الدراسات البحثيةالعسكريةالعلاقات الدولية

أثر التدخل الروسي في الشرق الأوسط على هيكل النظام الدولي “2011 – 2016”

اعداد الباحثة : أماني عبدالكريم علي سليمان – المركز الديمقراطي العربي

إشراف: د . دلال محمود

 

المقدمة:

تتسم العلاقات الدولية بالديناميكية، والتغير المستمر في ميزان القوى الدولية، فقد شهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية نظام دولي ثنائي القطبية، وإثر انتهاء الحرب الباردة، تراجع تأثير العامل الأيديولوجي، ونشأ نظام دولي تزعمته الولايات المتحدة الأمريكية إرتكازاً لما تملكه من قدرات عسكرية وإقتصادية وذلك بعد انهيار الإتحاد السوفيتي، ولكن إثر تعرض الولايات المتحدة الأمريكية إلى هجمات استهدفت مراكزها الحيوية بأحداث 11 سبتمبر2001م، مما أدى لتغير السياسة الخارجية الأمريكية وتوجهها للتدخلات العسكرية في المنطقة والحرب على الإرهاب.

أدت تلك التطورات إلى شعور روسيا بالخطر، فالوجود العسكري للولايات المتحدة الأمريكية في مناطق قريبة من روسيا، مثل الشرق الأوسط وآسيا ومنطقة القوقاز، أدى ذلك لضرورة تغيير السياسات الروسية أيضاً، وإعادة هيكلة العلاقات مع الدول التي ترتبط معها بروابط تاريخية.

وسيتم التركيز في هذه الدراسة على منطقة الشرق الأوسط، والتدخل الروسي بالشرق الأوسط، خصوصاً وإنه بعد انسحاب الولايات المتحدة من العراق عام 2011م، وهبوط معدلات الإقتصاد الأمريكي والخسائر التي سببتها الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية، وانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان 2014م، تلك العوامل أدت إلى إتاحة فرصة ذهبية لروسيا لتقوم بإعادة العلاقات مع الدول العربية خاصةً، حيث يعتبر الشرق الأوسط منطقة نفوذ هامة بالنسبة لروسيا في ظل الصراعات الحادة بين دول أوروبا وروسيا.

ومن الملاحظ أن المصالح الروسية قد ازدادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لاسيما بعد ما سُمي بثورات الربيع العربي، باعتبار الأهمية الإستراتيجية للمنطقة والإضطرابات المتزايدة التي تشهدها تؤثر بشكل مباشر على روسيا بسبب التقارب الجغرافي، في المقابل زادت روسيا أنشطتها الدبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط بشكل ملحوظ، ووفقاً لما تروجه روسيا فإن اهتمامها الزائد بمنطقة الشرق الأوسط وتطورات الأوضاع السياسية فيها وعلى رأسها الأحداث في سوريا حليفتها، ينم عن مخاوف من صوملة الأوضاع في سوريا التي ترواح الأزمة فيها مربع الصفر بعد ثلاث سنوات عاصفة من الدمار والصراع، ويرى بعض الباحثين في الدعم الروسي لنظام بشار الأسد أسباباً عديدة، أهمها أن روسيا تبحث عما يمكن القيام به مما يؤهلها للعب دور حيوي في الشرق الأوسط، في موازاة الولايات المتحدة الأمريكية[1].

ومن الجلي أن ذلك التدخل الروسي في الشرق الأوسط، هدفه استعادة مكانة الإتحاد السوفيتي سابقاً في النظام الدولي، باعتبار روسيا الإتحادية هي الوريث الشرعي للإتحاد السوفيتي، فاستغلت روسيا منطقة الشرق الأوسط نظراً للتقارب الجغرافي نسبياـ واستغلالاً لموقف الولايات المتحدة من الإضطرابات الحادثة عقب ثورات الربيع العربي.

المشكلة البحثية:

وتتمثل المشكلة البحثية في إنه في ظل الصراعات الداخلية في منطقة الشرق الأوسط، والإضطرابات السياسية في الدول الشرق أوسطية، واتباع الولايات المتحدة الأمريكية سياسة الإنسحاب من معظم المناطق مثل: سوريا، والعراق..، وزيادة التدخل الروسي في المنطقة.

يتجسد هنا تساؤل هام وهو التساؤل الرئيسي الذي تسعى الدراسة للإجابة عنه ألا وهو:

هل يمكن لروسيا ملء الفراغ الذي يمكن أن ينشأ عن سياسة الإنسحاب الأمريكي في الشرق الأوسط؟، مما يؤثر على هيكل النظام الدولي..

الأسئلة الفرعية:

  1. ما هي المصالح الروسية في الشرق الأوسط؟
  2. كيف يمكن تحقيق المصالح الروسية في الشرق الأوسط؟
  3. ما هي أهمية الشرق الأوسط للولايات المتحدة الأمريكية وروسيا؟
  4. هل يمكن للولايات المتحدة الأمريكية السماح لإمتداد النفوذ الروسي في الشرق الأوسط؟
  5. ما هو مستقبل السياسة الروسية في الشرق الأوسط؟
  6. ما أثر التدخل الروسي في الشرق الأوسط على هيكل النظام الدولي؟

النطاق البحثي للدراسة:

النطاق المكاني: منطقة الشرق الأوسط، حيث تعتبر منطقة نفوذ هامة لجميع الدول الكبرى، فهي مصدر هام للنفط، كما أنها سوق عالمي كبير، بالإضافة لاحتوائها على الأنهار العذبة، وتوجد صراعات تاريخية عديدة بين الدول الكبرى على مر العصور حول السيطرة على تلك المنطقة.

النطاق الزمني: (2011م – 2016م)

تبدأ الدراسة عام 2011م: وهي الفترة التي بدأ فيها النفوذ الروسي يظهر بشكل واضح في الشرق الأوسط خاصة في القضية السورية، حيث إن روسيا تدعم نظام بشار الأسد منذ نشوب ثورات الربيع العربي.

وأيضاً الإنسحاب الأمريكي من العراق في نهاية 2011م، واعتراض الرأي العام الأمريكي بسبب الخسائر البشرية والإقتصادية التي سببتها الحرب في تلك الفترة وما قبلها، فحاولت الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الفترة الإتجاه إلى الشأن الداخلى، واتباع سياسة خارجية تحاول فيها الإبتعاد عن خوض حروب أخرى، وإهدار مزيد من الموارد، مما أدى لاستخدامها الآداة الدبلوماسية بصورة أكبر، بدلاً من الآداة العسكرية.

وتنتهي الدراسة عام 2016م وهو العام الذي تم فيه تسليم الدراسة.

أهمية الدراسة:

الأهمية العلمية:

  • تنتمي الدراسة إلى حقل العلاقات الدولية، وتعمل على تحليل إحدى أهم مواضيع العلاقات الدولية، وهو التواجد ونفوذ القوى الكبرى في المناطق الدولية، وخاصة منطقة الشرق الأوسط، التي تعتبر منطقة جيوستراتيجية هامة جداً، نظراً لموقعها في وسط العالم، ووجود نسبة كبيرة من المياه العذبة بالمنطقة، ووجود الذهب الأسود والثروات الطبيعية.
  • فتحاول الدراسة وضع تحليلات ورؤى مستقبلية، تتكيف مع طبيعة التحولات والتغيرات القائمة، والوقوف على أهم التغيرات التي تلعب دوراً هاماً في التغير في سياسات الدول الكبرى.

الأهمية العملية:

  • تستعرض الدراسة صور التدخل الروسي في منطقة الشرق الأوسط، وبعض القضايا التي تظهر فيها روسيا كفاعل رئيسي، مثل القضية السورية، كما تستعرض الدراسة أهمية الشرق الأوسط بالنسبة لروسيا.
  • كما تقوم الدراسة بإستخدام مفاهيم جديدة نوعاً ما في مجال العلاقات الدولية، مثل سياسة الصبر الإستراتيجي، ” وهي الإستراتيجية التي أعلنها أوباما للتعامل مع الأزمات الدولية”، كما تقوم الدراسة بإلقاء الضوء على سياسة التدخل الروسي في الشرق الأوسط وما يمكن أن يتبعها من تغيرات في هيكل النظام الدولي.

الأدبيات السابقة:

تنقسم الأدبيات التي تناولت موضوع الدراسة إلى عدة أقسام وهي:

  • أدبيات تتناول التدخل الروسي في الشرق الأوسط:
  • خديجة لعريبي “السياسة الخارجية الروسية تجاه منطقة الشرق الأوسط بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م”

تقوم الدراسة بإبراز التوجه الروسي نحو منطقة الشرق الأوسط والتي لم تكن بعيدة عن الإهتمام الروسي إلا بعد نهاية الحرب الباردة، فقد عرفت هذه المرحلة انحساراً عن الأدوار الفاعلة في المنطقة والتوجه إلى الغرب قبل أن تنتهج مجدداً سياسة أكثر ديناميكية تجاهه.

كما حاولت الدراسة معالجة الإشكالية التي تدور حول طبيعة التوجهات الروسية تجاه منطقة الشرق الأوسط ومختلف الدوافع والأسباب الكامنة وراء ذلك والتي تساعد في تفسير وتحليل مختلف المواقف والسلوكيات الخارجية الروسية تجاه أهم قضايا هذه المنطقة الحيوية، كما حاولت الدراسة الإجابة عن الفرضيات المنبثقة عن إشكاليتها المطروحة، والمتضمنة رغبة روسيا في تكوين عالم متعدد الأقطاب تكون هي أحد أقطابه، بالإضافة لإفتراض مبدأ البرغماتية الذي تنطلق منه السياسة الخارجية الروسية بهدف تحقيق المصالح الوطنية الروسية، والتي تتصدرها استعادة النفوذ في الساحة الدولية[2].

  • نجاة مدوخ “السياسة الخارجية الروسية تجاه منطقة الشرق الأوسط في ظل التحولات الراهنة (دراسة حالة سوريا 2010م/2014م)”

تركز الدراسة على العودة التدريجية للنشاط الروسي في المنطقة، والذي استعادت من خلاله روسيا علاقاتها مع بعض دول المنطقة، وقد ترافقت هذه العودة مع تزايد الرغبة الروسية في التوجه نحو مناطق تخدم مصالحها وتساعدها على ضمان موقع أفضل في النظام الدولي، وأن تفتح مجالاً حيوياً جديداً لتعظيم مصالحها، وقد استطاعت روسيا لنفسها في السنوات الأخيرة سياسة خارجية مستقلة ومنفتحة تخلت فيها عن كل الأسس الأيديولوجية التي تميزت بها من خلال الإتحاد السوفيتي، ومكنتها من استعادة هيبتها في الساحة الدولية وفقاً لنموذج معاصر يجمع بين الخصوصية الهوياتية الروسية، والإندماج في عالم اقتصاد السوق، كما ساعدتها على استرجاع علاقاتها التاريخية مع الحلفاء التقليديين في محاولة منها لبناء محاور جديدة تؤسس لعالم متعدد الأقطاب.

وتؤكد الدراسة أن الطموحات الروسية في أن يصبح النظام الدولي نظاماً متعدد الأقطاب وتكون هي أحد أقطابه مرتبطة بشكل كبير بسياستها الخارجية في منطقة الشرق الأوسط، فالمكانة التي تحتلها هذه المنطقة لا تدفع روسيا لتعظيم قوتها الإقتصادية والعسكرية فقط بل وتعظيم مكانتها الدولية ككل، لذا كان لزاماً عليها التمسك بما حققته فيها ومحاولة تطويره بالشكل الذي يدعم موقعها في النظام الدولي[3].

  • أدبيات تتناول التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط:
  • غريغوري غوس “السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط سنة أوباما الأخيرة والنظر للمستقبل”

تم الحديث عن إدارة أوباما القائمة على مبادئ متناقضة، ففي بداية ولاية الرئيس أوباما كان الهدف هو تحويل تركيز السياسة الخارجية الأمريكية من الشرق الأوسط إلى آسيا، ولكن مع بداية ثورات الربيع العربي، وقعت الولايات المتحدة الأمريكية فريسة لإغراء محاولة قولبة الأحداث من أجل تحقيق المزيد من المصالح الأمريكية، كما أن التدخل في ليبيا أحدث نتائج عكسية على المدى البعيد، الأمر الذي جعل أوباما متردداً إزاء التدخل العسكري المباشر في سوريا، فقد وجد نفسه أمام أهداف متناقضة مرة أخرى، فهو يريد أزالة بشار الأسد من السلطة، ولكن ليس على حساب السماح للمتطرفين بملئ الفراغ الرئاسي جراء إزالته كما حدث في العراق، كما أوضح أن إدارة أوباما اختارت مكافحة الحركات الجهادية السلفية على رأس أولوياتها.

فقد منع الضغط السياسي الداخلي الإدارة عن إقحام نفسها مرة أخرى في قضايا أخرى، وذلك في الأساس بسبب نقص الموارد، وتمت الإشارة إلى أن الإتفاق النووي الإيراني هو أهم الإنجازات التي حققتها سياسة أوباما الخارجية، وتم أيضاً الحديث عن العوائق التي تحول دون إحراز تقدم في الصراع العربي الإسرائيلي، أما فيما يتعلق بالشأن اليمني، فإن السياسة الأمريكية تدار من خلال عدسة سياستها في السعودية[4].

جـ. أدبيات حول أهمية الشرق الأوسط:

  • مالك عوني “ما بعد التفكك: هل انتهت صلاحية الشرق الأوسط ؟”

تتحدث الدراسة عن بداية نشأة وتقسيم الشرق الأوسط، وتعدد الرؤى والسناريوهات التي تحاول استشراف آفاق إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة، أو الدفع في سبيلها، مثلما تجلى في اطروحات تقسيم العراق وسوريا، التي روجت لها بعض الدوائر الرسمية في الإدارة الأمريكية، وبات عنوان إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط أحد العناوين الرئيسية في كثير من التقارير والمقالات الصحفية والأبحاث العلمية، التي تنشرها الدوريات ومراكز الأبحاث المعنية بالعلاقات الدولية، ومستقبل السياسة العالمية.

قامت الدراسة بإعادة تعريف موقع الشرق الأوسط  في السياسات العالمية واستخدمت المنهج التاريخي والتحليلي، كما ناقشت التهديدات النابعة من حالة السيولة في الشرق الأوسط، واستشرفت الدراسة أن الشرق الأوسط يقف في لحظة فارقة، يبدو فيها أن أهميته تتحرك شرقاً في المدى القصير على الأقل، مما يفقده أهميته الجيوسياسية في العالم[5].

  • “الشرق الأوسط 2016م: اتجاهات من الفوضى إلى احتواء الأزمات”

تضع الدراسة عدة تساؤلات وهي: كيف سيكون إقليم الشرق الأوسط في عام 2016م؟ وما الذي تغير نسبياً خلال العام الماضي؟ هذه التساؤلات وغيرها كانت محور الملحق الخاص الذي أصدره مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، و تشير الاتجاهات الأساسية التي توصل إليها التقرير إلى أن ثمة متغيرات ومؤشرات عديدة في منطقة الشرق الأوسط بدأت في التبلور، وهي إن بدت سلبية في ظاهرها كاتجاهات متفرقة، فإن الجمع بينها وفق معادلات التوازنات الجيواستراتيجية، تشير إلى أن الشرق الأوسط بدأ ينتقل تدريجياً من الفوضى غير المنضبطة، إلى فوضى يمكن احتوائها في المدى القصير[6].

د. أدبيات حول الرؤى المستقبلية للقوى في المنطقة:

    1) د/ نادية سعد الدين “الارتباك الاستراتيجي: اقترابات القوي الكبري في منطقة الشرق الأوسط”

تتناول الدراسة الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، حيث شكل الإعلان الرسمي لسحب القوات الأمريكية من العراق في نهاية 2011م، ومن أفغانستان بحلول نهاية عام 2014م، تحت وطأة المقاومة المضادة، وطلائع الإنكفاء الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، والأخذ بناصية النأي عن التدخل المباشر في أزماتها، بدون مغادرتها كلياً، تزامناً مع صوغ مضامين توجهات جديدة للإستراتيجية الأمريكية في ساحة المنطقة، وقادت تلك الإنعطافة في ترتيب مكانة الأقاليم الجيوستراتيجية عند الإدارة الأمريكية، إلى تحول في طبيعة التحالفات الإقليمية العربية، واحتدام التوتر بين الفاعلين الإقليميين العرب والإصطدام أحياناً مع السياسة الأمريكية في المنطقة.

تناولت أيضاً الإستراتيجية الروسية في منطقة الشرق الأوسط، حيث ارتبطت الإستراتيجية الروسية في منطقة الشرق الأوسط، بالمصالح الوطنية الإستراتيجية، واستعادة المكانة كدولة عظمى في بنية النظام الدولي، مما شكل عصب المسعى الروسي لتعزيز نفوذه في المنطقة.

أما عن عرض الرؤى المستقبلية فإنه من المرجح عدم الإستقرار في النظام الإقليمي العربي، حيث تحتاج عملية الإصلاح والتغيير المنشودة وعودة الإستقرار للمنطقة إلى سقف زمني سبع سنوات على الأقل، وأمام تراجع القوة الأمريكية عن المنطقة، وإزاء الإنشغال الأوروبي بالهموم الداخلية، فإن روسيا تنتهز الفرصة لتعزيز نفوذها في المنطقة عبر البوابة السورية، واستعادة مكانتها كدولة عظمى في بنية النظام الدولي[7].

منهج الدراسة:

منهج وصفي غرضه التحليل، حيث يتم تحليل الاستراتيجية الروسية في خلق وجود قوي داخل منطقة الشرق الأوسط، مقابل الخلافات مع الدول الأوروبية، فتقوم الدراسة بتحليل المصالح والأهداف الروسية في الشرق الأوسط وكيفية تحقيقها، وتقوم الدراسة أيضاً بتحليل أهمية الشرق الأوسط بالنسبة لروسيا، في ضوء انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من بعض المناطق في الشرق الأوسط.

كما يتم تحليل رؤية مستقبلية لكل من الوجود الروسي والأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وهل سيمتد توغل النفوذ الروسي في المنطقة مقابل انسحاب وتراجع سياسات الولايات المتحدة، أم إن الفترة القادمة ستشهد إعادة هيكلة للسياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط؟.

وفيما يلي سيتم تناول المنهج الوصفي بشئ من التفصيل:

تتميز الظواهر الاجتماعية عامة والسياسية منها على وجه الخصوص بطبيعة مميزة وهي صعوبة إخضاعها للقياس والضبط أو لإمكانية التحكم فيها؛ لأنها ترتبط بالسلوك الإنساني والطبيعة البشرية بما يميزها من تعقد وتشابك وقابلية للتغيير وعدم الثبات وأحيانا عدم الاتساق. فالسلوك الإنساني يتسم بالمرونة والتغير، مما يفرض على الباحث في العلوم الاجتماعية ضرورة ملاحظة الظواهر بدقة ومعايشتها لفترات طويلة، والمنهج الوصفي هو أكثر المناهج البحثية ملائمة لمثل هذه الظواهر، باعتباره خطوة أولية نحو تحقيق الفهم الدقيق والإحاطة بالأبعاد الواقعية لهذه الظواهر المتشابكة.

ترتبط نشأة وتطور المنهج الوصفي بمشكلة عدم وجود منهج علمي صارم التطبيق يصلح لتحليل الظواهر والموضوعات المختلفة التي تقع في نطاق دراسة العلوم الاجتماعية ومنها العلوم السياسية، ومن ثم حاجة هذه العلوم لاستخدام أسلوب الملاحظة العلمية الدقيقة. ولذا ظهرت جهود الباحثين لتحديد بعض القواعد الأساسية التي يقوم عليها المنهج الوصفي لترشيد الملاحظة وتدقيقها، ومن أهم هذه الخطوات:

  1. تحديد الظاهرة موضع الدراسة بدقة، وتحديد وحداتها الأساسية. على سبيل المثال: دراسة ظاهرة الانتخابات السياسية في نظام سياسي معين يعني تحديد وحدات /مفردات هذه الظاهرة، وهي: الناخب والمرشح والبرامج الانتخابية للمرشحين وإجراءات التصويت والقواعد القانونية الحاكمة لهذه الانتخابات في هذا التوقيت وفي هذه الدولة محل الدراسة.
  2. جمع المعلومات الدقيقة عن هذه الوحدات الأساسية التي تشكل الظاهرة، وهذا هو الأساس لتحقيق الفهم الصحيح لها، وهذا الفهم يساعد في اكتشاف أنسب المناهج لدراسة العلاقات الداخلية والمتغيرات المختلفة في هذه الظاهرة التي يتم دراستها.
  3. تحليل العوامل المختلفة المحيطة بالظاهرة، وذلك للإحاطة بعدد كبير من الأبعاد والعلاقات للانتقال من مرحلة الفهم البسيط إلى مرحلة الفهم المركب وبناء العلاقات، لتكون هذه المرحلة بداية لدراسات أخرى مكملة.
  4. معايشة الظاهرة كما هي، فالباحث في الدراسات الوصفية لا يبدأ بتحديد العلاقات والروابط بين وحدات الظاهرة، بل يجب أن يراقب فقط هذه الوحدات دون أي تدخل منه سواء للتقييم أو للتوجيه، وموجز هذه المعايشة يمكن التعبير عنه بالقول “دع الظاهرة تتحدث عن نفسها ولا تدعها تتجمل”.

شروط/ متطلبات استخدام المنهج الوصفي:

  1. استخدام وسائل مختلفة لجمع البيانات مع الملاحظة كالاستبيان والمقابلة وتحليل المضمون، وذلك لتدعيم وتنقيح البيانات التي يمكن للباحث الحصول عليها وعدم الاكتفاء بملاحظاته مهما بلغت دقتها.
  2. اختيار عينات ممثلة لمجتمع البحث بما يكفل التقليل من الخطأ العشوائي إلى أدنى حد ممكن. فعلى سبيل المثال: لدراسة الانتخابات في دولة مقسمة ل200 دائرة انتخابية، يجب ألا تقل العينة عن 45-50% من هذه الدوائر، مع مراعاة أن تتنوع الدوائر التي يتم دراستها ما بين المناطق الحضرية والريفية، من المحافظات المختلفة، وهكذا.
  3. التجريد: بمعنى تحديد الخصائص المميزة والوحدات الأساسية للظاهرة موضع الدراسة بغرض تمييزها عن غيرها من الظواهر التي تتداخل وتتشابك معها. فمثلا يمكن في دراسة الانتخابات السياسية أن تتداخل بعض وحداتها مع دراسة ظاهرة المشاركة السياسية.
  4. الموضوعية: بمعنى تجنب التحيز الذاتي للباحث في وصف الظاهرة، ورغم صعوبة تحقق هذا الأمر فإن الخطوات السابق ذكرها قد تساعد على تحقق الموضوعية بدرجة مُرضية نسبيا.
  5. التعميم: الدراسة الوصفية لا تتم لحالات شديدة الخصوصية بل تدرس حالات عامة لتقدم نتائج قابلة للتعميم. فعلى سبيل المثال: دراسة دولة الفاتيكان دراسة وصفية لتحديد خصائص النظم السياسية الأوروبية أمر يصعب قبوله من الناحية العلمية.

موجز القول أن المنهج الوصفي هام وضروري في الدراسات الأولية للظواهر السياسية وفي الموضوعات التي لم تشهد تراكم معرفي وعلمي بعد، لما يقدمه من بيانات ومعلومات موسعة عن الظاهرة ووحداتها الأساسية، ولا يكتفي فيه بالوصف السردي فقط بل يجب أن ينتهي تطبيقه بتقديم نتائج عن العلاقات والروابط بين متغيرات الظاهرة للتمهيد لدراسات أكثر تعمقا[8].

مفاهيم الدراسة:

الشرق الأوسط: مصطلح جغرافي وسیاسي شاع استخدامه في مختلف أنحاء العالم، حیث كان یقصد به تقسیم الشرق إلى أقسام حسب التباعد والتقارب الجغرافیین من أوروبا، في حین أن الإقلیم هو إقلیم أوسط بالنسبة لخریطة العالم بصفة عامة، والعالم القدیم بصفة خاصة، وتحدید إقلیم الشرق الأوسط بالتدقیق أمر صعب، ویرجع ذلك إلى هلامیة الإقلیم، فهو یتسع أو یضیق حسب التصنیف أو الهدف الذي یسعى إلیه أي باحث أو أي هیئة أو منظمة خاصة أو دولیة، أو وزارة من وزارات الخارجیة في العالم، كما أن الغموض الذي یكتنف تحدید مفهوم الإقلیم یعود إلى وجود نوع من المفاهیم المسبقة التي أدت إلى إلتباس المصطلحات، و هي: الشرق الأوسط، العالم العربي، العالم الإسلامي.

فالعالم العربي یشتمل على الجزء الغربي من الشرق الأوسط، ویمتد خارجه إلى شمال إفریقیا ونطاق السفانا من السنغال إلى السودان، في حین أن العالم الإسلامي یشمل كل الشرق الأوسط ویمتد ورائه في شتى الإتجاهات الجغرافیة، أما مفهوم الشرق الأوسط، فقد عرف مجموعة من الأسماء والمصطلحات التي استخدمت في الماضي، ولاتزال تستخدم في الحاضر للإشارة إلى أحد أجزائه[9].

تقسيم الدراسة:

الفصل الأول: أهمية الشرق الأوسط.

  • المبحث الأول: أهمية الشرق الأوسط.
  • المبحث الثاني: أهمية الشرق الأوسط بالنسبة لروسيا.

الفصل الثاني: التدخل الروسي في سوريا.

  • المبحث الأول: المصالح الروسية في سوريا.
  • المبحث الثاني: كيفية تحقيق المصالح الروسية في سوريا.

الفصل الثالث: مستقبل السياسة الروسية في الشرق الأوسط.

  • المبحث الأول: مستقبل السياسة الروسية في الشرق الأوسط.
  • المبحث الثاني: أثر التطورات في الشرق الأوسط على هيكل النظام الدولي.

الفصل الأول

“أهمية الشرق الأوسط”

تعد منطقة الشرق الأوسط من المناطق ذات الحساسية الشديدة للمتغيرات الهامة، سواء كانت متعلقة بصعود وهبوط القوى العظمى، أو تلك المرتبطة بالإقتصاد والتكنولوجيا، حيث اكتسبت المنطقة أهمية كبرى من منظور المصالح الأمريكية والأوروبية، بسبب موقعها من الإتحاد السوفيتي سابقاً، ولامتلاكها العديد من الموارد الإقتصادية الطبيعية خصوصاً النفط والأيدي العاملة، والطاقة الشمسية والغاز، إلى جانب معادن عديدة مهمة في بناء الصناعات الحيوية، التي ترتكز على قاعدة واسعة من التقدم العلمي والتكنولوجي، وبذلك تحول الشرق الأوسط إلى مسرح استراتيجي هام للقوى الصناعية الكبرى، لأنه يؤمن تدفق النفط والغاز والمواد الأولية لدول العالم، كما أن ممراته المائية وأجواءه تضمن السيطرة على العالم، وهذا ما يجعل عديد من الدول تربط أمنها القومي بالشرق الأوسط[10].

وكمصدر تهديد للأمن القومي، استوجب الإهتمام الروسي بمنطقة الشرق الأوسط من منطق الإستجابة لموقع الجيوسياسي، الذي يفرض عليها الإهتمام بالإعتبارات الإقليمية المحيطة والعالمية القريبة منها كمصدر تهديد للأمن القومي، ولإقامة علاقات اقتصادية ذات فائدة للصالح الوطني، أو كمجال للحركة والنفوذ الإقليمي والدولي, وهو ما يتطلب مزيداً من الإهتمام بالمنطقة، لاسيما أن روسيا تعمل لأجل استعادة مكانتها كقوة عظمى على الساحة الدولية، وهو ما يُحتم عليها إعادة رسم مصالحها في هذه المنطقة الحيوية، وفقاً للتطورات والمستجدات التي تسير بوتيرة متسارعة جداً[11].

       ينقسم الفصل الأول إلى مبحثين: المبحث الأول هو أهمية الشرق الأوسط ويتم التحدث عن الأهمية الإستراتيجية للشرق الأوسط بالإضافة إلى الأهمية الإقتصادية للشرق الأوسط لما يحتوية من ثروات طبيعية وفائض نفطي يمكن من خلاله التحكم في الإقتصاد العالمي، أما المبحث الثاني: يتناول أهمية الشرق الأوسط بالنسبة لروسيا، موضحاً الأهمية السياسية والإقتصادية والإستراتيجية للشرق الأوسط في روسيا.

 

المبحث الأول: أهمية الشرق الأوسط:

أولاً: الأهمية الإستراتيجية:

تكمن الأهمية الإستراتيجية للشرق الأوسط، في موقعه في وسط العالم فهو ملتقى ثلاث قارات: آسيا، إفريقيا، أوروبا، ويشرف على أكبر مجموعة مائية من البحار والمحيطات تتمثل في: بحر قزوين، البحر الأسود، البحر الأبيض المتوسط، البحر الأحمر، الخليج العربي، والمحيط الهندي. كما يحتوي على عديد من الأنهار مثل: النيل والفرات ودجلة ونهر الأردن، كما يتحكم في مجموعة من أهم مواقع المرور الدولية وهي: قناة السويس ومضائق البسفور والدردنيل وباب المندب ومضيق هرمز، كما تقع المنطقة في مكان وسط بين المنطقة المدارية جنوباً والمنطقة المعتدلة الباردة شمالاً، ويتسم مناخها بالإعتدال على مدار العام[12].

  • جغرافيا الشرق الأوسط:

للشرق الأوسط أهمية استراتيجية كبيرة جداً بين المناطق المحيطة به فهو حلقة وصل وجسر أرضي بين دول وقارات العالم.

ترتبط الأهمية الجيوستراتيجية والإقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط، بالموقع الجغرافي المتميز لها، والمتحكم في عديد من البحار (البحر الأحمر وشواطئ البحر المتوسط) والمضائق (باب المندب، جبل طارق، البسفور، الدردنيل، قناة السويس) بالإضافة إلى مضيق هرمز إذ يكتسب هذا الأخير أهمية بالغة لأن 80% من نفط الخليج يمر عبره إلى العالم، وما بين 30:20 ناقلة نفط تعبره يومياً، أي بمعدل ناقلة كل 6 دقائق في ساعات الذروة، تحمل على متنها 17 مليون برميل نفط، وهذا ما جعله من أهم المضائق ومختلف الطرق والمواصلات البحرية، ومسارات التجارة الدولية في العالم، كما أن المنطقة تُعد مدخلاً يتيح للقوى الإقليمية والدولية، النفاذ إلى مناطق أخرى في إفريقيا وآسيا للسيطرة عليها أو ممارسة النفوذ والتأثير فى دولها[13].

كما أن المنطقة غنية بالموارد الطبيعية، خاصة موارد الطاقة كالبترول والغاز الطبيعي، حيث تتوفر70% من الإحتياطي العالمي بالمنطقة، وسيظهر هذا جلياً في الأهمية الإقتصادية للشرق الأوسط.

  • الأهمية الإستراتيجية العسكرية

تتمثل الأهمية الإستراتيجية العسكرية في اتساع مساحة الشرق الأوسط، مما يمّكن من نشر القواعد العسكرية، للتأمين ضد العدوان، كما أن طبيعة تنوع التربة توفر الظروف المختلفة لتدريب القوات على القتال في جميع ميادين القتال المختلفة، أيضاً تتوافر القوة البشرية الهائلة التي يمكن استخدامها في العمليات العسكرية، كما تصلح الأجواء إلى الطيران والملاحة طوال العام، أيضاً توافر عوامل الإنتاج اللازمة لقيام صناعات حربية مثل: صناعة الأسلحة والذخائر، ولا سيما إذا أمكن تحقيق نوع من التعاون مع الدول ذات الخبرة في تكنولوجيا التسلح المتطور.

بالإضافة إلى الإكتفاء الذاتي في مصادر الطاقة والوقود اللازم للعمليات الحربية، كان أيضاً امتداد السواحل المطلة على البحار والمحيطات مع وجود موانئ ضخمة صالحة للملاحة، لتكون بمثابة قواعد بحرية، والتحكم في عديد من الممرات البحرية ذات الأهمية الإستراتيجية، إلى جانب وجود عديد من المطارات والقواعد الجوية التي تصل بين قارات العالم[14].

ثانياً: الأهمية الإقتصادية للشرق الأوسط:

        تنبع أهمية الشرق الأوسط بعد اكتشاف النفط، تحديداً في منطقة الخليج العربي، والتي أعطت كل هذه الأهمية الدولية والعالمية لمنطقة الشرق الأوسط، فالمنطقة بجانب كونها تتمتع بموقع استراتيجي وجيوسياسي حساس بالنسبة للمنافذ المائية والبرية، تتمتع بمقدرات اقتصادية ونفطية ومالية هائلة، إذ تُعد المنطقة الأولى في العالم التي تشكل محور الاقتصادي العالمي، ويُعتبر أيضاً الغاز الطبيعي من أهم مصادر الطاقة في المنطقة[15].

  • النفط

وجود البترول حيث يمتاز انخفاض تكاليف انتاجه نظراً لارتفاع معدلات الانتاج وقلة عمق الابار وارتفاع نسبة النجاح في اكتشاق البترول وهنالك ميزة نوعية ايضاً وهي أن نفط الشرق الاوسط وشمال افريقيا ينتجان خامات خفيفة ومتوسطة وثقيلة[16].

ويُقدر احتياطي النفط في الشرق الأوسط حوالي 49% من احتياطي العالم إذ تُعتبر هذه المنطقة المُزود الرئيسي لنفط العالم المتطور، وخاصة أوروبا وروسيا واليابان، وهذا أعطى لبعض الدول في الشرق الأوسط قوة اقتصادية أثرت كثيراً على شعوب المنطقة، فالنفط الشرق أوسطي موجود بكثرة في الخليج العربي، ويمتاز بخصائص كثيرة كقربه من سطح الأرض فلا يحتاج إلى تكاليف عالية في استخراجة، فضلاً عن أنه لايحتوي على شوائب كثيرة فالنفط العربي نفط مرغوب من كل دول العالم، وعلى هذا الأساس تحاول الدول الكبرى أن تشرف على المنطقة[17].

  • الغاز الطبيعي

يُعد الغاز الطبيعي من أهم مصادر الطاقة في الشرق الأوسط، فقد بلغ احتياطي الغاز الطبيعي الموجود في الشرق الأوسط 1983م 22 تريليون متر مكعب أي ما نسبته 24,3% من الاحتياط العالمي[18]، وحالياً وصل احتياطي الغاز الطبيعي فى الشرق الأوسط إلى 38% من الإحتياطي العالمي، وهو إيضاً مثل البترول في المنطقة، فإن تكلفته قليلة جداً، وذو جودة عالية[19].

ويشكل الغاز الطبيعي اليوم أحد مصادر الطاقة الأساسية رغم حداثته، فهو في الطبيعة إما مصاحباً للنفط أو مستقلاً عنه في مكامنه الخاصة، وحتى الماضي القريب، كان الغاز الحر لا يُستعمل إلا في مناطق انتاجه وبصورة محدودة بسبب صعوبة نقله وتخزينه، أما الغاز المُصاحب فكثيراً ما كان يُحرق للتقليل من تكلفة النفط المستخرج ولعدم وجود سوق استهلاكية له، ومن المتوقع أن يرتفع انتاج العام من سوائل الغاز الطبيعي بنسبة 35% بنهاية القرن، وسوف تحتل دول الشرق الأوسط مركز الصدارة في انتاج الغاز الطبيعي المُسال وتجارته في العالم، على اعتبار أن الزيادة في الإنتاج تتجاوز إلى حد بعيد الزيادة في الإستهلاك المحلي خلافاً للمنتجين الذين يستخدمون انتاجهم من الغاز محلياً.

وبسبب زيادة الطلب العالمي على الغاز الطبيعي، والتي تعتبر منطقة المحيط الآسيوي السوق الرئيسية لمنطقة الشرق الأوسط من الغاز الطبيعي، كذلك قيام دول صناعية وهي مستوردة للغاز للمساهمة في تمويل مشروعات لإنتاج الغاز كمشروع (قطر غاز) في نهاية التسعينيات وكذلك إعلان عدد من دول الشرق الأوسط وقام بعضها بالتنفيذ الفعلي عن خطط طموحه لتصدير الغاز، ومن تلك الدول الإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان واليمن بالإضافة إلى إيران، حتى وصل الإنتاج من الغاز الطبيعي إلى 345.505مليون متر مكعب عام 2006م، وبلغت نسبة مساهمة الشرق الأوسط 12.1% من الإنتاج العالمي وأن معظم الزيادات جاءت من إيران وقطر والسعودية ومصر، وفي ظل هذا التطور الكبير الذي سوف يتيح الفرصة للغاز الطبيعي أن يتبوأ المرتبة الأولى بعد نضوب النفط ولذلك فإن الغاز يوفر مصدراً إضافياً للطاقة في منطقة الشرق الأوسط[20].

تتداخل الأهمية الإقتصادية للشرق الأوسط لأهميتها الأمنية، بحث تنعكس الأخيرة على الأولى بشكل واضح، فأمن الممرات البحرية للتجارة الدولية بات الأهم في السياسة الدولية للدول الكبرى، كقناة السويس في مصر، بالإضافة إلى البحر الأحمر وخليج عدن، وهو ما ظهر بوضوح في تركيز الإهتمام الدولي على مسألة مكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية، نظراً لما مثله ذلك من مخاطر على طرق التجارة الدولية وتأمينها، فقد شكل التضاعف غير المسبوق في تكلفة التأمين على التجارة الدولية بسبب هذا الوضع تهديداً حقيقياً في حركة التجارة الدولية[21].

المبحث الثاني: أهمية الشرق الأوسط بالنسبة لروسيا:

       فرضت الجغرافيا على روسيا تاريخياً الإهتمام بالشرق الأوسط، بحكم أنها تشغل الحيز الأكبر من الكتلة الأوروآسيوية الملاصقة للشرق الأوسط، وقد بقيت السياسة السوفيتية تعطي اهتماماً بالغاً للشرق الأوسط حتى انهيار الإتحاد السوفييتي، ومع انهيار الإتحاد السوفييتي وتدهور الأوضاع الداخلية في روسيا، وانتهاء الحرب الباردة على الصعيد الدولي تراجعت المنطقة العربية نسبياً في سلم أولويات السياسة الروسية، وذلك مع انشغال القيادة الروسية بحل مشاكلها الداخلية المتفاقمة من ناحية، واتجاهها الواضح نحو الغرب والولايات المتحدة بغية الاندماج في الحضارة الغربية والحصول على المساعدات الإقتصادية اللازمة لنجاح الإقتصاد في روسيا من ناحية أخرى.

إلا أن هذا لايعني أن المنطقة العربية قد فقدت أهميتها بالنسبة لروسيا، لكن حدثت إعادة هيكلة للمصالح الروسية في المنطقة العربية، أدت إلى تراجع الأهداف الأيدولوجية في مواجهة الأهداف الإقتصادية، وبعد وصول الرئيس فلاديمير بوتين للسلطة في روسيا، أولى اهتماماً جديداً للشرق الأوسط وحددت روسيا مصالحها في المنطقة وهذا ما سيتم تناوله في الفصل الثاني[22].

ويمكن تصنيف أهمية الشرق الأوسط بالنسبة إلى روسيا كالتالي:

  1. الأهمية السياسية
  2. الأهمية الإقتصادية
  3. الأهمية الإستراتيجية
  4. الأهمية السياسية

تأتي على قائمة المصالح الروسية في الشرق الأوسط، فمن أهم أهداف روسيا، استنزاف القدرات الإستراتيجية للولايات المتحدة عن طريق مزاحتمها في المنطقة، ويتم ذلك من خلال: استدراج واشنطن في مشاغبات على أكثر من ساحة –الشرق الأوسط أحدها بطبيعة الحال- وهذا نابع من إدراك القيادة الروسية أنه جينما يأتي الوقت لإعادة حساب موازين القوى العالمية –على الرغم من معرفة موسكو التامة بأنها لا تستطيع معادلة القوة الإقتصادية أو العسكرية الأمريكية في أي وقت قريب- فإنه يمكنها حينئذ رفض بقائها كقوة عالمية من الفئة الثانية، والإصرار على ضرورة إعادة تشكليل ميزان القوة العالمي.

بالإضافة إلى أن روسيا تسعى إلى استغلال حالات الفشل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، وعلى رأسها العراق، في زيادة مكاسبها ونفوذها في المنطقة، وذلك دعماً لحليفتيها إيران وسوريا من ناحية، وتقوية التقارب الروسي مع دول المنطقة خصماً من حساب الولايات المتحدة بالطبع من ناحية أخرى، وتخفيفاً من قوة التواجد الأمريكي الإقتصادي والتجاري الكبير في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى[23]

  1. الأهمية الإقتصادية

أما الأهداف الروسية من المنطقة، فتتركز في منع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من اتصال أوروبا بأنابيب الشرق، لأن حدوث ذلك سيخلق تنافسا في سوق الطاقة الأوروبية، مما سيقلل من أسعار وإيرادات روسيا، وتقليل “جيوسياسية” الغاز والنفط الروسيين، وبالتالي الاعتماد الأوروبي عليها في أمن الطاقة، خاصة أن مبيعات الغاز والنفط تمثل غالبية الصادرات الروسية، والتي بلغت نحو 68٪ عام2013م وبالتالي فأهداف روسيا من الشرق الأوسط ترتبط بضمان عدم العبث بمبيعاتها من النفط والغاز الطبيعي في أوروبا، لأنها -وبعكس الولايات المتحدة والصين- ليست مستوردا للنفط والغاز الطبيعي، بل هي مصدر ومنافس طبيعي للدول الغنية بالنفط والغاز في المنطقة، ومن ثم فمن المتعذر أن يكون لها أصدقاء في المنطقة. ومن هنا، يرجع الكاتب سبب تعزيزها علاقتها بسوريا، الدولة الفقيرة في هذين الموردين. كما أن العقوبات الاقتصادية المفروضة علي إيران والعراق جعلتهما أكثر قربا من روسيا، إضافة لما تمثله الدولتان كمستهلك جيد للسلاح الروسي، والدور الروسي الواضح في تطوير برنامج إيران النووي.[24]

وتعمل أيضاً على تنشيط العلاقات الإقتصادية والتجارية بين روسيا والدول العربية، والحصول على المعاملة التفضيلية وجذب الإستثمارات العربية وخاصة الخليجية، إذ ترى روسيا أن هنالك إمكانية لإقامة روابط اقتصادية وتجارية بين روسيا ودول المنطقة، وهو ما يمثل ضرورة حيوية لإنعاش الإقتصاد الروسي الذي يعاني بعض الأزمات[25].

  1. الأهمية الاستراتيجية

من المنظور الإستراتيجي العسكري، تحتاج روسيا إلى التقليل من حجم التهديدات المحتملة على حدودها الجنوبية، وهو ما يدفعها إلى إقامة علاقات استراتيجية مع العالمين العربي والإسلامي، حيث تسمح بالقيام بدور أكبر على الساحة الدولية، كما أن العمل على بناء علاقات جيدة مع العالم العربي-الإسلامي، سوف يساعد في حل المشكلة الشيشانية، بالتالي إلى مزيد من الإستقرار الداخلي في روسيا[26]، كما تخشى روسيا من اندلاع صراعات إقليمية، تنعكس على نطاق واسع وتمس مصالحها السياسية والإقتصادية والعسكرية[27].

وقد ظل الوصول إلى المياه الدافئة هدفاً استراتيجياً روسياً على مدى القرون وأكثر ما يشغل روسيا في سوريا الآن، هو ضمان حصتها في أي خريطة جديدة لسوريا، والمحافظة على وجودها في المياه الدافئة، عبر تدعيم حضورها في الشريط الساحلي الذي تتطلع للسيطرة عليه، بينما تهيمن إيران وأتباعها على المناطق الداخلية التي لاتزال تابعة اسمياً لنظام الأسد[28].

 

الفصل الثاني

“التدخل الروسي في سوريا”

بقيادة فلاديمير بوتين، خرجت روسيا من كبوتها التي تسبب فيها تفكك الإتحاد السوفيتي، وبرزت روسيا مجدداً كقوة عسكرية واقتصادية، وكان لابد أن يُترجم ذلك باستراتيجيات جديدة، تعبر عن فائض هذه القوة، وخلال السنوات الأخيرة، أعادت روسيا حضورها في جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابقة، وكانت آخر ترجمة لهذا الحضور، ما حدث في أوكرانيا، والذي انتهى بإعادة شبه جزيرة القرم لروسيا

اتخذت روسيا قرارها الإستراتيجي بالتدخل في سوريا، للحفاظ على آخر موقع استراتيجي لها بالمتوسط، ولإنهاء حالة الإنكفاء والخروج بقوة إلى المسرح الدولي، والقرار رغم شكله المفاجئ، لم يكن وليد لحظة من لحظات الأزمة السورية، بل سبقته مؤشرات وإفصاحات عديدة، لم تقتصر على حق النقض الذي استخدمته روسيا والصين ثلاث مرات، لمنع صدور أي قرار أممي يجيز التدخل الأممي في الشأن السوري، فإن سوريا هي السبيل للتواجد الروسي في البحر المتوسط، وهي العمق الإستراتيجي، وجزء من المصالح الحيوية الروسية[29].

ونظراً لأهمية القضية السورية بالنسبة لروسيا في منطقة الشرق الأوسط، سوف ينقسم هذا الفصل إلى مبحثين، المبحث الأول: المصالح الروسية في سوريا، سواء أكانت استراتيجية أو اقتصادية، أما المبحث الثاني: يوضح كيفية تحقيق تلك المصالح والأدوات التي تستخدمها روسيا لتعزيز مصالحها وتنقسم إلى أدوات عسكرية ودبلوماسية واقتصادية.

المبحث الأول: المصالح الروسية في سوريا:

  1. مصالح استراتيجية

من الملاحظ أن لروسيا نقطة ضعف منذ بدايتها كقوة عظمى في القرن الثامن عشر، وهي عدم قدرتها للوصول إلى المياه الدافئة، فكل ممراتها المائية متجمدة (القطب الشمالي وبحر البلطيق)، وقد سعت قديماً لمعالجة هذه الإشكالية بالصراع مع الدولة العثمانية لتصل إلى البحر الأسود وتحتل قاعدة إزاك العثمانية، ومن ثم أصبح إمكانية الوصول على منفذ بحري أعلى المياه الدافئة أمر بالغ الأهمية لروسيا في تاريخها وحاضرها ومستقبلها.

وفي هذا السياق قامت روسيا بتأجير قاعدة طرطوس البحرية في فترة سبعينيات القرن الماضي من الرئيس الراحل حافظ الأسد، بموجب اتفاق بينهما، يُلاحظ أن روسيا كان لديها عديد من القواعد البحرية في كل من مصر وأثيوبيا وفييتنام، غير أنه لم يبقى منها سوى قاعدة طرطوس الأمر الذي يُضفي عليها أهمية استراتيجية بالنسبة للمراكب البحرية الروسية الموجودة في البحر الأبيض المتوسط، كذلك تُستخدم قاعدة طرطوس البحرية لعدة أغراض مثل مكافحة القرصنة البحرية في هذه المناطق وشحن الأسلحة والذخائر الروسية للقوات السورية[30].

  • مصالح استراتيجية عسكرية:

يأتي التدخل الروسي في سوريا في الفترة الماضية نتيجة لعديد من الأسباب والعوامل التي دفعت روسيا للتدخل العسكري في سوريا، هذه الأسباب تحمل عديد من التداعيات المختلفة على جميع المستويات، وتتمثل الأسباب وراء التدخل العسكري الروسي في سوريا في الآتي:

  • على المستوى الدولي، الرغبة الروسية في العودة على الساحة الدولية وتعزيز دورها كقوة دولية فاعلة، حيث ترغب روسيا في تعزيز دورها ومكانتها على المستوى الدولي والإقليمي، في منطقة الشرق الأوسط وإثبات دورها المؤثر في القضايا الدولية الإقليمية الهامة، وتُعتبر الأزمة السورية فرصة سانحة لها.
  • الحفاظ على المصالح الإقليمية في المنطقة، حيث تسعى للحفاظ على تواجدها في نافذة تطل على المياه الدافئة، إذ يوجد لها قاعدة عسكرية بحرية في ميناء طرطوس، وهي القاعدة العسكرية الوحيدة لها في الشرق الأوسط، وتسعى لبناء قاعدة عسكرية جوية لها في غرب سوريا في اللاذقية.
  • على المستوى المحلي، جاء التحرك الروسي نتيجة إدراك القيادة الروسية التطورات الداخلية للقيادة السورية، التي أدت إلى ضعف وإنهاك النظام السوري، ومن ثم فإن التدخل العسكري الروسي جاء ليعزز من قدرات النظام السوري والحفاظ على ما تبقى منه، ومواجهة داعش التي يراها بوتين تهديداً للأمن والإستقرار، ليس فقط على المستوى الإقليمي في الشرق الأوسط وإنما العالمي أيضاً.
  • تستهدف من تدخلها إيجاد دور لها في التسويات الخاصة بالأقليات في المنطقة خاصة في سوريا والعراق، خاصة الأكراد الذين يعملون على تحقيق حلمهم في إعلان دولة مستقلة في العراق وسوريا وهو ما يتعارض مع مصالحها وتسعى لإجهاضه حفاظاً على حدودها الجنوبية[31].
  • ويرى البعض أن التدخل العسكري الروسي في سوريا، يتم استخدامه للترويج إلى الأسلحة الروسية عالية التقنية، من طائرات سوخوي35 المقاتلة والصواريخ كروز التي تُطلق من البوارج الحربية، وتُعد روسيا من أكبر الدول المنتجة للأسلحة، وتبيع منتجاتها إلى دول مثل الصين والهند (التي تراقب عن كثب تأثير روسيا على الحرب السورية)[32].
  1. مصالح اقتصادية

بدأت العلاقات الإقتصادية الروسية السورية منذ منتصف الستينيات، حيث بلغ عدد المشاريع الكبيرة المنفذة بمساعدة الإتحاد السوفيتي السابق أكثر من 60مشروعاً، ساعدت على ضمان ركائز استراتيجية لسوريا في الحفاظ على أمنها الإقتصادي، ومن هذه المشاريع: سد الفرات الذي حصلت سوريا بموجبه على قرض بمبلغ 120مليون روبل عام 1966م، وهو من أهم المشاريع المائية الكهربائية، كما شهدت الإتفاقيات اللاحقة بين الجانبين مشاريع لبناء مصانع مختلفة كمصنع لإنتاج الأنابيب من الحديد والصلب، ومصنع لإنتاج قضبان وصفائح الألومنيوم، ومصانع السكر والنسيج والإطارات وغيرها، واستناداً لإتفاقية التعاون الإقتصادي الفني الموقعة عام 1972م، تعهدت موسكو بتقديم قرض قدره 25مليون روبل، لتمويل مشاريع النفط، وتسوية قيمة التجهيزات والمواد، وقطع التبديل المشتراه من الإتحاد السوفيتي.

كما أدى التعاون إلى إنشاء خطوط سكك حديدية بلغ طولها أكثر من 1500كم، ربطت بين مناطق الإنتاج الزراعي والموانئ في طرطوس واللاذقية، وقامت الحكومة السورية بشراء قاطرات الديزل والعربات الخاصة بنقل المسافرين، وعربات الشحن من موسكو، كما ساهم مجموعة من الخبراء السوفييت في إقامة مركز لتدريب عمال السكك الحديدية بحيث تتوفر الخدمة الفنية والميكانيكية محلياً، واستمر تنامي الحجم التجاري بين البلدين، إذ بلغت الصادرات السورية إلى روسيا في عامي 1989م و1990م أكثر من مليار و400مليون جنيه استرليني، وفي المقابل ارتفعت صادرات روسيا إلى سوريا من 95مليون دولار عام2000م إلى 138 مليون دولار عام 2007م، في حين كان يُعادل 459.8 و 635مليون دولار في عامي 2005م و2006م، وبلغ التبادل السلعي بين الدولتين 2مليار دولار عام 2011م[33].

المبحث الثاني: كيفية تحقيق المصالح الروسية في سوريا:

منذ عودة بوتين إلى رئاسة الإتحاد الروسي منذ مارس 2012م، وبدأت حركة روسية اتصلت بجهودة التي بدأها خلال المرحلة الأولى التي تولى فيها الحكم خلال الفترة من ديسمبر 1999م وحتى مايو2008م، أبرز ملامحها استعادة بعض من قواعد الإشتباك السياسي والدبلوماسي، وربما العسكري على الساحة الدولية، وتُعد الأزمة السورية واحدة من الساحات التي مثلت اختباراً للتوجهات الروسية الجديدة، وهذا الدور رغم أنه لا يعبر عن سعي لمد النفوذ إلى مناطق أبعد من تلك التي استقر عليها الأمن القومي لروسيا بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، لكنه في الوقت ذاته تدخل دفاعي يعكس استفاقة روسيا، ويؤشر إلى استعداد روسيا لتكون وريثاً أميناً على ما تبقى من مصالح إمبراطورية هي بالأساس في عُهدة روسيا الإتحادية[34]

  1. آداة عسكرية:

تدخلت روسيا في الأزمة السورية تدخلاً عسكرياً واصحاً في الحرب والصراع الداخلي في سوريا، فقد أرسلت روسيا طائرات ميج35 المتطورة التي استقرت في مطار المزة، ودفعة من صواريخ كورنيت5 المتطورة وطائرات مروحية، ودبابات تي92 مع أطقمها، وسرباً من طائرات سوخري30 (طائرة تفوق جوي متعددة المهام)، وصواريخ جو أرض، وأدى التدخل العسكري الروسي منذ بدايته في 30 سبتمبر 2015 حتى الآن تدمير قرابة 1600 موقع من المواقع التابعة لما أسمته الجماعات الإرهابية في سوريا وقتل ما يزيد عن 279 وفقاً لتقرير المونيتر منذ بداية الضربات الروسية وحتى 31 أكتوبر 2015م، وفي ذات الوقت أسرعت روسيا بالبحث عن حل سياسي سلمي للأزمة السورية، والإسراع بعملية التفاوض[35].

  1. آداة دبلوماسية:

على الرغم من اندلاع الثورة في سوريا والمطالبة بإسقاط النظام منذ مارس 2011م وحتى الآن في ظل ما يُعرف بثورات الربيع العربي لم يُحسم هذا الأمر بعد سواء من قِبل النظام (القضاء على الثورة) أو من قِبل الثوار (إسقاط النظام الحاكم) ويرجع ذلك إلى تدخلات دولية في هذه الأزمة وعلى رأسها التدخل الروسي واستخدامه المتكرر لحق الإعتراض في مجلس الأمن وتعطيل المشروع أي قرار يدين النظام السوري[36]

ما بين موسكو ودمشق مروحة من نقاط التقاطع الإستراتيجي والسياسي والثقافي، تتجاوز القطع العسكرية الروسية المتمركزة بها، وتفوق الدعم الجوي الذي تؤمنه مقاتلات فلاديمير بوتين للجيش السوري، ذلك أن وقوف العقل التحليلي السياسي العربي عند مقولة إن روسيا تدافع عن مصالحها وحلفاؤها في سوريا بكل مقومات القوة والنفوذ لديها، لا يحفر عميقاً في البنية الذهنية للفاعل الروسي .

تفكر موسكو في المستقبل السوري وفق المنظور الروسي، لا من خلال الحفاظ على مصالحها السياسية والإستراتيجية والعسكرية والثقافية فقط، لكن أيضاً من خلال تأمين استمرار القوة الناعمة الروسية في سوريا، وضخ دماء الإنتشار والتمدد في البراديغم الروسي في الحكم والمعارضة.

أي أن لدي موسكو مقاربة فى الحكم والمعارضة مطبقة في الكرملين تقوم على خمسة أسس:

  • حكم رئاسي قوي.
  • برلمان تابع لتوجه الرئيس مع مشاركة بعض وجوه المعارضة.
  • معارضة سياسية وإعلامية ضعيفة.
  • مجتمع مدني مخترق.
  • طغمة سياسية وعسكرية ومالية نافذة في الداخل والخارج تروج للرئيس وتدعم مشاريعه، وتؤمن العلاقات الإستراتيجية مع دول الجوار أولاً والإقليم ثانياً.

وفق هذا المنظور تقارب موسكو مستقبل سوريا السياسي، ووفق هذا التفكير تتمسك ببشار الأسد، ذلك أن استراتيجيتها وتفكيرها وتمثلها لشكل نظام الحكم تقتضي وجود الأسد في القصر الجمهوري بدمشق، وليس لشرعية الأسد الإنتخابية أو السياسية، وفق المنطوق السوري الرسمي، هي التي تفرض على موسكو احترام بقائه في الحكم، وطالما أن موسكو لم تجد شخصية سياسية في الفضاء السوري سواء في الحكم أو المعارضة قادرة على تجسيد نظريتها في الحكم، فإن الدعم الروسي للأسد لن يرفع ولن يعلق.

ومن المُلفت أيضاً أن “الخماسية الروسية” المذكورة آنفاً متكرسة في مصر اليوم التي تلقى دعماً من الكرملين، وهي متجسدة بقوة أيضاً في الجزائر المؤَيدة من روسيا سياسة واقتصاداً، وهي في سياق التبلور في الشرق الليبي بقيادة خليفة حفتر،وهي في طور التجسيد في تركيا التي تتحول بسرعة من الحكم التشاركي البرلماني إلى الحكم الأحاجي الرئاسي، ولولا التقسيم الطائفي للحكم في العراق لوجدت طريقها التنظيمي في بغداد.

وهي مقدمات تشير إلى تعميم عربي للنموذج الروسي في الحكم، سيّما وأنه يستجيب بشكل واضح لنرجسية الحاكم العربي ولنفور الشعوب في المشاركة السياسية، ولانزياح المعارضة والمجتمع المدني العربي نحو “الحروب الداخلية” حيناً، ولتسويق نفسها خارجياً أحياناً أخرى، ولا يمكن لموسكو أن تفكر في سوريا خارج إطار العقل الإستراتيجي الروسي في الحكم والمعارضة، ولا يمكن أن نُطالب موسكو بغير التأصيل لنفسها وللمنطقة وفق ميكانيزميتها التحليلية والتفكيرية[37].

ومع عودة روسيا إلى الشرق الأوسط، قبل ثورات الربيع العربي، سعى الكريملين خلال السنوات العشر السابقة، لتعميق الروابط مع العالم الإسلامي، سواء من خلال الحصول على وصف مراقب لدى منظمة التعاون الإسلامي، أو التقدم بمبادرات في نطاق منظمة الأمم المتحدة مثل حوار الثقافات والحضارات [38].

  1. آداة اقتصادية

قبل انهيار الإتحاد السوفيتي كان يورد لسوريا كميات كبيرة من الأسلحة وغيرها من السلع بكميات كبيرة، الأمر الذي نتج عنه تراكم الديون على سوريا بشكل كبير، ففي عام 1992م بلغ دين سوريا لروسيا أكثر من 13مليار دولار، وأفرزت زيارة الرئيس بشار إلى روسيا في عام 2005م لحل أزمة الديون السورية، عن توقيع البيان الروسي السوري المشترك حول تعميق علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، واتفاقية لتسوية المديونية السورية والقروض التي تم تقديمها إلى سوريا من قِبل الإتحاد السوفيتي سابقاً، وفي هذا الصدد قامت روسيا بشطب 80% من الديون[39].

تعتبر مبيعات السلاح من أهم المصالح الحيوية بين سوريا وروسيا، فقد بلغت مشتريات السلاح من روسيا ما يُقارب مليار ومائة مليون دولار وفقاً لإحصائيات 2010م، كما توجد عقود مُبرمة بين سوريا والشركات الروسية المتخصصة في صناعة الأسلحة، حيث تُعتبر سوريا شريكاً أساسياً لروسيا في مجال استيراد السلاح الروسي، ففي عام 2011م بلغت وارداتها من السلاح حوالي 15%، وقد كانت روسيا تتوقع ارتفاع قيمة العقود الجديدة مع سوريا بنسبة تفوق فيها ما خسرته من توقف عقودها مع ليبيا بعد الثورة، وبالتالي إذا سقط النظام السوري فسوف يُشكل خسائر فادحة لها[40]

الفصل الثالث

مستقبل السياسة الروسية في الشرق الأوسط

لطالما شكلت الدول المجاورة لروسيا تحدياً رئيسياً لمؤسسة السياسة الخارجية الروسية، فلروسيا حدوداً مع 15 دولة، ولا توجد دولة أخرى في العالم لديها دول مجاورة بمثل هذا التنوع السياسي والديني والثقافي والديموجرافي، وقد حال ذلك دون تشكل سياسة خارجية موحدة بعيدة الأمد، كما جعلها رهينة للأوضاع الناشئة بين الدول المجاورة لها والمعروفة بعدم استقرارها[41].

وينقسم هذا الفصل إلى مبحثين، المبحث الأول: يتناول الأدوات التي تستخدمها روسيا لتوطيد العلاقات بدول الشرق الأوسط، لا تشتمل التدخل المباشر في الشؤون الداخلية مثل الحالة السورية التي تم تناولها في الفصل الثاني، والمبحث الثاني: يتم فيه عرض سيناريوهات لما سيكون عليه حال النظام الدولي في الفترة القادمة بسبب التطورات الحادثة في الشرق الأوسط.

المبحث الأول: أدوات السياسة الروسية في الشرق الأوسط:

       بعد أن تراجعت العلاقات العربية الروسية في فترة التسعينيات وكانت بمنأى عن قضايا المنطقة العربية، أخذت تعمل على تفعيل دورها في المنطقة العربية بداية من الحلفاء السابقين إضافة إلى اتجاهات جديدة في علاقاتها مع سوريا وليبيا والجزائر، ومع دول الخليج العربي وبخاصة السعودية، وعليه انطلقت روسيا إلى رسم خطة جديدة، تُعيد من خلالها تواجدها في المنطقة العربية وتدعيم علاقاتها بالدول العربية الكبرى التي ستقودها إلى المنطقة من جديد، ومنها لأن تُصبح طرفاً في المعادلة الدولية من خلال المنطقة العربية بقضاياها الأكثر حراكاً للقوى الكبرى الدولية والإقليمية[42].

وقد استخدمت روسيا عدة طرق لتوطيد العلاقات مع دول الشرق الأوسط، بخلاف التدخل المباشر في السياسة الداخلية السورية ومن أهمها:

  • صفقات السلاح

تحتل روسيا المرتبة الثانية في العالم كأكبر مُصدر للسلاح، ولا يُمكن الحديث عن تجارة سلاح غير رسمية في روسيا، لأن الدولة هي المسئولة عن صناعة السلاح وبيعه، الذي هو أمر محصور بشركة   “روس أوربون اكسبورت”، ويوقع على الصفقات الرئيس الروسي شخصياً، لذلك فإن حال السلاح الروسي يمكنه في نهاية المطاف تقديم صورة واضحة لحدود التوظيف السياسي وطبيعة الإقتصاد الروسي أكثر من أي شئ آخر[43].

إن روسيا بدأت في استعادة نفوذها العسكري والتسليحي في مناطق عديدة من العالم، تأتي على رأسها منطقة الشرق الأوسط، فبدأت إعادة إحياء علاقاتها بالدول التي كانت تحسب في حقبة زمنية ماضية أنها من أهم حلفاء روسيا، مثل مصر والعراق وشرعت أيضاً في محاولة فتح جسور التعاون العسكري مع دول خليجية مثل الكويت والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، واتجهت أيضاً إلى مزيد من الدعم للدول التي تتمتع معها بعلاقات عسكرية متميزة مثل الجزائر وسوريا، وفي اللحظة الآنية تعتمد روسيا في استراتيجيتها الجديدة على المستوى التسليحي على جناحين “سوريا ومصر”.

تعود العلاقات التسليحية بين مصر وروسيا إلى الستينيات من القرن الماضى والتي شهدت نمواً وتطوراً كبيراً على كل المستويات، فعسكريا كانت موسكو المورِد الأول للأسلحة والتقنيات العسكرية لمصر، هذه العلاقة مرت بعدد من المحطات المهمة، أهمها كان صفقة الأسلحة التشيكية عام 1955م، وظلت هذه العلاقة مستمرة وثابتة حتى وفاة الرئيس جمال عبد الناصر عام 1970م[44].

وبالحديث عن الصفقات الروسية لا يجب إغفال الصفقات الروسية السورية، التي تسببت في تراكم الديون السورية، وبخاصة منذ نشوب الصراعات الداخلية في سوريا.

  • عقود اقتصادية:

تُعتبر الوسائل الإقتصادية من أبرز وسائل تحقيق أهداف السياسة الخارجية، لذلك تسعى روسيا إلى شراكة استراتيجية مع دول المنطقة بالمعنى الإقتصادي والتقني تكون ذات عائد اقتصادي مباشر لروسيا وعائد تنموي لدول المنطقة وفي هذا الإطار ترتبط الأهداف الروسية بثلاث قطاعات رئيسية:           الطاقة (النفط والغاز)، التعاون التقني في المجالات الصناعية والتنموية، والتعاون العسكري.

إن روسيا تنظر إلى دول الخليج، وخصوصاً المملكة العربية السعودية، كحليفاً لها وليس منافساً في سوق الطاقة العالمية، ويتم التعاون والتنسيق بين روسيا ودول المنطقة في مجال الطاقة في إطار محورين أساسيين:

  • الحفاظ على استقرار السوق النفطية وضمان حد أدنى لأسعار النفط، وذلك من خلال التحكم في الإنتاج، خاصة أن روسيا تشارك في منظمة الأوبك كمراقب، وكانت روسيا قد دعمت عام2001م فكرة إقامة حوار بين الدول المستوردة للنفط والمصدرة له، وهو ما يتوافق مع المحاولات التي بذلتها المملكة العربية السعودية لتجميع الموارد النفطية للدول المصدرة للنفط من أجل أن تستقر أسعار النفط العالمية.
  • الإستثمارات الروسية في قطاع النفط العربي، والإقبال الشديد من جانب شركات النفط الروسية على الإستثمار في قطاع النفط في دول المنطقة، من خلال المشاركة في عمليات البحث والتنقيب وتطوير الإنتاج، فروسيا تمتلك الخبرة اللازمة في مجال الكشف والتنقيب عن البترول واستخراجه، كما تمثل المنطقة سوقاً مهمة ذات قوة استيعابية كبيرة للصادرات الروسية من السلع الإستراتيجية والمعمرة، مثل الآلات والمعدات والأجهزة والحبوب[45].

فإن قطاع الطاقة يُمثل أحد المجالات الأساسية التي تتلاقى فيها المصالح العربية الروسية، وهو جوهر الشراكة العربية الروسية في المستقبل والدعامة الأساسية لها، وهناك العديد من المشروعات التي بدأت بالفعل بين روسيا وعدد من الدول العربية التي تُعتبر نواة لتطوير التعاون في هذا المجال، من أهمها: إنشاء شركة لوك أويل الروسية وشركة أرامكو السعودية عام 2004م، وشركة لوكسار المشتركة  لإكتشاف واستثمار حقول الغاز في الجزء الشمالي من صحراء الربع الخالي في مساحة 30ألف كم مربع لمدة 40سنة، وتمتلك لوك أويل 80% من أسهمها.

بالإضافة إلى اشتراك شركتي سينفط ولوك أويل الروسيتين في تطوير حقول النفط الكويتية الأربعة الشمالية وهي مشاريع تتراوح تكلفتها بين 8:7 مليار دولار، أيضاً مشروع أنبوب الغاز “الطويلة_الفجيرة” بالإمارات العربية المتحدة والذي يبلغ طوله 240كم مربع عام 2009م أنجزت شركة ترانس غاز الروسية المرحلة الأولى من المشروع من إجمالي ثلاث مراحل، كما تم التعاون مع سلطنة عمان في إطار مشروع كونسرتيوم لمد خط أنابيب في منطقة بحر قزوين لنقل النفط من كازاخستان عبر الأراضي الروسية إلى ميناء نوفورسيسك الروسي على البحر الأسود، وقد دخل المشروع حيز التنفيذفي نوفمبر 2001م[46]

ويمكن القول أنه منذ بداية القرن الحادي والعشرون، استطاعت روسيا إعادة بناء علاقاتها مع عدد كبير من الدول العربية، تتضمن حلفاءها التقليديين، وفي مقدمتهم سوريا وليبيا والجزائر والشركاء الجدد، مثل دول الخليج والأردن، وأيضاً العراق، وأصبح لروسيا مصالح حقيقية تسعى للحفاظ عليها وتنميتها، حتى مع تغيير النظم الحاكمة في بعض الدول العربية بعد الثورات، فروسيا تسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية أو ممارسة دور أمني أو عسكري ينافس الوجود الأمريكي المكثف في المنطقة العربية، وإنما تسعى إلى شراكة استراتيجية بالمعنى الإقتصادي والتقني، ذات عائد اقتصادي مباشر لروسيا، وعائد تنموي حقيقي لدول المنطقة[47].

كما أن العلاقات العُمانية الروسية قد تطورت كثيراً منذ عام 1987م، حيث تشهد العلاقات بين البلدين في المجال التجاري والإقتصادي تطوراً ملحوظاً، ويذكر أن شركة ريتيك الروسية لتكنولوجيا الوقود والطاقة كانت قد بدأت عملها في عُمان منذ عام2000م، في مجال إدخال التكنولوجيا والمعدات النفطية الحديثة إلى قطاع النفط العُماني بهدف مضاعفة الإنتاج في الحقول الحالية، كما زار مسقط في عام 2003م، رئيس الغرفة التجارية الصناعية لروسيا الإتحادية يفغيني بريماكوف، ووزير الطاقة الروسي في ذلك الوقت إيغور يوسوف، كما وقع البلدان في عام 2000م، اتفاقية حكوية للتعاون في مجالات الثقافة والعلوم والتعليم والسياحة والشباب، ويُبدي الكثير من المواطنين الروس في الفترة الأخيرة اهتماماً كبيراً بالرحلات السياحية إلى عمان الغنية بشواهدها الثقافية والتاريخية القديمة، ومما لا شك فيه أن سلطنة عُمان تستطيع الاستفادة من الطاقات والخبرات الكبيرة التي تتمتع بها روسيا سواء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والبناء والتعليم. كما تدعو الأولى الشركات الروسية إلى التحرك للاستفادة من السوق الخليجية التي تشهد تنافسا بين مختلف الشركات الغربية[48]

لفترة طويلة كان هناك اعتقاد أن اقتصاد الدول العربية كان ولا يزال يتأسس على النفط فقط، لكن في الحقيقة تتشكل في المنطقة أسواق المال، ففي الوقت الأخير أصبحت مملكة البحرين نشيطة للغاية في هذا الإتجاه، وقد تقدمت الأخيرة نيابة عن أوساط الأعمال العربية بمبادرة فتح البنك الروسي العربي ومقره في المنامة، كما تُعد الكويت من أكبر مراكز الإستثمار في المنطقة وهي مستثمر طويل الأمد في الخارج، وأصبحت الأوساط الإستثمارية الكويتية تهتم بتمويل بعض المشاريع الملموسة في روسيا[49].

المبحث الثاني: أثر تطورات الشرق الأوسط على هيكل النظام الدولي:

يتحدد هيكل النظام الدولي بنمط توزيع القوى بين الدول الكبرى عند قمة هذا النظام، وهو النمط الذي يُحدد بدوره نمط القطبية أو القيادة في النظام الدولي، وليس هناك نوع واحد من القوة يتحدد به نمط هيكل النظام الدولي، ولكن بالقوة العسكرية والتكنولوجية والإقتصادية والسياسية يتحدد هذا الهيكل، ومنذ انتهاء الحرب الباردة، واختفاء القيادة الثنائية للنظام الدولي عام 1991م، ظهر نظام دولي جديد اختلف في خصائصة العامة من مرحلة لأخرى، لكن المؤكد هو الهيمنة الأمريكية على قيادة النظام الدولي منذ ذلك الحين[50].

  • روسيا كدولة عظمى من جديد:

من المؤكد أن روسيا عائدة إلى النظام الدولي بقوة، ولو كانت تلك العودة فيها نوع من التدرج كما يجمع عديد من المتخصصين في الشؤون الدولية في ظل مسلمة واضحة هي أن منطقة الشرق الأوسط ومهما بلغت حالتها العامة من عدم التنسيق المشترك، فإنها تبقى مجالاً استراتيجياً لا يمكن لدولة عظمى مثل روسيا إلا أن تُنسق معه[51].

وأشارت المرحلة الحالية إلى تاريخ مختلف في تاريخ السياسة الروسية الخارجية، نحو السعي إلى تحقيق المصالح الإستراتيجية لروسيا، وإعادتها إلى مكانتها العالمية، فأضفى بوتين على هذه السياسة دينامية جديدة بتغيرات وتقديرات براجماتية تعي جيداً المواقع الملائمة والأدوار التي على روسيا أن تؤديها على الساحة الدولية، بالإضافة إلى إعطاء الأولوية للمصالح القومية وتغليب النظرة الواقعية، حيث يسعى بوتين إلى خلق تأثير روسي في المجال السوفيتي السابق، كطريقة إلى تحسين المكانة الروسية عالمياً[52].

وبالإستمرار في تلك الإستراتيجيات التي يتبعها بوتين في التدخل المتدرج في شؤون دول الجوار الجغرافي له، وتعمقه أكثر في القضايا الدولية، في مقابل استمرار الولايات المتحدة الأمريكية بالإهتمام بشئونها الداخلية وتنمية العلاقات الإقتصادية مع الدول الآسيوية، سيؤدي ذلك إلى عودة القطب الروسي إلى الساحة الدولية بقوة الإتحاد السوفيتي السابق، ولكن بتنظيم أكثر.

  • أمريكا صاحبة النفوذ في الشرق الأوسط:

برغم سعي بوتين جاهداً لإعادة هيبة روسيا التي تراجعت بعد انهيار الإتحاد السوفيتي ويروج لموسكو على أنها لاعب قوي على الساحة الدولية، إلا أن أوباما وصف روسيا بأنها قوة إقليمية، تُهدد بعضاً من جيرانها المباشرين من منطلق الضعف لا القوة، وأضاف أوباما أن الولايات المتحدة لها تأثير كبير على جيرانها، ولا تحتاج لغزوهم لإقامة علاقات تعاون قوية معهم[53].

وهذا يدل أنه لا يرى روسيا كقوة عظمى يُمكن أن تُهدد الهيمنة الأمريكية في مناطق نفوذها، حتى بالرغم من تغير السياسات الأمريكية في تلك المناطق، فروسيا رغم التدخل الذي تُمارسه في غالبية دول الشرق الأوسط، إلا أن ذلك لا يدل على تصاعد مكانتها دولياً للإرتقاء إلى قوة عظمى تُنافس الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي.

كما أن رؤية أوباما في أن روسيا تُهدر مواردها في المساعدات العسكرية السورية، تنم عن رؤية استشرافية لما سيكون عليه الوضع في الفترة المُقبلة، وهو إنهاك الإقتصاد الروسي بسبب قضايا الشرق الأوسط كما حدث للولايات المتحدة الأمريكية، وسوف تنسحب روسيا من المنطقة شيئاً فشيئاً كما هو الحال في الحالة الأمريكية، ولكن لن يكون لروسيا أي نفوذ أو مصالح في الشرق الأوسط كما في حالة الولايات المتحدة الأمريكية إلا الحفاظ على ثبات أسعار النفط، وهو ما ستهتم به الولايات المتحدة بصورة كبيرة لأهميته بالنسبه لحلفاءها، وأمن اسرائيل.

  • التعددية القطبية “روسيا كبديل بمساندة فاعلين دوليين آخرين”:

ويشير هذا السيناريو إلى أن العالم يتجه نحو صيغة من التعددية القطبية، لأن مكانة وقوة الولايات المتحدة في طريقها للتراجع، فأساس قوتها يرتكز على قدرتها التنافسية، وتماسكها السياسي، وقد ظهر مدى الإهتزاز والتراجع فيهما أخيراً ، فالزيادة المتنامية لقوة القوى الدولية الأخرى مثل: روسيا، والصين، والإتحاد الأوروبي، تكون على حساب قوة وانفراد الولايات المتحدة بالهيمنة على النظام الدولي، ولا يُقلل ذلك السيناريو من قدرة الولايات المتحدة على الإستمرار كقوة عظمى، ولكنها لن تظل الوحيدة، بل ستظهر قوة دولية أخرى كأقطاب مناظرة لها، وليس مجرد شركاء وحلفاء[54].

يتلمس العملاق الصيني طريقه للدخول السياسي والعسكري والأمني إلى الشرق الأوسط، بعدما عزز حضوره الاقتصادي على مدار العقود السابقة بالمبادلات التجارية مع دول المنطقة كلها بدون استثناء. وتؤشر زيارة الرئيس الصيني للشرق الأوسط إلى مسألتين هامتين ومرتبطتين عضوياً: الأولى أن المنطقة لم تعد حكراً على النفوذ الأميركي، والثانية المرتبطة بها جدلياً ومفادها رغبة الصين في لعب أدوار سياسية مباشرة في المنطقة كجزء ضروري من شبكة حماية لمصالحها الاقتصادية فيها[55].

ويرى بعض الباحثين أنه في المستقبل فإن السيناريو المتوقع والمبني على القوة وتوزعها، كما هي الطاقة بمصادرها الأصلية أو المتجددة ستُعيد رسم معالم السياسات الدولية والنظام الدولي بين ثلاثة أضلاع أساسية هي الولايات المتحدة، وأوروبا، وقوى آسيا الصاعدة وأهمها روسيا والصين، وهذا سيفتح المجال بناء على التناقضات المستقبلية في المصالح والسياسات للقوى الثلاث، وبفعل تنامي القوى الإقتصادية والصناعية إلى حالة من عدم الإستقرار السياسي مما يدفع باتجاه تفعيل دور المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة لتلعب دوراً أوسع بين هذه القوى، فالعالم القادم لن يكون مستقراً أكثر من عالم اليوم بل سيكون أكثر تعقيداً بتفاعلاته السياسية والإقتصادية مع بروز قوى جديدة، كما أن أوروبا لن تقوى كقوة موحدة على أن تكون قوة دولية، بقدر ما تكون شريك مستمر إلى جانب الولايات المتحدة، في تفاعلاتها مع القوة الصاعدة[56]

الخاتمة:

تنفرد منطقة الشرق الأوسط بأهمية قصوى في حسابات الدول الكبرى، لما لها من أهمية استراتيجية في المشهد السياسي الإقليمي والعالمي، ولما تتمتع به من غنى مواردها الطبيعية وعلى رأسها النفط والغاز وموارد الطاقة المختلفة، وهي من أهم عناصر الجذب التي تستقطب نفوذ الدول وصراعاتها، لا سيما منطقة الشرق الأوسط بالإضافة إلى جغرافية الشرق والموقع المتميز في وسط العالم، وما يُشرف عليه من ممرات مائية، فقد شكلت المنطقة نقطة استقطاب استراتيجية منذ سنوات طويلة لعديد من الدول التي تتنافس في سباق محموم في صراع على مصادر الطاقة ومناطق النفوذ الإستراتيجية.

بعد شعور روسيا بتقلص دورها عقب انهيار الإتحاد السوفيتي، وولادة نظام دولي جديد بزعامة الولايات المتحدة التي تصرفت باعتبارها القوة الأعظم الوحيدة في العالم حتى الآن، وقد بدت هذه التفردية جلية خاصة خلال تسعينيات القرن الماضي، ولكن منذ تولي بوتين مقاليد السلطة للمرة الأولى، بدأت تتجلى الغيوم عن الطموحات الروسية، وتتجه إلى مناطق استراتيجية من العالم قريبة منها إقليمياً، لفرض نفوذها ومحاولة السيطرة على زمام الأمور والمشاركة في حل القضايا والأزمات الدولية.

وقد استغلت روسيا منطقة الشرق الأوسط بما فيها من صراعات داخلية، وتطورات بسبب ثورات الربيع العربي، بالإضافة إلى سياسة الإنسحاب التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب المشكلات الإقتصادية الداخلية، التي جعلتها تتجه إلى دول شرق آسيا والتعاون معهم، بعيداً عن صراعات الشرق الأوسط، والتدخلات العسكرية الطاحنة في بعض الدول مثل سوريا، وبدأت روسيا بالتقرب إلى الدول الشرق الأوسطية عن طريق العقود الإقتصادية، وصفقات الأسلحة، بالإضافة إلى التدخل العسكري في سوريا إلى جانب الإقتصادي والدبلوماسي، راجية استمرار السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وهذا التدخل الروسي في الشرق الأوسط يمكن أن يُحدث تغيرات جذرية في هيكل النظام الدولي.

وقد عرضت الدراسة عدة سيناريوهات لما يُمكن أن يكون عليه هيكل النظام الدولي، وتم عرض ثلاثة سيناريوهات، السيناريو الأول: زيادة التدخل الروسي في الشرق الأوسط، واستمرار الانسحاب الأمريكي ولكن ليس بصورة كاملة نظراً لمصالح حلفاءها في المنطقة. السيناريو الثاني: هو استشعار الولايات المتحدة الأمريكية للخطر الروسي، والتدخل المتزايد في الشرق الأوسط، مما يؤدي إلى العودة من جديد إلى الإنهماك في قضايا الشرق الأوسط، وذلك لعدة أسباب أهمها، خطر الإرهاب المنتشر في الشرق الأوسط على الأمن الداخلي الأمريكي، بالإضافة إلى أمن اسرائيل، أيضاً حماية مصالح حلفاءها مثل الإتحاد الأوروبي واليابان، كما أن زيادة النفوذ الروسي في المنطقة ومحاولات توسع روسيا الإتحادية، يمكن أن يجعلها كسابق عهدها كالإتحاد السوفيتي سابقاً، أما السيناريو الثالث: وهو السيناريو الأقرب للواقع، وهو صعود أكثر من دولة للمشاركة كقوى عظمى في هيكل النظام الدولي مثل الولايات المتحدة ويساندها الإتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين، وفي تلك الحالة سيكون للأمم المتحدة دوراً كبيراً للسيطرة على تلك التعددية القطبية.

قائمة المراجع:

المراجع العربية:

       أولاً الكتب:

  1. دان تشيرجي، “أمريكا والسلام في الشرق الأوسط”، ترجمة:محمد مصطفى غنيم، الطبعة الأولى، دار الشروق، القاهرة، 1993م.

ثانياً: الدراسات والدوريات العلمية:

  1. أمين بن مسعود، “العقل الإستراتيجي الروسي والقوة الناعمة“، مجلة السياسة الدولية، 26/10/2015.
  2. إيمان رجب، “تحديات السياسة الخارجية لموسكو في الشرق الأوسط” ، المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، 6/9/2014

http://rcssmideast.org

  1. حارث حسن، “السياسة الأمريكية تجاه تنظيم داعش”، سياسات عربية، العدد 16 سبتمبر 2015م.
  2. حسين العودات، “التدخل الروسي والتسوية في سوريا”، السياسة الدولية، 24/10/2015م.

http://www.siyassa.org.eg

  1. دانيال بيمان، “المأزق الأمريكي: ستة خيارات سيئة للتعامل مع الأزمة السورية”، مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة، 11فبراير 2016م.

http://www.futurecenter.ae/study.php?study=781

  1. دلال محمود، “مقومات مفقودة: معضلات “الدولة القائد” في النظم الإقليمية والدولية”، مجلة السياسة الدولية،3/6/2014م.

http://www.siyassa.org.eg/

  1. دلال محمود، هل تعيد القوة العسكرية روسيا قطباً عالمياً؟، مجلة السياسة الدولية، 10/1/2015

http://www.siyassa.org.eg/

  1. سامح راشد، “لا سياسة” أوباما في الشرق الأوسط،” مجلة السياسة الدولية، 3مايو 2015م.

http://www.siyassa.org.eg/

  1. سارة خليل، “الشرق الأوسط عام 2020م..رؤية استشرافية لمسارات المنطقة” السياسة الدولية.

http://www.siyassa.org.eg/

  1. سامي السلامي، “التدخل الروسي في سوريا وجهاديو القوقاز..أبعاد متداخلة”، مجلة السياسة الدولية، 15أكتوبر 2015م.

http://www.siyassa.org.eg

  1. صابر رمضان، “قراءة في مستقبل النظام الدولي : الولايات المتحدة والقوى الصاعدة : نزاع أم شراكة؟”، دنيا الوطن، 20/10/2015م.
  1. عزت سعيد السيد، “السياسة الروسية وأمن الشرق الأوسط.. بين الإرهاب وإيران”، مجلة السياسة الدولية.

http://www.siyassa.org.eg

  1. على الدين هلال، “تجدد الأهمية: في نقد أطروحة تراجع الشرق الأوسط”، مجلة السياسة الدولية،31/12/2015م.

http://www.siyassa.org.eg/

  1. غريغوري غرس، ندوة بعنوان“السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط: سنة أوباما الأخيرة والنظرة للمستقبل”، مركز بروكنجز، الدوحة، 20أكتوبر 2015م.

http://www.brookings.edu/ar/events/2015/10/20-us-policy-middle-east

  1. مالك عوني، “ما بعد التفكك: هل انتهت صلاحية الشرق الأوسط ؟”، السياسة الدولية، 5يناير 2016م.

http://www.siyassa.org.eg /

  1. مايسة محمد مدني، “التدخل الروسي في الأزمة السورية”، مجلة كلية الإقتصاد العلمية، العدد4، يناير 2014م.
  2. مجموعة باحثين مركز المستقبل، “الشرق الأوسط 2016م: اتجاهات من الفوضى إلى احتواء الأزمات”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 12فبراير 2016م.

http://www.futurecenter.ae /

  1. مجموعة باحثين،“الإستراتيجية الروسية العسكرية الجديدة في الشرق الأوسط”، البوابة العربية.
  2. محمد زين العابدين احمد موسى، “العلاقات الخليجية الروسية”، مركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط، 23/12/2015م.

http://www.beirutme.com/

  1. محمد كمال، “السياسة الأمريكية والشرق االوسط … حدود الإستمرارية والتغيير، السياسة الدولية، 30/12/2015م.

http://www.siyassa.org.eg/

  1. محمد مجدان، “سياسة روسيا الخارجية اليوم: البحث عن دور عالمي مؤثر”، المجلة العربية للعلوم السياسية.
  2. محمود الريماوي، “ماذا سيضيف تعاظم الوجود الروسي في سوريا“، السياسة الدولية، 21/9/2015.

http://www.siyassa.org.eg/

  1. مصطفى أحمد النعمان،”الصين تقرع أبواب الشرق الأوسط.. السياسة تواكب الإقتصاد“، السياسة الدولية،25/1/2016م.

http://www.siyassa.org.eg/

  1. مصطفى علوي، “روسيا وأمريكا في سوريا والعراق .. صفقة غير معلنة“، مجلة السياسة الدولية، 31/1/2016.
  2. مي غيث، “التدخل الروسي في سوريا: الأبعاد والسيناريوهات”، المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية، 25/11/2015م.

http://www.eipss-eg.org/

  1. نادية سعد الدين، “الارتباك الاستراتيجي: اقترابات القوي الكبري في منطقة الشرق الأوسط” ،السياسة الدولية ، 11فبراير 2016م.

http://www.siyassa.org.eg

  1. نورهان الشيخ، “السياسة الروسية تجاه الشرق الأوسط: هل تتجه روسيا إلي مزيد من الانخراط في أزمات المنطقة؟”، مجلة السياسة الدولية، 30/12/2015

http://www.siyassa.org.eg

  1. وحيد عبدالمجيد، “روسيا و سوريا المفيدة”، السياسة الدولية، 23/9/2015.

http://www.siyassa.org.eg

  1. وئام شاكر غني عطره،”الاحلاف الغربية في الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الثانية 1953-1955م”، جامعة بنداد، كلية التربية، 2015م
  2. ويليام رو، “المرشحون الأمريكيون وسجال الشرق الأوسط”، السياسة الدولية، 3/1/2016م.

http://www.siyassa.org.eg/

  1. يوسف مكي، “حول الإنسحاب الروسي من سوريا”، مجلة السياسة الدولية، 22/6/2016م.

http://www.siyassa.org.eg

ثالثاً: الرسائل العلمية:

  1. أحمد سالم محمد أبوصلاح، “السياسة الروسية والأمريكية تجاه الأزمة السورية وأثرها على النظام الدولي والأمن الإقليمي”، رسالة دكتوراة، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2016م.
  1. أحمد سليم عبدالله، “دور السياسة الأمريكية في التحولات الديمقراطية في المنطقة العربية (2001/2013)”، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2013م.
  1. أحمد محمد متولي مسلم، “تأثير الصعود الروسي على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط: دراسة حالة الأزمة السورية”، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2015م.
  1. حسن رزق سلمان عبدو، “النظام العالمي ومستقبل سيادة الدولية في الشرق الأوسط”، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر-غزة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2010م.
  1. خديجة لعريبي،”السياسة الخارجية الروسية تجاه منطقة الشرق الأوسط بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م”، رسالة ماجستير، جامعة محمد خضيرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2013م.
  1. خديجة محجوب محمد صالح،”النفط كمحدد للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط: من الحظر النفطي 1973م حتى حرب الخليج الثانية”، رسالة ماجستير، جامعة الخرطوم، كلية الدراسات الإقتصادية والإجتماعية.
  1. علي فايز يوسف، “توازن القوى وأثره في الشرق الأوسط بعد الإحتلال الأمريكي للعراق 2003م-2011م”، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2011م.
  1. لبنى خميس محمد طالب الربيعي، “التوازن الإستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط”، رسالة دكتوراه، جامعة النهرين، كلية العلوم السياسية،2009م.
  1. محمد عربي لادمي، “التنافس التركي الإيراني على مناطق النفوذ في الشرق الأوسط 1996م – 2014م”، رسالة ماجستير، جامعة محمد خضير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2014م.
  1. محمود خليفة جودة محمد، “أبعاد الصعود الروسي في النظام الدولي وتداعياته 2000م-2013م“، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2015م.
  1. نجاة مدوخ، “السياسة الخارجية الروسية تجاه منطقة الشرق الأوسط في ظل التحولات الراهنة (دراسة حالة سوريا 2010/2014)” رسالة ماجستير، جامعة محمد خضير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2014م.

رابعاً: مصادر أخرى:

المواقع الإليكترونية:

  1. جوناثان ماركوس، “خمسة تحديات تواجه أوباما في الشرق الأوسط عام 2015″، بي بي سي عربي، 8يناير 2015.

http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2015/01/150107_obama_middle_east_battlegrounds

  1. حسام إبراهيم، “السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط بعد الإتفاق النووي مع إيران”، المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، 5/9/2015م.

http://www.rcssmideast.org/Article

  1. راندا موسى، “العلاقات العربية الروسية ما بعد الربيع العربي”، مجلة رؤية تركيا، مارس 2013م.

http://rouyaturkiyyah.com/

  1. زياد عبدالرحمن علي،”الإقليم العالمي قراءة تحليلية لإعادة هندسة الشرق الأوسط جيوستراتيجياً”، مجلة الحوار المتمدن، 14/1/2014م.

http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=395753&r=0

  1. سيف الدين حمدان، “أوباما يصف روسيا بأنها قوة إقليمية”، جريدة رويترز، 25/3/2014م.

http://ara.reuters.com/

  1. شادي علاءالدين، “الحشد الروسي في المنطقة..استعراض أسلحة”، جريدة العرب، العدد 10154، 14/1/2016م.

http://www.alarab.co.uk/?id=70609

  1. غيث حدادين، “خمسة أسباب وراء دعم بوتين نظام الأسد”، مجلة الحياة، 11/2/2016م.

http://www.alhayat.com/

  1. فتحي أحمد،” الشرق الاوسط واهميته الاقتصادية والجيوبوليتيكية”، مدونة عرب تايم، 1/12/2010م

http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?ArticleID=20263

  1. صفاء عبدالوهاب علي، “الإستراتيجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط”، مجلة شؤون عربية، عدد 165

http://www.arabaffairsonline.org/article?p=88

  1. محمود حمدي أبوالقاسم، “تداعيات خطرة: أبعاد التدخل الروسي في سوريا“، المركز العربي للبحوث والدراسات، 18/11/2015م.

http://www.acrseg.org/39596

  1. نبيل سرور، ” الصراع على النفـط والغـاز وأهمية منطقـة الشـرق الأوسط الإستراتيجية”، جريدة الدفاع الوطني اللبناني، العدد 96، إبريل 2016م.

http://www.lebarmy.gov.lb/

المراجع الأجنبية:

  1. Blank, J.S.(2014). Russian Strategy and Policy in the Middle East. Israel Journal of foreign Affairs, VIII : 2.
  2. Gutman, R (2016 May 6). The Obama administration prefers not to notice that its diplomatic strategy in Syria has fallen apart. Foreign policy,

http://foreignpolicy.com/2016/05/06/america-is-silent-as-aleppo-is-massacred/?wp_login_redirect=0

  1. Katz, N.M (2015 May). Conflicting aims, limited means: Russia in the Middle East, POLIC Y BRIEF , N 201.
  2. Stepanova, E.S (2006, December). Russia’s Middle East Policy, old division or new?. Institute of World Economy and International Relations, Moscow, PONARS Policy Memo No. 429.
  3. Slim, R (2016 March 18). The Kremlin isn’t withdrawing from the war-torn country, it’s hoping to translate its recent gains into a diplomatic victory. Foreign policy ,

http://foreignpolicy.com/2016/03/18/putins-master-plan-for-syria-assad-isis-russia-peace-deal/

1إيمان رجب، “تحديات السياسة الخارجية لموسكو في الشرق الأوسط “، المركز الأقليمي للدراسات الإستراتيجية، 9/6/2014

http://rcssmideast.org

[2] خديجة لعريبي،”السياسة الخارجية الروسية تجاه منطقة الشرق الأوسط بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م”، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خضيرة، 2013م.

[3]نجاة مدوخ، “السياسة الخارجية الروسية تجاه منطقة الشرق الأوسط في ظل التحولات الراهنة (دراسة حالة سوريا 2010/2014)” رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خضير، 2014م.

[4]غريغوري غرس، ندوة بعنوان“السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط: سنة أوباما الأخيرة والنظرة للمستقبل”، مركز بروكنجز، الدوحة، 20أكتوبر 2015م،

http://www.brookings.edu/ar/events/2015/10/20-us-policy-middle-east

[5]مالك عوني، “ما بعد التفكك: هل انتهت صلاحية الشرق الأوسط ؟”، السياسة الدولية، 5يناير 2016م.

http://www.siyassa.org.eg/

[6]مجموعة باحثين مركز المستقبل، “الشرق الأوسط 2016م: اتجاهات من الفوضى إلى احتواء الأزمات”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 12فبراير 2016م.

http://www.futurecenter.ae /

[7]نادية سعد الدين، “الارتباك الاستراتيجي: اقترابات القوي الكبري في منطقة الشرق الأوسط” ،السياسة الدولية” ، 11فبراير 2016م.

http://www.siyassa.org.eg/

 8 دلال محمود، “محاضرات غير منشورة”، 2016م.

[9]خديجة لعريبي، مرجع سابق.

[10] على فايز سيف، “”توازن القوى وأثره في الشرق الأوسط بعد الإحتلال الأمريكي للعراق 2003م-2011م”، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2011م ، ص18.

[11]خديجة لعريبي، مرجع سابق ص111.

[12] خديجة محجوب محمد صالح،“النفط كمحدد للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط: من الحظر النفطي 1973م حتى حرب الخليج الثانية”، رسالة ماجستير، جامعة الخرطوم، كلية الدراسات الإقتصادية والإجتماعية ص15.

[13]محمد عربي لادمي،“التنافس التركي-الإيراني على مناطق النفوذ في منطقة الشرق الأوسط 1996م-2014م”، رسالة ماجستير، جامعة محمد خيضر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2014م،ص61.

[14]خديجة محجوب محمد صالح، مرجع سابق

[15]علي فايز يوسف، مرجع سابق، ص20.

[16]فتحي أحمد،” الشرق الاوسط واهميته الاقتصادية والجيوبوليتيكية”، مدونة عرب تايم، 1/12/2010م

http://www.arabtimes.com

[17]وئام شاكر غني عطره،“الاحلاف الغربية في الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الثانية 1953-1955م”، جامعة بنداد، كلية التربية، 2015م، ص2.

[18]فتحي أحمد،مرجع سابق.

[19]محمد عربي لادمي، مرجع سابق، ص73.

[20]زياد عبدالرحمن علي،“الإقليم العالمي قراءة تحليلية لإعادة هندسة الشرق الأوسط جيوستراتيجياً”، مجلة الحوار المتمدن، 14/1/2014م

http://www.m.ahewar.org

[21]محمد عربي لادمي، “التنافس التركي الإيراني على مناطق النفوذ في الشرق الأوسط 1996م – 2014م”، رسالة ماجستير، جامعة محمد خضير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2014

[22]أحمد سالم محمد أبوصلاح، “السياسة الروسية والأمريكية تجاه الأزمة السورية وأثرها على النظام الدولي والأمن الإقليمي”، رسالة دكتوراة، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2011م، ص47.

[23] أحمد محمد متولي مسلم، “تأثير الصعود الروسي على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط: دراسة حالة الأزمة السورية”، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2015م، ص76.

[24]هدير عبدالمقصود، “أمريكا وروسيا والصين في الشرق الأوسط.. التحالفات والنزاعات”، السياسية الدولية، 29/2/2016م.

http://www.siyassa.org.eg

[25]خديجة لعريبي، مرجع سابق،

[26]خديجة لعريبي، مرجع سابق.

[27]أحمد محمد متولي، مرجع سابق،

[28]وحيد عبدالمجيد، “روسيا و سوريا المفيدة”، السياسة الدولية، 23/9/2015.

29 يوسف مكي، “حول الإنسحاب الروسي من سوريا”، مجلة السياسة الدولية، 22/6/2016م.

http://www.siyassa.org.eg

[30]مايسة محمد مدني، “التدخل الروسي في الأزمة السورية”، مجلة كلية الإقتصاد العلمية، العدد4، يناير 2014م.

[31]مي غيث، “التدخل الروسي في سوريا: الأبعاد والسيناريوهات”، المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية، 25/11/2015م.

http://www.eipss-eg.org

[32]غيث حدادين، “خمسة أسباب وراء دعم بوتين نظام الأسد”، مجلة الحياة، 11/2/2016م.

http://www.alhayat.com/

[33] أحمد سالم محمد أبوصلاح، “السياسة الروسية والأمريكية تجاه الأزمة السورية وأثرها على النظام الدولي والأمن الإقليمي”، رسالة دكتوراة، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2016م، ص41،42.

[34]محمود حمدي أبوالقاسم، “تداعيات خطرة: أبعاد التدخل الروسي في سوريا”، المركز العربي للبحوث والدراسات، 18/11/2015م. http://www.acrseg.org/39596

[35]مي غيث، مرجع سابق.

[36]مايسة محمد مدني، مرجع سابق، ص193.

[37] أمين بن مسعود “العقل الإستراتيجي الروسي والقوة الناعمة”، السياسة الدولية، 26/10/2015.

[38] عزت سعد السيد،“السياسة الروسية وأمن الشرق الأوسطبين الإرهاب وإيران”،السياسة الدولية، 25/6/2015.

[39]مايسة محمد مدني، “التدخل الروسي في الأزمة السورية”، مجلة كلية الإقتصاد العلمية، العدد4، يناير 2014م، ص211.

[40]مايسة مدني، مرجع سابق،ص213.

[41]خديجة لعريبي، مرجع سابق، ص114.

[42]راندا موسى، “العلاقات العربية الروسية ما بعد الربيع العربي”، مجلة رؤية تركيا، مارس 2013م.

http://rouyaturkiyyah.com/

[43]شادي علاءالدين، “الحشد الروسي في المنطقة..استعراض أسلحة”، جريدة العرب، العدد 10154، 14/1/2016م، ص6

http://www.alarab.co.uk/?id=70609

[44]مجموعة باحثين،“الإستراتيجية الروسية العسكرية الجديدة في الشرق الأوسط”، البوابة العربية، ص3.

[45]خديجة لعريبي، مرجع سابق،  ص117.

[46] محمد زين العابدين احمد موسى، “العلاقات الخليجية الروسية”، مركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط، 23/12/2015م.

http://www.beirutme.com/

[47]أحمد سالم محمد أبوصلاح، “السياسة الروسية والأمريكية تجاه الأزمة السورية وأثرها على النظام الدولي والأمن الإقليمي”، رسالة دكتوراة، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2016م، ص47.

[48]محمد زين العابدين احمد موسى، مرجع سابق.

[49]محمد زين العابدين احمد موسى، مرجع سابق.

[50]دلال محمود، “مقومات مفقودة: معضلات “الدولة القائد” في النظم الإقليمية والدولية”، مجلة السياسة الدولية،3/6/2014م. http://www.siyassa.org.eg/

[51]خديجة لعريبي، مرجع سابق، ص192.

[52]محمد مجدان، “سياسة روسيا الخارجية اليوم: البحث عن دور عالمي مؤثر”، المجلة العربية للعلوم السياسية، ص45.

[53]سيف الدين حمدان، “أوباما يصف روسيا بأنها قوة إقليمية”، جريدة رويترز، 25/3/2014م.

http://ara.reuters.com/

[54]دلال محمود، مرجع سابق.

[55]مصطفى أحمد النعمان،“الصين تقرع أبواب الشرق الأوسط.. السياسة تواكب الإقتصاد”، السياسة الدولية،25/1/2016م.

http://www.siyassa.org.eg

[56]صابر رمضان، “قراءة في مستقبل النظام الدولي : الولايات المتحدة والقوى الصاعدة : نزاع أم شراكة؟”، دنيا الوطن، 20/10/2015م.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى