اهم تشريعات للمرأة الواجب اصدارها من البرلمان المصري
بقلم : الدكتور عادل عامر
إن السلطة التشريعية باعتبارها إحدى دعائم الديمقراطية تجسد إرادة الشعب وتحمل الآمال المعلقة على إقامة ديمقراطية تستجيب فعلا لتطلعات الشعب وتساهم في حل مشاكله الأكثر إلحاحا. ومن بين الحلول الضرورية لحسن تسيير شؤون المجتمع وحماية أسسه وقيمه تحتل إقامة دولة القانون مكانة الصدارة كهدف مركزي لا مناص من تحقيقه من أجل بلوغ ذلك . ويقع على عاتق البرلمان بوصفه هيئة تشريعية أساسية واجب إصدار النصوص المناسبة للاحتياجات والظروف والتطورات السريعة التي يشهدها المجتمع كما أنه كهيئة مكلفة برقابة عمل الحكومة ، يتعين عليه السهر على إشعار الحكومة بمسؤولياتها.
أنه يجب على البرلمان القادم تفعيل مواد الدستور الخاصة بالمساواة وتعزيز حقوق النساء، حيث أن الدستور نص على ضمانات غير مسبوقة للمساواة وعدم التمييز بين المواطنين، وكفل ضمانًا خاصًا للنساء بالتأكيد على حقهن فى المساواة فى جميع المجالات، وحقهن فى تمثيل مناسب فى المجالس النيابية، وكذلك حق تولى المناصب العامة والتعيين فى الهيئات القضائية وغيرها. وطالبت المنظمات باستكمال عملية الإصلاح القانونى الخاصة بمواد الجرائم الجنسية فى قانون العقوبات والخاصة بجرائم الاعتداء الجنسى والاغتصاب، وإصدار قانون لحماية النساء من العنف الأسري وإصدار قانون لإنشاء مفوضية مكافحة التمييز التى نص عليه الدستور مع ضمان تخصيص موارد كافية للمفوضية ومنحها سلطات لتلقى الشكاوى والتحقيق فيها، وضمان استقلاليتها.
أن الدستور الحالى جاء بحصانة دستورية غير مسبوقة لحقوق الطفل، تتمثل فى المادة 80 التى اقترحتها منظمات المجتمع المدنى المعنية بحقوق الطفل، وتمت صياغتها بعد 4 جلسات استماع بين الأطفال ولجنة إعداد الدستور، إلا أن تعديلات واقتراحات قانونية تتعمد النيل من هذه المكتسبات، من بينها التعديلات المقترحة على قانون الطفل المصرى رقم 126 لسنة 2008، واقتراحات تغليظ العقوبات على الأطفال لتصل للإعدام أو السجن المشدد فى بعض الجرائم، وتعديل السن القانونى للأطفال ليكون دون الـ18 عاما، على نحو يخالف كافة الأعراف الدولية.
يجب مراقبة التزام الأحكام القضائية بالتعامل مع الأطفال المتهمين فى القضايا السياسية، باعتبارهم محل استغلال وليس باعتبارهم مجرمين خارجين عن القانون، ودعم دور المجتمع المدنى فى الرقابة على إعمال القانون، من خلال تفعيل لجان حماية الطفل العامة والفرعية، ودعم استقلالية المجلس القومى لحقوق الطفل وعودة تبعيته لرئاسة مجلس الوزراء.
إن المرأة هي من يصنع المجتمع والحياة، فلذلك يجب أن تمكن من أداء دورها الاجتماعي والسياسي وبصورة صحيحة وبما يحقق الهدف الصحيح وهو إيجاد أسرة مترابطة مستقرة وإيجاد أبناء لهم بناء فكري وروحي ونفسي وبدني سليم ومجتمع آمن ودولة تسير باتجاه صحيح، فالمرأة إذا ما مكنت من أداء دورها الطبيعي ستساهم بقدر كبير في صناعة وصياغة الإنسان صياغة تجعله أهلاً لأداء الأمانة التي حملها
ودور الاستخلاف في الأرض، بل في صناعة وصياغة الحياة، ولا يجب أن تنهك وتشتت جهودها وتهمش وتستغفل وتستغل، فالمرأة في الوقت الحاضر تعيش وهي محرومة من أداء دورها الأساسي الفعال في المجتمع، فلابد من إعادة ترتيب شبكة العلاقات الاجتماعية السياسية الإسلامية ترتيباً صحيحاً يحفظ للمرأة خصوصيتها ويضع كل جنس في مكانه المناسب والصحيح،
ومثلما يجب أن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، كذلك يجب أن توضع المرأة المناسبة في المكان المناسب، وهكذا سيصلح المجتمع وستعدل الموازين المقلوبة وأولها ميزان العقل الذي اختل بسبب ذهاب الدين مروراً بالموازين الأخرى وانتهاءَّ بميزان القوة العالمي ليكون من صالح المسلمين والمستضعفين والإنسانية بشكل عام.
. قال تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً (النساء).. فساسة هذا الزمن إذا ما أرادوا الارتقاء بالمجتمع الإنساني وبعث الروح فيه لا مفر من تقديم الاعتذار الواضح والصريح للمرأة بعد الاعتراف بسوء تقديرهم وفهمهم لمكانتها ولقيمتها ولقدراتها وإمكاناتها وخواصها
وحاجاتها وضرورات حياتها الإنسانية ولدورها في الحياة، فيجب رفع الظلم عنها وإعلان التوبة النصوح (عملياً) من خلال تمكين المرأة من أداء دورها الطبيعي تجاه المجتمع دون حيل فكرية وسياسية ودون استغفال واستغلال، فوضع المرأة في مكانها المناسب والصحيح والاعتراف بدورها المهم والأساسي في صناعة المجتمع وصناعة الحياة هو أحد أهم مفاتيح الإصلاح، فضياع الأمم من ضياع المرأة وتهميشها، ولا إصلاح إلا بصلاح حال وأحوال المرأة “الفكرية والروحية والنفسية والمادية” ولا إصلاح إلا بتمكين المرأة من أداء دورها الطبيعي. قوانين تمنع الانتقاص من قدرات المرأة القيادية وحرمانها من الاضطلاع بمسئوليات قيادية في الإدارة والسياسة والاقتصاد.
وعدم التحيز في أمور التملك والإرث( باستحواذ الذكور من أفراد الأسرة على حقوق النساء) وكذا اختيار الشريك وإقرار شئون الأسرة والتصرف بعوائد العمل وان كان ذلك التحيز قد بدأ بالانحسار والتلاشي نظرا لتطور وعي المرأة والأسرة. وعدم الموقف السلبي من حماية المرأة من التعسف والعنف والجريمة بصفتها الأكثر تضررا من ذلك.
بخس قيمة المساهمة الاقتصادية للمرأة بعدم احتساب معظمها مثل عدم احتساب مردود عملها في المنزل أو في الزراعة والصناعات الخفيفة وغيرها من الأعمال الخاصة بالأسرة والتي لا يدفع نظيرها أي أجر للمرأة.
التشريعات والقوانين التي تتصل بعمل المرأة والحماية الاجتماعية لها مقدمة التشريعات الدستورية والقانونية بما فيها التشريعات والقوانين الخاصة بالعمل (الخاص والعام) عبر مراحل عدة اتجاهها العام كان نحو الأفضل ولكن بتفاوت في وتائر ومستوى اقترابها من حقوق المرأة، بالنسبة للمرأة فبعضها جاءت أقل مما كانت عليها قبل الوحدة كقانون ألأسرة وأخرى حافظت على المستويات السابقة كتشريعات العمل.أن من أهم القوانين الواجب تعديلها قانون المجلس القومى لحقوق الإنسان نفسه،
لان الدستور أعطى صلاحيات محددة للمجلس يجب أن يتم إدخالها على القانون مثل التضامن مع الضحايا كمدعين بالحق المدنى وتمثيل الضحايا أمام القضاء بالإضافة إلى طريقة اختيار وتعيين أعضاء المجلس لو كان يتم من قبل من مجلس الشورى وفى الدستور يكون من مجلس النواب.
و مشروع قانون لمنع التمييز وإنشاء مفوضية مستقلة لتكافؤ الفرص ومنع التمييز كما نص الدستور المصري ومشروع قانون آخر لمنع ومناهضة التعذيب بالإضافة إلى إدخال تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية لتخفيض مدة الحبس الاحتياطى
وتعديل قوانين التظاهر والخدمة المدنية وقانون الجمعيات الأهلية. لقد أصبحنا مخدرين ومسلوبي الإرادة ليس لنا إلا السير على خطى الآخرين في النظرة إلى الحياة والبقاء في أفقهم وجحورهم الضيقة، { قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟}.
. ألا يجب أن ننتبه إلى أنفسنا ونتأمل ونتفكر في حالنا وأحوالنا ونتدارس أمرنا ونراجع أفكارنا ومفاهيمنا وتصوراتنا ورؤيتنا للحياة؟.. هل هي رؤية عميقة وصحيحة؟ أم هي رؤية سطحية أثرت بها أعمال المكر والدجل والحيل الشيطانية، إضافةَّ إلى الإلف والعادة وبسبب تسلط “العلمانيين” وقوى التخلف والانحطاط على الأمة بعد تحييد العلماء الربانيين؟..
الأسرة هي الركن الأساسي والخلية التي تبنى من خلالها المجتمعات برمتها وحيث أن الدولة تكفلت بحمايتها بنص الدستور وفقاً لقوانين صدرت بما يتلاءم معها. وبما أن قانون الأحوال الشخصية هو القانون المعني بالإنسان بشكل خاص لأنه يتصل بشخص المرء وبكيان ألأسرة أما القوانين الأخرى كالقانون المدني التجاري العقوبات…. الخ فهي قوانين عامة . وبما أن مصدر هذا القانون هو الشريعة الإسلامية التي تبقى منبعاً لا ينضب ويصلح لكل زمان ومكان. لذلك فإنه عند وضع أي قانون أو تشريع وصدور اجتهاد معين في مسألة ما في أي عصر،نجده يتناسب وروح العصر الذي ولد فيه ووضع من أجله آخذاً بعين الاعتبار الحالات الموجودة على أرض الواقع والتي يبحث لها عن حل ليأتي النص حكماً لها حين الخلافات بين الناس، ويصبح مرجعاً قانونياً يستند إليه عند الحكم في مثل هذه الحالات . لكن ومع تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتعدد وتشعب مجالاتها العلمية بالإضافة إلى ازدياد الاختلاط بين الناس، نجد أن ما وضع في زمن سابق، يصبح قاصراً بل وأحياناً عاجزاً عن مجاراة حالات جديدة لم يتطرق إليها النص الذي وجد فيه هذا القانون وأصبح مرجعاً للجميع. ومن هنا نشأ الخلاف وتوسع بين المقاضين من جهة ,وبين المتقاضين للحاكم من جهة ثانية، وهنا برزت الحاجة الملحة للاجتهاد كونه أحد مصادر التشريع ويوافق الحالات الجديدة والمطروحة على حيز الواقع آخذاً بعين الاعتبار الزمان والمكان في كل حالة على حده.
كاتب المقال …دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام