البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته علي أمن دول الخليج العربي “2005-2016”
اعداد الباحثة : أميرة زكريا نور محمد طلحه – المركز الديمقراطي العربي
اشراف : دكتور دلال محمود
مرَّت العلاقات الخليجية الإيرانية بمراحل مختلفة عبر فترات زمنية ممتدة، تأرجحت فيها ما بين الصراع وما يشبه الانفراج. ومنذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، مرَّت العلاقات بين إيران ودول الخليج بفترات متفاوتة ومتقلبة بين الصدام والتعاون. ثم بدأ الاهتمام الإقليمي والدولي شديداً وواضحاً هذه الأيام في منطقة الخليج العربي حـول البرنامج النووي الإيراني، ودخلـت المنطقة في أزمة قابلة للانفجار إذا لم يتم تداركها. مما لاشك فيه أن امتلاك إيران لأسلحة نووية من شأنه التأثير على استقرار منطقة الخليج العربي.
إن امتلاك ايران للأسلحة النووية سيكون له تأثير علي توازن القوي الدولية والإقليمية وعلي منطقة الخليج خصوصاً ،لذلك فإن الغرض من هذه الدراسة هو الكشف عن أبعاد التحدي النووي الإيراني واثره علي امن الخليج العربي وأبعاده الأمنية و السياسية والاقتصادية، ودراسة الخطر الذي يهدد أمن الخليج العربي.
ويتفرع عن تلك الدراسة بعض التساؤلات الفرعية التي تسعي الدراسة الإجابة عنها :
1- كيف تطورت العلاقات الخليجية الإيرانية في ظل عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد وفي عهد الرئيس حسن روحاني؟
2- ما هي عوامل التقارب والتباعد في العلاقات الخليجية الإيرانية ؟
3- كيف تطور البرنامج النووي الإيراني؟
4- ما هي دوافع وأهداف ايران لامتلاك سلاح نووي؟
5- ما هو الموقف الإقليمي والدولي تجاه البرنامج النووي الإيراني ؟
6- ما هو اثر البرنامج النووي الإيراني علي امن دول الخليج؟
7- ماهي التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يفرضها البرنامج النووي الإيراني علي منطقة الخليج؟
8- ما هي السيناريوهات المستقبلية للعلاقات الخليجية الإيرانية ؟
9- ما هي اهم المقترحات والتوصيات لتعزيز العلاقات الخليجية الإيرانية؟
– النطاق الزمنى لهذه الدراسة يهتم بالفترة التي ترأس فيها كل من محمود احمدي نجاد من ) ٢٠٠٥ –٢٠١٣) ، وحتي تولي حسن روحاني من الفترة (٢٠١٣-2016) لجمهورية ايران الإسلامية، وكيف اثر البرنامج النووي الإيراني علي أمن دول الخليج وعلي العلاقات الخليجية الإيرانية في الفترتين.
– أما بالنسبة للنطاق المكاني فتقتصر حدود هذا البحث على جغرافية إيران وكذلك منطقة الخليج العربي ومدى تأثر العلاقات الخليجية الإيرانية بالبرنامج النووي الإيراني ، وكيف كان الموقف الخليجي والإقليمي والدولي تجاه البرنامج النووي الإيراني
تكمن أهمية الدراسة بما تحاول أن تضيفه هذه الدراسة على الصعيدين العلمي والعملي لكون الموضوع يتعلق بالأمن القومي لدول مجلس التعاون الخليجي والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط حيث إن البرنامج النووي الإيراني يدخل المنطقة بأكملها في سباق تسلح كما أنه يستنزف الموارد الاقتصادية ويدفع إلى التصعيد إلي المواقع العسكرية، لذلك تأتي أهمية هذا الموضوع من خلال إلقاء الضوء على أثر التسلح الإيراني على دول مجلس التعاون الخليجي من الناحيتين الأمنية والسياسية وكذلك لمعرفة مستقبل البرنامج النووي الإيراني الذي خلق أزمة إقليمية في المنطقة، وأثر على طبيعة العلاقات بين إيران والقوى الإقليمية والدولية.والمحاولة في ايجاد سيناريوهات مستقبلية للعلاقات الخليجية الإيرانية بما يضمن تحقيق المصلحة لكلا الطرفين وتحقيق الأمن في المنطقة.
رابعاً: الأدبيات السابقة:
هناك عدة دراسات عربية وأجنبية تناولت هذا الموضوع، والتي يتعلق بموضوع التحديات التي يفرضها البرنامج النووي الإيراني وأثره علي أمن منطقة الخليج العربي ومن هذه الدراسات:
أولاً: الدراسات العربية:
كتاب للمؤلف شحاتة محمد ناصر (2015) بعنوان ” السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي…الاستمرارية والتغيير”, صدر عن “دار العين للنشر” ، في القاهرة، كتاب: “السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي…الاستمرارية والتغيير“، للخبير في شؤون إيران والخليج العربي الدكتور شحاتة محمد ناصر. حيث يعمل الكتاب عبر فصوله الخمسة على رصد وتحليل وتقييم توجهات وأهداف وقضايا السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ الثورة الإيرانية عام 1979 وحتى مرحلة “الربيع العربي”، وبيان المراحل والمحطات الرئيسة التي مرت بها هذه السياسة، والمتغيرات والمحددات، الداخلية والخارجية، التي تحكمت فيها، والوسائل والأدوات التي تم تنفيذها من خلالها، وحدود الاستمرارية والتغيير فيها، فضلاً عن النتائج التي أدت إليها، والتوجهات أو الأنماط العامة التي كشفت عنها والتي يمكن أن تمثل “مفاتيح” أساسية لفهم سياسة إيران تجاه جوارها الخليجي.( )
دراسة العبد (2012 ) بعنوان” بناء أمن الخليج: شراكة مع مجلس التعاون الخليجي “، وأشارت الدراسة إلى العديد من التحديات السياسية والأمنية، ومنها التهديد الذي يشكله برنامج ايران النووي، واستمرار التهديدات الإرهابية ،وصولاً إلى الأزمة السياسية في البحرين ،بحسب الدراسة التي أكدت أن البحرين يجب أن تبقى حليفاً استراتيجياً في مواجهه إيران.
حددت هذه الدراسات عدداً من التحديات التي تواجه السياسة الأمريكية ،وقدمت توصية لمواجهة ومعالجه تلك التحديات ومنها ،إيجاد التوازن بين المصالح الأمنية والسعي نحو تحقيق الحريات للشعوب، فرغم أن للولايات المتحدة مصالح امنية واقتصادية مهمة في المنطقة، فانه يجب ألا ينظر إليها إنها تعارض جهود الإصلاح الشعبية، وتوصي الدراسة ،بأن تستخدم الولايات المتحدة وتستفيد من موقعها الاستراتيجي، لتكون قوة اعتدال واستقرار ،وتجنب الطائفية في المنطقة، وذلك عبر الصبر والاستمرار في دعم حقوق الإنسان، مع الحرص على ألا تبدو وكأنها تتدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول. وتحذر الدراسة أنه على الرغم من العائدات الهائلة من الموارد الطبيعية ،النفط والغاز، وزياده نسبه النمو الاقتصادي، خلال السنوات القليلة الماضية، فقد برزا أمام دول مجلس التعاون التحدي المتمثل في ارتفاع نسبه البطالة ،الذي قد يسبب مشاكل على المدى الطويل ،ولذلك يجب أن تعمل الولايات المتحدة مع مجلس التعاون الخليجي ،من أجل تحقيق الإصلاح الاقتصادي ،وتنويع مصادر الدخل القومي ،وتعزيز وزيادة العلاقات التجارية.
دراسة المطيري (2011) بعنوان” أمن الخليج العربي والتحدي النووي الإيراني” هدفت هذه الدراسة إلى الحديث عن موضوع عن الخليج العربي والتحدي النووي الإيراني، والذي يلقي بظلاله على العلاقات الخليجية الإيرانية ومدي حاجة هذه المنطقة إلى الاستقرار ورخاء شعوبها بعيدا عن التدخل الأجنبي ،والذي تدفع إليه بعض السياسات الحمقاء من بعض القيادات من الجانب الإيراني ،وقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج كان أهمها ، انعدام وفقدان الثقة بين دول الخليج وايران بما يؤدي إلى الإخلال في الأمن الخليجي ،و استمرار ايران في تحديها واستمرارها في برنامجها النووي يؤدي إلي مزيد من سباق التسلح في المنطقة وعدم الاستقرار و إن فشل دول الخليج وايران في إنهاء هذا الصراع سيؤدي إلي التدخل المباشر للدول الأجنبية تحت ذريعة حمايه مصالحها الحيوية في المنطقة.( )
دراسة بني ملحم و الصمادي (2009) بعنوان” البرنامج النووي الإيراني وأمن الخليج العربي “،يهدف هذا البحث إلى بيان وجهات النظر حول البرنامج النووي الإيراني من خلال محولاته للإجابة على الأسئلة الأتية :ما المنظور الإيراني لأمن الخليج ؟ وما العوامل التي دفعت ايران لتكوين تلك الرؤية؟ وكيف تؤثر تلك العوامل على السياسة الإيرانية تجاه المنطقة مع تطور الوقت؟ أي ما الإشكالية التي خلفها البرنامج النووي الإيراني في المنطقة وتداعيتها؟
ولقد اعتمدت هذه الدراسة فرضية مفادها “أن للبرنامج النووي الإيراني دور أساسي في تهديد الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي ،واعتمد الباحثان في هذا البحث عن المنهج العلمي التكامل، الذي يشتمل على عدة مناهج علمية وتوصلت الدراسة لعدة نتائج ومقترحات أهمها: إن حالة الأمن في منطقه الخليج العربي بحاجة إلى استراتيجية أمنية تتماشى مع الظروف الإقليمية والدولية ومتطلبات أمن دول المنطقة لذلك فان خيار المشاركة الجادة من قبل الجميع لبناء تلك الاستراتيجية أصبح أمراً ملحاً لتجنب قيام حرب مدمرة جديدة في المنطقة.( )
– دراسة الخالدي، محمد عدنان (٢٠٠٧) بعنوان ” التسلح النووي الإيراني وأثره على أمن دول الخليج” هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على مجمل التغيرات والظروف الجيوسياسية التي تترتب على مواصلة ايران للتسلح في المنطقة، خاصا في المجال النووي على دول مجلس التعاون وامن الخليج العربي ككل، أضافة إلى التعرف على الأليات والأساليب التي تنتهجها ايران في التعامل مع تطورات ازمة ملفها النووي، وقد ظهر من خلال الدراسة إن إيران تستهدف من امتلاك القدرات العسكرية التقليدية والاستراتيجية حتى تحقق مجموعة من الأهداف أهمها الوصول بالقدرات العسكرية الإيرانية إلى مرحلة تحقيق الردع ضد خصومها من القوى الإقليمية والدولية عموماً، وتفرض نفسها كقوة إقليميه نووية في المنطقة.( )
دراسة الخضر( 2006) بعنوان” أثر الأسلحة النووية الإيرانية على دول مجلس التعاون الخليجي “هدفت هذه الدراسة إلى قياس أثر الأسلحة النووية الإيرانية على أمن الخليج العربي، حيث عرضت الدراسة البرنامج النووي الإيراني وتطوير وتأثيره على الاستقرار السياسي في منطقة الخليج العربي وتأثيره على صادرات البترول وعلي دول المنطقة، وأن هذا البرنامج موجه أساساً إلى تهديد الاستقرار في المنطقة العربية ،توصلت هذه الدراسة إلى أن السلاح النووي الإيراني سينبه المجتمع الدولي إلى خطورة عدم إقامه منطقة في جوانب تأكيد التوجه الإيراني إلى لامتلاك الأسلحة النووية وخطورة نزاعها مع المجموعة الدولية على أمن الخليج والمنطقة.( )
ثانياً: الدراسات الأجنبية:
دراسة ساجدي(Sajedi,2009) Geopolitics of the Persian Gulf security: Iran and the United States” “جيوبولتيكا أمن الخليج العربي: إيران والولايات المتحدة “بينت الدراسة أهمية الموقع الجغرافي لمنطقة الخليج العربي لاعتباره محور يربط بين دول أوروبا ,وأفريقيا, وجنوب أسيا ,وجنوب شرق أسيا, كما أظهرت أهمية هذه المنطقة لاحتوائها على كثير من احتياطات النفط الخام ومن موارد الغاز. وأظهرت أهمية وجود الأمن في دول الخليج العربي وذلك لتفردها في مكانة خاصة في السياسة الخارجية والبلدان المصدرة للنفط .وأظهرت نتائج الدراسة أن الدول العربية في منطقة الخليج العربي لم يكن لديها ادراك لأهمية أمن الخليج العربي ،كما إنهم يفتقرون إلى الثقة التي تحتاجها الدول ليسود الأمن الجماعي في المنطقة. وأظهرت الدراسة أيضا أن الولايات المتحدة لديها مخاوف كثيرة من منطقه الخليج العربي مثل: مكافحة المقاومة ،والقضاء على خطر أسلحه الدمار الشامل، وضمان استقرار الدول الصديقة.( )
دراسة وانغ (Wang, 2009)، “The conflict between US and Iran in designing the Persian gulf security order”، الصراع بين الولايات المتحدة وإيران في تصميم ترتيب أمن الخليج العربي” هدفت الدراسة إلى الكشف عن أثر الصراع بين الولايات المتحدة وايران على الأمن في الخليج العربي. وقد أظهرت الدراسة أن النزاع الحالي بين الولايات المتحدة وإيران يكمن في القضية النووية، كما أظهرت محاولة الولايات المتحدة تأسيس أ من الخليج العربي حسب رؤيتها للنظام العالمي الجديد بعد الحرب الباردة، على أساس القواعد الأمريكية وضرورة الإصلاح الديمقراطي في المجتمعات المحلية ،ولكن مع زيادة نفوذها بعد حرب العراق، وبينت الدراسة أن السبب في سعي ايران إلى تحقيق أمن الخليج العربي الإسلامي هو مقاومة نفوذ الولايات المتحدة في منطقة الخليج ،وأظهرت اختلاف مفهوم الأمن الخليجي من وجهه نظر الولايات المتحدة الأمريكية وإيران من حيث المفهوم والأهداف.( )
دراسة أبو تالبي (2007،”Iran and the future of Persian Gulf security” ( Abootalebi ايران ومستقبل امن الخليج العربي” هدفت الدراسة اللي التعرف على مستقبل الخليج العربي في ظل الوجود الإيراني في المنطقة ، وقد تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي لبيان مستقبل الخليج العربي في ظل التواجد الإيراني ،وقد أظهرت الدراسة مدى أهمية تأمين أمن الخليج العربي على المدى الطويل من خلال ترتيبات امنية إقليمية جديدة تقودها الولايات المتحدة وإيران بالإضافة إلى الدول العربية، وبينت الدراسة إنه في حال غياب أي ترتيبات امنية فان الولايات المتحدة سوف تضطر للاعتماد على وجود العسكري والنفوذ السياسي في الحفاظ على الأمن من خلال التعاون مع الدول العربية السلطوية المحلية والضعيفة سياسياً، ولهذا فان وجود الولايات المتحدة سيولد المزيد من العداء لأمريكا وسيشجع على مواصلة نضالهم من أجل انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة. وأظهرت أن استبعاد إيران من الأمن الخليجي سيعمل علي توليد قوي معزولة ومعادية بين الدول المنافسة للخليج العربي ، وأرضاً خصبة لمعدات الولايات المتحدة وانتشار الإسلام المتشدد. في حين أن إدراجها يترتب عليه أمن الخليج العربي وسيستفيد منها المجتمع المدني وقوة الاعتدال في إيران من خلال تطبيق سلوك إيران في المجتمع الدولي.( )
دراسة بول روجرز (Rogers,2006) بعنوان” إيران عواقب حرب” Iran: Consequences of a war” هدفت هذه الدراسة إلى توضيح خطورة السياسة النووية الإيرانية ومستقبل تداعياتها على إيران والمنطقة عموماً, حيث تشير الدراسة إلى الجهود الغربية في التفاوض مع ايران لوضع نهاية لاندفاعها نحو امتلاك أسلحة نووية قد وصلت إلى نهاية غير مرضية ،وتحت الضغوط الدولية قدمت طهران تنازلات تكتيكية تمثلت في تجميد عمليات تخصيب اليورانيوم، وأخضعت منشآتها النووية لعمليات تفتيش متزايد بواسطة الوكالة الدولية للطاقة النووية، إلا أن ايران ظلت عازمة على تطوير دائرة وقود نووية كامله على أراضيها، والتي بالطبع ستوفر لها قدرات و أسلحة نووية. وتخلص الدراسة إلى أن الهجوم الأمريكي العسكري على البنية التحتية النووية لإيران بدايةً لمواجهة عسكريه طويله الأمد من الممكن أن تشمل العراق وإسرائيل ولبنان، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وإيران مع إمكانية تورط دول الخليج العربي أيضاً ،والهجوم العسكري بقيادة إسرائيل بالرغم من أنه سيكون محدوداً مبدئياً فإنه سيتصاعد ليشمل الولايات المتحدة مما يشير إلى صراع طويل الأمد.( )
خامساً: فرضية الدراسة:
الفرضية التي يتم اختبارها من خلال هذه الدراسة هي ” أن للبرنامج النووي الإيراني دوراً أساسياً في تهديد الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي خاصة وأن لإيران مصالح وطنية تتناقض مع مصالح دول الخليج ويؤدي ذلك إلي سباق تسلح في منطقة الخليج وهذا قد يشكل عبأً أمنياً وسياسياً واقتصادياً علي هذه المنطقة.
سادساً: منهج الدراسة:
ستعتمد هذه الدراسة على منهج تحليل النظام الدولي:
ويقوم هذا المنهج على تحليل النظام السياسي الدولي- باعتباره هو وحدة التحليل – ومكوناته الفرعية كالمنظمات الإقليمية والدولية وكالأقاليم الجغرافية، وذلك من خلال دراسة القوانين والقواعد الحاكمة للعلاقات الدولية والتي تحدد شكل وسمات النظام الدولي، بهدف التوصل إلى القوانين والنماذج المتكررة في كيفيه عمل هذه النظم ،وتحديد مصادر ومظاهر الانتظام فيها والتوصل إلى استنتاجات عامة تتعلق بعوامل التوازن والاختلال التي تحكم تطور هذه النظم الدولية الرئيسية والفرعية وانتقاليه من شكل إلى أخر.( )
ويقوم هذا المنهج على عدد من المقولات الرئيسية تتمثل في: ( )
1- يعتبر النظام الدولي كل مكون من عدة أجزاء( الدول بشكل أساسي والمنظمات الدولية وغيرها من الفواعل الدولية)، وهذا الكل هو اكثر من مجرد الجمع بين الأجزاء ،حيث أن كل جزء فيه مستقل عن خصائص باقي الأجزاء.
2- هناك علاقات أساسية وضرورية بين الأجزاء المكونة للنظام الدولي وهي التي تعرف النظام الدولي وتحدد شكله وخصائصه.
3- يحيط بالنظام الدولي بيئة تحيط به، تتفاعل معه ويتفاعل معها ،وهي تتكون من كل ما هو مختلف ومتميز عن النظام.
4- تشكل كل دولة وحدة نسقية تتمتع بنوع من الاستقلال الذاتي عن النسق.
5- العلاقات بين الأجزاء لا تسير على وتيره واحدة، ولا تكون بالضرورة علاقة انسجام أو توازن أو استقرار.
ومن أهم رواد هذا المنهج “مورتن كابلن “Morton Kaplan ،وهو بدوره يقيم تصوره على اعتبار النظام الدولي، هو موضع التحليل في دراسة العلاقات الدولية ،ويقوم على اتباع المنهج التاريخي في دراسة العلاقات الدولية ،والذي يقوم على رصد الأحداث والتفاعلات السابقة لتكوين تصور عن الوضع الحالي.
ويعد “كابلان” احد أول رواد تطبيق نظرية النظم في مجال العلاقات الدولية على مستوى النظام الدولي حيث يري التاريخ هو المعمل الكبير الذي تحدث في نطاقه الحركة الدولية، بل إنه في سياق دفاعه عن إمكانية تحليل النظم في تحقيق أهداف بحثية اكثر عمقاً من الأساليب التقليدية عند دراسة نفس الموضوع التاريخي؛ فهو يؤكد من ناحية أخرى عدم صحة اتهام المناهج العلمية بعدم الاهتمام بالتاريخ لانهم يهتمون به ولكن بأساليب جيدة ولأهداف محددة تختلف عن نظائرها لدي التقليدين، ومن ثم من أجل التعرف على طبيعة العلاقات الخليجية- الإيرانية والتنبؤ بمستقبلها لابد من دراسة التطور التاريخي للعلاقات بين البلدين ولأهم العوامل الحاكمة لها وللعلاقات الدولية بشكل عام في النظام الدولي.( )
وبتطبيق ذلك المنهج على تحليل النظام الدولي والنظام الشرق الأوسطي الذي يتفرع عنه و الذي يضم كل من الخليج وايران، ويتسم بوجود نمط كثيف من العلاقات والتفاعلات المتبادلة ذات التأثير علي دوله وعلى النظام ككل ،وذلك على اعتبار وجود عدد من التفاعلات والتي تتمثل في المؤثرات البيئية على النظام ،والتي تتمثل هنا في الدراسة في المتغيرات الإقليمية ذات التأثير
على دول النظام وبصفه خاصة الخليج وإيران على اعتبار انهما الدولتان محل الدراسة.
وتتمثل هذه المتغيرات الإقليمية في عدد من القضايا أهمها قضية أمن الخليج العربي وتعلقها بالبرنامج النووي الإيراني, والموقف الخليجي والإقليمي والدولي تجاه البرنامج النووي الإيراني, إلى جانب ذلك يوجد تأثير من قبل الدولتين على النظام ككل ونمط تفاعلاته وعلى بيئته والذي يتمثل في موقف كلاً منهما ونقاط التوافق والاختلاف حول تلك القضية الإقليمية محل الدراسة ،وهذا كله يتم في اطار من الاستقراء تاريخي لتطور العلاقات بينهما وسياق تلك العلاقات.
سابعاً: الاطار المفاهيمي:
تتمثل المفاهيم التي تقوم عليها الدراسة في عدة مفاهيم وهي :
1- البرنامج النووي الإيراني:
تم إطلاق البرنامج النووي الإيراني في خمسينيات القرن الماضي بمساعدة من الولايات المتحدة كجزء من برنامج ( الذرة من أجل السلام ). يعتبر البرنامج النووي الإيراني هو ذلك التوجه القائم في إيران لامتلاك عناصر القوة الشاملة. بما فيها الفعاليات والأنشطة التي تقوم بها إيران في مجال امتلاك قدرات نووية يمكن أن تتحول في المستقبل لأغراض عسكرية ،وبناء الذات وتحقيق طموح الهيمنة والنفوذ في المنطقة وصولا إلي مستوي قوة إقليمية يعتد بها من قبل جميع دول المنطقة.) (
2- الأمن:
كما هو معروف هو نقيض الخوف، وهو غياب الشعور بالتهديد والخطر، وهو كذلك الإحساس بالاستقرار النفسي. وتحقيق الأمن لأي مجتمع أو دولة هو القيمة العليا التي تبحث عنها المجتمعات والدول ، والأمن وسيلة وغاية وسيلة البقاء والتماسك الاجتماعي والتطور وحماية المصالح، وهو غاية لأنه الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتنموي والنفسي لأي مجتمع.( )
3- الخليج العربي:
هو خليجنا العربي الممتد من البحر العربي جنوباً إلى شط العرب شمالاً وتقع على هذا الخليج سبع دول عربية هي، من الجنوب إلى الشمال (عمان – الإمارات العربية المتحدة – قطر – البحرين – المملكة العربية السعودية – الكويت – العراق).( )
4- أمن الخليج العربي : هو ذلك الاستقرار بشتى أنواعه وهو شعور حكومات وشعوب الدول المطلة على الخليج بانتفاء التهديد، أياً كان نوعه، للمنطقة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وتنموياً، والذي من شأنه أن يؤدي إلى البدء في بناء قواعد وأسس التنمية الكفيلة بمواجهة التحديات التي تعترض طريق الاستقرار والتقدم والازدهار.
كما يشكل تكوين دول مجلس التعاون الخليجي الجغرافي وثرواتها الطبيعية وتجربتها السياسية والتاريخية، وكذلك البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، خاصية مختلفة تميزها عن باقي دول المنطقة، ونتيجة لهذه الخاصية المميزة لدول المجلس وبالتالي للخليج العربي، يواجه الخليج مجموعة من التحديات منذ زمن ليس بالقريب، والتي تصل إلى درجة تهديد أمنه واستقراره والدول المطلة عليه.( )
فمفهوم الأمن هنا لا يقتصر على مفهومه التقليدي الذي يتمحور حول المفهوم العسكري للأمن، مع أهميته، إلا أنه يتجاوز ذلك الفهم الضيق إلى مفهوم أشمل للأمن، وهو الأمن الذي يشمل بالإضافة إلى الأمن العسكري، أموراً ذات طبيعة اقتصادية وسياسية واجتماعية وعلمية. بمعنى أخر، عن الأمن العسكري ليس إلا أحد أبعاد الأمن بمفهومه الشامل والذي يتمثل في تطوير وتنمية القدرات السياسية والاقتصادية والعلمية وكذلك القدرات العسكرية للدولة.
ثامناً: تقسيم الدراسة:
الفصل الأول: العلاقات الخليجية -الإيرانية في الفترة من (2005-2016)
– المبحث الأول: العلاقات الخليجية الإيرانية في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد والرئيس حسن روحاني
– المبحث الثاني: عوامل التقارب و التباعد في العلاقات الخليجية الإيرانية
الفصل الثاني: استراتيجية البرنامج النووي الإيراني
– المبحث الأول: دوافع وأهداف إيران لامتلاك سلاح نووي
– المبحث الثاني: مراحل تطور البرنامج النووي الإيراني
الفصل الثالث: الموقف الخليجي والدولي تجاه البرنامج النووي الإيراني
– المبحث الأول: الموقف الخليجي والدولي تجاه البرنامج النووي الإيراني
– المبحث الثاني: أثر البرنامج النووي الإيراني علي أمن دول الخليج العربي
– المبحث الثالث: السيناريوهات المستقبلية للعلاقات الخليجية الإيرانية
الفصل الأول
(العلاقات الخليجية -الإيرانية في الفترة من (2005-2016))
مقدمة:
تتسم العلاقات الخليجية الإيرانية بطبيعة معقدة ومتشابكة. لذلك فإن بناء رؤيـة موحدة عن العلاقات الخليجية الإيرانية تعترضها مجموعة من الصعوبات الحقيقية، كونها دولاً منقسمة على نفسها في كيفية التعامل مع الموضوع الإيـرانـي، مع اقتسام الشعور بالخوف وعدم الارتياح لسياسة إيران في المنطقة.
شهدت العلاقات الإيرانية الخليجية تحسناً ملحوظاً خلال العامين الأخيرين لحكم هاشمي رفسنجاني الذي انتهج سياسة قائمة على أساس تحقيق مصالح إيران القومية، وصولا إلى فترتي حكم الرئيس خاتمي التي شهدت تحولاً حقيقياً في علاقات إيران بالدول الخليجية وشهدت كثافة للتفاعلات السياسية والاقتصادية، ومع تولي الرئيس الإيراني المنتخب أحمدي نجاد فقد أكد على ضرورة تحسين العلاقات مع دول الجوار وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي. كما حدث تحسنا في العلاقات الخليجية الإيرانية بعد تولي الرئيس حسن روحاني وبعد إلغاء العقوبات الاقتصادية عن ايران.
لذلك تسير العلاقات الإيرانية مع دول الخليج على مسارين، الأول حاجتها إلى توثيق الصداقات وتلافي العداوات وتجنب العزلة الإقليمية وتطوير علاقاتها التجارية والثاني هو رغبة إيران في انتهاج سياسة خارجية قوية مستقلة، وكانت ثمة شكوك في استطاعة القادة الإيرانيين تحقيق التوازن بين هذين الهدفين المتعارضين غالباً، إلا أن السنوات الأربع الماضية أثبتت إمكانية الحفاظ على هذا التوازن .ففي الوقت الحالي تشهد العلاقات مع دول مجلس التعاون افضل فتراتها ، فهناك هدوء سياسي نسبي وتفاهم مع دول المجلس ، والعلاقات التجارية والاقتصادية متنامية بين إيران ودول المجلس الخليجي.((
ومن خلال ها الفصل سوف يتم عرض طبيعة تطور العلاقات الخليجية الإيرانية في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد وأيضاً الرئيس حسن روحاني, وتوضيح أهم العوامل التي ساهمت في تقارب أو تباعد العلاقات بين ايران ودول الخليج
المبحث الأول: العلاقات الخليجية الإيرانية في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد والرئيس حسن روحاني
لا يمكن وصف العلاقات الإيرانية مع دول الخليج بأنها علاقات جيدة أو سيئة، فهي علاقات شديدة التفاوت ,لقد استمرت حالة المد والجزر بين الجانبين خلال السنوات الماضية، ودائماً ما تتغير العلاقات وفقاً للدور الاستراتيجي الذى تقوم به دول الخليج ,لكن العلاقات الخليجية الإيرانية آخذة في التحسن المطرد. هذه واحدة من بديهيات السياسة الإقليمية مع بداية العقد الجديد.
وهناك تسارع في وتيرة التطور الذي يطرأ على هذه العلاقات واتجاهها إلى ضفاف التعاون الأمني والدفاعي.
تبقى العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران علاقات مهمة بالنسبة للطرفين تفرضها اعتبارات جغرافية وتاريخية وسياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية. وتتأثر هذه العلاقات بمستجدات إقليمية وتطورات الأوضاع الداخلية لدى الجانبين وتبرز أهميتها من خلال بقاء موضوع العلاقة مع إيران بنداً دائما على جداول أعمال القمم الخليجية.
يعتبر الملف النووي أحد أبرز ملفات السياسة الإيرانية أمام الرئيس محمود أحمدي نجاد والرئيس حسن روحاني ، إن لم يكن الأكثر أهمية على الإطلاق ، لما ينطوي عليه هذا الملف من احتمالات تطور الأزمة النووية الإيرانية إلى مستويات بالغة الحدة من التصعيد .
أولا : العلاقات الخليجية الإيرانية في عهد الرئيس محمود أحمدي نجادي :
وصل الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى الحكم في إيران 2005 من بوابة الاختيار الشعبي في ظل ظروف مختلفة كلية عن تلك التي أحاطت بفترات رئاسة محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني, وجاء أحمدي نجاد إلى الرئاسة في ظل بيئة ضاغطة إقليميًا ودوليًا. لأن الملف النووي هو أكثر هذه الملفات خطورة وتداخلاً بين الإقليمي والدولي. فضلاً بالطبع عن أمن الخليج. ويرتبط بهذا الملف موقف دول مجلس التعاون الخليجي من البرنامج النووي الإيراني، حيث يمثل هذا الموقف عامل ضغط إضافي على طهران، لتكتمل بذلك وتتدخل عناصر البيئة الضاغطة على رئاسة أحمدي نجاد إقليميًا ودوليًا. ويلاحظ أن التدخلات الإيرانية في شؤون دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد بلغت مداها خلال الولاية الثانية للرئيس أحمدي نجاد. ( )
أكد الرئيس محمود أحمدي نجاد أن إيران ستواصل سياسة الانفراج مع الدول العربية، مع استمرار سياسة التقارب مع دول الخليج العربي، وقام محمود أحمدي نجاد ببعض الزيارات لدول الخليج ،وكان من نتائج هذه الزيارات تناول العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية ودعا الرئيس أحمدي نجاد إلى توسيع حجم التبادل التجاري والاقتصادي في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية مع دول منطقة الخليج، ودعا إلى التعاون الأمني على كل المستويات للوصول إلى عقد اتفاق امني وإنشاء منظمة التعاون الأمني.
لتحقيق السلم والأمن الشامل القائم على العدالة والسلام, وأيضاً تأسيس منظمة للتعاون الاقتصادي بين الطرفين وإلغاء تأشيرات الدخول بين إيران ودول المجلس إضافة إلى الاستثمار المشترك في الطاقة والتعاون في المجالات العلمية والاقتصادية ،وتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين الطرفين وإضافة مناطق للتجارة الحرة .وفي رد أولي على اقتراحات ايران، قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن ما ورد في كلام الرئيس الإيراني هو نفس ما تدعو إليه دول المجلس بشأن ضرورة تعزيز التعاون الاقتصادي وتعزيز الاستقرار في المنطقة. وأضاف أن ما يهمنا هو حل الخلافات (في إشارة إلى الخلاف حول الجزر الثلاث بين الإمارات وايران) حتى تكون هناك أرضية من الثقة المتبادلة لتعزيز التعاون ( ) ،لكن السبب وجوهر الخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران هو وجود عوامل عدم الثقة بين دول الخليج والنظام الإيراني بسبب محاولة إيران للتدخل في الشون الخليجية ،مع محاولة التوسع والهيمنة متجاهلة حق دول الخليج في الدفاع عن مصالحها، مما ينعكس سلباُ علي العلاقات الخليجية الإيرانية والتي يفترض أن تكون في أحسن حالتها نتيجة للتواصل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي.( )
ومن خلال استعراض العلاقات الإيرانية الخليجية تحت حكم أحمدي نجاد يمكن التوصل إلى نتيجتين الأولى: رفض إيران التعامل مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية كمنظمة تأسست في الأصل لمجابهة طموحاتها الإقليمية وفقا لرؤيتها في هذا الشأن ، والثانية: إن لإيران مشروعاً إقليمياً عكسته المراحل المختلفة لعلاقاتها مع دول الخليج، انطلاقاً من إدراكها لتفوقها المطلق على تلك الدول من ناحية. ورؤيتها الرافضة للوجود الأجنبي في المنطقة من ناحية ثانية. ومن ثم فإن منطق القوة كان هو الحاكم لسياسة إيران تجاه دول الخليج العربية في مراحل تطور العلاقات بين الجانبين كافة، ولذلك فإن تصدير الثورة لم يتوقف قط وإنما اختلفت الأساليب باختلاف المراحل التاريخية، بينما رأى رافسنجاني أن تحقيق هدف تصدير الثورة يتم بالقوة، أما في عهد الرئيس محمد خامتي فقد تم تغليف هدف تصدير الثورة مفاهيم مثل الحوار وحسن الجوار، بينما في عهد الرئيس نجاد بدت إيران كحامية للمستضعفين في أنحاء العالم كافة.( )
ثانياً: العلاقات الخليجية الإيرانية في عهد الرئيس حسن روحاني:
مع تولي الرئيس حسن روحاني الحكم في 2013، كان من المتوقع أن يحدث تغير في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأكد روحاني علي أن البرنامج النووي الإيراني سلمي تماماً ولا يشكل أي انتهاك للقانون الدولي. وأن هناك أولوية لتحسين العلاقات مع دول الجوار على جميع المستويات لتعزيز الأمن واستعادة الاستقرار في المنطقة. ورغبته في إقامة علاقات مع دول الخليج تقوم على الصداقة والمصالح المشتركة. ومن المنتظر أن ترد دول الخليج بإيجابية على رغبة الرئيس الإيراني المنتخب.( )
ومن خلال تصريحات الرئيس روحاني يلاحظ، إنها لا تعكس تحولاً جوهرياً فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية محل الخلاف بين دول مجلس التعاون وإيران .ومع التأكيد علي أهمية دور المملكة العربية السعودية في تعزيز الأمن الإقليمي والعالمي، فإنه لا يمكن اختزال العلاقات الإيرانية الخليجية في علاقات إيران بالمملكة فحسب، حيث لاتزال هناك دول خمس أخرى لها مشكلات مع إيران منها التدخلات الإيرانية في شؤون مملكة البحرين، فضلاً عن دولة الإمارات التي لاتزال إيران تحتل جزرها الثالث “طنب الصغرى وطنب الكربي وأبو موسي” وترفض تسوية تلك القضية بالوسائل المتعارف عليها في مثل هذه النزاعات ومنها التحكيم الدولي. لكن لم يأت حديث حسن روحاني بشأن التدخلات الإيرانية في شؤون دول مجلس التعاون بجديد.( )
والنتيجة المنطقية لما سبق هي أن إثبات حسن النية ليس مطلوباً من دول مجلس التعاون التي أبدت مرونة كاملة بشأن العديد من القضايا بيد أنها اصطدمت بالسياسات الإيرانية، حيث إن إيران لديها مشروع إقليمي للهيمنة على مقدرات المنطقة وتهديد دولها، وبالتالي فإن تحسن العلاقات الخليجية الإيرانية يظل مرتهناً بإقدام إيران على خطوات نوعية في سياستها تجاه دول الجوار عموماً ودول مجلس التعاون على وجه التحديد، ويتطلب ذلك سياسات ملموسة يأتي في مقدمتها وقف التدخلات الإيرانية في شؤون دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عموما، ومملكة البحرين خاصة، والتوصل إلى حل بشأن الجزر الإماراتية المحتلة في ظل متمسك مجلس التعاون بحق دولة الإمارات الكامل في تلك الجزر ،فضلًا عن مدى وجود نوايا حقيقية لدى إيران لإنهاء أزمة البرنامج النووي الإيراني ويدعو روحاني إلى سياسة مرنة أكثر في المفاوضات مع الدول الكبرى لتسوية الملف النووي الإيراني ..
وعلي الرغم من ترحيب دول مجلس التعاون بفوز حسن روحاني بالانتخابات الرئاسية، انطلاقاً من خبرته الإيجابية مع المملكة العربية السعودية تحديداً حيث قام في منتصف التسعينيات بتوقيع اتفاق أمني مع المملكة العربية السعودية مع وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات السعودية آنذاك، وبموجبه تعهدت إيران بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية، وقامت بتسليم بعض الملاحقين من المتهمين السعوديين في قضايا إرهابية، وأوقفت دعمها للجامعات المعادية في الخارج، كام أوقفت المملكة حمالتها ضد إيران، وأعيد فتح السفارات في مرحلة لاحقة.( )
فإن حسن النوايا لا يكفي للتأسيس لعلاقات استراتيجية بين الجانبين، بل إن هناك خشية لدى دول مجلس التعاون ألا يتجاوز الأمر تغير أفراد وليس سياسات. ويمكن تفسير ذلك في ضوء هيكلية النظام السياسي الإيراني، فالرئيس ليس هو صانع القرار الأول في إيران، من ناحية ثانية لإيران أهداف استراتيجية تسعى لتحقيقها ومضمونها أن تصبح قوة إقليمية مهيمنة على المنطقة بكافة السبل ،بما يمكن معه القول إن السياسة الإيرانية حتى لو شهدت فترات هدوء تعقبها فترات توتر – وبخاصة تجاه دول مجلس التعاون- فإن ذلك لم يغري من جوهر تلك السياسة الساعية للعب دور إقليمي مهيمن بعيداً عن إرساء مبادئ حسن الجوار، ووضع أسس للأمن التعاوني الذي ينهض بداية علي احترام سيادة الدول واستقلالها وعدم التدخل في شؤون الآخرين.( )
ومع أهمية ما سبق ينبغي التأكيد على أن هناك قضايا خلافية بين دول مجلس التعاون وإيران، ومن ثم فإن التغير المأمول من جانب إيران يرتبط مبدى رغبة النخبة الحاكمة الجديدة في إنهاء تلك القضايا وفق مبادئ حسن الجوار؛ مما يعني بناء جسور الثقة مع دول مجلس التعاون، ومن ثم التمهيد لبناء أطر للأمن الإقليمي لمنطقة الخليج العربي. فعلي الرغم من تكرار إيران التعبير عن رغبتها في العمل مع المملكة العربية السعودية والتعاون مع دول الخليج العربي.( )
المبحث الثاني :عوامل التقارب و التباعد في العلاقات الخليجية الإيرانية
هناك عدة عوامل دفعت باتجاه التقارب وتطبيع العلاقات بين إيران ودول الخليج العربية عامة، وأيضا توجد مسببات تدعو إلى الاختلاف والتباعد في حين توجد مسببات تدعو إلى التقارب والائتلاف، مع أن عملية التقارب على وجه العموم كانت تتم بمبادرة إيرانية.
أولاً: عوامل التقارب في العلاقات الخليجية الإيرانية: ( )
لقد ساهمت عوامل متعددة في دفع عمليات التقارب الخليجي- الإيراني في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد والرئيس حسن روحاني ، باعتبارها امتداداً لسياسات الرئيس السابق محمد خاتمي باتجاه تطبيع العلاقات مع دول الخليج. وكانت هذه العوامل نتيجة لظروف داخلية أو إقليمية أو دولية ومنها:
– أولاً: اعتمدت إيران في تقاربها مع دول الخليج العربية على أسلوب المبادأة، وهو أسلوب لا ينتظر مبادرات بل يقدمها، وذلك نتيجة للحرص الإيراني على هذا التقارب ، ونظرية أمن الخليج الإيرانية تقوم على نفس فكرة المبادأة على اعتبار أن من حق إيران بما لديها من مبررات تاريخية وجغرافية وبشرية وسياسية وعقائدية أن تضع نظرية لأمن الخليج تحقق مصالحها بما لا يتعارض مع مصالح الدول الأخرى. وهذه النظرية مبنية على التضامن والتعاون بين دول المنطقة .( )
– ثانياً: الاهتمام المشترك بين الدول الخليجية وإيران في مظاهر عدة كان أهمها الزيارات الرسمية وغير الرسمية، توقيع اتفاقات مشتركة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، وبما يهدف إلى تنشيط المتبادلات التجارية وتفعيل الاستثمارات . هذا إضافة إلى تبادل الخبرات الفنية وتوظيف العمالة، إلى جانب التنسيق المستمر في إطار منظمة الأوبك. فعلى سبيل المثال، تعد دول مجلس التعاون الخليجي أحد أكبر الشركاء التجاريين لإيران في العالم نتيجة لعوامل التقارب الجغرافي والحضاري بين ضفتي الخليج.
– ثالثاً: التحولات الأيديولوجية الداخلية في إيران؛ ونقصد هنا تحول إيران من الثورة إلى الدولة، حيث انتهت تقريبا فترة الالتزام الصارم بمفاهيم وقيم الثورة الإيرانية والتي أدت إلى قلق دول الخليج , فاختفاء الوهج الثوري ومجيء قيادات إيرانية جديدة تنتهج المنهج الإصلاحي والبرجماتية في إدارة علاقات إيران الدولية والإقليمية، ساهم إلى حد كبير في تقريب المواقف الخليجية والإيرانية. فوجد شبه إجماع داخل السياسة الإيرانية بشأن التقارب مع دول الخليج بغض النظر عن وجود الإصلاحيين أو المحافظين في السلطة.
– رابعاً: السياسة الأمريكية تجاه إيران والعـراق، ومحاولة واشنطن فرض مزيد من العزلة الدولية والإقليمية عليهما. دفع بالسياسة الإيرانية إلى العمل على تحسين العلاقات مع الدول المجاورة لتحقيق الاستقرار ولضمان جذب الاستثمارات الأجنبية وفتح أسواق الخليج للبضائع والعمالة الإيرانية، وتنسيق السياسات النفطية الخليجية الإيرانية لاستقرار أسعار النفط باعتباره المحور الرئيس للاقتصاد في الخليج وإيران.( )
– خامساً :محاولة التخفيف من حدة الإنفاق العسكري في المنطقة، وذلك انطلاقاً من فرضية جوهرية ترى في عملية تطبيع العلاقات مع دول الخليج وتخفيف حدة التوترات السياسية سيسهمان في تقليل حدة الإنفاق العسكري، ومن ثم تخفيف الضغط على الميزانية الإيرانية والخليجية. مع تطورات المنطقة الإقليمية والدولية، وأهمها تطورات الصراع العربي – الإسرائيلي، والتخوف من انفراد إسرائيل بالمنطقة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، والدور الأمريكي المتعاظم، وزيادة اليقين بدور النفط في توجيه مقدرات السياسة الإيرانية والخليجية. كل هذه العوامل دفعت نحو مزيد من التعاون الخليجي الإيراني.( )
– سادساً: احتلال مسألة أمن الخليج موقعاً مهما في أجندة العلاقات الإيرانية الخليجية، لذلك كان من الضرورة العمل على بلورة رؤية وطنية حضارية لهذه المشكلة لضمان مصالح البلدين .ووجود قواسم مشتركة بين الدول الخليجية وإيران؛ فإيران بحكم انتمائها إلى المحيط الإسلامي وبحكم نظامها السياسي المستند إلى شرعية دينية، الكثير من المواقف ووجهات النظر التي تلتقي بشكل عام مع نظيراتها الخليجيات، مما أوجد أكثر من أرضية مشتركة للحوار بين الطرفين .والتغيير في وجهة نظر دول الخليج العربية إزاء السياسة الإيرانية، والتي كانت علامة واضحة في مسيرة العلاقات الخليجية الإيرانية، لأنها وضعت المبادئ العامة لجوار إيراني خليجي يضمن حسن الجوار واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والاعتراف بالمصالح المشتركة. ( )
ثانيا عوامل التباعد في العلاقات الخليجية الإيرانية:
هناك عدة عوامل دفعت بالعلاقات الخليجية – الإيرانية نحو مزيد من التنافر؛ تمثل عقبات أمام نمو العلاقات الخليجية الإيرانية نحو مزيد من التقارب، أو عوامل تبهت السعي نحو التقارب، منها ما هو ديني/ ثقافي وسياسي وأمني، ومنها ما هو خاص بظروف خارجية، ومن أهمها:
- أولاً: النـزاع الإيراني الإماراتي حول الجزر الثلاث: تعد مسألة الخـلاف بين الإمارات وإيران حول جزر أبو موسى وطمب الكبرى وطمب الصغرى سبباً من أسباب التوتر في منطقة الخليج . ويعود سبب التوتر بين إيران ودول الخليج ،حيث عقدت جلسات عدة لمحاولة حل المشكلة سلمياً بين الطرفين، إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل .ويعد هذا النزاع عقبة في تطبيع العلاقات بين إيران والدول الخليجية، وخاصة في المجال الأمني، وعلى الرغم من انفتاح إيران مؤخراً على مختلف دول مجلس التعاون الخليجي ، فما تزال السياسة العامة لدول مجلس التعاون تعكس ضيقاً سائداً فيما يتعلق بالطموحات الاستراتيجية والسياسية الإيرانية في المنطقة. فإن إمكانية استمرار الموقف الإيراني من مسألة الجزر تجعل التنافر بين إيران والدول الخليجية في حالة من الاستمرارية.) (
-ثانياً: الخلاف الطائفي بين المذهب السني الذي تعتنقه غالبية شعوب دول الخليج العربية، والمذهب الشيعي الذي تتبناه إيران. وهذه قضية كثر فيها اللغط حتى يومنا الحاضر.
ثالثاً: تأييد إيران لبعض السياسات النفطية المناوئة لدول الخليج؛ وهذا إضافة لبعض السياسات النفطية الإيرانية التي كانت تخرج عن الحصص المقررة لها من قبل المنظمة الأوبك .
رابعاً: الوجود الأمريكي العسكري في منطقة الخليج منذ حرب الخليج ، وازدياده بعد الاحتلال الأمريكي للعراق. فكل القوى الإقليمية ترفض فكرة تقسيم العراق إلى دويلات صغيرة، مما قد يؤدي إلى التنافر بين الدول الخليجية. وكذلك فإن معارضة وقلق واشنطن من التقارب الخليجي الإيراني، الذي يعد في غير مصلحة الولايات المتحدة، خاصة بعد فشل الولايات المتحدة في سياستها ضد إيران وضد العراق بعد احتلاله، قد يؤثر سلباً على عملية التقارب.
خامساً: التخوف الخليجي من البرنامج النووي الإيراني. لقد أعربت الكثير من دول المنطقة عن قلقها العميق تجاه البرنامج النووي الإيراني لأن انعكاساته لن تقتصر على أمن منطقة الخليج فحسب، ولكن على أمن الشرق الأوسط والعالم بشكل عام.) ( - من خلال الاستعراض السابق لعناصر التقارب والتنافر في العلاقات الخليجية الإيرانية، وفي الإجابة عن أسئلة الدراسة، فقد تبين أن العلاقات الخليجية الإيرانية شهدت تقارباً باتجاه تطبيع هذه العلاقات في مجالات مختلفة مبتدئة بالمجالات الاقتصادية ذات الدلالات السياسية، ثم المجالات السياسية. وانعكس هذا التطور في العلاقات في مجموعة من التفاعلات الخليجية التي بدأت تأخذ شكل العلاقات الطبيعية بين الجانبين الخليجي والإيراني، وكانت طبيعة التقارب قد اتخذ القرار بخصوصها من أعلى المستويات وبزيارات متنوعة، وشكل موضوع النفط تأثيرا واضحاً على عملية التقارب.
وفي المقابل، فإن عوامل الاختلاف (التنافر) والتي يأتي على رأسها النزاع الإيراني الإماراتي حول الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران والاختلاف المذهبي، لم تكن عقبة في سبيل التقارب، على الرغم من إثارة بعض الخلافات من قبل بعض الدول الخليجية، خاصة دولة الإمارات، حول مدى التقدم في عملية التقارب. ولكن التطورات التي شهدتها المنطقة ، وتطورات البرنامج النووي الإيراني، قد أدت إلى تذبذب في العلاقات الخليجية الإيرانية، مع أن السمة الغالبة لتلك العلاقات كانت السير نحو التقارب.( ) - فتقييم عملية التقارب الإيراني الخليجي حالياً أمرٌ ليس سهلاً في ظل المتغيرات التي تكتنف الساحة السياسية في المنطقة والمؤثرات الدولية المتزايدة. فمستقبل التقارب الإيراني الخليجي رهن بالتحركات الإيرانية والسعودية باعتبارهما قطبي الخليج الأكثر تفهماً وإدراكاً لأهمية التقارب والأكثر قدرة بما لديهما من إمكانيات للسير في عملية التقارب؛ ويفضل أن لا يتوقفا عند محاولات تحسين العلاقات التقليدية حسب، بل يجب أن يبادرا إلى تطوير سبل التقارب لتشمل كافة المجالات من سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، ويجب أن تدرك إيران أن تحقيق التقارب الكامل مع الدول الخليجية رهن بحل المشاكل المعلقة، وأن هذا التقارب يجب أن يكون وسيلة لتحقيق هذا الهدف، وألا يكون على حساب أية دولة من دول الخليج.( )
الفصل الثاني
(استراتيجية البرنامج النووي الإيراني)
مقدمة:
تسعي ايران دائماً إلي تعزيز دورها الإقليمي سواء بطرق سلمية أو غير سلمية، ولذلك سعت إيران للحصول على الطاقة النووية، وحتى بعد سقوط الشاه ومجيء الثورة الإسلامية فما زال الهدف الإيراني يعمل لتعزيز قوتها الإقليمية في المنطقة ,فبدأت إيران بتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية وخاصة أنها تقع في منطقة تتمتع بعدم الاستقرار السياسي, ومر البرنامج النووي الإيراني بالعديد من المراحل منذ انطلاقته في السنوات الماضية حتى الأن، وقد تأثرت جميع مراحله بالبيئة الإقليمية والدولية، وكذلك البيئة الداخلية لإيران.
وبذلك أصبح المفهوم السائد لدى قطاع كبير من الإيرانيين، هو أن إيران صاحبة التاريخ العريق والحاضر الزاهر بالإمكانات الهائلة ومن حقها أن تُصبح دولة نووية قوية، اعتقاداً منهم بأن إيران عندئذ ستنال الاحترام الذي تستحقه من العالم، وإعلانها لاعباً أساسياً كقوة جيوبوليتيكية في المنطقة يُحق الاعتراف بها كجمهورية إسلامية قوية. وتطرح إيران طموحها لامتلاك التقنية النووية فهي تقدمه للعالم بدعوى الاستخدام السلمي للطاقة، فيما ترى أطراف دولية وإقليمية أن اساس هذا الطموح، هو الانتقال في مرحلة لاحقة من الاستخدام السلمي للطاقة النووية إلى الاستخدام العسكري لها. وهو ما اصطدم بمُعارضة إقليمية ومخاوف خليجية، ومُمانعة أمريكية وإسرائيلية، وتأرجُح في الموقف الأوروبي بين سياسة الحوار والمُعارضة.( )
وفى هذا الفصل يمكننا تحليل وتوضيح مسيرة البرنامج النووي الإيراني منذ بدأ إيران الشروع في تأسيس برنامجها النووي، ويمتد حتى أخر المفاوضات التي أستقر عليها البرنامج النووي.استناداً ألي ما سبق في المقدمة سوف نتناول في هذا الفصل الأهداف والطموحات والدوافع الإيرانية المتمثلة في الدوافع الاقتصادية، والسياسية، والقومية والدينية، والأهداف العسكرية والجيوبوليتيكية. بشكل موضوعي ومن منظور محاولة الإجابة على أسئلة أهداف هذا البحث. وأيضاً سوف نتناول في هذا الفصل الجذور التاريخية ومسيرة البرنامج النووي الإيراني متمثلة في مراحل البرنامج من النشأة وحتى الانطلاق، وأيضاً آخر المستجدات المتعلقة بسير البرنامج النووي الإيراني.
المبحث الأول: دوافع وأهداف ايران لامتلاك سلاح نووي
على الرغم من أن المسئولين الإيرانيين في المجال النووي قد أشاروا مراراً إلى أن الهدف الوحيد للجمهورية الإسلامية الإيرانية في القطاع النووي هو استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، فقد أصبح من المسلم به أن إيران تسعى للحصول على أسلحة نووية ومن ثم ليس من الصعب تفهُم الدوافع الإيرانية في سعيها للحصول على السلاح النووي والذي له دلالته الاستراتيجية من وجهة النظر الإيرانية ذاتها، حيثُ أصبحت تلك البرامج جُزءاً أساسياً من مكونات التفكير الاستراتيجي الإيراني( ). وبغض النظر عن ارتباط تطوير إيران للبرامج النووي بتطورات الوضع الإقليمي في الخليج من عدمه فإنه يرتبط بشكل وثيق بالرؤية الاستراتيجية لدور إيران الإقليمي، ومن ثم هناك مجموعة من البواعث والدوافع التي تُساق لتبرير السعي الإيراني لامتلاك السلاح النووي، تتحرك السياسة النووية الإيرانية في إطار مجموعة من الدوافع والنوايا, بعضها معلن والبعض الأخر غير معلن, إلا إننا يمكن إن نوجزها بالاتي:
أولا: الدوافع الاقتصادية:
ظلت إيران تؤكد على إن برنامجها النووي يندرج في سياق الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية ,مع التركيز على إن المفاعلات النووية التي تسعى إيران إلى بنائها سوف توفر حوالي 20 % من طاقاتها الكهربائية ,لاسيما إن الزيادة السكانية العالية وخطط التنمية الاقتصادية سوف تزيد من معدلات استهلاك الطاقة في إيران ,كما إن بناء هذه المفاعلات سوف تساعد في الحد من استهلاك الطاقة المتولدة عن طريق النفط والغاز ,مما سوف يساعد بدوره على الحفاظ على هذين الموردين بهدف توجيهما نحو التصدير من اجل الحصول على المزيد من العائدات المالية. ( )
ثانياً :الدوافع العسكرية:
هناك إجماع على أن يوجد دوافع عسكرية وراء البرنامج النووي الإيراني، وأن إيران لابد أن تستعد لأية احتمالات في المستقبل, ومن أجل مجابهة أية تهديدات محتملة في المستقبل، قامت سياسة إيران الأمنية علي محورين رئيسيين، أولهما امتلاك القدرة الدفاعية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية والأمريكية، أما المحور الآخر فيتمثل في تعزيز الدور الاستراتيجي لإيران سواء في منطقة الخليج أو الشرق الأوسط ، فهي إذا أرادت أن تلعب دوراً في المنطقة فهذا بتطلب منها امتلاك السلاح النووي، إلي جانب حماية النظام الإيراني من محاولة تغييره، وحماية مصالح إيران الحيوية في ظل النظام العالمي الحالي والمتغيرات الدولية وإيجاد بيئة تشكل أقل تهديد له.( )
ثالثاً: الدوافع الاستراتيجية:
فالسلاح النووي له دور في الاستراتيجية الإيرانية علي المدى الطويل، وتطوير القدرات النووية الإيرانية في إطار تصور متكامل للسياسة الخارجية الإيرانية بشكل يسمح لإيران بالقيام بدور استراتيجي علي الأصعدة الإقليمية والدولية، إلي جانب ضمان بناء القوات المسلحة الإيرانية، ضمن برنامج متكامل وشامل. ولذلك، فإن السلاح النووي يُمكن أن يُقدم لإيران أداة بالغة الأهمية لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.
رابعاً :الدوافع السياسية:
لم تعارض الدول الغربية البرنامج النووي إبان حكم الشاه، لكن المرحلة التي شهدت نجاح الثورة ظهرت فيها تباينات واعتراضات من الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وبدأ العداء الأمريكي لإيران، أما ألان فأن الإدارة الأمريكية أول من ساندوا البرنامج النووي الإيراني. أدرك النظام الإيراني بأن السلاح النووي يمكن أن يقدم لإيران أداة بالغة الأهمية لتعزيز سياستها ومكانتها الإقليمية والدولية ،وكانت تهدف من خلال امتلاكها للطاقة النووي إلي عناصر أساسياً وهى امتلاك قوة عسكرية، تعزيز المكانة السياسية الدولية وتحقيق الأمن والاستقلال الكامل.( )
خامساً: الدوافع القومية والدينية:
أ- الدوافع القومية:
تقف الاعتبارات الخاصة لإيران لاستحضار فكرة الإمبراطورية باعتبارها ماثلة دوماً في الشعور القومي الإيراني بوجه عام بجانب اعتبارات الأمن ، وسعيها لإبراز قوتها ومكانتها الإقليمية والدولية، واتهامها للغرب بمحاولة إبقائها في مصاف الدول النامية وحرمانها من أن تكون واحدة من الدول التكنولوجية المتقدمة. وبمحاولة تتبع سياسة إيران الخارجية نلاحظ تعدد دوائر اهتمامها وامتدادها لمناطق خارج الاهتمام الإيراني سابقاً، بالإضافة إلي استغلال نفوذها وتأثيرها الديني علي الشيعة في العالم.
فالسلاح النووي يشكل معادلة جديدة في تغيير قواعد اللعبة في المنطقة ، فإيران حتى الان تدير سياسة مزدوجة في التعاطي مع المجتمع الدولي تبدي فيها بعض المرونة، وفي ذات الوقت تستمر في تعزيز قدراتها النووية، وتعمل علي إحياء المد الإسلامي وإقامة كتلة إسلامية قوية تضمن إيران وجمهوريات آسيا الوسطي الإسلامية، فالسلاح يدعم الموقف في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها.( )
ب- الدوافع الدينية:
يرتبط هذا الدافع بجانب قيمي، غير مادي وهو الجانب الروحي، ويبدو أكثر وضوحاً لدي المتشددين من الإيرانيين، الذين يربطون مختلف جوانب الحياة بالدين، بما في ذلك القدرة النووية، فيجري الحديث مثلاً عن القنبلة النووية الإسلامية، وخصوصاً في ظلّ عداء البعض للإسلام في الغرب.
إن القادة الإيرانيين الإسلاميين يدركون أن إيران لا تواجه عدواً يهدد بقاءها المادي، بمعني إزالتها من الوجود، فالتهديد في حقيقة الأمر يتعلق ببقائها كدولة إسلامية ذات ثقافة شيعيةـ وهذا يعني أن الطموح الإيراني، يعد وجهة نظر المسؤولين الإيرانيين، مصدراً لتعميم نظام الحكم الإسلامي الشيعي، أي أنه كلما تقدمت الدولة في هذا المجال كلما زادت شعبية القيادات الإيرانية. إضافة لما سبق من دوافع، فقد أسهم العامل العراقي والاثني والقومي والديني في تعزيز رغبة إيران في امتلاك الطاقة النووية، فالاختلاف بين إيران وشعوب المنطقة ولد لديها مخاوف من إمكانية الاضطهاد أو الاعتداء عليها من الطوائف الكبرى. الشيء المترتب على الدوافع الدينية والقومية لإيران تقوم على أساس تعزيز مكانتها في المنطقة إلي جانب تعزيز قوتها الاستراتيجية من جهة، ومن جهة أخرى يحتم عليها تصحيح الخلل في موازين القوي .( )
سادساً: الدوافع الجيوبوليتيكية:
إيران إحدى دول الشرق الأوسط، وتستمد هذه المكانة من جغرافية بشرية تقدر بنحو 70% مليون نسمة، وتاريخ عريق وثروات طبيعية، كما تعد رابع دولة في احتياطي النفط، وثاني دولية في مخزونها للغاز الطبيعي ، ويتوافر فيها موارد اقتصادية هائلة ووفرة مياه وأراضي قابلة للزراعة، وتتمتع كذلك بموقع جغرافي استراتيجي , يؤدي السلاح النووي دوراً محورياً في دعم الدولة المالكة له، ويعزز تأثيرها في القضايا الخارجية ولتفتيت تحالفات خصومها، سعت إيران إلي بناء شبكة من الروابط والتحالفات في الدوائر الجيوبوليتيكية المحيطة بها، لاسيما في الشرق الأوسط وبحر قزوين من أجل امتلاك أكبر قدر من التهديدات المختلفة، جنباً إلي جنب مع زيادة فرص إيران في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية وحماية مصالحها الاستراتيجية.( )
ويمكن تلخيص البواعث أو الدوافع الأساسية للطموحات النووية الإيرانية في:
أ- افتقار إيران إلى الأمن الإقليمي:
يحيط بإيران دول جوار يربطها بها تاريخ مضطرب؛ لذا فإنها تشعر بالحاجة إلي إظهار نفسها كقوة متفوقة، فعلاقاتها متوترة مع العرب، ومع دول بحر قزوين ومتأرجحة مع تركيا وباكستان وأفغانستان وسيئة مع إسرائيل.
ب_ فشل السياسة الخارجية الإيرانية:
نادراً ما كانت إيران قادرة علي تكوين تحالفات استراتيجية مع جيرانها، أو علاقات جوار تقوم علي التعاون المشترك طويل المدي، فهي في فترة حكم الشاه كانت تربطها علاقات جيدة مع أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل، وكانت أيضاً متحالفة مع تركيا وباكستان، ولكن هذه التحالفات كانت لأغراض الحرب الباردة آنذاك، ونجم عن انتصار الثورة الإسلامية عزلة نسبية لها من المجتمع الدولية، وأسهمت نشوب الحرب العراقية – الإيرانية في إفساد علاقاتها مع الدول العربية.
المبحث الثاني: مراحل تطور البرنامج النووي الإيراني
تعود الجهود الإيرانية للحصول على الطاقة النووية إلي عقود سابقة، في عهدين مختلفين، بدأ الأول من سنة 1957م إلي سنة 1979م في ظل حكم الشاه، وكان الثاني بعد وقوع الثورة الإسلامية وما يزال قائماً حتى الان. وبالرغم من أن المراحل التي مّر بها البرنامج النووي متداخلة مع بعضها البعض إلي حدّ كبير، فإن لكل واحدة منها ملامحها الخاصة، التي تميزها عن غيرها بحيث يمكن ملاحظة مظاهر التطور عبر تلك المراحل، إلي أن وصل إلي ما هو عليه الأن بعد المفاوضات الأخيرة بين إيران والدول الغربية الكبرى، يمكننا تقسيم البرنامج النووي الإيراني زمنياً إلي عدة مراحل، تغطي المرحلة الأولي بدأ شروع إيران في تأسيس برنامجها النووي، وتمتد حتى نهاية حقبة عهد الشاه، أما المرحلة الثانية فهي تبدأ منذ انتصار الثورة الإسلامية، أما المرحلة الثالثة فهي تبدأ من الوقت الذي تم تحويل الملف النووي الإيراني إلي مجلس الأمن وتمتد زمنياً من عام 2002م حتى يومنا هذا عام 2016م.
المرحلة الأولى: من الشاه إلى الثورة الإسلامية (1957-1979):
انطلقت النشاطات النووية الإيرانية في الستينيات من القرن الماضي من خلال التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، في عام 1953م، ثم من خلاله تم توقيع أول اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية عام 1957م ، وبعد أحداث وصراعات كانت خطط الشاه تقوم على أساس إنشاء 23 مفاعلاً نووياُ لتكون جاهزة بشكل كامل في منتصف التسعينات من القرن العشرين، لتغطي عموم المساحة الإيرانية ، وكان الشاه متحمساً لدخول بلاده هذا الميدان مبرراً ذلك بحاجة إيران إلي الطاقة الذرية لتوليد الطاقة الكهربائية ، وفي عام 1968م وقعت إيران علي معاهدة الحد من انتشار وتجربة الأسلحة النووية، وأصبح التوقيع نافذاً في 1970م، وقد أكدت المعاهدة علي حق إيران في تطوير وإنتاج واستعمال الطاقة النووية للأغراض السلمية. ويمكن إجمال سمات هذه المرحلة ,في محاولة ايران توفير العنصر البشري وتدريبه وإبرام العديد من العقود لضمان ذلك ،إقامة بنية تحتية للبرنامج النووي الإيراني وإنشاء العديد من المفاعلات لهذا الشأن. فرض إيران ذاتها على منطقة الخليج. ( )
المرحلة الثانية: إعادة إحياء البرنامج النووي الإيراني (1984 -2004):
بعد سقوط الشاه توقف البرنامج النووي الإيراني من عام 1979م إلى عام 1984م نتيجة للحرب العراقية – الإيرانية من ناحية ومن ناحية أخرى لأن قائد الثورة الإيرانية الإسلامية كانت له رؤية أيديولوجية تتمثل في تحريم استخدام أسلحة الدمار الشامل. لقد خلقت الحرب العراقية الإيرانية دماراً كبيراً في البنية التحتية الإيرانية ، فلذا كان من أول أولويات الدولة الإيرانية بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية البحث عن العقود السابقة مع الدول الأوربية لبناء مفاعلات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية .
استنتجت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) بعد زيارات عدة إلى مواقع إيرانية في 2003 أن هناك عدداً من المنشآت التقنية ذات خصوصية حساسة .وقد أثارت الوكالة تساؤلات إزاء احتمال قيام محاولات تخصيب لليورانيوم. جاء ذلك بعد فترة من اعتراف إيران باستيرادها مواد تستخدم لاستخلاص عنصر اليورانيوم في التخصيب وفي وقود القنبلة النووية, هذا بالإضافة إلى إجرائها لتجارب مختبريه لإنتاج الماء الثقيل. وعلى الرغم من مستوى التجارب المختبري وليس الإنتاجي لم تعلق الوكالة على الأمر في حينه، ولكن وبعد عملية تحليل أجرتها الوكالة في يونيو 2003 على نماذج من التربة لتخصيب الوقود وظهور يورانيوم عالي التخصيب فيها صرح الدكتور محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية أن إيران أخفقت في التزاماتها تجاه معاهدة حظر الانتشار النووي وبأنها لم تكن شفافة في نشاطاتها النووية أو استيرادها للمواد ذات العلاقة (مزدوجة الاستخدام) وطالب البرادعي إيران بالإفصاح الكامل عن كافة نشاطاتها ولا سيما مشروع التخصيب وتجارب ما بعد التحويل . ثم دعاها إلى وقف نشاطات التخصيب كافة وتوقيع بروتوكول إضافي مع الوكالة قبل أكتوبر 2003 ويسمح للوكالة بالتفتيش الاستثنائي على منشآت إيران ذات العلاقة بالمشروع النووي.( )
ولحل الأزمة بين الوكالة الدولية وإيران عمل وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا على حث إيران على استصدار موافقة للتعاون مع الوكالة قبل نهاية فترة الإشعار . وكانت النتيجة أن أعلنت إيران في أكتوبر 2003 بأنها ستتعاون مع الوكالة بكل شفافية ووضوح وبأنها ستوقع البروتوكول وتوقف كافة نشاطات التخصيب . وتم توقيع البروتوكول فعلاً في ديسمبر 2003م.( )
المرحلة الثالثة: بدأ الشكوك الدولية واستكمال المفاوضات (2004-2016):
بعد توقيع البروتوكول الذي أعطى للوكالة الدولية للطاقة الذرية حق التفتيش الاستثنائي اعتبرت إيران متعاونة بحسب الوكالة، وفي 2004 صوت أعضاء الوكالة بوجوب إشعار إيران بأنها لا تقدم دعماً كاملاً للبروتوكول لاسيما بعد تأجيلها لزيارة وفد من الوكالة وعدم تسليمها مخططات وتصاميم هذه الأجهزة وكذلك نتائج أبحاث أجرتها حول تحويل واختبار مواد نووية. نتيجة لذلك، طلبت الوكالة من إيران أن تكون متعاونة في تنفيذ بنود البروتوكول وحل المشاكل القائمة ،ومن ثم أخذت أمريكا وحلفاؤها في مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالادعاء بأن مشروع إيران النووي هو مشروع تسلحي يسعى لإنتاج قنبلة نووية .( )
في محاولة سياسية لإرجاع إيران إلى صف الإرادة الدولية ،عرض ممثلون عن كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساعدات نووية وتجارية مقابل تخلي إيران عن مشروعها النووي الطموح ولاسيما عمليات التخصيب والتحويل. إلا أن الإدارة الأمريكية لم تقتنع بهذا الاتفاق واستمرت في تحريض المجتمع الدولي والمنظمة الدولية على الاستمرار في عمليات التفتيش الاستثنائية . وفي نهاية نوفمبر 2004 أصدرت وكالة المخابرات المركزية (CIA) تقريراً يفيد بوجود علاقة تعاون بين عالم الذرة الباكستاني (عبد القدير خان) وإيران ومن ثم تبني مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً يطالب إيران بإيقاف كافة نشاطاتها النووية حتى الانتهاء من أعمال التفتيش .وافق المسؤولون الإيرانيون على القرار رسمياً ولكنهم استمروا بإعطاء تصريحات بأن إيران لن تتخلى عن مشروعها النووي وأن الاتفاق الذي أبرم مؤقتاً.( )
وفي ديسمبر 2004 تمكن مفتشو الوكالة الدولية من الوصول إلى موقعين عسكريين إيرانيين ، وقد تبين أن الموقعين معدان لاختبار المتفجرات وتخزين مواد نووية ،.وفي مارس 2005 رفضت إيران الزيارة الثانية من قبل مفتشي الوكالة على أساس أنها غير مسوغة، وهذا ما دعا الوكالة إلى القول بأن هذا الرفض عطل جهد المنظمة الدولية في التحري عن مصدر التلوث باليورانيوم عالي التخصيب الذي كشفته في أحد المواقع.
في أغسطس 2005 قامت السلطات الإيرانية بفك أختام الوكالة ووسائل مراقبتها على منشآت نووية في محاولة سياسية لقطع محاولة أي تدخل أجنبي متواصل لا حدود له في مشروع لا يخلو من طموح ولكنه لا يزال وليداً ، وفي مراحل نشأته الأولى.
في أوائل العام 2006 رفضت إيران المقترح الروسي بنقل عمليات التخصيب إلى الأراضي الروسية ضماناً لعدم لجوء الإيرانيين لاستخدامه في أغراض تصنيع سلاح نووي وقوبل الرفض الإيراني باتفاق في وجهات النظر الأوروبية والأمريكية ودعم روسيا والصين على ضرورة أن توقف إيران برنامجها النووي بشكل كامل ، ومن ثم توحدت المواقف الدولية وصدر قرار مجلس الوكالة ليقضي بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن من دون اتخاذ إجراءات عقابية في هذه المرحلة، وبذلك أصبحت إيران في وشك فرض عقوبات عليها ما لم تمتثل لقائمة طلبات قرار مجلس الوكالة ( )،خلال العامين 2006 و2007 ظلت إيران تلعب على عنصر كسب الوقت مع الترديد الرسمي من قبل قادة إيران على أن البرنامج النووي الإيراني لن يتوقف تحت أي ظرف ومهما كانت العقوبات وأنه موجه لخدمة الأغراض السلمية للطاقة .وقام الرئيس الإيراني، أحمدي نجاد، بأمر وقف التعاون مع الوكالة الدولية، ثم قام مجلس الأمن بفرض عقوبات على طهران.
ومع انتهاء عام 2015 الذي كان يحمل الكثير من العمل والجد المتواصل من القيادات الإيرانية نحو توصيل المفاوضات إلي المراحل الحاسمة، توصلت إيران والدول الست الكبرى، اليوم، إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني في محادثات طويلة-جرت في لوزان بسويسرا- أتاحت إجراء مفاوضات أخرى من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي .وهذا ما تم الاتفاق عليه، السماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكل المواقع المشتبه بها، خفض قدرات إيران على التخصيب، خفض عدد أجهزة الطرد المركزي، فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني و رفع العقوبات المفروضة من قبل أوروبا والولايات المتحدة عن إيران.
أما في 2016 أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، أن إيران نفذت تعهداتها بموجب الاتفاق النووي مع القوى الست الكبرى، ما دفع بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى الإعلان عن الأثر عن دخول الاتفاق حيز التنفيذ ورفع العقوبات الاقتصادية والمالية عن إيران، ويعتبر ذلك الجزء الأخير من قضية البرنامج النووي الإيراني حتى الآن، ولكنه ليس النهاية الكاملة لهذا البرنامج، الذى بدأ في عصر شاه إيران الراحل بالتعاون مع الولايات المتحدة.( )
الفصل الثالث
( الموقف الخليجي والدولي تجاه البرنامج النووي الإيراني)
مقدمة:
تعتبر المواقف والمحددات هي الإطار العام الذي يحكم موقف الدول والمنظمات الدولية تجاه برنامج إيران النووي، حيث إن هذه المحددات تتباين وتختلف من دولة إلى أخري ويعود ذلك لمجموعة عوامل أهمها البيئة الداخلية والبيئة الإقليمية والبيئة الدولية. لا شك أن التسلح الإيراني المستمر يثير القلق في إقليم منطقة الخليج، حيث أن حجم التسلح ونوعيته تعدان عملية دفاعية، وأصبح التهافت الإيراني علي شراء السلاح يثير علامات استفهام كبري، وأن برنامج التسلح الإيراني من شأنه أن يؤثر بشكل كبير علي البيئة الاستراتيجية في كل منطقة الشرق الأوسط، يفرض تهديداً مباشراً علي المنطقة كما يهدد آمن دول الجوار.
أما دول الخليج العربية فإن البرنامج النووي الإيراني يعتبر بالنسبة لها أمراً مخيفاً. رغم ادعاء إيران أنها تطور البرنامج لأغراض سلمية فقط، إلا أن ادعاءات الأمريكيين والوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أشاعت المخاوف والشكوك حول ما إذا كانت إيران تنوي تطوير البرنامج لأغراض عسكرية أيضاً وإذا كانت ايران تأمل في امتلاك السلاح النووي، فإن هذا الوضع يمهد الطريق أمام سباق لامتلاك الأسلحة النووية
وسوف نقوم بتقسيم هذا الفصل إلى جزئيين ،نستعرض في الأول المحددات والمواقف الإقليمية وهي هنا نشمل موقف دول الخليج العربي، والموقف العربي تجاه البرنامج النووي الإيراني ،ثم نقوم باستعراض المواقف المحددات الدولية متمثلة في الموقف الأمريكي والموقف الأوربي والموقف الروسي وموقف إسرائيل وتركيا تجاه البرنامج النووي الإيراني.
وسنحاول من خلال هذا الفصل أن نعلم الاستراتيجية المتبعة للدول الكبرى الدولية والعربية والوقوف علي التداعيات التي ستفرض نفسها في منطقة الخليج العربي بناء على المحددات المتبعة من الدول في إطار تداعيات الملف النووي الإيراني. مع عرض السيناريوهات المستقبلية للبرنامج النووي الإيراني على كافة التوقعات ومستقبل العلاقات بين دول الخليج وإيران.
المبحث الأول: الموقف الخليجي والدولي تجاه البرنامج النووي الإيراني
على الرغم من إن كافة القوى الدولية والإقليمية ,التي تعتبر أطرافاً رئيسية أو ثانوية في الأزمة النووية الإيرانية ,كانت تتفق من حيث المبدأ على ضرورة امتناع إيران عن مواصلة أنشطتها النووية المحظورة ووقف عمليات تخصيب اليورانيوم , إلا إنها تباينت في أدارتها للأزمة ليس فقط بحكم تباين مصالحها أو اختلاف علاقاتها مع إيران، ولكن الأهم من ذلك بحكم اختلاف تصوراتها بشان إدارة قضايا السلم والأمن على الساحة الدولية ,وفي القلب منها قضايا منع الانتشار النووي.
لكن الاتجاه السائد هو التخوف من امتلاك ايران لأسلحه نووية وجود دوافع ورغبات قويه إيقاف المشروع النووي الإيراني أو على الأقل ضمان استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية ,وقد جاءت المحددات و المواقف على النحو التالي:
أولاً: المحددات والمواقف الإقليمية:
أولاً محددات الموقف الخليجي:
مما لا شك فيه أن دول الخليج تدرك أن تطوير القدرة النووية الإيرانية يعد عاملاً آخر من عوامل عدم الاستقرار التي تهدد المنطقة ولا يمكن توقع نتائجه سواء حالياً أو على المدى البعيد، ومع التسليم بتلك القناعة إلا أن الدول الخليجية لم تعد آلية واضحة للتعامل مع تلك القضية حال تصعيدها وهو أمر محتمل، ويبدو أن هذه الدول ترى إنهاء هذا -الملف من خلال وسائل الضغط الدبلوماسية .
بداية، ينبغي التمييز بين موقف مجلس التعاون الخليجي وموقف دول الخليج من هذا الاتفاق. بالنسبة لموقف مجلس التعاون الخليجي كمؤسسة إقليمية، فقد غلب عليه فكرة “الموافقة المشروطة” حيث رحب المجلس الوزاري الخليجي بالاتفاق بين الدول الكبرى وإيران بشأن برنامجها النووي، على أن يكون مقدمة للتوصل إلى حل شامل لهذا الملف، ودعا المجلس إلى التعاون التام مع وكالة الطاقة الذرية. والتوصل لمرحلة جديدة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران مبنية على عدم التدخل وحسن الجوار وعدم استخدام القوة أو التهديد بها) (. ومن هنا يمكن القول ، أن موقف دول مجلس التعاون الخليجي من قضية البرامج التسليحية الإيرانية وبخاصة البرنامج النووي يتسم بشيء من الغموض والتردد وذلك بالرغم من الاهتمام العالمي الذي يحظى به المشروع النووي الإيراني؛ ففي القمة الخليجية التي انعقدت في أبو ظبي أواخر 2005 ، تجنب رؤساء الدول الخليجية مواجهة إيران بصورة مباشرة في موضوع برنامجها النووي، وذلك بالرغم من الاتهامات الغربية التي تقول بأن طهران قد أصبحت قريبة جدا من صنع أول سلاح نووي.
أما بالنسبة للمواقف الخليجية الفردية، لا يوجد موقف خليجي موحد من هذا الاتفاق، فيلاحظ أنه ومع تطورات الأزمة، أخذ التمايز والتباين في المواقف الخليجية يظهر، وليس فقط على مستوى النخب الحاكمة، بل أيضًا على مستوى النخب المثقفة بين من يعلن مخاوفه من البرنامج النووي الإيراني، سواء أكان عسكريًا أو سلميًا، وبين من يحرص على تبديد هذه المخاوف، حيث سارعت الإمارات والكويت وقطر والبحرين للترحيب بهذا الاتفاق، وتمت الإشادة به بدرجات متفاوتة، فقد أكد رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد ترحيب الإمارات بما توصلت إليه طهران والقوى العالمية من اتفاق تمهيدي حول برنامج إيران النووي، وأكدت الكويت مراراً على حق إيران في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.( )
كما أكدت البحرين لمجلس التعاون إن الاتفاق النووي مع إيران يصب في استقرار المنطقة. وأشار وكيل وزارة الخارجية الكويتية أنه يأمل أن يشكل هذا الاتفاق بداية ناضجة لاتفاق دائم ينزع فتيل التوتر ويحفظ للمنطقة أمنها واستقرارها. وقد أكدت مراراً موقفها الداعي إلى جعل المنطقة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وأن شعوب هذه المنطقة في حاجة إلى تكثيف الجهود من أجل التنمية والتطور ، مع التأكيد على حق أي دولة أن تمتلك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية ،والملاحظ أن الدول الخليجية التي يوجد لديها قضايا عالقة مع طهران هي التي بادرت بالترحيب بتوقيع هذا الاتفاق، وهو ما يعكس افتقادها للقدرة على تغيير هذا الواقع الإقليمي أكثر من اقتناعها به.( )
في حين كانت سلطنة عمان طرفاً وسيطاً بين إيران والولايات المتحدة في المحادثات الرسمية ،وكانت لديها مصلحة مشتركة في الوصول إلى حل سياسي للأزمة، وأكدت أن ذلك سينعكس على الاستقرار في المنطقة وهي بداية لحلول سلمية لمشاكل المنطقة، وأن دول الخليج لها مصلحة استراتيجية في استقرار الأوضاع.( )
أما الموقف السعودي فقد غلب عليه التوجس الصريح في بداية الإعلان عن الاتفاق النووي، ثم حدث تحول في الخطاب الرسمي السعودي إلى القبول المشروط حيث أكدت الحكومة السعودية أنه إذا توافر حسن النوايا فيمكن أن يشكل هذا الاتفاق خطوة أولية في اتجاه التوصل لحل شامل للبرنامج النووي الإيراني، فيما إذا أفضى إلى إزالة كافة أسلحة الدمار الشامل، وخصوصاً السلاح النووي من منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، على أمل أن تستتبع ذلك المزيد من الخطوط المهمة المؤدية إلى ضمان حق كافة دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.( )
لذا، هناك ثلاثة مواقف خليجية مختلفة، فالتوافق بين دول الخليج حول إيران والثورات العربية والملفات الإقليمية بل والوحدة الخليجية غير قابل للتحقق في بعض الأحيان، وهو ما برز في التنافس القطري الإماراتي خلال الثورة في ليبيا، أو التنافس القطري السعودي في سوريا أو امتناع الكويت عن المساهمة بصورة جدية في قوات درع الجزيرة العربية أثناء تفاقم احتجاجات البحرين، أو خروج سلطنة عمان عن القاعدة من خلال العلاقات الوثيقة مع طهران.
وينبغي التأكيد على أن المواقف الخليجية تجاه إيران تنطلق من اعتبارات عدة ليس أقلها المصالح المتبادلة مع إيران على الصعد الاقتصادية والسياسية والثقافية.
على الصعيد الاقتصادي: على الرغم من التباينات السياسية بين إيران والدول الخليجية إلا أن التعاون الاقتصادي كان أحد أهم عوامل التقارب بين الجانبين، حيث تعد تلك الدول أكبر الشركاء التجاريين لإيران. ولم تقتصر العلاقات الاقتصادية بين الجانبين على التبادل التجاري، حيث بدأت كل من الكويت وإيران بحث مشروع نقل المياه الإيرانية إلى دولة الكويت ،كما أن المشروع سوف يتيح لإيران استثمار مصادر المياه بشكل أمثل كما يتيح جذب الاستثمارات لإيران، فضلا عن تخفيف الاعتماد على النفط والغاز لزيادة العائدات.( )
على الصعيد السياسي: على الرغم من أن العلاقات الإيرانية- الخليجية قد شابها بعض التوتر منذ قيام الثورة الإيرانية وما تبعها من تداعيات، حيث كان التوتر هو السمة السائدة في العلاقات بين الجانبين، إلا أن بعض الدول الخليجية قد حافظت على علاقة قوية مع إيران.
وتعكس الملامح العامة للتفاعلات السياسية السابقة بين إيران والدول الخليجية الست حرص إيران على توطيد العلاقات مع تلك الدول حتى في ظل وجود خلافات أو تباينات في وجهات النظر بين الجانبين. وفي هذا الصدد حرصت إيران على طمأنة جيرانها الخليجيين بشأن برنامجها النووي، حيث قام حسن روحاني كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين بجولة في دول مجلس التعاون الخليجي خلال شهر يونيو 2005 استهدفت التأكيد على الأغراض السلمية للبرنامج النووي الإيراني، فضلاً عن أن هذا البرنامج يتفق مع القوانين الدولية، وهو الأمر الذي وجد تفهماً خليجياً. ونخلص مما سبق إلى أن الدول الخليجية الست، بالرغم من قلقها من البرنامج النووي الإيراني فإنها لن تستطيع المشاركة في أي عمليات ضد إيران دون قرار واضح من مجلس الأمن، وذلك انطلاقاً من العلاقات المتنوعة بين طهران والدول الخليجية الست.( )
ثانياً: محددات الموقف العربي:
إن مواقف الدول العربية من أزمة الملف النووي حتى هذه اللحظة شبه متقاربة إلى حد ما وهي مطالبة ايران بتقديم ضمانات إلى المجتمع الدولي بأن برنامجها النووي لن يتعدى الاستخدام للأغراض السلمية وإن استخدام الخيار العسكري ضد ايران لإجبارها بوقف برنامجها النووي غير مقبول ونتائجه وخيمة رغم الضغوط الأمريكية باتخاذ مواقف مشددة بحجة إن البرنامج النووي الإيراني يستهدف بالدرجة الأولى جيرانها من الدول العربية.
يمكن اختصار الموقف العربي اتجاه البرنامج النووي الإيراني بالرفض وعدم التأييد، أن البرنامج يشكل تهديداً لدول الوطن العربي والدول المجاور، حيث من شأنه التأثير علي مدى نفوذ هذه الدول في المنطقة، فامتلاك إيران للسلاح النووي يجعل منها القوة الأولى في المنطقة، كما وسيجعل منها مصدرة هيبة الدول الأخرى التي ستسعي تبعاً لذلك جاهدة لكسب ولاء إيران ورضاها كي لا تتأثر مصالحها. بدأت الدول العربية تأخذ مسألة البرنامج النووي الإيراني ببالغ الجدية، وتعطيه الأولوية في أجندتها السياسية بعد إبراز تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي تشير إلي وجود مؤشرات جدية وكبيرة علي أن برنامج إيران النووي يمكن أن يخدم أهدافاً تسليحية وتحاول الدول العربية خاصة دول الجوار الجغرافي مع إيران أن يتم إشراكهم في المفاوضات والحوارات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.( )
لكن الخطاب الرسمي العربي حائر في تحديد موقفة من البرنامج النووي الإيراني، ليس فقط لعجزة عن تبني موقف جماعي من أي من القضايا السياسية المفروضة علي أجندة المنطقة، بل أيضاً لحرجه من استهداف ذلك البرنامج سياسياً في ظل الترسانة النووية الإسرائيلية ويزداد الموقف تعقيداً في ظل أهداف البرنامج التي تسعي إيران لتحقيقها لتصبح اللاعب الأكبر إقليمياً .
يدعو العرب منذ سنوات السبعينيات من القرن الماضي لمنع انتشار الأسلحة وإزالتها، كما طالبوا بإنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط بالإشارة للأسلحة الإسرائيلية، وسعوا في كافة المجالات إلي إجبار إسرائيل علي الانضمام لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وبلورة رأي دولي يعزز ذلك، كما تدعم جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تنفيذ آليات عدم انتشار الأسلحة النووية وتعزيزها.( )
ثانياً: المحددات والمواقف الدولية:
يثير البرنامج النووي الإيراني ردود فعل ومواقف دولية متباينة، ولكنها باستثناء إسرائيل وافقت علي استكمال المشروع النووي الإيراني ولكن لاستخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية، مع إيجاد ضمانات قوية لذلك ،فعلي سبيل المثال :لم تعترض تركيا علي المشروع النووي الإيراني للأغراض السلمية، ولكنها تخشي تصنيع ايران لأسلحة نووية شأنها شأن دول الخليج العربية، حيث سعت الأبعاد البرنامج النووي الإيراني عن طبيعته العسكرية.
أما إسرائيل فترفض البرنامج النووي الإيراني سواء كان للأغراض السلمية أو العسكرية ، حيث رفضت فكرة استكمال المشروع النووي الإيراني باعتباره يشكل مصدر خطر وتهديد مباشر لأمن إسرائيل. ورفض إسرائيل لا يعزي إلي الخوف من تهديد أمن إسرائيل، ولكن الخوف من تعاظم الدور الإيراني في المنطقة، وإمكانية أن يكون هناك حليف قوي للولايات المتحدة الأمريكية بديلاً عن إسرائيل في رعاية المصالح الأمريكية والأوروبية في منطقة الخليج العربي ، ومن ثم فقدان الدعم والقوة الأمريكية والأوروبية والتي تحمي إسرائيل وتمنع إدانتها باستمرار بالرغم من تجاوزتها وأطماعها التوسعية في المنطقة وانتهاكاتها لحقوق الإنسان .( )
أما موقف الولايات المتحدة فقد استمر في رفضيه لامتلاك ايران قدرات نووية ، حتي القرار الأخير الذي اتخذته مجموعة الدول (5+1) علي مواصلة ايران برنامجها النووي بشرط استخدام الطاقة النووية بشكل سلمي, ولكنها أكدت أن التقنية المستخدمة في البرنامج النووي الإيراني يمكن استخدامها بسهولة للأغراض العسكرية. وقد عملت الولايات المتحدة على حشد الدعم الدولي وتأييد القوى الكبرى والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، فضلا عن التأثير على الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل إحالة ملف طهران النووي إلى مجلس الأمن الدولي تمهيدًا لاتخاذ المجلس إجراءات عقابية ضد طهران لحملها على تجميد أنشطتها النووية.( )
ومن الملاحظ أن سياسة الاتحاد الأوروبي في تعامله مع الملف النووي الإيراني ينطبق عليه سمات العمل الأوروبي المشترك من حيث الدوافع، ومن حيث طبيعة تلك السياسة. فمن حيث الدوافع ترغب الدول الأوروبية في أن يكون لها دور في قضية هامة وحساسة مثل الملف النووي ي الإيراني ،أما من حيث طبيعة السياسة الأوروبية فهي تميل نحو الجهود الدبلوماسية وتوظيف الأدوات والخيارات الاقتصادية، ومن ضمن موقف الترويكا الأوروبية من الملف النووي الإيراني، يلاحظ أن الموقف البريطاني داعم ومؤيد للموقف الأمريكي الذي ينادى بالوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم ووقف جهود إيران على صعيد إنتاج الوقود النووي ، أما عن الموقف الفرنسي فهو يميل إلى احتفاظ إيران بالحد الأدنى من التكنولوجيا النووية بالقدر الذي لا يتيح لها امتلاك أسلحة نووية مع وجود رقابة دائمة على المنشآت النووية الإيرانية. ومن المعروف أن الشركات الفرنسية تستحوذ على نصيب لا بأس به من العقود والاستثمارات في إيران في مجالات الحقول النفطية.( )
لقد لعبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدور المحوري في الأزمة النووية الإيرانية، بحكم أنها الجهة المسئولة عن التفتيش على البرنامج النووي الإيراني، ونلخص موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية من البرنامج النووي الإيراني بأن إيران ترفض الانصياع لشروط وأنظمة الوكالة الدولية، حيث رفضت تقديم بيانات ومعلومات شاملة وسليمة عن كافة أنشطتها النووية ،واستمرت بجهودها لتخصيب اليورانيوم متجاهلة الوكالة الدولية وأنظمتها.( )
وفيما يتعلق بتركيا، فمع أنها تدعو إلى إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط إلا أنها تسعى من أجل إبعاد البرنامج النووي الإيراني عن طبيعته العسكرية وتحاول تشجيع إيران على الاستفادة من هذا البرنامج لأغراض سلمية .
وعن موقف روسيا فهناك محددان أساسيان يحكمان الموقف الروسي من الأزمة النووية الإيرانية ،المحدد الأول : علاقات التعاون النووي والاقتصادي الوثيقة مع إيران، حيث تعتبر روسيا واحدة من أقوى الشركاء التجاريين لإيران ،أما المحدد الثاني : يتمثل في حرص روسيا -رغم مصالحها الوثيقة مع إيران – على ألا تستطيع إيران في نهاية المطاف امتلاك السلاح النووي حتى لا يتسبب ذلك في الإخلال بالتوازن الاستراتيجي العالمي بشكل عام، ويتمثل رفض روسيا للبرنامج النووي لما كان يتضمنه المشروع من فرض حظر شامل على البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وإصرار روسيا على أن يقتصر الحظر على الأنشطة النووية الإيرانية المثيرة للشكوك ولاسيما تلك المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وإنشاء مفاعل الماء الثقيل.( (
وبعد عرض مواقف الدول المختلفة من البرنامج النووي الإيراني ، قد تبين أن هناك تباين في المواقف بين الدول ،وتختلف المواقف الدولية حول أفضل السبل في التعامل مع الملف النووي الإيراني ،ويرجع ذلك إلى التباين في تصور مدى الأخطار التي من الممكن أن يحققها البرنامج النووي الإيراني, فالسعي الإيراني لامتلاك السلاح النووي يصُب في اتجاه تعميق الخلل في توازنات الدول الكبرى ويُهدد الاستقرار ، ويزيد من مُعضلة التوصُل إلى صيغة مُتفق عليها للأمن الإقليمي والدولي في ظل غموض النوايا الإيرانية واستمرار الخلاف حول بعض القضايا الدولية المُتعلقة بالترتيبات الأمنية.
المبحث الثاني: اثر البرنامج النووي الإيراني علي امن دول مجلس الخليج العربي
تتسم العلاقات الخليجية- الإيرانية بالتعقد والتشابك الشديد إلى حد التناقض، ومع التسليم بطبيعة تلك العلاقات الخليجية- الإيرانية التي شهدت حالات من المد والجزر منذ قيام الثورة الإيرانية وحتى الآن وفقا للمتغيرات الإقليمية والدولية، وتتمثل مُعضلة دول الخليج العربية نتيجة للبرنامج النووي الإيراني في موقفها الصعب الذي وجدت نفسها فيه. فهي من جهة لا تُريد أن تكون هُناك حرب جديدة في المنطقة ضد دولة لها عُمق شعبي وديني في دول الخليج العربية، ومن جهة أُخرى فهي لا تود أن تُصبح إيران قوة نووية تمتلك هذه القُدرات في المجال العسكري. هنا هو مكمن المُعضلة الأساسية لدول الخليج العربية، لذلك نجد مواقفها العلنية تُحبذ الخيار الدبلوماسي على غيره من الخيارات باعتبار أنهُ أفضل السُبل التي ستؤدي إلى نزع فتيل التخوُف الخليجي وإبعاد شبح الحرب عن المنطقة من جهة، والدفع بإيران بعيداً عن أن تُصبح دولة بقُدرات نووية عسكرية.
لذلك تتعدد الآثار التي يمكن أن يحدثها البرنامج النووي الإيراني على منطقة الخليج سواء كانت بيئية أو أمنية كما يلي:
أ- تهديد الاستقرار الإقليمي في منطقة الخليج:
مما لاشك فيه أن امتلاك إيران لأسلحة نووية من شأنه التأثير على استقرار منطقة الخليج من زاويتين:
الأولى: تكريس الخلل القائم في موازين القوى، حيث أن حقائق الجغرافيا السياسية تشير إلى أن القوة الإيرانية الحالية إذا أرادت أن تتجه فإن مسارها لن يكون للشمال أو للشرق، ففي الشرق هناك القوى النووية الآسيوية الكبرى ، وفي الشمال هناك روسيا، وبالتالي فإن إمكانية التمدد المتاحة لإيران هي في الغرب، ويضاف إلى هذا معاناة الجيوش الخليجية من نقص الأفراد المستعدين للخدمة في القوات المسلحة أو الالتزام بالحياة العسكرية، لذلك زعزعة توازن القوي بمنطقة الخليج العربي هو الخطر الذي يهدد منطقة الخليج العربي، فلن تستطيع أيه دولة خليجية مقاومة الأطماع الإيرانية في المنطقة ، في ظل النبرة العدائية التي تتعامل بها ايران مع دول الخليج قبل امتلاكها السلاح النووي، فالأطماع الإيرانية في المنطقة لا تتوقف عند زعزعة امنها واستقرارها ،بدل تتجاوزها إلي دعم ميلشيات مسلحة للتدخل في شئون الدول العربية الخليجية وغير الخليجية لإيجاد ثغرة تستطيع من خلالها التغلغل عبر مؤيدين لسياستها في المنطقة .
أما الثانية فهي: إمكانية نشوب صراع عسكري بين إيران والأطراف المعنية بالقضية النووية تنعكس آثاره على المنطقة، ومن ثم فإن الرد الإيراني قد يأخذ أشكالاً عديدة منها أن تقوم إيران بضرب القواعد الجوية والقطع البحرية الأمريكية في دول الخليج العربية ، وهو الأمر الذي ينذر باحتمال أن تتحول المواجهة المباشرة المتوقعة بين إيران والولايات المتحدة إلى حرب إقليمية عواقبها عديدة منها إمكانية قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز مما يعوق تدفق النفط الخليجي إلى الدول الغربية والولايات المتحدة، لأن إذا فرضت عقوبات على إيران بطريقة تهدد مصالحها الوطنية فإنها لن تسمح بتصدير نفط من المنطقة، فضلاً عن أنها قد تستهدف السفن الأجنبية الأمر الذي من شأنه التأثير على حركة الملاحة في الخليج، ومن ثم على استقرار الأسواق النفطية وهو ما سوف يؤثر سلباً على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد بشكل أساسي على النفط كمصدر مهم للدخل القومي. ومن ناحية أخري، قد تستهدف إيران المصالح الأمريكية في المنطقة سواء كانت شركات أو مصانع أو حتى أفراد.( )
ب- صعوبة التوصل إلى صيغة مشتركة لأمن الخليج:
من الآثار المهمة بالنسبة لامتلاك إيران سلاحاً نووياً صعوبة التوصل إلى صيغة مشتركة لأمن الخليج، حيث تعد تلك القضية من القضايا الخلافية في العلاقات الإيرانية- الخليجية، فإيران تطالب دوماً بأن يكون لها دور في الترتيبات الأمنية الخاصة بالمنطقة ، الأمر الذي يتعارض مع رؤية دول مجلس الخليج لتلك ، وفي ظل هذا الاختلاف طرحت عدة صيغ لأمن الخليج من جانب إيران، فضلاً عما أوردته مراكز الدراسات المتخصصة في هذا الشأن، ألا أن إصرار إيران على امتلاك السلاح النووي من شأنه أن يعوق إمكانية التوصل إلى صيغة أمنية مستقبلية لأمن الخليج وذلك لعدة اعتبارات:
أولها: إمكانية قيام سباق نووي ليس في منطقة الخليج فحسب وإنما في المنطقة العربية كلها، حيث ستعمل الدول العربية جاهدة من أجل دخول النادي النووي .
وثانيها: أن دول مجلس التعاون الخليجي في سعيها لإقامة صيغة أمنية مشتركة في الخليج لا بد وأن تحصل على ضمانات دولية ملزمة من المجتمع الدولي بشأن إجراءات بناء الثقة مع الأطراف الإقليمية ومنها إيران، وأول هذه المتطلبات عدم تهديد أمن تلك الدول سواء بامتلاك الأسلحة النووية أو غيرها.
وثالثها: امتلاك إيران للسلاح النووي من شأنه أن يقوض كافة الخطوات التي بذلها الجانبان الخليجي والإيراني واستهدفت حسن الجوار وتعزيز الثقة والمنافع المتبادلة، وصولاً إلى إيجاد منظومة أمنية وإقليمية تقوم على أسس عدة يأتي في مقدمتها نبذ اللجوء إلى القوة وحل كافة القضايا العالقة بالحوار والتفاوض.) (
ج- الآثار البيئية المباشرة:
تعد دول مجلس التعاون الخليجي في مقدمة التي سوف تصاب بالضرر المباشر جراء الأسلحة النووية الإيرانية، حيث يقع مفاعل بوشهر الذي يمد أحد أهم مرافق المشروع النووي الإيراني على بعد 280 كم من مدينة الكويت ويعتمد هذا المفاعل بصفة أساسية على تقنيات مستوردة من روسيا التي لا تملك عناصر الأمان النووي المضمونة. وبالتالي فإنه في ظل الحظر الغربي على الآلات والمعدات التي تستخدم في الصناعة النووية فإن إيران قد تسعى لإنجاز وإتمام تسلحها النووي اعتماداً على آلات نووية أقل ضماناً، ومن ثم تصبح دول الخليج في مرمى الخطر إذا ما حدث تسرب ،ومن ناحية أخرى، فإن إيران في محاولتها التخلص من النفايات النووية قد تتجه إلى التخلص من الماء الثقيل في الخليج الأمر الذي من شأنه أن يخلق أزمة تلوث لكل دول المنطقة تنتج عن تسرب المواد النووية المشعة في مياه الخليج وتستمر آثارها عشرات السنين.( )
د- مأزق الدول الخليجية في حالة نشوب حرب:
ويعد هذا الأثر أحد أهم تداعيات امتلاك إيران للسلاح النووي، حيث تؤكد كافة المؤشرات أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن استخدام القوة ضد أي قوة نووية محتملة، وفي هذا الصدد أشار تقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أنه إذا استطاعت دولة معادية للولايات المتحدة أن تحصل على أسلحة دمار شامل، خاصة الأسلحة النووية فإن الخطر سيكون كبيراً، وشدد التقرير على أن الولايات المتحدة لابد أن تكون أشد قلقاً فيما يتعلق بإيران وامتلاكها أسلحة نووية ، وفي ظل إمكانية نشوب حرب ضد إيران فإن دول مجلس التعاون الخليجي سوف تواجه مأزقاً حقيقياً. حيث إنه إذا كان للدول الخليجية مصلحة أكيدة في التخلص من النظام العراقي السابق سواء أعلنت بعضها ذلك أو لم يعلن البعض الآخر، إلا أن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة للحالة الإيرانية التي يصعب معها التكهن بنتائج هذا العمل سواء كان ضربة استباقية أو عمليات عسكرية متصلة، حيث لن تكون الدول الخليجية الست بمنأى عن تداعيات مثل هذه الأعمال، كما أنه على الرغم من أن تلك الدول تعد حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة بموجب اتفاقيات أمنية ثنائية (باستثناء المملكة العربية السعودية)، فإنه من المستبعد أن تقدم هذه الدول تسهيلات لوجستية للعمليات العسكرية ضد إيران، بل إنها قد تدفع في سبيل الحل الدبلوماسي السلمي، حيث أن الدول الخليجية بها نسبة كبيرة من الشيعة، ومن ثم فإن الدول التي تسمح باستخدام أراضيها لضرب إيران قد تتعرض لعمليات إرهابية كما حدث خلال الحرب العراقية – الإيرانية.( )
ه- زعزعة الأمن الاقتصادي لدول الخليج العربي:
إن امتلاك ايران للسلاح النووي ،وعدم امتثالها للقرارات الدولية ,قد يدفعها إلي التعرض لعقوبات تصل إلي غلق مضيق هرمز, وضرب السفن الأجنبية في الخليج العربي، مما يعرقل تصدير نفط دول الخليج العربي الذي تعتمد عليه الدول الخليجية بصفة أساسية في تعزيز اقتصادها كمصدر رئيسي للدخل، مما يزعزع الأمن الاقتصادي لدول الخليج العربية ويعرض أهم مورد الاقتصادي من مواردها لخطر بليغ نتيجة احتمال إصابة حقول النفط ومشآته من العمليات العسكرية .( )
يتضح مما سبق أن دول الخليج العربية تواجه تهديدات خطيرة من امتلاك إيران القدرات النووية التي تمكنها من امتلاك وتصنيع السلاح النووي، نتيجة اختلال توازن القوة في المنطقة ومياه لكفة إيران التي ستسعي للاستفادة من قدرتها النووية في فرض هيمنتها وسيطرتها علي الدول العربية والعمل علي إثارة القلق والاضطرابات داخل دول الخليج العربية لاستغلال الأقليات الشيعية المختلفة في خدمة ما يحقق توجهاتها وأطماعها في المنطقة, مع الحرص علي رضوخ دول الخليج العربية لسلطتها وهيمنتها في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية ، بحيث تكون لإيران اليد العليا في منطقة الخليج العربي، فمن لا يتعاون مع ايران ويكتسب ودها ويساعد علي تعزيز اقتصادها يتلقى العقاب سواء بشكل غير مباشر بإشاعة الفوضى والاضطرابات أو بشكل مباشر من خلال التدخل العسكري الإيراني بحجة حماية الأقليات الشيعية ،مما يحتم تضافر جهود دول الخليج لمواجهة احتمالات هذا الخطر.
المبحث الثالث: السيناريوهات المستقبلية للعلاقات الإيرانية الخليجية
شهدت الآونة الأخيرة مؤشرات عدَّة مقلقة بشأن السلوك المستقبلي لإيران تجاه دول مجلس التعاون الخليجي في مرحلة ما بعد توقيعها الاتفاق النووي مع القوى العالمية الست الكبرى, وتشير بعض المعطيات إلى ارتفاع وتيرة الطابع التدخلي الإيراني تجاه بعض دول الخليج. في ضوء تلك التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة، وأخذًا بعين الاعتبار تعدد وتشابك ملفات وقضايا التعاون والنزاع، بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، فإنه من الصعوبة بمكان التنبؤ باتجاه مسار هذه العلاقات على نحو دقيق.
وسوف أحاول توضيح الملامح الاستراتيجية التي قد يجدر بدول الخليج اتباعها إزاء إيران خلال العقود المقبلة، وصولًا إلى استشراف المسار المستقبلي للعلاقات الخليجية-الإيرانية. ويمكن القول: أن هناك ثلاثة سيناريوهات يمكن استشرافها لشكل العلاقات الخليجية-الإيرانية خلال المستقبل المنظور:
سيناريو التقارب والانفتاح : حيث يدعو هذا السيناريو على إقامة حوار جاد بين الجانبين عبر قنوات اتصال دورية رسمية واضحة، بشأن قضايا الخلاف الرئيسية، وفي مقدمتها السلوك الإيراني التدخلي في شؤون بعض دول مجلس التعاون الخليجي. ويعد هذا السيناريو الأفضل من المنظور الخليجي، لكن تحققه يظل رهنًا بمدى توافر الرغبة الصادقة والإرادة السياسية الحقيقية لدى إيران لتغليب مبادئ حسن الجوار والمصالح المتبادلة على مبدأ بسط الهيمنة والنفوذ الإقليمي المستند إلى منطق القوة وحده.
سيناريو الصدام المباشر: يقوم هذا السيناريو على احتمال تصاعد وتيرة التوتر الحالية في العلاقات بين إيران وبعض دول الخليج العربية، وتجاوزها نقطة التوازن، لتصل إلى نوع من الصدام العسكري المباشر، وإن كان محدودًا. ورغم احتمالية حدوثه، تبقى نسبة تحقق هذا السيناريو عند مستوياتها الدنيا؛ نظرًا لكون السياسات الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي لا تعتمد القوة منهجًا لإدارة علاقاتها الدولية وحل قضاياها الخلافية مع دول العالم، إضافة إلى وجود كوابح دولية رادعة لأي سلوك إيراني غير حكيم قد يرد في الأفق، وفي مقدمة هذه الكوابح: الالتزام الأميركي بأمن الخليج، والحفاظ على سلامة وسلاسة المرور في الممرات البحرية في المنطقة.( )
سيناريو “المد والجزر”: ويمثل هذا السيناريو استمرارًا للحالة الاعتيادية التي تتسم بها العلاقات بين دول الخليج وإيران على امتداد العقود الأربعة الأخيرة، والتي تراوح فيها بين التقارب والتعاون تارة، والتباعد والنزاع تارة أخرى. ويعد هذا السيناريو هو المرشح للتحقق عمليًّا، في ضوء معطيات البيئة الإقليمية الراهنة.
فإن هناك ثمة ضوابط ينبغي أن تحكم المسار المستقبلي للعلاقات الإيرانية-الخليجية، بما يحقق مصالح كلا الطرفين من جهة، ويسهم في تعزيز أمن منطقة الخليج واستقرارها ويعزز رفاه شعوبها جميعًا من جهة أخرى. وإن الجانب الأكبر في هذا المسار سيقع على عاتق إيران؛ باعتبارها الطرف الساعي دومًا لبسط الهيمنة والنفوذ الإقليمي بما يتجاوز القواعد والأعراف في العلاقات بين الدول. ويأتي في مقدمة هذه الضوابط الحاكمة: ضرورة الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام السيادة الإقليمية والحدود القائمة المعترف بها، واحترام القواعد المنظِّمة للمرور في الممرات المائية وخاصة الخليج العربي والتوقف عن إطلاق التصريحات الاستفزازية من قِبل بعض المسؤولين والتي تنطوي على التلويح بإمكانية استخدام القوة أيًّا كان نوعها.( )
كما يبقى المحدد الأهم لمستقبل هذه العلاقات رهنًا بمدى إدراك صانع القرار الإيراني أهمية تطوير علاقات طهران مع العواصم الخليجية، ومن ثَمَّ إبداء بوادر حُسن نية لجهة إقامة تعاون إيجابي معها، لاسيما وأنه من مصلحة إيران تعزيز نطاق علاقاتها في الجوار الخليجي المباشر، وهو ما يؤهلها لتوسيع شبكة علاقاتها على المستوى الإقليمي والدولي، لما لدول مجلس التعاون الخليجي من مكانة رفيعة ومصداقية في المنطقة العربية والعالم أجمع.
والخلاصة, أن السيناريوهات الثلاثة, تقع علي خط مستقيم واحد, ويتوقف تحقيق أياً منهما علي الرئيس الإيراني الجديد, ومدي انفتاحه علي العالم الخارجي, خاصة الدول العربية وفي القلب منها الخليجية, عن طريق تبديد كل التخوفات لدي الكثير من الدول الخليجية والعربية تجاه ما عرف مؤخراً بمحاولة نشر التشيع في الكثير من الدول الخليجية وبلدان الربيع العربي, وهنا سيكون هناك دور كبير للمؤسسات الدينية في تقريب وجهات النظر وفتح باب الاجتهاد بين كل علماء المسلمين.
مقترح لاستراتيجية خليجية للتعامل مع إيران:
نظرًا لكون العلاقات التي تربط دول الخليج بإيران ذات طابع استراتيجي دائم ومستمر وذلك بحكم المحددات الجيوسياسية والاقتصادية والديمغرافية والثقافية ،فإنه قد يكون من الناجح إعادة هيكلة استراتيجية إدارة علاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع إيران في المجالات والقضايا كافة.
عليه، فقد يكون من الأوفق أن ترتكز عملية إعادة هيكلة هذه الاستراتيجية المستقبلية على المحاور الرئيسة ،منها تطوير عامل ردع خليجي في مواجهة إيران، من خلال عدة آليات ومقومات تمتلكها دول مجلس التعاون الخليجي، وتتسم بخصوصيتها الخليجية الدائمة ولا ترتهن بتقلبات المصالح وتغير أدوار القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في المنطقة.ويأتي في مقدمة هذه الآليات:
الإسراع باستكمال مسيرة التكامل والاتحاد الخليجي، لاسيما في جوانبها الدفاعية، والعسكرية، والاقتصادية، وكذلك تعزيز التعاون والتنسيق على المستوى العربي، تأطير العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران بصورة مؤسسية وبشكل جماعي يتجاوز الأساس الثنائي الذي يحكم هذه العلاقات في الوقت الراهن، وتعزيز علاقات
الشراكة الخليجية-الأمريكية؛ حيث ستبقى الولايات المتحدة الأمريكية الموازِن الكفء لإيران في الخليج خلال السنوات المقبلة، وذلك بالرغم من توقيع الاتفاق النووي مع طهران، فثمة مصالح حيوية دائمة لواشنطن في المنطقة، وهي حريصة على عدم السماح بانفراد إيران بأمن الخليج. وبالتالي، فإن الاتفاق النووي أسهم في تحول العلاقة بين واشنطن وطهران من الصدام إلى التقارب النسبي، دون التفريط في تحقيق أمن الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة .( )
إن ما سبق يؤكد حاجة البلدين إلى آليات تساعد على تحديد الأسس المشتركة التي يمكننا من خلالها رسم صورة لمستقبل
العلاقات الإيرانية الخليجية في ضوء المعطيات الراهنة للوصل إلى أقرب نقطة ممكنة للحد من القيود والضغوط الإقليمية والدولية اللذان تتعرضان لهما في ظل هذه التحديات. والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة هنا، كيف تفكر طهران، وما هي رؤية الدول الخليجية للمشروع الإيراني وما هو تداعياته على المنطقة بشكل عام ؟
إن أي محاولة لتحجيم المشاريع النووية الإيرانية لا بد له أن ينعكس إيجابياً على السلم في منطقة الخليج بالذات لقرب المنشآت الإيرانية من المنطقة، واستقرار هذه المنطقة رهين بالعلاقات الإيجابية بين كل من إيران والدول العربية وعلى الأخص الخليجية منها وان التنمية المستديمة في الدول العربية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال علاقات متينة وإيجابية وثابتة ومستقرة مع جارتهم الكبرى إيران.
الخاتمة والنتائج:
إن علاقة إيران مع دول مجلس التعاون منذ 1979 قد مثّلت، وما زالت، محدداً أساسياً من محددات استقرار منطقة الخليج وتوازن القوى. على الرغم من تعدد وتنوع قضايا وملفات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي خلال فترة الدراسة، فإن القضية الأساسية التي تمحورت حولها هذه السياسة وتقاطعت مع القضايا الأخرى سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو حتى ثقافية، هي قضية أمن الخليج، التي مثّلت وتمثل مركز التفكير الاستراتيجي في نظرة كل من إيران ودول مجلس التعاون الخليجي للعلاقة فيما بينهما، خاصة أنها تتصل بشكل وثيق بالطموح الإيراني العميق والممتد في دور إقليمي مميز ومؤثر، والخلل في ميزان القوى بين جانبي الخليج، والسياسات الخليجية لقوى دولية وإقليمية، والملف النووي الإيراني، إضافة إلى أطروحات وأفكار التعاون الأمني والاقتصادي والعسكري بين إيران وجوارها الخليجي.
ونخلص مما سبق أن إيران لا تعادى أو تصادق احد إلا بالقدر الذى يقربها من هدفها وهو القوة والهيمنة وبالتالي فإن خريطة الأعداء والمنافسين بالنسبة لإيران تتغير مع تغير موازين القوة ولكن يمكن القول بوضوح أن الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى يطرح ميزان قوى جديد في المنطقة. وبقدر التزام دول الخليج العربي في علاقاتها مع إيران بقواعد القانون الدولي وخاصة ما يتصل بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بقدر ما تتطلب منها إدارة السياسة الدولية امتلاك مصادر القوة تحصينًا لأمنها وسيادتها وسلامة أراضيها، وردعًا لأي تهديد محتمل.
ولقد بينت الدراسة أن تأثيرات التسلح الإيراني على الأمن الخليجي تتأتى من عدة جوانب ؛ فإما التهديد الإيراني المباشر لهذه الدول باستخدام تفوقها العسكري والنووي في تحقيق الأهداف والمصالح الاستراتيجية الإيرانية في الخليج على حساب مصالح دول الخليج العربية، أو من خلال التهديد غير المباشر الذي يمكن أن تفرضه المواجهة الإيرانية الغربية وخصوصًا مع الولايات المتحدة على منطقة الخليج، إضافة إلى التأثيرات الاقتصادية والبيئية التي يمكن أن تترتب على البرنامج النووي الإيراني. وكذلك، فقد بينت الدراسة حرص دول الخليج العربية على وصول إيران والدول الغربية إلى حل يتوافق مع متطلبات أمن المنطقة، ويمنع دخولها في أزمة عسكرية جديدة لا يمكن أن تتحملها المنطقة، خصوصًا بعد تداعيات الحروب والأزمات السابقة التي عاشتها والتي ما تزال حاضرة ومؤثرة بقوة.
تناولت هذه الدراسة مجموعة من الأدبيات السابقة ،تضم كتب و دراسات و دوريات والتي تم الاشارة اليها في المقترح البحثي ,ومن اسباب اختياري للموضوع هو محاولة الوصول لأثر البرنامج النووي الايراني علي أمن دور الخليج، وما هي مواقف الدول المختلفة تجاه هذا المشروع النووي ،وهل هناك علاقات تعاون بين ايران ودول الخليج العربي؟.
ولقد طرحت الدراسة مجموعة من الاسئلة والفروض التي حاولت الاجابة عليها واختبارها في مباحث الدراسة من خلال جمع المعلومات من المصادر المختلفة , وكانت النتائج التي تم التوصل اليها أنه بالفعل للبرنامج النووي الإيراني دوراً أساسياً في تهديد الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي خاصة وأن لإيران مصالح وطنية تتناقض مع مصالح دول الخليج ويؤدي ذلك إلي سباق تسلح في منطقة الخليج وهذا يشكل عبأً أمنياً وسياسياً واقتصادياً علي هذه المنطقة.
ومن الصعوبات التي واجهت الباحث ضيق الوقت ، ووجود انحياز لبعض الكتاب تجاه موقف بلد معين ،وعدم وجود رسائل علمية حديثة عن فترة رئاسة حسن روحاني وعلاقة ايران بالخليج, وايضاً كان هناك صعوبة في الحصول على معلومات تفصيلية عن طبيعة العلاقات الخليجية الايرانية في المراحل المختلفة ومحاولة التوصل لفوارق واضحة .ولكن امعنت البحث حتى توصلت لما هو مقدم.
باختصار، فإن معادلة الأمن الخليجي قد تأثرت دوما بخطط إيران وطموحاتها الإقليمية، لذا لم يكن من الغريب أن تستشعر دول مجلس التعاون حجم الخطر الذي يمثله الطموح النووي الإيراني علي أمن دول المجلس، لأسباب واعتبارات عدة بعضها بيئي يتعلق بمعايير الأمن والسلامة المتبعة في المنشآت النووية الإيرانية ، فضلا عن التلوث البيئي في ظل تقادم التقنيات، التي اعتمدت عليها إيران في بناء منشآتها، والذي تسبب في حوادث تسرب نووية ، والبعض الآخر من هذه الأسباب ترتب علي ما يمثله امتلاك قنبلة نووية من خطر داهم علي الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.
وأعتقد أن الخطر الإيراني علي أمن دول مجلس التعاون قد تفاقم عقب توقيع الاتفاق النووي لمبررات عدة، في مقدمتها شعور إيران بفائض قوة. ومن قبيل الواقعية السياسية الاعتراف بأن إيران خرجت من هذا الاتفاق، وهي تشعر بالزهو والفخر الوطني، لاسيما أن لحظة الانتصار تلك قد ترافقت مع موجة تراجع عربي غير مسبوقة، وانهيار للعراق الذي ظل طويلاً يمثل حائط الصد في مواجهة خطط التوسع الإيرانية إقليمياً في مواجهة الخطر الاستراتيجي الإيراني، فإن أحد أهم البدائل المطروحة أمام دول مجلس التعاون تتمثل في تفعيل حلقات الأمن الخليجي وركائزه الأساسية باعتبار أن آمن الخليج هو أحد أبرز حلقات الأمن القومي العربي، بما يعنيه ذلك من وجود دور حيوي للقوي الإقليمية العربية الرئيسية.
المقترحات والتوصيات الدراسية:
وعند عرض هذا البحث، الذي جاءت نتائجه موافقة لصحة فرضيتـه، وفي ضوء الاقتراحات والتوصيات التي قدمها الباحثون والأكاديميون ومع إتاحة الفرصة الاطلاع على أبحاثهم، هناك عدداً من الإجراءات والسياسات المهمة للاطلاع عليها وربمـا الأخذ بها أو بعضها، والتي يمكن أن تساهم في مقاومـة الأزمة المرافقة للبرنامج النـووي الإيراني، وفي تحويل مسار واقع الأزمة الأمنية في الخليج العربي إلى مناطق أخرى، الأمر الذي قد يأخذ بيد دول المنطقة إلى أداء أدوارها المطلوبـة في تحقيق حالة الأمن والاستقرار في الخليج. ومن أهمها ما يأتي: ) (
- أولاً: يرى الباحث أن حالة الأمن في منطقة الخليج بحاجة إلى بناء استراتيجية أمنية تتماشى مع الظروف الإقليمية والدولية ومتطلبات الأمن لدول المنطقـة. ولذلك فإن خيار المشاركة الجادة والفاعلة في بنـاء استراتيجية أمـن مشتركة من قبل جميع دول المنطقـة أصبح مطروحا بالفعل وبقوة كبيرة أمام إيران ودول المنطقة لإنقاذها من حرب مدمرة .
إن التداخل الكبير بين ما يمكن أن يحققه البرنامج النووي الإيراني من فوائـد على إيران وبين الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية المترتبة على مجتمعات المنطقة في حال قيام حرب جديدة مدمرة نتيجة لهذا البرنامج، تحتم على دول المنطقة النظر إلى هذه المشكلة بنوع من الجدية والحرص والسرعة في العمل المشترك لتفادي وقوعها.
ثانياً: بالنسبة لدول الخليج العربي، فإن من أفضل السبل لمواجهة الآثار المحتملة للبرنامج النووي إيراني على دول الخليج العربي هو ضرورة تفعيـل مؤسسات التكامل الخليجي -الخليجي من جهة والعربي- العربي من جهة ثانية وتطوير هياكلها. وإن شدة التحديات الأمنية التي تواجههـا الدول العربية فـي مشرقه ومغربه، وعدم قدرة دول الخليج على مجابهتها وحدها وبشكل منفـرد، تفرض على الدول العربية ضرورة تطوير الهياكل التكامليـة العربية وتفعيلهـا على المستويات كافـة، الدفاعية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، وذلك لتحجيم أثر تلك التحديات. وهذا الأمر يتطلب ضرورة تعميق الحوار العربي – العربي الجاد والمنفتح خاصة بيـن الدول المعنية بأمن المنطقة خاصة والأمن العربي عامة. وبطبيعة الحال فإن ذلك يتطلب تفعيل، وربما إعادة إحياء المؤسسات المختصة بالتعاون والدفاع العربي المشترك، وتنشيط دورها العسكري والسياسي.( )
ثالثاً: ضرورة مد جسور الثقة والتواصـل الفعلي بين دول الخليج العربي وبقية أطراف النظـام العربي، لتقوية أواصر التبـادل العسكـري والبعثات والخبرات والدورات العسكرية التي من شأنها الارتقاء بالعلاقة العسكرية والنهوض بأوضاعها إلى المستوى الأفضل الذي يفترض أن يكون.
رابعاً: إعادة النظر في طبيعة العلاقـات العربية – الإيرانية القائمة في مجالات الأمن والتعاون، وتحديد مواطن الضعف والقصور في فهم سياسة كل منهما، سعياً إلى الخروج ببدائل يمكن أن تكـون أكثر قدرة على فهم حالـة الأمن والاستقرار، والإسهام في تجـاوز مشكلاته والنهـوض بأوضاعه، الأمر الذي يمكن أن يسهم أيضاً في العمـل على وضوح الرؤية لطبيعـة الأمن المراد تحقيقه في منطقتهم. بـدون العمل على تحقيق ذلك فإنه لن يكون بمقدور دول الخليج العربي أن تتعامل أو تتفاعل بإيجابية مع التحديات والمخاطر التي تحيـط بها سواء أكانت من البرنامج النووي الإيرانـي أو غيره، الأمر الذي قـد يؤدي إلى تفاقم مظاهر العنف والفوضى وعدم الاستقرار في منطقة الخليج العربي.
قائمة المراجع النهائية:
أولاً: المراجع باللغة العربية:
1-الكتب:
• آل حامد، محمد أحمد، “أمن الخليج وانعكاساته على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية” ، مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية، أبوظبي،1997.
• الجوجري عادل،” أحمدي نجاد في قلب العاصفة”. (دمشق: دار الكتاب العربي، الطبعة1، 2006(
• خالد بن محمد القاسمي ,” طموحات ايران النووية”,( بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون ) ,ط1, 2009.
• سامور، جاري، “مواجهة التحدي النووي الإيراني” ، مركز الإمارات للدراسات والبحوث، أبوظبي،2006.
• عبد الحي وليد ، “إيران مستقبل المكانة الإقليمية عام 2020”. ( الجزائر، مركز الدراسات التطبيقية والاستشراف)، 2010.
• محمد صادق الحسيني,” جمهورية ايران الإسلامية و الجزر العربية الإمارتية و الاحتلال الإيراني نموذج للعلاقات العربية – الإيرانية” , ( القاهرة :دار الكتب الحديث ) , 2003.
• مرهون، عبد الجليل، “أمن الخليج بعد الحرب الباردة”، دار النهار للنشر، بيروت، 1997.
• الناهي، غالب، “السياسة النووية الدولية وأثرها على منطقة الشرق الأوسط”، دار العلوم الأكاديمية، بيروت،2005.
• عبد الله فهد النفيسي، “إيران والخليج”، درا القرطاس للنشر.
• ممدوح حامد عطية، عبد الرحمن رشدي الهواري، محمد جمال الدين مظلوم، ” البرنامج النووي الإيراني والمتغيرات في أمن الخليج”، (القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2003).
• عادل الجوجري ، “أحمدي نجاد في قلب العاصفة”. (دمشق: دار الكتاب العربي، الطبعة1،2006
• شحاتة محمد ناصر، “السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي…الاستمرارية والتغيير”، الناشر: دار العين للنشر، القاهرة ،2015.
• الراوي ، رياض ، “البرنامج النووي الإيراني وأثره علي منطقة الشرق الأوسط” ، الأوائل للنشر والتوزيع ، دمشق,2006.
• محمد صادق إسماعيل، “من الشاه إلى النجاد …إيران إلى أين ؟ “. (القاهرة، العربي للنشر والتوزيع).
• رياض نجيب الرايس، “رياح الخليج :بدايات مجلس التعاون الخليجي والصراع العربي الإيراني” 1980-1990(رياض الريس للكتب والنشر، 2012).
• الهادي زعرور، “توازن الرعب للقوى العسكرية العالمية، أمريكا ،روسيا ،إيران ،الكيان الصهيوني”، حزب الله، كوريا الشمالية.(بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ، 2013 ).
2-الدوريات والدراسات العلمية:
• أحمد إبراهيم محمود, “مدركات و روية القيادة الإيرانية للسلاح النووي” , البرنامج النووي الإيراني القاهرة :مركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية , مختارات إيرانية, العدد113, 2004.
• إدريس، “الخليج والأزمة النووية الإيرانية”، مجلة السياسة الدولية، العدد( 165 )،2006 ، ص 96 -ص 105
• إسماعيل صبري مقلد، “العلاقات السياسية الدولية: دراسة في الأصول والنظريات”، جامعه الكويت، 1971.
• اشرف محمد كشك ,”روية دول مجلس التعاون الخليجي للبرنامج النووي الإيراني”, السياسة الدولية,العدد165,يوليو2006,ص118.
• أمال السبكي ,” تأثير البرنامج النووي في امن الخليج” , أبو ظبى :مركز الأمارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية, ، الطبعة 1, 2005.
• أمين، إميل، ” الخليج العربي .. هل يدفع ثمن المواجهة “الدوجماطيقية” بين إيران وأمريكا؟”، مجلة آراء حول الخليج، العدد ( 25 )،2006، ص 34 -ص 38.
• أنتوني كوردسمان، “قدرات إيران العسكرية: هل هي مصدر تهديد؟”، في، د. جمال السويدي ( وأخرون، إيران والخليج: البحث عن الاستقرار، أبوظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ط1، 1996.
• باسكال بونيفاس، “الملف النووي الإيراني: تقييمات استراتيجية متباينة”، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2005.
• باكينام رشاد الشرقاوي , “العلاقات العربية الإيرانية”, القاهرة : معهد البحوث و الدراسات العربية,1993.
• البدراوي، مغازي، “النووي الإيراني ونفاد صبر المجتمع الدولي “، مجلة آراء حول الخليج، العدد (17 )،2006، ص 65 -ص 69.
• البسيوني، سمير زكى، “كيف سيتعامل العرب مع إيران النووية ؟ !!”،مختارات إيرانية، العدد (71) ،2006،ص 58 –ص60.
• بني ملحم، غازي صالح والصمادي، فايز عبد المجيد ،” البرنامج النووي الإيراني وامن الخليج العربي” مجلة المنارة المجلد 15- العدد3،2009.
• توماس ماتير , “ايران و امن دول الخليج في القرن الحادي و العشرين” , أبو ظبى : مركز الأمارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية, ، الطبعة 1, 2005.
• الدسوقي، أبو بكر،” البرنامج النووي الإيراني وأمن الخليج “، مجلة آراء حول الخليج، العدد ( 22 )، 2006،ص 71 -ص 75.
• روز ماري هوليس , “ايران العلاقات الخارجية والدور الإقليمي المحتمل ” , المستقبل العربي , العدد258,مارس 2007.
• عبد الحي وليد ، “إيران مستقبل المكانة الإقليمية عام 2020″ . الجزائر، مركز الدراسات التطبيقية والاستشراف، 2010.
• عبد الوهاب بدر خان،” الملف النووي الإيراني: خيارات الحرب والسلم”، قضايا استراتيجية، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2006.
• العتيبي منصور حسن ،” السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي( 1979 -2000) “، دبي: مركز الخليج للأبحاث، الطبعة 1،2008 .
• عيساوة آمنة، “الدور الإقليمي الإيراني في النظام الشرق الأوسطي بعد الحرب الباردة”. جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية الحقوق قسم العلوم السياسية،2010.
• ناديه محمود مصطفى، “أفكار حول إسهام التراث الخلدوني في الفكر الدولي والنظرية الدولية: دراسة استكشافيه في الإشكاليات المنهاجية”، مركز الحضارة للدراسات السياسية ،نوفمبر 2006.
• منصور حسن العتيبي، “السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي 1979”,( دبي: مركز الخليج للأبحاث، الطبعة 2008,1).
• محمد عز العرب، “التداعيات المحتملة للاتفاق النووي الإيراني على دول الخليج”. المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، http://ncmes.org/ar/publications/middle-east-papers/167
• علي مستشاري،” إيران والشرك النووي”، مختارات إيرانية”، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، العدد29، أكتوبر2003م.
• أشرف محمد كشك، “الرؤية الإيرانية للتفاعلات الإقليمية”، مختارات إيرانية، العدد 23، يونيو 2002.
3-الرسائل علمية:
• أميمة إبراهيم ,” الصراع بين المحافظين والإصلاحيين و اثره على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية (1997-2005) “, رسالة ماجستير غير منشورة, جامعه القاهرة , كلية الاقتصاد و العلوم السياسية , 2010.
• الخالدي, حمد عدنان ” التسلح النووي الإيراني وأثره علي امن دول الخليج العربية(1991-2006) “، رسالة ماجستير غير منشورة ،الجامعة الأردنية,2007.
• الخضر ،محمد خالد ” أثر الأسلحة النووية الإيرانية علي دول مجلس التعاون الخليجي”، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الدفاع الوطني،2006.
• علاء محمد العبد مطر , “ايدلوجية الثورة الإيرانية واثرها على توجهات السياسة الخارجية – الإيرانية تجاه دول الخليج العربية” , رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة القاهرة , كلية الاقتصاد و العلوم السياسية , 2004.
• علي مستشاري،” إيران والشرك النووي”، مختارات إيرانية”، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، العدد29، أكتوبر2003م، ص51.
• كمال صلاح عواد ,” تطوير نظام الأمن الجماعي لمجلس التعاون الخليجي “, رساله ماجستير غير منشورة, جامعه القاهرة , كلية الاقتصاد و العلوم السياسية , 2003.
• المطيري، عبد الله فالح ” امن الخليج العربي والتحدي النووي الإيراني “، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الشرق الأوسط للدارسات العليا، عمان- الأردن،2011.
• يد، محمد، “أثر أحداث 11 سبتمبر على الترتيبات الأمنية الوطنية والجماعية في منطقة الخليج العربي 1990-2007″، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة القاهرة، 2011.
4- المواقع الإلكترونية :
• أحمدي نجاد، “البرنامج النووي الإيراني اقترب من الذروة”، الأخبار، 28/3/ 2016.
• باكينام الشرقـاوي، “طبيعة المشروع الإيراني في المنطقة”، إسلام أون لاين نـت،25/3/ 2016.
• راغب السرجانـي، “البرنامج النووي الإيراني وسيناريوهات المستقبل”، الملف النـووي الإيراني”، قصـة الإسلام، 20/3/2016.
• راغدة درغام ,” مستجدات العلاقة الأميركية – الإيرانية أمام القمة الخليجية ” مقال على موقع جريدة الحياة اللندنية , الخميس 5 ديسمبر,2013 http://alhayat.com/Opinion/Raghida-Dergham/details 20/4/2016
• الزهراني إبراهيم ،” أبعاد السياسة الإيرانية في منطقة الخليج العربي”. موقع: شبكة الدفاع السنة ، (تاريخ الاطلاع: 27/4/2016)، علي الرابط: http://www.dd-sunnah.net/records/view/action/view/id/2282
• سعيد الظاهري, “التدخل الإيراني في شؤون منطقة الخليج العربي” مقال موجود على موقع مركز الأمارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية, 2 إبريل 2011.http://www.ecssr.com/ECSSR/print/fm.jsp… , 20/4/20016
• عبد الجليل زيد المرهون، “أمن الخليج وإشكالية الدور العربي”، المعرفة، الأحد الموافق 11/4/2016.
• محمد أكرم دياب،” تعرف على تاريخ البرنامج النووي الإيراني” ،موقع: بوابة الفجر، (تاريخ الاطلاع: 17/4/2016) http://www.elfagr.org/1696570
• إبراهيم الزهراني، “أبعاد السياسة الإيرانية في منطقة الخليج العربي”. موقع: شبكة الدفاع عن السنة، (تاريخ الاطلاع:20/4/2016 )
• سعد محمد بن نامي، “سياسة التدخل الإيراني في الخليج: الدوافع والأهداف”. موقع: البينة رؤية سنية في الحالة الشيعية، (تاريخ الاطلاع:9/3/2016).
• عبد القادر، نزار، ( 2006 )،” السياسة الخارجية الأمنية الإيرانية”، مجلة الدفاع الوطني، العدد (58 ).
• علي، علي المليجي، ( 2007 )،” الملف النووي الإيراني على طريق المواجهة”، مجلة كلية الملك خالد العسكرية، العدد ( 88 )، موقع المجلة على الإنترنت: http://www.kkmaq.gov.sa/Detail.asp?InNewsItemID=219688
• غنيم الزعبي، “دول الخليج: إذا امتلكت إيران النووي مساء اليوم سنحصل عليه صباح الغد”، ميدل أيست أونلاين، 27 /3/2016
• نقولا ناصر، “شراكة عربية -إيرانية أم شراكة إيرانيـة- أمريكية”، شبكـة الإنترنت للإعلام العربيـة، 20/4/20016
• مركز سورية للبحوث والدراسات ،”النظام السياسي في إيران”. موقع: مركز سورية للبحوث والدراسات، (تاريخ الاطلاع: 12/3/2016) http://www.syriasc.net
• http://www.ahram.org.eg/acpss/ahram/2001/1/1/CIRN1.HTM
• http://www.ahram.org.eg/acpss/ahram/2001/1/1/C2RN65.HTM
5- تقارير:
• إيمان رجب، “الانخراط المشروط: احتمالات التقارب بين إيران ودول الخليج بعد اتفاق جنيف”، التقديرات الإقليمية، المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، تقرير غير منشور لوحدة العلاقات السياسية الإقليمية.
ثانياً: المراجع الأجنبية:
1- الكتب:
• Abootalebi, A. (2007). “Iran and the future of Persian Gulf Security”, paper prepared at the Mid-West Political Science Association Annual Meeting, Chicago, Palmer House.
• Guzansky, Y ( 2010). “The Arab Gulf States and the Iranian Nuclear Challenge: In the line of Fire”, MERIA Journal, Vol. 14, No. 4.
• Hunter, Robert Edwards, and Inc ebrary. “Building Security in the Persian Gulf”. Santa Monica, CA: RAND, 2010.
• Kamrava, Mehran. “The International Relations of the Persian Gulf””. Syracuse: Syracuse University Press, 2011. https://muse.jhu.edu/(accessed May 13, 2016).
• Lonergan, S. (1999); “Global Environmental Change and Human Security, Science Plan”, Bonn: International Human Dimensions Programme on Global Environmental Change.
• Molavi, A. (2015). “Iran and the Gulf States”. In R. Wright (Ed.), The Iran Primer (2nd Edition ed.). Washington DC: United State Institute for Peace, 159-163.
• Rogers,Paul (2010) “Mailitary Action Against Iran: Impact Effects”, Oxford Research Group.
• Sadeghinia, Mahboubeh F. 2011. “Security arrangements in the Persian Gulf: with special reference to Iran’s foreign policy”. Reading, UK: Ithaca Press.
• Shibley Telhami and Steven Kull, “preventing a Nuclear Iran peacefully”. New york Times, January 15, 2012.
• Wehrey, Frederic, Theodore W. Karasik, Alireza Nader, Jeremy Ghez, Lydia Hansell, and Robert A. Guffey. 2009. “Saudi-iranian Relations Since the Fall of Saddam: Rivalry, Cooperation, and Implications for U.S. Policy”. 1st ed. RAND Corporation. http://www.jstor.org/stable/10.7249/mg840srf.
2- الدوريات والدراسات العلمية :
• Alexander Laszlo and Stanley krippner” systems theories: Their origins foundation and development “,published in J.C .Jordan (Ed.) systems theories and A priori Aspects of perception(vol.126),1998.
• Cordesman, A & Al-Rodhan K (2006).” Iranian Nuclear Weapons?”
• Day, Ghazi Saleh, “Iran perspective of Arab Gulf Security ”,World Politics , Vol 9, (July 2008( .
• De Bellaigue, Christopher, (2005). “Think Again: Iran, Foreign Policy”.
• Drum, J (2008). “Vying for Influence: Saudi Arabia’s Reaction to Iran’s Advancing Nuclear Program”, Issue Brief, Monterey Institute of International Studies- James Martin Center for Nonproliferation Studies.
• El-Hokayem,E & Legrenzi, M (2006). “The Arab Gulf States in the Shadow Of the Iranian Nuclear Challenge”, Working Paper, The Henry L. Stimson Center.
• Fariborz Mokhtari, “No One will scratch my back: Iranian Security perceptions in historical Context,” The Middle East Policy, Spring 2005.
• Gwenn Okruhlik, “Saudi Arabia-Iranian relations: external rapprochement and internal consolidation”, Middle East Policy, summer 2003.
• Maleki, Abbas, ( 2010).” Iran’s nuclear: recommendations for the future”, the American Academy of Arts & Sciences.
• Otoum, Nabil, “Political Geography as a Framework for Measuring the Power of Iran”, The Diplomat , Vol 12.
• Quillen, C (2002).” Iranian Nuclear Weapons Policy: Past, Present, and Possible” Future Journal, Vol. 6, No. 2.
• Sajedi, A. (2009).” Geopolitics of the Persian Gulf Security: Iran and The United States”, IPRI Journal.
• Wang, B. (2009). “The Conflict between US and Iran in Designing the Persian Gulf Security Order”, Journal of Middle Eastern and Islamic Studies .
3- المواقع الإلكترونية :
• Henderson, Simon (2005). The Elephant in the Gulf: Arab States and Iran’s Nuclear Program, the Washington Institute for Near East Policy:http://www.washingtoninstitute.org/print.php…
• Sahimi, M (2003). Iran’s Nuclear Program. Part I: Its History, Online Article, Payvand Iran News.http://www.payvand.com/news/03/oct/1015.html
• Wellman, A (2010). Israel-Iran Foreign Relations, Online Article, IRANTR, p5. http://www.irantracker.org/fore…/russia-iranforeignrelations.
• http://gulfnews.com/news/mena/iran
• http://www.thedailysheeple.com/iranian-admiral-threatens-to…