مقالات

“الدمج الآمن” .. وهوجة المبادرات والمصالحات!!

بقلم : حسين مرسي
في مقال كتبه عمرو الشوبكي في عام 2014 بعنوان “الدمج الآمن” أكد على فشل جماعة الإخوان في اندماجها بالمجتمع خاصة بعد وصولها للحكم وأكد أن من أهم أسباب فشلهم على مدى تاريخهم الطويل هو الفشل في الوصول للدمج الآمن للجماعة في المجتمع المصري على عكس ما حدث في تركيا مثلا عندما أقر أردوغان كل ما سبقه من نظم للحكم حتى أنه لا يترك مناسبة إلا ويشيد بكمال أتاتورك وتجربته أي أنه بنى حكم الجماعة على كل ما كان من نظم سابقة عكس ما فعله مرسي عندما تحدث عن عبد الناصر فقال : “الستينات وما أدراك ما حكم الستينات” …. وأيضا يستشهد بنجاح تجربة الإخوان في المغرب عكس ما تم في مصر بعد وصولهم للحكم عندما وضع الإخوان دستورا على مقاسهم وعلى مزاجهم ورغم وجود حزب سياسي يمثلهم فقد كانت الجماعة هي المسيطرة والمحركة للأحداث ..
هكذا كان يرى الشوبكي الأمر منذ عامين .. فشل تام للإخوان في تحقيق الدمج الآمن لهم في المجتمع وبالتالي فشل ذريع في الحكم أعقبه سقوط سريع لنظام حكم الإخوان الفاشل ..
والآن يعيد الشوبكي إنتاج مبادرة الدمج الآمن ولكن في شكل جديد يدعو فيه لإعادة دمج الجماعة في المجتمع من جديد ولكنه يحمل النظام الحاكم المسئولية بقدر أكبر من مسئولية الجماعة على التغيير .. فيقول في مقال نشره ب”المصري اليوم” بعنوان ” حديث المصالحة ” : “والحقيقة أن معضلة أى نظام سياسى مع الإخوان تكمن أساسا فى التعامل مع صيغة جماعة دينية فوق الدولة والقانون، مثلما حدث عقب ثورة ينايرحين رفضت جماعة الإخوان تقنين أوضاعها كجماعة دينية شرعية منفصلة عن الحزب السياسى واستمرت كجماعة سرية فوق الدولة والقانون حتى سقوط حكمها.”
كلام جميل ومقبول فالجماعة هي التي اختارت أن تكون جماعة سرية رغم وصولها للحكم ورغم وجود حزب سياسي يمثلها في الحكم فعلا ولكن كلام الشوبكي القادم هو ما يحمل الشك والريبة في أنه قد غير موقفه من الجماعة ودخل ضمن منظومة الداعين إلى المصالحة مع الجماعة في هوجة المبادرات وآخرها مبادرة الدمج الآمن التي أطلقها الشوبكي نفسه لتصبح آخر المبادرات التدي تفتح الطريق للمصالحة مع الإخوان !!
يقول الشوبكي : ” ومنذ 30 يونيو حتى الآن لم يناقش الكثيرون قدرة النظام السياسى على قبول «أفراد الإخوان» فى العملية السياسية بشروط جديدة تختلف تماما عن تلك التى أوصلت الإخوان للحكم كجماعة دينية سرية.. وتقوم على الفصل التام بين الجماعة الدينية والحزب السياسى، والالتزام بقواعد الدولة الوطنية والدستور المدنى والنظام الجمهورى، بما يعنى أن منتج هذه العملية لن يكون هو فكر وتنظيم جماعة الإخوان المسلمين الذى عرفته مصر منذ نشأتها.. إنما هو فكر ومشروع جديد لا علاقة له بمشروع الجماعة الفاشل .”
وهل المطلوب من النظام الحاكم الآن أن يعيد التفكير في صياغة العلاقة مع الجماعة بشكل جديد مبني على الفصل بين الجماعة الدينية والحزب السياسي كما يقول ؟؟ وفي إطار الالتزام بالدستور والقانون والنظام الجمهوري ..!! هل المطلوب أن يغير النظام رؤيته للجماعة في الوقت الذي ترفض الجماعة تغيير رؤيتها للنظام والمجتمع بكامله ؟؟!! وكيف يمكن قبول ذلك التغيير على اعتبار أنه كما يقول فكر ومشروع جديد .. ؟؟
أي فكر جديد وأي مشروع جديد الذي سيكون عليه أناس قتلوا وفجروا وسفكوا الدماء وأيدوا العنف والجماعات التي تنتهجه كالقاعدة وأنصار بيت المقدس وأنصار الشريعة وووو.. وكيف يمكن أن يكون النظام الحاكم هو المسئول عن تغيير نظرته للجماعة وقبولها في حين أن غالبية قيادات الجماعة إلا قليلا يؤيدون العنف ويرفضون مباردات الصلح في أي شكل ناهيك عن شباب الجماعة الذين يرفضون مبدأ المصالحة بشكل قاطع !!
ومرة أخرى يعود الشوبكي ليرمي الكرة في ملعب النظام فيقول : “القضية الأساسية ليست فى حديث المصالحة ولا فى اعتذار الإخوان من عدمه ولا فى نواياهم الصادقة أو غير الصادقة ولا أيضا فى الهتافات «الحنجورية» بموت الإخوان، إنما القضية الحقيقية والتحدى الكبير يكمن فى قدرة النظام والمجتمع على تفكيك صيغة الجماعة الدينية القديمة ذات الذراع السياسية وإنهائها.”
إذن فالنظام هو المسئول عن فشل المصالحة وليس الجماعة من وجهة نظره أو أنه يطالب النظام المصري بقبول المصالحة شكلا ومضمونا وتغيير قناعاته وثوابته ونظرته للجماعة حتى تقبل الجماعة المصالحة !!
أما الفقرة الأخيرة في مقال الشوبكي فقد أكدت أنه يدعو صراحة إلى المصالحة وأنه يتبنى مبادرة جديدة في شكل جديد للصلح يتحمل فيه النظام مسئولية نجاح المبادرة والتصالح أو الفشل .. فيقول : “إن القبول المشروط للجماعة أو «الدمج الآمن»، كما سبق أن سميته، قد يأتى فى يوم من الأيام، وعلى الكثيرين ألا يربطوه بحديث المصالحة لأنه سيكون وفق شروط وقواعد يجب أن تنتج نموذجا آخر غير الإخوانى الذى رأيناه عقب ثورة 25 يناير، وتفرض على كل التيارات السياسية، إسلامية وغير إسلامية، الإيمان بالدولة الوطنية والدستور المدنى مثلما جرى فى المغرب وتونس، فنجحت تجربة «الإسلاميين»، ولم يحدث فى مصر والسودان ففشلت التجربة .. لا يجب أن نتحدث عن المصالحة، إنما حدثونا عن المستقبل، وعن الدولة الوطنية والدستور والقانون القادر على تحويل صيغة الإخوان القديمة إلى صيغة تيار محافظ دينياً، ممثل فقط فى حزب سياسى، وليس جماعة دينية أو جماعة وحزبا، فهل نحن قادرون على ذلك أم لا؟ هذا هو السؤال، وهذا هو التحدى وليس المصالحة.”
ورغم أنه ينفي عن دعوته صفة المبادرات أو المصالحات إلا أنها تبقى في النهاية دعوة جديدة وغير مفهومة من الشوبكي للتصالح مع الإخوان مع تحميل المسئولية للنظام في نجاح أو فشل المبادرة ..
ومن فهمي هويدي إلى أبو العلا ماضي إلى عبد المنعم أبو الفتوح تستمر المبادرات ودعوات المصالحة رغم علم الجميع ان الشعب هو الذي يرفض تلك المبادرات ..واسألوا الشارع وساعتها فقط ستصدمكم الحقيقة ..

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى