خبير قانوني:أول بيان للحكومة المصرية طبقا للدستور الجديد
اعداد : الدكتور عادل عامر
ووفقا للمادة 146 من الدستور، فإن المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء عرض صباح اليوم برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا، عُد المجلس منحلا ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد.
وتشير هذه المادة إلى أنه:”في جميع الأحوال يجب ألا يزيد مجموع مدد الاختيار المنصوص عليها في هذه المادة على ستين يوما، وفى حالة حل مجلس النواب، يعرض رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته، وبرنامجها على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له. في حال اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، يكون لرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل.”
فقد احتوي بيان الحكومة اليوم
يمثل بيان الحكومة أمام البرلمان المصري الجديد نقطة تحول جوهرية في المسار المحتمل لشكل العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث سيتوقف عليه ما إذا كانت الوزارة الحالية برئاسة المهندس شريف إسماعيل ستحوز على ثقة أعضاء البرلمان على خلفية مدى شمولية البرنامج الذي ستطرحه، وقدرته على استنهاض الطاقات الكامنة في الاقتصاد المصري وتوظيف الموارد المجتمعية لمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الملحة، فضلاً عن كيفية تمويل وتنفيذ البرنامج المقترح على أرض الواقع في مدى زمني محدد. وتنقسم هذه الإستراتيجية إلى إحدى عشر محوراً رئيسياً تشمل، محور التعليم، والمعرفة والابتكار والبحث العلمي، والعدالة الاجتماعية، والشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية العمرانية، والطاقة، والثقافة والهوية، والبيئة، والسياسة الداخلية، والأمن القومي والسياسة الخارجية.
ومع أهمية إرساء تقاليد دستورية جديدة في نمط العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والمتمثلة في ضرورة حيازة الحكومة على ثقة البرلمان، فإن ثمة استحقاقات دستورية من المفترض أن يتضمنها بيان الحكومة في تحديد الوسائل الكفيلة بترجمة ما أقره الدستور في التزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم 6% من الناتج القومي الإجمالي،وتتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية (4% للتعليم ما قبل الجامعي، 2% للتعليم الجامعي )،كما أقر أيضا بأن تكفل الدولة حرية البحث العلمي وتشجيع مؤسساته وتخصص له نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 1% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
أن برنامج الحكومة لن يتحقق إلا بتضافر كل القوى والجهود، نظرًا للتحديات الكثيرة التي تواجهنا، ومنها التعداد السكاني الذي يشكل عبئاً على الاقتصاد المصري. و أن برنامج الحكومة يقوم على رسم خطة حتى يونيو 2018، مع مراعاة الأمن القومي لمصر وترسيخ الرؤية لمصر الحديثة وتبنى برنامج متوافق عليه، وأن مبادئ العدالة الاجتماعية والخدمات المقدمة للمواطن من أهم ملامحه.
أن الدعوة إلى زيادة قصور الثقافة على مستوى الجمهورية لتصل إلى 650 قصرا ثقافيا غير ضروري، وأن تفعيل هذه القصور الموجودة حالية و التي تزيد عن 500 قصر، لان توصيل الخدمة الثقافية للجمهور تتطلب إعادة تأهيل وتدريب الكوادر الثقافية للقيام بهذه المهمة.
لان ميزانية الثقافة ستظل محدودة في الفترة القادمة، والتي لا تملك موارد مالية كافية مما تؤثر على تفعيل الأنشطة الثقافية المختلفة والإنفاق للارتقاء بالمنظومة الثقافية، لان الأنشطة الثقافية التي سلطت عليها الضوء في بيان الحكومة بالبرلمان هو أقل مما تحتاجه مصر في الفترة القادمة، وأقل مما يحقق فكرة استخدام الثقافة كأحد قوى مصر الناعمة، ونتمنى من الحكومة تنفيذ هذا البرنامج رغم تواضعه. أن المصلحة والهدف واحد بين ما تهدف له الحكومة وكذلك البرلمان وهى السعي لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن، وهى نفس الأهداف التي تعمل الحكومة على تحقيقها. ويستهدف البرنامج خفض معدل التضخم من 11.5% إلى 9% ، وخفض عجز الموازنة من 11.5% إلى 8%، ورفع معدلات الادخار والاستثمار، لسد الفجوة التمويلية، وزيادة معدل النمو خلال عامين إلى 6%، ورفع كفاءة التحصيل،
والتوسع في برامج تكافل وكرامة لتغطية 1.5 مليون مستفيد. وتضمن البرنامج تعهدات بإنجاز عدد من القوانين من بينها قانون الإدارة المحلية والمنتظر صدوره قبل منتصف العام الحالي تمهيداً لانتخابات المحليات المقبلة، بينما يتعهد باتخاذ خطوات جادة للبدء في تنفيذ منظومة النظافة،وافترض برنامج الحكومة إتباع سياسات لا تستهدف بيع القطاع العام ولكن تنفيذ خطة لإصلاحه وتشغيله بصورة رشيدة لتحقيق إيرادات مع طرح جزء منها في البورصة،
لان الدولة تعمل على دعم الصناعات الإستراتيجية مثل الحديد والصلب والغزل والنسيج والبتروكيماويات، كما تدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة و كذا العمل على دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي بأفكار جاذبة وغير تقليدية. ويولى البرنامج اهتماما بالمناطق المهشمة خاصة في الصعيد وسيناء، حيث يتعهد البرنامج بأن تكون على رأس الأولويات، وألا تكون بمعزل عن برامج التنمية وخططها المستقبلية،
حيث تتبع الحكومة إجراءات تحاول خلالها خلق طفرة لتحسين المؤشرات الاقتصادية وخلق معدلات نمو تلبى طموح المواطن وتساعد في شعوره بتحسن أوضاعه المعيشية، وتقليل نسبة البطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والحفاظ على الأمن القومي المصري.
أن الحكومات المتعاقبة على مدار السنوات الماضية تحدثت عن نفس الأهداف ولكن معدل الإنجاز لم يكن مرض للشعب فكل الحكومات على مدار الـ 15 عاما الماضية تحدثت عن أزمة البطالة على سبيل المثال إلا أنها لم تنفذ حلول ملموسة على أرض الواقع.
أن المرحلة القادمة تتطلب تكاتفا بين الحكومة والمجتمع المدني ومجلس النواب لترجمة برنامج الحكومة في شكل خطوات عملية يشعر بها المواطنون، لان المهندس شريف إسماعيل نفذ مبادرة جيدة خلال الأيام الماضية باستقباله نواب البرلمان عن كل محافظة على حده ورصد مشاكل كل محافظاتهم، لذلك نطالب بوضع خطط عملية قابلة للتنفيذ يمكن متابعتها أولا بأول ورصد حجم الإنجاز الذي يتم تحقيقه .
، إذا كان المسار الأرجح عقب إلقاء الحكومة لبيانها أمام البرلمان، هو إبداء الثقة في حكومة المهندس شريف إسماعيل الحالية، إلا أن مستقبل العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية سواء أكانت تعاونية أم صراعية ستحددها الممارسة الفعلية على أرض الواقع وحدود تمسك كل سلطة باختصاصاتها التي كفلها الدستور، والذي نجح إلى حد كبير في إرساء نوع من التوازن بينهما،
فإذا كان قد أقر بحق رئيس الجمهورية في حل البرلمان بقرار مسبب ،وبعد استفتاء الشعب، فإنه أجاز لمجلس النواب سحب الثقة من رئيس الجمهورية ،وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بناء على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل وموافقة ثلثي أعضائه.
وهو ما يعنى أن الشراكة بين السلطتين هي المدخل الملائم لتعزيز التعاون فيما بينهما ، حيث يكون للثقة المتبادلة تأثيرها على الأداء البرلماني والتنفيذي في حل المشكلات المجتمعية والتضافر لمواجهة التحديات الخارجية. وحيث أن القياس من الصعوبة بما كان، لذلك من الممكن أن نخص الإعانة التي تمنح للسلع الغذائية على أن نحدد نصيب كل فئة اجتماعية تبعاً لعدد الأفراد الداخلين في هذه الفئة. وذلك لأن المواد الغذائية المعانة عادة ما تكون من السلع الضرورية التي تستهلكها كل الفئات محدودة الدخل، وكذلك الملابس المعانة تنسب لنفس الفئات لأنها ملابس شعبية أو اقتصادية، وإن كان هذا الأمر لا يخلوا من الطعن عليه , لأن هذه السلع المدعمة متاحة للجميع والمنع لا يأتي إلا في حدود ضيقة جداً.
كاتب المقال دكتور في الحقوق وخبيرالقانون العام مستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات.