الجماعات الاسلاميةالدراسات البحثيةالنظم السياسي

التعددية العرقية والاستقرار السياسى فى الهند  “منذ عام 2002”

اعداد الباحثة : فاطمة أسامة على أحمد – المركز الديمقراطي العربي

المقدمة

تعتبر الهند بلد التعددية العرقية والدينية واللغوية لذلك تنتشر قضايا الاقليات لعدم اندماجهم فى المجتمع وهذا يعتبر من أهم مصادر تهديد الامن القومى، وتتميز الهند بتعدد الشعوب، والاعراق، والطوائف الدينية، وتعد أهم الطوائف العرقية فى الهند: الهنود الآريون ونسبتهم 72%، يليها الدرافيدايان 25%، ثم المنغوليون والاعراق الآخرى 3% وفقا للبيانات المتاحة عام 2000[1].

أما نسب الديانات فى الهند فهى 80.5% للديانة الهندوسية، و13.4% للاسلام، و1.9% للسيخية، 0.8% للبوذية، 0.4 للجينية. وبالتالى تتعدد اللغات فنجد ان اللغة الانجليزية لغة رسمية فى الهند، أما اللغة الهندية فهى الاكثر انتشارا ويتحدث بها 41% من السكان، كما توجد أربع عشرة لغة رسمية آخرى، وذلك وفقا للاحصاءات الرسمية المتاحة لعام 2001[2].

هدف هذا البحث هو اثبات أن ظاهرة التعدد العرقى فى حد ذاتها لاتمثل خطرا على الامن القومى، بل تمثل عاملا لقوة الدولة إذا تم التعامل معها بأساليب ناجحة، كما استطاعت الهند أن تجعل من الهويات العرقية عامل قوة لوحدة الدولة على الرغم من كونه عاملا سلبيا، حيث يتم تناول فترات الانسجام بين الجماعات المختلفة وسياسات الحكومة الهندية وانعكاسها على الاستقرار السياسى.

أصبح موضوع التعددية العرقية من الموضوعات البارزة فى السياسة الهندية لذلك تسعى هذه الدراسة الى التوصل لاهم ملامح الاستقرار السياسى فى الهند ومنها: درجة العنف السياسى، نمط انتقال السلطة، آليات التحول الديمقراطى، ومدى سيادة القانون والالتزام بالقواعد الدستورية، مدى وجود مشاركة سياسية، ومدى استقرار البرلمان.

على الرغم من أن الهند استطاعت ادارة التعددية العرقية الا أنها لم تستطيع القضاء على النزاعات الطائفية والصراعات العرقية كالنزاعات التى تحدث بين الهندوس والمسلمين التى امتدت حتى الان، الهند قد مرت بفترات عدم استقرار سياسى فى عام 1977 لكثرة التعديل فى الدستور فلم يكن هناك دستور موحد ومحدد، ولكن بدء الاستقرار السياسى والوزارى الى حد ما منذ عام 1998 عندما تم اخراج دستور يتم العمل به حتى الان وبالتالي الهند لم تعرف سوى دستور واحد وهذا هو أساس البناء السياسي الديمقراطي الراسخ[3].

المشكلة البحثية

تعد مشكلة التعددية العرقية من أهم المشاكل التى تواجه الامم بصفة عامة ولكن هناك بعض الامم التى استطاعت أن تستخدم هذه المشكلة لتجعلها عامل قوة لوحدة الدولة كالهند التى نجحت فى استغلال التعددية العرقية لتحقيق الاستقرار السياسى ،وهذا الموضوع تم مباحثته من جوانب عديدة فهناك اتجاه يرى أن التعددية العرقية تمثل عامل ضعف والبعض الآخر يرى أنها تمثل عامل قوة يمكن الاستفادة منه لتحقيق الوحدة السياسية والاستقرار السياسى.

وبناءا على ماسبق تتمحور المشكلة البحثية حول دراسة العلاقة بين التعددية العرقية والاستقرار السياسى وبالتالى يكون السؤال البحثى هو الى أى مدى نجحت الهند فى توظيف العرقية لتحقيق الاستقرار السياسى؟

ويتفرع من هذا السؤال الرئيسى عددا من الاسئلة الفرعية:

  • ماهى العلاقة بين التعددية العرقية ونمط انتقال السلطة فى الدولة الهندية؟
  • كيف نجحت الهند فى ادارة التعددية العرقية لتحقيق الاستقرار السياسى؟
  • ماهى التحديات التى تواجه التجربة الهندية فى ادارة التعددية العرقية؟

أهمية الدراسة

أولا: الاهمية العملية

تأتى هذه المشكلة متزامنة مع ماحدث عام 2014 من تجدد النزاعات والاشتباكات بين الهندوس والمسلمين فى مدينة فادوداراحيث عشر أسر مسلمة على الأقل فرّت من مساكنها في مدينة أغرا الهندية التى تقع في شمال ولاية أتر برديش الهندية جنوب العاصمة نيودلهي خوفًا من قيام الهندوس بتحويل ديانتها قسرًا، وذلك عقب تحول أفراد 57 أسرة من الإسلام إلى الهندوسية رغم إرادتهم [4].

لم يحث مشاكل طائفية بعد عام 2014 وسوف نتناول سبب عدم حدوث مشاكل طائفية عن طريق دراسة كيفية ادارة الحكومة الهندية للتعددية، وهذه الدراسة مختلفة عن ماقبلها لأنها تدرس التعددية العرقية كعامل قوة وليس كعامل ضعف ومدى مساهمة التعددية العرقية فى تحقيق الاستقرار السياسى فى الهند.

ثانيا: الاهمية النظرية

يمكن لهذا الموضوع أن يضيف بعض التعريفات والمفاهيم الجديدة التى تضفى على الموضوع أهمية كبيرة، ومن أهم هذه المفاهيم مفهوم التعددية العرقية، ومفهوم الاستقرار السياسى وبعض المفاهيم الاقتصادية الآخرى التى نستخدمها كمؤشرات لمعرفة مدى وجود الاستقرار السياسى فى الهند كالفقر والتعليم والبطالة000 الخ.

نطاق الدراسة

الاطار المكانى : دولة الهند التى تقع جنوب أسيا

الاطار الزمانى: تبدء فترة الدراسة من عام 2002 لأن فى فبراير 2002 فى ولاية جوجارات غرب الهند اندلعت أعمال عنف فى ظل وصول حزب الشعب الهندوسى للحكم حيث تم احراق عربة قطار مكدسة بالحجاج الهندوس العائدين من أيودا وقام حزب الشعب الهندوسى باتهام المسلمين بالقيام بالحادث[5].

وفى عام 2014 تجددت الاشتباكات بين الهندوس والمسلمين حيث نجح الحزب الوطنى الهندوسى فى الوصول للحكم بحصوله على 282 مقعد وهذا يعني تشكيله الحكومة الهندية بمفرده للمرة الأولى ،ما يعني إمكانية تطبيق طموحاته التي ينطوي بعضها على إشكالات دينية وقومية ،مما أدى الى تأزم المشاكل الطائفية مرة آخرى.

الاطار المجالى: ينتمى الى حقل النظم السياسية

الادبيات السابقة

يمكن التمييز بين الدراسات السابقة من خلال ثلاثة محاور:

  • المحور الاول: طبيعة التعددية فى الهند.
  • المحور الثانى: طبيعة الاستقرار السياسى فى الهند.
  • المحور الثالث: أثر التعددية العرقية على الاستقرار السياسى فى الهند.

المحور الاول: طبيعة التعددية فى الهند:

توجد فى هذا الصدد دراسات عدة من أبرزها:

  • دراسة” القيم الاسيوية”: هناك فصل فى هذا الكتاب يدرس قيم الثقافة الهندوسية والتنمية فى الهند حيث يتناول العديد من النزاعات الطائفية ، ويذكر أيضا اندلاع أعمال العنف فى ولاية جوجارات غرب الهند فى فبراير 2002 فى ظل وصول حزب الشعب الهندوسى المسلمين للحكم ، ويتحدث أيضا على بعض القيم الاسيوية الموجودة فى الهند كالتسامح، وقضايا المراءة، والتعليم وغيرها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية[6].
  • دراسة “الاطلس الاسيوى”: هناك فصل فى هذا الكتاب يبحث ويدرس الجمهورية الهندية ، ويدرس أيضا المشكلات السياسية التى تواجه الهند ويذكر أن من أهم المشكلات التى تواجه الهند هى مشكلة الصراعات العرقية والمذهبية، ومعاناة الهند من الاغتيالات السياسية كاغتيال بعض زعماء الهند كغاندى ، وتتحدث أيضا عن الصراعات بين الهندوس والسيخ، والصراعات بين الهندوس والمسلمين، هذه الدراسة تتناول المشاكل الطائفية فقط بصرف النظر عن علاقة هذه المشكلة بعملية الاستقرار السياسى لذلك تأتى هذه الدراسة لاستكمال مالم يتم تناوله فى الاطلس الاسيوي[7].
  • دراسة “فقه الاقليات المسلمة”:يتحدث هذا الكتاب عن الاقليات بصفة عامة وفقه الاقليات ومفهومها فى القران ثم يتحدث عن الاقليات المسلمة فى الغرب واوروبا الشرقية ومنها الاقليات المسلمة فى الهند وكيفية انتشار الاسلامفى الهند حيث انتشر عن طريق التجارة بين مسلمى الجزيرة العربية ثم بين سكان الساحل الغربى ثم بين شبه القارة الهندية [8].

المحور الثانى: طبيعة الاستقرار السياسى فى الهند:

توجد فى هذا الصدد دراسات عدة من بينها:

 دراسة”تأثير التحول الديمقراطى على الاستقرار السياسى فى الجزائر (1991-2007)”

تقوم هذه الدراسة بالتركيز على مفهوم الاستقرار السياسى وأشار أن مفهوم الاستقرار السياسى لم يتم التوافق على تعريف محدد له، ويشير أيضا لبعض مؤشرات الاستقرار السياسى كالغياب النسبى للعنف والاضطرابات ، ويميز بين اتجاهين لمعرفة طبيعة الاستقرار السياسى ، كما تقوم الدراسة بتوضيح العلاقة بين التحول الديمقراطى والاستقرار السياسى، حيث تم استخدام منهج تحليل النظم لابراز الطابع الحركى للنظام السياسى[9].

-دراسة “الهند زلزال سياسى يعيد المؤتمر للسلطة”

هذه الدراسة تتحدث عن النظام الحزبى والنظام الانتخابى وتوضح مدى وجود التعددية الحزبية منذ عام 1999، وهذه التعددية تدل على وجود ديمقراطية وهذه الديمقراطية تدل على وجود استقرار سياسى، وقد تستفيد الباحثة من هذا الموضوع معرفة مدى التعدد الحزبى الذى يعتبر من مؤشرات الديمقراطية التى تؤدى الى وجود استقرار مؤسسى ودستورى[10].

المحور الثالث: أثر التعددية العرقية على الاستقرار السياسى فى الهند:

توجد فى هذا الصدد دراسات عدة ومن بينها:

  • دراسة”التعددية العرقية والاستقرار السياسى فى الهند منذ الاستقلال“:

هذه الدراسة تقوم بالبحث عن العلاقة بين التعددية العرقية والاستقرار السياسى فى الهند، وتهدف الى التعرف على طبيعة النظام السياسى الهندى ،ومعرفة أسباب وأبعاد الظاهرة العرقية ،وتوضيح سياسات واستراتيجيات ادارة الدولة الهندية للتعددية العرقية ، ويتناول أهم ملامح الاستقرار السياسى فى الهند،هذه الدراسة تستخدم منهج الثقافة السياسية، ولكن يعيب على هذه الدراسة أنها تستخدم فترة زمنية قديمة،لذلك هذا البحث يختلف عنه لانه يستخدم فترة زمنية حديثة ويستخدم منهج تحليل النظم[11].

  • دراسة “ الاقليات والاستقرار السياسى فى الوطن العربى“:

تؤكد هذه الدراسة على مدى ارتباط قضية الاقليات بظاهرة الاستقرار السياسى، ويتناول أيضا التعريف بظاهرة الاقليات من زاوية القانون الدولى، كما أنه يوضح ظاهرة الاستقرار السياسى ويرى أنها مرتبطة ببعض القضايا الآخرى كقضيتى التنمية والشرعية، ويرى أن التجانس الثقافى بأبعاده المختلفة من أهم ركائز الاستقرار السياسى، كما أنه قام بتحليل أبعاد ظاهرة عدم الاستقرار السياسى، ويفرق بين اتجاهين فى هذا الصدد أحداهما : يعتبر أن التعدد الثقافى عامل من عوامل دعم وتأكيد الاستقرار والآخر : يجعل منه عاملا من عوامل التوتر والصراع والعنف السياسى[12].

  • دراسة ” أحاديث فى اسيا”:

يدور هذا الكتاب حول رحلات هيكل لبعض دول اسيا ومنها الهند حيث دار بينه وبين أنديرا غاندى حوار ومن خلال هذا الحوار يتم التعرف على السياسات الهندية داخل المجتمع الهندى، ومن اهم هذه السياسات هى سياسة عدم الانحياز وهى تعنى عدم الانحياز لهذا الطرف الدولى أو ذلك الطرف الدولى الاخر ولكن ان تاخذ فى كل قضية عالمية رايا يتفق مع مبادئك وهذه سياسة لاتتغير، ويوضح ايضا الكتاب عن رؤية الهند لنفسها حيث ترى أديرا غاندى ان الهند تتقدم حتى اذا كان ذلك ببطء وترى نفسها ان لها دور جغرافيا وتاريخيا فى اسيا وليس فقط دور الصين واليابان وترى ان السبب فى عدم شهرة الهند انها ليست قوة نووية كالصين واليابان وترى ان الهند تستطيع فعل ذلك ولكن ترى ان هذا السلاح لايمكن استخدامه وبالتالى تعتبر تكلفة بدون اى داعى[13].

تستفيد الباحثة من هذه الدراسة عن طريق التعرف على المجتمع الهندى والتعرف على رؤية الهند لنفسها وسياسة عدم الانحياز حيث ان هذه السياسة ساعدت على تقدم الهند .

  • دراسة”الهند..مقومات الصعود وتحولات السياسة الخارجية“:

تركز هذه الدراسة على تحليل مقومات الصعود الهندى منذ عام 1991بما يتضمنه من فرص وقيود من خلال تحليل الادراك الرسمى والشعبى داخل الهند لمكانتها الدولية، وتحليل مقومات الصعود الهندى فى النظام الدولى من خلال دراسة موارد القوة الصلبة وموارد القوة الناعمة، وتحليل انعكاسات مقومات الصعود على السياسة الخارجية[14].

استفادت الباحثة من هذه الدراسة فى التعرف على الاستقرار السياسى فى الهند من خلال مؤشرات اقتصادية ومواردها الذاتية.

الاطار النظرى

تعتمد هذه الدراسة على مفهوم العرقية ومفهوم الاستقرار السياسى، تتعدد التعريفات المقدمة لمفهوم التعددية، فيذهب معجم المصطلحات الاجتماعية إلى أن التعددية تعني:”تعدد أشكال الروح الاجتماعية في نطاق كل جماعة، وتعدد الجماعات داخل المجتمع وتعدد الجماعات نفسها”[15]

أما معجم المصطلحات السياسية فيعرف التعددية على أنها” من الناحية الاجتماعية تعني وجود مؤسسات وجماعات غير متجانسة في المجتمع المعاصر يكون لها اهتمامات دينية واقتصادية وإثنية وثقافية متنوعة، والتعددية من الناحية السياسية تصف مجتمعاً تكون القوة فيه موزعة بصورة واسعة على جماعات متعددة مرتبة في أنماط متنوعة للصراع أو المنافسة أو التعاون[16].

ويمكن تعريف مفهوم العرقية على أنه”مجموعة من البشر يشتركون فى عدد من الصفات الجسمانية أو الفيزيائية على فرض أنهم يمتلكون موروثات جينية واحدة”[17].

ويمكن القول أن الاستقرار السياسى هو حالة لنظام سياسى مايتسم بثبات نسبى فى العلاقة بين عناصره ومكوناته، ولمصطلح الاستقرار عدة معان فقد يشير الى نمط من الحكومات لايشهد الا تغييرات محدودة فى المناصب القيادية، والى استمرار القواعد الدستورية لفترات زمنية طويلة،أو قد يشير الى الغياب النسبى للعنف والاضطرابات[18].

وينبثق عن مفهوم الاستقرار السياسى مفهوم اخر وهو مفهوم العنف السياسى حيث يتم تعريفه وفقا لموسوعة العلوم السياسية”يشير الى الاعمال العنيفة-أى التى تتضمن استخداما للقسر أو العنف أو الاجبار من جانب قوى المجتمع ضد الدولة أو من جانب الدولة ضد المجتمع المدنى أو ضد نفسها، ويكون من شأن هذه الافعال زيادة قلق الفرد على نفسه وبلده، ومن اكثر اشكال العنف شيوعا هى الاضطراب، والتامر، والتمرد، والثورة”[19].

كما أن يمكن تعريف مفهوم الاستقرار السياسى من خلال مؤشرات هى: درجة العنف السياسى، ونمط انتقال السلطة، ومدى تطبيق الديمقراطية، نطاق المشاركة السياسية مدى سيادة القانون،مدى استمرارية القواعد الدستورية،درجة وجود الاضرابات والمظاهرات والانقلابات العسكرية[20]

منهج الدراسة

تستخدم الباحثة منهج تحليل النظم لانه المنهج الاكثر ملائمة لابراز الطابع الحركى للنظام السياسى، حيث أنه يؤكد على التفاعل بين النظام والبيئة، فأنه سوف يتمثل فى تحليل بيئة التعددية العرقية وبيئة الاستقرا ر السياسى بمدخلاتهم الداخلية والخارجية.

عرف ايستون النظام السياسى بأنه التفاعلات التى تتعلق بالتخصيص السلطوى للقيم فى المجتمع، أى بتوزيع الموارد بموجب قرارات ينصاع لها الافراد، وقدم اطارا لتحليل النظام السياسى تبدأ بالمدخلات وتنتهى بالمخرجات مع القيام عملية التغذية الاسترجاعية التى تربط بين المدخلات والمخرجات[21].

مقولات المنهج:

  • يعتبر مفهوم وحدة التحليل والنظام هو التفاعل بين وحدات معينة، انه مجموعة من العناصر المترابطة والمتفاعلة، النظام بهذا المعنى له تطبيقاته الكثيرة السياسية وغير السياسية [22].
  • النظام السياسى باعتباره شبكة من التفاعلات السياسية لايحيا فى فراغ ، بل أنه يعيش فى بيئة أو محيط مادى وغير مادى يتفاعل معه أخذا وعطاءا، أى يؤثر فيه ويتأثر به[23].
  • ان التفاعل سواء فيما بين الوحدات المكونة للنظام، أو بين النظام ومحيطه يصل الى درجة الاعتماد المتبادل، بمعنى أن أفعال وحدة ماتؤثر على باقى الوحدات،وأن أفعال النظام تؤثر فى البيئة وأن التغير فى البيئة يؤثر على النظام[24].
  • ان المثل الاعلى أو الغاية النهائية لاى نظام هى البقاء والاستمرار، فالنظام السياسى على أى مستوى يعمل على النحو الذى يضمن استمرار وجوده،بيد ان الاستقرار لاينفى التغير، ولكن التغير ينظر اليه كمرادف للتكيف، بمعنى قدرة النظام على الاقلمة للتغيرات البيئية باجراء تغييرات جزئية فى الهياكل السياسية[25].

وقد قدم ايستون اطارا لتحليل النظام السياسى يرى فيه دائرة متكاملة ذات طابع ديناميكى تبدأ بالمدخلات وتنتهى بالمخرجات، مع قيام تغذية استرجاعية  تربط بين المدخلات والمخرحات، وهكذا يتكون النظام السياسى لدى ايستون من العناصر التالية:

  • المدخلات: وهى الضغوط والتأثيرات التى يتعرض لها النظام، تنبع من البيئة ومن داخل النظام نفسه، مع تقسيم هذه المدخلات الى المطالب والمساندة.
  • عملية التحويل : وهى تشير الى استيعاب المطالب فى أبنية النظام.
  • المخرجات: وهى تمثل استجابة النظام للمطالب الفعلية أو المتوقعة ، وهى قد تكون ايجابية أو سلبية أو رمزية.
  • التغذية الاسترجاعية: وهى تشير الى تدفق المعلومات من البيئة الى النظام عن نتائج أفعاله، وهى بهذا المعنى تربط المدخلات بالمخرجات فى عملية مستمرة[26].

حيث يرى ديفيد ايستون أن سبب عدم الاستقرار هو اتساع الفجوة بين المطالب واستجابة النظام السياسى لهذه الاحتياجات مما يؤدى الى تراجع تأييد النظام وتآكل الشرعية السياسية للنظام.

هذا المنهج يعتبر المنهج الاكثر ملائمة لهذا الموضوع  لانه يقسمه الى مدخلات (التعددية العرقية)، ومخرجات(الاستقرار السياسى)، والتغذية العكسية(التفاعل بين التعددية العرقية والاستقرار السياسى)مما يسهل على الباحثة تصنيف الموضوع وبحثه من جوانب عدة.

يتم تطبيق هذا الاقتراب على الدراسة محل البحث عن طريق تقسيم الدراسة الى مفهوم التعددية العرقية ومؤشراتها، ومفهوم الاستقرار السياسى ومؤشراته ، والتفاعل بين هذة الؤشرات لمعرفة العلاقة بين التعددية العرقية والاستقرار السياسى.

الصعوبات المتعلقة بالموضوع

تخللت الدراسة مجموعة من الصعوبات:

  • تشعب الرؤى نحو موضوع الطائفية وأثرها على الاستقرار السياسى.
  • عدم توافر مراجع كثيرة عن جمهورية الهند.

تقسيم الدراسة

الفصل الاول: مفهوم التعددية العرقية فى الهند

  • المبحث الاول: تعريف التعددية الثقافية والطائفية والدينية
  • المبحث الثانى: التعددية الحزبية فى الهند

الفصل الثانى : طبيعة الاستقرار السياسى فى الهند

  • المبحث الاول: الاطار النظرى للاستقرار السياسى
  • المبحث الثانى: نمط انتقال السلطة والنظام الحزبى
  • المبحث الثالث: درجة العنف السياسى والاضرابات والمظاهرات فى الهند

الفصل الثالث: العلاقة بين التعددية العرقية والاستقرار السياسى فى الهند

  • المبحث الاول: سياسات الهند فى ادارة التعددية العرقية
  • المبحث الثانى:التعددية العرقية والتنظيمات الاجتماعية

 

الفصل الاول:مفهوم التعددية العرقية فى الهند

التنوع لا يقتصر على الجانب العرقي والأصول الإثنية لسكان الهند، بل يتعداه إلى التعدد اللغوي حيث بلغت عدد اللغات الى 400 لغة، كما أن المشهد الديني حافل هو الآخر بالتعدد والاختلاف بحيث تضم الهند جميع الديانات الكبرى المتواجدة في العالم مثل الإسلام والمسيحية والهندوسية والبوذية، فيما يتعلق بالإسلام تضم الهند أكبر عدد من المسلمين بعد إندونيسيا.

  وبالتالى يتم تقسيم الفصل الاول الى:

  • المبحث الاول: تعريف التعددية الثقافية والطائفية والدينية فى الهند.
  • المبحث الثانى: التعددية الحزبية فى الهند.

المبحث الاول: تعريف التعددية الثقافية والطائفية والدينية

تعد المشاكل العرقية فى الهند قديمة قدم نشأة الطوائف وتتسم بالعنف، ولكن منذ أوائل الثمانينات تتطورت الصراعات بوازع سياسى أكثر من كونه دينى وبذلك شهدت الهند أعمال عنف منظمة من قبل جماعات سياسية واقتصادية،وتستغل العنف الدينى والعرقى لتغطية أفعالها، وبذلك أصبحت سياسات الهوية موضوعا بارزا فى السياسة الهندية .

ورغم هذا التنوع في المعتقد الديني يعيش الهنود من جميع الديانات في استقرارلا يعكر هذا الاستقرارسوى بعض الحوادث المتفرقة والنادرة، ولكنه لم تفلح في ضرب التعايش السلمي بين أتباع الديانات المتنوعة، ولا مس بقيم التسامح التي تكفل للجميع احترام معتقدات الآخر.

فى هذا الجزء يتم التركيز على أهم الطوائف فى الهند، التعددية العرقية الهندية وأنماط الاقليات فى الهند ومسلمو الهند بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 والحملة العالمية ضد الارهاب، بالاضافة الى التركيز على أعمال العنف الطائفى .

أهم الطوائف فى الهند:

1-الدرافيديون
وهم أقدم الشعوب التي سكنت شبه القارة الهندية، والذين من المحتمل أن يكونوا من شعوب البحر المتوسط من ذوي البشرة السمراء، وجاؤوا إلى الهند من شمالها الغربي، وأسسوا حضارة مدنية في وادي نهر السند، ازدهرت حوالي عام 2500 قبل الميلاد، ويعتبر الدرافيديون ثاني أكبر عرقيات الهند من حيث العدد، حيث يصل عددهم إلى 257.5 مليون بما يمثل 25% من سكان الهند ويسكن معظمهم في جنوبي الهند[27].

2– الهنود الاريون

توجد ثغرة واسعة بين عصر الدرافيديون، والعصر الذي وصلت فيه القبائل الهندية – الآرية إلى الهند عن طريق البنجاب عام 1500 ق.م، وجاءت هذه القبائل على الأرجح من المناطق الجنوبية من روسيا الحالية، وسكنت الهند، وكانت مميزة عن الشعوب التي كانت تسكن الهند أصلا بلون بشرتها الفاتح، وتنظيمها الاجتماعي وتقدمها من حيث استعمالها الأدوات الصناعية والزراعية، وتمكنت هذه الشعوب القادمة على مر القرون من الاستئثار ببعض أجزاء الهند الشمالية، ثم أخذوا ينتشرون جنوبا وأقاموا حضارة برهمية تشكلت فيها الأصول الأساسية للمذهب الهندوسي، ويسكن معظمهم حاليا في شمال الهند ويشكلون أكبر عرقيات الهند حيث يبلغ عددهم 741.6 مليون نسمة بما يمثل 72% من مجموع الشعب الهندي[28].

يرى فريق ان الجنس الارى اسيوى الاصل، كان يعيش فى وسط اسيا فى تركستان، ثم انتقلت اعداد كبيرة منهم الى جهتين: الى الهند عبر اوروبا او الى ايران. لكن الارجح ان الاريين من جنس اوروبى، وذلك للتشابه فى اللون والهيئة العامة. ويعتبر الاريون أهل اللغة السنكسرتية وكانوا من سكان فارس[29].

بعد ان انتصر الاريون على سكان الهند، قسموا المجتمع الى أربعة طبقات اجتماعية هى[30]:

  • الطبقة الأولىهي ( طبقة البراهمة ) : تمثل طبقة البراهمة الطبقة العليا المقدسة فى المجتمع الهندى، وبما أن البراهمة خلقوا من أشرف و أطهر عضو و هو الوجه ، فلهم إذن حقوق يمتازون بها على غيرهم من سائر الطبقات ، بل سائر المخلوقات ، لذلك فقد عهد إليهم بقراءة أسفار (( الويدا )) المقدسة و تعليمها و تفسير شرائعها و قوانينها و تقريب القربان و إدارة الضحايا إلى غير ذلك من مهام . كما جعل كل ما في العالم ملكاً لهم ، فالبرهمي – و إن سرق و اقترف الذنوب كافة – إنما يأكل من ماله ، و يلبس من ماله ، و يتصدق من ماله و غيره يعيش بفضله . و إن حضور برهمي في مجلس ما يطهر أهل المجلس جميعاً.
  • الطبقة الثانية:هى (الكشترية): هى طبقة الجنود المحاربين، وتتمثل مهمتها فى حماية الشعب والدولة وتحقيق الامن والاستقرار، ويسمح لافراد هذه الطبقة بقراءة الكتب المقدسة وتعلمها، ولايسمح لها بتعليمها للغير حتى لاتنازع حق البراهمة المقدس، ويعتبر البرهمى أبا للاكشترى وأصغر منه سنا.
  • الطبقة الثالثة: هى (الفيشيا): و هؤلاء عليهم أن يقوموا بتحصيل أرزاقهم بكدهم و جهدهم ، بما فرض عليهم من أعمال أهمها تربية الماشية، ومهمتهم الاساسية تأمين مستلزمات الحياة للبراهمة والكشترية بتقديم الضرائب لهم.
  • الطبقة الرابعة: هى (الشودرا): هم سكان أصليين للهند ولم يستسلموا الى الاريين ولم يختلطوا بهم، وتتمثل مهمتهم فى تنفيذ أوامر الكهنة وخدمتهم، وتحرم عليهم تلاوة الكتب المقدسة وزواج الطبقات الاخرى.

أهم الطوائف الدينية فى الهند

  • الهندوسية:

تعد الهندوسية من أقدم العقائد وأكثرها انتشارا واتباعا فى الهند، وترجع الى أكثر من3500عام، فهى أقرب الى التعبير عن طبيعة الحياة الهندية، وللهندوسية أثر كبير في كل مظاهر الحياة الهندية، وينتشر الهندوس في جميع الولايات الهندية حيث يصل عددهم إلى 837.4 مليون نسمة بما يمثل 81.3% من مجموع الشعب الهندي، ويسيطر الهندوس على جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية منذ استقلال الهند عن بريطانيا في 15 أغسطس/ آب 1947.[31]

ويعتقد أتباع الهندوسية انه عند حرق الاجسام بالنار تصعد الروح للملكوت، وتتخلص من غلاف الجسم باحراق اخر جزء من أجزاءه، فالبعث للاروح لا الاجساد[32] .

  • البوذية

نشأت البوذية فى الهند فى القرن الخامس قبل الميلاد على يد مؤسسها بودا، وكانت فكرة بودا عن الدين خلقية خالصة، فكان كل مايعنيه سلوك الناس، أما شعائر العبادة وماوراء الطبيعة واللاهوت فلا تستحق النظر، وانصبت وصاياه الخمس فى الا يقتلل أحد كائنا حيا، ولايأخذ أحد مالم يعطه، ولايقول أحد كذبا، ولا يشرب أحد مسكرا، ولا يقم أحد على دنس[33].

3- الجينية
الجينية هي إحدى الديانات المنتشرة في الهند، وإن كان أتباعها حتى الآن قليلين مثل البوذية، وقد قامت الجينية كما قامت البوذية في وقت ثارت فيه الطبقة المحاربة على البراهمة لاستحواذهم على جميع الامتيازات، قاموا بتقسيم الناس إلى طبقات ،و عدم الاعتراف بآلهة الهندوسية الثلاثة، وعدم الاعتراف بمسألة تناسخ الأرواح، وأهم شيء في الجينية هو الدعوة إلى تجرد الإنسان من شرور الحياة وشهواتها حتى تدخل النفس حالة من الجمود والخمود لا تشعر فيها بأي شيء مما حولها

ورغم قلة عدد أتباع هذا المذهب في الهند حاليا، حيث يمثلون أقل من 1% من مجموع السكان إلا أن معظمهم من أغنى الأغنياء وأنجح الناس في التجارة والمداولات المالية، حتى إنهم يعتبرون اليوم من الطبقة العليا اجتماعيا واقتصاديا وأسهموا إسهاما لا يستهان به في تراث الهند الثقافي والعقلي[34].

4-الاسلام

يعد مسلموا الهند أكبر أقلية اسلامية فى العالم، وقد وصل الاسلام الى الهند عام 92ه على يد محمد بن القاسم، وقد شكل المسلمون أغلبية قبل دخول الاستعمار البريطانى الهند، اتبعت بريطانيا سياسة”فرق تسد” للوقيعة بين المسلمين والهندوس[35].

ويبلغ عدد المسلمين في الهند حاليا حوالي 123.5 مليون نسمة، يمثلون 12% من سكان الهند، وينقسمون ما بين شيعة وسنة، وينتشر المسلمون في جميع أنحاء الهند لا سيما في مدن الشمال التي يمثل المسلمون ما يقرب من ثلثي سكانها. بالإضافة إلى جامو وكشمير وجزيرة لاكشاد دويب التي يمثل المسلمون نحو ثلثي سكانها، في حين يعيش ما يقرب من ربع مسلمي الهند في ولاية “أوتار براديش[36]“.

مسلمو الهند بعد أحداث 11سبتمبر 2001 حتى الآن:

يقدر عدد المسلمين في الهند بأكثر من 180 مليونا, او ما يوازي حوالي 15 % من مجمل عدد سكان هذا البلد الذي يتجاوز مليار نسمة. ويشكل مسلمو الهند اكبر اقلية دينية في الهند, وثالث اكبر جالية إسلامية في العالم بعد اندونيسيا وباكستان. وينتمي مسلمو الهند الى 4 مذاهب رئيسية هي السنة والشيعة والاحمدية والبهرة الداودية[37].

يعاني مسلمو الهند من الفقر والامية, حيث يعيش 31 % منهم تحت خط الفقر, فيما تبلغ نسبة الامية 36 % بين الرجال المسلمين, و50 % بين النساء ،ويعانى أيضا مسلمو الهند من صدور أحكام قضائية ضدهم بالقتل تحت مسمى “مواجهة الارهاب” ،مما أدى الى انعدام ثقة المسلمين فى حيادية الدولة وجهازها القضائى [38].

مارست الحكومة الهندية مدعومة من الطائفية الهندوسية أسوأ أنواع الاضطهاد ضد المسلمين في فترة انفصال باكستان عن الهند، حيث قتل ما يقارب المليون مسلم، وكانوا ضريبة لإنشاء جمهورية باكستان، كما مارست الهند الاضطهاد ضد المسلمين في كشمير، وفى نهاية الثمانينات وبداية التسعينات شهدت الهند أحداث عنف بين الطرفين فى عدة ولايات وهى : جوجارات، وأوتار براديش، وبيهار، وماديا براديش[39].

ومن أبرز المشاحنات بين الهندوس و المسلمين:

أحداث جوجارات عام 2002:

فى فبراير 2002 فى ولاية جوجارات غرب الهند اندلعت أعمال عنف فى ظل وصول حزب الشعب الهندوسى للحكم حيث تم احراق عربة قطار مكدسة بالحجاج الهندوس العائدين من أيودا وتم اتهام حزب الشعب الهندوسى المسلمين بالقيام بالحادث[40].

أحداث مسجد البابرى عام 1992:

قامت جموع من المتطرفين الهندوس تساندهم حكومة باجباى بمحاولة هدم المسجد البابرى حيث يدعى الهندوس أن المسجد بنى على أنقاض معبد الاله رام ، وعلى الرغم من صدور قرار من المحكمة العليا بعدم هدم المسجد الا أن قاموا مجموعة من المتطرفين الهندوس بهدم المسجد فأدى ذلك الى احداث عنف راح ضحيتها الى مايقرب من ألف شخص [41].

اضطهاد  الهندوس للمسلمين عام 2014:

عشر أسر مسلمة على الأقل فرّت من مساكنها في مدينة أغرا الهندية التى تقع في شمال ولاية أتر برديش الهندية جنوب العاصمة نيودلهي خوفًا من قيام الهندوس بتحويل ديانتها قسرًا، وذلك عقب تحول أفراد 57 أسرة من الإسلام إلى الهندوسية رغم إرادتهم.[42]

ولم تجتمع القوى السياسية الاسلامية والهندوسية فى مكان واحد فى الهند، فمن المستبعد أن تحقق أيا منها نجاحا سياسيا فى أى من مناطق التنظيم السياسى الطائفى للطائفة الاخرى، فلا يحتمل نجاح أى تنظيم طائفى اسلامى فى شمال وشرق الهند ككل حيث تتركز الطائفة الهندوسية[43].

5-المسيحية

يشكل المسيحيون فى الهند 2% فقط من السكان، وقد جاءت المسيحية الى الهند فى وقت مبكر قبل قرون من وصولها الى أوروبا،  ويعيشون في المناطق الحضرية ويتركزون في ولاية كيرالا، وتاميل نادوا وجياو، ويشكل المسيحيون أغلبية في ثلاث ولايات صغيرة في الشمال وهي “ناجلاند”، “ميزورام”، و”ميغالايا”، ويعتبر المسيحيون أكثر أفراد المجتمعات الدينية تقدما، ويظهر تأثير المسيحيون منهم من سكان الحضر فى الاقتصاد، فالقيم المسيحية المتأثرة بالتقاليد الاوروبية واضحة فى الاعمال والتجارة فى الهند الحضرية[44].

وبالتالى تعد الهند نموذجا رائعا يتضح من خلاله التفاعل بين التوجهات السياسية الكبرى بشأن الدين، وبالرغم من أن أكثر من 80% من مواطنيها من الهندوس لكن تعد الهند ثاني أكبر دولة تضم العدد الأكبر من المسلمين في العالم، إلى جانب وجود عدد كبير من المسيحيين ومعتنقي الديانات الأخرى،  وفقا لهذا يثار تساؤل رئيسى هو  كيف يمكن إحداث التوافق بين الاختلافات الدينية والأفكارالمتعلقة بالتمثيل السياسي؟[45].

وللاجابة على هذا التساؤل يجب معرفة دور الدولة الهندية فى السيطرة على النزاعات الطائفية وتحويلها الى تعايش سلمى يخدم سياستها، فان عملية الاصلاح السياسى بدأت خلال المرحلة الاستعمارية ثم استمرت في ظل الدستور الليبرالي للبلاد، وبسبب تلك النزاعات الطائفية فكانت لابد وان تتدخل الدولة في مجالات الحياة الاجتماعية الخاضعة لسيطرة الممارسات الدينية التقليدية، ومن ثم أصبح من الممكن أن تتدخل الدولة في دخول المعابد، وفي قوانين الأحوال الشخصية لتجعلها أكثر توافقا مع مبدأ المساواة الليبرالى[46].

ولدراسة أنماط الاقليات يتم أولا دراسة الاسباب المنشئة لوجود الاقليات، وطبيعة النظام السياسى والاجتماعى والاقتصادى الذى تعيش فى ظله الاقلية.

أولا: الاسباب المنشئة لوجود الاقليات :

بعد المرحلة الاستعمارية سيطر الهندوس على السلطات التشريعية والمحاكم القضائية، فأصبح الهندوس يضطهدون باقى سكان الهند مما أدى الى ظهور أقليات كالمسلمون والسيخيون ، وظهرت بعض الاقليات الانفصالية السيخية والاسلامية.

ثانيا: طبيعة النظام السياسى والاجتماعى والاقتصادى الذى تعيش فى ظله الاقلية:

حدثت انتهاكات لحقوق الانسان فى المناطق المضطربة بالهند فى كشمير، وأسام، والبنجاب وغيرها، وبالتالى ظهرت بعض الحركات الانفصالية من قبل جماعة المسلمين والسيخين[47].

المبحث الثانى:التعددية الحزبية فى الهند

تأثرت الهند بالنظام البرلماني البريطاني، واقتبست الكثير من مؤسساته بحكم أن شبه القارة الهندية خضع للسيطرة البريطانية، كان هناك حزب مهيمن على النظام السياسى الهندى وهو حزب المؤتمر الهندى ،حيث كان حزب المؤتمر مسئولا عن مركزية السلطة ، فطبيعة الحزب وهيمنته السياسية ولدت حكومة ائتلاف كبير مع وزراء ينتمون الى جماعات دينية مختلفة ، وبالتالى تحول النظام السياسى الهندى من نظام حزب واحد الى نظام تعدد الاحزاب عن طريق قدرة حزب BJPمن تحقيق نجاح ساحق فى الانتخابات ، وبفضل قدرته قام بتشكيل تحالف وطنى ديمقراطى مع حوالى عشرين حزبا من الاحزاب الصغيرة[48].

تشهد الساحة السياسية في الهند إقبالا كبيرا على تشكيل الأحزاب السياسية، حيث تم تسجيل 239حزبا جديدا خلال الفترة من مارس 2014حتى شهر يوليو الماضي ليصل عدد الاحزاب الموجودة على الساحة السياسية في الهند الى 1866 حزبا، ويوجد في الهند 6 أحزاب سياسية معترف بها على المستوى الوطني وهي حزب: باهارتيا جاناتا (الحاكم) وحزب المؤتمر الذي حكم الهند لسنوات طويلة بعد الاستقلال، والحزب الشيوعي الهندي، والحزب الشيوعي الهندي الماركسي، وحزب المؤتمر الوطني، وحزب باهوجان ساماج الذي يدافع عن الفئات المهمشة في المجتمع الهندي، بينما يوجد 50 حزبا سياسيا معترفا بها على مستوى الولايات الهندية[49].

يشترط لتكوين الحزب حصوله على نسبة 3% من الاصوات كحد أدنى على المستوى القومى أو على المستوى المحلى ، ومن أشهر الاحزاب السياسية الهندية: حزب المؤتمر الهندى (أنديرا) ، وحزب بهاراتيا جاناتا الهندوسى المتطرف ، الحزب الشيوعى ، ويمكن القول بأن حزب المؤتمر لايزال يمثل مركز الثقل السياسى فى الهند على الرغم من تصاعد قدرة حزب بهاراتيا جاناتا[50].

وتأخذ الهند فى نظامها الانتخابى بحق الاقتراع العام لجميع المواطنين حيث من له حق التصويت من يبلغ من العمر ثمانية عشر عاما بغض النظر عن الدين أو الطبقة أو الجنس، وكانت الانتخابات بين عام 1952 وحتى عام 1991 تتميز بارتفاع نسبة المشاركة السياسية، وتعد العلمانية الوجه الآخر للديموقراطية والتعددية، وهي أحد المعالم الأساسية والمبادئ الجوهرية التي تبنتها الحركة الوطنية وبنت على أساسها ملامح النظام الهندي في مرحلة ما بعد الاستقلال. والملاحظ أن استخدام مفهوم العلمانية في الهند يختلف – إلى حد ما – عن استخدامه في الغرب، فهي لا تعني فصل الدين عن السياسة فقط بقدر ما تعني التعددية الثقافية والاجتماعية، والقبول بهذه التعددية كأساس للحياة وهدفها ليس تقليص السلطة الدينية كما هو موجود في الغرب وإنما تحقيق التعايش بين الأديان والتسامح بين الثقافات المختلفة [51].

أهم الاحزاب فى الهند

1-حزب بهاراتيا جاناتا
أصبح بهاراتيا جاناتا يحقق صعوداً ثابتاً منذ انتخابات 1986 ونجح في نشر أجنحته عبر الهند، وباستثناء الإقليم الشمالي الغربي ظهر كحزب تصعب هزيمته. لكن جذور الحزب تعود إلى ما قبل ذلك، ففي عام 1977 تشكل حزب يسمى جاناتا (الشعب) وكان تحالفا لأحزاب المعارضة التي سعت لهزيمة حزب المؤتمر وإلغاء حالة الطوارئ التي أعلنتها رئيسة وزراء الهند آنذاك أنديرا غاندي عام 1975. بعد الفوز في انتخابات 1977 وإلغاء قوانين الطوارئ، تفكك التحالف عام1979[52].

انبثق عن جاناتا حزبان هما: جاناتا دال (حزب الشعب) وهو حزب علماني اشتراكي يتوجه للطبقات الفقيرة والمسلمين، وحزب بهاراتيا جاناتا الذي يؤكد على القومية الهندية ويدعم الأهداف الاقتصادية الاشتراكية.جاء تميز بهاراتيا جاناتا في انتخابات عام 1996 عندما ظهر ليكون أكبر حزب من حيث عدد المقاعد في البرلمان، وتمت دعوة زعيمه أتال بيهاري فاجبايي لتشكيل الحكومة. ورغم ذلك لم ينجح الحزب في حشد الدعم وقدم فاجبايي استقالته، وتمت الدعوة لانتخابات جديدة في عام 1998. خاض الحزب انتخابات 1998 بإستراتيجية جديدة، مشكلاً تحالفات مع عدد من الأحزاب الإقليمية، وفاز التحالف بـ 266 مقعدا، لكن سرعان ما نشب الخلاف بين أعضاء التحالف حول بعض المناصب الوزارية[53]..

في عام 1999 خاض بهاراتيا جاناتا الانتخابات كشريك أساسي في التحالف الوطني الديمقراطي الذي ضم معه 13 حزبا هي: شيفسينا، درافيدا مونيترا كازاجام، لوك دال القومي الهندي، ماروما لارشي درافيدا مونيترا كازاجام، مؤتمر أروونانشال، حزب جانترانتريك باهوجان ساماج، حزب ساماتا، بيجو جاناتا دال، تلاجو ديسام، لوك شاكتي، أكالي دال، بتالي ماكال كاتشي، مؤتمر لوكترانتيك[54].

2-المؤتمر القومي الهندي
هو أقدم حزب سياسي في الهند حيث تأسس عام 1885، وقاد كفاح الهند نحو الاستقلال. ضمت عضويته شخصيات بارزة مثل غاندي ونهرو. وقدم الحزب -باستثناءات قليلة- رؤساء الوزراء للدولة حتى منتصف التسعينيات من القرن العشرين، ويركز الحزب على النهج العلماني للدولة والطابع الديمقراطي، ومنذ عام 1948 رفع شعار الاشتراكية، وإن كان الحزب قد انتهج منذ أوائل التسعينيات سياسة الإصلاح الاقتصادي[55].

3الحزب الشيوعي (الماركسي) الهندي
يحظى الحزب الشيوعي (الماركسي) الهندي بالدعم من العمال في الريف والحضر. وكان الحزب قد تأسس عام 1964 عقب انقسام في الحزب الشيوعي الهندي، واستطاع أن يؤسس قواعد تصويتية قوية في كيرالا، والبنغال الغربي، وتريبورا، وآندرا براديش، وآسام. مع مرور الزمن خفف الحزب من نبرة أيديولوجيته الماركسية وخاض الانتخابات متحالفاً مع أحزاب يسارية أخرى. في البنغال الغربي أصبحت حكومة الجبهة اليسارية بقيادة الحزب الشيوعي الماركسي في السلطة منذ عام 1977، وفي كيرالا تدخل الجبهة السلطة وتخرج. ويشترك الحزب مع حزب المؤتمر في النظر إلى بهاراتيا جاناتا باعتباره حزباً طائفيا.[56]

فإن حزب المؤتمر يشترك في النظرة العالمية السياسية التي تبرزها العولمة في الهند، فهو يعتنق اقتصاد السوق ويحتضن الأغنياء في الهند، ويتحدى حزب بهاراتيا جاناتا ،وعلى النقيض من هذا “الانفتاح” نجد أن حزب بهاراتيا جاناتا يضع حدودًا صارمة للهوية السياسية للحزب وقيودًا على العضوية فيه حيث يغلقها على المسلمين وغيرهم؛ فعضوية المسلمين في حزب بهاراتيا جاناتا لا تتجاوز 4 بالمئة مقابل 30 إلى 40 بالمئة في حزب المؤتمر. هل يجعل هذا من بهاراتيا جاناتا حزبًا مقتصرًا على الأغنياء والهندوس نقيضًا لحزب المؤتمر الذي يتكون من “الليبراليين” الأفقر والأقل تدينًا؟[57].

قد تكون هناك إجابة أبسط للسبب الذي جعل حزب المؤتمر يرتقي للسلطة جرّاء فوزه في انتخابات متتالية في 2004 و2009، قد يكون ذلك هو سياسات الحزب للتواصل مع الناخبين  لإعطاء المحتاجين سواء كانوا فقراء أو من الطبقات الدنيا فرصة عادلة؛ فسياسة حزب المؤتمر حول ضمان العمالة الريفية، وتأمين الناس في الريف الهندي الشاسع بالحماية، والعناية على تشكيل حد أدنى قانوني للأجور تحدده الولاية، وكذلك الالتزام بإعطاء سكان الريف مئة يوم عمل سنويًا. ويتبع الحزب نهجًا مماثلاً من خلال التمييز الإيجابي بهدف شمول الطبقات الدنيا مثل ما يُسمى بـ”الطبقات المتخلفة الأخرى”[58].

وقد شهدت الهند أيضاً ظهور بعض الحركات الاجتماعية المهمة كالحركات النسوية المطالبة بتحسين أوضاع المرأة في المجتمع ومساواتها في الحقوق بالرجل، وجماعات حماية البيئة والتي عرقلت بعض المشاريع الاقتصادية ونظمت صفوفها لمعارضة بعض السياسات التي رأت أنها تتعارض مع الحفاظ على البيئة، ولا شك أن هذه الحركات الاجتماعية الجديدة لها دلالات سياسة مهمة، إذ تشير إلى بدء تكوين جديد للمجتمع المدني في الهند بعيداً عن الأطر التقليدية التي عرفها النظام السياسي الهندي على مدى أكثر من نصف قرن[59].

الفصل الثانى: طبيعة الاستقرار السياسى فى الهند

حققت الهند استقرارها السياسى بفضل ديمقراطيتها، فقد نجح الهنود في بناء ديمقراطية بلادهم في ظروف شديدة الصعوبة، وهذا يتضح فى مدى عمق المشكلات الاجتماعية والثقافية في مجتمع ينتشر فيه التخلف والفقر المدقع وصعوبة التواصل مع أقاليمه إلى حين حصوله على الاستقلال في العام‏1947.

وبالتالى يمكن تقسيم هذا الفصل الى:

المبحث الاول: الاطار النظرى للاستقرار السياسى

المبحث الثانى: نمط انتقال السلطة والنظام الحزبى

المبحث الثالث: درجة العنف السياسى والاضرابات والمظاهرات فى الهند

المبحث الاول:الاطار النظرى للاستقرار السياسى

لمعرفة الاطار النظرى للاستقرار السياسى لابد من معرفة الاطار النظرى لعدم الاستقرار السياسى، حيث تبلورت اتجاهات عديدة لتعريف عدم الاستقرار السياسى منها[60]:

  • الاتجاه الاول:يتمثل فى انتشار الفوضى والعنف الذى يصاحبه خسائر بشرية، وبذلك يواجه هذا الاتجاه العديد من الانتقادات ، ومن أهم هذه الانتقادات هى:أن هناك العديد من أنماط الاستقرار السياسى غير مصحوب بالعنف.
  • الاتجاه الثانى: يرى أنصار هذا الاتجاه أن سبب عدم الاستقرار السياسى هو التغيير الهيكلى المفاجئ، ويتعرض هذا الاتجاه لانتقادات عدة من أهمها: أن التغيير الهيكلى ليس بالضرورة يصاحبه عدم استقرار فقد يؤدى أحيانا الى استقرار.
  • الاتجاه الثالث: ويعرف هذا الاتجاه عدم الاستقرار السياسى على أنه عدم القدرة على السيطرة على المجتمع بمعنى غياب المؤسسات الرسمية فى الدولة والقوانين التى تحكم المجتمع، ويتعرض هذا الاتجاه للنقد ومن أهم هذه الانتقادات هى: أنه من الممكن أن تؤدى هذه السيطرة الى قمع الحريات واضطهاد الاقليات فتؤدى الى حدوث اضرابات أو مظاهرات تعمل على عدم استقرار المجتمع.
  • الاتجاه الرابع: يعرف هذا الاتجاه عدم الاستقرار السياسى على أنه اتساع الفجوة بين المطالب والاستجابة لتلك الاحتياجات، وهذا الاتجاه يعتبر أكثر الاتجاهات ملائمة لتعريف الاستقرار السياسى.

ومن أهم مؤشرات عدم الاستقرار السياسى التى يمكن استخدامها لقياس مدى وجود استقرار سياسى فى دولة ما والتى سوف نتناوله بالتفصيل فى الاجزاء المقبلة:

  • الصراعات الطائفية والدينية والحركات الانفصالية .
  • الاضرابات والاحتجاجات والاغتيالات .
  • نمط تداول السلطة.
  • تآكل الشرعية السياسية .
  • مدى وجود منظمات مجتمع مدنى .
  • مدى استجابة الحكومة للاحتياجات.
  • مدى سيادة القانون والالتزام بالقواعد الدستورية والاستقرار الدستورى.
  • مدى المشاركة السياسية.

  هناك العديد من الاقترابات والنظريات التى تفسر ظاهرة عدم الاستقرار السياسى منها[61]:

  • اقتراب تحليل النظم: حيث يرى ديفيد ايستون أن سبب عدم الاستقرار هو اتساع الفجوة بين المطالب واستجابة النظام السياسى لهذه الاحتياجات مما يؤدى الى تراجع تأييد النظام وتآكل الشرعية السياسية للنظام.
  • الاقتراب البنائى الوظيفى: حيث يرى جبريل الموند أن عدم الاستقرار السياسى يحدث عندما يحدث خلل فى أداء السلطات الثلاث وعدم قدرتهم على تخصيص الموارد (التخصيص السلطوى للقيم).
  • اقتراب الاتصال السياسى: يرى كارل دويتش أن عدم الاستقرار السياسى يحدث عندما تنقطع قنوات الاتصال بين الاحتياجات والمطالب من جهة، والنظام السياسى من جهة آخرى، وهذا يحدث عندما لايستطيع النظام السياسى ترجمة الواقع وعدم قدرته على استقبال المعلومات.
  • النظرية المؤسسية: يرى هنتجون أن المؤسسات يجب أن تتسم بعدد من الخصائص لتحقيق الاستقرار السياسى كالتكيف، والتعقيد، والاستقلالية، والتماسك.

يمكن التمييز في التحليل السياسي المعاصر بين ثلاث مدارس فكرية كبرى في العلوم السياسية في دراسة الاستقرار السياسي، حيث كل منها تتبع مفهوم معينا للاستقرار السياسي وهي:

  • المدرسة السلوكية: وفقا لهذه المدرسة، فإن الاستقرار يرادف غياب العنف السياسي، والنظام السياسى المستقر هو ذلك النظام الذي يسوده السلم وطاعة القانون والذي تحدث فيه التغيرات السياسية والاجتماعية وتتم عملية اتخاذ القرار وفقا لإجراءات مؤسسية وليس نتيجة للعنف[62].
  • المدرسة البنائية الوظيفية: ترتكز هذه المدرسة على الأبنية الحكومية وعلى قدرة المؤسسات السياسية على التكيف مع المتغيرات في البيئة المحيطة والاستجابة لما تفرضه هذه البيئة من تحديات[63].
  • المدرسة النظمية: تنطلق هذه المدرس ة من منهج التحليل النسقي أو التحليل النظمي، وحسبه المدرسة فالاستقرار السياسي هو مرادف لحكم النظام والإبقاء عليه، كما أنه يعني القدرة على التكيف مع الظروف والأوضاع والمتغيرات الجديدة، فالاستقرار السياسي هنا يشير إلى موضوعية المؤسسات والهياكل في المجتمع، كما يعني حياد مؤسسة الخدمة والإنتاج عن تقلبات السلطة وفصل هذه المؤسسات عن اللعبة السياسية في الداخل والخارج، وعدم استغلالها لكسب مواقف ذاتية تجعل من هذه المؤسسات أدوات غير مستقلة[64].

 

المبحث الثانى: نمط انتقال السلطة والنظام الحزبى

سبق وأن أوضحنا أن التجربة الهندية قدمت ممارسة ديمقراطية كبيرة، مما أدى الى ترسيخ التقاليد الديمقراطية ، حيث أن نظام الحكم فيها هو نظام جمهورى فيدرالى ، وتتميز الهند بتعدد الاحزاب كحزب بهاراتيا جاناتا، وبيجو جاناتا دال، والحزب الشيوعى الهندى، وحزب المؤتمر الوطنى الهندى.

يعتبر النظام السياسى الهندى أحد أكثر النظم الديمقراطية نضجا فى العالم. ويتكون البرلمان الهندى من مجلسين تشريعيية، وهما المجلس الأدنى «لوك سابها». كما يوجد أيضا مجلس الولايات أو المجلس الأعلى «راجيا سابها». ويهيمن على المشهد السياسى الهندى مجموعة من الأحزاب، إلا أن اللعبة السياسية الفعلية فى الهند يسيطر عليها حزبان اساسيان، وهما حزب «بهاراتيا جاناتا» (الشعب الهندي) اليمينى، والذي يؤكد على القومية الهندية، ويدعم الأهداف الاقتصادية الاشتراكية،أما الحزب الثانى الذى يسيطر أيضا على اللعبة السياسية فهو «حزب المؤتمر القومي الهندى»، وهو أقدم حزب سياسي في الهند[65]

من أهم أنماط انتقال السلطة هو ماحدث خلال الانتخابات المبكرة التى تكونت من الائتلاف الحاكم بزعامة اليمين الهندوسى ليعيد للسلطة حزب المؤتمر بزعامة سونيا غاندى ذلك الحزب الذى قاد الحياة السياسية فى الهند على مدى 118 عاما وتمكن من رئاسة الحكومة على مدى 44 عاماقبل أن تطيح به الحكومة الهندوسية خارج السلطة عام 1998 وكان لهذا تأثيرات وتغييرات كبيرة على السياسة الداخلية فى الهند[66].

فلابد من الاطلاع على الاسباب التى أطاحت بحزب بهاراتيا جانتا ، فقد استطاع حزب المؤتمر قلب الموازيين الثابتة التى اعتمد عليها حزب “بهاراتيا جاناتا” فى حملته الانتخابية حيث كانت الانجازات الاقتصادية هى السبب فى فشله انتخابيا واعلاء شأن حزب المؤتمر لان سياسات حزب بهاراتيا جانتا الاقتصادية أدت الى اتساع الفجوة بين أوضاع الطبقة المتوسطة والعليا وبين أوضاع سكان الريف الفقراء وسكان المناطق النائية الذين يرون خطة الهند المشرقة لحزب بهاراتيا جانتا لم تشملهم بالاهتمام والرعاية مثل نظرائهم من سكان المدن، وأدى أيضا الى انعدام فرص العمل وارتفاع متزايد فى الاسعار وتدن واضح فى الخدمات وهى الاشياء التى ركزت عليها زعيمة حزب المؤتمر “سونيا غاندى” حملتها الانتخابية تحت شعار “الهند الحقيقية” التى أكدت فيها على وجود 80% من عامة الشعب المحرومين من أبسط متطلبات الحياة اليومية نظرا لان دخل المواطن منهم لايتجاوز دولارين فى اليوم الواحد[67].

كما نجحت سونيا غاندى فى قيادة عملية “اصلاح البيت من الداخل” معتمدة على الارث التاريخى للحزب واقترابه من الشريحة الدنيا من المجتمع، وعلى العكس اعتمد فاجباى على قدرته الشخصية وارتباط حزبه بالتطرف سواء فى مواجهة السيخ والمسلمين بولاية جوجارات 2002، وقد كانت للاجراءات التى اتخذتها لجنة الانتخابات الهندية أكبر الاثر فى ضمان نتائج حرة نزيهة للانتخابات البرلمانية الاخيرة خاصة بعد ادخال التصويت الالكترونى لاول مرة فى تاريخ الهند الانتخابى[68].

فقد استطاع حزب المؤتمر أن يحصل على 219 مقعدا برلمانيا بينما حصل حزب بهاراتيا جانتا على 189 مقعدا وحصلت الاحزاب اليسارية على 63 مقعدا بينما حصلت الاحزاب الاقليمية على 64 مقعدا مما يعنى تشكيل ائتلاف علمانى يقوده حزب المؤتمر الذى سيضطر الى الاعتماد على دعم الاحزاب اليسارية التى نجحت فى الحصول على 63 مقعدا فى أفضل أداء انتخابى لها[69].

ولكن فى انتخابات 2014 حدث العكس حيث فاز الحزب القومي الهندوسي بأغلبية مقاعد البرلمان في الهند مما اعتبرأنه حدثًا ذا تأثير استراتيجي على المستويين: الوطني والخارجي؛ فحصول حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا ) على 282 مقعدًا في الانتخابات العامة لعام 2014، يعني تشكيله الحكومة الهندية بمفرده للمرة الأولى؛ ما يعني إمكانية تطبيق طموحاته التي ينطوي بعضها على إشكالات دينية وقومية ،مما أدى الى تأزم المشاكل الطائفية مرة آخرى[70].

فقد كان لانتخابات 2014 دلالات عديدة منها: فقد كانت نسبة المشاركة الأعلى في تاريخ الجمهورية حيث وصلت إلى 66.38 بالمائة، كما انطوت الانتخابات على أكبر عدد مقاعد يحصدها حزب واحد منذ ثلاثين عامًا؛ حيث فاز حزب الشعب بـ 282 مقعدًا بمفرده، كما أن هزيمة حزب المؤتمر كانت قياسية أيضًا؛ إذ للمرة الأولى يحصل على عدد متدن جدًا من المقاعد بلغ 44 مقعدًا فقط[71].

وكان خطاب «ناريندرا مودي» رئيس حزب «بهارتيا جاناتا» (الشعب الهندي) دائما خطابا طائفيا عدائيا من ذلك النوع الذي تُستخدم فيه كلمات مثل «الإرهابيين»، و«الجهاديين»، و«عملاء باكستان». ويعرف «مودى» بأنه شديد التعصب، ويُتهم بالتسبب في مذابح شديدة حدثت ضد المسلمين أثناء فترة ولايته لولاية «غوجارات» الهندية قُتل حينها أكثر من 2000 مسلم على الأقل في مذابح بشعة. وبعد انتقال عشرات الآلاف من المسلمين إلى مخيمات لاجئين، وصف مودي تلك المخيمات بأنها «مراكز لتفريخ الأطفال». ورفضت الولايات المتحدة السماح له بدخول أراضيها عام 2005 على خلفية تلك المذابح.[72]

وفى هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن السياسة الخارجية لم تكن من أولويات حملة «مودي»، بل كان الاقتصاد سيد النقاشات السياسية، حيث وعد «مودى» في حملته ببناء 100 مدينة ذكية، وتوصيل الإنترنت إلى القرى، وتحسين القطارات والسكك الحديدية، حتى نظرته الى السياسة الخارجية كانت نظره تعتمد على الاقتصاد، حيث كان يعتقد أن محرك السياسة الخارجية للدول المحيطة بالهند هو التجارة والاستثمار، مما سيساعدها فى تمهيد الطريق أمام أمور أخرى في مجالات أكثر صعوبة. كما أن الاقتصاد هو الدافع لوضع المشاكل السياسية جانبا أو تجاوزها[73].

المبحث الثالث : صور العنف السياسى فى الهند

  تتمتع الهند بالاستقرار السياسى ولكن لاتخلو من بعض اعمال الشغب والعنف، وفى هذه النقطة سوف نذكر أهم الاحداث التى مرت بها الهند:

  • الصراع بين السيخ والهندوس:

شهدت العلاقات بينهما تفاوتا كبيرا بين عنف وسلام،حيث كانوا السيخ مقسمين بين دولتى الهند وباكستان فطالب السيخ بدولة البنجاب وطنا لهم ، وفى عام 1984 قاموا مجموعة من متطرفو السيخ بقتل أنديرا فحدثت مصادمات بين الطرفين انتهت بمقتل الآف من السيخ[74].

  • الصراع بين السيخ والمسلمين:

تفاوتت العلاقة بينهما خلال حكم معلمى السيخ العشرة، وكانت ذروة الصراع بين المسلمين والسيخ عند استقلال الهند وباكستان ، كما تدخل السيخ فى حرية أداء الفرائض الدينية الاسلامية ،كما انه تمتد الخلافات بين الهندوس والمسلمين الى الخلاف حول المسجد البابرى فى أيوديا بولاية أوتار براديش ومحاولات الهندوس هدمه وبناء معبد الإله رام مكانه إلى مقتل الآلاف من المسلمين، وذلك منذ أن بدأ هذا الخلاف يطرح نفسه بشدة فى عام 1989، ثم تدمير المسجد من قبل المتطرفين الهندوس فى ديسمبر 1992، وأعمال العنف فى بومباى عام 1993، وأخيرا تجدد الأعمال الطائفية بسبب هذه القضية خلال شهرى فبراير ومارس 2002[75].

  • الصرع بين الهندوس والمسيحين:

تدهورت العلاقة بينهما فى تسعينيات القرن العشرين لصعود حزب الشعب الهندوسى، حيث قام المتطرفون الهندوس باستهداف البعثات التبشيرية المسيحية التى قامت بأعمال تعليمية وخدمات صحية خاصة فى ولايات: جوجارات، وأوريسا،وماديا براديش[76].

  • أحداث جوجارات عام 2002:

سبق وان تحدثنا عن هذه الاحداث فى الاجزاء السابقة ولكن فى هذا الجزء سوف نركز على فترة حكم مودى ولاية جوجارات 2001-2014 :

أصبح الأمين العام للحزب، وهو المنصب الذي شغله حتى أكتوبر 2001، عندما تم اختياره ليكون رئيس وزراء ولاية غوجارات. ويباهي مودي بإنجازاته في غوجارات في مجموعة متنوعة من القطاعات، مثل: الحكومة الإلكترونية، والاستثمارات، والقضاء على الفقر، والطاقة، والمناطق الاقتصادية الخاصة، وتطوير الطرق، والانضباط المالى، ومع ذلك غالبًا ما تلاحقه تهمة الإهمال والتقاعس عن وقف أعمال العنف الطائفي في غوجارات والتي أدت إلى مقتل أكثر من ألف مسلم عام 2002.[77]

  • الصراع بين المسلمين والهندوس

تعود المصادمات بين المسلمين والهندوس الى جذور تاريخية قديمة ارتبطت بدخول الاسلام الى شبه القارة الهندية. فلقد سيطر المسلمون على معظم اجزاء المنطقة ودخل الهندوس في الاسلام افواجاً افواجاً حتى شكلوا أقلية مسلمة كبيرة ضمت حوالي ثلث سكان شبه القارة الهندية قبيل استقلال المنطقة عن بريطانيا. ولا شك في ان اعتناق ملايين الهندوس للاسلام اثناء فترة حكم المسلمين لشبه القارة الهندية قد ترك شعوراً بالمرارة وخيبة الأمل لدى كثيرين من الهندوس بسبب التحدي الكبير الذي واجههم من الاسلام. وعلى الرغم من الجهود التبشيرية الكبيرة التي قامت بها الكنيسة الأوروبية مدعومة من الاستعمار البريطاني إلا انها لم تحقق نجاحاً كبيراً في نشر المسيحية في الهند حيث بقي المسيحيون في الهند أقلية صغيرة جداً مقارنة بالمسلمين. وكذلك الأمر بالنسبة للطائفة السيخية التي انشقت عن الهندوسية وشكلت ديانة خاصة جمعت بها بين بعض الأسس الهندوسية والتعاليم الجديدة التي أخذت بعضها من الاسلام، فهذه الطائفة ما زالت محدودة جداً في الهند وذلك بالرغم من اعتقاد مؤسسيها بأن اعداداً كبيرة من الهندوس سوف يؤمنون بها عوضاً عن اعتناقهم للاسلام[78].

وأصبح العنف بين المسلمين والهندوس سمة مميزة على الساحة السياسية في الهند منذ انفصال باكستان عن الهند عام 1947 عندما قتل مئات الألاف من الأشخاص وشرد الملايين. سمة تسعى الأصوات التي تنادي بالحوار والعيش المشترك إلى السيطرة عليها من خلال التنديد بالعنف ومن يمارسه والعمل على محاصرته والقضاء على أسبابه وتوفير منابر للتقريب بين مختلف الأراء وردم هوة الخلافات.[79]

  • الاغتيالات السياسية:

قد كان من أشهرها مقتل المهاتما غاندى فى عام 1948 على يد متطرف هندوسى احتجاجا على مواقفه الداعية للتسامح الدينى بين الهندوس والمسلمين فى أعقاب حادثة تقسيم شبه القارة الهندية، وكذلك مقتل كل من أنديرا غاندى على يد حراسها من السيخ فى عام 1984 احتجاجا على اقتحام القوات الهندية للمعبد الذهبى للسيخ فى ولاية البنجاب فى ذلك العام، واغتيال راجيف شكاندى خلال حملته الانتخابية فى عام 1991 على يد امرأة تنتمي إلى الحركة الانفصالية بولاية تاميل نادو[80].

 

الفصل الثالثالعلاقة بين التعددية العرقية والاستقرار السياسى فى الهند

سبق وأن أوضحنا طبيعة العلاقة بين التعددية العرقية والاستقرار السياسى فى الهند، وكانت العلاقة بين التعددية العرقية والاستقرار السياسى ذات طبيعة خاصة حيث استطاعت الهند ادارة التعددية العرقية لتحقيق الاستقرار السياسى، وعادة ماينظر للدولة الهندية بأنها مساهم نشط لسياسات الهوية، وذلك عبر انشاء وصيانة هياكل الدولة التى تعترف بالعرقيات المختلفة.

 وبالتالى سوف يتناول هذا الفصل :

المبحث الاول: سياسات الهند فى ادارة التعددية العرقية

المبحث الثانى:التعددية العرقية والتنظيمات الاجتماعية

المبحث الاول: سياسات الهند فى ادارة التعددية العرقية

يمكن  القول إن الهند تعد نموذجا رائعا يتضح من خلاله التفاعل بين التوجهات السياسية الكبرى بشأن الدين، حيث كانت الهند دائماً في مقدمة الدول التى تعانى من التعددية العرقية، وبالرغم من أن أكثر من 80% من مواطنيها من الهندوس، لكن تعد الهند ثاني أكبر دولة تضم العدد الأكبر من المسلمين في العالم إلى جانب وجود عدد كبير من المسيحيين ومعتنقي الديانات الأخرى[81].

نجحت الهند فى حالة التعامل مع التعددية العرقية والدينية على الرغم من عدم  تطبيقها لفكرة نماذج الديمقراطيات التوافقية القائمة على المحاصصة الطائفية أو العرقية أو الدينية بمعني توزيع الموارد السياسية٬ والاقتصادية٬ علي أساس الدين أو الطائفة أو العرق[82].

ولتوضيح صعود الهند يتم النظر الى مجموعة التحولات الداخلية التى حدثت فى الهند

أهم هذه التحولات:

1-تطور الاقتصاد الهندى:

في عام 1991 واجه الاقتصاد الهندي أزمة غير مسبوقة. ويرى كثيرون أن بوادر أزمة هذا النموذج التنموي ترجع إلى منتصف الستينيات، مع جمود الدولة الهندية وعجزها عن الاستجابة السريعة للتطورات الاقتصادية الدولية، وبخاصة ذات الصلة منها بتغير طبيعة الرأسمال الأجنبي والشركات متعددة الجنسيات، وهو الأمر الذي قاد بدوره إلى ثورة غير متوقعة في التجارة العالمية، حيث تضاعفت نسبة الإنتاج العالمي المخصص للتصدير خلال الفترة 1965-1990. بل والأهم من ذلك أن بلدان العالم الثالث تمكنت من مضاعفة نسبة صادراتها الصناعية في التجارة العالمية من 5% عام 1970 إلى 10% عام 1983[83].

لقد فاقت معدلات النمو الاقتصادى فى ولايات الجنوب والغرب مثيلاتها بالشمال والشرق. ففى جوجارات، التى تعد أسرع الولايات نمواً، تضاعف معدل النمو الإجمالى فيما بين عامى 1993 و 2003، كما ارتفع معدل الناتج الفردى بمقدار 73% على خلاف ولاية أوتار براديش التى لم يتجاوز معدل الناتج الفردى بها 13% خلال ذات الفترة الزمنية. أما فى ولاية بيهار، أشد الولايات فقراً، فقد بلغ 22% فقط. وفى السنة المالية 2001/2002 بلغ معدل الناتج الفردى فى جوجارات 3.8%، أى أضعاف مثيله فى بيهار[84].

2-تطور مجالات التنمية البشرية

تتمتع الهند باقتصاد متشعب إقليمياً، لم تلعب فيه تاريخياً التجارة الخارجية، والمعونات والاستثمار سوى دور محدود نسبياً. ولئن كانت نسبة مساهمة الواردات والصادرات الهندية من السلع فى الاقتصاد قد قفزت من 13% إلى 25% منذ عام 1993، إلا إنها ما تزال أدنى بكثير عن مثيلاتها فى الصين ودول جنوب شرق أسيا، والتطور اللافت حقاً، هو الدور المؤثر لقطاع تكنولوجيا المعلومات الذى يسهم بحوالى 3% من الناتج المحلى الإجمالى.المعدل العام للفقر قد شهد انخفاضاً ملحوظاً على المستوى القومى منذ عام 1990. فقد انخفض بكل من الريف والحضر بنسبة 10% فيما بين عامى 1990 و2000، حيث سجل فى الريف تراجعاً من 37% إلى 27%، ومن 33% إلى 23% بالحضر[85].

3-التوسع العسكرى

شهد عام 1998 طفرة استثمارية فى المجالات العسكرية، حيث قفزت ميزانية الدفاع من 13% إلى 25% سنوياً، وحرصت المؤسسة العسكرية على حيازة المعدات التكنولوجية الحديثة، بهدف بناء قاعدة تحديث عريضة، ودعم المهارات التخطيطية، و  تدشين القوة النووية الهندية من خلال توفير  قاعدة بشرية وعلمية وتكنولوجية، ومراكز أبحاث علمية ومعاهد ومعامل متخصصة، ومفاعلات نووية، وهي العناصر التي تمثل البنية الأساسية في أي برنامج نووي، كما أنها قد عملت جاهدة على تدبير الخامات النووية اللازمة، ووفرت التمويل اللازم للبرنامج النووي مما مكنها في النهاية من امتلاك الأسلحة النووية [86].

يجب النظر الى الظروف التي تمت خلالها عملية الإصلاح الاجتماعي المعقدة، التي بدأت خلال المرحلة الاستعمارية ثم استمرت في ظل الدستور الليبرالي للبلاد، وكانت النقطة المركزية هي ضرورة تدخل الدولة وإحكام سلطتها في مجالات الحياة الاجتماعية الخاضعة لسيطرة الممارسات الدينية التقليدية؛ ومن ثم أصبح من الممكن أن تتدخل الدولة في دخول المعابد، وفي قوانين الأحوال الشخصية لتجعلها أكثر توافقا مع مبدأ المساواة الليبرالي[87].

تمثل التجربة التنموية الهندية واحدة من أهم التجارب المثيرة للجدل في العالم المعاصر، حيث استطاعت الهند في السنوات الأخيرة أن تحقق تطورا كبيرا في قدراتها التنموية وأن يصبح قوة اقتصادية عالمية، لكنه في المقابل، البلد الذي تتسع فيها الفجوة بين الأغنياء والفقراءحيث يعاتي فيه أكثر من ربع سكانها من الفقر، ولهذا فإن هذا البلد يجمع المتناقضات[88].

يجب النظر الى سياسة الهند الاقتصادية والسياسية والتعليمية

أولا: الاصلاح الاقتصادى[89]:

  • فرص العمل

قامت الهند باستحداث وظائف جديدة لتزايد عدد السكان الذى يصل الى أكثر من 1,16 بليون نسمة، ومن أهم الاصلاحات التى قامت بها الهند فى هذا المجال هى: تحسين النظام المالى عن طريق زيادة القدرة على الادخار والاقتراض، تحسين التعليم، الرعاية الصحية، تبسيط الاجراءات البيروقراطية، تشجيع التجارة الخارجية، ………الخ.

  • الحد من الفقر

كانت نسبة الفقر فى الهند وفقا لاحصائيات بنك التنمية الاسيوية بلغت 41.6% عام 2005 وانخفضت النسبة الى 32.7% عام 2010 ، بالتالى انخفضت نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر من 36% الى 22% فى الفترة(1993-2009)، حيث زادت أجور سكان المدن عنها فى الريف، كما تحسنت أوضاع التعليم فى المدن عنها فى الريف،مما أدى الى حدوث مصادمات بين أهل الريف والمدن، كما أدخلت الهند سياسة الاستثمار الاجنبى حيث ترى الدول الاجنبية أن الهند تعتبرسوق كبيرة لكثرة عدد سكان الهند المستهلكين للمنتجات.

ثانيا: الاصلاح التعليمى[90]:

تعمل وزارة التربية والتعليم الهندية على توحيد المناهج لاخراج طلاب قادرين على التحليل والفهم وقدرين على العثور على فرص عمل، ويعتبرون أن زيادة مرتبات المعلمين هى أول طريق للاصلاح، كما أدخلوا تعديلات تشمل كل المواد،كما أكدت السياسة القومية للتعليم التزامها بتحسين وضع المرأة فوضعت برنامج هدفه زيادة اقبال المرأة الهندية على التعليم حيث زاد معدل الفتيات المعلمات بنسبة 9.54% فى عام 1991، والخطة الحالية للسياسة التعليمية تهدف الى زيادة نسبة المعلمات المشاركات فى العملية التعليمية لتصل الى 50% من اجمالى عدد المعلمين فى المستقبل القريب.

المبحث الثانى: التعددية العرقية والتنظيمات الاجتماعية

تعتبر منظمات المجتمع المدنى من أهم المنظمات التى تمثل أحد مؤشرات التحول الديمقراطى فى الهند ومن أهم هذه المنظمات:

  • التنظيمات الخاصة بتمكين المرأة:

بعد استقلال الهند تعددت المنظمات النسائية المعبرة عن قضايا المرأة ، ونجحت هذه المنظمات فى تمرير بعض القوانين الخاصة بحقوق المرأة ، حيث أن هذه القوانين شملت الفقر، والميراث، والعنف الاسرى وغيرها ، ومن أبرز هذه المنظمات : منظمة سيوا لتشغيل المرأة منذ عام 1972، ورابطة النساء العاملات فى الهند منذ عام  1978[91] .

  • التنظيمات المعبرة عن نمو الوعى بالطبقة:

هناك منظمة دافعت عن حقوق المنبوذين (local panther organization) فى التسعينات من القرن العشرين ، مما مهد الى ظهور حزب باهوجان ساماج الذى تمكن خلال فترة حكمه فى ولاية أوتار براديش من تخصيص أكبر قدر من الموارد التنموية والخدمات العامة للقرى[92].

  • التنظيمات المعنية بحقوق الانسان:

ظهرت هذه المنظمات بعد اغتيال أنديرا غاندى ، وكانت تدعو الى حماية السيخ من المذابح التى يتعرضون لها من قبل قيادات حزب المؤتمر ، ونجحت هذه المنظمات فى انشاء اللجنة الوطنية لحقوق الانسان عام  1993، ومن هذه المنظمات: الاتحاد الشعبى للحقوق الديمقراطية، والاتحاد الشعبى للحريات المدنية، وذلك لمعارضة انتهاكات حقوق الانسان فى الناطق المضطربة بالهند فى كشمير وأسام والبنجاب وغيرها، ومعارضة القوانين التى أصدرتها الحكومة لتعزيز قدرتها على التصدى للارهاب لتهديد كل الهنود[93].

  • جمعيات رجال الاعمال:

من هذه المنظمات: اتحاد غرف الصناعة والتجارة الهندية، ومنظمة المنتجين الصناعين، كما توجد تجمعات آخرى لرجال الاعمال الهنود على مستوى الولايات[94].

  • نقابات العمال:

يوجد فى الهند أربعة اتحادات كبرى لنقابات العمال، وكان دورها محدود ولكن مع بدء تطبيق الاصلاح الاقتصادى عام 1991 ازدادات قوتها ، وتشهد الهند صراعا بين رجال الاعمال والنقابات العمالية [95].

وضع منظمات المجتمع المدنى فى ظل الحكومة الهندية الجديدة التي يرأسها “ناريندرا مودي”:

لطالما لعب المجتمع المدني في الهند، أكبر ديمقراطيات العالم، دوراً مهماً. ونشطت المنظمات غير الحكومية في قضايا مختلفة تراوحت من حماية البيئة إلى تعزيز الوعي بشأن قضايا اجتماعية معينة. وأحيانا عملت كجماعة ضغط بشأن عدد من القضايا المهمة في البلاد.لكن الحكومة الهندية الجديدة التي يرأسها «ناريندرا مودي» بدأت فجأة شن حملة على المنظمات غير الهادفة للربح ومصادر تمويلها، مما خلق إحساساً بعدم الارتياح في المجتمع المدني[96].

وعلى مدار العقدين الماضيين، نظرت الحكومات الهندية إلى المنظمات غير حكومية بعين الريبة خاصة من الأجهزة الأمنية بزعم أن التمويل الذي تحصل عليه من الخارج يدمر اقتصاد البلاد لأن هذه المنظمات شنت حملات ضد أنشطة التعدين والطاقة والطعام المعدل وراثياً. وحتى حكومة حزب «المؤتمر» السابقة، شددت الرقابة على تمويل هذه الجماعات. لكن حكومة «مودي» اتخذت إجراء غير مسبوق في شدته لعرقلة أنشطة هذه المنظمات[97]. وهذا الاتجاه في تضييق الخناق على منظمات المجتمع المدني يثير القلق بالفعل وضار. فهناك إحساس بالخوف يملأ هذا القطاع بالفعل.

رؤية الهند 2020

ستنشئ الحكومة بنى تحتية من الطراز الأول تحتاج إليها الهند بشدة من أجل تسريع وتيرة النمو وتلبية احتياجات الناس الأساسية، ستجعل من المدن أماكن مستدامة، ذكية، وصالحة للسكن، وستجعل من القرى محركات جديدة تدير عجلة التحول الاقتصادي، تلتزم الحكومة بشعار «اصنع في الهند» وتدعو الجميع إلى تحويل الهند إلى مجمع عالمي للتصنيع وستقوم بكل ما يمكن لتحويل الأمر إلى حقيقة واقعة. تعليم المهارات، وفتح الفرص، والحرص على سلامة وكرامة وحقوق جميع أفراد المجتمع خصوصا النساء، وفتح حساب مصرفي لكل هندي، وتأمين الرعاية الصحية للجميع، والنظام الصحي بحلول 2019، وسقف لإيواء الجميع بحلول 2022، والكهرباء لكل أسرة، والإنترنت لكل قرية، تسعى الهند إلى العضوية الدائمة لمجلس الأمن كما أنها تسعى لأن تكون من دول العالم المتقدم.[98]

 

الخاتمة

قدمت التجربة الهندية نموذجا ناجحا فى ممارسة الديمقراطية وطريقة ادارة التعددية العرقية لتحقيق الاستقرار السياسى، حيث تأثرت الهند بالنظام البرلمانى البريطانى وكونت دولة فيدرالية بمعنى أنها قامت بعمل اصلاح سياسى واقتصادى ضخم جعلها تنتقل من أنها دولة فقيرة الى دولة تحارب الفقر.

شهدت السنوات العشرون التي أعقبت الاستقلال في الهند نموًا اقتصاديًا وبناء نظام التعليم العالي والبنية التحتية الصناعية والبيروقراطية، وتزايد النمو الاقتصادي في العقدين التاليين في ظل محاولات لتحرير الأسواق ونشوء نزعة استهلاكية، وكان الإنجاز الجيد منذ أوائل التسعينيات هو القدرة على اجتذاب الاستثمارات.

إن التحول إلى دولة غنية ليس هدفًا في حد ذاته جديرًا بالاهتمام، فهناك أشياء أفضل يمكن استهدافها؛ فحتى يكون الغنى والازدهار هدفًا يستحق العناء يجب أن يؤدي إلى تحسين ظروف الفقراء في المجتمع والسوق، ولأجل ذلك يجب العمل على تحسين التعليم والنظام القضائي .

 

 قائمة المراجع باللغة العربية 

أولا:الكتب

  • جلال السعيد الحفناوى، “جمهورية الهند”،محمد السيد سليم و رجاء ابراهيم سليم(محرران)،الاطلس الاسيوى، (القاهرة:كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،2003).
  • روميلا ثابار، الهند: الالفية الثالثة، محمد خير (مترجم)،الطبعة الاولى،(وزارة الثقافة والاعلام، كتاب العربية، 2011).
  • سالم القمودي، سيكولوجية السلطة، بيروت: مؤسسة الانتشار العربي.
  • عبد الرحمن عبد العال،الهند ، محمد السيد سليم ونيفين عبد المنعم مسع (محرران)، العلاقة بين الديمقراطية والتنمية فى آسيا، (جامعة القاهرة: مركز الدراسات الاسيوية،ب ت).
  • عبد الرحمن عبد العال، قيم الثقافة الهندوسية والتنمية فى الهند، هدى ميتكس(محرر)، “القيم الاسيوية”، (القاهرة:مركز الدراسات الاسيوية،2007).
  • عبد رب النبى على أبو السعود الجارحى، فقه الاقليات المسلمة (الضوابط والتطبيق)، الطبعة الاولى، (القاهرة: دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع، 2005).
  • على الدين هلال واخرون،معجم المصطلحات السياسية، الطبعة الاولى،(القاهرة،1994).
  • كامل سعفان، معتقدات أسيوية، الطبعة الاولى،(القاهرة،دار الندى،1999).
  • كمال المنوفى، مقدمة فى مناهج وطرق البحث فى علم السياسة، (القاهرة، سبتمبر 2006 ).
  • حسنين هيكل، أحاديث فى اسيا ، الطبعة الاولى، (القاهرة،دار الشروق، 2003).
  • محمد محمود ربيع واخرون،موسوعة العلوم السياسية ، (جامعة الكويت،1994).
  • نادية محمود مصطفى، الاقليات المسلمة: اطار عام مقارن للدراسة، حسن حمدان العلكيم(محرر)، قضايا اسلامية معاصرة، (جامعة القاهرة: مركز الدراسات الاسيوية، 1997).

ثانيا:الرسائل

  • اسراء أحمد اسماعيل،تأثير التحول الديمقراطى على الاستقرار السياسى، رسالة ماجستير، (القاهرة:كلية الأقتصاد والعلوم السياسية،2009).
  • كريمان طه معوض، “التعددية العرقية والاستقرار السياسى فى الهند منذ الاستقلال”، رسالة ماجستير،(القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ،2014).
  • نيفين عبد المنعم مسعد، “الاقليات والاستقرار السياسى فى الوطن العربى”، رسالة دكتوراة، (القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،1987).

ثالثا:الدوريات

  • حسن كريم، “مفهوم الحكم الصالح”، مجلة المستقبل العربي، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 309 ،أكتوبر 2004.
  • خالد حنفي علي، الإستراتيجية الجديدة لأمريكا في إفريقيا، مجلة السياسة الدولية،القاهرة:مؤسسة الأهرام، العدد 153 ،جويلية 2003.
  • صافيناز محمد أحمد، “الهند000″زلزال” سياسى يعيد”المؤتمر” للسلطة، ( الديموقراطية:العدد15، يوليو 2004).
  • عبد الرحمن عبد العال،الهند..مقومات الصعود وتحولات السياسة الخارجية،السياسة الدولية، العدد:167،يناير 2007.
  • محمد عبد الله يونس، اشكالية الاختزال:الاتجاهات الجديدة لظاهرة عدم الاستقرار داخليا وخارجيا،ملحق اتجاهات نظرية”عدم استقرار: مقاربات تفسيرية لاضطرابات الانظمة”،(السياسة الدولية:العدد197،يوليو 2014).

رابعا: المواقع الالكترونية

  • ذكر الرحمن، الهند….التعايش السلمى بين الاديان، الاتحاد، 6 أكتوبر 2012، http://www.alittihad.ae .
  • ذكر الرحمن،رقابة هندية على المنظمات غير الحكومية،الاتحاد، 16مايو2015، http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=84708.
  • سمير حسين زعقوق، جذور العداء الهندوسى لمسلمى الهند، صوت الامة الحر، 16 ديسمبر 2014،http://www.al-omah.com .
  • عاطف سعداوى قاسم، تاريخ أهم الطوائف العرقية والدينية فى الهند، الجزيرة.نت ،3/10/2004، http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/D002D68B-D8D5-4AD0-94D4-ED6B17BF414B
  • عبد الرحمن عبد العال،”الانتخابات ومستقبل الاستقرار السياسى فى الهند”، الاهرام، يوليو 1996، الموقع الالكترونى لجريدة الاهرام ، من: http://digital.ahram.org.eg.
  • عبد الرحمن عبد العال، العنف السياسى فى شبه القارة الهندية،الاهرام الرقمى ،ابريل 2002، http://digital.ahram.org.eg .
  • عماد قدورة، نتائج الانتخابات الهندية:الدلالات الاستراتيجية، مركز الجزيرة للدراسات ، 20 مايو 2014، http://studies.aljazeera.net .
  • عمران حمادة، طبقات المجتمع فى الهند، تعرف على الهند ،8/5/2013، http://india-55.blogspot.com.eg/2013/05/blog-post_7.html.
  • – محمد سعد أبو عامود، الهند من أكبر مستعمرة الى أكبر ديمقراطية، السياسة الدولية، أكتوبر 2002، http://digital.ahram.org.eg .
  • محمد فايز فرحات، الحالة الاسيوية، الاهرام اليومى،16 سبتمبر 2014، http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/326111.aspx .
  • مروان عبد الرحمن،مكانة المسلمين فى الهند، عربيل، 7/7/2014، http://www.iba.org.il/ .
  • مروة نظير،الاديان فى الهند….تحديات التعددية والعولمة، اون اسلام، 13 يناير 2010، http://www.onislam.net .
  • نارندرار مودى،الديمقراطية الهندية تجدد الحياة الاقتصادية ، البيان، 9 أكتوبر 2014، http://www.albayan.ae .
  • هانى سليمان، ” لقاء عن تجربة التحول الديمقراطى فى الهند”، المركز العربى للبحوث والدراسات،مايو 2014، الموقع الالكترونى للمركز العربى للبحوث والدراسات، من: http://www.acrseg.org.
  • وفاء لطفى،”التعددية المجتمعية”، مركز الشرق العربى،الموقع الالكترونى لمركز الشرق العربى، من: asharqalarabi.org .

قائمة المراجع باللغة الانجليزية

BOOKS

  • David Brown,the state and ethnic politics in south east asia,(London,routledge,1994).
  • -N.Kumar,political parties in india(K M Mittal for Mittal publications ,1990)PP 111-114.
  • Maulana Wahiduddin Khan,Indian Muslims,(New Delhi:south Asia

Books,1994).

WEBSITES

[1] – كريمان طه معوض، “التعددية العرقية والاستقرار السياسى فى الهند منذ الاستقلال”، رسالة ماجستير،(القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ،2014)،ص1ومابعدها.

[2] – المرجع السابق، ص1.

[3]– هانى سليمان، ” لقاء عن تجربة التحول الديمقراطى فى الهند”، المركز العربى للبحوث والدراسات،مايو 2014، الموقع الالكترونى للمركز العربى للبحوث والدراسات، من: http://www.acrseg.org/6873   ،(تاريخ الدخول للموقع5/4/2016)

[4] – سمير حسين زعقوق، جذور العداء الهندوسى لمسلمى الهند، صوت الامة الحر، 16 ديسمبر 2014،

https://abozakok.wordpress.com/2015/02/26/ ،  19/12/2014.

[5] – العربية سكاى نيوز، 29سبتمبر2014، http://www.skynewsarabia.com، (تاريخ الدخول للموقع 2ديسمبر2014).

[6] – عبد الرحمن عبد العال، مرجع سابق،ص ص273 :306.

[7] – جلال السعيد الحفناوى، “جمهورية الهند”،محمد السيد سليم و رجاء ابراهيم سليم(محرران)،الاطلس الاسيوى، (القاهرة:كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،2003) 449: 451.

[8] -عبد رب النبى على أبو السعود الجارحى، فقه الاقليات المسلمة (الضوابط والتطبيق)، الطبعة الاولى، (القاهرة: دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع، 2005)، ص ص43: 50.

[9] – اسراء أحمد اسماعيل،تأثير التحول الديمقراطى على الاستقرار السياسى، رسالة ماجستير، (القاهرة:كلية الأقتصاد والعلوم السياسية،2009)،ص ص13: 15.

[10] – صافيناز محمد أحمد، “الهند000″زلزال” سياسى يعيد”المؤتمر” للسلطة، ( الديموقراطية:العدد15، يوليو 2004)،ص ص161 :165.

[11] – كريمان طه معوض، مرجع سابق،ص13.

[12] – نيفين عبد المنعم مسعد، “الاقليات والاستقرار السياسى فى الوطن العربى”، رسالة دكتوراة، (القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،1987)، ص ص85: 95.

[13] – محمد حسنين هيكل، أحاديث فى اسيا ، الطبعة الاولى، (القاهرة،دار الشروق، 2003)،83: 90.

[14] -عبد الرحمن عبد العال،الهند..مقومات الصعود وتحولات السياسة الخارجية،السياسة الدولية، العدد:167،يناير 2007،ص ص108 :113.

[15] – وفاء لطفى،”التعددية المجتمعية”، مركز الشرق العربى،الموقع الالكترونى لمركز الشرق العربى، من: www.asharqalarabi.org ،(تاريخ الدخول للموقع3 ديسمبر 2014).

[16] – على الدين هلال واخرون،معجم المصطلحات السياسية، الطبعة الاولى،(القاهرة،1994)،ص  109.

[17] – كريمان طه معوض، مرجع سابق،ص 11.

[18] – اسراء أحمد اسماعيل،مرجع سابق، ص13 ومابعدها.

[19] -محمد محمود ربيع واخرون،موسوعة العلوم السياسية ، (جامعة الكويت،1994)، ص 488.

[20] – كريمان طه معوض، مرجع سابق، ص11.

[21] – كمال المنوفى، مقدمة فى مناهج وطرق البحث فى علم السياسة، (القاهرة، سبتمبر 2006 )،ص ص 34: 35

[22] – المرجع السابق

[23] – المرجع السابق

[24] – المرجع السابق

[25] – المرجع السابق

[26] – المرجع السابق،ص36

[27] -عاطف سعداوى قاسم، تاريخ أهم الطوائف العرقية والدينية فى الهند، الجزيرة.نت ،3/10/2004، http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/D002D68B-D8D5-4AD0-94D4-ED6B17BF414B ،20/4/2016.

[28] – المرجع السابق.

[29] – كامل سعفان، معتقدات أسيوية، الطبعة الاولى،(القاهرة،دار الندى،1999)،ص ص150، 153.

[30] – عمران حمادة، طبقات المجتمع فى الهند، تعرف على الهند ،8/5/2013، http://india-55.blogspot.com.eg/2013/05/blog-post_7.html ،20/4/2016.

[31] -عاطف سعداوى قاسم، مرجع سابق، http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/D002D68B-D8D5-4AD0-94D4-ED6B17BF414B .

[32] -David Brown,the state and ethnic politics in south east asia,(London,routledge,1994),pp63-67.

[33] -كامل سعفان، مرجع سابق، ص ص51-58.

[34] -المرجع السابق، ص ص 192-198.

[35] -Maulana Wahiduddin Khan,Indian Muslims,(New Delhi:south Asia Books,1994),pp60-65.

[36] -عاطف سعداوى قاسم، مرجع سابق، http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/D002D68B-D8D5-4AD0-94D4-ED6B17BF414B .

[37] -مروان عبد الرحمن،مكانة المسلمين فى الهند، عربيل، 7/7/2014، http://www.iba.org.il/arabil/arabic.aspx?entity ،1/4/2016.

[38] – كريمان طه معوض، مرجع سابق،ص122ومابعدها.

[39] – المرجع السابق.

[40] – العربية سكاى نيوز، 29سبتمبر2014، http://www.skynewsarabia.com، (تاريخ الدخول للموقع 2ديسمبر2014).

[41] – جلال السعيد الحفناوى، مرجع سابق،ص 450.

[42] – سمير حسين زعقوق، مرجع سابق.

[43] – روميلا ثابار، الهند: الالفية الثالثة، محمد خير (مترجم)،الطبعة الاولى،(وزارة الثقافة والاعلام، كتاب العربية، 2011)،ص ص 297: 299.

[44] – Janina Gomes,India’s christain Identity, the independent Newsweekly,17september2003, http://www.nationalcatholicreporter.org/globalpers/gp091703.htm ,22/4/2016.

[45] – مروة نظير،الاديان فى الهند….تحديات التعددية والعولمة، اون اسلام، 13 يناير 2010، http://www.onislam.net، 19/12/2014.

[46] – المرجع السابق.

[47] – نادية محمود مصطفى، الاقليات المسلمة: اطار عام مقارن للدراسة، حسن حمدان العلكيم(محرر)، قضايا اسلامية معاصرة، (جامعة القاهرة: مركز الدراسات الاسيوية، 1997)ص ص235: 252.

[48] – عبد الرحمن عبد العال،”الانتخابات ومستقبل الاستقرار السياسى فى الهند”، الاهرام، يوليو 1996، الموقع الالكترونى لجريدة الاهرام ، من: http://digital.ahram.org.eg، (تاريخ الدخول للموقع 2 ابريل2016).

[49]الرأى العام، 10أغسطس2015، /http://alrayalaam.com/26083 ،25/4/2016.

[50] -عبد الرحمن عبد العال،الهند ، محمد السيد سليم ونيفين عبد المنعم مسع (محرران)، العلاقة بين الديمقراطية والتنمية فى آسيا، (جامعة القاهرة: مركز الدراسات الاسيوية،ب ت)،ص ص 532: 534.

[51] -المرجع السابق،ص 532.

[52] – أحمد عبد الحافظ، خريطة القوى السياسية فى الهند، الجزيرة.نت،3/10/2004، http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/21A653C3-0901-4C12-8B4B-39BE5E001FE3 ،25/4/2016.

[53] -المرجع السابق.

[54] –  المرجع السابق.

[55] -K.N.Kumar,political parties in india(K M Mittal for Mittal publications ,1990)PP 111-114.

[56]-احمد عبد الحافظ ، مرجع سابق، http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/21A653C3-0901-4C12-8B4B-39BE5E001FE3 .

[57] – العربى صديقى، ديمقراطية الهند وتحديات النجاح، مركز الجزيرة للدراسات، 4 أكتوبر 2013، http://studies.aljazeera.net/ar/reports ، 1/4/2016.

[58] -المرجع السابق

[59] – كريمان طه معوض، مرجع  سابق، 105 ومابعدها.

[60] -محمد عبد الله يونس، اشكالية الاختزال:الاتجاهات الجديدة لظاهرة عدم الاستقرار داخليا وخارجيا،ملحق اتجاهات نظرية”عدم استقرار: مقاربات تفسيرية لاضطرابات الانظمة”،(السياسة الدولية:العدد197،يوليو 2014).

[61] – المرجع السابق

[62] – حسن كريم، “مفهوم الحكم الصالح”، مجلة المستقبل العربي، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 309 ،أكتوبر 2004 ،ص- ص: 50-51

[63] – سالم القمودي، سيكولوجية السلطة، بيروت: مؤسسة الانتشار العربي، ط2 ،2000 ،ص: 117.

[64] – خالد حنفي علي، الإستراتيجية الجديدة لأمريكا في إفريقيا، مجلة السياسة الدولية،القاهرة:مؤسسة الأهرام، العدد 153 ،جويلية 2003 ،ص: 29.

[65] -دينا يحيى السمنودى، الهند……القوميون الهندوس يمسكون بالسلطة، الديمقراطية، 1/9/2014،http://democracy.ahram.org.eg/News/1092/Subscriptions.aspx ،27/4/2016.

[66] – صافيناز محمد أحمد، مرجع سابق،ص 161.

[67] – المرجع السابق، ص163.

[68] -المرجع السابق

[69] – المرجع السابق،ص165.

[70] -عماد قدورة، نتائج الانتخابات الهندية:الدلالات الاستراتيجية، مركز الجزيرة للدراسات ، 20 مايو 2014، http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2014/05/2014520111125219984.html ، 20/12/2014.

[71] – المرجع السابق

[72] – دينا يحيى السمنودى، مرجع سابق،http://democracy.ahram.org.eg/News/1092/Subscriptions.aspx .

[73] – المرجع السابق.

– [74] كريمان طه معوض، مرجع  سابق،ص124.

[75] – المرجع  سابق.

[76] – المرجع السابق، ص122.

[77] -المرجع السابق.

[78] -المسلمون والهندوس……وشئ من الحكمة،الشرق الاوسط،3مارس 2002، http://archive.aawsat.com/leader.asp?section=3&issueno=8496&article=91194#.VzdWz_l961s ،27/4/2016.

[79] -المرجع السابق.

[80] -عبد الرحمن عبد العال، العنف السياسى فى شبه القارة الهندية،الاهرام الرقمى ،ابريل 2002، http://digital.ahram.org.eg،4/4/2016.

[81] – مروة نظير، مرجع سابق.

[82] -محمد فايز فرحات، الحالة الاسيوية، الاهرام اليومى،16 سبتمبر 2014، http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/326111.aspx ،26/4/2016.

[83] – عبد الرحمن عبد العال، تطور الاقتصاد الهندى، الجزيرة.نت ،3/10/2004، http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/4A9F2B3F-9920-43AE-905F-C889D31ED3E0 ،26/4/2016.

[84] -ايمان عمر، الهند وكيفية صعودها كقوة كونية، دراسات، http://www.siironline.org/alabwab/derasat(01)/285.htm ،27/4/2016.

[85] -المرجع السابق.

[86] -السيد صدقى عابدين، القوة العسكرية الهندية، الجزيرة.نت ،3/10/2004، http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/B7F39E1B-E847-4497-9335-9DCD0639D61E ،28/4/2012

[87] – مروة نظير، مرجع سابق.

[88] -كريمان طه معوض، مرجع سابق، ص98ومابعدها.

[89] – المرجع السابق،ص100.

[90] – المرجع السابق،ص 102 ومابعدها.

[91] – المرجع السابق، ص106.

[92] – المرجع السابق، ص 105.

[93] -عبد الرحمن عبد العال، مرجع سابق، ص ص 535: 537.

[94] – روميلا ثابار، مرجع سابق، ص 57.

[95] – محمد سعد أبو عامود، الهند من أكبر مستعمرة الى أكبر ديمقراطية، السياسة الدولية، أكتوبر 2002، http://digital.ahram.org.eg، 5/4/2016.

[96] – ذكر الرحمن،رقابة هندية على المنظمات غير الحكومية،الاتحاد، 16مايو2015، http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=84708 ،26/4/2016.

[97] – المرجع السابق.

[98] – نارندرار مودى،الديمقراطية الهندية تجدد الحياة الاقتصادية ، البيان، 9 أكتوبر 2014، http://www.albayan.ae ،8/4/2016.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى