عاجلمقالات

الكيان الصهيونى من خرق القانون الدولى إلى رئاسة لجنة الأمم المتحدة

بقلم : ابو الحسن بشير عمر – باحث زائر في المركز الديمقراطي العربي

 

فى البداية : هالنى كما هال كل مهتم بالقانون الدولى و العاملين فى المجالات المرتبطة به , نتيجة تصويت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بانتخاب الكيان الصهيونى لأول مرة كرئيس لجنة القانون الدولى بالأمم المتحدة , فذات الجمعية العمومية للأمم المتحدة التى ارتكبت اليوم  تلك الفاجعة فى حق الإنسانية , هى التى أصدرت فى الأمس القريب العديد من القرارات ضد الكيان الصهيونى و ما يرتكبه من جرائم فى حق الشعب الفلسطينى , فطالما تواترت خروقات الكيان الصهيونى للقانون الدولى لدرجة أنه أصبح المثال الأشهر على ضعف القانون الدولى فى مواجهة الجرائم ضد الإنسانية و هو ما دفعنى لإعادة استقراء المشهد الدولى من خلال المنظور التراكمى للعلاقات الدولية و دور الجمعية العمومية للأمم المتحدة .

المظلة السياسية : ظل الغطاء السياسى الذى وفرته الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيونى منذ عام  1967 , و الذى سبقه دور المملكة المتحدة ( بريطانيا ) منذ النشأة الغير شرعية لذلك الكيان فى عام 1947 , يغل يد القانون الدولى تجاه الممارسات المؤثمة إنسانيا التى قام بها الكيان الصهيونى طيلة سبعون عاما حتى أصبحت أمرا واقعيا يقتضى التعامل معه ببعض من المواءمة السياسية , لكن لم يتطور الأمر يوما إلى الإقرار بمشروعية تلك الممارسات و إنما كانت نتيجة المواءمة السياسية هى فقط الحيلولة دون تنفيذ قرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة تجاه الخروقات الممنهجة التى قام بها الكيان الصهيونى للقانون الدولى .

الدولة الفلسطينية : كان قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة بمنح فلسطين درجة عضو مراقب و ما ترتب على ذلك من آثار أخصها أحقية الدولة الفلسطينية فى الانضمام إلى  الكيانات و المنظمات الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية , و فى التوقيع على الاتفاقيات و المعاهدات , بمثابة الإنجاز الأكبر و الأهم نحو إقامة دولة فلسطينية لها كافة الحقوق الدولية و منها الحق فى الحماية القانونية لشعبها و أراضيها من أية عدوان , و الحق فى المطالبة باستعادة ما سلب منها على يد الكيان الصهيونى , و قد بدا للحظات أن هناك توجه دولى عام من أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطينى , و توجه سياسى خاص من الإدارة الأمريكية منذ تولى الديمقراطيين مقاليد الحكم فى عام 2008 , إلى إقامة الدولة الفلسطينية , و قد تم التسويق لذلك التوجه فى الأوساط الدولية حتى توهمنا أن هناك إصرار من إدارة الرئيس أوباما على إتمام مشروع السلام بين الكيان الصهيونى و الدول العربية من خلال السعى نحو تحقيق حل الدولتين , و أن الصدام بين الأدارة الأمريكية و بين حكومة نتنياهو قد بدأ , و أن هناك توجه داخل الحزب الديمقراطى لفرض حل الدولتين على حكومة الكيان الصهيونى .

المواءمة السياسية : يبدو أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية , و بداية السباق الرئاسى الأمريكى بين الديمقراطيين و الجمهوريين , تمكنت حكومة الكيان الصهيونى من فرض شروطها على إدارة اوباما التى تسعى لاستمرار حكم الديمقراطيين من خلال اعلان اللوبى الصهيونى داخل الولايات المتحدة الأمريكية لدعم هيلارى كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة القادمة , فى مقابل تحسين الوضع القانونى للكيان الصهيونى , و الحصول على مكتسبات جديدة تجب و تجابه المكتسبات التى تمكنت الدولة الفلسطينية من الحصول عليها خلال الفترة السابقة , فى محاولة لتهميش آثار تلك المكتسبات و تحقيق التوازن الذى يضمن للكيان الصهيونى إستمرار توسعه و تمدد نفوذه .

و فى النهاية : لا يسعنا سوى الاعتراف بحقيقة الواقع الدولى , و التعامل معه وفقا للمعايير التى تتبناها القوى الفاعلة , و محددات الصراع الدولى , و أولى تلك العايير و المحددات هى تقديم المواءمة السياسية على مبادئ القانون الدولى , و نرى وجوب السعى نحو منافسة الكيان الصهيونى و اللوبى الداعم له داخل الإدارة الأمريكية , و استغلال النفوذ المالى لدول الخليج داخل الاقتصاد الأمريكى , و تكوين لوبى يستمد مصادره من الناخبين الأمريكيين المسلمين و ذوى الأصول العربية , و استغلاله فى عملية التدافع السياسى لانتخابات الرئاسة الأمريكية بهدف تحسين شروط الصفقات السياسية التى تفرض مع الإدارة الجديدة لصالح الدولة الفلسطينية .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى