الشرق الأوسطعاجل

تحليل : مواقف “كوريا الشمالية “من التجربة النووية والبعد الإيراني

– المركز الديمقراطي العربي

أعلن إيغور مورغولوف نائب وزير الخارجية الروسي، وسون كيم المبعوث الأمريكي الخاص بسياسة كوريا الشمالية، أعلنا أن سلوك بيونغ يانغ هو انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن الدولي المعنية.

وحسب بيان الخارجية الروسية جرى الحديث هاتفيا بين المسؤولين الروسي والأمريكي يوم الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني، بمبادرة من الجانب الأمريكي، حيث تم تبادل الآراء حول آفاق تسوية الملف النووي لشبه الجزيرة الكورية على ضوء إعلان بيونغ يانغ عن قيامها مؤخرا بتجربة ناجحة لقنبلة هيدروجينية.

وعبر الطرفان عن القلق الذي يثيره سلوك بيونغ يانغ، فيما أكد الجانب الروسي عدم وجود بديل للحل السياسي الدبلوماسي لقضايا شبه الجزيرة الكورية في إطار المفاوضات السداسية، كما أكد على ضرورة تجنب الخطوات التي يمكن أن تؤدي إلى تأجيج النزاع في المنطقة.

ونشر معهد واشنطن للباجث سايمون هندرسون هو زميل بيكر  ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد، ومتخصص في شؤون الطاقة والدول العربية المحافظة في الخليج الفارسي, تحليلا عن “مواقف بيونغ يانغ: البعد الإيراني “

بحسب هندرسون ,ان تحليل الأدلة المتعلقة بالتجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية في 6 كانون الثاني/يناير لا يزال مستمراً، ولكن هناك شك في الوقت الحالي حول ما إذا كانت هذه التجربة هي قنبلة هيدروجينية قوية، كما ادعت بيونغ يانغ أم لا. وبالأحرى، ربما كانت قنبلة نووية انشطارية من نوع مماثل للتصميم الذي اختبرته تلك البلاد بالفعل ثلاث مرات حتى الآن، على الرغم من أنها ربما كانت نسخة أكثر تطوراً تُعرف باسم سلاح مُعزز.

وعلى كل حال، تتعلق العواقب الفورية للحادث بشرق آسيا، حيث أن كوريا الجنوبية، واليابان، وحتى الصين – الحليفة الوثيقة لكوريا الشمالية – قلقة بالفعل بشأن أسلوب القيادة الفظ الذي يتبعه كيم جونغ أون. ولكن هناك عدة سياقات مزعجة في الشرق الأوسط أيضاً، التي يجب أن تثير الاهتمام الدولي.

حيث يُعتقد أن التجارب النووية الأولى التي أجرتها كوريا الشمالية في عامي 2006 و 2009 قد استخدمت البلوتونيوم المستخرج من الوقود المستهلك. وربما كانت تجربتها في عام 2013 قد استخدمت يورانيوم عالي التخصيب الذي تم الحصول عليه من محطة التخصيب بالطرد المركزي، التي تم الكشف عن وجودها إلى جماعة زائرة أصيبت بدهشة كانت تضم مسؤولين أمريكيين سابقين وأكاديميين في عام 2010.

وقد حصلت بيونغ يانغ على تكنولوجيا الطرد المركزي من باكستان، بما في ذلك آلات P2 الفعالة نسبياً، والتي تُظهر تحسناً كبيراً مقارنة بآلات P1 التي تهيمن على المخزون الإيراني، وتم الحصول عليها في الأصل من باكستان. وتعمل إيران على تطوير آلات IR-2M الخاصة بها، والتي تشابه آلات P2. ويجدر بالذكر أنه يُسمح بالقيام بمثل هذه الأعمال في إطار الاتفاق النووي الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في العام الماضي.

ويقول هناك تداخل في تكنولوجيا الصواريخ أيضاً. فكل من باكستان وإيران تقوم بتصنيع وتشغيل نسخ من صاروخ “نودونغ” الكوري الشمالي الذي يبلغ مداه نحو 1000 ميل وقادر على حمل رأس نووي. وفي باكستان يُعرف الصاروخ بالإسم “غوري” ويشكل جزءاً من القوة النووية الأستراتيجية في البلاد. وتُطلِق إيران على نسختها من الصاروخ اسم “شهاب 3″، وقد طوّرت بديلاً أكثر تقدماً يدعى “عماد”.

وفي 5 كانون الثاني/يناير، عرض التلفزيون الإيراني الرسمي صواريخ قال أنها من نوع “عماد” محمولة على مركبات قاذفة في مجمع النفق الذي يجري تفتيشه من قبل رئيس البرلمان علي لاريجاني. وكانت الصور مماثلة لتلك التي ظهرت في تشرين الأول/أكتوبر، والتي يُزعم أنها من مجمع نفق مختلف.

وعلى الرغم من الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة والقيود الدولية القائمة منذ فترة طويلة على أنشطة إيران في مجال الصواريخ الباليستية، تواصل طهران تطوير صواريخ من أنواع مختلفة. إن الاختبار الأخير لصاروخ من نوع “عماد”، هو الذي انتهك قرار مجلس الأمن الدولي وكان من المفترض ان يؤدي الى فرض عقوبات أمريكية جديدة على إيران في الأسبوع الماضي، إلى أن تم فجأة اتخاذ قرار معاكس في واشنطن.

وتشعر الولايات المتحدة بالقلق أيضاً إزاء مبيعات معدات الصواريخ الكورية الشمالية إلى إيران، فضلاً عن وجود الفنيين الإيرانيين في كوريا الشمالية، الذين يعملون على مُعزز صاروخ.

وهذه التطورات، جنباً إلى جنب مع أحدث تصعيد للعنف في علاقات طهران مع المملكة العربية السعودية (انظر “الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وإيران تهدد السياسة الأمريكية في المنطقة”)، تضيف بعداً خطيراً للتوترات المستمرة في الخليج. وفي حين يمكن للخبراء التقنيين أن يستغرقوا في التفكير عن العيوب في تكنولوجيا الأسلحة النووية التي بحوزة كوريا الشمالية وتعقيدات إيجاد مزيج من صاروخ/رأس حربي من شأنه أن يعمل فعلياً على أرض الواقع، إلا أن التصوّر هو واقعه الخاص.

وإذا ما زالت هناك روابط لايران مع تكنولوجيا الصواريخ الكورية الشمالية، فقد تكون طهران قادرة على الوصول إلى مهارات في مجال السلاح النووي أيضاً. وعلى الرغم من أن ذلك مربكاً للدبلوماسيين الذين يسعون إلى تخفيف حدة التوتر في الشرق الأوسط، إلا أنه لا ينبغي أن تُعتبر العلاقة بين طهران وبيونغ يانغ قضية منفصلة.

أثار إعلان كوريا الشمالية إتمامها إجراء تجربة تفجير قنبلة هيدروجينية، وصفتها بـ “الناجحة”، تساؤلات لدى خبراء، حول إمكانية امتلاك دولة معزولة، التمويل الكافي والتكنولوجيا، لصنع مثل هذا الجهاز.

ورجح خبراء “عدم إمكانية ذلك”، نظرًا لضعف البلاد الاقتصادي، كونها تخضع لعقوبات أمريكية وأخرى أممية، باعتبار برنامج “بيونغ يانغ” النووي لم يحرزتقدمًا تقينًا كافيًا، إلى جانب افتقار البلاد للتمويل الكافي لتغطية البحوث والتكنولوجيا التي تمكنها من تصنيع أسلحة نووية.

وقال ريتشارد بيتزينغير، أستاذ في برنامج التحولات العسكرية في جامعة “نانيانغ للتكنولوجيا” في سنغافورة، للأناضول، “يراودنا الشك في إمكانية امتلاك كوريا الشمالية القدرة على تطويرقنبلة هدروجينية”.

وأضاف  “لا تزال البلاد تواجه مشاكل في إجراء تفاعل إنشطار نووي ابتدائي، باستخدام البلوتونيوم أو اليورانيوم عالي التخصيب، لتصنيع قنبلة هيدروجينية”.

ورأى خبراء، من بينهم بيتزينغير، أن “النتائج أظهرت أن كوريا الشمالية اختبرت جهازًا ليس قويًا بشكل كافٍ، ليكون قنبلة هيدروجينية”.

ومضى  بالقول إن “الدول ذات الكفاءة النووية، مثل باكستان، لا تمتلك حتى الآن مثل هذه القنبلة المنصهرة “حسب معلوماتنا”، وأن دولًا ذات طموحٍ نووي، مثل إيران، ليست قادرعلى تصنيع مثل هذا السلاح”.

ورأى بيتزينغير، أنه “ليس من المستحيل لكوريا الشمالية تطوير قنبلة هيدروجينية في نهاية المطاف، ولكن يتوجب عليها أولًا إتمام مرحلة تطوير أسلحة الانشطار، التي مازالت غير واضحة حتى الآن”.

وأضاف “هذا ما يجعل من كوريا الشمالية متأخرة إلى حد كبير في مجال التكنولوجيا”، مسلطًا الضوء على  “الدور الهام لتوفر التمويل اللازم بغية تحقيق الطموحات النووية”.

وسجلت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية هزةً أرضية بقوة (5.1 درجة على مقياس ريختر)، قرب من منطقة “بونغغي ري” التي جرت فيها تجربة القنبلة، وذلك بعد وقت قصير من صدور بيان حكومة “بيونغ يانغ”، في 6 يناير/كانون ثاني 2016، بشأن التجربة.

ويسود الاعتقاد عند الخبراء أن لاختبار قنبلة هيدروجينية حقيقية، تداعيات أكثر تأثيرًا.

وبحسب وكالة يونهاب للأنباء الكورية الجنوبية، في أعقاب الحادث، نقلًا عن مصدر عسكري قوله، “من الصعب اعتبار هذا الاختبار تابع لقنبلة هيدروجينية”.

وتكتسب القنبلة الهيدروجينية قدرتها من اندماج (اتحاد) النويات الذرية تحت حرارة شديدة، والتي تندمج في الأسلحة الحرارية النووية، وتتكون من نظائر الديوتيريوم والتريتيوم، كما كان الحال مع القنبلة النووية التي أسقطت على هيروشيما عام 1945.

وفي السياق ذاته، أكد سيكو فان دير مير، الخبير في الأسلحة الكيماوية بمعهد “كلينجداد في لاهاي”، للأناضول، أن “كوريا الشمالية لم يكن لها سجل نجاح مرموق في برنامج التسلح النووي”.

وأشار أن” المستوى التفجير كان ضعيفًا جدًا في التجارب النووية السابقة”، مبينًا أن “كوريا الشمالية لم تنجح بعد في تسليح صاروخ برأس حربي نووي، ولم تستطع تطوير تصميم رأس حربي نووي صغير بما يكفي ليتناسب مع الصواريخ الباليستية”.

وأكد  فان دير ميرإن، أن “الإنفاق العسكري السنوي في البلاد يبلغ نحو 8 مليارات دولار أمريكي، وذلك بحسب إحصاءات صادرة عن موقع “جلوبال فاير باور”، مبينًا أن “المشاكل الاقتصادية في البلاد تعود إلى التحاق ما يقرب من 5 % من سكانها في الخدمة العسكرية”.

وقال فان دير مير، إن ” تمويل جزء كبير من القوة العسكرية في كوريا الشمالية، يأتي من ما يسمى “مكتب 39″ (وكالة تابعة للدولة)، تعتمد  تعاملات في الإتجار غير المشروع، من بينها بيع المخدرات الاصطناعية، ومبيعات الأسلحة غير المشروعة، والمقامرة غير القانوني عبر الانترنت”.

من جانبه، وصف الخبير الاقتصادي نيكولاس إبيرستادت، باحث في معهد “أميركان إنتربرايز”، كوريا الشمالية بأنها “واحدة من أفقر البلدان في العالم”، وذلك حسب تقرير أعده في نوفمبر/تشرين ثاني 2015.

وذكر التقرير أن ” جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، التي تطمح لانتاج وإطلاق الصواريخ الباليستية واختبار الأجهزة النووية، تتميز بضعف نصيب الفرد من الناتج الإجمالي”.

وتحتل كوريا الشمالية المرتبة 115 من بين 180 دولة، من حيث الناتج المحلي الإجمالي، حيث تتوسط بين موزمبيق، وبابوا غينيا الجديدة، وذلك بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، في وقت سابق.

ولفت التقريرأن” 90% من صادرات البلاد تذهب إلى الصين، بموجب تحالف غير مريح بينهما”.

وأشار التقرير إلى”كارثة انهيار الميزان التجاري في البلاد، الذي شهد انخفاضًا قدره 695 مليون دولار أمريكي في عام 2014، وذلك بحسب مركز التجارة الدولية، حيث بلغت قيمة الصادرات 3.16 مليار دولار أمريكي، بانخفاض بمقدار 1.7 % مقارنةً مع العام السابق، في حين بلغت الواردات 4.45 مليار دولار أمريكي، بزيادة بمقدار 7.8 % بالمقارنة مع العام السابق”.

وبلغ متوسط ​​النمو السنوي، لناتج المحلي الإجمالي، في كوريا الشمالية، في الفترة ما بين عام 1990 وعام 2014، نسبة 0.5 %، وذلك بحسب بنك كوريا (البنك المركزي لكوريا الجنوبية).

وتوقع التقرير أن الوضع المالي في كوريا الشمالية لن يشهد نموًا على المدى القريب، وذلك في إطار العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة في عام 2013، على معظم الأنشطة التجارية في البلاد.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى