الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثيةالشرق الأوسطتقارير استراتيجيةعاجل

حــــقــيـــقـــة الإستــراتـــيــجـــيـة البحريــة الإثـــيـوبية : حالة موانـــئ جـــيـــبـــوتي ولامــو الكــيــنـي وبـربـره في صوماليلاند

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر

 

مُــــــقـــــدمـــــــــــة:

هناك ثمة إستراتيجية لمبني ومعني الأمن القومي الإثيوبي وهي تستجيب كأي نظرية أمن قومي للمعاملات التاريخية والجغرافية لأي بلد وفي الحالة الإثيوبية نجد أن نظرية الأمن القومي الحالية مؤسسة علي عدة أعمدة تاريخية وجغرافية أهمها : الـــنـــيـــل و العزلة البحرية أو الإنحباس الجغرافي وتعدد الأعراق واللغات أو ما يُعرف بالتعدد العرقي لسكان إثيوبيا ومكانة الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية  .

بالنسبة لخاصية العزلة البحرية أو الإنحباس الجغرافي لإثيوبيا فقد تواضع المفكرين الإثيوبيين المعنيين بموضوع الأمن القومي الإثيوبي لهذه المســـالة أو المعضلة علي وضع إستراتيجية إثيوبية قد تلبي مصالح الدولة والشعب الإثيوبي وهي إستراتيجية يغلب عليها الــطــابــع الـهـجـومي  Aggressive المتوافق مع الطبيعة المعهودة عن إثيوبيا منذ عهد إمبراطور إثيوبيا الراحل منليك الثاني (17 أغسطس 1844- 12 ديسمبر 1913) ومن قبله الإمبراطور يوحنا , وهي طبيعة توسعية منطلقة من شعور قومي به مسحة من التعالي والإحساس المبالغ فيه بالتميزفإثيوبيا موطن مملكة أكسوم القديمة وعُثِر بها على أقدم هيكل بشري عمره 4,4 مليون سنة وسجلها في الاستقلال مؤكد إذ لم تخضع للاستعمار إلا في الفترة من 1936 وحتى 1941 عندما اجتاحت القوات الإيطالية في حملتها على شرق إفريقيا إلى أن خرجت من المنطقة بعد توقيع الاتفاق الأنجلو/إثيوبي في ديسمبر  1944 وهذا الشعورغذته مشاعر حقيقية بالعزلة مع الخشية من المحيط العربي والإسلامي الذي يحاصر النطاق الجغرافي الإثيوبي البالغ1100000كم مربع بسكانه البالغ عددهم 126 مليون نسمة منهم أكثر ثلث السكان من المسلمين وهؤلاء السكان لديهم نوع آخر من العزلة فيما بينهم أملته الطبيعة الجبلية لإثيوبيا إزدادت حدته بسبب الإنحباس الجغرافي لكل إثيوبيا التي رغم حيازتها لنهر النيل العابرلحدودها لتسع دول أفريفية ورغم ثرواتها الزراعية والمائية ومواردها البشرية الضخمة إلا أنها حُرمت من إطلالتها البحرية علي البحر الأحمر بعد إستقلال أرتريا مستعمرتها السابقة في مايو 1993وفقدان مينائي مصوع وعصب وكنتيجة لذلك تملك إثيوبيا خاصة مفكريها الإستراتيجيين شعور قاس بالنقص لإعتقادهم بأن إثيوبيا أصبحت عملاق بلا رأس شأنه شأن أي كائن ضعيف يسير بلا هدي و بناء علي ذلك تبنت إثيوبيا إستراتيجيتها الهجومية كي ينال هذا العملاق حقه في حيازة رأس أي ميناء مُستقل يستكمل به بنيانه الجسماني الطبيعي ولو كان في هذا الإستكمال إعتداء علي إستقلال دولة أخري أو علي القانون الدولي لا يهم فالنموذج الذي تحتذيه إثيوبيا هو الكيان الصهيوني الذي حاز تاريخاً مزيفاً وجغرافيا مزيفة كون بهما دولته غير آبه بالقانون الدولي أو بالمنطق .

مازالت إثيوبيا مصرة علي تحقيق هذه الإستراتيجية في سلوك سياسي شاذ لم يعهده المجتمع الدولي ولم تسلكه أي من الدول الحبيسة في العالم ولا في أفريقيا من قبل , فالسلوك الإثيوبي يدل بصفة قاطعة علي أن الدولة الإثيوبية تعاني من شذوذ مرضي سياسي فمازال رئيس الوزراء الإثيوبي يعلن هذه الإستراتيجية الشاذة للوصول للبحر علي حساب الدولة الصومالية الممزقة منذ تسعينات القرن الماضي والتي منذ سقوط الرئيس سياد بري عام 1990 وهي تجدد أحلامها التوسعية في الصومال عندما وقع كيان منفصل عنوة عن الدولة الصومالية الفيدرالية يدعي صوماليلاند مذكرة تفاهم (وليس إتفاقية) مع إثيوبيا في أول يناير 2024 تخول لإثيوبيا حيازة إمتياز بإستغلال 20 كم مربع لمدة 50 عام لإقامة قاعدة بحرية عسكرية الطابع ومنفذ تجاري بحري ومازال رئيس الوزراء الإثيوبي يــصـــرعلي إدعاء الحق في حيازة هذا الإمتياز من دولة لا تعترف بها دولة الصومال الإتحادية ولا المجتمع الدولي ولا الأفريقي (مقر منظمة الإتحاد الأفريقي في أديس أبابا)  ففي كلمة ألقاها رئيس الوزراء الإثيوبي يوم 31 أكتوبر2024في البرلمان الإثيوبي كرر نفس الأدعاء فقال إن بلاده تسعى إلى الوصول إلى البحر الأحمر “من خلال الوسائل السلمية فإثيوبيا “ليس لديها أي مصلحة في التورط في حرب” ووصف رئيس الوزراء الاتفاق بأنه “اتفاقية تنمية” تستند إلى حاجتها الطويلة الأمد للوصول البحري وقال: “لقد طالبنا بالوصول إلى البحر وهذا هو كل شيء كما أننا لن نتخذ إجراء هجوميًا لكننا سندافع عن أنفسنا بشكل فعال إذا حدث شيء ما”وأن إثيوبيا لديها “موقف واضح” بشأن هذه القضية وأضاف “فليسمع العالم اليوم أن إثيوبيا لديها مصلحة وطنية واضحة وهي أنها بحاجة إلى الوصول إلى البحر الأحمر عبر الوسائل السلمية”وأننا إذا لم ننجح فسوف ينجح أطفالنا ونفى أي اهتمام بالضم إذ قال “عندما وقعنا مذكرة التفاهم مع أرض الصومال طلبنا عقد إيجار لمدة 99 عاما ولكنهم لم يوافقوا ووقعنا اتفاقية إيجار لمدة 50 عاما”وتساءل “كيف يمكن لعقد الإيجار لمدة 50 عامًا أن يكون ضمًا؟”وقال رئيس الوزراء الإثيوبي لأعضاء البرلمان إن إثيوبيا ليس لديها أي أجندة في الصومال بخلاف الوصول إلى البحر فـ  “إثيوبيا هي الدولة التي تضم ثاني أكبر عدد من الصوماليين في العالم بعد الصومال إنهم إخوتنا”.

الإستراتيجية البحرية لإثيوبيا :

أمام إثيوبيا خيارات مينائية ثلاث تُطبق من خلالها إستراتيجيتها البحرية ومن المفيد للمتابع لمستقبل هذه الإستراتيجية أن يتتبع التناول أو الإقتراب الإثيوبي تجاه هذه الخيارات الثلاث مع ملاحظة أن هذه الخيارات تعمل بها إثيوبيا معاً لكنها تولي أحدها أهمية خاصة كونه خيار يتناسب مع مقتضيات الإستراتيجية البحرية الإثيوبية كلها , وفيما يلي عرض موجز لهذه الخيارات :

(1) مـــيـــنـــاء جــيـــبــوتي :

إستقلت جيبوتي عام 1977 ذلك البلد الهام من لزاوية الوجيستية والعسكرية وهذه الأهمية زادت بتداعيات حرب غـــزة وتضافر جبهات الإسناد مع حماس في مواجهتها للمحتلين الصهاينة المدعومين من قوي عسكرية بحرية كبري مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ولهذا تمتلك كل من الصين وفرنسا(تدفع إيجار سنوي لقاعدتها يبلغ 30 مليون يورو) وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية قاعدة عسكرية واحدة أو أكثر في دولة جيبوتي الواقعة في غرب إفريقيا والمطلة على مضيق باب المندب الذي يُعد أحد نقاط الاختناق الرئيسية في العالم ومع ذلك  فإن قائمة هذه القواعد يمكن أن يُضاف إليها في السنوات المقبلة نظرا لأن روسيا والهند أعربتا عن رغبتهما في إقامة قواعد على هذا الشريط من الأراضي الأفريقية في حين أقامت ألمانيا وإسبانيا والمملكة المتحدة منشآت مؤقتة هناك بشكل دوري وتتحري هذه الدول مواجهة مخاطر النقل البحري المختلفة بالنسبة للجميع وهي هي نفسها : السيطرة على الطرق البحرية التي تخرج من البحر الأحمر وتدخله .

تعرضت الإستراتيجية البحرية الإثيوبية للوصول إلي البحر لموجات مد وجزر فإثيوبيا إتجهت إلي إتباع النهج الهجومي منذ زمن طويل لتحقيق هذه الإستراتيجية فبدأت في تنفيذ هذه الإستراتيجية بعد الحرب العالمية الثانية ولكن بهزيمة إيطاليا في نهاية هذه الحرب عام 1945تحررت إثيوبيا وأرتريا من نير الاحتلال الإيطالي وصارت إرتريا بالقوة الإثيوبية جزءاً من إثيوپيا  بل إن الدبلوماسية الإثيوبية والتآمر الدولي نجح في مستهل عام 1950في إستصدار قرارالجمعية العامة للأمم المتحدة قضي بضم إرتريا كمقاطعة إلى إثيوپيا وبعد تسع سنوات قرر الإمبراطور الاثيوبي هيلا سيلاسي حل الاتحاد مع إريتريا مما أثار ثلاثين عاما من الكفاح المسلح الأرتري من أجل الاستقلال حتى عام 1991عندما هزمت جبهة التحرير الشعبية الإرترية القوات الإثيوپية في إرتريا وسيطرت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بمساعدة جبهة التحرير الشعبية الإرترية على إثيوپيا وفي أبريل 1993وفي استفتاء مدعوم من إثيوپيا صوت الشعب الإرتري بالإجماع لصالح الانفصال في العام نفسه تم الاعتراف الرسمي بإرتريا كدولة مستقلة وبذلك خسرت إثيوبيا مينائي عصب (ميناء عصب ظل راكدًا بائراً منذ الاستقلال 1993م نتيجة لسوء العلاقة بين نظامي أرتريا وإثيوبيا الذين خاضا حربة ضروساً بسبب نزاع حدودي خلال ( 1998 – 2000م ولا مستقبل للموانئ الأرترية إلا ببناء علاقة حسن الجوار مع  كل الدول بما فيها إثيوبيا والدول العربية وأن تكون جاذبة مغرية  إثيوبيا وأرتريا لا تزالان تعيشان وضعا قلقاً  متوتراً لعدم حسم ملف الخلاف بينهما) ومصوع بأرتريا علي البحر الأحمر وكان لابد لإثيوبيا من الإعتماد علي موانئ مجاورة فكان أن أجرت إتصالات مع السودان للوصول لميناء بورسودان البعيد نسبياً عن الأراضي الإثيوبية وأكتفت إثيوبيا بالإعتماد علي مصافي تكرير البترول وتخزينه بمنطقة الجيلي السودانية لتلبية بعض إحتياجات إثيوبيا من البترول ولكن مع تردي الوضع في شرق السودان والحرب الدائرة بين عصابات الدعم السيع الممولة من الإمارات وخلفها الصهاينة إستبعد إثيوبيا إعتماديتها علي محطة الجيلي للبترول وتحولت إلي مصادر أخري أهمها جيبوتي ومع ذلك قررت إثيوبيا مؤخراً مد الخطوط الجوية الإثيوبية شبكتها الأفريقية بإضافة خدمة رحلات يومية إلى بورتسودان اعتباراً من 15 أكتوبر 2024 أما جيبوتي والتي راودت إثيوبيا منذ أكثر من 50 عاماً أحلام ضمها حازمة بتحرض أقلية عفار   التي تماهت مع طموحات إثيوبيا الوحدوية مع جيبوتي لكنها فشلت كما فشلت سابقاً مع أرتريا لكن بالرغم من هذا تظل جيبوتي الميناء الأقرب إلي إثيوبيا من حيث المسافة وكان أن منحت جيبوتي إثيوبيا حق الوصول الكامل إلى مينائها الذي يتعامل حاليا مع ما يصل إلى 95 % من التجارة الدولية لإثيوبيا ولتلبية احتياجات إثيوبيا أنشأت جيبوتي مجموعة من البنية الأساسية الجديدة بما في ذلك موانئ للشحن والهيدروكربونات فضلاً عن العديد من المناطق الصناعية كما أنشأت خط أنابيب لنقل الغاز من إثيوبيا في حين قامت بتجديد وكهربة خط سكة حديد بطول 465 ميلاً يربط العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والعديد من المناطق الصناعية المحيطة بميناء جيبوتي ويعكس عمق العلاقات الاقتصادية بين الجارتين أن أكثر من 75% من الناتج المحلي الإجمالي لجيبوتي يعتمد حالياً على خدمات النقل ووفقًا للبنك الدولي فإن 85٪ من حركة الشحن في جيبوتي إما تتجه إلى إثيوبيا أو تأتي منها حيث تتعامل جيبوتي (مساحتها 23,200 كم مربع مع أكثر من 90٪ من تجارة جارتها الأكبر/إثيوبيا وقد أدى النمو الاقتصادي السريع في إثيوبيا إلى تسريع حركة المرور عبر ميناء جيبوتي حيث ارتفع حجم الحاويات التي تمت مناولتها من 176,453 في عام 2002 إلى 854,851 في عام 2014وفقًا للأرقام الصادرة عن هيئة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي (APZFD) كما تظهر الأرقام أن متوسط ​​عدد الشاحنات التي تعبر الحدود يوميًا بين إثيوبيا وجيبوتي يبلغ 1500 شاحنة ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 8000 شاحنة بحلول عام 2020ووفقا للأرقام الواردة في تقرير صادر عن منظمة التجارة العالمية في عام 2014 فإن عدد الشاحنات الإثيوبية التي تخدم ممر النقل بين البلدين يتراوح بين 6000 إلى 8000 شاحنة وهذا العدد أكبر بكثير من أساطيل المشغلين الجيبوتيين والتي يبلغ مجموعها 200 إلى 250 شاحنة وقد نشأ عن كثافة إعتمادية دولة ضخمة الموارد كإثيوبيا علي دولة صغيرة المساحة كجيبوتي مشكلة ازدحام مروري وهي مشكلة رئيسية عند ربط نقل البضائع بين جيبوتي وإثيوبيا والعمل جارٍ على قدم وساق لتحويل حركة المروربعيدًا عن الطريق إلى خط سكة حديد أعيد بناؤه مؤخرًا وسيتمكن خط السكك الحديدية الذي يبلغ طوله 753 كيلومترًا والممول من الصين من نقل ما يصل إلى 3500 طن في الرحلة بين البلدين أي سبعة أضعاف السعة القصوى للخط السابق – وخفض أوقات السفر إلى حوالي عشر ساعات من المتوسط ​​الحالي البالغ يومين الذي تستغرقه الشاحنات وفي حديثه إلى وسائل الإعلام في عام 2015 وصف جيتاتشو بيترو الرئيس التنفيذي لشركة السكك الحديدية الإثيوبية المملوكة للدولة المشروع بأنه “مغير لقواعد اللعبة” مضيفًا: “سيكون أحد أكثر الممرات الاقتصادية حيوية في العالم”كما يأمل المسؤولون الجيبوتيون أن يمتد خط السكة الحديدية في نهاية المطاف إلى جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى والكاميرون ليربط بين البحر الأحمر والمحيط الأطلسي وعلى المدى الأبعد ويأمل هؤلاء المسؤولون في الاستفادة من الموقع الجغرافي للبلاد المتاخم للأسواق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أفريقيا , كذلك علاوة علي ذلك فمن بين المشاريع الأخرى التي من المقرر أن تسهل نقل البضائع بشكل عام إنشاء خط أنابيب بطول 550 كيلومترًا بين جيبوتي ووسط إثيوبيا وسيستخدم هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 1.55 مليار دولار أمريكي لشحن المنتجات البترولية المكررة والتي كانت تُنقل عادةً باستخدام شاحنات الصهاريج  .

يجب التنويه بأن التعامل بين جيبوتي وإثيوبيا تعترضه مشكلات جمة إذ اشتكى الناقلون الجيبوتيون من أن نقص العملة الأجنبية في إثيوبيا – نتيجة لنظام نقدي صارم – أدى إلى تراكم الديون غير المسددة وفي مقابلة أجريت مؤخرًا قال أبو بكر عمر هادي رئيس APZFD إنه اعتبارًا من ديسمبر 2015 بلغت المتأخرات المعلنة لشركات الشحن الجيبوتية على محور جيبوتي-إثيوبيا 3 مليارات فرنك جيبوتي (16.8 مليون دولار) وقد قدرت APZFD الرقم الحقيقي بإنه قد يكون ضعف ذلك كما قالت هيلين حسين المديرة العامة لشركة Afro Leon للخدمات اللوجستية، لـ OBG: “تنتج المتأخرات الإثيوبية الكبيرة بسبب نقص الدولارات حتى أن الشركات الإثيوبية تواجه صعوبة في الوصول إلى العملة الأجنبية لأن كل ذلك سيذهب لدفع ثمن مشاريع واسعة النطاق مثل مشروع سد النهضة ومن المفهوم أن هذا وضع ضغوطًا مالية كبيرة على مشغلي الخدمات اللوجستية وبسبب ذلك ظلت السلطات الجيبوتية على اتصال بنظيراتها الإثيوبية لحل القضية واسترداد التكاليف

في ديسمبر 2021 أعلنت وزارة النقل الفيدرالية الإثيوبية أن حجم التجارة الإثيوبية التي تتعامل معها موانئ جيبوتي بدأ في مسار تنازلي منذ النصف الثاني من عام 2021، حيث انخفض إلى 83.9% وباعتبارها دولة غير ساحلية تعتمد إثيوبيا على جيرانها في توجيه تجارتها.وباعتبارها كذلك دولة تعتمد على الواردات، فإن وارداتها أكبر بأكثر من 4 مرات من صادراتها .

كذلك لُوحظ منذ عام 2022انخفاض حجم واردات إثيوبيا عبر ميناء جيبوتي بنسبة 14.62% خلال الأشهر العشرة الماضية لمايو2022 مع تحول جزء من حركة الصادر والوارد الإثيوبي إلى موانئ جديدة بما في ذلك موانئ تاجورة وبربرة ومويالي فبسبب استراتيجية تنويع الموانئ التي تنتهجها الحكومة الإثيوبية منذ 2021 بدأ الازدحام في حركة الشحن على طريق التجارة الرئيسي بين أديس أبابا وجيبوتي في التباطؤ فقد تم شحن أكثر من 95% من إجمالي واردات إثيوبيا عبر ميناء جيبوتي وتمكنت وزارة النقل واللوجستيات من توفير 2.3 مليار بر من خلال عملية تنويع الموانئ خلال الأشهر العشرة الماضية لمايو2022 بحسب تقرير الوزارة المقدم إلى البرلمان الإثيوبي وخلال تلك الفترة بينما كانت 86% من واردات إثيوبيا تتم عبر ميناء جيبوتي كانت 9.16% تتم عبر ميناء تاجورة و5% عبر ميناء بربرة و0.02% عبر ميناء مويالي ولم يُستخدم ميناء بربرة حتى الآن إلا لبرنامج الغذاء العالمي والبضائع السائبة  .

يُعد ميناء جيبوتي تلك الدولة التي تضم نحو سبعة موانئ أغلى نسبيا من السودان ومصوع وعصب وبربرة ومقديشو ومومباسا وتنزانيا ومالابو في موزمبيق ويمكن الحصول على سعر تنافسي باستخدام هذه الموانئ المخفضة .

من الصحيح أن أسعار الموانئ في جيبوتي أرتفعت بعد أن خفضت الحكومة الجيبوتية مدة بقاء البضائع في مينائها من 45 يوما إلى ثمانية أيام كذلك من المتوقع أن يؤثر تنويع الموانئ في إثيوبيا أيضا على الإيرادات الوطنية لجيبوتي والتي تأتي إلى حد كبير من رسوم الموانئ الإثيوبية تليها الإيرادات من تأجير القواعد العسكرية للقوى العظمى العالمية كالولايات المتحدة والصين الشعبية وفرنسا وغيرهما وعلى الرغم من أن ميناء جيبوتي – كما أشرت – هو أقرب ميناء إلى إثيوبيا الدولة غير الساحلية إلا أن أسعاره تظل باهظًة مقارنة بالموانئ الواقعة أبعد منه مثل بورتسودان وميناء لامو في كينيا ولذلك تحاول دول مثل كينيا والصومال والسودان التنافس مع جيبوتي من خلال خفض الأسعار وهو ما أصبح سريعاً ميزة لصالح إثيوبيا كما تحاول الحكومة الإثيوبية إتباع سياسة تنويع طرق الاستيراد إلى عصب وغيرها ويبررتعزيز هذا التنوع أيضًا التهديدات الأمنية المتزايدة التي تنشأ عن الاعتماد على ميناء جيبوتي فقط ومع ذلك قال كاساهون أبيرو الشريك المؤسس والمدير في شركة أكاكاس لوجيستكس إن هناك اختناقات أمام تنويع الموانئ فتنويع الموانئ في نظره أمر موصى به بشدة لأنه يمكن أن يقلل من التكلفة العالية لاستخدام ميناء جيبوتي ومع ذلك فإن الطرق الجديدة الأخرى المؤدية إلى الموانئ التي تم الوصول إليها حديثًا تفتقر إلى الخدمات المقدمة للشاحنات ومقدمي خدمات النقل ولا تحتوي طرق الموانئ الجديدة هذه على خدمات مثل محطات الوقود والمرائب ومتاجر قطع الغيار للشاحنات والتخزين وغيرها من الخدمات بما في ذلك خدمات الجمارك” وأضاف كاساهون “إذا غادرنا جيبوتي إلى بربرة فلن نتمكن من الوصول إلى خدمات الطرق مثل محطات الوقود والمرائب ومن خلال الانتقال إلى موانئ أخرى يمكن خفض تكاليف الموانئ بنسبة تصل إلى 20 %”وقال تاتيك نيجاش مدير الاتصالات بوزارة النقل الإثيوبية :إن تنويع الموانئ في إثيوبيا يهدف أيضًا إلى تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر للمشاركة في بناء الموانئ وفي خطة التنمية العشرية لوزارة النقل من الضروري توسيع الموانئ المجاورة باستخدام ميناء واحد فقط وأضاف : أن “استخدام ميناء تاجورة في جيبوتي بدأ مؤخرا ويجب إجراء دراسة لاستخدام موانئ جميع الدول المجاورة” مُشيراًأن “التطوير سيتم بعد إجراء الدراسة والتوصل إلى اتفاق مع الدول” ومن المعلوم أن واردات إثيوبيا ثشكل 21.8% من ناتجها المحلي الإجمالي في حين تبلغ صادراتها حوالي 5% .

إن إثيوبيا تعاني من اللجوء لميناء جيبوتي بسبب التعريفه المينائية  الباهظة نسبياً والتي نشأت عن االوضع الإحتكاري لهذا الميناء بالنسبة لإثيوبيا  المضطرة للجوء إليه وكذلك هناك أيضاً الإزدحام المروري والذي تنشأ عنه تأخيرات للواردات والصادرات الإثيوبية  يُضاف إلي ذلك أن جيبوتي سحبت عرضاً قدمه مسؤل جيبوتي في وقت سابق بغية خفض التوتر الناشئ عن توقيع إثيوبيا مع صوماليلاند مذكرة تفاهم لمنح صوماليلاند 20كم مربع لإثيزبيا لاقامة قاعدة عسكرية ومنفذ تجاري لخمسين عاماً قادمة وهو ما أثار توتراً مع الصومال ومصر وقد نفي  وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف، التقارير التي تزعم أن بلاده تعرض ميناء تاجورا على إثيوبيا لتخفيف التوترات بين الصومال وإثيوبيا ففي بيان، وصف يوسف الشائعات بأنها لا أساس لها من الصحة مؤكدا أن “ميناء تاجورة، مثل جميع الموانئ الأخرى في جيبوتي هو جزء من التراثنا الوطني ولن يتم بيعه أو التنازل عنه لأحد”وأكد أن استراتيجية جيبوتي تركز على جعل موانئها تشغيلية ومنتجة لتوليد فرص العمل خاصة في المناطق الشمالية مع الحفاظ على الميزة التنافسية للبلاد في الخدمات اللوجستية الإقليمية وأضاف يوسف : “نحن نعمل على شراكات لجعل الموانئ مربحة ولكن لا توجد خطة لبيعها أو التنازل عنها”وكان يوسف قد أشار في وقت سابق إلى أن رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله يعمل على إيجاد حل سلمي للصراع بين الصومال وإثيوبيا، مما يتيح الوصول الكامل لإثيوبيا للبحر ولكن التصريح الأخير لوزير الخارجية يوضح أنه لم يتم التوصل إلى مثل هذه الصفقة وبالإضافة إلى ذلك، فقد باءت التقارير بالفشل أيضاً حيث أشارت إلى أن الرئيس جيلي حاول تنظيم اجتماع بين الرئيس الصومالي ورئيس وزراء إثيوبيا في منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين  .

(2) مــــــيــــنــاء لامــــــو Lamu في كـــيـــنـــيــا :

هناك مشروعات طرق رئيسية تُقام حالياً في القرن الأفريقي بمفهومه التقليدي والأمريكي (منطقة القرن الأفريقي الكبير أو Greater Horn of Africa وقسم هام من هذه المشروع يربط موانئ القرن الأفريقي علي المحيط الهندي بالدول الحبيسة Landlocked مثل إثيوبيا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطي ومالاوي وبوروندي ورواندا وأهم هذه المشروعات بهذه المنطقة مشروع ممر النقل Transport Corridor الذي يربط ميناء Lamu بكينيا علي المحيط الهندي بجنوب السودان وبإثيوبيا , وقد نشرت صحيفة Guardian Mail في 26 يوليو 2015 أن هذا المشروع الذي يقع في إطار مشروع يُدعي Lapsset تبلغ تكلفته التقديرية 26 مليار دولار , ويتضمن أعمال إنشاء ستة مراسي Berths بالمياه العميقة ووحدة تحلية مياه ومحطة لتوليد الكهرباء تعمل بالغاز السائل وخط بترول , وأشارت الصحيفة إلي أن الحكومة الكينية (شركة Aeolus Kenya Ltd أو AKL) ومجموعة من الشركات الأمريكية منها شركة Bechtel تتفاوض بشأن توقيع إتفاق ببلايين الدولارات ويُعد أكبر مشروع تنمية للبني الأساسية بكينيا , وتزامن بدء هذه المفاوضات مع زيارة الرئيس الأمريكي Barack Obama لكينيا , وأشار بيان صادر عن الرئاسة الكينية في 25 يونيو إشارته 2015 إلي أن وزير النقل الأمريكي Anthony Foxx قال ” لدينا بالغ الإهتمام بهذا المشروع ونريد أن توضع الصفقة الأمريكية بشأنه في الإعتبار ”, وتزمع الحكومة الكينية أيضاً في إطار أوسع مدي إقامة مطار دولي آخر ومنتجعات بالساحل الكيني وطريق علوي يربط كينيا بدول الجوار , ونقلت صحيفة عن مسئول كبير بشركة AKL ” إن هذه المشروعات مُصممة لتحمي مصالح كينيا ” كذلك نُشر في 26 يوليو2015 أن الشركات الكينية والأمريكية تتفاوض على اتفاق محتمل بمليارات الدولارات مع الحكومة الكينية للمساعدة تطوير أكبر مشروع للبنية التحتية في الدولة الواقعة في شرق إفريقيا والمشاركة في ممرلامو لابيست وهو ممر النقل بين ميناء جنوب السودان وإثيوبيا الذي يتوخى بناء ميناء ومحطة كهرباء وسكة حديد وغيرها من المرافق  وفقا لعيسى تيمامي حاكم مقاطعة لامو في جنوب شرق كينيا وتقود المناقشات  بشأن مشروعات البنية التحتية شركة أيولوس كينيا المحدودة وهي شركة للطاقة والبنية التحتية التي يسيطر عليها عن كثب المطور المعروف باسم AKL وأُحيل عليه قوله في مقابلة هاتفية في 21 يوليو2015 :”كانت AKL في مفاوضات مستمرة مع الولايات المتحدة الحكومة وحكومة كينيا تقترحان مجموعة من التدابير المتكاملة والمتكاملة حلول البنية التحتية الحيوية التي ستبدأ برنامج Lapsset في كينيا كما أكدت ذلك الشركة التي تتخذ من نيروبي بكينيا مقرا لها وقد تزامنت المناقشات حول الصفقة مع الولايات المتحدة مع زيارة الرئيس باراك أوباما إلى كينيا التي أتت وسط تنافس على النفوذ في أفريقيا حيث تفوقت الصين علي أمريكا كأكبر شريك تجاري للقارة في عام 2009إذ بلغت التجارة الصينية مع أفريقيا حتي عام 2015 حوالي 198.5 مليار دولار في عام 2012 مقارنة بالتجارة بين الولايات المتحدة وأفريقيا البالغة 99.8 دولار ملياروفقا لمعهد بروكينجز ومقره واشنطن . ومن جهة أخري فقد أوردت شبكةALL AFRICA  الإخبارية في 27 فبراير 2017 بالإحالة علي المسئول الرئيسي عن قطاع النقل بالحكومة الكينية Irungu Nyakera قوله ” أن نحو 20% من أعمال مشروع ميناء Lamu تمت وأن الحكومة سترصد 10 بليون شلن كيني له في العام المالي القادم , وأن الحكومة سددت بالفعل مبلغ 4,6 بليون شلن للمقاول وأن مبلغ 2,9 بليون شلن سيُدفع نهاية العام الحالي ” , وأشار إلي ” أنهم يتوقعون إنهاء تنفيذ المرسي الأول بهذا الميناء – الذي تبلغ تكلفته الكلية 8 بليون شلن – بنهاية يونيو 2018 وأن المرسي الثاني والثالث مُخطط الإنتهاء منهما عامي 2019 و2020 ” , وأوضح ” أن الحكومة عزمت علي إكمال هذا الميناء الثاني لكينيا ليكون إحتياطيا لميناء Mombasa وأنه يعتبر مشروعاً مفتاحياً لدفع التجارة بين كينيا وجنوب السودان وإثيوبيا , كما أن الحكومة جنبت مبلغ 10 بليون شلن لإقامة طريقLamu-Witu-Garsen الذي يبلغ طوله 132 كم والذي سيعزز من طاقة نقل البضائع والمواطنين بين مينائي Lamu و Mombasa ” .

أقــرت NEPAD مــشروع LAPSSET  أو  Ethiopia Transport – Corridor Project مشروع يشترك فيه  كل من : جنوب السودان وإثيوبيا وأوغندا وكينيا ومنظمات تجمع الساحل والصحراء و COMESA وIGAD و EAC , ومشروع North – South Corridor Road \ Rail Project ومشروع Kinshasa – Brazzaville Bridge Road\ Rail Project ومشروع Dakar –Ndjamena – Djibouti \ Rail Project ومشروع Missing Links on the Trans – Sahara Highway و RUZIZI المرحلة الثالثة للطاقة المائية وتستفيد منه رواندا وبوروندي والكونجو الديموقراطية وتعني به تجمعات COMESA و EAC و CEPGL و CEAC فلهذه المشروعات أهمية قصوي وتمثل إحتياجاً حقيقياً وإضافة ملموسة لإقتصاديات الدول المنخرطة والمستفيدة منها .

ما يعنينا هنا ونحن نتتبع الإستراتيجية البحرية لإثيوبيا في منطقة القرن الأفريقي ويتصل بموضوعها هومشروع ممر LAPSSET فهو ممر يربط ميناء لامو الكيني بجنوب السودان و إثيوبيا الدولتين الحبيستين وهو مشروع للنقل والبنية الأساسية تبنته كينيا وبعد اكتماله سيكون ممر النقل الثاني في البلاد بعد ممر النقل مومباسا – أوغندا الذي يمر عبر نيروبي وأجزاء من الصدع الشمالي , وقد تم بالفعل إنشاء بعض البنية التحتية الأساسية لمشروع LAPSSET مثل مكتب الميناء ومركز الشرطة في لامو وتجديد مدرج مطار لامووخطة مشروع ممر لابسيت تجمع بين عناصر مختلفة: بناء ميناء جديد في لامو وخط أنابيب نفط لامو-جنوب السودان وطرق وسكك حديدية تربط ربما بغرب وجنوب إثيوبيا كما سيتم إنشاء مطار دولي جديد ومدن سياحية على طول السكك الحديدية وسوف يكون لاستكمال أي من هذه العناصر تأثير كبير على أي تركيبة من شأنها أن تحول المنطقة كما سيربط ممر LAPSSET الذي يبلغ عرضه 200 متر بين جوبا وساحل لامو في كينيا على بعد 1700 كيلومترومن المتوقع أن يشكل الممر جزءًا من “الجسر البري” الاستوائي المستقبلي الذي يربط غرب وشرق إفريقيا عبر جوبا وبانجوي في جمهورية إفريقيا الوسطى بدوالا في الكاميرون ومن المقرر أيضًا ربط الطرق بأديس أبابا عبر مويالي في كينيا ويهدف هذا المشروع إلى الحد من الاعتماد المفرط على ميناء مومباسا الرئيسي في كينيا فضلاً عن فتح الحدود الشمالية التي تعاني من نقص كبير في التنمية من خلال إنشاء ممر لابست والمدن الرئيسية التي يشملها المشروع هي لامو وإيزولو في كينيا وجوبا في جنوب السودان وأديس أبابا في إثيوبيا وتتطلب مكونات البنية الأساسية السبعة الرئيسية في برنامج ممر لابسيت قدرًا أكبر من الموارد حيث تقدر الميزانية بنحو 24.5 مليار دولار أمريكي ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة ميناء لامو الذي يضم 22 رصيفًا فقط نحو 3.1 مليار دولار أمريكي والسكك الحديدية بنحو 7.1 مليار دولار أمريكي وخط أنابيب النفط الخام بنحو 3 مليارات دولار أمريكي في خط لامو-لوكيشار الرئيسي .

اُعلن في مارس 2023 عن تعيين وزير شؤون مجتمع شرق إفريقيا والتنمية الإقليمية آدان محمد لستيفن إكوا ليشغل منصب المدير العام والرئيس التنفيذي لهيئة تطوير ممر LAPSSET (LCDA) لمدة 60 شهرًا يتولى السيد إكوا منصبه خلفًا لماينا كيوندو الذي كان يشغل منصب المدير العام بالإنابة والرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة السيارات في كندا منذ يناير من العام الماضي (2021) والمدير العام الجديد لديه أكثر من 30 عامًا من الخبرة في القطاع العام، حيث عمل مفوضًا لمقاطعتي لامو وتوركانا، وهما مهمتان في تنفيذ برنامج ممر LAPSSET كما أنه شارك السيد إكوا في وضع تصور وتصميم برنامج ممر LAPSSET ولديه خبرة واسعة في مسائل التنمية الإقليمية بسبب مشاركته في مناصب مختلفة في الحكومة وعلى رأس هيئة تنمية لامو سيتولى السيد إكوا تنسيق والإشراف على تطوير مشاريع ممر LAPSSET بما في ذلك نمو الأعمال وتطوير ميناء لامو ومطار إيسولووتطوير المنطقة الاقتصادية الخاصة في لاموويأتي ذلك بالإضافة إلى استكمال البنية التحتية للطرق التي تربط ميناء لامو بإثيوبيا وجنوب السودان وتطوير خط أنابيب النفط الخام فضلاً عن التخطيط لمشروع سكة حديد LAPSSET والمدن السياحية والمطارات المستقبلية والبنية التحتية المختلفة للمرافق ومن المتوقع أيضًا أن يعمل المدير العام والرئيس التنفيذي الجديد على توحيد جهود حكومة المقاطعة والحكومة الوطنية في التخطيط للنمو الحضري والتنمية الاقتصادية للممر الخارجي LAPSSET والذي يعبر إجمالي سبع مقاطعات ودعم تعبئة الموارد واستراتيجيات الاستثمار لمشاريع ممر LAPSSET وتعزيز العلاقات القوية مع البلدان الإقليمية بالإضافة إلى إدارة مصالح أصحاب المصلحة والمجتمع.

التطورات المتعلقة بالمشروع :

أقامت الحكومة  الكينيةعام 2012حفل وضع حجر الأساس لمشروع ممر LAPSSET في موقع ميناء لامو في 2 مارس وفي شهر مارس2013 تم تشكيل هيئة تطوير ممر لابوسيت (LCDA) وفقًا للمرسوم الرئاسي رقم 51 في الجريدة الرسمية الكينية، الإشعار القانوني رقم 58، أمر هيئة تطوير ممر لابوسيت 2013 لتخطيط وإدارة وتنسيق تنفيذ مخطط ممر النقل بين ميناء لامو وجنوب السودان وإثيوبيا وتم في2014 إنشاء طريق مارسابيت – توربي (123 كم) ويبدأ الطريق في مارسابيت عند تقاطعه مع الطريق C82 ويمر عبر الشمال وينتهي في توربي ويشكل الجزء الثالث من الطريق بطول 505 كم من إيسولو عبر مويالي إلى أديس أبابا في إثيوبيا وبدأت أعمال الإنشاء في أبريل 2011 بتمويل من بنك التنمية الأفريقي وفي أغسطس 2014 عقدت قمة زعماء أفريقيا منصة لقادة شرق أفريقيا لمواصلة جمع 24 مليار دولار من صناديق لابست .

في قمة زعماء الولايات المتحدة وأفريقيا التي عُقدت في واشنطن العاصمة من 13 إلى 15 ديسمبر 2022 بمشاركة أكثر من 40 زعيماً أفريقياً بهدف تعزيز الروابط بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية سُلط الضوء على التزام أمريكا بأمن أفريقيا وتطورها الديمقراطي وشعبها وكان موضوع القمة هو “الاستثمار في الجيل القادم” وأستغل أربعة من زعماء شرق أفريقيا من كينيا وإثيوبيا وأوغندا وجنوب السودان هذه الفرصة للحصول على تمويل من المستثمرين لمشروع ممر ميناء لامو – جنوب السودان – إثيوبيا للنقل (LAPSSET) الذي تبلغ تكلفته 24 مليار دولار أمريكي وهذا المشروع يقع في إطار استراتيجية كينيا لرؤية 2030 التي تسعى إلى تعزيز مكانة كينيا كبوابة ومركز للنقل والخدمات اللوجستية لمنطقة شرق إفريقيا الفرعية ومن المدن الرئيسية في المشروع لامو وإيزولو في كينيا وجوبا في جنوب السودان وأديس أبابا في إثيوبيا وتستعد مدينة إييزولو في كينيا بالفعل لتعديل منظرها الطبيعي لتلبية متطلبات الممر بمجرد اكتماله مع تنفيذ العديد من مشاريع البناء مع تدفق المستثمرين بالفعل إلى المنطقة من ناحية أخرى كانت لامو بمثابة شوكة في بحر العنف الذي يهز المنطقة وقد عُزِيَ العنف إلى التخصيص غير القانوني للأراضي في المنطقة لعدد قليل من الشركات التي تمتلك مساحات كبيرة من الأراضي واضطر الرئيس الكيني إلى إلغاء صكوك الملكية لـ 500 ألف فدان من الأراضي التي قيل إنها تم الاستيلاء عليها وعلى الرغم من التحدي فإن الدول الأربع تأمل في أن ينطلق المشروع بسلاسة ويفتح المنطقة لمزيد من التجارة ولهذا الغرض اجتمع رؤساء الدول الأربع في دار الرئاسة في نيروبي حيث اتفق الزعماء على اتخاذ موقف مشترك بشأن المشروع وتقديم الحزمة للمستثمرين الأميركيين وكانت القمة الأفريقية / الأمريكية بمثابة منتدى تمتع المستثمرون الأميركيون والقادة الأفارقة فيه بمنصة للتفاعل وإيجاد السبل لدفع القارة إلى الأمام , وفي عام 2015 تم إنشاء طريق توربي – مويالي (125 كم) وكانت أعمال الإنشاء ق بأت في أكتوبر 2012 لمدة 36 شهرًا كما تم تمويل هذا الجزء من قبل بنك التنمية الأفريقي , لكن في ديسمبر 2015 تباطئت أعمال البناء في ميناء لامو بسبب نقص التمويل فقدأعلنت هيئة موانئ كينيا أن بناء الأرصفة الثلاثة الأولى في ميناء لامو كان بطيئًا بسبب مشاكل مالية وقالت هيئة موانئ كينيا إن وزارة الخزانة كانت تطلق الأموال للمشروع بشكل متقطع مما أدى إلى تأخير أعمال البناء في الموقع وقال المدير العام جيتشيري ندوا إن أعمال تشييد الأرصفة الثلاثة في ميناء لامو مستمرة لكن العمل مستمر بوتيرة بطيئة ومع ذلك أعرب عن ثقته في أن المشروع سيحقق تقدمًا (أطلق الرئيس السابق مواي كيباكي مشروع ميناء لامو في عام 2012) كما توقف تطوير مشروع ميناء لامو – ممر النقل بين جنوب السودان وإثيوبيا والذي تبلغ تكلفته 23 مليار دولار (2.3 تريليون شلن) بالكامل نتيجة لمشاريع البنية التحتية الجديدة في إثيوبيا وأوغندا وتنزانياوقال خبراء النقل إن إثيوبيا تركز الآن بشكل أكبر على خط السكك الحديدية بين إثيوبيا (أديس أبابا) وجيبوتي والذي يبلغ طوله 700 كيلومتر وهو قيد الإنشاء ومن المتوقع آنئذأن يزيد المشروع الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار (408.2 مليار شلن) من قدرة ميناء جيبوتي الذي تسهل إثيوبيا 80 % من تجارتها الدولية وعُلم أن أوغندا أيضًا تدرس مسارًا بديلًا لخط أنابيب النفط الخام، بعد أن وقعت اتفاقية مع تنزانيا لإجراء دراسات جدوى لإنشاء خط أنابيب نفط من هويما إلى ميناء تانجا في تنزانيا وقد يؤدي هذا إلى تعطيل صفقة خط أنابيب النفط الخام هويما-لوكيشار-لامو الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر بين كينيا وأوغندا ومع ذلك قال جيتورو وايناينا القائم بأعمال المدير العام لمبادرة رؤية 2030 إن كينيا لن تتراجع بسبب مشاريع إقليمية أخرى وقال وزير الخزانة الأمريكي هنري روتيتش إن كينيا لا تزال تسعى إلى التوصل إلى اتفاق بشأن خط أنابيب النفط الخام.في الوقت الذي أرجأ الرئيس أوهورو إطلاق بناء المرسى ثلاث مرات كان آخرها في 25 مايو ومعروف  أن مشروع LAPSSET يتضمن ميناءً به 32 رصيفًا في خليج ماندا وخط سكة حديد قياسي إلى جوبا وأديس أبابا وشبكة طرق وخطوط أنابيب نفط (جنوب السودان وإثيوبيا) ومصفاة نفط، وثلاثة مطارات ومدن منتجعية في لامو وإيسيولو وبحيرة توركانا وفي عام 2016 أُعلن عن إنشاء طريق نهر ميريل – مارسابيت (121 كم) الذي يشكل الطريق الجزء الثاني من الطريق البالغ طوله 505 كم من إيسولو عبر مويالي إلى أديس أبابا في إثيوبيا أما طريق إيزولو – مويالي (A2) فيبدأ هذا الطريق عند نهر ميريل ويمتد شمالاً إلى مارسابيت وفي 2016 تلقى مشروع لابسيت نفسا جديدا من الحياة فقد حصل مشروع ممر النقل بين ميناء لامو وجنوب السودان وإثيوبيا (لابسيت) على دفعة كبيرة بعد أن أعلن اتحاد من المستثمرين الدوليين بقيادة بنك التنمية في جنوب أفريقيا (DBSA) أنهم سيساعدون في تمويل المشروع وبحسب بيان صادر عن مجلس الدولة فقد وافق الكونسورتيوم بالفعل على ضخ أكثر من 1.9 مليار دولار في مشروع لابسيت خلال الأشهر القليلة المقبلة ومن المتوقع أن يكون هذا قد شكل دفعة قوية للمشروع الذي تباطأ زخمه مؤخرًا بسبب عدم كفاية التمويل كما أبدى المستثمرون اهتمامهم بإنشاء ثلاثة أرصفة في ميناء في ميناء لامو وتمويل بناء طريق لامو- جاريسا-إيسولو الذي يبلغ طوله 537 كيلومترًا وبحسب المتحدث باسم مجلس الدولة الكيني مانواه إسيبيسو فقد وقعت الحكومة الكينية وجنوب أفريقيا مذكرة تفاهم بشأن مشاريع بقيمة 2.5 تريليون شلن خلال زيارة الرئيس جاكوب زوما في مارس2023 وقال إن زيارة الرئيس زوما إلى كينيا كانت مفيدة ويتوقعون الإعلان عن المزيد من التطوير في الأسابيع القليلة المقبلة إن بنك التنمية الأفريقي مملوك بالكامل للحكومة الجنوب أفريقية وقد رتب لتمويل مشاريع في قطاعات النقل والطاقة والمياه وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وقال السيد إسيبيسو “إن بنك التنمية لجنوب أفريقيا ظل هو التحالف الرئيسي حيث وافق بالفعل على ضخ 1.2 مليار دولار في المشروع حتى يتمكن من البدء في العمل وإنشاء الأرصفة الثلاثة الإضافية في ميناء لامو وسيسعى نفس التحالف إلى تمويل بناء طريق لامو-جاريسا – إيسولو في إطار برنامج المعاشات التقاعدية بتكلفة 71 مليار شلن (700 مليون دولار)” ومن المتوقع أيضاً أن يفتح مشروع لابسيت الذي كلف به الرئيس السابق مواي كيباكي في عام 2012 الحدود الشمالية لكينيا لمزيد من التجارة والاستثمار كما تم تحديده باعتباره القناة طويلة الأجل لصادرات النفط الكينية من خلال خط أنابيب النفط الخام الذي يربط لامو بحقول النفط في مقاطعة توركانا. لكن المشروع تضرر بسبب تأخير الانكماش بسبب المشاكل المالية بعد انسحاب العديد من الدول الممولة  وفبراير 2017 أُعلن أن جنوب أفريقيا تعتمد على لابسيت لتعزيز العلاقات مع كينيا فقد قالت جنوب أفريقيا إنها ستعزز علاقاتها الاقتصادية مع كينيا وخاصة في مناطق البنية التحتية وخاصة لابسيت في محاولة لتقوية العلاقات التجارية والاستثمارية وقالت المفوضة السامية كوليتا أنيتا مكولوانا إن كلا البلدين سيستفيدان بشكل كبير إذا تعاونا في البنية التحتية والزراعة والأعمال والسياحة والتعليم والصحة وقالت السيدة مكولوانا إن الشركات الجنوب أفريقية مهتمة بميناء لامو في كينيا – جنوب السودان – إثيوبيا – النقل (لابسيت) وأضافت “في أواخر العام الماضي التقى الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما بنظيره الكيني أوهورو كينياتا ووقعا ستة عقود من بينها مشروع ممر لابست وستساهم الشركات الجنوب أفريقية في هذا التطوير ولقد تم إنجاز الكثير ولا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به”وقالت المبعوثة إن الشراكة ستوجد فرص عمل للشباب وأضافت “إذا لم يتم احتلالهم فسوف ينتهي بهم الأمر إلى قتل بعضنا. نحن بحاجة إلى معالجة مناطق الفقر ولهذا السبب أزور الشركات” وأضافت “أنت تنتج الكثير من المانجو هنا وأنا مهتمة بذلك لأنه إذا حصلنا على عصير المانجو من كينيا فسيكون أقل تكلفة من استيراده من البرازيل”وقالت إن مقاطعة مومباسا منطقة استراتيجية بالنسبة لجنوب أفريقيا بسبب الميناء وأضافت : “بالإضافة إلى ذلك لديها اتفاقية شقيقة مع ديربان وعلينا تعزيز العلاقات يتعين علينا القيام بأعمال تجارية فيما بيننا كأفارقة لبناء علاقات تجارية واستثمارية أقوى” ودعت العلماء الكينيين إلى الدراسة في جنوب أفريقيا، مضيفة أن لديهم بعضًا من أفضل الجامعات المعترف بها في جميع أنحاء العالم  , كذلك قالت السيدة مكولوانا التي رافقها المستشار الاقتصادي للسفارة نجابولو مبيوي وجيرالد أوكوتش كبير مسؤولي التسويق ، وأشارت في هذا الصدد إلي إن جنوب إفريقيا تخفف من متطلبات الحصول على التأشيرة لرجال الأعمال والطلاب لتعزيز العلاقات بين البلدين وأضافت أن الدولتين يمكنهما بناء وتحسين الوحدة الاجتماعية في مجال السياحة الرياضية والثقافية الأمر الذي من شأنه في النهاية أن يولد فرص العمل. وقالت السيدة مكولوانا إن كينيا يمكنها تطوير خدماتها الطبية من خلال بناء البنية الأساسية المناسبة .

لكن رغم كل هذا فقد أُعلن في مايو 2018 أن مشروع ممر لابسيت يواجه تحديًا قانونيًا وفي عام 2019تم الانتهاء من بناء الرصيف الأول في ميناء لامو في أغسطس علي أن يتم الانتهاء من بناء الرصيفين الثاني والثالث في ديسمبر 2020 بحيث تصل سعة الشحن في ميناء لامو المكتمل بالكامل إلى 23.9 مليون طن بحلول عام 2030 , لكن في أغسطس 2019أيضاً أُعلن أن الحكومة الكينية تسعى للحصول على دعم الاتحاد الأفريقي لمشروع لابسيت وهو ممر النقل بين ميناء لامو وجنوب السودان وإثيوبيا (لابسيت) الذي تبلغ تكلفته 22.3 مليار دولار أميركي وأعلنت هيئة تطوير ممر لابيست عن التقارير وقالت الهيئة أن هناك حجة قوية قدمت للاتحاد الأفريقي بشأن الموقع الاستراتيجي لمشروع لابيست لربط ليس فقط إثيوبيا وجنوب السودان بل وأيضًا ربطه بجمهورية أفريقيا الوسطى (بانجي) والكاميرون وينتهي في ميناء دوالا الكاميروني وقالت الهيئة في بيان لها إن “المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي يخطط لعقد اجتماع رفيع المستوى مع الدول الواقعة على طول جسر أفريقيا الاستوائي في وقت لاحق من العام بهدف تشكيل روابط البنية التحتية للنقل الحاسمة داخل القارة” , كذلك في أغسطس 2019أعلنت شركة LCDA عن اكتمال رصيف LAPSSET الأول في ميناء لامو ويعد هذا الرصيف أحد الأرصفة الثلاثة التي بدأت أعمال الحفر فيها في ديسمبر 2016 علي أن تستغرق مدة التسليم 24 شهراً، و45 شهراً للرصيفين الآخرين بتكلفة 480 مليون دولار أميركي وذكرت هيئة تطوير الميناءأن الرصيفين الثاني والثالث سيكتملان بحلول ديسمبر من العام المقبل وتمول حكومة جمهورية كينيا بالكامل بناء أول ثلاثة أرصفة بموجب خطة يشار إليها باسم “الخطة القصيرة الأجل” والتي تقدر تكلفتها بنحو 689 مليون دولار أمريكي بما في ذلك أعمال التجريف واستصلاح الأراضي وبناء الأرصفة والساحات وبناء السور والجسر والطريق وبناء المباني والمرافق بما في ذلك مقر الميناء وتشمل هذه المشاريع إنشاء مركز شرطة الميناء ومشروع إسكان إدارة الميناء وشراء المعدات والقاطرات وربط الطاقة الكهربائية بالشبكة الوطنية وإنشاء شبكة توزيع المياه وغيرها وقد قامت الحكومة الكينية بهيكلة الأرصفة الـ 29 المتبقية لتسليمها إلى مستثمرين من القطاع الخاص لتمويلها وإنشائها وتشغيلها.

مـعلوم أنه بمجرد اكتمال ميناء لامو الكيني فمن المتوقع أن يُنشئ ميناء لامو فرص عمل ليس فقط في عمليات الميناء ولكن أيضًا في الزراعة وصيد الأسماك والتصنيع والخدمات اللوجستية والنقل والتجارة بالإضافة إلى ذلك من المتوقع أن يجذب الميناء سفن الشحن الكبيرة ويوفر فوائد في المنطقة من خلال نقل المدخرات نتيجة لانخفاض التكاليف البحرية بسبب سرعة وقت دوران السفن مما يقلل من تكلفة ممارسة الأعمال التجارية .

في يناير2020وقعت كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان مذكرة تفاهم للالتزام بإعادة تنشيط مشروع لابست وبدء حوار بين دول لابسيت نحو نهج مشترك ودعم إنشاء هيئة شاملة لتنسيق تنفيذ الممر وبحسب السفير الإثيوبي علم فإن إثيوبيا لا تزال ملتزمة تمامًا بتنفيذ المشروع على الرغم من اتفاق السلام مع إريتريا الموقع في عام 2018 وأكد أن “حضورنا في هذا الاجتماع يشهد على الالتزام الكامل للحكومة الإثيوبية تجاه تنفيذ هذا المشروع” وأضاف أن إثيوبيا شيدت أكثر من 500 كيلومتر من الطريق الإسفلتي من مويالي وهو جزء من مشروع لابست وأضاف “لقد قمنا أيضًا ببناء مناطق صناعية في الأجزاء الجنوبية من إثيوبيا ونحن نتطلع الآن إلى افتتاح أول رصيف في ميناء لامو لأن الجزء الجنوبي من إثيوبيا سيعتمد على الميناء” كما أكد وكيل وزارة النقل في جنوب السودان التزام حكومته بتنفيذ مشروع لابست الذي تم إطلاقه في 2 مارس 2012 من قبل الرئيس الكيني آنذاك مواي كيباكي ورئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميليس زيناوي ورئيس جنوب السودان سلفا كير وتأكيداً لجدية كينيا  وقعت  هيئة الطرق السريعة الوطنية الكينية (KeNHA) في مايو 2021صفقة مع شركة إنشاءات الاتصالات الصينية بقيمة إجمالية 17.9 مليار شلن (حوالي 166 مليون دولار أمريكي) لبناء طريق بطول 453 كيلومترًا وهو جزء من ميناء لامو-جنوب السودان-إثيوبيا للنقل (LAPSSET) مخطط الممرالطرق المتضمنة هي جزء لامو- إيجارا- جاريسا بطول 257 كم بالإضافة إلى الجزء الهندي- بودهي- باسوبا- كيونجا الذي يمتد لمسافة 113 كم وقسم إيجارا- سانجيلو- هولوجو بطول 83 كم وقد تضمنت الأعمال المتبقية تشييد حظائر الشحن وتوسيع المدرج من 1.4 كيلومتر حالياً إلى 2.5 كيلومتر ومن المقرر الانتهاء من ساحات الشحن بحلول نهاية سبتمبر 2021 وسيسمح البناء لها بالتعامل مع ما لا يقل عن 10 أطنان من الأمتعة ومن المتوقع أن ينتهي توسيع المدرج بحلول ديسمبر 2021 مما يفسح المجال لبدء تشغيل الرحلات وفي يناير 2022اكتمل بناء المرحلة الأولى من ثاني ميناء تجاري في كينيا بتكلفة 400 مليون دولار في لامو , وفي هذا الوقت وقعت إثيوبيا مع جمهورية صوماليلاند المزعومة مذكرة تفاهم تقضي بمنح إثيوبيا إمتياز استغلال 20 كم مربع في ميناء بربرة لإقامة منفذ تجاري بحري لإثيوبيا وقاعدة بحرية عسكرية في الوقت الذي اكتمل فيه في ديسمبر2021بناء الرصيفين الثاني والثالث في ميناء لامـــو الكيني مما أفسح المجال للحكومة لطرح عقد مع شركات خاصة لتطوير 20 رصيفًا إضافيًا في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص لإكمال المرفق المكون من 23 رصيفًا وذكرت هيئة موانئ كينيا (KPA) أن “الساحات والأرصفة الثلاثة الأولى في ميناء لامو اكتملت مع خطط لبدء العمليات في الرصيفين الثاني والثالث في عام 2022 عندما تحصل هيئة موانئ كينيا على معدات حديثة بالإضافة إلى ثلاث رافعات ميناء متنقلة ورافعات جسرية من السفينة إلى الشاطئ مما يكمل عمليات الميناء” وقد تضمنت المرحلة الأولى إنشاء أول ثلاثة أرصفة والبنية التحتية المرتبطة بها بطول 400 متر وعمق 17.5 متر لكل منها وقد صممت الأرصفة لاستقبال الحاويات والبضائع العامة والسائبة   .

نُشر في وسائل الإعلام في 26 اكتوبر2024أن مشروع ميناء لامو – جنوب السودان – إثيوبيا – النقل (LAPSSET) تبلغ قيمته 1.2 تريليون شلن نيجيري حيث تعد الدول الثلاث شركاء وتخطط كينيا لتسويق ميناء لامو للتجار الإثيوبيين حيث تعتمد على دخول الشركات الكينية إلى السوق الإثيوبي التي تضم 112.1 مليون عميل وتعد مؤسسة التنمية الصناعية والتجارية ووكالة كينيا لترويج الصادرات والعلامات التجارية وهيئة الاستثمار الكينية من بين الوكالات الرئيسية التي تقود الحملة وقد دخلت شركتا Safaricom وKenGen بالفعل إلى السوق الإثيوبية فكينيا تستهدف التجار وشركات الشحن التي لديها مكاتب في إثيوبيا والمستوردين والمصدرين ووكالات التخليص والشحن والمؤسسات الحكومية وغيرها وذلك بناءً على اتفاقية الوضع الخاص التي وقعتها الدولتان في عام 2012 وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز العلاقات الثنائية ودفع التجارة والاستثمار عبر الحدود .

كذلك فإثيوبيا وجنوب السودان جزء من مشروع أكبر بقيمة 2.5 تريليون شلن سوداني يربط ميناء لامو بجنوب السودان وإثيوبيا (لابسيت) وهو المشروع الذي أطلق في عام 2012 خلال نظام الرئيس السابق مواي كيباكي وقد واجه هذا المشروع الضخم قيودًا مالية ونقصًا في حسن النية السياسية لكن الحكومة الكينية تواصل الدفع بالمشروع وقد اُستثمرحوالي 40 مليار شلن في بناء الأرصفة الثلاثة الأولى من ميناء لامو المخطط له والذي يضم 23 رصيفًا.

يبدو أن البنية التحتية للطرق والسكك الحديدية بين البلدين بما في ذلك نظام السكك الحديدية لنقل الركاب والبضائع بين إثيوبيا وجيبوتي والذي بدأ في يناير 2018 قد حول الاهتمام بعيدًا عن ممر لابست وفي يونيو2023 كذلك حصلت إثيوبيا أيضًا على منحة قدرها 1.2 مليون دولار(129.3 مليون شلن) من البنك الأفريقي للتنمية لإجراء دراسة جدوى حول خط سكة حديد قياسي مخطط له مع السودان ومن المقرر أن يمتد خط السكة الحديدية إلى بورتسودان على البحر الأحمر، وهي المشاريع التي بدت وكأنها تشكل تهديداً لممر لابسيت لكن السفير الإثيوبي لدى كينيا ميليس عالم التزام بلاده بممر لابسيت وفي مقابلة هاتفية أجريت مؤخرا مع صحيفة ستار الكينية قال عالم إن مشروع لابست ممكن وأن إثيوبيا تعتمد على الممر لخدمة الجزء الجنوبي من البلاد وقال إن التواصل مع الدول الأخرى هو وسيلة لخلق المزيد من الروابط لخدمة البلاد، التي تعد ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في أفريقيا بعد نيجيريا وقال عالم “إثيوبيا بلد كبير للغاية وهذا أمر يجب على الناس أن يفهموه ولا شك في جدوى مشروع لابسيت فهو مشروعنا الصغير وإثيوبيا بحاجة إلى العديد من الموانئ”وقال إن إريتريا والموانئ المجاورة الأخرى صالحة للاستخدام فقط للجزء الشمالي من إثيوبيا وقال “إن الجزء الجنوبي من إثيوبيا ليس لديه خيار آخر سوى مومباسا وميناء لامو إنه مهم للغاية بالنسبة لنا ونحن في حاجة إليه بقدر ما تحتاج إليه كينيا وجنوب السودان”،وأضاف “نحن نمتلك المشروع بشكل مشترك وليس للعلاقات العامة أو لإرضاء الحكومة الكينية أو الشعب نحن في حاجة إليه”.

خلال زيارته إلى إثيوبيا زار الرئيس أوهورو كينياتا ميناء لامو قائلاً إنه أحد الركائز الأساسية لمشروع ممر لابسيت وقال أوهورو “إن ممر LAPSSET هو مشروع إقليمي رئيسي يتمتع بالعديد من الفرص ليس فقط لكينيا وإثيوبيا ولكن أيضًا لجنوب السودان ودول أخرى في أفريقيا”كما قام البلدان بتنفيذ مشروع معبر مويالي الحدودي الشامل لتسهيل الحركة وخلال افتتاح المعبر الحدودي دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد القطاع الخاص الكيني إلى الاستفادة من “الفرص الاستثمارية غير المستغلة في إثيوبيا”.

حظيت منطقة لامو والميناء بقدر كبير من الاهتمام الحكومي الكيني بما في ذلك خطط الخزانة الوطنية للسنة المالية المقبلة فخلال خطابه حول ميزانية 2021/2022 وقال وزير المالية الكيني أوكور ياتاني إن الحكومة تعمل على إنشاء منطقة خالية من الأمراض في لامو لدعم تصدير الحيوانات الحية واللحوم المصنعة كما قدمت حوافز مختلفة في الموانئ بما في ذلك إعفاء الوقود المورد لخطوط الشحن من رسوم الاستيراد والضرائب الانتقائية وضريبة القيمة المضافة فضلاً عن رسوم تطوير السكك الحديدية ورسوم الإقرار بالاستيراد وقال ياناي “من أجل جذب المزيد من السفن إلى موانئنا وخاصة إلى ميناء لامو الذي تم إطلاقه مؤخرًا ستراجع الحكومة الترتيبات المتعلقة بتزويد السفن التي ترسو في موانئ كينيا بالوقود بهدف السماح للسفن بالتزود بالوقود وإنشاء مرافق تخزين الوقود”وقال إن التركيز الحالي للحكومة هو جعل لامو ميناء حرًا للأغراض المحلية والشحن .

إن مصالح كينيا في المنطقة وبوجه خاص مشروع ممر LAPSSET وفي القلب منه ميناء لامــــوLamu يُواجه تحديات خطيرة فبعض التهديدات واضحة وبعضها الآخر خفي إلى حد مخادع فالكينيون يرون أن هناك أحداث خارجية وداخلية غريبة (تبدو غير مترابطة) تعمل على تقويض طموح كينيا في اكتساب القوة الإقليمية ومن بين هذه الأحداث إنشاء منظمة التعاون في منطقة القرن الأفريقي التي تضم إثيوبيا وإريتريا والصومال فيبدو لهم أن المحرك الرئيسي لإنشاء هذه المنظمة هي إثيوبيا التي لديها رغبة ملحة في الحصول على وصول مباشر إلى البحر الأحمر عبر إريتريا، والأهم من ذلك الوصول إلى المحيط الهندي عبر الصومال وبما أن البحر الأحمر أصبح متقلباً بسبب مجريات الحرب في الشرق الأوسط على نحو متزايد فإن المحيط الهندي وموانئه خاصة الأفريقية منها صـــارت تشكل الطريق المفضل لإنشاء الاستغلالات البحرية الإثيوبية ورغم أن إثيوبيا دولة غير ساحلية فإنها تمتلك “أسطولاً بحرياً” وترغب في أن تصبح المركز الاقتصادي للمنطقة ويعتقد الكينيون أن الخطر يتمثل  في أن هذه التطورات الجديدة قد تؤدي إلى تآكل صورة كينيا العالمية باعتبارها قوة إقليمية مستقرة ومزدهرة اقتصادياً وموثوقة في شرق أفريقيا كما أنها تثير الشكوك بين المواطنين الكينيين بشأن قدرة دولتهم على رعاية مصالحهم في خضم التحديات الخارجية مثل “التطورات” الراهنة في منطقة القرن الأفريقي ويتطلب الأمر وفقاً لكل هذا إعادة التفكير على المستوى الوطني الكيني على نحو جاد فالاستقبال الفاتر لخط السكة الحديد القياسي من جانب أوغندا وخط أنابيب النفط بين تنزانيا و(أوغندا) توركانا يشكل أيضاً مؤشراً مهماً على التنافس المتزايد على وضع الأخ الأكبر الذي يهدد هيمنة كينيا في المنطقة واليوم نركز كيـــنـــيــا على مشروع ميناء لامو للنقل بين جنوب السودان وإثيوبيا (LAPSSET) الذي تبلغ تكلفته عدة مليارات من الشلنات الكينية وإذا ما تضافرت جهود إثيوبيا والصومال لمنح أديس أبابا القدرة على الوصول إلى المحيط الهندي عبر أحد الموانئ الصومالية فمن المرجح أن يتراجع اهتمام إثيوبيا ببرنامج لابسيت الأمر الذي من شأنه أن يقوض القيمة الجيوستراتيجية التي تتمتع بها لامو بالنسبة للدول الأخرى حتى الكاميرون المضطربة وفي حين تنتظر هذه الدول الأخرى لترى ما إذا كان برنامج لابسيت سوف ينشأ بالفعل إذن سيتعين على كينيا أن تعمل على إنجاحه  ولكن قدرتها على تحقيق هذا الهدف أصبحت موضع شك متزايد فجزء من المشكلة يكمن في أن كينيا تعاني من نقاط ضعف متعددة تؤدي إلى الفشل في تحقيق ما هو متوقع إذ من المرجح أن أولئك الذين أوكلت إليهم مهمة مشروع LAPSSETلا يؤمنون بالمشروع الضخم ويفتقرون إلى الدافع اللازم ويظهرون عجزاً عن تنسيق الوظائف ففي حين أحرزت كينيا تقدماً في مجال الموانئ على سبيل المثال فإنها تتخلف عن الركب عندما يتعلق الأمر بربط البنية الأساسية مثل الطرق السريعة والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب وبالتالي لا يمكن تشغيل الميناء وهو ما يفسر على الأرجح التأجيل المتكرر لافتتاحه رسميا وربما كان عجز كينيا عن تشغيل ميناء لامو سببا في تشجيع إثيوبيا على البحث عن طريق بديل إلى المحيط الهندي ولو أن مذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا مع صوماليلاند – وهو كيان إنفصالي غير مُعترف به دولياً – في أول يناير 2024 أثبتت عكس ذلك فالميول والدوافع التوسعية لدي إثيوبيا هي المحرض الرئيسي لنهمها في الوصول إلي البحر خلافاً لحالة دول أفريقية حبيسة أخري , كذلك فمن منظور الصومال فإن توفير الطريق البديل إلى المحيط الهندي لإثيوبيا من شأنه أن يؤدي إلى تآكل الأهمية التجارية لميناء لامو في حين قد يعزز من حظوظ الموانئ في الصومال بل وربما يغري إثيوبيا بتأييد مطالبات الصومال بحقوقها في المياه الكينية أو دعم تحدي جيبوتي لمحاولة كينيا الحصول على مقعد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة  .

كما أن أولئك الذين يتخذون القرارات في الصومال وجيبوتي هم من خارج البلدين – وهم الإثيوبيين علي الأرجح – إذن فالتهديد الذي يواجه مشروع لابسيت لا يأتي فقط من تحويل إثيوبيا لمسارات محتملة إلى المحيط الهندي بل يأتي أيضا من قوى ربما لم تكن تريد أبدا أن يعمل مشروع لابسيت في المقام الأول وتشمل هذه القوى مصالح الشحن العالمية التي اعتبرت مشروع لابسيت تهديدا لتجارتها حول الموانئ في جنوب أفريقيا كما أنه جزء من لعبة القوة الجيوسياسية الكبرى حيث أن قطع مبادرة الحزام والطريق الصينية من خلال إضعاف رابط لامو من شأنه أن يعزز من قوة منافسي الصين التي تجد نفسها في مأزق فهي تعمل في كل البلدان، ومن الطبيعي أن تجد صعوبة في الانحياز إلى أي طرف وربما تشارك في بناء الطريق الإثيوبي البديل إلى المحيط الهندي عبر الصومال وهي متورطة بشكل عميق في المشاريع الكبرى في كينيا وإثيوبيا فضلاً عن ذلك فإن الهجمات المتكررة على المؤسسات تجعل كينيا تبدو عاجزة عن حماية شعبها وأصولها والنتيجة المترتبة على ذلك هي تثبيط الاستثمارات المحلية والإقليمية والدولية  .

إن كينيا لديها بالفعل ميناء عميق المياه في مومباسا ولقد حقق ميناء مومباسا الذي يعد المركز الإقليمي لشرق ووسط أفريقيا تقدماً كبيراً في التحديث والقدرة التنافسية ويهدف برنامج الاستثمار الذي تنفذه هيئة موانئ كينيا والذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار إلى تمكين ميناء مومباسا من التعامل مع 110 ملايين طن من البضائع سنوياً بحلول عام 2040وتعود خطط إنشاء ميناء ثانٍ وهو ميناء لامو لتقليص الاعتمادية الاقتصادية على مومباسا إلى منتصف سبعينيات القرن العشرين ولكن هذه الخطط لم تتحقق إلا في مارس 2012وقد تم الاحتفال بهذه المناسبة عندما وضع رؤساء دول شرق أفريقيا آنذاك  مواي كيباكي في كينيا وملس زيناوي في إثيوبيا وسلفا كير في جنوب السودان حجر الأساس للميناء  .

في طموحاته المبكرة كان ميناء لامو يهدف إلى ربط اقتصادات شرق أفريقيا غير الساحلية بطرق التجارة العالمية وبشكل أكثر تحديدً  كان من المتصور أن يكون منفذًا بديلًا لنفط جنوب السودان الذي يتم ضخه حاليًا عبر خط أنابيب نفط النيل الكبير إلى بورتسودان لكن مع انغماس جنوب السودان في حرب مستمرة وزيادة إثيوبيا لحصتها في موانئ جيبوتي ومؤخرا في بربرة تراجعت الطموحات الدولية للممر النقلي إلى حد ما ومع ذلك وباعتبارها حجر الزاوية في خطة التنمية الحكومية الكينية “رؤية 2030” فقد أصبح المشروع الآن يوصف بأنه مشروع “سيغير قواعد اللعبة” فالهدف الجديد من هذا المشروع هو دمج المناطق المهمشة في شمال كينيا في الاقتصاد الكيني وتتضمن خطط هذا المشروع إنشاء خط أنابيب وخط سكة حديد وشبكة طرق تربط بين لامو وجاريسا وإيزولو ومويالي وتوركانا فضلاً عن بناء سد على طول نهر تانا ومطارات ومدن سياحية وهناك أيضاً خطط لإنشاء العديد من المناطق الصناعية على طول هذا الممر إن الآثار المترتبة على المجتمعات في شمال كينيا ملموسة للغاية فإلى جانب استكمال طريق إيسولو-مويالي الذي يبلغ طوله 500 كيلومتر فإن الافتتاح الرسمي لميناء لامو يمثل الإنجاز الأكثر أهمية للمشروع حتى الآن وقد تم بناء أول ثلاثة أرصفة من أصل 32 رصيفًا مخططًا لها من قبل شركة China Communication Construction Company، بتكلفة 367 مليون دولار أمريكي وفي إطار حشد التوقعات بشأن التجارة المستقبلية  ظلت الحكومة الكينية تؤكد باستمرار أن ميناء لامو سوف يصبح مكملاً حيوياً وضرورياً لمركز مومباسا وتستثمر السلطات المحلية آمالها على وجه التحديد في خطط إنشاء منطقة اقتصادية خاصة رغم أن هذه الخطط كانت حتى الآن بعيدة المنال وهذا من شأنه أن يبشر باستثمارات كبيرة في الميناء وإيجاد مئات الوظائف وبما أن الميناء سيعمل في المقام الأول كمركز لإعادة الشحن فمن المتوقع أن يجتذب خطوط شحن رئيسية من خلال التنافس مع موانئ جيبوتي في القرن الأفريقي وديربان في جنوب أفريقيا بالإضافة إلى ذلك فإنه سيخدم أسواقًا رئيسية في جنوب إثيوبيا وجنوب السودان وحتى الآن قامت حوالي 19 شركة شحن بتفتيش الميناء وتتوقع هيئة الموانئ الكينية أن العديد من شركات الشحن سوف تستخدم الميناء وتستفيد من العروض الترويجية السخية المعمول بها حاليًا  .

من الناحية الإيجابية فإن أعمال الطرق التي تربط لامو بنيروبي عبر جاريسا جارية على قدم وساق  وقد نجح الطريق الجديد بين لامو وجارسين بالفعل في خفض تكاليف النقل حيث لم تعد الشاحنات والمسافرون بحاجة إلى المرور عبر مومباسا , لكن من الوجهة السلبية تحيط بإقامة ميناء لامو محاذير من أهمها أنه سوف يتعطل سبل العيش الاقتصادية لمئات الصيادين المحليين بسبب الميناء لأن مساحته المحدودة الواسعة تحد من الوصول إلى مناطق الصيد الصالحة للزراعة وفي نفس الوقت يعده البعض انتهاك لحكم قضائي قضي بمنح الصيادين تعويضات بقيمة 1.7 مليار شلن كيني (18.4 مليون دولار أميركي) عن خسائرهم الاقتصادية وأرجأت الحكومة مدفوعات التعويضات بسبب الخلافات حول قائمة المستفيدين وطريقة التعويض كذلك هناك المخاوف الأمنية ففي السنوات الخمس عشرة الماضية أو نحو ذلك أصبحت لامو منطقة شديدة التقلب فقد جلبت الهجمات التي شنتها جماعة الشباب المسلحة العنف إلى المنطقة وحولتها إلى منطقة شديدة الحراسة وقد أدت العمليات الأمنية كالهجمات الدورية التي تشنها حركة الشباب إلي التأثير علي إستقرار دافعية إنجاز مشروع ممر لابيست وميناء لامو بالتالي  .

صحيح أن كينيا سجلت تقدماً ملحوظاً في بناء ميناء لامو الذي يضم 32 رصيفاً ميناءً جديداً والذي يقع على بعد 200 ميل شمال ميناء كينيا الأول / مومباسا إلا أنه وبإعتباره جزءاً من ممر النقل لا بسيت الذي يربط بين ميناء لامو وجنوب السودان وإثيوبيا لم يتحقق بعـد – كما سبق وأشرت – ليكون هذا المشروع الضخم بوابة ومركز نقل في منطقة شرق إفريقيا ووسيلة تحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي بين إثيوبيا ورواندا وجنوب السودان وجمهورية الكونجــو الديمقراطية  فقد أكدت الحكومتين الإثيوبية والكينية في 8 سبتمبر2024 إلتزامهما بالإستغلال الإستراتيجي لميناء لامـــو .

هناك منافسة مكتومة بين مشروع ممر لابسيت والممر المركزي أو الأوسط الذي ينتهي في موانئ تنزانيا ففي تقرير لمرصد النقل في الممرالمركزي أو الأوسط لعام 2018 ذكر أن ميناء دار السلام يتقاضى أيضًا 266 دولارًا أمريكيًا لكل حاوية من الصادرات مقارنة بـ 223 دولارًا أمريكيًا في مومباسا مما يجعله أكثر تكلفة وبالتالي أقل قدرة على المنافسة ومع ذلك فإن الاستيراد والتصدير عبر ميناء دار السلام أرخص بكثير بالنسبة لدول الممر الأوسط باستثناء أوغندا التي تقع بالقرب من ميناء مومباسا بحسب السكرتير التنفيذي لوكالة تسهيل النقل العابر للممر الأوسط الكابتن ديودون دوكوندان وفي هذا الشأن قال الكابتن دوكوندان إن تنزانيا قادرة على تسريع التنفيذ الكامل لإعادة فتح الطريق المتعدد الوسائط من دار السلام إلى موانزا إلى بورت بيل في أوغندا وهو ما سيشكل نقطة تحول بالنسبة لشحنات الدولة غير الساحلية التي تمر عبر ميناء دار السلام وقال إن ميناء دار السلام وهو الميناء الرائد في الممر الأوسط يحتاج إلى خفض رسومه حتى يتمكن من المنافسة مع ميناء مومباسا في الممر الشمالي والممرات الأخرى في منطقة شرق ووسط أفريقيا وبحسب تقرير منظمة التجارة العالمية فإن الممر الشمالي هو الطريق الوحيد في شرق ووسط أفريقيا والذي يعتبر منافسًا خطيرًا للممر الأوسط لأنه يوفر أيضًا بوابة عبر كينيا إلى الاقتصادات غير الساحلية في أوغندا ورواندا وبوروندي وشرق جمهورية الكونجو الديمقراطية وكذلك جنوب السودان ويؤكد التقرير أن السفن البحرية تستغرق ما يصل إلى ثلاثة أسابيع في المرسى الخارجي لميناء دار السلام في حين أن البضائع التي يتم تفريغها يمكن أن تبقى لمدة تصل إلى أسبوعين قبل التخليص بسبب التأخير في التخليص في حين لا تستغرق سوى يومين إذا تم تنظيمها بشكل جيد ومن جانبه قال مدير شركة تريد مارك إيست أفريقيا في تنزانيا جون أولانجا إن الممر يمثل فرصة ذهبية يمكن لتنزانيا استغلالها لأنها محاطة بستة دول غير ساحلية وأضاف أولانجا “يتعين على تنزانيا أن تستغل هذه الفرصة إلى أقصى حد ومن المثير للاهتمام أن البلاد تستثمر الآن بكثافة في مشاريع البنية التحتية التي من شأنها أن تضيف المزيد من القيمة إلى قدرتها التنافسية في قطاع الخدمات اللوجستية” عموماً يمكن القول أن الممر الأوسط يُشكل جزءًا من العمود الفقري لنظام النقل الإقليمي في شرق ووسط أفريقيا مما يسهل الاستيراد والتصدير بسلاسة بين البلدان الخمسة غير الساحلية التي يبلغ مجموع سكانها أكثر من 120 مليون نسمة .

تعتبر هذه التطورات الآن بمثابة صداع بالنسبة لكينيا التي تسعى إلى جذب إثيوبيا لزيادة استخدامها لميناء لامو ثاني أكبر ميناء بحري في كينيا فمنذ تشغيله في مايو 2021 استقبل ميناء لامو أقل من 70 سفينة حيث تم تشغيل أول ثلاثة أرصفة له بتكلفة 40 مليار شلن وفي عام 2023تعامل الميناء مع 36 سفينة و37,576 طنًا من البضائع وهي زيادة عن 6,539طنًا تحققت في عام 2022وفقًا للبيانات الرسمية وكانت الغالبية العظمى من البضائع المُعاد شحنها المتجهة إلى وجهات أخرى بعيدًا عن إثيوبيا وجنوب السودان .

وصلت أول سفينة شحن إثيوبية إلى ميناء لامــــو في مايوعام 2024 وهذا الأمر يُظهر عدم جدية إثيوبيا في الإعتماد علي ميناء لامـــو وممر لابسيت عموماً فقد كانت السفينة الإثيوبية MV Abbay II المحملة بـ 60 ألف طن متري من الأسمدة قد رست بعد ثلاث سنوات من تشغيل ميناء لامــو مما يشير إلى الاستخدام غير الكافي لميناء لامو من قبل إثيوبيا على الرغم من كونها أحد الأطراف الرئيسية في LAPSSET ويأتي هذا على الرغم من الاستثمار الضخم في المعدات والموظفين من قبل هيئة الموانئ الكينية وفي الواقع تظل السفن التي ترسو في ميناء لامو الذي يجري إعداده ليكون مركزاً لإعادة الشحن قليلة مقارنة بالموانئ الإقليمية الأخرى مع بقاء ميناء صلالة في سلطنة عمان هو الملك في أعمال إعادة الشحن رغم أن ميناء لامو يتمتع بقربه من مناولة البضائع بين الموانئ في تنزانيا وجنوب أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا وميناء صلالة في سلطنة عمان حيث تتوقع هيئة الموانئ الكورية أن يصل حجم حركة النقل إلى 23.9 مليون طن بحلول عام 2030وقال المدير العام لهيئة الموانئ الكورية ويليام روتو إن ميناء لامو مستعد لتعزيز قدرته وإمكاناته بشكل أكبر لتلبية المتطلبات المتزايدة للتجارة الدولية وأشار روتو مؤخرا إلى أن هيئة الموانئ الكينية قامت باستثمارات كبيرة بما في ذلك شراء المعدات وتطوير البنية التحتية لوضع الميناء التجاري الثاني في كينيا كمركز للتجارة والخدمات اللوجستية في المنطقة .

وتعمل الحكومة الحكومة الكينية من جانبها على استقطاب المستثمرين نحو تطوير البنية التحتية وإنشاء منطقة اقتصادية خاصة حول ميناء لامو والتي من المنتظر أن تضم ما لا يقل عن 23 رصيفًا وتشير الدراسة الاقتصادية لعام 2024 إلى أن طريق لامو- إيجارا- جاريسا وهو أطول طريق (453 كم) قيد الإنشاء وهو أيضًا مشروع LAPSSET اكتمل بنسبة 51 % اعتبارًا من ديسمبر 2023 لكن سائقو المسارات الطويلة يتوقعون أن تعمل الحكومة على تحسين الأمن على طول ممر لابسيت حيث نفذت جماعة الشباب الصومالية هجمات من وقت لآخر وبحسب رابطة سائقي شاحنات المسافات الطويلة فإن سائقي الشاحنات سيبقون بعيدًا عن ميناء لامو ويستمرون في نقل البضائع من مومباسا إلى المناطق الداخلية عبر الممر الشمالي إذا لم يتم ضمان الأمن كذلك فإن هيئة تطوير ممر لابسيت حريصة على تطوير البنية التحتية لخفض التكاليف التشغيلية ووقت الاستجابة على طول الطريق والذي تقول إنه انخفض من حوالي سبعة أيام إلى ثلاثة أيام في حين انخفضت تكلفة نقل الحاوية إلى متوسط 3500 دولار (451500 شلن) من متوسط التكاليف السابقة التي تتراوح بين 7000 دولار (903000 شلن) و8000 دولار (مليون شلن) وقالت الهيئة النقل والطرق الكينية أنه “مع الإعلان الرسمي الأخير عن منطقة لامو الاقتصادية الخاصة والجهود المبذولة لتأمين التمويل لخط السكك الحديدية فإن ممر لابسيت يمهد بالفعل الطريق لقيادة التنمية في أفريقيا”.

كذلك وفي مناخ يؤذن بتصاعد المنافسة في بين موانئ شرق أفريقيا المُطلة علي المحيط الهندي أُعلن في 23  أغسطس 2024 أن موزمبيق ستؤجر محطة ميناء لمالاوي غير الساحلية ففي خطوة نادرة تخطط موزمبيق لتأجير جزء من ميناء ناكالا الشمالي إلى مالاوي المجاورة غير الساحلية وتسعى الصفقة إلى تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين ولإضفاء الطابع الرسمي على المبادرة وقع الرئيس الموزمبيقي فيليب نيوسي ونظيره المالاوي لازاروس تشاكويرا  في الاسبوع الثاني من اغسطس2024 الاتفاقيات الأولية لاتفاقية الامتياز ومن شأن هذا أن يتيح لموزمبيق الحصول على مساحة في ميناء ناكالا الذي يمكن لمالاوي أن تطوره إلى محطة لبضائعها وقد أوضح نيوسي أن “الاتفاقيات ستفيد كلا البلدين لأنها أدوات تهدف إلى تمكين المبادرات الجارية بالفعل مثل مشروع الكهرباء المشترك بين موزمبيق وملاوي المسمى MOMA”.

يعد ميناء ناكالا جزءًا من ممر ناكالا التنموي الذي يتم تطويره بشكل مشترك من قبل مالاوي وزامبيا وموزمبيق والهدف من ذلك هو تسهيل الاتصال الإقليمي والوصول إلى البحر لمالاوي وزامبيا غير الساحليتين يشتمل الممرعلى إجمالي 722 ميلاً من شبكة الطرق وإعادة تأهيل السكك الحديدية التي تربط بين عاصمة مالاوي ليلونجوي ومراكز الحدود الشاملة بين البلدان المشاركة وعلى وجه التحديد أثبت ميناء ناكالا قدرته التنافسية على تحقيق المصالح الاقتصادية الوطنية في مالاوي فقد بدأت شركة النفط الوطنية في مالاوي مؤخراً في استيراد نحو 15 مليون لتر من الوقود عبر ناكالا باستخدام النقل بالسكك الحديدية وبفضل إمكانية نقل هذه الشحنات سوف تعمل مالاوي تدريجياً على تقليص اعتمادها على موانئ بيرا (موزمبيق) وديربان (جنوب أفريقيا) ودار السلام في تنزانيا حيث ترتفع تكاليف الاستيراد بسبب استخدام النقل البري وقال الرئيس تشاكويرا “يسعدني أننا سنتمكن قريبًا من خفض تكاليف النقل البري للوقود وهو ما يترجم إلى انخفاض أسعار الوقود في مالاوي”ومنذ عام 2018 يخضع ميناء ناكالا للتحديث بفضل تمويل بقيمة 300 مليون دولار من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) وتشمل عمليات التحديث تجريف المياه إلى عمق 14 مترًا وتزويد الميناء بمعدات جديدة لمناولة البضائع وقد بدأ هذا التوسع يؤتي ثماره فبات ميناء ناكالا يبرز كميناء رئيسي لتصدير البضائع السائبة الجافة في أفريقيا ففي عام 2023 تم نقل ما يقرب من 14 مليون طن من الفحم من منجم مواتيز في مقاطعة تيتي إلى ميناء ناكالا عبر ملاوي وبالإضافة إلى ذلك تعامل الميناء مع 3.1 مليون طن من البضائع العامة عام2023 وهو ما يمثل 103% من ما كان الميناء يتوقعه ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى 3.5 مليون طن بحلول ديسمبر  من عام2024 وفقاً لمدير البنية التحتية بالميناء نيلمو إندونا  .

يشير العرض السابق لموانئ جيبوتي وبربره ودار السلام  ولامو ومومباسا في كينيا و ناكالا في موزمبيق إلي أن هناك ثمة منافسة حادة تستعر بين موانئ شرق أفريقيا تبدأ من موانئ الصومال فكينيا فتنزانيا فموزمبيق ومع هذا تحاول بل تصر إثيوبيا علي أن تدخل طرف مباشر في هذه المنافسة ولا تستفيد منها بالحصول علي تعريفة متميزة ومناسبة لها نظراً لكونها عميل مميز يستورد ويصدر لـ120 مستهلك إثيوبي بل تسعي للإنفراد بحيازة ميناء مستقل لها علي الساحل الصومالي المُطل علي خليج عدن والمحيط الهندي في بربره بجمهورية أرض الصومال المزعومة .

(3) مــــــيــنــاء بـربــرة في صومـــالـــيـلاند :  

وقعت إثيوبيا وصوماليلاند ذلك الكيان غير المُعترف به دولياً وأفريقياً في أول يناير2024 مذكرة تفاهم لاستخدام 20كم مربع بميناء بربرة الرئيسي في منطقة أرض الصومال الانفصالية منذ 1991 عن الصومال الفيدرالي وذلك في   مقابل الاعتراف المحتمل باستقلالها – وهو الأمر الذي أثار حالة من الغضب في الصومال – لإستخدامه إستخداماً تجارياً وعسكرياً لمدة خمسين عاماً وتتيح هذه المذكرة إستراتيجية المغزي أن تتحول إثيوبيا ذلك البلد كثيف السكان (حوالي110مليون نسمة) من دولة حبيسة جغرافياً إلي دولة لها إطلالة علي ساحل البحر الأحمر أهم ممر بحري دولي بالعالم تمر من خلاله تجارة شرقي آسيا وصادرات البترول من الخليج العربي وإيران , وقد أدت هذه المذكرة الخلافية إلي تفجر الأوضاع في الصومال والقرن الأفريقي بالتبعية وقد توسطت تركيا التي لديها مصالح لدي طرفي هذا الصراع في جولتين من المحادثات منذ يوليو2024 بين الصومال وإثيوبيا بشأن الاتفاق ولكن لم يتم التوصل إلى حل وتم إلغاء جولة ثالثة كانت مقررة في سبتمبر 2024 وفي 14 يناير2024حذر حمزة عبدي بري رئيس الوزراء الصومالي إثيوبيا من التدخل في الأراضي الصومالية حسبما نقلت أذرنيوز نقلا عن وكالة الأناضول وأكد أن اتفاقية الوصول إلى البحر الموقعة في أول يناير2024 بين إثيوبيا وأرض الصومال باطلة وأكد أنه إذا تدخلت إثيوبيا في الأراضي الصومالية فعليها أن تتحمل العواقب وأضاف “لا يمكن لإثيوبيا أن تتدخل في الأراضي الصومالية وإذا حاولت مثل هذا التدخل فسوف تنسحب حاملة قتلاها ولا يمكن الحصول على الأراضي الصومالية بالأغاني أو التهديد” وكانت الحكومة الصومالية قد استدعت سفيرها من إثيوبيا بعد أن وقعت البلاد اتفاقية الوصول إلى البحر مع أرض الصومال التي أعلنت استقلالها من جانب واحد عن الصومال في عام 1991 , وأستمر توتر العلاقة بين إثيوبيا والصومال الفيدرالي/ مقديشيو وتكون تحالف يضم مصر والصومال وأرتريا في مواجهة إثيوبيا بسبب هذه المذكرة التي أعتبرت إعتداء علي سيادة الصومال وتعبيراً صريحاً علي عدوانية إثيوبيا التي داست علي القانون الدولي وأسفرت عن نواياها التوسعية والتاريخية في الصومال بعد أن ضمت الأوجادين الصومالية , واستمر توتر العلاقات الصومالية / الإثيوبية إلي أن أعلن في 30 أكتوبر2024 عن طرد الصومال لدبلوماسي إثيوبي مما يشير إلى مزيد من تدهور العلاقات بين البلدين الجارين فيما يتصل بمذكرة تفاهم ميناء بربرة وقالت وزارة الخارجية الصومالية في 29 أكتوبر2024 “إن علي محمد عدنان المستشار بالسفارة الإثيوبية في مقديشو تدخل في شؤون الدولة الصومالية وتم منحه 72 ساعة لمغادرة البلاد” , ومازال الصراع الناجم عن توقيع مذكرة تفاهم ميناء بربرة متصاعد ففي 30 أكتوبر2024أكد رئيس أرض الصومال المزعوم موسى بيحي عبدي أن أرض الصومال لن تتراجع عن تنفيذ مذكرة التفاهم التي وقعتها مع إثيوبيا رغم أي معارضة أو ضغوط من أطراف خارجية وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قال بـــيــهــي: “لم يتغير شيء؛ الأمر لا يزال كما كان”وأضاف “الجميع ينتظرون متى سيتم الانتهاء من الوثيقة التنفيذية” وفيما   وأرجع بيهي هذا التأخير إلى العمليات الدبلوماسية القياسية وليس الضغوط الخارجية مشيرا إلى أن “الاتفاقيات الدولية غالبا ما تستغرق سنوات لتنفيذها واتهم بيهي الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بتصعيد المعارضة للاتفاق وقال: “لقد أطلق حسن شيخ حملة ضد إثيوبيا” عندما أكد أن الاتفاق تم بين أرض الصومال وإثيوبيا وليس مع الحكومة الفيدرالية الصومالية وبشأن هذه النقطة قال بيهي “لقد كنا دولتين مستقلتين منفصلتين وحكومتين لمدة 34 عامًا الجميع يعرف ذلك” مؤكدًا على مطالبة أرض الصومال بالسيادة وأشار الرئيس المزعوم لأرض الصومال إلى تصاعد التوترات الإقليمية في أعقاب الاتفاق مدعيا أن “الحرب كانت مخططة” وأن تدخل مصر أدى إلى تعقيد الأمور وأشار على وجه التحديد إلى اتفاقية التعاون العسكري الأخيرة بين الصومال ومصر ووصفها بأنها محاولة “لقمع رغبة شعب أرض الصومال في الاستقلال” وزعم الرئيس أن مصر تستغل الصومال في نزاعها مع إثيوبيا حول نهر النيل وأضاف بيهي : “ليس من حقهم جر الصومال إلى هذا الصراع الإقليمي خاصة وأن لديهم مشاكلهم الخاصة” مشيرًا إلى أن الاتفاق العسكري بين مصر والصومال يمتد إلى ما هو أبعد من نزاع النيل ليستهدف أرض الصومال بشكل مباشر وأضاف بيهي أن “الفكرة هي استغلال مصر من خلال توقيع اتفاقية أمنية معها ومن ثم استخدامها ضد أرض الصومال”مضيفا أن “مصر لديها مشاكلها الخاصة ولن تستفيد من هذا الوضع”.

في سبتمبر2024 أبلغ وزير خارجية أرض الصومال الدكتور عيسى كايد البعثات الدبلوماسية الدولية في هرجيسا أن مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا “أُبرمت بشكل نهائي، وأن اتفاقاً قانونياً رسمياً بات وشيكاً” ومع ذلك ظلت إثيوبيا صامتة إلى حد كبير بشأن أي تقدم عملي بشأن مذكرة التفاهم .

أدت الإمارات دوراً هاماً ممولاً لإنجاح صفقة ميناء بربرة ليست فقط لصالح الإثيوبيين وإنما لحلفاء إثيوبيا والإمارات الغربيين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة والدليل علي ذلك أن الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل صفقة إثيوبيا وأرض الصومال فالمنطقة الواقعة بين زيلع ولوجاي هي المكان الذي توجد فيه كتل النفط هيمال-1 وهيمال-2 التي حددتها شركة النفط الأمريكية شيفرون في الثمانينات وكذلك الحال بالنسبة لميناء Bulle Ade الطبيعي الذي كانت شركة Chevron تستخدمه في ذلك الوقت كما أن الولايات المتحدة تعمل على تعزيز مصالحها الجيوسياسية التي تتعارض في بعض الأحيان مع المصالح الاستراتيجية للصومال وسلامة أراضيها ويعد تعامل الولايات المتحدة المستقل مع أرض الصومال في قاعدة بربرة العسكرية مثالاً على ذلك .

إثــيــوبــيــــا عــمــلاق أفريـــــقــي بــلا رأس :

في عام 1929أبرمت إثيوبيا غير الساحلية صفقة مع إيطاليا (التي كانت تسيطر على إريتريا آنذاك) تمنح إثيوبيا منطقة تجارة حرة ومستودعات في ميناء عصب في إريتريا كما اتفق البلدان على بناء طريق يربط عصب بمدينة ديسي الإثيوبية  لكن الإعتمادية الإثيوبية علي الموانئ الأرترية إنتهت بإستقلال أرتريا عن إثيوبيا عام 1993 وبداية العداء الصريح بل والحرب بسبب نزاع حدودي بينهما ومع ذلك ولاحقاً فشل اتفاق إثيوبيا لعام 2018 مع إريتريا في ضمان الوصول إلى الموانئ على المدى الطويل ، مما يشير إلى أنه لا تزال هناك حاجة إلى حلول مبتكرة وفي الوقت الحالي تعتمد إثيوبيا اعتمادا كبيرا على ميناء جيبوتي الاستراتيجي للواردات والصادرات على طول الممر الحيوي بين البحر الأحمر والمحيط الهندي لكن البلاد تقلل استراتيجيا من هذا الاعتمادية من خلال تطوير موانئ إقليمية أخرى في السودان وأرض الصومال وكينيا .

قد يكون الاستثمار الأكثر جذرية لإثيوبيا في ميناء بربرة في دولة أرض الصومال المعلنة من جانب واحد بربرة قريبة من إثيوبيا ويمكن أن تفتح أسواقها الشرقية ومع ذلك تفتقر أرض الصومال إلى الاعتراف الدولي منذ انفصالها عن الصومال في عام 1991 مما يشكل مخاطر قانونية وسياسية .

عندما أغلقت إريتريا مينائي عصب ومصوع خلال الحرب الحدودية عام 1998، فقدت إثيوبيا إمكانية الوصول إليها لما يقرب من ثلاثة عقود استمرت لفترة وجيزة في استخدام عصب المعفاة من الرسوم الجمركية حتى عام 1997 قبل أن تنتقل إلى جيبوتي. لكن التأخير في المدفوعات أدى إلى تهديدات بإغلاق الموانئ في عام 2013 مما يسلط الضوء على اعتماد إثيوبيا المفرط  .

البــر الإثيوبي غـــني جداً ففيه المـــياه الـوفيرة جداً وعليه موارد بشرية متنوعة وإمكانيات زراعية وصناعية مُتعددة لكن هذا الجسم الفتي القوي بلا رأس وارأس هي البحر فلا إطلالة لهذا البر الإثيوبي الغني الفتي علي البحر فلا موانئ لإثيوبيا علي أقرب بحرين لها البحر الأحمر والمحيط الهندي , ومن سخرية القدر أن يكون متاحة لدولة صغيرة المساحة ضعيفة الموارد البشرية كجيبوتي إطلالة علي أهم بحار العالم وهو البحر الأحمر وخليج عدن فيما لا تتمتع إثيوبيا الغنية بشرياً ومائيــاً وزراعياً بهذه النعمة مما أفقدها بعض مزايا هذه الموارد المُتاحة بوفرة لديها .

لتعزيز العلاقات الثنائية دفع واشنطن للتحرك من أجل توسعة ممر لوبيتو نحو تنزانيا بشرق القارة تفاديا لأخطار الاقتصار على منفذ أو معبر واحد لا سميا أن الأمر يتعلق بنقل موارد إستراتيجية بالنسبة للقوي الإقتصادية الدولية المتحكمة في إقتصاديات العالم حيث ستصبح موانئ تنزانيا بالمحيط الهندي بوابة جديدة إلى جانب ميناء لوبيتو الأنجولي بالمحيط الأطلسي ويتوقع أن يسهم تمدد الممر في تحسين جودة الحياة والإقتصاد الأنجولي ومنطقة الجنوب الأفريقي SADC وتحسين فرص التصدير بالنسبة لعدد من دول وسط إفريقيا خصوصا منها الحبيسة غير الساحلية بضمان الربط السريع مع حزام الكوبالت في الكونجو وحزام النحاس في زامبيا وبقية المعادن والموارد الطبيعية بالأسواق العالمية بسرعة ويسر في اتساق مع أجندة الاتحاد الإفريقي الرامية إلى تسهيل التجارة داخل القارة ومع بقية دول العالم وهو أول مشروع ضخم تنهض به الولايات المتحدة في أنجولا التي لم تكن تأبه في الماضي إلا بإستكشاف والبحث وإستغلال البترول الأنجولي خاصة في مقاطعة CABINDA بشمال أنجولا فهاهي تمد خط توسعها في علاقاتها بأنجولا وتتقدم نحو تنفيذ مشروع عملاق كمشروع ممر لوبيتو بعيداً عن المنافسة الصينية وتواجه إثيوبيا وهي دولة غير ساحلية منذ حصول إريتريا على استقلالها في عام 1993تحديات طويلة بسبب افتقارها إلى الوصول المباشر إلى البحر ويؤثر عدم وجود خط ساحلي بشكل كبير على اقتصاد إثيوبيا ولوجستياتها التجارية وموقعها السياسي اعتمدت البلاد بشكل كبير على جيبوتي المجاورة لخدمات الموانئ حيث يمر أكثر من 95٪ من وارداتها وصادراتها عبر ميناء جيبوتي يثير اعتماد إثيوبيا على ميناء أجنبي واحد العديد من المخاوف المشروعة المتجذرة في العوامل الاقتصادية والأمنية والجيوسياسية إن أي عدم استقرار سياسي أو كارثة طبيعية أو خلاف بين إثيوبيا وجيبوتي يمكن أن يؤثر بشكل خطيرعلى تجارة إثيوبيا ويزيد ارتفاع تكلفة استخدام موانئ جيبوتي إلى جانب التأخيرات الطويلة بسبب الازدحام من الضغوط الاقتصادية في إثيوبيا .

كونها دولة غير ساحلية تزيد بشكل كبير من تكاليف النقل في إثيوبيا وتبلغ المسافة من المراكز الصناعية الرئيسية في أديس أبابا إلى ميناء جيبوتي أكثر من 900 كيلومتر مما يرفع تكلفة السلع ويحد من القدرة التنافسية للصادرات إن الحد من هذه الأعباء اللوجستية أمر ضروري للنمو الاقتصادي في إثيوبيا فاعتماد البلاد على دولة مجاورة واحدة للوصول إلى البحر يثير مخاوف بشأن إمكانية النفوذ الجيوسياسي فجيبوتي  على الرغم من العلاقة القوية مع إثيوبيا  لديها درجة كبيرة من التأثير على طرق التجارة في إثيوبيا ومن شأن توسيع نطاق الوصول إلى الموانئ البديلة أن يقلل من هذه التبعية وقد أبدت إثيوبيا اهتماما بموانئ بديلة في البلدان المجاورة لتخفيف الضغط على جيبوتي على سبيل المثال سعت إلى إبرام اتفاقات لاستخدام الموانئ في إريتريا وأرض الصومال (بربرة) وكينيا (لامو) ينظر إلى تنويع طرق التجارة على أنه هدف استراتيجي لتحسين التكامل الإقليمي لإثيوبيا وتعزيز اقتصادها.

هناك طموح تاريخي مرتبط بالوصول إلى ميناء أو منفذ بحري مُستقل لإثيوبيا علي البحر الأحمر أو المحيط الهندي أو بهما معاً وهو الشعور يتشارك فيه العديد من الإثيوبيين الذين ينظرون إلى الوصول البحري المباشر على أنه أمر بالغ الأهمية للفخر الوطني والاستقلال الاقتصادي والأمن لطالما كانت لإثيوبيا روابط تاريخية بالبحر الأحمر واستعادة شكل من أشكال الوصول إليه من شأنه أن يلبي هذه التطلعات التاريخية ينبع اهتمام إثيوبيا بالتكامل الإقليمي من هدفها الاستراتيجي المتمثل في تحسين التعاون الاقتصادي والترابط التجاري تهدف مشاريع البنية التحتية الإقليمية مثل ممر LAPSSET (ميناء لامو – جنوب السودان – إثيوبيا – النقل) وتنشيط شبكة السكك الحديدية الإثيوبية إلى تعزيز الروابط التجارية لإثيوبيا مع الدول المجاورة ولا تدعم هذه المبادرات الأهداف الاقتصادية لإثيوبيا فحسب بل تعزز أيضا علاقاتها السياسية مع بلدان القرن الأفريقي .

ينظر العديد من الإثيوبيين إلى الوصول إلى منفذ بحري كوسيلة لتحقيق قدر أكبر من الاستقلال الاقتصادي. ومن شأن الوصول إلى الموانئ أن يسمح لإثيوبيا بالسيطرة على طرقها التجارية والحد من الاعتماد على الدول الأجنبية وتحسين الخدمات اللوجستية الوطنية والقدرة التنافسية التجارية فهناك شعور بالظلم التاريخي المرتبط بفقدان أراضيها الساحلية ، ويشعر العديد من الإثيوبيين أن استعادة شكل من أشكال الوصول إلى البحر أمر ضروري لاستعادة كرامة الأمة ويعتقد الأثيوبيين أنه بدون سيطرة مباشرة على منفذ بحري تواجه إثيوبيا تحديات في تأمين طرقها التجارية وينظر إلى القدرة على حماية منفذها البحري على أنها حاسمة لاستراتيجية الأمن القومي لإثيوبيا خاصة في منطقة مضطربة مثل القرن الأفريقي فوفقاً للرؤية الأثيوبية أنه من شأن وجود منفذ بحري استراتيجي أن يسمح لإثيوبيا بممارسة و تعزيز دور إثيوبيا القيادي في المنطقة وما وراءها ومن شأن الوصول إلى ميناء رئيسي أن يعزز قدرتها على تسهيل التجارة داخل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)، مما يعزز طموحاتها في زيادة نفوذها الإقليمي ولذلك هناك سعي إثيوبي للوصول إلى البحر وهو سعي متجذر في الاحتياجات الاقتصادية العملية والمشاعر التاريخية الوطنية وباعتبارها بلدا غير ساحلي فإن اعتماد اثيوبيا على موانئ جيبوتي يخلق نقاط ضعف تهدد مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية من خلال البحث عن طرق بديلة ويعتبر المسعي الإثيوبي  للوصول الحر إلى البحر يعني التخفيف من هذه المخاطر الإقتصادية التي قد تتعرض لها إثيوبيا الآن ومستقبلاً وهو أمر يُضعف مكانتها كلاعب إقليمي رئيسي ولا تزال جهود التكامل الإقليمي مثل تأمين الوصول إلى موانئ متعددة في البلدان المجاورة أساسية لاستراتيجية إثيوبيا للحد من التبعية وتعزيز أهدافها الإنمائية طويلة الأجل وتجدر الإشارة إلى أن إثيوبيا إستعداداً لتجديد وتنفيذ إستراتيجتها بل أطماعها البحرية أعادت تنظيم قوة بحرية  وهي التي تم حلها منذ عقود إلي أن جاء الجناح العسكري إلى حيز الوجود في أعقاب إصلاح عام 2018 مع تدريب القوات في روسيا ودول أخرى ومن شأن القوة البحرية أن تعزز القدرات الدفاعية لإثيوبيا وتمكن من مراقبة أفضل للبضائع التي تدخل البلاد وتغادرها وبالتالي فإن إعادة إنشاء القوة البحرية الإثيوبية يمكن أن يكون تدبيرا تمهيديا للوصول البحري في المستقبل”.

تــــــــقـــــديـــــر مـــــوقـــــــف :

1- إن إثيوبيا من زاوية الأمن القومي تــــشـــعــر بأنها دولة تملك أدوات التأثير الإقليمي بما يؤهلها لحيازة مكانة ممتازة ومنعة إستراتيجية , فنهر النيل هذا النهرالذي يجري ويشق أراضي 10 دول أفريقية يوفر لإثيوبيا ذلك التأثير غير القابل للجدال بشأنه إلا أن هذه القوة والمنعة والمكانة التي وفرها نهر النيل لإثيوبيا خصم منها وبصفة ملموسة إفتقاد إثيوبيا لمنفذ وإطلالة بحرية علي البحر الأحمر والمحيط الهندي اللذان لا تبعد سواحلهما كثيراً عن الحدود الإثيوبية مع جيبوتي وأرتريا والصومال دول الجوار المباشر لإثيوبيا فالجغرافية بقدر ما منحت إثيوبيا حيازة النيل مصدر الأمن المائي لعشر دول أفريقية وتتحكم إثيوبيا فيه بقدر ما نزعت هذه الجغرافيا نفسها نعمة الإشراف علي بحر مجاور لإثيوبيا فهذه السواحل في حيازة دول جوار لا علاقة لها بالنيل ولا تصل إليها أي من راوافده وبالتالي كنتيجة لا تستطيع إثيوبيا عن طريق حيازتها لمنبع هذا النهر الدولي العابر للحدود / الــــنـــــيـــل  أن تتحكم فيها  , وبناء علي هذه الحقائق فلم يكن بوسع إثيوبيا وهي دولة توسعية لديها مشاعر زائفة وأحياناً مـــُبالغ فيها بالتميز القومي والسمو التاريخي إلا أن تنتهج ســـبــيــل القوة والتــآمـــر والألتـــفــاف علي حقائق التاريخ والجغرافيا والقـانـون الدولي فلجأت إلي توقيع مذكرة تفاهم مع كيان غير حائــــز علي أدني إعـــتراف دولي بــــشـــرعـــيــتـه ولو أنه مـــتــــثـــمرس في هرجيسة عاصمة ما يُعرف بصومـــاليلاند رافعا لواء زائف لجمهورية زائفة تُدعي جمهورية أرض الصومال شــــكـــلــها ثـــلة من الخونة والمتآمرين علي وحــدة الصومـــال فهؤلاء هم من وقع معهما الأثيوبيين مذكرة تفاهم (وليس إتفاقية أو معاهدة) في أول يناير 2024 قضت بمنح هؤلاء الإنفصاليون للإثيوبيون 20 كم مربع لمدة 50 عام في ميناء بربرة علي خليج عـــدن لإقامة قاعدة بحرية عسكرية إثيوبية ومنفذ تجاري إثيوبي مقابل وعــد غير مثبت بالإعهتراف الإثيوبي بهذهالجمهورية المُدعاة .

2– لوأن للدبلوماسية السياسية والأمنية المصرية رؤية إستراتيجية عمـــلية وبـعـيـدة المدي لأستغلت مــصـــر حـــيازتــهــا لقــنــاة السويـس وربطت موانئ الــسودان (بورسودان) وأرتـــريــا (مـصـوع وعـــصــب) والــصـــومــال (مقــديـــشــيو وبربـره وزيــلـع) بالمنطقة الإقتصادية بقناة السويس – التي كان علي مصر إقامتها منذ زمــن طـــويـــل – لصياغة مــحور لوجيستي يربط موانئ مـــصــر  المُـطـلة علي البحرين الأبيض والأحـــمــر بالمحيط الـــهــنـــدي وفي نفس الوقت يحقق مزيد من الـــــتـنمـيــة لمواني السودان وأرتريا والصومال وما وراءهم بدلاً من منح هذه الموانئ لدول لا صلة لها مباشرة أو غير مباشرة ولا قيمة جيوإستراتيجية لها علي الصعيدين الإقليمي والدولي كالإمارات وقطر بل وحتي الصين الشعبية تلك الدولة التي شأنها شأن كل الدول الإستعمارية ذات السلوك الدولي الأناني والتي والصين وسيلة إستعمارها منح الديون ومزيد من الديون (حالة كينيا وميناء لامـــو) فإذا كانت لدي مصر عقلية إستراتيجية سياسية ناضجة لربطت موانئ هذه الدول مصلحياً بمصر عن طريق إنشاء منطقة إقتصادية ينتفع بجزء منها كل ميناء عامل بهذه الدول الأفريقية وكانت الربحية السياسية والأمنية ستضطرد لمصلحة مـــصــر لو أنها منحت إثيوبيا الحبيسة نفسها جزءاً من هذه المنطقة الإقتصادية بقناة السويـــس لصادراتها ووارداتها علي أن تمنح مصر حق المرور البري عن طريق السودان بتعريفة تعاهدية ومثبتة للواردات والصادارات الإثيوبية والمقابل المنطقي سياسة إثيوبية نـــيــــلــيــة صديقة لمصر إلا أن صانعي ومتخذي القرار السياسي المصري لا يفكرون إلا ما فوق خــط عــرض 32 درجة شمالاً أما ما دون خـط عـرض 22 درجة فلهم سياسات مصرية أقل تميزاً وهذا مما أثــر ســبــاً في ربــحــيــة وعـــمـــلــيـة السياسة الأفريقية لمصر .

3- عـــودة لواقع الإستراتيجية البحرية الإثيوبية , فإني أعتقد أن هذه الإستراتيجية لا تستهدف معالجة إقتصادية مباشرة لقضية الإنحباس الجغرافي الإثيوبي بقدر ما هي إستراتيجية تستهدف تحقيق هدف بعيد المدي يحقق التوازن بين المـكـانة الثقيلة سياسياً وجيوإستراتيجياً التي يحققها الــنـــيـــل لإثيوبيا في محيط إقليمي قوامه عـــشـر دول نـيـيـلـيـة وبين الـــســـعــي الـــجـــاد لـتـحـقـيـق الكمال النموذجي للدولة الإثيوبية بتحريـريـها من حـــالـــة الإنـــحـــبـاس الـجــغــرفــي وتوفير إطــلالـــة بــحـــرية دائـــمـــة وثـــابـــتــة ومـــســـتــقــرة زمـــنـــيـــاً فلو كانت إثيوبيا – وفـقـاً للــعــرض الـسابــق – تريد معالجة إقتصادية لإنحباسها الجغرافي وحاجتها لميناء بحري فأمامها أن تحقق سياسة اللجوء لموانئ متعددة جغرافياً شأنها دول أفريقية حبيسة أخري فبأفريقيا 56 دولة غير ساحلية حبيسة اخري غير إثيوبيا هي : بوتسوانا وبوركينا فاسو وبوروندي وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد  وإسواتيني (سوازيلاند سابقًا) وليسوتو وملاوي ومالي والنيجر ورواندا وجنوب السودان وأوغندا وزامبيا وزيمبابوي ويعيش في هذه الدول 30% من سكان القارة الأفريقية البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة وكل هذه الدول غير الساحلية عالباً هي دول مستوردة صافية وبالتالي تعتمد على جيرانها للوصول إلى الــبـــحــر وهذه الدول تعاني بعضها كأثيوبيا من أرتفاع وتذبذب تعريفة صادرات وواردات الدول الحبيسة في الموانئ الافريقية ومع ذلك لم تلجأ لما فعلته إثيوبيا فمثلاً جنوب السودان الحبيسة والمجاورة مباشرة لإثيوبيا لم تجرؤ أن توقع مذكرة تفاهم مماثلة لتلك التي وقعتها إثيوبيا في أول يناير 2024 مع صوماليلاند بشأن بربرة لسبب بسيط وهو أنها مُخالفة للقانون الدولي , ومما يؤكد أيضاً ما أعتقده هو أن إثيوبيا غير جادة في التعامل والتعاطي مع مـــيـــنـــاء لامـــــو الكيني ومـمـر  Lapsset علي التوازي , كما أن إستراتيجية إثيوبيا البحرية هدفها عسكري أمني في المقام الأول وليس تجاري / إقتصادي صرف وإلا لكانت قد لـجأت للتعمل مع ميناء مقديشيو الصومالي ولامو الكيني لولا أن هدفها أبعد مدي من ذلك فهدفها مرحلي يبداً بميناء بربرة في صوماليلاند وينتهي بضم صوماليلاند نفسها في إطارتحقيق وحدة إندماجية زائــــفــة مع صوماليلاند تحقيقاً للمشروع التاريخي التوسعي الإثيوبي الطامع في كل الصومال والذي سبق وأبتلع الأوجادين الواقعة غربي الصومال التي تبلغ مساحتها 279 ألف كم مربع وقد سلمت سلطات الاحتلال البريطاني عام 1954م بموجب اتفاقية وقعتها بريطانيا مع إثيوبيا عام 1897 ومنذ ذلك التاريخ وسكان الأوجادين الصوماليين يعانون يعاني من معاملة غير إنسانية وظروف معيشية متدنية للغاية واضطهاد ديني يمارسه الإثيوبيون ضدهم بل تعرضهم للقتل والسجن وسلب حقوقهم  كما أن تبرير إثيوبيا بإرتفاع تكلفة اللجوء المينائي لجيبوتي ليس مبرراً مقنعاً لإفتعال إتفاق خارج القانون الدولي كالذي تم مع صوماليلاند فكل الدول الحبيسة في أفريقيا  تواجه نفس هذه المشكلة القابلة احيانا وبالثقل السياسي الإثيوبي للحل وكما أن إثيوبيا تشتكي من جيبوتي فإن الجيبوتيين بدورهم يخشون من الظل السياسي والإقتصادي الثقيل علي بلادهم فليس من المعقول تصديق أن إثيوبيا بلا ثقل في جيبوتي ينتج لها بعض المميزات الإقتصادية فجيبوتي المجاورة لإثيوبيا دائمة الخشية من الوجود الإثيوبي فمن المعقول جداً تكرار ما حدث من جراء الوجود الديموجرافي الإثيوبي في جيبوتي كما خدث في الـــفـــشـــقــة السودانية عندما زحفتإثيوبيا ديموجرافياً علي الأراضي السودانية وتمددت الإثيوبيين وأحتلو مليون فدان هناك من أجود الأراضي الزراعية في عهد عمر الشير حتي تخلص الجيش السوداني من إحتلال الأثيوبيين للـــفــشــقــة السودانية عام2020 بعد الإطاحة بالبشير,ولهذا ولاسباب أخري طبعاً إستضافت جيبوتي قواعد أجنبية لاكثر من 6 دول منهم فرنسا والولايات المتحدة والصين مخافة الإحتلال أو علي الأقل النفــاذ الإثيوبي لها .

4- إن أستراتيجية إثيوبيا البحرية ليست بالضرورة موجهة لمصر وإنما هي منتج عـــرضـــي By – product  لـهـذه الإستراتيجية الإثيوبية الـــهـــجـــومـــيـــة طــويـــلـة الــمــدي , ذلك أن هذه الإستراتيجية غرضها الوحيد إستكمال مشروع “المكانة” الإثيوبي ومن خلاله الـــهـــادف إلي تحقيق توازن بين المكانة المائية بسبب حيازة إثيوبيا لمنابع النيل في أراضيها وبين حيازتها لمنفذ بحري سيادي مُستديم هذا التوازن إن تحقق فسيكون للعملاق الإثيوبي ذا الجسد الفتي رأس تــديــر هذا الجـــســـد  .

5- تــعــقــد إثيوبيا (كثر من الإثيوبيين) إرتـــبـــاط غير معهود بين الدول الحبيسة الأخري بين الإنحباس الجغرافي أي كون إثيوبيا دولة حـــبـــيـــســة وبين الــكـــرامـــة الوطـــنـــيـــة وهو سلوك شاذ وشــــائن في الواقع السياسي الدولي  تروجه الصحافة الإثيوبية وبعض الإعلام الغربي الموالي لإثيوبيا إنطلاقاً من دوافع دينية بحتة , وهو سلوك شاذ لأنه أولاً غير شــأئع  بين العالم الحبيسة والأفريقية منها ومنها 15 دولة أفريقية , لكني أعتقد أن الترويج الإثيوبي لهذا الإرتباط هو إصطناع شعور وطني بضرورة حيازة إثيوبيا علي منفذ بحري ولو كان ذلك علي حساب القانون الدولي والجغرافيا السياسية وإخراج هذه القضية من مجال منطق الأمور كما أن الترويج لربط الكرامة الوطنية بالمنفذ البحري الإثيوبي يهدف في البداية والنهاية لجعلقضية المنفذ البحري قضية وطنية ومسؤلية سياسية وأمنية لابد أن ينهض بها أي زعيم إثيوبي حالي وقادم بالإضافة إلي تصعيد هذه القضية القدرية لتكون ظلم لإثيوبيا مع أنه وضع جغرافي قدري طبيعي لنحو 49 دولة في العالم تواجهه بشجاعة وبسلوك سياسي طبيعي خــال من العــقــد السلوكية أو التاريخية .

6– قد تأمل الصومال في أن تؤدي تكتيكات مثل التحالف مع منافسي إثيوبيا إلى إقناع إثيوبيا بالانسحاب من مذكرة التفاهم فإنها قد تحفز أديس أبابا بدلاً من ذلك على تعزيز موقفها حسبما قال مات برايدن المستشار الاستراتيجي لمؤسسة ساهان البحثية وقالت الصومال إنها ستطرد ما يصل إلى 10 آلاف جندي إثيوبي متمركزين في الصومال بحلول نهاية العام إذا لم تتراجع إثيوبيا عن صفقة الموانئ وتتواجد القوات الإثيوبية هناك كجزء من مهمة حفظ السلام وعلى أساس ثنائي من أجل مواجهة حركة الشباب , وفي الواقع فإن التحالف الذي أقدمت الصومال علي عقده مع مــصـــر وأرتـــريا في منتهي الأهمية ويجب أن يتسم بما يتناسب من جــديــة ليتحول من مجرد تحالف مُصمت إلي أن يكون مُسلح بالردع الكافي وبما يتناسب مع الموقف فإثيوبيا لن تتحرك وحدها أما هذا التحالف فمعها فرنسا والكيان الصهيوني , صحيح أنه لا يوجد تحرك فرنسي أو صهيوني مُعلن مع إثيوبيا أو داعم لإثيوبيا , لكن المنطق يؤكد أنهما مستفيدتان من صفقة ميناء بربرة ومن مصلحتهما تحريكها للأمام وجعلها واقـــع عــمـــلي , وبالتالي علي مصري العمل علي دمج كينيا وجيبوتي للتحالف الثلاثي الذي يضم إلي جانب الصومال/ مقديشية كل من مـــصــر وأرتريا فكل من كينيا وجيبوتي أكبر المضارين من صفقة ميناء بربرة فميناء جيبوتي سينخض إراده بصفة ملموسة إن أسست إثيوبيا لها ولتجارتها ميناء خاص بها في بربرة وكينيا تخسر إستثماراتها في ممر لابيست ومـــنــــاء لامـــو معاً , فلابد لمصر سياسياً وأمنياً العمل علي ضم كينيا وجيبوتي ولو كان هذا الضم مُـــسـتــــتــراً .

في الــــنــــهــــايـــة /

 ففي تقديري أن ميناء بربرة هو الخيار النموذجي لـــتــطبيـق مجمل الإستراتيجية البحرية الإثيوبية في شــقـــيــهــا الــعــســكــري والـــتـــجـــاري فالميزة التي تتوفر لميناء بربرة من وجهة النظر الإستراتيجية الإثيوبية أنه :

1- أفـــضل الخيارات المُتاحة لإثيوبيا من حيث الــسلــطــة التي يمكن لإثيوبيا أن تمارسها فصوماليلاند كيان سياسي مُبهم لا إعتراف دولي به ولذلك فهو رخو يمكن لإثيوبيا بسهولة إختراق مؤسساته والتلاعب بها فكيان صوماليلاند بقضه وقضيضه في متناول يد الأمن والمخابرات الإثيوبية بل إن مذكرة تفاهم ميناء بربرة نفسها الموقعة في أول يناير 2024 صناعة المخابرات الإثيوبية فهي في الظاهر عمل سياسي لكنه صناعة مخابراتية بإمتياز .

2- بإســـتـطـــاعـــة إثيوبيا من خلال ميناء بربرة تطبيق حـــر لإستراتيجيتها العسكرية البحرية وبالتالي إحياء سلاح البحرية الإثيوبي بمعونة فرنسا وهذا أمرلا يتوفر في ميناء لامــــو الكيني ولا ميناء جيبوتي .

3- أنه أهم من الوجهة الإستراتيجية من ميناء جيبوتي الأقرب لإثيوبيا ولامــــو الكيني إذ أنه يوفر لللبحرية العسكرية والتجارية الإثيوبية – إذا ما نُفـذت مذكرة التفاهم بشأنه – إطـــلالـــة علي مُســــطـــحـــين بــحــريــيــن هـأمـين هما مسطح المحيط الهندي ومسطح خليج عـــدن .

4- يوفر لسلاح البحرية الإثيوبية إذا ما إستقر الأمر لإثيوبيا ونفذت مذكرة تفاهم أول يناير 2024 لعب دور عسكري/ أمني مع الكيان الصهيوني وبالتالي المساهمة المتوقعة لتأمين مدخل البحر الأحمر من خليج عدن ومضيق باب المندب للكيان الصهيوني وبالتالي فمن المتوقع والحالة هذه تضافر جهود البحرية الإثيوبية مع البحرية الصهيونية وبناء علي ذلك ستواجه البحرية المصرية البحرية الإثيوبية في خليج العقبة أي في الجوار المباشر لخليج السويس وقناة السويس فلا غرو إن قلت أن البحرية لإثيوبية ستكون خصماً قريباً للبحرية المصرية , ومن المتوقع إن أقامت إثيوبيا قاعدتها البحرية في بربرة أن توقع إثيوبيا مع الكيان الصهيوني وثيقتين مهمتين الأولي إتفاقية تعاون بين سلاحي البحرية أو إتفاع دفاع ثنائي أو دفاع مُشترك صهيوني / إثيوبي يتضمن التعاون بين سلاحي البحري أما الوثيقة الثانية فستكون إتفاقية تآخي وتوأمــة Jumelage بين ميناء بربرة وميناء إيلات الصهيوني , وبالتالي فمن الطبيعي والحالة هذه تصور تعاون وثيق بين الكيان الصهيوني وإثيوبيا وفرنسا (التي أسست سلاح البحرية الإثيوبي وسبق أن أسست المشروع النووي الصهيوني في خمسنات القرن الماضي) , كما أن البحرية الإثيوبية ستعمل يداً بيد مع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM وخاصة فيما يُعرف بالحرب علي الإرهاب (من وجهة نظر أمريكية) وخاصة في مجال الحرب الخلافية علي القرصنة الصومالية , وبصفة عامة سيتيح تأسيس إثيوبيا لقاعدة عسكرية( بحرية / برية) في بربرة توسيع وتنويع وإضطراد نوعي لشبكــة التعاون العسكري الإثيوبي , وهذا ما علي العسكريتان الـيــمـــنـــيـــة والـــمـــصـــرية أن تعيه وتنتبه لتداعياته من الآن وإتخاذ ما يلزم من خطوات عملية إستباقية لمواجهته بكفاءة وفي الوقت المناسب بل والعــمل ما إستطاعت علي منعه من الآن أي منع تنفيذ مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وصوماليلاند الموقعة فيأول يناير 2024 ما أمــكـــن ذلك .

5- أنه ســيوجب علي مصرأن تأخذ الحذر ما يكفيها وتتحلي بنضج سياسي وسعة في الرؤية الإستراتيجية لمصالحها أعني علي مصر ألا تعتبر الحوثيين أو أنصار الله في اليمن خصوم ولا تعتبر تركيا ذات الوجود والمصالح الكثيفة في الصومال وإثيوبيا خصوم أيضاً فكلاهما يمكن لمصر العمل علي تحييد أي عوامل سلبية تنشأعن قربهما من المسألة الصومالية , فالخصم بل العدو الحقيقفي هم الإثيوبيين والصهاينة ومعهما الفرنسيين , فمصر وهي تخطط سياسة مواجهة تداعيات أزمة توقيع إثيوبيا وصوماليلاند مذكرة تفاهم ميناء بربرة في أول يناير 2024 عليها التصرف بواقعية وخيال إستراتيجي في نفس الوقت , فتأسيس أثيوبيا لميناء تجاري وقاعدة عسكرية في بربرة أعتبره بكل بساطة تـغــيـيـر عــمــيــق للجغرافيا السياسية في منطقتي القرن الأفريقي والشرق الأوسط معاً , هذا ما علي مـــصـــر إدراكه مبكراً فتأسيس إثيوبيا لوجود عسكري / تجاري لها علي ساحل خليج عدن كفيل بالتأثير علي أمور متنوعة في الشرق الأوسط كما هو الوضع في القرن الأفريقي , فما يحث في غزة وما ستقدم عليه إثيوبيا علي الساحل الصومالي في بربرة غــــر ثوابت كانت مُستقرة أو تصورنا خطأ أنها مُستقرة في نظرية الأمن القومي المصري .

مصر واليمن مقبلتين شاءت أم أبت إحداهما أو كلاهما علي إستخدام وسائلها العسكرية والدبلوماسية لكبح جماح إثيوبيا وهي تتقدم لإدارة عملية تغيير للجغرافيا السياسية لمنطقتي القرن الأفريقي والشرق الأوسط وبينهما البحر الأحمر , ولست معني بالإشارة في هذا الشأن بإستنهاض السلطات في السعودية والأردن فالسعودية جثمان ضخم متورم مالياً لدولة ميتة والأردن دولة وظيفية لا يمكن لها أن تكون معنية بمسائل تتعلق بالأمن القومي العربي أو الأردني فمنذ شهور أعلنت إستضافة الأردن لمكتب إتصال في عمان لحلف الأطلنطي وبالتالي فلا مجال لحديث عن أمن قومي أردني فالأردن أصبحت مكتب لحلف الأطلنطي خدمة للكيان الصهيوني .

الــــــــــســــــــــــــــــــفــــــيــــــر: بـــــــــــــلال الـــــمــــــــــصـــــري –

حصريا المركز الديمقراطي العربي – الــقـــاهـــرة / تحريراً في 5 نوفمبر2024

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى