الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

القوات الإماراتية تستعد لحرب طويلة في اليمن لبناء دولة موالية للرئيس “هادي”

الصراعات داخل معسكر هادي وبراعة الحوثيين القتالية وتزايد تهديد الإسلاميين المتشددين تضع القوات المسلحة الإماراتية التي شاركت في عمليات دولية من كوسوفو إلى أفغانستان أمام أكبر تحد تواجهه حتى الآن.

يستعد جنود من قوة الإمارات العربية المتحدة التي تشارك ضمن تحالف خليجي عربي يحارب جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن لحرب برية طويلة وصعبة في قاعدتهم بمدينة عدن في جنوب البلاد.

وبينما يخوض آلاف من جنود التحالف معارك يومية مع الحوثيين على الخطوط الأمامية فإن زملاءهم في عدن يدربون القوات اليمنية ويحاولون إعادة بناء دولة فعالة موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي.

وشكلت السعودية التحالف في مارس آذار لتنفيذ ضربات جوية ضد الحوثيين الذين أجبر تقدمهم في أجزاء مختلفة من البلاد هادي على الانتقال الى الرياض وأثار مخاوف إزاء النفوذ الإيراني في شبه الجزيرة العربية.

ومنذ ذلك الحين زاد التحالف أعداد القوات البرية التي ينشرها واضطلعت الإمارات التي تساهم بالفرقة الأكبر والأكثر خبرة من القوات البرية بدور بارز.

وقال العميد بالجيش الإماراتي ناصر مشبب العتيبي الذي يقود القوة البرية المشتركة إن نحو أربعة آلاف جندي من الإمارات والسعودية والبحرين والسودان موجودون حاليا في اليمن في أول تدخل بقيادة خليجية عربية. وأحجم عن ذكر عدد الجنود الذين تساهم بهم الإمارات.

والى جانب القتال على الخطوط الأمامية يدرب جنود التحالف نحو سبعة آلاف جندي يمني ويعتزمون البدء في بناء قوة شرطة في عدن لتحل محل الفصائل المحلية المسلحة التي تحرس نقاط التفتيش حاليا.

وقال العتيبي في مقابلة بمقر قيادة القوات الإماراتية في عدن “لديهم جيشهم ويحاولون بناء شرطة ولديهم حكومة في عدن.. إنها دولة حاليا.”

لكن التقدم على الأرض بطيء منذ سيطر التحالف على عدن في يوليو تموز. ومازال الحوثيون وحلفاؤهم يسيطرون على معظم المناطق المأهولة بما في ذلك العاصمة صنعاء وتخوض قوات التحالف معركة في مدينة تعز المهمة التي تقع على بعد 180 كيلومترا شمال غربي عدن.

وقال مقاتل من جماعة الحوثي “إنهم قناصة جيدون للغاية. يستخدمون البنادق منذ كانوا بهذا الحجم” واضعا يده على ارتفاع خصره.

وقال العتيبي إن الأمر سيحتاج إلى شهر أو شهرين آخرين حتى تسيطر قوات التحالف على تعز. ومع تعثر عملية السلام التي تدعمها الأمم المتحدة فمن المؤكد أن المستقبل سيحمل المزيد من المعارك.

وفي غياب نصر عسكري سريع ضخت الإمارات أموالا لإعادة الإعمار وتوفير مساعدات انسانية لعدن على أمل بناء اقتصاد مستدام لتكون مثالا على الحكم الرشيد وهو ما سيؤدي لأن يصبح الرأي العام ضد الحوثيين.

وقال فريق من جمعية الهلال الأحمر الإماراتي إن الجمعية أنفقت نحو 100 مليون دولار على محطات الكهرباء وحدها ووزعت أغذية على 163 الف أسرة.

وقال العتيبي “اذا مشيت في الشارع سترى الكهرباء في كل مكان وإمدادات المياه. الأسعار في انخفاض.” وأضاف أن سعر الطحين (الدقيق) في عدن وهو الغذاء الرئيسي أقل من سدس ما هو عليه في صنعاء.

وعاد هادي من السعودية الشهر الماضي متعهدا باستعادة تعز وجعل عدن العاصمة بحكم الأمر الواقع للمرة الأولى منذ عام 1990 حين اتحدت جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية أو اليمن الجنوبي مع الشمال.

وتجددت المشاعر الانفصالية التي أخمدت بعد انتفاضة فاشلة عام 1994. وعلم جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية مرفوع الى جانب علمي الإمارات والسعودية على نقاط التفتيش التي تحرسها الفصائل المسلحة في أنحاء المدينة. ولم يظهر العلم اليمني في أي مكان.

وتشير عودة النزعة الانفصالية للظهور الى أنه ليس كل من في عدن يشاطرون هادي هدف إعادة توحيد اليمن. وقد لا يكون لدى المقاتلين المحليين الذين ساعدوا في إخراج الحوثيين من عدن استعداد لمطاردتهم حتى صنعاء.

بل إن في داخل حكومة هادي هناك مؤشرات على تزايد حدة الخلاف بين الرئيس الذي يسعى الى نصر شامل لتعزيز شرعيته ونائب الرئيس خالد بحاح الذي يعتبر دبلوماسيون أنه اكثر استجابة لمحادثات السلام. ورفض بحاح يوم الثلاثاء تعديلا وزاريا أجراه هادي مما يشير إلى تعمق الخلاف بين الزعيمين.

وفي إحدى المراحل سيكون على التحالف أن يوجه اهتمامه إلى الشرق منخفض الكثافة السكانية حيث يسيطر تنظيما الدولة الإسلامية والقاعدة على أراض وهو ما يهدد عدن. وقال سكان إن تنظيم القاعدة سيطر على بلدتين على بعد نحو 50 كيلومترا من عدن يوم الأربعاء.

قال جنود إماراتيون وهم في طريق العودة إلى بلادهم إنهم سيعودون إلى اليمن بعد إجازة قصيرة. وأصبحت القاعدة الموجودة في عدن بخيامها المكيفة وأجهزة التلفزيون التي يشاهدون من خلالها القنوات الفضائية بيتا ثانيا للكثير منهم.

وعلى الجبهة الداخلية في الإمارات تحمل السيارات ملصقات داعمة للقوات وتعرض دور السينما لقطات تشيد بتضحيات الجنود القتلى وتحمل رسالة مفادها أن تضحياتهم تحمي الوطن. وتزخر الصحف بتقارير من الجبهة.

وأقيمت مراسم يوم الاثنين بمناسبة “يوم الشهيد” وهو عطلة رسمية جديدة تم إعلانها بعد مقتل 45 جنديا إماراتيا في واقعة واحدة.

وقال العتيبي “لدينا مهمة ونعتقد أنها المهمة المناسبة… نعلم أننا اذا لم نخض هذه المعركة في هذا الوقت فإننا سنخوضها خلال خمس أو عشر سنوات وستكون أصعب من الآن.”

غير أنه لا توجد علامات على السأم من الحرب بين الجنود الإماراتيين الذين يعتبرون الحملة في اليمن حربا لم يكن من الممكن تجنبها على الرغم من بعدها. ويجري القتال على مسافة أكثر من ألف كيلومتر من حدود الإمارات.

 

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى