عالميّة حقوق الإنسان بين الازدواجيّة والخصوصيّة
اعداد الباحث :محمود جمال أحمد عبد العال
باحث زائر في “المركز الديمقراطيّ العربيّ”
توطئة:
تأتي أهمية حقوق الإنسان في العالم العربيّ نتيجة حالة العنف التي يمر بها العالم العربيّ، ولاسيّما بعد ما سُميّ بـ “الربيع العربي” في عام 2011. وأظهرت تلك الحالة الاستثنائيّة تلازم بين ثنائيّات العنف والسلطة من ناحية، والعنف والمجتمع من انحية أخرى. دعا ذلك العديد من المنظمات الدوليّة والدول الغربيّة للتدخل لمنع هذا فيما أطلقوا عليه “التدخل لأغراض إنسانية”، ولكن هذا التدخل من أجل حقوق الإنسان لا يُمثل مشكلة في حد ذاته بل تكمن إشكالاته في مسألة الانتقائية، فمع ارتفاع وتيرة العنف في عدد من الدول التي تُعرَف بصداقتها للغرب (خاصة الولايات المتحدة الأمريكية) تم الاكتفاء بتصريحات الشجب والإدانة والدعوة المُوجهة لهذه الدول لاحترام حقوق الإنسان مثلما حدث من تعامل الإدارة الأمريكية مع الرئيس المصريّ الأسبق مبارك في بداية الثورة المصرية في 25 يناير/كانون الثانيّ 2011، ومملكة البحرين العضو في مجلس التعاون الخليجي الذي يعد حليفا استراتيجيًّا للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط.
على العكس من ذلك تعاملت المنظومة الغربيّة سريعًا مع نظام معمر القذافيّ في ليبيا، ووقوف الولايات المتحدة عثرة أمام محاولة إصدار أي قرار أممي لإدانة الاحتلال الإسرائيليّ لفلسطين وانتهاكات حقوق الإنسان. وآخر ذلك ما اُشيِع حول تراجع الأمم المتحدة عن تصنيف التحالف العربيّ في اليمن (الذي تقوده المملكة العربيّة السعوديّة) من قائمة انتهاكات حقوق الطفل.
تُثير حقوق الإنسان كأداة في العلاقات الدولية تحفظات حيث أصبحت سلاحاً يُستخدم ضد الدول التي تمثل حائط صد ضد سياسات الدول الكبرى وذلك في ضوء ما يُسمي “بازدواجية المعايير “، ومن ثم تحولت من مبدأ ذو طبيعة إنسيّة إلى مجرد أداة من أدوات السياسة الخارجية للدول الكبرى، وأصبح هدفها تنميط مؤسسات الدول وفقا للمصالح الغربيّة في إطار العولمة الثقافيّة. وإلى هذا سعت هذه الدول إلى تجنب هذا من خلال إعلان مواثيق محليّة وإقليمية لحقوق الإنسان وفقا للخصوصيات الثقافيّة لهذه الدول مثل البيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام أو ما قامت به الدول الآسيوية (سنغافورة وتايوان والصين وماليزيا) في إعلان بانكوك 1993 وأطلقوا عليه ما سمي بـ “القيم الآسيوية” (1). والتي عكست حالة من الصراع حول عالمية حقوق الإنسان وظهر ذلك في مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان. وتم طرح انتقادات حول مبدأ الفردانية باعتباره مهدداً للترابط الاجتماعي بالأسرة الآسيوية (2). وفي نفس هذا الإطار الساعي إلى تكريس مبدأ الخصوصيّة في حقوق الإنسان تنطلق دساتير الدول الإسلامية والعربية بنظرتها لحقوق الإنسان بكونها تكريمًا من الله (3) يحميها الحاكم ويطبقها وفقاً للمصلحة العامة وغالباً ما تُهدر هذه الحقوق بحجة المصلحة العامة وذلك بعكس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينطلق من كونها حقوق طبيعيّة لصيقة بالإنسان بغض النظر عن دينه أو لغته او عرقه أو حتى طبقته.
المشكلة البحثية:
إن عملية التأصيل الثقافيّ لحقوق الإنسان تقوم على فلسفة واحدة سواء في الثقافة الغربية أو الثقافة الإسلاميّة ويبقي جوهر الاختلاف في التطبيق مرتبطًا بالظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة وكذلك الثقافية للمجتمعات التي لم نستطع تجاوز هذه الخصوصيّات حتى الآن، بعكس التأصيل الأوربيّ الذي تخطّى الخصوصيّات الثقافيّة حيث أنها تبرز إيمانها بحقوق الإنسان بغض النظرعن الدين، الجنس، أو اللون. وإلى هذا المعنى يذهب البعض حيث انه وبفعل العولمة والتطور التكنولوجي الهائل لم يعد هناك انفصال بين ثلاثية الوطنيّ والإقليميّ والعالميّ ومن ثم تم هضم الخصوصية الثقافية في العولمة وأدواتها المختلفة.
فثمّة جدل كبير حول مدى عالمية حقوق الإنسان وتوافقها مع الثقافات والمجتمعات المحليّة. وفي الوقت الذي ترى فيه المجتمعات الغربيّة أن حقوق الإنسان من حيث المنظومة القيميّة والإجرائية قد باتت شيئاً معولمًا؛ لا يُمكن الاستغناء عنه أو تجاهله. فإن عدد من الدول الأخرى ترى بأن ثمّة خصوصية ثقافية لمجتمعاتها لا يُمكن تجاوزها حين الحديث عن حقوق الإنسان. من هنا يأتي التساؤل الرئيس للدراسة حول:
- مدى أن تلعب الخصوصية الثقافية بأوجهها المختلفة سواء الدينية أو العقائدية دوراً معطلاً لعولمة حقوق الإنسان؟
- وإلى أي مدى تستخدم الأنظمة السلطويّة مسألة الخصوصية الثقافية لتعطيل التطور الديمقراطيّ والحقوقيّ في مجتمعاتها؟
- وهل تستخدم الدول الغربية مسألة حقوق الإنسان كأداة للضغط السياسي على الدول الأخرى؟
- وستحاول الورقة الإجابة على هذه التساؤلات من خلال عدة محاور منها:
أولاً: حقوق الإنسان في المواثيق الدولية والعربية (نظرة نقدية).
ثانيًا: رؤية السلطة لمسألة حقوق الإنسان في المجتمعات العربية.
ثالثًا: تأثير الخصوصية الدينية على مبدأ عالمية حقوق الإنسان.
رابعًا: ثنائية العولمة والعالمية في حقوق الإنسان.
خامسًا: ازدواجيّة المعايير الدولية في التعامل مع مسألة حقوق الإنسان.
أولاً: حقوق الإنسان في المواثيق الدولية والعربية (نظرة نقدية):
يرى كثير ممن انشغلوا بالخصوصية الثقافية العربيّة والإسلاميّة في حقوق الانسان مثل الجابري أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا يتعارض مع الخصوصيات الثقافية ولاسيّما الدينية في جوهرها وإن الإعلان العالميّ في ح ذاته ليس ضد مجتمعاتنا، ولكن الحيد عنه قد يكون عائقاً أما مجتمعاتنا وتطورها كون جوهر الخلاف هامشي وليس جوهري(4) . ولضمان تحقيق فاعل وشامل لحقوق الانسان وقيمها يجب أن نأخذ في اعتبارنا الفروقات بين الدول والمجتمعات مثل النظم السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وعملية صنع القرار في هذا البلد بالإضافة إلى الفاعلين الرئيسيين(5). ومن ثم سننطلق فيما يلي من المبادئ الأساسية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما يماثلها في المشروع العربيّ لحقوق الإنسان والبحث في معطلات حقوق الإنسان بالنسبة للإنسان العربيّ وهل أنها تعود للخصوصيّة الثقافيّة والدينيّة أم أنها فقط تعود لطبيعة الأنظمة الحاكمة في هذه المنطقة.
مثلّت المادة الأولي من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إجماع عام ونقطة التقاء للجميع حيث أكدت على كرامة الإنسان وحريته (6)، وصدقت على هذه المادة الدول العربية والإسلامية ومع هذا عندما نتطرق للتنفيذ خاصة في المنطقة العربية نجده منافيًا تمامًا لما هو مرسوم مع أن هناك تأكيدات في الشرع والدين تحث على ذلك مثل قوله تعالي “ولقد كرمنا بني آدم” (7) أو خطبة الوداع للرسول (ص) عندما قال “يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد،كلكم لآدم وآدم من تراب إن أكرمكم عند الله أتقاكم” (8).
وعندما نتطرق لهذا الامر نجد أيضا أن هناك أزمة في التطبيق لا تعود لشيء سوي التحجج بالإرهاب ونظرية المؤامرة التي أدمنها العقل العربي منذ مرحلة الاستقلال وحتى الآن.
وتنص المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في الإعلان دون التقيد، أو التمييز بسبب العنصر، اللون، الجنس، اللغة، الدين، الموقف السياسي، أو أي موقف آخر(9). تدعو هذه المادة صراحةً للمساواة وعدم التمييز واحترام الإنسان فقط لكونه إنسان بعيداً عن أية تمييزيّات أخرى، وتدعو صراحة لعدم التمييز علي أساس الوضع القانوني للدولة سواء كانت تحت الوصاية أو غير مستقلة أو خاضعة لأي قيد من قيود السيادة(10). وتكشف هذه المادة (عندما نُسقطها على الواقع) ثنائية وازدواجية المعايير التي تتعامل بها الدول الكبرى، حيث تقف عائقا أمام أي مشروع قانون في مجلس الأمن يدين انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة مع أنها تّدعي حقوق الإنسان وتسوق نفسها على أنها راعية وحامية لها في حالات اخري. ولكن يبدو ثمّة مصالح سياسية تحكم الأمور لدي هذه الدول وبالتالي تنعكس على قراراتها وسياساتها.
ليس بالضرورة أن تتوفر حقوق الإنسان مع توفر الأمن وهذا ما تتمسك به الدول العربية. ويظهر دائمًا في سيادة مصطلحات “الأمن القومي” و “نظرية المؤامرة” علي المجال العام فلا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار الأمن دليل علي توفر الحرية والديمقراطية ومن ثم حقوق الإنسان ،لأن في كثير في دول العالم يرتبط الأمن والاستقرار بعنف الدولة خاصة في الدول غير الديمقراطية التي تربط الأمن بالجور على حقوق الإنسان، ومن ثم يكون الأمن قد تحقق علي حساب الإنسان وحقوقه خاصة السياسية والمدنية وليس باعتبار الأول وسيلة لسعادة الثاني بل تم تسخير الأول لخدمة الأمن وثمة إشكالية في هذا تعود إلي شكليّة المظاهر تماشياً مع مطالبات الدول الغربية لتحقيق حقوق الإنسان دون النظر إلي جوهر الممارسات والأفعال التي تقوم بها هذه الدول .
يرتبط بمادة الأمن من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان عقوبة الإعدام حيث أنه أعطى قدسية لمبدأ الحياة واعتبره حق(11)، حيث يعد الحق في الحياة أهم تقدير للفرد باعتبار أنه غير قابل للتصرف فهو حق وليس منحة ولكنه قد يقيد في حالة مجموعة القوانين التي تنظم الإجراءات الجنائية (12). في نفس الوقت راعت المادة السادسة من الميثاق المدني والسياسي خصوصيات الدول التي لم تُلغ فيها عقوبة الإعدام ووضعت استثناءات بعدم جواز تطبيق الحكم على الأطفال والطفل وفقا للمفهوم العالمي هو من يقل عمره عن 18 عاما ولكن اعترضت ماليزيا على هذه التمييز (13)، كما أنه لا يجوز توقيع العقوبة على المرأة الحامل أو على الأشخاص الذين تجاوزوا من العمر سبعين عاماً(14).
ووفقا للمادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة القاسية أو العقوبة اللاإنسانية أو أي شيء متعلق بصيانة كرامته(15)، فعلي الرغم من حظر ممارسة التعذيب وفقا للاتفاقيات الدولية ترى الحكومات أن العنف قد يكون أداة لبسط السلطة والنفوذ بغرض ضبط المجتمع. ويتم ذلك بصورة عامة في الدول السلطوية حيث غياب الشرعية السياسية والرضا الشعبي لهذه الحكومات لدوام حكمهم باستخدام العنف كأداة أساسية للاستمرار.
وما يُطرح في هذه النقطة غياب دور المنظمات الدولية في الرقابة التامة علي مدي تطبيق هذه المادة حيث تم غض الطرف عن حالة سجن أبو غريب في العراق وجوانتانامو وممارسة العنف والتعذيب من خلال الولايات المتحدة التي تحاربه وتتهم أنظمة به بل وتسعي لتغييرها مثلما حدث مع النظام العراقي 2003. وقد صدر المشروع العربي لحقوق الإنسان ليتماشى مع رفض التعذيب وإلزام الدول الأعضاء الموقعة عليه بالعمل على تحقيق ذلك(16). وإلى هذا ذهبت منظمة المؤتمر الاسلامي فيما سمي بإعلان القاهرة لحقوق الإنسان 1990 (17). ومع هذا كله مازال الإنسان خاصة في الدول الإسلامية والعربية يتعرض للعنف والإرهاب خارج إطار القانون ومن ثم أصبحت هذه الاتفاقيات خاضعة لإرادة الأنظمة دون رقيب أو حسيب من مجتمع دولي قد يطبق حقوق الإنسان على مواطنيه ولكن عند التعامل مع الخارج يستبدلها بلغة المصالح(18).
وتمثل المادة السادسة عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان خلافا جوهريا حول مبدأ عالمية حقوق الإنسان حيث أنها تنص علي حق الزواج وتأسيس الأسرة بعيدا عن الجنس واللون والدين(19)، ويصطدم ذلك مباشرة مع الشريعة الإسلامية حيث لا يجوز وفقاً للشريعة الإسلامية التزاوج بين مسلمة وآخر ليس مسلماً وهذا يدخل في إطار الخصوصية العقائدية والثقافية، بالإضافة إلى الاتجاه الأخير لتقنين زواج المثليين في الدول الغربية وهذا ما يُنافي تمامًا الشريعة الإسلاميّة. والشيء نفسه فيما يتعلق بحرية العقيدة وكذلك حرية تغييرها(20). يعود بنا ذلك إلى البحث في موقف الإسلام من حرية الاعتقاد، حيث أنها مكفولة وفقا للشريعة الإسلامية، أما جوهر الإشكال يَكمُن في حرية تغييرها لأنه يتعلق مباشرة بما يُسمى “حد الردة” في الإسلام، وهو ما يرتبط مباشرة بالخصوصية العقائدية. جدير بالذكر هنا إبراز اجتهادات العلماء في تفسير “حد الردة” وربطه بحالة بزوغ الإسلام وحالة الحرب الدائمة مع الكفار (حقبة زمنيّة معينة). ويختلف ذلك تمامًا مع ما نعيشه الآن.
نخلص من العرض القانوني والحقوقيّ هذا إلى إبراز سعي كثير من الدول العربية إلى ممارسة القيود والمضايقات ضد المختلفين معها انطلاقاً من منظور سلطويّ يرتبط بقيم الديمقراطيّة وجوهر التعدديّة في كثير من الأحيان بعيداً عن أي مضامين حقوقيّة أخرى.
ثانيًا: رؤية السلطة لمسألة حقوق الإنسان
تنطلق الدساتير العربية في حقوق الانسان من كونها تكريماً من الله بعكس الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والفكر السياسي الغربي اللذان ينطلقا من كونها حقوقا طبيعية نابعة من القانون الطبيعي(20). وجاءت معظم الدساتير العربية في مرحلة ما بعد الاستعمار حيث فرضت الدول المحتلة على هذه الدول اتباع منظومة حقوق الانسان والديمقراطية الغربية في دساتيرها كسبيل للاستقلال (21). ويبرز ذلك بصورة كبيرة ارتباط حقوق الإنسان بمبدأيّ الفرض والجبر.
وقد دللت التجربة على أن النص على حقوق الانسان وقيم الديمقراطيّة والحريات في الدساتير الوطنية ليست كافية لتطبيقها في الواقع (22). فشهدت المنظمات الدولية في تقاريرها كمنظمة الأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة التابعة لها أن أكثر الدول نصًا على حقوق الانسان والحريات في دساتيرها هي أكثر الدول إهداراً وانتهاكًا لهذه القيم (23). وتتذرع هذه الدول دائما أمام المجتمع الدولي ومواطنيها بتعطيل الممارسة لبعض الحقوق المدنية بأنه استثنائي لأجل محدد لخدمة مصلحة عامة بسبب المخاطر التي تحدق بالدولة من كل الاتجاهات مثل الإرهاب أو ما يُسمى بـ “الراديكالية الإسلاميّة”، وفي سبيل ذلك تُقيِد الحريات وتحجر على حرية التعبير والصحافة، عمل الأحزاب السياسية،أو منع قيامها من الأساس وإغلاق القنوات المعارضة لسياسات الحكومة (24).
يعد ذلك ما هو إلّا تحجج باهت من الحكومات العربيّة المتعاقبة عقب مرحلة الاستقلال. فمنذ ما يزيد عن خمس وستين عامًا من الاستقلال، ومازالت حالة الاستثناء التي تدعيها قائمة، فحقوق الإنسان قيم لا تأتِ بقوانين وإجراءات ولكنّها تأتيّ بالممارسة والتجربة. وفي هذا الصدد يتعرض الجابري لهذه الإشكاليّة ويُرجع غياب الثقافة الديمقراطيّة لدي الشعوب العربيّة إلى كونهم لم يمارسوها من قبل حتى يعرفوا دهاليزها (25)، وأحياناً أخرى يتم تأجيل الحريات الأساسية للإنسان بدعوة الوحدة الوطنية وأن ترك المجال العام مفتوحاً قد يولد كيانات منقسمة علي أساس ديني، طائفي، عرقي، أو حتى جهويّ. فبالتالي ومن خلال ترك المجال العام مفتوحاً ولو بعض الشيء، يحتفظ النظام لنفسه بحق الرقابة والوصاية عليه أو حتي إلغاؤه في بعض الأحيان (26) . يُضاف إلى ذلك ارتفاع الخطاب النخبويّ بأولويات التنمية الاقتصاديّة على حساب حقوق الإنسان ولاسيّما الحقوق السياسيّة والمدنيّة.
ونستطيع القول في هذا الصدد أن غياب الثقافة الديمقراطية لدي الجماهير العربيّة، لا يُمثل عيباً عليهم بقدر ما يدين النخب الحاكمة التي فشلت في تجهيزهم، وأخيراً وعلى الرغم من سيطرة خطاب التنميّة الاقتصادية على حقوق الإنسان وقيم الديمقراطية منذ مرحلة ما بعد الاستقلال إلّا أن المواطن العربيّ لم يلمس انعكاسات ذلك.
ثالثاً: تأثير الخصوصيّة الدينيّة على مبدأ عالمية حقوق الإنسان
تُمثل الخصوصيّة الثقافيّة بمنحاها الدينيّ جوهر الخلاف حول مدى عالمية حقوق الإنسان، ولا سيّما في البلدان العربيّة والإسلاميّة حيث تتعارض عالمية حقوق الإنسان مع العديد من المبادئ مثل حرية الاعتقاد والتي تمثل تصادماً مباشرا مع ما أُصطلح عليه بـ”الردة” وفي هذا الأمر اجتهادات كثيرة (27)، بالإضافة إلى قضية المساواة بين الرجل والمرأة وفي هذا خلاف حول المساواة في الإرث والولاية العامة وشهادتها في المحكمة ، حيث شهادة امرأتين برجل (28) بالإضافة إلي مبدأ السيادة ومصدرها حيث تعتبر الأدبيّات الغربيّة أن السيادة للشعب فيما تؤكد أدبيّات الفكر السياسيّ الإسلاميّ على ان السيادة لله وحده. وهذا كله يلقي بظلاله على قضايا مثل التحزب والبيعة والديمقراطيّة والشورى.
ولكن هناك اتجاه عام في ثنائية الخصوصيّة والعالميّة باعتبار أن الحرية والعدالة والمساواة قيم مشتركة بين جميع البشر ولكن يبقى الاختلاف في آلية التنفيذ باعتبار أن الإنسان هو المحور الأساسي في حقوق الإنسان. ولا نستطيع اغفال أن إشكالية الخصوصية الثقافية تستخدم للتمييز سلبًا ضد المرأة والحريات المدنيّة والسياسيّة والإفلات من وجوبيّة تمكينها وهذا له ما يبرره في العالم العربي والإسلامي بسبب تباين أنظمة الحكم والاستثناء (29). وعلى الرغم من ذلك تبقى هناك ضرورة مُلِحة للاستفادة من تجارب الآخرين والتخليّ (بعض الشيء) عن حجة الخصوصيّة الثقافيّة، وأخذ ما يتوافق مع مصالحنا دون استيراده كما هو من منشأه. فمن الصعب استيراد تجربة ما من مجتمع ما بكامل خطواتها ومراحلها لتطبيقها مباشرة في مجتمعات أخرى (ولا سيّما المجتمعات العربيّة والإسلاميّة) دون مراعاة لاختلافات الثقافة والخصوصية. فيجب ألا نتشبث بالخصوصية لدرجة الانعزال التام أو نتمادى في العالمية لدرجة الانخراط التام.
وفي هذا الصدد قد أتاح مبدأ حق التحفظ على بعض مواد الاتفاقيّات الدوليّة فرصة للدول والمجتمعات التي لديها خصوصيّة دينيّة أو ثقافيّة للتحفظ على هذه المواد محل الخلاف مثل زواج المثليين، أو حرية الاعتقاد المُطلقة، أو المساواة بين الرجل والمرأة كما أفضنا في ذلك سلفًا.
رابعًا: العولمة والعالميّة في حقوق الإنسان
ارتبطت نشأة مفهوم حقوق الإنسان بالصراع السياسي حيث كان كل من المعسكر الشرقيّ والغربيّ قبل انهيار الاتحاد السوفيتي يتبادلان الاتهام في هذا الصدد، حيث كان يُتهم المعسكر الغربيّ بإهمال حقوق الإنسان وجعلها قاصرة على تطلعاته ورؤيته فقط متناسيا في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للناس مثل؛ حق العمل، العيش، والتعليم. ويستشهد في ذلك على عدم توقيع الولايات المتحدة الأمريكية على الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بل وقامت بمحاربتها واستبعادها من فئة حقوق الإنسان.
وفي نفس الوقت اُتهم المعسكر الشرقي بإغفال قيم الديمقراطيّة وحقوق الإنسان واعتبر أن الاشتراكيّة هي العدو الأول لحقوق الإنسان بمنظورها الشامل من القيم والحريات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية (30). وبهذا يعتبر الصراع الأيديولوجي أو الصراع على الهيمنة أساس عالمية حقوق الإنسان حيث أنها لا تعد قيمة في حد ذاتها بقدر ما هي وسيلة لتحقيق أهداف الهيمنة العالمية International domination (31).
وفي هذا الصدد ينطلق الجابري من تفسيره لعالمية حقوق الإنسان حيث اعتبر أن العالميةuniversalism تعني بالانفتاح علي كل ما هو عالميّ بعكس العولمة Globalization التي تعني الهيمنة والعمل علي إقصاء كل ماله علاقة بالخصوصيّة عن طريق احتواءه وإحلال الأمركة والثقافة الامريكية بدلاً منه من خلال السيطرة علي الإدراك وتشويه القيم من خلال وسائل التكنولوجيا الحديثة مثل وسائل الإعلام والتأثير المختلفة. وهذا كله سيعزز من ثقافة الاختراق التي غالباً ما يكون هدفها الافتقاد للهوية الجماعاتيّة من خلال التشتيت والتفتيت لربط الناس بعالم اللاوطن واللادولة واللاأمة وصولاً لحالات الإحتراب الأهلي(32) بالتالي ترمي مباشرة إلى سياسة الغالب والمغلوب والغني والفقير ومن يملك هذه الوسائل والقدرات ومن لا يملكها.
وبعد انتهاء الحرب الباردة خفَّت حدة المقايضة بين حقوق الإنسان السياسية والمدنية، وحقوقه الاقتصادية والاجتماعية. فسادت رؤية عالمية تؤمن بحقوق الإنسان ككتلة واحدة وترى أنها حقوقاً لصيقة بشخصه وهذا ما عكسه مؤتمر فينا 1993 الذي حضره اكثر من172 دولة بالإضافة إلي منظمات عالميّة حكوميّة وغير حكوميّة وتوارى في هذا المؤتمر الجدليّة التقليديّة حول مدي أسبقية حقوق الإنسان المدنيّة والسياسية، أم الاقتصادية والاجتماعية وكانت عالمية حقوق الإنسان محل إجماع ممن حضروا المؤتمر(33).
وأضافت الدول المُجتمعة في مؤتمر فينا ما أُطلق عليه “الحق في التنمية”The right to development ومساعدة الدول الفقيرة في الوصول للحوكمة كمدخل للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعية للإنسان(34). وأُعتبر الحق في التنمية من الحقوق العالميّة الغير قابلة للتصرف، ومن دلائل هذا استباق الولايات المتحدة لهذا المؤتمر بالتصديق على الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عام1992 التي كانت ترفض التصديق عليها سابقاً.
وفي ظل نظام القطبيّة الأحاديّة التي يعيشها المجتمع الدولي الآن ترى الولايات المتحدة الامريكية أن عملية نشر المفاهيم المرتبطة بحقوق الانسان تُمثل مصلحة لها باعتبار أن هذا سيتلازم معه تحرر اقتصاديّ قد يفتح الأسواق أمام شركاتها. لُوحِظ ذلك في كتابات فترة التسعينات التي تلت انهيار الاتحاد السوفيتي حيث ربط Joshua Muravchik بين إشكاليّة عالميّة وخصوصيّة القيم والثقافة الديمقراطية والعمل علي تضمين حقوق الإنسان في الديمقراطية وصاحب هذه الدعوات مناقشات وأطروحات حول حتمية صراع الثقافات أو الحضارات كما أسماه هنتنجتون Huntington S. خاصة مع الحضارة الإسلامية والصينية باعتبار ان لهما جذور ومكونات تستطع كبح القيم الغربيّة والوقوف عائقاً أمام عولمتها(35).
خامسًا: ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع مسألة حقوق الإنسان
تستخدم الدول الكبرى مجلس الامن كأداة للتدخل باسم الشرعيّة الدوليّة وذلك تحت لردع أنظمة وطنية (بالمعنى الجغرافيّ) انتهكت حقوق الإنسان. فيتم إرسال القوات العسكرية والانفاق عليها من أموال المجموعة الأممية(36) وغالبا ما تستند هذه الدول في تدخلها بتكييفه مع أنظمة مهددة لمصالح الدول الكبرى المسيطرة على مجلس الأمن (37)، بل قد يصل الأمر إلى قرارات مزاجيّة من دول كبرى دون وجود أدلة دامغة على انتهاكات حقوق الانسان وهذا كله يدخل في تركيبة مجلس الأمن الدولي وامتياز الدول الخمس المعروف بـ “حق الفيتو”.
ويرى الجابري في هذا الصدد أن حقوق الإنسان يتم توظيفها كسلاح أيديولوجيّ ضد الخصم مستغلين في ذلك وسائل الإعلام المختلفة (38) ، وبالتالي أصبحت حقوق الإنسان أداة من أدوات السياسة الخارجية لتحقيق مصالح اقتصادية واستراتيجية خاصة بهم فضلا عن شرعنتهمLegitimatization التدخل لأغراض إنسانية. فأصبحت الأمم المتحدة -التي قامت على أساس حظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء – بوابة شرعيّة للتأثير على سياسات الدول أو غزوها في بعض الأحوال فقط لهدم نظام قائم دون التفكير مستقبلاً في النظام الجديد الذي سيحقق الهدف من هذا التدخل وهذا كان جلياً في حالات مثل العراق 2003، وليبيا 2011.
يتضح مما سبق أن حقوق الإنسان أصبحت تتحرك وفقاً للمصالح الدوليّة ولا سيّما مع تباين مصالح الدول المسيطرة على مجلس الامن فيما قد يطلق عليه “ثنائية قطبية”، التي تسعى لتحريك القرارات الامميّة وفقاً لمصلحة الانظمة السياسيّة الحليفة لهم. وفي هذا الصدد تذهب حقوق الإنسان وتختفي عنها صبغة القيميّة وتتحول كما قال الجابري إلى سلاح أيديولوجيّ تتحكم فيه مصالح الدول الكبرى.
فقد عمدت الولايات المتحدة الأمريكية على دعم انظمة سياسية في الشرق الأوسط لضمان مصالحها التي تتلخص في ضمان أمن إسرائيل وضمان تدفق النفط وذلك في مقابل عدم ممارسة ضغوط حقيقيّة على هذه الأنظمة، وفي المقابل تضغط على أنظمة أخرى مناوئة لها. وبالمثل تقوم روسيا بدعم أنظمة سلطويّة كنظام الاسد على الرغم من انتهاكاته البيّنة لحقوق الإنسان لتحقيق مآرب سياسية وعسكرية تصب في التنافس القائم بين كل من روسيا والولايات المتحدة الامريكية في الشرق الأوسط.
خاتمة:
إن مسألة عولمة حقوق الإنسان تصطدم بمبدأ الخصوصيات الدينية والثقافية ويضاف إلى ذلك عدد من العوائق بعضها يرتبط بالأنظمة السياسية القائمة وتباينها وبعضها يرتبط بالنظام الدولي وازدواجية معاييره ولكن علينا التأكيد على أن الخصوصية الثقافية وخاصة الدينية لا تؤثر بأي حال من الأحوال على حقوق الإنسان كقيمة عليا. وسنوجز فيما يلي بعض الإشكالات في مسألة حقوق الإنسان:
- تقف مسألة واقع المساواة في التنمية عائقاً أمام عالمية حقوق الإنسان حيث أنها لن تكن قياساً عادلاً بين الدول الغنية والفقيرة بل ستقع الأخيرة فريسة للأولى التي تتبنى هذه القيم باعتبارها لا تملك الموارد ولا الإمكانيات التي تكفل لها تحقيق الحد الأدنى من حقوق مواطنيها وهذا كله يعود لمعضلة التنمية التي تواجه خطاب عالمية حقوق الإنسان بمفهومه الواسع. وتعد الدول الكبرى شريكة في توسيع هذه الفجوة حيث أنها مازالت تتبنى الرأسمالية المتوحشة وتسيطر على المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتستخدم العقوبات الاقتصادية كأداة للضغط علي الأنظمة، ولكن في واقع الأمر تنعكس هذه العقوبات بالأساس على الإنسان والمواطن المحليّ، وبالتالي يكون تم عقابه مرتين من طرفين مختلفين أولهما هذه الأنظمة التي حرمته من حقوقه المدنية والسياسية وثانيها عقاب دولي حرمه من حقوقه الاقتصادية والاجتماعية.
- الخصوصية الثقافية: لا تُمثل عائقاً أمام عالمية حقوق الانسان بقدر أنها تُعبر عن حالة التنوع والاختلاف باعتبارهما طبيعة بشرية وحق أصيل من حقوق الإنسان.
- الازدواجية في حقوق الإنسان تظهر ما يسمى بـ “المعضلة الغربية” حيث تطبقها في أوطانها وعلى شعبها وتستغلها في علاقاتها مع الآخرين. وغالباً ما يتم إحلال سياسة المصالح بدلاً من حقوق الإنسان في علاقاتها الخارجيّة.
- لم يكن لجامعة الدول العربية كمنظمة إقليمية أي إسهام يُذكر في هذا المجال سوى ما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال خاصة في نصه على رفض العنصرية والصهيونية باعتبارهما مهددين للسلم والأمن الدوليين بالإضافة إلى كونهما انتهاكًا لحقوق الإنسان.
الهوامش:
- Takashi Inoguchi and Edward Newman, INTRODUCTION: “ASIAN VALUES” AND DEMOCRACY IN ASIA, UNU, available at:
http://archive.unu.edu/unupress/asian-values.html#INTRODUCTION
- يورجن هابرماس،الحداثة وخطابها السياسي،(جورج تامر مُترجماً)، الطبعة الأولي(بيروت:دار النهار للنشر،2002)، ص219.
- محمد عابد الجابري،الديمقراطية وحقوق الإنسان،سلسلة الثقافة القومية(26)، الطبعة الثالثة(بيروت:مركز دراسات الوحدة العربية،1994)، ص141.
- أمير موسي،حقوق الإنسان: مدخل إلي وعي حقوقي،سلسلة الثقافة القومية، الطبعة الثانية (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، يناير2002)، ص ص16-17.
- Richard Thompson ford, Universal rights: Down to earth, first edition (U.S.A: W.W. Norton & company, Inc., 2011), P. 115.
Universal declaration of human rights, article1, available at:
- http://www.ohchr.org/EN/UDHR/Documents/UDHR_Translations/eng.pdf Accessed at 29th
- القرآن الكريم،سورة الإسراء،الآية 70.
- أمير موسي، مرجع سابق،ص ص22-23.
- Universal declaration of human rights, Ibid, article 2.
- أمير موسي،مرجع سابق،ص27.
- Universal declaration of human rights, Ibid, article7.
- Robert Paul Churchill, Human rights and Global diversity, (U.S.A: person prentice Hall, 2006), P.10.
- Ibid, P.45.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،المادة6،متاحعلي:http://www.ohchr.org/en/professionalinterest/pages/ccpr.aspx تاريخ الدخول: 30 فبراير 2016.
- Universal declaration of human rights, Ibid, article5.
- مشروع ميثاق حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي،متاح علي:
http://www1.umn.edu/humanrts/arab/arab-draft.html تاريخ الدخول: 31 مارس 2016.
- إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام،متاح علي:
http://www1.umn.edu/humanrts/arab/a004.html تاريخ الدخول: 30 فبراير 2016.
- Universal declaration of human rights, Ibid, article 16.
- Ibid, article18.
- Robert Paul Churchill, Ibid, P.p15-16.
- مصطفي الفيلالي،نظرة تحليلية في حقوق الإنسان من خلال المواثيق وإعلان المنظمات في : برهان غليون وآخرون،حقوق الإنسان:الرؤي العالمية والإسلامية والعربية،مرجع سابق،ص22.
- المرجع السابق،ص26.
- المرجع السابق.
- مصطفي الفيلالي، مرجع سابق،ص ص30-31.
- محمد عابد الجابري،الديمقراطية وحقوق الإنسان،مرجع سابق،ص106.
- مصطفي الفيلالي،مرجع سابق،ص33.
- محمد عبد الملك المتوكل،الإسلام وحقوق الإنسان،في:برهان غليون وآخرون،مرجع سابق، ص90.
- المرجع السابق،ص102.
- أحمد طه شريجي،حقوق الإنسان بين الخصوصية والعالمية،الحياة الدولية،متاح على الرابط التالي:
http://daharchives.alhayat.com/issue_archive تاريخ الدخول: 15 مايو 2016.
- محمد فهيم يوسف،حقوق الانسان في ضوء التجليات السياسية للعولمة،في: برهان غليون وآخرون،مرجع سابق،ص ص58-60.
- Robert Paul Churchill, Ibid, Pp.66-67.
- محمد عابد الجابري، العولمة والهوية الثقافية:عشر أطروحات، موقع الجابري،متاح على الرابط التالي:
http://www.aljabriabed.net/n06_01jab_awlama.htm تاريخ الدخول: 1يناير2016.
- محمد فهيم يوسف،مرجع سابق،ص ص60-61.
- Merry, Sally Engle. “Measuring the World: Indicators, Human Rights, and Global Governance”. Current Anthropology, Vol 52 .No (S3). [University of Chicago Press, Wenner-Gren Foundation for Anthropological Research, 2011] Pp83-84.
- محمد فهيم يوسف،مرجع سابق،ص62، ص64.
- مصطفي الفيلالي،مرجع سابق،ص28.
- المرجع السابق، ص29.
- محمد عابد الجابري،الديمقراطية وحقوق الإنسان،مرجع سابق،ص141.