السياسة الخارجية لدولة جنوب أفريقيا تجاه دول الخليج العربي (الأمارات نموذجًا)
اعداد : محمود سامح همام – باحث سياسي متخصص في الشؤون الأفريقية
- المركز الديمقراطي العربي
شهدت السياسة الدولية خلال العقود الأخيرة تحولات جذرية نتيجة لتغير موازين القوى وتزايد الاعتماد المتبادل بين الدول في ظل العولمة. ومع تصاعد أهمية المناطق الجيوسياسية المختلفة، برزت علاقات التعاون بين الدول الإفريقية ودول الخليج العربي كإحدى الظواهر اللافتة التي تستحق الدراسة. وفي هذا السياق، تشكل جنوب إفريقيا، باعتبارها واحدة من أبرز القوى الاقتصادية والسياسية في القارة الإفريقية، نموذجًا مهمًا لفهم تطور العلاقات بين إفريقيا والخليج العربي.
تسعى جنوب إفريقيا من خلال سياستها الخارجية إلى تحقيق أهداف متعددة تستند إلى محددات جغرافية وتاريخية واقتصادية، مما يفسر طبيعة انخراطها المتزايد في القضايا الإقليمية والدولية. ويعد الخليج العربي، بصفته مركزًا اقتصاديًا عالميًا ومصدرًا رئيسيًا للطاقة، أحد المحاور التي تحظى باهتمام السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا، خاصة في ظل تنامي العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين الطرفين.
تتناول هذه الدراسة تحليل السياسة الخارجية لدولة جنوب إفريقيا تجاه دول الخليج العربي، مع التركيز على دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج. ويتناول المحور الأول من الدراسة محددات السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا وأهدافها، بينما يركز المحور الثاني على طبيعة العلاقات بين جنوب إفريقيا ودول الخليج العربي بشكل عام، والإمارات بشكل خاص، من حيث التعاون الاقتصادي والسياسي. أما المحور الثالث، فيسلط الضوء على كيفية تفاعل جنوب إفريقيا مع الأزمات الدولية ودور هذه التفاعلات في صياغة سياستها الخارجية تجاه الخليج العربي. تهدف الدراسة إلى تقديم فهم شامل للدوافع والنتائج المترتبة على هذه العلاقات في سياق ديناميكيات السياسة الدولية المتغيرة.
أولًا: مشكلة الدراسة
تكمن مشكلة الدراسة في معرفة ماهية السياسة الخارجية لدولة جنوب أفريقيا تجاه دول الخليج العربي، كدراسة حالة لسياسة جمهورية جنوب افريقيا تجاه الامارات، والتعرف على محددات السياسة الخارجية لدولة جنوب أفريقيا ومحدداتها، بالإضافة إلى تسليط الضوء على أهم توجهات وأهداف سياسة الدولة.
ثانيًا: تساؤلات الدراسة
تدور أسئلة الدراسة حول السؤال الرئيسي الاتي: ماهية السياسة الخارجية لدولة جنوب أفريقيا تجاه دول الخليج العربي ” كدراسة حالة: الامارات “؟
وهناك أسئلة فرعية ذات علاقة مباشرة بالسؤال الرئيسي وهي:
- ماهية محددات السياسة الخراجية لدولة جنوب أفريقيا؟
- ما أهداف السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا؟
- كيف تقوم السياسة الخارجية لبريتوريا تجاه دول الخليج العربي؟
- لماذا تعد الامارات محط اهتمام صناع القرار لدولة جنوب أفريقيا؟
- ماهية توجهات السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا؟
ثالثًا: أهمية الدراسة
تنبع أهمية الدراسة من كونها تسلط الضوء على ماهية السياسة الخارجية لدولة جنوب أفريقيا تجاه دول الخليج العربي، وتسليط الضوء على محددات السياسة الخارجية لكيب تاون وأهدافها، كما يقوم البحث على سياسة جمهورية جنوب أفريقيا تجاه دول الخليج العربي، كما تُبرز الدراسة أوجه التعاون بين جنوب إفريقيا، كإحدى القوى الصاعدة في الجنوب العالمي، ودول الخليج العربي التي تتمتع بأهمية اقتصادية واستراتيجية في النظام الدولي، بالإضافة إلى فهم طبيعة أهداف السياسة الخارجية لجمهورية جنوب أفريقيا، كما أنه بناء على النتائج المستخلصة لتلك الدراسة على استشراف الاتجاهات المستقبلية للسياسة الخارجية لدولة جنوب أفريقيا، ما يساعد صناع القرار في التخطيط لاستراتيجيات تنافسية في مختلف مجالات العلاقات الدولية، وعلاوة على ما ذُكر من توصيات ونتائج للدراسة ستكون مفيدة ومثمرة للصناعة السياسية وصناعة القرار للبلدان الأخرى في المجتمع الدولي.
رابعًا: أهداف الدراسة
أن هذه الدراسة معنية في تحقيق الأهداف الأتية:
- التعريف بالسياسة الخارجية لدولة جنوب أفريقيا
- إبراز محددات السياسة الخارجية لبريتوريا وأهدافها
- الوقوف على ماهية السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا تجاه دول الخليج العربي
- تسليط الضوء على موقف سياسة جنوب أفريقيا تجاه الامارات
- إبراز توجهات السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا
خامسًا: منهجية الدراسة
تعتمد هذه الدراسة على منهج مهم لدراسة وتحليل السياسة الخارجية لدولة جنوب أفريقيا تجاه دول الخليج العربي، كدراسة حالة دولة الامارات، حيث اعتمدت هذه الدراسة بشكل أولي على:
- المنهج التاريخي: ويعد هذا المنهج من أكثر المناهج شيوعا الذي يقوم بإحياء الأحداث التي حصلت في الزمن الماضي، وهو نهج يستخدم كطريقة فعالة يمكننا من خلالها فهم الأمور التي تجري في الوقت الحالي بناء على الأحداث التي جرت في الزمن الماضي، وبالتالي يتمكن من استشراف المستقبل، بالإضافة إلى دور المنهج التاريخي على أهمية عدد ما من التفاعلات والتي حدثت في الزمن الماضي، ومدى تأثيرها على الأحداث التاريخية، ومجرى التاريخ، كما يقوم هذا المنهجعلى إسقاط الحوادث التي تحصل في الحاضر على الماضي، ومن رواد هذا المنهج سانت بيف الذي دفع عجلة التطور بالنسبة للمنهج التاريخي في البحث العلمي متأثراً في ذلك باتجاهه العلمي التجريبي.[1]
- منهج تحليل النظم الدولية: حيث يعد أكثر المناهج اتصالاً بالواقع الدولي، وتبعاً إيمانيويل وولرستين رائد منهج تحليل النظم الدولية في مقولاته عن الاعتماد المتبادل، يشير الى أن الدول تعتمد على بعضها البعض من اجل تحقيق مصالحها وتحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما تقوم عليه الدراسة في جوهر العلاقات بين جنوب افريقيا ودول الخليج العربي، بالإضافة الى ان هذا المنهج يعتبر ديناميكياً ويهتم بفهم التغيرات والتطورات في النظام الدولي، وذلك ذو صلة وثيقة بالمد والجذر في العلاقات بين الدولتين.[2]
سادسًا: الإطار المفاهيمي
- السياسة الخارجية: البرنامج العلني الذي يتبناه الممثلون الرسميون للوحدة الدولية يُعد اختيارًا استراتيجيًا يتم تحديده من بين مجموعة من الخيارات البديلة المتاحة. يتم تصميم هذا البرنامج لتحقيق أهداف محددة تُعبر عن المصالح الوطنية أو الإقليمية للوحدة الدولية في سياق البيئة الخارجية. يعتمد هذا الاختيار على تحليل دقيق للفرص والتحديات التي تفرضها الظروف الإقليمية والدولية، مع مراعاة الأولويات الاستراتيجية والأهداف طويلة الأجل، ويتسم البرنامج بالمرونة الكافية للتكيف مع المتغيرات السياسية والاقتصادية، مع الاحتفاظ بثبات في الرؤية والأهداف. كما يُعبر البرنامج عن إرادة سياسية واضحة ويهدف إلى تحقيق التوازن بين المصالح الوطنية والالتزامات الدولية، بما يضمن الحفاظ على المكانة السياسية والاقتصادية للوحدة الدولية في النظام العالمي.[3]
- جنوب إفريقيا: تُعد دولة محورية في الطرف الجنوبي للقارة الإفريقية، وهي جمهورية واحدة من أبرز الدول في القارة الإفريقية، حيث تقع في أقصى الجنوب، وتمتد على مساحة تبلغ حوالي 1.22 مليون كيلومتر مربع، ما يجعلها واحدة من أكبر الدول مساحةً في القارة. تتمتع البلاد بموقع جيوسياسي مميز؛ إذ يحدها من الشرق المحيط الهندي، ومن الغرب المحيط الأطلسي الجنوبي، مما يمنحها موقعًا استراتيجيًا على خطوط التجارة البحرية الدولية. أما من الناحية البرية، فتحدها من الشمال دول زيمبابوي وبتسوانا وناميبيا، في حين تشترك من الشمال الشرقي في الحدود مع سوازيلاند وموزمبيق، بينما تُحاط بالكامل داخل أراضيها مملكة ليسوتو، التي تُعد دولة جيب فريدة من نوعها، فضلًا على ذلك تميز جنوب إفريقيا بهيكل سياسي متقدم يعكس إرثها التاريخي وتنوعها الثقافي. العاصمة الرسمية هي بريتوريا، التي تُعتبر المركز الإداري والسياسي للبلاد، بينما تتشارك مدن أخرى، مثل كيب تاون وبلويمفونتين، في وظائف عاصمة تشريعية وقضائية على التوالي، في نظام يعكس الطبيعة متعددة الأبعاد للدولة.[4]
- دول الخليج العربي: يُعد مجلس التعاون لدول الخليج العربية أحد أبرز المنظمات الإقليمية في العالم العربي، حيث يضم ست دول هي: مملكة البحرين، ودولة الكويت، وسلطنة عمان، ودولة قطر، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة. تأسست هذه المنظمة في 25 مايو 1981، استجابةً لتحديات إقليمية ودولية استدعت الحاجة إلى تنسيق الجهود وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، ويمثل مجلس التعاون الخليجي جزءًا أساسيًا من المنظومة العربية، حيث إن جميع أعضائه هم أيضًا أعضاء في جامعة الدول العربية، مما يعكس التزام هذه الدول بالمساهمة في دعم العمل العربي المشترك. وعلى الصعيد الاقتصادي، تعد دول المجلس لاعبًا بارزًا في أسواق الطاقة العالمية، حيث تنتمي أربع دول منه، وهي السعودية وقطر والكويت والإمارات، إلى منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ما يمنحها تأثيرًا كبيرًا في تحديد سياسات وأسعار الطاقة على المستوى الدولي.[5]
سابعًا: الدراسات السابقة
المحور الأول: الدراسات التي تتعلق بماهية السياسة الخارجية والأدوات والعوامل المحددة لها
- عربي لادمي, (2016), بعنوان: السياسية الخارجية :دراسة في المفاهيم، التوجهات والمحددات
تهدف هذه الدراسة إلى توضيح مفهوم السياسة الخارجية من خلال استعراض مختلف تعريفاتها وصولًا إلى تقديم تعريف إجرائي لها. كما تسعى إلى التعرف على أبرز خصائص السياسة الخارجية وتوجهاتها، مع تحديد العوامل المؤثرة في صياغتها. وتبرز الاستفادة من دراسة السياسة الخارجية في فهم توجهات الدول وعلاقاتها الدولية، وتحليل أسباب تنوع أنماط السياسة الدولية ضمن النظام الدولي. علاوة على ذلك، تساهم دراسة السياسة الخارجية في كشف الاستراتيجيات القومية للدول في التعامل مع بيئاتها الخارجية، سواء كانت دولًا كبرى أو إقليمية، مع تقييم مدى نفوذها وأدوارها الدولية. كما تساعد الدراسة على تفسير أسباب ضعف الأدوار الخارجية لبعض الدول الأخرى.
- أثير الجاسور, (2013), بعنوان: السياسة الخارجية: المفهوم والأدوات
تهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على مفهوم السياسة الخارجية، واستعراض الأدوات والمناهج المختلفة التي تساهم في صياغتها وتنفيذها. كما تركز على تحليل المنطلقات الفكرية والنظرية التي حددت هذا المفهوم، مع دراسة العلاقة بين السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، وأما الاستفادة من الدراسة فتتمثل في تقديم فهم أعمق لمحددات السياسة الخارجية وعوامل تشكيلها، مما يساهم في تعزيز قدرة الدول على اتخاذ قرارات سياسية خارجية تحقق مصالحها الوطنية بشكل أفضل، بالإضافة إلى تقديم رؤية شاملة لكيفية استخدام الأدوات المختلفة كالدبلوماسية والاقتصاد وغيرها في تحقيق الأهداف الدولية.
- علاء فاهم كامل، (2021)، بعنوان: السياسة الخارجية.. المنطلقات الفكرية والتطبيقات العلمية
تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على طبيعة السياسة الخارجية وأثرها في تشكيل البيئة الدولية، من خلال توظيف الحقول المعرفية والعلمية والنشاطات الدبلوماسية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة. وتبرز أهمية الدراسة في تحليل مرتكزات السياسة الخارجية وما تحمله من تحديات وفرص على الساحة الدولية، عبر رسم خارطة معرفية تسهم في تعزيز الإطار الدبلوماسي كأداة فكرية واستراتيجية. وعليه، فإن الإلمام بواقع هذه المعارف بات ضرورة ملحّة تمليها طبيعة العمل السياسي والدبلوماسي في العصر الراهن.
المحور الثاني: الدراسات التي تتعلق بأهداف السياسة الخراجية لجمهورية جنوب افريقيا والاتجاهات والعوامل المحددة لها
- أسماء حجازي أبو اليزيد، (2018)، بعنوان: محددات التنمية السياسية والدستورية جنوب افريقيا
تهدف هذه الدراسة إلى تقديم تحليل موجز وشامل لمفاهيم التنمية السياسية والدستورية في جنوب أفريقيا، مع التركيز على التحول الديمقراطي في البلاد. كما تسعى إلى تشخيص مظاهر العنف الهيكلي وتهميش المواطنين العاديين، باعتبارها جزءًا من الإطار الراهن الذي يتطلب معالجة عاجلة لا تُدرك غالبًا من خلال العدسات التقليدية للدستورية والتنمية السياسية. وتنتقد الدراسة الممارسات التحررية المهنية، مثل الإدارة العامة الجديدة، التي تُعتبر نموذجًا حديثًا للتنمية على مستوى البلديات، بهدف تسليط الضوء على سبل مواجهة العنف الهيكلي. تقدم هذه الدراسة فائدة عملية لصناع القرار والباحثين لفهم المحددات السياسية التي تشكل سياسة جنوب أفريقيا الخارجية، وربطها بمساعي التنمية وإصلاح الهيكليات الاجتماعية.
- بلحميتي أمال، (2018)، بعنوان: مقومات القوة ودورها في السياسة الخارجية للدول الصاعدة: دراسة حالة جنوب إفريقيا
تهدف هذه الدراسة إلى تحليل تجربة جنوب إفريقيا كنموذج ناجح في بناء سياسة خارجية متوازنة وفعّالة، مكّنتها من تبوّء مكانة مرموقة في دوائرها الجيوسياسية. فهي تُعدّ من الدول الرائدة في الاتحاد الإفريقي، وتمتلك تأثيرًا دبلوماسيًا واقتصاديًا بارزًا في القضايا والأزمات التي تواجه القارة الإفريقية، بالإضافة إلى كونها واحدة من أعضاء مجموعة العشرين، تركّز الدراسة على استكشاف أهم عوامل القوة التي استندت إليها جنوب إفريقيا لتعزيز أدوارها الإقليمية والدولية، من خلال تحليل موارد القوة التي تمتلكها، سواء الصلبة (مثل الاقتصاد والجيش) أو الناعمة (مثل الثقافة والقيم والدبلوماسية). كما تهدف إلى تقييم مدى فاعلية هذه الموارد في تحقيق التنمية الداخلية وخدمة المصالح الوطنية، والاستفادة من هذه الدراسة تكمن في تقديم رؤية معمّقة عن كيفية استثمار الدول النامية لمواردها في بناء سياسات خارجية ناجحة، واستكشاف الدروس المستفادة من تجربة جنوب إفريقيا التي يمكن أن تُطبّق في سياقات مشابهة.
المحور الثالث: الدراسات التي تتعلق بتحليل السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا تجاه دول الخليج العربي
- خلود محمد خميس، (2011)، بعنوان: السياسة الخارجية المعاصرة لجمهورية جنوب افريقيا تجاه دول الخليج العربي: (الامارات انموذجاً)
تهدف دراسة عملية صنع السياسة الخارجية إلى تسليط الضوء على أهمية هذه العملية في تحديد علاقات الدولة مع المجتمع الدولي، سواء بالإيجاب أو السلب، وانعكاساتها على استقرار البلد سياسياً واقتصادياً. ورغم أن هذا الموضوع يشمل الدول الكبرى والصغرى على حد سواء، فإن جمهورية جنوب إفريقيا تقدم نموذجاً مهماً لدراسة السياسة الخارجية، خاصة في ظل التغيرات التي طرأت على استراتيجيتها منذ مطلع التسعينيات، وتتجلى الاستفادة من هذه الدراسة في تحليل كيفية صياغة جمهورية جنوب إفريقيا لأهداف سياستها الخارجية بما يخدم مصالحها الوطنية، كما تتمثل في فهم أعمق للعوامل المؤثرة في صناعة السياسة الخارجية للدول الناشئة، ودراسة ديناميكيات العلاقة بين جنوب إفريقيا ودول الخليج العربي كنموذج يعكس تأثير المصالح المشتركة على صياغة العلاقات الدولية.
ثامنًا: تقسيم الدراسة
المحور الأول: ماهية السياسة الخارجية: العوامل المحددة والادوات والاتجاهات
المحور الثاني: محددات السياسة الخارجية لجمهورية جنوب أفريقيا وأهدافها
المحور الثالث: السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا تجاه دول الخليج العربي
المحور الأول: ماهية السياسة الخارجية: العوامل المحددة والادوات
السياسة الخارجية تُعدّ أحد أبرز المجالات التي تعكس توجهات الدولة وأهدافها على الصعيد الدولي، حيث تُعبر عن استراتيجياتها لتحقيق مصالحها الوطنية والحفاظ على أمنها واستقرارها. تنبع هذه السياسة من مجموعة من العوامل المحددة، مثل الموقع الجغرافي، القدرات الاقتصادية والعسكرية، الهوية الثقافية، والأولويات الوطنية. كما تعتمد على أدوات مختلفة تشمل الدبلوماسية، القوة الناعمة، التحالفات الدولية، واستخدام القوة عند الضرورة. في هذا السياق، يتناول هذا المحور ماهية السياسة الخارجية من خلال تحليل العوامل التي تُسهم في تشكيلها، واستعراض الأدوات التي تعتمد عليها الدول في تنفيذ استراتيجياتها وتحقيق أهدافها على الساحة العالمية.
أولًا: مفهوم السياسة الخارجية: تعريفها واتجاهاتها المختلفة
تمثل السياسة الخارجية إحدى أهم أدوات الدول للتفاعل مع البيئة الدولية، حيث تعكس رؤيتها ومصالحها الوطنية واستراتيجياتها لتحقيق أهدافها في المحيط الخارجي. ومع ذلك، ظل مفهوم السياسة الخارجية محل جدل بين المفكرين والباحثين، نتيجة لاختلاف المنطلقات الفكرية والرؤى التحليلية. ونتيجة لذلك، تبلورت ثلاث اتجاهات رئيسية لتعريف السياسة الخارجية:
الاتجاه الأول: السياسة الخارجية بوصفها برنامجًا عملانيًا
يعرّف هذا الاتجاه السياسة الخارجية على أنها برنامج عمل علني، يتم تصميمه واختياره من قبل الممثلين الرسميين للوحدة الدولية، بهدف تحقيق أهداف محددة على الساحة الخارجية. ومن أبرز رواد هذا الاتجاه الدكتور محمد السيد سليم، الذي عرّف السياسة الخارجية بأنها: “برنامج العمل العلني الذي يختاره الممثلون الرسميون للوحدة الدولية من بين بدائل متاحة لتحقيق أهداف محددة في المحيط الخارجي”.
يشير الدكتور أحمد النعيمي إلى أن هذا التعريف يتميز بدقته، حيث يبرز سبعة أبعاد رئيسية للسياسة الخارجية:
- الواحدية: كونها صادرة عن جهة تمثل وحدة دولية محددة.
- الرسمية: ارتباطها بالمؤسسات الرسمية للدولة.
- العلنية: وضوح الأهداف والبرامج المعلنة.
- الاختيارية: تنوع البدائل المتاحة أمام صناع القرار.
- الهدفية: تركيزها على تحقيق أهداف واضحة ومحددة.
- الخارجية: توجهها نحو البيئة الخارجية.
- البرنامجية: كونها إطارًا عمليًا محدد الخطوات.[6]
رغم مزايا هذا التعريف، إلا أنه يواجه بعض الانتقادات، أبرزها:
- اختزال السياسة الخارجية في كونها مجرد برنامج محدد الأهداف، مما قد يعزلها عن تأثير البيئة الداخلية والخارجية، التي تلعب دورًا محوريًا في صياغة السياسة.
- عدم توضيح طبيعة الوحدة الدولية التي تقوم بصياغة السياسة، سواء كانت دولة، منظمة دولية، أو غير ذلك.
- تجاهل الجانب الديناميكي للسياسة الخارجية، الذي يشمل تفاعلات معقدة تتجاوز مجرد صياغة البرامج.[7]
الاتجاه الثاني: السياسة الخارجية بوصفها سلوكًا لصانع القرار
يركز هذا الاتجاه على أن السياسة الخارجية تتجلى في سلوكيات صانع القرار الرسمي، سواء من خلال القرارات التي يتخذها أو التصرفات التي تهدف إلى التأثير في سلوك الدول الأخرى.
من أبرز ممثلي هذا الاتجاه:
- تشارلز هيرمان، الذي عرّف السياسة الخارجية بأنها: “مجموعة السلوكيات الرسمية التي يتبعها صانعو القرار في الحكومة، أو من يمثلونها، بهدف التأثير في سلوك الدول الأخرى”.
- مازن الرمضاني، الذي ركّز على الجانب المؤثر والهادف للسلوك السياسي الخارجي.
- ريتشارد سنايدر، الذي اعتبر أن السياسة الخارجية ما هي إلا انعكاس لسلوك صناع القرار الرسميين، حيث قال: “إن سلوك الدولة هو سلوك الذين يعملون باسمها، والسياسة الخارجية محصلة القرارات الصادرة عن هؤلاء الأشخاص”. [8]
ورغم أهمية هذا الطرح في تسليط الضوء على البعد الإدراكي لصانع القرار، إلا أنه يواجه بعض الانتقادات، منها:
- الخلط بين السياسة الخارجية وعملية صنع القرار. فالسياسة الخارجية أشمل من كونها مجرد سلوك صانع القرار، إذ تشمل الأنشطة الخارجية للدولة بأبعادها المتعددة.
- تجاهل الأبعاد المؤسسية والديناميكية التي تتجاوز إدراك الفرد، لتشمل التفاعلات الجماعية في صنع السياسة.[9]
الاتجاه الثالث: السياسة الخارجية بوصفها نشاطًا خارجيًا
يرى هذا الاتجاه أن السياسة الخارجية لا يمكن اختزالها في سلوك صانع القرار وحده، بل تمتد لتشمل جميع الأنشطة الخارجية للدولة. ووفقًا لهذا الطرح، فإن السياسة الخارجية تشمل التفاعلات الرسمية وغير الرسمية، التي تهدف إلى التأثير في البيئة الدولية.
ومن أبرز التعريفات التي تندرج ضمن هذا الاتجاه:
- تعريف حامد ربيع: “السياسة الخارجية هي جميع صور النشاط الخارجي، حتى لو لم تصدر عن الدولة بشكل رسمي، وتشمل أي نشاط ينطوي تحت مظلة الحركة الخارجية للدولة أو الجماعات الممثلة لها”.[10]
- تعريف موديلسكي: “السياسة الخارجية هي نظام الأنشطة الذي تطوره المجتمعات لتغيير سلوكيات الدول الأخرى أو التكيف مع البيئة الدولية”.[11]
- تعريف مارسيل ميرل: “السياسة الخارجية هي ذلك الجزء من النشاط الحكومي الموجه نحو الخارج، الذي يعالج القضايا العابرة للحدود الوطنية”.[12]
رغم شمولية هذا الاتجاه، إلا أن هناك ملاحظات عليه، منها:
- اقتصاره على الأنشطة الخارجية، مما يغفل عن سياسات الحياد أو الانغلاق التي قد تتبناها بعض الدول، والتي لا تعبر عن نشاط واضح.
- حصر أهداف السياسة الخارجية في تغيير سلوكيات الدول الأخرى، بينما قد تهدف بعض الأنشطة إلى الحفاظ على الوضع القائم أو تعزيز العلاقات الدولية دون السعي لتغييرها.
- تجاهل تعدد الفواعل الدولية، إذ إن السياسة الخارجية لا تقتصر على التعامل مع الدول فقط، بل تشمل التفاعل مع المنظمات الدولية، والشركات المتعددة الجنسيات، وغيرها من الفاعلين.
في الختام، تختلف الاتجاهات في تعريف السياسة الخارجية بناءً على المنطلقات الفكرية لكل منها، حيث يرى البعض أنها برنامج عمل، بينما يركز آخرون على سلوك صانع القرار، فيما يوسع آخرون المفهوم ليشمل جميع الأنشطة الخارجية. ورغم اختلاف هذه التعريفات، إلا أنها تتفق في التأكيد على أن السياسة الخارجية هي أداة الدولة الرئيسية لتحقيق مصالحها في النظام الدولي، من خلال التفاعل مع بيئتها الخارجية بطرق مختلفة ومتنوعة.
ثانيًا: أدوات السياسة الخارجية
تعد السياسة الخارجية أداة الدولة لتحقيق مصالحها الوطنية، وهي مسؤولية تقع على عاتق صانع القرار، سواء كان فردًا أو مجموعة مؤسسات. ولتحقيق هذه الغاية، تستخدم الدول مجموعة من الأدوات التي تعزز قدرتها على التأثير في البيئات الخارجية، بما ينسجم مع استراتيجياتها وتوجهاتها. وتجارب النظام الدولي تؤكد أن امتلاك الدول أدوات فعالة وتوظيفها بشكل استراتيجي يمكّنها من تحقيق أهدافها، حتى في ظل التحولات التي يشهدها النظام الدولي.[13]
هذا المبحث يركز على الأدوات الأساسية التي تشكل الركائز الرئيسة للسياسة الخارجية، وهي: الدبلوماسية، الاقتصاد، الإعلام، والقوة العسكرية.
أولًا: الدبلوماسية كأداة للسياسة الخارجية
تعد الدبلوماسية من أبرز الأدوات السياسية التي توظفها الدول لتحقيق أهدافها الخارجية. وتتسم بتنوع أشكالها وأساليبها، بما يتناسب مع طبيعة القضايا المطروحة وطبيعة الأطراف الدولية. تشمل هذه الأنواع: الدبلوماسية الثنائية، والجماعية، والرسمية، والشعبية، ودبلوماسية القمة، إلى جانب الدبلوماسية السرية والعلنية.
يعرّف الدكتور فاضل زكي الدبلوماسية بأنها “علم وفن إدارة العلاقات الدولية من خلال المفاوضات التي يمارسها المبعوثون والممثلون الدبلوماسيون”. وهي تعتمد على توظيف الموارد المتاحة واستخدام المهارات التفاوضية، ما يجعلها قادرة على إدارة شبكة السفارات والقنصليات والمفوضيات التي تمثل الدولة في المحافل الدولية.[14]
أنماط الدبلوماسية الحديثة
شهدت الدبلوماسية تطورات نوعية تواكب التغيرات السريعة في النظام الدولي، ومن أبرز أنماطها:
- دبلوماسية الأزمات: تُعنى بإدارة الأزمات الدولية الناتجة عن التحولات السياسية، العسكرية، الاقتصادية، والاجتماعية. وُظفت كبديل عن الحروب التقليدية كأداة لحل النزاعات.
- الدبلوماسية الوقائية: تستهدف استباق النزاعات ومنع نشوب الحروب، من خلال حشد الأطراف المتنازعة حول طاولة المفاوضات والتوصل إلى حلول سلمية.
عوامل نجاح الدبلوماسية الوقائية
للدبلوماسية الوقائية دور محوري في حل الأزمات الكبرى، مثل الملف النووي الإيراني والكوري الشمالي. وقد استند نجاحها إلى عدد من العناصر:
- وجود أجهزة متخصصة بجمع المعلومات والتقارير وتقديمها للجهات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن.
- التحرك السريع من قبل طواقم دبلوماسية تمتاز بالكفاءة والخبرة.
- تجنب الانحياز لمصالح القوى الكبرى، ما يعزز مصداقيتها.
- منح الدبلوماسيين صلاحيات واسعة للتفاوض بما يتيح لهم المرونة اللازمة.
تشكل هذه الأدوات، وبالأخص الدبلوماسية، عنصرًا محوريًا في تعزيز مصالح الدول وترسيخ مكانتها الدولية في بيئة دولية متغيرة ومليئة بالتحديات.[15]
ثانيًا: الأدوات الاقتصادية
تلعب الأدوات الاقتصادية دورًا محوريًا في صياغة وتوجيه السياسة الخارجية للدول، حيث تشكّل أحد الأعمدة الأساسية التي تُبنى عليها العلاقات الدولية. في عالم شهد تحولات عميقة وأحداث متسارعة، أصبح الاقتصاد وسيلة حاسمة لتحديد طبيعة العلاقات الخارجية وضبط محدداتها بما يتماشى مع مصالح الدول وأهدافها القومية.
وقد برزت الأدوات الاقتصادية باعتبارها الأكثر تأثيرًا مقارنةً بغيرها من الأدوات، خصوصًا مع تراجع الدور العسكري التقليدي في إدارة السياسة الخارجية. وتشمل هذه الأدوات التعريفات الجمركية، القيود النقدية، المساعدات الاقتصادية، الاعتمادية الاقتصادية المتبادلة، والعقوبات. وقد ثبت عبر التجربة أن توظيف هذه الأدوات بشكل متوازن وفعّال يُمكن الدول من تحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية طويلة الأمد.
وفقًا لـتيري ديبل، تُقسم الأدوات الاقتصادية إلى ثلاث فئات رئيسية:
- المساعدات الخارجية
- التجارة والسياسات المالية
- العقوبات الاقتصادية
ويرى ديبل أن هذه الأدوات لا تقتصر على تحقيق أهداف اقتصادية فحسب، بل تُستخدم كذلك كوسيلة ضغط سياسي لتعزيز المصالح القومية للدولة وضمان رفاهها الداخلي. وعندما تُدمج الأدوات الاقتصادية مع نظيرتيها السياسية والعسكرية، فإنها تمنح الدولة نفوذًا مزدوجًا يتسم بالمرونة والفعالية.
- المساعدات الخارجية: تُعد من أبرز الأدوات الاقتصادية ذات الطبيعة السياسية، ويعرّفها “مورغنثاو” بأنها “انتقال الأموال والبضائع والخدمات من بلد إلى آخر”. إلا أن ديبل يوضح أن المساعدات الخارجية، سواء كانت مباشرة أو عبر وسطاء، تُعتبر أداة استراتيجية تُوظف لتحقيق أهداف سياسية محددة. فهي تعكس “كفاءة سياسية” في إدارة الموارد الاقتصادية بغية التأثير على سلوك الدول الأخرى داخليًا وخارجيًا.
- العقوبات الاقتصادية: تُستخدم كوسيلة ضغط مباشرة، وتهدف إلى إحداث تأثير اقتصادي على الدول المستهدفة، سواء من خلال تقييد التجارة، منع التمويل، أو وقف الاستثمار. رغم ما تحمله من جدل وسلبيات، إلا أنها أداة فعالة في توجيه السياسات الدولية. أمثلة ذلك تشمل العقوبات التي فرضت على إيران في عهد الرئيس الأمريكي ريغان بسبب أزمة الرهائن، والعقوبات على الاتحاد السوفيتي أثناء غزوه لأفغانستان، وعلى العراق بعد احتلاله الكويت.[16]
ثالثًا: الأداة الإعلامية
أصبح الإعلام إحدى الأدوات الأساسية للسياسة الخارجية، حيث يلعب دورًا بارزًا في صياغة الرسائل السياسية وتوجيهها نحو الجمهور الدولي. الإعلام ليس مجرد وسيلة اتصال، بل أداة استراتيجية تسعى الدول من خلالها إلى التأثير في الخطاب السياسي الدولي وصناعة صورة إيجابية عن نفسها، أو استهداف الخصوم عبر حملات ناعمة أو دعائية.
يشير هنري كيسنجر إلى أهمية هذه الأداة بقوله: “إن تنفيذ السياسة الخارجية يجب أن يكون مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالإعلام، فهو يُمثل السياسة الخارجية الجماهيرية”. ويُضيف محمد السيد سليم بأن الإعلام يُدرج ضمن الأدوات الرمزية، حيث تُستخدم الأنشطة الدعائية والمخرجات الثقافية للتأثير في مفاهيم النخب والشعوب في الدول الأخرى.
وتشمل الأدوات الإعلامية مختلف الوسائل، من التغطيات الإعلامية التقليدية إلى الترويج الأيديولوجي والعروض الثقافية. وتُعتبر هذه الأداة وسيلة فعّالة لتوضيح توجهات السياسة الخارجية وصياغة الرأي العام الدولي بما يخدم مصالح الدولة.[17]
رابعًا: الأداة العسكرية
لطالما كانت الأداة العسكرية ركيزة رئيسية في السياسة الخارجية للدول، حيث تُوظف لتحقيق الأهداف القومية عبر القوة الصلبة. فالحروب كانت، ولا تزال في بعض الحالات، وسيلة مباشرة لفرض الإرادة السياسية وتسوية النزاعات بالقوة. يُعرف المفكر الاستراتيجي كلاوزفيتز الحرب بأنها “امتداد للسياسة بوسائل مختلفة”، وهو ما يعكس ارتباطها العضوي بالسياسة الخارجية.
في المراحل المبكرة من تطور الدول، احتلت الأداة العسكرية المرتبة الأولى في إدارة العلاقات الدولية. إلا أن التقدم التكنولوجي وارتفاع تكلفة الحروب جعل من هذه الأداة عبئًا كبيرًا على الدول، ما دفع العديد منها إلى البحث عن أدوات أقل تكلفة وأكثر فعالية.
رف محمد السيد سليم الأداة العسكرية بأنها “مجموعة القدرات المتعلقة باستخدام العنف المسلح المنظم ضد الوحدات الدولية الأخرى”. ورغم أنها تُجسد مظاهر الإكراه والقوة، إلا أن الأداة العسكرية تُعتبر الخيار الأخير الذي تلجأ إليه الدول، وغالبًا ما تُستخدم لتحقيق أهداف حيوية تتعلق بالأمن القومي أو لحسم نزاعات حادة.
اليوم، أصبحت الأداة العسكرية جزءًا من استراتيجية شاملة تتكامل فيها الأدوات الاقتصادية والإعلامية والدبلوماسية، حيث يُنظر إليها كوسيلة ردع أكثر من كونها وسيلة هجوم مباشر. ومع ذلك، يبقى تأثيرها حاضرًا بقوة، سواء في تسوية النزاعات أو فرض الهيمنة على الساحة الدولية.[18]
ثالثًا: محددات السياسة الخارجية
محددات السياسة الخارجية هي مجموعة العوامل المؤثرة التي تساهم في صياغة وتوجيه السياسة الخارجية لأي دولة، حيث تنطلق من واقع داخلي وخارجي يفرض نفسه على صانع القرار. وتُفهم هذه المحددات بوصفها المتغيرات التي تؤطر عمل السياسة الخارجية كمتغير تابع، متأثرة بعوامل متعددة تُحدد توجهاتها وأهدافها. تُقسم هذه العوامل إلى محددات داخلية وأخرى خارجية.
أولاً: المحددات الداخلية
تشمل المحددات الداخلية كافة العوامل المرتبطة بالإطار الإقليمي للدولة وتركيبتها البنيوية والسيادية. تُعد هذه المحددات الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها الدولة في رسم أهداف سياستها الخارجية واستراتيجياتها، وتشمل:
- المحددات الجغرافية
الجغرافيا تُعد أحد المكونات الأساسية المؤثرة في السياسة الخارجية للدول، حيث تلعب عناصر مثل الموقع الجغرافي، المساحة، التضاريس، والمناخ أدوارًا محورية في تحديد قدرة الدولة على تنفيذ استراتيجياتها الخارجية ومكانتها الدولية.
- التأثير المباشر: يتمثل في قدرة الدولة على ممارسة نفوذها الخارجي بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي.
- التأثير غير المباشر: يظهر من خلال الخيارات السياسية والاستراتيجية المتاحة للدولة عند صياغة توجهاتها الخارجية.
على سبيل المثال، مكّن الموقع الجغرافي لتركيا من لعب دور إقليمي ودولي بفضل تواجدها عند تقاطع عدة مناطق جيوسياسية حيوية مثل الشرق الأوسط، أوروبا، وآسيا الوسطى. على النقيض، تعاني الدول المحصورة جغرافيًا من قيود تقلل من قدرتها على لعب أدوار مؤثرة في السياسة الخارجية. ورغم أهمية العامل الجغرافي، فإنه يظل بحاجة إلى تكامل مع المحددات الأخرى لتحقيق فعالية السياسة الخارجية.
- الموارد الطبيعية
تمثل الموارد الطبيعية أحد ركائز القوة التي تعزز قدرة الدولة على الاستقلال الاقتصادي والنفوذ السياسي. توفر مصادر الطاقة (النفط، الغاز) والمعادن (كالذهب والنحاس) والموارد الزراعية (كالقمح والذرة) يمكّن الدولة من تحقيق تأثير اقتصادي وسياسي إقليمي ودولي.
على سبيل المثال، استغلت ألمانيا مواردها الطبيعية بكفاءة لتصبح قوة اقتصادية مؤثرة ضمن الاتحاد الأوروبي، مما مكنها من اتخاذ مواقف سياسية مستقلة، كما حدث في معارضتها للحرب الأمريكية على العراق عام 2003.
- المحددات البشرية
يشكل العنصر البشري عاملاً جوهريًا في بناء قوة الدولة، سواء من خلال توفير قوى عاملة مؤهلة أو دعم الجيش لتحقيق أهداف السياسة الخارجية. مع ذلك، لا يعتبر التعداد السكاني وحده مؤشرًا كافيًا للقوة.
- مثال إيجابي: الصين تستثمر في قوتها البشرية لتكون قوة اقتصادية فاعلة عالميًا.
- مثال سلبي: يؤدي الانفجار السكاني أحيانًا إلى عرقلة التنمية الاقتصادية، كما في بعض الدول التي تعاني من فجوة بين معدلات النمو السكاني والاقتصادي، مما يضعها تحت وطأة الديون الخارجية ويؤثر على سياستها الخارجية.
على الجانب الآخر، تمتلك إسرائيل عددًا صغيرًا من السكان مقارنة بدول مثل الهند، لكنها تعوض ذلك بجيش ذي كفاءة تكنولوجية عالية، ما يجعلها قوة عسكرية مؤثرة.
- المحددات الشخصية
تُعد شخصية صانع القرار أحد العوامل الحاسمة في تحديد توجهات السياسة الخارجية، خاصة في الدول التي ترتبط فيها القرارات بمركزية السلطة. السمات الشخصية لقادة الدول، مثل الخلفية الفكرية، الخبرة، والتكوين السلوكي، تلعب دورًا جوهريًا في صياغة السياسات الخارجية.
- في دول العالم الثالث، يُشكل القائد السياسي المحور الرئيسي في صنع القرار الخارجي، حيث تعكس توجهاته الشخصية استراتيجيات الدولة.
- تُظهر النماذج النظرية مثل “الشخصية التسلطية” و”الشخصية المنغلقة عقليًا” مدى تأثير السمات القيادية في رسم السياسة الخارجية.
- المحددات السياسية
تُعد المحددات السياسية من أبرز العوامل المؤثرة في صياغة وتوجيه السياسة الخارجية للدول، حيث يتمحور تأثيرها حول طبيعة النظام السياسي ومدى استقراره.
طبيعة النظام السياسي:
- تلعب طبيعة النظام السياسي دورًا محوريًا في توجيه السياسة الخارجية. فالأنظمة الديمقراطية، رغم طابعها السلمي المعلن وسماتها القائمة على التعددية وارتفاع نسب المشاركة السياسية، تسعى في الواقع إلى توسيع نفوذها عبر القوة والعنف أحيانًا. وتُبرر ذلك بالدعوة إلى نشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان. مثال بارز على ذلك الحرب الأمريكية على العراق، التي قُدمت كخطوة لتحقيق هذه الأهداف.
- من ناحية أخرى، تتسم الأنظمة التسلطية بسياسات خارجية عدوانية أو توسعية، حيث تعتمد على الهيمنة والقوة لفرض مصالحها على الساحة الدولية.
الاستقرار السياسي:
يمثل الاستقرار السياسي شرطًا أساسيًا لفعالية السياسة الخارجية. فالدولة المستقرة سياسيًا تمتلك قدرة أكبر على صياغة أهداف استراتيجية وتحقيقها على المستوى الخارجي. إضافة إلى ذلك، يساهم الاستقرار في تعزيز صورتها الدولية، ما يُسهل انفتاح الدول الأخرى عليها ويعزز شراكاتها.
على العكس، يؤدي عدم الاستقرار السياسي إلى عزلة الدولة وتقويض قدرتها على التأثير في النظام الدولي. تجربة الجزائر في تسعينيات القرن الماضي تُعد مثالًا واضحًا، إذ أدى غياب الاستقرار السياسي إلى تراجع مكانتها الدولية ودخولها في عزلة دامت أكثر من عقد، مع استمرار تأثيرات ذلك حتى اليوم.
- المحددات العسكرية
يُعد العامل العسكري مؤشرًا رئيسيًا لقوة الدولة وأداة استراتيجية لتحقيق أهداف سياستها الخارجية.
- الترسانة العسكرية:
امتلاك الدولة ترسانة عسكرية ضخمة، تشمل أسلحة متطورة وتقنيات حديثة، يعزز من قدرتها على فرض نفوذها، سواء عبر الترهيب أو شن الحروب لتحقيق مصالحها.
توفر القيادات العسكرية ذات الكفاءة العالية، جنبًا إلى جنب مع عقيدة عسكرية راسخة، يمنح الدولة وزنًا وهيبة دوليين. فالقدرة على استخدام القوة العسكرية بشكل فعّال تُعد رافدًا أساسيًا لتحقيق أهداف السياسة الخارجية.
- التكنولوجيا العسكرية:
يساهم التطور التكنولوجي في تعزيز فعالية القدرات العسكرية للدولة، خاصة مع الاعتماد على الأسلحة الذكية والمتطورة. هذه القدرات لا تُستخدم فقط في المواجهات المباشرة، بل يمكن أن تكون عاملًا رادعًا لتحقيق أهداف الدولة دون اللجوء إلى العنف المباشر، وذلك من خلال تعزيز النفوذ الإقليمي والدولي.
بالتالي، يُشكل العامل العسكري ركيزة أساسية لقوة الدولة وتأثيرها الخارجي، سواء في الدفاع عن مصالحها أو في توسيع نفوذها على الساحة الدولية.[19]
المحور الثاني: محددات السياسة الخارجية لجمهورية جنوب أفريقيا وأهدافها
تُعدُّ السياسة الخارجية لجمهورية جنوب أفريقيا انعكاساً لتاريخها الفريد وموقعها الجغرافي ودورها الإقليمي والدولي. فمنذ نهاية حقبة الفصل العنصري وقيام النظام الديمقراطي عام 1994، تبنت جنوب أفريقيا نهجاً جديداً يقوم على تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام والتنمية على المستويين الإقليمي والعالمي. وتشكّلت محددات سياستها الخارجية من خلال مزيج من العوامل التاريخية والاقتصادية والجغرافية والسياسية، التي ساهمت في صياغة أهدافها الاستراتيجية. وفي هذا الإطار، تسعى جنوب أفريقيا إلى لعب دور ريادي في القارة الأفريقية، تعزيز التعاون جنوب-جنوب، والمشاركة الفاعلة في النظام الدولي من خلال المؤسسات المتعددة الأطراف. يعد فهم هذه المحددات وتحليل أهداف السياسة الخارجية لجمهورية جنوب أفريقيا أساسياً لتقدير تأثيرها الإقليمي والدولي.
أولًا: محددات السياسة الخارجية لدولة جنوب أفريقيا: رؤية شاملة
تمثل السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا انعكاساً لرؤية استراتيجية تسعى لتحقيق أهداف وطنية وأفريقية وعالمية، معتمدة على مبادئ أساسية تستجيب لتحديات العصر وتعزز مكانة الدولة كفاعل دولي مسؤول. تستند هذه السياسة إلى ركائز واضحة تشمل ما يلي:
- الالتزام بالقيم الإنسانية الأساسية
- حقوق الإنسان والديمقراطية:
تتبنى جنوب أفريقيا التزاماً راسخاً بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والديمقراطية، ليس فقط على أراضيها، بل أيضاً من خلال دعم هذه القيم عالمياً.
- العدالة والقانون الدولي:
تؤمن جنوب أفريقيا بأن العدالة وسيادة القانون هما الأساس لتنظيم العلاقات الدولية، مما يجعل احترام القانون الدولي ركيزة أساسية لسياستها الخارجية.
- دعم السلام الدولي وحل النزاعات
- السلام كأولوية:
تعمل جنوب أفريقيا على تعزيز السلام الدولي من خلال دعم الآليات المتفق عليها دولياً لحل النزاعات، مع التركيز على مناطق النزاع في أفريقيا.
- دبلوماسية هادئة وفعالة:
تعتمد جنوب أفريقيا نهجاً دبلوماسياً قائماً على العمل الهادئ بعيداً عن الإعلام، مع الحفاظ على الشفافية بما يتوافق مع الممارسات الدولية.
- تعزيز مصالح القارة الأفريقية
- الشراكات المتساوية:
تسعى جنوب أفريقيا إلى تعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية على أسس من المساواة والاحترام المتبادل، مع رفض كافة أشكال الهيمنة أو استغلال المصالح الذاتية قصيرة الأمد.
- بناء الثقة والتعاون الإقليمي:
تؤمن جنوب أفريقيا بأن بناء الثقة وتعزيز التعاون الإقليمي هما السبيل لتحقيق استقرار سياسي واقتصادي مستدام داخل القارة.
- الانخراط الإيجابي في النظام العالمي
- التجارة الحرة والتعاون متعدد الأطراف:
تدعم جنوب أفريقيا نظام التجارة الحرة العالمية وتعمل على تعزيز التعاون بين دول الشمال والجنوب ودول الجنوب فيما بينها، لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات المشتركة.
- إصلاح النظام الدولي:
تدعو جنوب أفريقيا إلى إصلاح الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية لضمان عدالة التمثيل وتعزيز قدرتها على التعامل مع القضايا العالمية، بما في ذلك التحديات البيئية والاقتصادية.
- الالتزام بالتنمية المستدامة والسياسات البيئية
- سياسات صديقة للبيئة:
تلتزم جنوب أفريقيا بالمشاركة في صياغة وتنفيذ سياسات عالمية تركز على حماية البيئة وتحقيق تنمية مستدامة.
- التعاون العلمي والتقني:
تركز الدولة على تعزيز التعاون في مجالات البحث العلمي والتقني، خاصة مع الدول الأفريقية، بما يدعم تنمية اقتصادية مستدامة.
- التزام بدور إنساني فعال
- الإغاثة الإنسانية:
تسعى جنوب أفريقيا إلى دعم الجهود الدولية لتخفيف معاناة اللاجئين والأطفال، خاصة من خلال التعاون مع وكالات الأمم المتحدة كالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
- تعزيز السلام العالمي ونزع السلاح
- مكافحة أسلحة الدمار الشامل:
تعمل جنوب أفريقيا على تحقيق نظام أمني عالمي جديد خالٍ من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.
- منع الإبادة الجماعية:
تلتزم الدولة بالمشاركة في الجهود الدولية الرامية إلى منع الإبادة الجماعية وحماية الشعوب من الجرائم الإنسانية الكبرى.
- فلسفة عدم الانحياز وعالمية العلاقات
- علاقات ودية وشاملة:
تعتمد جنوب أفريقيا فلسفة عدم الانحياز، وتسعى إلى إقامة علاقات بنّاءة مع جميع الدول على أسس الاحترام المتبادل والمنافع المشتركة.
- التعاون متعدد المستويات:
تشجع جنوب أفريقيا على تبني نهج شامل في التعاون الدولي يشمل المستويات الثنائية والإقليمية والعالمية لتحقيق الأهداف المشتركة.[20]
وفي سياق ما ذُكر، تمثل السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا نموذجاً لرؤية شاملة تستند إلى تعزيز القيم الإنسانية، تحقيق العدالة، دعم التنمية المستدامة، والعمل من أجل سلام عالمي. ومن خلال التزامها بهذه المبادئ، تسعى جنوب أفريقيا لتأدية دور ريادي في تشكيل نظام عالمي أكثر عدالة واستدامة، يعكس مصالحها الوطنية وأهدافها الأفريقية والدولية.
ثانيًا: اهداف السياسة الخارجية لجنوب افريقيا
منذ نهاية نظام الفصل العنصري عام 1994، سعت جنوب إفريقيا إلى صياغة سياسة خارجية جديدة تستند إلى مكانتها الدولية وإمكاناتها الاقتصادية بهدف تحقيق أهدافها على المديين القريب والبعيد. وقد ارتكزت هذه السياسة على دورها كعضو فاعل في عدد من المنظمات العالمية والإقليمية المهمة، مثل:
- البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي، بما يعكس التزامها بالاندماج في النظام المالي العالمي.
- مجموعة الـ 77، لتعزيز التعاون بين الدول النامية.
- منظمة التجارة العالمية، للدفع بمصالحها التجارية.
- منع انتشار الأسلحة، ما يعكس التزامها بتحقيق الأمن الدولي.
- حركة عدم الانحياز، لتعزيز دورها كقوة دبلوماسية معتدلة.
- نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ، للدفع نحو عالم أكثر أمناً.
مع حلول عام 2004، قامت حكومة جنوب إفريقيا بمراجعة شاملة لسياستها الخارجية بمناسبة مرور عشر سنوات على نهاية النظام العنصري، حيث جرت محاولات لبلورة سياسة خارجية تعكس القيم الديمقراطية والحقوقية التي تبنتها الدولة في مرحلة ما بعد الفصل العنصري. وقد تباينت وجهات النظر حول حقيقة هذه الأهداف وفق رؤيتين رئيسيتين:
- الرؤية الأولى: اعتبرت أن السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا تأثرت بفكر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي خلال حقبة نيلسون مانديلا. وقد كان هذا الفكر مستندًا إلى التجربة التاريخية للدولة في ظل الحكم العنصري، والتي صورت جنوب إفريقيا كدولة ضعيفة وفقيرة بحاجة إلى دعم الدول الغنية لتجاوز إرثها الاقتصادي والاجتماعي.
- الرؤية الثانية: انطلقت من افتراض أن جنوب إفريقيا دولة غنية بالموارد وقوية ديمقراطيًا، مما يمنحها مكانة إقليمية ودولية متميزة في محيط يفتقر إلى الاستقرار والقوة المؤسسية.
استنادًا إلى هاتين الرؤيتين، تضمنت السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا مجموعة من الأهداف، التي يمكن تصنيفها كالتالي:
- الأهداف السياسية
انعكست الأهداف السياسية لجنوب إفريقيا في الخطة الاستراتيجية (2003-2005) الصادرة عن وزارة الشؤون الخارجية، والتي أكدت على المبادئ التالية:
- حماية وتنمية المصالح الوطنية: من خلال تعزيز التعاون الثنائي مع الدول، والتنسيق الجماعي ضمن المنظمات الدولية والإقليمية.
- دعم حقوق الإنسان والديمقراطية: باعتبارها ركيزة أساسية في بناء النظام السياسي الدولي.
- إعطاء الأولوية للدبلوماسية الوقائية: لضمان منع الصراعات الإقليمية والدولية وتفعيل دور جنوب إفريقيا في عمليات حفظ السلام.
- تعزيز السلم والأمن الدوليين: عبر دعم الآليات المعترف بها لحل النزاعات على المستويين الإقليمي والدولي.
- الأهداف الاقتصادية
ركزت السياسة الخارجية على دعم التنمية الاقتصادية، خاصة في إطار التكامل الإقليمي والتنمية في منطقة الجنوب الإفريقي. وقد لعبت جماعة التنمية للجنوب الإفريقي (SADC) والاتحاد الجمركي للجنوب الإفريقي (SACU) دورًا مركزيًا في هذا السياق، حيث هدفت جنوب إفريقيا إلى تحقيق ما يلي:
- تعزيز التكامل الاقتصادي في المنطقة.
- توفير فرص تنموية للدول المجاورة من خلال التعاون الاقتصادي والاستثماري.
- الارتقاء بمكانة جنوب إفريقيا كمحور اقتصادي رائد في القارة الإفريقية.
- الأهداف العسكرية
تضمنت السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا أيضًا أهدافًا عسكرية تتعلق بتعزيز صادراتها من السلاح والتكنولوجيا العسكرية. وقد اعتبرت منطقة الخليج العربي في الشرق الأوسط سوقًا رئيسيًا لصادراتها العسكرية، حيث أشارت التقارير إلى أن دول الخليج تستحوذ على أكثر من 60% من إجمالي صادرات جنوب إفريقيا من الأسلحة. ويعكس هذا التوجه رغبة جنوب إفريقيا في الاستفادة من قدراتها الدفاعية لتوسيع نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي، إضافة إلى ترسيخ علاقاتها مع الدول ذات الأهمية الاستراتيجية.[21]
ختامًا، تجسد السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا مزيجًا من الطموحات الوطنية والالتزامات الدولية. فمن خلال استثمار مواردها ومكانتها، تسعى جنوب إفريقيا إلى تحقيق رؤيتها كدولة رائدة في الديمقراطية وحقوق الإنسان، وداعمة للسلم الدولي والتنمية الإقليمية، مع التركيز على تعزيز مصالحها الاقتصادية والعسكرية.
المحور الثالث: السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا تجاه دول الخليج العربي
تتمثل السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا في سعيها لتحقيق التوازن بين التفاعل مع القوى الكبرى وتعزيز علاقاتها مع الدول النامية. وفي هذا السياق، تعد دول الخليج العربي من المناطق الاستراتيجية التي تحظى باهتمام متزايد في السياسة الخارجية الجنوب أفريقية، خاصةً في مجالات التجارة والطاقة والاستثمار. يعتبر التعاون مع دول الخليج جزءًا مهمًا من استراتيجية جنوب أفريقيا لتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي في المنطقة. ومن بين هذه الدول، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج لدراسة العلاقات الثنائية بين جنوب أفريقيا ودول الخليج، لما تتمتع به من دور ريادي في الاقتصاد العالمي ودور محوري في السياسة الإقليمية. في هذا المحور، سنتناول أهم جوانب السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا تجاه دول الخليج، مع التركيز على الإمارات العربية المتحدة كنموذج رئيسي لهذه العلاقة.
أولًا: أهم دول الخليج العربي في أجندة السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا
اولا: السعودية
تُعدّ المملكة العربية السعودية أحد اللاعبين الرئيسيين في السياسة الإقليمية والدولية، وقد شهدت علاقاتها مع جمهورية جنوب أفريقيا تطوراً مهماً على مر السنين، بدءاً من تأسيس الروابط الدبلوماسية بين الطرفين في عام 1994، وهو العام الذي شهد زيارة تاريخية للرئيس نيلسون مانديلا إلى الرياض. تلك الزيارة شكلت بداية لمباحثات رفيعة المستوى، حيث تناولت موضوعات عديدة، من بينها تسهيل إجراءات الحج للجنوب أفريقيين، مما عزز العلاقات الثنائية بين البلدين.
ومع مرور الوقت، تحولت العلاقة بين السعودية وجنوب أفريقيا من علاقة ودية إلى شراكة استراتيجية قائمة على أسس اقتصادية وأمنية متينة، تمثلت بشكل خاص في مجالي النفط والدفاع. ففيما يتعلق بالقطاع النفطي، سعت جنوب أفريقيا إلى تقليل اعتمادها على النفط الإيراني بسبب القلق من احتمالية تأثير التوترات في الخليج على تدفق النفط الإيراني. ولذلك، كان من المنطقي بالنسبة لجنوب أفريقيا أن توجه شراكتها النفطية نحو السعودية والكويت، الأمر الذي ساعد على تعزيز العلاقة بين البلدين في هذا المجال الحيوي.
وفيما يتعلق بالصناعة الدفاعية، فقد شهدت العلاقات العسكرية بين الرياض وبريتوريا تطوراً ملحوظاً. ففي عام 1997، تم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين البلدين تشمل صفقة أسلحة بلغت قيمتها 1.5 مليار دولار، كانت جزءاً من اتفاق أكبر يتضمن تبادل النفط مقابل الأسلحة. ورغم الجدل المحلي والدولي الذي أثارته هذه الصفقة في جنوب أفريقيا بسبب حساسيتها السياسية، فإن هذه الشراكة لم تمنع الطرفين من تعزيز التعاون في مجال الدفاع. كما تم عقد صفقة أخرى في عام 1995 بلغت قيمتها 7 بلايين راند، رغم أنها كانت تحت غطاء من السرية، وهو ما يعكس عمق العلاقات العسكرية بين البلدين.[22]
في عام 1998، أجرى نيلسون مانديلا زيارة ثانية للسعودية، والتي شهدت توقيع مذكرة تفاهم لزيادة صادرات النفط السعودي إلى جنوب أفريقيا، إضافة إلى الاتفاق على بناء مصفاة نفطية في جنوب أفريقيا، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية للعلاقات النفطية بين الطرفين. كما تم الاتفاق على تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين في مختلف المجالات، وهو ما فتح الباب لزيادة الاستثمارات السعودية في جنوب أفريقيا.
في عام 1999، قامت شركة أوجر السعودية، التي تُعدّ واحدة من أكبر التكتلات الصناعية في المملكة، بتنفيذ أول استثمار صناعي لها في جنوب أفريقيا بقيمة 3 بلايين راند، وهو ما ساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. لم تقتصر هذه الشراكة على التعاون الثنائي فقط، بل امتدت لتشمل التحالفات الإقليمية والدولية. ففي عام 2007، تم توقيع تحالف سعودي-جنوب أفريقي-فرنسي-بريطاني لإنشاء أربعة مجمعات صناعية في السعودية بتكلفة إجمالية بلغت 100 مليار ريال سعودي. وقد دعم هذا التحالف السعودي الرغبة في تنمية قطاع التعدين السعودي وتطوير العلاقات التجارية بين المملكة ودول أخرى.[23]
بذلك، تُظهر العلاقات بين السعودية وجنوب أفريقيا تطوراً كبيراً، حيث لم تقتصر على التعاون في مجالات النفط والدفاع فحسب، بل شملت أيضاً مجالات اقتصادية وصناعية أخرى، مما يعكس الحرص الاستراتيجي من جانب جنوب أفريقيا على توطيد علاقاتها مع المملكة في ضوء مصالحها الأمنية والاقتصادية. هذه الشراكة تُعدّ نموذجاً مهماً للتعاون بين الدول النامية والكبرى، حيث تستند إلى تحقيق مصالح مشتركة على مستوى إقليمي ودولي.
ثانيا: الكويت
بدأ اهتمام حكومة جنوب أفريقيا بتعزيز علاقاتها مع دولة الكويت منذ أوائل التسعينيات، حيث شهد عام 1993 أولى خطوات التقارب عبر إرسال وفد تجاري رسمي إلى الكويت. وكان هدف هذه البعثة، بقيادة المسؤول الجنوب أفريقي جيسو بيرد، الترويج لمنتجات جنوب أفريقيا، بما في ذلك الطائرات والأسلحة. وأعلن بيرد حينها عن توقيع اتفاقية توكيل مع أحد المستثمرين الكويتيين، مما أرسى الأساس لبدء نشاطات جنوب أفريقيا التجارية في منطقة الخليج العربي. هذا التحرك أثمر لاحقًا عن تحولات ملموسة، أبرزها قرار الكويت إنهاء مقاطعتها لجنوب أفريقيا وفتح صفحة جديدة من العلاقات السياسية والتجارية.
شهد عام 1994 نقلة نوعية في العلاقات الثنائية بتدشين العلاقات الدبلوماسية رسميًا بين البلدين، إذ افتتحت الكويت سفارتها في جنوب أفريقيا في عام 1995، أعقبها افتتاح سفارة جنوب أفريقيا في الكويت عام 2004. مثلت هذه الخطوات نقطة انطلاق نحو تعميق الشراكة بين البلدين، ما أسفر عن تحول الكويت إلى واحدة من الأسواق الرئيسية لصادرات جنوب أفريقيا، فضلاً عن كونها مورداً استراتيجياً للنفط. ففي إطار اتفاقية موقعة عام 1995، استوردت جنوب أفريقيا ما يقارب مليوني طن من النفط الخام من الكويت خلال تسعينيات القرن الماضي.[24]
لم تقتصر جهود جنوب أفريقيا على تعزيز التعاون التجاري فحسب، بل امتدت إلى جذب الاستثمارات الكويتية، خاصة في مجالات الصناعات المتطورة والتعدين. وإدراكًا لما تزخر به أراضي جنوب أفريقيا من موارد طبيعية غنية تشمل 800 منجم للنحاس، والذهب، والفضة، والرصاص، سعت الحكومة الجنوب أفريقية إلى تهيئة بيئة استثمارية مشجعة عبر توقيع اتفاقيات وبروتوكولات، أبرزها اتفاقية التجارة والاستثمار، ومذكرة تفاهم حول التعاون الدفاعي.
وفي الجانب العسكري، شهدت العلاقات تطوراً ملحوظاً تمثل في تبادل الزيارات الرسمية بين وزراء الدفاع وكبار المسؤولين العسكريين من البلدين. culminated هذا التعاون بتوقيع مذكرة تفاهم دفاعية عام 2003، مع استمرار المفاوضات حول إبرام عقود دفاعية بلغت قيمتها عدة ملايين من الدولارات. تعكس هذه التطورات حرص صناع القرار في جنوب أفريقيا على تعزيز الروابط مع الكويت، باعتبارها شريكاً استراتيجياً في المنطقة.[25]
ثالثا: نموذج الامارات العربية المتحدة
تعد العلاقات الدولية بين الدول محوراً رئيسياً في صياغة سياسات الدول الخارجية، حيث تقوم على تحقيق المصالح المتبادلة ضمن أطر سياسية واقتصادية واستراتيجية. وفي هذا السياق، اتسمت السياسة الخارجية لحكومة جنوب أفريقيا تجاه دولة الإمارات العربية المتحدة بأهمية استثنائية، حيث اعتمدت جنوب أفريقيا في تعاملها مع الإمارات على دراسة معمقة لردود أفعالها وتوجهاتها الخارجية على المستويات الإقليمية والقارية والدولية.
عند تحليل السياسة الخارجية لدولة الإمارات، يمكن ملاحظة أنها ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية:
- الأوضاع الاقتصادية الإيجابية: إذ تمتلك الإمارات ثروة نفطية ضخمة، مع احتياطيات مؤكدة من النفط بلغت نحو 100 مليون برميل في عام 2002، إضافة إلى إنتاجها اليومي الذي يتجاوز مليوني برميل. تعد الإمارات واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط عالميًا، إلى جانب موارد طبيعية متنوعة تشمل الألمنيوم، والذهب، والفوسفات، واليورانيوم، والثروات الزراعية والحيوانية.
- الموقع الجغرافي الاستراتيجي: تقع الإمارات على الخليج العربي والمحيط الهندي، وتطل على مضيق هرمز، ما جعلها مركزاً للتجارة الدولية وطرفاً أساسياً في الحسابات الاستراتيجية الإقليمية.
- السياسة الخارجية القائمة على الانفتاح: تبنت الإمارات نهجاً يقوم على توثيق علاقاتها مع الدول والشعوب استناداً إلى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، مع التركيز على الانفتاح العالمي لتعويض فترات العزلة السياسية التي فرضها الاستعمار البريطاني، والاستفادة من الخبرات الدولية لدعم مسارات التنمية الوطنية.
هذه الركائز دفعت حكومة جنوب أفريقيا إلى بناء شراكة استراتيجية مع الإمارات، حيث تنوعت أطر التعاون بين الجانبين لتشمل مختلف القطاعات. وعلى الصعيد الاقتصادي، ركزت جنوب أفريقيا على الاستثمار في قطاع البناء والخدمات في الإمارات، وقد حققت شركات جنوب أفريقية نجاحات بارزة في هذا المجال. على سبيل المثال، حصلت شركة “ماري وروبي” الجنوب أفريقية على عقد بقيمة 426 مليون راند لإنشاء مشروع “مارينال مال” في أبو ظبي عام 1999، وتبعه مشروع بناء فندق “برج شاطئ شيكاغو” في دبي بقيمة 400 مليون راند.[26]
أما في قطاع الطاقة، فقد استوردت جنوب أفريقيا كميات كبيرة من النفط الإماراتي خلال فترة التسعينيات، ما ساهم في تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين. وفي مجال التعاون العسكري، وقّعت الإمارات اتفاقيات تعاون دفاعي مع جنوب أفريقيا خلال التسعينيات، حيث اعتمدت الإمارات على استيراد الأسلحة من جنوب أفريقيا لتعويض غياب صناعة دفاعية محلية.
لم يقتصر التعاون بين الجانبين على الاستثمارات العسكرية والاقتصادية، بل امتد ليشمل مساهمات إماراتية في تنشيط العلاقات داخل أقاليم جنوب أفريقيا، حيث أسهمت شركات إماراتية في دعم مشاريع تنموية هناك، مما عزز العلاقات الثنائية وأضفى عليها طابعاً أكثر شمولية واستدامة.
ويمكن القول إن السياسة الخارجية لحكومة جنوب أفريقيا تجاه الإمارات تجسد نموذجاً عملياً لتكامل المصالح الثنائية في إطار العلاقات الدولية، حيث تمكنت جنوب أفريقيا من الاستفادة من الفرص الاقتصادية والاستراتيجية التي تتيحها الإمارات، بينما وجدت الإمارات شريكاً موثوقاً في جنوب أفريقيا لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.[27]
في الختام، يمكن القول إن التوجه الجنوب أفريقي نحو دول الخليج العربي لم يرتقِ حتى الآن إلى المستوى الذي يليق بوزن جنوب أفريقيا على الساحة الدولية، حيث لا يزال بحاجة إلى المزيد من الجهود لتعزيز حضوره وتطوير شراكات استراتيجية قوية مع دول المنطقة. يُعتبر الخليج العربي منطقة حيوية تتيح فرصاً اقتصادية واستثمارية هائلة، مما يستدعي من جنوب أفريقيا تبني استراتيجية جديدة تتماشى مع التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي تشهدها الساحتان الأفريقية والعربية، وعلى صعيد أخر، إن جنوب أفريقيا، رغم محدودية مواردها وقدراتها الاقتصادية، تدرك أهمية منطقة الخليج العربي ودورها المحوري في النظام الإقليمي والدولي، ما يجعلها ملتزمة بالاستمرار في الانخراط في قضايا المنطقة وعموم الشرق الأوسط. هذه المشاركة لا تأتي من باب الخيارات الترفية أو الاختيارية، بل هي جزء من سياستها الخارجية المعلنة، التي تقوم على أساس تعزيز شراكاتها في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية، بما في ذلك الخليج العربي.
ومع ذلك، فإن طموحات جنوب أفريقيا الكبيرة، والتي تمتد إلى بناء علاقات اقتصادية وعسكرية متينة مع دول الخليج، تشكل في بعض الأحيان تحدياً في ظل الموارد المحدودة التي تواجهها. لذلك، فإن نجاح جنوب أفريقيا في تحقيق هذه الطموحات يعتمد بشكل كبير على تبني نهج أكثر توازناً وفعالية، يركز على التعاون المتبادل والاستفادة من المزايا النسبية التي تقدمها دول الخليج.
إن التوجه الجنوب أفريقي نحو دول الخليج العربي يقوم بالأساس على رؤية استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري، واستغلال الفرص المتاحة لتحقيق مصالح مشتركة. وفي هذا السياق، يُعدّ رد الفعل الإيجابي من دول الخليج عاملاً رئيسياً في تحويل هذا التوجه إلى واقع ملموس. فتلك الدول، بمواردها الاقتصادية الضخمة ودورها الاستراتيجي، قادرة على توفير بيئة داعمة للشراكة مع جنوب أفريقيا، بما يخدم مصالح الطرفين ويسهم في تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في كلا الجانبين.
وبالنظر إلى الأهمية المتزايدة لدول الخليج في النظام العالمي، فإن جنوب أفريقيا بحاجة إلى إعادة صياغة سياستها الخارجية تجاه المنطقة بطريقة أكثر شمولية ومرونة، تتيح لها الاستفادة من الفرص الاقتصادية والاستراتيجية وتعزز من قدرتها على المنافسة في ظل التغيرات المتسارعة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
نتائج الدراسة
- تعزيز التعاون الاقتصادي: كشفت الدراسة أن جنوب أفريقيا تسعى إلى تعميق علاقاتها الاقتصادية مع دول الخليج العربي، خصوصًا الإمارات العربية المتحدة، من خلال الاستثمار في قطاعات النفط، البناء، والخدمات.
- الأهمية الاستراتيجية لدول الخليج: أكدت الدراسة على الموقع الجيوسياسي لدول الخليج العربي، مما يجعلها شريكًا أساسيًا لجنوب أفريقيا في تحقيق استراتيجياتها الإقليمية والدولية.
- تطور العلاقات الثنائية: أظهرت الدراسة أن العلاقات بين جنوب أفريقيا ودول الخليج شهدت تطورات ملحوظة في مجالات التجارة، الدفاع، والطاقة، مع التركيز على الإمارات كنموذج ناجح.
- التحديات الاقتصادية والموارد المحدودة: أبرزت الدراسة التحديات التي تواجه جنوب أفريقيا في تحقيق طموحاتها الخارجية، خاصة في ظل محدودية الموارد الاقتصادية مقارنة بدول الخليج.
توصيات الدراسة
- تعزيز التعاون المتبادل: ضرورة صياغة استراتيجيات مشتركة بين جنوب أفريقيا ودول الخليج لتعزيز التعاون في القطاعات الحيوية، مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا.
- إقامة شراكات استراتيجية: تعزيز العلاقات الثنائية من خلال إنشاء آليات شراكة طويلة الأمد تشمل استثمارات متبادلة وبرامج تنموية.
- الاستفادة من الموارد البشرية والتقنية: توجيه الاستثمارات نحو تطوير الكفاءات البشرية واستخدام التقنيات الحديثة لتعزيز النمو الاقتصادي.
- زيادة التفاعل الدبلوماسي: توسيع نطاق العلاقات الدبلوماسية من خلال فتح قنوات جديدة للحوار وتفعيل دور السفارات.
- تنويع مجالات التعاون: توسيع أطر التعاون لتشمل المجالات الثقافية والتعليمية، مما يعزز من الروابط بين الشعوب.
الخاتمة
ختامًا، أثبتت الدراسة أن السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا تجاه دول الخليج العربي تعكس رغبتها في تحقيق مصالحها الوطنية والإقليمية، مع التركيز على الإمارات كنموذج ناجح للعلاقات الثنائية. ورغم النجاحات المحققة، لا تزال هناك حاجة لبذل جهود إضافية لتعزيز حضورها في المنطقة، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية المتغيرة.
من جهة أخرى، تمثل دول الخليج شريكًا استراتيجيًا واعدًا لجنوب أفريقيا، مما يفتح آفاقًا واسعة لتطوير العلاقات في المستقبل. ومن خلال تبني رؤية شاملة تقوم على التعاون المتبادل، يمكن للطرفين تحقيق فوائد ملموسة تسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية على المستويين الإقليمي والدولي.
قائمة المراجع
أولًا: الكتب
١) سعد حقي توفيق مبادئ العلاقات الدولية. عمان: دار وائل للنشر،2006. ط3، ص15
٢) أبو عامر علاء، الوظيفة الدبلوماسية. عمان: دار الشروق للنشر والتوزيع،2001
٣) 1 احمد النعيمي، السياسة الخارجية. عمان: دار زهران للنشر والتوزيع،2009، ص23
٤) فاضل محمد زكي، الدبلوماسية في عالم متغير، دار الحكمة للنشر والطباعة، بغداد، 1992، ص27
٥) محمد السيد سليم، تحليل السياسة الخارجية. القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1997. ط2، ص07
٦) تيري لديل، استراتيجية الشؤون الخارجية، منطق الحكم الأمريكي، ترجمة وليد شحاته، دار الكتاب العربي، بيروت، 2009، ص483 – 487
٧) ناظم عبد الواحد جاسور، موسوعة المصطلحات السياسية والفلسفية، دار النهضة العربية، بيروت، 2008 ص92
ثانيًا: الدوريات العلمية
١) إيمانيول وولرستين, تحليل النظم الدولية, مركز الجزيرة للدراسات, (2015)
٢) عربي لادمي محمد، السياسية الخارجية: دراسة في المفاهيم، التوجهات والمحددات، المركز الديمقراطي العربي، (2016)
٣) خلود محمد خميس، السياسة الخارجية المعاصرة لجمهورية جنوب افريقيا تجاه دول الخليج العربي: (الامارات انموذجاً)، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، (2011)
٤) د فوزي درويش، جنوب أفريقيا والشرق الأوسط، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، الأهرام، العدد ،136 1999، ص204
٥) د. وليم رو، الملامح الدبلوماسية والسياسة الدفاعية لدولة الأمارات العربية المتحدة، مركز الأمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، سلسلة محاضرات الامارات، 2003، ص3
٦)محمد صالح العجيلي، دولة الامارات العربية المتحدة دراسة في الجغرافيا السياسية، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، دبي سلسلة 45، 2003، ص50
ثالثًا: المواقع الالكترونية
١)المنهج التاريخي في البحث العلمي، أطروحة للاستشارات الأكاديمية، (2023)، https://www.etro7a.com/2023/09/manhaj-tarikhi.html
٢)جنوب افريقيا، الهيئة العامة للاستعلامات بوابتك إلى مصر، (2024)
٣)مجلس التعاون الخليجي: علاقات الاتحاد الأوروبي مع مجلس التعاون الخليجي وأعضائه، الاتحاد الأوروبي، (2021)
٤) السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا: وثيقة للمناقشة، حكومة جنوب أفريقيا، (2024)
٥) موقع انترنيت، (تحالف سعودي – أوربي – جنوب أفريقي لأقامه 4 مجتمعات صناعية باستثمار مليار ريال، موقع صحيفة النهار الكويتية
٦) موقع انترنيت، الكويت تتطلع إلى تعاون نووي سلمي مع جنوب أفريقيا، جريدة النهار
٧)موقع انترنيت، سفير جنوب أفريقيا يؤكد عمق العلاقات مع الكويت، مجلة الرؤية (نوفمبر2008)
[1] المنهج التاريخي في البحث العلمي، أطروحة للاستشارات الأكاديمية، (2023)، https://www.etro7a.com/2023/09/manhaj-tarikhi.html
[2] إيمانيول وولرستين, تحليل النظم الدولية, مركز الجزيرة للدراسات, (2015)
[3] أبو عامر علاء، الوظيفة الدبلوماسية. عمان: دار الشروق للنشر والتوزيع،2001
[4] جنوب افريقيا، الهيئة العامة للاستعلامات بوابتك إلى مصر، (2024)
[5] مجلس التعاون الخليجي: علاقات الاتحاد الأوروبي مع مجلس التعاون الخليجي وأعضائه، الاتحاد الأوروبي، (2021)
[6] 1 احمد النعيمي، السياسة الخارجية. عمان: دار زهران للنشر والتوزيع،2009، ص23
[7] احمد النعيمي، المرجع نفسه، نفس الصفحة
[8] محمد السيد سليم، تحليل السياسة الخارجية. القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1997. ط2، ص07
[9] احمد النعيمي، مرجع سابق، ص20
[10] محمد السيد سليم مرجع سابق، ص36
[11] محمد السيد سليم، المرجع السابق، ص37
[12] سعد حقي توفيق مبادئ العلاقات الدولية. عمان: دار وائل للنشر،2006. ط3، ص15
[13] تيري لديل، استراتيجية الشؤون الخارجية، منطق الحكم الأمريكي، ترجمة وليد شحاته، دار الكتاب العربي، بيروت، 2009، ص483 – 487
[14] فاضل محمد زكي، الدبلوماسية في عالم متغير، دار الحكمة للنشر والطباعة، بغداد، 1992، ص27
[15] محمد السيد سليم، مصدر سبق ذكره، ص92
[16] تيري ديل، مصر سبق ذكره، ص423 – 433
[17] محمد السيد سليم، مصدر سبق ذكره، ص94
[18] ناظم عبد الواحد جاسور، موسوعة المصطلحات السياسية والفلسفية، دار النهضة العربية، بيروت، 2008 ص92
[19] عربي لادمي محمد، السياسية الخارجية: دراسة في المفاهيم، التوجهات والمحددات، المركز الديمقراطي العربي، (2016)
[20] السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا: وثيقة للمناقشة، حكومة جنوب أفريقيا، (2024)
[21] خلود محمد خميس، السياسة الخارجية المعاصرة لجمهورية جنوب افريقيا تجاه دول الخليج العربي: (الامارات انموذجاً)، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، (2011)
[22] د فوزي درويش، جنوب أفريقيا والشرق الأوسط، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، الأهرام، العدد ،136 1999، ص204
[23] موقع انترنيت، (تحالف سعودي – أوربي – جنوب أفريقي لأقامه 4 مجتمعات صناعية باستثمار مليار ريال، موقع صحيفة النهار الكويتية
[24] موقع انترنيت، الكويت تتطلع إلى تعاون نووي سلمي مع جنوب أفريقيا، جريدة النهار
[25] موقع انترنيت، سفير جنوب أفريقيا يؤكد عمق العلاقات مع الكويت، مجلة الرؤية (نوفمبر2008)
[26] د. وليم رو، الملامح الدبلوماسية والسياسة الدفاعية لدولة الأمارات العربية المتحدة، مركز الأمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، سلسلة محاضرات الامارات، 2003، ص3
[27] محمد صالح العجيلي، دولة الامارات العربية المتحدة دراسة في الجغرافيا السياسية، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، دبي سلسلة 45، 2003، ص50