مقالات

حرية الرأي .. المزعومة !!

بقلم : حسين مرسي
ولأننا في مصر .. فمعنى الحرية يختلف عن أي مكان آخر في العالم ..فنجد البعض يتحدثون عن الحريات كأنها دينهم وديدنهم .. ويروجون لحرية الرأي وحرية التعبير ولكن في حدود ما يقبلونه هم فقط .. ولو أسعدك الحظ وتصادف أن قلت رأيا يخالفهم أو تصرفت تصرفا لا يوافق هواهم فأنت إذن خائن وعميل وتستحق منهم ما لا يرضيك قولا وفعلا ..
هذا هو حال السادة النشطاء والنخبة و الذين أصبحوا فجأة هم من يصنف ويحدد ويقيم كل خلق الله على اختلاف توجهاتهم .. فأصبح هذا من وجهة نظرهم وطنيا وهذا خارج الصف وهذا ” فلول ” إلى آخر تصنيفاتهم التي لاتنتهي والتي لايعجزون عن اختراعها لمن يريدون .. ولو حاولت أن تقوم أنت بتصنيفهم أو بتحديد هويتهم أو حتى فكرت مجرد التفكير في نقدهم ينقلبون عليك بالهجوم العنيف على صحفهم و مواقعهم وفضائياتهم التي أصبحوا للأسف الشديد يمتلكون توجيهها والحديث فيها لأنهم هم أصحاب الصوت العالي .. وهم أصحاب الأجندات التي يتم تنفيذها .. وهم أدوات رجال الأعمال المسيطرين على الإعلام لحماية مصالحهم بعد أن شيد رجال الأعمال إمبراطوريات إعلامية تحميهم وتحمي مصالحهم !
هذا هو باختصار شديد الوضع في مصر الآن وبالطبع ينسحب هذا على الوضع في نقابة الصحفيين التي يفترض أنها تضم صفوة العقول التي من أساسيات عملها توجيه الرأي العام … ولكن للأسف تحولت الرسالة التنويرية إلى رسالة تحريضية تهدف لإشعال الأوضاع لحساب فئة معينة عملت ومازالت تعمل لنشر الفوضى والتحريض ضد مؤسسات الدولة والدخول بالنقابة في صدامات محمومة ليست بالطبع في صالح الصحفيين ولا في صالح المهنة ..
الزملاء أعضاء مجلس النقابة – بعضهم بالطبع وليس كلهم – سيطروا بالفعل على النقابة ووجهوها لتنفيذ أجندات وتوجهات معينة .. وهذا الكلام ليس بجديد وكنا قد تحدثنا فيه أكثر من مرة قبل وقوع الأزمة الأخيرة بالصدام مع وزارة الداخلية لذلك فكلامي هنا لانسعى به للدفاع عن وزارة الداخلية ولا عن موقفها من النقابة فالداخلية قادرة على الدفاع عن نفسها .. ولكن حديثنا عن النقابة التي تم تغيير مسارها لتصبح حزبا سياسيا لليسار الذي أصبح يسيطر على مجلس النقابة ويوجه العمل فيها لصالحه وصالح عناصره سواء من الصحفيين أو الناشطين الذين أصبحت النقابة بيتا لهم في الوقت الذي لايجد الصحفي عضو النقابة مكانا له بين هؤلاء الآن !!
والغريب في الأمر أنك تجد اليساري المتطرف وقد توافق مع الإخواني المتطرف أيضا في سابقة عجيبة لم تحدث من قبل قط .. فقد كان العداء بين الإخوان واليسار بديهيا ومكونا أساسيا في فكر وأيدلوجية الطرفين .. ولكن الآن تغيرت الظروف والأهداف وتوحد الطرفان ليقفا معا ضد الدولة أيا كان من يمثلها !
ولأنهم يتحدثون عن حرية التعبير وحرية الرأي فكان لزاما على البعض ممن يرفضون توجهات المجلس والتصعيد الأخير والدخول في مواجهة مع الدولة بشكل فيه الكثير من التشدد بحيث أصبح الصدام حتميا في ظل استمرار هذا المجلس .. فقد قرر بعض الزملاء من الصحفيين إعلان رفضهم لتوجهات وممارسات مجلس نقابة الصحفيين وهذا حقهم الديمقراطي المكفول لهم في إطار حرية الرأي وحرية التعبير وكل الحريات التي يتحدث عنها أصحاب التيار المسيطر على النقابة ..
ولكن للأسف فكما قلنا الحريات من وجهة نظر البعض هي أن تفتح لي المجال لأقول ما أريد وأفعل ما أريد دون أن تعترض .. ولو تجرأت واعترضت أو رفضت ما يقال من التيار صاحب الصوت الأعلى والمسيطر على الميديا في مصر فأنت إذن خائن وعميل ويجب ذبحك على باب نقابة الحريات بعد أن يتم تشويهك بشكل غير مسبوق !!
هذه هي الحريات التي يريدونها ويسعون لها وتلك هي الشعارات التي صدعونا بها طوال سنوات مضت لنكتشف في النهاية أنها مجرد شعارات وهمية لاتسمن ولا تغني من جوع .. وأنها مجرد حبر على ورق لمجرد الاستهلاك الإعلامي فقط أما على أرض الواقع فلا حرية رأي ولا حرية تعبير ولكنه الرأي الواحد فقط ومن يخالفه فلينتظر دوره لوضع اسمه في القائمة السوداء .. بل يتجاوز البعض ليهدد المخالفين بالشطب من جداول النقابة ..
وباختصار شديد فقد أراد البعض السيطرة على نقابة الرأي والحريات ليوجهها في إطار قناعاته وتوجهاته ليدخل بالنقابة في النفق المظلم الذي لن تكون نهايته في صالح الصحفيين .. وعندما اعترض البعض على هذا التوجه تم تخوينهم وإطلاق التهم المعلبة سابقة التجهيز عليهم وعلى من يناصرهم ويؤيدهم .. ولكنهم نسوا أو تناسوا أو أنهم يتجاهلون عمدا موقف الشارع الآن مما يحدث في نقابة الرأي بعد أن استعدوا المصريين جميعا ضد الصحفيين الذين تم وضعهم في سلة واحدة ليتلقوا السباب والشتائم على صفحات المواقع الاجتماعية بسبب موقف مجلس نقابتهم .. فاذكروا دائما أن الشارع هو الفيصل وهو الآن من يقيم ومن يتحكم لأنه سئم من تجاوزاتكم وصداماتكم ..
كلمة أخيرة .. الخلاف لايفسد للود قضية والحوار طريق واحد ووحيد لحل أي مشكلة في البيت الصحفي .. أما التخوين والتهديد بالقوائم السوداء فلن يجدي نفعا وسيزيد الوضع سوءا و النار اشتعالا .. ألا هل بلغت .. اللهم فاشهد

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى