مقالات

عندما تضرب السعودية كل الاحجار ببعضها

بقلم : غازي الحارثي – كاتب سعودي

في مقالٍ سابق بتاريخ الحادي عشر من فبراير الماضي قلت بأن السعودية باتت تنتهج سياسة مفاجأة الخصم بعد ان كانت تعتمد على استنفاد كافة الحلول السياسية والجهود الدبلوماسية في اي ازمة عالقة تحيط بأمنها القومي ،، وقلت قبل ذلك في مقالٍ قديم عن لبنان بعد الجلسة الثامنة لمجلس النواب بدون انتخاب رئيس للجمهورية ان الشغور الرئاسي في لبنان لن يكون مشكلةً في ذاته تزول بوصول اي رئيس منتخب ، إنما سيكون داءً يستشري فيما تبقى من جسد الدولة في لبنان بحيث يستغله حزب الله ويفرضه بتعطيل انتخاب رئيس حتى ينتهج سياسةً خارجية ذات استقلال عن الدولة بل في دائرة نفوذ لصالح طرف إقليمي غير عربي وفي مناطق صراع دامي سيجلب على لبنان أكثر مما يعانيه الآن جراء نزوح اللاجئين من سوريا إليه وتكدس الكثير منهم على الحدود بسبب ضعف الدولة وأحياناً فشلها بإدارة شؤونهم ، إضافةً إلى كشف تورط الحزب في مساندة ودعم الانقلابيين الحوثيين باليمن في العملية العسكرية التي يشنها ضدهم تحالف إسلامي بقيادة السعودية وبمباركة دولية وهو ماكان بمثابة الحنق الذي اصاب منذ كشفه في بداية عاصفة الحزم ولكنها آثرت الصمت حياله رغبةً في عدم التأثير على مساعي ملء الشغور الرئاسي في لبنان .
لكن بعد تمادي اختطاف القرار السياسي في لبنان وفشل الحكومة والقوى السياسية في استرداده كان توجه السعودية بسحب الهبة المقدمة للجيش والقوى الامنية ومراجعة وباقي دول الخليج العلاقات مع لبنان .
انتهجت السعودية هنا أيضاً تلك السياسة وكانت ايران وحلفاءها اكبر المتفاجئين والمستهدفين واضعةً إياهم تحت ضغط عدم فهم الخطوة السعودية والتشتت في استغلالها .
اليوم وفي عز الصراع العربي – الايراني فإن لبنان بالنسبة للسعودية هي ساحة معركة سياسية .. صحيح انها ليست بمثا الأهمية الاستراتيجية لسوريا ولكن العمق العربي والجغرافي يتطلب ان يكون العمل على الحفاظ على لبنان قوياً خصوصاً وان الحسم فيها أيضاً سيؤثر او يتأثر عكسياً بالحسم العسكري والسياسي في سوريا وكذلك اليمن إيماناً بحركات في لعبة المصالح والنفوذ بالشرق الاوسط الكبير .
عولت السعودية كثيراً على استعادة حلفاءها في 14 آذار للقرار السياسي والدفع بإنجاز ملف الشغور الرئاسي لكن فشلها هي الاخرى في فرض سيادة الدولة على الحزب او المحافظة على هويتة العربية جعل السعودية تضرب كل الاحجار ببعضها وتضع الجميع امام مسؤولية استعادة كل ما اختطف من الدولة اللبنانية ، او انتظار احتواء اقليمي لقوة جديد تحل بدلاً من الخليجيين وهي ايران على غرار النموذج السوري والعراقي في ظل ورطة ايرانية لاتحتمل عبئاً اقتصادياً في بلد كـ لبنان اكثر شغفاً سياسياً من العراق وسوريا ، ماسيجعلها تصدر تجاربها الفاسدة دوماً على هيئة عصابات مسلحة تقدم المشروع الإيراني بالبندقية والدبابة على الطائفة والمذهب فقط لاغير .. فهل ايران جاهزة أساساً للوقوف في وحل مهمك كهذا ؟
اما مابين الحزب والسعودية مباشرةً فليس اقل من مشروع قرار سياسي منظم قد تسعى السعودية لاستصداره إن عن طريق مجلس الأمن مع استبعاد اي فيتو دولي عليه او عن طريق مواثيق جامعة الدول العربية خصوصاً وأن الحزب ارتكب مايهدد السيادة والمصالح وصنفته غير الولايات المتحدة دول الخليج كحزب إرهابي .
وإن غداً لناظره قريب ..

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى