توقعات : مستقبل البرلمان العراقي بعد فوضى نيسان
همام عبدالله السليم – كاتب وباحث سياسي عراقي .
إن ما حصل في مجلس النواب العراقي يوم 26 نيسان يمثل فوضى برلمانية عارمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ وان ما جرى وما تبعه من احداث يوكد اننا اليوم امام فريقين: المعتصمون وغير المعتصمون او المحافظون والمتمردون وكلاهما يدعي الوصل بالشرعية ! فكيف سينعكس ذلك على مستقبل الحياة البرلمانية وتفاهمات الكتل السياسية ؟
فبعد ان فرض الأمر الواقع وتمكن فريق المحافظون من عقد الجلسة في القاعة الدستورية الكبرى بعيداً عن فوضى المعتصمون، وتمرير تعديل وزاري جزئي شمل خمسة وزراء، اعلن النواب المعتصمون عن عزمهم تشكيل كتلة معارضة داخل البرلمان العراقي وتعليق حضورهم جلسات مجلس النواب، فضلاً عن تقديمهم طعن امام المحكمة الاتحادية بعدم قانونية ودستورية جلسة يوم 26 / 4 حسب وجهة نظرهم.
وهنا لنا ان نتوقع ان طعن كتلة المعتصمون لن يأتي على ما يشتهون وإنما سيخالف اهوائهم، فمن المتوقع جداً ان يحكم القضاء العراقي لصالح الطرف الحكومي الأقوى، وهنا لن يبقى امام المعتصمون إلا ان يحترموا قرار المحكمة الاتحادية مع طعن بعضهم بمصداقيتها، وان يشكلوا كتلة نيابية معارضة حقيقة وهي حالة صحية، وهذه الكتلة المعارضة بما تملكه من كثرة عددية حتماً ستشكل مصدر صداع حقيقي للكتل المتحاصصة والمشاركة في الكابية الوزارية، وبالتالي سيكون لزاماً على الفريق الأخر (المحافظون) ان ينال رضى كتلة المعارضة ويكسب ودها، ولعل السبيل إلى ذلك هو ان يتم الاتفاق معهم على الاطاحة بهيئة رئاسة مجلس النواب مجدداً وبالأطر القانونية والدستورية، وهذه الخطوة هي ما سنشهده بعد اكمال مشروع التعديل الوزاري.
وقد تكون كتلة الاحرار مهندسة مشروع الاطاحة بسليم الجبوري ونائبيه، وما يعزز ذلك تصريح القيادي في كتلة الاحرار عقيل عبدالحسين الذي سجل امتعاض كتلته من طريقة ادارة سليم الجبوري لجلسة التعديل الوزاري وازدواجيته في احتساب الاصوات على اقالة الوزراء وتعيين بدلاء عنهم وكيفية حرصه على احتساب النصاب اثناء محاولة تغيير وزير التربية الدكتور محمد اقبال القيادي في حزب سليم الجبوري، وسينال هذا المشروع رضى وتأييد كتلة بدر النيابية سيما بعد محاولة كتلة ديالى هويتنا في مجلس محافظة ديالى الاطاحة بمحافظ ديالى مثنى التميمي (من كتلة بدر) عبر استجوابه او اقالته في حال عدم حضوره جلسة الاستجواب في 5 ايار، سيما وان الدكتور سليم الجبوري هو رئيس كتلة ديالى هويتنا، وعليه لا يمكن لكتلة بدر ان تحرص على تثبيت سليم الجبوري في موقعه في الوقت الذي تطيح فيه كتلة سليم الجبوري بمحافظ ديالى مرشح كتلة بدر، وستتم المساومة على المنصبين فتقابل الاطاحة بإطاحة والبقاء ببقاء.
كما نتوقع ان يتم اكمال مشروع التعديل الوزاري ولكنه لن يكون شاملاً ولن يكون تكنوقراط مستقل بمجمله وانما سيمثل خليط من الكابينة الحالية ومرشحين تكنوقراط مستقلين واخرين حزبيين وسياسيين، فيخرج العبادي بكابينة كوكتيل ( تكنوقراط سياسي ومستقل) .
من كل ما تقدم يمكننا توقع الآتي:
- ستشهد العملية السياسية خلافات حادة بين الكتل المشاركة في الحكومة على المناصب والمكاسب وسيكون للغة التهديد والوعيد حضوراً قوياً، وسيصعب التفاهم على المغانم، وربما سيلتهب جو الخلاف بين الكتل تزامناً مع بدأ حرارة الصيف الضاغط على المواطنين للتظاهر.
- وسيشكل النواب المعتصمين وسيلة ضغط ومصدر قلق دائم للجميع، وستزداد قوة كتلة المعتصمين المعارضة مع احتمال انضمام كتل الاحرار وبدر ومستقلون إليها سيما بعد ان اطيح بالسيد حسين الشهرستاني وزير التعليم من كتلة مستقلون.
- لن يتمكن السيد سليم الجبوري من الاحتفاظ بموقعه كرئيس لمجلس النواب لفترة طويلة، سيما بعد اتساع جبهة معارضيه (المعتصمين وكتل الاحرار وبدرومستقلون)، وستتم الاطاحة به عاجلاً أم اجلاً.
- لن تنتهي الأزمة السياسية وستتفاقم اكثر في قابل الايام وستمارس المعارضة دورها الرقابي الضاغط وربما سنشهد جلسات استجواب واستفسار وسحب ثقة كثيرة.
ختماً نناشد كل الكتل السياسية المعارضة والمشاركة في الحكومة إلى تغليب لغة الحوار والتفاهم على سياسات لي الأذرع وفرض الأمر الواقع، وتكثيف الجهود لحل الأزمة ومنع انعكاسها على الشارع، والعمل على مواجهة ازمات العراق الأمنية والاقتصادية والمالية والتي لها الاولوية على الأزمة السياسية والكابينة الوزارية والعمل على مكافحة الفساد واسترجاع اموال العراق المهربة .