الشرق الأوسطعاجل

اصلاحات العبادي والصدر (قراءة مقارنة)

اعداد : علي حسين حسن سفيح – باحث بالشأن السياسي العراقي

 -المركز الديمقراطي العربي

 

في ظل الازمات والتحديات التي واجهت العراق والتي احرجت صانع القرار السياسي على حل اغلبها, خصوصا بعد تشكيل الحكومة الحالية في ايلول /2014 التي تزامنت مع تدهور الوضع الامني والاقتصادي والترهل في الجهاز الحكومي والتي انعكست سلبا على الشعب العراقي بكل اطيافه ومكوناته وتذمره من اجراءات الحكومة التي سعت لحل هذه المشكلات ولكن لم تكن بالمستوى المطلوب, وعلى اثرها تظاهر الشعب في العديد من المحافظات مطالبابالإصلاحات الحكومية والحيلولة من دون تفاقم الازمات, لذا فقد طرح رئيس وزراء العراق (حيدر العبادي) عدد من حزم الاصلاحات كونه المسؤول التنفيذي دستوريا عن رسم السياسة العامة للبلاد,الا انها كانت ترقيعية و لم تلبي احتياجات الشعب .

اما الاصلاحات الاخيرة التي طرحها السيد العبادي بتاريخ 9/2/2016, ومشروع الاصلاح الذي طرحه السيد مقتدى الصدر بتاريخ 13/2/2016, والذي يعّد بمثابة الفرصة الاخيرة لحكومة العبادي لإنقاذ البلاد من هذه الازمات, خصوصا بعد موقف المرجعية الاخير حولعن عدم تدخلها في الشأن السياسي والذي بح صوتها من مناشدة المسؤولين لوضع حلول جدية للقضاء على هذه التحديات التي يمر بها البلاد . اذ يعّد السيد مقتدى الصدر وكتلة الاحرار التابعة له الشريك والداعم لحكومة العبادي, الا ان هذا الدعم قد حدده الصدر في فترة زمنية محددة هي (45) يوما في مشروعه الاصلاحي, الذي طالب من خلاله حكومة العبادي الاخذ بمحاور هذا المشروع الذي يمثل وثيقة لإنقاذ العراق, والا الانسحاب من حكومة العبادي وبعدها سحب الثقة منه تحت قبة البرلمان .

وفي الحقيقة ان مشروع الاصلاح الذي طرحه السيد الصدر لا يختلف مضمونا عن الاصلاحات الاخيرة التي طرحها العبادي, اذ توجد الكثير من نقاط الالتقاء بين المشروعين والذي تضمنا الجوانب السياسية والاقتصادية والامنية ومكافحة الفساد, والتي سنتطرق لها عبر الاتي :

  • الاصلاحات السابقة .

تطرق السيد العباديمن خلال طرحه للإصلاحات الجديدة, الى الحزم الاصلاحية السابقة التي اراد بها معالجةالترهلوالتسربفيالقواتالمسلحة،وتنشيطالقطاعالخاص،والتي تؤجتبحزمةالإصلاحاتالشاملةفيشهرآب/ 2015, وباركتهاالمرجعيةوابناءالشعب،حيثتناولتمحاورأساسيةذاتصلةبالمفاصلالتيركزعليهافيالبرنامجالحكومي،فتمّتإجراءاتالترشيقفيالمناصبالعليا،وإلغاءعددمنالوزاراتودمجأخرى،وتقليصأعدادالحمايات،وتخفيضرواتبالمسؤولينفيالدرجاتالعليابنسبكبيرة،وإخضاععقاراتالدولةالمشغولةمنقبلالكوادرالعلياوالوظيفيةإلىالضوابطالمعتمدةقانونياً.الا أن اغلب هذه الاصلاحاتلمتتحقق.

اما السيد مقتدى الصدر فقد علق في مشروعه الاصلاحي على الحزم الاصلاحية السابقةالتي طرحها العبادي  اذ قال “انالمواطن استبشر خيرا عندما سمع بالإصلاحات الاخيرة التي حظيت بوافر الدعم من المرجعية والشعب والمتظاهرين المدنيين والإسلاميين بل وحظيت بالدعم البرلماني والحكومي ولو على مضض، الا انها مخيبة لأمال العراقيين ولم يتحقق اغلبها”.

  • الاصلاحات السياسية

تطرق السيد العبادي في اصلاحاته المرتقبة الى كيفية اختيار السادةالوزراءفيالحكومةالحاليةعلىأساساختيارالكتلالسياسيةفيمجلسالنوابكماينصالدستورعلىذلكوضمنالتمثيلالسياسيوحجمالكتلالسياسيةفيمجلسالنواب،وقداقرهاالبرلمانعلىهذاالاساس،غيرانني “العبادي”ومنمنطلقالمسؤوليةوالمصلحةالعليا،ومنمستلزماتالمرحلةلقيادةالبلدالىبرالامانادعوالىتغييروزاريجوهري،ليضمشخصيّاتمهنيةوتكنوقراطوأكاديميين،وأدعوفيهذاالاطارمجلسالنوابالموقروجميعالكتلالسياسيةللتعاونمعنافيهذهالمرحلةالخطيرة, لقدانتهينا “العبادي”تواًمنوضعمعاييرمهنيةنموذجيةلاختيارالكوادرالمتقدمةلرئاساتالهيئاتالمستقلة،ووكلاءالوزارات،والمستشارين،والمدراءالعامين،وستصبحهذهالمواقعمتاحةوبشكلمباشرلكلمنيمتلكالكفاءةويجدفينفسهالمقدرةعلىتحملمسؤولياتها.

اما السيد الصدر فقد تطرق في مشروعه الاصلاحي الى اهمية تشكيل فريق يضم رئيس الوزراء الحالي, وسياسي مستقل ومعتدل, وقاضي معروف بالشجاعة والحيادية والوطنية,واكاديمي معروف, وموظف متقاعد من الدرجات الخاصة ذو خبرة بمفاصل الدولة على ان يكون مستقلا, و يؤكل لذلك الفريق ما يلي : تشكيل وزاري متخصص يتمتع بالنزاهة والخبرة لتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن الحزبية على ان يشمل الجميع دون الميول إلى حزب السلطة وتقديم اسماء مرشحة لرؤساء الهيئات إلى مجلس النواب للمصادقة عليها وتقديم اسماء مرشحة للوكلاء والمستشارين والمدراء واعضاء الهيئات والسفراء والخبراء .

  • الاصلاحات الاقتصادية

تطرق السيد العبادي في اصلاحاته المرتقبة الى وضعإطاررؤيةواضحة للبناءالاقتصادي والتنمويّ وتم الاتفاق مععددمنالدولبرفد العراقبالمستشارينوالخبراءوالمهنيينوالمتخصصين،ليكونواالىجانبالمستشارينوالخبراءالعراقيينمناجلتقديمرؤيةشاملةباتجاهتنويعالانشطةالاقتصاديةواستثمارمواردناالبشريةوالطبيعيةبشكلصحيحومتوازنوسليم, وكذلكالإصلاحالضريبيوالكمركيّ،فقدحددت الحكومةالتزاماتمهمةعلىالمؤسساتالمعنية،ليسلزيادةالإيراداتغيرالنفطيةفحسب،بللمحاربةالفسادوالفاسدين،وتوفيرالحمايةوالتشجيعللمنتجاتالصناعيةوالزراعية, فضلا عن حصول الحكومة علىاتفاقمعالبنكالمركزيالعراقيعلىإقراضالمشاريعالصناعيةوالزراعيةوالسكنية،وكذلكالمشاريعالصغيرةوالحرفيةوخصوصاشريحةالشبابوالذينيحتاجونالىدعمخاصلإيجادفرصعمللهم .

اما السيد الصدر فقد تطرق في مشروعه الاصلاحي الى الجانب الاقتصادي والذي طالب فيه بإعادة هيكلية المصارف الحكومية، وتنصيب محافظ للبنك المركزي من ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة ودعم المنتج المحلي من خلال منع استيراد أي منتح منافس ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ووضع قوانين صارمة لمزادات العملة الاجنبية مثل الدولار واليورو وغيرها,واستصدار سندات داخلية لتعزيز الوضع المالي وسد النقص في الموازنة ودعم القطاع الصناعي والزراعي وفق برنامج تخصصي وتشجيع الاستثمار الوطني من خلال بعض الامتيازات, وخصخصة بعض المرافق العامة مشروطة بتقديم الخدمة العامة .

  • الاصلاحاتالرقابية

تطرق السيد العبادي الى مباشرةمجلسمكافحةالفسادفي العملوتبنيهقراراتمهمةلمعالجةضعفالاداءخلالالمرحلةالماضية،والكشفعنمفاصلالفسادفيجميعمرافقالدولة،ولابدلنا “العبادي”منالاستعانةبالخبراءوالاستشاريينواساتذةالجامعاتلتقويمإدارةالدولةوتحسينادائهاضمنمنظومةالاصلاحالشامل(الاصلاحالاداريوالاصلاحالماليوالاصلاحالاقتصادي).

اما السيد الصدر فقد تطرق في مشروعه الى تشكيل لجنة مؤقتة لتدقيق العقود الوزارية وعقود الهيئات والمؤسسات العامة من سنة 2003 إلى 2016 على ان تقدم تقريرا شهريا على مجلس النواب ويبث مباشرة على الهواء لاطلاع الرأي العام ويشترط بها الكفاءة, وتدقيق العقود التي تزيد قيمتها عن (50) مليار دينار فما فوق اولاً ومن ثم العقود التي دون ذلك ثانياً, فضلاً عن تفعيل دور القضاء و العمل على تصفية سلك القضاء من ذوي السمعة السيئة وتنصيب قاض مختص على رئاسة هيأة النزاهة والمساءلة والعدالة .

  • الاصلاحات الامنية

فقد تطرق السيد الصدر في مشرعه الاصلاحي الى الجانب الامني والذي تضمن تحويل الحشد الشعبي بعناصره المنضبطة إلى سلك الدفاع والداخلية بنظرة وحدوية لضمان حقوقهم وانتفاع الوطن بهم وحصر السلاح بيد الدولة وتسليم السلاح لها بعد انتهاء الحرب ضد الارهاب وتقديم كافة قادة الفرق ورئيس اركان الجيش إلى مجلس النواب للمصادقة عليهم, و محاسبة المقصرين بلا استثناء بقضية سقوط الموصل ومحاسبة المقصرين بالمجازر التي حدثت في سبايكروالصقلاوية وتشكيل لجان لتدقيق عقود السلاح المستورد والكميات والاسعار والسلاح المصنع في الداخل وابعاد الجيش عن المناطق الامنة ومنع التواجد المسلح من غير الجهات المختصة و اقالة كل مسؤول امني ذو ميل سياسي و حزبي علني,
اما العبادي فلم يتطرق الى الجانب الامنية في اصلاحاته المرتقبة .

 

  • الدعم الاعلاميللإصلاحات

طلب السيد العبادي من وسائلالإعلامان تتحمّلمسؤولياتهادفاعاًعنالشعبوالوطنفيهذهالمرحلةالمهمةمنتاريخالعراق ودعم الاصلاحات .

اما السيد الصدر فقد ختم حديثه عن امله بالدعم الموسع للإصلاحات والتثقيف له “اعلاميا” دون النظر إلى كاتبه لان العراق بحاجة إلى التكاتف والتعاون من اجل المصلحة العامة وازاحة المصالح الخاصة .

بعد ان استعرضنا اصلاحات السيد العبادي والسيد الصدر, اتضح لنا وجود تقارب كبير في الرؤى لكلا المشروعين, فالأجدر بالعبادي ان يتناغم ويتفاعل مع مشروع الاصلاحات التي قدمها الصدر, وعلى السيد العبادي ان يستثمر المدة التي حددها السيد الصدر وهي (45) يوم, لكي يدعم موقفه ويكون حازم وجاد امام رفض الكتل السياسية الممتعضة من الاصلاحات خصوصا في جانب التغيير الوزاري, لأنها ستفقد الكثير من الامتيازات, ولا نغالي اذا ما قلنا ان فترة الـ(45) ستكون صعبة وعصيبة على السيد العبادي في تحقيق اصلاحاته, الا انها ليست بالمستحيلة اذا ما تضافرت جهود الكتل السياسية جميعا والعبور بالعراق الى بر الامان …

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى