مفهوم الفساد المقرر باتفاقيات الدولة النافذة في مصر
اعداد : الدكتور عادل عامر
جهاز المركزي للمحاسبات مهامه الرقابية علي المال العام بموجب أحكام القانون رقم 144 لسنة 1998 بإصدار قانون الجهاز والمعدل بالقانون 157 لسنة 1998 وذلك للوقوف علي سلامة الأداء المالي للوحدات المالية والإدارية التابعة للوزارات والهيئات العامة والوحدات المحلية وشركات قطاع الأعمال العام والبنوك العامة والجهات ذات النفع العام التي تتلقي دعما من الخزانة العامة.
وذلك للتأكد من مدي التزامها بالقوانين واللوائح والتعليمات المنظمة لمجالات العمل المختلفة والتحقق من الاستخدام الأمثل الاعتمادات الموازنة العامة، ومن بذل جميع الجهود اللازمة من أجل تحصيل إيراداتها.
ويطبق الجهاز أساليب علمية في الفحص والرقابة ويتحري الدقة والموضوعية في إبداء الرأي مع توضيح أهم الملاحظات وأسباب حدوثها وما ترتب عليها من آثار والتنبيه إلي أوجه القصور ومواطن الضعف والمعوقات التي تحول دون الوصول إلي النتائج المرجوة لأداء جميع الوحدات المالية والإدارية ومساعدة المسئولين علي تلافيها أو الحد منها حتى يمكن حماية أموال وممتلكات الدولة وحسن استخدامها وتعظيم العائد من استثمارها.
وذلك بالإضافة إلي ضبط الإنفاق العام وترشيده وتنمية الموارد المالية وتحصيل المتأخرات المستحقة للخزانة العامة. ويحرص الجهاز المركزي للمحاسبات علي إصدار تقارير دورية وسنوية بأهم تلك الملاحظات وإبلاغها إلي الجهات المعنية وذلك بالإضافة إلي إرسال تقاريره إلي مجلس الشعب لمناقشتها ومساءلة الحكومة عن تلك الملاحظات في إطار ممارسة المجلس التشريعي لوظائفه الرقابية علي أداء الحكومة.
الفساد..هو مرض عضال تحمله الدول والمجتمعات سواء أكانت غنية أم فقيرة دكتاتورية أم ديمقراطية. وهو ذات جذور عميقة تأخذ أبعادا واسعة تتدخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينهما ، وهو التحدي الأهم والوريث المتوقع للإرهاب والذي تجد الحكومات والمجتمعات نفسها في مواجهته ، وفي حرب معه ، على الأغلب أكثر سراشة وتكلفة من مكافحة الإرهاب . و يرتبط ظهوره واستمراره برغبة الإنسان في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية يعتقد في قراره نفسه انه ليس له حق فيها ومع ذلك يسعى إليها ، لذا فهو يلجأ إلى وسائل سرية للوصول إليها منها إقصاء من له الحق فيها ، أو الحصول عليها عن طريق الرشوة أو المحسوبية والواسطة واختلاس المال العام وغيرها . ولا يقتصر ظهور الفساد على القطاع العام بل هو قد يكون أكثر ظهورا في القطاع الخاص وفي مؤسسات المجتمع المدني. والفساد في القطاع العام لا يظهر في مفاصل السلطة التنفيذية والسلطة القضائية فقط ، بل يمكن إن يظهر في ميدان عمل السلطة التشريعية من خلال تجميد المشاريع لإغراض المساومة مثلا ، أو في توزيع المناصب الحكومية على أسس حزبية أو طائفية ، أو على مقياس الولاء بغض النظر عن الجدارة أو الكفاءة أو الاختصاص .
كما قد يظهر بشكل صارخ في المؤسسات المستقلة بضمنها المؤسسات الرقابية أو المتخصصة في مكافحة الفساد كفساد المحققين وضباط الشرطة والمفتشين العامين وموظفيهم . وليس هناك علاقة مباشرة بين نظام الحكم والفساد ، فالفساد موجود في دول أنظمتها ديكتاتورية كما هو موجود في دول أنظمتها ديمقراطية ، إلا إن الأنظمة غير الديمقراطية تعد حاضنة صالحة للفساد أكثر من الأنظمة الديمقراطية من الناحية النظرية ، لان الأخيرة ( أي الأنظمة الديمقراطية ) تكون في ظلها السلطات متوازية ومستقلة ، وتوفر انتخابات حرة ونزيهة وتداول سلمي للسلطة وحرية تعبير وصحافة حرة وقضاء مستقل محايد عادل وكفيء لذا تكون ممارسة الفساد عملية صعبة أو خطرة ذات نتائج غير مضمونة .
لذلك يكون تصريح رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات قد احتوي علي :-
أولاً: التضليل والتضخيم حجم وقيمة ما سمى بالفساد، وذلك بتكوين وتجميع بعض الأرقام أكثر من مرة وتحت مسميات عدة في أكثر من موضع
وامتداداً لأسلوب التضليل والتضخيم تم احتساب مبلغ 174 مليار جنيه تمثل تعديات بمدينة السادات كأموال مهدرة على الدولة، على الرغم من إثبات إزالة أجهزة الدولة لتلك التعديات بالكامل عام 2015.
ثانياً: فقدان المصداقية حينما يتم ترتيب وتجميع مفتعل لوقائع حدثت منذ عشرات السنوات وإثبات استمرارها دون تصويب كذريعة لإدراجها المغرض ضمن عام 2015.
وكمثال صارح على ذلك تضمين واقعة التعدي على أراضى الأوقاف منذ عشرينيات القرن الماضي ومخالفات مبان بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ عام 1979.فضلاً عن عدم تعرض الدراسة غير المدققه لأية وقائع تخص الفترة الزمنية للعام الحالي، خاصة وإنه قد تبين عدم الانتهاء حتى تاريخه من إعداد التقارير السنوية المجمعة عن العام المالي 2013/2014 وكذا عام 2014/2015.
ثالثاً: الإغفال المتعمد في ما تم اتخاذه من قرارات حيال ملاحظات سبق إثباتها في تقارير الأعوام الماضية وتم الرد عليها وإحالة بعضها لجهات التحقيق عند المقتضى، سواء النيابة العامة أو النيابة الإدارية، وتم اتخاذ إجراءات حاسمة إما بالحفظ أو الإحالة للمحاكمات، وصدر أحكام في بعضها بالبراءة أو الإدانة والأمثلة أيضاً عديدة.
رابعاً: إساءة توظيف الأرقام والسياسات مما يظهر الإيجابيات بشكل سلبي ومنها على سبيل المثال:
1- اعتبار تأخر سداد مديونيات الشركاء الأجانب بقطاع البترول وجدولتها فسادا يتمثل في قيمة فواتير الجدولة نظراً لغياب أو تغييب الحس الإقتصادى لأوضاع البلاد الاقتصادية، وما تعرضت له هذه الشركات من خسائر نتيجة الأحداث السياسية ودعاوى التحكيم.
2- 2- إدراج مبلغ 134.64 مليار جنيه لعدم التزام هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ إنشائها عام 1979 بتخصيص مساحة 5 كيلو متر حول كل مدينة كأراضي بناء، مما عطل الاستفادة بقيمة تلك المساحات دون مراعاة أن تلك التقارير غير الدقيقة والتصريحات غير المسئولة يمكن أن تستخدمها المنظمات الدولية في ترتيب وتصنيف الدول،
والتي تعد أهم مدخلات تتخذ على أساسها مؤسسات التموين الدولية قراراتها خامساً: إساءة استخدام كلمة الفساد ووضعها في مواضع أبعاد ما تكون عما أقرته القوانين والمواثيق الوطنية والدولية والتعميم والخلط بين الوقائع والإجراءات وبين ما تم حسمه وما لم يتم حسمه وبين ما هو عام وما هو خاص الأمر الذي يصور كل الجهود والمبادرات التي تبذلها الدولة على أنه لا طائل من وراءها. في ما تم اتخاذه من قرارات حيال ملاحظات سبق إثباتها في تقارير الأعوام الماضية، وتم الرد عليها وإحالة بعضها لجهات التحقيق عند المقتضى، سواء النيابة العامة أو النيابة الإدارية، وتم اتخاذ إجراءات حاسمة إما بالحفظ أو الإحالة للمحاكمات، وصدرت أحكام في بعضها بالبراءة أو الإدانة، والأمثلة أيضًا عديدة. ، أنها مليئة بالمغالطات الفادحة التي تسيء لصورة مصر اقتصاديا في الخارج وتضعف موقفها أمام المؤسسات الدولية المعنية بقياس قوة الدولة من خلال اعتمادها سياسات فعالة لمواجهة الفساد وقد صنف الفساد إلى فساد سياسي وفساد بيروقراطي أو إداري،
وعرف الفساد السياسي بأنه:- إساءة استخدام السلطة العامة – الحكومية – لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية ، لتحقيق مكاسب شخصية ، واهم إشكاله المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب . وقسم الفساد أيضا إلى فساد صغير وفساد كبير ، أما الفساد الكبير فهو الفساد السياسي الذي ينتشر في أعلى دوائر السلطة السياسية حيث يقوم من بيدهم القرار السياسي باستعمال سلطتهم ونفوذهم لتوطيد مكانتهم وتعزيز ثرواتهم بتفصيل السياسات والأولويات والتشريعات على قياسهم ولمصلحتهم ، وهو اخطر أنواع الفساد وأكثرها تعقيدا وأثرا على المجتمعات والدول وأكثرها صعوبة في المعالجة ، ولكن عملياته اقل عددا من الفساد الصغير أو الإداري ، فهي عمليات قليلة قياسا بعلميات الفسـاد الصغير ولكنها اكبر وأكثر أثرا وأعظما حجما وثأتيرا .
أما الفساد الصغير أو الإداري أو البيروقراطي أو الفساد المحدود أو التافه فهو ممارسة المعاملات الفاسدة في الإدارة ، وهو قد يأخذ شكل تبادل مبالغ نقدية أو منافع ثانوية كدفع الرشى لترويج أو تسريع بعض المعاملات وتوظيف الأقارب والأصدقاء في مراكز غير قيادية ، وهو فساد اقل خطرا وأثرا من الفساد الكبير أو السياسي ، إلا إن عدد عملياته كبير جدا قياسا إلى عدد عمليات الفساد الكبير ، فقد يقع في اليوم الواحد ألاف المرات ومن عدد كبير من الموظفين والمواطنين كدفع الرشى في مراكز الشرطة أو دوائر التسجيل العقاري أو في المحاكم أو في دوائر الضريبة أو في دوائر الأحوال المدنية أو الجوازات أو الرعاية الاجتماعية وغيرها .
وبسبب غياب الفصل بين الإدارة والسياسة خاصة في البلدان النامية فان تقسيم الفساد إلى سياسي أو كبير و إداري أو صغير يكون غير واضح ونسبي. وتعد هيمنة السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى، أحد أهم الأسباب الرئيسية لثورة 25 يناير والموجة الثانية لها في 30 يونيو، حيث ضاقت وضاعت الفواصل والحدود بين الحزب الحاكم والسلطات الثلاث، مما أضعف من رقابة السلطات على بعضها البعض. كما سيطرت السلطة التنفيذية على الإعلام، مما ساهم في تضليل الرأي العام .
كاتب المقال دكتور في الحقوق وخبيرالقانون العام مستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات