السعودية وعلي مملوك
بقلم : غازي الحارثي – كاتب سعودي
بعد خمس سنوات من اندلاعها ، تحولت الثورة الشعبية التي قامت في سوريا ضد نظام بشار الأسد من مجرد أزمة سياسية ضمن مايسمى بالربيع العربي على صعيد التغيير والإصلاح إلى كارثة إنسانية وأزمة سياسية وأمنية معقدة جداً .. لذلك فأي قراءة خاطئة للواقع السياسي للازمة قد يسيء لأركان اللعبة السياسية ويزيد تعقيد الأزمة التي أصبحت كل الأطراف تبحث عن مخرج نهائي لها ، بدايةً من النظام نفسه ومروراً بقوى المعارضة وانتهاءً بالأطراف الاقليمية والخارجية المحورية بالأزمة .. السعودية بوضوح التزمت بمبدأ ثابت في موقفها السياسي وهو رحيل الأسد لأن بقائه حسب رأي السعوديون في 2011 سيحول سوريا لساحة صراع كبيرة ودعت الولايات المتحدة لشن عملية عسكرية ضده لكن إدارة اوباما ترددت آنذاك لتتحول سوريا فيما بعد لساحة صراع كما تنبأ السعوديون ، وزاد التزام السعودية بمبدأ رحيل الأسد مع تطور الأحداث من استخدام الأسد للغار الكيماوي المحرم دولياً ضد المدنيين ومروراً بمراحل المفاوضات السياسية ” جنيف1 – جنيف2 ” . وعموماً فالموقف السعودي لايحتاج لشرح لكن زيارة رئيس جهاز الأمن القومي السوري علي مملوك بحسب مصادر صحفية جعلت هناك شكوك وأحياناً ماهو أبعد من الشكوك ويصل لدرجة التخوين بحق السعودية ودعمها ثورة الشعب السوري ، ومع أن الزيارة حملت تأكيداً بحسب مصادر على موقف السعودية بضرورة انسحاب الميليشيات الشيعية وحزب الله وتنحي الأسد إلا ان هذه الشكوك يجب أن تفند .. وباعتبار الموقف السعودي ثابت من حيث مبدأ رحيل بشار الأسد فهذا يعني أنه لايمكن أن يتغير بتغير الخيارات السياسية وهو مايجعل التفاهمات الدولية الجارية بعد الاتفاق النووي والحرب ضد المتمردين في اليمن عاجزة عن ثني الموقف السعوي أو المراهنة على إرهاقة سياسياً وعسكرياً مع كل هذه التطورات المتلاحقة .
لكن مع ذلك فالسعودية تعي أنها مطالبة بأن تكون مرنة مع الخيارات السياسية التي تطرح لأن من غير الممكن أن تنفردقوة دون باقي القوى بالتحكم في مستقبل أزمة إقليمية معقدة من كل النواحي ، وبناءً على هذا فموقف السعودية المتجدد بفعل التطورات الاقليمية يتناغم مع مواقف قوى دولية كبيرة تؤمن بأن الحل يمر عبر العمل ببنود “جنيف 1” بحيث يتنحى الأسد عن السلطة وتشكل هيئة حكم انتقالية وتعقد انتخابات رئاسية مبكرة تعبر مباشرةً بالبلاد ومؤسساتها إلى مرحلة الدولة الجديدة . أو كما قال السعوديون على لسان وزير خارجيتهم عادل الجبير ومن موسكو أن الأسد يجب أن تنحى إما بحل سياسي ، أو يسقط بعملية عسكرية ، وهو تهديد يحمل في طياته التزام السعودية بمبادئها الثابتة مع كل التشكيكات وكذلك مطالبة شرعية بتنفيذ مخرجات جنيف1 ذو الرعاية الدولية أو عبر عملية عسكرية تدعمها السعودية بشكل أو بآخر تحت وقع القوة السعودية التي ظهرت سياسياً وعسكرياً في اليمن .