فى كافة قوانين الدولة المتمدنة”، وقائمة الافعال الممثلة للجرائم الحرب تتمثل فى (قتل الرهائن، سرقة ونهب الأموال الخاصة أو العامة، التدمير للمدن والقري بدون مبرر، القتل العمد، والتخريب وغيرها من الأعمال الأخرى”.[64]
وعرفها الفقيه وبنهامي بأنها “أعمال العداء والعنف التى يرتكبها الجنود أو غيرهم من أفراد العدو”
عرف اخرين جرائم الحرب بأنها: ” عمل غير مشروع يقوم به فرد أو مجموعة أفراد باسم الدولة ورضاها، ويكون هذا العمل يمس بمصلحة دولية يحميها القانون الدولى”.
وعلى غرار هذه التعريفات، قام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية المعتمدة بتاريخ 1998 جرائم الحرب بأنها: ” الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الاربع المعقودة 12/8/1949 ، والانتهاكات الخطيرة للقوانين والاعراف السارية المطبقة على النزاعات المسلحة الدولية فى النطاق الثابت للقانون الدولي، والانتهاكات الجسيمة للمادة الثالثة لاتفاقيات جنيف الأربع المعقودة بتاريخ 12/8/1949، وفى حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي، والانتهاكات الخطيرة الأخري للقوانين والاعراف التى تنطبق فى النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي فى إطار القانون الدولي القائم”.[65]
وفي ضوء هذه المادة تم اعتبار النزوح الداخلي القسري ضمن جرائم الحرب، وبمقتضي المادة(8) فقرة (2) (أ) (7) صنفت جريمة النزوح الداخلي بأنه جريمة حرب متى كان السبب وراء هذا النزوح نزاع دولي مسلح، أما الفقرة (2) (ه) (8) من نفس ذات الفقرة السابق ذكرها فقد غطت عمليات النزوح القسري الناتج عن النزاعات المسلحة غير الدولية، وعليه سنحاول التطرق الى مضمون النصوص والمفاهيم التى قامت بتغطيتها هذه المادة فى مجال حماية المدنيين من النزوح الداخلي أو انتهاك حقوق وكرامة النازحين.
فى ضوء النزاعات المسلحة الدولية، جاءت المادة (8) فقرة (2) (أ) (7) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 لتنص على ما يلي:
” 1-يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب، ولا سيما عندما ترتكب فى إطار خطة أو سياسة عامة، أو فى إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم.
2-لغرض هذا النظام الأساسي تعني “جرائم الحرب”:
أ-الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف لعام ١٩٩٤، أي فعل من الافعال التالية ضد الأشخاص والمملكة الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة.
7-الإبعاد، أو النقل غير المشروعين، أو الحبس غير المشروع….”[66]
ب-اعتبار أن جرائم النزوح القسري بمثابة جريمة ضد الإنسانية.
المطلب الثالث: الالتزامات والإجراءات المفروضة على أطراف النزاع وعلى الدول فى حالة النزوح الداخلي للمدنيين.
اولا: استشارة النازحين داخليا فى اتخاذ القرارات التى لها شأن بهم
يعد للنازحين الحق فى اتخاذ القرارات المتصلة بمستقبلهم وحياتهم، وعلى سلطات الدولة منح هؤلاء الأشخاص النازحين فرصة لأبداء آرائهم واتخاذ القرارات المؤثرة فى حياتهم، اى أنه يتم تمكين السكان النازحين من اتخاذ القرارات فيما يخص عودتهم، أو إعادة توطينهم، أو حتى دمجهم محليا، وتعد الانتخابات أحد أهم الوسائل التى من خلالها يعبر النازحين عن آرائهم من خلالها، ونصت المبادئ التوجيهية المتعلقة بالنزوح الداخلي لعام ١٩٩٨ على هذا الحق.[67]
جدير بذكره ايضا، أن استشارة النازحين لا تقتصر على سلطات الدولة، بل تمتد لتشمل الهيئات الإنسانية ووكالات الإغاثة والمنظمات الدولية التى تقوم بمساعدة النازحين داخليا، وذلك من خلال إقامة حوار استشاري معهم والاصغاء إليهم ومعرفة احتياجاتهم وتلبيتها.
ثانيا: ضمان تلقي النازحين داخليا لخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية
تتعدد وتتنوع احتياجات الأشخاص النازحين داخليا، لذلك تفرض قواعد القانون الدولي الانساني التزامات على عاتق سلطات دولة الاحتلال وأطراف النزاع، وتتمثل هذه الالتزامات فى توفير كافة الخدمات والمساعدات اللازمة والضرورية لاستمرار وبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، وتتمثل هذه الخدمات فى المتطلبات الأساسية كالمياه، والطعام، والملبس، والمأوي، والخدمات الصحية وغيرها من الخدمات الضرورية الأخري، وهذا ما أكدت عليه المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة ، حيث نصت علي “ من واجب دولة الاحتلال أن تعمل بأقصى ما تسمح به وسائلها، على تزويد السكان بالمؤن الغذائية والامدادات الطبية، ومن واجبها على الأخص أن تستورد ما يلزم من الأغذية والمهمات الطبية وغيرها، اذا كانت موارد الأراضي المحتلة غير كافية”.[68]
كذلك أكد البروتوكول الإضافي الأول فى المادة (69) على ذلك فنص على:” يجب على سلطة الاحتلال فضلا على الالتزامات التى جاءت بها المادة (55) من الاتفاقية الرابعة بشأن المدد الغذائي والطبي، أن تؤمن بداية ما تملك من إمكانيات وبدون أي تمييز مجحف، توفير الكساء، والفراش، ووسائل الإيواء، وغيرها من المدد الجوهري، لبقاء سكان الأقاليم المحتلة على الحياة، وكذلك ما يلزم للعبادة”.[69]
ثالثا: حق النازحين داخليا فى العودة الي ديارهم
يغادر السكان المدنيين أراضيهم فى النزاعات المسلحة، أو الظروف القهرية الأخري، تاركين ممتلكاتهم، فارين إلى مناطق أخري، كخيام النزوح، أو المناطق الآمنة وغيرها، لذلك كفلت قواعد القانون الدولي الانساني حق العودة للأشخاص النازحين داخليا، حيث نصت المادة(49) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 على “ يجب إعادة السكان المنقولين على هذا النحو الي مواطنهم بمجرد توقف الأعمال العدائية فى هذا القطاع”، وهنا يلزم هذا النص أطراف النزاع باتخاذ كافة الإجراءات التى تسمح لهؤلاء النازحين بالعودة للديار.[70]
كذلك نصت الفقرة (2) من المادة (13) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على “حق كل فرد فى العودة إلى الديار”، وحتى يعود هؤلاء النازحين إلى ديارهم لابد من اتخاذ عدة إجراءات تيسر عليهم العودة مثل: توفير الضرورات الأساسية والمساعدات الانسانية، نزع الألغام، توفير المواد المنزلية ومواد البناء والأدوات الزراعية وغيرها من الإجراءات الأخري، كذلك من حق هؤلاء الأشخاص استعادة ممتلكاتهم بعد العودة للديار.[71]
الخاتمة:
وفي الأخير، ففي هذا الفصل تم عرض مفهوم وماهية الحماية الدولية وأهميتها ، حيث تعددت مفاهيم الحماية الدولية، وتبرز أهميتها في الحفاظ علي حياة البشر وحقوقهم وحرياتهم، ومن تم عرض المسار التاريخي لنشأة وتطور الحماية الدولية للأشخاص النازحين داخلياً، حيث نتيجة للنزاعات المسلحة منذ قديم الزمان، عاني الإنسان من هذه النزاعات، واضطر لترك أرضه ليبحث عن مكان آمن، لكن قديماً لم يكن هناك نصوص صريحة تؤكد علي حماية المدنيين من النزوح القسري، أو حمايتهم من أعمال العنف والتنكيل، لكن كان هناك نصوص ضمنية جاءت على شكل مبادئ وتعريفات فى الحضارات القديمة، كذلك جاءت بعض الأديان السماوية تدعو لحماية الأفراد غير المتورطين فى النزاع وعدم سلب أرضهم وممتلكاتهم، وهذا ما جاء فى كلا من الدين المسيحي والإسلامي علي العكس من الدين اليهودي، وظلت الحماية الدولية فى التطور وبرزت اتفاقيات وصكوك قانونية عدة تحمي النازحين، كاتفاقيات جنيف الأربع، والبروتوكولان الإضافيان، ونشأت الهيئات الدولية المختلفة، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمفوضية السامية لحقوق اللاجئين وغيرها من الهيئات الأخري التى لا زالت تتزايد ويتزايد دورها فى وقتنا الحالي بعد تفاقم أعداد النازحين داخلياً.
الفصل الثاني: آليات انفاذ الحماية الدولية للنازحين داخليا
مقدمة:
يعد تفاقم أعداد الاشخاص النازحين داخلياً، أحد القضايا التي تثير قلق المجتمع الدولي علي الصعيدين الداخلي أو الوطني والمستوى الدولي، وتزايدت أعداد الأشخاص النازحين في الآونة الأخيرة، حيث تم إجبار المدنيين قسراً علي النزوح وانتهاك حقوقهم وحرياتهم، وبالتالي تم استدعاء العديد من الآليات الوطنية والدولية التي تضمن حقوق هؤلاء الأفراد، وفي حقيقة الأمر تنوعت هذه الآليات فهناك آليات دولية، كالانضمام لاتفاقيات القانون الدولي الانساني والقانون الدولي وغيرها من الصكوك الأخرى، أما علي الصعيد الدولي فتم طرح العديد من الآليات كاللجنة الدولية للصليب الأحمر والمفوضية السامية لحقوق اللاجئين فكلها آليات تدعم النازحين داخلياً وتحاول جاهدة حمايتهم، وتقديم المساعدات لهم.[72]
والجدير بذكره، أنه لابد من وجود قواعد قانونية تضمن حماية حقوق الأشخاص النازحين داخليا، وهذه القواعد لابد من دعمها بعدة آليات دولية ووطنية فعالة تضمن كفالة حقوق هؤلاء الأفراد، لذلك نص القانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان على عدة آليات تضمن حماية حقوق الأفراد، وتفرض هذه القواعد والآليات عدة الزامات على الدول ومن ينتهك هذه الالتزامات يتعرض للعقوبة من المجتمع الدولي، والهدف الأساسي لهذه الآليات يكمن في ضمان الالتزام بالقواعد والأحكام القانونية، ومنع انتهاك هذه القواعد، وتكون هذه الآليات بمثابة مرجع ضابط لسلوك الدول تجاه المدنيين ومنع اجبارهم على النزوح القسري، بجانب وضع مرجع لتعامل الدول مع النازحين داخليا وكفالة حقوقهم.[73]
ينقسم هذا الفصل الي مبحثين رئيسين كالتالي:
- المبحث الأول: الآليات الوطنية لحماية النازحين داخليا.
- المبحث الثاني: الآليات الدولية لحماية الأشخاص النازحين داخليا.
المبحث الأول: الآليات الوطنية لحماية النازحين داخليا
يضع القانون الدولي عدة آليات وطنية لتحديد حقوق الأفراد ومسئولياتهم، بجانب تحديده للمسؤولية التي تقع على عاتق الدول والسلطات الأخرى التي تضمن حماية حقوق الأشخاص، وليتمتعوا بحقوقهم دون عائق، كذلك يوفر القانون الدولي معايير موضوعية للحماية، ومن خلالها يمكن تقييم إلي أي مدي يتم احترام حقوق الإنسان، وتحديد العقبات، والمخاطر التي يواجها الأفراد في التمتع بحقوقهم، أو تحجب ممارسة حقوقهم، وبالتالي يتم توضيح مسؤولية السلطات الدولية والوطنية والإجراءات التي يجب اتخاذها وضرورة الاستجابة بأسلوب سلمي للأزمات الإنسانية المتعددة .[74]
وفى الوقت الراهن أصبح توفير الحماية الدولية اللازمة للأشخاص النازحين داخلياً من الضروريات التي يجب توفيرها، وهنا لابد أن يكون هناك حماية شاملة للنازحين داخلياً، وألا تقتصر هذه الحماية على الأمن الجسدي والإبقاء على قيد الحياة من توفير مأكل وملبس ومشرب فقط، بل تتضمن هذه الحماية سائر الحقوق بما في ذلك الحقوق القانونية والمدنية أي حقهم في حرية التنقل وحقهم في التعليم والحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية ايضًا كالمشاركة السياسية ..إلخ، وهذه الحقوق يجب ان يتمتع بها سائر الأفراد المدنيين والنازحين ايضاً، وبالتالي لابد من الالتزام بالأليات الدولية لحمايتهم.[75]
ومع تفاقم الأزمات والحروب والصراعات التي نتج عنها انتهاكات عديدة للمدنيين واجبارهم على النزوح قسرا، بجانب إلحاق الضرر بالأشخاص النازحين ايضاً، فكان لابد من وجود آليات قانونية داخلية ودولية تتخذها الدول والهيئات الدولية لتحقيق أمن وحرية الافراد، ومنع انتهاك حقوقهم وحرياتهم.
المطلب الأول: الانضمام الي اتفاقيات القانون الدولي الإنساني:
- الانضمام الي اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولين الاضافيين لعام 1977
تعد اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 جوهر القانون الدولي الانساني، وتأخذ هذه الاتفاقيات في جوهرها الطابع العالمي، وذلك بسبب انضمام وتصديق أغلبية دول العالم عليها، حيث بلغ عدد الدولة المصدقة عليها 195 دولة، والجدير بذكره أن هذه الاتفاقية لها طابع الزامي وعلى الدول الالتزام بها، وفي الوقت نفسه تعد هذه الاتفاقية الأساس القانوني لحماية حقوق الانسان وحرياته، والخروج عن أحكام اتفاقيات جنيف الأربع وانتهاك قواعدها يعد جريمة يعاقب عليها القانون الدولي، فعند النظر الي المادة 19 من مشروع لجنة القانون الدولي بشأن قواعد المسؤولية الدولية نجدها تنص على ما يلي : ” إن كل دولة تخالف التزاما بواسطة الجماعة الدولية في مجموعها كضرورة لحماية مصالحها، ترتكب جريمة دولية”.[76]
ونستنتج مما سبق، أن اتفاقيات جنيف الأربع ملزمة، وتلزم الدول سواء التي صادقت عليها أو التي لم تصدق عليها، وبالتالي تلتزم الدول بكفالة احترام قواعد القانون الدولي الإنساني، وبالتالي توفير الحماية اللازمة للنازحين داخلياً، مع التأكيد على أن انتهاك هذه المبادئ يعد انتهاك للقانون الدولي الانساني، ويتم تصنيف هذا الانتهاك بأنه جريمة دولية ولابد أن يعاقب القانون منتهكيها.
أما فيما يتعلق بالبروتوكولين الاضافيين لعام 1977، يعد البروتوكول الإضافي الأول والثاني أحد الآليات الهامة التي تهتم بحماية حقوق الانسان والكرامة الإنسانية، لكن الجدير بذكره أن هاذان البروتوكولان لم يصدق عليهم عدد كبير من الدول، وأبرزهم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وفي هذا الإطار اصدرت الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة توصية رقم 53/56، ومن خلالها سلطت الضوء على ضرورة وضع البروتوكولين في الحسبان، والانضمام الي احكامهم، وسميت هذه الأحكام تحت مسمي ” وضع البروتوكولين الاضافيين لاتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 بشأن حماية ضحايا الحروب.[77]
ويتضح مما سبق أهمية البروتوكولين الاضافيين، وضرورة التزام الدول بهم، لاحتوائهما على نصوص قانونية تتعلق بحماية الأشخاص النازحين داخلياً.
- الانضمام الي الاتفاقيات الدولية الأخرى المتخصصة في حماية الأشخاص النازحين داخلياً:
اولا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948.
يعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أحد أشكال الاتفاقيات الدولية، وقد لقي هذا الإعلان قبول واسع من عدد كبير من الدول، وتضمن الإعلان عدد من البنود التي تضمن حماية السكان المدنيين من النزوح الداخلي، وفي حالة النزوح يؤكد الإعلان العالمي ضرورة توفير ضروريات الحياة للنازحين، بجانب التأكيد على حق اختيار محل الاقامة، وحرية التنقل، وحرية مغادرة البلاد، وحق العودة، وبالتالي مثل هذا الإعلان مرجع هام وآلية فعالة لحماية الأشخاص النازحين، لكن يؤخذ عليه أن لا يملك الصيغة الالزامية ، فما هو إلا مجرد وثيقة رمزية تمثل طريق يجب على الدول أن تسلكه لحماية حقوق البشر جميعا سواء مدنيين أو نازحين وغيرهم.[78]
ثانيا: الانضمام الي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966.
يعد العهد الدولي أحد الآليات التي لقيت قبولاً من جانب الدول، وانضم لهذا العهد العديد من الدول اليه، حيث جاء فيه العديد من المفاهيم الدقيقة لها صلة بحقوق الانسان، ونتج عن تصديق الدول عليه جعل الدول ملزمة بتأمين واحترام جميع الحقوق التي تؤكد على احترام حقوق الانسان واحترام النصوص الواردة في هذا العهد، وضمن هذه الحقوق الواردة تم النص على حماية المدنيين من النزوح الداخلي القسري، وحماية حقوق الأشخاص النازحين داخلياً.[79]
ثالثا: الانضمام الي النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998.
تعد المحكمة الجنائية الدولية أحد آليات انفاذ الحماية للأشخاص النازحين داخلياً، ووقعت العديد من الدول العربية والغربية على النظام الأساسي للمحكمة، والجدير بذكره أن النظام الأساسي للمحكمة جرم عمليات إجبار السكان المدنيين على النزوح قسراً، وصنف الاجبار القسري في المادة 7، 8 من النظام الأساسي للمحكمة أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وبالتالي فالمحكمة تختص بتوقيع العقاب على المتورطين في هذه الجرائم ومرتكبيها.[80]
رابعا الانضمام الي اتفاقية كامبالا لعام 2009:
تعتبر اتفاقية كمبالا التي تم عقدها عام 2009 من أبرز إنجازات وجهود الاتحاد الأفريقي، والذي يعد اول منظمة اقليمية قارية تعتمد صكاً إلزامياً قانونياً لحماية النازحين داخلياً، فاتفاقية كامبالا تُعد من أبرز القواعد القانونية الإقليمية التي تنظم شئون الأشخاص النازحين داخليًا، فتقوم اتفاقية كامبالا برصد الجوانب المتعلقة بالاستجابة والحلول والوقاية لمشكلة النزوح الداخلي وتسلط الضوء وتؤكد على القوانين الأفريقية والدولية فيما يتعلق بهذا الشأن بما في ذلك معايير القانون الدولي لحماية حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وتضع معايير وضمانات تحمي بشكل صريح الأشخاص النازحين داخلياً من النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية وانتهاكات حقوقهم وحرياتهم وغيرها.[81]
ومن أبرز النقاط التي يمكن ذكرها فيما يتعلق بهذه الاتفاقية ما يلي:
١-حددت الاتفاقية المسؤوليات للدول الأطراف في الاتفاقية فيما يتعلق بحماية الأشخاص النازحين داخلياً وتقديم كافة سبل المساعدات لهم والعمل على منع النزوح الداخلي، كذلك نصت الاتفاقية على مسؤوليات الفاعلين الأخرين من غير الدول بما في ذلك منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية المختلفة، وتضع التزامات على الدول الأطراف حماية الأشخاص النازحين داخلياً وحماية حقوقهم الأساسية وحرياتهم.
٢-حددت الاتفاقية أيضا الإطار العام للأشخاص النازحين داخلياً وذلك من خلال وضع تعريفات توضح من هم الأشخاص النازحين داخلياً فجاء تعريفهم بأنهم “أشخاص أو مجموعات من الأشخاص أجبروا على
الفرار أو مغادرة منازلهم أو أماكن الإقامة المعتادة، ولا سيما نتيجة أو من أجل تجنب آثار النزاع المسلح، وحالات العنف المعمم، وانتهاكات حقوق الانسان أو الكوارث الطبيعية أو التي هي من صنع الإنسان، والذين لم يفعلوا ذلك عبر حدود دولة معترف بها دوليًا ” كذلك وضحت الاتفاقية إطارا فاصلا بين النازحين داخليًا والمشردين فتم تعريف التشرد الداخلي أنه ” الحركة غير الطوعية أو القسرية، أو إجلاء أشخاص أو مجموعة من الأشخاص داخل حدود الدولة المعترف بها دولياً”.[82]
٣-تكمن أبرز أهداف هذه الاتفاقية إنها تعزز التدابير الوطنية والاقليمية المختلفة للحد أو منع وتخفيف الأسباب الجذرية للنزوح الداخلي، بجانب البحث عن الحلول المناسبة للتصدي لهذه المشكلة والحد منها أو معالجتها، كذلك تضع الاتفاقية إطار قانوني لمنع النزوح الداخلي أو حماية حقوق وحريات الأشخاص النازحين داخليًا وتقديم المساعدات اللازمة للنازحين في أفريقيا، وتهدف ايضاً إلى تعزيز التضامن والتعاون وذلك من خلال الدعم المتبادل بين الدول الأطراف لمكافحة أسباب النزوح الداخلي والبحث حول وضع حلول مستدامة لهذه المشكلة وليست مجرد حلول مؤقته، بجانب أنها نصت على ضرورة ضمان حق العودة للديار، وحظر النزوح التعسفي من الأساس وغيرها من القواعد الأخرى.[83]
- مبادئ القانون الدولي الانساني والالتزامات التي يفرضها على الدول
مبدأ حظر تجويع المدنيين كأحد وسائل الحرب
يُعد مبدأ حظر تجويع السكان المدنيين أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي الإنساني، حيث جاء النص في المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 على ما يلي”١-يحذر تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، ٢-يحذر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية ومناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري، إذا تحدد القصد من ذلك في منعها عن السكان المدنيين أو الخصم لقيمتها الحيوية مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح أم لأي باعث آخر”.[84]
وبناءً على نص هذه المادة التي تم ذكرها، نجد أن القانون الدولي الإنساني حظر تهجير السكان المدنيين أو تدمير أو نقل أو تعطيل المواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، أو قطع عنهم مياه الشرب وأشغال الري وغيرها من المتطلبات الأساسية كوسيلة من وسائل الحرب، بالتالي نجد أن القانون الدولي الإنساني حظر كافة الوسائل التي تؤثر على بقاء السكان المدنيين، وإذا كان هذا الحق أو الحماية للسكان المدنيين بصفة عامة، فإن النازحين داخليا يدخلون ضمن السكان المدنيين لأنهم في أمس الحاجة للحماية وذلك نظرا لما يتعرضون له من تنكيل، وانتهاكات حقوقهم وممتلكاتهم، وقد تصل هذه الانتهاكات إلى حد التصفية البدنية والقتل والقصف والتعذيب، وبالتالي فهي لا تقتصر فقط على الممتلكات الخاصة وغيرها.
مبدأ الإنسانية
يعد مبدأ الإنسانية أساس القانون الدولي الإنساني، فلا يمكن الحديث عن القانون الدولي الإنساني وقواعده دون الإشارة إلى هذا المبدأ الذي يعد أحد ركائز القانون الدولي الإنساني، وذلك نتيجة أن الحرب من صنع الإنسان، ونتيجة حتمية لا يمكن منعها بشكل نهائي، لكن يمكن الحد من الحروب وآثارها، وللحد من انتهاكات الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان لدى الأشخاص، وهذا ما تؤكده الأحكام الدولية سواء العرفية أو المكتوبة، والنص على التعامل مع الضحايا معاملة إنسانية حسنة من خلال احترام الكرامة الإنسانية وحقوقهم وحرياتهم في أشد الظروف وأكثرها قسوة، ويكتسي هذا المبدأ أهمية من الناحية القانونية في إلزامية الأخذ به في الحالات التي لا تعالجها اتفاقيات دولية أو اتفاقيات وأحكام دولية فهذا مبدأ يهدف إلى حماية حقوق الإنسان وحماية كرامته في جميع الأحوال والأوقات، حتى في أوقات الحرب.[85]
وتكمن أهمية هذا المبدأ في أنه يمكن الاستفادة منه في حماية الأشخاص النازحين داخليا خاصة وأن هذا المبدأ ينطبق على الفئات التي لا يوجد اتفاقية دولية تعالج قضاياها، وهو ما ينطبق على النازحين داخليا لأنهم يكونوا داخل أرضهم، فبالتالي يخضعون للقواعد الوطنية الخاصة بدولتهم فيكون من الصعب تدخل أي جهات دولية، وبالتالي هذا المبدأ يمثل أهمية لأنه ينطبق على هذه الفئات في سبيل الحفاظ على المقتضيات الإنسانية.[86]
مبدأ حظر العقاب الجماعي:
يمنع القانون الدولي الإنساني العقاب الجماعي للمدنيين، سواء من خلال تهجير قسري وتدمير المنازل وهذا بدوره يؤدي إلى نزوح المدنيين فالقانون الدولي الإنساني يحظر هذا ووفقا للمادة 75 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1970 والذي يحذر على الأطراف المتنازعة ارتكاب العقاب الجماعي للسكان المدنيين آه القيام بتدمير وسلم أولها بالممتلكات الخاصة أو مصادرتها وتقييد حرية المدنيين وانتهاك حقوقهم حيث نصت هذه المادة على عدة ضمانات أساسية تمثلت في:
المادة 75: الضمانات الأساسية
–1 يعامل معاملة إنسانية في كافة الأحوال الأشخاص الذين في قبضة أحد أطراف النزاع ولا يتمتعون بمعاملة أفضل بموجب الاتفاقيات أو هذا اللحق “البروتوكول ” وذلك في نطاق تأثرهم بأحد الأوضاع المشار إليها في المادة الأولى من هذا اللحق “البروتوكول”. ويتمتع هؤلاء الأشخاص كحد أدنى بالحماية التي تكفلها لهم هذه المادة دون أي تمييز مجحف يقوم على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الآراء السياسية أو غيرها من الآراء أو الانتماء القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر أو على أساس أية معايير أخرى مماثلة. ويجب على كافة الأطراف احترام جميع هؤلاء الأشخاص في شخصهم وشرفهم ومعتقداتهم وشعائرهم الدينية.
2-تحظر الأفعال التالية حالاً واستقبالاً في أي زمان ومكان سواء ارتكبها معتمدون مدنيون أم عسكريون:
أ) ممارسة العنف إزاء حياة الأشخاص أو صحتهم أو سلامتهم البدنية أو العقلية وبوجه خاص:
أولاً: القتل
ثانياً: التعذيب بشتى صوره بدنياً كان أم عقلياً
ثالثاً: العقوبات البدنية
رابعاً: التشويه
ب) انتهاك الكرامة الشخصية وبوجه خاص المعاملة المهينة للإنسان والمحطة من قدره والإكراه على الدعارة وأية صورة من صور خدش الحياء.
ج) أخذ الرهائن
د) العقوبات الجماعية
هـ) التهديد بارتكاب أي من الأفعال المذكورة آنفاً.
3-يجب أن يبلغ بصفة عاجلة أي شخص يقبض عليه أو يحتجز أو يعتقل لأعمال تتعلق بالنزاع المسلح بالأسباب المبررة لاتخاذ هذه التدابير وذلك بلغة يفهمها. ويجب إطلاق سراح هؤلاء الأشخاص في أقرب وقت ممكن وعلى أية حال بمجرد زوال الظروف التي بررت القبض عليهم أو احتجازهم أو اعتقالهم عدا من قبض عليهم أو احتجزوا لارتكاب جرائم.
أ) يجب أن تنص الإجراءات على إعلان المتهم دون إبطاء بتفاصيل الجريمة المنسوبة إليه وأن تكفل للمتهم كافة الحقوق وجميع الوسائل الضرورية للدفاع عن نفسه سواء قبل أم أثناء محاكمته
ب لا يدان أي شخص بجريمة إلا على أساس المسئولية الجنائية الفردية
ج) لا يجوز أن يتهم أي شخص أو يدان بجريمة على أساس إتيانه فعلاً أو تقصيراً لم يكن يشكل جريمة طبقاً للقانون الوطني أو القانون الدولي الذي كان يخضع له وقت اقترافه للفعل. كما لا يجوز توقيع أية عقوبة أشد من العقوبة السارية وقت ارتكاب الجريمة. ومن حق مرتكب الجريمة فيما لو نص القانون -بعد ارتكاب الجريمة -على عقوبة أخف أن يستفيد من هذا النص
د) يعتبر المتهم بجريمة بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً،
هـ) يحق لكل متهم بجريمة أن يحاكم حضورياً
و) لا يجوز أن يرغم أي شخص على الإدلاء بشهادة على نفسه أو على الاعتراف بأنه مذنب
ز) يحق لأي شخص متهم بجريمة أن يناقش شهود الإثبات أو يكلف الغير بمناقشتهم كما يحق له استدعاء ومناقشة شهود النفي طبقاً للشروط ذاتها التي يجري بموجبها استدعاء شهود الإثبات
ح) لا يجوز إقامة الدعوى ضد أي شخص أو توقيع العقوبة عليه لجريمة سبق أن صدر بشأنها حكم نهائي طبقاً للقانون ذاته والإجراءات القضائية ذاتها المعمول بها لدى الطرف الذي يبرئ أو يدين هذا الشخص
ط) للشخص الذي يتهم بجريمة الحق في أن يطلب النطق بالحكم عليه علناً.
ي) يجب تنبيه أي شخص يصدر ضده حكم ولدى النطق بالحكم إلى الإجراءات القضائية وغيرها التي يحق له الالتجاء إليها وإلى المدد الزمنية التي يجوز له خلالها أن يتخذ تلك الإجراءات.
4-التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين
5-تحتجز النساء اللواتي قيدت حريتهن لأسباب تتعلق بالنزاع المسلح في أماكن منفصلة عن أماكن الرجال ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء. ومع ذلك ففي حالة احتجاز أو اعتقال الأسر فيجب قدر الإمكان أن يوفر لها كوحدات عائلية مأوى واحد.
6-يتمتع الأشخاص الذين يقبض عليهم أو يحتجزون أو يعتقلون لأسباب تتعلق بالنزاع المسلح بالحماية التي تكفلها هذه المادة ولحين إطلاق سراحهم، أو إعادتهم إلى أوطانهم أو توطينهم بصفة نهائية حتى بعد انتهاء النزاع المسلح.
7-يجب تفادياً لوجود أي شك بشأن إقامة الدعوى ضد الأشخاص المتهمين بجرائم الحرب أو بجرائم ضد الإنسانية ومحاكمتهم، أن تطبق المبادئ التالية:
أ) تقام الدعوى ضد الأشخاص المتهمين بمثل هذه الجرائم وتتم محاكمتهم طبقاً لقواعد القانون الدولي المعمول بها
ب ويحق لمثل هؤلاء الأشخاص ممن لا يفيدون بمعاملة أفضل بمقتضى الاتفاقيات أو هذا اللحق “البروتوكول” أن يعاملوا طبقاً لهذه المادة سواء كانت الجرائم التي اتهموا بها تشكل أم لا تشكل انتهاكات جسيمة للاتفاقيات أو لهذا اللحق.
8-لا يجوز تفسير أي من أحكام هذه المادة بما يقيد أو يخل بأي نص آخر أفضل يكفل مزيداً من الحماية للأشخاص الذين تشملهم الفقرة الأولى طبقاً لأية قاعدة من قواعد القانون الدولي المعمول بها”.[87]
حظرت هذه المادة أشكال العقاب الجماعي سواء كان قتل أو تعذيب أو انتهاك الكرامة الشخصية وإلغاء التمييز على أساس اللون أو العرق أو الجنس أو الدين وحظر كافة صور التنكيل الذي قد يتعرض له المدنيين أو النازحين باعتبارهم جزء من المدنيين.
المطلب الثاني: القانون الدولي لحقوق الإنسان
يُعد قانون حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ من القانون الداخلي للدول، وهو مجموعة من المبادئ والقواعد القانونية وتنادي باحترام حقوق الإنسان وحرياته من اي تعسف أو انتهاكات لهذه الحقوق والحريات، ويعد أحد الفروع الرئيسية للقانون الدولي العام المعترف به والمكرس بموجب العديد من الاتفاقيات الدولية والمواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام ١٩٤٨ وغيره من المواثيق والاتفاقيات الدولية الأخرى.[88]
يتضمن القانون الدولي لحقوق الإنسان العديد من القواعد والأحكام ذات الصلة والمتعلقة بالأشخاص النازحين داخلياً، كالحق في الحماية من القسوة والتعذيب والحق في الحياة والحق في الأمن والحرية والتحرر من العبودية وغيرها من الحقوق الأخرى، وأبرز هذه القواعد التي يمكن الاستفادة منها والاستعانة بها لحماية الأشخاص النازحين ما يلي:
- الحق في الحماية من التعذيب والمعاملة غير الإنسانية:
نص العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية لعام ١٩٦٦ على عدة حقوق؛ كالحق في محاكمة عادلة وحرية الفكر والدين، والحق في المساواة أمام القانون، وحرية التنقل والتجمع السلمي، بجانب الحق في المشاركة السياسية، وحماية حقوق الأقليات وغيرها من الحقوق الأخرى، ومن أبرز الحقوق التي نص عليها العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية هو الحق في الحماية من التعذيب والمعاملة غير الإنسانية أو القاسية بجانب الحماية من السخرة والعبودية أو الاعتقال التعسفي أو احتجاز الأفراد تعسفا دون مبرر.[89]
نصت المادة ١٤٧ من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بالمدنيين وحمايتهم أثناء الحروب والنزاعات المسلحة وحظرت الأفعال الجسيمة التي قد تُلحق بالمدنيين وهذه الأفعال تمثلت كالتالي ” إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية :القتل العمد ،والتعذيب ،أو المعاملة غبر الإنسانية بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة وتعمد إحداث آلام شديدة أو الأضرار الخطيرة بالسلامة المدنية أو الصحة ، والنفي ،أو القتل غير المشروع ، والحجز غير المشروع وإكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة للدولة المعادية ،أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة وفقًا للتعليمات الواردة في هذه الاتفاقية ،وأخذ الرهائن وتدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره الضروريات الحربية وعلى نطاق كبير وبطريقة غير مشروعة وتعسفية “.[90]
وبالتالي هذه الحقوق -السابق ذكرها-يجب أن يتمتع بها المدنيين وبالتالي من الواجب أن يتمتع بها النازحين داخليًا باعتبارهم مدنيين كسائر الناس دون تمييز، فهؤلاء الأشخاص النازحين هم أيضًا لهم الحق في الحياة والحق في التعليم والحق في التعبير عن الرأي في شئون مجتمعهم، كذلك لابد وأن يكونوا متساوين أمام القانون، كذلك حمايتهم من كافة أنواع الانتهاكات والتمييز أو المعاملة المهينة وغير الإنسانية وحمايتهم من العبودية والاحتجاز التعسفي دون مبرر أو الحرمان التعسفي من الحياة والمعاملة غير الإنسانية.[91]
ونصت اتفاقية جنيف الرابعة والمتعلقة بحماية المدنيين أثناء الحرب على حماية المدنيين والحق في الحياة، حيث تم النص في الفقرة الأولي من المادة ٤٦ على أن “أن تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي ملزم لفرض عقوبات على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية المبينة ….”.[92]
ومما سبق يتضح أن الحق في الحياة أهم الحقوق الأساسية للإنسان، فإذا فقد الإنسان حياته فلا جدوى للحقوق الأخرى، وبالتالي فهذا الحق يعتبر حجر الأساس للحقوق الأخرى، لذا فإن الأشخاص النازحين داخلياً يتمتعون بهذا الحق كحق بديهي وأساسي كسائر البشر، وبالتالي لا يجوز استهداف النازحين عسكرياً أو تجويعهم وترويعهم أو تجريدهم من كرامتهم وحريتهم أو استهدافهم وتصفيتهم أثناء النزاعات المسلحة لأن ذلك يخالف أحكام ومبادئ قانون حقوق الإنسان والمواثيق الدولية، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيرها من المواثيق والقواعد الدولية الأخرى.
مبدأ المساواة ومنع التمييز:
يعتبر مبدأ المساواة ومنع التمييز من أبرز مبادئ حقوق الإنسان، وذلك لما ينطوي عليه هذا المبدأ من مكانة وأهمية في مجال عدم التمييز والمساواة بين الناس في حقوق وحريات الإنسان، حيث جاء النص في ميثاق الأمم المتحدة يؤكد على عدم التمييز والمساواة كالتالي: “نحن شعوب الأمم المتحدة وقد ألينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانًا يعجز عنها الوصف ،وأن نؤكد من جديد ايماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدرة وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية…..إلخ ” ، بجانب ما تم النص عليه في ميثاق الأمم المتحدة في المادة 55 حيث نصت على ” رغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سلمية وودية بين الأمم مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقتضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب ..إلخ “.[93]
ونصت المواثيق الدولية التي تم إصدارها عن الأمم المتحدة، كالاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري لعام 1873، وإعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1963، والإعلان الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمييز والتعصب القائمين على أساس الدين أو المعتقدات لعام 1981 وغيرها من المواثيق الأخرى.[94]
وأحد أشكال عدم المساواة الهيكلية داخل المجتمعات هو عدم المساواة في الإسكان ، وهنا يمكن أن يتخذ التمييز شكل سياسات وقوانين تمييزيه أو أنظمة لتقسيم المناطق، أو فرض سياسات الاستبعاد، وهذا يخالف النص الذي يؤكد على عدم التمييز بين البشر، حيث يعتبر عدم التمييز من المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وأحد المكونات الحيوية للحق في السكن الملائم، وهذا ما نصت عليه المواثيق الدولية كالعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام ١٩٦٦ حيث تنص الفقرة الثانية من المادة الثانية على أن ” ٢- تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق ، أو اللون ،أو الجنس ،أو اللغة ،أو الدين ، أو الرأي سياسيًا أو غير سياسي ،أو الأصل القومي أو الاجتماعي ،أو الثروة ،أو النسب ،أو غير ذلك ” وبالتالي نجد أن هذه الفقرة تحظر التمييز بين الأفراد لأي سبب”.[95]
وبالتالي يُعد هذا المبدأ من أبرز المبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان والتي يمكن الاستفادة منها وتطبيقها على حالة الأشخاص النازحين داخليا باعتبارهم مدنيين وبشر كغيرهم من سائر البشر، كذلك ولأن هذا المبدأ أكثر اتساعا لأنه يتضمن أغلب الأسباب التي قد تؤدي إلى نزوح داخلي، كالتمييز على أساس الدين واللغة أو العرق أو الوطنية أو الانتماء القبلي أو على أساس الشكل أو اللون أو الجنس ويمكن الاستفادة منه وتطبيقه على الأشخاص النازحين داخليًا.[96]
المطلب الثالث: المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة فيما يتعلق بالنازحين داخليًا لعام ١٩٩٨:
تم اعتماد هذه المبادئ في دورة لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لعام ١٩٩٨، وتعكس هذه المبادئ قواعد القانون الدولي الانساني وقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتؤكد على المعايير القائمة لاحتياجات النازحين وتطويعها لكنها ليست ملزمة قانونًا، وفى العديد من الحوارات مع الحكومات والاستشارات القانونية كانت عادة ما توصي اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات وأيضا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة مراراً بتطبيق هذه المبادئ وتوصي بتقديم مساعدات للنازحين داخلياً.[97]
وتتألف المبادئ التوجيهية الخاصة بالنازحين داخلياً من ثلاثين مبدأ ، تشمل تعيين القواعد والمبادئ والضمانات الرئيسية وحقوق الانسان وحرياته ذات الصلة بحماية الأشخاص النازحين داخليًا، وتوفير الحماية اللازمة لهم وتقديم لهم المساعدات الكافية تضمن لهم البقاء على قيد الحياة وعيش حياة كريمة، حيث بنيت هذه المبادئ على ثلاثة أفرع من فروع القانون، وهي قانون اللاجئين، وقانون حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني وبالتالي نجد أنها تغطي أغلب أوضاع الأشخاص النازحين داخليًا ، بجانب أنها تعمل على تجنب الظروف التي قد تؤدي إلي نزوح في المستقبل .[98]
جدير بذكره أن المبادئ التوجيهية بمثابة استجابة إلى حاجة حرجة أرادت الدول والمنظمات الدولية المختلفة توليها والتعامل معها، فمثلاً الحرب الأهلية التي جاءت كنتيجة أساسية للحروب الباردة، ونتج عن هذا تهجير العديد من المدنيين واستهداف النازحين عسكرياً واستخدام العنف المجتمعي ومع ذلك فلم يتم تطبيق اتفاقيات تضمن حقوق هؤلاء اللاجئين وهنا الدول تلجأ لهذه المبادئ التوجيهية كحبل نجاة تتمسك بها لحماية مواطنيها أو رعاياها. وما يميز المبادئ التوجيهية أنها تتضمن غالبية حالات النزوح الداخلي كالتالي:
أ-الحالات الخاصة بالنزاع المسلح غير الدولي والتي تشملها المبادئ الرئيسية للقانون الإنساني.
ب-الحالات الخاصة بالتوتر أو الكوارث التي ينطبق عليها قانون حقوق الإنسان.
ج-الحالات الخاصة بالنزاع المسلح بين الدول.
المطلب الرابع: النشر والتأهيل للاتفاقيات المتعلقة بحماية حقوق النازحين
اولا: آلية الالتزام بنشر الاتفاقيات المتعلقة بحماية النازحين داخليا:
تعد آلية الالتزام بالنشر، أحد الاليات الواجب على الدول القيام بها، إذ لابد أن تنشر الدول القواعد والاتفاقيات حتى لا تتفاقم عمليات انتهاك حقوق الانسان، لذلك لابد أن يكون الجميع على دراية بهذا الاتفاقيات تجنبا العقاب الذي قد يقع على مرتكبي الانتهاكات لهذه القواعد، والجدير بذكره أن اتفاقيات عام 1949 الزمت الدول الأطراف بضرورة نشر أحكام القانون الدولي داخليا تشريعات هذه الدول، كذلك نص البروتوكول الإضافي الثاني على ضرورة نشر أحكام الخاصة بالنزاعات المسلحة غير الدولية، وجاءت المادة 19 من هذا البروتوكول تنص على أنه: ” يُنشر هذا البروتوكول على أوسع نطاق ممكن”، وغيرها من الفئات والهيئات الأخرى التي نصت علي ضرورة نشر احكامها ونصوصها.[99]
وتستخدم عملية النشر فئات محددة، وتكون على علم بالتحكيم التي نص عليها القانون، وهذه الفئات تتمثل في:
- أفراد القوات المسلحة : لابد لأفراد القوات المسلحة أن يكونوا على دراية بقواعد وأحكام القانون الدولي الانساني، وذلك لوجود أحكام تنظم الحرب وتحمي المدنيين من النزوح القسري في النزاعات المسلحة، وبالتالي لابد أن يكون المقاتلين على دراية بهذه الأحكام، وهذه الاحكام تبلغ للضباط بمختلف رتبهم، وقد نصت المادة(144) من اتفاقية جنيف الرابعة في الفقرة الثانية منها علي ” يتعين علي السلطات المدنية والعسكرية والشرطة، أو السلطات الأخرى التي تضطلع وقت الحرب بمسؤوليات إزاء الأشخاص المحميين، أن تكون حائزة لنص الاتفاقية وأن تلقن بصفة خاصة أحكامها” وغيرها من النصوص الأخرى التي تؤكد علي نشر الاحكام بين أفراد القوات العسكرية وتزويدهم بالمعلومات الكافية عن هذه الأحكام حتي لا يتم انتهاكها.[100]
- السكان المدنيون: يعد توعية المدنيون بما فيهم من موظفين حكوميين، أوساط أكاديمية، والمدارس، الجامعات، وسائل الإعلام وغيرها من الفئات الأخرى أحد آليات ضمان احترام القانون الدولي وأحكامه، وتتيح لهم إمكانية التعرف على حقوقهم، ومن ثم حقوق النازحين، ويساعد أيضا على بلورة الرأي العام والحكم على الانتهاكات التي تحدث.[101]
أما فيما يتعلق بالجهات المسئولة عن عمليات النشر، نجد أن الدولة مسئولة عن نشر الاحكام وتوعية المواطنين بها، وتساندها في ذلك جهات فاعلة أخري، كالمعتاد المدني الذي يوعي المواطنين بحقوفهم، ونشر أحكام الاتفاقيات الدولية وغيرها من الجهات الأخرى.
ثانيا: التأهيل
تعد عمليات التأهيل التي تقوم بها الدول من خلال توفير مستشارين قانونيين وعاملين مؤهلين، بجانب اللجان الوطنية، أحد الخطوات الهامة في سبيل تطبيق أحكام القانون الدولي بشكل صحيح، فلابد أن تدعم عمليات التأهيل عمليات النشر، وذلك لتجاوز عمليات انتهاك الاحكام القانونية، ويجب أن يكون هؤلاء الأشخاص على دراية بالجوانب القانونية والعسكرية والإدارية والطبية والتقنية، لتنفيذ القانون الدولي الانساني والمساعدات اللازمة ويمكن دورهم بشكل أساسي في:[102]
- متابعة كل جديد في مجال القانون الدولي الانساني.
- اقتراح عدد من التدابير الوطنية على الحكومة لتنفيذ القانون الدولي.
- المساهمة في أنشطة نشر أحكام القانون الدولي الإنساني. لفت أنظار الحكومات الى سوء استخدام شارات الهلال الأحمر والصليب الأحمر.
- مساعدة الحكومات في ترجمة الاتفاقيات الدولية.
ونستخلص مما سبق أن عمليتا النشر والتأهيل عمليتان متلازمتان، وكلاهما ضرورتان في تجنب انتهاك القوانين والأحكام، وتطبيق أحكام القانون الدولي الانساني، وتتبع ورصد عمليات تطبيق هذه الأحكام وهل يتم انتهاكها أم لا.
المبحث الثاني: الآليات الدولية المنظمة لوضع الأشخاص النازحين داخلياً
المطلب الاول: آليات القانون الدولي الانساني
اللجنة الدولية للصليب الاحمر كمنظمة فاعلة في حماية ومساعدة النازحين
اللجنة الدولية للصليب الاحمر اهتمت منذ نشأتها اهتماما بالغا بمعاناة اللاجئين والسكان المدنيين النازحين، وانطلاقا من واجبها الانساني اخذت اللجنة على عاتقها حماية النازحين ومساعدتهم ، ففي أغلب اعمالها المتصلة بالنزاعات المسلحة تسعي لتوفير الحماية والمساعدة لجميع السكان المدنيين وتحظر نزوحهم، اخذه في الاعتبار الاحتياجات الخاصة بالنازحين النساء والاطفال وكبار السن، وبما يتفق مع المسؤوليات الموكلة لها من جانب الدول في مثل تلك الحالات، وتقوم اللجنة بتقديم الحماية والمساعدة للنازحين، وتراعي في ذلك مبادئ القانون الدولي الانساني والتي أكد عليها نظامها الاساسي؛ والمتمثلة في مبدا الإنسانية، ومبدأ الحياد، ومبدأ عدم التمييز، وتعتمد على هذه المبادئ بشكل كبير لحماية النازحين داخليا، ومن أبرز ادورها، السياسات التي اتخذتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر تجاه النازحين في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين في كل من اثيوبيا والسودان وانجولا.[103]
الأنشطة التي تقوم بها اللجنة الدولية للصليب الاحمر لحماية ومساعده النازحين:
-نشاط وقائي، وذلك من خلال وقاية النازحين ومنع اي تهديد لهم، والعمل على منع ما يهدد سلامة النازحين، ومما يمس حقوقهم المكفولة في القوانين الوطنية والدولية.
– الاستجابة بتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للنازحين بدءا من مرحلة ما قبل النزوح وفي اثناء النزوح وصولا الى الحلول الدائمة.
-نشاط تصحيحي رقابي، وذلك من خلال العمل على مطالبة وقف الانتهاكات والحد منها وتعريف النازحين بحقوقهم وتقديم الدعم الكامل لهم.[104]
دور اللجنة الدولية للصليب الاحمر في منع النزوح من خلال منع انتهاكات القانون الدولي الانساني:
لعبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر دور بارز فى حل العديد من الصراعات ومنع انتهاك حقوق الأشخاص بما فيهم النازحين داخلياً، وتأهل اللجنة نفسها على الاستعداد لمواجهة الظروف التي قد تؤدي الى النزوح اثناء النزاعات المسلحة، وأكدت في مناسبات عدة أن التزام الاطراف المتحاربة بأحكام القانون الدولي الانساني وعدم انتهاكها يعد السبيل الامثل لمنع النزوح، وتجنب المشاكل التي تترتب عليه ولتحقيق ذلك فان اللجنة تقوم بالتالي:
–رفع الوعي في أوساط السلطات المعنية، وحماية السلاح بالقانون الدولي الانساني ومساعدتهم على الامتثال لأحكامه من خلال نشر القانون الدولي الإنساني، والقيام بأنشطة التعاون الفني والتدريب والقيام بدورات للقوات العسكرية، وافهام السلطات الأمنية بدورها في حماية النازحين ومخيماتهم والحفاظ على حقوقهم، وكذلك دعم السلطات بالخبرة والمشورة القانونية والمعلومات.
–السعي للمحافظة على الظروف التي تجنب الاشخاص النزوح وتسمح لهم بالبقاء في مناطقهم من خلال العمل على تعزيز وتنفيذ القانون الدولي الانساني الدخول في حوار مع الاطراف المسلحة الفاعلة وتذكيرها بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الانساني وواجبها في منع النزوح فضلا عن التزاماتها في حماية النازحين وضمان حصولهم على المساعدة التي يحتاجونها.
–تقديم المشورة للحكومات بشأن الجوانب التقنية للقوانين والسياسات الوطنية لحماية النازحين ومساعدتهم وتشجيع الدول على تدرج في تشريعاتها الالتزامات المفروضة عليها بموجب القانون الدولي الانساني فيما يتعلق بالنزوح، وغيرها من الأدوار الأخري التي تحمي النازحين داخلياً.[105]
دور اللجنة الدولية للصليب الاحمر عند حدوث النزوح:
- تقديم المساعدات الإنسانية الإغاثية للنازحين من مأوى وطعام ومياه صالحة للشرب، بجانب تقديم الرعاية الطبية لهم والعمل على وقايتهم من الامراض، حفظ مصادر الدخل ووسائل الانتاج وتوفير التطعيمات والاطراف الصناعية والمواد والمعدات الطبية وازاله الذخائر غير المتفجرة او المهجورة.
- التحاور والقيام بدور الوسيط بين أطراف النزاع لضمان وتسهيل الوصول الى النازحين وتقديم الإغاثة لهم أو الحث على اقامة مناطق امنية لحماية النازحين من الاعتداءات والحد من الانتهاكات الإنسانية او اجلاء الاشخاص الذين يتعرضون للخطر.
- الحد والتقليل من أعداد النازحين عن طريق تلبيه الخدمات الأساسية لبقائهم في اماكنهم وتجنب نزوحهم، واستخدام منهج الحماية المجتمعية في مرحله ما قبل النزوح لدعم الاشخاص المعرضين للخطر في استعداداتهم للنزوح، وذلك من خلال مساعدة المجتمعات المحلية لتعزيز أنظمة الإنذار المبكر والاستعداد للفرار.
- إدارة برامج الاسعافات الأولية والجراحة والنظافة والرعاية الصحية، لتيسير حياة النازحين في أماكن إقامتهم الجديدة.
- تمويل المراكز الصحية والحفاظ على شبكات الامداد بالمياه وضمان الخدمات العامة الأساسية الاخرى في المجتمعات المضيفة.
- انشاء برامج لدعم سبل كسب العيش كالمشاريع الاقتصادية الصغيرة، والدعم في مجال الزراعة وتربية المواشي لمساعدة النازحين على الاعتماد على أنفسهم من جديد.
- التواصل مع النازحين والمجتمعات المضيفة لفهم احتياجاتهم وتحديد المبادرات بما يتلاءم ويتكايف مع النزوح، وتنفيذ تحليل شامل الاحتياجات وتحديد الطرق الاكثر فاعليه وكفاءه لمساعده النازحين.
- تنسيق الجهود الإنسانية مع غيرها من المنظمات الدولية والسعي لتوحيد الجهود والعمل بطريقه تكامليه وتعاونيه بغرض تحقيق الاستجابة المثلي أثناء الأزمات، بجانب العديد من المهام الأخرى.[106]
بعض القرارات التي اصدرتها اللجنة والسياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالنزوح والنازحين:
_القرار الحادي والعشرين حول مساعدة الصليب الأحمر الدولي الى اللاجئين والنازحين، حيث امد هذا القرار الحركة بسياسة فعلية لمساعدة اللاجئين وأوضح الدور الفرعي والتكميلي للصليب الاحمر، حيث أكد على النقطة من بيان السياسة ان الصليب الاحمر ينبغي أن يكون مستعداً في جميع الاوقات لمساعدة اللاجئين والنازحين والعائدين الى اوطانهم وحمايتهم، واعتبار هؤلاء الضحايا اشخاصاً محميين بموجب اتفاقية جنيف لعام 1949 أو عند اعتبارهم لاجئين بموجب المادة 73 من البروتوكول الاول لعام 1977.
_القرار رقم (١) الصادر عن المؤتمر الدولي السابع والعشرين المنعقد في جنيف عام 1999 دشن هذا القرار بداية جديدة بإقرار خطة العمل للفترة 2000-2003 والتي حددت التدابير التي يجب ان تتخذها الجمعيات الوطنية والاتحاد الدولي واللجنة الدولية للصليب الاحمر وفقاً لمهمة كل منهما بما يتفق مع القانون الدولي الانساني من أجل تقديم العون للنازحين.
_قرار مجلس المندوبين رقم 7 لعام 2019 بشأن التنفيذ سياسة الحركة بشأن النزوح الداخلي أكد القرار على سعي جميع مكونات الحركة بما يتماشى مع مهمة كل مكون فيها الى كفالة استجابة شاملة لجائحة كوقيد 19 والتي تراعي احتياجات النازحين ومواطن ضعفهم، ووجهت مجموعة من توصيات الى السلطات والجهات المعنية الاخرى ذات الصلة، وبموجب ذلك القرار اصدرت اللجنة كتيباً يتناول موضوع الحد من إثر جائحة كورونا على النازحين داخلياً.[107]
المطلب الثاني: آليات القانون الدولي السابقة لظهور وثيقة المبادئ التوجيهية 1998 بشأن النازحين داخلياً.
اولا: الجمعية العامة للأمم المتحدة
أن الجمعية العامة هي اعلى جهاز دولي في الامم المتحدة فهي مسؤولة عن تحقيق الأهداف المتعلقة بالأمم المتحدة من خلال السياسات التي تتبعها الجمعية العامة، كمتابعتها للمؤتمرات الدولية التي تتعلق بحقوق النازحين بصورة خاصة وتوفير الحماية القانونية لهم، كما تؤكد الجمعية العامة على مسؤولية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والنازحين في حاله الطوارئ، ودعت الجمعية العامة المجتمع الدولي الى الاستجابة لمساعدة النازحين داخلياً، وتوفير الحماية القانونية لهم من خلال قرارات قامت بإصدارها ومن هذه القرارات:[108]
قرار الجمعية رقم 167 لسنه 2000 بخصوص توفير الحماية والمساعدة للنازحين داخليا.
قرار الجمعية رقم 177 بتاريخ 2005 بخصوص توفير الحماية والمساعدة للنازحين داخليا.
ثانياً مجلس الامن:
مجلس الأمن يلعب دوراً بارزاً في تطبيق القانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين والأشخاص غير المتورطين فى النزاع أثناء النزاعات المسلحة، حيث يتحمل مجلس الأمن المسؤولية الأساسية في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، دون أي مسؤولية خاصة به. تتمتع المنظمات أو الكيانات التابعة للأمم المتحدة بسلطة إصدار قرارات ردع ملزمة للأطراف التي قد ينتهك سلوكها حقوق الإنسان، فلها الحق في التدخل في أي نزاع مسلح دولي قد يتسبب في ضرر وكارثة إنسانية في مناطق النزاع المسلح.[109]
ولذلك فإن لمجلس الأمن صلاحية التدخل في حل النزاعات والتحقيق في تطوراتها بهدف تحقيق السلام والأمن الدوليين، وهو ما يحقق بلا شك الاستقرار والحماية لجميع المدنيين، بما في ذلك النازحين ولذلك، عندما يجبر مجلس الأمن الدول المتنازعة على حل صراعاتها، فإن النزوح سينتهي، وانتهاء الصراع سيؤدي إلى الأمن والاستقرار، والجدير بالذكر ان دور مجلس الامن لا يتوقف عند هذا الحد بل له صلاحيات واسعه النطاق في حماية المدنيين حيث يمتلك الحق في فرض العقوبات ومن أبرزها العقوبات الاقتصادية حيث يلجا المجلس لاتخاذ عقوبات اقتصاديه رادعه في حالات النزاع المسلح التي تنتهك حقوق المدنيين والتي تخترق القوانين والأنظمة الدولية الخاصة بحمايه المدنيين والنازحين ممثله بعمليات التطهير العرقي والنفي والقتل والتدمير.
وعليه فان ما تتضمنه المادة 14 يقودنا للقول بوجود ادوات فعالة تضمنها ميثاق الامم المتحدة من خلال اتاحة الفرص لمجلس الامن بتنفيذ عقوبات اقتصاديه على الدول التي ترتكب جرائم حرب بحق الإنسانية والتي لا تحترم حقوق الانسان وتهدد حياه النازحين بشكل ملحوظ خلال النزاع المسلح، حيث تأتي خطورة العقوبات الاقتصادية والتي تعتبر من أشد انواع العقوبات من منطلق أن الاقتصاد يمثل عصب الحياة وجوهر أساسي لأي دولة، فغياب الاقتصاد القوي للدول سيؤدي الى الانهيار بكافة قواها وامكانياتها، لذلك فإن الحفاظ على اقتصاد الدولة منعاً من انهيارها سيؤدي بها الى الانصياع للقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين خلال فترة النزاع بما فيهم النازحين.[110]
اولاً: محكمة العدل الدولية:
وتلعب محكمة العدل الدولية دوراً بارزاً في تطبيق القانون الإنساني وحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، ويتضمن دور المحكمة تقديم المشورة لوكالات الأمم المتحدة بشأن المسائل القانونية لمجتمع الأمم المتحدة الأوسع ومجلس الأمن في هذه القضية، وهذا ما نصت عليه المادة 96 من الميثاق العام للأمم المتحدة، والتي تنص على أن مجلس الأمن أو الجمعية العامة يتمتع بسلطة طلب محكمة العدل الدولية. لإصدار فتوى لحماية المدنيين في أي مسألة قانونية. ويمكن للبرلمان أيضًا أن يطلب من المحاكم إصدار فتوى في المسائل القانونية الداخلية.[111]
عليه فإن محكمة العدل الدولية تلعب دوراً فيما يتعلق بالإفتاء وتقديم المشورة لأي من الجهات الدولية الفاعلة والتي تخص فض النزاعات وتسويتها وحماية المدنيين في اوقات النزاع المسلح، وخير مثال على ذلك الدور الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ضمن إطار حماية حقوق الانسان وحماية حياتهم في اوقات النزاع المسلح، حيث قدمت المحكمة للراي الاستشاري في سنه 1996 للجمعية العامة للمنظمة الصحة العالمية والطلب الاستشاري عام 1993 وكذلك الطلب الاستشاري للجمعية العامة لمنظمه الامم المتحدة والتي جاءت جميعها حول موضوع التهديد المصاحب لاستخدام الأسلحة النووية على حياة المدنيين بشكل عام، ومدى خطورة هذه الأسلحة وقد اعتمدت المحكمة بقرارها الاستشاري ومنع انتشار هذه الأسلحة على المعطيات التأليه:
-إن استخدام الأسلحة النووية غير قانوني لأنه من شأنه أن يسبب كارثة إنسانية ينجم عنها الوفاة أو العجز أو أي ضرر جسدي أو صحي، كما أن له عواقب كارثية على البيئة بأكملها.
-إن استخدام هذه الأسلحة يشكل انتهاكاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة بشأن الاستخدام المشروع للأسلحة للدفاع عن النفس، حيث نصت المادة 51 من الميثاق على ضرورة الدفاع عن النفس دون التسبب في كارثة إنسانية جسيمة.[112]
ثانيا: منظمة العفو الدولية:
أن الحروب والنزاعات المسلحة سواء كانت الدولية أو غير الدولية سبباً في نزوح الشعوب وحدوث انتهاكات للقواعد القانون الدولي الانساني، وتقوم منظمة العفو الدولية بتوثيق أي انتهاكات، وحقوق الانسان والقانون الدولي والتعزيز بالوعي والتمسك بالإعلان العالمي لحقوق الانسان، بغض النظر عن مكان وقوع هذه الانتهاكات أو من يرتكبها بالإضافة الى دورها في دعم مطالب ضحايا النزاعات المسلحة، وذلك لتحقيق العدالة والمسائلة القانونية.[113]
كما تحرص المنظمة على قيام باحثيها من التواجد في المناطق التي تضررت بسبب النزاع واجراء مقابلات مع الضحايا والشهود وذلك لجمع البيانات من خلال المنظمات والمسؤولين المحليين، وسعت منظمة العفو الدولية في وضع البرامج التعليمية التي تهدف الى توعية ضحايا النزاعات المسلحة، كالنازحين والمهاجرين بالمبادئ الأساسية لحقوق الانسان، وذلك لتعرفهم بحقوقهم والمطالبة بهذه الحقوق امام الجهات المختصة، وكان لمنظمة العفو الدولية جهود كبيرة في القضايا التي تتعلق بحقوق الانسان والانتهاكات التي تحدث لقوانين و قواعد القانون الدولي الانساني.[114]
المطلب الثالث: آليات القانون الدولي السابقة لظهور وثيقة المبادئ التوجيهية 1998 بشأن النازحين داخليا.
اولا المحاكم الجنائية الدولية
تعتبر المحاكم الجنائية الدولية أحد أهم المنظمات الدولية التي تسعى الى ارساء قواعد الامن والاستقرار الدوليين ووقف الانتهاكات والكوارث التي تخلفها الحروب، منها الانتهاكات الإنسانية حماية المدنيين وخصوصاً النازحين منهم جراء عمليات النفي واجبارهم على ترك مناطقهم التي يعيشون بها، وايضًا التحقق واصدار الاحكام على الاشخاص بما في ذلك الحكام الذين ينتهكون حقوق الانسان من خلال فترات النزاع المسلح، وكان اول حاكم يخضع لأحكام المحاكم الجنائية الدولية هو الامبراطور ويليام الثاني امبراطور المانيا بسبب الانتهاكات الإنسانية في الحرب العالمية الاولى الى ان هذه المحاكمة لم تستكمل بسبب عدم تسليم هولندا للإمبراطور لصله القرابة بين ملك هولندا وامبراطور المانيا ثم جرى بعد ذلك اجراء العديد من المحاكمات والاحكام بحق الاشخاص منتهكي حقوق الانسان في حالات النزاع المسلح بما فيه من النازحين وهم من اكثر عرضه للضرر والانتهاكات الإنسانية من قبل الاطراف المتنازعة.[115]
وفي حكم للمحكمة الجنائية الدولية ما جاء خلال المحاكمة ليوغوسلافيا السابقة في سنه 1993 حيث تم انشاء المحكمة استنادا لقرار مجلس الامن رقم 780 لسنه 1992 حيث تم انشاء لجان للتحقيق وجمع الأدلة للانتهاكات الإنسانية التي جرت خلال النزاع المسلح في يوغسلافيا كما ركزت المحكمة الجنائية على ضرورة البحث حول وجود ايه مخالفات جسيمه نصت عليها اتفاقيه جنيف للقانون الدولي الانساني لسنه 1949.
وكما اشير خلال المبحث السابق فان من ابرز المخالفات الجسيمة ما تمثل بإجبار الافراد بالنزوح باستخدام القوه اذا اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية ان النزوح بهذه الطريقة يعد احد الجرائم الدولية والانتهاكات الإنسانية تقرير بشان التحقيقات الى مجلس الامن في القرار رقم 808 والذي نص على قرار مجلس الامن من انشاء محكمه جنائية دوليه لمحاكمه الاشخاص المسؤولين على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني والتي ارتكبت في اراضي يوغسلافيا السابقة منذ عام 1991 ثم بدأت المحاكمة الجنائية الدولية منذ ذلك الحين العمل بشكل واسع النطاق لحمايه المدنيين خلال النزاعات المسلحة واتخذت صفاتها القانونية في عام 1993 ومقرها لاهاي.[116]
وعليه فقد تضمنت المحاكمة كافة الاشخاص المسؤولين عن خلق النزاع المسلح بين البوسنه والهرسك وارتكبوا انتهاكات انسانيه واسعه أبرزها التطهير العرقي من المناطق التابعة لكل طرف وهو ما يعرف الان بالنزوح القصري والذي جرى ضد مسلمي البوسنه على يد الزعيم الصربي وقد حكم عليه بأربعين عاما وفقا لمحكمه الجنايات الدولية بسبب القتل والتطهير العرقي والنفي لسكان البوسنه المسلمين واجبارهم على النزوح لاماكن أخري.[117]
ثانيا: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
تعد المفوضية السامية للأمم المتحدة للشؤون اللاجئين هي احدى منظمات الامم المتحدة المتخصصة وانشات من اجل حمايه ودعم اللاجئين وتسهم هذه المنظمة في حمايه او محاوله ادماج النازحين في المجتمعات المستقبلة لهم او اعاده توطينهم ويقع مقر المفوضية في جنيف بسويسرا وبجانب دورها الرئيسي في حمايه اللاجئين، وتسعى المفوضية لإيجاد حلول دائمه المشكلات النازحين واللاجئين اما بمساعدتهم على العودة الطوعية او احتوائهم او اندماجين في البلدان التي التمسوا فيها اللجوء او اعاده توطنين في بلدان اخرى وذلك بالتنسيق مع حكومات الدول المختلفة فهي تقوم بدور فاعل في مساعده الفئات الاخرى من الناس مثل فأئده الاشخاص النازحين داخليا او الاشخاص المشردين داخل بلدانهم وتعمل على تقديم الخدمات المختلفة لهم مثل المعونات الغذائية الطارئة والمساعدات الطبية والخدمات المجتمعية.[118]
الوظائف الأساسية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون النازحين:
تقوم المفوضية بعده وظائف البعض ذات طابع انساني وذلك لازدياد العدد الكبير للاجئين والنازحين مما زاد الاهتمام بقضايا اللجوء وان الحماية التي تقدم المفوضية تكون بتوفير الأغذية والماء وتقديم الخدمات الصحية الطبية ومساعده الفئات الضعيفة من اللاجئين والنازحين كالأطفال والنساء والمسنين وتقوم المفوضية بأعاده توطين هؤلاء اللاجئين واتساع النطاق الحماية التي تقدمها المفوضية الى حمايه فئات اخرى وهم النازحون والمهاجرون داخل بلدانهم والسكان الذين تأثروا من الحرب واخذ الاحتياطات اللازمة فيما يتعلق بشان النزوح القصري تحسبا لأي طارئ ان الاصل في تقديم الإغاثة من الناحية المادية للاجئين تكون من ضمن مسؤوليه حكومة الدولة التي منحت حق اللجوء.[119]
دور المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مساعده وحماية النازحين داخليا:
تقدم المفوضية السامية المساعدة للعديد من النازحين، وتدور نقاشات عده على الصعيد الدولي للبحث عن الطريقة الافضل لتوفير الحماية والمساعدة لهذه الفئه من المهاجرين فتعمل المفوضية على المساعدة للأشخاص الذين تأثروا من النزوح القصري كما تقوم بعده مجهودات للحد من تزايد اعداد النازحين وتقديم الحماية للمجتمعات النازحة معالجه العوامل التي قد تساهم في عمليات النزوح والتعاون مع الوكالات المتخصصة التي تهتم بالشؤون النازحين داخليا بتوفير المأوى لهم وتقديم الرعاية الصحية اللازمة واداره المخيمات كما ادت الحروب الأخيرة التي اندلعت عند قيام ثورات الربيع العربي وما رافقها من اعمال عنف واضطهاد وانتهاكات جسيمه لحقوق الانسان الى ارتفاع اعداد النازحين واللاجئين والمهاجرين قصرا ولا يزال الاعداد النازحين داخليا في المناطق الريفية بالمخيمات يزداد ويتفاوت مع عدد النازحين الفارين من الى المناطق الحضارية.[120]
وعلى الصعيد العالمي هناك العديد من المناهج الجديدة التي لها طابع انساني وتهدف الى تعزيز التضامن الدولي للحد من النزوح القصري حيث شكل جدول الاعمال عام 2030 للتنمية المستدامة الذي تم تقريره واعتماده في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2015 اساسا قويا للاجئين والنازحين داخليا وعديم الجنسية في التخطيط للتنمية الاقتصادية من اجل تحقيق هدف التنمية المستدامة ، فوضعت المفوضية السامية نهجا واعتبارات رئيسيه لمواجهه مشكله النزوح القصري فتحاول الاقتراب بأكبر قدر من الامكان لهؤلاء الاشخاص وذلك لخدمتهم والاطلاع على وجهات نظرهم من خلال وجودها الميدان الواسع النطاق عن طريق مكاتب المفوضية التي عددها حوالي 450 مكتب ومنتشرة في 128 دوله وتسعى جاهده لخدمه الفئة، وتوفير الحماية لهم وكذلك تبذل قصاره جهدها
لإيجاد حلول النزوح القصري من خلال تعزيز وتنويع الشركات التنفيذية والتعاون والدعم مع الجهات الاخرى الإقليمية الوطنية والمحلية في توفير الحماية ومعالجه العوامل التي تساهم في عمليه النزوح واعطاء حافز اكبر للحلول والوقاية على حد سواء وتحرص المفوضية على المشاركة مع مقدمي الخدمات الوطنية لتعزيز لم يشمل الاشخاص النازحين داخليا والاعتراف مهارات وقدره النازحين وتمكينهم للحصول على التعليم والاعتماد على الذات والعيش بسلام.[121]
وتقوم المفوضية باتخاذ التدابير اللازمة والاستعدادات لأي حاله طوارئ في البلدان التي تكون معرضة للنزاعات المسلحة او النزوح الذي ينجم عن الكوارث الطبيعية للحد من النزوح وفقا للمعايير الدولية وذلك من خلال التحليل ورصد المخاطر واليات الانذار المبكر على مستوى منظومة الامم المتحدة بأكملها.
وبالتالي فان النازحين داخليا يتمتعون بحمايه ومساعده المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وان اللجنة الدولية للصليب الاحمر تقوم بدور المساعدة في الاوضاع التي تتعلق بالحماية القانونية وفقا للقانون الدولي الانساني، والجدير بالذكر أن المفوضية قدمت مساعدات عدة للنازحين في مناطق مختلفة ومن أبرز الامثلة علي ذلك تقديم المساعدة للنازحين اثناء النزاع المسلح في ليبيا عام 2017 ، وعملت على تقديم المساعدة اللازمة للنازحين في سوريا وفى الوقت الحالي تحاول التدخل لحماية النازحين في غزة وغيرها من الامثلة الأخرى.
الخاتمة:
في هذا الفصل، تم عرض أبرز الآليات الوطنية والدولية التى تتخذها الدول فى سبيل حماية النازحين والحفاظ على حقوقهم وحرياتهم، واستنتجنا أن هذه الآليات بعضها لا يفرض الزاما على الدول، لكنها ورغم ذلك تعد بمثابة درع قوي يستند اليه ويلجأ اليه الأشخاص النازحين داخليا لحماية أنفسهم من الانتهاكات الجسيمة، ثم تطرقنا بعد ذلك للآليات الدولية ودورها فى حماية المدنيين من النزوح القسري، بجانب تأكيدها كفالة حقوق النازحين وحرياتهم.
وطرحنا الآليات الوطنية التى تتخذها الدول، وتتنوع هذه الآليات ما بين الانضمام الى اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، وعرضنا خلالها كيف نادت اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولان الإضافيان بحماية الأشخاص النازحين داخليا، بجانب الانضمام للاتفاقيات والمعاهدات والصكوك الدولية الأخري، وطرحنا فى هذا الصدد دور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وغيرها من الآليات الدولية الأخري التى اثبتت جدارتها فى النص على حماية المدنيين من النزوح القسري، وحماية النازحين وضمان لهم حرياتهم.
أما على الصعيد الدولي، فعرضنا العديد من الآليات التى تكفل حقوق النازحين داخليا وتحميهم، فقدنا بعرض دور المحاكم الجنائية الدولية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمفوضية السامية لحقوق اللاجئين، بجانب دور مجلس الأمن وهيئاته وغيرها من الآليات الوطنية الأخري، ولعبت هذه الآليات دورا بارزا فى المناداة بحماية النازحين وقامت هذه الهيئات بتقديم المساعدات اللازمة لهم وكفالة حقوقهم.
ونستنتج مما سبق، أن الآليات القانونية الدولية والوطنية وحدها غير كافية، فلابد من تعزيز التعاون بين الهيئات الدولية التى تهتم بحماية النازحين داخليا وبين الدول نفسها، وذلك سيساهم فى مضاعفة الجهود لتحقيق الآمن والاستقرار ليس على مستوي الدولة فقط بل على مستوي الساحة العالمية بأكملها.
الفصل الثالث :الحماية الدولية للأشخاص النازحين داخلياً فى العراق منذ هجوم داعش 2014
تمهيد
شهدت الساحة الدولية العديد من حالات النزوح خاصة فى العقود الأخيرة، حيث تفاقمت النزاعات المسلحة وأعمال العنف ضد المدنيين، واجبارهم على ترك أرضهم ومكان سكناهم لينزحوا من منطقة لأخري أكثر أماناً، وعاني النازحين داخلياً لوجود العديد من التحديات والمخاطر التي تد بقاء هؤلاء الأفراد، لذلك سرعان ما يتجه المجتمع الدولي لتقديم الحماية الدولية للأفراد وتقديم الخدمات الضرورية لهم ومنع انتهاك حقوق.[122]
وتشكل مشكله النازحين الداخليين في العراق هاجس يؤرق الحكومة، والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية لما لهذه المسالة من آثار مؤلمة وقاسية على أي مجتمع توجد فيه مثل هذه المأساة، فشهد العراق عام 2014 موجة نزوح ضخمة نتيجة لهجمات تنظيم داعش على المدنيين واجبارهم على النزوح، واستمرت هذه الهجمات حتى عام 2017، ومن ثم فى الأعوام اللاحقة لعام 2017 كان هناك عدة إجراءات لإعادة النازحين الي أرضهم لكن لم تنجح القوات الوطنية فى إعادتهم لوجود العديد من المخاطر التى تعوق عودة الأفراد مرة أخري.
وسعي المجتمع لبذل جهوده لحماية النازحين داخلياً في العراق، حيث جاءت العديد من الهيئات والمنظمات التي تهتم بحقوق النازحين، كاللجنة الدولية للصليب الاحمر والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وغيرها من المنظمات الأخري، سعت لتقديم المساعدات اللازمة لهؤلاء الأشخاص، وإعادة طرح المبادئ التوجيهية التى تؤكد على الحفاظ على أرواح النازحين وعدم انتهاك حقوقهم.
تم تقسين هذا الفصل الي مبحثين كالآتي:
- المبحث الأول: النزوح الداخلي فى العراق حتى 2023 (أسبابه وتداعياته).
- المبحث الثاني: الحماية الدولية للأشخاص النازحين داخلياً فى العراق فى الفترة من (2014-2023).
المبحث الأول: النزوح الداخلي فى العراق حتى 2023 (أسبابه وتداعياته).
المطلب الاول: الخلفية التاريخية عن النزوح في العراق حتى عام ٢٠٣٢.
شهد العراق موجات متعددة من النزوح نتيجة الحروب والنزاعات المسلحة والعنف الاثني والطائفي، بدءًا من الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، مرورًا بالحرب الأمريكية على العراق عام 2003، وصولاً إلى النزاعات المسلحة الداخلية. كان آخرها النزاع مع تنظيم داعش، الذي تسبب في أكبر موجة نزوح داخلي شملت أكثر من ستة ملايين نازح خلال الفترة من 2014 إلى 2017.[123]
وعلى الرغم من أن النزوح بدأ في بداية عام 2014، إلا أن الموجة الكبيرة للنزوح بدأت في النصف الثاني من العام ذاته بعد استيلاء تنظيم داعش على أجزاء كبيرة من العراق. شنت القوات الحكومية العراقية عمليات عسكرية ضد التنظيم بهدف استعادة المناطق التي فقدتها، بدعم من القوات المسلحة لحكومة إقليم كردستان العراق، وقوات المهام المشتركة، وقوات الحشد الشعبي، والمقاتلين القبليين والمحليين، وغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. هذا أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان، حتى أعلنت الحكومة العراقية في سبتمبر 2017 عن انتهاء عملياتها العسكرية ضد تنظيم داعش وانتهاء وجوده في جميع المناطق التي كان يسيطر عليها.[124]
توجه معظم النازحين نحو المناطق الحضرية، بينما لجأ عدد منهم إلى المخيمات. ومع ذلك، فرضت المحافظات في المناطق الحضرية سياسات أكثر تشددًا مع النازحين، حيث أصبحت توجههم إلى مخيمات مقامة داخل محافظات النزوح نفسها. هذا جعل النازحين غير قادرين على الانتقال إلى المحافظات والمناطق الحضرية كما كان الحال في السابق.[125]
أعادت السلطات العراقية بين ديسمبر 2017 وديسمبر 2019 مجموعة كبيرة من النازحين إلى منازلهم الأصلية، وذلك في إطار خطة لتشجيعهم على العودة إلى منازلهم التي فروا منها. خلال تلك الفترة، عاد حوالي 4.8 مليون نازح. ومع ذلك، لم تكن جميع عمليات إعادة النازحين طوعية، إذ تم الإبلاغ عن حالات عودة مبكرة وقسرية بالإكراه. علاوة على ذلك، واجه العديد من النازحين صعوبة في العيش في منازلهم بعد العودة بسبب الدمار الذي حل بها نتيجة النزاع، إما لعدم قيام الحكومة بإعادة إعمارها أو بسبب بطء وتيرة إعادة الإعمار.[126]
منذ ديسمبر 2019 حتى عام 2023، أغلقت السلطات العراقية العديد من المخيمات في عدة محافظات، إلا أن بعض المخيمات لا تزال مفتوحة ويقيم فيها آلاف العائلات. يعيش أكثر من 1.2 مليون نازح في حالة نزوح داخلي، حيث انتقل العديد منهم من مكان نزوح إلى آخر أو نزحوا مجددًا بعد فشل محاولاتهم في العودة إلى مناطقهم الأصلية، مما دفعهم للجوء إلى المناطق العشوائية واتخاذها مأوى لهم. هؤلاء النازحون يواجهون ظروفًا إنسانية صعبة داخل المخيمات وخارجها، بسبب انعدام الأمن والظروف المعيشية الصعبة، وعدم قدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة[127]
عانى السكان المشردون من انتهاكات مروعة على يد تنظيم داعش خلال فترة سيطرته على بعض المناطق في العراق، حيث تعرضوا للقتل والتعذيب والتنكيل والاغتصاب وتجنيد الأطفال واستغلالهم، بالإضافة إلى الاستهداف المتعمد للسكان كنوع من العقاب. كما أن انعدام الأمن المستمر في العراق يشكل خطرًا كبيرًا على المشردين والمجتمعات المضيفة لهم، إلى جانب الجهات العاملة في المجال الإنساني.[128]
المطلب الثاني. اسباب وتداعيات النزوح الداخلي في العراق حتى عام ٢٠٣٢.
والنزوح في العراق ليس وليد ساعته وانما له جذور تتجلى بصفه خاصه من زمن النظام السابق حيث مارس سياسة منظمه ذات أهداف سياسية في إحداث حاله النزوح.
اسباب النزوح الداخلي في العراق حتى عام ٢٠٣٢.
اعتاد العراقيين على النزوح القسري، فلم يكن عام 2014 وهجوم داعش على المدنيين في هذا العام السبب الأساسي للنزوح، فقد عانى العراقيين منذ القدم على عمليات النزوح لأسباب سياسية أو اقتصادية وغيرها، وعند الاطلاع على حركات النزوح الداخلي التي حدثت فى العراق فنجد أنها كانت لأسباب عدة كما بلي:
١-بعد الحرب العراقية الإيرانية اتخذت الحكومة العراقية آنذاك اجراءات لطرد المجنسين العراقيين من أصول إيرانية والذين يعرفون بالتبعية إلى إيران مما ادى إلى حركة نزوح كبيره لهؤلاء بسبب تبعيتهم لنظام معادي لبلدين في وقت الحرب.[129]
٢-بعد احتلال العراق وسقوط النظام تغيرت المعادلة العراقية حيث أفرز الاحتلال عده إفرازات على الصعيد السياسي والصعيد الاجتماعي فعلى الصعيد السياسي بدأت مرحله ممارسه الشعب للديمقراطية وحريه الانضمام الى الاحزاب السياسية وممارسة العمل السياسي اما على الصعيد الاجتماعي فان النسيج الاجتماعي في العراق تغير نتيجة لظهور الطبقات الاجتماعية المتفاوتة كإفراز طبيعي للأحداث التي اعقبت سقوط النظام في 2003 [130]
٣-وهناك أسباب للنزوح بعد 2003 تتمثل في العمليات الإرهابية التي تقوم بها الجامعات المسلحة والمليشيات في العراق العامل الأول في نشوء حاله النزوح الداخلي في العراق، لما تخلفه تلك العمليات من رعب بين أبناء المنطقة التي تنشط بها هذه الجماعات، والتي تهدف من وراء هذه العمليات الى إحداث حالة من التغير الديموغرافي في المدينة لتحقيق مكاسب سياسية او عسكرية وتصارع القوة على أساس طائفي مما أدى إلى إحداث النزوح في العراق، والهدف الأساسي من هذا العنف هو خلق واقع اقتصادي وسياسي في المنطقة التي تشهد ذلك العنف الطائفي، وأن عامل العنف الطائفي يعتبر من العوامل المنشئة للنزوح والمسرعة له، بمعنى أن النزوح حصل في مناطق متعددة في العراق من داخل المدن نفسها على عكس العمليات الإرهابية التي تؤدي الى النزوح في منطقه فعاليات تلك الجامعات كما المقصود بتسريع النزوح أن العنف الطائفي يزيد من معدلات النزوح فيتحول النزوح من نزوح متدرج الى نزوح عام. [131]
وتسببت النزاعات المسلحة والعمليات العسكرية في الأشهر التي تبعت الاجتياح الامريكي للعراق في 2003 إلى حالات نزوح شامله وخاصه في غرب العراق في التي كان المسلحون يتمركزون فيها وقد حدثت أكبر عمليات نزوح بسبب العمليات العسكرية في مدينه الفلوجة في 2004 عندما تمت محاصره المدينة للمرة الثانية حيث تسببت العمليات العسكرية والصراع الدائري في المدينة في نزوح معظم سكان المدينة بالإضافة الى الفلوجة فقد حصلت حالات نزوح في مناطق متفرقه من العراق بسبب النزاعات المسلحة.[132]
٤-وقد مرت أزمة النزوح بتحول مفصلي مع اجتياح داعش لمحافظه الموصل في العاشر من يونيو 2014 لينزح أكثر من مليون ونصف المليون مواطن من المحافظة وقد نالت الاقليات الدينية والعراقية القسط الأوفر من هذا النزوح فالمسيحيون في سهل نيوني والتركمان في تلعفر والشبك وتحولت مناطقهم الى ساحات معارك واستمرت هذه الأعمال الإرهابية حتي عام 2017، وبعد جهود عديدة لإيقاف الهجوم، بالفعل تم إيقافه، ومنذ عام 2018 تحاول الحكومة الوطنية فى العراق وبعض الهيئات الدولية توفير البيئة الملائمة لعودة النازحين الي ديارهم مرة أخري، حيث تستمر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في التزامهم بدعم السلطات العراقية في تقديم المساعدة والحماية للسكان والنازحين.
وينزح العراقيون من منازلهم بسبب العنف السائد في العراق حيث نزح ما يقرب من مليونين من العراقيين ضمن حدود بلادهم، وتركوا ديارهم بسبب العنف الطائفي واوضاع العنف العام والعمليات العسكرية المستمرة، وقد كانت جماعات الاقليات هي الاكثر تعرضا لخطر الاستهداف، وقد هجرت مجتمعاتها بأعداد كبيره حيث ان قطاعات كبيره منهم لا يتوافر لديه القدرة لمغادره البلاد [133]
بالإضافة إلى فرار أجزاء من السكان من منازلهم إلى أماكن يعتبرونها آمنة، تظهر أنماط مختلفة من النزوح في العراق، كما تظهر دراسة حديثة أجراها مشروع النزوح الداخلي التابع لمعهد بروكينغز. لقد فضلوا البقاء في المنزل، لكن كإجراء احترازي، ناموا في أماكن منفصلة. ومن المرجح أن يكون النازحون داخلياً هم الأكثر عرضة للخطر عند حلول الليل، أو ما يسمى بالنزوح الليلي، أو عندما لا يذهبون إلى العمل أو المدرسة، أو عندما ينزحون من مكان إلى آخر أكثر من مرة، على الرغم من عدم وجود أي بيانات منهجية حول هذا الأمر. هناك سبب يجعل مجموعات من الناس أكثر عرضة للخطر من اللاجئين. والسبب بسيط: فالنازحون داخلياً أقرب إلى المناطق التي نزحوا منها بسبب النزاع[134]
فالنازحون العراقيون، قد فقدوا منازلهم واضطروا إلى اللجوء إلى مخيمات او مستوطنات مكتظة واصبحوا غير قادرين على الوصول إلى اراضيهم وممتلكاتهم وانقطعت بهم السبل ومصادر داخليهم المعتادة، وما نتج عن ذلك من الفقر والتهميش والاستغلال واساءه المعاملة وصعوبة الحصول على الأغذية والمياه النظيفة والخدمات العامة كالتعليم والرعاية الصحية ناهيك عن تقييد حرية النازحين في التنقل ويصبحون أكثر عرضه للتحرش او الاستغلال او الاعتقال او الاحتجاز التعسفي، وتعجز الحكومة العراقية في ضمان استقرار المجتمع، وتوفير حماية فعالة للنازحين العراقيين الذين وجدوا انفسهم ضحية نزوح داخلي طويل الامد، حيث ضعفت رس إيجاد حلول لهم وهو حال اغلب النازحين على مستوى العالم.[135]
هذه العوامل وغيرها تسهم في استمرار مشكلة النزوح الداخلي في العراق، وتجعل الحاجة ماسة لحلول سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة لتحقيق الاستقرار والأمان.[136]
المطلب الثاني تداعيات النزوح الداخلي في العراق:.
أولاً إثر النزوح الداخلي على السكان للنازحين:
يؤدي النزوح الداخلي في أغلب الأحيان إلى العديد من المخاطر التي تعترض السكان النازحين أثناء فرارهم من منازلهم، فقد يتعرض هؤلاء السكان إلى القتل، نتيجة القذف الجوي الذي تقوم به الأطراف المتحاربة، أو اثناء اجتياز كل الالغام للوصول الى المناطق الامنة، حيث أثناء قيام تنظيم داعش بعمليات إرهابية في عام ٢٠١٤ في العراق نزح عدد كبير من السكان العراقيين ،واثناء نزوحهم تعرض عدد كبير منهم للموت بسبب تلك الضربات والالغام التابعة لتنظيم داعش[137]، كم يؤدي النزوح إلى تمزيق الروابط الاجتماعية والثقافية والقضاء على جميع ظروف الاستقرار، وحرمان السكان النازحين من مصادر الرزق وجميع المقاومات الأساسية للحياة، على ضوء تمزيق الروابط الاجتماعية كما قلنا، تتفكك الاسر ويتشرد الاطفال وتضمحل للقيم الأخلاقية وتنتشر العادات السيئة في المناطق التي تم النزوح إليها كالسرقة والتسول وغيرها، كما أن حجم التدفق البشري الهائل نتيجة انعدام فرص الحصول على عمل، الامر الذي يدفع بهؤلاء النازحين الى ارتكاب جرائم النهب والسلب وامتهاني البغاء والاتجار بالمخدرات وغيرها من المفاسد الاخلاقية [138]
ثانيا: تداعيات النزوح الداخلي علي الدولة:
إن نزوح مجموعات كبيرة من السكان من المنطقة الى اخرى داخل نفس الدولة، يؤدي إلى إحداث خلل في التكوين السياسي القاعدي للمناطق التي تم النزوح منها، بالمقابل اكتظاظ المناطق الاخرى التي نزح اليها هؤلاء السكان كما هو الحال في العراق ووجود اكتظاظ سكاني في مدينتي الموصل وكركوك، وهذا ما يؤدي بطبيعة الحال الى زعزعة استقرار تلك المناطق والتأثير على سكانها الاصليين، حيث زيادة الضغط على المرافق العامة كمرفق التعليم والصحة والمواصلات والخدمات الاخرى، مما يحتم على الدولة مضاعفه طاقتها لأجل تامين احتياجات هؤلاء السكان، حيث تهتم السلطات العراقية بتوفير الموارد والخدمات اللازمة لهؤلاء النازحين وهذا يؤدي إلى تأخير عمليه حل قضية النزوح الداخلي، لعدم قدره الدولة على الموائمة بين الظروف التي تسببها قضية النزوح من نقص في الموارد وضغط على المرافق العامة، وبين إيجاد حلول ووضع قواعد وطنيه لحمايه النازحين في العراق، مما يحتم على الدولة مضاعفه طاقاتها لأجل تامين احتياجات هؤلاء النازحين من خلال توفير الأمن والغذاء والسكن والصحة وغيرها من المقامات الأساسية الاخرى للحياة.[139]
المخاطر التي يتعرض لها النازحون في العراق:
النازحون داخلياً في العراق يواجهون مجموعة من المخاطر والتحديات التي تؤثر على صحتهم، أمانهم، وقدرتهم على الحصول على الخدمات الأساسية. بعض هذه المخاطر تشمل:
- نقص الإيواء والمأوى: العديد من النازحين يعيشون في مخيمات مكتظة أو في مبانٍ مهجورة أو تحت العراء، حيث تكون ظروف السكن غير مناسبة وتفتقر إلى الخصوصية والأمان.
- ضعف الوصول إلى الخدمات الصحية: نقص الرعاية الصحية والأدوية والمرافق الصحية يعرض النازحين لخطر أكبر للإصابة بالأمراض والحالات الصحية المزمنة.
- انعدام الأمن الغذائي: الكثير من النازحين يواجهون صعوبات في الحصول على الغذاء الكافي والمغذي، مما يؤدي إلى سوء التغذية والأمراض المرتبطة بها.[140]
- التعرض للعنف: النازحون قد يواجهون أشكالاً مختلفة من العنف، بما في ذلك العنف الجنسي والجندري، الخطف، والابتزاز، خاصة في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الجماعات المسلحة.
- الوصول المحدود إلى التعليم: الأطفال النازحون غالباً ما يفقدون الوصول إلى التعليم بسبب النزوح، مما يؤثر على فرصهم المستقبلية ويعرضهم لخطر العمل الطفولي والاستغلال.
- التمييز والاستبعاد الاجتماعي: النازحون قد يواجهون التمييز والاستبعاد من المجتمعات المضيفة، مما يؤدي إلى عزلتهم ويقلل من فرصهم في الحصول على الخدمات والدعم.
- الأثر النفسي والعاطفي: النزوح يؤدي إلى ضغوط نفسية وعاطفية كبيرة، بما في ذلك الصدمة، القلق، والاكتئاب، نتيجة فقدان الأحباء، البيت، والأمان.[141]
تعالج هذه المخاطر والتحديات عبر جهود مشتركة بين الحكومة العراقية، المنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية لتوفير الدعم والحماية للنازحين، لكن التحديات لا تزال قائمة وتحتاج إلى حلول طويلة الأمد.[142]
المبحث الثاني: الحماية الدولية للنازحين داخلياً في العراق منذ أزمة 2014.
المطلب الأول: الحماية التي يوفرها القانون الدولي الانساني للنازحين في العراق.
إن الحماية التي يجب توفيرها للنازحين داخلياً لها ثلاثة ابعاد، هي الهدف والمسؤولية القانونية والنشاط، على اعتبار أن الحماية هي سائر الأنشطة التي تهدف الى ضمان الاحترام الكامل لحقوق الفرد وفقا لقانون حقوق الانسان، وقانون اللاجئين، وكان للقانون الدولي الإنساني دور في توفير الحماية والمساعدة للنازحين داخلياً جراء النزاعات المسلحة، والأعمال الإرهابية[143]
عندما تفتقر السلطات الوطنية إلى القدرة على ضمان استجابة فعالة انسانية مثل الاوضاع التي يعيشها النازحون العراقيون بسبب تنظيم الدولة الإسلامية-داعش-على مناطق واسعة من شمال وغرب العراق منذ عام 2014، حيث اصدرت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة في العراق أرقاماً تحديثية للنازحين ٣,١٦٧نازح عراقي.[144]
وبعد الصراع المسلح في عام 2014، والذي نتج عنه نزوح ملايين الاشخاص داخل العراق، وبناء عليه قام الفريق القطري الإنساني للأمم المتحدة بتخطيط بنية معينة للاستجابة الإنسانية لاحتواء 3.2 مليون نازح، وتقديم الخدمات والمصطلحات الأساسية لهم، بجانب العمل على توفير الأماكن المناسبة التي تسمح بإقامة هؤلاء النازحين فيها.
على الرغم من أن النازحين داخل بلدانهم ليسوا موضوعا لاتفاقية خاصة بهم مثلما هو الحال مع اللاجئين، إلا أنهم يتمتعون بالحماية بموجب عدد من القوانين وخاصة القوانين الوطنية وقانون حقوق الانسان، كما يتمتعون بحمايه القانون الدولي الانساني في حالة ما إذا كانوا في بلد يجرى به نزاع مسلح، ويحذر القانون الدولي الانساني صراحة إجبار المدنيين على ترك محل اقامتهم، ما لم يكن ذلك ضرورياً لسلامتهم او لضرورات عسكرية ملحة ويمكن للقواعد العمل القانون الدولي الانساني أن تكفل الحماية المدنيين، أن تعمل على منع النزوح لو انها لقت الاحترام الملائم كما يمكن أن توفر الحماية أثناء النزوح حال وقوعه[145]
وفيما يلي القواعد ذات الصلة:
-القواعد التي تحظر على الاطراف في النزاع استهداف المدنيين والأعيان المدنية أو القيام بالأعمال العدائية دون تمييز.
-الحظر المفروض على تجويع السكان المدنيين وعلى تدمير الاعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان على قيد الحياة.[146]
القواعد التي تفرض على الاطراف السماح لشاحنات الإغاثة بالوصول الى المدنيين الذين في حاجه اليها. –
ويمكن لهذه القواعد ان تؤدي دورا هاما في منع النزوح إذا ما لقت الاحترام الملائم، حيث انه في معظم الاحوال يكون انتهاكها هو السبب الاصلي وراء النزوح، اذاً لا توجد ثغرات كبيرة في الحماية القانونية للنازحين داخل بلدهم، ويمكن التحدي في تأمين تنفيذ القواعد القائمة بالفعل حيث تهدف أغلب التشريعات الوطنية إلى الحماية الأساسية التي من شانها منع النزوح وحماية الناس أثناء النزوح، ومساعدتهم في العودة إلى ديارهم.[147]
ومن منطلق هذه المبادئ، كان لابد لكل الطرفين احترام حقوق المدنيين وعدم استهدافهم أو اجبارهم على النزوح من مناطق سكناهم، لكن هذا لم يحدث حيث لم يلتزم تنظيم داعش بهذه القواعد، فقام التنظيم حتي قبل 2014 بتوجيه هجمات للمدنيين، لكن فى عام 2014 ازدادت هذه الهجمات بشكل ملحوظ، حيث تم قتال الاف المدنيين، واجبار ملايين السكون على النزوح خارج أرضهم وترك ممتلكاتهم والاعتداء عليه، وبالتالي يقتدي العمل من المؤسسات الوطنية والدولية أن تبادر إلى تشجيع العودة الطوعية للنازحين وتوفير الحماية للناجحين داخليا وعدم التمييز بين النازحين وحمايه أموالهم وممتلكاتهم الحق في الحياه والكرامة والحرية والرعاية الصحية ومستوى المعيشة الضرورية[148]
ووفقاً لنبدأ حق عودة النازحين الي ديارهم مرة أخري، تعمل هيئات دولية ومنظمة تهتم بشئون النازحين على إعادة النازحين العراقيين الي ديارهم مرة أخري وتوفير الظروف الملائمة لهم، ومنع جرائم الحرب باعتبارها جرائم ضد الانسانية.
المطلب الثاني: دو المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الأممية في مساعدة النازحين العراقيين:
للمنظمات الدولية الدور الفعال في تقديم المساعدات الانسانية للأشخاص النازحين داخلياً فى العراق، وذلك حتى بعد هجوم 2014 على محافظات عديدة بها سكان عراقيين، وتسعي المنظمات لتلعب دور بارز فى تقديم الاغاثة الإنسانية واستجابة لحماية حقوق النازحين، حيث تلعب العديد من المنظمات الدولية والوطنية الحكومة وغير الحكومية دورا في تنسيق وتنفيذ المساعدات الإنسانية أثناء النزاعات المسلحة وحالات الطوارئ، والتي تسعي فيه بشكل عام إلى تقديم الخدمات والمساعدات إلى النازحين التي تكفل حرية الانسان وكرامته.
اولاً: المنظمات الدولية والإقليمية:
لعبت منظمات عديدة، كالاتحاد الإفريقي ومنظمة الدول الامريكية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكذلك مجلس اللاجئين النرويجي، ومنظمة اليونيسف ومنظمة العفو الدولية ومنظمة الهجرة الدولية، وغيرها من المنظمات الفاعلة الاقليمية والدولية والعاملة في مجالات تقديم المشورة والمساعدات للنازحين العراقيين.
حيث حرصت هذه المنظمات على تقديم المساعدات للحكومات الوطنية، والإغاثة الإنسانية لتخفيف معاناة النازحين بسبب ما تعرضوا له من اضطهاد، وترك مساكنهم، وهجرة قسرية، ولحماية حقوقهم وحفظ العيش الكريم، وتوفير المواد الغذائية الاولية، والمأوى والأمن وإعادة التوطين، والعودة إلى ديارهم وايواءهم، في البرامج الحكومية المستدامة والاندماج وكذلك تقديم الامكانيات المادية والمعنوية وتوفير الاحتياجات للأسر النازحة، وتقديم المشورة للحكومة المحلية للتعامل مع مشكلة النزوح.
إن ما تعرض له العراق من أحداث النزوح لعام 2014، إثر التعرض لهجمات التنظيم الإرهابي (داعش) والسيطرة على ثلث الاراضي في شمال وغرب العراق، لذا كان للمنظمات الدور الأكبر لزيادة نشاطاتها الإنسانية بغرض تفادي عمليات النزوح، وتتمحور عمليات الدعم والإغاثة تتمركز في عاملين اساسين هما:
تقديم المشورة للحكومة المحلية ووضع الخطط المشتركة واليات تنفيذ المساعدات. _
_تجهيز العوائل النازحة بخيم وتكوين مناطق ايواء (مخيمات النازحين) وتجهيزهم بمستلزمات العيش اليومية.
ان النزوح الواسع الذي شهده العراق، تسبب بمعوقات كثيرة منها تقدير اعداد النازحين، لذلك فان المنظمات الدولية قدمت المشورة عن طريق وضع الخطط المشتركة وتنفيذها من قبل المنظمات المحلية، ونظرا لعدم استقرار الوضع الامني في العراق أدى إلى صعوبة الايواء وتوزيع المساعدات الدولية.
ثانياً: آليات عمل المنظمات الدولية في مساعدة النازحين العراقيين
يقود فريق الامم المتحدة القطري برنامج عمل يتعلق بالأمور الإنسانية واعادة الإعمار والتنمية بأسلوب منسق يعتمد على الاولويات الوطنية، وانسجاماً مع الاوليات المنصوص عليها في خطه التنمية الوطنية الخمسية، وقع فريق الأمم المتحدة القطري إطار عمل الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية في العراق، الذي تم تنفيذه٢٠١٤ بتعاون وثيق وشراكة مع الحكومة العراقية، ومنظمات المجتمع المدني، وعدد من الشركاء والمنظمات من ضمنهم المنظمات غير الحكومية العراقية، والدولية وأساتذة الجامعات، والقطاع الخاص والمانحين الدوليين.[149]
يهدف فريق الامم المتحدة القطري من خلال تنفيذ إطار عمل الامم المتحدة للمساعدة الإنمائية، إلى تقديم مساعدة منسقة ومترابطة، ووفقا للإعلان باريس بشان فاعلية المعاونات وإلى مساعدة الحكومة العراقية في الوفاء بالتزاماتها المختلفة، والتي تشمل هذه إعلان الألفية والاهداف الإنمائية للألفية والمعاهدات الدولية التي يكون العراق طرفا موقعا فيها، ولا يزال فريق الامم المتحدة القطري يبدي قلق خاص فيما يتعلق بقدره الشعب العراقي على العيش بصوره طبيعية كما يتعلق بجميع أوجه سلامتهم، ولا تزال حماية المجموعات المستهدفة والضعيفة من بينهم المهاجرين واللاجئين والاقليات والأطفال الشباب والنساء على قمة اولويات فريق الامم المتحدة القطري في العراق.[150]
المطلب الثالث: دور المنظمات الأممية في مساعدة النازحين العراقيين:
نشطت المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة في مساعده النازحين، ومنها منظمة برنامج الامم المتحدة الانمائي موجود في العراق منذ عام 1976،وقد عمل منذ عام 2003 على دعم العراق حكومة وشعبا في الانتقال نحو المصالحة والسلام، ويتنوع دعم البرنامج الانمائي من دعم سبل العيش، الطريقة والحوار المجتمعي في مناطق متأثره بالأزمة الإنسانية، إلي المساعدة في اعادة استقرار المناطق المتحررة [151]حديثا، إلي توفير دعم تقني للإصلاحيات الحكومية اللامركزية التي تعتبر منها المنظمات الأممية الهامه في مجال مساعده النازحين العراقيين بعد عام 2014، والأحداث المؤلمة التي جرت مع نهاية الربع الثالث من عام 2014،كان مشروع إعادة الاستقرار التابع للبرنامج الامم المتحدة الإنمائي يتولى تنفيذ 1,208 مشروعاً في 23 في خمس محافظات عراقية.
- منظمة أطباء بلا حدود منذ أزمة 2014:
تعتبر منظمه اطباء بلا حدود من أهم المنظمات غير الحكومية على الصعيد الدولي، وخير دليل على ذلك حصولها على جائزه نوبل للسلام عام 2000 فهذه الجائزة لم تمنح إلا للأفراد والهيئات التي لها دور مهم وفعالية كبيرة ونشاط متميز في خدمه السلام العالمي، وعملت هذه المنظمة قدر المستطاع تقديم المساعدات اللازمة للأشخاص النازحين داخلياً، وانتشالهم من هجمات النزاعات المسلحة، وتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم، وحرصها على تلقي استغاثة النازحين، ففي عام 2014 قدمت اللجنة الاف المساعدات للنازحين فى العراق، وفي عام 2017 تم ارسال اطباء لمعالجة الأشخاص المتضررين من النزاع المسلح. [152]
وفي يناير 2017 عقد برنامج الامم المتحدة الانمائي شراكة مع لجنة التنفيذ والمصالحة الوطنية لإطلاق مشروع دعم المصالحة المتكاملة في العراق، ويدعم هذا المشروع الجهود الرامية إلى تعزيز المصالحة، فطريق العراق خالي من العنف وأكثر تمثيلا ومرونة.[153]
ثانياً: وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمفوضية السامية لحقوق اللاجئين بعد أزمات 2014
أما وكالة الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، فقد كان لها دور مهم، حيث مع تفاقم الصراع المسلح في العراق منذ 2014 ، استمر العراق في مواجهة أزمات انسانية متعددة، ومع انقسامات قبلية ودينية، تفاقمت بفعل النزاعات المسلحة الأخيرة، أدى تصاعد النزاع خلال 2017 إلى موجات جديدة من النزوح الجامعي في حين أن الجهود الحكومية الناجحة لاستعادة السيطرة على المناطق من الجامعات المتطرفة سمحت بعوده بعض عمليات العودة، على الرغم من إعلان حكومة العراق استرجاع الموصل في منتصف 2017 واستعاده جميع الاراضي العراقية من سيطرة الجامعات المتطرفة في ديسمبر 2017 بقى حوالي 2.6 مليون عراقي مشردين داخليا اعتباراً من نهاية 2017 وفقا لمصفوفه تتبع النزوح في منظمه الهجرة الدولية[154]
وفي عام 2017 ازدادت احتياجات النازحين العراقيين في اقليم كردستان العراق، لا سيما اولئك الذين يعيشون خارج المخيمات بسبب الوضع الاجتماعي الاقتصادي الضعيف باستمرار وخفض فرص كسب الرزق. أدى هذا الانخفاض في الاعتماد على الذات إلى زيادة عدد النازحين الذين يسعون إلى الانتقال إلى المخيمات حيث بقيت قدره الاستيعاب محدودة تذبذبت أرقام الاشخاص النازحين داخليا على مدار السنة مع أكبر زيادة خلال الهجوم لاستيعاب غرب الموصل في فبراير 2017، ووفقا لصحيفة دبي كان هناك 2.6 مليون نازح في العراق حتى نهاية عام 2017. [155]
وفي ابريل عام 2017 قامت المفوضية بتطبيق أداه التقييم الشامل للأسر، وهو تقييم واسع متعدد القطاعات مستمد من أداه مراقبة الحماية المستخدمة لتقييم نقاط ضعف اللاجئين وتم الوصول إلى أكثر من 138 ألف أسرة نازحة داخليا.[156]
وفي عام 2022 قامت المفوضية بزيادة برنامج المساعدة النقدية غير المشروطة ومتعددة الاغراض للسماح للمشردين داخليا بتحديد اولوياتهم واحتياجاتهم أثناء دعم الاقتصاد المحلي بشكل غير مباشر، وقدمت المفوضية حدا أدني لتحويل نقدي واحد متعدد الاغراض الى 120 الى 160 اسره وقد تم تحديد حوالي 20% من الاسر على أنها شديدة التأثر بالحصول على تحويلات نقديه اضافية.[157]
استجابة لعمليات التهجير من الانبار ونينو، قامت المفوضية ببناء خمسة مخيمات للنازحين كما ايد مكتب الاسر العائد في نينوي مع ما يقارب 11300 مجموعات المأوى في حالات الطوارئ ومجموعات 13 و600 ختم النعاس لترقيه اوضاع الناس الذين يعيشون في الهياكل التالفة والتي لم تكتمل.
في اقليم كردستان العراق قامت المفوضية بتوزيع 5,255 خيمه للوافدين الجدد واستبدال الخيام القديمة المتضررة.[158]
المطلب الرابع: دور المنظمات الدولية غير الحكومية في مساعده النازحين:.
تم تأسيس منظمه اطباء بلا حدود عام 1971 من قبل الأطباء الصحفيين الفرنسيين ،حيث جاء تأسيسها عقب الحرب الأهلية في النيجر او ما يعرف بحرب بيافرا، فنشاطها لم يكن رسمي اثناء هذه الحرب التي امتدت ما بين عام 1967 الى 1970، لكن بعد نهاية الحرب قرر المشاركون في العمل الانساني في هذه الحرب تنظيم انفسهم، في منظمه غير حكومية وهذا ما تم بالفعل سنه 1971 في منظمة اطباء بلا حدود، هي منظمة طبية انسانية ذات بعد دولي تكمن اهميتها ومهمتها الأساسية في تقديم المساعدات الطبية الطارئة للذين يعانون من أزمات مختلفة في العالم. وتعتمد المنظمة في عملها على المتطوعين بحكم أنها منظمة مستقلة عن الدول والمؤسسات الحكومية وعن تأثير القوى السياسية والاقتصادية والدينية. [159]
ومن أهم ما يميز هذه المنظمة عن المنظمات الاخرى، هي إمكانية ادلاء متطوعي هذه المنظمة بشهادات ميدانية وحيه بالصوت والصورة على ما تسببه الكوارث الطبيعية والصراعات والحروب وهذه الخاصية التي اعتمدتها منظمه اطباء بلا حدود لم تكن وليده الوقت الحالي بل كانت من بين الأسس الرئيسية التي قامت وتأسست عليها المنظمة، حيث اعترض مؤسسة منظمة اطباء بلا حدود على الزامية التحفظ التي وضعها الصليب الاحمر اثناء النزاعات على اعتبار أن هذه المنظمة يتوقف دورها على تقديم المساعدات.[160]
وتعد منظمه اطباء بلا حدود، من المنظمات الدولية الإنسانية غير الحكومية التي لها دور فعال في مساعدة النازحين العراقيين وذلك بعد نزوح أكثر من 3,3 ملايين انسان من انحاء البلاد حيث نجح كثير منهم في الوصول إلى المخيمات غير ان اخرين لا يزالون مقيمين في مدارس ومساجد ومباني غير مكتملة، وشهد عام 2016 تنقلات مستمرة، حيث فر الناس من مناطق المعارك او عادوا الى المناطق التي استعدت عن جديد. نزح ما يقارب من 190الف شخص من الموصل والمناطق المحيطة بها خلال الاشهر الثلاثة الأخيرة في هذا العام كما عاد 1.5 مليون شخص إلى المناطق التي نزحوا منها وكل هؤلاء الناس يعيشون في مناطق غير مستقرة تقع غالبا قرب جبهات القتال حيث يواجهون تحديات مستمرة، منها غياب الأمن وغياب الخدمات الأساسية والرعاية الصحية.[161]
تعزيز الأنشطة لتلبية الاحتياجات المتنامية، عززت منظمة اطباء بلا حدود بانتظام استجابتها خلال عام 2016 حيث نشرت فرقاً تعمل في 11 محافظه في العراق لتوفير الرعاية الطبية الطارئة والأساسية بما فيها رعاية الامهات وخدمات الصحة النفسية، وكذلك لتوزيع مواد الإغاثة الأساسية للأسر النازحين والعائدين والمجتمعات المضيفة الفقيرة والنازحين العراقيين والاهم من هذا أن المنظمة هي أول من طرح فكره التدخل الانساني في النزاعات الدولية، ولها تأثير كبير على الحكومات وهكذا الهيئات الدولية، لهذا خصصنا الحديث عن هذه المنظمة حتى تكون لدينا خلفيه وصوره واضحة على منظمة اطباء بلا حدود.[162]
وفي ظل توسع العمليات العسكرية في شمال غرب العراق يستمر الآلاف بالتدفق الى مناطق أكثر أمانا نسبياً بما فيها محافظه صلاح الدين الواقعة وسط البلاد ونظرا لعدم قدره السلطات المحلية والمنظمات الدولية على التأقلم مع حجم التدفق، بدأت منظمة اطباء بلا حدود بإدارة عيادات متنقلة في مدينة تكريت والمناطق المحيطة بها، وقد نفذت الفرق منذ بدء المشروع 15,339 استشاره، اما في محافظه الانبار فقد افتتحت المنظمة مركز رعاية صحية ثانوية في مخيم عامرية الفلوجة الذي يستضيف نحو 60 الف عراقي نجحوا بسبب النزاع في الفلوجة والرمادي[163]
بدأت فريق اطباء بلا حدود العاملة في محافظه كركوك بتوفير الرعاية الصحية بما فيها الدعم النفسي والاجتماعي للنازحين وجرح الحرب القادمين من قضاء الحويجة. كما أدارت الفرق عيادات متنقلة تقدم الرعاية الصحية الأولية والاسعافات الأولية وتحيل الحالات الطارئة الى المستشفيات مدينه الكركوك[164]
بالإضافة الى قيام منظمه اطباء بلا حدود بتوجيه فرق متنقلة الى المخيمات الجديدة التي انشئت غربي أبريل لاستضافه الفرين بسبب معركة الموصل. واضافه الى الرعاية الصحية الأولية قدمت الفرق علاج الامراض المزمنة والرعاية النفسية والعلاج النفسي.
المطلب الرابع: دور اللجنة الدولية للصليب الاحمر في حماية النازحين العراقيين:
تلعب العديد من المنظمات الدولية والوطنية الحكومية وغير الحكومية دورا في تنسيق وتنفيذ المساعدات الإنسانية اثناء النزاعات المسلحة وحالات الطوارئ إلى النازحين وتسعى إلى تقديم الحماية والمساعدة التي تكفل آدمية الانسان وكرامته.[165]
وهذا ما ينطبق على اللجنة الدولية للصليب الاحمر في العراق حيث تبذل منذ 60 عاما تقريباً قصارى جهدها، لتقديم الحماية والمساعدة الإنسانية الى أكثر الفئات عوزا في العراق، لا سيما الدعم الذي قدمته إلى مختلف الاقليات في البلاد وبشكل أكثر تحديدا بدأت انشطة اللجنة الدولية للصليب الاحمر على ارض الواقع منذ الخمسينات بالارتباط بالأوضاع التي كانت تسود المملكة الهاشمية والاحداث التي نشأت بقيام اسرائيل وبروز مسألة الاقليات اليهودية في الدول العربية.[166]
هذا واستمر عمل اللجنة الدولية للصليب الاحمر في العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، حيث أصبح للجنه الدولية مكتب دائم في العراق، ثم بدرت اللجنة الدولية في القيام بمهما خلال الحرب الخليج الثانية عام 1991.[167]
حيث تعتبر المنظمة الدولية للصليب الاحمر، هي المنظمة الوحيدة التي تابعت عملها في جميع انحاء الارض العراقية رغم الصعوبات، وكان منسوبوها يعملون على توفير الخدمات الصحية الأساسية وإمداد الاشخاص النازحين بالمساعدات الطارئة وزيادة مئات الآلاف من أسرى الحرب والمحتجزين المدنيين في
العراق.[168]
المهام الميدانية للجنه الدولية للصليب الاحمر في العراق:
تقوم اللجنة الدولية للصليب الاحمر في العراق بمهام ذات طابع ملموس علي أرض الواقع من أجل تقديم الحماية والمساعدة للأشخاص النازحين المتأثرين بالنزاع المسلح في العراق [169]
١-الانشطه المتعلقة بالحماية:
ترتبط هذه الأنشطة المتعلقة بالحماية التي تقوم بها اللجنة الدولية للصليب الاحمر بزيادة المحتجزين وحماية النازحين واللاجئين والمفقودين والتركيز على برنامج اعادة الروابط العائلية، وسوف نتناول انشطه الحماية في العراق كالاتي:
-زيادة المحتجزين: تنص اتفاقيات جنيف على السماح بوصول اللجنة الدولية للصليب الاحمر إلى الاشخاص المحتجزين في النزاعات المسلحة فهناك اعتراف واسع النطاق بحق اللجنة في زيادة المحتجزين من اجل ضمان تلقيهم معاملة انسانية في جميع الاحوال.[170]
ولهذا تعتبر زيادة الاشخاص المحرومين من حريتهم هم فئة اساسية تطلع بها اللجنة نظراً لأن المحتجزين من أشد الحاجة لتدخل هيئة مستقلة تضمن لهم معاملة إنسانية وفي العراق تقوم اللجنة الدولية للصليب الاحمر بانتظام بزيادة الأشخاص المحتجزين لدى القوات المتعددة الجنسيات ولديها حكومة إقليم كردستان وذلك لتقييم ظروف احتجازهم والطرق التي يعملون بها، ويتم إطلاع السلطات المسؤولة بطريقة سرية على الحقائق والتوصيات وذلك للبحث في التحسينات المطلوبة[171]
فمنذ انتهاء العمليات العسكرية عام 2002 قامت اللجنة الدولية للصليب الاحمر بممارسة انشطتها لصالح المحتجزين العراقيين مع الإشارة أن اللجنة الدولية سمح لها بزيارة بعض السجون دون الأخرى التي يعرف عنها تعرض السجناء فيها للتعذيب[172]
في خلال عام 2003 تبين أن لدى اللجنة الدولية بعض القدرة على الوصول إلى سجون التحالف كما بين التقرير المسرب 2004 حيث قامت اللجنة الدولية بزيارة مرافق خاضعه لسيطرة القوات التحالف[173]
إلا أنه بنهاية عام 2007 تمكنت اللجنة الدولية من زياده محتجزين لأول مره وهم الأشخاص الذين تحجزهم السلطات العراقية والتابعة لوزارات العدل والدفاع والداخلية والعمل والشؤون الاجتماعية وبفضل تحسين الاوضاع الأمنية والحوار البناء مع كافه الاطراف تمكن مندوب اللجنة الدولية خلال عام 2008 من زيادة آلاف من المعتقلين تحت سلطة القوه المتعددة الجنسيات في العراق بالإضافة الى أماكن لاحتجاز التابعة لسلطات الحكومة العراقية وسلطه اقليم كردستان كما قامت اللجنة الدولية بمكافحه الامراض وتعقيم كافه القاعات والملابس والادوات التي يستعملها السجناء وشيدت اللجنة قاعتين لزيارات العائلية.[174]
واستمرت اللجنة الدولية خلال العام 2009 بالقيام بجهودها في زيادة المحتجزين حيث أجرت اللجنة 203 زيارة لأماكن تابعة للسلطات العراقية واقليم كردستان والقوه متعددة الجنسيات، كما دعت اللجنة الدولية سلطة الاحتجاز بالوفاء بالتزاماتها اتجاه المحتجزين بشأن ضمان حقوقهم الأساسية وتلبية احتياجاتهم وهذا ما ينطبق على العام 2017 حيث ظلت زيادة المحتجزين من أهم اولويات اللجنة الدولية للصليب الاحمر[175]
٢-مساعده اللاجئين والنازحين
كانت العراق من بين البلدان العديدة التي ادت فيها النزاعات المسلحة إلى تمزيق أواصل حياه عدد كبير من النساء والرجال والاطفال حيث أدت العمليات العسكرية وانعدام الامن إلى دفع العديد للفرار من ديارهم.[176]
فمع بداية العمليات العسكرية في اواخر 2003 تم رصد تحركات محدود للسكان في الاجزاء الشمالية للعراق شملت الاكراد العراقيين الذين انتقلوا بعيداً عن المدن بحثا عن ملجا في المناطق الجبلية، فضلاً عن غيرهم من العراقيين الذين فروا إلي الشمال الى المناطق التي سيطر عليها الاكراد، ولوحظ نمط متماثل في مناطق اخرى من البلاد في البصرة وبغداد، وكانت إمدادات الإغاثي في حالات الطوارئ داخل العراق مجهزه لتقديم المساعدة الفورية لحوالي 15 الف شخص من المشردين داخليا مع امكانيه توسيع لتخطيط احتياجات النازحين لحوالي 50 الف شخص[177]
ومن الملاحظ أن عمليات النزوح استمرت خلال العام 2014 نتيجة للقتال، حيث فرط أعداد كبيرة من المدنيين العراقيين وكان كثير منهم في حاجة ماسة إلى المساعدة في شكل غذاء وماء ورعاية صحيه، ورداً على ذلك قامت اللجنة الدولية للصليب الاحمر بتقديم الطرود الغذائية ومواقد الطهي ومستلزمات النظافة، حيث كان هناك آلاف النازحين يعيشون في مخيمات مؤقته خارج مدينتي بغداد وبصره والفلوجة والناصرية وسامراء ولتغفر، بالتعاون مع الهلال الاحمر العراقي جهزت اللجنة الدولية مخيم الخضراء في بغداد لتوفير المأوى للعائلات التي فرت من القتال في الفلوجة، وفي جنوب العراق قامت باستقبال الآلاف من العائلات النازحة من الأعمال العدائية.[178]
وفي اوائل 2007 شكلت اللجنة الدولية فريقاً لتعزيز تلبيتها للاحتياجات الأساسية للأشخاص النازحين والسكان المحليين المستضعفين على حد سواء والتي تشمل توزيع طرق غذائية ومستلزمات اساسية ووفرت اللجنة في عام 2016 مواد غاز الاكثر من 730 الف نسمه من خلال الفرق الميدانية او فروع الهلال الاحمر العراقي الذي كان له دور محوري في تنفيذ برامج اللجنة الدولية الى أن المنظمين في المنظمتين لم تتفق في النقاشات التي جرت في 2017 على الشروط الدنيا التي وضعتها اللجنة الدولية فيما يتعلق بعمليات التقييم وإدارة المخزون واعداد التقارير[179]
واستمر دور اللجنة الدولية للصليب الاحمر بنفس المنوال خلال عامي 2014 و2017 من خلال تقديم العون والمساعدة للاجئين والنازحين داخليا والتي شملت معظم المحافظات في العراق وبطبيعة الحال تلعب الظروف الأمنية دوراً في تهيئة الاجواء أمام اللجنة الدولية للقيام بمهامها.[180]
٣-التعاون مع الهلال الاحمر العراقي:
تتعاون اللجنة الدولية للصليب الاحمر مع الجمعيات الوطنية في كل من انشطتها المحلي والدولية، وخاصة في البلدان التي تعاني من آثار النزاعات وكثيراً من تضم اللجنة الدولية قواها إلى جهود الجمعيات الوطنية العاملة في بلدانها في انشطة يقع الاختيار على تنفيذها معا لصالح الاشخاص المتضررين، وكما تنظر اللجنة الى التعاون مع الجمعيات الوطنية واتحادها الدولي كأمر مهم لتنفيذ مهمتها من أجل تحقيق رسالة الحركة التي تشمل تفادي المعاناة الإنسانية وتحقيقها.[181]
وتعتبر جمعية الهلال الاحمر العراقي أداه مهمة بالنسبة للجنة الدولية للصليب الاحمر والاتحاد الدولي وجهات وطنية اخرى في توفير الخدمات الإنسانية، حيث لدى الجمعية 18 فرعا و135 مكتبا في المحافظات وأكثر من 1500 موظف ومتطوع[182]
استمرت اللجنة الدولية خلال عام 2004 في تقديم المساعدات للهلال الاحمر العراقي لضحايا القتال في مدن النجف والصدر وتغفر والفلوجة، كما حفظت اللجنة الدولية على علاقة وثيقة مع الهلال الاحمر العراقي في مجال البحث عن المفقودين
محافظة اللجنة الدولية للصليب الاحمر خلال العام 2005 على تعاونها الوثيق مع الهلال الاحمر العراقي لا سيما في مجال البحث عن المفقودين والاستجابة للحالات الإنسانية الطارئة واستند هذا التعاون على مذكره تفاهم وقع كل من جمعية الهلال الاحمر العراقي واللجنة الدولية للصليب الاحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر في نوفمبر عام 2005 وهي الوثيقة المصممة لطبيعة التعاون بينهما.[183]
وعلى الرغم من أن الهلال الاحمر العراقي لعب دورا محوريا في تنفيذ برامج اللجنة خاصة في مجال الأمن الاقتصادي ومساعدة النازحين إلى أن عام 2017 شهد تغيراً في عملية التعاون بين اللجنة الدولية للصليب الاحمر والهلال العراقي حيث لم يتفق حول الشروط الدنيا التي وضعتها اللجنة الدولية فيما يتعلق بمقدره اللجنة الدولية للصليب الاحمر التعويل على دعم الهلال الاحمر العراقي لتقديم المساعدات وعززت اللجنة الدولية للصليب الاحمر عملياتها للتوزيع المباشر[184]
الى أن هذا لا يعني انقطاع الصلة والتعاون ما بين الهلال الاحمر العراقي واللجنة الدولية إنما استمرت تعاون في بعض المجالات خاصة اعاده الروابط العائلية وتنظيم الدورات التدريبية.
وفي عام 2023 قام الاتحاد الأوروبي بتخصيص 17 مليون يورو لدعم البرامج الإنسانية، التى تدعم النازحين داخلياً، وتكفل لهم الخدمات الأساسية والموارد الأساسية للبقاء على قيد الحياة، وبالتالي هذا الدعم المالي الذي قدمه الاتحاد الأوروبي يركز في المقام الأول علي دعم الأشخاص النازحين داخلياً والذين يعانون من الضعف والتهميش، كذلك وجه الاتحاد الأوروبي جزء من تمويله الي التعليم والحماية والصحة والغذاء للنازحين داخلياً، بما في ذلك الوصول إلى الوثائق المدنية.
والجدير بذكره أن الاتحاد الأوروبي بذل جهوده لمحاولة الوصول للنازحين الي أماكن نائية داخل العراق، وذلك لمحاولة دعمهم بشكل كافي يضمن لهم توافر الخدمات الأساسية، وتلبية احتياجاتهم، ومحاولة إعادتهم الي ديارهم مرة أخري، ولا زالت عمليات إعادة النازحين مستمرة حتى الوقت الحالي.[185]
ويهدف الاتحاد الأوروبي الي بذل مساعيه بهدف مساعدة الأشخاص النازحين داخلياً، وذلك من خلال مساعدتهم في الحصول علي مجموعة من الوثائق المدنية الضرورية والتي تعد احد وسائل تيسير عملية التنقل في جميع أنحاء البلاد، وتمكنهم ايضاً من الحصول علي العديد من الخدمات القانونية والاجتماعية الأساسية، كذلك استخدم الاتحاد الأوروبي المساعدات المالية باعتبارها آلية لتسهيل انتقال النازحين داخلياً الي مختلف أنظمة الضمان الاجتماعي وأنظمة الحمايات الاجتماعية الحكومية، كذلك تعد الوثائق المدنية الوطنية وسيلة واداة مهمة وضرورية فى يد النازحين داخلياً لأنها تمكنهم من التنقل بحرية، وتعزز حرية التنقل للحصول على التعليم والمساعدات المختلفة بجانب الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات الأخري، وبالتالي نجد مدي حرص المجتمع الدولي علي توفير الوثائق المدنية لتقديم الدعم اللازم للأشخاص النازحين داخلياً.
المبحث الثالث:
الضمانات الدولية والوطنية لحماية النازحين في العراق:
هناك العديد من الضمانات الدولية والوطنية لحماية النازحين، حيث أنه بالنظر لتعلق ظاهره النزوح بقضايا حقوق الانسان يقع العاتق المجتمع الدولي اهتماما بالظاهرة، لأن النازح انسان له الحق في الحياة والمساواة والحرية والاهم من ذلك كله له الحق في السلم والامن اللذان يعدين المطلب الاول لهذه الفئة كل ذلك ليكون إلا من خلال ما يتوفر له من ضمانات قانونيه زيادة على الضمانات الاخرى. [186]
المطلب الاول: الضمانات الدولية:
قبل البدء في تحديد الضمانات الدولية لحماية هذه الفئة يمكن القول بأنه لا يوجد صك او وثيقة دولية محددة لحمايتهم سوى المبادئ التوجيهية شان النزوح الداخلي لعام 1997،لكن وردت النصوص المتعلقة بحمايتهم في ثلاث وثائق بصوره غير مباشرة وهي القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي للاجئين بوصف النازح انسان فهو يتمتع بأهم الضمانات لاسيما ما يقرره ميثاق الامم المتحدة لعام 1945 واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وبروتوكولاتها الثلاث، التي تعد الاساس القانوني لوجود القانون الدولي الانساني والعهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لعام 1966،بالرغم من عدم وجود احكام مباشرة تخص النازحين إلا أنه احترام قواعدها من شأنه أن يؤدي لتلافي وقوع الكثير من حالات النزوح والتشرد القصر الداخلي وان كانت هذه القاعدة ليست عامه بل قد ترد عليها استثناءات، إذا تبينت منظمة العمل الدولية عام 1989 صراحه على حظر الترحيل الشعوب من الاراضي التي تشغلها إلا وفقا لمجموعه من القيود والضوابط[187]
فأحكام القانون الدولي الانساني المتعلقة بالاتفاقيات والاعلانات الدولية العالمية والإقليمية تكفل للإنسان النازح أينما كان الحق في الامان والحرية الشخصية إذا نص الاعلان العالمي على أنه لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الامان على شخصه.[188]
وكذلك منع التمييز بين المواطنين أيا كانت ظروفهم من التمتع بالحقوق والحريات لأسباب أساسها الدين والجنس واللغة والعرق او الاصل القومي من ذلك ما مصت عليه ماده من الاعلان العالمي لحقوق الانسان-“لكل انسان حق في التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان، دون اي تمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الراي السياسي او اي راي اخر”[189]
وكذلك نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على انه “الناس جميعا سواء امام القانون ويتمتعون دون اي تمييز بحق متساوي في التمتع بحمايته” وفي هذا الصدد يجب أن يحذر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الاشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب كالعرق واللون او الجنس او اللغة او الدين او الراي السياسي او غير السياسي او الاصل القومي.[190]
لذلك يمكن القول فإنه وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني يتمتع النازحون بصفة عامة والنازحون العراقيون بصفه خاصة بوصفهم مدنيين في اوقات النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية بالحماية ما دام لا يشتركون بصفه مباشرة في الاعمال القتالية[191]
لكن بالرجوع الى المادة 49 من الاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحرب الدولية والاحتلال ان تقوم بالإخلاء الكلي أو الجزئي لمنطقة معينة إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأي اسباب عسكرية قهرية شريطة احترام الضوابط التالية:
١-يجب أن يكون نزوح الاشخاص المحميين المترتب على عمليات الاخلاء داخل الاراضي المحتلة ما لم يتعذر ذلك من الناحية المادية.
٢-ان يتم اعاده السكان المنقولين الى مواطنهم الأصلية بمجرد توقف الاعمال العدائية في المنطقة المعنية.[192]
فنري من الضروري تطبيق هذه المادة على النازحين لتوفير ضمانة دولية لهم بموجب اتفاقية دولية عالمية ألا وهي اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949
إن اتفاقات الامم المتحدة لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وبروتوكولاتها المحمل لها عام 1969 في الاصل لا تحتوي على احكام او ضمانات صريح لحماية النازحين إلا أنها الدور الذي لعبته المفوضية السامية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إبداء اهتمام بالغ بالنازحين بالرغم من عدم توثيقهم بصفه اللاجئ، لكن استجابة لطلب لجنة حقوق الانسان، توصل الامين العام عام 1989 بعد التنسيق مع الكثير من المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية بالتعاون مع فريق كبير من الخبراء القانونيين الى وضع المبادئ التوجيهية المتعلقة بالتشرد القصري الداخلي، إذا عرض الامين العام هذه المبادئ على لجنه حقوق الإنسان لكنها لم تعتمدها بشكل مباشر وانما احاطت علماً بها ووافقت عليها بالقرار رقم 1998/50 الذي صدر في نيسان 1989 دور اجراء تصويت.[193]
تتصف المبادئ التوجيهية بعمومية تطبيقها وهذه المبادئ المتركزة على القانون الدولي الانساني واتفاقيات حقوق الانسان تخدم كمعايير دولية لتوجيه الحكومات بشكل عام والحكومة العراقية بشكل خاص اضافة إلى الوكالات الدولية الإنسانية ووكالات التنمية الدولية في تقديم المساعدات والحماية للأشخاص النازحين داخلين.[194]
فنرى ان هذه المبادئ استخرجت الأسس الدولية لكيفيه التعامل مع حالات النزوح مرتكزة على القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان، الأمر الذي يكسبها صفة الزامية كونها مستخرجة ن روح ومبادئ هذين القانونين الدوليين وتشمل هذه المبادئ على مقدمه و30 مبدا موزعة على خمسة اجزاء ومصنفه على التوالي الى مبادئ عامة ومبادئ متعلقة بالحماية ضد التشرد القصري ومبادئ تتعلق بالحماية اثناء التشرد ومبادئ تتعلق بالحماية والمساعدة الإنسانية واخرى تتعلق بالعودة واعاده التوطين والاندماج في العراق
لذلك تعود هذه المبادئ التوجيهية الضمان الأساسية لحماية النازحين وان اختلفت الصفة حول قيمتها القانونية إلا انها تطبق دون تمييز سبب العرق او اللون او الجنس او بصفه عامه تراعي هذه المبادئ بوجه خاص الفئات المستضعفة اجتماعياً كالأطفال والنساء والحوامل الخ.[195]
وعليه حرصت المبادئ التوجيهية على تقديم الحماية الجسدية للنازحين انطلاقا من الحق في الحياة التي تقدسه كافة الاتفاقيات الدولية والقانونية والوطنية فتمنع وقوع اعتداءات عليها إذا نصت على انه
١-لكل انسان حق اصيل في الحياة يجب حمايته بالقانون ولا يجوز ان يحرم من حياته تعسفا وبوجه خاص يجب حماية المتشردين داخليا من الإبادة الجماعية والقتل وحالات الاعدام وحالات الاختفاء القسري.
كذلك منعت المبادئ التوجيهية للنازحين الحق في الحرية والامن الشخصي وعدم تجنيد اطفالهم ولهم الحق في حريه اختيار محل الإقامة المناسب لكل انسان منهم الحق في احترام حريه اسرهم، وان تحظى هذه الاسر بمستوى معيشي لائق الى غير ذلك من الحماية الجسدية.[196]
فضلاً عن الحماية الجسدية حرصت المبادئ التوجيهية على تقديم الرعاية والحمال الفكرية وحماية الحريات الشخصية بدءا من الحق في التفكير والوجدان والدين والمعتقد والراي وحق التعبير بالإضافة الى تأمين الحقوق الاقتصادية كالحق في العمل والحرية في البحث عن العمل بالمشاركة في المجتمع بشكل مساوي لمختلف الاطياف الاخرى، هذا ويضمن لهم حقوقا سياسية كالتصويت والمشاركة في الشؤون الحكومية بالإضافة إلى الحقوق الأساسية للفرد كالحق في التعليم المجاني على ان يكون التعليم منسجماً وغير متناقضا لتعليمهم الدينية منها او اللغوية او الثقافية او الحضارية فلهم الحق في تعليم لغتهم ودينهم دون التعرض لهم ويكون التعليم مؤمن لهم ومجاني والزامي على المستوى الابتدائي كما يحدث في العراق[197]
هذه المبادئ ليست المرجع الأولي الوحيد فيما يختص بالنازحين داخليا بشكل عام والنازحين العراقيين بشكل خاص اذ جاءت اتفاقية الاتحاد الافريقي لحماية ومساعدة النازحين داخلياً عام 2009 او ما تعرف باتفاقية كامبلا، والتي دخلت حيز التنفيذ لتشكل أول اتفاقية ملزمه قانونياً على الصعيدين الدولي والاقليمي هم مختصة في شؤون النازحين داخليا داخل بلدانهم، وشكلت هذه الاتفاقية الإطار القانوني لحماية النازحين داخلياً على الصعيد الدولي للدول الافريقية منها العراق، إن ابرز النصوص الواردة في هذه الاتفاقية هي المنع والحيلولة دون النزوح، فمبدا الوقاية من النزوح يجب أن ان يكون المبدأ التوجيهي الأول للجهات الحكومية وغير الحكومية، زيادة على وجوب ترجمة القانون على ارض الواقع، اي تبني سياسة تطبيقية للقانون[198]
تكمن قوة هذه الاتفاقية في تمكنها من تأمين الحماية القانونية الإلزامية للنازحين داخليا، وعملا بهذه الاتفاقية تقع مسؤولية حماية هذه الفئة المستضعفة على عاتق الدولة التي يتوجب عليها معاملتهم على قدم المساواة مع باقي المواطنين، وتطبيق القوانين والقواعد المرعية بشكل منصف بينها وبين الفئات الساكنة اصلا في مناطق النزوح، ما لم تكن الدولة هي المسؤولة عن نزوحهم القصري من خلال ممارسات تمييزية او عنيفة بحقهم.[199]
المطلب الثاني: الضمانات الوطنية لحماية النازحين العراقيين:
على الصعيد الوطني فقد صدر قانون وزارة الهجرة والمهاجرين العراقي رقم 21 لسنه 2009 كضمانة أساسية تساهم ولو بشكل غير اساسي في مساعدة النازحين بالرغم من ملفات الفساد التي تؤرق بعض فروع هذه الوزارة، إذا نص القانون على ان “تتولى الوزارة في إطار الدعم والتسهيل والتنسيق وتقديم الخدمات في الظروف الطارئة في شان الفئات المنصوص عليها في المادة 2 من هذا القانون ما يأتي:
أولاً: معالجه شؤونها كمجموعات ويستثنى من ذلك الحالات الخاصة التي يتم تحديدها وفق معايير واضحة ومحددة يمكن معالجتها بوصفها حالات فردية.
ثانيا: السعي لتحسين اوضاعها للوصول الى حد أدني كأساس يتم تحديده بناء على معايير واضحة ومحددة في ضوء المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة والقوانين والمواثيق والاعراف الدولية مع الاخذ بالنظر الاعتبار المصلحة الوطنية والاعتبارات الداخلية.
ثالثا: اعطاء الأولوية بحسب معايير فقر الحال والاحتياجات الإنسانية فضلا عن معايير اخرى
رابعا: اعتماد مفهوم التوزيع النسبي عند تطبيق المعايير والاولويات [200]
خامساً: التنسيق والتعاون مع الجهات المعنية داخل العراق وخارجه على تقديم الحلول او توفير الخدمات.[201]
اما الامر الديواني لعام 2008 نص على انه “للساكن حرمه ولا يجوز تهجير المواطنين ويعاقب كل من يقوم بتهجير المواطنين من مناطق سكنهم وفقا لقانون مكافحه الارهاب ويعامل من سكن عقار عائد لمهجر معامله المشاركين في عمليه التهجير ويعتبر مسؤولا عن سلامه العقار ومحتوياته وعليه تخليته واعادته مع كافة محتوياته الى اصحابه.[202]
زيادة على قرار مجلس الوزراء رقم 262 لسنه 2008 والمتعلق بالمنح المالية المقدمة الى النازحين كوسيلة من وسائل المساعدة التي يمكن تخدم بها هذه الفئة لحين عودتها الى مناطق سكانها الأصلية.
وبالتالي كل هذه الضمانات كان لابد أن يتمتع بها النازحين العراقيين، لكن هذا لم يحدث حيث عانى الأشخاص النازحين داخلياً فى العراق من أزمات أمنية وصحية وتعليمية عدة، ولم يتدخل المجتمع الدولي ليفرض احكاما قانونية ملزمة لكن هذا لم يحدث، فتفاقمت الأعمال العدائية ضد المدنيين منذ عام 2014 وتوفرت لهم حماية دولية ضئيلة جداً مقارنة بحجم الدمار الذي أحدثه تنظيم داعش في العراق.
الخاتمة:
فى هذا الفصل تم عرض صورة مبسطة عن النزوح الداخلي فى العراق، حيث يوجد نزوح داخلي فى العراق منذ ما قبل عام 2014، لكن تزايدت أعداد النازحين منذ 2014، حيث هجوم تنظيم داعش على المدنيين العراقية وتدميرها دون الوضع فى الاعتبار الأشخاص المدنيين، واجبارهم على ترك أماكنهم قسراً، كذلك جاء فى هذا الفصل أسباب وتداعيات النزوح الداخلي على الأمن والاستقرار، حيث عمليات النزوح أدت الي غياب الشعور بالأمن وتدهور أحوال البلاد.
ومن ثم تطرقنا لعرض الحماية الدولية للنازحين العراقيين، لكن يستخلص أنه رغم وجود العديد من المبادئ التوجيهية، والأحكام والصكوك إلا أنه ورغم ذلك كان هناك قصور في الحماية الموجهة لهؤلاء الأفراد، كذلك تم تسليط الضوء على عمليات الاعادة إلى الديار مرة أخري، حيث تحاول الدول والحكومة الوطنية فى العراق تقديم المساعدات اللازمة التي تمكن النازحين العراقيين للعودة الي ديارهم مرة أخري.
الخاتمة:
واخيراً، من خلال ما تم تناوله في هذا الموضوع حول الحماية الدولية للأشخاص النازحين أثناء النزاعات المسلحة، باعتبار أن قضية النزوح الداخلي من القضايا المثارة على الساحة الدولية، حيث مع زيادة النزاعات المسلحة وانتشار انتهاكات حقوق الانسان بشكل واسع، بالإضافة إلى الاضطهاد الديني والعرقي وغيرها من الاسباب التي أدت إلى مشكلة النزوح الداخلي، والتي هي واحدة من أهم المشاكل التي يعاني منها بعض الدول مثل العراق وسوريا وفلسطين وغيرها من الدول.
وتعد مشكلة النزوح الداخلي من اهم المسائل العالقة في القانون الدولي على الرغم من وعدم وجود قواعد واتفاقيات دولية ملزمة كتلك المتوفرة للاجئين، لكن هذا لا ينكر الدور الذي تقوم به الهيئات والقواعد الدولية والإقليمية والوطنية الخاصة بحمايه النازحين داخلياً، مثل قواعد القانون الدولي لحقوق الانسان، والقواعد الخاصة لحمايه المدنيين اثناء النزاعات المسلحة الواردة في القانون الدولي الانساني، كذلك المبادئ التوجيهية للنزوح الداخلي، واتفاقيه كامبلا لعام 2009 الخاصة بالنزوح الداخلي بالإضافة الى الهيئات الدولية الخاصة بحمايه النازحين اثناء النزاعات المسلحة مثل اللجنة الدولية للصليب الاحمر، ومجلس الامن، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من المنظمات.
وبالرغم من دور تلك الهيئات في حماية ومساعدة النازحين داخليا إلا ان النازحين مازالوا يعانون، وذلك بسبب عدم قدرة هذه القواعد وتلك الهيئات والمنظمات في القضاء على الأسباب التي تؤدي إلى النزوح وكذلك بسبب عدم استجابة الدول والمجتمع الدولي في وضع اتفاقيه دولية خاصة بالنازحين داخليا، فالقواعد الدولية الخاصة بحمايه النازحين موجودة وصالحه للتطبيق ولكنها لا تعطي المساحة الكافية للتطبيق، ولذلك قمنا في هذه الدراسة بتسليط الضوء على الاسباب التي تؤدي الى النزوح الداخلي، وكذلك المخاطر التي يعاني منها الاشخاص النازحين اثناء النزوح، ودور السلطات الوطنية والمحلية في حمايتهم، كذلك دور القواعد والقوانين الدولية والهيئات والمنظمات في حماية النازحين داخليا وتقديم المساعدة اللازمة لهم.
وتوصلت هذه الدراسة الى عدد من النتائج والتوصيات اهمها:
أولاً: النتائج.
_تتزايد أعداد النازحين داخلياً بشكل ملحوظ في الدول المختلفة حول العالم وذلك بسبب كثرة النزاعات المسلحة التي هي السبب الرئيسي في حدوث النزوح الداخلي بجانب الأسباب الأخرى لكن النزاعات والصراعات الداخلية تأتي علي رأس الأسباب الأخري، فللنزوح الداخلي أسباب كثيرة مختلفة منها الحروب والكوارث الطبيعية والصراعات الداخلية والنزاعات المسلحة والصراع الديني والطائفي وغيرها من الاسباب التي ادت إلى زيادة النزوح الداخلي.
_عدم وجود قواعد خاصة بالأشخاص النازحين داخلياً على المستوى الوطني في الدول التي يوجد فيها نزوح تميزها مع غيره من المواطنين داخل الدولة، وغياب الحماية الوطنية الفعالة التي تكفل لهم حقوقهم وتكفل حرياتهم ، عدم وجود اتفاقية دولية خاصه بالنازحين داخليا تنظم شؤونهم.
_وجود بعض القواعد الدولية والإقليمية لحماية النازحين في حاله النزاع المسلح والتي تنظم بعض الجوانب لفئه الاشخاص النازحين داخليا مثل المبادئ التوجيهية للنزوح واتفاقيه كامبلا واتفاقيه جنيف لكن لا يغلب عليها الطابع الإلزامي.
_وجود احكام قانونية دولية تختص بحماية النازحين اثناء النزاعات المسلحة ومن هذه الاحكام هي الاحكام الواردة في اتفاقيه جنيف الرابعة وموادها الكثيرة التي اختصت بحماية الاشخاص.
_عدم وجود تطبيق حقيقي للقانون الدولي الانساني والذي هو متمثل في اتفاقيات جنيف وكذلك عدم تدخل المجتمع الدولي بشكل واضح في حماية النازحين داخليا حيث ان السبب الرئيسي لنزوحهم هي حالات انتهاكات حقوق الانسان.
ثانيا التوصيات:
١-العمل على دمج القوانين الدولية والمبادئ التوجيهية في القوانين الوطنية للدول، وذلك لضمان حماية مساعدة للنازحين داخلياً.
٢-يجب اتخاذ الإجراءات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة ضد الدول التي تكون السبب الرئيسي في حدوث نزوح او ممارسه تهجير القسري.
٣-يجب الاهتمام بالحقوق الأساسية النازحين والتي لا غنى عنها مثل حق العودة وهنا لابد من وجود إشراف دولي متكامل بين الدول لإعادتهم .
٤-ينبغي على المشرع الوطني أن يسن عقوبات رادعة، ويقر المسؤولية الجنائية الدولية للانتهاكات التي تمس القانون الدولي الإنساني، وتؤدي إلى نزوح السكان المدنيين وتهجيرهم، هذا من شأنه أن يكفل حقوق الأفراد النازحين، بجانب ضمان عدم إفلات الجناة من العقاب وضمان التعويض عن الأضرار التي لحقت بالنازحين داخلياً جراء التهجير القسري.
٥-يجب على المنظمات الدولية التعاون مع السلطات الوطنية والمحلية، وبذل الجهود المشتركة لتوفير الحماية والمساعدة للنازحين وضمان تلبية جميع احتياجاتهم الأساسية بالإضافة إلى ذلك، يتعين على السلطات الوطنية تقديم إحصاءات دقيقة عن أعداد النازحين للتعاون الفعال مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات الصلة.
٦-يجب تعزيز الالتزام بقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، كما هو منصوص عليه في اتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكوليها الإضافيين، للقضاء على ظاهرة النزوح الداخلي.
٧-تتطلب الحاجة استحداث قانون دولي معاصر يتوافق مع معطيات العصر الحديث وأزماته وما يشهده من كوارث إنسانية، بهدف حماية المدنيين من عمليات النزوح الداخلي.
٨-يجب تضمين الاتفاقيات والقوانين الدولية عقوبات رادعة تكون واضحة وصريحة لكل من يتسبب في الأضرار بالمدنيين والنازحين، وتطبيقها بفعالية على أرض الواقع وأن يتم نشر هذه القواعد علي نطاق واسع.
المراجع باللغة العربية
اولاً الكتب :.
١) أبو الوفا أحمد، الحماية الدولية لحقوق الإنسان في إطار منظمة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، الطبعة الأولي، دار النهضة العربية، القاهرة،2016.
٢)بسيوني محمود ،المحكمة الجنائية الدولية ، القاهرة ، نادي القضاة للنشر ، 2001
٣)حسين عمر، حصانات الحكام ومحاكماتهم عن جرائم الحرب والابادة والعدوان والجرائم ضد الإنسانية،الطبعة2، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، 2006.
٤)سعيد سالم، تنفيذ القانون الدولي الإنساني، بدون طبعة، دار النهضة العربية، 2002.
٥)سعد الله عمر، القانون الدولي الإنساني (وثائق وآراء)، دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر ،٢٠١٨٠
٦)سعيد حسن ، المحكمة الجنائية الدولية ،القاهرة ، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع ،لعام 2004.
٧)سعيد حسن، المحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الأولي، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، القاهرة.
٨)عصام مطر، القانون الدولي الإنساني (مصادره ومبادئه واهم قواعدة )،دار الجامعة الجديدة للنشر والتوزيع ، القاهرة ، 2003 .
٩)عبد الله فتح ، مشروعية العقوبات الدولية والتدخل الدولي ، القاهرة ، مركز الدراسات السوداني للنشر والطباعة ، ٢٠١٧.
https://www.asjp.cerist.dz/en/article/86401
١٠)علي ابراهيم ،الحقوق والواجبات الدولية ، القاهرة ، دار النهضة العربية للنشر.
١١)عزت سعد الدين ، حماية حقوق الإنسان في ظل التنظيم الدولي والإقليمي ، دار النهضة العربية ،القاهرة ، ١٩٨٥
١٢)كمال حماد، النزاع المسلح والقانون الدولي العام، الطبعة الأولي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1998.
١٣)محمود بسيوني، المحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الأولي، دار نادي القضاة للنشر والطباعة، القاهرة، 2001
١٤)منتصر سعيد حمودة، حقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة، الطبعة الأولي، دار الجامعة الجديدة للطبع والنشر، مصر، 2008.
ثانياً: الرسائل العلمية:.
١ )امجد عطية ، الحماية الدولية للنازحين أثناء النزاعات المسلحة في القانون الدولي الإنساني ،كلية الحقوق ، جامعة الشرق الأوسط ، 2023،
https://www.asjp.cerist.dz/en/article/86401
بن عيسي زايد، التمييز بين النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر بسكرة،2016
حمزة حسان،” نشر القانون الدولي الإنساني”، رسالة ماجستير، جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية الحقوق، 2008
رندة بوزاهر سيلة ، “دور اللجنة الدولية للصليب الاحمر في حماية ضحايا النزاعات المسلحة ” ،رسالة ماجستير ،كلية الحقوق والعلوم السياسيه جامعه محمد خضير ،الجزائر ، 2016 .
https://search.mandumah.com/Record/1396188
شذي محمد ، الحماية القانونية للأشخاص النازحين في النزاعات المسلحة غير الدولية ، جامعة إفريقيا العالمية ، 2019https://search.mandumah.com/Record/865415
طلال ياسين و الحسناوي، علي جبار العسي : المحكمة الجنائية الدولية ” دراسة قانونية”، الطبعة الاولى ، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان ، 2009.
فاروق حمودة ، الحماية الدولية للنازحين داخليا ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ظ2017
https://search.mandumah.com/Record/1396188
منال ابراهيم ، الحماية الواجبة للنازحين والمهاجرين في ضوء مبادئ القانون الدولي ،كلية الحقوق ،جامعة الشرق الأوسط ، 2020
https://search.mandumah.com/Record/1396188
٨)وفاء خليل ، “الأليات التعاقدية لتطبيق وتنفيذ القانون الدولي الانساني” ،كلية الحقوق والإدارة العامة ، جامعة بيرزيت ، فلسطين ، 2018.
١٠)يوسف محمد خليل، مدي الحماية الجنائية لحقوق الإنسان المضمنة في النظام الأساسي لمحكمة الجنائية الدولية ، رسالة ماجستير، جامعة عمان العربية،٢٠١٢
ثالثاً المقالات العلمية:.
1ـ أسامة صبري ، حماية النازحين داخلياً في النزاعات المسلحة ، مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية 2010،
https://search.mandumah.com/Record/797618
2ـ بن عيسي الأمين ، المعوقات التي تحول دون متابعة المحكمة الجنائية الدولية لمنتهكي قواعد القانون الدولي الانساني ، المجلد التاسع ، العدد الثاني ، ٢٠١٨
3ـ جمال الدين طاهر ،الاشخاص النازحون داخليا بسبب النزاعات والعنف ، مركز الميزان لحقوق الانسان ، 2015.
https://search.mandumah.com/Record/994136
4ـ سعدون عبد الامير جابر ، القانون الدولي الإنساني ومراحل تطوره ، موقع الحوار المتمدن ، 3/1/2012
5ـ علاء عبد الحسن العنزي ، مفهوم الحماية الدولية لحقوق الإنسان والمعوقات التي تواجها ، مجلة المحقق للعلوم القانونية والسياسية ، العدد الثاني ، السنة السادسة ، ٢٠١٥
6ـ عمر احمد محمد ،اتجاهات النازحين نحو الحماية القانونية ، المجلة العربية للدراسات الامنية ،جامعة جنيف العربية ،2017،
https://search.mandumah.com/Record/865415
7ـ عبدالرحيم نصر ،الحماية الدولية للأشخاص النازحين داخلياً وفقا لقواعد القانون الدولي العام ، الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والاحصاء ،مجلة مصر المعاصرة ،٣٠٢٣،
https://hrlibrary.umn.edu/arab/icrc8.html
8ـ عدنان نسيم ، الأشخاص النازحون داخليا ودور اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، المجلة الدولية للصليب الأحمر ،العدد 883، 2006،
https://search.mandumah.com/Record/1035613
9ـ عبدالله علي ،الحماية الدولية للنازحين داخلياً ، مجلة البحوث قي في الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة العراق،
https://search.mandumah.com/Record/797618
علاء عبد الحسن، مفهوم الحماية الدولية لحقوق الإنسان والمعوقات التي تواجهها ، مجلة المحقق للعلوم القانونية والسياسية ، العدد الثاني ، مجلد ٦ ، ٢٠١٤
عبدالشافي عبد الدايم خليفة ، مفهوم الحماية الدولية لحقوق الإنسان والمعوقات التي تواجهها ، مجلة القانون والاقتصاد ، العدد ٩٢ ، العدد ٩٢ ، ٢٠١٩
فيصل براء متين المرعشي ، نشأة القانون الدولي الإنساني ، الموسوعة السياسية ، 2016
كريم غضبان، هدي باقر حسن، الخدمات الصحية والمجتمعية المقدمة للأسر فى مخيمات النازحين داخلياً، مجلة الكوفة، العدد 2، المجلد 6، 2016
محمد صالح ناصر ، الحماية الدولية لحقوق الإنسان والصعوبات التي تواجهها ، العدد ٤٨ ، جامعة عدن نيابة الدراسات العليا والبحث ، ٢٠٢٣
محمد هارون ، الهيئات الدولية المهتمة بوضع الاشخاص النازحين داخليا ، مجله العلوم السياسيه، 2018
محمد نعرورة، دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الرقابة على تنفيذ القانون الدولي الإنساني، مجلة العلوم القانونية والإنسانية، مجلد 3، العدد 8، 2014
محمد صالح ناصر ، الحماية الدولية لحقوق الإنسان والصعوبات التي تواجهها ، العدد ٤٨ ، جامعة عدن نيابة الدراسات العليا والبحث ، ٢٠٢٣
نجيب بن عمر ، التحديات والصعوبات التي يواجهها القانون الدولي الانساني ، مجلة مداد لدراسات العمل الخيري ، العدد 6 ، 2012
هند محمد ، “دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حماية النازحين داخلياً، مجلة الكتاب للعلوم الإنسانية،2018، ص 236.
وريدة جندلي، دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر فى حماية المدنيين الأفارقة: الترحيل القسري أثناء النزاعات المسلحة، مجلة البحوث والدراسات الإنسانية، العدد 10، 2015.
ويزة بونصيار، حماية النازح الداخلي علي مستوي القانون الدولي الإنساني، المجلة الجزائرية للأمن الإنساني، المجلد 7، العدد 1، 2023.
وليد عيد، أزمة النزوح والأمن الإنساني في العراق،تحديات التكيف والانتماء، مجلة البحوث التربوية والنفسية، مركز البحوث للعلوم التربوية والنفسية، جامعة بغداد، 2017
الشيخ فتح عبدالله، مشروعية العقوبات الدولية والتدخل الدولي، الطبعة الأولي، مركز أساسات السوداني للنشر والطباعة،1998، ص110.
الطلحي ابتهال. 2023. “مفهوم النزاعات المسلَّحة”. أوراق السياسات الأمنية 4 (1):01-07. https://doi.org/10.26735/RIVR5328.
رابعا :. النصوص والقرارات :.
١) تقرير ممثل الامين العام للأمم المتحدة المعني لشؤون النازحين داخلياً، الدورة ١٣ لمجلس حقوق الانسان التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ ٥/١/٢٠١٠.
٢) وثيقه المبادئ التوجيهية بشان النزوح الداخلي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ابريل ١٩٩٨.
٣) قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت رقم: ٢٦ عام ١٩٧٩.
٤) قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت رقم: ٣٣٢٨عام ١٩٧١.
٦) قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت رقم: ٩٥٠عام .١٩٩٦
الاتفاقيات والمعاهدات الدولية:.
ـ الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.1
٢-اتفاقيات جيني في الاربع المعقودة بتاريخ 1949.
٣-البروتوكولين الاضافيين الملحقين بالاتفاقيات جنيه في الاربع لعام 1949، بتاريخ 1977.
٤-الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948.
٥-الاتفاقيه الدولية للقضاء على كل اشكال التميز عنصري الصادرة عام 1965.
6-ميثاق الامن والاستقرار والتنمية في منطقه البحيرات الكبرى 2006.
ثانيا: المراجع باللغة الانجليزية
Deng, Francis M. “Dealing with the Displaced: A Challenge to the International Community.” Global Governance 1, no. 1 (1995): 45–57. http://www.jstor.org/stable/27800100.
Eschenbächer, Jens-Hagen. “THE GLOBAL INTERNAL DISPLACEMENT CRISIS: RECENT DEVELOPMENTS AND PERSPECTIVES FOR AN IMPROVED INTERNATIONAL RESPONSE.” Refugee Survey Quarterly 24, no. 3 (2005): 49–60. http://www.jstor.org/stable/45054001
HIGGINS, ROSALYN. “‘To Save Succeeding Generations from the Scourge of War’: The Role of the International Court of Justice.” Medicine, Conflict and Survival 16, no. 1 (2000): 60–71. http://www.jstor.org/stable/45351749.
Siobhán McInerney-Lankford, and RICHARD B. BILDER. Review of Review, by Roberta Arnold and Noëlle Quénivet. The American Journal of International Law 104, no. 1 (2010): 168–72..
Buergenthal, Thomas. “The Evolving International Human Rights System.” The American Journal of International Law 100, no. 4 (2006): 783–807.
[1] عبد الرحيم نصر احمد،الحماية الدولية للأشخاص النازحين وفقاً لقواعد القانون الدولي ،مجلة مصر المعاصرة ،الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والاحصاء ،٢٠٢٠،
https://search.mandumah.com/Record/1396188.
[2] عبدالله علي ،الحماية الدولية للنازحين داخلياً ،مجلة البحوث والعلوم السياسية ،٢٠١٥،
https://www.asjp.cerist.dz/en/article/86401.
[3] احمد محمد جنقو،اتجاهات النازحين نحو الحماية القانونية وعلاقتها ببعض العوامل الديمغرافية ،المجلة العربية للدراسات الأمنية ،٢٠١٧،
https://search.mandumah.com/Record/865415.
[4] غيداء جمال، الحماية القانونية لحقوق النازحين ،مركز البحوث والدراسات العربية ،٢٠١٨،
https://ademrights.org/news448.
[5] احمد محمد جنقو، مرجع سابق ذكره ص 13
[6] فاروق حموده ،الحماية الدولية للنازحين داخليا ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،٢٠١٤.
[7] عبدالشافي عبد الدايم خليفة ، مفهوم الحماية الدولية لحقوق الإنسان والمعوقات التي تواجهها ، مجلة القانون والاقتصاد ، العدد ٩٢ ، العدد ٩٢، ٢٠١٩
علاء عبد الحسن، مفهوم الحماية الدولية لحقوق الإنسان والمعوقات التي تواجهها ، مجلة المحقق للعلوم القانونية والسياسية ، العدد الثاني ، مجلد ٦، ٢٠١٤.
علوان محمد يوسف، القانون الدولي العام(المقدمة والمصادر)، الطبعة الثالثة، دار وائل للنشر، الأردن 2003، ص 13.
محمد صالح ناصر ، الحماية الدولية لحقوق الإنسان والصعوبات التي تواجهها ، العدد 48 ، جامعة عدن نيابة الدراسات العليا والبحث ، 2023.
[8] نجيب بن عمر ، التحديات والصعوبات التي يواجهها القانون الدولي الانساني ، مجلة مداد لدراسات العمل الخيري ، العدد 6 ، 2012.
يوسف محمد خليل، مدي الحماية الجنائية لحقوق الإنسان المضمنة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، رسالة ماجستير، جامعة عمان العربية، 2012.
أبوالوفا أحمد، الحماية الدولية لحقوق الإنسان في إطار منظمة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، الطبعة الأولي، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 150-160.
نجيب بن عمر، التحديات والصعوبات التي يواجهها القانون الدولي الانساني، مجلة مداد لدراسات العمل الخيري، العدد 6، 2012.
[9] صليحة علي، النزوح واللجوء في إطار تحديد المفاهيم والحلول المقترحة، مجلة الحقوق للبحوث القانونية، العدد 2، 2015.
جمال الدين طاهر ،الاشخاص النازحون داخليا بسبب النزاعات والعنف ، مركز الميزان لحقوق الانسان ، 2015،
https://search.mandumah.com/Record/994136
Jens-Hagen ,Eschenbächer, Jens-Hagen. “THE GLOBAL INTERNAL DISPLACEMENT CRISIS: RECENT DEVELOPMENTS AND PERSPECTIVES FOR AN IMPROVED INTERNATIONAL RESPONSE.” Refugee Survey Quarterly 24, no. 3 (2005): https://www.jstor.org/stable/45054001
مهدي الكل، واقع الخدمات المقدمة للنازحين وأثرها علي المستوي المعيشي، مجلة بحوث جامعة إدلب، المجلد 4، العدد 1 ، 2021[10]
وليد عيد، أزمة النزوح والأمن الإنساني في العراق، تحديات التكيف ومخاضات الانتماء، مجلة البحوث التربوية والنفسية، مركز البحوث للعلوم التربوية والنفسية، جامعة بغداد، 2017.
كريم غضبان، هدي باقر حسن، الخدمات الصحية والمجتمعية المقدمة للأسر فى مخيمات النازحين داخلياً، مجلة الكوفة، العدد 2، المجلد 6، 2016
[11] إسراء كاظم، حماية النازحين والمهجرين في ظل التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية، رسالة ماجستير، كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة ديالي، مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد 10، العدد 2، 2021.
امجد عطية ، الحماية الدولية للنازحين أثناء النزاعات المسلحة في القانون الدولي الإنساني ،كلية الحقوق ، جامعة الشرق الأوسط ، 2023،
https://www.asjp.cerist.dz/en/article/86401.
عبدالرحيم نصر، الحماية الدولية للأشخاص النازحين داخلياً وفقاً لقواعد القانون الدولي العام، الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والاحصاء، مجلة مصر المعاصرة، 2023
https://hrlibrary.umn.edu/arab/icrc8.html
[12] ويزة بونصيار، حماية النازح الداخلي علي مستوي القانون الدولي الإنساني، المجلة الجزائرية للأمن الإنساني، المجلد 7، العدد 1، 2023.
عمر احمد محمد ،اتجاهات النازحين نحو الحماية القانونية ، المجلة العربية للدراسات الامنية ،جامعة جنيف العربية ،2017،
https://search.mandumah.com/Record/865415
منال ابراهيم ، الحماية الواجبة للنازحين والمهاجرين في ضوء مبادئ القانون الدولي ،كلية الحقوق ،جامعة الشرق الأوسط ، 2020
https://search.mandumah.com/Record/1396188
شذي محمد ، الحماية القانونية للأشخاص النازحين في النزاعات المسلحة غير الدولية ، جامعة إفريقيا العالمية ، 2019،
https://search.mandumah.com/Record/865415
[13] علاء عبد الحسن العنزي ، مفهوم الحماية الدولية لحقوق الإنسان والمعوقات التي تواجها ، مجلة المحقق للعلوم القانونية والسياسية ، العدد الثاني ، السنة السادسة ، ٢٠١٥
[14] عبدالشافي عبد الدايم خليفة ، مفهوم الحماية الدولية لحقوق الإنسان والمعوقات التي تواجهها ، مجلة القانون والاقتصاد ، العدد ٩٢ ، العدد ٩٢ ، ٢٠١٩
[15] عبدالشافي عبدالدايم، مرع سابق ذكره، ص 9
[16] أنظر المادة 7 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998
[17] أسامة صبري ، حماية النازحين داخلياً في النزاعات المسلحة ، مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية 2010،
https://search.mandumah.com/Record/797618
[18] فاروق حمودة، مرجع سابق ذكره ،ص18
[19] عبدالله علي ،الحماية الدولية للنازحين داخلياً ، مجلة البحوث قي في الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة العراق،
https://search.mandumah.com/Record/797618
[20] بن عيسي زايد، التمييز بين النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر بسكرة،2016
[21] كمال حماد، النزاع المسلح والقانون الدولي العام، الطبعة الأولي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1998، ص9
[22] امجد عطية ، الحماية الدولية للنازحين أثناء النزاعات المسلحة في القانون الدولي الإنساني ،كلية الحقوق ، جامعة الشرق الأوسط ، 2023،
https://www.asjp.cerist.dz/en/article/86401
[23] منتصر سعيد حمودة، حقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة، الطبعة الأولي، دار الجامعة الجديدة للطبع والنشر، مصر، 2008، ص 42.
[24] بن عيسي زايد، مرجع سابق ذكره، ص 5
[25] بن عيسي زايد، مرجع سابق ذكره،ص 6-11
[26] عبدالشافى عبدالدايم خليفة ، مفهوم الحـماية الدولية لحقـوق الانسان والمعوقـات التي تواجهها ،مجلة القانون والاقتصاد ، العدد (الثاني والتسعون)،
https://mle.journals.ekb.eg/article_110300.html
[27] عز الدين فوده، “الضمانات الدولية لحقوق الإنسان”، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد 20 ، 1964 ، https://search.mandumah.com/MyResearch/Home?rurl=%2FRecord%2F275564
[28] عز الدين فوده، المرجع السابق
[29] Emanuela-Chiara, Gillard “THE ROLE OF INTERNATIONAL HUMANITARIAN LAW IN THE PROTECTION OF INTERNALLY DISPLACED PERSONS.” Refugee Survey Quarterly 24, no. 3 (2005): 37–48. http://www.jstor.org/stable/45054000.
[30] صافي يوسف، “الحماية الدولية للمشردين قسريا داخل دولهم” ،دار النهضة العربية، القاهرة، 2004.
[31] سعيد سالم، مدخل لدراسة القانون الدولي الانساني، دار النهضة العربية، القاهرة 2002.
[32] سعيد سالم، المرجع السابق، ص 17
[33] محمد الشلالده “القانون الدولي الانساني” ، بدون طبعة، منشأة المعارف، الإسكندرية 2005 .
[34] محمد الشلالده، المرجع السابق
[35] سعيد سالم، مرجع سابق ذكره، ص25
[36] سعيد سالم، المرجع السابق
[37] سعيد سالم، مرجع سابق ذكره ص
[38]محمد الشلالده، مرجع سابق ذكره ، ص 14
[39] الممتحنة، آية 8
[40] محمد ابو زهرة، العلاقات الدولية فى الأسلام، دار الفكر العربي، القاهرة، 1995
[41] محمد صافي يوسف، “الحماية الدولية للمشردين قسريا داخل دولهم” ،دار النهضة العربية، القاهرة، 2004.
[42] فاروق حمودة، “الحماية الدولية للنازحين داخليا”، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، كلية الحقوق بن عكنون، 2013.
[43] فاروق حمودة ، المرجع السابق
[44] محمد صافي يوسف، المرجع السابق
[45] سامح جابر، حماية المدنيين زمن النزاعات الدولية (الجريمة- آليات الحماية)، الطبعة الأولي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2007
[46] نياه خيرة، الحماية الدولية للنازحين، رسالة ماجستير، جامعة يحي فارس بالمدية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2021
[47] انظر للمادة 149 فى اتفاقية جنيف الرابعة ١٩٤٩
[48] فاروق حمودة، مرجع سابق ذكره ص85
[49] راجع المادة السادسة من النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ العسكرية
[50] نياه خيرة، الحماية الدولية للنازحين، رسالة ماجستير، جامعة يحي فارس بالمدية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2021
عبدالله علي ،الحماية الدولية للنازحين داخلياً ، مجلة البحوث قي في الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة العراق،
https://search.mandumah.com/Record/797618
[51] راجع الفقرة الثانية من المادة 49 فى اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949
[52] انظر للمادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949
[53] شكبرين ديلمي، “المادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 – دراسة تحليلية ” مجلة الصدى للدراسات القانونية والسياسية، المجلد 5 ، العدد 1 ، 2023 ، ص 10
[54] راجع فقرة 4 من المادة (٨٥) لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949
[55] راجع المادة (١٧) من البروتوكول الإضافي الثاني الخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية لعام ١٩٧٧.
[56] علوان محمد يوسف، القانون الدولي العام(المقدمة والمصادر)، الطبعة الثالثة، دار وائل للنشر، الأردن 2003، ص 95
[57] سامح جابر، حماية المدنيين زمن النزاعات الدولية (الجريمة- آليات الحماية)، الطبعة الأولي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2007
[58] هديل فضيل، التنظيم الدولي للنزاعات المسلحة الداخلية، رسالة ماجستير، جامعة تلمسان، 2014.
[59] سعيد حسن، المحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الأولي، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، ص112.
[60] طلال ياسين ، على جبار الحسناوي، “المحكمة الجنائية الدولية (دراسة قانونية فى تحديد طبيعتها-أساسها القانوني- تشكيلاتها-أحكام العضوية فيها)، الطبعة 3 ، دار الباروزي العلمية للنشر والتوزيع، الأردن، 2009
[61] طلال ياسين، علي جبار الحسناوي، المرجع السابق
[62] كمال حماد، النزاع المسلح والقانون الدولي العام المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة، طبعة 1 ، 1997
[63] انظر المادة (8) فقرة (2)(أ) (7) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.
[64] أنظر المادة (6) فقرة (ب) من النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ .
عبدالله فتح ، مشروعية العقوبات الدولية والتدخل الدولي ، القاهرة ، مركز الدراسات السوداني للنشر والطباعة ، ٢٠١٧.
https://www.asjp.cerist.dz/en/article/86401
[65] محمود بسيوني، المحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الأولي، دار نادي القضاة للنشر والطباعة، القاهرة، 2001، ص 162.
[66] راجع المادة (8) فقرة (2)(أ) (7) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998
[67] وفاء خليل ، “الأليات التعاقدية لتطبيق وتنفيذ القانون الدولي الانساني” ،كلية الحقوق والإدارة العامة ، جامعة بيرزيت ، فلسطين ، 2018.
[68] أنظر للمادة (55) من اتفاقية جنيف الرابعة
[69] أنظر المادة 55 في اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
[70] أنظر للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
[71] أنظر للفقر(2) من المادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
[72] منال ابراهيم ، الحماية الواجبة للنازحين والمهاجرين في ضوء مبادئ القانون الدولي ،كلية الحقوق ،جامعة الشرق الأوسط ، 2020
https://search.mandumah.com/Record/1396188
[73] منال ابراهيم، المرجع السابق
[74] عمر احمد محمد ،اتجاهات النازحين نحو الحماية القانونية ، المجلة العربية للدراسات الامنية ،جامعة جنيف العربية ،2017،
https://search.mandumah.com/Record/865415
[75] عمر أحمد محمد، المرجع السابق، ص 35
[76] وفاء خليل ، “الأليات التعاقدية لتطبيق وتنفيذ القانون الدولي الانساني” ،كلية الحقوق والإدارة العامة ، جامعة بيرزيت ، فلسطين ، 2018,ص78.
[77] محمد الشلالده، القانون الدولي الإنساني، بدون طبعة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2005، ص165.
[78] سعيد سالم، مدخل لدراسة القانون الدولي الانساني، دار النهضة العربية، القاهرة 2002، ص 118.
[79] هديل فضيل، التنظيم الدولي للنزاعات المسلحة الداخلية، رسالة ماجستير، جامعة تلمسان، 2014.
[80] محمود بسيوني، المحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الأولي، دار نادي القضاة للنشر والطباعة، القاهرة، 2001، ص 162.
[81] منال ابراهيم ، الحماية الواجبة للنازحين والمهاجرين في ضوء مبادئ القانون الدولي ،كلية الحقوق ،جامعة الشرق الأوسط ، 2020
https://search.mandumah.com/Record/1396188
[82] فاروق حمودة ، الحماية الدولية للنازحين داخلياً،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر 2017،
https://search.mandumah.com/Record/1396188
[83] فاروق حمودة، المرجع السابق، ص 53.
[84] أنظر المادة(54) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977.
[85] سعدون الأمير، مرع سابق ذكره، ص 108.
[86] فاروق حمودة، مرجع سابق ذكره، ص 63-70
[87] راجع المادة (75) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977.
[88] عبدالله علي ،الحماية الدولية للنازحين داخلياً ، مجلة البحوث قي في الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة العراق،
https://search.mandumah.com/Record/797618
[89] فاروق حمودة، مرجع سابق ذكره، ص 90
[90] راجع المادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة
[91] عبدالله علي ، مرجع سابق ذكره، ص 48 .
[92] أنظر المادة 46 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949
[93] فاروق حمودة، مرجع سابق ذكره ص 51-60
[94] منال ابراهيم ، الحماية الواجبة للنازحين والمهاجرين في ضوء مبادئ القانون الدولي ،كلية الحقوق ،جامعة الشرق الأوسط ، 2020
https://search.mandumah.com/Record/1396188
[95] فاروق حمودة، مرجع سابق ذكره ص 56
[96] جمال الدين طاهر ،الاشخاص النازحون داخليا بسبب النزاعات والعنف ، مركز الميزان لحقوق الانسان ، 2015،
https://search.mandumah.com/Record/994136
[97] فاروق حمودة، مرجع سابق ذكره، ص 86-93
[98] حمزة حسان، نشرالقانون الدولي الإنساني، رسالة ماجستير، جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية الحقوق،2008، ص 147-149
[99] سعيد سالم، مرجع سابق ذكره، ص13
[100] راجع نص المادة (144) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
[101] محمد فهاد، مرجع سابق ذكره، ص313
[102] حمزة حسان، نشر القانون الدولي الإنساني، رسالة ماجستير، جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية الحقوق،2008، ص 147-149
[103] رندة بوزاهر سيلة ، “دور اللجنة الدولية للصليب الاحمر في حماية ضحايا النزاعات المسلحة ” ،رسالة ماجستير ،كلية الحقوق والعلوم السياسيه جامعه محمد خضير ،الجزائر ، 2016 ،ص 9
[104] فاروق حمودة، مرجع سابق ذكره، ص110-111
[105] محمد هارون ، الهيئات الدولية المهتمة بوضع الاشخاص النازحين داخليا ، مجله العلوم السياسيه، 2018
[106] محمد هارون، المرجع السابق، ص 18
[107] امجد عطية ، الحماية الدولية للنازحين أثناء النزاعات المسلحة في القانون الدولي الإنساني ،كلية الحقوق ، جامعة الشرق الأوسط ، 2023،
https://www.asjp.cerist.dz/en/article/86401
[108] أمجد عطية ، المرجع السابق، ص 67
[109] حسين عمر، حصانات الحكام ومحاكاماتهم عن جرائم الحرب والابادة والعدوان والجرائم ضد الإنسانية،الطبعة2، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، 2006، ص 386.
[110] عمر احمد محمد ،اتجاهات النازحين نحو الحماية القانونية ، المجلة العربية للدراسات الامنية ،جامعة جنيف العربية ،2017،
https://search.mandumah.com/Record/865415
[111] ROSALYN,HIGGINS. “‘To Save Succeeding Generations from the Scourge of War’: The Role of the International Court of Justice.” Medicine, Conflict and Survival 16, no. 1 (2000): 60–71. http://www.jstor.org/stable/45351749.
[112] ROSALYN,HIGGINS, previous reference, page 7
[113] فاروق حمودة، مرجع سابق ذكره، ص 88-91
[114] أسامة صبري ، حماية النازحين داخلياً في النزاعات المسلحة ، مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية 2010،
https://search.mandumah.com/Record/797618
[115] عصام مطر، القانون الدولي الإنساني (مصادره ومبادئه واهم قواعدة )،دار الجامعة الجديدة للنشر والتوزيع ، القاهرة ، 2003 ، ص221.
[116] علي عبدالقادر، مرجع سابق ذكره، ص 328.
[117] علي عبدالقادر، القانون الدولي الجنائي ( أهم الجرائم الدولية، المحاكم الدولية الجنائية)، الطبعة الأولي، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2001، ص 328.
[118] أبوالوفا أحمد، الحماية الدولية لحقوق الإنسان في إطار منظمة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، الطبعة الأولي، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 150-160.
[119] عبدالرحيم نصر، الحماية أولية للأشخاص النازحين داخلياً وفقاً لقواعد القانون الدولي العام: دراسة تحليلية، مجلة مصر المعاصرة، مجلد 144، عدد 550، ص 88، 2023،
http://search.mandumah.com/Record/1396188
[120] عبدالرحيم نصر، المرجع السابق، ص 89
[121] عبدالله علي ،الحماية الدولية للنازحين داخلياً ، مجلة البحوث قي في الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة العراق،
https://search.mandumah.com/Record/797618
[122] محمد عباس ، القانون الدولي الإنساني وحماية النازحين داخلياً ،حالة النزوح العراقي ، المجلة العربية للعلوم السياسية ، 2016 ،
https://search.mandumah.com/Record/1370922
[123] سعيد سالم، المدخل لدراسة القانون الدولي الانساني ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2001.
[124] سعيد سالم ،مرجع سابق ذكرة ص14.
[125] محمد فهاد ، القانون الدولي الانساني ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2005،ص18.
[126] محمد فهاد ، مرجع سابق ذكرة ص٣٣.
[127] محمد أبو زهرة ، العلاقات الدولية في الإسلام ، دار الفكر الغربي ، القاهرة ، 2008، ص102.
[128] عمر محمود ،مرجع سابق ذكرة ص9.
[129] دينا ابو سمرة،النزوح نتيجة للعمليات العسكرية ،نشرة الهجرة القسرية ،ص٣٧.
[130] مرجع سابق ذكرة ص٤٤.
[131] صلاح الدين عامر، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام ،دار النهضة العربية ،٢٠٠٧,ص٦٦
[132] مرجع سابق ذكرة ص٣٣
[133] محمد عباس : مرجع سابق ذكره.
[134] علي الجبلاوي ،النزوح الداخلي في العراق ،مجلة العلوم الانسانية ،جامعة بابل ، 2019،
https://search.mandumah.com/Record/865415
[135] محمد عباس : مرجع سابق ذكره،
https://search.mandumah.com/Record/1370922
[16] عبدالله علي ، الحماية الدولية للنازحين داخلياً ، مجلة البحوث في الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة العراق،2017.
[137] ، النزوح بسبب التنمية هل هو شان داخلي ام قضيه دوليه تخص حقوق الانسان،نشرة الهجرة القسرية ،العدد١٢، ٢٠٠٢.
[138] اللجنة الدولية للصليب الاحمر، النازحون داخل بلدانهم ،دار الدعاية والإعلان ،،٢٠٠٧.
[139] بيركلاند نينا، الاتجاهات العالمية للنزوح الناشئ عن النزاع، المجلة الدولية للصليب الاحمر، العدد 875، 2009.
[140] عمر محمود ، القانون الدولي الانساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية ه، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الاردن، 2018
[141] جمال الدين طاهر ،الاشخاص النازحون داخليا بسبب النزاعات والعنف ، مركز الميزان لحقوق الانسان ، 2015،
https://search.mandumah.com/Record/994136
[142] محمد عدنان ، التفاهم المتزايد في مأساة النزوح الداخلي في العراق ، مجلة البحوث في الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة العراق ،2016.
[143] شذي محمد ، الحماية القانونية للأشخاص النازحين في النزاعات المسلحة غير الدولية ، جامعة إفريقيا العالمية ، 2019،
https://search.mandumah.com/Record/865415
[144] المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني ، سلسلة القانون الدولي الإنساني ،2008،ص3
[145] مرجع سابق ذكره.
[146][146] شذي محمد ، الحماية القانونية للأشخاص النازحين في النزاعات المسلحة غير الدولية ، جامعة إفريقيا العالمية ، 2019،
https://search.mandumah.com/Record/865415
[147] محمد عدنان : مرجع سابق ذكره.
[148] عبدالله علي: مرجع سابق ذكره.
[149] شريف علتم ،مدلول القانون الدولي الانساني وتطوره تاريخي ونطاق تطبيقه،مصدر سابق ذكره،
[150] دينا ابو سمره، النزوح نتيجة العمليات العسكرية، نشره الهجرة القسرية ، ص٣٤.
[151] مرجع سابق ذكرة ص47
[152] تعزيز احترام القانون الدولي الانساني في النزاعات المسلحة غير الدوليه،منشورات اللجنة الدولية للصليب الاحمر.
[153] عبدالرحيم نصر ،الحماية الدولية للأشخاص النازحين داخلياً وفقا لقواعد القانون الدولي العام ، الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والاحصاء ،مجلة مصر المعاصرة ،٣٠٢٣،
https://hrlibrary.umn.edu/arab/icrc8.html
[154] جميس هاتاواي، الاسباب المبررة في القانون الدولي للاجئين.
[155] عمر احمد محمد ،اتجاهات النازحين نحو الحماية القانونية ، المجلة العربية للدراسات الامنية ،جامعة جنيف العربية ،2017،
https://search.mandumah.com/Record/865415
[156] عمر أحمد، مرجع سابق ذكرة ص٣٣.
[157]هادي محمد، مرجع سابق ذكرة ص47
[158] عصام مطر، القانون الدولي الإنساني (مصادره ومبادئه واهم قواعدة )،دار الجامعة الجديدة للنشر والتوزيع ، القاهرة ، 2003 ، ص217-218.
[159] محمد هارون ، الهيئات الدولية المهتمة بوضع الاشخاص النازحين داخليا ، مجله العلوم السياسيه، 2018
[160] مرجع سابق ذكرة ص9
[161] عمل منظمه اطباء بلا حدود في العراق.
[162]،برنامج عمل العراق. عمل منظمه اطباء بلا حدود
[163] عبدالله فتح ، مشروعية العقوبات الدولية والتدخل الدولي ، القاهرة ، مركز الدراسات السوداني للنشر والطباعة ، ٢٠١٧.
https://www.asjp.cerist.dz/en/article/86401
[164] مصدر سابق ذكرة.
[165] ماهر جميل، المساعدات الإنسانية الدولية (دراسة تحليليه وتطبيقيه معاصره في ضوء قواعد القانون الدولي العام)، القاهرة، دار النهضة العربية، 2009.
[166] مرجع سابق ذكرة ص١١٧
[167] فهد مزبان، أزمة النزوح الداخلي في العراق ما بعد احتلال الموصل ٢٠١٤، مجلة مداد الادب، ٢٠١٩.
[168] دانيال باليري، منشورات اللجنة الدولية للصليب الاحمر،٢٠٠٥، ص٢١
[169] التقرير الثانوي الخامس عن تطبيق القانون الدولي الانساني على الصعيد العربي لعام 2009
[170] بلينا بيمتيش، الضمانات الإجرائية المتعلقة بالاحتجاز والاعتقال الاداري في النزاعات المسلحة وغيرها من حالات العنف، المجلة الدولية للصليب الاحمر،٢٠١٥.
[171] زيارات اللجنة الدولية للصليب الاحمر للأشخاص المحرومين من حريتهم، مهمه وكلت اليها دوليا وتنفذ علي نطاق العالم
[172] مرجع سابق ذكره.
[173] مجله الانساني،اصدار اللجنة الدولية للصليب الاحمر، العدد 28
[174] اللجنة الدولية للصليب الاحمر،مرجع سابق ذكره.
[175] العراق، كفاح لكسب الرزق وسط احداث العنف موجز لاهم انشطه اللجنة الدولية في العراق منذ بدأيه العام 2010.
[176] مرجع سابق ذكرة ص٣٣.
[177] مجله الانساني،اللجنه الدولية للصليب الاحمر، العدد 32.
[178] مرجع سابق ذكرة.
[179] كارل غاسر، نهجي محايد ومستقل وغير متحيز، سر قبول اللجنة الدولية للصليب الاحمر في العراق، اللجنة الدولية للصليب الاحمر، العدد 869.
[180] فاروق حمودة ، الحماية الدولية للنازحين داخلياً،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ظ2017،
https://search.mandumah.com/Record/1396188
[181] النظام الاساسي للحركة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر، المجلة الدولية للصليب الاحمر،٢٠١٠.
[182] اللجنة الدولية للصليب الاحمر، مرجع سابق،ص١٤.
[183] مجله الانساني ،اللجنة الدولية للصليب الاحمر
[184] كارل غائر ، مرجع سابق ذكرة.
[185] منظمة الايرو متوسط، العراق نفي داخل الوطن، 2023.
[186] يوسف محمد خليل، مدي الحماية الجنائية لحقوق الإنسان المضمنة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، رسالة ماجستير، جامعة عمان العربية، ٢٠١٢
https://lalexu.journals.ekb.eg/article_268534_79fb200d62d384f205df34cdac7cef3d.pdf
[187] المادة 16 من الاتفاقية المتعلقة بالشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة التي تبنتها منظمه العمل الدولية عام 1989
[188] المادة 3 من الاعلان لحقوق الانسان لعام 1948
[189] المادة 2 من الاعلان لحقوق الانسان عام 1948
[190] المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966
[191] احمد عطيه،حمايه السكان المدنيين والاعيان المدنية ابان النزاعات المسلحة،دراسه مقارنه بالشريعة الإسلامية-دار النهضة العربيه،القاهره.
[192] محمد صافي يوسف،الحمايه الدولية للمتشردين قصريا داخل دولهم،دار النهضة العربيه،القاهره،2004.
[193] مرجع سابق ذكرة ص47
[194] فييرا ديملو ، مقدمه في المبادئ التوجيهية من كتاب تطبيق المبادئ التوجيهية بشان النزوح الداخلي،19 99 ص11.
[195] المبدأ ٤ من المبادئ التوجيهية بشان التشرد الداخلي لعام 1998
[196] المبدأ 11 من المبادئ التوجيهية بشان التشريط الداخلي لعام 1998
[197] المبادئ،١٢,١٣,١٤,١٥ من المبادئ التوجيهية بشان التشرد الداخلي لعام 1998
[198] المبدأ 21 من المبادئ التوجيهية بشان التشرد الداخلي لعام 1998
[199] كيفيه انجاح تطبيق اتفاقيه كامله في مساعده النازحين داخليا،دليل المجتمع المدني بشان دعم تصديق وتنفيذ الاتفاقية لحمايه ومساعده النازحين داخليا في افريقيا،٢٠١٥.
[200] علاء عبد الحسن العنزي ، مفهوم الحماية الدولية لحقوق الإنسان والمعوقات التي تواجها ، مجلة المحقق للعلوم القانونية والسياسية ، العدد الثاني ، السنة السادسة ، ٢٠١٥
[201] الماده 3 من قانون وزاره الهجره والمهاجرين العراقي رقم 21 لسنه 2009.
[202] الفقره واحد من الامر الديواني رقم 101 لسنه 2008.