الشرق الأوسطعاجل

تحليل : عصا كيري السحرية تنهي ازمتنا السياسية !

بقلم : همام عبدالله السليم  –  كاتب وباحث سياسي عراقي

في زيارة قيل عنها رسمية حل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري _ يبدو انه ثقيل الظل على البعض _ ضيفاً على العراق، وذلك تزامناً مع الذكرى الثالثة عشر لسقوط نظام صدام حسين واحتلالها للعراق، بيد ان زيارته هذه المرة ركزت على دعم العبادي وبرنامجه الاصلاحي وبحث سبل مواجهة الازمة السياسية الراهنة وتقريب وجهات النظر من اجل تمرير التشكيلة الحكومية، فوجه رسائل صريحة للكتل بدعم كل من اوباما وبايدن وكيري للرئيس العبادي الذي اظهر ادارة حكيمة في النجاحات الأمنية، وان على الجميع التوافق على التشكيلة الجديدة دون المساس بموقع العبادي الذي يجب ان يبقى رئيساً للحكومة، فكيف كانت اجواء الزيارة ؟ وكيف مارس كيري سياسة العصا والجزرة ؟ وكيف اثرت الزيارة في الخطاب السياسي للكتل؟ وكيف يمكن للازمة ان تحل ؟

قراءة للزيارة

يلاحظ على الزيارة انها كانت تدل على امتعاض امريكي من الحكومة والكتل السياسية العراقية، فكيري لم يهبط في مطار بغداد ولم يكن احداً في استقباله من الحكومة، وانما هبط في قاعدة عسكرية استقبله فيها سفير بلاده، فضلاً عن ذلك فقد عقد مؤتمره الصحفي في مبنى السفارة الأمريكية لوحده، وهو ما يؤشر إلى ان الزيارة لم تكن رسمية وانما طارئة لحل الأزمة السياسية.

سياسة العصا والجزرة

هي ساسة معروفة تركز على التلويح بالدعم وتقديم المساعدات ”الجزرة” للمتعاونين، أو التلويح بالضغط ورفع اليد والعقوبات”العصا” على المعارض، وفي السياق شدد كيري على دعم بلاده للعراق لتجاوز ازمته الاقتصادية وتسهيل الدعم الدولي للبلاد في مجالات الاستثمارات في حال تجاوز ازمته السياسية وأقر التشكيلة الجديدة !! ويشار إلى أن الرئيس الأمريكي اوباما سيطلب من دول قمة الخليج التي ستعقد في الرياض بحضوره تقديم مساعدات مالية واقتصادية للعراق ويعتقد انها ستستجيب للطلب في حال اقرار التشكيلة الجديدة ! وهو شرط اخر للدعم، ومن جهة اخرى يبدو ان كيري قد مارس ضغوطاً ايضاً على بعض الكتل من اجل تمرير التغيير الوزاري.

ثمار الزيارة

ما ان غادر كيري العراق حتى بدأ الخطاب السياسي للكتل يتجه نحو التهدئة بدلاً من التصعيد الاعلامي وتخلت بعض الكتل عن مشروع سحب الثقة عن العبادي، وبدأت بعض الكتل بتقديم اسماء مرشحين للوزارات وفقاً للشروط التي حددها العبادي للتكنوقراط وستتجه بقية الكتل في السياق نفسه فتقدم مرشحين للوزارات .

سيناريو حل الأزمة

وفقاً لما تقدم يمكننا القول إن كلً من العبادي والكتل السياسية سيقدمون تنازلات لبعضهم العض من اجل تمرير التشكيلة الجديدة أو عملية التغيير، إذ نعتقد ان عدد وزارات الحكومة سيبقى 22 وزارة او ربما يقلص لعشرين وزارة فقط ، وستقدم الكتل اسماء 3 مرشحين لشغل كل وزارة من الوزارات التي كانت تشغلها سابقاً وللعبادي حرية الاختيار او الرفض وقد حددت الكتل وخاصة التحالف الوطني شروطاً للوزراء المرشحين وهي ( ان لا يكون من القادة البارزين للكتل، ولا يكون قد تسلم وزارة سابقاً، وان يكون متخصصاً في مجال وزارته، وان يحظى بموافقة العبادي).

حسابات الربح والخسارة

الآلية اعلاه تشير إلى ربح الكل تقريباً ؛ فالعبادي نجحفي تجديد الدعم الأمريكي له وتجديد ثقة الكتل به فضلاً عن نجاحه في احراجها امام الشعب واظهارها بمظهر المتمسك بالمصالح والامتيازات، أما السيد الصدر فنجح هو الاخر في تمرير تغيير شامل للوزراء وهو ما دعا إليه تحت شعار شلع قلع، أما الكتل السياسية بدورها فنجحت بالاحتفاظ بمواقعها ومصالحها و تقديمها لأسماء ليسوا من قادة الخط الأول لكنهم سيكونون ضعفاء امام الكتل التي رشحتهم وتعاملهم بالقول ( احنا اللي صعدناك واحنا اللي انزلك ) وستحتفظ كل الكتل بنسبها في الحكومة اوما تسميها استحقاقها.

ويبدو ان الرابح الاكبر من ذلك هو السيد العبادي الذي حسم صراعه مع الكتل لصالحه وهنا نجيب عن سؤال مقالنا السابق ، العبادي والكتل من سيحسم الصراع ؟

ولعل الخاسر الاكبر من ذلك كله هو الشعب الذي استُخدِمَ وسيلةً للتصعيد والتهديد ومن ثم تم تجاوز مطالبه بالتغير الشامل نحو التكنوقراط المستقل ، ولكن المهم في التكنوقراط السياسي القادم انه سيخلصنا من نخبة وزراء الجوكر الحاليين وهذا مكسب مهم للتيار المدني والشعب ان نتجه نحو حكومة متخصصة وان كانت سياسية كمرحلة اولى .

ختاماً يبدو ان الخلطة المقترحة بمباركة امريكية سترضي الجميع او الاغلبية وتنهي ازمة العراق السياسية ، فيالها من عصا سحرية تلك التي جاء بها وزير الخارجية الأمريكية .

همام السليم
همام السليم
Rate this post

المركز الديمقراطي العربي

مؤسسة بحثية مستقلة تعمل فى إطار البحث العلمي الأكاديمي، وتعنى بنشر البحوث والدراسات في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية والعلوم التطبيقية، وذلك من خلال منافذ رصينة كالمجلات المحكمة والمؤتمرات العلمية ومشاريع الكتب الجماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى