نظرة على عملية الموافقة للمرشحين في “الانتخابات البرلمانية الإيرانية”
وفقاً لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية، تقدم 12,123 شخصاً بطلبات ترشيح لانتخابات «مجلس الشورى» من خلال تقديم أسمائهم إلى وزارة الداخلية في خلال فترة التسجيل التي امتدت من 17 إلى 23 كانون الأول/ديسمبر. وقد سجلت محافظة طهران 2,477 مرشحاً (2242 رجلاً و 508 امرأة). وفي هذا السياق، أشار المتحدث باسم «مجلس صيانة الدستور»، نجاة الله إبراهيميان، إلى أن حوالي ثمانية آلاف من المتقدمين سيخوضون الانتخابات للمرة الأولى.
في 26 شباط/فبراير، ستُجري إيران انتخابات للبرلمان (المعروف أيضاً باسم «مجلس الشورى» أو «مجلس الشورى الإسلامي») ولـ «مجلس خبراء القيادة». في هذا الإطار، تشير التقارير الأولية إلى أن «مجلس صيانة الدستور» قد رفض آلاف المرشحين، لكن لا توجد قائمة شاملة بالمرشحين حتى الآن. بالإضافة إلى ذلك، فإن طريقة توزيع هؤلاء على الدوائر الفردية ستكون على الأرجح أكثر أهمية من إحصاءات التدقيق الشاملة. وفي حين يرغب المرشد الأعلى علي خامنئي في إثبات شرعية النظام من خلال ارتفاع نسبة إقبال الناخبين على التصويت، إلا أنه حذر في 20 كانون الثاني/يناير من أن “هذا لا يعني أنه يجب التصويت لإدخال أولئك الذين لا يوافقون على النظام إلى «مجلس الشورى»”. لكن في اليوم التالي صرّح الرئيس الإيراني حسن روحاني بأنه “لا بد من إثبات عدم التحيز وعدم التدخل وجوهر الدستور والأمن التام والمنافسة… خلال هذه الانتخابات”، مضيفاً أن “«مجلس الشورى» هو بيت للشعب وليس لفصيل معين”.
هناك 290 مقعداً في «مجلس الشورى»، وهي موزعة على 207 دائرة انتخابية. وبامتلاكها ثلاثين مقعداً، فإن تمثيل طهران هو الأكبر بين الدوائر، في حين تشمل ثاني أكبر دائرة ستة مقاعد فقط.
ويتم انتخاب أعضاء البرلمان لمدة أربع سنوات. ووفقاً للمادة 28 من “قانون الانتخابات”، يُطلب من المرشحين لـ «مجلس الشورى» تلبية الشروط التالية:
1. الإيمان بالإسلام وبالنظام المقدس للجمهورية الإسلامية الإيرانية والالتزام العملي بهما.
2. المواطنة في جمهورية إيران الإسلامية.
3. الولاء للدستور ولمبدأ “الولاية المطلقة للفقيه”.
4. امتلاك ما لا يقل عن درجة جامعية من سنتين على الأقل أو ما يعادلها.
5. سمعة مقبولة في دائرة المرشح الانتخابية.
6. صحة بدنية مقبولة (على الأقل القدرة على الرؤية والسمع والتحدث).
7. لا يقل عمره عن ثلاثين عاماً، ولا يتجاوز الخمسة وسبعين عاماً.
ووفقاً لموقع “مرصد «مجلس الشورى»” (www.majlismonitor.com)، هناك 165 عضواً في البرلمان الحالي الذين هم في ولايتهم الأولى، و103 في الثانية أو الثالثة، و22 في الرابعة أو أكثر. ويبلغ معدل إعادة انتخاب الشخص تاريخياً لـ «مجلس الشورى» 29 في المائة. بالإضافة إلى ذلك، فإن 33 من الأعضاء الحاليين هم من رجال الدين، و 9 هم نساء.
يُذكر أن مسؤولية إدارة الانتخابات والتدقيق في المرشحين تتوزع ما بين وزارة الداخلية (وهي إدارة كبيرة تضم أيضاً أجهزة الأمن والاستخبارات الداخلية) و«مجلس صيانة الدستور» (وهو هيئة يُعين أعضاؤها الإثني عشر بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل المرشد الأعلى وتتمتع بسلطات واسعة النطاق). وعملياً، تتحقق الوزارة من المؤهلات القانونية للمرشحين، بينما يقيّم “المجلس” مؤهلاتهم الأيديولوجية.
وفي الفترة بين 26 كانون الأول/ديسمبر و4 كانون الثاني/يناير، أجرت وزارة الداخلية تحقيقاتها من خلال لجان انتخابية ينص عليها القانون وتشمل أشخاصاً من المحافظات والمقاطعات والحكومات المحلية والوزارة نفسها. وقد شملت هذه التحريات الإطلاع على الخدمة العسكرية للمرشح ، فضلاً عن سجلاته لدى الشرطة والقضاء وأجهزة الاستخبارات، وتسجيل التعداد. وقد تم الإعلان عن نتائج هذه التقييمات في 5 كانون الثاني/يناير، وسُمح للمتقدمين الذين تم رفضهم باستئناف القرار حتى تاريخ 9 كانون الثاني/يناير، وتداولت اللجان الانتخابية هذه الاستئنافات حتى 16 كانون الثاني/يناير. واعتباراً من 19 كانون الثاني/يناير وافقت وزارة الداخلية على 10,954 من المرشحين المسجلين ورفضت 814 مرشحاً آخرين. بالإضافة إلى ذلك، سحب 498 مرشحاً أسماءهم منذ 17 كانون الثاني/يناير (وعادة ما تشهد الانتخابات الإيرانية أعداداً كبيرة من سحب الترشح).
ويُجري «مجلس صيانة الدستور» الجولة الثانية من التدقيق من خلال لجانه الرقابية. إذ تنص المادة 99 من الدستور على أن المجلس “مسؤول عن الإشراف على انتخابات «مجلس خبراء القيادة» ورئاسة الجمهورية «مجلس الشورى الإسلامي»، وعن الإحالة إلى التصويت العام والاستفتاء”. ومنذ عام 1991، فسر “المجلس” والقانون هذا الشرط على أنه عبارة عن موافقة مصادقة، تنطبق على جميع مراحل الانتخابات كافة، من بينها عملية التدقيق في اختيار المرشحين. إن احتلال مقعد حالي أو سابق في «مجلس الشورى» أو حتى في الرئاسة ليس كافياً لضمان الموافقة؛ فوفقاً للمحللة ياسمين عالم، رفض «مجلس صيانة الدستور» أربعين من أصحاب المقاعد في انتخابات عام 1992، وثمانين في عام 2004، وعشرين في عام 2008. واعتباراً من 20 كانون الثاني/يناير، تم رفض حوالي ثلاثين من أصحاب المقاعد الذين تقدموا للانتخابات المقبلة.
وبشكل عام، يُسمح فقط للمرشحين الذين وافق عليهم “المجلس” بخوض الانتخابات، ناهيك عن إيراد اسمه على ورقة الاقتراع. وكان إبراهيميان قد أشار في وقت سابق إلى أن “تسونامي من المرشحين” قد تسجلوا لهذه الانتخابات، زاعماً أن “بعض المرشحين لا يستطيعون حتى أن يكتبوا أسماءهم الخاصة”. ووفقاً له “من الممكن أن تكون بعض الجماعات السياسية تتسجل في مجموعات … للوصول إلى أهدافها الخاصة … [ويجب عليها] أن تعرف تأثير ذلك على عملنا”. كما اعتبر أيضاً بأن عدد المرشحين الكبير “يقلل من فرصة التحقيق في خلفية الأفراد” مما يرفع من احتمال رفض المتقدمين للمرة الأولى والذين هم أقل شهرة.
ويختلف كبار المسؤولين الإيرانيين حول ما إذا كانت الحكومة بحاجة إلى شرح سبب عدم أهلية المرشح. فقد صرح وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي أنه يجب إعلام المرشحين بسبب رفضهم، وأنه لا بد من إجراء التحقيقات بدقة ووفق القانون. لكن من وجهة نظر إبراهيميان، فإن الإعلان العام عن سبب فقدان الأهلية “ممنوع لأسباب قانونية”، وسيتم نشر الإحصاءات ذات الصلة في وقت لاحق. وقد نشر “«مجلس صيانة الدستور» هذه البيانات في الماضي. ففي عام 2004، شرح آلاف عمليات الرفض لعدم الأهلية في ذلك العام على النحو التالي: 12.5 في المائة بسبب الفساد المالي، 13.5 في المائة بسبب الفساد الأخلاقي، 14.5 في المائة بسبب التعاطف مع جماعات ثورية مضادة أو العضوية فيها، 13.5 في المائة بسبب عدم الاعتقاد بمبادئ الإسلام، 6.8 في المائة بسبب نشر بيانات غير صحيحة وزعزعة الرأي العام، 15.7 في المائة بسبب السمعة السيئة، 6.5 في المائة بسبب العمل ضد الأمن القومي، و 16.5 في المائة بسبب عدم الإيمان بالدستور. أما هذا العام فقد صرّح إبراهيميان وغيره، بمن فيهم الأمين العام لـ “المجلس” أحمد جنتي وإمام الجمعة في كل من مدينة مشهد وطهران، بأنهم سيقيّمون أيضاً دور كل مرشح محتمل في الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها في عام 2009 والاحتجاجات التي تلتها، والتي غالباً ما يشير إليها المتشددون على أنها “الفتنة”.
في 16 كانون الثاني/يناير، أعلن عضو “المجلس” سيامك راهبيك أنه في حين أن الإحصاءات الرسمية لم تتوفر بعد، تم إبلاغ المرشحين مباشرة إذا تمت الموافقة عليهم أم لا. واعتباراً من 20 كانون الثاني/يناير، لم يقدم “المجلس” ولا أي من وسائل الإعلام الحكومية الرسمية الإحصاءات النهائية، على الرغم من أن راهبيك صرّح أنه “من بين اثني عشر ألف مرشح، تم رفض حوالي 26 في المائة تقريباً بينما لم يتم قبول 28 في المائة” (وهو تمييز مشكوك فيه أصبح يزداد شيوعاً في التصريحات الرسمية بشأن هذه المسألة). وفي اليوم نفسه، نشرت “وكالة فارس للأنباء” جدول نتائج التدقيق الذي أجراه “المجلس”، ولكنها أغفلت التفاصيل المتعلقة بطهران وأصفهان وسبع محافظات أخرى، إذ شملت فقط 6,160 مرشحاً بالإجمال. وأشار تقرير “وكالة فارس” إلى أن “المجلس” قد وافق على 2,667 مرشحاً في المحافظات الإثني وعشرين التي تتوفر فيها البيانات. ووفقاً لمسؤول في “المجلس”، “من المرجح أن يعيد «مجلس صيانة الدستور» تنصيب 10 إلى 15 في المائة من المرشحين المستبعدين، خلال جولة التدقيق التالية”.
وفي 18 كانون الثاني/يناير، ومباشرة بعد المناقشات المتصلة بالعدد الكبير من المرشحين المستبعدين، أصدر “المجلس” تقريراً بعنوان “أساسيات فحص مؤهلات المرشحين لعضوية البرلمان ومعايير أعضاء البرلمان وفقاً لكلام الإمام الخميني والمرشد الأعلى خامنئي”. وتشمل المقاطع في تلك الوثيقة التي تضم ثمانية وعشرين صفحة “أهمية فهم هذه الواجبات والمحافظة على كرامة «مجلس صيانة الدستور»” و”المقاومة ضد أولئك الذين يريدون الامتيازات المفرطة في المؤهلات”.
الخطوات المقبلة
شهدت الانتخابات السابقة تجريد أهلية كتلة مماثلة من قبل «مجلس صيانة الدستور». ففي كانون الثاني/يناير 2004، رفض “المجلس”3,600 مرشحاً من أصل 8,157 مرشح لـ «مجلس الشورى»، من بينهم 83 عضواً فيه. وفي النهاية، تمت إعادة تنصيب حوالي ألف من هؤلاء بعد أن استقال ثلث “المجلس” احتجاجاً على الرفض.
ووفقاً للمادة 52 من “قانون الانتخابات”، إذا رفض «مجلس صيانة الدستور» مرشحاً مقبولاً من اللجان الانتخابية في وزارة الداخلية، يجوز له الاحتجاج. ومن المفترض أن يعلم “المجلس” وزارة الداخلية بقراره النهائي بعد عشرين يوماً من التقرير الأولي للجانه المشرفة. وقد بدأت هذه المدة المذكورة في 17 كانون الثاني/يناير وتستمر حتى 5 شباط/فبراير.
وأخيراً، سيحظى المرشحون الذين تمت الموافقة عليهم بفترة صغيرة لإطلاق حملتهم الانتخابية (18-24 شباط/فبراير)، ويمكن أن يتم استبعادهم إن قاموا بذلك قبل هذا التاريخ، بما في ذلك أي جهود ترويجية يقومون بها عبر وسائل الإعلام الاجتماعية أو وسائل أخرى على شبكة الإنترنت. وأمام هذا الواقع، ستشهد الصحف العديد من المقالات الصحفية في الأسابيع التي تسبق الانتخابات، وستوفر معلومات عن المرشحين الأفراد.هذا التقرير اعده “پاتريك شميدت”و هو مساعد باحث في معهد واشنطن.