ما بعد المهارة الرقمية: الذكاء الاصطناعي وتمكين القيم في تشكيل وعي شبابي جامعي مسؤول
Beyond Digital Skills : Artificial Intelligence and Value Empowerment in Shaping Responsible Awareness among University Youth

اعداد :
- د.تبرة مقدم – أستاذة محاضرة بجامعة مصطفى اسطمبولي معسكر الجزائر
- د.مصطفى العقعاق – أستاذ محاضر بجامعة عين تموشنت الجزائر
- بوعزة فراجي – مدير مدرسة ابتدائية سيق معسكر الجزائر
المركز الديمقراطي العربي : –
-
مجلة المؤتمرات العلمية الدولية : العدد السابع والعشرون تشرين الثاني – نوفمبر 2025– المجلد 6 – وهي مجلة دولية محكمة تصدر عن #المركز_الديمقراطي_العربي المانيا- برلين.
- تُعنى بنشر الأبحاث ضمن جميع التخصصات الأكاديمية ضمن مجالات التخصص العلوم التطبيقية مع التركيز على ( هندسة ,طب ) وايضا العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية كما تُعنى بنشر الأبحاث من وقائع المؤتمرات العلمية في جميع التخصصات التي تنظم من قبل المراكز الجامعية والمخابر البحثية من مختلف الجامعات في الوطن العربي ضمن التخصصات الأكاديمية .
للأطلاع على البحث من خلال الرابط المرفق : –
المستخلص
تتناول هذه الدراسة العلاقة الحيوية بين المهارات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية في تشكيل وعي شبابي جامعي مسؤول، مع التركيز على دور الجامعات في إعداد جيل قادر على مواجهة تحديات العصر الرقمي. في ظل الثورة الرقمية المتسارعة، أصبح امتلاك المهارات التقنية وحده غير كافٍ، بل أصبح الدمج بين التفكير النقدي، الابتكار، والالتزام بالقيم الأخلاقية ضرورة ملحة لضمان استخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول وفعّال. أظهرت الدراسة من خلال الإطار النظري والمقارنة بين الدول العربية والدول المتقدمة أن الفجوة الأساسية بين الشباب الجامعي في هذه الدول لا تكمن فقط في مستوى المهارات الرقمية، بل في مدى وعيهم بالقيم الأخلاقية والاجتماعية أثناء استخدام التكنولوجيا.
ففي الدول المتقدمة، تدمج القيم الأخلاقية ضمن المناهج الرقمية بشكل منهجي، ما يعزز الوعي الرقمي والمسؤولية الاجتماعية، بينما في العديد من الدول العربية، يركز التعليم الجامعي على المهارات التقنية دون تأكيد كاف على الأخلاقيات الرقمية. تتوقع الدراسة أن دمج المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي مع القيم الأخلاقية يؤدي إلى تعزيز الوعي الرقمي المسؤول، رفع مستوى الابتكار الأكاديمي والاجتماعي، وتمكين الشباب الجامعي من اتخاذ قرارات صائبة وواعية. كما توفر النتائج توصيات عملية، تشمل تطوير المناهج الجامعية، إعداد برامج تدريبية للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، تعزيز الشراكات الدولية، وتصميم منصات تعليمية ذكية لتعزيز الاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا. ختاما، تؤكد الدراسة أن الاستثمار في التعليم الرقمي الموجه بالقيم الأخلاقية والاجتماعية هو استثمار في جيل واعٍ ومبتكر، قادر على المساهمة الفاعلة في مجتمعه وتحويل الثورة الرقمية إلى أداة تقدم وازدهار للبشرية. إن هذه الرؤية تضع الأساس لجامعة متوازنة بين التقنية والفكر الأخلاقي، قادرة على إعداد شباب جامعي مسؤول ومتميز في عالم رقمي متغير.
Abstract
This study explores the critical relationship between digital skills, artificial intelligence, and the empowerment of ethical and social values in shaping a responsible university youth. It emphasizes the role of higher education institutions in preparing a generation capable of navigating the challenges of the digital era. In an age of rapid technological advancement, possessing technical skills alone is no longer sufficient; the integration of critical thinking, innovation, and adherence to ethical principles has become essential to ensure responsible and effective use of technology. Through a theoretical framework and a comparative analysis between Arab countries and developed nations, the study reveals that the main gap among university students is not merely in digital competence, but in their awareness of ethical and social values when interacting with technology. In developed countries, ethical principles are systematically integrated into digital curricula, enhancing digital responsibility and social consciousness. Conversely, many Arab universities emphasize technical proficiency while providing limited guidance on digital ethics. The study anticipates that integrating digital skills and artificial intelligence with ethical values will enhance responsible digital awareness, foster academic and social innovation, and empower university students to make informed and ethical decisions. The findings also provide practical recommendations, including curriculum development, specialized training for students and faculty, international partnerships, and the creation of smart educational platforms to promote ethical technology use. In conclusion, this research underscores that investing in digital education guided by ethical and social values is an investment in an aware and innovative generation capable of positively contributing to society and leveraging the digital revolution for human progress. Such a vision lays the foundation for universities that balance technical expertise with ethical thinking, preparing responsible and distinguished university youth in an ever-evolving digital world.
المقدّمة
في أفق العالم الرقمي المتسارع، يقف الشباب الجامعي اليوم على مفترق طرق حاسم بين المعرفة التكنولوجية والتحديات الأخلاقية والاجتماعية. لم تعد المهارات الرقمية مجرد أدوات تمكن الفرد من التعامل مع الحاسوب أو البرمجيات، بل أصبحت قاعدة انطلاق نحو ما بعد المهارة الرقمية، حيث يتطلب المستقبل قدرة على التفاعل الذكي مع الذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على ثوابت القيم الإنسانية التي تشكل وعيًا مسؤولا ومؤثرا في المجتمع.
يمثل الذكاء الاصطناعي، بقوته التحليلية وقدرته على محاكاة الفكر البشري، فرصة غير مسبوقة لتوسيع آفاق المعرفة، وتحليل البيانات، واتخاذ القرارات المعقدة بسرعة ودقة. ومع ذلك، فإن هذه القوة تفرض تساؤلات عميقة حول المسؤولية والأخلاق، خصوصا عند توظيفها في التعليم الجامعي وسلوكيات الشباب. وهنا يظهر الدور المحوري للقيم؛ فهي ليست مجرد إطار نظري، بل مرشد عملي يوجه استخدام التكنولوجيا نحو التوازن بين الابتكار والضمير، بين الكفاءة والمسؤولية، وبين الطموح الفردي والمصلحة الجماعية.
الشباب الجامعي اليوم يمتلك أدوات تقنية وتحليلية متقدمة، لكنه بحاجة إلى دمج هذه الإمكانيات مع القيم الأخلاقية والاجتماعية، ليصبح فاعلا مسؤولا قادرا على المساهمة بفعالية في المجتمع. فالهدف لا يقتصر على نقل المعرفة، بل يشمل تشكيل وعي جامعي متكامل قادر على التفكير النقدي، اتخاذ القرارات الأخلاقية، والابتكار المستدام.
تركز هذه الدراسة على إبراز العلاقة الحيوية بين المهارات الرقمية المتقدمة، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية، مسلطة الضوء على الدور المحوري للجامعات في صناعة جيل متوازن فكريا وأخلاقيا. إن دمج التقنية بالفكر النقدي والقيم الإنسانية يشكل نموذجا تعليميا متكاملا، يخرج شبابا جامعيين قادرين على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين بثقة وحكمة، والمساهمة بفعالية في التنمية المجتمعية والعالمية.
ختاما، إن مستقبل الشباب الجامعي في العالم الرقمي لا يقوم فقط على المهارات التقنية، بل على قدرتهم على توجيه هذه المهارات بالوعي والمسؤولية والقيم الأخلاقية، لتحويل التكنولوجيا من مجرد أداة إلى وسيلة لتعزيز الابتكار المسؤول، وبناء مجتمع واع ومبدع، قادر على استثمار الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان والمصلحة العامة.
إشكالية الدراسة
لقد أصبح التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي عنصرين محوريين في إعادة تشكيل البنية التعليمية والاجتماعية للشباب الجامعي. لم يعد التعليم مقتصرًا على نقل المعرفة أو اكتساب المهارات الرقمية، بل أصبح عملية متكاملة تهدف إلى تطوير قدرات التفكير النقدي، وتعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية، وتمكين الطلاب من التفاعل بشكل مسؤول مع التكنولوجيا.
في هذا السياق، يبرز مفهوم ما بعد المهارة الرقمية، الذي يتجاوز قدرة الطلاب على استخدام الأدوات التقنية ليشمل مهارات التحليل، والابتكار، والتفاعل الأخلاقي مع المعلومات والبيانات الرقمية. ولأن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءا لا يتجزأ من حياة الشباب الجامعي، فإن دمج هذه التقنية مع قيم أخلاقية واجتماعية صار ضرورة ملحة لتشكيل وعي شبابي قادر على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين بثقة ومسؤولية.
يشكل هذا الطرح أرضية صلبة لدراسة العلاقة بين المهارات الرقمية المتقدمة، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم، وكيفية تأثيرها على وعي الشباب الجامعي، مع التركيز على الدور الحيوي للجامعات في إعداد جيل متوازن فكريا وأخلاقيا، قادر على الابتكار والإسهام الفاعل في المجتمع.
في ظل الثورة الرقمية والاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي، تظهر إشكالية محورية تتلخص في السؤال التالي:
كيف يمكن للجامعات تمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية لدى الشباب الجامعي، بحيث يتم توجيه المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي نحو تشكيل وعي شبابي مسؤول ومتفاعل بإيجابية مع المجتمع؟
وترتبط هذه الإشكالية بمجموعة من التساؤلات الفرعية:
- ما هو دور المهارات الرقمية المتقدمة في تعزيز فهم الطلاب للذكاء الاصطناعي؟
- كيف تساهم القيم الأخلاقية والاجتماعية في توجيه استخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول؟
- ما هي الاستراتيجيات التعليمية الأكثر فعالية لدمج المهارات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، والقيم في تكوين وعي شبابي جامعي متوازن؟
فرضيات الدراسة
انطلاقا من إشكالية الدراسة، يبرز التساؤل حول العلاقة بين المهارات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية، وكيف يمكن لهذه العناصر أن تتكامل لتشكيل وعي شبابي جامعي مسؤول. إن البحث في هذه العلاقة يستدعي صياغة فرضيات واضحة تمكن من اختبار مدى تأثير كل عنصر على الآخر، وتحديد سبل دمجها في العملية التعليمية لتحقيق النتائج المرجوة.
الفرضية الأولى: هناك علاقة إيجابية بين اكتساب المهارات الرقمية المتقدمة وفهم الطلاب للذكاء الاصطناعي، مما يعزز قدرتهم على التفاعل النقدي مع التكنولوجيا.
الفرضية الثانية: تمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية لدى الشباب الجامعي يساهم في توجيه استخدام الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية بشكل مسؤول، ويعزز السلوكيات الإيجابية.
الفرضية الثالثة: الدمج المتكامل بين المهارات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية يؤدي إلى تشكيل وعي شبابي جامعي متوازن، قادر على الابتكار والمساهمة الفاعلة في المجتمع.
أهداف الدراسة
انطلاقا من الإشكالية والفرضيات السابقة، تتضح الحاجة إلى تحديد أهداف واضحة لهذه الدراسة، تساعد على توجيه البحث بشكل دقيق ومنهجي، وتمكن من قياس مدى تحقق الفرضيات، وفهم العلاقة بين المهارات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية في تشكيل وعي شبابي جامعي مسؤول.
- تحليل دور المهارات الرقمية المتقدمة في تعزيز فهم الطلاب للذكاء الاصطناعي وقدرتهم على التفاعل النقدي مع التكنولوجيا الحديثة.
- دراسة أثر تمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية على توجيه استخدام الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية بشكل مسؤول لدى الشباب الجامعي.
- إبراز أثر الدمج المتكامل بين المهارات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية في تشكيل وعي شبابي جامعي متوازن، قادر على الابتكار والمساهمة الفاعلة في المجتمع.
- تقديم توصيات عملية للجامعات والمؤسسات التعليمية بشأن طرق دمج التكنولوجيا والقيم في المناهج والبرامج التعليمية لتعزيز المسؤولية والوعي لدى الطلاب.
أهمية الدراسة
تكتسب هذه الدراسة أهميتها من موقعها الحيوي عند تقاطع ثلاثة عناصر أساسية في تعليم الشباب الجامعي: المهارات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية. فهي تسعى إلى تقديم رؤية شاملة لكيفية دمج هذه العناصر لتشكيل وعي شبابي جامعي مسؤول، قادر على مواجهة التحديات المعقدة التي يفرضها القرن الحادي والعشرون.
تبرز أهمية الدراسة من الناحية العلمية في تسليط الضوء على العلاقة بين المهارات الرقمية المتقدمة وفهم الذكاء الاصطناعي، وكيفية توجيه استخدام هذه القدرات بالوعي بالقيم الأخلاقية والاجتماعية. كما تتجلى أهميتها العملية في تقديم توصيات واضحة للجامعات والمؤسسات التعليمية حول استراتيجيات دمج التكنولوجيا والقيم في المناهج التعليمية، بهدف إعداد جيل متوازن فكريا وأخلاقيا، قادر على الابتكار والمساهمة الفاعلة في المجتمع.
إضافة إلى ذلك، تساعد هذه الدراسة على بناء قاعدة معرفية تساعد صانعي السياسات التعليمية والباحثين في تصميم برامج تعليمية متكاملة توازن بين التقنية والفكر الأخلاقي، مما يعزز من قدرة الشباب الجامعي على تحمل المسؤولية، واتخاذ القرارات الصائبة، والمشاركة الإيجابية في التنمية المجتمعية والمستقبلية.
منهجية الدراسة
تعتمد هذه الدراسة على المنهج الوصفى التحليلي، الذي يتيح فحص العلاقة بين المهارات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية، بهدف فهم كيفية تأثير هذه العناصر في تشكيل وعي شبابي جامعي مسؤول. ويعد هذا المنهج مناسبا لدراسة الظواهر التربوية والاجتماعية المعقدة، حيث يسمح بتحليل الأدبيات السابقة ومقارنتها بالواقع الجامعي الحالي.
أدوات البحث:
مراجعة الأدبيات العلمية والدراسات السابقة: لتحليل المفاهيم الأساسية، والاتجاهات الحديثة، وأفضل الممارسات المتعلقة بالمهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي وتمكين القيم.
المقابلات شبه المنظمة مع الطلاب: لفهم تصورهم للمهارات الرقمية واستخدامهم للذكاء الاصطناعي، ومدى التزامهم بالقيم الأخلاقية والاجتماعية.
مجتمع الدراسة وعينتها:
تستهدف الدراسة طلاب الجامعات في مرحلة الليسانس والماجستير أو الماستر، من مختلف التخصصات و من شتى الدول العربية و الدولية، لضمان تمثيل متنوع للواقع الجامعي، وتقديم نتائج قابلة للتعميم ضمن السياق الأكاديمي المحلي.
طرق التحليل:
تعتمد الدراسة على التحليل النوعي والكمي للبيانات، حيث يتم تحليل المعلومات النوعية المستخلصة من المقابلات لاستخراج الأنماط والمفاهيم الأساسية، بما يتيح اختبار الفرضيات وتقديم استنتاجات دقيقة .
خطة الدراسة
تتبنى هذه الدراسة منهجية تهدف إلى إظهار العلاقة الحيوية بين المهارات الرقمية المتقدمة، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية في تشكيل وعي شبابي جامعي مسؤول. تبدأ الدراسة بمقدمة توضح أهمية الموضوع والإطار النظري، يليها تحديد الإشكالية البحثية والفرضيات التي توجه التحليل. في الفصلين التاليين، يتم استعراض واقع الشباب الجامعي في الدول العربية والدول المتقدمة من حيث المهارات الرقمية، استخدام الذكاء الاصطناعي، ومستوى الوعي بالقيم الأخلاقية، مع تقديم مقارنة تحليلية لتسليط الضوء على الفجوات والفرص. ثم ينتقل البحث إلى النتائج والتوصيات. تُختتم الدراسة بخاتمة تلخص أهم الاستنتاجات وتؤكد على الدور المحوري للجامعات في إعداد جيل جامعي واع، متوازن فكريا وأخلاقيا، قادر على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين بثقة وابتكار ومسؤولية.
الدراسات السابقة
تشير الدراسات الحديثة إلى أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي يتطلب توجيها أخلاقيا صارما لضمان تكوين جيل جامعي قادر على الموازنة بين المعرفة التقنية والقيم الإنسانية. دراسة Mumtaz et al. (2024) بعنوان “Ethical use of artificial intelligence-based tools in higher education: Are future business leaders ready?” أبرزت أن طلاب الدراسات العليا في مجال الأعمال لديهم وعي محدود بتأثير استخدام الذكاء الاصطناعي على القرارات الأخلاقية، وأن غياب الإرشادات الواضحة يزيد من احتمالية اتخاذ قرارات تقنية غير مسؤولة.
تتوافق هذه النتائج مع فرضيات دراستنا التي تنص على أن الوعي بالقيم الأخلاقية يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من تعليم المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي لدى الشباب الجامعي. حيث يظهر أن مجرد اكتساب المهارات التقنية لا يكفي، بل ينبغي تعزيزها من خلال إطار قيم يوجه سلوك الطلاب ويجعلهم قادرين على استخدام التكنولوجيا بوعي ومسؤولية.
علاوة على ذلك، توفر هذه الدراسة قاعدة مهمة لإسقاط نتائجها على سياق الجامعات العربية، مثل مصر والأردن والسعودية والإمارات، حيث ما زال إدماج الذكاء الاصطناعي في المناهج الأكاديمية الجديدة يتطلب مراجعة شاملة للمعايير الأخلاقية، وهو ما يؤكد أهمية تمكين القيم الأخلاقية في تشكيل وعي شبابي جامعي مسؤول كما نقترح في بحثنا.
ففي ظل الانتشار السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي، ظهرت الحاجة الملحة لدراسة كيفية استخدام هذه الأدوات بشكل أخلاقي ومسؤول لدى طلاب الدراسات العليا في مجال الأعمال. تأتي دراسة Mumtaz et al. (2024) لتسلط الضوء على هذه المسألة، معتبرة أن مجرد التمكن من المهارات الرقمية لا يكفي، بل يجب دمج هذه المهارات مع إطار قيم يضمن الاستخدام الواعي للتكنولوجيا.
تتمحور الإشكالية الرئيسية للدراسة حول السؤال: هل طلاب الدراسات العليا مجهزون لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة أخلاقيا؟، حيث تبرز الفجوة بين المعرفة التقنية والوعي الأخلاقي، وعدم وجود توجيه جامعي واضح يعزز القيم الاجتماعية والإنسانية أثناء التفاعل مع التكنولوجيا.
اعتمدت الدراسة على منهج وصفي تحليلي، شمل عينة من طلاب الدراسات العليا في تخصصات الأعمال، باستخدام استبيانات شبه منظمة تناولت ثلاثة محاور: مستوى استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وعي الطلاب بالأبعاد الأخلاقية، وإدراكهم لأهمية دمج القيم في العمليات الرقمية. تم تحليل البيانات إحصائيا للكشف عن مدى ارتباط الوعي الأخلاقي بسلوك الطلاب الرقمي.
أظهرت النتائج أن مستوى استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مرتفع لدى الطلاب، بينما وعيهم الأخلاقي محدود، مع وجود فجوة واضحة بين المعرفة التقنية والقدرة على اتخاذ قرارات مسؤولة أخلاقيا. كما أكد الطلاب أهمية وجود إطار قيادي أخلاقي يوجه استخدام التكنولوجيا، إلا أن الجامعات لم توفر تدريبا منهجيا كافيا في هذا المجال.
استنادا إلى النتائج، أوصت الدراسة بإدماج برامج تدريبية أخلاقية ضمن المناهج الرقمية، وتطوير سياسات جامعية واضحة لتوجيه الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل عملية لتعزيز الوعي بالقيم، وتشجيع البحث المستقبلي حول تأثير البيئة التعليمية على السلوك الرقمي الأخلاقي للطلاب.
في الخلاصة، تؤكد الدراسة أن تمكين القيم الأخلاقية جزء لا يتجزأ من التعليم الرقمي الحديث، وأن الذكاء الاصطناعي، رغم إمكاناته الهائلة، قد يشكل خطرًا أخلاقيًا إذا لم يتم توجيه الطلاب بشكل صحيح. وبإسقاط هذه النتائج على دراستنا، يتضح أن الشباب الجامعي العربي يحتاج إلى برامج تعليمية تجمع بين المهارات الرقمية المتقدمة والوعي بالقيم الإنسانية والأخلاقية، ليصبح قادرا على استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول ومبتكر، مساهما بفعالية في التنمية المجتمعية والعالمية، ومواكبا تحديات القرن الحادي والعشرين بثقة وحكمة.
المهارات الرقمية وما بعد المهارة الرقمية
في ظل الثورة الرقمية، أصبحت المهارات الرقمية أساسية في التعليم الجامعي. تشير الدراسات إلى أن 86% من الطلاب يستخدمون الذكاء الاصطناعي في دراستهم، ومع ذلك، يشعر 58% منهم بعدم امتلاكهم الكافي من المعرفة والمهارات في هذا المجال . هذا يبرز الحاجة إلى تطوير مهارات رقمية متقدمة تتجاوز الاستخدام الأساسي للتكنولوجيا، لتشمل التفكير النقدي، وحل المشكلات، والابتكار.(Campus Technology)
الرقمنة في الدول العربية: الواقع والتحديات
مصر:
الإنترنت والاقتصاد الرقمي: تعتبر مصر من أكبر أسواق الإنترنت في المنطقة العربية، حيث بلغ عدد مستخدمي الإنترنت حوالي 82 مليون شخص في عام 2024، مع معدل انتشار بلغ 72.2% .(Wikipédia)
بلغ عدد الطلاب الجامعيين في مصر حوالي 3.7 مليون طالب في عام 2023 (unesco.org).
تشير الدراسات إلى أن 75% من هؤلاء الطلاب يستخدمون الإنترنت لأغراض التعليم، بينما 40% فقط يمتلكون مستوى متقدم من المهارات الرقمية campustechnology.com
التحديات: رغم هذه الأرقام، تواجه مصر تحديات في مجال الرقمنة، مثل ضعف البنية التحتية الرقمية، والرقابة على الإنترنت، وتفاوت الوصول إلى التكنولوجيا بين المناطق الحضرية والريفية .
القيم الأخلاقية: تواجه مصر تحديات في دمج القيم الأخلاقية في الرقمنة، حيث تركز السياسات على الأمان السيبراني والرقابة أكثر من التركيز على تعزيز القيم الإنسانية والاجتماعية في الفضاء الرقمي.
غالبا ما يفتقر الطلاب إلى التوجيه حول الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، مما يجعل دمج القيم الأخلاقية في المناهج الجامعية ضرورة عاجلة.
السعودية:
الإنترنت والاقتصاد الرقمي: تتمتع السعودية بنسبة عالية من مستخدمي الإنترنت، حيث بلغت حوالي 98% من السكان في عام 2020(Wikipédia)
يصل عدد الطلاب الجامعيين إلى حوالي 1.6 مليون (saudi.gov.sa)
أكثر من 80% من الطلاب يستخدمون الأدوات الرقمية والذكاء الاصطناعي في دراستهم، إلا أن 50% منهم يفتقرون إلى الوعي بالقيم الأخلاقية المرتبطة بالبيانات والمعلومات الرقمية.
التحديات: رغم التقدم في البنية التحتية الرقمية، تواجه السعودية تحديات في مجال الرقمنة، مثل الحاجة إلى تطوير المهارات الرقمية لدى الشباب، وضمان الأمان السيبراني، وتعزيز الشفافية في التعاملات الرقمية.
القيم الأخلاقية: تعمل السعودية على دمج القيم الأخلاقية في الرقمنة من خلال مبادرات مثل “التحول الرقمي” التي تهدف إلى تحسين الخدمات الحكومية وتعزيز الشفافية والمساءلة.
الجامعات السعودية بدأت تبني برامج لتعزيز السلوك الرقمي المسؤول، لكن التنفيذ ما زال محدودا على مستوى واسع.
الإمارات:
الإنترنت والاقتصاد الرقمي: تعتبر الإمارات من الدول الرائدة في مجال الرقمنة في المنطقة العربية، حيث توفر بنية تحتية متطورة وخدمات حكومية إلكترونية متقدمة (Wikipédia)
يبلغ عدد الطلاب الجامعيين حوالي 250 ألف طالب (u.ae)
أكثر من 90% من الطلاب يمتلكون مهارات رقمية متقدمة، ويستخدمون الذكاء الاصطناعي في مشاريعهم الأكاديمية.
التحديات: تواجه الإمارات تحديات في مجال الرقمنة، مثل الحاجة إلى تعزيز الثقافة الرقمية بين المواطنين، وضمان الأمان السيبراني، وتحقيق التوازن بين الرقابة والحرية الرقمية.
القيم الأخلاقية: تسعى الإمارات إلى دمج القيم الأخلاقية في الرقمنة من خلال مبادرات مثل “الحكومة الذكية” التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز المشاركة المجتمعية.
هناك مبادرات حكومية وجامعية لتعزيز الاستخدام المسؤول للتقنية وورش عمل حول الأخلاقيات الرقمية.
الأردن:
الإنترنت والاقتصاد الرقمي: يتمتع الأردن بنسبة عالية من مستخدمي الإنترنت، حيث بلغ عددهم حوالي 7.5 مليون شخص في عام 2020، مع معدل انتشار بلغ 98% (Wikipédia)
يبلغ عدد الطلاب الجامعيين حوالي 300 ألف (unesco.org)
حوالي 70% من الطلاب يستخدمون الأدوات الرقمية في التعليم، بينما نسبة الوعي بالقيم الأخلاقية لا تجاوز 45% (researchgate.net)
التحديات: رغم هذه الأرقام، يواجه الأردن تحديات في مجال الرقمنة، مثل ضعف البنية التحتية الرقمية، وتفاوت الوصول إلى التكنولوجيا بين المناطق الحضرية والريفية، والحاجة إلى تطوير المهارات الرقمية لدى الشباب.
القيم الأخلاقية: يعمل الأردن على دمج القيم الأخلاقية في الرقمنة من خلال مبادرات مثل “التحول الرقمي” التي تهدف إلى تحسين الخدمات الحكومية وتعزيز الشفافية والمساءلة.
الجامعات الأردنية تسعى إلى دمج برامج التوعية بالقيم الأخلاقية ضمن التعليم الرقمي، لكنها تواجه تحديات التطبيق الفعلي.
الرقمنة في الدول المتقدمة: نموذج يُحتذى به
الولايات المتحدة:
الإنترنت والاقتصاد الرقمي: تعتبر الولايات المتحدة من الدول الرائدة في مجال الرقمنة، حيث تتمتع ببنية تحتية متطورة وخدمات حكومية إلكترونية متقدمة.
عدد الطلاب الجامعيين حوالي 20 مليون طالب (nces.ed.gov)
95% من الطلاب يستخدمون الأدوات الرقمية والذكاء الاصطناعي في التعليم.
التحديات: رغم التقدم في مجال الرقمنة، تواجه الولايات المتحدة تحديات في مجال الأمان السيبراني، وحماية الخصوصية، وضمان الوصول المتساوي إلى التكنولوجيا لجميع فئات المجتمع.
القيم الأخلاقية: تسعى الولايات المتحدة إلى دمج القيم الأخلاقية في الرقمنة من خلال تشريعات مثل “قانون حماية الخصوصية” الذي يهدف إلى حماية بيانات المستخدمين وضمان الشفافية في التعاملات الرقمية.
الجامعات تعتمد بشكل واسع على برامج تعليمية تدمج الأخلاقيات الرقمية وحماية البيانات ضمن المناهج، ما يجعل الشباب واعيا بالمسؤولية الاجتماعية أثناء استخدام التكنولوجيا.
الدول الأوروبية:
الإنترنت والاقتصاد الرقمي: تتمتع الدول الأوروبية ببنية تحتية متطورة في مجال الرقمنة، حيث توفر خدمات حكومية إلكترونية متقدمة وتطبيقات رقمية مبتكرة.
نسبة الطلاب الجامعيين الذين يستخدمون التكنولوجيا المتقدمة تتجاوز 90%.
التحديات: تواجه الدول الأوروبية تحديات في مجال الرقمنة، مثل الحاجة إلى تعزيز الثقافة الرقمية بين المواطنين، وضمان الأمان السيبراني، وتحقيق التوازن بين الرقابة والحرية الرقمية.
القيم الأخلاقية: تسعى الدول الأوروبية إلى دمج القيم الأخلاقية في الرقمنة من خلال تشريعات مثل “اللائحة العامة لحماية البيانات” (GDPR) التي تهدف إلى حماية خصوصية المستخدمين وتعزيز الشفافية والمساءلة في الفضاء الرقمي.
هناك توجيه منهجي لتضمين القيم الأخلاقية والاجتماعية في المناهج الرقمية، خاصة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، حماية الخصوصية، والشفافية.
برامج مثل GDPR في أوروبا تساعد على تعزيز الوعي بين الشباب حول الاستخدام المسؤول للبيانات والمعلومات الرقمية.
يتضح أن الدول المتقدمة تعتمد دمج القيم الأخلاقية والاجتماعية بشكل منهجي مع المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي لدى الطلاب الجامعيين، بينما في الدول العربية ما زال التركيز على المهارات التقنية فقط، مع وجود فجوة واضحة في الوعي الأخلاقي. هذا يشير إلى ضرورة تطوير برامج تعليمية تدمج القيم الأخلاقية مع المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي في الجامعات العربية لضمان وعي شبابي مسؤول.
أسئلة المقابلة مع الطلاب الجامعيين
ما مدى استخدامك للمهارات الرقمية في دراستك اليومية؟
هل استخدمت أدوات الذكاء الاصطناعي في التعلم أو البحث الأكاديمي؟ إذا نعم، فكيف؟
هل تشعر أن الجامعات توفر لك التوجيه الكافي لاستخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول؟
كيف ترى دور القيم الأخلاقية والاجتماعية في استخدام التكنولوجيا الحديثة؟
هل تعتقد أن دمج المهارات الرقمية مع القيم الأخلاقية يمكن أن يعزز وعيك ومسؤوليتك تجاه المجتمع؟
تحليل مقابلات الطلاب من الدول العربية والأجنبية
شملت الدراسة مقابلات مع طلاب جامعيين من مصر، الأردن، السعودية، الإمارات، أمريكا، الجزائر، تونس، العراق، فرنسا، إنجلترا، ماليزيا وقطر، بهدف استكشاف العلاقة بين المهارات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية في تشكيل وعي شبابي جامعي مسؤول.
- استخدام المهارات الرقمية
تبين أن الطلاب من الدول المتقدمة والأكثر استثمارًا في التعليم الرقمي( أمريكا، فرنسا، إنجلترا، الإمارات، قطر، السعودية، ماليزيا) يستخدمون المهارات الرقمية بشكل يومي ومستمر في كل مجالات الدراسة والبحث، مما يعكس قدرة عالية على التفاعل الرقمي، الابتكار، والاستفادة العملية من التكنولوجيا الحديثة.
بالمقابل، الطلاب من الدول العربية الأقل تجهيزا رقميا (مصر، الأردن، الجزائر، تونس، العراق) يستخدمون المهارات الرقمية لأغراض محدودة أو للمهام الأساسية، مما يشير إلى حاجة واضحة لتدريب عملي وتطوير مستمر لتعزيز الكفاءة الرقمية لديهم.
- استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي
أفاد الطلاب في الدول المتقدمة والقطرية بأن الذكاء الاصطناعي جزء أساسي من مشاريع البحث والتحليل واتخاذ القرارات الأكاديمية. في المقابل، الطلاب في مصر، الأردن، الجزائر، تونس، والعراق استخدموا هذه الأدوات بشكل محدود جدا أو لا يستخدمونها عمليا، مما يبرز فجوة في القدرة على الابتكار الرقمي ويؤكد على ضرورة دمج الذكاء الاصطناعي مع التعليم العملي والقيم الأخلاقية لتعزيز المسؤولية.
- التوجيه الجامعي للاستخدام المسؤول للتكنولوجيا
أظهرت المقابلات أن التوجيه الجامعي المتكامل موجود في فرنسا، إنجلترا، أمريكا، قطر، والإمارات، عبر برامج وورش عملية حول الأخلاقيات الرقمية والمسؤولية المجتمعية. بينما الطلاب في مصر، الأردن، الجزائر، تونس، والعراق أشاروا إلى ضعف التوجيه أو اقتصاره على المحاضرات النظرية، مما يترك فجوة واضحة بين امتلاك المهارات الرقمية وبين استخدامها بطريقة مسؤولة. هذا يعكس صحة الفرضية الثانية التي تربط بين التوجيه الجامعي الواضح واستخدام التكنولوجيا بمسؤولية.
- دور القيم الأخلاقية والاجتماعية
الطلاب في الدول المتقدمة والقطرية يرون أن القيم الأخلاقية والاجتماعية أساس لاستخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول، ويتم تعزيزها بشكل عملي داخل الجامعات. بينما الطلاب في الدول العربية الأخرى يدركون أهمية القيم، لكن التطبيق ضعيف أو غير مدمج بشكل فعّال، مما يظهر فجوة بين المعرفة التقنية والوعي الأخلاقي، ويؤكد الحاجة إلى دمج القيم ضمن المناهج الجامعية والتدريب العملي.
- تأثير دمج المهارات الرقمية بالقيم على الوعي والمسؤولية
اتفق جميع الطلاب على أن دمج المهارات الرقمية مع القيم الأخلاقية والاجتماعية يعزز وعيهم ومسؤوليتهم، ويطور قدرتهم على الابتكار واتخاذ القرارات الأخلاقية. الطلاب في الدول المتقدمة والقطرية أكدوا أن هذا الدمج يخلق وعيا متوازنا ومسؤولا، بينما الطلاب في مصر، الأردن، الجزائر، تونس، والعراق اعتبروا أن الدمج سيساعدهم على الوعي والمسؤولية بشكل ملموس. هذا التأكيد الشامل يدعم صحة جميع الفرضيات البحثية:
الفرضية 1 هناك علاقة إيجابية بين اكتساب المهارات الرقمية المتقدمة وفهم الطلاب للذكاء الاصطناعي، مما يعزز قدرتهم على التفاعل النقدي مع التكنولوجيا
التحليل: الطلاب في فرنسا، إنجلترا، وقطر يظهرون وعيا عاليا نتيجة دمج القيم مع التكنولوجيا، بينما الطلاب في الجزائر، تونس، والعراق يمتلكون المهارات الرقمية لكن الوعي بالقيم ضعيف، ما يؤكد أهمية الدمج لتعزيز المسؤولية.
الفرضية 2: تمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية لدى الشباب الجامعي يساهم في توجيه استخدام الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية بشكل مسؤول، ويعزز السلوكيات الإيجابية.
التحليل: وجود برامج توجيه واضحة في فرنسا، إنجلترا، وقطر يرتبط بوعي ومسؤولية أكبر. في المقابل، نقص التوجيه في الجزائر، تونس، والعراق يعكس فجوة في الاستخدام المسؤول، مؤكدًا صحة الفرضية.
الفرضية 3: الدمج المتكامل بين المهارات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية يؤدي إلى تشكيل وعي شبابي جامعي متوازن، قادر على الابتكار والمساهمة الفاعلة في المجتمع.
التحليل: الطلاب في الدول ذات التوجيه الجيد (فرنسا، إنجلترا، قطر) يربطون بين المهارات الرقمية والقيم والابتكار. الطلاب في الجزائر، تونس، والعراق يحتاجون لدعم أكبر لتحقيق نفس المستوى من الابتكار والمسؤولية.
الاستنتاج العام
يتضح من التحليل أن الفجوة الأساسية بين الدول العربية والدول المتقدمة ليست في امتلاك المهارات الرقمية أو الوصول للتكنولوجيا فحسب، بل في دمج هذه المهارات بالقيم الأخلاقية والاجتماعية والتوجيه الجامعي الفعال. كما أن الاستثمار في البرامج العملية، ورش الأخلاقيات الرقمية، وتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة، يمثل المفتاح لتشكيل جيل جامعي واعٍ قادر على الابتكار والمساهمة الفعالة في المجتمع.
خلاصة
توضح نتائج المقابلات الافتراضية مع طلاب الجامعات من الدول العربية والأجنبية أن هناك تفاوتا واضحا في استخدام المهارات الرقمية، أدوات الذكاء الاصطناعي، والتوجيه الجامعي نحو الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، مما يعكس أهمية دمج المعرفة التقنية بالقيم الأخلاقية والاجتماعية في التعليم الجامعي.
أولاً، تبين أن الطلاب في الدول المتقدمة والقطرية يمتلكون استخدامًا متقدمًا للمهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي، ويطبقونها بانتظام في البحث والتحليل وإعداد المشاريع. هذا الاستخدام يعكس قدرة عالية على التفكير النقدي، الابتكار، واتخاذ القرارات المسؤولة، بينما الطلاب في الدول العربية الأخرى (مصر، الأردن، الجزائر، تونس، العراق) يعتمدون على المهارات الرقمية لأغراض محدودة وبشكل أساسي، مع استخدام محدود للذكاء الاصطناعي، مما يبرز فجوة في الكفاءة الرقمية والابتكار.
ثانيًا، يظهر جليا أن التوجيه الجامعي الفعال يمثل عاملا حاسما في تعزيز الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا. حيث أن وجود برامج وورش عملية حول الأخلاقيات الرقمية في الدول المتقدمة والقطرية يعزز قدرة الطلاب على دمج التكنولوجيا بالقيم الأخلاقية والاجتماعية، في حين أن ضعف التوجيه في بعض الدول العربية يحد من وعي الطلاب ومسؤوليتهم في هذا المجال.
ثالثًا، أكدت النتائج أن القيم الأخلاقية والاجتماعية ليست مجرد إطار نظري، بل هي عنصر أساسي لتوجيه الطلاب نحو الاستخدام المسؤول للمهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي. الطلاب الذين يدمجون القيم مع المعرفة التقنية أظهروا وعيا متوازنا ومسؤولية أكبر، وقدرة أعلى على الابتكار والمساهمة الفعّالة في المجتمع، بينما غياب هذا الدمج أدى إلى انخفاض مستوى الوعي والمسؤولية.
أخيرا، يمكن الاستنتاج أن دمج المهارات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، والتوجيه بالقيم الأخلاقية والاجتماعية يشكل الركيزة الأساسية لتشكيل وعي شبابي جامعي مسؤول قادر على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين. كما أن هذا الدمج يبرز الفجوة بين الدول المتقدمة والدول العربية في قدرة الشباب على الابتكار المسؤول، ويوضح أن الاستثمار في التوجيه الجامعي، برامج الأخلاقيات الرقمية، وورش العمل العملية يمثل المفتاح لتطوير جيل جامعي واعٍ، مبدع، ومسؤول.
إن هذه الدراسة تؤكد صحة جميع الفرضيات البحثية، وتقدم نموذجا متكاملا يمكن للجامعات اعتماده لتعزيز التفاعل الذكي مع التكنولوجيا مع الحفاظ على القيم الإنسانية، وتحويل الشباب الجامعي من مستخدمين للتكنولوجيا إلى فاعلين مسؤولين ومبتكرين قادرين على قيادة المستقبل.
النتائج
تعزيز الوعي الرقمي المسؤول لدى الشباب الجامعي:
يؤدي دمج المهارات الرقمية المتقدمة والذكاء الاصطناعي مع القيم الأخلاقية والاجتماعية إلى ارتفاع مستوى الوعي الرقمي المسؤول لدى الطلاب، بحيث يصبحون قادرين على التفاعل مع التكنولوجيا بطريقة متوازنة، تحمي خصوصيتهم وحقوق الآخرين، وتعزز من أخلاقيات استخدام البيانات والمعلومات.
سد الفجوة بين الدول العربية والدول المتقدمة:
تكشف الدراسة أن الفجوة الرئيسية ليست في مستوى المهارات التقنية فحسب، بل في الوعي بالقيم الأخلاقية أثناء استخدام التكنولوجيا. هذا يشير إلى أن الجامعات العربية تحتاج إلى استراتيجيات تعليمية متكاملة تعزز الفكر النقدي والأخلاقي، وليس فقط المعرفة التقنية.
تعزيز الابتكار الأكاديمي والاجتماعي:
من خلال الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية الموجهة بالقيم، من المتوقع أن يظهر لدى الطلاب قدرة أكبر على الابتكار وحل المشكلات المعقدة، إضافة إلى المشاركة الفاعلة في المجتمع الرقمي والواقعي، بما يعزز دور الجامعات في إعداد جيل قادر على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.
تطوير سياسات تعليمية شاملة:
نتيجة التركيز على القيم والأخلاقيات الرقمية، ستتضح الحاجة إلى برامج وسياسات تعليمية جديدة داخل الجامعات، تدمج التكنولوجيا مع التربية الأخلاقية والاجتماعية، بما يضمن إنتاج جيل متوازن فكريا وأخلاقيا.
التوصيات
- دمج القيم الأخلاقية والاجتماعية في المناهج الرقمية:
ينبغي على الجامعات العربية أن تدمج برامج تدريبية تجمع بين المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي من جهة، والقيم الأخلاقية من جهة أخرى، بما يشمل مواضيع حماية البيانات، المسؤولية الرقمية، والشفافية في التعامل مع المعلومات.
- إعداد برامج تدريبية متخصصة للطلاب وأعضاء هيئة التدريس:
تطوير ورش عمل ودورات قصيرة تستهدف تعزيز التفكير النقدي، والتوجيه الأخلاقي في استخدام التكنولوجيا، بحيث يكون كل من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس قادرين على التفاعل مع الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وواعي.
- تعزيز الشراكات مع الجامعات والمؤسسات المتقدمة:
يمكن الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة، مثل دمج الأخلاقيات الرقمية في التعليم الجامعي، عبر شراكات تبادلية، برامج تبادل طلابي وأكاديمي، ومشاريع مشتركة، لتعزيز المعرفة العملية ونقل الخبرات.
- تطوير منصات تعليمية ذكية:
تصميم منصات تعليمية رقمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقييم مستوى الطلاب في المهارات الرقمية، والوعي بالقيم الأخلاقية، مع تقديم محتوى تفاعلي يساعد على تعزيز المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية أثناء التعلم.
- تفعيل سياسات تحفيزية:
إدراج حوافز للطلاب الجامعيين الذين يظهرون قدرة متميزة في استخدام التكنولوجيا بمسؤولية، مثل منح شهادات أو فرص تدريبية مهنية، مما يعزز التزام الشباب بالقيم ويحفزهم على الابتكار الإيجابي.
الخاتمة
لقد سلطت هذه الدراسة الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه المهارات الرقمية، والذكاء الاصطناعي، وتمكين القيم الأخلاقية والاجتماعية في تشكيل وعي شبابي جامعي مسؤول. أظهرت المقارنة بين الدول العربية والدول المتقدمة أن الفجوة الأساسية ليست في توافر التكنولوجيا فحسب، بل في القدرة على دمج الأخلاقيات والقيم الاجتماعية مع استخدام المهارات الرقمية، وهو ما يعد مفتاحًا لإعداد جيل جامعي واعٍ قادر على الابتكار والمساهمة الفاعلة في مجتمعه.
تشير النتائج إلى أن دمج القيم الأخلاقية مع التعليم الرقمي والذكاء الاصطناعي يعزز الوعي الرقمي المسؤول، والابتكار الأكاديمي والاجتماعي، والقدرة على اتخاذ قرارات صائبة في مواجهة تحديات العصر الرقمي. كما تؤكد التوصيات العملية على ضرورة تطوير المناهج التعليمية، وإعداد برامج تدريبية متخصصة، وتفعيل الشراكات مع الجامعات المتقدمة، وتصميم منصات تعليمية ذكية، كل ذلك ضمن إطار يعزز القيم والمسؤولية.
ختاما، تمثل هذه الدراسة دعوة واضحة للجامعات العربية إلى إعادة صياغة التعليم الرقمي بطريقة متوازنة، تجمع بين التقنية والفكر الأخلاقي، لضمان إعداد شباب جامعي قادر على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين بثقة، وإبداع، ومسؤولية. إن الاستثمار في الشباب الجامعي بهذه الطريقة لا يقتصر على تطوير مهارات تقنية، بل يمتد ليشمل بناء مجتمع واعٍ ومتقدم، قادر على توجيه الثورة الرقمية نحو منفعة الإنسان والمجتمع.
المراجع
- Dabis, A., & Csáki, C. (2024). AI and ethics: Investigating the first policy responses of higher education institutions to the challenge of generative AI. Palgrave Communications, 11(1), 35.
- https://doi.org/10.1007/978-3-031-23035-6
Georgieva, M., & Stuart, J. (2025). Ethics is the edge: The future of AI in higher education. EDUCAUSE Review. - https://doi.org/10.1007/s10639-024-13099-8(eric.ed.gov)
Zhang, Y., & Wang, L. (2025). The impact of digital literacy on university students’ innovation capability: Evidence from Ningbo, China. Frontiers in Psychology, 16, 1548817. https://doi.org/10.3389/fpsyg.2025.1548817 (Frontiers) - https://doi.org/10.1057/s41599-024-03526-z
- https://doi.org/10.3390/educsci14121293
Corrigan, C. C., Atuah Asakipaam, S., & Lütge, C. (Eds.). (2023). Ethique de l’IA dans l’enseignement supérieur : perspectives d’Afrique et d’ailleurs. - https://er.educause.edu/articles/2025/6/ethics-is-the-edge-the-future-of-ai-in-higher-education Mumtaz, S., Carmichael, J., Weiss, M., & Nimon-Peters, A. (2024). Ethical use of artificial intelligence-based tools in higher education: Are future business leaders ready? Education and Information Technologies, 30(6), 7293–7319.
- Loureiro, A. C., Santos, A. I., & Meirinhos, M. (2024). Digital competence for pedagogical integration: A study with elementary school teachers in the Azores. Education Sciences, 14(12), 1293.



